بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٩

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 607

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 63095 / تحميل: 6546
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

معتزلي قدري جهمي لما كان يظهر من السنن الصحيحة التي ينكرها المعتزلة، وأنى يبلغ أبو بكر بن عياش حماد ابن سلمة في إتقانه أم في جمعه أم في ضبطه. هذا كله كلام أبي حاتم بن حبان البستي.

.... واعتذر أبوالفضل بن طاهر عن ذلك لما ذكر أن مسلماً أخرج أحاديث أقوام ترك البخاري حديثهم، قال: وكذلك حماد بن سلمة إمام كبير لمدحه الائمة وأطنبوا لما تكلم بعض منتحلي المعرفة أن بعض الكذبة أدخل في حديثه ما ليس منه. لم يخرج عنه البخاري معتمداً عليه، بل استشهد به في مواضع ليبين أنه ثقة، وأخرج أحاديثه التي يرويها من حديث أقرانه كشعبة وحماد بن زيد وأبي عوانة وغيرهم.

ومسلم اعتمد عليه لأنه رأى جماعة من أصحابه القدماء والمتأخرين لم يختلفوا وشاهد مسلم منهم جماعة وأخذ عنهم. ثم عدالة الرجل في نفسه وإجماع أئمة أهل النقل على ثقته وأمانته!!

نعيم بن حمّاد

- التاريخ الكبير ج ٨ ص ١٠٠

نعيم بن حماد المروزي سكن مصر كنيته أبو عبد الله سمع ابن المبارك وابن عيينة والفضل بن موسى، هو الفارض....

- الجرح والتعديل ج ٨ ص ٤٦٣

نعيم بن حماد وكنيته أبو عبد الله المروزي الخزاعي الاعور المعروف بالفارض سكن مصر روى عن عبد الموَمن بن خالد... مات سنة ثمان وعشرين ومئتين...

بعض مناكيره ورواياته في التجسيم

- ميزان الإعتدال ج ٢ ص ١٠٢

نعيم بن حماد، حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن سعيد بن

٢٤١

المسيب، عن عمر - مرفوعاً: سألت ربي فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي، فأوحى الله إليّ: يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم بعضهم أضوأ من بعض، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى. فهذا باطل، وعبد الرحيم تركوه، ونعيم صاحب مناكير.

- ميزان الإعتدال ج ٤ ص ٢٦٨

قال أبو داود: كان عند نعيم بن حماد نحو عشرين حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ليس لها أصل. وقال النسائي: هو ضعيف.

وقال أبو زرعة الدمشقي: عرضت على دحيم حديثاً حدثناه نعيم بن حماد، عن الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، عن ابن أبي زكريا، عن رجاء بن حياة، عن النواس بن سمعان: إذا تكلم الله بالوحي.... فقال دحيم: لا أصل له.

نعيم بن حماد، حدثنا ابن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن مروان بن عثمان، عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل أنها سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: رأيت ربي في أحسن صورة شابا موقرا رجلاه في خضرة عليه نعلان من ذهب. قال أبو عبد الرحمن النسائي: ومن مروان حتى يصدق على الله تعالى! وقد سرد ابن عدي في الكامل جملة أحاديث انفرد بها نعيم...

- سير أعلام النبلاء ج ١٣ ص ٢٩٩

عن ابن قتيبة: وما أحسن قول نعيم بن حماد، الذي سمعناه بأصح إسناد عن محمد ابن إسماعيل الترمذي، أنه سمعه يقول: من شبه الله بخلقه، فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه، فقد كفر، وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيهاً.

قلت: أراد أن الصفات تابعة للموصوف، فإذا كان الموصوف تعالى: صفاته لا مثل لها، إذ لا فرق بين القول في الذات والقول في الصفات، وهذا هو مذهب السلف. انتهى.

٢٤٢

وهكذا يدافع الذهبي عن تشبيه ابن حماد وتجسيمه، وقد صحح خبر أم الطفيل كما سترى!

- تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٤٠٩

وقال صالح بن محمد الاسدي في حديث شعيب عن الزهري كان محمد بن جبير يحدث عن معاوية في: الأمراء من قريش، والزهري إذا قال كان فلان يحدث فليس هو سماع. قال: وقد روى هذا الحديث نعيم بن حماد عن ابن المبارك عن معمر عن الزهري عن محمد بن جبير عن معاوية نحوه، وليس لهذا الحديث أصل من ابن المبارك! ولا أدري من أين جاء به نعيم! وكان نعيم يحدث من حفظه وعنده مناكير كثيرة لايتابع عليها. قال: وسمعت يحيى بن معين سئل عنه فقال ليس في الحديث بشيء ولكنه صاحب سنة.

وقال الآجري عن أبي داود عند نعيم نحو عشرين حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها أصل. وقال النسائي نعيم ضعيف، وقال في موضع آخر ليس بثقة... وقال غيره: كان يضع الحديث في تقوية السنة!! وحكايات في ثلب أبي حنيفة كلها كذب....

وقال أبو الفتح الأزدي: قالوا كان يضع الحديث في تقوية السنة!! وحكايات مزورة في ثلب أبي حنيفة كلها كذب... قال النسائي ضعيف...

- سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٥٩٥

قال عبد الخالق بن منصور: رأيت يحيى بن معين كأنه يهجن نعيم بن حماد في خبر أم الطفيل في الرؤية ويقول: ما كان ينبغي له أن يحدث بمثل هذا....

فأما خبر أم الطفيل، فرواه محمد بن إسماعيل الترمذي وغيره، حدثنا نعيم، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال أن مروان بن عثمان حدثه عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل امرأة أُبي بن كعب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه في صورة كذا. فهذا خبر منكر جدا،

٢٤٣

أحسن النسائي حيث يقول: ومن مروان بن عثمان حتى يصدق على الله!

وهذا لم ينفرد به نعيم، فقد رواه أحمد بن صالح المصري الحافظ، وأحمد بن عيسى التستري، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب، عن ابن وهب. قال أبو زرعة النصري: رجاله معروفون.

قلت: بلا ريب قد حدث به ابن وهب وشيخه وابن أبي هلال وهم معروفون عدول، فأما مروان، وما أدراك ما مروان، فهو حفيد أبي سعيد بن المعلى الانصاري، وشيخه هو عمارة بن عامر بن عمرو بن حزم الانصاري. ولئن جوزنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، فهو أدرى بما قال!! ولرؤياه في المنام تعبير لم يذكرهعليه‌السلام ، ولا نحن نحسن أن نعبره، فأما أن نحمله على ظاهره الحسي، فمعاذ الله أن نعتقد الخوض(!) في ذلك بحيث إن بعض الفضلاء قال: تصحف الحديث، وإنما هو: رأى رئية، بياء مشددة. وقد قال عليرضي‌الله‌عنه : حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون. وقد صح أن أبا هريرة كتم حديثا كثيرا مما لا يحتاجه المسلم في دينه، وكان يقول: لو بثثته فيكم لقطع هذا البلعوم، وليس هذا من باب كتمان العلم في شيء، فإن العلم الواجب يجب بثه ونشره ويجب على الامة حفظه، والعلم الذي في فضائل الاعمال مما يصح إسناده يتعين نقله ويتأكد نشره، وينبغي للامة نقله، والعلم المباح لا يجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء.!! انتهى.

فقد صحح الذهبي حديث أم الطفيل وفسره بالظاهر الحسي المادي، ثم حبذ عدم الخوض فيه! وهذا هو مذهبه ومذهب ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، كما بينا في كتاب الوهابية والتوحيد.

- وقال ابن كثير في تفسيره، في قوله تعالى: ثم استوى على العرش - الأعراف٥٤: بل الأمر كما قال الأئمة، منهم نعيم بن حمادالخزاعي شيخ البخاري: من شبه الله بخلقه فقد كفر. ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر. وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه!

٢٤٤

- قال السبكي الكبير في السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل - ومعه تكملة الرد على نونية ابن القيم للكوثري - مكتبة زهران بمصر. وابن زفيل هو ابن القيم وزفيل اسم أبيه الذي كان قيما للمدرسة الجوزية وهي مدرسة للحنابلة بدمشق فعرف باسم ابن قيم الجوزية.

- قال في ص ٢٠٥:

ومما يزيدك بصيرة في هذا الباب اجتراء الذهبي على حذف لفظ (إن صحت الحكاية عنه) من كلام البيهقى في الأسماء والصفات (ص ٣٠٣) عندما نقل كلامه في كتاب العلو (ص ١٢٦) في صدد نسبة القول بأن الله في السماء الى أبي حنيفة ليخيل الى السامع أن سند هذه الرواية لا مغمز فيه!

مع أن نوحاً الجامع ربيب مقاتل بن سليمان المجسم في السند هالك مثل زوج أمه، وكذلك نعيم بن حماد ربيب نوح وقد ذكره كثير من أئمة أصول الدين في عداد المجسمة! فأين التعويل على رواية مجسم فيما يحتج به لمذهبه؟! وليس بقليل ما ذكره الذهبي في حقهما في ميزان الاعتدال..

ومع ذلك وثّقوا نعيماً لأنه صلب في السنة!!

- سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٥٩٥

نعيم بن حماد بن معاوية ابن الحارث بن همام بن سلمة بن مالك، الامام العلامة الحافظ، أبو عبد الله الخزاعي المروزي الفرضي الأعور... روى عنه: البخاري مقرونا بآخر، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة بواسطة، ويحيى بن معين، والحسن بن علي الحلواني، وأحمد بن يوسف السلمي، ومحمد بن يحيى الذهلي،ومحمد بن عوف، والرمادي، وأبومحمد الدارمي، وسمويه، وأ بوالدرداء عبد العزيز بن منيب، وعبيد بن شريك البزار، وأبو حاتم، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، ويعقوب الفسوي، و أبو الأحوص العكبري، وبكر بن سهل الدمياطي، وخلقٌ...

٢٤٥

- تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٤٠٩

روى عنه البخاري مقروناً وروى له الباقون سوى النسائي بواسطة... وقال الميموني عن أحمد: أول من عرفناه يكتب المسند نعيم. وقال الخطيب يقال إنه أول من جمع المسند.

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: كان نعيم كاتباً لابي عصمة وهو شديد الرد على الجهمية وأهل الاهواء ومنه تعلم نعيم بن حماد....

وقال أيضاً: ثنا الحسن بن سفيان ثنا عبد العزيز بن سلام حدثني أحمد بن ثابت أبويحيى سمعت أحمد ويحيى بن معين يقولان: نعيم معروف بالطلب، ثم ذمه بأنه يروي عن غير الثقات....

قال ابن عدي وابن حماد متهم فيما يقوله عن نعيم لصلابته في أهل الرأي وأورد له ابن عدي أحاديث مناكير وقال: وليعلم غير ما ذكرت. وقد أثنى عليه قوم وضعفه قوم وكان أحد من يتصلب في السنة.

- تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٤١١

قال عبد الغني بن سعيد المصري: كل من حدث به عن عيسى بن يونس غير نعيم بن حماد فإنما أخذه من نعيم. وبهذا الحديث سقط نعيم عند كثير من أهل العلم بالحديث إلا أن يحيى ابن معين لم يكن ينسبه إلى الكذب بل كان ينسبه إلى الوهم.... وذكره ابن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ ووهم.... أما نعيم فقد ثبتت عدالته وصدقه ولكن في حديثه أوهام معروفة... قال فيه الدارقطني إمام في السنة كثير الوهم. وقال أبو أحمد الحاكم ربما يخالف في بعض حديثه وقد مضى أن ابن عدي يتتبع ما وهم فيه، فهذا فصل القول فيه.

- هامش سير أعلام النبلاء ج ١٩ ص ٥٠٥

هو نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي المروزي نزيل مصر، مشهور من الحفاظ، لقيه البخاري ولكنه لم يخرج عنه في الصحيح سوى موضع أو

٢٤٦

موضعين، وعلق له أشياء أخر، وروى له مسلم في المقدمة موضعاً واحداً، وأصحاب السنن إلا النسائي، وكان أحمد يوثقه، وكذا في رواية عن ابن معين، وسئل عنه ابن معين فقال: ليس في الحديث بشيء ولكنه صاحب سنة، وقال الآجري عن أبي داود: عند نعيم نحو عشرين حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس لها أصل، وقال النسائي: نعيم ضعيف، وقال في موضع آخر: ليس بثقة، وقال الحافظ أبوعلي النيسابوري: سمعت النسائي يذكر فضل نعيم بن حماد وتقدمه في العلم والمعرفة بالسنن، فقيل له في قبول حديثه، فقال: قد كثر تفرده عن الائمة فصار في حد من لا يحتج به. وقال ابن قاسم: كان صدوقاً وهو كثير الخطأ، وله أحاديث منكرة (في الملاحم) انفرد بها. وقال الدارقطني: إمام في السنة كثير الوهم.

**

٢٤٧

الفصل السادس

مكانة المشبّهين والمجسّمين في مصادر إخواننا

لا نحتاج إلى إثبات احترام مصادر إخواننا السنة لأهل التشبيه والتجسيم، بعد أن كشفنا أن التشبيه والتجسيم دخل إلى المسلمين من كعب الأحبار وجماعته، عن طريق أكبر شخصيات الدولة الإسلامية، وبذلك شقت أحاديثه طريقها إلى مصادرهم، فصارت جزء من عقائد الأمة وتاريخها، وتأثر بها علماء وجماهير! وتحقق قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تقليد المسلمين لليهود والنصارى: حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل!

إنه بحث مفيد أن يتتبع الباحث مجرى هذه الأحاديث وتأثيرها على حياة الأمة الفكرية والإجتماعية والسياسية، ويؤرخ لقصة التجسيم والمجسمين ابتداء من كعب الأحبار.. إلى.. عصرنا، وما سببته من انقسامات في الأمة وصراعات، وحروب وخسارات..

ونكتفي هنا بلقطات من عصور مختلفة يظهر منها احترام أكثر المصادر وأكثر الحكام للتجسيم والمجسمين.

٢٤٨

وهب بن منبّه: فارسي، يهودي، مجسّم محترم وشيخ للمحدّثين

- روى عنه الصنعاني في تفسيره كثيراً من أفكار التوراة والتلمود في التجسيم، منها في ج ١ ص ٢١٦: عن وهب بن منبه.... لما أكل آدم وحواء من الشجرة بدت لهما سوآتهما دخل آدم في جوف الشجرة فناداه ربه أين أنت يا آدم؟

قال: ها هنا يا رب.

قال: ألا تخرج؟

قال: أستحي منك يا رب!

فقال: ملعونة الأرض التي خلقت منها!

- ورواه الطبري مفصلاً في تاريخه ج ١ ص ٧٢ ، وروى عنه أنواعاً من الإسرائيليات تكفي للتدليل على أن ثقافة وهب يهودية تلمودية، فمما رواه في تاريخه ج ١ ص٣٣٧: عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه قال: لما سلمت بنو إسرائيل الملك لطالوت أوحى الله إلى نبي بني إسرائيل أن قل لطالوت فليغز أهل مدين فلا يترك فيها حياً إلا قتله، فإني سأظهره عليهم، فخرج بالناس حتى أتى مدين فقتل من كان فيها إلا ملكهم فإنه أسره وساق مواشيهم.

فأوحى الله إلى أشمويل: ألا تعجب من طالوت إذ أمرته بأمري فأختل فيه فجاء بملكهم أسيراً وساق مواشيهم، فالقه فقل له لأنزعن الملك من بيته ثم لا يعود فيه إلى يوم القيامة، فإني إنما أكرم من أطاعني وأهين من هان عليه أمري.

فلقيه فقال له: ما صنعت لم جئت بملكهم أسيراً، ولم سقت مواشيهم!

قال: إنما سقت المواشي لأقربها.

قال له أشمويل: إن الله قد نزع من بيتك الملك ثم لا يعود فيه إلى يوم القيامة!

فأوحى الله إلى أشمويل إنطلق إلى إيشي فيعرض عليك بنيه فادهن الذي آمرك بدهن القدس يكن ملكاً على بني إسرائيل! فانطلق حتى أتى إيشي فقال: إعرض عليَّ بنيك.

٢٤٩

فدعا إيشي بأكبر ولده فأقبل رجل جسيم حسن المنظر، فلما نظر إليه أشمويل أعجبه، فقال الحمد لله إن الله بصير بالعباد، فأوحى الله إليه: إن عينيك تبصران ما ظهر، وإني أطلع على ما في القلوب ليس بهذا.

فقال ليس بهذا، إعرض عليّ غيره فعرض عليه ستة، في كل ذلك يقول ليس بهذا إعرض عليَّ غيره، فقال هل لك من ولد غيرهم؟

فقال بلى لي غلام أمغر وهو راع في الغنم.

قال أرسل إليه، فلما أن جاء داود جاء غلام أمغر فدهنه بدهن القدس، وقال لأبيه: أكتم هذا فإن طالوت لو يطلع عليه قتله!

فسار جالوت في قومه إلى بني إسرائيل فعسكر، وسار طالوت ببني إسرائيل وعسكر وتهيؤوا للقتال فأرسل جالوت إلى طالوت: لم يقتل قومي وقومك؟ أبرز لي أو أبرز لي من شئت، فإن قتلتك كان الملك لي وإن قتلتني كان لك، فأرسل طالوت في عسكره صائحاً من يبرز لجالوت.. ثم ذكر قصة طالوت وجالوت وقتل داود إياه وما كان من طالوت إلى داود. انتهى.

وقد قبل الطبري هذه الرواية فقال: قال أبو جعفر: وفي هذا الخبر بيان أن داود قد كان الله حول الملك له قبل قتله جالوت وقبل أن يكون من طالوت إليه ما كان من محاولته قتله، وأما سائر من روينا عنه قولاً في ذلك فإنهم قالوا إنما ملك داود بعد ما قتل طالوت وولده.

- وروى الطبري في تاريخه عن وهب أيضاً ج ١ ص ٣٤٣

ابن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول: إن داود أراد أن يعلم عدد بني إسرائيل كم هم، فبعث لذلك عرفاء ونقباء وأمرهم أن يرفعوا إليه ما بلغ عددهم، فعتب الله عليه ذلك وقال:

قد علمت أني وعدت إبراهيم أن أبارك فيه وفي ذريته حتى أجعلهم كعدد نجوم السماء وأجعلهم لا يحصى عددهم، فأردت أن تعلم عدد ما قلت إنه لا يحصى

٢٥٠

عددهم، فاختاروا بين أن أبتليكم بالجوع ثلاث سنين أو أسلط عليكم العدو ثلاثة أشهر أو الموت ثلاثة أيام!

فاستشار داود في ذلك بني إسرائيل فقالوا ما لنا بالجوع ثلاث سنين صبر، ولا بالعدو ثلاثة أشهر، فليس لهم بقية، فإن كان لابد فالموت بيده لا بيد غيره.

فذكر وهب بن منبه أنه مات منهم في ساعة من نهار ألوف كبيرة لا يدرى ما عددهم!

فلما رأى ذلك داود شق عليه ما بلغه من كثرة الموت فتبتل إلى الله ودعاه فقال:

يا رب أنا آكل الحماض وبنو إسرائيل يضرسون! أنا طلبت ذلك فأمرت به بني إسرائيل فما كان من شيء فبي واعف عن بني إسرائيل.

فاستجاب الله له ورفع عنهم الموت، فرأى داود الملائكة سالين سيوفهم يغمدونها يرتقون في سلم من ذهب من الصخرة إلى السماء، فقال داود: هذا مكان ينبغي أن يبنى فيه مسجد.

فأراد داود أن يأخذ في بنائه فأوحى الله إليه أن هذا بيت مقدس وأنك قد صبغت يدك في الدماء فلست ببانيه، ولكن ابن لك أملكه بعدك أسميه سليمان أسلمه من الدماء، فلما ملك سليمان بناه وشرفه!

- وروى عنه المزي في تهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٣٣

وقال حنظلة بن أبي سفيان، عن عروة بن محمد: لما استعملت على اليمن قال لي أبي: أوليت اليمن قلت: نعم. قال: إذا غضبت فانظر إلى السماء فوقك وإلى الأرض أسفل منك ثم أعظم خالقهما. وقال سماك بن الفضل: كنت عند عروة بن محمد جالساً وعنده وهب بن منبه فأتي بعامل لعروة فشكي، فأكثروا عليه فقالوا: فعل وفعل وثبتت عليه البينة. قال: فلم يملك وهب نفسه فضربه على قرنه بعصا فإذا دماؤه تشخب وقال: أفي زمن عمر بن عبد العزيز تصنع مثل هذا! قال: فاشتهاها عروة وكان حليماً واستلقى على قفاه وضحك، وقال: يعيب علينا أبو عبد الله

٢٥١

الغضب في حكمته وهو يغضب! فقال وهب: وما لي لا أغضب وقد غضب خالق الأحلام! إن الله تعالى يقول: فلما آسفونا انتقمنا منهم، يقول: أغضبونا. انتهى.

أقول: حاول وهب أن يستدل على نسبة الغضب إلى الله تعالى بالآية ففسر (آسفونا) بأن الله تعالى يغضب كغضب البشر، ولكن أصل الغضب الإلهي في رأس وهب هو الغضب التلمودي الذي قال عنه الدكتور أحمد شلبي في مقارنة الأديان ج ١ ص ٢٦٧:

يروي التلمود أن الله ندم لما أنزله باليهود وبالهيكل، ومما يرويه التلمود على لسان الله قوله: تب لي لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي. وليست العصمة من صفات الله في رأي التلمود، لأنه غضب مرة على بني إسرائيل فاستولى عليه الطيش، فحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية، ولكنه ندم على ذلك بعد أن هدأ غضبه، ولم ينفذ قسمه لأنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة.

