مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٩

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 469

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 469 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 290800 / تحميل: 5081
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

قال أحمد بن دهقان: قلنا لخلف بن تميم: صافحنا بالكفّ التي صافحت بها أبا هرمز، فصافحنا، وقال: السلام عليكم.

قال عمر بن سعيد: قلنا لأحمد بن دهقان: صافحنا بالكفّ التي صافحت بها خلف بن تميم، فصافحنا وقال: السلام عليكم.

قال محمّد بن عيسى بن عبد الكريم: قلنا لعمر بن سعيد: صافحنا بالكفّ التي صافحت بها أحمد بن دهقان، فصافحنا وقال: السلام عليكم.

قال الحسين بن جعفر: قلنا لمحمّد بن عيسى: صافحنا بالكفّ التي صافحت بها عمر بن سعيد، فصافحنا وقال: السلام علكيم.

قال أبو محمّد جعفر بن أحمد بن علي الرازي مصنّف هذا الكتاب: قلنا للحسين بن جعفر: صافحنا بالكف التي صافحت بها محمّد بن عيسى، فصافحنا وقال: السلام عليكم.

[١٠٢٠٤] ٩ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : « مصافحة إخوان الدين أصلها من محبّة الله لهم، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما تصافح أخوان في الله، إلّا تناثرت ذنوبهما حتى يعودا كيوم ولدتهما أمّهما، ولأكثر حبّهما وتبجّلهما كلّ واحد لصاحبه إلّا كان له مزيد ».

[١٠٢٠٥] ١٠ - الحسين بن سعيد في كتاب المؤمن: عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: « إن المؤمنين ليلتقيان فيتصافحان، فلا يزال الله عزّوجلّ مقبلاً عليهما بوجهه، والذنوب تتحات عن وجوههما، حتى يفترقا ».

__________________

٩ - مصباح الشريعة ص ٤٢٩.

١٠ - المؤمن ص ٣٠ ح ٥٤ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

٦١

[١٠٢٠٦] ١١ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « إنّ الله عزّوجلّ لا يوصف - إلى أن قال - والمؤمن لا يوصف، وأن المؤمن ليلتقي(١) أخاه فيصافحه، فلا يزال الله عزّوجلّ ينظر إليهما، والذنوب تتحات عن جسميهما، كما يتحات الورق عن الشجرة ».

[١٠٢٠٧] ١٢ - وعن مالك الجهني، قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام ، وقد حدثت نفسي بأشياء، فقال: « يا مالك، أحسن الظن بالله، ولا تظن أنّك مفرط في أمرك، يا مالك، أنه لا تقدر على صفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك لا تقدر على صفتنا، وكذلك لا تقدر على صفة المؤمن، يا مالك، إنّ المؤمن يلقى أخاه فيصافحه، فلا يزال الله ينظر إليهما، والذنوب تتحاتّ عن وجوههما، حتى يفترقا وليس عليهما من الذنوب شئ، فيكف تقدر على صفة من هو هكذا!؟ ».

[١٠٢٠٨] ١٣ - وعن صفوان الجمال، قال: سمعتهعليه‌السلام يقول: « ما التقى مؤمنان قطّ فتصافحا، إلّا كان أفضلهما إيماناً أشدّهما حبّاً لصاحبه، وما التقى مؤمنان قطّ فتصافحا وذكرا الله، فتفرقا(١) حتى يغفر الله لهما إن شاء الله ».

[١٠٢٠٩] ١٤ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « إن المؤمنين إذا

__________________

١١ - المؤمن ص ٣٠ ح ٥٥.

(١) في المصدر: ليلقى.

١٢ - المؤمن ص ٣٠ ح ٥٦.

١٣ - المؤمن ص ٣١ ح ٦٠.

(١) في المصدر: فيفترقا.

١٤ - المؤمن ص ٣٦ ح ٧٨.

٦٢

التقيا فتصافحا، أدخل الله عزّوجلّ يده فصافح أشدّهما حبّاً لصاحبه ».

[١٠٢١٠] ١٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إذا تلاقى الرجلان فتصافحا تحاتت ذنوبهما، وكان أقربهما إلى الله أكثرهما بشراً بصاحبه ».

١١٠ -( باب استحباب المصافحة مع قرب العهد باللقاء، ولو بقدر دور نخلة، وعدم جواز مصافحة الذمّي، وكيفيّة المصافحة)

[١٠٢١١] ١ - الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلاً من المحاسن، عن أبي عبيدة الحذّاء، قال: زاملت مع أبي جعفرعليه‌السلام ، فكان إذا نزل يريد حاجة ثم ركب صافحني(١) ، قال: قلت: وكأنّك ترى في هذا شيئاً؟ قال: « نعم، إن المؤمن إذا صافح المؤمن: تفرّقا من غير ذنب ».

[١٠٢١٢] ٢ - قال: وفي رواية أبي بصير، عن أحدهماعليهما‌السلام في مصافحة المسلم اليهودي والنصراني، قال: « من وراء الثوب، فإن صافحك بيده فاغسل يدك، وفي رواية: إذا لم تجد ماء فامسح على الحائط ».

__________________

١٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٣٥ ح ١٤٢.

الباب ١١٠

١ - مشكاة الأنوار ٢٠٠.

(١) في المخطوط: فصافحني وقد رفعنا حرف الفاء لاستقامة المعنى.

٢ - مشكاة الأنوار ص ٢٠١.

٦٣

[١٠٢١٣] ٣ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: عن أحمد بن علي، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن جابر، قال: لقيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسلّمت عليه، فغمز(١) يدي وقال: « غمز الرجل يد أخيه قبلته ».

[١٠٢١٤] ٤ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي عبيدة، قال: زاملت أبا جعفرعليه‌السلام إلى مكّة، فكان إذا نزل صافحني، وإذا ركب صافحني، فقلت: جعلت فداك، كأنّك ترى في هذا شيئاً، فقال: « نعم، إنّ المؤمن إذا لقي أخاه فصافحه، تفرّقاً من غير ذنب ».

١١١ -( باب آداب استقبال القادم وتشييعه)

[١٠٢١٥] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمّد، أخبرنا محمّد بن محمّد، حدثني موسى بن إسماعيل، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام ، قال: « لمّا قدم جعفر بن أبي طالب ذو الجناحينرضي‌الله‌عنه ، من أرض الحبشة، التزمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقبل ما بين عينيه ».

[١٠٢١٦] ٢ - زيد الزرّاد في أصله قال: سمعت أبا عبد الله

__________________

٣ - البحار ج ٧٦ ص ٢٠٣ ح ١٠ بل عن جامع الأحاديث ص ١٩.

(١) الغمز: العصر باليد (لسان العرب ج ٥ ص ٣٨٩).

٤ - المؤمن ص ٣١ ح ٥٨.

الباب ١١١

١ - الجعفريات ص ٢٤٧.

٢ - أصل زيد الزراد ص ٨.

٦٤

عليه‌السلام ، يقول: « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خرج ذات يوم من بعض حجراته، إذا قوم من أصحابه مجتمعون، فلمّا بصروا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قاموا، قال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اقعدوا ولا تفعلوا كما يفعل الأعاجم تعظيماً، ولكن اجلسوا، وتفسّحوا في مجلسكم، وتوقّروا، أجلس إليكم إن شاء الله ».

[١٠٢١٧] ٣ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً من كتاب المحاسن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا يوسع المجلس إلّا لثلاث: لذي سنّ لسنه، ولذي علم لعلمه، ولذي سلطان لسلطانه ».

[١٠٢١٨] ٤ - الشيخ الطوسي في أماليه: بإسناده عن أبي ذر: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال له: « يا أبا ذر، من أحبّ أن يتمثّل له الرجال قياماً، فليتبوّأ مقعده من النار ».

[١٠٢١٩] ٥ - كتاب سليم بن قيس الهلالي: عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، قال: قال أمير المؤمنين: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أيّها الناس، عظّموا أهل بيتي في حياتي ومن بعدي، وأكرموهم وفضّلوهم، فإنه لا يحلّ [ لأحد ](١) أن يقوم من مجلسه لأحد إلّا لأهل بيتي ».

__________________

٣ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٦.

٤ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٥١.

٥ - كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٤٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٦٥

١١٢ -( باب حكم تقبيل البساط بين يدي الآشراف، والترجّل لهم، والاشتداد بين أيديهم عند المسير)

[١٠٢٢٠] ١ - الصدوق في كمال الدين: عن أبي العباس أحمد بن الحسين بن عبد الله بن محمّد الآبي العروضي، عن زيد بن عبد الله البغدادي، عن علي بن سنان الموصلي، عن أبيه، قال: لمّا قبض سيدنا أبو محمّد العسكريعليه‌السلام ، وفد من قم والجبال وفود بالأموال كانت تحمل على الرسم، فلمّا أن وصلوا إلى سرّ من رأى، قيل لهم: أنهعليه‌السلام قد فقد، فطلب منهم جعفر المال، فلم يعطوه، فلمّا خرجوا من البلد خرج عليهم غلام وناداهم بأسمائهم، وقال: أجيبوا مولاكم إلى أن ذكر دخولهم على الحجّةعليه‌السلام ، ووصفه الأموال والرّحال، وما كان معهم من الدواب، قال: فخررنا سجّداً لله شكراً لما عرّفنا، وقبّلنا الأرض بين يديه، ثم سألناه عمّا أردنا، فأجابعليه‌السلام .

١١٣ -( باب تحريم حجب الشيعة)

[١٠٢٢١] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « من صار إلى أخيه المؤمن في حاجة(١) أو مسلّماً فحجبه، لم يزل في لعنة الله إلى أن حضرته الوفاة ».

[١٠٢٢٢] ٢ - الطبرسي في المشكاة: عن محمّد بن سليمان، عن إسحاق بن

__________________

الباب ١١٢

١ - كمال الدين ص ٤٧٦ ح ٢٦ (باختصار).

الباب ١١٣

١ - الاختصاص ص ٣١.

(١) في المصدر: حاجته.

