بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 253674 / تحميل: 8968
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

٤ الحكمة ( ٤٠٩ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْقَلْبُ مُصْحَفُ اَلْبَصَرِ أقول : قال ابن أبي الحديد : معنى كلامهعليه‌السلام هذا مثل قول الشاعر :

تخبّرني العينان ما القلب كاتم

و ما جنّ بالبغضاء و النظر الشّزر

أي : كما أن الانسان إذا نظر في المصحف قرأ ما فيه ، كذلك إذا أبصر الانسان صاحبه فإنّه يرى قلبه بوساطة رؤية وجهه ، ثم يعلم ما في قلبه من ودّ و بغض و غيرهما ، كما يعلم برؤية الخط الذي في المصحف ما يدلّ الخطّ عليه ، و قال الشاعر :

إنّ العيون لتبدي في تقلّبها

ما في الضّمائر من ودّ و من حنق(١)

و قال ابن ميثم : أرادعليه‌السلام بالقلب النفس أو الذهن ، و استعار له لفظ المصحف باعتبار أنّ كلّ تصوّر في الذهن اريد التعبير عنه ، فلا بدّ أن يتصوّر حروف العبارة عنه في لوح الخيال ، و الحس البصري يشاهدها من هناك و يقرأها ، فالقلب إذن كالمصحف الذي يشاهدون فيه الحروف و الألفاظ و يقرأونه بالبصر ، فلذلك أضافه إلى البصر(٢) .

و قال بعض المحشّين : أي : إن ما يتناوله البصر يحفظ في القلب كأنّه يكتب فيه .

قلت : و الأظهر كون مرادهعليه‌السلام أنّ البصر لا يبصر إلاّ بعد توجّه القلب ، فالإنسان قد ينظر إلى شي‏ء إلاّ أن قلبه متوجّه إلى غيره ، فلا ينطبع شبحه في

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ٢٠ : ٤٦ .

( ٢ ) شرح ابن ميثم ، شرح نهج البلاغة ٥ : ٤٤١ .

٢٢١

النفس كما يكون مع توجّه القلب ، و حينئذ فكما يحتاج الانسان غالبا لقراءته إلى مصحف كذلك تحتاج العين في إبصارها إلى القلب .

هذا ، و في خطبتهعليه‌السلام الموسومة بالوسيلة : « أيها الناس إنّ للقلوب شواهد تجري الأنفس عن مدرجة أهل التفريط فطنة الفهم للمواعظ ممّا يدعو النفس إلى الحذر من الخطأ ، و للنفوس خواط للهوى ، و العقول تزجر و تنهى ، و في التجارب علم مستأنف(١) .

و مرّ في فصل العبادات قولهعليه‌السلام : إنّ للقلوب اقبالا و إدبارا ، فإذا أقبلت فاحملها على النوافل ، و إذا أدبرت فاقتصر بها على الفرائض .

٥ الحكمة ( ٣٨٨ ) و قالعليه‌السلام :

أَلاَ وَ إِنَّ مِنَ اَلْبَلاَءِ اَلْفَاقَةَ وَ أَشَدُّ مِنَ اَلْفَاقَةِ مَرَضُ اَلْبَدَنِ وَ أَشَدُّ مِنْ مَرَضِ اَلْبَدَنِ مَرَضُ اَلْقَلْبِ أَلاَ وَ إِنَّ مِنَ اَلنِّعَمِ سَعَةَ اَلْمَالِ وَ أَفْضَلُ مِنْ سَعَةِ اَلْمَالِ صِحَّةُ اَلْبَدَنِ وَ أَفْضَلُ مِنْ صِحَّةِ اَلْبَدَنِ تَقْوَى اَلْقَلْبِ أقول : و رواه تحف عقول ابن أبي شعبة الحلبي(٢) .

« ألا و إنّ من البلاء الفاقة » عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : كادت الفاقة أن تكون كفرا(٣) .

و عن بزرجمهر : ان كان شي‏ء مثل الموت فالفقر ، بل قيل شرّ من الموت ما يتمنى الموت له(٤) .

____________________

( ١ ) تحف العقول : ٩٦ ط مؤسسة النشر الإسلامي قم .

( ٢ ) تحف العقول : ١٤٠ .

( ٣ ) في كنز العمال للمتقي الهندي ٦ : ٤٩٢ ح ٦٦٨٢ بلفظ : « كاد الفقر أن يكون كفرا » كما أورده السيوطي في الدر المنثور ٦ : ٤٢ .

( ٤ ) أدب الدنيا و الدين للماوردي : ٢١٤ .

٢٢٢

« و أشد من الفاقة مرض البدن » في ( كامل المبرد ) : قيل لخريم المرّي : ما النعمة ؟ قال : الأمن ، فليس لخائف عيش ، و الغنى ، فليس لفقير عيش ، و الصحة ، فليس لسقيم عيش قيل : ثم ما ذا ؟ قال : لا مزيد بعد هذا(١) .

و في ( الطبري ) : و في سنة ( ٢٨٧ ) إنصرف أبو أحمد بن المتوكل من الجبل إلى العراق و قد اشتدّ به وجع النقرس حتى لم يقدر على الركوب ، فاتّخذ له سرير عليه قبّة ، فكان يقعد عليه و معه خادم يبرد رجله بالأشياء الباردة حتى بلغ من أمره أنّه كان يضع عليها الثلج ، ثم صارت علّة رجله داء الفيل و كان يحمل سريره أربعون حمّالا يتناوب عليه عشرون عشرون ، و ربّما اشتدّ به أحيانا فيأمرهم أن يضعوه .

فذكر أنّه قال يوما للّذين يحملونه : قد ضجرت بحملي ، بودّي أنّي أكون كواحد منكم أحمل على رأسي و أنا آكل في عافية و قال في مرضه هذا : اطبق دفتري على مائة ألف مرتزق ما أصبح فيهم أسوأ حالا منّي(٢) .

قلت : و أبو أحمد هذا كان الخليفة بالمعنى و أخوه المعتمد الخليفة بالاسم .

« و أشد من مرض البدن مرض القلب » مرادهعليه‌السلام بالقلب ، القلب الباطني لقوله بعد : « و أفضل من صحّة البدن تقوى القلب » .

و أيضا القلب الظاهري و هو القلب الصنوبري محسوب من البدن ، و مرضه مرض البدن ، و أمّا القلب الحقيقي فمرضه التخلّق بالأخلاق الفاسدة المهلكة .

و إنّما كان مرضه أشد من مرض البدن لأنّ غاية أثر مرض البدن سلب

____________________

( ١ ) الكامل في الأدب للمبرّد ٥١٤ ط الحلبي بمصر .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٨ : ١٥٦ .

٢٢٣

الحياة الدنيوية ، فإن كان سعيدا لا يضرّه الموت ، و ما عند اللَّه خير للأبرار ، و أمّا إن كان قلبه الحقيقي مريضا ، يقول صاحبه : يا ليتني كنت ترابا .

و قد وصف تعالى تلك القلوب بقوله جل و علا :( فإنّها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور ) (١) و بقوله تعالى :( لهم قلوب لا يفقهون بها إلى اولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ) (٢) .

« ألا و إنّ من النعم سعة المال » عن بزرجمهر : إن كان شي‏ء مثل الحياة فالغنى(٣) .

« و أفضل من سعة المال صحة البدن » عن بزرجمهر ان كان شي‏ء فوق الحياة فالصحة و قالوا : خير من الحياة ما لا تطيب الحياة إلاّ به(٤) .

و في ( البيان ) : خرج الحجّاج ذات يوم فأصحر و حضر غذاؤه ، فقال :

اطلبوا من يتغذّى معي ، فطلبوا فإذا أعرابي في شملة ، فاتي به فقال : السّلام عليكم : هلمّ أيّها الأعرابي قال : دعاني من هو أكرم منك فأجبته قال : و من هو .

قال : دعاني اللَّه ربّي إلى الصّوم فأنا صائم قال : و صوم في مثل هذا اليوم الحار قال : صمت ليوم هو أحرّ منه قال : فافطر اليوم و صم غدا قال : و يضمن لي الأمير أني أعيش إلى غد ؟ قال : ليس ذلك إليه قال : فكيف يسألني عاجلا بآجل ليس إليه قال : إنّه طعام طيّب قال : ما طيّبه خبّازك و لا طبّاخك قال : فمن طيبه ؟ قال : العافية قال الحجّاج : تاللَّه ما رأيت كاليوم أخرجوه(٥) .

« و أفضل من صحة البدن تقوى القلب » قال تعالى :( يا أيّها الناس إنّا

_ ___________________

( ١ ) الحج : ٤٦ .

( ٢ ) الأعراف : ١٧٩ .

( ٣ ) أدب الدنيا و الدين للماوردي : ٢١٤ .

( ٤ ) أدب الدنيا و الدين للماوردي : ٢١٤ .

( ٥ ) البيان و التبيين للجاحظ ٤ : ٩٨ ٩٩ .

٢٢٤

خلقناكم من ذكر و اُنثى و جعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند اللَّه أتقاكم إنّ اللَّه عليم خبير ) (١) .

( و من يعظّم شعائر اللَّه فانّها من تقوى القلوب ) (٢) .

هذا ، و مرّ في فصل « نقص الناس » قولهعليه‌السلام : لقد علق بنياط هذا الانسان بضعة هي أعجب ما فيه ، و ذلك القلب » إلى آخر ما مر .

____________________

( ١ ) الحجرات : ١٣ .

( ٢ ) الحج : ٣٢ .

٢٢٥

الفصل السادس و الخمسون فيما ذكرهعليه‌السلام من الحقائق

٢٢٦

مرّ في الفصل ( ٤٢ ) في العنوان ( ٧ ) منه قولهعليه‌السلام : « كم من صائم ليس له من صيامه إلاّ الجوع و الظمأ . » .

و في ( ٢٨ ) منه قولهعليه‌السلام : « ليس الخير أن يكثر مالك و ولدك . » .

و في ( ٢٩ ) منه قولهعليه‌السلام : « ما خير بخير بعده النار . » .

١ الخطبة ( ١٨٥ ) منها :

 يَدَّعِي بِزَعْمِهِ أَنَّهُ يَرْجُو اَللَّهَ كَذَبَ وَ اَلْعَظِيمِ مَا بَالُهُ لاَ يَتَبَيَّنُ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ فَكُلُّ مَنْ رَجَا عُرِفَ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ إِلاَّ رَجَاءَ اَللَّهِ فَإِنَّهُ مَدْخُولٌ وَ كُلُّ خَوْفٍ مُحَقَّقٌ إِلاَّ خَوْفَ اَللَّهِ فَإِنَّهُ مَعْلُولٌ يَرْجُو اَللَّهَ فِي اَلْكَبِيرِ وَ يَرْجُو اَلْعِبَادَ فِي اَلصَّغِيرِ فَيُعْطِي اَلْعَبْدَ مَا لاَ يُعْطِي اَلرَّبَّ فَمَا بَالُ اَللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُقَصَّرُ بِهِ عَمَّا يُصْنَعُ بِهِ لِعِبَادِهِ أَ تَخَافُ أَنْ تَكُونَ فِي رَجَائِكَ لَهُ كَاذِباً أَوْ تَكُونَ لاَ تَرَاهُ لِلرَّجَاءِ مَوْضِعاً وَ كَذَلِكَ إِنْ هُوَ خَافَ عَبْداً مِنْ عَبِيدِهِ أَعْطَاهُ مِنْ خَوْفِهِ مَا لاَ يُعْطِي رَبَّهُ فَجَعَلَ خَوْفَهُ مِنَ

٢٢٧

اَلْعِبَادِ نَقْداً وَ خَوْفَهُ مِنْ خَالِقِهِ ضِمَاراً وَ وَعْداً وَ كَذَلِكَ مَنْ عَظُمَتِ اَلدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ وَ كَبُرَ مَوْقِعُهَا مِنْ قَلْبِهِ آثَرَهَا عَلَى اَللَّهِ فَانْقَطَعَ إِلَيْهَا وَ صَارَ عَبْداً لَهَا « يدّعي بزعمه أنّه يرجو اللَّه ، كذب و العظيم » أي : قسما بالربّ العظيم .

« ما باله لا يتبيّن رجاؤه في عمله ، فكل من رجا عرف رجاؤه في عمله إلاّ رجاء اللَّه فإنّه مدخول » قيل للصادقعليه‌السلام : إنّ قوما من مواليك يلمون بالمعاصي و يقولون : نرجو فقالعليه‌السلام : كذبوا ، ليسوا لنا بموال ، أولئك قوم ترجحت بهم الأماني ، من رجا شيئا عمل له ، و من خاف شيئا هرب منه(١) .

و قال الصادقعليه‌السلام أيضا : ما أحب اللَّه تعالى من عصاه ثم تمثّل :

تعصي الإله و أنت تظهر حبّه

هذا محال في الفعال بديع

لو كان حبك صادقا لأطعته

انّ المحبّ لمن يحبّ مطيع(٢)

و في الخبر : يقول اللَّه تعالى كذب من زعم انّه يحبني ، فاذا جاء الليل نام إلى الصبح ، أليس كلّ حبيب يحبّ خلوة حبيبه(٣) .

