بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٩

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 607

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 63191 / تحميل: 6548
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

٨ - من الخطبة (١٥٢) منها:

قَدْ طَلَعَ طَالِعٌ وَ لَمَعَ لاَمِعٌ وَ لاَحَ لاَئِحٌ وَ اِعْتَدَلَ مَائِلٌ وَ اِسْتَبْدَلَ اَللَّهُ بِقَوْمٍ قَوْماً وَ بِيَوْمٍ يَوْماً وَ اِنْتَظَرْنَا اَلْغِيَرَ اِنْتِظَارَ اَلْمُجْدِبِ اَلْمَطَرَ «قد طلع طالع» يقال: طلعت الشمس و القمر.

«و لمع لامع» يقال: لمع البرق.

«و لاح لائح» يقال: لاح النجم.

«و اعتدل» أي: استقام برجوع الأمر إليهعليه‌السلام .

«مائل» أي: ما اعوج من الامور أيّام عثمان.

في (الطبري): قال الزهري: خرج محمّد بن أبي بكر و محمّد بن أبي حذيفة عام خرج عبد اللّه بن سعد في غزوته الروم سنة ٣١ فأظهرا عيب عثمان و ما غيّر، و ما خالف به أبا بكر و عمر، و أنّ دم عثمان حلال. و يقولان:

استعمل عبد اللّه بن سعد رجلا كان رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أباح دمه و نزل القرآن بكفره، و أخرج النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوما فأدخلهم عثمان، و نزع أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و استعمل سعيد بن العاص و عبد اللّه بن عامر. فبلغ ذلك عبد اللّه بن سعد، فقال:

لا تركبا معنا، فركبا في مركب ما فيه أحد من المسلمين، و لقوا العدوّ، و كانا انكل [ أكلّ ] المسلمين قتالا، فقيل لهما في ذلك، فقالا: كيف نقاتل مع رجل لا ينبغي لنا أن نحكّمه الخ( ١) .

و فيه أيضا: قال العلاء بن عبد اللّه العنبريّ: اجتمع ناس من المسلمين، فتذاكروا أعمال عثمان و ما صنع، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا إليه رجلا

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٢٩٢، سنة ٣١.

٢٤١

يكلّمه، و يخبره بإحداثه، فأرسلوا إليه عامر بن عبد اللّه التميمي ثمّ العنبري و هو الذي يدعى عامر بن عبد قيس فأتاه، فدخل عليه فقال له: إنّ ناسا من المسلمين اجتمعوا فنظروا في أعمالك، فوجدوك قد ركبت امورا عظاما، فاتّق اللّه عزّ و جلّ و تب إليه، و انزع عنها.

فقال عثمان: انظروا إلى هذا، يزعم الناس أنّه قارى‏ء، ثمّ هو يجي‏ء فيكلّمني في المحقّرات، فو اللّه ما يدري أين اللّه قال عامر: أنا لا أدري أين اللّه قال: نعم، و اللّه ما تدري أين اللّه قال عامر: بلى و اللّه إنّي لأدري أنّ اللّه بالمرصاد لك.

فأرسل عثمان إلى معاوية، و إلى عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح، و إلى سعيد بن العاص، و إلى عبد اللّه بن عامر، و إلى عمرو بن العاص فجمعهم ليشاورهم في أمره و ما طلب إليه، و ما بلغه عنهم، فلمّا اجتمعوا عنده قال لهم:

إنّ لكلّ امرى‏ء وزراء و نصحاء، و إنّكم وزرائي و نصحائي و أهل ثقتي، و صنع الناس ما قد رأيتم، و طلبوا إليّ أن أعزل عمّا لي، و أن أرجع عن جميع ما يكرهون إلى ما يحبّون، فاجتهدوا رأيكم، و أشيروا عليّ.

فقال عبد اللّه بن عامر: رأيي لك أن تشغلهم بجهاد يشغلهم عنك، و أن تجمّرهم( ١ ) في المغازي حتّى يذلّوا لك فلا يكوننّ همّ أحدهم إلاّ نفسه، و ما هو فيه من دبرة دابته، و قمل فروه.

ثمّ أقبل عثمان على سعيد بن العاص فقال له: ما رأيك؟ قال: إن كنت تريد [ ترى ] رأينا فاحسم عنك الداء، و اقطع عنك الذي تخاف، و اعمل برأيي تصب. قال: و ما هو؟ قال: إنّ لكلّ قوم قادة متى تهلك يتفرّقوا، و لا يجتمع لهم أمر، فقال عثمان: إنّ هذا هو الرأي لو لا ما فيه.

____________________

(١) تجمير الجيش: أن تحبسهم في أرض العدوّ و لا تقفلهم من الثغر. (الصحاح ٢: ٦١٦، مادة: جمر).

٢٤٢

ثمّ أقبل على معاوية فقال: ما رأيك؟ قال: أرى أن تردّ عمّالك على الكفاية لما قبلهم، و أنا ضامن لك قبلي.

ثمّ أقبل عثمان على عبد اللّه بن سعد فقال: ما رأيك؟ قال: أرى أنّ الناس أهل طمع، فأعطهم من هذا المال تعطف عليك قلوبهم.

ثمّ أقبل على عمرو بن العاص، فقال له: ما رأيك؟ قال: أرى أنّك قد ركبت الناس بما يكرهون فاعتزم أن تعتدل، فإنّ أبيت فاعتزم أن تعتزل، فإن أبيت فاعتزم عزما، و امض قدما. فقال له عثمان: مالك قمل فروك؟ أ هذا الجدّ منك فأسكت عنه دهرا، حتّى إذا تفرّق القوم، قال عمرو لعثمان: لا و اللّه لأنت أعزّ عليّ من ذلك، و لكن قد علمت أن سيبلغ الناس قول كلّ رجل منّا، فأردت أن يبلغهم قولي فيثقوا بي، فأقود إليك خيرا، أو أدفع عنك شرّا( ١) .

و رواه عن الزهريّ أيضا و زاد: فردّ عثمان عمّا له على أعمالهم، و أمرهم بالتضييق على من قبلهم، و أمرهم بتجمير الناس في البعوث، و عزم على تحريم أعطياتهم ليطيعوه، و يحتاجو إليه( ٢) .

«و استبدل اللّه بقوم قوما. و بيوم يوما» قال ابن أبي الحديد: أي: استبدل اللّه بعثمان و شيعته عليّاعليه‌السلام و شيعته، و بأيّام ذاك أيّام هذا( ٣) .

قلت: استبدل بالظلمة النّور، و بالجور العدل، و بالباطل الحقّ.

و في (خلفاء ابن قتيبة) بعد ذكر خطبة لهعليه‌السلام في التحريض على جهاد معاوية: ثمّ قام أبو أيّوب الأنصاريّ فقال: إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قد أسمع من كانت له اذن واعية، و قلب حفيظ، إنّ اللّه قد أكرمكم به كرامة ما قبلتموها

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٣٣٣ ٣٣٤، سنة ٣٤.

(٢) نفس المصدر ٤: ٣٣٥، سنة ٣٤.

(٣) شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٥٣.

٢٤٣

حقّ قبولها، حيث نزل بين أظهركم ابن عمّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و خير المسلمين و أفضلهم و سيّدهم بعده، يفقّهكم في الدين، و يدعوكم إلى جهاد المحلّين، فو اللّه لكأنّكم صمّ لا تسمعون، و قلوبكم غلف مطبوع عليها فلا تستجيبون، أ ليس إنّما عهدكم بالجور و العدوان أمس، و قد شمل العباد، و شاع في الإسلام، فذو حقّ محروم، و مشتوم عرضه، و مضروب ظهره، و ملطوم وجهه، و موطوء بطنه، و ملقى بالعراء فلمّا جاءكم أمير المؤمنينعليه‌السلام صدع بالحقّ، و نشر العدل [ بالعدل ]، و عمل بالكتاب، فاشكروا نعمة اللّه عليكم، و لا تتولّوا مجرمين( ١) .

و في (جمل محمّد بن محمّد بن النعمان): لمّا بعث عليّعليه‌السلام الأشتر إلى الكوفة لمّا أراد قتال البصرة، صعد الأشتر المنبر و قال بعد حمده تعالى و ذكر الإسلام إلى أن قال: ثمّ ولّي رجل نبذ كتاب اللّه وراء ظهره، و عمل في أحكام اللّه بهوى نفسه، فسألناه أن يعزل نفسه عنّا فلم يفعل، و أقام على أحداثه، فاخترنا هلاكه على هلاك ديننا و دنيانا، و لا يبعد اللّه إلاّ القوم الظالمين، و قد جاءكم اللّه بأعظم الناس مكانا، و أجلّهم في الإسلام سهما، ابن عمّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و أفقه الناس في دين اللّه، و أقرئهم لكتاب اللّه، و أشجعهم عند اللقاء يوم البأس، و قد استنفركم فما تنتظرون؟ أ سعيد الذي فعل ما فعل، أم الوليد الذي شرب الخمر و صلّى بكم على سكر، أيّ هذين تريدون؟ قبّح اللّه من له هذا الرأي( ٢) .

«و انتظرنا الغير» أي: التغيّرات.

«انتظار المجدب» أي: من أصابه القحط.

____________________

(١) الإمامة و السياسة ١: ١٥٢ ١٥٣، و الآية ٥٢ من سورة هود.