- وترجم السمعاني لوهب في الأنساب بكل احترام فقال في ج ٣ ص ١١

وأبو عبد الله وهب بن منبه بن كامل بن سيج بن سبسجان الذماري من أبناء فارس، كان ينزل ذمار، يروي عن جابر بن عبد الله وابن عباسرضي‌الله‌عنهم وأخيه همام بن منبه، وكان عابداً فاضلاً، قرأ الكتب ومكث أربعين سنة يصلي الصبح بوضوء العشاء الآخرة، وهم أخوة خمسة: وهب وهمام وغيلان وعقيل ومعقل والد عقيل بن معقل، روى عنه عمرو بن دينار والمغيرة بن حكيم وعوف الأعرابي وسماك بن الفضل والمنذر بن النعمان وبكار وعبدالصمد بن معقل، وسئل أبو زرعة عن وهب بن منبه فقال: يماني ثقة.... الخ.

- وترجم له الذهبي في ميزان الإعتدال كما يترجم لثقاة الرواة فقال في ج ٤ ص ٣٥٢:

وهب بن منبه أبو عبد الله اليماني، صاحب القصص، من أحبار علماء التابعين، ولد في آخر خلافة عثمان، حديثه عن أخيه همام في الصحيحين. وروى عن ابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وروى عنه عمرو بن دينار وعوف الأعرابي وأقاربه.

٢٥٢

وكان ثقة صادقاً، كثير النقل من كتب الإسرائيليات. قال العجلي: ثقة تابعي، كان على قضاء صنعاء. انتهى. وماذا يقول الباحث أمام حقيقة: حديثه في الصحيحين... كثير النقل من كتب الاسرائيليات!

- وترجم له كذلك في سيره ج ٤ ص ١ فقال:

وهب بن منبه بن كامل بن سيج بن ذي كبار، وهو الأسوار، الإمام العلامة الأخباري القصصي، أبوعبد الله الأبناوي اليماني الذماري الصنعاني، أخو همام بن منبه، ومعقل بن منبه، وغيلان بن منبه. مولده في زمن عثمان سنة أربع وثلاثين، ورحل وحج، وأخذ عن ابن عباس، وأبي هريرة إن صح وأبي سعيد، والنعمان بن بشير، وجابر، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص على خلاف فيه وطاووس. حتى إنه ينزل ويروي عن عمرو بن دينار، وأخيه همام، وعمرو بن شعيب وفنج اليماني ولا يدري من فنج.

حدث عنه ولداه: عبد الله وعبد الرحمن، وعمرو بن دينار، وسماك بن الفضل، وعوف الأعرابي، وعاصم بن رجاء بن حيوة، ويزيد بن يزيد بن جابر، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وإسرائيل أبو موسى، وهمام بن نافع أبو عبد الرزاق، والمغيرة بن حكيم، والمنذر بن النعمان، وابن أخيه عقيل بن معقل، وابن أخيه عبدالصمد بن معقل، وسبطه إدريس بن سنان، وصالح بن عبيد، وعبد الكريم بن حوران، وعبدالملك بن خلج، وداود بن قيس، وعمران بن هربذ أبو الهذيل، وعمران بن خالد الصنعانيون، وخلق سواهم.

وروايته للمسند قليلة، وإنما غزارة علمه في الإسرائيليات، ومن صحائف أهل الكتاب.

قال أحمد: كان من أبناء فارس له شرف، قال: وكل من كان من أهل اليمن له ذي هو شريف، يقال: فلان له ذي، وفلان لا ذي له. قال العجلي: تابعي ثقة، كان على قضاء صنعاء.. وقال أبو زرعة والنسائي: ثقة.

٢٥٣

قال أحمد بن محمد بن الأزهر: سمعت سلمة بن همام بن مسلمة بن همام يذكر عن آبائه: أن هماماً ووهبا وعبد الله ومعقلاً ومسلمة بنو منبه أصلهم من خراسان، من هراة، فمنبه من أهل هراة، خرج أيام كسرى، وكسرى أخرجه من هراة، ثم إنه أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فحسن إسلامه. ومسكنهم باليمن، وكان وهب بن منبه يختلف إلى هراة، ويتفقد أمر هراة.

حسان بن إبراهيم: حدثنا يحيى بن زبان، أنبأنا عبد الله بن راشد، عن مولى لسعيد بن عبدالملك: سمعت خالد بن معدان يحدث عن عبادة بن الصامت، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون في أمتي رجلان: أحدهما يقال له وهب، يؤتيه الله الحكم، والآخر يقال له غيلان، هو أشد على أمتي من إبليس. سئل ابن معين عن ابن زبان وشيخه فقال: لا أعرفهما.....

وعن عبدالرزاق، عن أبيه، عن وهب قال: يقولون عبد الله بن سلام كان أعلم أهل زمانه، وإن كعباً أعلم أهل زمانه، أفرأيت من جمع علمهما، أهو أعلم أم هما، إسنادها مظلم.

وعن كثير، أنه سار مع وهب، فباتوا بصعدة عند رجل، فخرجت بنت الرجل فرأت مصباحاً، فاطلع صاحب المنزل فنظر إليه صافا قدميه....

- وقال ابن كثير كلاماً ناعماً حول اسرائيليات كعب ووهب كما في سير أعلام النبلاء في ترجمة وهب:

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره، فيه (كعب الأحبار) وفي وهب بن منبه: سامحهما الله تعالى فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل من الأوابد والغرائب والعجائب، مما كان ومما لم يكن، ومما حرف وبدل ونسخ. انتهى. والدعاء لهما بالمسامحة والمغفرة شيء، ومعالجة آثار عدوانهما من مصادر المسلمين شيء آخر.

٢٥٤

مقاتل بن سليمان البلخي، مجسّم وشيخ ابن حمّاد وأستاذ للمفسّرين

- قال ابن حبان في المجروحين ج ٣ ص ١٤

مقاتل بن سليمان الخراساني مولى الأزد، أصله من بلخ وانتقل إلى البصرة وبها مات بعد خروج الهاشمية، كنيته أبو الحسن، كان يأخذ عن اليهود والنصارى علم القرآن الذي يوافق كتبهم، وكان شَبَهياً يشبه الرب بالمخلوقين، وكان يكذب مع ذلك في الحديث.

أخبرنا عمرو بن محمد قال: حدثنا محمد بن حبال قال: حدثنا عمر بن عبدالغفار: سمعت سفيان بن عيينة وذكر عنده مقاتل بن سليمان فقال: كنت أتيته سراً فقلت له: إن الناس يزعمون أنك لم تسمع من الضحاك، فقال: لقد كان يغلق عليّ وعليه باب واحد.

سمعت إبراهيم بن محمد بن يوسف قال: سمعت الخضر بن حيان سمعت يحيى بن نصر بن حاجب: سمعت أبا حنيفة يقول: يا أبا يوسف إحذر صنفين من خراسان: الجهمية والمقاتلية.

سمعت ابن خزيمة يقول سمعت علي بن خشرم يقول سمعت وكيعاً يقول: لقينا مقاتل بن سليمان كان كذاباً....

أخبرنا عمرو بن محمد قال: حدثنا محمد بن عبد بن حميد قال: حدثنا ابن أبي شيبة وهو عثمان قال: حدثنا جرير عن مغيرة بن عبد الرحمن قال: العجب لقوم يكون ذلك فيهم رأساً يعني مقاتل بن سليمان. أخبرناه الحسين بن صالح بن حمويه بهمدان قال: حدثنا عبد العزيز بن منيب قال: حدثنا أبومعاوية النحوي قال: حدثنا خارجة قال: سمعت الكلبي يقول: ما قتلت مسلماً ولا معاهداً ولو رأيت مقاتل بن سليمان حيث لا يكون بيني وبينه أحد لتقربت بدمه إلى الله عز وجل.

- وقال الرازي في الجرح والتعديل ج ٨ ص ٣٥٤

ثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي نا محمود بن غيلان قال سئل وكيع عن مقاتل بن سليمان فقال: سمعنا منه والله المستعان.

٢٥٥

نا عبد الرحمن انا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي سمعت بعض مشيختنا يقول: جلس مقاتل بن سليمان في مسجد بيروت فقال: لا تسألوني عن شيء ما دون العرش إلا أنبأتكم عنه، فقال الأوزاعي لرجل: قم إليه فسله ما ميراثه من جدتيه، فحار ولم يكن عنده جواب، فما بات فيها إلا ليلة ثم خرج بالغداة.

نا عبد الرحمن نا صالح بن أحمد بن حنبل قال قال أبي: مقاتل بن سليمان صاحب التفسير ما يعجبني أن أروي عنه شيئاً.

نا عبد الرحمن نا محمد بن سعيد المقرئ قال: سئل عبد الرحمن يعني بن الحكم بن بشير عن مقاتل بن سليمان فقال: كان قاصاً، ترك الناس حديثه.

- وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٢٤٩

وروي عن الشافعي أن وجوه الناس عيال على مقاتل في التفسير!

وقال نعيم بن حماد: رأيت عند ابن عيينة كتاباً لمقاتل فقلت: يا أبا محمد تروي لمقاتل في التفسير! قال لا، ولكن أستدل به وأستعين....

وقال مكي بن إبراهيم عن يحيى بن شبل قال لي عباد بن كثير: ما يمنعك من مقاتل؟ قلت: إن أهل بلادنا كرهوه، فقال: لا تكرهه فما بقي أحد أعلم بكتاب الله تعالى منه.

وقال القاسم بن أحمد الصفار: قلت لإبراهيم الحربي ما بال الناس يطعنون على مقاتل؟ قال: حسداً منهم له....

وكان يقص في الجامع فوقعت العصبية بينه وبين جهم فوضع كل واحد منهما كتاباً على الآخر ينقض عليه....

وقال محمد بن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: أفرط جهم في النفي حتى قال إنه ليس بشيء، وأفرط مقاتل في الإثبات حتى جعل الله تعالى مثل خلقه... وقال عبد الله ابن أبي القاضي الخوارزمي سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: أخرجت خراسان ثلاثة لم يكن لهم في الدنيا نظير يعني في البدعة والكذب، جهم ومقاتل وعمر بن صبح.

٢٥٦

- وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٢٥١

وقال أبو إسماعيل الترمذي عن عبد العزيز بن عبد الله الأوسي قال: حدثنا مالك بن أنس أنه بلغه أن مقاتل بن سليمان جاءه إنسان فقال له: إن إنساناً جاءني فسألني عن لون كلب أصحاب الكهف فلم أدر ما أقول له، فقال له: ألا قلت أبقع، فلو قلته لم تجد أحداً يرد عليك!!....

وقال أحمد بن سيار المروزي: كان من أهل بلخ وتحول إلى مرو وخرج إلى العراق فمات بها، وهو متهم متروك الحديث مهجور القول، وكان يتكلم في الصفات بما لا يحل ذكره....

وقال العباس بن الوليد بن مزيد عن أبيه: سألت مقاتل بن سليمان عن أشياء فكان يحدثني بأحاديث كل واحد ينقض الآخر! فقلت: بأيها؟ قال: بأيها شئت!