و في ( الفقيه ) : شكا رجل إلى الصادقعليه‌السلام الحاجة فقال له : أ تصلّي بالليل قال نعم فالتفتعليه‌السلام إلى أصحابه و قال : كذب من زعم انّه يصلّي

____________________

( ١ ) أورده « الحراني » في تحف العقول : ٢٦٩ بهذا اللفظ : قيل لهعليه‌السلام قوم يعملون بالمعاصي و يقولون : نرجوا فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت فقالعليه‌السلام : هؤلاء قوم يترجحون في الأحاديث كذبوا ليس يرجون ، ان خارجا شيئا طلبه ، و ؟ ؟ فإن من شي‏ء هرب منه .

( ٢ ) ذكره المجلسي في البحار ٤٧ : ٢٤ بلفظ : هذا لعمرك في الفعال .

( ٣ ) ورد الحديث بهذا اللفظ : كذب من زعم أنه ؟ ؟ فإذا جنّه الليل نام عين ، اليس كل محبّ يحب خلوة حبيبه ؟ ها أنا ذايا ابن عمران مطّلع على أحيائي ، فإذا جهنّم الليل حوّلت أبصارهم في قلوبهم ، و مثلت عقويتي بين أعينهم ، يخاطبوني عن المشاهدة ، و يكلموني عن الحضور انظر بحار الأنوار ١٣ : ٣٢٩ بتصرف .

٢٢٨

بالليل و يجوع بالنهار(١) .

و في ( تاريخ بغداد ) : في ( سمنون الصولي الذي صحب سري السقطي ) قال سمنون :

فليس لي في سواك حظ

فكيفما شئت فامتحنّي

فحصر بوله في ساعته ، فسمّى نفسه سمنون الكذّاب(٢) .

و في ( عيون القتيبي ) قال الحسن أي البصري : إنّ دين اللَّه ليس بالتحلّي و لا بالتمنّي ، و لكنه ما وقر في القلوب و صدّقته الأعمال(٣) .

و قال محمود الوراق :

يا ناظرا يرنو بعيني راقد

مشاهدا للأمر غير مشاهد

تصل الذنوب إلى الذنوب و ترتجى

درك الجنان بها و فوز العابد

و نسيت أنّ اللَّه أخرج آدما

منها إلى الدّنيا بذنب واحد(٤)

و أخذ مضمونه البهائي فقال بالفارسية :

جد تو آدم بهشتش جاى بود

قدسيان كردند بهر او سجود

يك كنه ناكرده گفتندش تمام

مذنبى مذنب برو بيرون خرام

تو طمع دارى كه با چندان گناه

داخل جنت شوى اى رو سياه(٥)

« و كل خوف محقّق إلاّ خوف اللَّه فإنّه معلول » و لو كان خوفه محققا لكان كما قال الصادقعليه‌السلام : المؤمن بين مخافتين : ذنب قد مضى لا يدري ما اللَّه صانع فيه ، و عمر قد بقي لا يدري ممّا يكتسب فيه من المهالك ، فهو لا يصبح إلاّ خائفا

____________________

( ١ ) الفقيه من لا يحضر الفقيه ١ : ٣٠٠ ح ١٣٧٤ بتصرف .

( ٢ ) تاريخ بغداد للخطيب ٩ : ٢٣٥ .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٣٤٤ .

( ٤ ) ابن قتيبة ، العيون ٢ : ٣٤٤ .

( ٥ ) البهائي ، الكشكول ١ : ٥٨ طبع في ايران ، ذكره الجزائري في الأنوار النعمانية ١ : ٢٣ .

٢٢٩

و لا يصلحه إلاّ الخوف(١) .

و كما قال الحسينعليه‌السلام لمّا كتب إليه بعد خروجه من مكة عمرو بن سعيد عاملها بطلب عبد اللَّه بن جعفر : إنّ لك الأمان عندي : « خير الأمان أمان اللَّه ، و لن يؤمن اللَّه يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا ، فنسأل اللَّه مخافة في الدّنيا توجب لنا أمانة يوم القيامة »(٢) .

« يرجو اللَّه في الكبير و يرجو العباد في الصغير ، فيعطي العبد ما لا يعطي الرب » قالت رابعة العدوية :

لك ألف معبود مطاع أمره

دون الإله و تدّعي التوحيدا(٣)

و قال زياد الأعجم :

و تشكر يشكر من ضامها

و يشكر اللَّه لا تشكر(٤)

و في الجمهرة يشكر بطن من بكر بن وائل(٥) .

« فما بال اللَّه جل ثناؤه يقصر به عمّا يصنع لعباده » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٦) و الصواب : ( بعباده ) كما في ( ابن أبي الحديد(٧)

___________________

( ١ ) أورده المجلسي عن طريقين : عن الصادقعليه‌السلام في البحار ٧ : ٣٦٥ ، و عن الكاظمعليه‌السلام في البحار ٧٨ : ٢٦٢ .

و البحار ٢ : ٧١ . .

( ٢ ) ذكر المجلسي « الحادثة في البحار ٤٤ : ٣٦٦ يشكل آخر ، قال : و كتب إليه عمرو بن سعيد كتابا يمتّيه فيه الصلة ، و يؤمنه على نفسه ، و أنفذه مع يحيى بن سعيد ، فلحقه يحيى و عبد اللَّه بن جعفر بعد نفوذ ابنيه ، و دفعا إليه الكتاب وجهوا به في الرجوع ، فقال : « إني رأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله في المنام و أمرني بما أنا ماض له » فقالوا له : ما تلك الرؤيا ؟ . .

( ٣ ) ترجم لها ابن الجوزي في صفوة الصفوة ٤ : ٢٣ .

( ٤ ) هو زياد بن سلمى ، ترجم له ياقوت الحموي في معجم الأدباء ١١ : ١٦٥ .

( ٥ ) جمهرة أنساب العرب ، ابن محمد الأندلسي : ٣٠٨ .

( ٦ ) انظر النسخة المصرية بشرح محمّد عبده : ٣٤٢ .

( ٧ ) ورد في شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد بتحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم لفظ ( العبادة ) خلافا لمّا ذكره المؤلف الذي اعتمد النسخة غير المحققة من شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٢٢٦ .

٢٣٠

و ابن ميثم(١) و الخطية )(٢) .

في ( المروج ) : دخل معن بن زائدة على الرشيد و كان قد وجد عليه فمشى فقارب الخطو ، فقال له الرشيد : كبرت يا معن قال : في طاعتك قال : و إنّ فيك على ذلك لبقية قال : لأوليائك قال : و إنك لجلد قال : على أعدائك فرضي عنه و ولاّه(٣) .

قال : و عرض كلامه هذا على عبد الرحمن بن زيد زاهد أهل البصرة ، فقال ويح هذا ما ترك لربه شيئا .

و في ( سير ملوك الأعاجم ) : ان شيرويه بن أبرويز بينا هو في منتزهاته بأرض العراق و كان لا يسايره أحد و أهل المراتب العالية خلف ظهره على مراتبهم ، فإن التفت يمينا دنا منه صاحب الجيش ، و إن التفت شمالا دنا منه الموبذان فيأمره باحضار من أراد مسايرته ، فالتفت يمينا فدنا منه صاحب الجيش فقال أين شدّاد بن خزيمة ، فأحضر فسايره فقال له : أفكرت في حديث حدّثنا به عن أردشير بن بابك حين واقع ملك الخزر حدّثني به إن كنت تحفظه و كان شدّاد قد سمع هذا الحديث في مكيدة أوقعها أردشير بملك الخزر فاستعجم عليه و أوهمه أنّه لا يعرفه ، فحدّثه شيرويه بالحديث ، فأصغى إليه الرجل بجوارحه كلّها و كان مسيره على شاطى‏ء نهر ، فترك الرجل لا قباله على شيرويه النظر إلى موطى‏ء حافر دابته ، فزلّت احدى قوائمها فوقع في الماء ، فابتدر حاشية الملك فأخرجوه فنزل شيرويه و دعا بثياب من خاصّ كسوته فألقيت عليه و قال له : غفلت عن موضع حافر دابتك ، فقال : على قدر

____________________

( ١ ) أورده شرح ابن ميثم بلفظ ( العبادة ) بخلاف ما ذكره العلاّمة التستري في النسخة المنقحة التي اعتمد عليها في التحقيق و لربّما اعتمد العلاّمة على نسخة غير منقحة انظر شرح ابن ميثم ٣ : ٢٧٨ .

( ٢ ) ورد في النسخة الخطية لفظ « بعباده » ، كما ذكر المؤلف انظر نسخة مكتبة المرعشي : ١٣٦ .

( ٣ ) مروج الذهب ٣ : ٣٤٩ .

٢٣١

النعم تكون المحن ، و ان اللَّه تعالى قد أنعم عليّ بنعمتين عظيمتين : إقبال الملك عليّ من بين هذا السواد الأعظم ، و فائدة تدبير الحرب التي حدث بها عن أردشير ، فلما اجتمعت نعمتان جليلتان قابلتهما هذه المحنة ، و لو لا اساورة الملك لكنت بمعرض هلكة ، و على ذلك لو كنت غرقت لكان أبقى لي الملك ذكرا مخلّدا ، فسرّ شيرويه بذلك و قال له : ما ظننتك بهذا المقدار الذي أنت فيه ، فحشا فاه جوهرا و استبطنه حتى غلب على أكثر أمره(١) .

و نقل نظير هذه القصة عن رجل مع معاوية ، و عن شخص مع السفاح(٢) .

« أتخاف أن تكون في رجائك له كاذبا » و قد قالوا :

ترجو النجاة و لم تسلك مسالكها

إنّ السفينة لا تجري على اليبس(٣)

« أو تكون لا تراه للرجاء موضعا » و قد قال تعالى لموسىعليه‌السلام : ما دمت لا ترى زوال ملكي فلا ترج أحدا غيري(٤) .

« و كذلك إن هو خاف عبدا من عبيده أعطاه من خوفه ما لا يعطي ربّه » و قالعليه‌السلام لرجل : كيف أنتم ؟ فقال : نرجو و نخاف فقالعليه‌السلام : من رجا شيئا طلبه ، و من خاف شيئا هرب منه ، ما أدري ما خوف رجل عرضت له شهوة فلم يدعها لمّا خاف منه ، و ما أدري ما رجاء رجل نزل به بلاء فلم يصبر عليه لمّا يرجو(٥) .

____________________

( ١ ) ذكره البيهقي في المحاسن و المساوى‏ء ٢ : ١٢٤ و نسب الحكاية إلى ( أنوشروان ) بخلاف ما ذكره المؤلف .

( ٢ ) المصدر نفسه .

( ٣ ) إحياء علوم الدين للغزالي ٤ : ٢١٢ .

( ٤ ) الخصال للصدوق ١ : ١٠٣ و نقله عنه المجلسي في بحار الأنوار ١٣ : ٣٤٤ ، و نسب الكليني المقطع الأوّل منه إلى الصادقعليه‌السلام انظر الكافي ٢ : ٦٨ ح ٦ .

( ٥ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧٨ : ٥١ .

٢٣٢

« فجعل خوفه من العباد نقدا و خوفه من خالقهم ضمارا و وعدا » قال الجوهري : « الضمار » ما لا يرجى من الدين ، و « الوعد » ما لا تكون منه على ثقة قال :

حمدن مزاره فأصبن منه

عطاء لم يكن عدة ضمارا(١)

قالوا : إنّ أعرابيا قال لابن الزبير : أعطني اقاتل عنك أهل الشام قال :

قاتل ، فإن أغنيت أعطيناك ، قال : أراك تجعل روحي نقدا و دراهمك وعدا .

و في ( الطبري ) : ان عبد الملك لمّا بعث خالدا الأسيدي إلى البصرة أيام ابن الزبير و كان قيس بن الهيثم السلمي من الزبيرية يستأجر الرجال يقاتلون معه ، فتقاضى منه رجل أجرته فقال : غدا أعطيكها و كان قيس يعلم في عنق فرسه جلاجل فقال بعضهم :

لبئس ما حكمت يا جلاجل

النقد دين و الطعان عاجل

و أنت بالباب سمير آجل(٢)

« و كذلك من عظمت الدّنيا في عينه و كبر موقعها في قلبه » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٣) و الصواب : ( من قلبه ) كما في ( ابن أبي الحديد(٤) و ابن ميثم(٥) و الخطية )(٦) .

« آثرها » أي : اختارها .

« على اللَّه فانقطع إليها و صار عبدا لها » فأمّا من طغى و آثر الحياة الدُّنيا

____________________

( ١ ) الصحاح للجوهري ٢ : ٧٢٢ مادة ( ضمر ) و بيت الشعر إلى الداعي .

( ٢ ) تاريخ المملوك و الامم للطبري ٥ : ٣ .

