مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٩

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 469

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 469 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 291004 / تحميل: 5090
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

وأمناً مباركاً وهدى للعالمين، ثم انظر إلى الحجر الأسود وارفع يديك، واحمد الله واثن عليه، وصلّ على النبي وآله، واسأله أن يتقبّله منك.

٩ -( باب استحباب استلام الحجر الأسود في الطواف الواجب والمندوب باليد اليمنى وتقبيله، فإن لم يكن استحبّ أن يشير إليه، ويجدّد الإقرار بالعهد والميثاق)

[١١١٢٩] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام - في حديث - أنه قال: « والحجر كالميثاق، واستلامه كالبيعة، وكان إذا استلمه قال: اللهم أمانتي أدّيتها، وميثاقي تعاهدته ليشهد لي عندك بالبلاغ ».

[١١١٣٠] ٢ - محمّد بن مسعود العياشي: في تفسيره: عن عبيد الله(١) الحلبي، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام قالا: « حجّ عمر أول سنة حجّ وهو خليفة، فحج تلك السنة المهاجرون والأنصار، وكان عليعليه‌السلام قد حجّ تلك السنة بالحسن والحسينعليهما‌السلام وبعبد الله بن جعفر - إلى أن قالاعليهما‌السلام - فلمّا دخلوا مكّة طافوا بالبيت فاستلم عمر الحجر، وقال: أما والله إنّي لأعلم أنّك حجر لا يضرّ ولا ينفع، ولولا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله استلمك ما استلمتك.

فقال له عليعليه‌السلام : مه يا أبا حفص لا تفعل، فإن رسول

__________________

باب ٩

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٩٣.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٨ ح ١٠٥.

(١) في المصدر: عبد الله، وقد ورد الاسمان في كتب الرجال.

٣٨١

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يستلم إلّا لأمر قد علمه، ولو قرأت القرآن فعلمت من تأويله ما علمه غيرك، لعلمت أنه يضرّ وينفع، له عينان وشفتان ولسان ذلق، يشهد لمن وافاه بالموافاة.

قال: فقال له عمر: فأوجدني ذلك من كتاب الله يا أبا الحسن؟

فقال عليعليه‌السلام : قوله تبارك وتعالى:( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا ) (٢) فلمّا أقرّوا بالطاعة بأنّه الربّ وأنّهم العباد، أخذ عليهم الميثاق بالحج إلى بيته الحرام، ثم خلق الله رقّاً أرقّ من الماء، وقال للقلم: اكتب موافاة(٣) بني آدم في الرق، ثم(٤) قال للحجر: احفظ واشهد لعبادي الموافاة، فهبط الحجر مطيعاً لله، يا عمر أوليس إذا استلمت الحجر: قلت أمانتي أدّيتها، وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة؟

فقال عمر: اللهم نعم، فقال له عليّعليه‌السلام : آمن ذلك ».

[١١١٣١] ٣ - الصدوق في المقنع: ثم انظر إلى الحجر الأسود، وارفع يديك، واحمد الله واثن عليه، وصلّ على النبيّ وآله، واسأله أن يتقبّله منك، ثم استلم الحجر وقبّله، فإن لم تقدر عليه فامسحه بيدك اليمنى وقبّلها، فإن لم تقدر فأشر إليه بيدك وقل: اللهم أمانتي أدّيتها،

__________________

(٢) الأعراف ٧: ١٧٢.

(٣) في المصدر زيادة: خلقي ببيتي الحرام فكتب القلم موافاة.

(٤) وفيه زيادة: قيل للحجر افتح قال: ففتحه فألقم الرق ثم.

٣ - المقنع ص ٨٠.

٣٨٢

وميثاقي تعاهدته، لتشهد لي بالموافاة، آمنت بالله، وكفرت بالجبت والطاغوت واللات والعزى، وعبادة الشياطين، وعبادة الأوثان، وعبادة كلّ ندّ يدعى من دون الله، فإن لم تستطع أن تقول هذا كلّه فبعضه.

[١١١٣٢] ٤ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « الحجر عين الله في الأرض، به يصافح عباده يوم القيامة ».

[١١١٣٣] ٥ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن الحلية، والأغاني وغيرهما: حجّ هشام بن عبد الملك فلم يقدر على الاستلام من الزحام، فنصب له منبر فجلس عليه، وأطاف به أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسينعليهما‌السلام ، وعليه إزار ورداء من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم رائحة، بين عينيه سجّادة كأنّها ركبة عنز، فجعل يطوف فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحّى الناس حتى يستلمه الخبر.

[١١١٣٤] ٦ - بعض نسخ الرضوي: « عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: إنه ليس من عبد يتوضّأ ثم يستلم الحجر، ثم يصلّي ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام ، ثم يرجع فيضع يده على باب الكعبة فيحمد الله، ثم لا يسأل الله شيئاً إلّا أعطاه إن شاء الله ».

__________________

٤ - لبّ اللباب: مخطوط.

٥ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ١٦٩.

٦ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٢.

٣٨٣

١٠ -( باب استحباب استلام الركن الذي فيه الحجر، والصاق البطن به، ومسحه باليد)

[١١١٣٥] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « لمّا دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المسجد الحرام، بدأ بالركن فاستلمه » الخبر.

١١ -( باب عدم وجوب استلام الحجر وتقبيله، وعدم تأكّد استحباب المزاحمة عليه، وإجزاء الإشارة والإيماء)

[١١١٣٦] ١ - كتاب درست بن أبي منصور: عن عبد الحميد بن سعيد، قال: دخل سفيان الثوري على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقال: أصلحك الله، بلغني أنّك صنعت أشياء خالفت فيها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « وما هي؟ » قال: بلغني أنّك أحرمت من الجحفة وأحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الشجرة، وبلغني أنّك لم تستلم الحجر في طواف الفريضة وقد استلمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلى أن قال: قالعليه‌السلام : « وأمّا استلام الحجر، فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يفرج له، وأنا لا يفرج لي » الخبر.

[١١١٣٧] ٢ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : وقال أبو بصير - أي للصادقعليه‌السلام -: [ جعلت فداك ](١) إن أهل مكّة أنكروا

__________________

الباب ١٠

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٢.

الباب ١١

١ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٧.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٣، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٣ ح ٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣٨٤

عليك ثلاثة أشياء صنعتها، قال: « وما هي؟ » - إلى أن قال - قال: وأنكروا عليك أنّك لم تقبّل الحجر الأسود، وقد قبّله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان إذا انتهى إليه أفرج له، وأنّهم لا يفرجون لنا ».

١٢ -( باب عدم تأكد استحباب استلام الحجر للنساء)

[١١١٣٨] ١ - الصدوق في الخصال: عن أحمد بن الحسن القطّان، عن الحسن بن علي العسكري، عن أبي عبد الله محمّد بن زكريا البصري، عن جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الباقرعليهما‌السلام ، يقول: « ليس على النساء أذان - إلى أن قال - ولا استلام الحجر الأسود » الخبر.

وفي المقنع(١) : ووضع عن النساء أربعاً - وعدّ منها - استلام الحجر الأسود.

[١١١٣٩] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « وإن حملت المرأة في محمل من غير علّة، لاستلام الحجر من أجل الزحام، لم يكن بذلك بأس ».

١٣ -( باب وجوب كون الطواف سبعة أشواط)

[١١١٤٠] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

__________________

الباب ١٢

١ - الخصال ص ٥٨٥ ح ١٢.

(١) المقنع ص ٧١.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٩.

الباب ١٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٤.

٣٨٥

قال: « والطواف سبعة أشواط حول البيت » الخبر.

[١١١٤١] ٢ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام - في حديث تقدم - قالعليه‌السلام : « فلمّا أصاب آدم الخطيئة وأهبطه الله إلى الأرض، أتى إلى البيت فطاف به، كما رأى الملائكة طافت [ بالعرش ](١) سبعة أطواف » الخبر.

١٤ -( باب استحباب الدعاء في الطواف بالمأثور وغيره)

[١١١٤٢] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « تطوف أُسبوعاً - إلى أن قال - وقل عند باب البيت: سائلك مسكينك ببابك، عبيدك بفنائك، فقيرك نزل بساحتك، تفضّل عليه بجنّتك، فإذا بلغت مقابل الميزاب فقل: اللهم أعتق رقبتي من النار، وادرأ عنّي شرّ فسقة العرب والعجم، وأظلّني تحت ظلّ عرشك، واصرف عنّي شرّ كلّ ذي شرّ، وشرّ فسقة الجن والإنس.

