مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٩

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 469

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 469 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 290918 / تحميل: 5086
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وكان بينهم من أُوتي قريحة شعريّة كسليمان بن أبي سهل، فلم يسكت بل كان يردّ على هذا الشاعر الخليع هجاءه ويذمّه ويعنّفه، وهذا التعنيف كان يغضب أبا نواس بدلاً من أن يذكّره بسوابق نعم آل نوبخت وفضلهم عليه، فيثب إلى هجاء بني أبي سهل بشعر أكثر حدّة وقذاعة، كما نجد ذلك عندما هجا زرّين زوجة أبي سهل جدّة النوبختيّين، فقال في آخر مقطوعة بذيئة جدّاً، وهو يردّ عليهم:

سيبقى بقاءَ الدهرِ ما قلتُ فيكُمُ

وأمّا الذي قد قُلتموه فَرِيحُ(١)

وإنّ من عجائب الدهر حقّاً أن تبقى هذه الأبيات القبيحة المبتذلة التي مرّ عليها ما يزيد على ألف ومائتي سنة كما تنبّأ أبو نواس بذلك، ولم يبق من الكتب الثمينة التي صنّفها آل نوبخت إلاّ كتاب أو كتابان، والأعجب من ذلك أنّ البيت المذكور جرى مجرى الأمثال، وتداولته الألسن في عصر حمزة الأصفهاني(٢) .

إنّ الخصومة التي ظهرت في نهاية المطاف بين أبي نواس وأبناء أبي سهل ودفعت الشاعر إلى قذعهم، جعلت البعض يتّهم آل نوبخت بأنّهم قد دسّوا له السمّ، فذهبت جماعة إلى أنّ آل نوبخت سمّوه لمقطوعة نظمها زنبور الكاتب أحد معاصريه في هجاء الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وأتباعه، ونسبها إليه ورواها عنه، ورأت جماعة أُخرى أنّ إسماعيل بن أبي سهل قام بذلك لهجاء أبي نواس إيّاه ووالدته، ووصفه بالرفض والبخل، وقال آخرون إنّ موته كان بسبب ضربة تلقّاها من عليّ بن أبي سهل في دار أخيه هارون(٣) ، ومهما يكن من شيء فإنّ دور آل نوبخت في موت أبي نواس يكتنفه الغموض تماماً، ولمّا لم يهتمّ كبار الكتّاب والمؤرّخين بذكر ذلك، فلنا أن نعدّه في سياق الطعون التي وجّهها أعداء آل نوبخت إليهم.

وعندما توفّي أبو نواس استبق أبناء أبي سهل إلى تجهيزه، وكان كلّ منهم يودّ أن ينال شرف ذلك، حتّى آل الأمر إلى إجماعهم على المساهمة فيه برمّتهم(٤) ، كما أنشدوا شعراً في رثائه أيضاً(٥) .

____________________

١ - أخبار أبي نواس ١: ٢٠٠.

٢ - شرح ديوان أبي نواس ج٢، الورقة ٤٠٥ b.

٣ - أخبار أبي نواس ج٢ (مخطوط).

٤ - نفسه، ج٢ (مخطوط).

٥ - شرح ديوان أبي نواس ج٣، الورقة ٢٠٨ b.

٤١

ولما كان أبو نواس معاشراً لأولاد أبي سهل بن نوبخت مستأنساً بهم، وكان يَضيفهم غالباً، فإنّهم كانوا أقدر من غيرهم على جمع أخباره وأشعاره، بخاصّة أنّهم كانوا قاطبةً أولي علم وأدب، فكانوا يشترون تلك الأخبار والأشعار مهما بلغت قيمتها، ويجمعونها.

وإذا كان أبو نواس لم يُراعِ الدقّة الكافية في ضبط أشعاره، فتبعثر قسم منها وضاع(١) ، فإنّ آل نوبخت دوّنوها مع أخباره ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وتناقلوها في أسرتهم مشافهة، وزوّدوا بها من جاء بعدهم في القرون التالية ممّن كان يُعنى بتدوين أخبار أبي نواس وأشعاره، ومن هؤلاء: الأديب والمؤرّخ المشهور أبو عبد الله حمزة بن الحسن الأصفهاني (المتوفّى بين سنة ٣٥٩ و٣٦٠هـ) الذي شرح ديوانه شرحاً نفيساً جدّاً، وجمع أقواله، وأخذ معظم أخباره وأشعاره من آل نوبخت مباشرة؛ إذ سافر من أجل ذلك إلى بغداد ثلاث مرّات، وفي سفرته الثالثة، أي سنة ٣٢٦هـ، طلب نسخة ديوانه التي كان آل نوبخت قد جمعوها، فطالعها واستنسخها(٢) ، ثمّ إنّهم أرشدوه إلى مَن جمع أخباره وشعره، مضافاً إلى النسخة التي أتحفوه بها، ومن هؤلاء الذين أخذ منهم قسماً من أخباره وأشعاره: المُهَلْهِل بن يَموت بن المُزَرَّع أحد الشعراء البارعين، وحفيد أخت الجاحظ...، وكان مهتمّاً بجمع شعر أبي نواس، ويبدو أنّه كان يرمي من وراء ذلك إلى تأليف كتاب في السرقات الشعريّة لهذا الشاعر وفي تحايله، وتحتفظ مكتبة اسكوريال في إسبانيا بنسخة من كتاب المهلهل المذكور(٣) .

____________________

١ - شرح ديوان أبي نواس ج١، الورقة ٤ b.

٢ - نفسه، ج٢، الورقة ١٩٩ b.

٣ - Hart, Derenbourg. Mss. Ar. D,escurial، No ٧٧٢.

٤٢

وتلاحظ في عدد من الكتب أسماء النوبختيّين الذين نقلوا أخبار أبي نواس وأشعاره عن أجدادهم، أي أولاد أبي سهل بن نوبخت، وموّنوا بها أمثال حمزة الأصفهاني، وأبي بكر الصوليّ جامعَي ديوانه أو الرواة الآخرين. وفيما يأتي هذه الأسماء:

١ - أبو طالب النوبختيّ(١) .

٢ - محمّد بن روح(٢) .

٣ - أبو محمّد الحسن بن موسى(٣) (وفاته بين سنة ٣٠٠ و٣١٠هـ).

٤ - يعقوب بن إسحاق بن إسماعيل بن أبي سهل(٤) .

٥ - أبو سهل إسماعيل بن علي(٥) (٢٣٧-٣١١هـ).

٦ - أبو محمّد حسن بن حسين(٦) (٣٢٠-٤٠٢هـ).

٧ - علي بن إسحاق بن إسماعيل(٧) .

وسنذكر في الفصول الآتية ترجمتهم.

____________________

١ - شرح ديوان أبي نواس ج٢، الورقة ٢٧١ b.

٢ - نفسه ج٣، الورقة ٢٨١، وكتاب الموشّح للمرزبانيّ ٢٧٤.

٣ - الموشّح ٢٧٤.

٤ - نفسه.

٥ - أخبار أبي نواس ج٢ (مخطوط).

٦ - تاريخ بغداد للخطيب البغداديّ ٧: ٤٤٣.

٧ - نفسه ١: ١٥٦.

٤٣

٤٤

الفصل الرابع

ظهور علم الكلام والمتكلّمين الأُوَل

أشرنا في مقدّمة كتابنا إلى أنّ عدداً من النوبختيّين كانوا في مصافّ المتكلّمين الكبار بين الإماميّة، وتزامن عصرهم مع اندفاع الفرق الإسلاميّة المختلفة للانطلاق بآرائها ومقالاتها ومناظرة مناوئيها، ونفقت يؤمئذٍ سوق المباحثة والمجادلة والمناظرة تماماً بسبب ترجمة كتب الإغريق في الفلسفة والمنطق، والكتب الدينيّة لغير المسلمين ومقالاتهم، بخاصّة الزنادقة، وأتباع ماني، وأصحاب مرقيون(١) ،

____________________

١ - كان مرقيون (Marcion) أحد علماء النصارى في القرن الثاني الميلاديّ، وقد كُفِّر من قبل النصارى بوصفه مرتدّاً، ونُبذ من ساحتهم، فابتدع له مذهباً جديداً أساسه مقتبس من الدين المسيحيّ لكنّه يغايره بإنكار سماويّة القسم الأعظم من العهد القديم وقسم من العهد الجديد، واعتقاده بالثنويّة، أي مبدأي النور والظلمة، وقال هذا الرجل: لمّا كان هذان المبدآن متضادّين لا يمكن اجتماعهما، فلابدّ من مبدأ ثالث أوطأ درجة من النور وأعلى من الظلمة يكون بينهما فيمتزج بهما فينشأ العالم من هذا الامتزاج، وينقسم العالم في عقيدة مرقيون إلى ثلاث طبقات، كلّ واحد فوق الأُخرى، فالطبقة العليا مَقرّ الله الرحمن، والسفلى نطاق المادّة، والوسطى التي هي فوق الأرض مركز قدرة الله الخالق، أي موجد العدالة والشريعة، الذي أوجد الإنسان من المادّة على صورته، ويعرف أتباع مرقيون بالمرقونيّة، وهم ينتشرون في إيطاليا، ومصر، والشام، وإيران. وظلّوا في تلك البلدان بعده بمدّة، للتعرّف على موجز من عقائد هذه الفرقة، انظر: الفهرست ٣٣٩؛ الملل والنحل ١٩٥-١٩٦؛ التنبيه و الإشراف =

٤٥

وابن ديصان(١) ، وابن سُمَنيّة(٢) ، والبراهمة، واليهود، والنصارى، والمجوس. ولم

____________________

= ١٠١، ١٢٧، ١٣٥؛ الفصل لابن حزم ١: ٣٦؛ بحار الأنوار ٢: ١٠٨-١٠٩؛ مقالات الإسلاميّين ٣٣٢ و٣٣٨؛ Burkitt, religion of the manichees ٨٠-٨٤.

١ - كان ابن ديصان (١٥٤-٢٢٢هـ) Bardesane أحد حكماء الشام، وهو بارثيّ المحتد، نزح أبواه من بلاد فارس إلى مدينة الرَّها (أُورفا الحاليّة) Edesse، فولد فيها ونُسب إلى نه دَيصان في الرَّها المذكورة.

تَنصّر سنة ١٧٩هـ، فكان من أكبر المدافعين عن النصرانيّة أمام المناوئين وأهل البدعة بخاصّة أتباع مرقيون، ثمّ اخترع آراء وعقائد لم يَرْضَها النصارى فأعلنوا ارتداده، وكان شاعراً وفلكيّاً ومؤرّخاً، وكان يرى رأي الثنويّة ويقول: النور فاعل الخير اختياراً والظلام فاعل الشرّ اضطراراً، ويصدر الحُسن والخير والنفع والرائحة الطيّبة عن النور عموماً، ويصدر القُبح والشرّ والضرّ والعفونة الكليّة عن الظلام.

