بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٨

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة8%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 668

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 668 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 67989 / تحميل: 4118
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٨

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

حيث أقامت على ارثها آيات محكمات، حججا لا ترد ولا تكابر، فكان مما أدلت به يومئذ ان قالت: " أعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم ؟ إذ يقول:( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ) .

وقال فيما أقتص من خبر زكريا:( فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) .

____________________

=> وأخرج الجوهري في كتاب السقيفة وفدك أيضا - كما في ص ٨١ من المجلد الرابع من شرح النهج - بالإسناد إلى أم هاني بنت أبى طالب: ان فاطمة قالت لأبي بكر من يرثك إذا مت ؟. قال: ولدى وأهلي. قالت: فمالك ترث رسول الله دوننا ؟ قال: يا بنت رسول الله ما ورث ابوك شيئا. قالت: بلى سهم الله الذي جعله لنا وصار فيأنا وهو الآن في يدك. فقال لها: سمعت رسول الله يقول: إنما هي طعمة اطعمناها الله فإذا مت كانت بين المسلمين.

وعن أبى الطفيل فيما أخرجه الجوهري مثله. والأخبار في هذا متواترة ولا سيما من طريق العترة الطاهرة. وحسبك خطبتها العصماء التي اشرنا إليها في الأصل. ولها خطبة أخرى تتعلق بالخلافة أخرجها الجوهري في كتاب السقيفة وفدك - كما في ص ٨٧ من المجلد الرابع من شرح النهج الحميدي - بالاسناد إلى عبدالله ابن الحسن بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين قالت: لما اشتد بفاطمة بنت رسول الله الوجع وثقلت في علتها اجتمع عندها نساء المهاجرين والأنصار فقلن لها: كيف أصبحت يا ابنة رسول الله قالت: أصبحت والله عائفة لديناكن قالية لرجالكن. (الخطبة) وهى من ابلغ المأثور عن أهل البيتعليهم‌السلام .

وقد أخرجها أيضا الإمام أبو الفضل احمد بن أبي طاهر في ص ٢٣ من كتابه بلاغات النساء بالإسناد إلى الزهراء وأصحابنا يروونها بالإسناد إلى سويد بن غفلة بن عوسجة الجعفي عن الزهراء. وقد أوردها المجلسي في البحار والطبرسي في الاحتجاج. وغيرهما من الاثبات (منه قدس) (*).

بين الزهراء وأبى بكر: راجع صحيح الترمذي ك السير باب - ٤٤ - ج ٤ / ١٥٧، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١٦ / ٢١١ - ٢١٣ و ٢٥١، فدك للقزويني ص ٤٣ و ٨٧ و ١٢٦، وفاء الوفاء ج ٣ / ٩٩٥، مشكل الآثار ج ١ / ٤٧ (*).

٨١

وقال( وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ) .

وقال:( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) .

وقال:( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) . ثم قالت: أخصكم الله بآية أخرج بها أبي ؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي ؟ ! أم تقولون: أهل ملتين لا يتوارثان ؟ ! (الخطبة)(٩٣) .

فانظر كيف احتجت أولا: على توريث الأنبياء بآيتي داود وزكريا الصريحتين بتوريثهما. ولعمري انهاعليها‌السلام أعلم بمفاد القرآن ممن جاءوا متأخرين عن تنزيله، فصرفوا الإرث هنا إلى وراثة الحكمة والنبوة دون الأموال، تقديما للمجاز على الحقيقة بلا قرينة تصرف اللفظ عن معناه الحقيقي المتبادر منه بمجرد الاطلاق، وهذا مما لا يجوز، ولو صح هذا التكلف لعارضها به أبو بكر يومئذ أو غيره ممن كان في ذلك الحشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم(١) . على أن هناك قرائن تعين وراثة الأموال كما بيناه سابقا.

____________________

(٩٣) تقدمت مصادر الخطبة تحت رقم - ٩٠ - فراجع.

(١) لكنهم لم يعارضوها يومئذ به ولا بشئ سوى المصادرة، إذ أجابها أبو بكر بقوله: يا ابنة رسول الله، والله ما خلق الله خلقا أحب إلى من رسول الله أبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله ولوددت أن السماء وقعت على الأرض يوم مات أبوكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ووالله لان تفتقر عائشة أحب إلى من أن تفتقري أترينني أعطى الأبيض والأحمر حقه وأظلمك حقك ؟ وأنت بنت رسول الله ! ان هذا المال لم يكن للنبي ! وانما كان مالا من أموال المسلمين ! يحمل به النبي الرجال وينفقه في سبيل الله فلما توفى وليته كما كان يليه ؟. قالت. والله لا كلمتك أبدا قال: والله لا هجرتك أبدا. قالت: والله لادعون الله عليك. قال: والله لادعون الله لك =>

٨٢

واحتجت ثانيا: على استحقاقها الإرث من أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله بعموم آيات المواريث وعموم آية الوصية، منكرة عليهم تخصيص العمومات بلا مخصص شرعي من كتاب أو سنة.

وما أشد إنكارها إذ قالت أخصكم الله بآية أخرج بها أبي ؟ فنفت بهذا الاستفهام الإنكاري وجود المخصص في الكتاب. ثم قالت: أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي ؟ فنفت بهذا الاستفهام التوبيخي وجود المخصص في السنة. بل نفت وجوده مطلقا، إذ لو كان ثمة مخصص لبينه لها النبي والوصي ويستحيل عليهما الجهل به لو كان في الواقع موجودا، ولا يجوز عليهما أن يهملا تبيينه لها لما في ذلك من التفريط في البلاغ، والتسويف في الإنذار، والكتمان للحق، والاغراء بالجهل، والتعريض لطلب الباطل، والتغرير بكرامتها، والتهاون في صونها عن المجادلة والمجابهة والبغضاء والعداوة بغير حق، وكل ذلك محال ممتنع عن الأنبياء وأوصيائهم.

وبالجملة كان كلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ببضعته الزهراء وإشفاقه عليها فوق كلف الاباء الرحيمة، وشفاقهم على أبنائهم البررة، يؤويها إلى الوارف من ظلال رحمته، ويفديها بنفسه(١) مسترسلا إليها بأنسه.

____________________

=> فلما حضرتها الوفاة أوصت أن لا يصلى عليها. الحديث أخرجه أبو بكر الجوهري بهذه الألفاظ في كتاب السقيفة وفدك - كما في ص ٨٠ من المجلد الرابع من شرح النهج الحميدي - وتراه ما عارضها فيما فهمته من التوريث في آيتي داود وزكريا، وانما عارضها بدعواه ان هذا المال لم يكن للنبي فلم تقنع منه إذ هي أعلم بشؤون أبيها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم (منه قدس).

(١) ذكرهاصلى‌الله‌عليه‌وآله مرة فقال: فداؤها أبوها فداؤها أبوها - ثلاث مرات - في =>

٨٣

وكان يحرص بكل ما لديه على تأديبها وتهذيبها وتعليمها وتكريمها حتى بلغ في ذلك كل غاية، يزقها المعرفة بالله والعلم بشرائعه زقا، لا يألو في ذلك جهدا، ولا يدخر وسعا حتى عرج إلى أوج كل فضل، ومستوى كل كرامة فهل يمكن أن يكتم عليها أمرا يرجع إلى تكليفها الشرعي ؟

حاشا لله، وكيف يمكن ان يعرضها - بسبب الكتمان - لكل ما أصابها من بعده في سبيل الميراث، من الامتهان بل يعرض الأمة للفتنة التي ترتبت على منع ارثها. وما بال بعلها خليل النبوة، والمخصوص بالاخوة، يجهل حديث " لا نورث " مع ما آتاه الله من العلم والحكمة، والسبق، والصهر، والقرابة، والكرامة والمنزلة، والخصيصة، والولاية، والوصاية، والنجوى، وما بال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يكتم ذلك عنه، وهو حافظ سره، وكاشف ضره وباب مدينة علمه، وباب دار حكمته، وأقضى أمته، وباب حطتها، وسفينة نجاتها وأمانها من الاختلاف.

وما بال أبي الفضل العباس وهو صنو أبيه، وبقية السلف من أهله، لم يسمع بذلك الحديث.

وما بال الهاشميين كافة وهم عيبته وبيضته التي تفقأت عنه، لم يبلغهم الحديث حتى فوجئوا به بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله . وما بال أمهات المؤمنين يجلهنه فيرسلن عثمان يسأل لهن ميراثهن من رسول الله(٩٤) .

____________________

=> حديث أخرجه الإمام أحمد بن حنبل ونقله عنه وعن غيره ابن حجر في الأمر الثاني من الأمور التي ذكرها في خاتمة الآية الرابعة عشرة من الآيات التي أوردها في الفصل الأول من الباب الحادي عشر من صواعقه ص ١٥٩ (منه قدس).

(٩٤) أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يرسلن عثمان حول ميراثهن: راجع صحيح الترمذي ك السير باب - ٤٤ - ج ٤ / ١٥٧، شرح النهج لابن أبى =>

٨٤

وكيف يجوز على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يبين هذا الحكم لغير الوارث ويدع بيانه للوارث ؟.

ما هكذا كانت سيرتهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ يصدع بالأحكام فيبلغها عن الله عزوجل، ولا هذا هو المعروف عنه في انذار عشيرته الأقربين، ولا مشبه لما كان يعاملهم به من جميل الرعاية وجليل العناية.

بقي للطاهرة البتول كلمة استفزت بها حمية القوم، واستثارت حفائظهم، بلغت بها أبعد الغايات ألا وهي قولها: " أم تقولون: أهل ملتين لا يتوارثان " تريد بهذا أن عمومات المواريث لا تتخصص بمثل ما زعمتم، وانما تتخصص بمثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " لا توارث بين أهل ملتين " واذن فهل تقولون، إذ تمنعونني الإرث من أبي: اني لست على ملته، فتكونون - لو أثبتم خروجي عن الملة - على حجة شرعية فيما تفعلون.

فانا لله وإنا إليه راجعون.

النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص ٦٦: -

[ المورد (٨) نحلة الزهراء: ]

وذلك أن الله عز سلطانه لما فتح لعبده وخاتم رسله حصون خيبر، قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك فنزلوا علي حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صاغرين، فصالحوه عن نصف أرضهم(١) فقبل ذلك منهم أفكان نصف فدك ملكا خالصا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ لم يوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب، وهذا مما

____________________

=> الحديد ج ١٦ / ٢٢٠ و ٢٢٣، الصواعق لابن حجر ص ٢٢ ط الميمنية، معجم البلدان للحموي ج ٤ / ٢٣٩، فتوح البلدان للبلاذري ص ٤٣.

(١) وقيل: بل صالحوه على جميعها (منه قدس) (*).

٨٥

أجمعت الأمة عليه بلا كلام لأحد منها في شئ منه(٩٥) . ثم لما أنزل الله عزوجل عليه( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) أنحل فاطمة فدكا، فكانت في يدها(٩٦) حتى انتزعت منها لبيت المال.

هذا ما ادعته الزهراء بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأوقفت في سبيله موقف المحاكمة بإجماع الأمة، واليك ما جاء في محاكمتها :

قال الإمام فخر الدين الرازي: فلما مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ادعت فاطمةعليها‌السلام أنه كان ينحلها فدكا، فقال لها أبو بكر: أنت أعز الناس علي

____________________

(٩٥) فدك ملك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج ٢ / ٣٥٣، فدك للقزويني ص ٢٩، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١٦ / ٢١٠، تاريخ الطبري ج ٣ / ٢٠، الكامل في التاريخ ج ٢ / ٢٢٤ وج ٢ / ١٥٢ ط آخر، معجم البلدان للحموي مادة - فدك - ج ٤ / ٢٣٨ - ٢٤٠، وفاء الوفاء ج ٣ ٩٩٧ و ٩٩٨، فدك في التاريخ ص ٢٠، فتوح البلدان للبلاذري ص ٤٢ و ٤٣، سنن أبى داود ج ٢ / ٤٧ باب صفايا رسول الله ك الخراج، الأموال لأبي عبيد ص ٩، سيرة ابن هشام ج ٢ / ٤٠٨، الاكتفاء ج ٢ / ٢٥٩، الأحكام السلطانية للماوردى ص ١٧٠، الأحكام السلطانية لأبي يعلي ص ١٨٥، المغازي للواقدي ص ٧٠٦، أمتاع الأسماع ص ٣٣١، مقدمة مرآة العقول ج ١ / ١٣٣، شواهد التنزيل للحسكاني ج ١ / ٣٣٨ و ٤٤٣.