وتقول في طوافك: اللهم إنّي أسألك باسمك الذي يمشي به على الماء كما يمشي على جدد(١) الأرض، وباسمك المخزون المكنون عندك، وباسمك الأعظم(٢) الأعظم، الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وان تغفر لي، وترحمني، وتقبّل منّي كما تقبّلت من إبراهيم خليلك، وموسى كليمك، وعيسى روحك، ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله حبيبك.

__________________

٢ - دعائم الإسلام ص ٢٩٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

(١) الجدد، بالتحريك: المستوي من الأرض. (مجمع البحرين ج ٣ ص ٢٢).

(٢) في المصدر: العظيم.

٣٨٦

قالعليه‌السلام : وتقول بين الركن اليماني وبين ركن الحجر الأسود: ربّنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار ».

[١١١٤٣] ٢ - وفي بعض نسخه: « فإذا انتهيت إلى باب البيت فقل: اللهم إن البيت بيتك، والحرم حرمك، والعبد عبدك، هذا مقام العائذ بك من النار.

ثم تطوف فإذا انتهيت إلى ركن العراق فقل: اللهم إنّي أعوذ بك من الشكّ والشرك، والشقاق والنفاق، ودرك الشقاء، ومخافة العدى، وسوء المنقلب، وأعوذ بك من الفقر والفاقة، والحرمان، والمنى، والفتق، وغلبة الدين، آمنت بك وبرسولك ووليك، رضيت بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله نبيّاً، وبعليعليه‌السلام وليّاً وإماماً، وبالمؤمنين إخواناً.

فإذا انتهيت إلى تحت الميزاب فقل: اللهم أظلّني تحت ظلّ عرشك يوم لا ظلّ إلّا ظلّك، آمني روعة القيامة، واعتقني من النار، وأوسع عليّ رزقي من الحلال، وادرأ عنّي شرّ فسقة الجنّ والإنس، وشرّ فسقة العرب والعجم، واغفر لي وتب عليّ، إنّك أنت التواب الرحيم.

فإذا انتهيت إلى الركن الشامي فقل: اللهم اجعله حجّة مقبولة، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً، وعملاً متقبّلاً، تقبّل منّي كما تقبّلت من إبراهيم خليلك، وموسى كليمك، وعيسى روحك، ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله حبيبك.

فإذا انتهيت إلى الركن اليماني فقل: اللهم ربّنا آتنا في الدنيا حسنة،

__________________

٢ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٢ ح ١٧.

٣٨٧

وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

وقالعليه‌السلام : وأكثر من سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله [ والله أكبر ](١) ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله، لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو حيّ لا يموت، بيده الخير، وهو على كلّ شئ قدير، ولا تقرأ القرآن.

وروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: من قال في طوافه عشر مرّات: أشهد أن لا إله إلّا الله، أحداً فرداً صمداً، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، كتب الله له خمسة وأربعين حسنة ».

[١١١٤٤] ٣ - الصدوق في المقنع: وتقول وأنت في طوافك: اللهم إنّي أسألك باسمك الذي يمشي به على طلل(١) الماء كما يمشي به على جدد الأرض، وأسألك باسمك المخزون [ عندك وأسألك باسمك ](٢) الذي يهتزّ له العرش، وأسألك باسمك الذي تهتزّ له اقدام ملائكتك، وأسألك باسمك الذي دعاك به موسى من جانب الطور الأيمن فاستجبت له، وألقيت عليه محبّة منك، وأسألك باسمك الذي غفرت به لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وأتممت عليه نعمتك، ان تفعل بي كذا وكذا.

فإذا بلغت مقابل الميزاب فقل: اللهم أعتق رقبتي من النار، وادرأ عني شرّ فسقة العرب والعجم، وشرّ فسقة الجن والإنس.

__________________

(١) ليس في المخطوط والبحار وما أثبتناه من الطبعة الحجرية.

٣ - المقنع ص ٨١.

(١) طُلَل الماء: أي ظهره (مجمع البحرين ج ٥ ص ٤١٢).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣٨٨

١٥ -( باب استحباب الصلاة على محمّد وآله في أثناء الطواف، والسعي، خصوصاً عند الحجر، وبينه وبين الركن اليماني)

[١١١٤٥] ١ - الصدوق في المقنع: وصلّ على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في كلّ شوط.

[١١١٤٦] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا بلغت الركن اليماني فاستلمه، فإنّ فيه باباً من أبواب الجنّة لم يغلق منذ فتح، وتسير(١) منه إلى زاوية المسجد مقابل هذا الركن وتقول: أُصلّي عليك يا رسول الله ».

١٦ -( باب تأكّد استحباب استلام الركن اليماني، والركن الذي فيه الحجر، وتقبيلهما، ووضع الخدّ عليهما، والتزامهما، وعدم تأكّد استحباب استلام الركنين الآخرين)

[١١١٤٧] ١ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه لم يكن يستلم من أركان البيت إلّا الركن(١) الأسود، والذي يليه من نحو دور الجمحيين.

[١١١٤٨] ٢ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام

__________________

الباب ١٥

١ - المقنع ص ٨١.

٢ - فقه الرضا (عليه الإسلام) ص ٢٧.

(١) في المصدر: وتشير.

الباب ١٦

١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٠ ح ٥٠.

(١) وهو الركن المستجار المسمى باليماني (منه قدّه).

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٢ عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام .

٣٨٩

أنه قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يستلم الركنين الذي فيه الحجر الأسود، والركن اليماني، كلّما مرّ بهما في الطواف ».

[١١١٤٩] ٣ - أحمد بن محمّد البرقي في المحاسن: عن محمّد بن الجارود، عن جعفر بن محمّد الكوفي(١) ، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لمّا انتهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ركن الغربي قال: فجازه، فقال له الركن: يا رسول الله لست قعيداً(٢) من بيت ربّك، فما بالي لا أستلم(٣) ؟

قال: فدنا منه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: اسكن، عليك السلام غير مهجور ».

[١١١٥٠] ٤ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « قال رجل لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما بال هذين الركنين يمسحان، وهذان لا يمسحان؟

فقال: لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مسح هذين، ولم يمسح هذين، فلا تعرض لشئ لم يتعرّض(١) له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

__________________

٣ - بل الصفار في بصائر الدرجات ص ٥٢٣ ح ٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٢٥ ح ٢٣، علماً أن الحديثين، السابق واللاحق لحديث البصائر في البحار كانا عن المحاسن، فلعل الشيخ المصنف (قده) قد أخرج الحديث من البحار، فلم يلحظ رمز كتاب البصائر « ير » فترتب على ذلك نسبة الحديث إلى المحاسن سهواً، فتأمل.

(١) في البصائر: جعفر بن محمّد بن يونس الكوفي.

(٢) في المصدر: بعيداً.

(٣) وفيه: أستسلم.

٤ - بعض نسخ الفقه الرضويعليه‌السلام ص ٧٣، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٥ ح ١٥.

(١) في المصدر والبحار: يعرض.

٣٩٠

١٧ -( باب تأكّد استحباب الدعاء عند الركن اليماني، وبينه وبين الحجر)

[١١١٥١] ١ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « عن أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، أنه قال: الركن اليماني باب من أبواب الجنّة، لم يمنعه منذ فتحه، وأنّ ما بين هذين الركنين - الأسود واليماني - ملك يدعى هجير، يؤمّن على دعاء المؤمنين ».

[١١١٥٢] ٢ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « الركن باب من أبواب الجنّة ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « بين الركنين روضة من رياض الجنّة ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يأتي الركن والمقام يوم القيامة ولهما عينان وشفتان، يشهدان لمن وافاهما بالوفاء ».

١٨ -( باب أنّ من كانت يمينه مقطوعة، استحب له الاستلام من موضع القطع، فإن كان من المرفق فبشماله)

[١١١٥٣] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، أخبرني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده

__________________

الباب ١٧

١ - بعض نسخ الفقه الرضويعليه‌السلام ص ٧٣، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٤ ح ١١.

٢ - لبّ اللباب: مخطوط.

الباب ١٨

١ - الجعفريات ص ٧٠.