٢ - مشكاة الأنوار ص ١٠٣.

٦٦

عمّار، قال: لمّا كثر مالي أجلست على بابي بوّاباً يردّ عني فقراء الشيعة، فخرجت إلى مكّة في تلك السنة، فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فسلّمت عليه فردّ عليّ بوجه قاطب مزور(١) ، فقلت [ له ](٢) جعلت فداك، ما الذي غيّر لي حالي عندك؟ قال: « الذي غيرك للمؤمنين » قلت: جعلت فداك، والله إنّي لأعلم أنّهم على دين الله، ولكن خشيت الشهرة على نفسي.

قال: « يا إسحاق، أما علمت أن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا، أنزل الله عزّوجلّ بينهما مائة رحمة، تسعة وتسعون منها لأشدّهما حبّاً لصاحبه [ فإذا اعتنقا غمرتهما الرحمة ](٣) ».

[١٠٢٢٣] ٣ - وعن إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنّي رجل مشهور، وأنّ أناساً من أصحابنا يأتوني ويغشوني وقد اشتهرت بهم، أفأمنعهم أن يأتوني(١) فقال: « يا إسحاق، لا تمنعهم خلطتك فإنّ ذلك لن يسعك » فجهدت به أن يجعل لي رخصة في (منع)(٢) خلطتهم، فأبى علي.

[١٠٢٢٤] ٤ - الصدوق في الأمالي: عن محمّد بن موسى المتوكل، عن محمّد بن يحيى العطار، عن [ محمّد بن ](١) الحسين بن أبي الخطاب،

__________________

(١) الإزورار عن الشئ: العدول عنه (لسان العرب أزور ج ٤ ص ٣٣٥).

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٠٣.

(١) في المصدر زيادة: وأخاف.

(٢) ليس في المصدر، واستظهرها المصنّف (قدّه).

٤ - أمالي الصدوق ص ٤٩٩ ح ٢.

(١) أثبتناه من المصدر. وهو الصواب راجع (معجم رجال الحديث ١٥: ٢٩١ و ٢٩٦).

٦٧

عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن يونس بن ظبيان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، أنه قال: قال ضرار لمعاوية في كلام له في أوصاف عليعليه‌السلام : لا يغلق له دوننا باب، ولا يحجبنا عنه حاجب الخبر.

[١٠٢٢٥] ٥ - وفي العيون: عن أحمد بن زياد الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن الحسين المدني، عن عبد الله بن الفضل، عن أبيه الفضل، في حديث: أنّ الرشيد بعثه إلى موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: فأتيت إلى خربة فيها كوخ من جرائد النخل، فإذا أنا بغلام أسود، فقلت له: أستأذن لي على مولاك، يرحمك الله، فقال لي: لج، ليس له حاجب ولا بوّاب الخبر.

١١٤ -( باب استحباب المعانقة للمؤمن والالتزام والمسألة)

[١٠٢٢٦] ١ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، بإسناده قال: سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن أجر المؤمنين إذا التقيا واعتنقا، فقال له: « إذا اعتنقا غمرتهما الرحمة، فإذا التزما لا يريدان بذلك إلّا وجهه، ولا يريدان غرضاً(١) من أغراض(٢) الدنيا، قيل لهما: مغفور لكما فاستأنفا، فإذا أقبلا على المسألة، قالت الملائكة بعضهم لبعض: تنحّوا عنهما، فإن لهما سرّاً وقد ستر الله عليهما ».

قال إسحاق: قلت له: جعلت فداك، فلا يكتب عليهما لفظهما،

__________________

٥ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٧٦ ح ٥.

الباب ١١٤

١ - مشكاة الأنوار ص ٢٠١.

(١) في المصدر: عرضا.

(٢) وفيه: أعراض.

٦٨

وقد قال الله عزّوجلّ:( مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) (٣) قال: فتنفس ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم بكى، حتى أخضلّت لحيته، وقال: « يا إسحاق، إنّ الله تبارك وتعالى، إنّما أمر الملائكة أن تعتزل عن المؤمنين إذا التقيا إجلالاً لهما، وأنه وإن كانت الملائكة لا تكتب لفظهما ولا تعرف كلامهما، فإنه يعرفه ويحفظه عليهما عالم السرّ وأخفى ».

[١٠٢٢٧] ٢ - الشهيد (ره) في الأربعين: بإسناده عن السيد المرتضى، عن الشيخ المفيد، عن أبي المفضل(١) الشيباني، عن محمّد بن جعفر بن بطة، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن فضالة، عن الحسين بن عثمان، عن ابن بسطام، قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فأتى رجل فقال: جعلت فداك، إنّي رجل من أهل الجبل، وربّما لقيت رجلاً من إخواني فالتزمه، فيعيب(٢) عليّ بعض الناس، ويقولون: أنّه من فعل الأعاجم وأهل الشرك، فقال: « ولم ذاك؟ فقد التزم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جعفراً، وقبّل بين عينيه » الخبر.

١١٥ -( باب استحباب استفادة الإخوان في الله)

[١٠٢٢٨] ١ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

__________________

(٣) ق ٥٠: ١٨.

٢ - أربعين الشهيد ص ١٤.

(١) في المصدر: الفضل. وما في المتن هو الصواب راجع (مجمع الرجال ٥: ٢٤٧ و ٧: ١٠٠).

(٢) وفي نسخة: فيعتب، (منه قدّه).

الباب ١١٥

١ - الأخلاق: مخطوط.

٦٩

أنّه قال: « من استفاد أخاً في الله، كان له ظهيراً على الصراط ».

[١٠٢٢٩] ٢ - وعن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « من استفاد أخاً في الله، بنى الله له بيتاً في الجنّة ».

[١٠٢٣٠] ٣ - ومن خط الشهيد (ره): عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « المرء كثير بأخيه ».

١١٦ -( باب استحباب تقبيل المؤمن المؤمن وموضع التقبيل)

[١٠٢٣١] ١ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن لكم نوراً تعرفون به في الدنيا، حتى أن أحدكم إذا لقي أخاه، قبله في موضع النور من جبهته ».

[١٠٢٣٢] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « ليس القبلة على الفم، إلّا للزوجة: والولد الصغير ».

[١٠٢٣٣] ٣ - وعن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: « من قبّل للرحم(١) ذا قرابة ليس عليه شئ، (وقبلة الأمّ على الفم)(٢) ، وقبلة الأخ على الخدّ، وقبلة الإمام بين عينيه ».

__________________

٢ - الأخلاق: مخطوط.

٣ - مجموعة الشهيد.

الباب ١١٦

١ -، ٢ مشكاة الأنوار ص ٢٠٢.

٣ - مشكاة الأنوار ص ٢٠٢.

(١) كذا في المصدر، وفي المخطوط: للرحمة.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٧٠

[١٠٢٣٤] ٤ - زيد النرسي في أصله: قال: دخلت على (أبي الحسن)(١) عليه‌السلام ، فتناولت يده فقبّلتها، فقال: « أما أنّه لا يصلح إلّا لنبي، أو من أريد بن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

ورواه(٢) في المشكاة: نقلاً عن المحاسن، عنه(٣) عليه‌السلام ، قال: « قبل رجل يده فقال » الخ.

[١٠٢٣٥] ٥ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « عن أمير المؤمنينعليه‌السلام - في حديث طويل - أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بعث سريّة أميرهم زيد بن حارثة، ففتحوا ورجعوا، واستقبلهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى خارج المدينة، قالعليه‌السلام : فلمّا رأى زيد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نزل عن ناقته، وجاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقبّل رجليه(١) ، ثم قبّل يده ورجله، فأخذه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقبّل رأسه، ثم نزل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عبد الله بن رواحة، وقبّل يده ورجله، وضمّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إليه » الخبر.

[١٠٢٣٦] ٦ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمّد، أخبرنا محمّد بن محمّد، حدثني موسى بن إسماعيل، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده

__________________

٤ - أصل زيد النرسي ص ٤٦.

(١) في المصدر: أبي عبد الله.

(٢) مشكاة الأنوار ص ٢٠٢.

(٣) أبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام .

٥ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٦٩.

(١) في المصدر: رجله.

٦ - الجعفريات ص ٢٤٧.

٧١

جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام ، قال: « لمّا قدم جعفر بن أبي طالب - ذو الجناحين - من أرض الحبشة، التزمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقبّل ما بين عينيه » الخبر.

[١٠٢٣٧] ٧ - دعائم الإسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « إذا قبل أحدكم ذات محرم [ منه ](١) قد حاضت، فليقبل بين عينيها أو رأسها، وليكفف(٢) عن خدّيها وفيها ».

[١٠٢٣٨] ٨ - علي بن الحسين المسعودي في إثبات الوصيّة: عن علّان بن محمّد الكلابي، عن إسحاق بن محمّد النخعي، عن محمّد بن عبد العزيز البلخي، قال: أصبحت يوماً فجلست في شارع سوق الغنم، فإذا أنا بأبي محمّدعليه‌السلام أقبل - إلى أن قال - فأسرعت إليه حتى قبّلت رجله الخبر.

[١٠٢٣٩] ٩ - الحسين بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن الرضاعليه‌السلام ، قال: « لا يقبّل الرجل يد الرجل، فإن (ذلك صلاة)(١) له ».

__________________

٧ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٢٠٣ ح ٧٤٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: وليكف.

٨ - إثبات الوصية ص ٢١٣.

٩ - تحف العقول ص ٣٣٤.

(١) في المصدر: قبلة يده كالصلاة.

٧٢

١١٧ -( باب كراهة المراء والخصومة)

[١٠٢٤٠] ١ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أبي جعفر محمّد بن النعمان - في حديث طويل - قال: قال لي الصادقعليه‌السلام : « يا ابن النعمان، إيّاك والمراء فإنّه يحبط عملك، وإيّاك والجدال فإنه يوبقك، وإيّاك وكثرة الخصومات فإنّها تبعدك من الله ».