(٢) الجمل للمفيد: ٢٥٤ ٢٥٥، و نقله الشارح بتصرّف.

٢٤٤

«المطر» كان انتظار الناس أيّام عثمان انتظار ناس أصابهم القحط لمطر يحييهم.

و لمّا أخرج عثمان أبا ذرّ إلى الربذة، و شيّعه أمير المؤمنينعليه‌السلام و الحسنان عليهما السلام، قال له الحسينعليه‌السلام : يا عمّاه، إنّ اللّه تعالى قادر على أن يغيّر ما ترى و هو كلّ يوم في شأن( ١) .

و في (تاريخ الثقفي): أنّ رجلا شهد الجمعة عند معاوية بالجابية لقي أبا الدرداء و صاحبا له في طريق، فقال لهما: خبر كرهت أن اخبركما به، فقال أبو الدرداء: لعلّ أبا ذرّ قد نفي. قال: نعم و اللّه. فاسترجع أبو الدرداء و صاحبه قريبا من عشر مرّات، ثمّ قال أبو الدرداء لصاحبه:... فَارتقِبهم و اصْطَبِر( ٢ ) كما قيل لأصحاب الناقة( ٣) .

و في (سقيفة الجوهريّ): عن أبي كعب الحارثي في خبر أنّه كان يجي‏ء عند عثمان إذ جاء نفر فقالوا: إنّه أبى أن يجي‏ء. فغضب عثمان و قال: أبى أن يجي‏ء اذهبوا فجيئوا به فإن أبى فجرّوه جرّا. قال: فمكثت قليلا فجاؤوا و معهم رجل آدم طوال أصلع، في مقدّم رأسه شعرات، و في قفاه شعرات، فقلت: من هذا؟ قالوا: عمّار.

فقال له عثمان: أنت الذي تأتيك رسلنا فتأبى أن تجي‏ء؟ فكلّمه بشي‏ء لم أدر ما هو إلى أن قال: فتبعت عثمان حتّى دخل المسجد، فإذا عمّار جالس إلى سارية، و حوله نفر من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبكون، فقال عثمان: يا وثّاب عليّ بالشرط. فجاؤوا، فقال: فرّقوا بين هؤلاء.

____________________

(١) السقيفة و فدك ٧٦ ٧٧، شرح ابن أبي الحديد ٨: ٢٥٣ ٢٥٤.

(٢) من الآية ٢٧ في سورة القمر.

(٣) نقله عنه، العلاّمة المجلسيرضي‌الله‌عنه في بحار الأنوار ٨: ٣٣٧ ط الكمباني.

٢٤٥

ثمّ اقيمت الصلاة، فتقدّم عثمان فصلّى بهم، فلمّا كبّر قالت امرأة من حجرتها: تركتم أمر اللّه، و خالفتم عهده. ثمّ صمتت و تكلّمت اخرى بمثل ذلك، فإذا هما عائشة و حفصة. فسلّم عثمان ثمّ أقبل على الناس فقال: إنّ هاتين لفتّانتان، يحلّ لي سبّهما، و أنا بأصلهما عالم. فقال له سعد: أ تقول هذا لحبائب النبيّ؟ فقال له: و فيم أنت و ما ها هنا، ثمّ أقبل نحو سعد عامدا ليضربه، فانسلّ سعد إلى أن قال: فلقي عليّاعليه‌السلام بباب المسجد، فقال عثمان له: أ لست الذي خلّفك النبيّ يوم تبوك؟ فقال له عليّعليه‌السلام : أ لست الفارّ يوم احد؟( ١) .

و في (موفّقيّات الزبير بن بكّار) عن ابن عبّاس في خبر قال عثمان لعمّار: أما إنّك من شنآئنا و أتباعهم، و ايم اللّه، إنّ اليد عليك منبسطة، و إنّ السبيل إليك لسهلة إلى أن قال فقال له عمّار: و اللّه ما أعتذر من حبّي عليّاعليه‌السلام . فقال له عثمان: إنّك و اللّه ما علمت لمن أعوان الشرّ الحاضّين عليه، الخذلة عند الخير و المثبّطين عنه. فقال عمّار: مهلا يا عثمان، فقد سمعت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصفني بغير ذلك. قال عثمان: و متى؟ قال: يوم دخلت أنا عليه منصرفه عن الجمعة، و ليس عنده غيرك، و قد ألقى ثيابه، و قعد في فضله( ٢) ، فقبّلت أنا صدره و نحره و جبهته، فقال: يا عمّار، إنّك لتحبّنا و إنّا لنحبّك، و إنّك لمن الأعوان على الخير و المثبّطين عن الشرّ.

فقال عثمان: أجل و لكنّك غيّرت و بدّلت. فرفع عمّار يديه يدعو و قال:

آمّن يا ابن عبّاس، اللهمّ من غيّر فغيّر به( ٣) .

و روى (الموفقيات) أيضا عن عليّعليه‌السلام قال: أرسل إليّ عثمان في

____________________

(١) السقيفة و فدك: ٧٩ ٨١، شرح ابن أبي الحديد ٩: ٣ ٥، و نقله الشارح بتلخيص.

(٢) ثوب فضل، تقول: خرجت في فضل أي: في ثوب واحد ملحفة أو نحوها. أساس البلاغة: ٣٤٣، مادة (فضل).

(٣) شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٠ ١١.

٢٤٦

الهاجرة( ١ ) ، فتقنّعت بثوبي، فأتيته، فدخلت عليه و هو على سريره، و في يده قضيب، و بين يديه مال دثر( ٢ ) : صبرتان من ورق و ذهب، فقال: دونك خذ من هذا حتّى تملأ بطنك فقد أحرقتني. فقلت: وصلتك رحم إن كان هذا المال ورثته، أو أعطاكه معط، أو اكتسبته من تجارة، كنت أحد رجلين: إمّا آخذ و أشكر، أو أفرّ و أجهد، و إن كان من مال اللّه و فيه حقّ المسلمين و اليتيم و ابن السبيل، فو اللّه مالك عليّ أن تعطينيه، و لا لي أن آخذه. فقال: أبيت و اللّه إلاّ ما أبيت. ثمّ قام إليّ بالقضيب فضربني، و اللّه ما أردّ يده حتّى قضى [ حاجته ]، فتقنّعت بثوبي، و رجعت إلى منزلي، و قلت: اللّه بيني و بينك إن كنت أمرتك بمعروف أو نهيتك عن منكر( ٣) .

و روى الثقفي في (تاريخه) عن داود بن الحصين الأنصاري أنّ محمّد بن مسلمة الأنصاري قال يوم قتل عثمان: ما رأيت يوما قطّ أقرّ للعيون و لا أشبه بيوم بدر من هذا اليوم.

و روى عن أبي سفيان قال: أتيت محمّد بن مسلمة فقلت: قتلتم عثمان؟

قال: نعم، و أيم اللّه ما وجدت رائحة هي أشبه برائحة يوم بدر من رائحة هذا اليوم( ٤) .

قلت: صدق، ففي بدر قتل جمع من الجبابرة، و اسر جمع من الجبابرة، و في ذاك اليوم قتل رئيس الجبابرة عثمان رئيس بني اميّة الشجرة الملعونة، فذلّوا و خزيوا.

ثمّ تشبيه أمر محبوب متوقّع بمطر بعد جدب، كما في كلامهعليه‌السلام ، أمر

____________________

(١) الهجر و الهاجرة: نصف النهار عند اشتداد الحرّ. (الصحاح ٢: ٨٥١، مادة: هجر).

(٢) الدثر بالفتح: المال الكثير. يقال: مال دثر و أموال دثر. (الصحاح ٢: ٦٥٥، مادة: دثر).

(٣) أخبار الموفقيات للزبير بن بكار: ٦١٢ رقم ٣٩٥، مطبعة العاني، بغداد، شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٦.

(٤) نقله عنه العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في بحار الأنوار ٨: ٣٤٠ ط الكمباني.

٢٤٧

شائع قال الفرزدق:

إنّي و إيّاك إذ حلّت بأرحلنا

كمن بواديه بعد المحل ممطور( ١)

و قال آخر:

و حديثها كالغيث يسمعها

راعي سنين تتابعت جدبا

فأصاخ يرجو أن يكون حيا

و يقول من فرح هياربا( ٢)

و لمّا كثر عبث هشام بن عبد الملك بالوليد بن يزيد و بند مائه، قال أحدهم:

لعلّ الوليد دنا ملكه

فأمسى إليه قد استجمعا

و كنّا نؤمّل في ملكه

كتأميل ذي الجدب أن يمرعا( ٣)

قلت: لكنّ الوليد وعد ذلك من نفسه إلاّ أنّه لم يفعل كعثمان الذي وعد الناس الخير في أوّل خلافته لما حصل له العيّ في خطبته، و لم يفعل إلاّ الشّرّ.