٣٩١

علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام : « أنه سئل: كيف يستلم الأقطع الركن اليماني؟ فقال: يستلمه بما بقي من يده، فإن كانت قطعت من المرفق استلمه بشماله ».

١٩ -( باب استحباب التزام المستجار في الشوط السابع، وإلصاق البطن واليدين والخدّ به، والإقرار بالذنوب، والدعاء بالمأثور وغيره، ووجوب الختم بالحجر، وجعل الكعبة عن يساره في الطواف)

[١١١٥٤] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن أهل البيتعليهم‌السلام في الدعاء عند الملتزم، وجوهاً يطول ذكرها ليس فيها(١) شئ مؤقّت، والملتزم: ظهر البيت حيال الميزاب، يلتزمه الطائف في الطواف السابع، ويدعو بما قدر عليه، ويبوء بذنوبه إلى الله، ويسأله المغفرة.

وروينا عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام : أنه كان يفعل ذلك، ويبعد من يكون معه من مواليه عن نفسه، ويناجي الله ويسأله، ويذكر ما يسأل(٢) المغفرة منه.

[١١١٥٥] ٢ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام ، قال: « إنّ آدمعليه‌السلام ، لمّا طاف بالبيت فانتهى إلى الملتزم، فقال جبرئيل: أقرّ

__________________

الباب ١٩

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٤.

(١) في المصدر: منها.

(٢) في المصدر: سأله.

٢ - قصص الأنبياء ص ١٦.

٣٩٢

لربّك بذنوبك في هذا المكان، فوقف آدم فقال: يا ربّ إنّ لكلّ عامل أجراً، ولقد عملت فما أجري؟ فأوحى الله تعالى إليه: يا آدم، من جاء من ذرّيتك (إلى هذا المكان)(١) ، فأقرّ فيه بذنوبه غفرت له ».

[١١١٥٦] ٣ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن أبان قال: قال أبو عبد اللهعليهم‌السلام : إن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، إذا أتى الملتزم قال: اللهم إنّ عندي أفواجاً من ذنوب وأفواجاً من خطايا، وعندك أفواج من رحمة وأفواج من مغفرة، يا من استحباب لأبغض خلقه إليه إذ قال: انظرني إلى يوم يبعثون، استجب لي، وافعل بي كذا [ وكذا ](١) .

[١١١٥٧] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا كنت في الشوط السابع، فقف عند المستجار وتعلّق بأستار الكعبة، وادع الله كثيراً وألحّ عليه، وسلْ حوائج الدنيا والآخرة، فإنه قريب مجيب ».

[١١١٥٨] ٥ - وفي بعض نسخه: « فإذا كنت في السابع من طوافك، فأت المستجار عند الركن اليماني إلى مؤخر الكعبة بمقدار ذراعين أو ثلاثة، وإن شئت إلى الملتزم، الصق بطنك بالبيت، وتعلّق بأستار الكعبة، ووجهك الصق به وجسدك كلّها بالكعبة، وقمت وقلت: الحمد لله الذي كرمك وعظّمك وشرّفك، وجعلك مثابة للناس وأمناً، اللهم إن البيت بيتك، والعبد عبدك، والأمن أمنك، والحرم حرمك، هذا مقام العائذ(١) بك

__________________

(١) ليس في المصدر.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٤١ ح ١٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

٥ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٣.

(١) في البحار: العائذين.

٣٩٣

من النار، أستجير بالله من النار، واجتهد في الدعاء، وأكثر الصلاة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وادع لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات، وادع بما أحببت من الدعاء ».

[١١١٥٩] ٦ - الصدوق في المقنع: فإذا كنت في الشوط السابع، فقم بالمستجار، وتعلق بأستار الكعبة - وهو مؤخّر الكعبة ممّا يلي الركن اليماني بحذاء باب الكعبة - وابسط يديك على البيت، والصق خدّك وبطنك بالبيت.

ثم قلّ: اللهم البيت بيتك، والعبد عبدك، وهذا مقام العائذ بك من النار، ثم استلم الركن الذي فيه الحجر واختم به، وقل: اللهم قنّعني بما رزقتني، وبارك لي فيما آتيتني، إنّك على كلّ شئء قدير.

٢٠ -( باب جواز الإسراع والإبطاء في الطواف، واستحباب الاقتصاد لا الرّمل)

[١١١٦٠] ١ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « قال أبي: وسئل ابن عباس فقيل له: إنّ قوماً يزعمون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قد أمر بالرمل حول الكعبة، قال: كذبوا وصدقوا، فقلت وكيف ذلك؟ فقال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، دخل مكّة في عمرة القضاء وأهلها مشركون، وبلغهم أن أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله مجهودون، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : رحم الله رجلاً أراهم من نفسه جلداً، فأمرهم فحسروا عن أعضادهم، ورملوا بالبيت ثلاثة

__________________

٦ - المقنع ص ٨١.

الباب ٢٠

١ - بعض نسخ الفقه الرضويعليه‌السلام ص ٧٣.

٣٩٤

أشوط ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ناقته، وعبد الله بن رواحة آخذ بزمامها، والمشركون بحيال الميزاب ينظرون إليهم.

ثم حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ذلك فلم يرمل، ولم يأمرهم بذلك، فصدقوا في ذلك، وكذبوا في هذا.

أبي، عن جدّي، عن أبيهعليهم‌السلام ، قال: رأيت علي بن الحسينعليهما‌السلام يمشي ولا يرمل ».

وقال في موضع آخر(١) : « تطوفه سبعة أشواط، ترمل في الثلاثة الأشواط الأولى منهن من الحجر إلى الحجر - والرمل الخبب لا شدّة السعي - فإن لم يمكنك الرمل من الزحام فقف فإذا أصبت مسلكاً رملت، وطفت الأربع ماشياً على تمسك مطيعاً من رأيك ». إلى آخره.

قلت: ما نقلناه من الرضوي، هو من النسخة الغير المعروفة، التي دخل بعض أجزائها في نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى، كما شرحناه في الخاتمة، فهو من الباب الذي عقده لسياق أحكام الحج، غير ما ذكر في أوائل الكتاب، وصرّح بذلك المجلسي أيضاً في كتاب الحج من البحار، والشيخ زعم أنّ الخبر من أجزاء النوادر فنقله إلى قوله: « ولا يرمل » ونسبه إلى أحمد، ولم يلتفت إلى أنّه لم يعهد رواية أحمد عن أبيه عن جدّه، ولم يدرك جده السجادعليه‌السلام

قال النجاشي عيسى بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري، روى عن أبي عبد الله، وأبي الحسنعليهما‌السلام ، وله مسائل للرضاعليه‌السلام .

[١١١٦١] ٢ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام

__________________

(١) عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٣.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٢.

٣٩٥

أنه قال: « لمّا دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المسجد الحرام، بدأ بالركن فاستلمه، ثم مضى عن يمينه، والبيت على يساره، فطاف به أُسبوعاً: رمل ثلاثة أشواط، ومشى أربعة ».

٢١ -( باب وجوب إدخال الحجر في الطواف، بأن يمشي خارجه لا فيه، وكذا الشّاذروان)

[١١١٦٢] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال في الطواف: « من وراء الحجر، ومن دخل الحجر أعاد ».

[١١١٦٣] ٢ - وعنهعليه‌السلام قال: « والشوط من الركن الأسود دائراً بالبيت والحجر، إلى الركن الأسود الذي ابتدأ منه ».

[١١١٦٤] ٣ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « والحجر ليس هو من البيت ولا فيه شئ منه، وأنّهم سمّوه الحطيم، وقالوا إنّما هو لغنم إسماعيل، ولكن دفن إسماعيل أُمّه فيه فكره أن يوطأ قبرها فحجر عليها، وفيه قبور أنبياء ».

[١١١٦٥] ٤ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن سيف بن عميرة(١) ، عن الحضرمي، قال: قال أبو

__________________

الباب ٢١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٤.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٤.

٣ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٣، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٢.

٤ - قصص الأنبياء ص ٩٦، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٠٣ ح ١٤.

(١) كان في المخطوط « ابن أبي عمير » وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال.

٣٩٦

عبد اللهعليه‌السلام « إن إسماعيل دفن أُمّه في الحجر، (وجعل عليه حائطاً)(٢) لئلا يوطأ قبرها ».