(٩٦) أئمة أهل البيت وشيعتهم كافة لا يرتابون في أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنحل بضعته الزهراء ما كان خالصا له من فدك، وانه كان في يدها حتى انتزع منها، وحسبك قول أمير المؤمنينعليه‌السلام فيما كتبه لي عامله في البصرة عثمان بن حنيف: بلي كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء فشحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس قوم آخرين، ونعم الحكم الله. لي آخر كلامه وهو في نهج البلاغة، وفى معناه نصوص متواترة عن أئمة العترة الطاهرة. والمحدثون الاثبات رووا بالإسناد لي أبى سعيد الخدري انه قال: لما نزل قوله تعلي( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) أعطى رسول الله فاطمة فدكا =>

٨٦

فقرا، وأحبهم إلي غنى، لكني لا أعرف صحة قولك(١) فلا يجوز أن أحكم لك، [ قال ]: فشهدت لها أم أيمن ومولي لرسول الله(٢) فطلب منها أبو بكر الشاهد الذي يجوز قبول شهادته في الشرع فلم يكن. (انتهى بلفظه)(٩٧) .

____________________

=> أخرجه الإمام الطبرسي في مجمع البيان فليراجع منه تفسير( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) وهى الآية ٢٦ من سورة الإسراء. وتجد ثمة ان هذا الحديث مما ألزم المأمون برد فدك علي ولد فاطمة (منه قدس).

فدك في يد فاطمة: راجع: شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج ١ / ٣٣٨ ح ٤٦٧ و ٤٦٨ و ٤٦٩ و ٤٧٠ و ٤٧١ و ٤٧٢ و ٤٧٣، الدر المنثور ج ٤ / ١٧٧، مجمع الزوائد ج ٧ / ٤٩، تفسير الطبري ج ١٥ / ٨٢ ط ٢، ينابيع المودة للقندوزى ص ٤٩ و ١٤٠ ط الحيدرية وص ١١٩ ط اسلامبول، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ١ / ٢٢٨، إحقاق الحق ج ٣ / ٥٤٩، فضائل الخمسة ج ٣ / ١٣٦، التبيان في تفسير القرآن للطوسي ج ٦ / ٤٦٨، تلخيص الشافي له أيضا ج ٢ / ١٢١، مجمع البيان ج ٦ / ٤١١: شرح النهج لابن أبى الحديد ج ١٦ / ٢٦٨ و ٢٧٥، كنز العمال ج ٣ / ٧٦٧ ح ٨٦٩٦، فتوح البلدان للبلاذري ص ٤٦ - ٤٧، مقدمة مرآة العقول ج ١ ص ١٣٣، السبعة من السلف ص ٣٥، الميزان الذهبي ج ٢ / ٢٢٨ ط السعادة.

(١) بجدك قل لي يا أبا بكر هل كنت في الواقع وحقيقة الأمر لا تعرف صحة قولها ولا سيما بعد أن شهدت بصحته أم أيمن وشهد به أمير المؤمنين وهل كنت تراهم جميعا من أهل الزور والعدوان أو أنهم كانوا جميعا من الخطأ بمكان كلا( بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ) (منه قدس).

(٢) الشاهد لها مع أم أيمن انما هو أمير المؤمنين علي بن أبى طالب وهذا مما لا ريب فيه، وكأن الرازي استفظع رد شهادة علي فلم يصرح باسمه احتراما له ولأبي بكر معا فكنى عنه بمولي رسول الله (منه قدس).

(٩٧) فراجعه في تفسير آية الفئ من سورة الحشر تجده في ص ١٢٥ الجزء الثامن من تفسيره مفاتيح الغيب (منه قدس) =>

٨٧

وفي الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي ما هذا لفظه: ودعوى فاطمة أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله نحلها فدكا لم تأت عليها إلا بعلي وأم أيمن فلم يكمل نصاب البينة. إلي آخر كلامه(١) .

وهذا بعينه ما هو المنقول في هذا الموضوع عن ابن تيمية وابن القيم وغيرهما من أعلام الجماعة(٩٨) .

قلت: عفا الله عنا وعنهم ورضي عن أبي بكر الصديق وأرضى عنه فاطمة وأباها وبعلها وبنيها، ليته آثر ما هو الأليق به فلم يوقف وديعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهي ثكلي مواقفها تلك منه، تارة في سبيل ارثها، وأخرى في سبيل نحلتها، وثالثة ورابعة في شؤون وشجون، وليته لم يدعها تنقلب عنه راغمة يائسة، ثم تموت مدلهمة هاجرة له فتوصي بما أوصت. سبحان الله وبحمده أين حلمه وأناته ؟.

وأين نظره البعيد في عواقب الأمور ؟.

وأين احتياطه علي ربح المسلمين ؟.

فليته أتقى فشل الزهراء في مواقفها بكل ما لديه من سبل الحكمة، ولو فعل لكان ذلك أحمد في العقبى، وأبعد عن مظان الندم، وأنأى عن مواقف

____________________

=> شهادة أم أيمن وغيرها: راجع: تفسير الفخر الرازي ج ٢٩ / ٢٨٤ ط ٢. وممن ذكر ان الشاهد مع أم أيمن هو أمير المؤمنين علي بن أبى طالبعليه‌السلام الذي مع الحق والحق معه يدور حيث دار. السمهودي في وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى ج ٣ / ٩٩٩.

(١) فراجعه في آخر ص ٢١ أثناء كلامه في الشبهة السابعة من شبه الرافضة (منه قدس).

(٩٨) راجع: وفاء الوفاء ج ٣ / ٩٩٩، فدك للقزويني، كتاب الخراج لأبي يوسف ٢٤، سنن النسائي ج ٢ / ١٧٩، الأموال لأبي عبيد ص ٣٣٢، تفسير الطبري ج ١٠ / ٦، مقدمة مرآة العقول ج ١ / ١٥١ (*).

٨٨

اللوم، وأجمع لشمل الأمة، وأصلح له بالخصوص. وقد كان في وسعة أن يربأ بوديعة رسول الله ووحيدته عن الخيبة، ويحفظها عن ان تنقلب عنه وهي تتعثر بأذيالها، وماذا عليه، إذ احتل محل أبيها، لو سلمها فدكا من غير محاكمة ؟ ! فان للإمام أن يفعل ذلك بولايته العامة، وما قيمة فدك في سبيل هذه المصلحة ؟ ودفع هذه المفسدة.

وهذا ما قد تمناه لأبي بكر كثير من متقدمي أوليائه ومتأخريهم.

واليك كلمة في هذا الموضوع لعليم المنصورة الأستاذ محمود أبو رية المصري المعاصر، قال: بقي أمر لابد أن نقول فيه كلمة صريحة: ذلك هو موقف أبي بكر من فاطمة رضي ‌الله ‌عنها بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وما فعل معها في ميراث أبيها، لانا إذا سلمنا بأن خبر الآحاد الظني يخصص الكتاب القطعي، وأنه قد ثبت أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد قال: " انه لا يورث " وانه لا تخصيص في عموم هذا الخبر، فان أبا بكر كان يسعه أن يعطي فاطمة رضي ‌الله‌ عنها ب عض تركة أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخصها بفدك، وهذا من حقه الذي لا يعارضه فيه أحد، إذ يجوز للخليفة أن يخص من يشاء بما شاء. قال: وقد خص هو نفسه الزبير بن العوام(١) ، ومحمد بن مسلمة وغيرهما ببعض متروكات النبي(٢) .

علي ان فدكا هذه التي منعها أبو بكر لم تلبث أن أقطعها الخليفة عثمان

____________________

(١) وكان صهره علي أسماء أم عبدالله (منه قدس).

(٢) قلت: وخص بنته أم المؤمنين بالحجرة فدفنته حين مات فيها لي جنب رسول الله ثم دفن فيها خليفته عمر برخصة منها، فلما توفى الحسن ريحانة رسول الله أراد بنو هاشم تجديد العهد فيه بجده. فكان ما كان مما لست أذكره * فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر - فانا لله وانا إليه راجعون (منه قدس) (*).

٨٩

لمروان(٩٩) هذا كلامه بنصه(١٠٠) .

ونقل ابن أبي الحديد عن بعض السلف كلاما مضمونه العتب علي الخليفتين والعجب منهما في مواقفهما مع الزهراء بعد أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله . قالوا في آخره: " وقد كان الأجل أن يمنعهما التكرم عما ارتكباه من بنت رسول الله فضلا عن الدين ". فذيله ابن أبي الحديد بقوله(١) : " وهذا الكلام لا جواب عنه ".

قلت: دعنا من مقتضيات التكرم، ولننظر في المسألة من حيث مقتضيات المحاكمة فنقول: قد تمت الموازين الشرعية التي توجب الحكم للزهراء بنحلتها وكانت مع تمامها متعددة كما لا يخفى علي المنصفين من أولي الألباب.

وحسبهم منها علم الحاكم يومئذ ان هذه المدعية انما هي بمثابة من

____________________

(٩٩) عثمان يعطى فدكا لمروان بن الحكم. راجع: المعارف لابن قتيبة ص ١٩٥، تاريخ أبى الفداء ج ١ / ١٦٩، سنن البيهقي ج ٦ / ٣٠١، العقد الفريد ج ٤ / ٢٨٣ ط لجنة التأليف والنشر، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج ١ / ١٩٨، الغدير للأميني ج ٧ / ١٩٥ وج ٨ / ٢٣٦ - ٢٣٨، وفاء الوفاء ج ٣ / ١٠٠٠، فدك في التاريخ ص ٢٠ - ٢١، سنن أبى داود ج ٢ / ٤٩. وقيل ان الذي أقطعها لمروان هو معاوية بن أبى سفيان: راجع: معجم البلدان للحموي ج ٤ / ٢٤٠، الغدير للأميني ج ٧ / ١٩٥، وفاء الوفاء ج ٣ / ١٠٠٠، فدك في التاريخ ص ٢١ - ٢٢، فتوح البلدان للبلاذري ص ٤٦.

(١٠٠) وقد نشرته مجلة الرسالة المصرية في عددها ٥١٨ من السنة ١١ فراجعه في ص ٤٥٧ (منه قدس). وقريب منه نقله في كتابه شيخ المضيرة أبو هريرة ص ١٦٩ ط ٣.

(١) في ص ١٠٦ من المجلد الرابع من شرحه لنهج البلاغة حين أتى علي شرح قول أمير المؤمنين في كتابه لعثمان بن حنيف: بلي كانت في أيدينا فدك (منه قدس) (*).

٩٠

القدس تعدل بها مريم بنت عمران(١) وانها أفضل منها(١٠١) وانها ومريم

____________________

(١) بحكم النصوص الصريحة في السنن المتظافرة الصحيحة. فمنها ما أخرجه ابن عبد البر في ترجمة الزهراء من استيعابه وغيره من أعلام اثباتهم: ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عادها وهى مريضة فقال: كيف تجدينك يا بنية ؟ قالت: انى لوجعة وانه ليزيدني انى ملي طعام آكله، قال: يا بنية أما ترضين أنك سيدة نساء العالمين. قالت: يا أبة فأين مريم بنت عمران ؟. قال: تلك سيدة نساء عالمها وأنت سيدة نساء عالمك، أما والله لقد زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة اه‍ (منه قدس).

(١٠١) تفضيلها علي مريمعليها‌السلام أمر مفروغ منه عند أئمة العترة الطاهرة وأوليائهم من الإمامية وغيرهم، وصرح بأفضليتها علي سائر النساء حتى السيدة مريم كثير من محققي أهل السنة والجماعة كالتقي السبكي، والجلال السيوطي، والبدر، والزركشي، والتقى المقريزي، وابن أبى داود، والمناوي فيما نقله عنهم العلامة النبهاني في فضائل الزهراء ص ٥٩ من كتابه - الشرف المؤبد - وهذا هو الذي صرح به السيد أحمد زيني دحلان مفتى الشافعية، ونقله عن عدة من أعلامهم وذلك حيث أورد تزويج فاطمة بعلي في سيرته النبوية فراجع (منه قدس).