والنور حيّ وعليم وقادر وحسّاس ودرّاك، ومنه الحركة والحياة، والظلام ميّت وجاهل وعاجز وجامد ولا يقبل التطبيق والتمييز، وتوزّع الديصانيّة على الصين، وخراسان، ومناطق القسم الأسفل من الفرات، أي البطائح، وكان منهم جماعة في عراق العرب في القرن الثالث الهجريّ، وكان أبو شاكر الديصانيّ من مشاهيرهم، وقد نسب نفسه إلى الإماميّة، وكان معاصراً للمتكلّم الإماميّ الكبير أبي محمّد هشام بن الحكم (المتوفّى سنة ١٩٩هـ).

واقتبس ماني كثيراً من عقائد مرقيون، وابن ديصان، ولذلك يعدّ هذان الشخصان عادة من المتقدّمين على ماني، ويُذكر هؤلاء الثلاثة غالباً في نَسَقٍ واحد، وكان المترجم والكاتب المانويّ المعروف عبد الله بن المقفَّع متّهماً بتعريب كتب هؤلاء الثلاثة ونشرها بين المسلمين، (مروج الذهب ٨: ٩٢٣).

للتعرّف على سيرة ابن ديصان وعقائده انظر: الفهرست ٣٣٨-٣٣٩، والملل والنحل ١٩٤-١٩٥، والفِصَل لابن حزم ١: ٣٦، وتلبيس إبليس ٤٧-٤٨، والتنبيه والإشراف ١٣٠ و١٣٥، والانتصار ٣٩-٤٣، وبحار الأنوار ٢: ١٥٦، ومقالات الإسلاميّين ٣٠٨، ٣٣٢ و٣٢٧ و٣٣٨ و٣٤٩ و٣٥٠.

w.wright, syriac literature ٢٨-٣٠. burkih, opcit. ٧٠-٧٩.

٢ - السُّمَنيّة مشتقّة من السُّمَن. وهو إمّا اسم مؤسّس هذه الفرقة، أو اسم صنمهم على ما يذهب إليه بعض اللغويّين الإسلاميّين، ظهرت هذه الفرقة بادئ الأمر في الهند، ولعلّ المذهب السمنيّ مستنبط من الأديان الهنديّة أساساً، ويعتقد السمنيّة بقدم العالم وتناسخ الأرواح، وينكرون النظر والاستدلال.

وكانوا يقولون: لا طريق إلى معرفة الأشياء إلاّ الحواسّ الخمس، وكانوا يكثرون في الصين، والهند، وخراسان، وناظر أحد مشاهيرهم المدعو جرير بن حازم الأزديّ المتكلّم المعتزليّ المعروف عمرو بن عُبَيد (٨٠-١٤٤هـ) في البصرة في القرن الثاني الهجريّ (الأغاني ٣: ٢٤)، للتعرّف على عقائد هذه الفرقة، انظر: الفهرست ٣٤٥، ومفاتيح العلوم للخوارزميّ ٢٥ طبعة مصر، والفرق بين الفرق ٣٤٦، وشرح المقاصد ١: ٣٣.

٤٦

تألُ الفرق الدينيّة جهداً في تأليف الكتب والرسائل للدفاع عن دينها والردّ على عقائد المخالفين، وبلغ اهتمام الناس بهذا الموضوع أنّ كلاًّ منهم كان يظهر وجوده على هذا المسرح بمقدار جهده ونفوذه وفهمه وتفكّره، بدءاً بالحكّام وأركان الحكومة، وانتهاءاً بالكسبة والحرفيّين من الذين كانوا أُولي فهم وإدراك لمثل هذه الموضوعات، وما من أحد إلاّ ورغب في الموضوع المشار إليه.

وكان على المسلمين أن يردّوا على المعترضين بجواب مقنع دامغ من جهة، ويوضّحوا المبادئ الدينيّة توضيحاً تامّاً من خلال التقرير المنطقيّ البيّن وتصنيف الكتب المتقنة من جهة أخرى، وذلك من أجل الدفاع عن مبادئ الدين الإسلاميّ صدّاً لتعرّض المناوئين أو حؤولاً دون التغلغل الفكريّ لبعض حديثي العهد بالإسلام، الذين لم ينسوا عقائد آبائهم الأوّلين مع قبولهم الشريعة المحمّديّة وتظاهرهم بالإسلام، وكانوا يتلمّسون طريقاً للتوفيق بين عقائدهم الباطنيّة والمبادئ الإسلاميّة. والمسلمون إنّما يفعلون ذلك لئلاّ يضلّ الناس من جهة، ولكي يوصد الباب على المغرضين من أهل البدعة والمتظاهرين بالإسلام من جهة أُخرى، وكان هذا الدفاع عملاً ترى عامّة الفرق الإسلاميّة أنّ القيام به واجب دينيّ وتكليف شرعيّ، وعلى الرغم من خلافاتها العامّة في بعض الأُصول والفروع إلاّ أنّها كانت تسهم في هذا الميدان باسم الدفاع عن الإسلام ودحض أهل الخلاف والبدعة، وكان آل نوبخت - كما سنرى - من أعلام الإماميّة في هذا الميدان ينافحون عن المبادئ الإسلامية التي تنسجم مع عقائد الإماميّة بأقلامهم وألسنتهم وأعمالهم، ولمّا كان متكلّمو كلّ فرقة من الفرق الإسلاميّة يومذاك قد دوّنوا عقائدهم منقّحة، وتركوا لأتباعهم عملاً منجزاً، وذلك بعد المناظرات الكثيرة، والبحث والجدل مع الخصوم، والتركيز في العمل، وإكمال المصطلحات، ووضع الحدود والرسوم لكلّ موضوع من الموضوعات الخلافيّة، فإنّ مكانة المتكلّمين من آل نوبخت تستبين جيّداً في تقرير وتدوين المبادئ المذهبيّة للشيعة، وعلى الرغم

٤٧

من أنّا نأسف إذ لم يصل إلينا من الكتب الكلاميّة لهذه الجماعة إلاّ كتاب أو كتابان - في حدود اطّلاعي - بَيْد أنّها كانت متداولة بين علماء الإماميّة الذين جاؤا بعدهم، وكانت مصدراً للطائفة الإماميّة من أجل كسب العلم والمعرفة.

ونقرأ أنّ عدداً من كبار متكلّمي الشيعة وعلماء الإماميّة كشيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ (٣٨٥-٤٦٠هـ)، والسيّد الأجلّ علم الهدى الشريف المرتضى أبي القاسم عليّ بن الحسين (٣٥٥-٤٣٦هـ)، والشيخ المفيد أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان (٣٣٦-٤١٣هـ)، وأبي الجيش مظفّر بن محمّد البلخيّ (المتوفّى ٣٦٧هـ)، وأبي الحسين عليّ بن وصيف الناشئ الأصغر (٢٧٠-٣٦٥هـ)، وأبي الحسن محمّد بن بشر السوسنجرديّ، قد أخذوا العلم من أبي سهل إسماعيل بن عليّ النوبختيّ (٢٣٧-٣١١هـ) بصورة مباشرة أو غير مباشرة؛ فقد كان الشيخ الطوسيّ تلميذ الشريف المرتضى، والشريف تلميذ الشيخ المفيد، والشيخ المفيد تلميذ أبي الجيش، وأبو الجيش تلميذ أبي سهل إسماعيل(١) ، وشرح العلاّمة الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّيّ (٦٤٨-٧٢٦هـ) - وهو أحد علماء الإماميّة الكبار - وعبد الحميد بن أبي الحديد (٥٨٦-٦٥٥هـ) - وهو من معتزلة بغداد وأدبائهم ومتكلّميهم العظام، وكان قريباً من الشيعة في كثير من العقائد - الكتاب الكلاميّ المشهور (الياقوت) للشيخ أبي إسحاق النوبختيّ، ونشر فيه آراء المؤلّف مفصّلاً. ونقل الشيخ الصدوق في كتاب كمال الدين فصلاً من كتاب التنبيه لأبي سهل إسماعيل، ويستشهد ابن أبي الحديد، والعلاّمة الحلّيّ، والمجلسيّ في كتبهم بالأقوال الكلاميّة لآل نوبخت.

إنّ ترجمة المتكلّمين النوبختيّين وتعداد مصنّفاتهم والإشارة إلى المسائل الخلاقيّة بينهم وبين مخالفي الإماميّة، كلّ ذلك جعلنا نلتقي بكثير من الموضوعات

____________________

١ - روضات الجنّات: ٣١.

٤٨

والمصطلحات الكلاميّة، فلابدّ لنا إذن من أن نتحدّث في هذا الفصل قليلاً عن تاريخ ظهور علم الكلام بين المسلمين، وأحوال مشاهير المتكلّمين الأُوَل من الشيعة توضيحاً لهذا الموضوع، وهدفي من هذا التمهيد تثبيت ملاحظات تاريخيّة فحسب؛ إذ أنّ البحث في المسائل الكلاميّة ليس من شأن هذا الكتاب، كما أنّي لا أراني أهلاً للخوض في هذا الموضوع الخطير، من هذا المنطلق أرجو القرّاء الواعين أن يغضّوا الطرف إذا ما وجدوا خبطاً أو خطأً، ولا يؤاخذوني بإساءة الظنّ بي؛ فإنّي أُقرّ بقلّة بضاعتي وقصور باعي.

لم يظهر في عصر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيّ خلاف يؤدّي إلى الجدال والنزاع وانقسام المسلمين إلى فرق مختلفة، بسبب نفوذ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وقدرته المطلقة، وتحمّس المسلمين وشوقهم إلى نشر الشريعة والأحكام الدينيّة، ووجود العنصر العربيّ وحده في المجتمع الإسلامي، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعالج عامّة المشاكل، وأمره السامي متَّبَع، وطاعته واجبة على كلّ مسلم، وليس لأحد أن يعصيه ويتمرّد عليه، بَيْد أنّه ما إن رحل إلى ربّه حتى نشب الخلاف بين الصحابة حول الإمامة، أي تعيين الخليفة بعده، وهو بعدُ لم يُجهّز، وعلى الرغم من أنّ كبار الصحابة حاولوا أن يحولوا دون هذا الأمر، فلم يتيسّر لهم ذلك، وقد زادت أهميّته على تواتر الأيّام، حتّى غدا من أكبر مواطن الخلاف بين المسلمين.