٢٢ -( باب أنّ من نسي من الطواف الواجب شوطاً وجب عليه الإتيان به، فإن تعذر وجب أن يستنيب فيه، وإن ذكر في السعي وجب عليه إكمال الطواف ثم السعي)

[١١١٦٦] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « وإن طاف ستّه أشواط فظنّ أنّها سبعة، ثم تبين له بعد ذلك، فليطف شوطاً واحداً ».

[١١١٦٧] ٢ - الصدوق في المقنع: وإن طفت ستّة أشواط طفت شوطاً آخر، فإن فاتك ذلك حتى أتيت أهلك فمر من يطوف عنك.

[١١١٦٨] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن نسيت شيئاً من الطواف، فذكرته بعد ما سعيت بين الصفا والمروة، فابن على ما طفت، وتمّم طوافك بالبيت ».

__________________

(٢) في المصدر: وجعله عليها.

الباب ٢٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٤.

٢ - المقنع ص ٨٥.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

٣٩٧

٢٣ -( باب أنّ من شك في عدد أشواط الطواف الواجب، في السبعة وما دونها وجب عليه الاستئناف، فإن خرج وتعذّر فلا شئ عليه، وفي المندوب يبني على الأقلّ ويتمّ، فإن شكّ بعد الانصراف لم يلتفت مطلقاً)

[١١١٦٩] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : انه سئل عمّن طاف طواف الفريضة فلم يدر أستّة طاف أم سبعة؟ قال، « يعيد طوافه » قيل: فإن خرج من الطواف وفاته ذلك؟ قال: « لا شئ عليه ».

[١١١٧٠] ٢ - الصدوق في المقنع، وإن طفت طواف الفريضة بالبيت فلم تدر ستّة طفت أم سبعة فأعد الطواف، فإن خرجت وفاتك ذلك فليس عليك شئ.

[١١١٧١] ٣ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ومن طاف طواف الفريضة فلم يدر أستة طاف أم سبعة أعاد طوافه، فإن فاته طوافه لم يكن عليه شئ ».

[١١١٧٢] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن لم تدر ستّة طفت أم سبعة، فأتمّها بواحدة ».

__________________

باب ٢٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٤.

٢ - المقنع ص ٨٥.

٣ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٠.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

٣٩٨

٢٤ -( باب أنّ من زاد شوطاً على الطواف عمداً لزمه الإعادة، وإن كان سهواً أو كان في المندوب استحبّ له إكمال أُسبوعين، ثم صلاة أربع ركعات، وإن ذكر قبل بلوغ الركن قطع)

[١١١٣٣] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفرعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « فإن زاد في طوافه فطاف ثمانية أشواط، أضاف إليها ستّة، ثم صلّى أربع ركعات(١) فيكون له طوافان: طواف فريضة، وطواف نافلة ».

[١١١٧٤] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن سهوت فطفت طواف الفريضة ثمانية أشواط، فزد عليها ستّة أشواط، وصلّ عند مقام إبراهيم ركعتي الطواف، ثم اسع بين الصفا والمروة، ثم تأتي المقام فصلّ خلفه ركعتي الطواف، واعلم أن الفريضة هو الطواف الثاني، والركعتين الأوّلتين لطواف الفريضة، والركعتين الأخيرين للطواف الأول، والطواف الأول تطوع ».

[١١١٧٥] ٣ - الصدوق في المقنع: وإن طفت بالبيت المفروض ثمانية أشواط، فأعد الطواف.

وروي: يضيف إليها ستّة، فيجعل واحداً فريضة، والآخر نافلة.

[١١١٦٧] ٤ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ومن طاف بالبيت

__________________

باب ٢٤

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٤.

(١) في المصدر زيادة: عند مقام إبراهيم عليه‌السلام ثم طاف بالصفا والمروة.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

٣ - المقنع ص ٨٥. ٤ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٣.

٣٩٩

ثمانية أشواط، أضاف إليها ستة، وصلّى أربع ركعات - إلى أن قال - وإن طاف ثمانية فليطرح واحدة، وليعتدّ بسبعة ».

٢٥ -( باب أنّ من شكّ بين السبعة وما زاد في الطواف، وجب أن يبني على السبعة)

[١١١٧٧] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن شككت فلم تدر سبعة طفت أو ثمانية وأنت في الطواف، فابن على سبعة، وأسقط واحدة، واقطعه ».

٢٦ -( باب كراهة القران بين الأسابيع في الواجب، وجوازه في الندب، وفي التقيّة، ثم يصلّي لكلّ أُسبوع ركعتين)

[١١١٧٨] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ولا بأس أن يقرن أُسبوعين من الطواف، ويصلّي أربع ركعات إن شئت في المسجد، وإن شئت في بيتك، وكذلك صلاة النافلة ».

[١١١٧٩] ٢ - دعائم الإسلام: « عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « لا تقرن بين أُسبوعين، إلّا أن تسهو فتزيد في الأول ».

__________________

باب ٢٥

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

باب ٢٦

١ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٣، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٢.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٥.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢) كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (٣) )

أسباب النّزول

وردت في كتب التّفسير والحديث أسباب متشابهة لنزول الآيات الاولى من هذه السورة ، وسنستعرض أحد هذه الأسباب لكونه مفصّلا وجامعا أكثر من الأسباب الاخرى ، ففي حديث نقله المرحوم العلّامة الكليني عن الإمام الباقرعليه‌السلام جاء فيه : «أقبل أبو جهل بن هشام ومعه قوم من قريش فدخلوا على أبي طالب فقالوا : إنّ ابن أخيك قد آذانا وآذى آلهتنا ، فادعه ومره فليكفّ عن آلهتنا ونكفّ عن إلهه.

فبعث أبو طالب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعاه ، فلمّا دخل النّبي لم ير في البيت إلّا مشركا فقال : (السلام على من اتّبع الهدى) ثمّ جلس فخبّره أبو طالب بما جاؤوا به ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أو هل لهم في كلمة خير لهم من هذا يسودون بها العرب ويطأون أعناقهم»؟

٤٤١

فقال أبو جهل : نعم وما هذه الكلمة؟

قال : «تقولون : لا إله إلّا الله».

وما إن سمعوا هذه الكلمات حتّى وضعوا أصابعهم في آذانهم وخرجوا وهم يقولون : ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة إنّ هذا إلّا اختلاق ، فأنزل الله في قولهم :( ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) ـ إلى قوله ـ( إِلَّا اخْتِلاقٌ ) (١) .

التّفسير

انقضاء مهلة النّجاة :

مرّة اخرى تمرّ علينا سورة تبدأ آياتها الاولى بحروف مقطّعة وهو حرف( ص ) ويطرح نفس السؤال السابق بشأن تفسير هذه الحروف المقطّعة : هل هذه إشارة إلى عظمة القرآن المجيد الذي يتألّف من مثل هذه الحروف المتيسّرة في متناول الجميع كالحروف الهجائية ، والذي غيّرت محتوياته مجرى حياة الإنسانية في هذا العالم

وأنّ قدرة الله العظمية هي التي أوجدت من هذه الحروف البسيطة تركيبا رائعا عظيما هو القرآن المجيد كلام الله ، أم أنّها إشارة إلى رموز وأسرار بين الله سبحانه وتعالى وأنبيائه

أمّ أنّها تعني أمورا أخرى؟

مجموعة من المفسّرين اعتبرت هنا حرف (ص) رمزا يشير إلى أحد أسماء الله ، وذلك لأنّ الكثير من أسمائه تبدأ بحرف الصاد مثل (صادق) ، (صمد) ، (صانع) أو أنّه إشارة إلى (صدق الله) التي اختصرت بحرف واحد.

ولا بدّ أنّكم طالعتم تفسير هذه الحروف المقطّعة بصورة مفصّلة في تفسير بدايات آيات سور (البقرة) و (آل عمران) و (الأعراف).

__________________

(١) اصول الكافي نقلا عن نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، الصفحة ٤٤٠.

٤٤٢

ثمّ يقسم الله تعالى بالقرآن ذي الذكر والّذي هو حقّا معجزة إلهيّة( وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) (١) .

فالقرآن ذكر ويشتمل على الذكر ، والذكر يعني التذكير وصقل القلوب من صدأ الغفلة ، تذكّر الله ، وتذكّر نعمه ، وتذكّر محكمته الكبرى يوم القيامة ، وتذكّر هدف خلق الإنسان.