فاطمة الزهراءعليها‌السلام أفضل من مريم بنت عمران. راجع: نور الأبصار للشبلنجى ص ٤٢ ط اليوسفية، الاستيعاب بذيل الإصابة ج ٤ / ٣٦٤، حلية الأولياء ج ٢ / ٤٢، جالية الكدر في شرح منظومة البرزنجي ص ٢٠٢، الأنوار المحمدية للنبهاني ص ١٥٠، مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ / ٧٩، مشكل الاثار ج ١ / ٤٨ و ٥٠ و ٥٢، ذخائر العقبى ص ٤٢، المعتصر من المختصر للباجى ج ٢ / ٢٤٧ تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ / ٩١، نظم درر السمطين ص ١٧٩، طرح التثريب ج ١ / ١٤٩، الإصابة ج ٤ / ٢٧٥، وسيلة المال ص ٨، الثغور الباسمة للسيوطي ص ١٤، ينابيع المودة ص ١٧٤، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج ٢ / ٦، مشارق الأنوار للحمزواى ص ١٠٥، الشرف المؤبد ص، رشفة الصادى ص ٢٢٦، أعلام النساء لعمر كحالة ج ٣ / ١٢١٥، كنز العمال ج ١٣ / ١٤٥ (*).

٩١

وخديجة وآسية أفضل نساء الجنة(١٠٢) وانها والثلاث خير نساء العالمين(١٠٣) ، وهي التي قال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

____________________

(١٠٢) أخرجه الإمام أحمد من حديث ابن عباس في ص ٢٩٣ من الجزء الأول من مسنده، ورواه أبو داود كما في ترجمة خديجة من الاستيعاب، وقاسم بن محمد كما في ترجمة الزهراء من الاستيعاب أيضا (منه قدس). راجع مسند أحمد بن حنبل ج ١ / ٢٩٣ و ٣٢٢ ط الميمنية بمصر، الاستيعاب بهامش الإصابة ج ٤ / ٢٨٤ و ٣٧٦ ط السعادة، المستدرك للحاكم ج ٣ / ١٦٠، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك ج ٣ / ١٦٠ وصححه، ذخائر العقبى ص ٤٢، أسد الغابة ج ٥ / ٤٤٧، الإصابة لابن حجر ج ٤ / ٣٧٨ ط السعادة وج ٤ / ٣٦٦ ط مصطفى محمد بمصر، ينابيع المودة ص ١٧٢ و ١٧٣ و ١٩٨ و ٢٤٦ ط اسلامبول وص ٢٠٢ و ٢٠٤ و ٢٣٤ ط الحيدرية، مشكل الاثار للطحاوي ج ١ / ٤٨، الاعتقاد البيهقي ص ١٦٥، تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ / ٩٢، تهذيب التهذيب للذهبي ص ١٣٤، كنز العمال ج ١٣ / ١٤٣ منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٢٨٤، الخصائص الكبرى للسيوطي ج ٢ / ٢٦٥، الجامع الصغير للسيوطي ج ١ / ١٦٨، الفتح الكبير للنبهاني ج ١ / ٢١٤، البداية والنهاية لابن كثير ج ٢ / ٥٩، تهذيب التهذيب لابن حجر ج ١٢ / ٤٤١، طرح التشريب ص ١٦٩، إرشاد الساري ج ٦ / ١٦٨، البيان والتعريف للحمزاوي ج ١ / ١٢٣، وسيلة المال ص ٨٠، حسن الاسورة ص ٣١، أرجح المطالب ص ٢٤٠ و ٢٤٣، جواهر البحار للنبهاني ج ١ / ٣٦١، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص ٢٣٨ رقم ٧٧٠.

(١٠٣) أخرجه أبو داود كما في ترجمة خديجة من الاستيعاب بالإسناد لي أنس، ورواه عبد الوارث بن سفيان كما في ترجمة الزهراء وخديجة من الاستيعاب (منه قدس). راجع: الاستيعاب بهامش الإصابة ج ٤ / ٢٨٤ و ٢٨٥ و ٣٧٧ ط السعادة وبذيل الإصابة ج ٤ / ٣٦٥ ط مصطفى محمد بمصر، الإصابة لابن حجر العسقلاني ج ٤ / ٣٧٨ ط السعادة وج ٤ / ٣٦٦ ط مصطفى محمد بمصر، أسد الغابة ج ٥ / ٤٣٧، ذخائر العقبى ص ٤٤، ينابيع المودة ص ٢٠٤ و ٢١٨ ط الحيدرية وص ١٧٣ ط اسلامبول، تاريخ بغداد ج ٩ / ٤٠٤، البداية والنهاية ج ٢ / ٥٩، تفسير ابن كثير ج ٢ / ٢٢٤، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٢٨٤، كنز العمال ج ١٣ / ١٤٣، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص ٢٣٩ رقم ٧٧١ (*).

٩٢

" يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة "(١٠٤) .

____________________

(١٠٤) أخرجه البخاري في ص ٦٤ من الجزء الرابع من صحيحه، ومسلم في فضائل فاطمة من الجزء الثاني من صحيحه، والترمذي في الصحيح، وصاحب الجمع بين الصحيحين وصاحب الجمع بين الصحاح الستة، والإمام أحمد من حديث الزهراء ص ٢٨٢ علي الجزء السادس من مسنده وابن عبد البر في ترجمتها من استيعابه، ومحمد بن سعد في ترجمتها من الجزء الثامن من طبقاته، وفى باب ما قاله النبي في مرضه من المجلد الثاني من الطبقات أيضا.

واللفظ الذي تسمعه للبخاري في آخر ورقة من كتاب الاستئذان من الجزء الرابع من صحيحه، قال: حدثنا موسى عن أبى عوانة عن فراس، عن عامر، عن مسروق، قال: حدثتني عائشة أم المؤمنين قالت: أنا كنا أزواج النبي عنده جميعا لم تغادر منا واحدة، فأقبلت فاطمة تمشى لا والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلما رآها رحب، وقال: مرحبا بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارها فبكت بكاءا شديدا، فلما رأى حزنها سارها الثانية، إذا هي تضحك، فقلت لها أنا من بين نسائه: خصك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالسر من بيننا، ثم أنت تبكين ؟ ! فلما قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سألتها: عم سارك ؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله سره، فلما توفى قلت لها: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني، قالت: أما الآن فنعم فأخبرتني. قالت: أما سارني في الأمر الأول فانه أخبرني ان جبرئيل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة، وانه عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقى الله واصبري، فاني نعم السلف انا لك، قالت فبكيت بكائي الذي رأيت. فلما رأى جزعي سارني الثانية، قال: يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو نساء هذه الأمة أه‍.

قلت: ولفظه فيما ذكره ابن حجر في ترجمتها من الإصابة، وغير واحد من المحدثين: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين ؟ وكيف كان فالحديث صحيح، والنص في تفضيلها صريح.

وأخرج ابن سعد في باب ما قاله النبي لها في مرضه من المجلد الثاني من طبقاته بالإسناد لي أم سلمة، قالت: لما حضر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة دعا فاطمة فناجاها فبكت، ثم ناجاها فضحكت، فلم أسألها حتى توفى =>

٩٣

وقد علم المسلمون كافة ان الله عزوجل اختارها من نساء الأمة. كما اختار ولديها من الأبناء، واختار بعلها من الأنفس، فهم الخيرة مع رسول الله للمباهلة يوم أوحى الله سبحانه إليه( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (١٠٥) .

____________________

=> رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسألتها عن بكائها وضحكها فقالت: أخبرني انه يموت، ثم أخبرني إني سيدة نساء أهل الجنة. الحديث أخرجه أيضا أبو يعلي - كما في ترجمة الزهراء من الإصابة - بالإسناد لي أم سلمة، ورواه عنها غير واحد من أهل الحديث (منه قدس).

فاطمة الزهراء سيدة نساء المؤمنين: راجع: صحيح البخاري ك الاستئذان ب من ناجى بين يدي الناس ج ٨ / ٧٩ ط مطابع الشعب وج ٤ / ٩٦ ط الحلبي بحاشية السندي، صحيح مسلم ك فضائل الصحابة ب - ١٥ - فضائل فاطمة ج ٤ / ١٩٠٥ ط بتحقيق محمد فؤاد، سنن ابن ماجة ك الجنائز ب ٦٤ ج ١ / ٥١٨ بتحقيق محمد فؤاد، الاستيعاب بذيل الإصابة ج ٤ / ٣٦٣، أسد الغابة ج ٥ / ٥٢٢، التاج الجامع للأصول ج ٣ / ٣٧١، حلية الأولياء ج ٢ / ٣٩، مسند أحمد ج ٦ / ٢٨٢، نور الأبصار للشبلنجى ص ٤٥، مسند أبى داود الطيالسي ص ١٩٦، الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٨ / ٢٦، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص، جواهر البحار للنبهاني ج ١ / ٣٦٠، المستدرك للحاكم ج ٣ / ١٥٦، مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ / ٥٤، مصابيح السنة للبغوي ج ص، أسد الغابة ج ٥ / ٥٢٢، تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ / ٩٤، الخصائص الكبرى للسيوطي ج ٢ / ٢٦٥، كنز العمال ج ١٢ / ١١٠، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٩٧ ينابيع المودة ص ٢٦٠، إحقاق الحق ج ١٠ / ٢٧، مشكل الاثار ج ١ / ٤٨.

(١٠٥) لنا في الفصل الأول من كلمتنا الغراء حول هذه الخصيصة - المباهلة - مباحث جمة يجدر بكل بحاثة أن يقف عليها (منه قدس). سورة آل عمران آية: ٦١. أجمعت الأمة السلامية ان الآية نزلت في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين =>

٩٤

..

____________________

=>عليهم‌السلام راجع: صحيح مسلم كتاب الفضائل باب من فضائل علي بن أبى طالب ج ٢ / ٣٦٠ ط عيسى الحلبي وج ١٥ / ١٧٦ ط مصر بشرح النووي وج ٧ / ١٢٠ ط محمد علي صبيح وج ٤ / ١٨٧١ ط مصر بتحقيق محمد فؤاد، صحيح الترمذي ج ٤ / ٣٩٣ وج ٥ / ٣٠١ أفست بيروت، شواهد التنزيل للحسكاني ج ١ / ١٢٠ - ١٢٩ ح ١٦٨ و ١٧٠ و ١٧١ و ١٧٢ و ١٧٣ و ١٧٥، المستدرك علي الصحيحين للحاكم ج ٣ / ١٥٠ وصححه، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك، مناقب علي بن أبى طالب لابن المغازلي ص ٢٦٣ ح ٣١٠، مسند أحمد ج ١ / ١٨٥ ط الميمنية وج ٣ / ٩٧ ح ١٦٠٨ ط دار المعارف، كفاية الطالب للكنجي ص ٥٤ و ٨٥ و ١٤٢ ط الحيدرية وص ١٣ و ٢٨ - ٢٩ و ٥٥ و ٥٩ ط الغرى، ترجمة الإمام علي بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج ١ / ٢١ ح ٣٠ و ٢٧١، تفسير الطبري ج ٣ / ٢٩٩ و ٣٠٠ و ٣٠١ ط ٢ وج ٣ / ١٩٢ ط الميمنية، الكشاف للزمخشري ج ١ / ١٩٣ ط مصطفى محمد وج ١ / ٣٦٨ - ٣٧٠ ط بيروت، تفسير ابن كثير ج ١ / ٣٧٠ - ٣٧١، تفسير القرطبي ج ٤ / ١٠٤ ط ٣، أحكام القرآن للجصاص ج ٢ / ٢٩٥ ط ٢ بتحقيق القمحاوى وادعى عدم الاختلاف في ذلك، أحكام القرآن لابن عربي ج ١ / ١١٥ ط السعادة وج ١ / ٢٧٥ ط ٢، التسهيل لعلوم التنزيل ج ١ / ١٠٩، فتح البيان في مقاصد القرآن ج ٢ / ٧٢، زاد المسير لابن الجوزي ج ١ / ٣٩٩، فتح القدير للشوكاني ج ١ / ٣١٦ ط ١ وج ١ / ٣٤٧ ط ٢، تفسير الفخر الرازي ج ٢ / ٦٩٩ ط دار الطباعة العامرة بمصر وج ٨ / ٨٥ ط البهية، تفسير أبى السعود بهامش تفسير الرازي ج ٢ / ١٤٣ ط دار الطباعة بمصر، جامع الأصول ج ٩ / ٤٧٠، تفسير الخازن ج ١ / ٣٠٢، معالم التنزيل للبغوي بهامش تفسير الخازن، تفسير الجلالين للسيوطي ج ١ / ٣٣ ط مصر وص ٧٧ ط بيروت، تفسير البيضاوى ج ٢ / ٢٢، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٦٩، الصواعق المحرقة لابن حجر ص ٧٢ و ٨٧ و ٩٣ ط الميمنية وص ١١٩ و ١٤٣ و ١٥٣ ط المحمدية وفى المورد الأول من هذه الطبعة حذف اسم الإمام الحسنعليه‌السلام وهو موجود في الطبعة الأولي ص ٧٢ فراجع، الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ص ٥، السيرة الحلبية ج ٢ / ٢١٢ ط البهية وج ٢ / ٢٤٠ ط محمد علي صبيح، السيرة النبوية =>

٩٥

فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما نص عليه الإمام الرازي في تفسير الآية من تفسيره الكبير وعليه مرط من شعر اسود وقد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول لهم: إذا انا دعوت فأمنوا. فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا لأزاله بها، فلا تباهلوهم فتهلكوا، ولا يبقى علي وجه الأرض نصراني لي يوم القيامة(١٠٦) .