- الذهبي في ميزان الإعتدال ج ٤ ص ١٧٣

مقاتل بن سليمان البلخي المفسر أبو الحسن. روى عن مجاهد، والضحاك، وابن بريدة. وعنه حرمى بن عمارة، وعلي بن الجعد، وخلق.

قال ابن المبارك: ما أحسن تفسيره لو كان ثقة....

- وترجم له الذهبي في سيره باحترام أكثر فقال في ج ٧ ص ٢٠١

مقاتل كبير المفسرين أبو الحسن مقاتل بن سليمان البلخي. يروي عن مجاهد والضحاك وابن بريدة وعطاء وابن سيرين وعمرو بن شعيب وشرحبيل بن سعد والمقبري والزهري، وعدة. وعنه: سعد بن الصلت، وبقية، وعبدالرزاق، وحرمي بن عمارة، وشبابة، والوليد بن مزيد، وخلق آخرهم علي بن الجعد.

قال ابن المبارك وأحسن: ما أحسن تفسيره لو كان ثقة....! انتهى.

ويبدو للباحث من مراجعة كتب إخواننا في الجرح والتعديل أن كفة تكذيب مقاتل هي الراجحة عندهم، ولكن جرح الجارحين ليس هو المقياس العملي، بل المقياس هو مصادرهم التفسيرية وغيرها المليئة بآراء مقاتل، والمؤلم أنهم ينقلونها كأنها مسلمات السلف الصالح، بل كأنها أحاديث نبوية شريفة!

٢٥٧

يزيد بن هارون من شيوخ الإمام أحمد

- سير أعلام النبلاء ج ٩ ص ٣٥٨،٣٦٢

يزيد بن هارون بن زاذي، الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو خالد السلمي مولاهم الواسطي الحافظ. مولده في سنة ثمان عشرة ومئة....

وكان رأساً في العلم والعمل، ثقة حجة، كبير الشأن.

حدث عنه: بقية بن الوليد مع تقدمه، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل....

يقال: إن أصله من بخارى.

قال علي بن المديني: ما رأيت أحفظ من يزيد بن هارون.

وقال زياد بن أيوب: ما رأيت ليزيد كتاباً قط، ولا حدثنا إلا حفظاً.

قال أبو حاتم الرازي: يزيد ثقة إمام، لا يسأل عن مثله.

وقال مؤمل بن يهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: ما دلست حديثاً قط إلا حديثاً واحداً عن عوف الأعرابي، فما بورك لي فيه.

عن عاصم بن علي قال: كنت أنا ويزيد بن هارون عند قيس بن الربيع، فأما يزيد، فكان إذا صلى العتمة، لا يزال قائماً حتى يصلي الغداة بذلك الوضوء نيفاً وأربعين سنة....

قلت: احتفل محدثو بغداد وأهلها لقدوم يزيد، وازدحموا عليه لجلالته وعلو إسناده.... العباس بن عبد العظيم، وأحمد بن سنان، عن شاذ بن يحيى، سمع يزيد بن هارون يقول: من قال القرآن مخلوق، فهو زنديق.... وقد كان يزيد رأساً في السنة معادياً للجهمية، منكراً تأويلهم في مسألة الإستواء. انتهى.

ومعناه أنه كان يرفض تفسير الآية بالاستواء المعنوي، ويفسرها بالقعود الحسي لله تعالى على العرش!!

٢٥٨

السمناني المجسّم رئيس الأشعرية

- قال الذهبي في سيره ج ١٧ ص ٥٤٠

السمناني العلامة قاضي الموصل، أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد السمناني الحنفي. حدث عن نصر المرجي وعلي بن عمر الحربي وأبي الحسن الدارقطني، وجماعة. ولازم ابن الباقلاني حتى برع في علم الكلام.

قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقاً فاضلاً حنفياً، يعتقد مذهب الأشعري، وله تصانيف.

قلت: كان من أذكياء العالم وقد ذكره ابن حزم فقال: هو أبو جعفر السمناني المكفوف، هو أكبر أصحاب أبي بكر الباقلاني ومقدم الأشعرية في وقتنا، ومن مقالته قال: من سمى الله جسماً من أجل أنه حامل لصفاته في ذاته فقد أصاب المعنى وأخطأ في التسمية فقط....

توفي أبو جعفر بالموصل سنة أربع وأربعين وأربع مئة وله ثلاث وثمانون سنة. تخرج به في العقليات القاضي أبو الوليد الباجي، وغيره. انتهى.

ومن العجيب أن الأشاعرة والمجسمة يتهمون الشيعة بالتجسيم لمجرد أن هشاماً بن الحكم قال للمعتزلة تقولون إنه شيء لا كالأشياء فلماذا لاتقولون إنه جسم لا كالأجسام!

الإمام الدارمي المجسم

- سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ١٩٩

المريسي المتكلم المناظر البارع أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة العدوي مولاهم البغدادي المريسي، من موالي آل زيد بن الخطابرضي‌الله‌عنه كان بشر من كبار الفقهاء، أخذ عن القاضي أبي يوسف، وروى عن حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة. ونظر في الكلام فغلب عليه وانسلخ من الورع والتقوى، وجرد القول بخلق

٢٥٩

القرآن ودعا إليه حتى كان عين الجهمية في عصره وعالمهم فمقته أهل العلم، وكفره عدة.... ذكره النديم وأطنب في تعظيمه وقال: كان دينا ورعاً متكلما. ثم حكى أن البلخي قال: بلغ من ورعه أنه كان لا يطأ أهله ليلاً مخافة الشبهة، ولا يتزوج إلا من هي أصغر منه بعشر سنين مخافة أن تكون رضيعته.

وكان جهمياً له قدر عند الدولة، وكان يشرب النبيذ.... وصنف كتاباً في التوحيد وكتاب الرد على الرافضة في الإمامة....

قلت: وقع كلامه إلى عثمان بن سعيد الدارمي الحافظ، فصنف مجلداً في الرد عليه.... فيه بحوث عجيبة مع المريسي، يبالغ فيها في الإثبات والسكوت عنها، أشبه بمنهج السلف في القديم والحديث.

وقال الشيخ محمد حامد الفقي: إنه أتى فيه ببعض ألفاظ دعاه إليها عنف الرد وشدة الحرص على إثبات صفات الله وأسمائه التي كان يبالغ بشر المريسي وشيعته في نفيها، وكان الأولى والأحسن أن لا يأتي بها، وأن يقتصر على الثابت من الكتاب والسنة الصحيحة كمثل الجسم والمكان والحيز، فإنني لا أوافقه عليها ولا أستجيز إطلاقها، لأنها لم تأت في كتاب الله ولا في سنة صحيحة.

أبو العبّاس السّرّاج وإسحاق الحنظلي إمامان مجسّمان

- قال الذهبي في سيره ج ١١ ص ٣٧٥

قال أبو العباس السراج: سمعت إسحاق الحنظلي يقول: دخلت على طاهر بن عبد الله بن طاهر وعنده منصور بن طلحة، فقال لي منصور: يا أبا يعقوب تقول: إن الله ينزل كل ليلة قلت: نؤمن به، إذا أنت لا تؤمن أن لك في السماء رباً لا تحتاج أن تسألني عن هذا. فقال له طاهر الأمير: ألم أنهك عن هذا الشيخ: قال أبو داود السجستاني: سمعت ابن راهويه يقول: من قال لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق، فهو جهمي.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

يعزم عليهم ليكفّوا عنه فكفّوا، فانطلقوا به حتّى دفنوه في حشّ كوكب( ١) .

قال: و روى الطبري نحو ذلك إلاّ أنّه لم يذكر طلحة بعينه( ٢) .

قال: و روى الواقديّ أنّ عثمان لمّا قتل، تكلّموا في دفنه، فقال طلحة: يدفن بدير سلع يعني مقابر اليهود( ٣) .

قال: و ذكر الطبري في (تاريخه) مثل هذا، إلاّ أنّه ورّى عن طلحة، فقال: قال رجل: يدفن بدير سلع...( ٤) .

«فأراد» أي: طلحة.

«أن يغالط» أي: يوقع الناس في الغلط.

«بما أجلب» و جمع من الجند.

«فيه» متعلق بقوله «يغالط»، أي: في كونه قاتل عثمان.

«ليلبس الأمر» أي: يشتبه.

«و يقع الشكّ» في كونه قاتلا بأن يقول الناس: لو كان قاتلا لما طلب بدمه.

«و و اللّه ما صنع» أي: طلحة.

«في أمر عثمان واحدة» أي: خصلة واحدة.

«من ثلاث» خصال كانت واجبة عليه عقلا.

«لئن كان ابن عفّان ظالما كما كان يزعم» قبل قتله.

«لقد كان ينبغي له أن يؤازر» أي: يعين.

«قاتليه أو أن» هكذا في (المصرية)( ٥ ) ، و الصواب «و أن» كما في (ابن

____________________

(١) نقله عنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٠: ٦.

(٢) تاريخ الطبري ٤: ٤١٢، سنة ٣٥، شرح ابن أبي الحديد ١٠: ٧.

(٣) شرح ابن أبي الحديد ١٠: ٧.

(٤) تاريخ الطبري ٤: ٤١٣، سنة ٣٥، شرح ابن أبي الحديد ١٠: ٧.

(٥) نهج البلاغة ٢: ١٠٧.

٣٤١

ميثم)( ١ ) ، و لأنّ الواجب الأمران معا.

«ينابذ» أي: يكاشف بالحرب و العداوة.

«ناصريه» بعد قتله.

«و لئن كان مظلوما لقد كان ينبغي له أن يكون من المنهنهين» أي: الكافّين و الزاجرين.

«عنه» أي: عن قتله.

«و المعذرين» أي: يعملون عملا يصيرون به معذورين.

«فيه» أي: في الدفاع عنه.

«و لئن كان في شكّ من الخصلتين» كونه ظالما و كونه مظلوما.

«لقد كان ينبغي له أن يعتزله و يركد» أي: يسكن و يهدأ.

«جانبا» أي: في جانب.

«و يدع النّاس» محاربيه.

«معه» و في (خلفاء ابن قتيبة): قال الزبير لعبد اللّه بن عامر: من رجال البصرة؟ قال: ثلاثة، كلّهم سيّد مطاع: كعب بن سور في اليمن، و المنذر في ربيعة، و الأحنف في مضر. فكتب هو و طلحة إلى كعب: أمّا بعد، فإنّك قاضي عمر، و شيخ أهل البصرة، و سيّد أهل اليمن، و قد كنت غضبت لعثمان من الأذى، فاغضب له من القتل.

و كتبا إلى الأحنف: أمّا بعد، فإنّك وافد عمر، و سيّد مضر، و حليم أهل العراق، و قد بلغك مصاب عثمان، فنحن قادمون عليك، و العيان أشفى لك من الخبر.

و كتبا إلى المنذر: أمّا بعد، فإنّ أباك كان رئيسا في الجاهلية، و سيّدا في

____________________

(١) في شرح ابن ميثم المطبوع ٣: ٣٤٤ «أوأن» أيضا.