يضاف إلى الخلاف المحتوم في الإمامة - وهو ما سنتحدّث عنه قريباً - بروز خلافات أخرى أيضاً في فروع الدين والشؤون الدنيويّة، وقد تيسّر رفعها عاجلاً بفضل اقتدار الصحابة، وكان علاج هذا الضرب من الخلافات يومئذٍ يتحقّق بالاستشهاد بالآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة، فإذا ما نقل الصحابيّ حديثاً نبويّاً، أو روى ما سمعه من النبيّ أو رآه منه في موضوع خلافيّ معيّن، فليس لأحد أن يماري؛ لأنّ عامّة المسلمين كانوا يفكّرون بنسقٍ واحد، ولم يفتح أمامهم طريق الشبهة والتفكير في المسائل الدينيّة لمحدوديّتهم بالعنصر العربيّ، ومعرفتهم التامّة

٤٩

بدقائق اللغة العربيّة ورموزها وبالأُسلوب القرآني، وعدم اطّلاعهم على طريقة التفكير عند غير العرب، وعدم اختلاطهم بالمتحضّرين من سائر الأقطار، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، نهى الصحابة بشدّة عن تأويل الآيات المتشابهة والتفسير بالرّأي، بخاصّة أنّ المسلمين كانوا مشغولين في الجهاد والفتوحات وإدخال الناس في الإسلام، ولم يستتبّ الهدوء في المجتمع الإسلاميّ يومئذٍ فيكون المجال مفسوحاً لمثل هذا اللون من النقاش والتفكير؛ لذلك كان معظم الخلافات يطرأ في حقل فروع الدين والعبادات والمعاملات، ويتيسّر علاجه بالرجوع إلى الصحابة والاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث النبويّة.

وظهر الشعور بالحاجة إلى تعريف الإيمان والإسلام تعريفاً تامّاً في عصر أبي بكر، بعد ارتداد عدد كبير من سكّان الجزيرة العربيّة وظهور المتنبّئين وذلك لتمييز المسلمين الحقيقيّين من المرتدّين والذين تمرّدوا على الأحكام الإسلاميّة، فتستبين المبادئ التي إذا اتّبعها الإنسان كان مؤمناً ومسلماً حقيقيّاً، وإذا خالفها واجترح السيّئات كان في عداد المرتدّين والكفّار، واكتسبت هذه المسألة أهمّيّة فائقة فأوجدت التفرقة والانقسام بين المسلمين بعد سلسلة من الأعمال المشينة التي مارسها عثمان، وبعد قتال طلحة والزبير وعائشة أميرَ المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وظهور الخوارج، وحكومة معاوية غير الشرعيّة، وتحرّكاته المشاكسة.

وانقسم المسلمون بعد مقتلِ عثمان ومبايعةِ أكثر الناس عليَّ بن أبي طالبعليه‌السلام (٣٥هـ) إلى ثلاث فرق هي:

١ - فرقة ثبتت على ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ممتثلة أوامره.

٢ - فرقة اختارت الحياد واعتزلت، وعدد أفرادها ضئيل جدّاً.

وهؤلاء لم ينصروا الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام في حروبه، ولم يخذلوا مناوئيه.

واعتزلوا (الفتنة) على حدّ تعبيرهم فسُمّوا المعتزلة، وينبغي ألاّ نحسب هذه الفرقة الضئيلة المحايدة فرقة كبيرة كسائر الفرق التي ظهرت فيما بعد، ومن أفراد هذه

٥٠

الفرقة: سعد بن أبي وقّاص، وعبد الله بن عمر بن الخطّاب، ومحمّد بن مسلمة الأنصاريّ، وأُسامة بن زيد بن الحارث الكلبيّ، والأحنف بن قيس، وغيرهم.

٣ - فرقة تمرّدت على الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام مطالبة بدم عثمان، وتعرف هذه الفرقة بالعثمانيّة. وترأسها طلحة والزبير وعائشة بنت أبي بكر زوجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقد قضى عليهم الإمامعليه‌السلام في واقعة الجمل سنة ٣٦هـ، فقُتل طلحة والزبير، وفرّ الباقون من أعوانهم، والتحقت جماعة منهم بمعاوية، وناوؤا أمير المؤمنينعليه‌السلام مع أهل الشام، ونصبوا معاوية إماماً لهم، فنشبت حرب صِفّين سنة ٣٧هـ، وانتهت بالتحكيم كما نعلم، وبعد إعلان نتيجة التحكيم مرقت جماعة من أصحاب الإمام كانوا على بيعته فخطّأوا قبول التحكيم، ونقضوا بيعة الإمام وخرجوا عليه، ومع أنّ خلقاً كثيراً قُتل منهم في وقعة النهروان (سنة ٣٩هـ) لكنّهم لم يتركوا عقائدهم، وزاد عددهم على كرور الأيّام حتّى أصبحوا فرقة كبيرة في مقابل أهل السنّة والجماعة والشيعة، ومن ثَمَّ أثاروا المتاعب للمسلمين، وتفرّعت منهم فرق عديدة.

وعندما استشهد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام (سنة ٤٠هـ) كانت هناك فرقة صغيرة هم الشيعة الذين كانوا يؤمنون بإمامة الإمام وخلافته بعد النبيّ الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكانوا يَرَون أنّ حقّ الخلافة لآل عليّعليه‌السلام ، يضاف إلى ذلك أنّ سائر المسلمين وأتباع طلحة والزبير وعائشة قد اتّحدوا مع أصحاب معاوية الذين كانوا يؤلّفون السواد الأعظم من المسلمين، فعُرفوا بالمرجئة، وضمّت هذه الفرقة أصحاب البلاط والمقتاتين على فُتات مائدة معاوية، وأنصار الغالب، أعني من التفّ حول معاوية، وكانت عقيدتهم أنّ أهل القبلة جميعهم مؤمنون ما أقرّوا بالشهادتين ظاهراً، وأنّ ارتكاب الخطيئة لا يضرّ الإيمان كما أنّ الكفر لا يزول بالطاعة، ولا يحقّ لأحد أن يحكم على أهل الكبائر بأنّهم في النار أو في الجنّة، وإنّما ينبغي تأجيل حكمه إلى يوم القيامة، وإرجاء عذابه إلى ذلك اليوم.

إنّ عقيدة المرجئة في الإمام الذي يخلف الرسول هي أنّه إذا اختير شخص

٥١

للإمامة بالإجماع، فإنّ كلامه نافذ، وأمره مفترض الطاعة، ولا تشترط عصمته من الخطأ، وكانت هذه العقيدة في مصلحة معاوية والحكّام الأمويّين بعده تماماً، ولهذا السبب يقال للمرجئة فرقة الأمويّين الحكوميّة، ولمّا كان الشيعة والخوارج ممتعضين شديد الامتعاض من الأمويّين لممارساتهم المشينة وإقحامهم النصارى في الأعمال، فإنّ المرجئة دعمت بني أميّة، وكان لها شأنها أيّام تسلّطهم، وما إن ألوى بهم الدهر حتّى فقدت مكانتها، وكان أبو حنيفة النعمان بن ثابت من أعضاء هذه الفرقة في العراق، وهو الذي ابتدع المذهب الحنفيّ أحد المذاهب السنّيّة الأربعة.

المعتزلة

نشط التفكير في أصول المذهب، وإثارة الشبهات، وتأويل الآيات القرآنيّة تدريجاً في أواسط العصر الأمويّ من قبل جماعة من المسلمين غير العرب، أو من قبل الأشخاص الذين عاشروا الأُمم الأجنبيّة الكافرة وأخذوا منهم بعض الآراء والعقائد، وكان موضوع القضاء والقدر والجبر والتفويض هو الموضوع المهمّ جدّاً الذي توجّهت إليه الأنظار، وظهرت أوّل شبهة في هذا الميدان أيّام حكومة عبد الملك بن مروان (٦٥-٨٦هـ)، وكان معبد بن عبد الله الجُهَنيّ هو الذي أثارها، إذ عارض المجبّرة أو الجبريّة وأتى بكلام يخالف فيه عقيدة أهل الجبر.

وكان المجبّرة يقولون إنّ العبد غير قادر على أيّ فعل، بل هو مجبور ومقهور على ذلك، والله هو الذي يُحدث الفعل عند ظهوره من العبد، ونسبة أفعال الخير والشرّ إلى الناس نسبة مجازيّة، وكما نقول مجازاً: يجري النهر وتدور الرَّحى، فكذلك ننسب الفعل إلى الإنسان عن طريق المجاز، وكانوا يُؤوّلون بعض الآيات القرآنيّة لإثبات دعواهم.

وأنكر معبد الجهنيّ الّذي أخذ عقيدته من رجل فارسيّ يُدعى سنبويه نسبة

٥٢

أفعال الخير والشرّ إلى القضاء والقدر، وقال: إنّ الإنسان قادر تماماً قبل أن يَصدُر منه الفعل، وهو مختار مستطيع في أفعاله، وقد فوّض الله إليه فعله، وهذا هو الذي يُدعى بالتفويض.

وعُرف أتباع معبد الجهنيّ بالقَدَريّة، بَيد أنّ المعتزلة الذين أقرّوا برأي معبد فيما بعد تبرّأوا من هذا اللقب وكانوا يقولون: لمّا كنّا ننكر القدر ونخطّئ نسبته إلى الله تعالى، فينبغي أن يُدعى مخالفونا بهذا الاسم، وهم الجبريّة الذين يعتقدون بالقضاء والقدر، ولكنّ الجبريّة أبَوا ذلك، وكلتا الفرقتين المتخالفتين كانت تبرأ بشدّة من الاشتهار بهذه الصفة؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعن القَدَريّة وقال:« القَدَريَّةُ مَجُوسُ هذِهِ الأُمَّةِ » (١) .

قيل: إنّ معبد الجهنيّ قتل في البصرة على يد الحجّاج بن يوسف الثقفيّ سنة ٨٠هـ، وقيل: بل قتله عبد الملك بن مروان في دمشق.

وجاهرَ بهذه العقيدة أيضاً رجال آخرون غير معبد الجهنيّ، منهم غيلان الدمشقيّ، ويونس الأسواريّ، والجَعد بن دِرهَم، وأوَّلَ هؤلاء بعض الآيات القرآنيّة لتأييد رأيهم بزعمهم، ولكن هذه المقالة الجديدة لم تكن لتقبل بسرعة دون اعتراض أصحاب الحديث والسنّة؛ من هذا المنطلق تبرّأ منهم عدد من الصحابة الذين كانوا أحياء يومئذٍ، وأوصوا أخلافهم أن لا يسلّموا على القدريّة، ولا يصلّوا على موتاهم، ولا يعودوا مرضاهم(٢) .