وأيضا أجمع المسلمون كافة علي ان الزهراءعليها‌السلام ممن أنزل الله عزوجل فيهم( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ

____________________

=> لزين دحلان بهامش الحلبية ج ٣ / ٥ ط البهية، المناقب للخوارزمي ص ٦٠ و ٩٧، الفصول المهمة لابن الصباغ ص ١١٠، شرح النهج لابن أبى الحديد ج ٤ / ١٠٨ ط ١ وج ١٦ / ٢٩١ ط مصر بتحقيق أبو الفضل، أسد الغابة ج ٤ / ٢٦، الإصابة لابن حجر ج ٢ / ٥٠٩ ط السعادة وج ٢ / ٥٠٣ ط مصطفى محمد، مرآة الجنان لليافعى ج ١ / ١٠٩، مشكاة المصابيح ج ٣ / ٢٥٤، البداية والنهاية ج ٥ / ٥٤ ولم يذكر أمير المؤمنين، الرياض النضرة ج ٢ / ٢٤٨، فضائل الخمسة ج ١ / ٢٤٤، إحقاق الحق للتستري ج ٣ / ٤٦ - ٦٢ وج ٩ / ٧٠ - ٧١، شذرات الذهب (الأئمة الاثنا عشر) ص ٥٣، فرائد السمطين ج ١ / ٣٧٧ وج ٢ / ٢٣ وألف بخصوص هذه الآية عدة مؤلفات منها المباهلة للشيخ عبدالله السبيتى ط في النجف.

(١٠٦) وهذا الحديث ذكره المفسرون والمحدثون وأهل السير والأخبار، وكل من أرخ حوادث السنة العاشرة للهجرة وهى سنة المباهلة، قال الرازي بعد إيراده في تفسيره الكبير: واعلم ان هذه الرواية كالمتفق علي صحتها بين أهل التفسير والحديث. قلت: أين كان الصديق عن هذه الوجوه يوم طالبته بالنحلة فرد دعواها ولم يقبل شهادة من شهد يومئذ منهم (منه قدس). تفسير الرازي ج ٨ / ٨٠، الميزان في تفسير القرآن ج ٣ / ٢٢٢ - ٢٤٤ (*).

٩٦

تَطْهِيرًا ) (١٠٧) .

____________________

(١٠٧) كما فصلناه في الفصل الثاني من كلمتنا الغراء فليراجع بإمعان (منه قدس). سورة الأحزاب آية: ٣٣. نزلت هذه الآية في النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته وهم: علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام يوجد ذلك في: صحيح مسلم ك فضائل الصحابة ب - فضائل أهل بيت النبي - ج ٢ / ٣٦٨ ط عيسى الحلبي وج ١٥ / ١٩٤ ط مصر بشرح النووي، صحيح الترمذي ج ٥ / ٣٠ و ٣٢٨ ط أفست دار الفكر وج ٢ / ٢٠٩ و ٣٠٨ و ٣١٩ ط بولاق وج ١٣ / ٢٠٠ ط آخر المستدرك للحاكم ج ٣ / ١٣٣ و ١٤٦ و ١٤٧ و ١٥٨ وج ٢ / ٤١٦، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك، المعجم الصغير للطبراني ج ١ / ٦٥ و ١٣٥، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج ٢ / ١١ - ٩٢ حديث: ٦٣٧ و ٦٣٨ و ٦٣٩ و ٦٤٠ و ٦٤١ و ٦٤٤ و ٦٤٨ و ٦٤٩ و ٦٥٠ و ٦٥١ و ٦٥٢ و ٦٥٣ و ٦٥٦ و ٦٥٧ و ٦٥٨ و ٦٥٩ و ٦٦٠ و ٦٦١ و ٦٦٣ و ٦٦٤ و ٦٦٥ و ٦٦٦ و ٦٦٧ و ٦٦٨ و ٦٧٠ و ٦٧١ و ٦٧٢ و ٦٧٣ و ٦٧٥ و ٦٧٨ و ٦٨٠ و ٦٨١ و ٦٨٦ و ٦٨٩ و ٦٩٠ و ٦٩١ و ٦٩٤ و ٧٠٧ و ٧١٠ و ٧١٣ و ٧١٤ و ٧١٧ و ٧١٨ و ٧٢٩ و ٧٤٠ و ٧٥١ و ٧٥٤ و ٧٥٥ و ٧٥٦ و ٧٥٧ و ٧٥٨ و ٧٥٩ و ٧٦٠ و ٧٦١ و ٧٦٢ و ٧٦٤ و ٧٦٥ و ٧٦٧ و ٧٦٨ و ٧٦٩ و ٧٧٠ و ٧٧٤، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص ٤ ط مصر و ٨ ط بيروت وص ٤٩ ط النجف، ترجمة الإمام علي بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج ١ / ١٨٥ ح ٢٥٠ و ٢٧٢ و ٣٢٠ و ٣٢١ و ٣٢٢، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٥٤ و ٣٧٢ و ١٧٤ و ٣٧٥ وقد صححه و ٣٧٦ ط الحيدرية وص ١٣ و ٢٢٧ و ٢٣٠ وقد صححه و ٢٣١ و ٢٣٢ ط الغرى، مسند أحمد بن حنبل ج ١ / ٣٣٠ وج ٣ / ٢٥٩ و ٢٨٥ وج ٤ / ١٠٧ وج ٦ / ٢٩٢ و ٢٩٦ و ٢٩٨، و ٣٠٤ و ٣٠٦ ط الميمنية وج ٥ / ٢٥ بسند صحيح ط دار المعارف بمصر، أسد الغابة ج ٢ / ١٢ و ٢٠ وج ٣ / ٤١٣ وج ٥ / ٥٢١ و ٥٨٩، ذخائر العقبى ص ٢١ و ٢٣ و ٢٤، أسباب النزول للواحدي ص ٢٠٣، المناقب للخوارزمي ص ٢٣ و ٢٢٤، تفسير الطبري ج ٢٢ / ٦ و ٧ و ٨ ط ٢، الدر المنثور ج ٥ / ١٩٨ و ١٩٩، أحكام القرآن للجصاص ج ٥ / ٢٣٠ ط عبد الرحمن =>

٩٧

..

____________________

=> محمد وج ٥ / ٤٤٣ ط القاهرة، مناقب علي بن أبى طالب لابن المغازلي ص ٣٠١ ح ٣٤٥ و ٣٤٨ و ٣٤٩ و ٣٥٠ و ٣٥١، مصابيح السنة للبغوي ج ٢ / ٢٧٨ ط محمد علي صبيح وج ٢ / ٢٠٤ ط الخشاب، مشكاة المصابيح ج ٣ / ٢٥٤، الكشاف للزمخشري ج ١ / ١٩٣ ط مصطفى محمد وج ١ / ٣٦٩ ط بيروت، تفسير ابن كثير ج ٣ / ٤٨٣ و ٤٨٤ و ٤٨٥ ط ٢، تفسير القرطبي ج ١٤ / ١٨٢، التسهيل لعلوم التنزيل ج ٣ / ١٣٧، التفسير لمعالم التنزيل للجاوى ج ٢ / ١٨٣، الإتقان في علوم القرآن ج ٤ / ٢٤٠ ط المشهد الحسينى بمصر وج ٢ / ٢٠٠ ط آخر، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص ٢٣٣، مطالب السؤل ج ١ / ١٩ و ٢٠ ط النجف وص ٨ ط طهران، أحكام القرآن لابن عربي ج ٢ / ١٦٦ ط مصر وج ٣ / ١٥٢٦ ط آخر، الفصول المهمة لابن الصباغ ص ٨، الإصابة لابن حجر ج ٢ / ٥٠٢ وج ٤ / ٣٦٧ ط مصطفى محمد وج ٢ / ٥٠٩ وج ٤ / ٣٧٨ ط السعادة، فرائد السمطين للحموينى ج ٢ / ٩ و ٢٢، ترجمة الإمام الحسن من تاريخ دمشق لابن عساكر ص ٦٣ ح ١١٣ - ١٢٨، الصواعق المحرقة ص ٨٥ و ١٣٧ ط الميمنية وص ١٤١ و ٢٢٧ ط المحمدية، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٩٦، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج ٣ / ٣٢٩ و ٣٣٠ ط البهية وج ٣ / ٣٦٥ ط محمد علي صبيح، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص ١٠٤ و ١٠٥ و ١٠٦ ط السعيدية وص ٩٧ و ٩٨ ط العثمانية، فتح القدير للشوكاني ج ٤ / ٢٧٩، نور الأبصار للشبلنجى ص ١٠٢ ط السعيدية وص ١٠١ ط العثمانية وص ١١٢ ط مصطفى محمد، إحقاق الحق للتستري ج ٢ / ٥٠٢ - ٥٤٧، فضائل الخمسة ج ١ / ٢٢٤ - ٢٤٣، الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الإصابة ج ٣ / ٣٧ ط السعادة وج ٣ / ٣٧ ط مصطفى محمد، ينابيع المودة للقندوزى ص ١٠٧ و ١٠٨ و ٢٢٨ و ٢٢٩ و ٢٣٠ و ٢٤٤ و ٢٦٠ و ٢٩٤ ط اسلامبول وص ١٢٤ و ١٢٥ و ١٢٦ و ١٣٥ و ١٩٦ و ٢٢٩ و ٢٦٩ و ٢٧١ و ٢٧٢ و ٣٥٢ و ٣٥٣ ط الحيدرية، العقد الفريد ج ٤ / ٣١١ ط لجنة التأليف والنشر بمصر وج ٢ / ٣٩٤ ط دار الطباعة العامرة وج ٢ / ٢٧٥ ط آخر فتح البيان في مقاصد القرآن ج ٧ / ٣٦٣ و ٣٦٤ و ٣٦٥، الرياض النضرة ج ٢ / ٢٤٨ ط ٢، الأنوار المحمدية للنبهاني ص ٤٣٤، جواهر البحار للنبهاني ج ١ / ٣٦٠، الفضائل =>

٩٨

وأنها ممن افترض الله مودتهم علي الأمة وجعلها أجر رسالته " ص "(١٠٨) .

____________________

=> لأحمد بن حنبل ترجمة الإمام الحسين ص ٢٨ ح ٥٧، ولأجل المزيد من المصادر، وان أهل البيت هم علي وفاطمة والحسن والحسين، دون نساء النبي باعتراف أم سلمة زوجة الرسول وعائشة، وان الرسول كان يمر علي باب علي وفاطمة ستة أشهر ويقرء الآية. راجع كل ذلك في كتابنا (سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص ٣٦ رقم ٦٩ طبع في بغداد وبيروت).