( ٣ ) نسخة الطبعة المصرية بشرح محمّد عبده : ٣٤٣ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ٩ : ٢٢٦ .

( ٥ ) أورد ابن ميثم بلفظ « في قلبه » ٣ : ٢٧٩ .

( ٦ ) انظر النسخة الخطية : ١٢٦ .

٢٣٣

فإنّ الجحيم هي المأوى(١) .

٢ الحكمة ( ٤١٧ ) و قالعليه‌السلام

لقائل قال بحضرته « أستغفر اللَّه » :

ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَ تَدْرِي مَا اَلاِسْتِغْفَارُ اَلاِسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ اَلْعِلِّيِّينَ وَ هُوَ اِسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعَانٍ أَوَّلُهَا اَلنَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى وَ اَلثَّانِي اَلْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ اَلْعَوْدِ إِلَيْهِ أَبَداً وَ اَلثَّالِثُ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى اَلْمَخْلُوقِينَ حُقُوقَهُمْ حَتَّى تَلْقَى اَللَّهَ أَمْلَسَ لَيْسَ عَلَيْكَ تَبِعَةٌ وَ اَلرَّابِعُ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَةٍ عَلَيْكَ ضَيَّعْتَهَا فَتُؤَدِّيَ حَقَّهَا وَ اَلْخَامِسُ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اَللَّحْمِ اَلَّذِي نَبَتَ عَلَى اَلسُّحْتِ فَتُذِيبَهُ بِالْأَحْزَانِ حَتَّى تُلْصِقَ اَلْجِلْدَ بِالْعَظْمِ وَ يَنْشَأَ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِيدٌ اَلسَّادِسُ أَنْ تُذِيقَ اَلْجِسْمَ أَلَمَ اَلطَّاعَةِ كَمَا أَذَقْتَهُ حَلاَوَةَ اَلْمَعْصِيَةِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ أقول : رواه تحف عقول ابن أبي شعبة الحلبي هكذا : قال كميل بن زياد قلت لأمير المؤمنينعليه‌السلام : العبد يصيب الذنب فيستغفر اللَّه فما حد الاستغفار ؟

قال : التوبة قلت : بس قال : لا قلت : فكيف قال : إنّ العبد إذا أصاب ذنبا يقول « أستغفر اللَّه » بالتحريك قلت : و ما التحريك ؟ قال : الشفتان و اللسان ، يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة قلت : و ما الحقيقة ؟ قال : تصديق في القلب و إضمار أن لا يعود إلى الذنب الّذي استغفر منه قال كميل : فاذا فعلت ذلك فأنا من المستغفرين ؟ قال : لا قال : فكيف ذلك ؟ قال : لأنّك لم تبلغ الأصل بعد قال :

فأصل الاستغفار ما هو ؟ قال : الرجوع من الذنب الذي استغفرت منه ، و هي أول درجة العابدين ، و الاستغفار اسم واقع لمعان ست : أوّلها الندم على ما مضى ،

____________________

( ١ ) النازعات : ٣٧ ٣٩ .

٢٣٤

و الثاني العزم على ترك العود أبدا ، و الثالث أن تؤدي حقوق المخلوقين التي بينك و بينهم ، و الرابع أن تؤدي حق اللَّه في كلّ فرض ، و الخامس أن تذيب اللحم الذي نبت على السحت و الحرام حتى يرجع الجلد إلى عظمه ثم ينشأ في ما بينهما لحم جديدا ، و السادس ان تذيق البدن ألم الطاعات كما أذقته لذّات المعاصي(١) .

و عن ( مناقب ابن الجوزي ) : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : التوبة على أربعة دعائم : ندم بالقلب ، و استغفار باللسان ، و عمل بالجوارح ، و عزم على أن لا يعود(٢) .

و عنه و قالعليه‌السلام في وصف التائبين : غرسوا أشجار ذنوبهم نصب عيونهم في قلوبهم و سقوه بمياه الندم ، فأثمرت لهم السلامة و أعقبتهم الرضا و الكرامة(٣) .

« و قالعليه‌السلام لقائل قال بحضرته : أستغفر اللَّه » قلت : القائل كان رجل آخر غير كميل كما يشهد له تعبير خبره .

« ثكلتك امّك أ تدري ما الاستغفار » ؟ في ( تاريخ بغداد ) : قال أبو الحسن البصري : كنت في مجلس ابن عطا فبكى رجل فقال : ما هذا البكاء لا منفذ له ههنا ، أما سمعت قول الشاعر :

قال لي حين رمته

كل ذا قد علمته

لو بكى طول دهره

بدم ما رحمته(٤)

____________________

( ١ ) تحف العقول للبحراني : ١٣٤ ، و بلفظ آخر في البحار ٧٨ : ٦٨ ح ١٥ .

( ٢ ) سبط ابن الجوزي ، تذكرة الخواص : ١٤٦ ، و البحار ٧٨ : ٨١ .

( ٣ ) البحار ٧٨ : ٧٢ .

( ٤ ) لم نعثر عليه في تاريخ بغداد لا في فهرس القوافي و لا في فهرس الأعلام .

٢٣٥

« الاستغفار درجة العلّيّين » هكذا في ( الطبعة المصرية )(١) ، و الصواب : ( إنّ الاستغفار درجة العليين ) كما في ( ابن ميثم(٢) و الخطية(٣) و كذا ابن أبي الحديد )(٤) .

« و هو اسم واقع على ستة معان » أي : له شروط ستة : « أوّلها الندم على ما مضى » في ( تاريخ بغداد ) قال محمد بن علي الكتاني : لو لا ان ذكره علي فرض ما ذكرته إجلالا له ، مثلي يذكره و لم يغسل فمه بألف توبة متقبلة(٥) .

و قيل : من قدم الاستغفار على الندم كان مستهزئا باللَّه و هو لا يعلم ، قال :

أقرر بذنبك ثم اطلب تجاوزنا

عنه فإنّ جحود الذنب ذنبان

« و الثاني العزم على ترك العود إليه أبدا » في ( الحلية ) قال حذيفة : يحسب للرجل من الكذب أن يقول « استغفر اللَّه » ثم يعود(٦) .

و عن الربيع بن خثيم لا تقل : « أستغفر اللَّه و أتوب إليه » فيكون ذنبا و كذبا إن لم تفعل ، و لكن قل : « اللّهم اغفر لي و تب علي »(٧) .

« و الثالث أن يؤدّي إلى المخلوقين حقوقهم » روي أنّ شيخا من النخع قال للباقرعليه‌السلام : لم أزل واليا منذ زمن الحجّاج إلى يومي هذا فهل لي من توبة ؟

فسكت عنه ، ثم أعاد ، فقالعليه‌السلام : لا ، حتى تؤدّي إلى كلّ ذي حقّ حقّه(٨) .

« حتى تلقى اللَّه أملس » في ( الصحاح ) : الملاسة ضد الخشونة ، و في المثل :

____________________

( ١ ) انظر شرح محمّد عبده : ٧٥٤ رقم ( ٤٠٣ ) .

( ٢ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٤٤٤ .

( ٣ ) انظر النسخة الخطية : ١٣٦ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ٢ : ٥٦ .

( ٥ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٣ : ٧٥ .

( ٦ ) حلية الأولياء لأبي نعيم الاصفهاني ١ : ٣٨١ .

( ٧ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٣٩ بتصرف .

( ٨ ) الأصول من الكافي للكليني ٢ : ٣٣١ ح ٣ .

٢٣٦

هان على الأملس ما لاقي الدبر(١) .

« ليس عليك تبعة »( يوم لا ينفع مال و لا بنون إلاّ من أتى اللَّه بقلبٍ سليم ) (٢) ( الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم اُولئك لهم الأمن ) (٣) .

« و الرابع أن تعمد » أي : تقصد .

« إلى كلّ فريضة عليك ضيّعتها فتؤدّي حقّها » فكلّ صلاة لم يصلّها أو صلاّها باطلة يأتي بقضائها و في بعضها يأتي بقضائها و كفارتها .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام في رجل نام عن العتمة فلم يقم إلا بعد انتصاف الليل قال : يصلّيها و يصبح صائما(٤) .

و روى ( التهذيبان ) عن حريز عمّن أخبره عن الصادقعليه‌السلام : إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل فكسل أن يصلّي فليغتسل من غد و ليقض الصلاة ، و إن لم يستيقظ و لم يعلم بانكساف القمر فليس عليه إلاّ القضاء بغير غسل ، و حمل على انكسافه بتمامه .

و من أفطر يوما من شهر رمضان بغير عذر فعليه القضاء و الكفارة صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستّين مسكينا(٥) .

« و الخامس أن تعمد » بالكسر أي تقصد .

« إلى اللحم الذي نبت على السحت » بالضم و الفتح أي : الحرام .

« فتذيبه » كذوب الحديد في النار .

« حتى يلصق الجلد بالعظم و ينشأ بينهما لحم جديد » من غير السحت .

____________________

( ١ ) الصحاح للجوهري مادة ( ملس ) ٢ : ٩٨٠ .

( ٢ ) الشعراء : ٨٨ ٨٩ .

( ٣ ) الأنعام : ٨٢ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٣ : ٣٩٥ ح ١١ .

( ٥ ) التهذيب للطوسي ٣ : ١٥٧ ح ٣٣٧ و الاستبصار ١ : ٤٥٣ ح ٤ .

٢٣٧

في ( الحلية ) : قال حذيفة : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس لحم ينبت من سحت فيدخل الجنّة(١) .

و عن بعضهم : حلقت امرأة رأسها و كانت من أحسن الناس شعرا ، فسئلت عن ذلك فقالت : أردت أن أغلق باب البيت ، فلمحني رجل و رأسي مكشوف فما كنت لأدع على رأسي شعرا رآه من ليس بمحرم(٢) .

« و السادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية » في ( تاريخ بغداد ) : كان سعيد بن وهب البصري شاعرا خليعا ماجنا ، أكثر القول في الغزل و الخمر ، ثم تاب و نسك و حج راجلا فبلغ منه و جهد فقال لنفسه :

قدميّ اعتورا رمل الكثيب

و اطرقا الآجن من ماء القليب

ربّ يوم رحتما فيه على

زهرة الدنيا و في واد خصيب

و سماع حسن من حسن

صخب المزهر كالضبي الربيب

فاحسبا ذاك بهذا و اصبرا

و خذا من كلّ فنّ بنصيب

إنّما أمشي لأنّي مذنب

فلعل اللَّه يعفو عن ذنوبي(٣)

و في ( المعجم ) : نقض ابن عبد ربه صاحب ( العقد الفريد ) كلّ قطعة قالها في الصب و الغزل بقطعة في المواعظ و الزهد سمّاها الممحّصات(٤) .

هذا ، و قيل وقفت امرأة تنظر إلى رجل قبيح الصورة ، فقيل لها في ذلك فقالت : أذنبت عيني بنظرها إلى أمرد جميل الصورة ، فأحببت أن اعاقبها

____________________

( ١ ) خطب حذيفة في المدائن و ذكر حديث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله : « أنّه ليس لحم ينبت من سحت فيدخل الجنّة » و قد أخرجه أحمد في مسنده عن كعب بن عجر : أنّه لا يدخل الجنة لحم ينبت من سحت النار : أورده في مكانين ٣ :

٣٢١ ، و ٣ : ٣٩٩ من حلية الأولياء لأبي نعيم الإصفهاني .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ٢٣٤ بتصرّف .

( ٣ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٩ : ٧٤ .

( ٤ ) معجم الادباء لياقوت الحموي ٤ : ٢٢٣ .

٢٣٨

بالنظر إلى هذه الصورة القبيحة .

« فعند ذلك تقول : استغفر اللَّه » روى ( أمالي الصدوق ) في مجلسه ( ٥٣ ) عن أبي حمزة الثمالي عن السجادعليه‌السلام قال : كان في بني إسرائيل رجل ينبش القبور ، فاعتلّ جار له فخاف الموت ، فبعث إلى النبّاش فقال : كيف كان جواري لك ؟ قال : أحسن جوار قال : فإنّ لي إليك حاجة قال : قضيت حاجتك قال :

فأخرج إليه كفنين فقال : أحبّ أن تأخذ أحبهما إليك و إذا دفنت فلا تنبشني ، فامتنع النباش من ذلك و أبي أن يأخذه ، فقال له الرجل : أحبّ أن تأخذه ، فلم يزل به حتى أخذ أحبّهما إليه و مات الرجل ، فلما دفن قال النباش : هذا قد دفن فما علمه بأني تركت كفنه أو أخذته ، لآخذنّه فأتى قبره فنبشه فسمع صائحا يصيح به لا تفعل ، ففزع النبّاش من ذلك فتركه و ترك ما كان عليه و قال لولده :

أيّ أب كنت لكم ؟ قالوا : نعم الأب كنت لنا قال : فإنّ لي إليكم حاجة قالوا : قل ما شئت فإنّا سنصير إليه ان شاء اللَّه قال : أحبّ إذا أنا متّ أن تأخذوني فتحرقوني بالنار فإذا صرت رمادا فدقّوني ثم تعمدوا بي ريحا عاصفا فذروا نصفي في البر و نصفي في البحر قالوا : نفعل فلما مات فعل به ولده ما أوصاهم به ، فلما ذرّوه قال اللَّه جل جلاله للبر : إجمع ما فيك ، و قال للبحر : إجمع ما فيك ، فإذا الرجل قائم بين يدي اللَّه جل جلاله ، فقال اللَّه عز و جل له : ما حملك على ما أوصيت به ولدك أن يفعلوه بك ؟ قال : حملني على ذلك و عزّتك خوفك فقال اللَّه جل جلاله : فإنّي سارضي خصومك ، و قد أمنت خوفك و غفرت لك(١) .