نعم ، فالنسيان والغفلة هما من أهمّ عوامل تعاسة الإنسان ، والقرآن الكريم خير دواء لعلاجهما.

فالقرآن الكريم يقول بشأن المنافقين في الآية (٦٧) من سورة التوبة :( نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ ) أي إنّهم نسوا الله ، والله في المقابل نسيهم وقطع رحمته عنهم.

ونقرأ في نفس هذه السورة الآية (٢٦) عن الضالّين ، قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ ) .

نعم ، فالنسيان هو الابتلاء الكبير الذي ابتلي به الضالّون والمذنبون ، حتّى أنّهم نسوا أنفسهم وقيمة وجودها ، كما قال القرآن الكريم ، كلام الله الناطق( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) .(٢)

فالقرآن خير وسيلة لتمزيق حجب النسيان ، وهو نور لإزالة الظلمات والغفلة والنسيان ، حيث إنّ آياته تذكّر الإنسان بالله وبالمعاد ، وتعرّف الإنسان قيمة وجوده في هذه الحياة.

الآية التالية تقول لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا رأيت هؤلاء لا يستسلمون لآيات الله الواضحة ولقرآنه المجيد ، فاعلم أنّ سبب هذا لا يعود إلى أنّ هناك ستارا يغطّي كلام الحقّ ، وإنّما هم مبتلون بالتكبّر والغرور اللذين يمنعان الكافرين من قبول

__________________

(١) جملة( وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ ) جملة قسم جوابها محذوف ، وتقديرها (والقرآن ذي الذكر إنّك صادق وإنّ هذا الكلام معجز).

(٢) الحشر ، ١٩.

٤٤٣

الحقّ ، كما أنّ عنادهم وعصيانهم ـ هما أيضا ـ مانع يحول دون تقبّلهم لدعوتك( بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ ) .

«العزّة» كما قال الراغب في مفرداته ، هي حالة تحوّل دون هزيمة الإنسان (حالة الذي لا يقهر) وهي مشتقّة من (عزاز) وتعني الأرض الصلبة المتينة التي لا ينفذ الماء خلالها ، وتعطي معنيين ، فأحيانا تعني (العزّة الممدوحة) المحترمة ، كما في وصف ذات الله الطاهر بالعزيز ، وأحيانا تعني (العزّة بالإثم) أي الوقوف بوجه الحقّ والتكبّر عن قبول الواقع ، وهذه العزّة مذلّة في حقيقة الأمر.

«شقاق» مشتقّة من (شقّ) ، ومعناه واضح ، ثمّ استعمل في معنى المخالفة ، لأنّ الاختلاف يسبّب في أن تقف كلّ مجموعة في شقّ ، أي في جانب.

القرآن هنا يعدّ مسألة العجرفة والتكبّر والغرور وطيّ طريق الانفصال والتفرقة من أسباب تعاسة الكافرين ، نعم هذه الصفات القبيحة والسيّئة تعمي عين الإنسان وتصمّ آذانه ، وتفقده إحساسه ، وكم هو مؤلم أن يكون للإنسان عيون تبصر وآذان تسمع ولكنّه يبدو كالأعمى والأصم.

فالآية (٢٠٦) من سورة البقرة تقول :( وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ ) أي عند ما يقال للمنافق : اتّق الله ، تأخذه العصبية والغرور واللجاجة ، وتؤدّي به إلى التوغّل في الذنب والسقوط في نار جهنّم وإنّها لبئس المكان.

ولإيقاظ أولئك المغرورين المغفّلين ، يرجع بهم القرآن الكريم إلى ماضي تأريخ البشر ، ليريهم مصير الأمم المغرورة والمتكبّرة ، كي يتّعظوا ويأخذوا العبر منها و( كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ ) .

أي إنّ امما كثيرة كانت قبلهم قد أهلكناها (بسبب تكذيبها الأنبياء ، وإنكارها آيات الله ، وظلمها وارتكابها للذنوب) وكانت تستغيث بصوت عال عند نزول العذاب عليها ، ولكن ما الفائدة فقد تأخّر الوقت! ولم يبق أمامهم متّسع من الوقت

٤٤٤

لإنقاذ أنفسهم( فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ ) .

فعند ما كان أنبياء الله في السابق يعظونهم ويحذّرونهم عواقب أعمالهم القبيحة ، لم يكتفوا بصمّ آذانهم وعدم الاستماع ، وإنّما كانوا يستهزئون ويسخرون من الأنبياء ويعذّبون المؤمنين ويقتلونهم ، فبذلك أضاعوا الفرصة ودمّروا كلّ الجسور التي خلفهم ، فنزل العذاب الإلهي ليهلكهم جميعا ، العذاب الذي رافقه انغلاق باب التوبة والعودة ، وفور نزوله تبدأ أصوات الاستغاثة تتعالى ، والتي لا تغني عنهم يومئذ شيئا.

وكلمة (لات) جاءت للنفي ، وهي في الأصل (لا) نافية أضيفت إليها (تاء) التأنيث ، لتعطي معنى التأكيد(١) .

«مناص» من مادّة (نوص) وتعني الملاذ والملجأ ، ويقال : إنّ العرب عند ما كانت تقع لهم حادثة صعبة ورهيبة ، وخاصّة في الحروب كانوا يكرّرون هذه الكلمة ويقولون (مناص مناص) أي : أين الملاذ؟ أين الملاذ؟ ولأنّ هذا المفهوم يتناسب مع معنى الفرار ، وأحيانا تأتي بمعنى إلى أين الفرار(٢) .

على أيّة حال ، فإنّ أولئك المغرورين المغفّلين لم يستفيدوا من الفرصة التي كانت بأيديهم للجوء إلى أحضان الرحمة واللطف الإلهي ، وعند ما أضاعوا الفرصة ونزل عليهم العذاب الإلهي ، أخذوا ينادون ويستغيثون ويبذلون الجهد للعثور على طريق نجاة لهم ، ولكن كلّ هذه الجهود تبوء بالفشل ، حيث أنّهم مهما بذلوا من جهد ومهما استغاثوا فإنّهم لا يصلون إلى مقصدهم.

هذه كانت سنّة الله مع كلّ الأمم السابقة ، وستبقى كذلك ، لأنّ سنّة الله لا تتغيّر

__________________

(١) البعض قال : إنّ (التاء) زائدة واعتبرها للمبالغة كما في كلمة (علامة) كما اعتبر البعض أنّ (لا) هنا (نافية للجنس) والبعض شبّهها بـ (ليس) وعلى أيّة حال إضافة (التاء) إلى (لا) يوجد أحكاما خاصّة ، منها من المؤكّد أنّها تستخدم للزمان ، والاخرى أنّ اسمها أو خبرها محذوف دائما ، وتذكر في الكلام بإحدى الحالتين المذكورتين آنفا ، وطبقا لهذا فإنّ عبارة (ولات حين مناص) تقديرها (ولات الحين حين مناص).

(٢) مفردات الراغب ، تفسير فخر الرازي ، تفسير روح المعاني ، كتاب مجمع البحرين مادّة (نوص).

٤٤٥

ولا تتبدّل.

ومن المؤسف أنّ الناس ـ على الأغلب ـ غير مستعدّين للاتّعاظ من تجارب الآخرين ، وكأنّهم راغبون في تكرار تلك التجارب المرّة ، التجارب التي تقع أحيانا مرّة واحدة في طول عمر الإنسان ، ولا تتكرّر ثانية ، وبصورة أوضح : إنّها الاولى والأخيرة.

* * *

٤٤٦

الآيات

( وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ (٦) ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ (٧) )

أسباب النّزول

سبب نزول هذه الآيات يشبه سبب نزول الآيات السابقة ، وغير مستبعد أن يكون هناك سبب واحد لنزول كلّ تلك الآيات.

ولكن بما أنّ سبب النّزول المذكور لهذه الآيات يحوي مطالب جديدة ، نذكره كما ورد في تفسير علي بن إبراهيم ، حيث جاء فيه : بعد أن أظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الدعوة ، اجتمعت قريش إلى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب ، إنّ ابن أخيك قد سفه أحلامنا ، وسبّ آلهتنا ، وأفسد شبابنا ، وفرّق جماعتنا ، فإن كان الذي يحمله على ذلك العدم ، جمعنا له حالا حتّى يكون أغنى رجل في قريش ، ونملكه علينا.