(١٠٨) كما فصلناه في الفصل الثالث من كلمتنا الغراء (منه قدس). إشارة لي قوله تعلي: "( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) " سورة الشورى آية: ٢٣. هذه الآية نزلت في قربى الرسول وهم: علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام . راجع: شواهد التنزيل للحسكاني ج ٢ / ١٣٠ ح ٨٢٢ و ٨٢٣ و ٨٢٤ و ٨٢٦ و ٨٢٧ و ٨٢٨ و ٨٣٢ و ٨٣٣ و ٨٣٤ و ٨٣٨، مناقب علي بن أبى طالب لابن المغازلي ص ٣٠٧ ح ٣٥٢ ذخائر العقبى ص ٢٥ و ١٣٨، المستدرك للحاكم ج ٣ / ١٧٢، تفسير الطبري ج ٢٥ / ١٤ و ١٥ ط الميمنية وج ٢٥ / ٢٥ ط ٢، تفسير الكشاف للزمخشري ج ٣ / ٤٠٢ ط مصطفى محمد وج ٤ / ٢٢٠ ط بيروت، تفسير الفخر الرازي ج ٧ / ٤٠٥ - ٤٠٦ ط الدار العامرة وج ٢٧ / ١٦٦ ط عبدالرحمن محمد، تفسير البيضاوي ج ٤ / ١٢٣ ط مصطفى محمد وج ٥ / ٥٣ ط بيروت وص ٦٤٢ ط العثمانية، تفسير ابن كثير ج ٤ / ١١٢ ط ٢، مجمع الزوائد ج ٧ / ١٠٣ وج ٩ / ١٦٨، فتح البيان في مقاصد القرآن ج ٨ / ٣٧٢ تفسير القرطبي ج ١٦ / ٢٢، فتح القدير للشوكاني ج ٤ / ٥٣٧، الدر المنثور ج ٦ / ٧، تفسير النسفي ج ٤ / ١٠٥، الصواعق المحرقة ص ١٠١ و ١٣٥ و ١٣٦ ط الميمنية وص ١٦٨ و ٢٢٥ ط المحمدية، مطالب السؤل لابن طلحة ص ٨ ط طهران وج ١ / ٢١ ط النجف، الفصول المهمة لابن الصباغ ص ١١، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص ٩١ و ٩٣ و ٣١٣ ط الحيدرية وص ٣١ و ٣٢ و ١٧٥ و ١٧٨ ط الغرى، مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ / ١ و ٥٧، الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ص ٥ و ١٣، إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص ١١٠، نظم درر السمطين ص ٢٤، نور الأبصار ص ١٠٢ ط السعيدية وص ١٠٦ ط العثمانية، تلخيص المستدرك للذهبي مطبوع بذيل المستدرك للحاكم ج ٣ / ١٧٢، =>

٩٩

وأنها ممن تعبد الله الخلق بالصلاة عليهم(١٠٩) كما تعبدهم بالشهادتين في كل فريضة. ولله ما قاله - الإمام الشافعي - كما في الصواعق المحرقة وغيرها :

يا أهل بيت رسول الله حبكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر إنكم

من لم يصل عليكم لا صلاة له(١١٠)

وقال الشيخ ابن العربي - كما في الصواعق المحرقة وغيرها :

رأيت ولائي آل طه فريضة

علي رغم أهل البعد يورثني القربى

____________________

=> ينابيع المودة للقندوزى ص ١٠٦ و ١٩٤ و ٢٦١ ط اسلامبول وص ١٢٣ و ٢٢٩ و ٣١١ ط الحيدرية وج ١ / ١٠٥ وج ٢ / ١٩ و ٨٥ ط صيدا، حلية الأولياء ج ٣ / ٢٠١، الغدير للأميني ج ٢ / ٣٠٦ - ٣١١ ط بيروت، إحقاق الحق للتستري ج ٣ / ٢ - ٢٢ وج ٩ / ٩٢ - ١٠١، فضائل الخمسة ج ١ / ٢٥٩، الأنوار المحمدية للنبهاني ص ٤٣٤.

(١٠٩) وجوب الصلاة علي آل محمد في أثناء الصلاة الواجبة: راجع: الغدير للأميني ج ٢ / ٣٠٢، الصواعق لابن حجر ص ٨٧ و ١٣٩ ط الميمنية وص ١٤٤ - ١٤٥ و ٢٣١ ط المحمدية، تفسير الرازي ج ٧ / ٣٩١ ط الدار العامرة بمصر، ذخائر العقبى ص ١٩، المستدرك للحاكم ج ١ / ٢٦٩، فضائل الخمسة ج ١ / ٢٠٨. ولأجل المزيد من المصادر وكيفية الصلاة علي آل محمد ونزول آية (ان الله وملائكته.) راجع (سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت تسلسل - ١٢٦ -).

(١١٠) أبيات الإمام الشافعي في حب أهل البيت: راجعها في: الصواعق المحرقة ص ٨٨ ط الميمنية وص ١٤٦ ط المحمدية، ينابيع المودة للقندوزى ص ٣٥٤ ط الحيدرية وص ٢٩٥ ط اسلامبول، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص ١١٨ ط السعيدية وص ١٠٨ ط العثمانية، الإتحاف بحب الأشراف ص ٢٩، نور الأبصار للشبلنجى ص ١٠٥ ط السعيدية وص ١٠٣ ط العثمانية، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج ٣ / ٣٣٢، الغدير للأميني ج ٣ / ١٧٣ وغيرها من مصادر. (*)

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

فأرسل إلى الكرماني: ويلك لا تغترر فو اللّه إنّي لخائف عليك و على أصحابك منه، و لكن هلم إلى الموادعة فندخل مرو، فنكتب بيننا كتابا بصلح و هو يريد أن يفرق بينه و بين أبي مسلم فدخل الكرماني منزله و أقام أبو مسلم في المعسكر و خرج الكرماني حتى وقف في الرحبة في مئة فارس و عليه قرطق خشكشونة، ثم أرسل نصر: أخرج لنكتب بيننا الكتاب فأبصر نصر منه غرة فوجّه إليه ابن سريع في نحو من ثلاثمئة فارس فالتقوا في الرحبة، فاقتتلوا بها طويلا، ثم ان الكرماني طعن في خاصرته فخر عن دابته و حماه أصحابه حتى جاءهم ما لا قبل لهم به فقتل نصر الكرماني و صلبه( ١) .

«و ان ناله» هكذا في (المصرية)( ٢ ) و الصواب: (و إن عاله) كما في (ابن ميثم و الخطية)( ٣) .

«الخوف شغله الحذر» في (الطبري) في غزوة حنين كان جماع أمر الناس إلى مالك بن عوف النصري، فلما نزل بأوطاس إجتمع إليه الناس و فيهم دريد بن الصمة، فلما نزل دريد قال: ما لي أسمع رغاء البعير، و نهاق الحمير، و يعار الشاء، و بكاء الصبي؟ قالوا: ساق مالك مع الناس أبناءهم و نساءهم و أموالهم. فقال: اين مالك؟ فدعي له. فقال له: إنك أصبحت رئيس قومك، مالي أسمع رغاء البعير، و نهاق الحمير، و يعار الشاء، و بكاء الصغير؟ قال: سقت مع الناس أبناءهم و نساءهم و أموالهم قال: و لم؟ قال: أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله و ماله ليقاتل عنهم. قال: هل يرد المنهزم شي‏ء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلاّ رجل بسيفه و رمحه، و إن كانت عليك فضحت في أهلك و مالك...( ٤) .

____________________

(١) تاريخ الطبري ٧: ٣٧٠ و ٣٧١.

(٢) نهج البلاغة ٣: ١٧٥، من الكلام رقم ١٠٨.

(٣) ابن ميثم (الطبع الحجري) ٣: ٤٧٨، و فيه «و ان غاله» و كتب في الهامش «ناله صح».

(٤) تاريخ الطبري ٣: ٧١، و نقله المصنّف بتصرف.

٢٤١

و المذموم ما إذا كان له قدرة على تدبير و حيلة و الا فلا، فكان هشام بن الحكم بعد وقوف هارون على حجاجه في الامامة أراد قتله، و كان قدّم ليضرب عنقه و اتفق ان نجا فاعتلّ من الخوف، فكان إذا وصف طبيب له علته يكذبه و يقول له: علتي فزع القلب مما أصابني.

«و إن اتّسع له الأمن استلبته الغرّة» أي: اختلسته، كان علي بن الكرماني استأمن إلى أبي مسلم، فأمره أبو مسلم أن يسمّي له خاصته ليولّيهم و يأمر لهم بجوائز و كسا، فسمّاهم له فقتلهم جميعا( ١) .

«و ان أفاد مالا أطغاه الغني» هكذا في (المصرية)( ٢ ) ، و الصواب: كون هذه الفقرة (و ان أفاد مالا أطغاه الغنى) بعد فقرة «و ان أصابته مصيبة فضحه الجزع» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة)( ٣ ) ، و لأن المناسب أن يكون: «و إن عضّته الفاقة» بعد «و إن أفاد مالا». إنّ الانسان ليطغى. أن رآه استغنى( ٤ ) ، و لو بسط اللّه الرزق لعباده لبغوا في الأرض و لكن ينزّل بقدر ما يشاء( ٥ ) ، و لو لا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة و معارج عليها يظهرون( ٦) .

«و ان أصابته مصيبة فضحه الجزع» إنّ الانسان خلق هلوعا. إذا مسّه الشر جزوعا. و إذا مسّه الخير منوعا( ٧) .

____________________

(١) تاريخ الطبري ٧: ٣٨٨.

(٢) نهج البلاغة ٣: ١٧٥، من الكلام رقم ١٠٨.

(٣) شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٣٧١، ابن ميثم ٣: ٤٧٨.

(٤) العلق: ٦ و ٧.

(٥) الشورى: ٢٧.

(٦) الزخرف: ٣٣.

(٧) المعارج: ١٩ ٢١.

٢٤٢

و في (المروج): إعتلّت حبابة جارية يزيد بن عبد الملك، فأقام يزيد أياما لا يظهر للناس، ثم ماتت، فأقام أياما لا يدفنها جزعا عليها حتى جيفت، فقالوا:

إنّ النّاس يتحدّثون عنك بجزعك، و إنّ الخلافة تجل عن ذلك، فدفنها و أقام على قبرها فقال:

فإن تسل عنك النفس أو تدع الهوى

فباليأس تسلو النفس لا بالتجلّد

ثم أقام بعدها أياما قلائل ثم مات( ١) .

«و إن عضّته الفاقة شغله البلاء» في (العقد): كان أبو الشمقمق الشاعر أديبا طريفا محارفا صعلوكا متبرّما قد لزم بيته في أطمار مسحوقة، و كان إذا استفتح عليه أحد بابه خرج فنظر من فرج الباب، فإن أعجبه الواقف فتح له و إلاّ سكت، فدخل عليه بعض إخوانه، فلمّا رأى سوء حاله قال: إنّا روينا في بعض الحديث «ان العارين في الدنيا هم الكاسون يوم القيامة». قال: إن كان ما تقول حقا لأكوننّ بزازا يوم القيامة( ٢) .

و في كتاب ما للهند: من لا مال له إذا أراد أن يتناول أمرا قعد به العدم فيبقى مقصّرا عما أراد كالماء الذي يبقى في الأودية من مطر الصيف فلا يجري إلى بحر و لا نهر بل يبقى مكانه حتى تنشفه الأرض( ٣) .

«و ان جهده الجوع قعد به الضعف» في (شعراء ابن قتيبة) في أعشى قيس كان ابوه يدعى قتيل الجوع، و ذلك أنه كان في جبل، فدخل غارا فوقعت صخرة من الجبل فسدت فم الغار فمات فيه جوعا( ٤) .

هذا، فقيل لعقيل بن علقمة، لو زوّجت بناتك، فإنّ النساء لحم على وضم

____________________

(١) مروج الذهب ٣: ١٩٨.

(٢) العقد الفريد ٢: ٣٥٢، نقله بتصرف في العبارة.

(٣) العقد الفريد لابن عبد ربه ٢: ٣٥٣.

(٤) الشعر و الشعراء لابن قتيبة (طبعة دار صادر بيروت): ١٣٥.

٢٤٣

إذا لم يكنّ غانيات. قال: كلاّ إنّي أجيعهنّ فلا يأثرن، و اعرّيهنّ فلا يظهرن.

