بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 253863 / تحميل: 8975
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

والخلافُ في مجرّد الاصطلاح ؛ وإلاّ فقد يقبلون الخبرَ الشاذّ، والمعلَّل ؛ ونحن قد لا نقبلهما، وإنْ دخلا في الصحيح بحسبِ العوارض.

وقد يُطلَقُ الصحيحُ عندنا على سليمِ الطريقِ من الطّعنِ(١) ، بما يُنافي الأمرين ؛ وهما: كون الراويباتصالٍ، عدلاً إمامياً ، وإن اعتراه مع ذلك الطريقِ السالمِ إرسالٌ أو قطع(٢) .

وبهذا الاعتبار، يقولونَ كثيراً: روى ابن أبي عُمير(٣) في الصحيحِ كذا، أو في صحيحتهِ كذا(٤) ، مع كونِ روايته المنقولة كذلك مرسلَة.

ومثله وقع لهم في المقطوع كثيراً.

وبالجملة، فيطلقونالصحيح على ما كان رجال طريقه، المذكورين فيه، عدولاً إمامية، وإنْ اشتملَ على أمرٍ آخر بعد ذلك ؛ حتّى أطلقوا الصحيحَ على بعضِ الأحاديث المرويّة عن غير إمامي ؛ بسبب صحّةِ السّندِ إليه، فقالوا في صحيحةِ فلان: وجدناها صحيحة بِمَن عداه.

وفي الخُلاصة وغيرها: إنَّ طريقَ الفقيهِ إلى معاوية بن ميسرة(٥) ، وإلى عائذ الأحمَسيّ(٦) ،

____________________

(١) ذكرى الشيعة إلى أحكام الشريعة، ص٤.

(٢) يُنظر: المصدر نفسه.

وقد علَّق المددي هنا بقوله: (بحسب إطلاق اللفظ ؛ إذ الظاهر من (الاتّصال إلى المعصوم بعدلٍ إمامي)، باعتبار العدالة والإيمان في الراوي، عن المعصوم مباشرةً، ولا يدلّ على اعتبار العدالة والإيمان في جميع الطبقات).

(٣) محمد...، لقي أبا الحسن موسىعليه‌السلام ... وروى عن الرِّضاعليه‌السلام ، جليلُ القدر،.... ينظر: معجم رجال الحديث: ١٤/ ٢٩٥ - ٣١١.

(٤) قال المددي: هذه العبارات وقعت كثيراً، في كلام مَن تأخّر عن العلاّمة الحليّ كثيراً. وأمَّا قبله، فلم يكن مُتعارفاً عندَ الأصحاب. قالَ فخر المحقّقين - وهو نجلُ العلاّمة - في إيضاح الفوائد (١/ ٢٥ - ٢٦) في مسألة العجين النجس، وأنَّه هل يجوز بيعه أم لا؟ قالقدس‌سره ما نصُّه: (أقولُ: رواية البيع هي رواية محمد بن عليّ بن محبوب في الصحيح، عن محمد بن الحُسين، عن ابن أبي عُمير، عن بعض أصحابنا،...، قال: قيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام : العجين يُعجن من الماء النّجس كيف يُصنع به؟ قال: (يُباع ممَّن يستحِلُّ أكل الميتة). وروى محمد بن أبي عُمير في الصحيح، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: (يُدفَن ولا يُباع،...).

(٥) ابن شريح بن الحارث الكندي القاضي، روى عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام .... ينظر: رجال ابن داوود، ق١، عمود ٣٥٠ - ٣٥١.

(٦) من أصحاب السجّادعليه‌السلام ،.... ينظر: معجم رجال الحديث: ٩/ ٢١٣ - ٢١٤.

٨١

والِى خالدِ بن نجيح(١) ، وإلى عبدِ الأعلى مولى آل سام(٢) ، صحيحٌ(٣) ؛ مع أنَّ الثلاثةَ الأُوَلَ لم يُنَصّ عليهم بتوثيقٍ ولا غيره، والرابع لم يوثِّقه، وإنْ ذكرَهُ في القسم الأوَّل(٤) .

وكذلك نقلوا الإجماع(٥) على تصحيح ما يصحُّ، عن أبانِ بنِ عُثمان(٦) ، مع كونِه فَطحِيّاً(٧) .

وهذا كلّهُ خارجٌ عن تعريفِ الصَّحيح الذي ذكروه في التعريفين ؛ خصوصاً الأوّلَ المشهور.

ثُمَّ في هذا الصحيح ما يُفيدُ فائدةَ الصحيح المشهور(٨) ، كصحيحِ أبان.

ومنهُ ما يُرادُ منهُ وصفُ الصحَّةِ دونَ فائدتِها(٩) ، كالسالم طريقُهُ مع لُحوقِ الإرسالِ به، أو القطع، أو الضعف، أو الجهالة بِمَنْ اتَّصلَ بهِ الصحيحُ، فينبغي التدبّر لذلك ؛ فقد زلّ فيه أقدامُ أقوامٍ.