فأخبر أبو طالب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجابه رسول الله قائلا : «لو وضعوا الشمس

٤٤٧

في يميني والقمر في يساري ما تركته ، ولكن كلمة يعطوني يملكون بها العرب وتدين بها العجم ويكونون ملوكا في الجنّة».

فقال لهم أبو طالب ذلك ، فقالوا : نعم وعشرة كلمات بدلا من واحدة ، أي كلمة تقصد أنت؟

فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «تشهدون أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله».

تضايقوا كثيرا عند سماعهم هذا الجواب ، وقالوا : ندع ثلاث مائة وستّين إلها ونعبد إلها واحدا؟ إنّه لأمر عجيب؟ نعبد إلها واحدا لا يمكن مشاهدته ورؤيته.

وهنا نزلت هذه الآيات المباركة بل( وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ ) (١) .

هذا المعنى ورد أيضا في تفسير مجمع البيان مع اختلاف بسيط ، إذ ذكر صاحب تفسير مجمع البيان في آخر الرواية أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استعبر بعد أن سمع جواب زعماء قريش وقال : «يا عمّ والله لو وضعت الشمس في يميني والقمر في شمالي ما تركت هذا القول حتّى أنفذه أو اقتل دونه» فقال له أبو طالب : امض لأمرك ، فو الله لا أخذلك أبدا(٢) .

* * *

التّفسير

هل يمكن قبول إله واحد بدلا من كلّ تلك الآلهة؟

المغرورون والمتكبّرون لا يعترفون بأمر لا يلائم أفكارهم المحدودة والناقصة ، إذ يعتبرون أفكارهم المحدودة والناقصة مقياسا لكلّ القيم. لذا فعند ما رفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لواء التوحيد في مكّة ، وأعلن الانتفاضة ضدّ الأصنام الكبيرة

__________________

(١) تفسير علي بن إبراهيم ، نقلا عن تفسير نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، الصفحة ٤٤٢ الحديث ٧.

(٢) مجمع البيان ، المجلّد ٨ ، الصفحة ٤٦٥.

٤٤٨

والصغيرة في الكعبة ، والبالغ عددها (٣٦٠) صنما ، تعجّبوا : لماذا جاءهم النذير من بينهم؟( وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ) .

كان تعجّبهم بسبب أنّ محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجل منهم فلما ذا لم تنزل ملائكة من السماء بالرسالة؟ هؤلاء تصوّروا أنّ نقطة القوّة هذه نقطة ضعف ، فالذي يبعث من بين قوم ، هو أدرى باحتياجات وآلام قومه ، كما أنّه أعرف بمشكلاتهم وتفصيلات حياتهم ، ويمكن أن يكون لهم أسوة وقدوة ، إلّا أنّهم اعتبروا هذا الامتياز الكبير نقطة سلبية في دعوة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعجّبوا من أمر بعثته إليهم.

وأحيانا كانوا يجتازون مرحلة التعجّب إلى مرحلة اتّهام رسول الله بالسحر والكذب( وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ ) .

وقلنا عدّة مرّات : إنّ اتّهامهم الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالسحر ، إنّما نتج من جرّاء رؤيتهم لمعجزاته التي لا تقبل الإنكار وتنفذ بصورة مدهشة إلى أفكار المجتمع ، واتّهامه بالكذب بسبب تحدّثه بأمور تخالف سنّتهم الخرافية وأفكارهم الجاهلية التي كانت جزءا من الأمور المسلّم بها في ذلك المجتمع ، وادّعاء الرسالة من الله.

وعند ما أظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعوته لتوحيد الله ، أخذ أحدهم ينظر للآخر ويقول له : تعالى

واسمع العجب العجاب( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ ) (١) .

نعم ، فالغرور والتكبّر إضافة إلى فساد المجتمع ، تساهم جميعا في تغيّر بصيرة الإنسان ، وجعله متعجّبا من بعض الأمور الواقعية والواضحة ، في حين يصرّ بشدّة على التمسّك ببعض الخرافات والأوهام الواهية.

وكلمة (عجاب) على وزن (تراب) تعطي معنى المبالغة ، وتقال لأمر عجيب مفرط في العجب.

فالسفهاء من قريش كانوا يعتقدون أنّه كلّما ازدادت عدد آلهتهم إزداد نفوذهم

__________________

(١) «الجعل» بمعنى التصيير ، وهو ـ كما قيل ـ تصيير بحسب القول والإعتقاد والدعوى لا بحسب الواقع.

٤٤٩

وقدرتهم ، ولهذا السبب فإنّ وجود إله واحد يعدّ قليلا من وجهة نظرهم ، في حين ـ كما هو معلوم ـ أنّ الأشياء المتعدّدة من وجهة النظر الفلسفية تكون دائما محدودة ، والوجود اللامحدود واحد لا أكثر ، ولهذا السبب فإنّ كلّ الدراسات في معرفة الله تنتهي إلى توحيده.

وبعد أن يئس طغاة قريش من توسّط أبي طالب في الأمر وفقدوا الأمل ، خرجوا من بيته ، ثمّ انطلقوا وقال بعضهم لبعض ، أو قالوا لأتباعهم : اذهبوا وتمسّكوا أكثر بآلهتكم ، واصبروا على دينكم ، وتحمّلوا المشاق لأجله ، لأنّ هدف محمّد هو جرّ مجتمعنا إلى الفساد والضياع وزوال النعمة الإلهية عنّا بسبب تركنا الأصنام ، وإنّه يريد أن يترأس علينا( وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ ) .

«انطلق» مشتقّة من (انطلاق) وتعني الذهاب بسرعة والتحرّر من عمل سابق ، وهنا تشير إلى تركهم مجلس أبي طالب وعلامات الضجر والغضب بادية عليهم.

و (الملأ) إشارة إلى أشراف قريش المعروفين الذين ذهبوا إلى أبي طالب ، وبعد خروجهم من بيته تحدّث بعضهم لبعض أو لأتباعهم أن لا تتركوا عبادة أصنامكم وأثبتوا على عبادة آلهتكم.

وجملة( لَشَيْءٌ يُرادُ ) تعني أنّ هناك أمرا يراد بنا. ولكونها جملة غامضة بعض الشيء ، فقد ذكر المفسّرون لها تفاسير عديدة ، منها : أنّها إشارة إلى دعوة الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذ اعتبرت قريش هذه الدعوة مؤامرة ضدّها ، وقالت : إنّ ظاهرها يدعو إلى الله ، وباطنها يهدف إلى السيادة والرئاسة علينا وعلى العرب ، وما هذه الدعوة إلّا ذريعة لتنفيذ ذلك الأمر ، أي السيادة والرئاسة ، ودعت الناس إلى التمسّك أكثر بعبادة الأصنام ، وترك تحليل أمر هذه المؤامرة إلى زعماء القوم ، وهذا الأسلوب طالما لجأ إليه أئمّة الضلال لإسكات أصوات السائرين في طريق الحقّ ، إذ يطلقون على الدعوة إلى الله لفظة (مؤامرة) المؤامرة التي يجب أن يتولّى

٤٥٠

رجال السياسة تحليلها بدقّة لوضع الخطط والبرامج المنظّمة لمواجهتها ، وأن يمرّ بها عامة الناس مرّ الكرام من دون أن يعيروا لها أي اهتمام ، وأن يتمسّكوا أكثر بما عندهم ، أي بأصنامهم.

ونظير هذا الحديث ورد في قصّة نوح ، عند ما قال الملأ من قوم نوح لعامّتهم( ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ ) .(١)

وذهب آخرون إلى أنّ المقصود من هذه العبارة هو : يا عبدة الأصنام أثبتوا واستقيموا على آلهتكم ، لأنّ هذا هو المطلوب منكم.

أمّا البعض الآخر فقد قال : المقصود هو أنّ محمّدا يستهدفنا نحن ، وأنّه يريد جرّ مجتمعنا إلى الفساد من خلال تركنا لآلهتنا ، وفي نهاية الأمر ستزال النعم عنّا وينزل علينا العذاب!