[١٠٢٤١] ٢ - الطبرسي في المشكاة: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا تمار فيذهب بهاؤك، لا تمارين حليماً ولا سفيهاً، فإن الحليم يغلبك، والسفيه يرديك ».

[١٠٢٤٢] ٣ - ثقة الإسلام في الكافي: عن علي بن إبراهيم، رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « طلبة العلم ثلاثة فاعرفوهم(١) بأعيانهم وصفاتهم: صنف يطلبه للجهل والمراء - إلى أن قال - فصاحب الجهل والمراء، مؤذ ممار متعرض للمقال في أندية الرجال، بتذاكر العلم وصفة الحلم، قد تسربل بالخشوع، وتخلّى من الورع، فدقّ الله من هذا خيشومه، وقطع منه حيزومه » الخبر.

[١٠٤٣] ٤ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : « المراء داء

__________________

الباب ١١٧

١ - تحف العقول ص ٢٢٨.

٢ - مشكاة الأنوار ص ٣١٩.

٣ - الكافي ج ١ ص ٣٩ ح ٥.

(١) في المصدر: فأعرفهم.

٤ - مصباح الشريعة ص ٢٦٧.

٧٣

ردئّ(١) ، وليس في الإنسان خصلة أشرّ منه، وهو خلق إبليس ونسبه(٢) ، فلا يماري في أيّ حال كان إلّا من كان جاهلاً بنفسه وبغيره، محروماً من حقائق الدين ».

[١٠٢٤٤] ٥ - روي أنّ رجلاً قال للحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام : إجلس حتى نتناظر في الدين، فقال: « يا هذا، أنا بصير بديني، مكشوف عليّ هداي، فإن كنت جاهلاً بدينك فاذهب فاطلبه، مالي وللمماراة، وأنّ الشيطان ليوسوس للرجل ويناجيه، ويقول: ناظر الناس في الدين، لئلا يظنّوا بك العجز والجهل، ثم المراء(١) لا يخلو من أربعة أوجه: أما أن تتمارى أنت وصاحبك فيما تعلمان، فقد تركتما بذلك النصيحة، وطلبتما الفضيحة، وأضعتما ذلك العلم، أو تجهلانه فأظهرتما جهلاً، (وخاصمتما جهلاً)(٢) ، وأمّا تعلمه أنت، فظلمت صاحبك بطلب(٣) عثرته، أو يعلمه صاحبك، فتركت حرمته، ولم تنزل(٤) منزلته، وهذا كلّه محال، فمن أنصف وقبل الحقّ وترك المماراة، فقد أوثق إيمانه، وأحسن صحبة دينه، وصان عقله ».

__________________

(١) في المصدر: دوي. الداء الدوي: هو الداء الذي يُعجز الأطباء، ومنه حديث عليعليه‌السلام « قد ملت أطباء هذا الداء الدوي » (مجمع البحرين ج ١ ح ١٥١).

(٢) وفيه: نسبته.

٥ - مصباح الشريعة ص ٢٦٩.

(١) في نسخة « الأمر »، (منه قدّه).

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر: بطلبك.

(٤) وفيه: تنزله.

٧٤

[١٠٢٤٥] ٦ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط: عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « إيّاكم وأصحاب الخصومات والكرابين(١) ، فإنهم تركوا ما أمروا بعلمه، وتكلّفوا ما لم يؤمروا بعلمه » الخبر.

[١٠٢٤٦] ٧ - كتاب المثنى بن الوليد: عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، وهو يقول: « لا يخاصم إلّا شاك في دينه، أو من لا ورع له ».

[١٠٢٤٧] ٨ - الصدوق في الخصال: عن محمّد بن أحمد السناني، عنت (محمّد بن جعفر الأسدي)(١) ، عن موسى بن عمران النخعي، عن النوفلي، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل، عن يونس بن ظبيان، عن الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « أفضل الناس إيماناً أحسنهم خلقاً، وأكرم الناس أتقاهم، وأعظم الناس قدراً من ترك ما لا يعنيه، وأورع الناس من ترك المراء وإن كان محقّاً » الخبر.

__________________

٦ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٧.

(١) في المصدر: الكذابين، وورد في هامش المخطوط استظهاراً من المصنف (قده) ما نصّه: ظاهراً « الكلام » كما في كشف المحجة عن كتاب عبد الله بن حماد عن عاصم الخ. وما في الطبعة الحجرية: إيّاكم وأصحاب الكلام والخصومات ومجالستهم.

٧ - كتاب المثنى بن الوليد ص ١٠٢.

٨ - بل أمالي الصدوق ص ٢٨ ح ٤.

(١) في المصدر: محمّد بن أبي عبد الله الكوفي ويظهر من ترجمته في معجم رجال الحديث ج ١٤ ص ٢٧٢ أنه متحد مع محمّد بن جعفر الأسدي، فراجع.

٧٥

ورواه جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات(٢) : عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفرعليه‌السلام : مثله.

[١٠٢٤٨] ٩ - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « من بالغ في الخصومة أثم، ومن قصر فيها ظلم، ولا يستطيع أن يتقي الله من خاصم ».

[١٠٢٤٩] ١٠ - الشهيد الثاني في المنية: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تمار أخاك ولا تمازحه، ولا تعده موعداً فتخلفه ».

[١٠٢٥٠] ١١ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ذروا المراء، فإنه لا تفهم حكمته، ولا تؤمن فتنته ».

[١٠٢٥١] ١٢ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من ترك المراء وهو محقّ بنى له بيت في أعلى الجنّة، ومن ترك المراء وهو مبطل (بني له بيت في ربض)(١) الجنّة ».

[١٠٢٥٢] ١٣ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أورع الناس، من ترك المراء

__________________

(٢) الغايات ص ٦٦.

٩ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٥٥ ح ٢٩٨.

١٠ - منية المريد ص ٦٨.

١١ - منية المريد ص ٦٨. ١٢ منية المريد ص ٦٨.

(١) الربض: هو البناء حول المدينة (لسان العرب ج ٧ ص ١٥٢) وفي المصدر: بنى الله بيتاً في أعلى رياض.

١٣ - الغايات ص ٦٦.

٧٦

وإن كان محقّاً ».

[١٠٢٥٣] ١٤ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى: بإسناده المتكرّر إليه الإشارة: عن كميل بن زياد، أنه قال: قال له أمير المؤمنينعليه‌السلام ، في وصيّته إليه: « إياك والمراء، فإنّك تغري بنفسك السفهاء(١) وتفسد الأخاء » الوصيّة.

[١٠٢٥٤] ١٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإيّاك والخصومة فإنّها تورث الشك، وتحبط العمل، وتردي بصاحبها، وعسى أن يتكلم بشئ لا يغفر له ».

[١٠٢٥٥] ١٦ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ومن خاصم في باطل وهو يعلمه(١) ، لم يزل في سخط الله حتى ينزع ».

١١٨ -( باب استحباب اجتناب شحناء الرجال، وعداوتهم وملاحاتهم ومشارّتهم والتباغض)

[١٠٢٥٦] ١ - الشيخ المفيد في الأمالي: عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن جعفر بن محمّد الهاشمي، عن أبي

__________________

١٤ - بشارة المصطفى ص ٢٦.

(١) في المصدر زيادة: إذا فعلت.

١٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥٢، وعنه في البحار ج ٢ ص ١٣٤ ح ٣٠.

١٦ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٦٥ ح ١٧٢.

(١) في المصدر: يعلم.

الباب ١١٨

١ - أمالي المفيد ص ١٩٢ ح ٢١.

٧٧

حفص العطار، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادقعليهما‌السلام ، يحدّث عن أبيه، عن جده، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : جاءني جبرئيل في ساعة لم يمكن يأتيني فيها - إلى أن قال -: قال: ينهاك ربّك عن عبادة الأوثان، وشرب الخمور وملاحاة الرجال » الخبر.

[١٠٢٥٧] ٢ - وبالإسناد عن علي بن مهزيار، عن ابن أبي عمير، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادقعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [ في خطبته ](١) : ألا أخبركم بخبر خلائق الدنيا؟ - إلى أن قال - وفي التباغض الحالقة، لا أعني حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين »

[١٠٢٥٨] ٣ - وفي الاختصاص: عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « إيّاك وعداوة الرجال، فإنّها تورث المعرّة وتبدي العورة ».

[١٠٢٥٩] ٤ - الصدوق في الخصال: عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيى العطار، عن محمّد بن أحمد الأشعري، عن صالح، يرفعه بإسناده، قالعليه‌السلام : « أربعة القليل منها كثير: النار القليل منها كثير: والنوم القليل منه كثير، والمرض القليل منه كثير، والعداوة القليل منها كثير ».

[١٠٢٦٠] ٥ - وفي كتاب الإخوان: عن أيوب بن منصور الصيقل، عن أبي

__________________

٢ - أمالي المفيد ص ١٨٠ ح ٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - الاختصاص ص ٢٣٠.

٤ - الخصال ص ٢٣٨ ح ٨٤.

٥ - مصادقة الإخوان ص ٨٢ ح ٧.

٧٨

عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ما بالكم يعادي بعضكم بعضاً! إذا بلغ أحدكم عن أخيه شئء لا يعجبه، فليقله(١) وليسأله، فإن قال: لم أفعله صدّقة: وإن قال: قد فعلت استتابة ».

[١٠٢٦١] ٦ - وفي معاني الأخبار والأمالي: عن علي بن عبد الله الوراق، عن سعد بن عبد الله بن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه [ عن الحسين بن سعيد ](١) عن الحارث بن محمّد بن النعمان، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث: ألا أُنبئكم بشرّ الناس؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من أبغض الناس وأبغضوه ».

[١٠٢٦٢] ٧ - الشهيد الثاني (ره) في المنية: عن أم سلمة قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ أوّل ما عهد إليّ ربّي ونهاني عنه - بعد عبادة الأوثان وشرب الخمر - ملاحاة الرجال ».

[١٠٢٦٣] ٨ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال لعبد الله بن جندب، في وصيّته إليه: « ولا تكن فظّاً غليظاً يكره الناس قربك، ولا تكن واهناً يحقرك من عرفك، ولا تشار من فوقك، ولا تسخر بمن هو دونك، ولا تنازع الأمر أهله » الخبر.