وقُتِل غيلان الدمشقيّ على يد هشام بن عبد الملك (١٠٥-١٢٥هـ)، كما قُتِل الجعد بن درهم على يد خالد بن عبد الله القَسْريّ والي العراق وخراسان (المقتول سنة ١٢٦هـ)، لكنّ عقائدهما لم تندثر، وكان عدد أتباعهما يزداد على كرور الأيّام بخاصّة عندما تبنّى أبو حُذَيفة واصل بن عطاء (٨٠-١٣١هـ) تلميذ الحسن بن يسار

____________________

١ - كنز الفوائد ٤٩.

٢ - الفرق بين الفِرَق ١٥.

٥٣

البصريّ (٢١-١١٠هـ) - وهو من الموالي الفرس - آراء معبد وغيلان، فأوجد حركة كبيرة في العالم الإسلامي يومئذٍ.

وعندما كان الحسن البصريّ مشغولاً بالتعليم والوعظ في البصرة، وكان الناس يستفيدون كثيراً من فصاحته وعلمه ومواعظه في ذمّ الدنيا، وضرورة الاعتبار بها، وقد توجّه إليه جماعة كثيرة من المسلمين لزهده وتقواه، ثارت فرقة من الخوارج يعرفون بالأزارقة أصحاب نافع بن الأزرق على الأمويّين بزعامة قُطَريّ بن الفُجاءة.

ولقّب قُطريّ نفسه: أمير المؤمنين، فانشغل بجمع الخوارج الأزارقة وحرّضهم على بني أميّة، واستولى على الأهواز، وحدثت اشتباكات بينه وبين ولاة الأمويّين حوالي البصرة ونهر الكارون، ثمّ أُجلي عنها من قبل المهلّبِ بن أبي صُفرَة في أوائل حكومة الحجّاج بن يوسف الثقفيّ على العراقَين.

ونشب خلاف شديد بين المسلمين أيّام فتنة الأزارقة حول حكم المذنبين.

ولكلّ فرقة منهم رأي في هذا الموضوع:

١ - كان الأزارقة يقولون إنّ مَن ارتكب ذنباً من المسلمين وغيرهم مشرك يجب قتله وقتل أطفاله ونسائه، سواء كان ذنبه صغيراً أم كبيراً.

٢ - كانت فرقة أُخرى من الخوارج تدعى الصفريّة، ترى رأي الأزارقة في مرتكبي الذنوب، إلاّ أنّها لم تجوّز قتل الأطفال.

٣ - كان النَّجدات، وهم فرقة من الخوارج، يقولون: إذا رتكب أحد ذنباً حرمته ثابتة، وأجمع عامّة المسلمين على ذلك، فهو مشرك، ولكنّه إذا ارتكب ذنباً لم يجمع المسلمون على حرمته، كأن يقال مثلاً إنّه لم يعلم بحرمته، فلا بدّ من الامتناع عن الحكم عليه ما لم يحصل الدليل والحجّة القاطعة، ويفوَّض أمره إلى الفقهاء.

٤ - كان المرجئة وأكثر علماء التابعين يرون أنّ مرتكب الكبيرة مؤمن مادام يقرّ بالأنبياء والكتب السماويّة وحقّانيّة الأحكام الإلهيّة، ولكنّه يعدّ فاسقاً لارتكابه الكبيرة، والفسق لا يغاير الإيمان والإسلام.

٥٤

٥ - كان الحسن البصريّ وأتباعه يذهبون إلى أنّ مرتكب الكبيرة منافق، والمنافق أسوأ من الكافر الذي يظهر كفره أضعاف المرّات.

أمّا واصل بن عطاء فإنّه رفض هذه الآراء التي حكم أصحابها بكفر المذنبين وشركهم أو بإيمانهم وإسلامهم، وجاء برأي وسط بين الاثنين، فقال: إنّ مرتكب الكبيرة لا كافر ولا مؤمن، بل هو في منزلة بين المنزلتين؛ لأنّ الإيمان عبارة عن مجموعة من الخصال الصالحة إذا اجتمعت في رجل فهو مؤمن، وإذا لم تجتمع فهو فاسق ولا يمكن أن يسمّى مؤمناً، ولكن لمّا كانت فيه خصال صالحة أُخرى، وهو لا ينكر الشهادتين، فلا يصحّ إنكار هذه الصفات، وإطلاق اسم الكافر عليه، وإنّ مرتكب الكبيرة في الحقيقة خارج عن صفّ الكفّار والمؤمنين معتزل إيّاهم، ولا يحسب على أحد منهم، بَيْد أنّ مرتكب الكبيرة إذا خرج من الدنيا بلا توبة فهو في الآخرة من أهل جهنّم، ذلك أنّ الناس يومئذٍ فريقان: إمّا في السعير وإمّا في الجنّة، مع فارقِ أنّ عذابه سيخفّف، ومستقرّه خير من مستقرّ الكفّار.

وعُرفت عقيدة واصل بن عطاء، منذ ذلك التاريخ، بالمنزلة بين المنزلتين وبالاعتزال كما عرُف أتباعه بأهل الاعتزال أو المعتزلة، ولمّا أظهر هذه العقيدة، طرده الحسن البصريّ من درسه، وأفلح واصل في استمالة تلميذ آخر من تلاميذ الحسن إليه، هو عمرو بن عُبَيد بن باب (٨٠-١٤٤هـ) الّذي كان من الموالي الفرس أيضاً، فتعاون الاثنان على تأسيس فرقة المعتزلة الكبيرة.

وقد طرح واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد آراء خاصّة في التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد ماعدا عقيدتهما في التفويض، والاعتزال، وإنكار القدر، وأُقرّت عقائدهما في هذه المسائل من قبل عامّة المعتزلة، وعلى الرغم من بروز بعض الخلافات بين أفراد هذه الفرقة في الفروع ممّا أدّى إلى انقسامها إلى فرق معقّدة، بَيْد أنّ أُصول العقائد التي وضعها واصل وعمرو، وعرفت بالأُصول الخمسة، ظلّت

٥٥

محفوظة، ولا يستحقّ أحد اسم الاعتزال حتّى يجمع القول بالأُصول الخمسة(١) .

وهذه الأصول هي:

١ - التوحيد: (إنّ الله عزّ وجلّ ليس بجسم ولا عَرَض ولا عنصر ولا جزء ولا جوهر، بل هو الخالق للجسم والعرض والعنصر والجزء والجوهر، وإنّ شيئاً من الحواسّ لا يدركه في الدنيا، ولا في الآخرة، وإنّه لا يحصره المكان، ولا تحويه الأقطار بل هو الّذي لم يزل ولا له زمان ولا مكان ولا نهاية ولا حدّ، وإنّه الخالق للأشياء المبدع لها لا من شيء، وإنّه القديم، وإنّ ما سواه حادث).

٢ - العدل: (إنّ الله لا يحبّ الفساد، ولا يخلق أفعال العباد، بل يفعلون ما أُمروا به ونُهوا عنه بالقدرة الّتي جعلها الله لهم وركّبها فيهم، وإنّه لم يأمر إلاّ بما أراد ولم يَنْهَ إلاّ عمّا كرِه، وإنّه وليّ كلّ حسنة أمر بها، بريء من كلّ سيّئة نهى عنها، لم يكلّفهم ما لا يطيقونه، ولا أراد منهم ما لا يقدرون عليه، وإنّ أحداً لا يقدر على قبض ولا بسط إلاّ بقدرة الله التي أعطاهم إيّاها، وهو المالك لها دونهم، يفنيها إذا شاء، ويبقيها إذا شاء. ولو شاء لجبر الخلق على طاعته، ومنعهم اضطراريّاً عن معصيته ولكان على ذلك قادراً، غير أنّه لا يفعل إذ كان في ذلك رفع للمحنة وإزالة البلوى)، وعرف المعتزلة بأهل التوحيد والعدل، لإصرارهم على تعريفهما وتقريرهما ومناظرتِهِم المجسِّمةَ والمشبِّهة والمجبِّرة وغيرهم في هذا الموضوع.

٣ - الوعد والوعيد: (إن الله لا يَغفر لمرتكب الكبائر إلاّ بالتوبة، وإنّه لَصادق في وعده ووعيده، لا مبدّل لكلماته).

٤ - المنزلة بين المنزلتين: مرّ شرحه.

٥ - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: (أمّا القول بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو أنّ ما ذُكر على سائر المؤمنين واجب، على حسب

____________________

١ - الانتصار ١٢٦.

٥٦

استطاعتهم في ذلك، بالسيف فما دونه، وإن كان كالجهاد، ولا فرق بين مجاهدة الكافر والفاسق)(١) .

وجاء بعد واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد تلاميذهما وأتباعهما، كأبي الهُذيل محمّد بن الهُذَيل العَلاّف (١٣١-٢٣٥هـ)، وأبي سهل بِشر بن المعتمر (المتوفّى سنة ٢١٠هـ)، وأبي إسحاق إبراهيم بن سيّار النظّام (المتوفّى بين ٢٢١ و٢٣١هـ)، وثُمامة بن الأشرس (عاصر هارون والمأمون)، وهِشام بن عمرو الفُوَطيّ (كان معاصراً للمأمون)، وأبي الحسين عبد الرحيم بن محمّد الخيّاط (النصف الثاني من القرن الثالث)، وأبي موسى عيسى بن صبيح المردار (من معاصري بِشر بن المعتمر)، وأبي محمّد جعفر بن مُبشِّر (المتوفّى سنة ٢٣٤هـ)، وأبي الفضل جعفر بن حرب (المتوفّى سنة ٢٣٦هـ)، وأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (المتوفّى سنة ٢٥٥هـ)، فنشروا الأُصول الخمسة المذكورة في مركزَيهم المهمَّين: البصرة وبغداد، بعد شرحها وتفصيلها، وعلى الرغم من خلافاتهم الكثيرة مع شيوخهم الأُوَل، وخلافاتهم فيما بينهم، لكنّهم عُرفوا جميعاً بالمعتزلة في مقابل الفرق الإسلاميّة الأُخرى، ومخالفيهم غير المسلمين، ودافع كلّهم عن الأصول الخمسة، مع فوارق طفيفة تقرّبهم إلى الشيعة تارة، وإلى أصحاب السنّة والمرجئة تارة أخرى.

وعندما أظهر واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد الأصولَ المذكورة في أيّام حكومة يزيد بن الوليد بن عبد الملك (سنة ١٢٦هـ)، فإنّ هذا الحاكم الأمويّ تبنّى عقائدهما، فالتفّ حوله المعتزلة، وفضّلوه في الدين على سائر الأُمويّين بما فيهم عمر بن عبد العزيز، وكان يزيد أوّل حاكم انحاز إلى المعتزلة، ثمّ سار سيرته عدد من الحكّام العبّاسيّين أيضاً.