٣٤٢

الإسلام، و إنّك من أبيك بمنزلة المصلّي( ١ ) من السابق، يقال: كاد أو لحق، و قد قتل عثمان من أنت خير منه، و غضب له من هو خير منك.

فلمّا وصلت كتبهما إليهم، قام زياد بن مضر، و النعمان، و غزوان، فقالوا: ما لنا و لهذا الحيّ من قريش؟ يريدون أن يخرجونا من الإسلام بعد أن دخلنا فيه؟ و يدخلونا في الشرك بعد أن خرجنا منه؟ قتلوا عثمان، و بايعوا عليّا، لهم ما لهم، و عليهم ما عليهم. و كتب كعب إليهما: فإن يك عثمان قتل ظالما، فما لكما و له؟ و إن كان قتل مظلوما فغيركما أولى به، و إن كان أمره أشكل على من شهده، فهو على من غاب عنه أشكل. و كتب المنذر: إنّما أوجب حقّ عثمان اليوم حقّه أمس، و قد كان بين أظهركم فخذلتموه، فمتى استنبطتم هذا العلم، و بدا لكم هذا الرأي؟( ٢ ) «فما فعل» أي: طلحة.

«واحدة من الثلاث» المتقدّمة.

«و جاء بأمر لم يعرف بابه، و لم تسلم معاذيره» قيل:

قد عذرتك غير معتذر

إنّ المعاذير يشوبها الكذب( ٣)

في (خلفاء ابن قتيبة): لمّا نزل طلحة و الزبير البصرة، بعث عثمان بن حنيف إليهما عمران بن الحصين، و أبا الأسود، فقال عمران: يا طلحة، إنّكم قتلتم عثمان و لم نغضب له إذ لم تغضبوا، ثمّ بايعتم عليّا فبايعنا من بايعتم، فإن كان قتل عثمان صوابا فمسيركم لماذا؟ و إن كان خطأ فحظّكم منه الأوفر، و نصيبكم منه الأوفى. فقال طلحة: يا هذا، إنّ صاحبك [ يا هذان، إنّ صاحبكما ]

____________________

(١) المصلّي: تالي السابق. (الصحاح ٦: ٣٤٠٢، مادة: صلو).

(٢) الإمامة و السياسة ١: ٦٠ ٦١، و نقله الشارح بتلخيص.

(٣) الصحاح للجوهري ٢: ٧٣٧، مادة (عذر).

٣٤٣

لا يرى أنّ معه في هذا الأمر غيره، و ليس على هذا بايعناه. فقال أبو الأسود لعمران: أمّا هذا، فقد صرّح أنّه إنّما غضب للملك. ثمّ أتيا الزبير، فقال لهما: إنّ طلحة و إيّاي كروح في جسدين، و إنّه و اللّه يا هذان، قد كان منّا في عثمان فلتات، احتجنا إلى المعاذير( ١) .

و فيه: لمّا قال مروان و كان مع طلحة و الزبير في مسيرهما إلى البصرة لسعيد بن العاص: اريد البصرة، أطلب قتلة عثمان. قال له سعيد:

هؤلاء قتلة عثمان معك. إنّ هذين الرجلين قتلا عثمان، و هما يريدان الأمر لأنفسهما، فلمّا غلبا عليه قالا: نغسل الدم بالدم، و الحوبة بالتوبة( ٢) .

و فيه بعد ذكر خطبة عائشة و اختلاف الناس فبينماهم كذلك إذ أتاهم رجل من أشراف البصرة، بكتاب كان كتبه طلحة في التأليب على قتل عثمان، فقال له: هل تعرف هذا الكتاب؟ قال: نعم. قال: فما ردّك عمّا كنت عليه؟ و كنت أمس تكتب إلينا تؤلّبنا على قتل عثمان، و أنت اليوم تدعونا إلى الطلب بدمه؟

قالا: ذكرنا ما كان من طعننا عليه، و خذلاننا إيّاه، فلم نجد مخرجا إلاّ الطلب بدمه. قال: ما تأمراني به؟ قالا: بايعنا على قتال عليّ، و نقض بيعته. قال:

أ رأيتما إن أتانا بعدكما من يدعونا إلى ما تدعون إليه، ما نصنع؟ قالا: لاتبايعه.

قال: ما أنصفتما، أ تأمراني أن اقاتل عليّاعليه‌السلام و أنقض بيعته و هي في أعناقكما، و تنهياني عن بيعة من لا بيعة عليه لكما [ له عليكما ]...( ٣ ) ؟

و لو أراد التوبة كما زعما أخيرا من حوبة قتل عثمان كان عليهما أن يسلّما أنفسهما إلى أولياء عثمان ليقتلوهما كما صرّح بذلك الأشتر لا أن

____________________

(١) الإمامة و السياسة ١: ٦٤ ٦٥، و نقله الشارح بتلخيص.

(٢) المصدر نفسه ١: ٦٣، و نقله الشارح بتصرّف.

(٣) المصدر نفسه ١: ٦٨ ٦٩، و نقله الشارح بتصرّف و تلخيص.

٣٤٤

يقتلا الناس، و يقاتلا أمير المؤمنينعليه‌السلام مع اعتزاله.

١٤ - الكتاب (٥٤) و من كتاب لهعليه‌السلام إلى طلحة و الزبير مع عمران بن الحصين الخزاعيّ، ذكره أبو جعفر الإسكافي في كتاب (المقامات) في مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام :

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتُمَا وَ إِنْ كَتَمْتُمَا أَنِّي لَمْ أُرِدِ اَلنَّاسَ حَتَّى أَرَادُونِي وَ لَمْ أُبَايِعْهُمْ حَتَّى بَايَعُونِي وَ إِنَّكُمَا مِمَّنْ أَرَادَنِي وَ بَايَعَنِي وَ إِنَّ اَلْعَامَّةَ لَمْ تُبَايِعْنِي لِسُلْطَانٍ غَالِبٍ وَ لاَ لِعَرَضٍ حَاضِرٍ فَإِنْ كُنْتُمَا بَايَعْتُمَانِي طَائِعَيْنِ فَارْجِعَا وَ تُوبَا إِلَى اَللَّهِ مِنْ قَرِيبٍ وَ إِنْ كُنْتُمَا بَايَعْتُمَانِي كَارِهَيْنِ فَقَدْ جَعَلْتُمَا لِي عَلَيْكُمَا اَلسَّبِيلَ بِإِظْهَارِكُمَا اَلطَّاعَةَ وَ إِسْرَارِكُمَا اَلْمَعْصِيَةَ وَ لَعَمْرِي مَا كُنْتُمَا بِأَحَقِّ اَلْمُهَاجِرِينَ بِالتَّقِيَّةِ وَ اَلْكِتْمَانِ وَ إِنَّ دَفْعَكُمَا هَذَا اَلْأَمْرَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَدْخُلاَ فِيهِ كَانَ أَوْسَعَ عَلَيْكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ وَ قَدْ زَعَمْتُمَا أَنِّي قَتَلْتُ؟ عُثْمَانَ؟ فَبَيْنِي وَ بَيْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّي وَ عَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ؟ اَلْمَدِينَةِ؟ ثُمَّ يُلْزَمُ كُلُّ اِمْرِئٍ بِقَدْرِ مَا اِحْتَمَلَ فَارْجِعَا أَيُّهَا اَلشَّيْخَانِ عَنْ رَأْيِكُمَا فَإِنَّ اَلْآنَ أَعْظَمُ أَمْرِكُمَا اَلْعَارُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَجَمَّعَ اَلْعَارُ وَ اَلنَّارُ وَ اَلسَّلاَمُ قول المصنّف: «و من كتاب لهعليه‌السلام إلى طلحة و الزبير مع عمران بن الحصين الخزاعي» روى الكشي عن الفضل بن شاذان أنّ عمران من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ( ١) .

____________________

(١) اختيار معرفة الرجال (الكشّيّ) ١: ١٧٩ ١٨٨، و ذكره شيخ الطائفة في رجاله: ٢٤، في الصحابة.

٣٤٥

و عن (جامع الأصول): سئل عمران عن متعة النساء، فقال: أتانا بها كتاب اللّه، و أمرنا بها رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ قال فيها رجل برأيه ما شاء( ١) .

و في (حلية أبي نعيم) في محمّد بن واسع مسندا عنه، قال: تمتّعنا مع النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّتين، فقال رجل برأيه ما شاء. قال أبو نعيم: هو حديث صحيح أخرجه مسلم في (صحيحه)( ٢) .

و روى الكشّي في أبي عبد اللّه الجدليّ، عن أبي داود قال: حدّثني عمران بن الحصين الخزاعي أنّ النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر فلانا و فلانا أن يسلّما على عليّعليه‌السلام بإمرة المؤمنين، فقالا: من اللّه أو من رسوله؟ «فقال: من اللّه و من رسوله»( ٣) .

قال ابن أبي الحديد: هو عمران بن الحصين بن عبيد بن خلف بن عبد [ بن ] نهم بن سالم بن غاضرة...( ٤) .

قلت: أخذ ما قاله عن أبي عمرو. قال ابن مندة و أبو نعيم جدّ جدّه عبد نهم بن حذيفة بن جهمة بن غاضرة( ٥ ) . و قال الكلبي: جدّ جدّه عبد نهم بن جرمة بن جهيمة كما في (الجزري)( ٦) .

و في (الجزري): قال محمّد بن سيرين: لم نر في البصرة أحدا من أصحاب النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفضل على عمران، و كان مجاب الدعوة و لم يشهد الفتنة( ٧) .

____________________

(١) نقله عن جامع الأصول، الميرداماد الإسترابادي في تعليقه على رجال الكشّيّ ١: ١٨٧، و تجده في صحيح البخاري ٤: ١٦٤٢ ح ٤٢٤٦، صحيح مسلم (باب الحج جواز التمتّع رقم ١٢٢٦)، مسند أحمد ٤: ٤٣٦.

(٢) حلية الأولياء ٢: ٣٥٥، صحيح مسلم:

(٣) اختيار معرفة الرجال (الكشّي) ١: ٣٠٨. و ليست هذه العبارة في المصدر.

(٤) شرح ابن أبي الحديد ١٧: ١٣٢.

(٥) أسد الغابة في معرفة الصحابة ٤: ١٣٧.

(٦) المصدر نفسه.

(٧) أسد الغابة ٤: ١٣٧ ١٣٨.

٣٤٦

و روى عنه: أنّ النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن الكيّ فاكتوينا فما أفلحنا، و كان في مرضه تسلّم عليه الملائكة، فاكتوى ففقد التسليم، ثمّ عادت إليه و كان به استسقاء فطال به سنين و هو صابر عليه، و شقّ بطنه و أخذ منه شحم و ثقب له سرير فبقى ثلاثين سنة توفى سنة (٥٢)( ١) .