قال أبو الفرج في (أغانيه): لمّا خرج زيد بن عليّ على هشام منع أهل مكّة و المدينة أعطياتهم، فلمّا ولي الوليد بعده كتب إلى أهل مكّة و المدينة:

ضمنت لكم إن لم تصابوا بمهجتي

بأنّ سماء الضرّ عنكم ستقلع

فلمّا فعل خلاف ما قال، قال حمزة بن بيض ردّا عليه:

وصلت سماء الضرّ بالضرّ بعد ما

زعمت سماء الضرّ عنّا ستقلع

فليت هشاما كان حيّا يسوسنا

و كنّا كما كنّا نرجّي و نطمع( ٤)

هذا، و بعضهم بدل في التشبيه، المطر بعد المحل بقرب الغريق إلى

____________________

(١) أورده أبو الفرج الاصبهاني في الأغاني ٢١: ٣٠٨ هكذا:

إنّا و إيّاك إن بلّغن أرحلنا

كمن بواديه بعد المحل ممطور

 (٢) عيون الأخبار لابن قتيبة ٤: ٨٢، دار الكتاب العربي.

(٣) الأغاني ٧: ٨ ٩.

(٤) الأغاني ٧: ٢١ ٢٢.

٢٤٨

الساحل فقال:

إذا قلت أي فتى تعلمون

أهش إلى الطعن بالذابل

و أضرب للقرن يوم الوغى

و أطعم في الزمن الماحل

أشارت إليك أكفّ الورى

اشارة غرقى إلى الساحل

ثمّ إنّ ابن أبي الحديد قال: كلامهعليه‌السلام «و انتظرنا الغير، انتظار المجدب المطر» يدلّ على أنّهعليه‌السلام كان يتربّص بعثمان الدوائر، و يرتقب حلول الخطوب بساحته.

فإن قلت: أ يجوز على مذهب المعتزلة أن يقال: إنّهعليه‌السلام كان ينتظر قتل عثمان، انتظار المجدب المطر، و هل هذا إلاّ محض مذهب الشيعة قلت: إنّهعليه‌السلام و إن قال: «انتظر الغير» يجوز أن يكون أراد انتظار خلعه و عزله عن الخلافة، فإنّ عليّاعليه‌السلام عند أصحابنا كان يذهب إلى أنّ عثمان يستحقّ الخلع بأحداثه، و لم يستحقّ القتل.

فإن قلت: أ تقول المعتزلة أنّ عليّاعليه‌السلام كان يذهب إلى فسق عثمان المستوجب لأجله الخلع؟

قلت: كلاّ حاش للّه أن تقول المعتزلة ذلك و إنّما تقول: إنّ عليّاعليه‌السلام كان يرى أنّ عثمان يضعف عن تدبير الخلافة، و أنّ أهله غلبوا عليه، و استبدّوا بالأمر دونه، و استعجزه المسلمون، و استسقطوا رأيه، فصار حكمه حكم الإمام إذا عمي، أو أسره العدوّ، فإنّه ينخلع من الإمامة( ١) .

قلت: هب أنّ الأمر كما ذكر، فإذا كان عثمان بالغا درجة الانخلاع فضلا عن استحقاقه الخلع، هل صار قتله موجبا لاستحقاق الخلافة،

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٥٣ ١٥٤، و نقله الشارح بتصرّف و تلخيص.

٢٤٩

فكيف يقولون بإمامته؟

ثمّ لم أعلم أيّ شي‏ء يجعلون معنى الفسق، فإن لم يكن عثمان بتلك الأحداث فاسقا فلا فاسق في الدّنيا.

ثمّ كيف لم يكن فاسقا بها و قد قال تعالى:... و من لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الفاسقون( ١ ) ؟

و قال جلّ و علا:... و مَن لم يحكُم بما أنزل اللّه فاولئك هم الظالمون( ٢) .

و قال عزّ اسمه:... و مَنْ لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون( ٣) .

و كان عمّار يقول: هذه الثلاثة تشهد بكفره و أنا الرابع( ٤) .

و سبحان اللّه هل حبّ الشي‏ء يعمي الإنسان و يصمّه بدرجة يسلبه فطرياته و ضروريّات العقول؟ و إلاّ فمن قال بإمامة أبي بكر و عمر في عصر عثمان كفّر عثمان، و أباح دمه، و إنّما حمل معاوية عدوّ الاسلام و لعين النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غير موطن الناس بالسيف على القول به.

ثمّ كيف يقول ابن أبي الحديد: إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام لم يقل بفسقه، و لا باستحقاقه القتل( ٥ ) و الأشتر يصيح بين يديه في صفّين:

لا يبعد اللّه سوى عثمانا

مخالف قد خالف الرحمانا

____________________

(١) المائدة: ٤٧.

(٢) المائدة: ٤٥.

(٣) المائدة: ٤٤.

(٤) تفسير العيّاشي ١: ١٢٣ ٣٢٣، الشافي في الإمامة ٤: ٢٩١.

(٥) شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٥٣.

٢٥٠

نصرتموه عابدا شيطانا( ١)

و عمّار يصيح بين يديه كما في (صفّين نصر بن مزاحم): امضوا عباد اللّه إلى قوم يطلبون فيما يزعمون بدم الظالم لنفسه، الحاكم على عباد اللّه بغير ما في كتاب اللّه، إنّما قتله الصالحون المنكرون للعدوان، الآمرون بالإحسان و يقول هؤلاء الذين لا يبالون إذا سلمت لهم دنياهم لو درس هذا الدين: لم قتلتموه؟ فقلنا: لإحداثه. فقالوا: إنّه ما أحدث شيئا. و ذلك لأنّه مكّنهم من الدّنيا فهم يأكلونها و يرعونها و لا يبالون لو انهدّت عليهم الجبال. و اللّه ما أظنّهم يطلبون دمه، إنّهم ليعلمون أنّه كان ظالما، و لكنّ القوم ذاقوا الدّنيا فاستحبّوها و استمروها و علموا لو أنّ الحقّ لزمهم لحال بينهم و بين ما يرعون فيه منها. و لم يكن للقوم سابقة في الاسلام يستحقّون بها الطاعة و الولاية، فخدعوا أتباعهم بأن قالوا: قتل إمامنا مظلوما، ليكونوا بذلك جبابرة( ٢) .

و روى الثقفي أنّ رجلا قال لعمّار يوم صفّين: علام تقاتلهم؟ قال: على أنّهم زعموا أنّ عثمان مؤمن و نحن نزعم أنّه كافر( ٣) .

و روى الواقدي كما في (تقريب الحلبي): أنّه قيل لحذيفة:

ما تقول في قتلة [ قتل ] عثمان؟ فقال: هل هو إلاّ كافر قتل كافرا أو مسلم قتل كافرا؟ فقالوا: ما جعلت لعثمان مخرجا. قال: إنّ اللّه لم يجعل له مخرجا( ٤) .

____________________

(١) وقعة صفين: ١٧٨.

(٢) وقعة صفين: ٣١٩.

(٣) نقله عنه العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في بحار الأنوار ٨: ٣٣٨ ط الكمباني.

(٤) المصدر نفسه ٨: ٣٣٩.

٢٥١

٩ - الخطبة (٢٤) و من كلام لهعليه‌السلام قاله لعبد اللّه بن عباس، و قد جاءه برسالة من عثمان، و هو محصور يسأله فيها الخروج إلى ماله بينبع، ليقلّ هتف الناس باسمه للخلافة، بعد أن كان سأله مثل ذلك من قبل.

فقالعليه‌السلام :

يَا؟ اِبْنَ عَبَّاسٍ؟ مَا يُرِيدُ؟ عُثْمَانُ؟ إِلاَّ أَنْ يَجْعَلَنِي جَمَلاً نَاضِحاً بِالْغَرْبِ أَقْبِلْ وَ أَدْبِرْ بَعَثَ إِلَيَّ أَنْ أَخْرُجَ ثُمَّ بَعَثَ إِلَيَّ أَنْ أَقْدُمَ ثُمَّ هُوَ اَلْآنَ يَبْعَثُ إِلَيَّ أَنْ أَخْرُجَ وَ اَللَّهِ لَقَدْ دَفَعْتُ عَنْهُ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ آثِماً أقول: هذا العنوان في (المصرية) قبل عنوان واحد من آخر باب الخطب( ١ ) و الصواب جعله قبل خمسة عناوين، أي قبل عنوان: «و من كلام لهعليه‌السلام اقتصّ فيه ذكر ما كان منه بعد هجرة النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم)( ٢) .

قول المصنّف: «و من كلام لهعليه‌السلام قاله لعبد اللّه بن عبّاس و قد جاءه برسالة من عثمان» هكذا في (المصرية)( ٣ ) ، و في (ابن ميثم): «من عند عثمان»( ٤ ) ، و في (ابن أبي الحديد): «من عثمان بن عفّان»( ٥ ) ، و الصواب ما في (ابن ميثم)، لكون نسخته بخطّ المصنّف.

«و هو محصور» أي: حاصره الناس.

____________________

(١) نهج البلاغة ٢: ٢٦٠.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١٣: ٢٩٦، و شرح ابن ميثم ٤: ٣٢٢.

(٣) نهج البلاغة ٢: ٢٦٠.

(٤) في شرح ابن ميثم المطبوع ٤: ٣٢٢: «من عثمان» أيضا.

(٥) في شرح ابن أبي الحديد المطبوع ١٣: ٢٩٦: «من عثمان» أيضا.

٢٥٢

«يسأله فيها» ليس «فيها» في (ابن ميثم)( ١) .

«الخروج إلى ماله بينبع»، قال (الصحاح): ينبع بلد( ٢ ) . و قال في (القاموس): ينبع حصن له عيون و نخيل و زروع بطريق حاجّ مصر( ٣) .