____________________

١ - مروج الذهب ٦: ٢٣.

٥٧

علم الكلام

شاعت بين المسلمين أفكار أجنبيّة وأساليب جديدة في الفكر والاستدلال بعد تأسيس الحكومة العبّاسيّة والاهتمام بترجمة كتب الشعوب غير العربيّة وانتشار الكتب اليونانيّة في الفلسفة والمنطق، وبثّ المقالات الدينيّة للأُمم غير المسلمة.

وتعاظم نفوذ تلك الأفكار والأساليب في هذا العصر تدريجاً، وكانت قد برزت في أواخر العصر الأُمويّ بمعاشرة المسلمين للأُمم غير المسلمة ومناظرتهم إيّاهم، فاستحرّ الخلاف بين الفرق الإسلاميّة أكثر من ذي قبل.

ونلحظ أنّ كتب ماني، ومرقيون، وابن ديصان قد انتشرت بين الناس إبّان حكومة المهديّ العبّاسيّ (١٥٨-١٦٩هـ)، وصنّف بعض الزنادقة عدداً من الكتب في تأييد المذهب المانويّ، والمرقيونيّ، والديصانيّ، ومن هؤلاء: عبد الكريم بن أبي العوجاء، وحمّاد عَجرد، ويحيى بن زياد، ومُطِيع بن إياس(١) ، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان عدد من المسلمين الذين درسوا الفلسفة اليونانيّة واشتغلوا بالبحث والاستدلال في أصل كلّ شيء ومبدئه قد تحدّثوا في ذات الباري تعالى وصفاته، وذهبوا إلى ضرورة النظر والاستدلال واتّباع الفلاسفة المتميّزين بشدّة الذكاء واتّقاد الفكر، وذلك بغية التخلّص من عار العامّيّة وتقليد الأسلاف والتوقّف عند ظواهر الشرع(٢) .

إنّ الأحكام الشرعيّة في الإسلام بعامّة، إمّا أن ترتبط بالعمل والطاعة، أو بالمعرفة والاعتقاد، وتسمّى الأُولى: الأحكام الفرعيّة أو العمليّة، وتُدعى الثانية: الأحكام الأصليّة أو الاعتقاديّة، ويعدّ البحث في مسائل العبادات والأحكام العمليّة من الفروع، والبحث في الاعتقادات والمعرفة من الأُصول، ومن بحث في

____________________

١ - مروج الذهب ٨: ٢٩٣.

٢ - تلبيس إبليس ٥٢ و٨٧.

٥٨

المعرفة والتوحيد فهو أُصوليّ، أمّا من بحث في الطاعة والشريعة فهو فروعيّ(١) .

وكان المسلمون بادئ الأمر في غنىً عن تدوين أحكام الشرع وتنظيمها فصولاً وأبواباً وتقسيمها فروعاً وأُصولاً، بفضل سماع الأخبار من صاحب الشريعة، إذ كانوا يستهدون بوجوده، وكذلك بسبب قلّة الخلافات، وسهولة الرجوع إلى الصحابه والثقاة لقربهم من عصر البعثة، إلى أن ظهر اختلاف الآراء والميل إلى البِدع، وإبداء الآراء الظاهرة المختلفة وعرض الفتاوى المتنوّعة، فمسّت الحاجة إلى زيادة نظر والتفات إلى تدوين الأحكام الشرعيّة وتقريرها، وطفق أُولو الاستدلال والنظر يستنبطون الأحكام ويبذلون الجهود في تحقيق العقائد الدينيّة وتمهيد أُصولها وقوانينها وحججها وبراهينها، وتدوين المسائل بأدلّتها، والشُّبَه بأجوبتها. وسمّي العلم الحاصل عبر هذا الطريق: الفقه. وعُرف القسم المرتبط بالاعتقادات منه بالفقه الأكبر، وأُطلق على الأحكام العمليّة غالباً: الفقه، وعلى الاعتقادات: علم التوحيد والصفات؛ لأنّ أشهر مباحثه وأسماها هو مبحث التوحيد والصفات، وسمّي هذا العلم أيضاً: علم الكلام؛ لأنّ مباحثه كانت مصدّرة بقولهم: (كلام في ذكر المبحث الفلانيّ أو في ذكر فلان). والكلام هنا يعني الشرح والبيان والاستدلال العقليّ(٢) ، يضاف إلى ذلك أنّ أشهر الموضوعات الخلافيّة في هذا العلم الجديد هو البحث في كلام الله، هل هو قديم أم حادث، فكان علماء الكلام يقولون: إنّ علم الكلام يجعل المرء قادراً على تحقيق الشرعيّات كما أنّ علم المنطق يزيد قدرته في تحقيق الفلسفيّات، ناهيك عن أنّ الحاجة إلى الكلام في البحث في الشرعيّات وردّ المخالفين هي أكثر من الحاجة إلى أيّ شيء آخر، كما أنّ الاستدلال في هذا المقام يبدو مقتصراً على الكلام. وكان يسمّى أقوى الكلامين

____________________

١ - الملل والنحل ٢٨ وشرح المقاصد للتفتازانيّ ٦.

٢ - انظر: كتاب الانتصار ٧ للوقوف على أدلّة هذا الموضوع.

٥٩

وأثبتهما كلاماً بنحو مطلق(١) .

ونضج علم الكلام عند المسلمين في الفترة الممتدّة بين عصر المهديّ وعصر المأمون (١٥٨-٢١٨هـ)؛ إذ إنّ المهدي عندما رأى انتشار مقالات أتباع ماني، ومرقيون، وابن ديصان، حثّ أهل الجدل والبحث على تصنيف الكتب في دحض عقائدهم وإقامة البراهين على نقض شبهاتهم، وتوضيح الحقّ لضعاف الإيمان، وذوي الشكّ والتردّد(٢) . وكان المأمون يجالس أهل الكلام وهو الذي لم يُخْفِ تعلّقه بعقائد المعتزلة، وكان يدعو أرباب الجدل والمناظرة إلى بلاطه، كما كان يشجّع الناس على تعلّم آداب البحث والمجادلة وصنعة الاستدلال(٣) .

إنّ علم الكلام، في اصطلاح الواضعين له، هو العلم الذي يبحث فيه عن ذات الله تعالى وصفاته، وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام، وهذا القيد الأخير هو الذي يتناوله الفلاسفة ويميّزه عن علم الكلام(٤) . لإخراج العلم الإلهيّ، وكان مَن يشتغل بهذا العلم يقال له: متكلّم.

إنّ ظهور علم الكلام الّذي ينبغي أن نعدّ بدايته مع بزوغ نجم المتكلّمين المعتزلة، بخاصّة أبي إسحاق إبراهيم بن سيّار النظّام المولع بفلسفة اليونان، حمل الفقهاء من أصحاب الحديث والسنّة على مناوءته بشدّة، وكان هؤلاء يقولون إنّ مناظرات المتكلّمين تنتهي آخر المطاف بالشكّ والإلحاد والخروج عن الإسلام؛ لذلك يجب الاحتراز بقوّة عن الاشتغال في الكلام، كما يجب الرجوع إلى القرآن والسنّة النبويّة في أمر الإيمان، وكان الشافعيّ يقول: لو أنّ عبداً ارتكب عامّة النواهي ما عدا الشرك لكان خيراً له من النظر في الكلام. وكان أحمد بن حنبل يعدّ

____________________

١ - شرح المقاصد ٦.

٢ - مروج الذهب ٨: ٢٩٣.

٣ - نفسه ٢٩٥.

٤ - التعريفات للجرجانيّ ٨٠.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « لمّا لما ظهرت الحبشة باليمن، وجّه يكسوم ملك الحبشة بقائدين من قوّاده، يقال لأحدهما أبرهة، والآخر أرباط، في عشرة من الفيلة كلّ فيل في عشرة آلاف لهدم بيت الله الحرام، فلمّا صاروا ببعض الطريق وقع بأسهم بينهم، واختلفوا فقتل أبرهة أرباط، واستولى على الجيش، فلمّا قارب مكّة طرد أصحابه عيراً لعبد المطلب بن هاشم، فصار عبد المطلب إلى أبرهة، وكان ترجمان أبرهة، والمستولي عليه ابن داية(١) لعبد المطلب، فقال الترجمان لإبرهة: هذا سيّد العرب وديّانها(٢) ، فأجلّه وأعظمه، ثم قال لكاتبه: سله ما حاجته؟ فسأله، فقال: إن أصحاب الملك طردوا لي نعماُ فأمر بردّها.

ثم أقبل على الترجمان فقال: قل له: عجباً لقوم سوّدوك ورأسّوك عليهم! حيث تسألني في عير لك وقد جئت لأهدم شرفك ومجدك، ولو سألتني الرجوع عنه لفعلت.

فقال: أيّها الملك إنّ هذه العير لي وأنا ربّها فسألتك إطلاقها، وأن لهذه البنيّة ربّاً يدفع عنها، قال: فإني لهدمها حتى انظر ماذا يفعل فلمّا انصرف عبد المطلب رحل أبرهة بجيشه، فإذا هاتف يهتف في السحر الأكبر يا أهل مكّة اتاكم أهل عكّة، بجحفل جرار يملأ الأندار ملء الجفار، فعليهم لعنة الجبار، فأنشأ عبد المطلب يقول: (أيّها

__________________

(١) الداية: هي المرضعة غير ولدها والمربية (أنظر لسان العرب ج ١٤ ص ٢٨١).

(٢) الديان: القهار وقيل هو الحاكم والقاضي وهو فعّال من دان الناس أي قهرهم على الطاعة (النهاية ج ٢ ص ١٤٨).

٣٤١

الداعي لقد أسمعتني الأبيات).

فلمّا أصبح عبد المطلب جمع بنيه، وأرسل الحارث ابنه الأكبر إلى أعلى أبي قبيس، فقال: انظر يا بني ماذا يأتيك من قبل البحر، فرجع فلم ير شيئاً، فأرسل واحداً بعد آخر من ولده فلم يأت أحد منهم من البحر بخبر، فدعا بعبد الله، وأنّه لغلام حين أيفع، وعليه ذؤابة تضرب إلى عجزه، فقال [ له ](٣) : اذهب فداك أبي وأُمّي، فاعل أبا قبيس فانظر ماذا ترى يجيئ من البحر، فنزل مسرعاً فقال: يا سيد النادي، رأيت سحاباً من قبل البحر مقبلاً يستفل تارة ويرفع أخرى، إن قلت غيماً قلته، وإن قلت جهاماً خلته، يرتفع تارة، وينحدر أُخرى.