هذا ، و روى ( أمالي ابن الشيخ ) في جزئه الثالث عشر عن أمير

____________________

( ١ ) أمالي الصدوق : ٣٢٧ .

٢٣٩

المؤمنينعليه‌السلام قال : تعطّروا بالاستغفار لا تفضحنّكم روائح الذنوب(١) .

٣ الحكمة ( ٤٥٢ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْغِنَى وَ اَلْفَقْرُ بَعْدَ اَلْعَرْضِ عَلَى اَللَّهِ أقول : عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قالت أمّ سليمان بن داود له : يا بنيّ إيّاك و كثرة النيام بالليل(٢) ، فإنّها تدع الرجل فقيرا يوم القيامة(٣) .

و في رجال الكشي عن الصادقعليه‌السلام : أرسل عثمان إلى أبي ذر موليين له و معهما مائتا دينار و قال لهما : قولا له : عثمان يقرؤك السّلام و يقول لك :

هذه مائتا دينار فاستعن بهما على ما نابك(٤) ، فقال لهما أبو ذر : هل أعطى أحدا من المسلمين مثل ما أعطاني ؟ قالا : لا قال : فإنّما أنا رجل من المسلمين فيسعني ما يسعهم قالا : إنّه يقول : هذا من صلب مالي ، و اللَّه الذي لا إله إلاّ هو ما خالطهما حرام فقال لهما : لا حاجة لي فيها ، و قد أصبحت يومي هذا و أنا من أغنى الناس فقالا له : ما نرى في بيتك قليلا و لا كثيرا فقال : بلى ، تحت هذا الآكاف الذي ترون رغيفا شعير قد أتى عليهما أيام ، فما أصنع بهذه الدنانير ، لا و اللَّه حتى يعلم أنّي لا أقدر على قليل و لا كثير و قد أصبحت غنيا بولاية علي بن أبي طالب و عترته الهادين المهديين ، الراضين المرضيين الذين يهدون بالحق و به يعدلون ، كذلك سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ، و إنّه لقبيح بالشيخ أن يكون

____________________

( ١ ) أمالي الشيخ الطوسي : ٢٧ ٢٨ أخرجه عن علي بن زرين .

( ٢ ) سقط منه « تعالى » كما في شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ١٥٢ .

( ٣ ) أخرجه ابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة ، كتاب ما جاء في قيام الليل ، رقم ( ١٣٣٢ ) قال في الزوائد : هذا أسناد فيه سنيد بن داود و شيخه يوسف بن محمّد ضعيفان و ذكره الهندي في كنز العمّال ٧ : ٧٨٢ ح ٢١٣٨٩ .

( ٤ ) نابك : أصابك .

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

عن عليِّ بن محمّد الحُضَيْنيّ (١) ، عن عليِّ بن عبدالله بن مَروان، عن إبراهيم بن عُقْبَة « قال: كتبت إلى أبي الحسن الثّالثعليه‌السلام أسأله عن زيارة قبر أبي عبدالله، عن زيارة قبر أبي الحسن وأبي جعفرعليهم‌السلام، فكتب إليَّ: أبو عبدالله المقدّم (٢) ، وهذا أجمع وأعظم أجراً ».

١٢ - حدَّثني علي بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عبدالرَّحمن بن أبي نَجرانَ « قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام (٣) عمّن زار النَّبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله قاصداً؟ قال: له الجنّة، ومن زار قبر أبي الحسنعليه‌السلام فله الجنَّة ».

الباب المائة

( زيارة أبي الحسن موسى بن جعفر وأبي جعفر محمّد بن عليّ الجواد عليهم السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيّ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد - عمّن ذكره - عن أبي الحسنعليه‌السلام « قال: تقول ببغداد:

«السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّة اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ في ظُلُماتِ الأَرضِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ بَدا لله في شَأْنِهِ (٤) ،أتَيتُكَ عارِفاً بِحَقِّكَ، مُعادِياً لأَعْدائِكَ، فَأشْفَعْ لي عِنْدَ رَبِّكَ يا مَولايَ »، قال: وَادْعُ اللهَ واسأل حاجتك، قال:

__________________

١ - الحُضَين - بالحاء المهملة المضمومة والضّاد المعجمة المفتوحة - بنوه بطن من بني رقّاش من بكر بن وائل من العدنانيّة، أبوها أبو ساسان حضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة - إلى آخر النّسب. ( الأمينيّ - ره - )

٢ - قوله عليه السلام: « المقدّم » أي الحسين عليه السلام أقدم وأفضل، أو المعنى أنَّ زيارته فقط أفضل من زيارة كلٍّ من المعصومين عليهم السلام، ومجموع زيارتهما أجمع وأفضل، أو المعنى أنّ زيارة الحسين عليه السلام أولى بالتّقديم. ثمّ إن أضفت إلى زيارته عليه السلام زيارتهما عليهما السلام كان أجمع وأعظم أجراً. ( مرآة العقول ) والخبر مذكور في الكافي، راجع ج ٤ ص ٥٨٣ ح ٣.

٣ - يعني الثّاني عليه السلام .

٤ - في بعض نسخ التّهذيب: « يا مريد الله » من الإرادة، وفي بعضها: « بدأ الله » بالهمزة، أي: أراد الله إمامته. ( ملاذ الأخيار ) وفي قوله: « يا من بدا لله في شأنه » كلام، راجع مرآة العقول ج ١٨ ص ٣٠٤.

٣٢١

وسلّم بهذا على أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام (١) .

وقال: إذا أردت زيارة موسى بن جعفر؛ ومحمّد بن عليٍّعليهم‌السلام فاغتسل وتنظّف والبس ثوبيك الطّاهرَين، وزُرْ قبر أبي الحسن موسى بن جعفر ومحمّد بن عليٍّ بن موسى الرّضاعليهم‌السلام، وقل حين تصير عند قبر موسى بن جعفرعليهما‌السلام :

«السَّلام عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ في ظُلماتِ الأَرضِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ بدا لله في شَأنِهِ، أتَيْتُكَ زائِراً، عارفاً بحقِّكَ، مُعادياً لاُعْدائِكَ، مُوالياً لأولِيائِكَ، فَاشْفَعْ لي عِنْدَ رَبِّكَ يا مَولايَ ».

ثمَّ سل حاجتك(٢) ، ثمَّ سلّم على أبي جعفر محمّد بن عليِّ الجوادعليهما‌السلام بهذه الأحرف، وابدء بالغسل وقل:

«اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَليِّ الإمام الْبَرِّ التَّقيِّ الرَّضيِّ، وَحُجَّتِكَ عَلى مَنْ فَوقَ الأرَضِينَ وَمَنْ تَحْتَ الثَّرى، صَلاةً كَثِيرةً تامّةً زاكِيَةً مُبارَكَةً مُتَواصِلَةً مُتَواتِرَةً مُترادِفَةً، كَأَفْضَلِ ما صَلَّيْتَ عَلى أحَدٍ مِنْ أولِيائِكَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا إمامَ المُؤمِنينَ (٣) ،السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَليفَةَ النَّبيِّينَ وَسُلالَةَ الْوَصيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ الله في ظُلُماتِ الأَرض، أتَيْتُكَ زائِراً عارِفاً بِحَقِّكَ، مُعادِياً لأَعدْائِكَ، مُوالِياً لأولِيائِكَ، فَأشْفَعْ لي عِنْدَ رَبِّكَ يا مولايَ ».

ثمّ سل حاجتك(٢) فإنّها تقضى إن شاء الله تعالى،

قال: وتقول عند قبر أبي الحسنعليه‌السلام ببغداد، ويجزىء في المَواطِنَ كلّها(٤)

__________________

١ - إلى هنا مرويّ في الكافي ( ج ٤ ص ٥٧٨ )، وما بعده مكرّرٌ، ولعلّ التّكرار في كلام ابن قولُويه من جهة اختلاف الأسانيد. كما أشار إليه في البحار.

٢ - أي: سل من الله حاجتك، فإنّه عليه السلام يشفع لك عنده تعالى.

٣ - في بعض النّسخ: « يا وارث النّبيّين ».

٤ - هذه الزّيارة مرويّ في الكافي ( ج ٤ ص ٥٧٩ ) مسنداً إلى قوله: « للمؤمنين والمؤمنات »، وفي التّهذيب ج ٦ ص ١١٥.

٣٢٢

أن تقول: «السَّلامُ عَلى أوْلياءِ اللهِ وَأصفِيائِهِ، السَّلامُ عَلى اُمناءِ اللهِ وَأحِبّائِهِ، السَّلامُ عَلى أنْصارِ اللهِ وَخُلَفائِهِ، السَّلامُ عَلى محالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ، السَّلامُ عَلى مَساكِنِ ذِكْرِ الله، السَّلامُ عَلى مَظاهِرِ أمْرِ اللهِ وَنَهْيِهِ، السَّلامُ عَلى الدُّعاةِ إلىَ اللهِ، السَّلامُ عَلى المُسْتَقرِّينَ في مَرْضاتِ اللهِ، السَّلامُ عَلَى المخْلَصِينَ في طاعَةِ اللهِ (١) ، السَّلامُ عَلى الأدِلاءِ عَلى اللهِ، السَّلامُ عَلى الَّذِينَ مَنْ والاهُمْ فَقَدْ وَالىَ اللهَ، وَمَنْ عاداهُمْ فَقَدْ عادَى اللهَ، وَمَن عَرَفَهُمْ فَقَدْ عَرَفَ اللهَ، وَمَنْ جَهِلَهُمْ فَقَدْ جَهِلَ اللهَ، وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللهِ، وَمَنْ تَخَلّى مِنْهُم فَقَدْ تَخَلّى مِنَ اللهِ، اُشْهِدُ اللهَ أنّي مُسلِم لُكُمْ، سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ، مُؤمِنٌ بِسِرّكُمْ وَعَلانِيَتِكُمْ، مُفَوِّضٌ في ذلِكَ كُلِّهِ إلَيْكُمْ، لَعَنَ اللهُ عَدُوَّ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الجنِّ والإنْسِ، وَأبْرَءُ إلىَ اللهِ مِنْهُمْ، وَصَلّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ »

وهذا يجزىء في المشاهد كلِّها، وتكثر من الصَّلاة على محمَّدٍ وآله، وتسمّي واحداً واحداً بأسمائهم، وتبرء من أعدائهم، وتخيّر لنفسك مِن الدُّعاء وللمؤمنين وللمؤمنات.

الباب الحادي والمائة

( ثواب زيارة أبي الحسن عليِّ بن موسى الرِّضا عليه السلام بطوس)

١ - حدَّثني جماعة مشايخي، عن سعد، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن داودَ الصِّرْميِّ(٢) ، عن أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: مَن زارَ قبر أبي فله الجنَّة ».

٢ - حدّثني الحسن بن عبدالله، عن أبيه عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن داود الصِّرْميِّ، عن أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: مَن زارَ قبر أبي فَلَهُ

__________________

١ - في الكافي والتّهذيب: « على الممحّصين »، وقال الجوهريّ: « مَحَصْتُ الذّهبَ بالنّار، إذا خلّصته ممّا يشُوبه، والتّمحيص: الابتلاء والاختبار ». وفي العيون كما في المتن.

٢ - الظّاهر كونه داود بن مافنّة الصّرميّ - بكسر الصّاد المهملة -، كوفيّ، روى عن الرّضا عليه السلام، يكنّى أبا سليمان.

٣٢٣

الجنَّة ».

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله قال: حدَّثني عليُّ بن إبراهيم الجعفريُّ، عن حَمدان الدِّيوانيِّ(١) « قال: دخلت على أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام فقلت: ما لِمن زارَ أباك بطوس؟ فقالعليه‌السلام : مَن زارَ قبر أبي بطوس غفر الله له ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر(٢) ، قال حَمدان: فلقيتُ بعد ذلك أيّوب بنَ نوح بن دُرَّاج فقلت له: يا أبا الحسين إنّي سمعت مولاي أبا جعفرعليه‌السلام يقول: مَن زار قبر أبي بطوس غَفَرَ الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، فقال أيّوب: وأزيدك فيه؟ قلت: نَعَم، قال: سمعته يقول: ذلك - يعني أبا جعفر - وأنّه إذا كان يوم القيامة نصب له مِنبرٌ بحذاء مِنبرِ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى يفرغ النّاس من الحساب »(٣) .