__________________

(١) أقاله يقيله إقالة: أي سامحه « مجمع البحرين ج ٥ ص ٤٥٩ »، وفي إحدى نسخ المصدر « فليلقه ».

٦ - معاني الأخبار ص ١٩٦ ح ٢ وأمالي الصدوق ص ٢٥١ ح ١١.

(١) أثبتناه من المصدر.

٧ - منية المريد ص ٦٩.

٨ - تحف العقول ص ٢٢٤.

٧٩

[١٠٢٦٤] ٩ - أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد: قال: حدثني القاضي أبو الحسن محمّد بن علي بن محمّد بن صخر الأزدي، قال: حدثنا أبو زيد عمر(١) بن أحمد العسكري بالبصرة، قال: حدثني أبو أيوب، قال: حدثنا أحمد بن الحجاج، قال: حدثنا نوبا(٢) بن إبراهيم، عن مالك بن مسلم، عن أبي مريم، عن أبي صالح الهروي(٣) عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « تعرض أعمال الناس كلّ جمعة مرّتين: يوم الاثنين، ويوم الخميس، فيغفر لكلّ عبد مؤمن، إلّا من كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: هذين حتى يصطلحا ».

١١٩ -( باب تحريم المكر، والحسد، والغشّ، والخيانة)

[١٠٢٦٥] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المكر، والخديعة، والخيانة في النار ».

[١٠٢٦٦] ٢ - وبهذا الإسناد: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

٩ - كنز الفوائد ص ١٤١.

(١) في المصدر: عمرو.

(٢) في المصدر: ثوبا.

(٣) كذا في المخطوطة والحجرية، ولم نعثر بهذا العنوان على أحد من الصحابة، وخلو المصدر من كلمة « الهروي » وإضافة « عن أبي هريرة » مكانه دليل على سهو النساخ، ولعل صوابه « عن أبي صالح الخوزي عن أبي هريرة، عن رسول الله » والله أعلم بالصواب.

الباب ١١٩

١ - الجعفريات ص ١٧١.

٢ - الجعفريات ص ١٧١.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

قال : فقال عمر بن الخطاب : صدقت يا خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إن علياً كما ذكرت ، وفوق ما وصفت ، ولكني أخاف عليك خصلة منه واحدة.

قال له أبو بكر : ما هذه الخصلة التي تخاف علي منها منه؟.

فقال عمر : أخاف أن يأبى القتال القوم ، فلا يقاتلهم ، فإن أبى ذلك ، فلن تجد أحداً يسير إليهم(1) إلاَّ على المكروه منه. ولكن ذر علياً يكون عندك بالمدينة ، فإنك لا تستغني عنه ، وعن مشورته. واكتب إلى عكرمة الخ »(2) .

وبعد فأن يجدوا أمير المؤمنينعليه‌السلام قائداً عسكرياً ، يراه الناس تحت أمرهم ، وفي خدمتهم أحب إليهم من أن يجدوه منافساً قوياً ، يحتج عليهم بأقوال ومواقف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقه(4) .

وأما عن مشورة أمير المؤمنين على عمر في ما يرتبط بحرب الفرس ، فإنما كان يهدف منها إلى الحفاظ على بيضة الإسلام ، كما يظهر من نفس نص كلامه

__________________

1 ـ هذه الكلمات تدل على مدى ما ككان يتمتع به أمير المؤمنين من احترام وتقدير لدى الناس جميعاً ، بحيث لو لم يقاتل لم يقاتل أحد من الناس!! وإن كانوا ربما لا يقاتلون معه لو أرادهم على ذلك.

2 ـ الفتوح لابن أعثم ج 1 ص 72.

3 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 78.

4 ـ وقد قال المحقق البحاثة الشيخ علي الأحمدي الميانجي هنا ما يلي : إنه هل يمكن للخليفة الذي عزل خالد بن سعيد بن العاص عن امارة الجيش ، لميله إلى عليعليه‌السلام ـ هل يمكن ـ أن يرغب في تولية عليعليه‌السلام هنا؟! اللهم إلا أن يكون هناك تخطيط بأن يقوم بعرض ذلك عليه ، فإن قبله ، فإن ذلك يكون تأييداً لخلافتهم ، ثم يعزلونه إيذاناً منهم للناس بعدم كفايته فيربحون في الحالتين أو يقال : إن الظروف في عهد أبي بكر تختلف عنها في عهد عمر.

١٦١

عليه‌السلام فيها فمن أراد ذلك فليراجعه في مصادره

وبعد فإن أخذ سائر ما قدمناه بنظر الاعتبار ، يجعلنا نطمئن ، بل نقطع بعدم صحة ما ينسب إلى الحسنينعليهما‌السلام من الاشتراك في الغزوات آنئذٍ.

وقد قال السهمي : « وذكر عباس بن عبد الرحمن المروزي في كتابه : التاريخ ، قال : قدم الحسن بن علي ، وعبد الله بن الزبير اصبهان ، مجتازين إلى جرجان ، فإن ثبت هذا يدل : على أنه كان في أيام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه »(1) .

وأما بالنسبة لاشتراك بعض المخلصين من كبار الصحابة في الفتوح ، فالظاهر هو أنهم كانوا غافلين عن حقيقة الأمر ، فكانوا يقصدون بذلك خدمة الدين ، ونصرة الإسلام والمسلمين ، مع عدم إطلاعهم على رأي الأئمةعليهم‌السلام في هذه الفتوحات ، كما يظهر مما تقدم ، حيث نجد اهتماماً واضحاً في أن لا يعرف الناس رأي عليعليه‌السلام في هذا المجال ، أو لعل السلطة كانت تهتم في إرسالهم في مهمات كهذه ، وتمارس عليهم بعض الضغوط في ذلك.

الإمام الحسن عليه‌السلام وحصار عثمان :

ويروي المؤرخون : أنه حينما حاصر الثائرون عثمان ، بعث الإمام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بولديه : الحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهما ، للدفاع عنه ، كما وبعث طلحة والزبير بولديهما أيضاً.

ويقولون : إن الإمام الحسنعليه‌السلام قد جرح ، وخضب بالدماء على باب عثمان ، من جراء رمي الناس عثمان بالسهام ، ثم تسوّر الثائرون الدار على عثمان ، وقتلوه.

وجاء الإمام علي أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كالواله الحزين ، فلطم

__________________

1 ـ تاريخ جرجان ص 9.

١٦٢

الحسن ، وضرب صدر الحسينعليهما‌السلام ، وشتم آخرين ، منكراً عليهم أن يقتل عثمان ، وهم على الباب(1) .

وقد استبعد البعض ذلك ، استناداً إلى أن خطة عثمان وسيرته ، تبعد كل البعد ما نسب إلى علي وولديهعليهم‌السلام . كما ويبعدها : أن يتخذوا موقفاً يخالف موقف البقية الصالحة من الصحابة ، وينفصلوا عنهم. ولو فرض صحة ذلك ، فإنه لم يكن إلا لتبرير موقفه وموقف أبنيه عليهما الصلاة والسلام من الاشتراك في دمه ، وأن لا يتهمه المغرضون بشيء(2) .

ويلوح من كلام السيد المرتضىرحمه‌الله أيضاً شكه في إرسال أمير المؤمنينعليه‌السلام ولديه للدفاع عن عثمان ، قال : « فإنما أنفذهما ـ إن كان أنفذهما ـ ليمنعا من انتهاك حريمه ، وتعمد قتله ، ومنع حرمه ونسائه من الطعام والشراب. ولم ينفذهما ليمنعا من مطالبته بالخلع »(3) .

وعلى حد تعبير العلامة الحسنيرحمه‌الله : « ومن المستبعد أن يزج بريحانتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك المعركة للدفاع عن الظالمين ، وهو الذي وهب نفسه وكل حياته للحق والعدالة ، وإنصاف المظلومين(4) .

ويرى باحث آخر : « أن الخليفة كان مستحقاً للقتل بسوء فعله ، كما أن

__________________

1 ـ راجع : الصواعق المحرقة ص 115 / 116 ، ومروج الذهب ج 2 ص 344 / 345 ، والإمامة والسياسة ج 1 ص 44 و 43 وأنساب الأشراف ج 5 ص 70 و 69 و 74 و 80 و 93 و 95 والبدء والتاريخ ج 5 ص 206 ، وتاريخ مختصر الدول ص 105 وسيرة الأئمة الإثني عشر ج 1 ص 527 و 540 عن ابن كثير ، وتاريخ الطبري ج 3 ص 418 و 419 ودلائل الصدق ج 3 قسم 1 ص 193 عن بعض من تقدم وعن ابن الأثير ، وابن عبد البر ، والفخري في الأداب السلطانية ص 98 وفيه : أن الحسن قاتل قتالاً شديداً ، حتى كان يستكفه ، وهو يقاتل عنه ، ويبذل نفسه دونه والعقد الفريد ج 4 ص 290 و 291.

2 ـ راجع : حياة الحسنعليه‌السلام للقرشي ج 1 ص 115 / 116.

3 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 3 ص 8.

4 ـ سيرة الأئمة الإثني عشر ج 1 ص 428.

١٦٣

قتلته ، أو الراضون بقتله هم جمهرة الصحابة الأخيار ، ولا يعقل أن يقف الحسنان في وجه هؤلاء وضدهم »(1) .

ونقول :

1 ـ أما ما ذكره هؤلاء من أن الصحابة الأخيار كانوا هم قتلة عثمان ، أو الراضون بقتله ، فهو صحيح ، ولكن مما لا شك فيه ، هو أنه قد كان من بينهم أيضاً بعض من ثار على عثمان ، من أمثال الزبير ، وطلحة وغيرهما ولكن لا لأجل الانتصار للحق ، وللمظلومين ، وإنما من أجل الحصول على بعض المكاسب الدنيوية.