فيما احتمل البعض الآخر أنّ المراد هو أنّ محمّدا لن يتوقّف عن دعوته وأنّه مصمّم على نشرها بعزم راسخ ، ولهذا فإنّ المحادثات معه عقيمة ، فاذهبوا وتمسّكوا أكثر بعقائدهم.

وأخيرا احتمل بعض المفسّرين أنّ المقصود هو أنّ المصيبة ستحلّ بنا ، وعلى أيّة حال ، علينا أن نتهيّأ لها وأن نتمسّك أكثر بسنّتنا.

وبالطبع ، لكون هذه الجملة لها مفهوم عامّ ، فإنّ أغلب التفاسير يمكن أن تعطي المعنى المطلوب ، رغم أنّ التّفسير الأوّل يعدّ أنسب من بقيّة التفاسير.

وعلى أيّة حال ، فإنّ زعماء المشركين أرادوا بهذا القول تقوية المعنويات المنهارة لأتباعهم ، والحيلولة دون تزعزع معتقداتهم أكثر ، ولكن كلّ مساعيهم ذهبت أدراج الرياح.

ولخداع عوامّ الناس وإقناع أنفسهم ، قال زعماء المشركين( ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ ) .

__________________

(١) المؤمنون ، ٢٤.

٤٥١

فلو كان ادّعاء التوحيد وترك عبادة الأصنام أمرا واقعيّا لكان آباؤنا الذين كانوا بتلك العظمة والشخصيّة قد أدركوا ذلك ، وكنّا قد سمعنا ذلك منهم ، لذا فهو مجرّد حديث كاذب وليست له سابقة.

وعبارة( الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ ) يحتمل أنّها تشير إلى جيل آبائهم باعتباره آخر جيل بالنسبة لهم ، ويمكن أن تكون إشارة إلى أهل الكتاب وخاصّة (النصارى) الذين كانوا آخر الملل ، ودينهم كان آخر الأديان قبل ظهور نبي الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أي إنّنا لم نعثر في كتب النصارى على شيء ممّا يقوله محمّد ، وذلك لأنّ كتب النصارى كانت تقول بالتثليث ، أمّا التوحيد الذي دعا إليه محمّد فإنّه أمر جديد.

ولكن يتّضح من آيات القرآن الكريم أنّ عرب الجاهلية لم يكونوا معتمدين على كتب اليهود والنصارى ، وإنّما اعتمادهم الأساس كان على سنن وشرائع أجدادهم وآبائهم ، وهذا دليل على صحّة التّفسير الأوّل.

«اختلاق» مشتقّة من (خلق) وتعني إبداء أمر لم تكن له سابقة ، كما تطلق هذه الكلمة على الكذب ، وذلك لأنّ الكذّاب غالبا ما يطرح مواضيع لا وجود لها ، ولهذا فإنّ المراد من كلمة (اختلاق) في الآية ـ مورد البحث ـ أنّ التوحيد الذي دعا إليه هذا النبيّ مجهول بالنسبة لنا ولآبائنا الأوّلين ، وهذا دليل على بطلانه.

* * *

ملاحظة

الخوف من الجديد!

الخوف من القضايا والأمور المستحدثة والجديدة كانت ـ على طول التاريخ ـ أحد الأسباب المهمّة التي تقف وراء إصرار الأمم الضالّة على انحرافاتها ، وعدم استسلامها لدعوات أنبياء الله ، إذ أنّهم يخافون من كلّ جديد ، ولهذا كانوا ينظرون لشرائع الأنبياء بنظرة سيّئة جدّا ، وحتّى الآن هناك امم كثيرة تحمل آثارا من هذا

٤٥٢

التفكير الجاهلي ، في الوقت الذي لم تكن فيه دعوة الرسل للتوحيد أمرا جديدا ، ولا يمكن أن تكون حداثة الشيء دليلا على بطلانه ، فيجب أن نتّبع المنطق ، ونستسلم للحقّ أينما كان وممّن كان.

والأمر العجيب أنّ مسألة الخوف من الأمر الجديد ـ مع شديد الأسف ـ قد طالت بعض العلماء أيضا ـ إذ يتّخذون موقفا معارضا للنظريات العلمية الحديثة ويقولون :( إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ ) .

وهذا الأمر شوهد بصورة خاصّة في تأريخ الكنيسة المسيحية ، إذ أنّهم كانوا يتّخذون مواقف سلبية تجاه الاكتشافات العلمية لعلماء الطبيعة ، وكان أحدهم «غاليلو» إذ تعرّض لأشدّ هجمات الكنيسة على أثر إعلانه عن أنّ الأرض تدور حول الشمس وحول نفسها ، حيث كانوا يقولون : إنّ هذا الكلام بدعة.

وأكثر ما يثير العجب أنّ بعض العلماء الكبار ، كانوا عند ما يتوصّلون إلى حقائق علمية جديدة ، يعمدون إلى البحث في امّهات الكتب لعلّهم يعثرون على علماء سابقين يوافقونهم في الرأي ، وذلك خوفا من تعرضهم لهجمات المعارضين وبهذا الأسلوب استطاع كثير من العلماء إبداء وجهة نظرهم وكأنّها قديمة وليست بجديدة ، وهذا أمر مؤلم جدّا.

ومثال هذا الحديث يمكن مشاهدته في كتاب (الأسفار) فيما ورد عن النظرية المعروفة بـ (الحركة الجوهرية) لصدر المتألهين الشيرازي.

على أيّة حال فإنّ طريقة التعامل مع القضايا الحديثة والابتكارات الجديدة أدّى إلى وقوع خسائر كبيرة في المجتمع الإنساني وفي عالم العلم والمعرفة ، وعلى أصحاب العلاقة أن يعملوا بجدّ لإصلاح هذا الأمر ، وإزالة الرسوبات الجاهلية من أفكار الرأي العامّ.

٤٥٣

إلّا أنّ هذا الحديث لا يعني قبول كلّ رأي جديد لكونه جديدا ، حتّى ولو كان بلا أساس ، إذ يصبح حينئذ نفس التمسّك بالجديد بلاء عظيما كعشق القديم ، فالاعتدال الإسلامي يدعونا إلى عدم الإفراط أو التفريط في العمل.

* * *

٤٥٤

الآيات

( أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ (١٠) جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١) )

التّفسير

الجيش المهزوم :

الآيات السابقة تحدّثت عن المواقف السلبية التي اتّخذها المعارضون لنهج التوحيد والإسلام ، ونواصل في هذه الآيات الحديث عن مواقف المشركين.

فمشركو مكّة بعد ما أحسّوا أنّ مصالحهم اللامشروعة باتت في خطر ، وإثر تزايد اشتعال نيران الحقد والحسد في قلوبهم ، ومن أجلّ خداع الناس وإقناع أنفسهم عمدوا إلى مختلف الادّعاءات بمنطق زائف لمحاربة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومنها سؤالهم بتعجّب وإنكار( أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا ) .

ألم يجد الله شخصا آخر لينزل عليه قرآنه ، غير محمّد اليتيم والفقير ـ خاصّة

٤٥٥

وأنّ فينا الكثير من الشيبة وكبار السنّ الأثرياء المعروفون.

هذا المنطق لم يكن منحصرا بذلك الزمان فقط ، وإنّما يتعدّاه إلى كلّ عصر وزمان ، وحتّى في زماننا ، فإن تولّى شخص ما مسئولية مهمّة طفحت قلوب الآخرين بالغيظ والحسد ، وبدأت ألسنتهم بالثرثرة وتوجيه النقد والطعن : ألم يكن هناك شخص آخر حتّى توكّل هذه المهمة بالشخص الفلاني الذي هو من عائلة فقيرة وغير معروفة؟

نعم ، فأهل الكتاب من اليهود والنصارى يشتركون بعض الشيء مع المسلمين ، ولكن حبّ الدنيا من جهة ، وحسدهم من جهة اخرى ، تسبّبا في أنّ يبتعدوا عن الإسلام والقرآن ، ويقولوا إلى عبدة الأصنام : إنّ الطريق الذي تسلكونه أفضل من الطريق الذي سلكه المؤمنون( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً ) .(١)

من البديهي أنّ إشكال التعجّب والإنكار المتولّدة عن الخطأ في «تحديد القيم» إضافة إلى الحسد وحبّ الدنيا ، لا يمكن أن تكون معيارا منطقيا في القضاء ، فهل أنّ شخصيّة الإنسان تحدّد باسمه أو مقدار ماله أو مقامه أو حتّى سنّه؟ وهل أنّ الرحمة الإلهيّة تقسّم على أساس هذا المعيار؟

لهذا فإنّ تتمّة الآية تقول : إنّ مرض أولئك شيء آخر ، إنّهم في حقيقة الأمر يشكّكون في أمر الوحي وأمر الله( بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي ) .