و قال ابن دريد: ينبع بين مكّة و المدينة( ٤) .

و قال غيره: ينبع من أرض تهامة غزاها النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم يلق كيدا و هي قريبة من طريق الحاجّ الشامي، و قال الشريف الينبعي: عددت بها مائة و سبعين عينا( ٥) .

و قال الحموي في (بلدانه): قال عرّام السلمي: ينبع عن يمين رضوى لمن كان منحدرا من المدينة إلى البحر على ليلة من رضوى من المدينة على سبع مراحل، و هي لبني حسن بن عليّ، و كان يسكنها الأنصار و جهينة و ليث، و فيها عيون عذاب غزيرة، و واديها يليل، و بها منبر، و هي قرية غنّاء و واديها يصبّ في غيقة، و قال غيره: ينبع حصن به ماء و نخيل و زرع، و بها وقوف لعليّعليه‌السلام يتولاّها ولده( ٦) .

«ليقل هتف الناس» أي: تصويتهم و صيحتهم.

«باسمه للخلافة» و في نسخة (ابن ميثم)( ٧ ) : «بالخلافة».

«بعد أن كان» أي: عثمان.

____________________

(١) في شرح ابن ميثم المطبوع ٤: ٣٢٢: «فيها» أيضا.

(٢) الصحاح ٣: ١٢٨٨: مادة (نبع).

(٣) القاموس المحيط ٣: ٨٧ مادة (نبع).

(٤) جمهرة اللغة ١: ٣٦٨ مادة (نبع).

(٥) معجم البلدان ٥: ٤٥٠.

(٦) المصدر نفسه ٥: ٤٤٩ ٤٥٠.

(٧) في شرح ابن ميثم المطبوع ٤: ٣٣٢: «للخلافة» أيضا.

٢٥٣

«سأله مثل ذلك» أي: خروجه إلى ينبع.

«من قبل» هذه المرّة.

«فقالعليه‌السلام » الكلمة تأكيد، و إلاّ فلا حاجة إليها بعد قوله: «و من كلام لهعليه‌السلام ».

قولهعليه‌السلام : «يا بن عبّاس ما يريد عثمان إلاّ أن يجعلني جملا» هكذا في (المصرية)( ١ ) و الصواب: «ما يريد عثمان أن يجعلني إلاّ جملا» كما في (ابن ميثم و الخطية)( ٢) .

«ناضحا» أي: مستقيا عليه.

«بالغرب» أي: الدلو العظيم.

«اقبل» بلفظ المتكلّم من الإقبال.

«و ادبر» كما يقبل و يدبر الجمل الناضح بالغرب.

«بعث إليّ أن أخرج ثمّ بعث إليّ أن اقدم، ثمّ هو الآن يبعث إليّ أن أخرج» و في (ابن ميثم): «ثمّ هو يبعث الآن إليّ أن أخرج»( ٣) .

في (العقد الفريد): قال ابن عبّاس: أرسل إليّ عثمان فقال لي: اكفني ابن عمّك فقلت: إنّ ابن عمّي ليس بالرجل يرى له و لكنّه يرى لنفسه، فأرسلني إليه بما أحببت. قال: قل له: فليخرج إلى ماله بينبع، فلا أغتمّ به و لا يغتمّ بي. فأتيته فأخبرته، فقال: ما اتّخذني عثمان إلاّ ناضحا، ثمّ أنشد يقول:

فكيف به أنّي اداوي جراحه

فيدوى فلا ملّ الدواء و لا الداء

إلى أن قال: فخرج عليعليه‌السلام إلى ينبع، فكتب إليه عثمان حين اشتدّ

____________________

(١) نهج البلاغة ٢: ٢٦١.

(٢) في شرح ابن ميثم المطبوع ٤: ٣٣٢: «إلاّ أن يجعلني جملا» أيضا.

(٣) في شرح ابن ميثم المطبوع ٤: ٣٣٢ «ثمّ هو الآن هو يبعث إليّ أن أخرج».

٢٥٤

عليه الأمر: أمّا بعد فقد بلغ السيل الزّبى، و جاوز الحزام الطّبيين، و طمع فيّ من كان يضعف عن نفسه.

و إنّك لم يفخر عليك كفخر

ضعيف و لم يغلبك مثل مغلّب

فأقبل إليّ، و كن لي أم عليّ، صديقا كنت أم عدوّا.

فإن كنت مأكولا فكن خير آكل

و إلاّ فأدركني و لمـّا امزّق( ١)

و في (خلفاء ابن قتيبة): ذكروا أنّه لمّا اشتدّ الطعن على عثمان، استأذنه عليّعليه‌السلام في بعض بواديه ينتحي إليها، فأذن له، فلمّا اشتدّ الأمر عليه بعد خروج عليّعليه‌السلام ، و رجا الزبير و طلحة أن يميلا إليهما قلوب الناس، و يغلبا عليهم، و اغتنما غيبة عليّعليه‌السلام كتب عثمان إلى عليّعليه‌السلام : أمّا بعد فقد بلغ السيل الزّبي، و جاوز الحزام الطبيين، و ارتفع أمر الناس في شأني فوق قدره، و زعموا أنّهم لا يرضون دون دمي، و طمع فيّ من لا يدفع عن نفسه.

و إنّك لم يفخر عليك البيت و قد كان يقال: أكل السبع خير من افتراس الثعلب( ٢) .

«و اللّه لقد دفعت عنه حتّى خشيت أن أكون آثما» بالدفاع عن ظالم.

في (الطبري): قال أبو حبيبة: نظرت إلى سعد يوم قتل عثمان دخل عليه ثمّ خرج و هو يسترجع ممّا يرى على الباب، فقال له مروان: الآن تندم أنت أشعرته( ٣ ) إلى أن قال: فقال له مروان: إن كنت تريد أن تذبّ عنه، فعليك بابن أبي طالب فإنّه متستّر، و هو لا يجبه فخرج حتّى أتى عليّاعليه‌السلام و هو بين القبر و المنبر إلى أن قال فقال له عليّعليه‌السلام : و اللّه ما زلت أذبّ عنه حتّى إنّي

____________________

(١) العقد الفريد ٥: ٥٩ ٦٠.

(٢) الإمامة و السياسة ١: ٣٤.

(٣) قال الزمخشري: أشعرت أمر فلان: جعلته معلوما مشهورا، و أشعرت فلانا: جعلته علما بقبيحة أشدتها عليه. (أساس البلاغة: ٢٣٦، مادة: شعر).

٢٥٥

لأستحيي، و لكنّ مروان و معاوية و عبد اللّه بن عامر و سعيد بن العاص هم صنعوا به ما ترى، فإذا نصحته و أمرته أن ينحّيهم استغشّني حتّى جاء ما ترى. فبيناهم كذلك إذ جاء محمّد بن أبي بكر، فسارّ عليّاعليه‌السلام ، فأخذ عليّعليه‌السلام بيدي، و نهض و هو يقول: أيّ خير توبته هذه فو اللّه ما بلغت داري حتّى سمعت الهائعة( ١ ) أنّ عثمان قد قتل( ٢) .

و في (الطبري) أيضا: لمّا خرج ابن عديس من مصر في خمسمائة إلى عثمان و جاؤوا حتّى نزلوا اذا خشب، قال عثمان لعليّعليه‌السلام : احبّ أن تركب إليهم فتردّهم عنّي، فإنّي لا احبّ أن يدخلوا عليّ فإنّ ذلك جرأة منهم عليّ، و يسمع [ ليسمع ] بذلك غيرهم.

فقال عليّعليه‌السلام له: علام أردّهم؟ قال: على أن أصير إلى ما أشرت به عليّ و رأيته لي، و لست أخرج من يديك. فقال عليّعليه‌السلام له: إنّي قد كنت كلّمتك مرّة بعد مرّة، فكلّ ذلك تخرج و تكلّم، و تقول و تقول، و ذلك كلّه فعل مروان و سعيد بن العاص و ابن عامر و معاوية، أطعتهم و عصيتني. قال عثمان: فإنّي أعصيهم و أطيعك.

فركب عليعليه‌السلام إلى أهل مصر، فردّهم عنه، فانصرفوا راجعين( ٣) .

و روى أيضا: أنّهعليه‌السلام جاء إلى عثمان بعد انصراف المصريّين، و قال له:

تكلّم كلاما يسمعه الناس منك و يشهدون عليه، و تشهد [ يشهد ] اللّه على ما في قلبك من النزوع و الإنابة، فإنّ البلاد قد تمخّضت عليك، فلا آمن ركبا آخرين يقدمون من الكوفة، فتقول: اركب إليهم. و يقدم ركب آخرون من البصرة،

____________________

(١) الهائعة: الصوت الشديد (الصحاح ٣: ١٣٠٩، مادة: هيع).

(٢) تاريخ الطبري ٤: ٣٧٧ ٣٧٨، سنة ٣٥.

(٣) تاريخ الطبري ٤: ٣٥٧ ٣٥٩، سنة ٣٥، و نقله الشارح بتصرّف و تلخيص.

٢٥٦

فتقول: اركب إليهم، فإن لم أفعل رأيتني قد قطعت رحمك. فخرج فخطب الخطبة التي نزع فيها إلى أن قال: فخرج مروان إلى الباب و الناس يركب بعضهم بعضا، فقال: ما شأنكم قد اجتمعتم كأنّكم قد جئتم لنهب شاهت الوجوه تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا فإنّا و اللّه ما نحن بمغلوبين على ما في أيدينا.