«و ان أفرط به الشبع كظته البطنة» الكظّة بالكسر: ما يعتري الانسان من الامتلاء من الطعام، قال حاتم:

يرى الخمص تعذيبا و إن نال شبعة

يبت قلبه من قلة الهمّ مبهما

و في (العقد) قال أبو اليقظان: كان هلال بن سعد التميمي اكولا، فيزعمون انه أكل جملا و أكلت امرأته فصيلا، فلما أراد أن يجامعها لم يصل إليها، فقالت له: و كيف تصل اليّ و بيني و بينك بعيران( ١ ) ؟

و قال المدائني: كان سليمان بن عبد الملك بدابق فأتي بسلّين أحدهما مملو بيضا و الآخر تينا. فقال: إقشروا البيض، فجعل يأكل بيضة و تينة حتى فرغ من السلين، ثم أتوه بقصعة مملوة مخّا بسكر، فأكله فأتخم و مرض فمات( ٢) .

هذا، و في (المروج) رحل رجل من بني هاشم من الكوفة إلى ابن عمّه بالمدينة، فأقام عنده حولا لم يدخل مستراحا، فلما كان بعد الحول أراد الرجوع إلى الكوفة فحلف عليه أن يقيم عنده أياما أخر، فأقام و كان للرجل قينتان فقال لهما: أما رأيتما ابن عمي و ظرفه، أقام عندنا حولا و لم يدخل مستراحا. فقالتا له: فعلينا أن نصنع له شيئا لا يجد معه بدّا من الخلاء. قال شأنكما و ذلك، فعمدتا إلى خشب العشر و هو مسهل فدقّتاه و طرحتاه في شرابه، فلما حضر وقت شرابهما قدمتاه إليه و سقتا مولاهما من غيره، فلما أخذ الشراب منهما تناوم المولى و تمغّص الفتى، فقال للّتي تليه: يا سيدتي أين الخلاء؟ فقالت لها صاحبتها: ما يقول لك. قالت: يسألك ان تغنيه:

____________________

(١) العقد الفريد ٨: ١٣، و فيه «كان هلال بن الاسعر التميمي... فيزعمون أنه أكل فصيلا و أكلت امرأته فصيلا...».

(٢) العقد الفريد ٨: ١٥، و فيه «اقبل نصراني إلى سليمان بن عبد الملك و هو بدابق بسلّين أحدهما مملوء بيضا...».

٢٤٤

خلا من آل فاطمة الديار

فمنزل أهلها منها قفار

فغنته فقال الفتى: أظنهما مكيتين و ما فهمتا، ثم التفت إلى الاخرى فقال:

يا سيدتي أين الحش. فقالت لها صاحبتها: ما يقول؟ قالت: يسألك ان تغنيه:

أوحش الدقرات و الدير منها

فعناها بالمنزل المغمور

فغنته، فقال الفتى: أظنهما عراقيتين و ما فهمتا عني، ثم التفت إلى الاخرى فقال لها: أعزك اللّه أين المتوضأ. فقالت لها صاحبتها: ما يقول؟ قالت:

يسألك أن تغنيه:

توضأ للصلاة و صل خمسا

و أذن بالصلاة على النبيّ

فغنته فقال: أظنهما حجازيتين و ما فهمتا عني. ثم التفت إلى الاخرى فقال: يا سيدتي أين الكنيف؟ فقالت لها صاحبتها: ما يقول لك. قالت: يسألك ان تغنيه:

تكنّفني الواشون من كل جانب

و لو كان واش واحد لكفانيا

فقال: أظنهما يمانيتين و ما فهمتا عني، ثم التفت إلى الاخرى فقال: يا هذه أين المستراح؟ فقالت لها صاحبتها: ما يقول؟ قالت يسألك ان تغنيه:

ترك الفكاهة و المزاحا

و قلى الصبابة و استراحا

فغنته و المولى يسمع ذلك و هو متناوم، فلما اشتدّ به الأمر أنشأ يقول:

تكنفني السلاح و أضجروني

على ما بي بتكرير الأغاني

فلما ضاق عن ذاك اصطباري

ذرقت به على وجه الزواني

ثم انه حل سراويله و سلح عليهما، و انتبه المولى في أثر ذلك، فلما رأى ما نزل بجواريه قال: يا أخي ما حملك على هذا الفعل؟ قال: يا ابن الفاعلة لك جوار يرين المخرج صراطا مستقيما لا يدللني عليه، فلم أجد

٢٤٥

لهن جزاء غير هذا، ثم رحل عنه( ١) .

«و كل تقصير به مضر و كل افراط له مفسد» قال تعالى و الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا و كان بين ذلك قواما( ٢) .

و قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في (جوامع كلماته): خير الامور أوساطها( ٣) .

هذا، و عن المأمون: الناس ثلاثة، فمنهم مثل الغذاء لا بدّ منه على كل حال، و منهم كالدواء يحتاج إليه في حال المرض، و منهم كالداء مكروه على كل حال.

٥ - الحكمة (٧٠) و قالعليه‌السلام :

لاَ تَرَى اَلْجَاهِلَ إِلاَّ مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً الافراط، تجاوز الحد، و التفريط، التقصير و التضييع له حتى يفوت، و كلاهما مذمومان، و إنّما الممدوح الحد الوسط.

و من كلمات النبيّ‏ّصلى‌الله‌عليه‌وآله الجامعة: خير الامور أوساطها( ٤ ) ، و قال الشاعر:

و إنّ بين التفريط و الإفراط

مسلكا منجيا من الإيراط

الإيراط مصدر أورطه، أي: أوقعه فيما لا خلاص له منه.

و صدقعليه‌السلام : فالجاهل إمّا ان يبخل و لا ينفق أصلا. أو ينفق و يسرف مع أنّ اللّه تعالى قال: و الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا و كان

____________________

(١) المروج ٤: ٢٤٠ ٢٤٢.

(٢) الفرقان: ٦٧.

(٣) رواه النهاية ٥: ١٨٤، وسط.

(٤) رواه النهاية ٥: ١٨٤ مادة (وسط).

٢٤٦

بين ذلك قواما( ١) .

و كذلك الجاهل إمّا أن يترك آخرته لدنياه، و إمّا دنياه لآخرته، و قالواعليهم‌السلام : ليس منّا من ترك آخرته لدنياه و من ترك دنياه لآخرته، و الجاهل إمّا لا يكسب و يكون كلا على الناس و إمّا يحرص و لا يجمل في كسبه، و كلاهما ضلال.

و في (بيان الجاحظ): قال النبيّ‏ّصلى‌الله‌عليه‌وآله : يؤتى يوم القيامة بالوالي جلد فوق ما أمر اللّه به، فيقول له الرب: عبدي لم جلدت فوق ما أمرتك به؟ فيقول: رب غضبت لغضبك. فيقول: أ كان ينبغي لغضبك أن يكون أشد من غضبي؟ ثم يؤتى بالمقصّر فيقول له: عبدي لم قصّرت عمّا أمرتك به؟ فيقول: رب رحمته.

فيقول: أ كان ينبغي لرحمتك أن تكون أوسع من رحمتي؟ فيصيّرهما إلى النار( ٢) .

و في (تاريخ بغداد): ذكر عند أبي حنيفة جهم و مقاتل فقال: كلاهما مفرّط، أفرط جهم حتى قال انه تعالى ليس بشي‏ء، و أفرط مقاتل حتى جعله مثل خلقه( ٣) .

هذا، و أنشد شاعر نصر بن يسار بخراسان أرجوزة تشبيبها مئة و مديحها في نصر عشرة، فقال له نصر: و اللّه ما تركت كلمة عذبة و لا معنى لطيفا الا و قد شغلته عن مديحي بتشبيبك، فان أردت مديحي فاقتصد، فأتاه فأنشده:

هل تعرف الدار لامّ عمرو

دع ذا و حبّر مدحة في نصر

____________________

(١) الفرقان: ٦٧.

(٢) البيان و التبيين ٢: ٢٥، باختلاف في اللفظ.

(٣) تاريخ بغداد ١٣: ١٦٦، نقله بتصرف.

٢٤٧

فقال له نصر: لا هذا و لا ذاك، و لكن أمر بين الأمرين( ١) .

و في (المعجم): قال الجاحظ: يجب للرجل أن يكون سخيّا لا يبلغ التبذير، شجاعا لا يبلغ الهوج( ٢ ) ، محترسا لا يبلغ الجبن، ماضيا لا يبلغ القحة( ٣ ) ، قوّالا لا يبلغ الهذر( ٤ ) ، صموتا لا يبلغ العيّ، حليما لا يبلغ الذلّ، منتصرا لا يبلغ الظلم وقورا لا يبلغ البلادة، ناقدا لا يبلغ الطيش، ثم وجدنا النبيّ‏ّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد جمع ذلك كله في كلمة واحدة، و هو قوله «خير الامور أوساطها»، فعلم أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أوتي جوامع الكلم و علم فصل الخطاب( ٥) .

٦ - الحكمة (١٩٩) و قالعليه‌السلام في صفة الغوغاء:

هُمُ اَلَّذِينَ إِذَا اِجْتَمَعُوا غَلَبُوا وَ إِذَا تَفَرَّقُوا لَمْ يُعْرَفُوا وَ قِيلَ بَلْ قَالَعليه‌السلام هُمُ اَلَّذِينَ إِذَا اِجْتَمَعُوا ضَرُّوا وَ إِذَا تَفَرَّقُوا نَفَعُوا فَقِيلَ قَدْ عَرَفْنَا مَضَرَّةَ اِجْتِمَاعِهِمْ فَمَا مَنْفَعَةُ اِفْتِرَاقِهِمْ فَقَالَعليه‌السلام يَرْجِعُ أَصْحَابُ اَلْمِهَنِ إِلَى مِهْنَتِهِمْ فَيَنْتَفِعُ اَلنَّاسُ بِهِمْ كَرُجُوعِ اَلْبَنَّاءِ إِلَى بِنَائِهِ وَ اَلنَّسَّاجِ إِلَى مَنْسَجِهِ وَ اَلْخَبَّازِ إِلَى مَخْبَزِهِ أقول: قول المصنّف: (في صفة الغوغاء) في (الصحاح)، قال الأصمعي:

الجرادة إذا صارت لها أجنحة و كادت تطير قبل أن تستقلّ فتطير، غوغاء، و به شبّه الناس.

____________________

(١) العقد الفريد ٧: ١٨٦.

(٢) الهوج: الحمق و الطيش: و التسرّع.

(٣) القحة: بكسر القاف و فتحها: قلة الحياء.

(٤) الهذر: مصدر هذر كلامه، كثر في الخطأ و الباطل.

(٥) معجم الادباء ١٦: ١١٠ ١١١.

٢٤٨

و قال أبو عبيدة: الغوغاء شي‏ء شبيه بالبعوض إلاّ أنّه لا يعضّ و لا يؤذي و هو ضعيف، فمن صرفه و ذكره جعله بمنزلة قمقام، و الهمزة مبدلة من واو، و من لم يصرفه جعله بمنزلة عوراء( ١) .

قال المسعودي في (مروجه): من أخلاق العامة أن يسوّدوا غير السيّد، و يفضّلوا غير الفاضل، و يقولوا بعلم غير العالم، و هم أتباع من سبق إليهم من غير تمييز بين الفاضل و المفضول، و الفضل و النقصان، و لا معرفة للحق من الباطل عندهم.

و قال الجاحظ: سمعت رجلا من العامة و هو حاج و قد ذكر له البيت يقول: إذا أتيته من يكلمني؟ و أخبره صديق له أن رجلا من العامة قال له و قد سمعه يصلي على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ما تقول في محمد هذا أربنا هو؟ و ذكر لي بعض اخواني: ان رجلا من العامة بمدينة السّلام رفع إلى بعض الولاة الطالبين لأصحاب الكلام على جار له أنه يتزندق، فسأله الوالي عن مذهب الرجل فقال: انه مرجى‏ء قدري إباضي رافضي يبغض معاوية بن الخطاب الذي قاتل علي بن العاص. فقال له الوالي: ما أدري على أيّ شي‏ء أحسدك؟ على علمك بالمقالات، أو على بصرك بالأنساب.