فنادى عبد المطلب: يا معشر قريش ادخلوا منازلكم فقد اتاكم الله بالنصر من عنده، فأقبل الطير الأبابيل في منقار كلّ طائر حجر، وفي رجليه حجران [ فكان الطائر ](٤) الواحد يقتل ثلاثة من أصحاب أبرهة، كان يلقي الحجر في قمّة رأس الرجل فيخرج من دبره ».

[١١٠٣٨] ٨ - محمّد بن علي بن شهرآشوب في المناقب: قال: لمّا قصد إبرهة بن الصباح لهدم الكعبة، أتاه عبد المطلب ليستردّ منه إبله، فقال: تُعلِمني في مائة بعير، وتترك دينك ودين آبائك وقد جئت لهدمه، فقال عبد المطلب: أنا ربّ الإبل، وأن للبيت ربّاً سيمنعه عنك، فردّ إليه إبله، وانصرف إلى قريش فأخبرهم الخبر، وأخذ بحلقة الباب قائلاً:

__________________

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٨ - المناقب ج ١ ص ٢٥.

٣٤٢

يا ربّ لا أرجو لهم سواكا

يا ربّ فامنع منهم حماكا

إن عدوّ البيت من عاداكا

أمنعهم ان يخربوا قراكا

وله أيضاً:

لا همّ أنّ المرء يمنع رحـ

ـله فامنع رحالك

لا يغلّبن صليبهم

ومحالهم غدوا محالك

فانجلى نوره على الكعبة، فقال لقومه: انصرفوا فوالله ما انجلى من جبيني هذا النور إلّا ظفرت وقد انجلى عنه، وسجد الفيل له، فقال للفيل: يا محمود فحرّك الفيل رأسه، فقال له: تدري لم جاؤوا بك؟ فقال الفيل برأسه لا، فقال: جاؤوا بك لتهدم بيت ربّك، أفتراك فاعل ذلك؟، فقال الفيل برأسه: لا.

[١١٠٣٩] ٩ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أروي عن العالمعليه‌السلام ، أنه وقف حيال الكعبة، ثم قال: ما أعظم حقّك يا كعبة، والله أن حقّ المؤمن لأعظم من حقّك ».

[١١٠٤٠] ١٠ - الشيخ شرف الدين النجفي في تأويل الآيات الباهرة: عن تفسير محمّد بن العباس بن الماهيار، قال: حدثنا محمّد بن همام، عن محمّد بن إسماعيل العلوي، عن عيسى بن داود عن موسى، عن أبيه جعفرعليهما‌السلام : في قوله تعالى( وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّـهِ ) (١) قال: « هي ثلاث حرمات واجبة، فمن قطع حرمة فقد أشرك بالله، انتهاك حرمة الله في بيتة الحرام، والثانية تعطيل الكتاب والعمل بغيره،

__________________

٩ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٥.

١٠ - تأويل الآيات ص ٦١ ب.

(١) الحج ٢٢: ٣٠.

٣٤٣

والثالثة قطيعة ما أوجب الله من فرض مودّتنا وطاعتنا ».

[١١٠٤١] ١١ - جعفر بن أحمد في كتاب الغايات: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لم يعمل ابن آدم عملاً أعظم عند الله تعالى من رجل قتل نبياً، أو إماماً، أو هدم الكعبة التي جعلها الله تعالى قبلة لعباده » الخبر.

[١١٠٤٢] ١٢ - بعض نسخ الرضوي: « وإنّما أراد أصحاب الفيلة هدم الكعبة، فعاقبهم الله بإرادتهم قبل فعلهم ».

١٣ -( باب وجوب احترام مكّة وتعظيمها)

[١١٠٤٣] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن عطا، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث طويل في قصّة آدمعليه‌السلام ، إلى أن قال: « قال - أي آدم -: فأهبطنا [ برحمتك ](١) إلى أحبّ البقاع إليك، قال: فأوحى الله إلى جبرئيل: أن أهبطهما إلى البلدة المباركة مكّة، فهبط بهما جبرئيل فألقى آدم على الصفا، والقى حوّاء على المروة » الخبر.

[١١٠٤٤] ٢ - أحمد بن محمّد بن خالد البرقي في المحاسن: عن أبيه، عن حمزه بن عبد الله، عن جميل بن ميسر، عن أبيه النخعي قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا ميسر أي البلدان أعظم حرمة؟ »

__________________

١١ - الغايات ص ٨٦.

١٢ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٦.

الباب ١٣

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٦ ح ٢١.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - المحاسن ص ١٦٨ ح ١٣١.

٣٤٤

قال: فما كان منّا أحد يجيبه حتى كان الراد على نفسه، فقال: « مكّة، فقال: أي بقاعها أعظم حرمة »؟ قال: فما كان منّا أحد يجيبه حتى كان الراد على نفسه، قال: « ما بين الركن إلى الحجر » الخبر.

[١١٠٤٥] ٣ - السيد فضل الله الراوندي في النوادر: عن أبي المحاسن، عن أبي عبد الله بن عبد الصمد(١) ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن المثنى، عن عفّان بن مسلم، عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن ميمون بن مهران، عن ابن عبّاس، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « إنّ الله تبارك وتعالى اختار من الكلام أربعة - إلى أن قال - ومن البقاع أربعاً - إلى أن قال - وأمّا خيرته من البقاع: فمكّة، والمدينة، وبيت المقدس، وفار التنور بالكوفة » الخبر.

[١١٠٤٦] ٤ - الإمام الهمام أبو محمّد العسكريعليه‌السلام في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « إنّ لله عزّوجلّ خياراً من كلّ ما خلق - إلى أن قال - فأمّا خياره من البقاع فمكّة، والمدينة، وبيت المقدس الخبر.

وقال(١) : قال الحسن بن عليعليهما‌السلام (٢) : لمّا بعث الله محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكّة، وأظهر بها دعوته، ونشر بها

__________________

٣ - نوادر الراوندي، وعنه في البحار ج ٩٧ ص ٤٧ ح ٣٤.

(١) في البحار: عن أبي عبد الله عن عبد الله بن عبد الصمد، ولعل صوابه: علي بن عبد الصمد النيشابوري وهو من مشايخ الراوندي « راجع رياض العلماء ج ٤ ص ١٧٧ ».

٤ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٧٨.

(١) نفس المصدر ص ٢٣٠.

(٢) وفيه: قال علي بن الحسين عليهما‌السلام .

٣٤٥

كلمته، وعاب أعيانهم(٣) في عبادتهم الأصنام، وأخذوه وأساؤوا معاشرته، وسعوا في خراب المساجد المبنيّة [ التي ](٤) كانت لقوم(٥) من خيار أصحاب محمّد [ وشيعته ](٦) وشيعة علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهما)، كان بفناء الكعبة مساجد يحيون فيها ما أماته المبطلون، فسعى هؤلاء المشركون في خرابها، وأذى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وسائر أصحابه وألجؤوه إلى الخروج من مكّة نحو المدينة، التفت خلفه إليها وقال: الله يعلم إنّني أُحبّك ولولا أنّ أهلك أخرجوني عنك، لمّا آثرت عليك بلداً ولا ابتغيت عليك بدلاً، وإنّي لمغتمّ على مفارقتك.

فأوحى الله إليه يا محمّد: العلي الأعلى يقرؤك السلام ويقول: سنردّك إلى هذا البلد ظافراً، غانماً، سالماً، قادراً، قاهراً، وذلك قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ) (٧) ، يعني إلى مكّة » الخبر.

[١١٠٤٧] ٥ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مكّة حرم الله، حرّمها إبراهيمعليه‌السلام » الخبر.

[١١٠٤٨] ٦ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن النضر، عن هشام، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن إبراهيم

__________________

(٣) وفيه: أديانهم.

(٤) أثبتناه من المصدر.

(٥) في المخطوط: للقوم، وما أثبتناه من المصدر.

(٦) أثبتناه من المصدر.

(٧) القصص ٢٨: ٨٥.

٥ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦١.

٦ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ٦٠.

٣٤٦

عليه‌السلام كان نازلاً في بادية الشام - إلى أن قال - ثم أمره تعالى أن يخرج إسماعيلعليه‌السلام وأُمّه عنها، فقال: يا ربّ إلى أيّ مكان؟ قال تعالى: إلى حرمي وأمني، وأوّل بقعة خلقتها من الأرض وهي مكّة » الخبر.

[١١٠٤٩] ٧ - محمّد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة: عن محمّد بن همام ومحمّد بن الحسن بن محمّد بن جمهور، عن الحسن بن محمّد بن جمهور، عن أحمد بن هلال، عن محمّد بن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله عزّوجلّ اختار من كلّ شئ شيئاً، اختار من الأرض مكّة، واختار من مكّة المسجد، واختار من المسجد الموضع الذي فيه الكعبة » الخبر.

١٤ -( باب استحباب الشرب من ماء زمزم، وسقي الحاج منه، وإهدائه، واستهدائه)

[١١٠٥٠] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: ماء زمزم شفاء لمّا شرب له.

وفي حديث آخر: ماء زمزم شفاء لمّا استعمل.

وأروي: ماء زمزم شفاء من كلّ داء وسقم، وأمان من كلّ خوف وحزن ».

__________________

٧ - الغيبة ص ٦٧ ح ٧.

الباب ١٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٦.

٣٤٧

[١١٠٥١] ٢ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن الجارود بن أحمد، عن محمّد بن جعفر الجعفري، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « ماء زمزم شفاء من كلّ داء - وأظنه قال - كائناً ما كان، لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: ماء زمزم لمّا شرب له ».

١٥ -( باب استحباب الدعاء عند شرب ماء زمزم بالمأثور)

[١١٠٥٢] ١ - الصدوق في الهداية: وإن قدرت أن تشرب من ماء زمزم قبل أن تخرج الصفا فافعل، وتقول [ حين تشرب ](١) : اللهم اجعله لي علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاء من كلّ داء وسقم.

١٦ -( باب تحريم أكل مال الكعبة وما يهدى إليها، أو يوصى لها به، ووجوب صرفه في مؤونة المحتاج من الحاج، وعدم جواز دفعه إلى الخدّام)

[١١٠٥٣] ١ - محمّد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة: عن علي بن الحسين، عن محمّد بن يحيى العطار، عن محمّد بن الحسان(١)

__________________

٢ - بل طب الأئمة ص ٥٢ وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٤٥ ص ٢١ ويحتمل أن النقل عن البحار وهو سبب الإختلاف لتقارب رمز الكتابين قب، طب في البحار.

الباب ١٥

١ - الهداية ص ٥٨، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٤٥ ح ٢٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١٦

١ - الغيبة ص ٢٣٦ ح ٢٥.