فرجع الناس و خرج بعضهم حتّى أتى عليّاعليه‌السلام فأخبره الخبر، فجاء مغضبا حتّى دخل على عثمان، فقال له: أما رضيت من مروان و لا رضي منك إلاّ بتحرّفك عن دينك و عن عقلك، مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به و اللّه ما مروان بذي رأي في دينه و لا في نفسه، و ايم اللّه إنّي لأراه سيوردك ثمّ لا يصدرك، و ما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك، أذهبت شرفك، و غلبت على أمرك.

فلمّا خرج دخلت عليه نائلة ابنة الفرافصة امرأته، فقالت: قد سمعت قول علي لك، و إنّه ليس يعاودك، و قد أطعت مروان يقودك حيث شاء. قال: فماذا [ فما ] أصنع؟ قالت: تتّقي اللّه، و تتّبع سنّة صاحبيك من قبلك، فإنّك متى أطعت مروان قتلك، و مروان ليس له عند الناس قدر و لا هيبة و لا محبّة، و إنّما تركك الناس لمكان مروان، فأرسل إلى عليّ فاستصلحه. فأرسل إليه فأبى أن يأتيه، و قال: قد أعلمته أنّي لست بعائد( ١) .

و روى الطبريّ أيضا: عن عبد الرحمن بن الأسود، قال: جاء رسول عثمان إلى عليّعليه‌السلام أن ائتني. فقال بصوت مرتفع عال مغضب: قل له: ما أنا بداخل عليك و لا عائد إلى أن قال: قال عبد الرحمن: فغدوت فجلست معهعليه‌السلام ، فقال: جاءني عثمان البارحة، فجعل يقول: إنّك [ إنّي ] غير عائد، و إنّي

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٣٦٠ ٣٦٣، سنة ٣٥، و نقله الشارح بتصرّف و تلخيص.

٢٥٧

فاعل. فقلت له: بعد ما تكلّمت به على منبر النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و أعطيت من نفسك، ثمّ دخلت بيتك، و خرج مروان إلى الناس فشتمهم على بابك، فرجع عثمان و هو يقول: قطعت رحمي، و خذلتني، و جرأت الناس عليّ.

فقلت: و اللّه إنّي لأذبّ الناس عنك، و لكنّي كلّما جئت بهنة أظنّها لك رضا جاء باخرى، فسمعت قول مروان عليّ، و استدخلت مروان.

قال عبد الرحمن: فلم أزل أرى عليّاعليه‌السلام منكّبا عنه لا يفعل ما كان يفعل، إلاّ أنّي أعلم أنّه قد كلّم طلحة حين حصر في أن يدخل عليه الروايات و غضب في ذلك غضبا شديدا، حتّى دخلت الروايا على عثمان( ١) .

و روى أبو حذيفة في كتابه مقتل عثمان كما في (جمل المفيد) عن ابن إسحاق عن الزهريّ قال: لمّا قدم أهل مصر في ستّمائة راكب، عليهم عبد الرحمن بن عديس البكري [ البلويّ ] فنزلوا ذا خشب و فيهم كنانة بن بشر الكناني [ الكنديّ ]، و ابن بديل الخزاعيّ، و أبو عروة الليثي، و اجتمع معهم حكيم بن جبلة العبدي في طائفة من أهل البصرة، و كميل بن زياد، و مالك الأشتر، و صعصعة بن صوحان، و حجر بن عدي، في جماعة من قرّاء الكوفة الذين كانوا سيّرهم عثمان من الكوفة إلى الشام حين شكوا أحداثه التي أنكرها عليه المهاجرون و الأنصار، فاجتمع فاجتمع القوم على عيب عثمان، و جهروا بذكر أحداثه، فمرّ بهم نفران، فقالا لهم: إن شئتم بلّغنا عنكم أزواج النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإن أمرنّكم أن تقدموا فأقدموا. فقالا لهم: افعلا و اقصدا عليّاعليه‌السلام آخر الناس.

فانطلقا فبدأ بعائشة و باقي أزواجه، ثمّ بأصحاب النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمروا أن يقدموا المدينة و صارا إلى عليّعليه‌السلام فأخبراه، فقال: هل أتيتما أحدا قبلي؟ قالا:

نعم، أزواج النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و أصحابه من المهاجرين و الأنصار، فأمروا أن يقدموا.

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٣٦٤، سنة ٣٥، و نقله الشارح بتصرّف.

٢٥٨

فقالعليه‌السلام : لكنّي لا آمرهم، بل يستغيثون بمن [ يستعتبونه ممّن ] قرب، فإن أغاثهم [ أعتبهم ] فهو خير لهم، و إن أبى فهم أعلم.

فخرجا إليهم و تسرّع جماعة من المدينة إليهم و اجتمعوا مع أهل ذي خشب و ذي مروة [ أهل الحسب و ذوي المروّات ].

فلمّا بلغ عثمان اجتماعهم أرسل إلى عليّعليه‌السلام و قال: يا أبا الحسن اخرج إلى هؤلاء القوم و ردّهم. فخرجعليه‌السلام إليهم، فلمّا رأوه رحّبوا به و قالوا له: قد علمت ما أحدثه هذا الرجل من الأعمال الخبيثة، و ما يلقاه المسلمون منه و من عمّاله، و كنّا لقيناه و استعتبناه فلم يعتبنا، و كلّمناه فلم يصغ إلى كلامنا و أغراه ذلك بنا، و قد جئناه نطالبه بالاعتزال عن إمرة المسلمين، و استأذنا في ذلك المهاجرين و الأنصار و أزواج النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأذنوا لنا في ورود المدينة و نحن على ذلك.

فقالعليه‌السلام لهم: يا هؤلاء، تلبّثوا [ تريّثوا ] و لا تسرعوا إلى شي‏ء لا تعرفون عاقبته. فقالوا: هيهات لا نقنع منه إلاّ بالاعتزال عن هذا الأمر ليقوم به من يوثق به. فرجععليه‌السلام إلى عثمان و أخبره بمقالتهم.

فخرج عثمان فخطب و جعل يدعو إلى نصرته، فقام إليه عمرو بن العاص فقال: إنّك قد ركبت الناس بالتهمة [ بالنهابير ]، فتب إلى اللّه. فقال له:

و إنّك لهاهنا يا بن النابغة، ثمّ رفع يده إلى السماء و قال: أتوب إلى اللّه، اللهمّ إنّي أتوب إليك.

فأنفذ عليّعليه‌السلام إلى القوم بما صار إليه من التوبة و الإقلاع، و مع ذلك ساروا إليه بأجمعهم، و سار إليه عمرو بن معدى كرب في ناس كثيرين و جعل يحرّض على عثمان، و انضمّ إليهم من المهاجرين و الأنصار طلحة و الزبير و جمهور الأنصار، فخرج عليعليه‌السلام إليهم و قال لهم: اتّقوا اللّه ما لكم و للرجل؟

٢٥٩

أما رجع عمّا أنكرتموه، أما تاب على المنبر توبة جهر بها؟ و لم يزل يلطف بهم حتّى سكنت فورتهم.

ثمّ سأله أهل مصر أن يلقاه في عزل ابن أبي سرح، و أهل الكوفة في عزل سعيد بن العاص، و أهل البصرة في عزل ابن كريز، و يعدل عمّا كان عليه من منكر الأفعال. فدخلعليه‌السلام عليه، و لم يزل به حتّى أعطاه ما أراد القوم، و بذل لهم العهود و الأيمان. فخرج عليّعليه‌السلام إليهم بما ضمنه له، و لم يزل بهم حتّى تفرّقوا.

فلمّا سار أهل مصر ببعض الطريق إلى أن قال: رأوا كتابا من عثمان إلى ابن أبي سرح: إذا أتاك كتابي فاضرب عنق عمرو بن بديل، و عبد الرحمن البكري [ البلوي ]، و اقطع أيدي علقمة، و كنانة، و عروة و أرجلهم، ثمّ دعهم يتشحّطون في دمائهم، فإذا ماتوا فأوقفهم على جذوع النخيل [ النخل ].

فدخل عليّعليه‌السلام على عثمان و قال له: إنّك وسطتني أمرا بذلت الجهد فيه لك، أمّا أنا فمعتز لك و شأنك و أصحابك. و خرج من عنده و دخل داره و أغلق عليه بابه( ١) .