«ذكره أبو جعفر الاسكافي» محمّد بن عبد اللّه، قال ابن أبي الحديد: عدّه قاضي القضاة في الطبقة السابقة من المعتزلة مع عباد بن سليمان الصيمري و مع زرقان و مع عيسى بن الهيثم الصوفي، و جعل أوّل الطبقة ثمامة بن أشرس أبا معن ثم الجاحظ ثم أبا موسى عيسى بن صبيح المردار ثم أبا عمران يونس بن عمران ثمّ محمّد بن إسماعيل بن العسكري ثم عبد الكريم بن روح العسكري ثمّ أبا يعقوب يوسف بن عبد اللّه الشحام ثم أبا الحسين الصالحي ثم جعفر بن جرير و جعفر بن ميسر ثم أبا عمران بن النقاش ثم أبا سعيد أحمد بن سعيد الأسدي ثم عبّاد بن سليمان ثم أبا جعفر الاسكافي، و قال: كان أبو جعفر فاضلا، عالما، صنّف سبعين كتابا في علم الكلام، و هو الذي نقض كتاب العثمانية على الجاحظ في حياته، فدخل الجاحظ الوراقين ببغداد فقال: من هذا الغلام السوادي الذي بلغني أنّه تعرّض لنقض كتابي.

و أبو جعفر جالس، فاختفى منه حتى لم يره و كان علوي الرأي، محققا، منصفا، قليل العصبية، يقول بالتفضيل و يبالغ فيه( ٢) .

«في كتاب المقامات» و ذكره ابن قتيبة في (خلفائه) و زاد: و زعمتما أنّي آويت قتلة عثمان فهؤلاء بنو عثمان فليدخلوا في طاعتي ثم يخاصموا إليّ قتلة أبيهم، و ما أنتما و عثمان إن كان قتل ظالما أو مظلوما؟ و لقد بايعتماني و أنتما

____________________

(١) المصدر نفسه ٤: ١٣٨.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١٧: ١٣٢ ١٣٣.

٣٤٧

بين خصلتين قبيحتين: نكث بيعتكما، و إخراجكما أمّكما( ١) .

و ذكره أعثم الكوفي في عنوان محاربة الجمل( ٢) .

«في مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام » هكذا في (المصرية)( ٣) .

و قوله: (في مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام ) زائدة فليس في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٤ ) ، و الظاهر أنّه كان حاشية خلط بالمتن، مع انّه لم يعلم موضوع المقامات، هل هو في المناقب أو شي‏ء آخر؟

قولهعليه‌السلام : «أما بعد فقد علمتما و إن كتمتما أنّي لم أرد الناس حتى أرادوني و لم أبايعهم حتى بايعوني» في (الطبري) قال أبو بشير العابدي: كنت بالمدينة حين قتل عثمان، و اجتمع المهاجرون و الأنصار فيهم طلحة و الزبير فأتوا عليّاعليه‌السلام فقالوا: هلم نبايعك. فقال لهم: لا حاجة لي في أمركم، أنا معكم فمن اخترتم فقد رضيت به. فقالوا: و اللّه لا نختار غيرك. فاختلفوا إليه مرارا، ثمّ أتوه في آخر ذلك فقالوا له: لا يصلح الناس إلا بإمرة و قد طال الأمر. فقال لهم: إنّكم قد اختلفتم إليّ و أتيتم عندي مرارا، و إنّي قائل لكم قولا إن قبلتموه قبلت أمركم و إلاّ فلا حاجة لي فيه. قالوا: ما قلت من شي‏ء قبلناه. فقال: إنّي كنت كارها لأمركم فأبيتم إلاّ أن أكون عليكم، ألا و إنّه ليس لي أمر دونكم ألا إنّ مفاتيح مالكم معي، ألا و إنّه ليس أن آخذ منه درهما دونكم، رضيتم؟ قالوا: نعم. قال:

اللهمّ اشهد عليهم. ثمّ بايعهم على ذلك( ٥) .

____________________

(١) الإمامة و السياسة ١: ٧٠.

(٢) كتاب الفتوح ٢: ٤٦٥.

(٣) نهج البلاغة ٣: ١٢٢.

(٤) هكذا في شرح ابن أبي الحديد ١٧: ١٣١، و لكن في شرح ابن ميثم المطبوع ٥: ١٨٧ بزيادة «في مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام ».

(٥) تاريخ الطبري ٤: ٤٢٧ ٤٢٨، سنة ٣٥.

٣٤٨

«و إنّكما ممّن أرادني و بايعني» في (الطبري) عن أبي المليح قال: لما قتل عثمان خرج عليّعليه‌السلام إلى السوق و ذلك يوم السبت لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجّة فاتبعه الناس و بهشوا في وجهه، فدخل حايط بني عمرو بن مبذول، و قال لأبي عمرة بن محصن: أغلق الباب. فجاء الناس فقرعوا الباب فدخلوا، و فيهم طلحة و الزبير فقالا: يا علي ابسط يدك. فبايعه طلحة و الزبير، فنظر حبيب بن ذؤيب الى طلحة حين بايع، فقال: أوّل من بدأ بالبيعة يد شلاء، لا يتم هذا الأمر...( ١) .

«و إنّ العامّة لم تبايعني لسلطان غالب» هكذا في (المصرية)( ٢ ) ، و الصواب:

(غاصب) كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٣ ) ، كما في بيعة أبي بكر فعن البراء بن عازب كما روت العامّة عنه: لم أزل لبني هاشم محبّا، فلما قبض النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر عنهم، فأخذني ما يأخذ الوالهة العجول، فكنت أتردد إلى بني هاشم و هم عند النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحجرة، و أتفقد وجوه قريش، فإنّي كذلك إذ فقدت أبا بكر و عمر، و إذا قائل يقول: القوم في سقيفة بني ساعدة، و إذا قائل آخر يقول: قد بويع أبو بكر، فلم ألبث و إذا أنا بأبي بكر قد أقبل و معه عمر و أبو عبيدة و جماعة من أصحاب السقيفة و هم محتجزون بالازر الصنعائية، لا يمرون بأحد إلاّ خبطوه و قدموه، فمدوا يده فمسحوه على يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أبى، فأنكرت عقلي...( ٤) .

هذا و في (خلفاء ابن قتيبة): دعا عبد الملك في مرض موته ابنه الوليد

____________________

(١) المصدر نفسه ٤: ٤٢٨، سنة ٣٥.

(٢) نهج البلاغة ٣: ١٢٢.

(٣) في شرح ابن أبي الحديد ١٧: ١٣١، و شرح ابن ميثم ٥: ١٨٨ «غالب» أيضا.

(٤) شرح ابن أبي الحديد ١: ٢١٩.

٣٤٩

و قال له: حضر الوداع. فبكى الوليد، فقال له عبد الملك: لا تعصر عينيك عليّ كما تعصر الأمة الوكساء، إذا متّ فاغسلني و كفّني و صلّ عليّ و أسلمني إلى عمر بن عبد العزيز يدليني في حفرتي، و اخرج أنت إلى الناس و البس لهم جلد نمر، و اقعد على المنبر و ادع الناس الى بيعتك، فمن مال بوجهه كذا فقل له بالسيف كذا، و تنكّر للصديق و القريب و اسمح للبعيد. فلما توفي و مات من يومه ذلك خرج الوليد إلى الناس و قعد على المنبر، ثم دعا الناس الى البيعة فلم يختلف عليه أحد، ثم كان أوّل ما ظهر من أمر الوليد أن أمر بهدم كلّ دار من دار عبد الملك إلى قبره، فهدمت من ساعتها و سوّيت بالأرض لئلاّ يعرج بسرير عبد الملك يمينا و شمالا، ثم كتب ببيعته إلى الآفاق فلم يختلف عليه أحد( ١) .

«و لا لعرض حاضر» هكذا في (المصرية)( ٢ ) ، و لكن في نسخة (ابن أبي الحديد و ابن ميثم)( ٣ ) : «و لا لحرص حاضر»، و في (سقيفة الجوهري) عن القاسم بن محمّد قال: لمّا توفّى النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اجتمعت الأنصار إلى سعد إلى أن قال: فتكلّم أبو بكر و قال: نحن الامراء و أنتم الوزراء، و الأمر بيننا نصفان كشق الابلمة. فبويع، و كان أول من بايعه بشير بن سعد والد النعمان بن بشير، فلما اجتمع الناس قسم قسما بين نساء المهاجرين و الأنصار فبعث إلى امرأة من بني عدي بن النجار قسمها مع زيد بن ثابت، فقالت: ما هذا؟ قال قسم قسمه أبو بكر للنساء. قالت: أ تراشوني عن ديني؟ و اللّه لا أقبل منه شيئا.

فردته( ٤) .

____________________

(١) الامامة و السياسة ٢: ٥٧ ٥٨.

(٢) نهج البلاغة ٣: ١٢٢.

(٣) هكذا في شرح ابن أبي الحديد ١٧: ١٣١، و لكن في شرح ابن ميثم المطبوع ٥: ١٨٨ «و لا لعرض حاضر» أيضا.

(٤) شرح ابن أبي الحديد ٢: ٥٢ ٥٣.

٣٥٠

«فان كنتما بايعتماني طائعين» هكذا في (النهج)( ١ ) ، و كأن «طائعين» محرّف «راغبين» لأن بعده «و إن كنتم بايعتماني كارهين»، و مقابل الكراهة الرغبة لا الطائعية، كما ان مقابل الطوع الإكراه لا الكره ففي (الصحاح): «يقال جاء فلان طائعا غير مكره»( ٢ ) ، اللهمّ إلاّ أن يقال: بأن المراد بالطوع هنا الرغبة فتصحّ المقابلة.

«فارجعا و توبا إلى اللّه من قريب» من نكث البيعة فقد قال تعالى:... فمَن نكث فإنّما ينكث على نفسه...( ٣) .

و كان بين ابن الزبير و ابن عبّاس مشاجرة، فقال ابن الزبير لابن عبّاس معرضا بأسر العبّاس أبيه يوم بدر و فدائه نفسه و خلو الزبير من ذلك:

و صديق متبحح في الشرف الانيق خير من طليق. فقال له ابن عبّاس: و أماما ذكرت من الطليق فو اللّه لقد ابتلي فصبر و انعم عليه فشكر، و ان كان و اللّه وفيّا كريما، غير ناقض بيعته بعد توكيدها، و لا مسلّم كتيبة بعد التأمر عليها. فقال ابن الزبير: أ تعيّر الزبير بالجبن؟ و اللّه انّك لتعلم منه خلاف ذلك. قال ابن عبّاس: و اللّه إنّي لا أعلم إلاّ انّه فر و ماكر، و حارب فما صبر، و بايع فما تمّم، و قطع الرحم، و أنكر الفضل، و رام ما ليس له بأهل.

و كان بين القاسم بن محمّد بن يحيى بن طلحة و هو على شرطة عيسى بن موسى و بين إسماعيل بن جعفر الصادقعليه‌السلام مشاجرة، فقال القاسم لإسماعيل: لم يزل فضلنا و إحساننا سابقا عليكم يا بني هاشم و على بني عبد مناف. فقال إسماعيل: أي فضل و إحسان أسديتموه إلى بني عبد

____________________

(١) نهج البلاغة ٣: ١٢٢.