____________________

(١) من أصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام .... ينظر: معجم رجال الحديث: ٧/ ٣٨ - ٤٠.

(٢) من أصحاب الصادقعليه‌السلام ،.... ينظر: معجم رجال الحديث: ٩/ ٢٦٥ - ٢٦٧.

(٣) ينظر: خلاصة الأقوال في معرفة الرِّجال، ص٢٧٧ - ٢٧٨.

(٤) ينظر: المصدر نفسه، ص١٢٧.

وأَضاف المددي هنا بقوله: (لكنَّ العلاّمة جعلَ القسمَ الأوّل مختصّاً بالثّقات).

(٥) قال المددي: (الناقلُ هو الكشّيّ ؛ حيثُ قال: (أجمعت العُصابةُ على تصحيح ما يصحُّ عن هؤلاء، وتصديقهم كما يقولون، وأقرّوا لهم

بالفقه...، ستة نفر: جميل بن درّاج، وعبدالله بن مسكان، وعبدالله بن بكير، وحمّاد بن عثمان، وحمّاد بن عيسى، وأبان بن عثمان). وحولَ مغزَى هذا الإجماع وقعتْ أبحاث عميقةٌ في كتُب الرّجال، ويُعَبّر عنهم ب- : أصحاب الإجماع ).

(٦) من أصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام ،.... ينظر: معجم رجال الحديث: ١/ ٣٢ - ٤٠.

(٧) نسبةً إلى الفطحيَّة ؛ وهذه الفرقة القائلة بإمامة عبد الله بن جعفر... ؛ سُمّوا بذلك لأنَّ عبد الله كان أفطح الرأس، وقال بعضُهُم: كان أفطح الرِّجلين.... كتابُ المقالات والفِرَق، ص٨٧.

(٨) قال المددي: أي: يصحّ الاعتماد عليه، والاحتجاج به، كسائر الروايات الصحاح.

(٩) وعلَّق المددي هنا بقوله: (يعني: هذا القسم، وإنْ صدَقَ عليه أنَّه صحيحٌ، إلاّ أنَّه لا يصح الاعتماد عليه، والعملُ به ؛ للإرسال، أو

الضعف، أو غيرهما، الطارئة له.

٨٢

الحَقلُ الثاني:

في

الحَسَن(١)

وهو: ما اتّصلَ سندُهُ كذلك - أي إلى المعصوم - بإمامي ممدوحٍ، من غير نصٍّ على عدالته، مع تَحقُّق ذلك في جميع مراتبه - أي جميع [مراتب] رواة طريقه - أو تحقّق ذلك في بعضها ؛ بأن كانَ فيهم واحدٌ إمامي ممدوحٌ غير موثَّق، مع كون الباقي من الطريقِ من رجالِ الصحيح ؛ فيُوصفُ الطريقُ بالحسَن لأجلِ ذلك الواحد.

واحترز بكونالباقي من رجال الصحيح عمَّا لو كان دونه، فإنَّه يلحق بالمرتبة الدُّنيا، كما لو كان فيه واحدٌ ضعيفٌ فإنَّه يكون ضعيفاً، أو واحدٌ غير إمامي عدلٌ فإنَّه يكونُ مِن الموثَّق.

وبالجملة، فيَتْبع أخَسَّ ما فيه من الصفاتِ، حيثُ تتعدَّد.

وهذا كُلُّهُ واردٌ على تعريفِ مَنْ عرَّفه من الأصحاب - كالشهيدِرحمه‌الله - بأنَّه: (ما رواه الممدوح من غير نصٍّ على عدالته)(٢) .

أ - فإنَّه يشملُ: ما كان في طريقه واحدٌ كذلك(٣) ، وإن كانَ الباقي ضعيفاً، فضلاً عن غيرهِ.

ب - ويُزيد: أنَّهُ لم يُقيِّد الممدوحَ بكونه إمامياً، مع أنَّه مُراداً.

ويُطلقُ الحسنُ أيضاً على ما يشملُ الأمرين - وهما كونُ الوصفِ المذكور:في جميعِ مراتبهِ، وفي بعضها ؛ بمعنى كونُ روَاتهِ متَّصِفين بوصفِ الحسَن - إلى واحدٍ مُعيَّن،

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة (ورقة ١٣، لوحة ب، سطر ١٠): (الثاني: الحسن) فقط، بدون: (الحقل الثاني: في الحسن).

(٢) ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، ص٤.

(٣) أي: الإمامي الممدوح. خطِّيَّة الدكتور محفوظ، ص١٤.