١٠ - الخطبطة (١٣٥)

و من كلام لهعليه‌السلام :

يَا اِبْنَ اَللَّعِينِ اَلْأَبْتَرِ وَ اَلشَّجَرَةِ اَلَّتِي لاَ أَصْلَ لَهَا وَ لاَ فَرْعَ أَنْتَ تَكْفِينِي فَوَ اللَّهِ مَا أَعَزَّ اَللَّهُ مَنْ أَنْتَ نَاصِرُهُ وَ لاَ قَامَ مَنْ أَنْتَ مُنْهِضُهُ اُخْرُجْ عَنَّا أَبْعَدَ اَللَّهُ نَوَاكَ ثُمَّ اُبْلُغْ جَهْدَكَ فَلاَ أَبْقَى اَللَّهُ عَلَيْكَ إِنْ أَبْقَيْتَ

____________________

(١) تاريخ المدينة المنوّرة ٣: ١١٢٦، و ٤: ١١٥١ ١١٦١، الإمامة و السياسة ١: ٣٦ ٣٨، أنساب الأشراف، الجمل للمفيد: ١٣٧ ١٤١، و نقله الشارح عن الجمل بتصرّف و تلخيص.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

ممّا تعطف عليّ إخواني، لا شئ لي غيره، فمرني بأمرك، فقال لي: « إنصرف إلى بلادك، وأنت من حجّك وتزويجك وكسبك في حلّ » فلمّا كانت سنة ثلاث عشرة ومائتين أتيتهعليه‌السلام ، وذكرته العبوديّة الّتي التزمتها، فقال: « أنت حرّ لوجه الله » قلت له: جعلت فداك أكتب لي (به عهدة)(١) ، فقال: « تخرج إليك غداً » فخرج إليّ مع كتبي كتاب فيه: « بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمّد بن علي الهاشمي العلوي، لعبدالله بن المبارك فتاه، إنّي أعتقك لوجه الله والدّار الآخرة، لا ربّ لك إلّا الله، وليس عليك سبيل، وأنت مولاي ومولى عقبي من بعدي، وكتب في المحرّم سنة ثلاث عشرة ومائتين ». ووقع فيه محمّد بن علي بخط يده، وختم بخاتمه صلوات الله عليهما.

٣ -( باب وجوب إيصال حصّة الإمامعليه‌السلام من الخمس إليه مع الإمكان، وإلى بقيّة الأصناف مع التّعذّر، وعدم جواز التّصرف فيها بغير إذنهعليه‌السلام )

[ ٨٢٦٨ ] ١ - الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، قال: كنت عند أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام ، إذ أدخل إليه صالح بن محمّد بن سهل الهمداني، وكان يتولّى له، فقال له: جعلت فداك، اجعلني من عشرة آلاف درهم في حلّ فإنّي أنفقتها، فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : « أنت في حلّ » فلمّا خرج صالح من عنده، قال أبو جعفرعليه‌السلام : « أحدهم يثب على مال(١) آل محمّد

____________________________

(١) في المصدر: عهدك.

الباب - ٣

١ - الغيبة ص ٢١٣.

(١) في المصدر: أموال حقّ.

٣٠١

عليهم‌السلام ، وفقرائهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم، فيأخذه ثمّ يقول: اجعلني في حلّ، أتراه ظنّ بي أن(٢) أقول له: لا(٣) ، والله ليسألنّهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالاً حثيثاً ».

[ ٨٢٦٩ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي: عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : اصلحك الله، ما أيسر ما يدخل به العبد النّار؟ قال: « من أكل من مال اليتيم درهماً، ونحن اليتيم ».

قلت: في اختصاص سهمهعليه‌السلام مع تعذّر إيصاله إليه، بشركائه مع احتياجهم كلام طويل، وهذه من المسائل العويصة الّتي اختلفت فيها الأقوال وتشتّت فيها الآراء، وهي مع ذلك محلّ للابتلاء، وتمام الكلام يطلب من محلّه، وما اختاره أحوط في بعض الموارد، والله العالم.

٤ -( باب إباحة حصّة الإمامعليه‌السلام من الخمس للشّيعة مع تعذّر إيصالها إليه، وعدم احتياج السّادات، وجواز تصرّف الشّيعة في الأنفال والفئ وسائر حقول الإمامعليه‌السلام ، مع الحاجة وتعذّر الإيصال)

[ ٨٢٧٠ ] ١ - فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره: عن جعفر بن محمّد الفزاري، عن محمّد بن مروان، عن محمّد بن علي، عن علي بن عبدالله، عن الثّمالي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « قال الله

____________________________

(٢) وفيه: أنّي.

(٣) وفيه زيادة: أفعل.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٢٢٥ ح ٤٨.

الباب - ٤

١ - تفسير فرات الكوفي ص ١٥٨.

٣٠٢

تبارك وتعالى:( مَّا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ ) (١) فما كان للرّسول فهو لنا، وشيعتنا حللّناه لهم وطبنا(٢) لهم، يا أبا حمزة والله لا يضرب على شئ من (الأشياء فهو)(٣) في شرق الأرض ولا غربها إلّا كان حراماً سحتاً، على من نال منه شيئاً، ما خلانا وشيعتا، وأنّا (طيبناه لكم وجعلناه)(٤) لكم، [ والله ](٥) يا أبا حمزة، لقد (غصبونا ومنعونا)(٦) حقّنا ».

[ ٨٢٧١ ] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ ) (١) أي طاب مواليدكم، لأنّه لا يدخل الجنّة إلّا طيّب المولد( فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) (٢) قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « إنّ فلاناً وفلاناً غصبونا حقّنا، واشتروا به الأماء وتزوّجوا به النّساء، ألا وانا قد جعلنا شيعتنا من ذلك في حلّ، لتطيب مواليدهم ».

[ ٨٢٧٢ ] ٣ - عوالي اللآلي: سئل الصّادقعليه‌السلام ، فقيل له: يا ابن رسول الله، ما حال شيعتكم فيما خصكم الله به، إذا غاب غائبكم واستتر قائمكم؟ فقالعليه‌السلام : « ما انصفناهم إن

____________________________

(١) الحشر ٥٩: ٧.

(٢) في المصدر: وطيبناه.

(٣) في المصدر: السهام.

(٤) في الطبعة الحجرية: « طبناه فاماه » وما أثبتناه من المصدر.

(٥) أثبتناه من المصدر.

(٦) في المصدر: عصينا وشيعتنا.

٢ - تفسير القمي ج ٢ ص ٢٥٤.

(١ و ٢) الزمر ٣٩: ٧٣.

٣ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٤٦ ح ١٤.

٣٠٣

واخذناهم(١) ، ولا أحببناهم إن عاقبناهم، بل نبيح لهم المساكن لتصح عبادتهم، ونبيح لهم المناكح لتطيب ولادتهم، ونبيح لهم المتاجر ليزكوا اموالهم ».

٥ -( باب نوادر ما يتعلّق بأبواب كتاب الخمس)

[ ٨٢٧٣ ] ١ - الشيخ شرف الدّين في تأويل الآيات الباهرة: عن تفسير الجليل محمّد بن العبّاس بن الماهيار، عن محمّد بن أبي بكر، عن محمّد بن إسماعيل، عن عيسى بن داود، عن أبي الحسن موسى، عن أبيه: « أنّ رجلاً سأل أباه محمّد بن عليعليهم‌السلام ، عن قول الله عزّوجلّ:( وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ، لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) (١) فقال أبي: احفظ يا هذا وانظر كيف تروي عنّي، إنّ السائل والمحروم شأنهما عظيم، أمّا السّائل فهو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسألته الله حقّه، والمحروم هو من حرم الخمس أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وذرّيته الأئمّةعليهم‌السلام ، هل سمعت وفهمت؟ ليس هو كما يقول النّاس ».

[ ٨٢٧٤ ] ٢ - ثقة الإسلام في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن السّندي(١) بن الرّبيع، قال: لم يكن ابن أبي عمير يعدل بهشام بن الحكم شيئاً، وكان

____________________________

(١) الموجود في المصدر هذه العبارة فقط وقال الصادقعليه‌السلام : ما انصفناهم إن واخذناهم.

الباب - ٥

١ - تأويل الآيات الباهرة: لم نجده في مظانه، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٨٨.

(١) المعارج ٧٠: ٢٤ و ٢٥.

٢ - الكافي ج ١ ص ٣٣٨.

(١) في المصدر: السري، والظاهر هو الصواب راجع معجم رجال الحديث ٨: ٤١ و ٣١٦.

٣٠٤

لا يغبّ إتيانه، ثمّ انقطع عنه وخالفه، وكان سبب ذلك أنّ أبا مالك الحضرمي، كان أحد رجال هشام، وقع بينه وبين ابن أبي عمير ملاحاة في شئ من الإمامة، قال ابن أبي عمير: الدّنيا كلها للإمام على جهة الملك، وأنّه أولى بها من الّذين هي في أيديهم، وقال أبو مالك: ليس كذلك أموال(٢) النّاس لهم، إلّا ما حكم الله به للإمام من الفئ والخمس والمغنم فذلك له، وذلك أيضاً قد بيّن الله للإمام أين يضعه؟ وكيف يصنع به؟ فتراضيا بهشام بن الحكم وصارا إليه، فحكم هشام لأبي مالك على ابن عمير، فغضب ابن أبي عمير وهجر هشاماً بعد ذلك.

[ ٨٢٧٥ ] ٣ - الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة في كتاب تحف العقول: رسالة الصادقعليه‌السلام في الغنائم ووجوب الخمس لأهله، قالعليه‌السلام : « فهمت ما ذكرت إنّك اهتممت به، من العلم بوجوه مواضع ما لله فيه رضى، وكيف أمسك سهم ذي القربى منه، وما سألتني من اعلامك ذلك كلّه، فاسمع بقلبك وانظر بعقلك، ثمّ اعط في جنبك النّصف من نفسك، فإنّه أسلم لك غداً عند ربّك، المتقدّم أمره ونهيه إليك، وفّقنا الله وإيّاك، اعلم أنّ الله ربّي وربّك، ما غاب عن شئ وما كان ربّك نسيّا، وما فرّط في الكتاب من شئ، وكلّ شئ فصّله تفصيلاً، وأنّه ليس ما وضح الله تبارك وتعالى من أخذ ماله، بأوضح ممـّا أوضح الله من قسمته إيّاه في سبله، لأنّه لم يفترض من ذلك شيئاً في شئ من القرآن، إلّا وقد اتبعه بسبله إيّاه غير مفرق بينه وبينه، يوجبه لمن فرض له ما لا يزول عنه من القسم، كما يزول ما بقي سواه عمّن سمّي له، لأنّه يزول عن الشّيخ بكبره، والمسكين

____________________________

(٢) في المصدر: أملاك.