ملاحظاتهم التي لا قيمة لها على شخصيّة الرّسول ما هي إلّا أعذار واهية ، وشكّهم وتردّدهم في هذه المسألة ليس بسبب وجود إبهام في القرآن المجيد ، وإنّما بسبب أهوائهم النفسية وحبّ الدنيا وحسدهم.

وفي نهاية الأمر فإنّ القرآن الكريم يهدّدهم بهذه الآية( بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ ) أي إنّ هؤلاء لم يذوقوا العذاب الإلهي ، ولهذا السبب جسروا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) النساء ، ٥١.

٤٥٦

ودخلوا المعركة ضدّ الوحي الإلهي بهذا المنطق الأجوف.

نعم ، فهناك مجموعة من الناس لا ينفع معها المنطق والكلام ، ولكن سوط العذاب هو الوحيد الذي يحطّ من تكبّرهم وغرورهم ، لذا يجب أن يعاقب أولئك بالعقاب الإلهي كي يشفوا من مرضهم.

ويضيف القرآن الكريم في الردّ عليهم : هل يمتلكون خزائن الرحمة الإلهيّة كي يهبوا أمر النبوّة لمن يرغبون فيه ، ويمنعونها عمّن لا يرغبون فيه؟( أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ) .

فالله سبحانه وتعالى بمقتضى كونه (ربّ) هذا الكون ومالكه ، وبارئ عالم الوجود وعالم الإنسانية ، ينتخب لتحمل رسالته شخصا يستطيع قيادة الأمّة إلى طريق التكامل والتربية. وبمقتضى كونه (العزيز) فإنّه لا يقع تحت تأثير الآخرين ويسلّم مقام الرسالة إلى أشخاص غير لائقين ، فمقام النبوّة عظيم ، والله سبحانه وتعالى هو صاحب القرار في منحه. ولكونه (الوهّاب) فإنّه ينفذ أيّ شيء يريده ، ويمنح مقام النبوّة لكلّ من يرى فيه القدرة على تحمّله.

ممّا يذكر أنّ كلمة (الوهّاب) جاءت بصيغة المبالغة ، وتعني كثير المنح والعطايا ، وهي هنا تشير إلى أنّ النبوّة ليست نعمة واحدة ، وإنّما هي نعم متعدّدة ، تتّحد فيما بينها لتمكّن صاحب هذا المقام الرفيع من أداء مهمّته ، وهذه النعم تشمل العلم والتقوى والعصمة والشجاعة والشهامة.

ونقرأ في الآية (٣٢) من سورة الزخرف نظير هذا الكلام ، قال تعالى :( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ) أي إنّهم يشكلون عليك بسبب نزول القرآن عليك ، فهل أنّهم هم المسؤولون عن تقسيم رحمة ربّ العالمين؟

هذا ويمكن الاستفادة من كلمة (رحمة) هنا في أنّ النبوّة إنّما هي رحمة ولطف ربّ العالمين بعالم الإنسانية ، وحقّا هي كذلك ، فلو لا بعث الأنبياء لخسر الناس الدنيا والآخرة ، كما خسرها أولئك الذين ابتعدوا عن نهج الأنبياء.

٤٥٧

الآية اللاحقة واصلت تناول نفس الموضوع ، ولكن من جانب آخر ، حيث قالت :( أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ ) .

هذا الكلام في حقيقته يعدّ مكمّلا للبحث السابق ، إذ جاء في الآية السابقة : إنّكم لا تمتلكون خزائن الرحمة الإلهية ، كي تمنحوها لمن تنسجم أهواؤه مع أهوائكم ، والآن تقول الآية التالية لها : بعد أن تبيّن أنّ هذه الخزائن ليست بيدكم ، وإنّما هي تحت تصرّف البارئعزوجل ، إذن فليس أمامكم غير طريق واحد ، وهو أن ترتقوا إلى السماوات لتمنعوا الوحي أن ينزل على رسول الله وإنّكم تعرفون أنّ تحقيق هذا الأمر شيء محال ، وأنتم عاجزون عن تنفيذه.

وعلى هذا ، فلا «المقتضي» تحت اختياركم ، ولا القدرة على إيجاد «المانع» ، فما ذا يمكنكم فعله في هذا الحال؟ إذا ، موتوا بغيظكم وحسدكم ، وافعلوا ما شئتم

وبهذا الشكل فإنّ الآيتين لا تكرّران موضوعا واحدا كما توهّمه مجموعة من المفسّرين ، بل إنّ كلّ واحدة منهما تتناول جانبا من جوانب الموضوع.

الآية الأخيرة في بحثنا جاءت بمثابة تحقير لأولئك المغرورين السفهاء ، قال تعالى :( جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ ) (١) فهؤلاء جنود قلائل مهزومين

«هنالك» إشارة للبعيد ، وبسبب وجودها في الآية ، فقد اعتبر بعض المفسّرين أنّها إشارة إلى هزيمة المشركين في معركة بدر ، التي دارت رحاها في منطقة بعيدة بعض الشيء عن مكّة المكرّمة.

واستخدام كلمة (الأحزاب) هنا إشارة حسب الظاهر إلى كلّ المجموعات التي وقفت ضدّ رسل الله ، والذين أبادهم الباريعزوجل ، ومجتمع مكّة المشرك هو مجموعة صغيرة من تلك المجموعات ، والذي سيبتلى بما ابتلوا به (الشاهد على

__________________

(١) (ما) تعدّ زائدة في هذه العبارة ، إنّما جاءت للتحقير والتقليل ، و (جند) خبر لمبتدأ محذوف ، و (مهزوم) خبر ثان والعبارة في الأصل هي (هم جند ما مهزوم من الأحزاب) والبعض يعتقد بعدم وجود محذوف في الجملة و (جند) مبتدأ و (مهزوم) خبر ، ولكن الرأي الأوّل أنسب.

٤٥٨

هذا الحديث هو ما سيرد في الآيات القادمة التي تتطرّق لهذه المسألة).

ولا ننسى أنّ هذه السورة من السور المكيّة ، ونزلت في وقت كان فيه عدد المسلمين قليلا جدّا ، بحيث كان من اليسير على المشركين أن يبيدوهم بسهولة ، قال تعالى :( تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ) .(١)

وفي ذلك اليوم لم تكن هنالك أيّة دلائل توضّح إمكانية انتصار المسلمين ، حيث لم تكن المعارك قد وقعت ، ولا الانتصارات في بدر والأحزاب وحنين قد تحقّقت.

ولكن القرآن قال بحزم إنّ هؤلاء الأعداء ـ الذين هم مجموعة صغيرة ـ سيهزمون في نهاية المطاف.

واليوم يبشّر القرآن الكريم مسلمي العالم المحاصرين من كلّ الجهات من قبل القوى المعتدية والظالمة بنفس البشائر التي بشّر بها المسلمين قبل (١٤٠٠) عام ، في أنّ الله سبحانه وتعالى سينجز وعده في هزيمة جند الأحزاب ، إن تمسّك مسلمو اليوم بعهودهم تجاه الله كما تمسّك بها المسلمون الأوائل.

* * *

__________________

(١) سورة الأنفال ، ٢٦.

٤٥٩

الآيات

( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (١٤) وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ (١٥) وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (١٦) )

التّفسير

تكفيهم صيحة سماوية واحدة :

تتمّة للآية الآنفة الذكر ، التي بشّرت بهزيمة المشركين مستقبلا ، ووصفتهم بأنّهم مجموعة صغيرة من الأحزاب ، تناولت آيات بحثنا الحالي بعض الأحزاب التي كذّبت رسلها ، وبيّنت المصير الأليم الذي كان بانتظارها.

إذ تقول ، إنّ أقوام نوح وعاد وفرعون ذي الأوتاد كانت قد كذّبت قبلهم بآيات الله ورسله( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ ) .

كذلك أقوام ثمود ولوط وأصحاب الأيكة ـ أي قوم شعيب ـ كانت هي الاخرى

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469