٤ - قال أبيرحمه‌الله : قال سعد: حدَّثني عليُّ بن الحسين النّيسابوريّ الدَّقّاق قال: حدَّثني أبو صالِح شعيب بن عيسى قال: حدَّثني صالِح بن محمّد الهَمْدانيُّ قال: حدَّثني إبراهيمٌ بنُ إسحاقَ النَّهاونديُّ « قال: قال أبو الحسن الرِّضاعليه‌السلام : مَن زارَني على بُعدِ داري وشَطونِ(٤) مَزاري، أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطِن حتّى اُخلّصِه من أهوالها: إذا تطايرت الكُتُبُ يميناً وشِمالاً، وعند الصّراط، وعند الميزان ». قال سعد: وسمعته بعد ذلك من صالِح بن محمّد الهَمْدانيّ.

٥ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد، عن إبراهيم بن رَيّان قال: حدّثني يحيى بن الحسن الحُسَينيّ قال: حدَّثني عليُّ بن عبدالله بن قُطْرب، عن أبي الحسن

__________________

١ - حمدان الدّيوانيّ، قال في اللّباب: « هذه النّسبة إلى ديوان، سكّة بمرو »، رواه الصّدوق ( ره ) في الفقيه ( تحت رقم ٣١٨٩ ) عن حمدان هذا خبراً في فضل زيارة الرّضا ٧ عنه. وما في النّسخ: « الدّسواني » تصحيف.

٢ - « تقدّم وتأخّر » كلاهما فعل ماضٍ، يعني ما تقدّم منك قديماً وحديثاً. وقد مرَّ الكلام فيه في ص ١٤٩.

٣ - في بعض النّسخ: « حتّى يفرغ الله من حساب الخلائق ».

٤ - شطون على زنة فعول: البُعد.

٣٢٤

موسىعليه‌السلام « قال: مرَّ به ابنه وهو شابٌّ حَدَثٌ، وبَنوه مجتمعون عنده، فقال: إنّ ابني هذا يموت في ارض غُربة، فمن زارَه مسلّماً لأمره عارفاً بحقِّه، كان عند الله عزَّوجَلَّ كشهداء بدر ».

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن يعقوبَ، عن عليِّ بن إبراهيم، عن حَمدانَ بن إسحاقَ « قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام ؛ أو حكى لي عن رَجلٍ عن أبي جعفر - الشّكُّ مِن عليِّ بن إبراهيم - « قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : مَن زارَ قبر أبي بطوس غَفر الله له ما تقدَّم مِن ذَنبه وما تأخَّر، فحَجَجت بعد الزّيارة، فلقيت أيّوب بن نوح، فقال لي: قال أبو جعفر [الثّاني]عليه‌السلام : مَن زار قبر أبي بطوس غفر الله ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر، وبنى له منبراً بحَذاء منبر رسول الله وعَلي صلوات الله عليهما حتّى يفرغ الله مِن حساب الخلائق. فرأيت أيّوب بن نوح بعد ذلك وقد زار، فقال: جئت أطلب المنبر! ».

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن؛ وعليُّ بن الحسين جميعاً، عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغِيرَة، عن الحسين بن سَيف بن عَميرَة، عن محمّد بن أسلم الجبليِّ، عن محمّد بن سليمان « قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن رَجل حجّ حجّة الإسلام فدخل متمتّعاً بالعُمرَة إلى الحجّ، فأعانه الله على حجّه وعلى عُمرته، ثمَّ أتى المدينة فسلّم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمَّ أتاك عارفاً بحقّك يعلم أنّك حجّة الله على خلقه، وبابه الّذي يؤتى منه فسلّم عَلَيكَ(١) ، ثمَّ أتى أبا عبدالله الحسينعليه‌السلام فسلّم عليه، ثمَّ أتى بغداد فسلّم على أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، ثمَّ انصرف إلى بلاده، فلمّا كان وقت الحجّ رَزَقه الله ما يحجّ به فأيّهما أفضل؟ هذا الَّذي قد حجَّ حَجّة الإسلام يرجع ويحجّ أيضاً أو يخرج إلى خراسان إلى أبيك عليِّ بن موسىعليهما‌السلام فليسلّم

__________________

١ - في العيون: « ثمّ أتى أباك أمير المؤمنين عليه السلام عارفاً بحقّه يعلم أنّه حجّة الله على خلقه وبابه الّذي يؤتى منه فسلّم عليه، ثمَّ أتى أبا عبدالله عليه السلام - إلخ ». ( عيون أخبار الرضا عليه السلام، طبع مكتبة الصّدوق ج ٢ ص ٦٣٧ ) وفي الكافي مثل ما في المتن.

٣٢٥

عليه؟ قال: بل يأتي خراسان فليسلّم على أبي الحسن أفضل، وليكن ذلك في رَجب، ولكن لا ينبغي أن يفعلوا هذا اليوم، فإنَّ علينا وعليكم خَوفاً من السّلطان وشُنْعةً (١) ».

٨ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن العبّاس بن معروف، عن عليِّ بن مَهزيار « قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : ما لِمَن زار قبر الرِّضاعليه‌السلام ؟ قال: [فله] الجنَّة والله ».

٩ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نَصر البِزَنطيّ « قال: قرأت في كتاب أبي الحسن الرِّضاعليه‌السلام : أبلغ شيعتي أنَّ زيارتي تَعدل عند الله ألفَ حجّة، قال: فقلت لأبي جعفرعليه‌السلام : ألف حجّةٍ؟! قال: إي والله؛ وألف ألف حجّةٍ لمن زاره عارفاً بحقِّه »(٢) .

١٠ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين؛ وعليُّ بن محمّد بن قولُوَيه، عن عليِّ بن إبراهيمَ بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عُمَير، عن زيد النَّرْسيِّ(٣) ، عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام « قال: مَن زار ابني هذا - وأومأ إلى أبي الحسن الرِّضا - فله الجنَّة ».

١١ - حدَّثني محمّد بن يعقوبَ؛ وعليُّ بن الحسين؛ وغيرهما، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عليِّ بن مَهزيار « قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : جُعِلتُ فِداك زِيارة الرِّضا أفضل أم زيارة أبي عبدالله حسين بن عليٍّعليهما‌السلام ؟ قال:

__________________

١ - الشُّنْعة - بضمّ الشّين ثمّ السّكون -: الكراهة والفظاعة.

٢ - لأنّ زيارتهم عليهم السلام موجبة لبقاء الحجّ.

٣ - بفتح النّون وإسكان الرّاء المهملة: قرية من قرى الكوفة، تنسب إليها الثِّياب النَّرْسيَّة، ونهرٌ من أنهار الكوفة عليه عدّة قرى، حفره نَرْس بن بهرام، مأخذه من الفرات نسب إليها جمعٌ من المحدّثين بالكوفة، وزيدٌ منهم، وهو أحد أصحاب الاُصول وكتابه يوجد عندنا، رواه عنه محمّد بن أبي عمير. ( الأمينيّ - ره - )

٣٢٦

زيارَة أبي أفضل، وذلك أنَّ أبا عبداللهعليه‌السلام يزوره كلُّ النّاس، وأبي لا يزوره إلاّّ الخواصّ من الشّيعة (١) ».

وعنهمرحمهم‌الله عن عليّ بن إبراهيم، عن حَمدان بن إسحاقَ « قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام ؛ أو حكى لي رجل عن أبي جعفرعليه‌السلام - الشّكّ مِن عليٍّ - يقول: وذكر مثل حديث أيّوب بن نوح، حديث المنبر.

١٢ - حدَّثني محمّد بن يعقوبَ، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن عليّ بن الحسين النّيسابوريّ، عن إبراهيم بن محمّد، عن عبدالرَّحمن بن سعيد المكّيّ، عن يحيى بن سليمان المازنيِّ(٢) ، عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام « قال: مَن زار قبر وَلَدي كان له عند الله سبعون حَجّة مبرورة، قال: قلت: سبعين حجّة؟! قال: نَعَم؛ وسبعمائة حَجَّةٍ، قلت: سبعمائة حَجّةٍ؟ قال: نَعَم؛ وسبعين ألف حَجّة، قلت: وسبعين ألف حَجّة، قال: نَعَم؛ ورُبَّ حجَّةٍ لا تُقبل، مَن زارَه وبات عنده ليلة كان كمن زارَ اللهَ في عَرشه، قلت: كمن زارَ الله في عرشه؟! قال: نَعَم إذا كان يوم القيامة كان على عرش الله أربعة من الأوّلين وأربعة من الآخرين، أمّا الأربعة الّذين هم مِن الأوّلين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسىعليهم‌السلام، وأمّا الأربعة الّذين هم من الآخرين فمحمّدٌ وعليُّ والحسنُ والحسينُ

__________________

١ - قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: « لعلّ هذا كان مختصّاً بذلك الزّمان، فإنّ الشّيعة كانوا لا يرغبون في زيارته عليه السلام إلاّ الخواص منهم الّذين يعرفون فضل زيارته. فعلى هذا التّعليل في كلِّ زمان يكون إمامٌ من الأئمّة أقلّ زائراً يكون ثواب زيارته أكثر. أو المعنى أنّ المخالفين أيضاً يزورون الحسين عليه السلام، ولا يزور الرّضا عليه السلام إلاّ الخواصّ وهم الشّيعة، فتكون « من » بيانيّة. أو المعنى أنّ مِن فرق الشّيعة لا يزوره إلاّ من كان قائلاً بإمامة جميع الأئمّة، فإنَّ من قال بالرّضا عليه السلام لا يتوقّف في مَن بعده، والمذاهب النّادرة الّتي حدثت بعده زالت بأسرع زمان ولم يبق لها أثر. فالوجه في التّعليل إمّا قلّة الزّائرين أيضاً، أو أنّ حضور المخالفين يصير سبباً لقلّة فضل الزّيارة، كما يؤمي إلى التّعليل المتقدّم في نظره تعالى إلى زوّار الحسين عليه السلامقبل نظره إلى أهل الموقف ». وقال العلاّمة الأمينيّرحمه‌الله مثله.

٢ - حيّ من تميم أبوها مازن بن مالك بن عمرو بن تميم ( الأميني - ره - )

٣٢٧

صلوات الله عليهم أجمعين، ثمَّ يمدُّ المِضمار (١) فيقعد معنا مَن زار قبور الأئمّة؛ ألا إنَّ أعلاهم دَرَجة وأقربهم حَبْوة (٢) مَن زار قبرَ وَلَدي عليٍّ -عليه‌السلام ».

حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله قال: حدَّثني عليُّ بن الحسين النّيسابوريّ [قال: حدَّثني إبراهيم بن رئاب] بهذا الإسناد مثله.

الباب الثّاني والمائة

( زيارة قبر أبي الحسن الرِّضا عليه السلام)

١ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمةَ بنِ الخطّاب، عن عبدالله ابن أحمد(٣) ، عن بكر بن صالِح، عن عَمرو بن هِشام - عن رجل من أصحابنا - « قال: إذا أتيت الرّضا عليُّ بن موسىعليهما‌السلام فقل:

«اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَليِّ بْنِ مُوسى الرِّضا المرْتَضى، الإمام التَّقيّ النَّقيّ، وَحُجَّتِكَ عَلى مَنْ فَوقَ الأرضِ وَمَنْ تَحْتَ الثَّرى، الصِّدِّيقِ الشَّهيدٍ، صَلاةً كَثيرة نامِية زاكيّة مُتواصِلَةً مُتِواتِرَةً مُترادِفَةً، كَأفْضَلِ ما صَلَّيْتَ عَلى أحَدٍ مِنْ أولِيائِكَ ».

وروي(٤) عن بعضهم قال: إذا أتيت قبر عليِّ بن موسى الرِّضا بطوس

__________________

١ - المضمار مَيدان السِّباق، والّذي يضمر فيه الخيل، ولعلّه كناية عن المجلس عبّر به عنه لسعته، وفي بعض النّسخ: « المِطمار »، والمطمار والمطمر خيط للبنّاء يقدّر به. وقد ورد في كثير من الأخبار في مثل هذا المقام هذه اللّفظة، وهذا أظهر. ولعلّ مدّه ليدخل فيه مَن كان مِن أوليائهم ويخرج عنه مخالفوهم، وفي بعض نسخ الكافي: « الطّعام ». ( ملاذ الأخيار )

٢ - الحبوة: العطيّة، والحبوة أيضاً الاحتباء بالثّوب بأن يجمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها، وهنا يحتمل المعنيَين. ( البحار )

٣ - هو عبدالله بن أحمد الرّازي بقرينة بكر بن صالِح.