(١) في المخطوط « حسن » والصواب أثبتناه من المصدر، راجع معجم الرجال ج ١٥ ص ١٩٠.

٣٤٨

الرازي، عن محمّد بن علي الصيرفي، عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن علي الحلبي(٢) ، عن سدير(٣) الصيرفي، عن رجل من أهل الجزيرة، كان قد جعل على نفسه نذراً في جارية، وجاء بها إلى مكّة قال: فلقيت الحجبة فأخبرتهم بخبرها(٤) وجعلت لا أذكر لأحد منهم أمرها إلّا قال: جئني بها، وقد وفى الله نذرك، فدخلني من ذلك وحشة شديدة، فذكرت ذلك لرجل من أصحابنا من أهل مكّة، فقال لي: تأخذ عنّي؟ فقلت: نعم، فقال: أُنظر الرجل الذي يجلس عند(٥) الحجر الأسود وحوله الناس، وهو أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسينعليهم‌السلام ، فأته فأخبره بهذا الأمر فانظر ما ذا يقول لك فاعمل به.

قال: فأتيته وقلت له: رحمك الله، إنني(٦) رجل من أهل الجزيرة، ومعي جارية جعلتها عليّ نذراً لبيت الله في يمين كان(٧) عليّ، وقد أتيت بها وذكرت ذلك للحجبة، فأقبلت لا ألقى منهم أحداً إلّا قال: جئني بها، وقد وفى الله نذرك، فدخلني من ذلك وحشة شديدة، فقال: يا أبا عبد الله إنّ البيت لا يأكل ولا يشرب، فبع جاريتك

__________________

(٢) في المخطوط: الخثعمي، وفي بعض نسخ المصدر الحنفي وكلاهما تصحيف والصحيح ما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال، أنظر معجم الرجال ج ١٦ ص ١٤٠.

(٣) في المخطوط « بندار الصيرفي » والظاهر أن الصحيح ما أثبتناه من المصدر لأنه الذي يروي عن الإمام الباقرعليه‌السلام ولعدم وجود بندار في كتب الرجال (راجع المعجم ج ٨ ص ٣٤).

(٤) في نسخة « بأمرها » (منه قدّه).

(٥) في نسخة « بحذاء » (منه قدّه).

(٦) في نسخة « إنّي » (منه قدّه).

(٧) في المصدر: كانت.

٣٤٩

واستقص(٨) ، وانظر أهل بلادك ممّن حجّ هذا البيت، فمن عجز منهم عن نفقته فاعطه حتى (يقوى على العود إلى بلاده)(٩) ، ففعلت ذلك، ثم أقبلت لا ألقى أحداً من الحجبة إلّا قال: ما فعلت بالجارية؟ فأخبرتهم بالذي قال أبو جعفرعليه‌السلام ، فيقولون [ هو ](١٠) كذاب جاهل لا يدري ما يقول.

فذكرت مقالتهم لأبي جعفرعليه‌السلام فقال: « قد بلّغتني فبلّغ(١١) عنّي، فقلت: نعم، فقال: قل لهم: قال لكم أبو جعفرعليه‌السلام : كيف بكم لو قطعت أيديكم، وأرجلكم فعلقت في الكعبة؟، ثم يقال لكم: نادوا نحن سرّاق الكعبة، فلمّا ذهبت لأقوم، قال: إنني لست أنا أفعل ذلك وإنّما يفعله رجل منّي ».

قد ذكر الشيخ في الأصل بعض أجزاء هذا الخبر مع تغيير فيه، وإنّما ذكرناه للإشارة إليه، ولفوائد في سائر أجزائه.

ثم إنه ذكر علي بن الحسين بن بابويه، وليس في الغيبة ذكر الجدّ كما في أكثر المواضع، وكأنّه حمل الإطلاق عليه، والظاهر أن المراد به المسعودي كما صرح به في بعض المواضع، وسنشير إليه إن شاء الله تعالى في الخاتمة، عند شرح حال كتاب إثبات الوصيّة للمسعودي.

[١١٠٥٤] ٢ - أحمد بن محمّد بن عيسى في نوادره، عن الحلبي، عن أبي

__________________

(٨) في نسخة « استقض » (منه قدّه). استقصى فلان المسألة: بلغ النهاية.

(مجمع البحرين ج ١ ص ٣٤١) والمراد هنا المبالغة في تحصيل أقصى ثمنها.

(٩) في نسخة « يعود إلى بلاده » (منه قدّه).

(١٠) أثبتناه من المصدر.

(١١) في المصدر: تبلغ.

٢ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ص ٥٨.

٣٥٠

عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن امرأة جعلت مالها هدياً لبيت الله، إن أعارت متاعها فلانة وفلانة فأعار بعض أهلها بغير أمرها؟ قال: « ليس عليها هدي إنّما الهدي ما جعل لله هدياً للكعبة، فذلك الذي يوفى به إذا جعل لله، وما كان من أشباه هذا فليس بشئ، لا هدي ولا يذكر فيه الله ».

١٧ -( باب حكم حليّ الكعبة)

[١١٠٥٥] ١ - محمّد بن علي بن شهرآشوب في المناقب مرسلاً: همّ عمر أن يأخذ حليّ الكعبة، فقال عليعليه‌السلام : « إنّ القرآن أُنزل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأموال أربعة: أموال المسلمين فقسّموها بين الورثة في الفرائض، والفئ فقسّمه على مستحقّه، والخمس فوضعه حيث وضعه الله والصدقات فجعلها حيث جعلها الله، وكان حليّ الكعبة يومئذ، فتركه على حاله، ولم يتركه نسياً، ولم يخف عليه مكانه، فأقِرّه حيث أقرّه الله ورسوله ».

فقال عمر: لولاك لافتضحنا، وترك الحليّ بمكانه.

١٨ -( باب استحباب التعلق بأستار الكعبة، والدعاء عندها)

[١١٠٥٦] ١ - الصدوق في الأمالي: عن أحمد بن زياد الهمداني، عن عمر بن إسماعيل الدينوري، عن زيد بن إسماعيل الصائغ، عن معاوية بن هشام عن سفيان عن عبد الملك بن عمير، عن خالد بن ربعي قال: إن

__________________

الباب ١٧

١ - المناقب ج ٢ ص ٣٦٨.

الباب ١٨

١ - أمالي الصدوق ص ٣٧٧ ح ١٠.

٣٥١

أمير المؤمنينعليه‌السلام دخل مكّة في بعض حوائجه، فوجد أعرابياً متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول: يا صاحب البيت، البيت بيتك، والضيف ضيفك، ولكلّ ضيف من مضيفه قرى، فاجعل قراي منك الليلة المغفرة.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لأصحابه: « أما تسمعون كلام الأعرابي؟ » قالوا: نعم، فقال: « الله أكرم من أن يرد ضيفه » فلمّا كان الليلة الثانية وجده متعلّقاً بذلك الركن وهو يقول: يا عزيزاً في عزك فلا أعز منك في عزّك، أعزّني بعزّ عزّك في عزّ لا يعلم أحد كيف هو، أتوجه إليك، وأتوسل إليك بحقّ محمّد وآل محمّدعليهم‌السلام عليك، أعطني ما لا يعطيني أحد غيرك، واصرف عنّي ما لا يصرفه أحد غيرك.

قال: فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لأصحابه: « هذا والله الاسم الأكبر بالسريانية، أخبرني به حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، سأله الجنّة فأعطاه، وسأله صرف النار وقد صرفها عنه » فلمّا كان الليلة الثالثة وجده متعلّقاً بذلك الركن وهو يقول: يا من لا يحويه مكان، ولا يخلو منه مكان، بلا كيفيّة كان، ارزق الأعرابي أربعة آلاف درهم -، الخبر، وهو طويل - وفيه: أنهعليه‌السلام أعطاه ما سأله.

[١١٠٥٧] ٢ - البحار، عن أعلام الدين للديلمي: عن طاووس اليماني، قال: رأيت في جوف الليل رجلاً متعلّقاً بأستار الكعبة، وهو يقول:

ألا أيّها المأمول في كلّ حاجة

شكوت إليك الضرّ فاسمع شكايتي

__________________

٢ - البحار ج ٩٩ ص ١٨٩ ح ١٥.

٣٥٢

ألا يا رجائي أنت تكشف(١) كربتي

فهب لي ذنوبي كلّها واقض حاجتي

فزادي قليل لا أراه مبلّغي

أللزاد أبكي أم لطول مسافتي

أتيت بأعمال قباح رديّة

فما في الورى عبد جنى كجنايتي

أتحرقني في النار(٢) يا غاية المنى

فأين رجائي ثم أين مخافتي »

قال: فتأملته فإذا هو علي بن الحسينعليهما‌السلام ...

[١١٠٥٨] ٣ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن الأصمعي قال: كنت أطوف حول الكعبة ليلة، فإذا شاب ظريف الشمائل وعليه ذؤابتان، وهو متعلق بأستار الكعبة، وهو يقول: نامت العيون، وعلت النجوم، وأنت [ الملك ](١) الحيّ القيوم، غلّقت الملوك أبوابها، وأقامت عليها حرّاسها، وبابك مفتوح للسائلين، جئتك لتنظر إليّ برحمتك يا أرحم الراحمين.

ثم أنشأ يقول:

يا من يجيب دعا المضطر في الظلم

يا كاشف الضرّ والبلوى مع السقم

قد نام وفدك حول البيت قاطبة

وأنت وحدك يا قيّوم لم تنم

أدعوك ربّ دعاء قد أمرت به

فارحم بكائي بحق البيت والحرم

إن كان عفوك لا يرجوه ذو سرف

فمن يجود على العاصين بالنعم »

قال: فاقتفيته فإذا هو زين العابدينعليه‌السلام .

[١١٠٥٩] ٤ - السيد علي بن طاووس في مهج الدعوات: عن جماعة

__________________

(١) في البحار: كاشف.

(٢) وفيه: بالنار.

٣ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ١٥٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - مهج الدعوات ص ١٥٢.