2 ـ وأما ماذكرته الرواية : من أن طلحة والزبير قد أرسلا بإبنيهما للدفاع عن عثمان ، فهو مما لا ريب في بطلانه ، فإن المصادر الموثوقة قد أطبقت : على أن طلحة ، والزبير ، وعائشة ، وغيرهم ، كانوا من أشد الناس على عثمان ( ولا نرى حاجة لذكر مصادر ذلك ، فإنه من بديهيات التاريخ ).

3 ـ وأما أنهعليه‌السلام قد ضرب الحسنعليه‌السلام ، ودفع في صدر الحسين ، فهو غير صحيح أيضاً ، فإن علياًعليه‌السلام قد كرر غير مرة : أن قتل عثمان لم يسره ولم يسؤه(2) كما أنه لم يكن ليتهم الحسنينعليهما‌السلام بالتواني في تنفيذ الأوامر التي يصدرها إليهما ، وهما من الذين نصَّ الله سبحانه على تطهيرهم ، وأكد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على عظيم فضلهم ، وسامق مجدهم ، وعلى محبته العظيمة لهم.

وأما بالنسبة للدفاع عن عثمان. فإنَّ ثمة وجهة نظر أخرى جديرة بالتقدير ، وقمينة بأن تقدم تفسيراً صحيحاً ، ومنطلقاً موضوعياً ومنطقياً لموقف أمير المؤمنينعليه‌السلام في هذه القضية. لا مجرد عدم توجيه أصابع الاتهام إليهعليه‌السلام ، في موضوع قتل عثمان.

وملخص ما يمكن اعتباره كافياً لتبرير دفاع أمير المؤمنينعليه‌السلام عن

____________

1 ـ الإمام الحسن بن عليعليه‌السلام لآل يس ص 50 / 51.

2 ـ راجع : الغدير ج 9 ص 69 ـ 77 عن مصادر كثيرة.

١٦٤

عثمان ، هو :

أن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإن كان لا يرى خلافة عثمان شرعية من الأساس ، وكان كذلك على اطلاع تام على جميع المخالفات والتجاوزات ، التي كانت تصدر من الهيئة الحاكمة باستمرار. ويرى رأي العين : أن فسادها قد استشرى ، وتفاقم خطره ، حتى لم يعد من السهل تحمله ، أو الإغضاء عنه

إنه وإن كان يرى ذلك ـ إلا أنه لم يكن يرى : أن علاج الأمر بهذا الأسلوب الانعالي العنيف هو الطريقة المثلى والفضلى وقد نقل عنهعليه‌السلام قوله عن عثمان : إنه استأثر فأساء الأثرة ، وجزعوا فأساؤوا الجزع(1) .

وما ذلك إلا أن هذا الأسلوب بالذات ، وقتل عثمان في تلك الظروف ، وعلى النحو الذي كان ، لم يكن بالذي يخدم القضية ، قضية الإسلام ، بل كان من شأنه أن يلحق بها ضرراً فادحاً ، وجسيماً إذ أنه سوف يعطي الفرصة لأولئك المترصدين من أصحاب المطامع والأهواء لركوب الموجة ، واستغلال جهل الناس ، وضعفهم ، وظروف حياتهم ، بملاحظة ما تركت عليهم السياسية من آثار في مفاهيمهم ، وفي عقليتهم ، ونظرتهم ، وفي عقائدهم ، وغير ذلك ـ لسوف يعطي هؤلاء الفرصة ، لاستغلال كهذا. ورفع شعار الأخذ بثارات عثمان ، واتخاذ ذلك ذريعة للوقوف في وجه الشرعية المتمثلة بأمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإلقاء الشبهات والتشكيكات حول علي ، وأصحاب عليعليه‌السلام الأمر الذي نشأ عنه حروب الجمل ، وصفين ، والنهروان ، على النحو الذي سجله التاريخ

وقد كان أمير المؤمنينعليه‌السلام مدركاً ذلك كله ، ومطلعاً عليه بصورة تامة ، حتى انه حينما جاءه اليمنيون لتهنئته بالخلافة ، قال لهم : « إنكم صناديد اليمن وساداتها ، فليت شعري ، إن دهمنا أمر من الأمور كيف صبركم على ضرب الطلا ، وطعن الكلا »(2) الأمر الذي يعني : أنه كان يتوقع منذئذٍ حروباً ، لا بد

__________________

1 ـ نهج البلاغة ج 1 ص 72 بشرح عبده ، الخطبة رقم 29.

2 ـ الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 255.

١٦٥

له من خوضها ، ضد أصحاب المطامع والمنحرفين.

وقد كان ذلك بطبيعة الحال وَبَالاً على الإسلام ، وعلى المسلمين ، وسبباً للكثير من المصائب والبلايا ، التي لا يزال يعاني الإسلام والمسلمون من آثارها

وإذا كان علي أمير المؤمنينعليه‌السلام لا يرغب في قتل عثمان يهذه الصورة التي حدثت ، وإذا كان قد أرسل الحسنينعليهما‌السلام للدفع والذب عنه ، وإذا كان قد بلغ في دفاعه عنه حداً جعل مروان يعترف بذلك ويقول :

« ما كان أحد أدفع عن عثمان من علي ، فقيل له : ما لكم تسبونه على المنابر؟ قال : إنه لا يستقيم لنا الأمر إلا بذلك »(1) .

ويقول عليعليه‌السلام : « واللهِ ، لقد دفعت عنه ، حتى خشيت أن أكون آثماً »(2) .

إنه إذا كان كذلك فإنه لم يكن يريد أن يكون ذلك الدفع عن عثمان ، موجباً لفهم خاطيء لحقيقة رأيه في عثمان ، وفي مخالفته فكان يذكر تلك المخالفات تصريحاً تارة ، وتلويحاً أخرى ، كما أنه كان يجيب سائليه عن أمر عثمان بأجوبة صريحة أحياناً ، ومبهمة أحياناً أخرى ، أو على الأقل لا تسمح بالتشبث بها واستغلالها ، من قبل المغرضين والمستغلين(3)

كما أن دفاعهعليه‌السلام عن عثمان ، ومحاولته دفع القتل عنه ، لا يعني : أنه كان يسكت عن تلك المخالفات الشنيعة ، التي كانت تصدر منه ، ومن أعوانه ولا أنه لا يرى بها خطراً داهماً ومدمراً بل ما فتىءعليه‌السلام

__________________

1 ـ الصواعق المحرقة ص 53 والنصائح الكافية ص 88 عن الدارقطني.

2 ـ نهج البلاغة ، بشرح عبده ج 2 ص 261 ، ومصادر نهج البلاغة ج 3 ص 189 عن العديد من المصادر ، وبهج الصباغة ج 6 ص 79 عن الطبري ، وفيه : والله ، ما زلت أذب عنه حتى إني لأستحي الخ

3 ـ راجع هذه الأجوبة في : كتاب الغدير ج 9 ص 70 ـ بل راجع من ص 69 حتى ص 77.

١٦٦

يجهر بالحقيقة مرة بعد أخرى ، وقد حاول إسداء النصيحة لعثمان في العديد من المناسبات ، حتى ضاق عثمان به ذرعاً ، فأمره أن يخرج إلى أرضه بينبع(1) .

كما أنه ـ أي عثمان ـ قد واجه الإمام الحسنعليه‌السلام بأنه لا يرغب بنصائح أبيه ، وذلك لأنه :

« كان علي كلما اشتكى الناس إليه أمر عثمان ، أرسل إبنه الحسنعليه‌السلام إليه ، فلما أكثر عليه ، قال : أن أباك يرى : أن أحداً لا يعلم ما يعلم؟ ونحن أعلم بما نفعل ، فكف عنا ، فلم يبعث علي ابنه في شيء بعد ذلك »(2) .

وهكذا يتضح : أن نصرة الحسنينعليهما‌السلام لعثمان ، بأمر من أبيهما أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه ، قد كانت منسجمة كل الانسجام مع خطهمعليهم‌السلام ، الذي هو خط الإسلام الصافي ، والصحيح. وهو يدخل في عداد تضحياتهما الجسام ـ وما أكثرها ـ في سبيل هذا الدين ، ومن أجل إعلاء كلمة الحق كما أنه دليل واضح على بعد نظرهم ، وعلى دقة وعمق تفكيرهم

معاوية هو قاتل عثمان :

ولا نذهب بعيداً إذا قلنا : إن معاوية قد أدرك منذ البداية : أن قتل عثمان يخدم مصالحه وأهدافه ، وأنه كان يرغب في أن يتم على عثمان ما تم وقد استنجده عثمان ، فتلكأ عنه ، وتربص به ، ثم أرسل جيشاً ، وأمره بالمقام بذي خشب ، ولا يتجاوزها. وحذر قائده من أن يقول :

__________________

1 ـ نهج البلاغة ، بشرح عبده ج 2 ص 261 وبهج الصباغة ج 6 ص 79 عن الطبري ، ومصادر نهج البلاغة ج 3 ص 189 عن العديد من المصادر ، والغدير ج 9 ص 60 ـ 62 و 69 عن مصادر أخرى أيضاً.

2 ـ الغدير ج 9 ص 71 عن العقد ج 2 ص 274 وعن الإمامة والسياسة ج 1 ص 30.

١٦٧

« الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، فإنني أنا الشاهد وأنت الغائب. قال : فأقام بذي خشب ، حتى قتل عثمان ، فاستقدمه حينئذٍ معاوية ، فعاد إلى الشام بالجيش الذي كان أرسل معه. وإنما صنع ذلك معاوية ليقتل عثمان ، فيدعو إلى نفسه »(1) .

وكتب علي أمير المؤمنينعليه‌السلام إليه : « ولعمري ، ما قتله غيرك ، ولا خَذَلَهُ سواك ، ولقد تربصت به الدوائر ، وتمنيت له الأماني »(2) .

وعنهعليه‌السلام فيما كتبه له : « إنك إنما نصرت عثمان حينما كان النصر لك ، وخذلته حينما كان النصر له »(3) .