٣ - تحف العقول ص ٢٥٣.

٣٠٥

بغناه، وابن السّبيل بلحوقه ببلده، ومع توكيد الحجّ مع ذلك بالأمر به تعليماً، وبالنّهي عمّا ركب ممّن منعه تحرّجاً، فقال الله عزّوجلّ في الصّدقات، وكانت أوّل ما افترض الله سبله:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (١) فالله اعلم نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله موضع الصّدقات، وأنّها ليست لغير هؤلاء، يضعها حيث يشاء منهم على ما يشاء، ويكفّ الله جلّ جلاله نبيّه وأقرباءه عن صدقات النّاس وأوساخهم، فهذا سبيل الصّدقات، وأمّا المغانم فإنّه لمـّا كان يوم بدر، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قتل قتيلاً فله كذا وكذا، ومن أسر أسيراً فله من غنائم القوم كذا وكذا، فإنّ الله قد وعدني أن يفتح عليّ وأنعمني عسكرهم، فلمّا هزم الله المشركين وجمعت غنائمهم، قام رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله، إنّك أمرتنا بقتال المشركين وحثثتنا عليه، وقلت: من أسر أسيراً فله كذا وكذا من غنائم القوم، ومن قتل قتيلاً فله كذا وكذا، وإنّي قتلت قتيلين لي بذلك البيّنة، وأسرت أسيراً، فاعطنا ما أوجبت على نفسك يا رسول الله، ثمّ جلس فقام سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله، ما منعنا أن نصيب مثل ما أصابوا جبن من العدوّ، ولا زهادة في الآخرة والمغنم، ولكنّا تخوفنا إن بعد مكاننا منك فيميل إليك من جند المشركين، أو يصيبوا منك ضيعة فيميلوا إليك فيصيبوك بمصيبة، وإنّك إن تعط هؤلاء القوم ما طلبوا، يرجع سائر المسلمين ليس لهم من الغنيمة شئ، ثمّ جلس فقام الأنصاري فقال مثل مقالته الأولى ثمّ جلس، يقول ذلك كلّ واحد منهما ثلاث مرّات، فصد النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بوجهه، فأنزل الله عزّ

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٣٠٦

وجلّ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ) (٢) والأنفال اسم جامع لمـّا أصابوا يومئذ، مثل قوله:( مَّا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ) (٣) ومثل قوله:( أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ) (٤) ثمّ قال:( قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّـهِ وَالرَّسُولِ ) (٥) فاختلجها الله من أيديهم فجعلها لله ولرسوله، ثمّ قال( فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) (٦) فلمّا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للمدينة، أنزل الله عليه:( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ) (٧) فأما قوله:( لِلَّـهِ ) فكما يقول الإنسان: هو لله ولك، ولا يقسم لله منه شئ، فخمّس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الغنيمة الّتي قبض بخمسة أسهم، فقبض سهم الله لنفسه يحيي به ذكره ويورث بعده، وسهماً لقرابته من بني عبد المطلب، فأنفذ سهماً لأيتام المسلمين، وسهماً لمساكينهم، وسهماً لابن السّبيل من المسلمين في غير تجارة، فهذا يوم بدر، وهذا سبيل الغنائم التي اخذت بالسّيف، وأمّا ما لم يوجف عليه بخيل ولاركاب، فإنه كان المهاجرون حين قدموا المدينة، اعطتهم الأنصار نصف دورهم ونصف اموالهم، والمهاجرون يومئذ نحو مائة رجل، فلمّا ظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على بني قريظة والنّضير وقبض أموالهم، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للأنصار: إن شئتم أخرجتم المهاجرين من دوركم وأموالكم، وقسمت

____________________________

(٢) الأنفال ٨: ١.

(٣) الحشر ٥٩: ٧.

(٤) الأنفال ٨: ٤١.

(٥ و ٦) الأنفال ٨: ١.

(٧) الأنفال ٨: ٤١.

٣٠٧

لهم هذه الأموال دونكم، وإن شئتم تركتم اموالكم ودوركم، وقسمت لكم معهم، قالت الأنصار: بل اقسم لهم دوننا واتركهم معنا في دورنا واموالنا، فأنزل الله تبارك وتعالى( وَمَا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ - يعني يهود قريظة -فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ) (٨) لأنّهم كانوا معهم بالمدينة أقرب من أن يوجف عليه(٩) بخيل ولا ركاب ثمّ قال تعالى:( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الّذين أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ أُولَـٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) (١٠) فجعلها الله لمن هاجر من قريش مع النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، [ وصدق ](١١) وأخرج أيضاً عنهم المهاجرين مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من العرب، لقوله:( الّذين أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ) لأن قريشاً كانت تأخذ ديار من هاجر منها وأموالهم، ولم يكن العرب تفعل ذلك بمن هاجر منها، ثمّ أثنى على المهاجرين الّذين جعل لهم الخمس، وبرأهم من النّفاق بتصديقهم إيّاه، حين قال: أولئك هم الصّادقون لا الكاذبون، ثمّ أثنى على الأنصار وذكر ما صنعوا، وحبهم للمهاجرين وإيثارهم إيّاهم، وأنّهم لم يجدوا في أنفسهم حاجة، يقول: حزازة(١٢) ممـّا أُوتوا، يعني المهاجرين دونهم، فأحسن الثّناء عليهم فقال:( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ

____________________________

(٨) الحشر ٥٩: ٦.

(٩) في المصدر: عليهم.

(١٠) الحشر ٥٩: ٨.

(١١) أثبتناه من المصدر.

(١٢) الحزازة: وجع في القلب من غيظ ونحوه والجمع حزازات. (مجمع البحرين - حزز - ج ٤ ص ١٥).

٣٠٨

وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (١٣) وقد كان رجال اتبعوا النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قد وترهم المسلمون فيما أخذوا من أموالهم، فكانت قلوبهم قد امتلأت عليهم، فلمّا حسن إسلامهم استغفروا لأنفسهم ممـّا كانوا عليه من الشّرك، وسألوا الله أن يذهب بما في قلوبهم من الغلّ لمن سبقهم إلى الإيمان، واستغفروا لهم حتّى يحلل ما في قلوبهم، وصاروا إخواناً لهم، فأثنى الله على الّذين قالوا ذلك خاصّة، فقال:( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الّذين سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (١٤) فأعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، المهاجرين عامة من قريش، على قدر حاجتهم فيما يرى، لأنّها لم يخمس فتقسم بالسّوية، ولم يعط أحداً منهم شيئاً، إلّا المهاجرين من قريش، غير رجلين من الأنصار يقال لأحدهما: سهل بن حنيف، وللآخر: سماك بن خرشة أبودجّانة، فإنّه أعطاهما لشدّة حاجة كانت بهما من حقّه، و أمسك النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من أموال بني قريظة والنّضير، ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، سبع حوائط لنفسه، لأنّه لم يوجف على فدك خيل أيضاً ولا ركاب، وأمّا خيبر فإنّها كانت مسيرة ثلاثة أيّام من المدينة، وهي أموال اليهود، ولكنّه أوجف عليه خيل وركاب وكانت فيها حرب، فقسّمها على قسمة بدر، فقال الله:( مَّا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (١٥) فهذا سبيل ما أفاء

____________________________

(١٣) الحشر ٥٩: ٩.

(١٤) الحشر ٥٩: ١٠.

(١٥) الحشر ٥٩: ٧.

٣٠٩

الله على رسوله ممـّا أوجف عليه خيل وركاب، وقد قال علي بن أبي طالبعليه‌السلام : ما زلنا نقبض سهمنا بهذه الآية الّتي أوّلها تعليم وآخرها تحرّج، حتّى جاء خمس السّوس وجند يسابور(١٦) إلى عمر، وأنا والمسلمون والعباس عنده، فقال عمر لنا: إنّه قد تتابعت لكم من الخمس أموال فقبضتموها، حتّى لا حاجة بكم اليوم، وبالمسلمين حاجة وخلل، فأسلفونا حقّكم من هذا المال، حتّى يأتي الله بقضائه من أوّل شئ يأتي المسلمين، فكففت عنه لأنّي لم آمن حين جعله سلفاً، لو الححنا عليه فيه، أن يقول في خمسنا مثل قوله في أعظم منه، أعني ميراث نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله ، [ حين الححنا عليه فيه ](١٧) فقال له العبّاس: لا تغمز في الّذي لنا يا عمر، فإنّ الله قد أثبته لنا [ بأثبت ](١٨) ممـّا أثبت به المواريث، [ بيننا ](١٩) فقال عمر: وأنتم أحقّ من أرفق المسلمين وشفعني، فقبضه عمر، ثمّ قال: لا والله ما آتيهم ما يقبضنا حتّى لحق بالله، ثمّ ما قدرنا عليه بعده، ثمّ قال عليعليه‌السلام : إنّ الله حرّم على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله الصّدقة، فعوّضه منها سهماً من الخمس، وحرّمها على أهل بيته خاصّة دون قومهم، وأسهم لصغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم وفقيرهم وشاهدهم وغائبهم، لأنهم إنّما أعطوا سهمهم لأنّهم قرابة نبيّهم والّتي لا تزول عنهم، الحمد الله الّذي جعله منّا وجعلنا منه، فلم يعط

____________________________

(١٦) السوس: بلدة بخوزستان فيها قبر دانيال النبيعليه‌السلام ، تعريب الشوش ومعناه: الحُسن والنزه والطيب (معجم البلدان ج ٣ ص ٢٨٠).