(٢) الصحاح ٣: ١٢٥٥، مادة (طوع).

(٣) الفتح: ١٠.

٣٥١

مناف، أغضب أبوك جدّي بقوله: «ليموتن محمّد و لنجولنّ بين خلاخيل نسائه كما جال بين خلاخيل نسائنا». فأنزل تعالى مراغمة لأبيك:... و ما كان لكم أن تؤذوا رسول اللّه و لا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا...( ١ ) ، و منع ابن عمّك امّي حقّها من فدك و غيرها من ميراث أبيها و اجلب أبوك على عثمان و حصره حتى قتل و نكث بيعة عليّعليه‌السلام و شام السيف في وجهه و أفسد قلوب المسلمين عليه...

«و إن كنتما بايعتماني كارهين فقد جعلتما لي عليكما السبيل بإظهاركما الطاعة و اسراركما المعصية» فعلى كلّ حال لم يكن لهما النكث طائعين كانا أو كارهين، و انّما كان لهما النكث لو كانا مكرهين، مع انّه لم يكن قطعا و إن كانا ادعياه باطلا كما نسبا قتل عثمان مع كونهما هما المحرّضين في قتله إليهعليه‌السلام باطلا.

روى الطبري عن سعد بن أبي وقاص: أنّ طلحة قال: «بايعت و السيف فوق رأسي» و قال سعد: لا أدري أنّ السيف كان على رأسه أم لا، إلاّ انّي أعلم انّه بايع كارها( ٢) .

«و لعمري ما كنتما بأحق المهاجرين بالتقيّة و الكتمان» و الظاهر وقوع سقط في الكلام من المصنّف أو من نقل عنه، و أنّ الأصل «المهاجرين و الأنصار» فتخلف جمع كثير من الأنصار أيضا عن البيعة معهعليه‌السلام فتركهم.

ففي (الطبري): لمّا قتل عثمان بايعت الأنصار عليّاعليه‌السلام ، إلاّ حسان بن ثابت و كعب بن مالك و مسلمة بن مخلد و أبو سعيد الخدري و محمّد بن مسلمة و النعمان بن بشير و زيد بن ثابت و رافع بن حديج و فضالة بن عبيد

____________________

(١) الاحزاب: ٥٣.

(٢) تاريخ الطبري ٤: ٤٣١، سنة ٣٥.

٣٥٢

و كعب بن عجرة كانوا عثمانية فقال رجل لعبد اللّه بن حسن: كيف أبى هؤلاء بيعة عليّعليه‌السلام ؟ قال: أمّا حسان فكان شاعرا لا يبالي ما يصنع، و أمّا زيد فولاّه عثمان الديوان و بيت المال، فلما حصر عثمان قال: يا معشر الأنصار كونوا أنصار اللّه مرّتين. فقال له أبو أيوب: ما تنصره إلاّ أنّه أكثر لك من العضدان، فأمّا كعب فاستعمله على صدقة مزينة و ترك عثمان له ما أخذ منهم، و أما المهاجرون فكان منهم سعد بن أبي وقاص و عبد اللّه بن عمر( ١) .

و في (خلفاء ابن قتيبة): خاطب عليّعليه‌السلام بين الصفّين طلحة فقال له:

أو ما بايعتني طائعا غير مكره؟ فقال طلحة: بايعتك و السيف في عنقي. قال: أ لم تعلم انّي ما أكرهت أحدا على البيعة، و لو كنت مكرها أحدا لأكرهت سعدا و ابن عمر و محمّد بن مسلمة، أبو البيعة و اعتزلوا فتركتهم( ٢) .

و فيه: أنّ عمّارا دعا ابن عمر و سعدا و محمّد بن مسلمة إلى بيعتهعليه‌السلام فأبوا، فأخبر عليّاعليه‌السلام بذلك فقالعليه‌السلام : دع هؤلاء الرهط، اما ابن عمر فضعيف، و أما سعد فحسود و ذنبي إلى محمّد بن مسلمة انّي قتلت أخاه يوم خيبر( ٣) .

و ذكر المسعودي: تخلّف قدامة بن مظعون و وهبان بن صيفي و عبد اللّه بن سلام و المغيرة بن شعبة عن بيعتهعليه‌السلام أيضا( ٤) .

و يمكن أن يقال بعدم سقط و أنّهعليه‌السلام اقتصر على ذكر المهاجرين، لأن طلحة و الزبير كانا منهم، و ان كان جمع من الأنصار أيضا تخلّفوا عن بيعتهعليه‌السلام فتركهم.

و كيف كان، فهما كانا أقوى من سعد و ابن عمر، فكيف لم يتقيا و هما

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٤٢٩ ٤٣١، سنة ٣٥.

(٢) الإمامة و السياسة ١: ٧٤ ٧٥.

(٣) الإمامة و السياسة ١: ٥٣ ٥٤.

(٤) مروج الذهب ٢: ٣٦١.

٣٥٣

اتقيا، فيكون معلوما كذبهما؟ و ان كان سيف الذي يروي الطبري عن السّري عن شعيب عنه روى إكراههما، و لا غرو فإن سيفا ذاك أحد الوضّاعين، و رواياته جميع خلاف السير و خلاف العقل و النقل، فروى عمّن افترى عليه:

أنّه لما اجتمع الناس على عليّعليه‌السلام ذهب الأشتر فجاء بطلحة فقال له: دعني أنظر ما يصنع الناس. فلم يدعه و جاء به يتله تلا عنيفا، و صعد المنبر فبايع.

و جاء حكيم بن جبلة بالزبير حتّى بايع فكان الزبير يقول: جاءني لص من لصوص عبد القيس فبايعت و اللج في عنقي.

«و إنّ دفعكما هذا الأمر من قبل أن تدخلا فيه كان أوسع عليكما من خروجكما منه بعد اقراركما به» في (الطبري) قال الزهري: قد بلغنا أنّ عليّاعليه‌السلام قال لطلحة و الزبير: إن أحببتما أن تبايعا لي، و إن أحببتما بايعتكما؟ فقالا: بل نبايعك.

و قالا بعد ذلك: إنّما صنعنا ذلك خشية على أنفسنا، و قد عرفنا أنّه لم يكن ليبايعنا. فظهرا إلى مكّة بعد قتل عثمان بأربعة أشهر( ١) .

«و قد زعمتما أنّي قتلت عثمان فبيني و بينكما من تخلّف عني و عنكما» فلا يكون متّهما بالميل إلى من معه.

«من أهل المدينة ثم يلزم كلّ امرى‏ء بقدر ما احتمل» فغاية ما قالوا: إنّهعليه‌السلام خذل عثمان و كان راضيا بقتله و كان منتظرا لقتله، و كانعليه‌السلام لا ينكر ذلك، بل يقرّبه كما مرّ عند قولهعليه‌السلام : «ما أمرت به و لا نهيت عنه»، و أما هما فكانت دخالتهما في قتله من الواضحات.

فمن تخلّف عنه و عنهما عبيد اللّه بن عمر و مع أنّهعليه‌السلام أراد قتله بدم الهرمزان ففرّ منهعليه‌السلام إلى معاوية، و طلب منه معاوية أن ينسب قتل عثمان إليهعليه‌السلام ، لم يرض مع لجاه إليه بذلك، بل نسبه إلى طلحة و الزبير، و إنّما نسب

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٤٢٩، سنة ٣٥.

٣٥٤

إليهعليه‌السلام انتظاره قتل عثمان.

فقال نصر بن مزاحم في (صفّينه): في حديث محمّد بن عبيد اللّه عن الجرجاني قال: لمّا قدم عبيد اللّه بن عمر على معاوية أرسل معاوية إلى عمرو بن العاص فقال: إنّ اللّه أحيا لنا عمر بالشام بقدوم عبيد اللّه و قد رأيت أن أقيمه خطيبا فيشهد على عليّ بقتل عثمان و ينال منه. فقال عمرو: الرأي ما رأيت.

فبعث إليه فأتى فقال له معاوية: يا بن أخ إنّ لك اسم أبيك فانظر بمل‏ء عينيك و تكلّم بكلّ فيك، فأنت المأمون المصدّق، فاشتم عليّا و اشهد عليه أنّه قتل عثمان. فقال: أمّا شتمه فإنّه ابن أبي طالب، و امّه فاطمة بنت أسد بن هاشم، فما عسى أن أقول في حسبه، و أمّا بأسه فهو الشجاع المطرق، و أمّا أيّامه فما قد عرفت، و لكنّي ملزمه دم عثمان. فقال عمرو: اذن و اللّه قد نكأت القرحة. فلما خرج عبيد اللّه قال معاوية لعمرو: أما و اللّه لو لا قتله الهرمزان و مخافته من عليّ على نفسه ما أتانا أبدا، أ لم تر إلى تقريظه عليّا؟ فقال عمرو: يا معاوية إن لم تغلب فاخلب. فخرج حديثه إلى عبيد اللّه فلما قام خطيبا تكلّم بحاجته حتّى إذا أتى إلى أمر عليّعليه‌السلام أمسك، فقال له معاوية: إنّك بين عي أو خيانة. فقال:

كرهت أن أقطع الشهادة على رجل لم يقتل عثمان، و قال أبياتا و منها مشيرا إليهعليه‌السلام و ذاكرا لطلحة و الزبير:

و لكنّه قد قرّب القوم و دبوا

حواليه دبيب العقارب

فما قال أحسنتم و لا قد أسأتم

و أطرق إطراق الشجاع المواثب

و قد كان فيها للزبير عجاجة

و طلحة فيها جاهد غير لاعب( ١)

و في (خلفاء ابن قتيبة): ذكروا أنّه لما كان في الصباح بعد قتل عثمان اجتمع الناس في المسجد، و كثر الندم و التأسف على عثمان و سقط في أيديهم

____________________

(١) وقعة صفين: ٨٢ ٨٤.

٣٥٥

و أكثر الناس على طلحة و الزبير و اتّهموهما بقتل عثمان، فقال الناس لهما: قد وقعتما في أمر عثمان فخليا عن أنفسكما. فقال طلحة: أيّها الناس إنّا و اللّه ما نقول اليوم إلاّ ما قلناه أمس، انّ عثمان خلط الذنب بالتوبة حتى كرهنا ولايته و كرهنا أن نقتله، و سرّنا أن نكفاه و قد كثر فيه اللجاج، و أمره إلى اللّه.

ثم قام الزبير فقال: أيّها الناس إنّ اللّه قد رضى لكم الشورى فأذهب بها الهوى، و قد تشاورنا فرضينا عليّا فبايعوه، و أمّا قتل عثمان فإنّا نقول فيه: إنّ أمره إلى اللّه و قد أحدث أحداثا و اللّه وليّه في ما كان فقام الناس فأتوا عليّا في داره، فقالوا: نبايعك( ١) .