وكتب أبو أيوب الأنصاري لمعاوية : « فما نحن وقتلة عثمان؟ إن الذي تربص بعثمان ، وثبط أهل الشام عن نصرته لأنت الخ »(4) .

وكتب إليه شبث بن ربعي : « إنك لا تجد شيئاً تستغوي به الناس ، وتستميل له أهواءهم ، وتستخلص به طاعتهم ، إلا أن قلت لهم : قتل إمامكم مظلوماً ، فهلموا نطلب بدمه ، فاستجاب لك سفهاء طغام رذال ، وقد علمنا أنك قد أبطأت عنه بالنصر ، وأحببت له القتل بهذه المنزلة التي تطلب »(5) .

__________________

1 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 154 والنصائح الكافية ص 20 عن البلاذري ، والإمام علي بن أبي طالب سيرة وتاريخ ص 166.

2 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 3 ص 411 ط قديم ، والغدير ج 9 ص 150 والنصائح الكافية ص 20 عن الكامل ، والبيهقي في المحاسن والمساوي ، والإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام سيرة وتاريخ ص 167 عن الأول.

3 ـ راجع : نهج البلاغة ج 3 ص 70 ط عبده والنصائح الكافية ص 20 وشرح النهج للبحراني ج 5 ص 81 وعن شرح المعتزلي ج 4 ص 57.

4 ـ الإمامة والسياسة ج 1 ص 109 / 110 والغدير ج 9 ص 151 عنه ، وعن شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 260.

5 ـ وقعة صفين ص 187 / 188 ، وتاريخ الطبري ج 3 ص 570 ، والغدير ج9 ص 151 ، عنهما وعن الكامل لابن الأثير ج 3 ص 123 وعن شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 342.

١٦٨

وقال الطبري : فلما جاء معاوية الكتاب تريض به ، وكره إظهار مخالفة أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد علم اجتماعهم. فلما أبطأ أمره على عثمان الخ(1) .

وكتب إليه ابن عباس : « فأقسم بالله ، لأنت المتربص بقتله ، والمحب لهلاكه ، والحابس الناس قِبَلك عنه ولقد أتاك كتابه وصريخه يستغيث بك ويستصرخ فما حفلت به فقتل كما كنت أردت فإن يك قتل مظلوماً فأنت أظلم الظالمين »(2) .

ولابن عباس كتاب آخر يذكر له فيه ذلك أيضاً(3) .

كما أن المنقري يقول : إنه لما نُعِيَ عثمان إلى معاوية : « ضاق معاوية صدراً بما أتاه ، وندم على خذلانه عثمان ، وقال في جملة أبيات له:

ندمـت علـى ما كان من تبعي الهوى

وقصـري فيـه حسـرة وعـويـل(4)

الأبيات.

وحينما سأل معاوية أبا الطفيل الكناني عن سبب عدم نصره عثمان ، قال له : « منعني ما منعك ، إذ تربَّص به ريب المنون ، وأنت بالشام. قال : أو ما ترى طلبي بدمه نصرة له؟ فضحك أبو الطفيل ، ثم قال : أنت وعثمان كما قال الشاعر الجعدي :

__________________

1 ـ تاريخ الطبري ج 3 ص 402.

2 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 155 ، والإمام علي بن أبي طالب سيرة وتاريخ ص 167 عنه.

3 ـ الفتوح لابن أعثم ج 3 ص 256 والمناقب للخوارزمي ص 181 والإمامة والسياسة ج 1 ص 113 وشرح النهج للمعتزلي ج 8 ص 66 والغدير ج 10 ص 325.

4 ـ وقعة صفين ص 79 والإمام علي بن أبي طالب سيرة وتاريخ ص 166 / 167 عنه والغدير ج 9 ص 151 والفتوح لابن أعثم ج 2 ص 266.

١٦٩

لا ألفينك بعد المـوت تـنـدبـني

وفي حياتي ما زودتـنـي زادا(1)

بل لقد ذكر اليعقوبي : أن معاوية أمر الجيش بالمقام في أوائل الشام ، وأن يكونوا مكانهم ، حتى يأتي عثمان ليعرف صحة الأمر ، فأتى عثمان وسأله عن المدة ، فقال : قد قدمت لأعرف رأيك وأعود إليهم ، فأجيئك بهم. قال : « لا والله ، ولكنك أردت أن أقتل فتقول : أنا ولي الثار. إرجع فجئني بالناس ، فرجع ولم يعد إليه حتى قتل »(2) .

وقد اعترف معاوية نفسه للحجاج بن خزيمة بأنه قد قعد عن عثمان ، وقد استغاث به فلم يجبه ، وأنه قال في ذلك أبياتاً(3) ، وهي الأبيات اللامية التي أشرنا إليها آنفاً.

وصرح الشهرستاني بأن جميع عمال عثمان وأمراءه قد « خذلوه ، ورفضوه حتى أتى قدره عليه » ، وهم : معاوية ، وسعد بن أبي وقاص ، والوليد بن عقبة ، وعبد الله بن عامر ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح(4) .

وقال له ابن عباس في المدينة ، حينما اتهم بني هاشم بقتل عثمان : « أنت قتلت عثمان ، ثم قمت تغمص على الناس أنك تطلب بدمه ، فانكسر معاوية »(5) .

وكتب محمد بن مسلمة لمعاوية : « ولعمري يا معاوية ، ما طلبت إلا الدنيا ، ولا اتبعت إلا الهوى ، ولئن كنت نصرت عثمان ميتاً ،

__________________

1 ـ مروج الذهب ج 3 والنصائح الكافية ص 21 والعقد الفريد ج 4 ص 30 عن تاريخ الخلفاء ، والإمام علي بن أبي طالب سيرة وتاريخ ص 168 والغدير ج 9 ص 139 / 140 عن تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 33 وعن تاريخ ابن عساكر ج 7 ص 201 وعن الاستيعاب ، في الكنى ، والإمامة والسياسة ج 1 ص 151 والمسعودي.

2 ـ تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 175.

3 ـ الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 265.

4 ـ الملل والنحل للشهرستاني ج 1 ص 26 وراجع هامش : الشيعة في التاريخ ص 142.

5 ـ تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 223.

١٧٠

خذلته حياً »(1) .

ومن كتاب لأمير المؤمنينعليه‌السلام إليه : « أما بعد ، فوالله ما قتل ابن عمك غيرك ، وإني لأرجو أن ألحقك به على مثل ذنبه ، وأعظم من خطيئته »(2) .

كما أن الاصبغ بن نباته قد واجهه بمثل ما تقدم عن غير واحد(3) .

وكذلك فإن الإمام الحسنعليه‌السلام قال له : « ثم ولاك عثمان فتربصت عليه »(4) . وقال معاوية لعمرو بن العاص : « صدقت ، ولكننا نقاتله على ما في أيدينا ، ونلزمه قتل عثمان. قال عمرو : واسوأتاه ، ان أحق الناس ألا يذكر عثمان لا أنا ولا أنت. قال : ولم؟ ويحك. قال : أما أنت فخذلته ومعك أهل الشام ، حتى استغاث بيزيد بن أسد البجلي ، فسار إليه : وأما أنا فتركته عياناً ، وهربت إلى فلسطين. فقال معاوية : دعني من هذا الخ »(5) .

ولما وصلت رسالة عثمان الاستنجادية إلى معاوية ، قال له المسور بن مخرمة : « يا معاوية، إن عثمان مقتول ، فانظر فيما كتبت به إليه ، فقال معاوية : يا مسور ، إني مصرح : إن عثمان بدأ فعمل بما يحب الله ويرضاه ، ثم غير وبدل ، فغير الله عليه ، أفيتهيأ لي أن أرد ما غير الله عز وجل؟ »(6) .

فهو يستدل بالجبر من أجل تبرير تخاذله عن نصر عثمان!!.

هل جرح الإمام الحسن عليه‌السلام في الدفاع عن عثمان :

ويبقى أن نشير : إلى أننا نشك في صحة ما ذكرته الرواية من أن الإمام

__________________

1 ـ الإمامة والسياسة ج 1 ص 101 والغدير ج 10 ص 333.

2 ـ الغدير ج 9 ص 76 والعقد الفريد ج 4 ص 334.

3 ـ تذكرة الخواص ص 85 ومناقب الخوارزمي ص 134 / 135.

4 ـ تذكرة الخواص ص 201.

5 ـ تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 186 والإمامة والسياسة ج 1 ص 98.

6 ـ الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 228.

١٧١

الحسنعليه‌السلام قد جرح في الدفاع عن عثمان ، وذلك لان الامام علياعليه‌السلام ، وإن كان يمكن أن يكون قد أرسل ابنيه ـ أو الإمام الحسن وحده ـ للدفاع عن عثمان وقد جاءا إليه ، وعرضا له المهمة التي أوكلها إليهما أبوهما إلا أن الظاهر : هو أن عثمان قد ردهما ، ولم يقبل منهما ذلك ويوضح ذلك النصوص التالية :

1 ـ « قال : ثم دعا علي بابنه الحسن ، فقال : انطلق يا ابني إلى عثمان ، فقل له : يقول لك أبي : أفتحب أن أنصرك؟ فأقبل الحسن إلى عثمان برسالة أبيه ، فقال عثمان : لا ، ما أريد ذلك ، لأني قد رأيت رسول الله إلى أن قال : فسكت الحسن ، وانصرف إلى أبيه فأخبره بذلك »(1) .

2 ـ « ثم اقتحم الناس الدار على عثمان وهو صائم إلى أن قال : والتفت عثمان إلى الحسن بن علي ، وهو جالس عنده ، فقال : سألتك بالله يا ابن الأخ إلا ما خرجت؟ فإني أعلم ما في قلب أبيك من الشفقة عليك ، فخرج الحسن رضي الله عنه ، وخرج معه عبد الله بن عمر »(2) .

3 ـ « كان علي كلما اشتكى الناس إليه أمر عثمان أرسل ابنه الحسن إليه ، فلما أكثر عليه قال : إن أباك يرى : أن أحداً لا يعلم ما يعلم؟ ونحن أعلم بما نفعل ، فكف عنا. فلم يبعث علي ابنه في شيء بعد ذلك »(3) .