وجند يسابور: مدينة بخوزستان خصبة واسعة الخير بها النخل والزروع والمياه (معجم البلدان ج ٢ ص ١٧٠).

(١٧ - ١٩) أثبتناه من المصدر.

٣١٠

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحداً من الخمس غيرنا وغير خلفائنا(٢٠) وموالينا، لأنّهم منّا، وأعطى من سهمه ناساً لحرم كانت بينه وبينهم، معونة في الّذي كان بينهم، فقد أعلمتك ما أوضح الله من سبيل هذه الأنفال الأربعة، وما وعد من أمره فيهم، ونوّره بشفاء من البيان وضياء من البرهان، جاء به الوحي المنزل، وعمل به النّبي المرسل، فمن حرّف كلام الله أو بدّله بعد ما سمعه وعقله، فإنّما إثمه عليه، والله حجيجه فيه، والسّلام عليك ورحمة الله وبركاته ».

____________________________

(٢٠) في المصدر: حلفائنا.

٣١١

٣١٢

كتاب الصيام

٣١٣

فهرست أنواع الأبواب إجمالاً

أبواب وجوب الصوم ونيّته.

أبواب ما يمسك عنه الصّائم ووقت الإمساك.

أبواب آداب الصّائم.

أبواب من يصحّ منه الصّوم.

أبواب أحكام شهر رمضان.

أبواب بقيّة الصّوم الواجب.

أبواب الصّوم المندوب.

أبواب الصّوم المحرّم والمكروه.

٣١٤

أبواب وجوب الصوم ونيّته

١ -( باب وجوبه، وثبوت الكفر والارتداد باستحلال تركه)

[ ٨٢٧٦ ] ١ - علي بن عيسى الاربلي في كشف الغمّة: عن عبد العزيز الجنابذي، عن رجاله قال: قال القاضي أبو عبدالله الحسين بن علي بن هارون الضّبي، إملاء قال: وجدت في كتاب والدي، حدّثنا جعفر بن محمّد بن حمزة العلوي قال: كتبت إلى أبي محمّد الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن الرضاعليهم‌السلام ، اسأله: لمـّا فرض الله تعالى الصّوم؟ فكتب إليّ: « فرض الله تعالى الصوم، ليجد الغني مسّ الجوع، ليحنو على الفقير ».

[ ٨٢٧٧ ] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « صوم شهر رمضان، فرض في كلّ عام ».

____________________________

أبواب وجوب الصوم ونيته

الباب - ١

١ - كشف الغمة ج ٢ ص ٤٠٣.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٨.

٣١٥

٢ -( باب وجوب النيّة للصّوم الواجب ليلاً، فمن تركها فله تجديدها في الفرض، ما بينه وبين الزّوال، ما لم يفطر)

[ ٨٢٧٨ ] ١ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا صيام لمن لا يبيت الصّيام من اللّيل ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من لم يبيت الصّيام من الليل، فلا صيام له »(١) .

[ ٨٢٧٩ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا تصام الفريضة، إلّا باعتقاد [ و ](١) نيّة ».

[ ٨٢٨٠ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : « أنّ رجلاً من الأنصار، أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصلّى معه صلاة العصر، ثمّ قام فقال: يا رسول الله، إنّي كنت اليوم في ضيعة لي، وإنّي لم أُطعم شيئاً، أفاصوم؟ قال: نعم، قال: إن عليّ يوماً من رمضان، فاجعله مكانه؟ قال: نعم ».

____________________________

الباب - ٢

١ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٣٢ ح ٥.

(١) نفس المصدر ج ٣ ص ١٣٣ ح ٦.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - الجعفريات ص ٦١.

٣١٦

[ ٨٢٨١ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأدنى ما يتم به فرض الصوم العزيمة، وهي النيّة ».

٣ -( باب جواز تجديد النيّة، في الصّوم المندوب، إلى قرب الغروب)

[ ٨٢٨٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه: « أنّ عليّاًعليهم‌السلام ، كان يقول: إذا لم يفرض الرّجل على نفسه الصّيام - ثمّ ذكر الصّيام قبل أن يأكل أو يشرب - فهو بالخيار، إن شاء صام، وإن شاء أفطر ».

[ ٨٢٨٣ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « من أصبح لا ينوي الصوم، ثمّ بدا له أن يتطوّع، فله ذلك ما لم تزل الشّمس، وكذلك إن أصبح صائما متطوعاً، فله أن يفطر، ما لم تزل الشّمس ».

____________________________

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

الباب - ٣

١ - الجعفريات ص ٦١.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٥.

٣١٧

٤ -( باب أنّ من نوى قضاء شهر رمضان، جاز له الإفطار قبل الزّوال مع سعة الوقت لا بعده، ومن نوى صوماً مندوباً، جاز له الإفطار متى شاء، ويكره بعد الزّوال، وحكم النّذر)

[ ٨٢٨٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا قضيت صوم شهراً، والنذر، كنت بالخيار في الإفطار إلى زوال الشمس، فإن أفطرت بعد الزّوال، فعليك كفّارة مثل من أفطر يوماً من شهر رمضان ».

[ ٨٢٨٥ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أفضل ما على الرّجل، إذا تكلّف [ له ](١) أخوه المسلم طعاما، فدعاه وهو صائم، فأمره أن يفطر، ما لم يكن صيامه ذلك اليوم فريضة، أو قضاء، أو نذراً سماه، وما لم يمل النّهار ».

٥ -( باب استحاب صوم يوم الشّك، بنيّة النّدب على أنّه من شعبان، إذا كان علّة أو شبهة، ولو بان من شهر رمضان أجزأه، وكذا لو صام الشّهر كلّه أو بعضه، وهو لا يعلم أنّه من شهر رمضان)

[ ٨٢٨٦ ] ١ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد،

____________________________

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٢ - الجعفريات ص ٦٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب - ٥

١ - تفسير القمي ج ١ ص ١٨٦.

٣١٨

عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن علي ابن الحسينعليهما‌السلام ، أنّه قال في حديث طويل في أنواع الصّوم: « وصوم يوم الشّك، أمرنا به ونهينا عنه، أمرنا به (أن نصوم مع شعبان)(١) ، نهينا عنه أن ينفرد(٢) الرّجل بصيامه، في اليوم الّذي يشك فيه النّاس » قلت: فإن لم يكن صام من شعبان(٣) ، فكيف يصنع؟ قال: « ينوي ليلة الشك أنّه صائم من شعبان، فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه، وإن كان من شعبان لم يضرّه » قلت: وكيف يجزئ صوم التطوّع عن(٤) فريضة؟ فقال: « لو أنّ رجلاً صام شهر رمضان تطوّعا [ وهو ](٥) لا يعلم أنّه شهر رمضان، ثمّ علم بعد ذلك أجزأه عنه، لأنّ الفرض إنّما وقع على الشّهر بعينه » الخبر.

فقه الرضاعليه‌السلام : مثله(٦) ، وفي آخره: « ولو أنّ رجلاً صام شهراً تطوّعا في بلد الكفر، فلمّا أن عرف، كان شهر رمضان، وهو لا يدري ولا يعلم أنّه من شهر رمضان » الخ.

وقالعليه‌السلام في موضع آخر(٧) : « إذا شككت في يوم، لا تعلم أنّه من شهر رمضان أو من شعبان، فصم من شعبان، فإن كان منه لم يضرّك، وإن كان من شهر رمضان، جاز لك في رمضان » الخ.

____________________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: يتفرّد.

(٣) في المصدر زيادة: شيئاً.

(٤) وفيه: من.

(٥) أثبتناه من المصدر.

(٦) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(٧) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٣١٩

٦ -( باب عدم جواز صوم يوم الشّك بنية الفرض، فإن فعل وبان من شهر رمضان، وجب قضاؤه)

[ ٨٢٨٧ ] ١ - درست بن أبي منصور في كتابه: قال: حدّثني بعض أصحابنا، عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : اليوم الّذي يشك فيه من رمضان أو من شعبان، يصومه الرّجل فيتبيّن له أنّه من رمضان، قال: « عليه قضاء ذلك اليوم، إنّ الفرائض لا تؤدّى على الشّك ».

[ ٨٢٨٨ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « ومن صام على شكّ فقد عصى ».

[ ٨٢٨٩ ] ٣ - وعن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال: « لأن أفطر يوماً من [ شهر ](١) رمضان، أحبّ اليّ من أن أصوم يوماً من شعبان، (أُريده من)(٢) رمضان ».

____________________________

الباب - ٦

١ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٩.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٢.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: أزيده في شهر.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607