٣٥٣

بأسانيدهم إلى الحسين بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام ، في حديث طويل، وأنّه رأى في المسجد الحرام شاباً يبكي ويتضرع، فأتى به إلى أبيهعليه‌السلام ، وذكر لهعليه‌السلام أنه كان لاهياً مشغوفاً بالعصيان، وأنه ضرب أباه وأوجعه - إلى أن قال - ثم حلف [ بالله ](١) يعني أباه - ليقدمن إلى بيت الله الحرم، فيستعدي الله عليّ [ قال: ](٢) فصام أسابيع، وصلّى ركعات ودعا، وخرج متوجّهاً على عبراته يقطع بالسير عرض الفلاة، ويطوي الأودية، ويعلو الجبال، حتى قدم مكّة يوم الحج الأكبر فنزل من راحلته، وأقبل إلى بيت الله الحرام فسعى، وطاف به، وتعلّق بأستاره، وابتهل (إلى الله)(٣) بدعائه، وأنشأ يقول:

يا من إليه أتى الحجاج بالجهد

فوق المهاري(٤) من أقصى غاية البعد

إني أتيتك يا من لا يخيّب من

يدعوه مبتهلاً بالواحد الصمد

هذا منازل لا يرتاع من عققي(٥)

فخذ بحقّي يا جبّار من ولدي

حتى (يشلّ بحول)(٦) منك جانبه

يا من تقدّس لم يولد ولم يلد

قال: فوالذي سمك السماء، وأنبع الماء ما استتم دعاءه حتى نزل بي ما ترى، ثم كشف عن يمينه فإذا بجانبه قد شلّ الخبر، وفيه ذكر الدعاء المعروف بدعاء المشلول.

[١١٠٦٠] ٥ - السيد ابن زهرة في الغنية: ويتعلق بأستار الكعبة ويقول:

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) مهرة بن حيدان: أبو قبيلة وإبل مهرية منسوبة إليهم والجمع مهاري ومهار ومهاري. (لسان العرب مهر ج ٥ ص ١٨٦).

(٥) عق والده يعقه عقّاً وعقوقا شق عصا طاعته (لسان العرب عقق ج ١٠ ص ٢٥٦).

(٦) في المصدر: يشل بعون.

٥ - الغنية (ضمن كتاب الجوامع الفقهية) ص ٥١٦.

٣٥٤

اللهم بك استجرت فأجرني، وبك استغيث فأغثني، يا رسول الله، يا أمير المؤمنين، يا فاطمة بنت رسول الله(١) يا حسن، يا حسين - ويسمّي الأئمةعليهم‌السلام إلى آخرهم - بالله ربّي استغيث، وبكم إليه تشفّعت، أنتم عمدتي، وإيّاكم أقدّم بين يدي حوائجي، فكونوا شفعائي إلى الله في إجابة دعائي، وتبليغي في (ديني ودنياي)(٢) مهمّاتي، اللّهم ارحم بهم عبرتي، واغفر بشفاعتهم خطيئتي، واقبل مناسكي، واغفر لي ولوالدي، واحفظني في نفسي وأهلي، وفي جميع إخواني، واشركهم في صالح دعائي، إنّك على كلّ شئ قدير.

١٩ -( باب أحكام لقطة الحرم)

[١١٠٦١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الحرم لا يختلى خلاؤه - إلى أن قال - ولا تحلّ لقطته إلّا لمنشد » الخبر.

[١١٠٦٢] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « لا (تلقط اللقطة في)(١) الحرم، دعها(٢) مكانها حتى يأتي من

__________________

(١) في المصدر زيادة: يا أمير المؤمنين، يا فاطمة بنت رسول الله.

(٢) وفيه: الدين والدنيا.

الباب ١٩

١ - الجعفريات ص ٧١.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

(١) كذا في المصدر، وفي المخطوط: يلتقطه لقطة.

(٢) في المخطوط: ويترك، وما أثبتناه من المصدر.

٣٥٥

(هي له)(٣) فيأخذها ».

[١١٠٦٣] ٣ - وعنهعليه‌السلام : أنه سئل عن رجل وجد ديناراً في الحرم فأخذه، ما يصنع به؟ قال: « بئس ما صنع إذا أخذه، لأن (لقطة الحرم)(١) لا ترفع، هي في حرم الله إلى أن يأتي صاحبها فيأخذها، قيل: فإنه قد ابتلي به، قال: فليعرفه، قيل: فإنه قد عرفه، قال: فليتصدق به على أهل بيت من المسلمين، فإن جاء (طالبه فهو)(٢) ضامن ».

[١١٠٦٤] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « اعلم أنّ اللقطة لقطتان: لقطة الحرم، ولقطة غير الحرم، فأمّا لقطة الحرم فإنّها تعرّف(١) سنة، فإن جاء صاحبها وإلّا تصدقت بها، وإن كنت وجدت في الحرم ديناراً مطلساً(٢) فهو لك لا تعرفه ».

٢٠ -( باب استحباب إكثار النظر إلى الكعبة)

[١١٠٦٥] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: كنت عنده قاعداً خلف المقام وهو محتبٍ

__________________

(٣) في المصدر: أضلها.

٣ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٤٩٥ ح ١٧٦٦.

(١) في المصدر: اللقطة بالحرم.

(٢) وفيه: طالبها فهو له.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

(١) في المخطوط: يعرف، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) المطلس: الممحو (لسان العرب ج ٦ ص ١٢٤).

الباب ٢٠

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٨٨ ح ٥٧.

٣٥٦

مستقبل القبلة، فقال: « النظر إليها عبادة » الخبر.

[١١٠٦٦] ٢ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « واقلل الخروج من المسجد فإن النظر إلى الكعبة عبادة، ولا يزال المرء في صلاة ما دام ينظرها ».

[١١٠٦٧] ٣ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ومن نظر إلى البيت إيماناً واحتساباً نظرة واحدة غفر له ما تقدم وما تأخر، ومن نظر إلى البيت كان أفضل من عبادة سنة ».

وروي: أنّ الله ينزل كلّ يوم على مكّة مائة وعشرين رحمة، ستون منها للطائفين، وأربعون للعاكفين، وعشرون للناظرين.

٢١ -( باب كراهة مطالبة الغريم في الحرم، والتسليم عليه)

[١١٠٦٨] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إن كان لك على رجل حقّ فوجدته بمكّة، أو في الحرم فلا تطالبه، ولا تسلم عليه فتفزعه، إلّا أن تكون أعطيته حقّك في الحرم، فلا بأس أن تطالبه في الحرم ».

٢٢ -( باب جواز الاحتباء مستقبل الكعبة على كراهية في المسجد الحرام، وكذا الاحتذاء فيه)

[١١٠٦٩] ١ - العياشي في تفسيره: عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: كنت عنده قاعداً خلف المقام وهو محتب

__________________

٢ - بعض نسخ الرضوي: وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٦.

٣ - لبّ اللباب: مخطوط.

الباب ٢١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

الباب ٢٢

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٨٨ ح ٥٧.

٣٥٧

مستقبل القبلة » الخبر.

[١١٠٧٠] ٢ - نوادر علي بن أسباط، عن رجل من أصحابنا يكنّى با إسحاق، عن بعض أصحابه، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « وإذا كان مقابل الكعبة، لم يجز له أن يحتبي وهو ناظر إليها ».

٢٣ -( باب أنه يكره أن يعلق لدور مكّة أبواب، وأن يمنع الحاج من نزول دورها، وأن يؤخذ لها أُجرة)

[١١٠٧١] ١ - علي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) (١) قال: نزلت في قريش حين صدوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن مكّة، وقوله:( سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) ، قال: أهل مكّة ومن جاء إليه(٢) من البلدان، فهم فيه(٣) سواء، لا يمنع النزول ودخول الحرم.

[١١٠٧٢] ٢ - القطب الراوندي في فقه القرآن: كتب عليعليه‌السلام ، إلى قثم بن عبّاس، عامله على مكّة: « أقم للناس الحج، واجلس لهم العصرين، فافت المستفتي، وعلّم الجاهل، وذاكر العالم، ومر أهل مكّة أن لا يأخذوا من ساكن اجراً، فإنّ الله سبحانه يقول:( سَوَاءً

__________________

٢ - نوادر علي بن أسباط ص ١٢٤.

الباب ٢٣

١ - تفسير القمي ج ٢ ص ٨٣.

(١) الحج ٢٢: ٢٥.

(٢) في المصدر: إليهم.

(٣) ليس في المصدر.

٢ - فقه القرآن ج ١ ص ٣٢٧.

٣٥٨

الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) (١) العاكف: المقيم به، والبادي: الذي يحج إليه من غير أهله ».

٢٤ -( باب استحباب دخول الكعبة)

[١١٠٧٣] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن علي بن عبد العزيز، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك قول الله تعالى( آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ) (١) وقد يدخله المرجئ، والقدري، والحروري، والزنديق الذي لا يؤمن بالله، قال: « لا، ولا كرامة » قلت: فمن(٢) ، جعلت فداك؟ قال: « ومن دخله وهو عارف بحقّنا كما هو عارف له، خرج من ذنوبه، وكفي همّ الدنيا والآخرة ».

[١١٠٧٤] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه سئل عن دخول الكعبة(١) ؟ فقال: « نعم إن قدرت على ذلك(٢) ، وإن خشيت الزحام فلا تغرّر بنفسك ».

[١١٠٧٥] ٣ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: وجد إبراهيمعليه‌السلام حجراً مكتوباً عليه أربعة أسطر: الأول: إنّي أنا الله لا إله

__________________

(١) الحج ٢٢: ٢٥.

الباب ٢٤

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٩٠ ح ١٠٧.

(١) آل عمران ٣: ٩٧.

(٢) في المخطوط: فمه، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٣٢.

(١) في المصدر: البيت.

(٢) وفيه زيادة: فافعله.

٣ - لبّ اللباب: مخطوط.

٣٥٩

إلّا أنا فاعبدني، الثاني: لا إله إلّا الله محمّد رسولي، طوبى لمن آمن به واتبعه. الثالث: إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا، من اعتصم بي نجا. الرابع: إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا، الحرم لي والكعبة بيتي، من دخل بيتي أمن من عذابي.

٢٥ -( باب أنه يستحب لمن أراد دخول الكعبة أن يغتسل، ثم يدخلها بسكينة ووقار بغير حذاء، ولا يبزق ولا يمتخط، ويدعو بالمأثور، ويصلّي بين الإسطوانتين على الرخامة الحمراء، وفي كلّ زاويتين ركعتين، ويكبّر مستقبلاً لكلّ ركن)

[١١٠٧٦] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « يستحب لمن أراد دخول الكعبة أن يغتسل ».

[١١٠٧٧] ٢ - وعن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنه قال: « صلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في البيت، بين العمودين على الرخامة الحمراء، واستقبل ظهر البيت، وصلّى ركعتين ».

[١١٠٧٨] ٣ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « أبي، عن الصادقعليهما‌السلام : لا تصلح المكتوبة في جوف الكعبة، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم يدخل الكعبة في عمرة ولا حجّة، ولكنه دخلها في الفتح، وصلّى ركعتين بين العمودين، ومعه أسامة والفضل ».

__________________

الباب ٢٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٣٢.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٣٣.

٣ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٧ ح ٢٣.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469