وقال ابن قتيبة : « ثم دخل عليه الحسن بن علي ، فقال : مرني بما شئت ، فإني طوع يديك. فقال له عثمان ارجع يا ابن أخي ، اجلس في بيتك حتى يأتي الله بأمره »(4) .

__________________

1 ـ الفتوح لابن اعثم ج 2 ص 228.

2 ـ الفتوح لابن اعثم ج 2 ص 231.

3 ـ تقدمت المصادر لذلك.

4 ـ الإمامة والسياسة ج 1 ص 39 وحياة الصحابة ج 2 ص 134 عن الرياض النضرة ج 2 ص 269.

١٧٢

4 ـ « وشمَّر أناس من الناس ، فاستقتلوا ، منهم سعد بن مالك ، وأبوهريرة ، وزيد بن ثابت ، والحسن بن علي ، فبعث إليهم عثمان بعزمه لما انصرفوا ، فأنصرفوا »(1) .

5 ـ « بعث عثمان إلى علي بن أبي طالب : أن ائتني ، فبعث حسيناً ابنه ، فلما جاءه ، قال له عثمان : يا ابن أخي اتقدر على أن تمنعني من الناس؟ قال : لا. قال : فأنت في حلٍ من بيعتي ، فقل لأبيك يأتني ، فجاء الحسين إلى عليَّ فأخبره بقول عثمان ، فقام علي ليأتيه. فقام إليه ابي الحنفية فأخذ بضبعيه ، يمنعه من ذلك ». وفي هذه الأثناء جاء الصريخ : أن قد قتل عثمان(2) .

6 ـ « قال أبو مخنف في روايته : نظر مروان بن الحكم إلى الحسين بن علي فقال : ما جاء بك؟ قال : الوفاء ببيعتي. قال : اخرج عنا ، أبوك يؤلب الناس علينا ، وأنت هاهنا معنا؟. وقال له عثمان : انصرف ، فست أريد قتالاً ولا آمر به »(3) .

وما تقدم يشير إلى أن عثمان قد رفض مساعدة الإمام الحسن ، أو هو مع الحسينعليهما‌السلام ولم يشاركاعليهما‌السلام في الحرب ضد الثائرين. ـ ولعل العرض والرفض قد تعدد عدة مرات ـ. وذلك يوجب الريب في تلك الرواية القائلة بأن الإمام الحسنعليه‌السلام قد جرح في هذه القضية ، ثم كان من عليعليه‌السلام بالنسبة إليه ولأخيه ما كان ، مما تقدمت الإشارة إلى عدم صحته أيضاً.

نعم ربما يكون الإمام الحسنعليه‌السلام قد ساعد على نجاة البعض ، من دون اشتراك في القتال ، وإنما بما له من أحترام خاص في النفوس ، ففي محاورة جرت بينه وبين مروان بن الحكم ، قالعليه‌السلام لمروان : « أفلا أرقت دم من

__________________

1 ـ تاريخ الطبري ج 3 ص 389.

2 ـ أنساب الأشراف ج 5 ص 94.

3 ـ أنسب الأشراف ج 5 ص 78.

١٧٣

وثب على عثمان في الدار ، فذبحه كما يذبح الجمل ، وأنت تثغو ثغاء النعجة ، وتنادي بالويل والثبور ، كالأمة اللكعاء. ألا دفعت عنه بيد؟ أو ناضلت عنه بسهم؟ لقد ارتعدت فرائصك ، وغشي بصرك ، فاستغثت بي كما يستغيث العبد بربه ، فأنجيتك من القتل ، ومنعتك منه ، ثم تحث معاوية على قتلي؟! ولو رام ذلك لذبح كما ذبح ابن عفان الخ »(1) .

قوة موقف الإمام الحسن عليه‌السلام :

هذا وإن النص المتقدم آنفاً ، ليدل دلالة واضحة على قوة لا يستهان بها في موقف الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام.

وقد تقدم قول ابن العاص لمعاوية عن الإمام الحسن (ع) : « خفقت النعال خلفه ، وأمر فأطيع ، وقال فصدق ، وهذان يرفعان إلى ما هو أعظم ، فلو بعثت إليه ، فقصرنا به وبأبيه ، وسببناه وأباه ، وصغرنا بقدره وقدر أبيه الخ ».

وقال سفيان بن أبي ليلى للإمام الحسنعليه‌السلام في ضمن كلام له : « فقد جمع الله عليك أمر الناس »(2) .

وروى أبو جعفر قال : قال ابن عباس : « أول ذل دخل على العرب موت الحسنعليه‌السلام »(3) .

وقال أبو الفرج : « قيل لأبي إسحاق السبيعي : متى ذل الناس؟ فقال : حين مات الحسن ، وادعي زياد ، وقتل حجر بن عدي »(4) .

وقد اعترف معاوية نفسه : بأن الحسنعليه‌السلام ليس ممن يُرمي به

__________________

1 ـ المحاسن والمساوي ج 1 ص 135 وفي هامشه عن المحاسن والأضداد

2 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 44.

3 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 10.

4 ـ مقاتل الطالبيين ص 76 وشرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 51.

١٧٤

الرجوان(1) أي ليس ممن يستهان به ، والنصوص التي تدخل هذا المجال كثيرة ، لا مجال لتتبعها فعلاً.

ولعل ما تقدم من نصرة الإمام الحسنعليه‌السلام لعثمان ، بالإضافة إلى أنه لم يكن قد ساهم في قتل مشركي قريش وغيرها على عهد الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بسبب صغر سنه آنئذٍ. ثم ما سمعته الأمة ورأته من أقوال ومواقف النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله تجاههعليه‌السلام ثم علم الجميع بنزول العديد من الآيات القرآنية ، التي تعرب عن فضله ، وتشيد بكريم خصاله ، وتؤكد على ما يؤهله الله له من دورٍ قيادي في مستقبل الأمة

ـ إن كل ذلك وسواه ـ قد جعل موقفهعليه‌السلام في قبال معاوية والأمويين ، أكثر قوة ، وأعظم أثراً ، حيث لم يكن ثمة شبهات يستطيع خصومه التشبث بها لتضعيف مركزه ، وزعزعة سلطانه ، كما أنه لم يواجه ما يشبه قضية التحكيم ، التي فُرِضَت على أمير المؤمنينعليه‌السلام من قبل

نعم هو ابن لذلك الذي وَتَرَ قريشاً ، وقتل صناديدها ، الذين أرادوا أن يطفئوا نور الله سبحانه ، بكل ما يملكون من حيلة ووسيلة.

ولعل مدى ضعف حجة معاوية في مقابل الإمام الحسنعليه‌السلام ، يتجلى أكثر ، بالمراجعة إلى أقوال معاوية نفسه ، وذلك حينما لا يجد حجة يحتج بها لتصديه لهذا الأمر ، سوى أنه أطول من الإمام الحسنعليه‌السلام ولاية ، وأقدم تجربة ، وأكثر سياسة ، وأكبر سناً(2) .

قال بعض الباحثين : « وهكذا صارت مقاييس الخلافة كمقاييس الأزياء ، أو الكمال الجسماني : أطول ، وأكبر ، وأقدم ، وأكثر »(3) .

إلا أن جيش الإمام الحسنعليه‌السلام ، وكذلك الظروف الخاصة التي

__________________

1 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 19 و 195.

2 ـ مقاتل الطالبيين ص 58 وشرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 36 ، وحياة الحسن بن علي ، للقرشي ج 2 ص 33 و 35.

3 ـ حياة الإمام الحسن بنعليه‌السلام ، لآل يس ص 85.

١٧٥

مرت بها الأمة ، والعراق خاصة ، والنواحي العقيدية والاجتماعية ، وغير ذلك ـ كل ذلك وسواه ـ هو الذي أضعف من موقف الإمام الحسنعليه‌السلام ، وقوى من شوكة معاوي ، وإن كان العامل الزمني قد كان ـ على ما يبدو ـ لصالح الإمام الحسنعليه‌السلام على المدى الطويل. ولا سيما بعد وجود بعض التحول في المجتمع العراقي تجاه أهل البيت ، بعد جهود أمير المؤمنينعليه‌السلام في هذا المجال

وقد شرحنا بعض ما يرتبط المجتمع العراقي في بحث لنا آخر حول الخوارج ، وفيما تقدم بعض ما يمكن أن يفيد في ذلك. وليس هذا موضع بحثنا الآن ، لأنه يرتبط بظروف صلح الإمام الحسنعليه‌السلام مع معاوية كما هو معلوم

هل كان الإمام الحسن عليه‌السلام عثمانياً؟ !

ويحاول البعض أن يدعي : أن الإمام الحسنعليه‌السلام « كان عثمانياً بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة » ، قال : « وربما غلا في عثمانيته ، حتى قال لأبيه ذات يوم ما لا يحب ، فقد روى الرواة : أن علياً مر بابنه الحسن ن وهو يتوضأ ، فقال له : أسبغ الوضوء يا حسن ، فأجابه الحسن بهذه الكلمة المرة : « لقد قتلتم بالأمس رجلاً كان يسبغ الوضوء » ، فلم يزد على أن قال : لقد أطال الله حزنك على عثمان ». وفي نص آخر للبلاذري : « لقد قتلت رجلاً كان يسبغ والوضوء »(1) .

وفي قصة أخرى يقولون : « إن الحسن بن علي ، قال لعلي : يا أمير المؤمنين ، إني لا أستطيع أن أكلمك ، وبكى ، فقال علي : تكلم ، ولا تحنَّ حنين

__________________

1 ـ راجع : الفتنة الكبرى ، قسم : علي وبنوه ص 176 ، وأنساب الأشراف ج 3 ص 12 بتحقيق المحمودي و ج 5 ص 81 وراجع : الإمام الحسن بن علي لآل يس ص 50 وسيرة الأئمة الإثني عشر ج 1 ص 543.