و أخبرني رجل من اخواننا من أهل العلم قال: كنا نقعد نتناظر في أبي بكر و عمر و علي و معاوية و ما يذكره أهل العلم فيهم، و كان قوم من العامة يأتون فيستمعون منّا فقال لي يوما بعضهم و كان من أعقلهم و اكبرهم لحية كم تطنبون في علي و معاوية و فلان و فلان. فقلت: فما تقول أنت؟ قال:

من تريد؟ قلت: علي. قال: أو ليس هو أبو فاطمة. قلت: و من كانت فاطمة؟ قال:

امرأة النبيّ‏ّصلى‌الله‌عليه‌وآله بنت عائشة أخت معاوية. قلت: فما كانت قصة علي؟ قال: قتل

____________________

(١) الصحاح للجوهري ٦: ٢٤٥٠.

٢٤٩

في غزاة حنين مع النبيّ.

و ذكر ثمامة بن أشرس قال: كنت مارّا في السوق ببغداد، فإذا أنا برجل اجتمع الناس عليه فنزلت عن بغلتي و قلت: لشي‏ء ما هذا الاجتماع و دخلت بين الناس، فإذا أنا برجل يصف كحلا معه أنّه ينجع من كل داء يصيب العين، فنظرت إليه فاذا عينه الواحدة برشاء و الاخرى ما سوكة، فقلت له: يا هذا لو كان كحلك كما تقول، نفع عينيك. فقال لي: أ هاهنا اشتكت عيناي؟ انما اشتكتا بمصر. فقال كلهم: صدق و ما انفلتّ من نعالهم إلاّ بعد كدّ.

و كان في أيام الرشيد ببغداد متطبب يطبب العامة بصفاته و كان دهريا يظهر أنه من أهل السنة و الجماعة و يلعن أهل البدع و يعرف بالسنّيّ تنقاد إليه العامة فكان يجتمع إليه في كل يوم بقوارير الماء خلق. فإذا اجتمعوا وثب قائما على قديمه فقال لهم: يا معشر المسلمين قلتم لا ضار و لا نافع الا اللّه فلأيّ شي‏ء تسألوني عن مضاركم و منافعكم الجؤوا إلى ربكم و توكّلوا على بارئكم حتى يكون فعلكم مثل قولكم. فيقولون: اي و اللّه صدقنا فكم من مريض لم يعالج حتى مات( ١) .

قولهعليه‌السلام في الأوّل (هم الذين إذا اجتمعوا غلبوا، و إذا تفرّقوا لم يعرفوا) و في الثاني (هم الذين إذا اجتمعوا ضرّوا، و إذا تفرّقوا نفعوا) في (كامل الجزري): جرت في سنة (٦٠١) ببغداد بين أهل باب الازج و أهل المأمونية محاربة بسبب أن الأولين قتلوا سبعا، فأرادوا أن يطوفوه فمنعهم الاخيرون فقتل جمع و خرج جمع و نهب دور، و كذلك بين أهل قطفتا و الغريبة من محال غربي بغداد جرت محاربة بسبب قتل سبع أراد الأوّلون طوفه فمنعهم

____________________

(١) مروج الذهب ٣: ٣٢ ٣٤.

٢٥٠

الاخرون فقتل بينهم قتلى حتى أرسل إليهم عسكر( ١) .

«فقيل قد عرفنا» هكذا في (المصرية)( ٢ ) و الصواب: (قد علمنا) كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٣) .

«مضرة اجتماعهم فما منفعة افتراقهم» هذا السؤال إنّما على الرواية الثانية، و أمّا الرواية الاولى فالمراد من شقّي الكلام غلبتهم في اجتماعهم على كل قوة، و عدم معروفيتهم في تفرقهم واضح.

«فقالعليه‌السلام : يرجع أصحاب المهن إلى مهنتهم» هكذا في (المصرية)( ٤ ) و الصواب: «إلى مهنهم» كما في غيرها( ٥ ) ، و المهنة: الحذق بالعمل، و الخدمة و هي بفتح الميم و كسرها حكى الكسر الكسائي و ان أنكره الاصمعي( ٦) .

«فينتفع الناس بهم...».

قالوا: كتب كتاب حكمة فبقيت منه. فقالوا: ما نكتب فيه؟ فقيل: يكتب «يسأل عن كل صناعة أهلها».

٧ - الحكمة (٢٠٠) و قالعليه‌السلام :

وَ أُتِيَ بِجَانٍ وَ مَعَهُ غَوْغَاءُ فَقَالَ لاَ مَرْحَباً بِوُجُوهٍ لاَ تُرَى إِلاَّ عِنْدَ كُلِّ سَوْأَةٍ

____________________

(١) الكامل لابن الأثير ١٢: ٢٠٣ س ٦٠١.

(٢) نهج البلاغة ٣: ١٩٨، من الحكمة رقم ١٩٩.

(٣) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ١٨، ابن ميثم (الطبع الحجري) ٣: ٤٩٠.

(٤) نهج البلاغة ٣: ١٩٨، من الحكمة ١٩٩.

(٥) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ١٨، ابن ميثم (الطبع الحجري) ٣: ٤٩٠.

(٦) لسان العرب ١٣: ٤٢٤ مادة (مهن).

٢٥١

أقول: رواه الشيخ في (زيادات حدود تهذيبه) مسندا عن اليعقوبي عن أبيه هكذا، قال: أتي أمير المؤمنينعليه‌السلام و هو بالبصرة برجل يقام عليه الحد، فأقبل جماعة من الناس، فقالعليه‌السلام : أنظر يا قنبر ما هذه الجماعة؟ قال:

إجتمعوا لرجل يقام عليه الحد، فلما قربوا نظرعليه‌السلام في وجوههم و قال: لا مرحبا بوجوه لا ترى إلاّ في كلّ سوأة، هؤلاء فضول الرجال، أمطهم عنّي يا قنبر( ١) .

قول المصنّف: «و اتيعليه‌السلام » هكذا في (المصرية)( ٢ ) و الصواب: (و قد أتي) كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٣) .

«بجان» أي: بذي جنّة إلاّ أن الجوهري قال: الجان ابو الجن و حية بيضاء( ٤) .

قولهعليه‌السلام : «لا مرحبا بوجوه لا ترى إلاّ عند كل سوأة» في (الصحاح) السوأة: العورة و الفاحشة( ٥) .

قال ابن أبي الحديد: أخذ هذا اللفظ المستعين. و قد أدخل عليه ابن أبي الشوارب القاضي و معه الشهود ليشهدوا عليه أنه قد خلع نفسه من الخلافة و بايع للمعتز، فقال: لا مرحبا بهذه الوجوه الّتي لا ترى إلاّ يوم سوء( ٦) .

قلت: و قال المسعودي في (مروجه): تقصد العامة في احتشادها و جموعها فلا تراهم الدهر إلاّ مرقلين إلى قائد دب، و ضارب دف، على سياسة

____________________

(١) التهذيب ١٠: ١٥٠ ح ٣٤.

(٢) نهج البلاغة ٣: ١٩٨، الحكمة رقم ٢٠٠.

(٣) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ٢٠، ابن ميثم (الطبع الحجري) ٣: ٤٩٠، و فيه «و قد اوتي».

(٤) الصحاح ٥: ٢٠٩٤.

(٥) الصحاح ١: ٥٦.

(٦) شرح ابن أبي الحديد ١٩: ٢٠.

٢٥٢

قرد، و متشوّقين إلى اللهب و اللعب، أو مختلفين إلى مشعبد منمّس مخرّف، أو مستمعين إلى قاصّ كذّاب، أو مجتمعين حول مضروب، أو وقوفا عند مصلوب، ينعق بهم و يصاح فلا يرتدعون، لا ينكرون منكرا، و لا يعرفون معروفا، و لا يبالون أن يلحقوا البار بالفاجر و المؤمن بالكافر، و قد بيّن ذلك النبيّ‏ّصلى‌الله‌عليه‌وآله فيهم حيث يقول: «الناس أثنان: عالم أو متعلم، و ما عدا ذلك همج رعاع لا يعبأ اللّه بهم».

و سئل عليّعليه‌السلام عن العامة فقال: همج رعاع، أتباع كل ناعق، لم يستضيئوا بنور العلم و لم يلجؤوا إلى ركن وثيق.

و قد صنّف أبو عقال الكاتب كتابا في أخلاق العوام يصف فيه شيمهم و مخاطباتهم و سمّاه بالملهى...( ١ ) . و قال الشاعر:

قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم

طاروا إليه زرافات و وحدانا

و في (الأغاني): قال عثمان الورّاق: رأيت العتابي يأكل خبزا على الطريق بباب الشام، فقلت له: ويحك أما تستحي. فقال لي: أ رأيت لو كنا في دار فيها بقر كنت تستحي و تحتشم أن تأكل و هي تراك. فقلت:

لا. قال: فاصبر حتى أعلمك أنهم بقر، فقام فوعظ و قصّ و دعا حتى كثر الزحام عليه، ثم قال لهم: روى لنا غير واحد أنه من بلغ لسانه أرنبة أنفه لم يدخل النار. فما بقي واحد إلاّ و أخرج لسانه يومى‏ء به نحو أرنبة أنفه و يقدّره حتى يبلغها أم لا، فلما تفرقوا قال لي العتابي: أ لم أخبرك أنهم بقر( ٢) .

____________________

(١) مروج الذهب ٣: ٣٥ ٣٦.

(٢) الأغاني ١٣: ١١٤.

٢٥٣

٨ - الحكمة (١٥٠) و قالعليه‌السلام لرجل سأله أن يعظه:

لاَ تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو اَلْآخِرَةَ بِغَيْرِ العَمَلِ وَ يُرَجِّي اَلتَّوْبَةَ بِطُولِ اَلْأَمَلِ يَقُولُ فِي اَلدُّنْيَا بِقَوْلِ اَلزَّاهِدِينَ وَ يَعْمَلُ فِيهَا بِعَمَلِ اَلرَّاغِبِينَ إِنْ أُعْطِيَ مِنْهَا لَمْ يَشْبَعْ وَ إِنْ مُنِعَ مِنْهَا لَمْ يَقْنَعْ يَعْجِزُ عَنْ شُكْرِ مَا أُوتِيَ وَ يَبْتَغِي اَلزِّيَادَةَ فِيمَا بَقِيَ يَنْهَى وَ لاَ يَنْتَهِي وَ يَأْمُرُ بِمَا لاَ يَأْتِي يُحِبُّ اَلصَّالِحِينَ وَ لاَ يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ وَ يُبْغِضُ اَلْمُذْنِبِينَ وَ هُوَ أَحَدُهُمْ يَكْرَهُ اَلْمَوْتَ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ وَ يُقِيمُ عَلَى مَا يَكْرَهُ اَلْمَوْتَ مِنْ أَجْلِهِ إِنْ سَقِمَ ظَلَّ نَادِماً وَ إِنْ صَحَّ أَمِنَ لاَهِياً يُعْجَبُ بِنَفْسِهِ إِذَا عُوفِيَ وَ يَقْنَطُ إِذَا اُبْتُلِيَ وَ إِنْ أَصَابَهُ بَلاَءٌ دَعَا مُضْطَرّاً وَ إِنْ نَالَهُ رَخَاءٌ أَعْرَضَ مُغْتَرّاً تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلَى مَا يَظُنُّ وَ لاَ يَغْلِبُهَا عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ يَخَافُ عَلَى غَيْرِهِ بِأَدْنَى مِنْ ذَنْبِهِ وَ يَرْجُو لِنَفْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ إِنِ اِسْتَغْنَى بَطِرَ وَ فُتِنَ وَ إِنِ اِفْتَقَرَ قَنِطَ وَ وَهَنَ يُقَصِّرُ إِذَا عَمِلَ وَ يُبَالِغُ إِذَا سَأَلَ إِنْ عَرَضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ أَسْلَفَ اَلْمَعْصِيَةَ وَ سَوَّفَ اَلتَّوْبَةَ وَ إِنْ عَرَتْهُ مِحْنَةٌ اِنْفَرَجَ عَنْ شَرَائِطِ اَلْمِلَّةِ يَصِفُ اَلْعِبْرَةَ وَ لاَ يَعْتَبِرُ وَ يُبَالِغُ فِي اَلْمَوْعِظَةِ وَ لاَ يَتَّعِظُ فَهُوَ بِالْقَوْلِ مُدِلٌّ وَ مِنَ اَلْعَمَلِ مُقِلٌّ يُنَافِسُ فِيمَا يَفْنَى وَ يُسَامِحُ فِيمَا يَبْقَى يَرَى اَلْغُنْمَ مَغْرَماً وَ اَلْغُرْمَ مَغْنَماً يَخْشَى اَلْمَوْتَ وَ لاَ يُبَادِرُ اَلْفَوْتَ يَسْتَعْظِمُ مِنْ مَعْصِيَةِ غَيْرِهِ مَا يَسْتَقِلُّ أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ نَفْسِهِ وَ يَسْتَكْثِرُ مِنْ طَاعَتِهِ مَا يَحْقِرُهُ مِنْ طَاعَةِ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى اَلنَّاسِ طَاعِنٌ وَ لِنَفْسِهِ مُدَاهِنٌ اَللَّهْوُ مَعَ اَلْأَغْنِيَاءِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ اَلذِّكْرِ مَعَ اَلْفُقَرَاءِ يَحْكُمُ عَلَى غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ وَ لاَ يَحْكُمُ عَلَيْهَا لِغَيْرِهِ يُرْشِدُ غَيْرَهُ وَ يُغْوِي نَفْسَهُ فَهُوَ يُطَاعُ وَ يَعْصِي