٤ - هذه الزّيارة نقلها شيخنا الصّدوق في الفقيه وحكاها جمع عن جامع شيخنا محمّد بن الحسن بن الوليد، وذكر مختصره في المزار الكبير ويظهر من الكتاب أنّها رويتْ عن الأئمَّة صلوات الله عليهم. ( الأمينيّ - ره - )

٣٢٨

فاغتسل عند خروجك من منزلك وقل حين تغتسل:

«اللّهُمَّ طَهِّرني قَلْبي، وَاشْرَحْ لي صَدْري، وَأجِرْ عَلى لِساني مِدْحَتَكَ وَالثَّناءَ عَلَيْكَ، فَإنَّهُ لا قُوَّةَ إلاّ بِكَ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ لي طَهُوراً وَشِفاءً [وَنُوراً] ».

وتقول حين تخرج:

«بِسْمِ اللهِ وبالله وَالَى اللهِ، وَإلىَ ابْنِ رَسُولِهِ، حَسْبي اللهُ، تَوَكَّلْتُ عَلى اللهِ، اللّهُمَّ إلَيْكَ تَوَجَّهْتُ، وَإلَيْكَ قَصَدْتُ، وَما عِنْدَكَ أرَدْتُ ».

فإذا خرجتَ فقفْ على باب دارك وقل:

«اللّهُمَّ إلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهي، وَعَليْكَ خَلَّفْتُ أهْلي وَمالي وَما خَوَّلْتَني، وَبِكَ وَثِقْتُ فَلا تَخيِّبْني يا مَنْ لا يَخيبُ مَنْ أرادَهُ، وَلا يَضيعُ مَنْ حَفِظَهُ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاحْفَظني بِحفْظِكَ، فَإنَّهُ لا يَضيعُ مَنْ حَفِظْتَ ».

فإذا وافيت سالماً إن شاءَ الله فاغتسل وقل حين تغتسل:

«اللّهُمَّ طَهِّرْني، وَطَهِّرْ قَلْبي، وَاشْرَحْ لي صَدْري، وَأجِرْ عَلى لِساني مِدْحَتَكَ وَمَحَبَّتَكَ، وَالثَّناءَ عَلَيْكَ، فَإنَّهُ لا قُوَّةَ إلاّ بِكَ، وَقَدْ عَلِمْتُ أنَّ قُوَّة دِيني (١) التّسْليمُ لأمْرِكَ وَالاِتِّباع لِسُنَّةِ نَبيِّكَ، وَالشَّهادَةُ عَلى جَميعِ خَلْقِكَ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ لي شِفاءً وَنُوراً، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ».

ثمّ البس ثيابك، وامش حافياً، وعَلَيْكَ السَّكينةُ والوَقار، بالتّكبير والتّهليل والتّسبيح والتّحميد والتّمجيد(٢) ، وقصِّر خُطاك وقل حين تدخل:

«بِسْمِ اللهِ وَبِالله وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأنَّ عَليّاً وَليُّ الله ».

ثمَّ اشِرْ إلى قبره، واستقبل وجهه بوجهك، واجعل القبلة بين كتفيك وقل:

__________________

١ - في بعض نسخ العيون: « أنّ قوام ديني »، والقِوام - بالكسر -: نظام الأمر وعماده وملاكُه الَّذي يقوم به. وهو أظهر بالمقام.

٢ - التَّمجيد ذكَره تعالى بالمجد - وهو العظمة - والثَّناء عليه، وأخصّ الأذكار به: « لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلاّ بِالله ». ( العلاّمة المجلسيّ رحمه الله )

٣٢٩

«أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأنَّهُ سَيِّدُ الأولين والآخرين، وأنه الأنبياءِ وَالمرْسَلينَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبيِّكَ وَسَيِّدٍ خَلْقِكَ أجْمَعين، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحْصائِها غَيرُكَ، اللُّهُمَّ صَلِّ عَلى أمِير المؤمِنين عَليِّ بْنِ أبي طالِبٍ عَبْدِكَ وَأخي رَسُولِكَ الَّذي انْتَجَبْتَهُ لَعِلْمِكَ، وَجَعَلْتَهُ هادِياً لمنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَالدَّليلَ عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ، وَدَيّانِ يَومِ الدِّين بِعَدْلِكَ وَفَضائِكَ بَين خَلْقِكَ، وَالمهَيْمنِ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى فاطَمَةَ بِنْتِ نَبيِّكَ؛ وَزَوجَةِ وَليِّكَ، وَاُمِّ السِّبْطَين الحَسَنِ والحُسَينِ سَيِّديْ شَبابِ أهْل الجنَّةِ، الطُّهْرَةِ الطّاهِرَةِ المُطهَّرَةِ، النَّقيَّةِ (١) الرَّضيَّةِ الزَّكيَّةِ، سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمينَ وَسَيِّدَة نِساء أهْل الجنَّةِ مِنَ الخلْقِ أجْمَعِينَ، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحصائِها غَيرُكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الحَسَنِ وَالحُسَين سِبْطي نَبيِّكَ وَسَيِّدَي شَبابِ أهْل الجنَّةِ، القائِمَين في خَلْقِكَ، وَالَّدالَّين عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ، وَدَيّاني الدِّين بِعَدْلِكَ وَفَصْلَي (٢) قَضائِكَ بَينَ خَلْقِكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَليِّ بِنِ الحسَين [سيّد العابِدينَ] عَبْدِكَ، القائِمِ في خَلْقِكَ، وَخَليفَتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَالدَّليلِ عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ، وَدَيّان الدِّينِ بَعَدْلِكَ، وَفَصْلِ قَضائِك بَينَ خَلْقِكَ، اللّهُمَّ صَلًّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَليٍّ عَبْدِكَ وَوَليِّ دينِكَ، وَخَليفَتِكَ في أرْضِكَ، باقِرِ عِلْمِ النَّبيِّين، القائِمِ بَعَدْلِكَ وَالدَّاعي إلى دينكَ وَدين آبائِهِ الصّادِقينَ، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحصائها غَيرُكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصّادِقِ، عَبْدِكَ وَوَليْ دِينِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ أجمعِينَ الصّادِقِ البارِّ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُوسى بْنِ جَعْفَر الكاظِم الْعَبْدِ الصّالحِِ، وَلِسانِكَ في خَلْقِكَ، النّاطِقِ بِعِلْمِكَ، وَالحُجَّةِ عَلى بَريَّتِكَ، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحصائها غَيرُكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَليّ بن مُوسى الرِّضا الرَّضيّ المُرْتَضى، عَبْدِكَ وَوَليّ دِينكَ، الِقائِمِ بِعَدْلِكَ، والدَّاعي إلى دينِكَ، وَدينِ آبائِهِ الصّادقِين، صَلاةً لا يَقْدر عَلى إحْصائِها غَيرُكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَليٍّ وَعَليِّ بْنِ مُحَمَّدٍ،

__________________

١ - في بعص النّسخ: « التّقية ».

٢ - في جلّ النّسخ: « وفصل قضائك »، وفي العيون والفقيه مثل ما في المتن.

٣٣٠

القائمَينِ بِأمْرِكَ وَالمؤَدِّيينِ عَنْكَ وَشاهِدَيكَ عَلى خَلْقِكَ وَدَعائِم دِينكَ وَالقِوام عَلى ذلِكَ، صَلاةً لا يَقوى عَلى إحصائِها غَيرُكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى الحسَن بْنِ عَليٍّ، الْعامِلِ بِأمْرِكَ، والْقائِمِ في خَلْقِكَ، وَحُجَّتِكَ المُؤدِّي عَنْ نَبيِّكَ وَشاهِدِكَ عَلى خَلْقِكَ، المخْصُوصِ بِكَرامَتِكَ، الدّاعي إلى طاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أجْمَعينَ، صَلاةً لا يَقْوى عَلى إحصائِها غَيرُكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى حُجَّتِكَ، وَوَليِّكَ الْقائمِ في خَلْقِكَ، صَلاةً نامِيةً باقِيةً، تُعَجِّلُ بِها فَرَجَهُ وَتَنْصُرُهُ [بها]، وَتَجْعَلُنا مَعَهُ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، اللّهُمَّ إنّي أتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِزيارَتِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ، وَاُوالي وَليَّهُمْ، وَاُعادِي عَدُوَّهُمْ، فَأرْزُقني بِهِمْ خَيرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، وَاصْرِف عَنّي هَمَّ نَفْسي في الدُّنيا والآخِرَة (١) ، وَأهْوالَ يَومِ الْقيامَةِ ».

ثم تجلس عندَ راسه وتقول:

«السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ في ظَلُماتِ الأرْضِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَمُودَ الدِّينِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ، السَّلامُ عَلْيْكَ يا وارثَ نُوحِ نَبيِّ الله، السَّلام عَلَيْكَ ياوارثَ إبراهيمَ خَليلِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارثَ مُوسى كَليمِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عيسى رُوحِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدٍ حَبيبِ الله، السَّلام عَلَيْكَ يا وارِثَ أمير المؤمنينَ عَليِّ بْنِ أبي طالب وَليِّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارثَ الحَسَنِ وَالحُسَينِ سَيِّدَي شَبابِ أهْلِ الجنَّةِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عَليِّ بْن الحُسَين سَيِّدِ الْعابِدين (٢) ،السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ مُحَمَّدِ بِنِ عَليٍّ باقِرِ عِلْمِ الأوَّلينَ وَالآخِرِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارثَ جَعْفَر بْنِ مُحَمَّدٍ الصّادِقِ البارِّ التَّقيِّ النَّقيّ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارثَ مُوسى بْنِ جَعفَر الْكاظِم، السَّلام عَلَيْكَ أيُّها الصِّدِّيقُ الشَّهِيدُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها الوَصيُّ البارُّ التَّقيّ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتيْتَ الزَّكاةَ، وَأمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ، وَعَبَدْتَ الله مُخلِصاً حَتّى أتاكَ الْيَقينُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبَا الحَسَنِ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، إنَّهُ حَميدٌ مَجيدٌ ».

__________________

١ - في العيون: « واصرف عنّي بهم شرّ الدُّنيا والآخرة ».

٢ - في بعض النّسخ: « زين العابدين ».

٣٣١

ثمَّ تَنكبّ على القبر وتقول:

«اللّهُمَّ إلَيْكَ صَمَدْتُ (*) مِنْ أرْضي، وَقَطَعْتُ الْبِلادَ رَجاءَ رَحمتِكَ، فلا تخيِّبْني وَلا تَرُدَّني بِغَيرِ قَضاءِ حَوائِجي، وَارْحَمْ تَقَلُّبي عَلى قَبرِ ابْنِ أخِي نَبيِّكَ وَرَسُولِكَ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بِأبي أنْتَ وَاُمّي أتَيْتُكَ زائراً وافِداً عائِذاً مما جَنَيْتُ بِهِ عَلى نَفْسي، وَاحْتَطَبْتُ عَلى ظَهْري، فَكُنْ لي شَفيعاً إلى رَبِّكَ يَومَ فَقْري وَفاقَتي، فَإنَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ مَقاماً مَحمُوداً، وَأنْتَ عِنْدَ اللهِ وَجيهٌ في الدُّنْيا والآخِرَةِ »؛

ثمَّ ترفع يدك اليمنى وتبسط اليُسرى على القبر وتقول:

«اللّهُمَّ إنّي أتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِحُبِّهِمْ وَبِمُوالاتِهِمْ، وأتَوَلّى آخِرَهُمْ بما تَوَلَّيْتُ بِهِ أوَّلَهُمْ، وَأبْرَءُ مِنْ كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَهُم (١) ،اللّهُمَّ الْعَنِ الَّذِين بَدَّلُوا نِعْمَتَكَ، وَاتَّهَمُوا نَبِيِّكَ، وَجَحَدوا آياتك، وَسَخرُوا بإمامِكَ، وَحَملُوا النّاسَ عَلى أكْتافِ آلِ مُحَمَّدٍ، اللّهُمَّ إنّي أتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِاللَّعْنَةِ عَلَيهِمْ وَالبَراءةِ مِنْهُمْ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، يا رَحْمنُ يا رَحيمُ »؛

ثمَّ تحوِّل عند رجليه وتقول:

«صَلّى الله عَلَيْكَ يا أبا الحَسَنِ، صَلى الله عَلَيْكَ وَعلى رُوحِكَ وَبَدنِكَ، صَبرتَ وَأنْتَ الصّادِقُ المُصَدَّقُ، قَتَلَ اللهُ مَنْ قَتَلَكَ بِالأيْديِ وَالألْسُنِ »،

ثمَّ أبتهل(٢) باللَّعْنَةِ على قاتل أمير المؤمنين، وباللّعنة على قتلة الحسين وعلى جميع قتلة أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمَّ تحوَّل نحو رأسه من خَلْفه وصلِّ رَكعتين، تقرء في إحديهما « يس »، وفي الاُخرى « الرَّحمن »، وتجتهد في الدُّعاء لنفسك والتَّضرُّع، وأكثر من الدُّعاء لوالديك ولإخوانك المؤمنين، وأقم عنده ما شئت، وليكن صلاتك عند القبر إن شاء الله ».