١٧٦

المرأة ، فقال : إن لناس حصروا عثمان ، فأمرتك أن تعتزلهم وتلحق بمكة ، حتى تؤوب إلى العرب عوازب أحلامها ، فأبيت. ثم قتله الناس ، فأمرتك أن تعتزل الناس فلو كنت في جحر ضب لضربت إليك العرب آباط الإبل حتى يستخرجوك ، فغلبتني. ثم أمرتك اليوم : أن لا تقدم العراق ، فإني أخاف عليك أن تقتل بمضيعة فقال علي الخ »(1) .

وثمة روايات أخرى تفيد هذا المعنى ، لا مجال لإيرادها وهي تدل على أنهعليه‌السلام كان يكره أن يذهب أبوه إلى العراق لحرب طلحة والزبير ، كما قاله البعض(2) .

ونقول : إن كل ذلك لا يمكن أن يصح ، فـ :

أولا ً : كيف يمكن أن نجمع بين ما قيل هنا ، وبين قولهم الآنف الذكر : إن أمير المؤمنينعليه‌السلام قد أرسل الإمام الحسن وأخاهعليهم‌السلام للدفاع عن عثمان وأنه لما علم بمصيره جاء كالواله الحزين ، ولطم الحسن المخضب بالدماء ، ودفع في صدر الحسينعليهما‌السلام ، بتخيُّل : أنهما قد قصرا في أداء مهمتهما الخ؟!.

ثانيا ً : غن المتتبع لعامة مواقف الإمام الحسنعليه‌السلام يجده ـ باستمرار وبمزيد من الإصرار ـ يشدُّ أزر أبيه ، ويدافع عن حقه ، ويهتم في دفع حجج خصومه ، بل ويخوض غمرات الحروب في الجمل ، وفي صفين ، ويعرِّض نفسه للأخطار الجسام ، في سبيل الدفاع عنهعليه‌السلام ، وعن قضيته ، حتى لقد قال الإمامعليه‌السلام : أملكوا عني هذا الغلام لا يهدني ـ حسبما تقدم

وبالنسبة لدفاعه عن قضية أهل البيتعليهم‌السلام ، وحقهم بالخلافة ، دون كل من عداهم ، فإننا لا نستطيع استقصا جميع مواقفه وأقواله فعلاً ، ولكننا

__________________

1 ـ أنساب الأشراف بتحقيق المحمودي ج 2 ص 216 / 217 وتاريخ الطبري ج 3 ص 474 وليراجع : شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 226 / 227 و ج 19 ص 117 وسيرة الأئمة الاثني عشر ج 1 ص 543 عن طه حسين وغيره.

2 ـ راجع : سيرة الأئمة الاثني عشر علي بن أبي طالب 1 ص 542 ـ 544 وغير ذلك.

١٧٧

نذكر نموذجاً منها :

1 ـ عن الحسنعليه‌السلام : « إن أبا بكر وعمر عمدا إلى هذا الأمر ، وهو لنا كله ، فأخذاه دوننا ، وجعلا لنا فيه سهماً كَسَهم الجدة ، أما والله ، لتهمنهما أنفسهما ، يوم يطلب الناس فيه شفاعتنا »(1) .

قال التستري : « والظاهر : أن المراد بقولهعليه‌السلام : كسهم الجدة : أنهما جعلا لهم من الخلافة ، وباقي حقوقهم ، مجرد طعمة ، كالجدة مع الوالدين »(2) .

2 ـ وعنهعليه‌السلام في خطبة له : « ولولا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأوصياؤه ، كنتم حيارى ، لا تعرفون فرضاً من الفرائض الخ » قال هذا بعد أن عدد الفرائض ، وكان منها الولاية لأهل البيتعليهم‌السلام (3) .

3 ـ وتقدم قولهعليه‌السلام في خطبة له بعد بيعة الناس له : « فإن طاعتنا مفروضة ، إذ كانت بطاعة الله عز وجل ورسوله مقرونة ، قال الله عز وجل :( يا أيها الذين آمنوا ، أطيعوا الله ، وأطيعوا الرسول ، وأولي الأمر منكم ، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) الخ(4) .

4 ـ وقال الأربلي : عن معاوية : « وكان بينه وبين الحسن مكاتبات ، واحتج عليه الحسن ، في استحقاقه الأمر ، وتوثب من تقدم على أبيه ، وابتزازه سلطان ابن عمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(5) .

وقد كتبعليه‌السلام لمعاوية ، بعد ذكره ، مجاهدة قريش لهم ، بعد وفاة

__________________

1 ـ أمالي المفيد ص 49 وبهج الصباغة ج 4 ص 569.

2 ـ بهج الصباغة ج 4 ص 569.

3 ـ ينابيع المودة ص 480 وعن الأمالي للطوسي ص 56.

4 ـ ينابيع المودة ص 21 وأمالي المفيد ص 349 ومروج الذهب ج 2 ص 432 وحياة الحسن بن علي للقرشي ج 1 ص 153 وأمالي الشيخ الطوسي ج 1 ص 121 ، وصلح الحسن لآل يس ، ص 59 وعن جمهرة الخطب ج 2 ص 17 عن المسعودي.

5 ـ كشف الغمة ج 2 ص 165.

١٧٨

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مايلي :

« وقد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا ، في حقنا ، وسلطان نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أن قال : فأمسكنا عن منازعتهم ، مخافة على الدين : أن يجد المنافقون والأحزاب بذلك مغمزاً يثلمونه به. إلى أن قال : وبعد ، فإن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، لما نزل به الموت ولاَّني الأمر بعده »(1) .

5 ـ وحسبنا أن نذكر هنا : أن أباه أرسله إلى الكوفة ، فعزل أبا موسى الأشعري ، الذي كان يثبط الناس عن أمير المؤمنينعليه‌السلام . وجاء إلى أبيه بعشرة آلاف مقاتل. وجرت في هذه القضية حوادث مثيرة وهامة ، عبر فيها الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام عن فنائه المطلق في قضية أبيه ، التي هي قضية الإسلام والإيمان ، والتي نذر نفسه للدفاع عنها ، مهما كلفه ذلك من تضحيات(2) .

6 ـ ثم هناك موقفهعليه‌السلام في تفنيد ما احتج به المعترضون على قضية التحكيم ، حيث أورد بهذه المناسبة احتجاجات هامة ، جديرة بالبحث والدراسة ، وهي تدل على بعد نظره ، وثاقب فكره ، وعمق وعيه لكل الأمور والقضايا فلتراجع في مصادرها(3) .

__________________

1 ـ راجع : مروج الذهب ج 2 ص 432 وشرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 34 ومقاتل الطالبيين ص 55 / 56 والفتوح لابن اعثم ج 4 ص 151 والمناقب لابن شهر آشوب ج 4 ص 31 وحياة الحسن بن علي للقرشي ج 2 ص 29 والبحار ج 44 ص 54 وصلح الإمام الحسن لآل يس ص 82 والأحمدي عن ناسخ التواريخ ج 5 ص 84 وعن جمهرة رسائل العرب ج 2 ص 9 وعن مكاتيب الأئمة ص 3 و 4 و 7.

وفي بعض تلك المصادر : « ولاني المسلمون الأمر بعده » وراجع : الغدير ج 10 ص 159.

2 ـ راجع حياة الحسن بن علي للقرشي ، وسيرة الأئمة الاثني عشر ج 1 ص 546 / 548.

3 ـ العقد الفريد ج 4 ص 350 والبحار ط قديم ج 8 ص 564 والإمامة والسياسة ج 1 ص 138 والمناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 193 وحياة الحسن بن علي للقرشي ج 1 ص 261 و 262 وعن جمهرة خطب العرب ج 1 ص 392.

١٧٩

7 ـ وعنهعليه‌السلام : نحن أولى الناس بالناس ، في كتاب الله ، وعلى لسان نبيه(1) .

8 ـ وقالعليه‌السلام في خطبة له : « إن علياً باب من دخله كان مؤمناً ، ومن خرج عنه كان كافراً »(2) .

9 ـ وفي موقف له من حبيب بن مسلمة ، قال له : « رُب مسير لك في غير طاعة الله ، فقال له حبيب : أما مسيري إلى أبيك فليس من ذلك ، قال : بلى والله ، ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة زائلة ، فلئن قام بك في دنياك لقد قعد بك في آخرتك ، ولو كنت إذ فعلت شراً ، قلت خيراً الخ »(3) .

10 ـ ولتراجع خطبة الإمام الحسنعليه‌السلام ، التي يُكَّذِب فيها : أن يكون يرى معاوية أهلاً للخلافة. وقد تقدمت إشارة إلى ذلك مع مصادره ، حين الكلام تحت عنوان : « الأئمة في مواجهة الخطة » فلا نعيد.

وحسبنا ما ذكرناه هنا ، فإننا لم لم نقصد إلا إلى ذكر نماذج من ذلك ، ومن أراد المزيد فعليه بمراجعة كتب الحديث والتاريخ.

ثالثا ً : إن تطهير الله سبحانه وتعالى للإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه ، وكلمات النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله في حقه ، ثم ما عرف عنهعليه‌السلام من أخلاق فاضلة ، وسجايا كريمة ليكذب كل ما ينسب إليه صلوات الله وسلامه عليه من أمور وكلمات ؛ مثل قوله : أمرتك ، ونحو ذلك تتنافى مع أبسط قواعد الأدب الإسلامي الرفيع ، والخلق الإنساني الفاضل ، ولا سيما مع أبيه الذي يعرف هو قبل كل أحد قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه : أنه مع الحق ، والحق معه ، يدور معه حيث

____________

1 ـ نقل ذلك العلامة الأحمدي عن ناسخ التواريخ ج 1 ص 101 ط حجرية وعن البحار باب احتجاجاتهعليه‌السلام .

2 ـ كشف الغمة للأربلي ج 2 ص 198 والبحار ج 43 ص 350 و 351 عن تفسير فرات. ونقل عن ناسخ التواريخ ج 5.

3 ـ شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 18.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469