بل مر أنّ ابن طلحة مع كونه مع أبيه و الزبير يحاربه أقرّ بأن ثلث دم عثمان على أبيه، فغضب عليه أبوه و قال له: كن كابن الزبير. فقال له: لم أقل إلاّ حقّا.

«فارجعا أيّها الشيخان عن رأيكما، فإن الآن أعظم أمركما العار» في (الطبري) قال قتادة: سار عليّعليه‌السلام من الزاوية يريد طلحة و الزبير، و سارا من الفرضة يريدان عليّاعليه‌السلام ، فالتقوا عند قصر عبيد اللّه بن زياد في النصف من جمادى الآخرة سنة (٣٦) فلما تراءى الجمعان خرج الزبير على فرس عليه سلاح فقيل لعليّعليه‌السلام : هذا الزبير. فقالعليه‌السلام : أما أنّه أحرى الرجلين ان ذكر باللّه أن يذكر.

و خرج طلحة فخرج إليهما عليعليه‌السلام و قال لهما: لقد أعددتما سلاحا و خيلا و رجالا إن كنتم أعددتما عند اللّه عذرا فاتّقيا اللّه و لا تكونا كالتي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثا( ٢ ) أ لم أكن أخاكما في دينكما تحرّمان دمي و احرّم دماءكما فهل من حدث أحلّ لكما دمي؟ قال طلحة: ألّبت الناس على عثمان. قال

____________________

(١) الإمامة و السياسة ١: ٤٦.

(٢) النحل: ٩٢.

٣٥٦

عليّعليه‌السلام : يومئذ يوفيهم اللّه دينهم الحقّ و يعلمون أنّ اللّه هو الحقّ المبين( ١ ) يا طلحة تطلب بدم عثمان؟ فلعن اللّه قتلة عثمان إلى أن قال بعد ذكره للزبير قول النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له: (و لتقاتلنه و أنت ظالم)، قال الزبير: و لو ذكرت ما سرت مسيري هذا، و اللّه لا اقاتلك أبدا و رجع إلى عايشة فقال لها: ما كنت في موطن مذ عقلت إلاّ و أنا أعرف فيه أمري غير موطئي هذا. قالت: ما تريد؟ قال:

أن أدعهم و أذهب. فقال له ابنه: أحسست رايات ابن أبي طالب و علمت أنّها تحملها فتية أنجاد قال: إنّي قد حلفت ألاّ اقاتله و أحفظه ما قال له فقال له ابنه: كفر عن يمينك و قاتله. فدعا بغلام له يقال له مكحول فأعتقه فقال بعضهم:

لم أر كاليوم أخا اخوان

أعجب من مكفّر الأيمان

بالعتق في معصية الرحمن

أيضا:

يعتق مكحولا لصون دينه

كفّارة للّه عن يمينه

و النكث قد لاح على جبينه( ٢)

«من قبل أن يتجمّع» هكذا في (المصرية)( ٣ ) و الصواب: (يجتمع) كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٤) .

«العار و النار» في (جمل المفيد): في رواية سفيان بن عنبسة عن أبي موسى عن الحسن بن أبي الحسن قال: خرج طلحة من رساتيق أقطعه إيّاها عثمان، فلم يعرف له ذلك حتّى سعى في دمه، فلما كان يوم البصرة خرج

____________________

(١) النور: ٢٥.

(٢) تاريخ الطبري ٤: ٥٠١ ٥٠٢، سنة ٣٦.

(٣) نهج البلاغة ٣: ١٢٣.

(٤) هكذا في شرح ابن أبي الحديد ١٧: ١٣١، و لكن في شرح ابن ميثم المطبوع ٥: ١٨٨ «يتجمّع» أيضا.

٣٥٧

للقتال و قد لبس درعا استجن به من السهام إذ أتاه سهم فأصابه و كان أمر اللّه قدرا مقدورا.

قال الحسن: و رأيته يقول حين أصابه السهم: ما رأيت كاليوم مصرع شيخ أضيع من مصرعي. قال: و قد كان قبل ذلك جاهد جهادا مع النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و وقاه بيده فضيع أمر نفسه. قال: و لقد رأيت قبره مأوى الشقاء، فيضع عنده غريبه ثم يقضي عنده حاجته.

و أما الزبير فإنّه أتى حيّا من أحياء العرب فقال: أجيروني و كان قبل ذلك يجير و لا يجار عليه قالوا: و ما الذي أخافك، و اللّه ما أخافك إلاّ ابنك؟

فاتبعه ابن جرموز تولّة من أتاليل العرب فقتله، و هذا قبره بوادي السباع مخرأة للثعالب. قال: فخرجا و لم يدركا ما طلبا، و لم يرجعا إلى ما تركا فعزّ عليّ هذه الشقوة التي كتبت عليهما( ١) .

و فيه: و في رواية عبد اللّه بن جعفر عن ابن أبي عون إلى أن قال: فلمّا رأى عليّعليه‌السلام رأس الزبير و سيفه، هزّ السيف و قال: سيف طالما قاتل بين يدي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و لكن الحين و مصارع السوء، ثم تفرّس في وجه الزبير و قال: لقد كان لك بالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صحبة و منه قرابة، و لكن دخل الشيطان منخرك، فأوردك هذا المورد( ٢) .

و فيه: و مرعليه‌السلام في قتلى الجمل على طلحة بعد كعب بن سور فرأى طلحة صريعا، فقال أجلسوه. فاجلس، فقال: يا طلحة بن عبيد اللّه قد وجدت ما وعدني ربّي حقّا، فهل وجدت ما وعدك ربّك حقّا؟ إلى أن قال: فوقف رجل من القرّاء أمامه فقال: يا أمير المؤمنين ما كلامك هذه، الهام قد صديت

____________________

(١) الجمل للمفيد: ٣٨٤ ٣٨٥، شرح ابن أبي الحديد ٩: ١١٣ ١١٤.

(٢) الجمل: ٣٨٩ ٣٩٠.

٣٥٨

لا تسمع كلاما و لا ترد جوابا؟ فقالعليه‌السلام : انّهما ليسمعان كلامي كما تسمع أصحاب القليب كلام النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و لو أذن لهما في الجواب لرأيت عجبا( ١) .

و من العجب أنّ العامة وضعوا في مقابل هذا منكرا عجبا ففي (العقد الفريد): من حديث سفيان الثوري، لمّا انقضى يوم الجمل خرج علي في ليلة ذلك اليوم و معه مولاه، و بيده شمعة يتصفّح وجوه القتلى، حتى وقف على طلحة في بطن واد متعفّرا، فجعل يمسح الغبار عن وجهه و يقول: اعزز عليّ يا أبا محمّد أن أراك متعفّرا تحت نجوم السماء و بطون الأودية، إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، شفيت نفسي و قتلت معشري، إلى اللّه أشكو عجري و بجري. ثمّ قال: و اللّه اني لأرجو أن أكون أنا و عثمان و طلحة و الزبير من الذين قال اللّه فيهم: و نزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين( ٢ ) ، و إذا لم يكن نحن فمن هم( ٣ ) ؟ و كم لإخواننا أخبار نظير هذا، مما يجعل الملاحدة أحقّ من الموحدة إن فرض تحققها.

١٥ - الخطبة (٢٢) و من خطبة لهعليه‌السلام :

أَلاَ وَ إِنَّ اَلشَّيْطَانَ قَدْ ذَمَرَ حِزْبَهُ وَ اِسْتَجْلَبَ جَلَبَهُ لِيَعُودَ اَلْجَوْرُ إِلَى أَوْطَانِهِ وَ يَرْجِعَ اَلْبَاطِلُ إِلَى نِصَابِهِ وَ اَللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً وَ لاَ جَعَلُوا بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ نَصِفاً وَ إِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ وَ دَماً هُمْ سَفَكُوهُ فَلَئِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيهِ فَإِنَّ لَهُمْ لَنَصِيبَهُمْ مِنْهُ وَ لَئِنْ كَانُوا وَلُوهُ

____________________

(١) الجمل: ٣٩٢، الإرشاد ١: ٢٥٦ ٢٥٧.

(٢) الحجر: ٤٧.

(٣) العقد الفريد ٥: ٧٠.

٣٥٩

دُونِي فَمَا اَلتَّبِعَةُ إِلاَّ عِنْدَهُمْ وَ إِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَى أَنْفُسِهِمْ يَرْتَضِعُونَ أُمّاً قَدْ فَطَمَتْ وَ يُحْيُونَ بِدْعَةً قَدْ أُمِيتَتْ يَا خَيْبَةَ اَلدَّاعِي مَنْ دَعَا وَ إِلاَ مَ أُجِيبَ وَ إِنِّي لَرَاضٍ بِحُجَّةِ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ وَ عِلْمِهِ فِيهِمْ فَإِنْ أَبَوْا أَعْطَيْتُهُمْ حَدَّ اَلسَّيْفِ وَ كَفَى بِهِ شَافِياً مِنَ اَلْبَاطِلِ وَ نَاصِراً لِلْحَقِّ وَ مِنَ اَلْعَجَبِ بَعْثُهُمْ إِلَيَّ أَنْ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ وَ أَنْ أَصْبِرَ لِلْجِلاَدِ هَبِلَتْهُمُ اَلْهَبُولُ لَقَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لاَ أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ وَ إِنِّي لَعَلَى يَقِينٍ مِنْ رَبِّي وَ غَيْرِ شُبْهَةٍ مِنْ دِينِي و في الخطبة (١٣٧) و من كلام لهعليه‌السلام في معنى طلحة و الزبير:

وَ اَللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً وَ لاَ جَعَلُوا بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ نِصْفاً وَ إِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ وَ دَماً هُمْ سَفَكُوهُ فَإِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيهِ فَإِنَّ لَهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنْهُ وَ إِنْ كَانُوا وَلُوهُ دُونِي فَمَا اَلطَّلِبَةُ إِلاَّ قِبَلَهُمْ وَ إِنَّ أَوَّلَ عَدْلِهِمْ لَلْحُكْمُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ إِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَسْتُ وَ لاَ لُبِسَ عَلَيَّ وَ إِنَّهَا لَلْفِئَةُ اَلْبَاغِيَةُ فِيهَا اَلْحَمَأُ وَ اَلْحُمَّةُ وَ اَلشُّبْهَةُ اَلْمُغْدِفَةُ وَ إِنَّ اَلْأَمْرَ لَوَاضِحٌ وَ قَدْ زَاحَ اَلْبَاطِلُ عَنْ نِصَابِهِ وَ اِنْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ شَغْبِهِ وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ لاَ يَصْدُرُونَ عَنْهُ بِرِيٍّ وَ لاَ يَعُبُّونَ بَعْدَهُ فِي حَسْيٍ و في الخطبة (١٠) و من خطبة لهعليه‌السلام :

أَلاَ وَ إِنَّ اَلشَّيْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ وَ اِسْتَجْلَبَ خَيْلَهُ وَ رَجِلَهُ وَ إِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي وَ لاَ لُبِّسَ عَلَيَّ وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607