* * * * *

__________________

١ - الوليجة: مَن تتّخذه معتمداً مِن غير أهلك، أي أبرء من كلّ مَن لم يحذو حذوهم، ولم يقل بإمامتهم.

٢ - قال في النّهاية: وفي حديث الدّعاء: « والابتهال أن تمدّ يديك جميعاً »، وأصله التّضرّع والمبالغة في السّؤال - انتهى.

* - أي قصدت.

٣٣٢

الباب الثّالث والمائة

( زيارة أبي الحسن عليِّ بن محمَّدٍ الهادي)

( وأبي محمَّدٍ الحسن بن عليٍّ العسكريّ عليهم السلام بـ « سُرَّ مَن رأى »)

١ - روي عن بعضهمعليهم‌السلام أنّه قال: « إذا أردت زيارة أبي الحسن الثّالث عليِّ بن محمّد وأبي محمّد الحسن بن عليٍّعليهم‌السلام تقول بعد الغسل إن وصلت إلى قبريهما؛ وإلاّ أومأتَ بالسَّلام مِن عند الباب الَّذي على الشّارع الشّباك(١) تقول:

«السَّلامُ عَلَيْكُما يا وَليي الله، السَّلامُ عَلَيْكُما يا حُجَّتي الله، السَّلامُ عَلَيكُما يا نُورَي اللهِ في ظُلُمات الأرْضِ، السَّلامُ عَلَيْكُما يا مَنْ بَدا للهِ في شَأْنِكُما، السَّلامُ عَلَيْكُما يا حَبيبَي اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكُما يا إمامَي الْهُدى، أتَيتُكُما عارفاً بحقِّكُما، مُعادِياً لأعْدائِكُما، مُوالياً لأوْلِيائكُما، مُؤمِناً بما آمَنْتُما بِهِ، كافِراً بما كَفَرتما بِهِ، محقِّقاً لما حقَّقْتُما، مُبْطلاً لما أبْطَلْتُما، أسْأَلُ الله رَبي وَرَبَّكُما أنْ يجعَلِ حَظّي مِنْ زيارَتِكُما الصَّلاةَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأنْ يَرزُقَني مرافقتكما في الجنان مع آبائكما الصالحين، وأسأله أن يعتق رقبتي من النار، ويرزقني شَفاعَتَكُما وَمُصاحِبَتَكُما، وَيعرِّفَ بيْني وَبَيْنَكُما، وَلا يَسْلُبَني حُبَّكُما وَحُبَّ آبائِكُما الصّالحينَ، وَأن لا يجعَلهُ آخِرَ العَهْدِ مِنْ زيارَتِكُما، وَيحشُرَني مَعَكُما في الجنَّةِ بِرَحْمَتِهِ، اللّهُمَّ ارْزُقْني حُبَّهما وَتَوَفَّني عَلى مِلَّتِهما، اللّهمَّ الْعَنْ ظالمي آل مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ وَانْتَقِمْ مِنْهُمْ، اللّهُمَّ الْعَنِ الأوَّلينَ مِنْهُمْ وَالآخِرين، وَضاعِفْ عَلَيْهِمُ الْعَذابَ، وأبْلِغْ بِهِمْ

____________

١ - قال شيخ الطائفة رحمه الله: « هذا الّذي ذكره من المنع من دخول الدّار هو الأحوط والأولى، لأنّ الدّار قد ثبت أنّها ملكَ للغير، ولا يجوز لنا أن نتصرّف فيها بالدّخول فيها ولا غيره إلاّ بإذن صاحبها، ولم ينقطع العذر لنا بإذنهم عليهم السلام في ذلك، فينبغي التّوقّف في ذلك والامتناع منه، ولو أنّ أحداً يدخلها لم يكن مأثوماً خاصّة إذا تأوّل في ذلك ما روي عنهم عليهم السلام من أنّهم جعلوا شيعتهم في حلٍّ من مالهم، وذلك على عمومه، وقد روي في ذلك أكثر من أن يحصى ».

٣٣٣

وَبِأشْياعِهِمْ وَأتْباعِهِمْ وَمُحِبِّيهِمْ وَمُتَّبِعيهِمْ، أسْفَلَ دَرَكٍ مِنَ الجَحِيم، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيء قَدير، اللّهُمَّ عَجِّل فَرَجَ وَليِّكَ، وَاجْعَلْ فَرَجَنا مَعَ فَرَجِهمْ، يا أرْحَمَ الرَّاحِمينَ »؛

وتجتهد في الدُّعاء لنِفسك ولوالديك وتخيّر مِنَ الدُّعاء، فإن وصلت إليهم صلّى الله عليهما فَصَلِّ عند قبرهما رَكعتين، وإذا دخلت المسجد وصلّيت دعوت الله بما أحببت، إنّه قريبٌ مجيبٌ، وهذا المسجد إلى جانب الَّدار وفيه كان يصلّيان - عليهما الصّلاة والسّلام(١) .

* * * * *

__________________

١ - ذكر الصّدوق هذه الزّيارة بعينها في الفقيه إلاّ أنّه أسقط قوله: « السّلام عليكما يا من بدا في شأنكما »، ثمّ قال: « وتجتهد في الدّعاء لنفسك ولوالديك وصلّ عندهما لكلِّ زيارة ركعتين ركعتين، وإن لم تصلّ إليهما دخلت بعض المساجد وصلّيت لكلّ إمامٍ لزيارته ركعتين، وادعو الله بما أحببت إنّ الله قريبٌ مجيبٌ ».

وقال الشّيخ المفيد - قدّس الله روحه - على ما ينسب إليه من كتاب المزار: « إذا وردت مشهدهما صلّى الله عليهما فاغتسل لزّيارة، ثمّ امض حتّى تقف على باب القبّة واستأذن وادخل مقدِّماً رجلك اليُمنى وقف على قبريهما وقل: « ثمّ ذكر الزيّارة بعينها إلاّ أنّه بدّل قوله: « يا من بدا لله في شأنكما » بقوله: « يا أميني الله »، ثمّ ذكر الوداع، ثمّ قال: « ثمّ اخرج ووجهك القبرين على أعقابك ».

أقول: أمّا « البداء » في أبي محمّد الحسن عليهم السلام فقد مضى في باب النّصّ عليه أخبار كثيرة [البحار ج ٥٠ ص ٢٣٩] بأنّ البداء قد وقع فيه وفي أخيه الّذي كان أكبر منه ومات قبله، كان في موسى وإسماعيل، وأمّا في أبيه عليهم السلام فلم نر فيه شيئاً يدلّ على البداء، فلعلّه وقع فيه شيء من هذا القبيل، أو من القيام بالسّيف أو غيرهما، أو نسب هذا البداء إلى الأب أيضاً، لا التّنصيص على الإمامة يتعلّق به. وأمّا الدّخول في الدّار للزّيارة فالأظهر جوازه لما ذكره الشّيخ رحمه الله، ولرواية ابن قولويه هذه، ولما سيأتي في الزّيارات الجامعة من الوقوف عند القبر واللّصوق به والانكباب عليه، ولِعَمل القُدماء الأصحاب وأرباب النُّصوص منهم، تجويزهم ذلك، والله يعلم. ( العلاّمة المجلسيّ رحمه الله )

٣٣٤

الباب الرّابع والمائة

( زيارةٌ لجميع الأئمَّة)

صلوات الله عليهم أجمعين

١ - حدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عِمرانَ، عن هارونَ بن مسلم، عن عليّ بن حَسّان « قال: سُئل الرِّضاعليه‌السلام في إتيان قبر أبي الحسنعليه‌السلام (١) فقال: صَلّوا في المساجد حوله ويجزىء في المواضع كلّها أن تقول:

«السَّلامُ عَلى أوَلِياءِ اللهِ وَأصْفيائِهِ، السَّلامُ عَلى اُمَناءِ اللهِ وَأحِبَائِهِ، السَّلامُ عَلى أنْصارِ اللهِ وَخُلَفائِهِ، السَّلامُ عَلى مَحالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ، السَّلام عَلى مَساكِنِ ذِكْرِ اللهِ، السَّلامُ عَلى مَظاهِرِ أمْر الله وَنَهْيِهِ، السَّلامُ عَلى الدُّعاةِ إلى اللهِ، السَّلامُ عَلى المسْتَقَرِّينَ في مَرضاتِ اللهِ، السَّلامُ عَلى المُمَحِّصِينَ في طاعَةِ اللهِ (٢) ،السَّلامُ عَلى الَّذينَ مَنْ والاهُمْ فَقَدْ وَالى الله، وَمَن عاداهُم فَقَدْ عَادَى الله، وَمَن عَرفَهُم فَقَد عَرَفَ اللهَ، وَمَنْ جَهِلَهُمْ فَقَدْ جَهِلَ الله، وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِمْ فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللهِ، وَمَنْ تَخَلّى مِنْهُمْ فَقَدْ تَخلّى مِنَ اللهِ، اُشْهِدُ الله أنّي سِلْمٌ لَمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لَمَنْ حارَبَكُمْ، مُؤمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَعلانِيَتِكُمْ، مُفَوِّضٌ في ذلِكَ كُلِّهِ إلَيْكُم، لَعَنَ اللهُ عَدُوَّ آل مُحَمَّدٍ مِنَ الجِنِّ وَالإنْسِ، وَأبْرَءُ إلى اللهِ مِنْهُمْ، وَصَلّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ »،

هذا يجزىء في الزيّارات كلّها، وتكثر من الصَّلاة عَلى محمَّدٍ وآله، وتسمّي واحداً واحداً بأسمائهم، وتبرءَ من أعدائهم وتخيّر لنفسك من الدُّعاء وللمؤمنين والمؤمنات ».

__________________

١ - يعني أباه موسى بن جعفر عليهما السلام .

٢ - قوله: « الممحّصين » تقدّم الكلام فيه في ص ٣١٨.

٣٣٥

٢ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن محمّد بن يحيى العطّار، وحدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ جميعاً، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى بن عِمران، عن عليِّ بن حَسّان، عن عُروةَ بن إسحاق ابن أخي شعيب العَقرقوفيّ عمّن ذكره - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: تقول إذا أتيت قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ويجزئك عند قبر كلِّ إمامٍعليهم‌السلام:

«السَّلام عَلَيْكَ مِنَ اللهِ، وَالسَّلامُ عَلى مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِاللهِ أمِينِ اللهِ عَلى وَحْيِهِ وَعَزائِمِ أمْرِهِ، الخاتَمِ لِما سَبَقَ وَالفاتِح لَما اسْتُقْبَلَ (١) ،اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ الَّذِي انْتَجَبْتَهُ بِعِلْمِكَ، وَجَعَلْتَهُ هادِياً لِمَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وَالَّدليلَ عَلى مَنْ بَعَثْتَهُ بِرِسالاتِكَ وَكُتُبِكَ، وَدَيّانَ الدِّين بَعَدْلِكَ، وَفَصْلِ قَضائِكَ بَيْنِ خَلْقِكَ، وَالمهَيْمِنَ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ ».

وتقول في زيارة أمير المؤمنينعليه‌السلام : «اللّهُمَّ صَلِّ عَلى أمِير المؤمِنين عَبْدِكَ وَأخي رَسُولِكَ - إلى آخره - ».

وفي زيارة فاطمةعليها‌السلام : «أمَتِكَ وَبِنْتِ رَسُولِكَ - إلى آخره - ».

وفي زيارة سائر الأئمّة: «أبْناءِ رَسُولِكَ »، على ما قلت في النَّبيّ أوَّلَ مرَّةٍ حتّى تنتهي إلى صاحبك، ثمّ تقول:

«أشْهَدُ أنَّكُمْ كَلِمَةُ التَّقْوى، وَبابُ الهُدى، وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقى، وَالحُجَّةُ الْبالِغَةُ عَلى مَنْ فيها وَمَنْ تَحْتَ الثَّرى، وَأَشْهَدُ أنَّ أرْواحَكُمْ وَطِينَتَكُمْ مِنْ طينَةٍ واحِدَةٍ، طابَتْ وَطَهُرَتْ مِنْ نُورِ الله وَمِنْ رَحْمَتِهِ، وَاُشْهِدُ اللهَ وَاُشْهِدُكُمْ أنّي لَكُمْ تَبَعٌ بِذاتِ نَفْسي وَشرائِعِ دِيني وَخَواتِيم عَمَلي، اللّهُمَّ فأتْمِمْ لي ذلِكَ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِالله، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اللهِ ما اُمرْتَ بِهِ، وَقُمْتَ بحقِّهِ غَير واهِنٍ وَلا مُوهِنِ، فَجزاكَ اللهُ مِنْ صِدِّيقٍ خَيْراً عَنْ رَعِيَّتِكَ، أشْهَدُ أنَّ الجِهادَ مَعَكَ جِهادٌ، وَأنَّ الحَقَّ مَعَكَ وَلَكَ، وأنْتَ مَعْدِنُهُ، وَمِيراثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكَ وعِنْدَ أهْلِ بَيْتِكَ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ أقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَأمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ المنْكَرِ، وَ

__________________

١ - تقدّم معناه في ص ٣٩ و ٢٢١.