٢٥٤

وَ يَسْتَوْفِي وَ لاَ يُوفِي وَ يَخْشَى اَلْخَلْقَ فِي غَيْرِ رَبِّهِ وَ لاَ يَخْشَى رَبَّهُ فِي خَلْقِهِ قال الرضيّ: و لو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة و حكمة بالغة و بصيرة لمبصر و عبرة لناظر مفكّر. أقول: قول المصنّف: (و قالعليه‌السلام لرجل سأله ان يعظه) رواه (تحف العقول) عنهعليه‌السلام أبسط، فقال: موعظة لهعليه‌السلام في وصف المقصرين...( ١) .

و رواه الجاحظ في (بيانه) عنهعليه‌السلام أخصر، و أخذه عنه عبد اللّه بن عباس فوعظ به ابنه علي بن عبد اللّه بن عباس كما رواه المفيد في (أماليه)( ٢) .

قولهعليه‌السلام : «لا تكن ممّن يرجوا الآخرة بغير العمل» هكذا في (المصرية)( ٣ ) و الصواب: (بغير عمل) كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٤) ، نهىعليه‌السلام عن رجاء الآخرة بدون عمل، لأنه كمن رجا ضرب البيدر بدون زرع، و قد قال تعالى ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون( ٥ ) و قد قال النبيّ‏ّصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يدّع مدّع و لا يتمنّ متمنّ أنّه ينجو إلاّ بعمل و رحمة، لو عصيت هويت، اللّهمّ هل بلّغت.

و من الشعر المنسوب إليهعليه‌السلام كما قال ابن أبي الحديد في غير هذا الموضع:

غرّ جهولا أمله

يموت من جا أجله

و من دنا من حتفه

لم تغن عنه حيله

____________________

(١) تحف العقول: ١٥٧.

(٢) أمالي المفيد: ٣٢٩ ح ٢ م ٣٩٢.

(٣) نهج البلاغة ٣: ١٨٩، من الكلام ١٥٠.

(٤) شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٣٥٦.

(٥) النحل: ٣٢.

٢٥٥

و ما بقاء آخر

قد غاب عنه أوله

و المرء لا يصحبه

في القبر إلاّ عمله( ١)

و في (الأغاني): قال الرشيد لأبي العتاهية: عظني. قال: أخافك. فقال له:

أنت آمن فأنشده:

ترجو النجاة و لم تسلك طريقتها

إنّ السفينة لا تجري على اليبس

فبكى حتى بلّ كمه( ٢) .

«و يرجى‏ء التوبة» أي: يؤخرها من «أرجأ» أو «أرجى».

«بطول الأمل» و هذا أحد عبقريات إبليس في إهلاك الناس، و قد هلك من هلك قبل بذا.

هذا، و لما بعث عبد الملك بن مروان خالد بن عبد اللّه بن خالد بن أسيد إلى البصرة و كان عليها مصعب من قبل أخيه كان طائفة مع ذا و طائفة مع ذا، و كان قيس السلمي مع مصعب، و كان يستأجر الرجال يقاتلون معه، فتقاضاه رجل أجرة فقال: غدا أعطيكها. فقال بعضهم لقيس و كان قيس يعلم في عنق فرسه جلاجل:

لبئس ما حكمت يا جلاجل

النقد دين و الطعان عاجل

«يقول في الدنيا بقول الزاهدين و يعمل فيها بعمل الراغبين» في (المروج):

أظهر ابن الزبير الزهد في الدنيا مع الحرص على الخلافة و قال: إنّما بطني شبر فما عسى أن يسع ذلك من الدنيا و انا العائذ بالبيت، و كثرت أذيته لبني هاشم مع شحّه بالدنيا على سائر الناس، فقال بعضهم:

تخبّر من لا قيت أنك عائذ

و تكثر قتلا بين زمزم و الركن

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ٢: ٣٢٠، في شرح الخطبة ٤٢.

(٢) الأغاني لأبي الفرج الاصبهاني ٤: ١٠٦، نقله المصنف بتصرف.

٢٥٦

أيضا:

لو كان بطنك شبرا قد شبعت و قد

أفضلت فضلا كثيرا للمساكين( ١)

و كان الحسن البصري يقول في الحجاج: يتكلم على المنبر بكلام الأولياء و ينزل و يعمل عمل الجبابرة.

و قال بعضهم لسليمان بن عبد الملك: كان الحجاج يتزين تزين المومسة و يصعد المنبر و يتكلم بكلام الأخيار، فإذا نزل عمل عمل الفراعنة.

و في (المعجم): كان قاضي القضاة عبد الجبار شيخ المعتزلة يزعم أن المسلم يخلد في النار على ربع دينار، و صادره فخر الدولة على ثلاثة آلاف ألف درهم قيل باع في مصادرته ألف طيلسان مصري، و جميع هذا المال من قضاء الظلمة بل الكفرة عنده و على مذهبه( ٢) .

و في الخبر: قال المسيحعليه‌السلام للحواريين: لا تكونوا كالمنخل يخرج الدّقيق الطيب و يمسك النّخالة، قولكم شفاء و عملكم داء( ٣ ) . و قال شاعر:

و منتظر للموت في كل ساعة

يشيّد بيتا دائما و يحصّن

له حين يتلوه حقيقة موقن

و أفعاله أفعال من ليس يوقن

أيضا:

إذا نصبوا للقول قالوا فأحسنوا

و لكن حسن القول خالفه الفعل

و ذمّوا لنا الدنيا و هم يرضعونها

أفاويق حتى ما يدرّ لها ثعل

أيضا:

إذا وصف الاسلام أحسن وصفه

بفيه و يأبى قلبه و يهاجره

____________________

(١) مروج الذهب ٣: ٧٥.

(٢) معجم الادباء ٦: ٣٠٠، نقله المصنف بتصرف.

(٣) رواه تحف العقول: ٥١٠.

٢٥٧

و ان قام قال الحق ما دام قائما

نقي اللسان كافر بعد سايره

أيضا:

لا يعجبك من خطيب قوله

حتى يكون مع اللسان دخيلا

أيضا:

و لفظه يأمرنا بالتقى

و لحظه يأمرنا بالخنا

«إن اعطي منها لم يشبع» لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثا( ١) .

«و إن منع منها لم يقنع» و تذهب أعمال من كان كذلك في القيامة هباء منثورا، و ان كانت كالجبال.

«يعجز عن شكر ما أوتي» فقالواعليهم‌السلام : إنّ كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها( ٢) .

و في (تاريخ بغداد): خرج دعبل إلى خراسان فنادم عبد اللّه بن طاهر فأعجب به، فكان في كل يوم ينادمه يأمر له بعشرة آلاف درهم، و كان ينادمه في الشهر خمسة عشر يوما، و كان ابن طاهر يصله في كل شهر بمئة و خمسين ألف درهم فلما كثرت صلاته له توارى دعبل عنه في يوم منادمته في بعض الخانات، فطلبه فلم يقدر عليه، فشق ذلك عليه، فلما كان من الغد كتب إليه دعبل:

هجرتك لم أهجرك من كفر نعمة

و هل يرتجى نيل الزيادة بالكفر

____________________

(١) الجامع الصغير للسيوطي ٢: ١٣١.

(٢) تحف العقول: ٣٩٤، مؤسسة النشر الاسلامي، قم.

٢٥٨

و لكنني لما أتيتك زائرا

فأفرطت في بري عجزت عن الشكر

فملان( ١ ) لا آتيك الا معذرا

أزورك في الشهرين يوما و في الشهر

فان زدت في بري تزيدت جفوة

و لم تلقني حتى القيامة و الحشر( ٢) .

قلت: فإذا كان الانسان في احسان واحد من مخلوق كذلك فكيف يجب أن يكون في نعمه عزّ و جلّ التي لا تحصى أبدا.

«و يبتغي الزيادة فيما بقي» في (الكافي) عن الرضاعليه‌السلام : من لم يقنعه من الرزق إلاّ الكثير لم يكفه من العمل إلاّ الكثير، و من كفاه من الرزق القليل فإنّه يكفيه من العمل القليل( ٣) .

«ينهى و لا ينتهي» في المثل: تنهانا أمّنا عن الغيّ (( البغاء )) و تغدو فيه( ٤) .

لا تنه عن خلق و تأتي مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

و عدم الانتهاء عن المنكر مذموم مطلقا، قال تعالى لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داود و عيسى بن مريم ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون. ترى كثيرا منهم يتولّون الذين كفروا لبئس ما قدّمت لهم أنفسهم أن سخط اللّه عليهم و في العذاب هم خالدون و لو كانوا يؤمنون باللّه و النبيّ و ما أنزل إليه ما

____________________

(١) أي: فمن الآن.

(٢) تاريخ بغداد ٩: ٤٨٧ و ٤٨٨، نقله بتصرف.

(٣) الكافي ٢: ١٣٨ ٥.

(٤) مجمع الأمثال للميداني ١: ١٢٧، الزمخشري ٢: ٣٢.

٢٥٩

أتخذوهم أولياء و لكنّ كثيرا منهم فاسقون( ١) .

«و يأمر بما لا يأتي» أ تأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم( ٢) .

يا آمر الناس بالمعروف مجتهدا

و إن رأى عاملا بالمنكر انتهره

ابدأ بنفسك قبل الناس كلهم

فأوصها و أتل ما في سورة البقرة

اشارة إلى الآية، و قيل بالفارسية:

«توبه فرمايان چرا خود توبه كمتر مى‏كنند»

(٣) . و قال الشاعر:

و غير تقيّ يأمر النّاس بالتّقى

و طبيب يداوي و الطبيب مريض

لا تركبنّ الصنيع الذي

تلوم أخاك على مثله

و لا يعجبنك قول امرىّ

يخالف ما قال في فعله

«يحب الصالحين و لا يعمل عملهم، و يبغض المذنبين و هو أحدهم» المراد أنه كما يحب الصالحين ليعلم الصالحات و كما يبغض المذنبين ليجتنب السيئات لا انه لا يحب الصالحين و لا يبغض المذنبين، فمن لم يكن محب الصالحين و مبغض المذنبين فهو كافر.

«يكره الموت لكثرة ذنوبه و يقيم على ما يكره الموت له» يود أحدهم لو يعمّر ألف سنة و ما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمّر( ٤) .

«إن سقم ظلّ نادما، و ان صحّ أمن لاهيا» و كان عليه أن يغتنم الفرصة في سلامته في هذه المرة فلا بدّ أن يسقم مرّة أخرى و لا يسلم.

«يعجب بنفسه إذا عوفي» في الخبر: أوحى تعالى إلى داودعليه‌السلام بشّر المذنبين و أنذر الصّدّيقين. قال: كيف يا ربّ؟ قال: بشّر المذنبين أنّي أقبل

____________________

(١) المائدة: ٧٨ ٨١.

(٢) البقرة: ٤٤.

(٣) ديوان حافظ، چاپ غنى و قزوينى.

(٤) البقرة: ٩٦.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668