٣٣٦

دَعَوتَ إلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحسَنَةِ، وَعَبَدْتَ رَبَّكَ حَتّى أتاكَ الْيَقينُ ».

ثمَّ تقول: «السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ المُسَوِّمينَ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ المُنْزَلينَ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ المُرْدِفينَ، السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللهِ الَّذِينَ هُمْ في هذَا الحرَم بِإذْنِ اللهِ مُقيمُونَ ».

ثمّ تقول: «اللّهُمَّ الْعَنِ اللَّذَيْنِ بَدَّلا نِعْمَتَكَ، وَخَالَفا كِتابَكَ، وَجَحَدا آياتِكَ، وَاتَّهَما رَسُولَكَ، احْشُ قُبُورَهُما وَأجْوافَهُما ناراً وَأَعَدَّ لَهُما عَذاباً أليماً، وَاحْشُرْهُما وَأشْياعَهُما وأتْباعَهُما إلى جَهَنَّمِ زُرْقاً (١) ،وَاحْشُرْهُما وَأشْياعَهُما وأتْباعَهُما يَومَ الْقيامَةِ عَلى وُجُوهِهِم عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً، مَأواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً، اللّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَةِ قَبرْ ابْنِ نَبيِّكَ، وَابْعَثْهُ مَقاماً مَحْمُوداً تَنْتَصِرُ بِهِ لِدينِكَ وَتَقْتُلُ بِهِ عَدُوَّكَ، فَإنَّكَ وَعَدْتَهُ ذلِكَ وَأنْتَ الرَّبُّ الَّذِي لا تُخلِفُ الميعادَ ».

وكذلك تقول عند قُبور كلَّ الأئمَّةعليهم‌السلام، وتقول عند كلِّ إمام زُرْته إن شاء الله تعالى:

«السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَليَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ، السَّلام عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ في ظُلُماتِ الأَرْضِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا إمامَ المؤْمِنينَ وَوارِثَ عِلْمِ النَّبيِّينَ وَسُلالَةِ الْوَصِيِّينَ، وَالشَّهيدَ يَومِ الِّدينِ، أشْهَدُ أنَّكَ وَآباءَكَ الَّذينَ كانُوا مِنْ قَبلِكَ، وَأبْناءَكَ الَّذينَ مِنْ بَعْدِكَ مَواليَّ وَأولِيائي وَأئِمَّتي، وَأشْهَدُ أنَّكُمْ أصْفياءُ اللهِ وَخَزِنَتُهُ وَحُجَّتُهُ الْبالِغةُ، انْتَجَبَكُمْ بِعِلْمِهِ أنْصاراً لِدينِهِ، وَقُوَّاماً بِأَمِرِهِ، وَخُزَّاناً لِعِلْمِهِ، وَحَفَظةً لِسِرِّهِ وَتَراجِمَةً لِوَحْيِهِ، وَمعْدِناً لِكَلِماتِهِ، وَأرْكاناً لِتَوحِيدِهِ، وَشُهُوداً عَلى عِبادِهِ، وَاسْتَودَعَكُمْ خَلْقَهُ، وَأورَثَكُم كِتابَه، وَخَصَّكُمْ بِكَرائِمِ التَّنْزِيل، وَأعْطاكُمُ التَّأَويلَ، جَعَلَكُمْ تابُوتَ (٢) حِكْمَتِهِ وَمَناراً في بِلادِهِ، وَضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ نُورِهِ، وَأجْرى فيكُمْ مِنْ عِلْمِهِ، وَعصَمَكُمْ مِنَ الزَّلَلِ، وَطَهَّرَكُمْ مِنَ الدَّنَسِ، وَأذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ، وَبِكُمْ تَمَّتِ النِّعْمَةُ، وَاجْتَمَعَتِ الْفُرقَةُ، وَأئْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ، وَلَزِمَتِ الطّاعَةُ المفْترضَةُ،

__________________

١ - أي عمياً.

٢ - التّابوت: الصّندوق من الخشب.

٣٣٧

وَالمَودَّةُ الواجِبَةُ، فَأنْتُمْ أوْلِياؤُهُ النُّجَباءُ، وَعِبادُهُ المكْرَمُونَ، أتَيْتُكَ يا ابْنَ رَسُولِ اللهِ عارِفاً بِحَقِّكَ، مُسْتَبْصِراً بِشأْنِكَ، مُعادِياً لأعْدائِكَ، مُوالِياً لأوْليائِكَ، بأبي أنْتَ وَاُمِّي صَلّى اللهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً، أتَيْتُكَ وافِداً زائِراً عائذاً مُسْتَجِيراً ممّا جَنَيْتَ عَلىُ نَفْسي، وَاحْتَطَبْتُ عَلىُ ظَهْري، فَكُنْ لي شَفِيعاً، فَإنَّ لَكَ عِنْدَ اللهِ مَقاماً مَعْلُوماً، وأنْتَ عِنْدَاللهِ وَجِيهٌ، آمَنْتُ بِاللهِ وَبِما اُنْزِلَ عَلَيْكُمْ، وأتَوَلّى آخِرَكُمْ بما تَوَلَّيْتُ بِهِ أوَّلَكُمْ، وَأبْرَءُ مِنْ كُلِّ وَليجَةٍ دُونَكُمْ، وَكَفَرتُ بالجبِتِ وَالطّاغُوتِ وَاللاّتِ وَالعُزْى ».

الباب الخامس والمائة

( فضل زيارة المؤمنين وكيف يُزارون)

١ - حدَّثني أبو العبّاس محمّد بن جعفر الرَّزّاز القُرَشيّ الكوفيُّ، عن خاله محمَّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن عَمرِو بن عثمان الرَّازيِّ « قال: سمعت أبا الحسن الأوّلعليه‌السلام يقول: مَن لم يقدر أن يزورنا فليزرْ صالحِي موالينا يُكتَب له ثوابُ زيارَتنا، ومَن لم يَقدِرْ على صًلَتنا فَلْيَصلْ صالِحي موالينا يُكتَب له ثوابُ صِلَتنا ».

٢ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد، عن الحسن بن مَتِّيل، عن محمّد بن عبدالله بن مِهرانَ، عن عَمْرِو بن عثمانَ « قال: سمعت الرِّضاعليه‌السلام يقول: مَن لم يقدر على صِلَتنا فليَصِلْ على صالِحي مَوالينا يُكتب له ثواب صِلتنا، ومن لم يقدِرْ على زيارتنا فليزر صالِحي موالينا يُكتب له ثوابُ زيارتنا ».

٣ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن يعقوبَ؛ وجماعَة مشايخيرحمهم‌الله عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى « قال: كنت بفَيْد(١) فمشيتُ مع عليِّ بن بِلال إلى قبر محمّد بن إسماعيل بن بَزيع قال: فقال لي عليُّ بن بلال: قال لي صاحب هذا القبر عن الرِّضاعليه‌السلام : مَن أتى قبر أخيه المؤمن ثمّ وضع يده على

__________________

١ - فَيْد - بالفتح ثمّ السّكون -: بُلَيدة في نصف طريق مكّة من الكوفة، ينزل بها الحاجّ قال الزّجاجيّ: سميت فَيْد بفيد بن حام وهو أوّل مَن نزلها. ( من المعجم )

٣٣٨

القبر وقرء «إنّا أنْزَلْنَاه (١) » سبع مرّات، أمن يوم الفزع الأكبر ».

٤ - حدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجَوهَريّ، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى بن عِمرانَ « قال: كنت بفَيْد فقال محمّد بن عليِّ بن بلال: مُرَّ بنا إلى قبر محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع، فذهبنا إلى عند قبره فقال محمّد بن عليِّ: حدَّثني صاحبُ هذا القبر عن الرِّضاعليه‌السلام أنّه مَن زار قبر أخيه المؤمن فاستقبل القِبلة ووضع يَده على القبر وقرء: «إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْر » سبع مرّات أمن مِن الفزع الأكبر ».

٥ - وحدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ، عن محمّد بن أحمدَ، عن عليِّ بن إسماعيل، عن محمّد بن عَمْرو، عن أبان(٢) ، عن عبدالرَّحمن بن أبي عبدالله « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام كيف أضع يدي عَلى قُبور المؤمنين؟ فأشارَ بيده إلى الأرض فوضعها عليها وهو مقابل القِبلة ».

٦ - وعنه، عن محمّد بن أحمدَ، عن موسى بن عمر[ان]، عن عبدالله الحجّال عن صَفوانَ الجمّال « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: كان رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يخرج في مَلأ مِن النّاس مِن أصحابه كُلَّ عشيَّة خميس إلى بَقيع المَدَنيّين فيقول - ثلاثاً -: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أهْلَ الدِّيارِ » - وثلاثاً - «رَحِمَكُمُ الله »، ثمَّ يلتفت إلى أصحابه ويقول: هؤلاء خيرُ منكم، فيقولون: يارسول الله ولِم؟ آمَنُوا وآمَنّا، وجاهَدُوا وجاهَدْنا؟ فيقول: إنَّ هؤلاءِ آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظُلم، ومَضوا على ذلك وأنَا لَهُمْ على ذلك شَهيدٌ، وأنتم تَبقون بعدي، ولا أدري ما تُحدثون بعدي ».

٧ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مَسعَدَةَ بن زِياد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام « قال: دخل عليُّ أمير المؤمنين مقبرةً - ومعه أصحابه - فنادى:

«يا أهْلَ التُرْبَةِ وَيا أهْلَ الغُرْبَةِ، وَيا أهْلَ الخُمُودِ، وَيا أهْلَ الهُمُود (٣) ،أمّا أخْبارُ

__________________

١ - المراد تمام السّورة.

٢ - يعني بن عثمان الأحمر.

٣ - خَمَدَتِ النّار، خُمْداً وخُموداً: سكن لَهَبُها. والهُمُود: الموت. ( القاموس )

٣٣٩

ما عِنْدَنا: فَأمّا أمْوالُكُمْ قَدْ قُسِّمَتْ، وَنِساؤُكُمْ قَدْ نُكِحَتْ، وَدُورُكُمْ قَدْ سُكِنَتْ، فَما خَبَرُ ما عِنْدَكُمْ؟!! »، ثمَّ التفت إلى أصحابه وقال: أما واللهِ لَو يُؤذَنُ لهم في الكلام لقالوا: لم يُتَزَوَّد مثل التَّقْوى زادٌ [خَيرُ الزَّاد التَّقْوى] ».

٨ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن، عن الحسن بن مَتِّيل، عن سَهل بن زياد، عن محمَّد بن سِنان، عن إسحاقَ بن عَمّار، عن أبي الحسنعليه‌السلام « قال: قلت له: المؤمن يَعلم بمن يَزورُ قبره؟ قال: نَعَم؛ ولا يَزال مستأنساً بِه ما زالَ عندَه، فإذا قام وانصرف مِن قبره دَخَله مِن انصرافه عن قبره وَحْشَةٌ ».

٩ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن جَدِّه، عن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن سِنان « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : كيف اُسلّم عَلى أهل القُبور؟ قال: نَعَم؛ تقول: «السَّلامُ عَلى أهْلِ الدِّيارِ مِنَ المؤمِنينَ وَالمُسْلِمين، أنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ (١) وَنَحْنُ إن شاءَ اللهُ بِكُمْ لاحِقُونَ ».

حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمّد بن اُورَمَةَ عن عبدالله بن سِنان قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام - وذكر مثله -.

١٠ - حدَّثني الحسن بن عبدالله، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عَمْرو بن أبي المِقدام، عن أبيه « قال: مَرَرتُ مع أبي جعفرعليه‌السلام بالبَقيع فمررنا بقبر رَجلٍ من أهل الكوفة مِن الشِّيعة، فقلت لأبي جعفرعليه‌السلام : جُعلتُ فِداك هذا قبرُ رَجل من الشِّيعة، قال: فوقف عليه وقال: «اللّهمَّ ارْحَمْ غُرْبَتَهُ، وَصِلْ وَحْدَتَهُ، وَآنِسْ وَحْشَتَهُ، وَآمِنْ رَوعَتَهُ، وَأَسْكنْ إلَيْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ مَا يَسْتَغَنى بِها عَنْ رحمة من سًواكَ، وألْحِقْهُ بمن كانَ يَتَولاهُ » ».

١١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النَّضر بن سُويد، عن القاسم بن سليمانَ، عن جرَّاح المدائنيِّ « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام : كيف التّسليم على أهل القبور؟ قال: تقول: « السَّلامُ عَلى أهْلِ الدِّيارِ مِنَ المؤمِنينَ وَالمسْلِمينَ، رَحِمَ اللهُ المُسْتَقْدِمينَ مِنْكُمْ وَالمسْتأْخِرينَ، وَإنّا إنْ

__________________

١ - أي أنتم متقدّم لنا.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639