٨٣

ثم يصيرُ بعد ذلك ضعيفاً أو مقطوعاً أو مرسلاً - كما مرَّ في الصحيح - مع اتصاف رواته بالوصفين ؛ وهما: كونُ كُلِّ واحدٍ إمامياً، وممدوحاً على وجهٍ لا تبلغُ العدالةُ كذلك ؛ أي كما أنَّ الصحيحَ يُطلقُ على سليمِ الطريقِ ممَّا يُنافي الأمرين - [وهما كونُ الراوي: عدلاً، إمامياً] - وإنْ لم يتّصلْ.

ومن هذا القسم حُكْمُ العلاّمةِ(١) وغيرُهُ: بكونِ طريقِ الفقيهِ(٢) إلى منذرِ بن جبير(٣) حسَناً ؛ مع أنَّهم لم يذكروا حالَ منذرٍ بمدحٍ ولا قَدح.

ومثلهُ طريقُه إلى إدريسِ بن يزيد(٤) .

وإنَّ طريقَه إلى سُماعة بن مهران(٥) حَسَنٌ(٦) ، مع أنَّ سُماعةَ واقفي(٧) . وإن كانَ ثقةً ؛ فيكون من الموثَّق، لكنَّه حسنٌ بهذا المعنى.

____________________

(١) الحسنُ بنُ يوسف بنُ المطهَّر الحلّي(٦٤٨ه- - ٧٢٦ه-).... ينظر: الأعلام: ٢/ ٢٤٤.

(٢) أي طريق الصدوق في كتاب (مَن لا يحضره الفقيه). ينظر: شرح مشيخة الفقيه: ٤/ ٩٩.

(٣) يُنظر: خُلاصة الأقوال في معرفة الرّجال، ص٢٨٠. وفي مستدرك الوسائل(٣/ ٦٨٨): (الصحيح: أنَّ منذر هو ابن جيفر) ؛ حيثُ قد قيل أيضاً: جعفر، وجيفر.

ويُراجَع كذلك: معجم رجال الحديث(١٨/ ٣٨٠ - ٣٨١).

أمَّا في نسختنا الخطِّيَّة المعتمدة (ورقة ١٤، لوحة ب، سطر ٢)، فإنَّه: منذرُ بن جُبير، بدلاً مِن كُلّ ما سَبَق.

(٤) مِن أصحابِ الصادقعليه‌السلام ،.... يُنظر: معجم رجال الحديث: ٤/ ١٤. والذي في النسخة المعتمدة (ورقة ١٤، لوحة ب، سطر ٤) (إدريس بن زيد)، بدلاً من إدريس بن يزيد.

(٥) روى عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهما‌السلام ،.... يُنظر: معجم رجال الحديث: ٨/ ٢٩٩ - ٣٠٤.

(٦) يُنظر: خلاصةُ الأقوال في معرفة الرجال، ٢٧٧.

(٧) نسبةً إلى الواقفة ؛ سُمُّوا بذلك: لوقوفهم على موسى بن جعفر، أنَّه الإمام القائم، ولم يأتمُّوا بعده، ولم يتجاوزوا إلى غيره. ينظر: كتاب المقالات والفِرق، ص٩٠.

٨٤

وقد ذكر جماعةٌ من الفقهاء(١) : أنَّ روايةَ زرارةَ(٢) - في مُفسدِ الحجِّ، إذا قضاه ؛ أنَّ الأُولى حجّةُ الإسلام(٣) - مِن الحسن(٤) ؛ مع أنَّها مقطوعةٌ(٥) .

ومثلُ هذا كثيرٌ، فينبغي مراعاتُهُ كما مرَّ في الصحيح.

_____________________

(١) قالَ المددي: (منهم المحقق الثاني، كما في (جامع المقاصد): ١/ ١٨٤ ).

(٢) مِن أصحابِ الباقر والصادق والكاظمعليهم‌السلام ،.... يُنظر: معجم رجال الحديث: ٧/ ٢١٨ - ٢٤٠.

أمَّا القولُ بكونه من أصحاب الكاظمعليه‌السلام ، كما ذهبَ إلى ذلك مثلُ الشيخ الطوسيّ، فإنَّما بلحاظ أنَّهُ أدرك زمانه (صلواتُ الله عليه). وأمَّا مَن يَذهب إلى أنَّه لم يكن من أصحابهعليه‌السلام ، فذلك بلحاظ كونه لم يروِ عنهعليه‌السلام .

(٣) وقد علَّق المددي هنا بقوله: (روايةُ زرارة ؛ هي ما رواه الكليني - والشيخ عنه - بإسناده عن زرارة ؛ وفي ذيلها: (قلتُ: فأيُّ الحجَّ-تين لهما؟ قال: (الأولى التي أحدثا فيها ما أحدثا، والأخرى عليها عقوبة). ينظر: جامع أحاديث الشيعة: ١١/ ١٧٧).

(٤) وهنا علَّق المددي أيضاً بقوله: (باعتبار اشتمال السَّند على إبراهيم بن هاشم ؛ فهو وإن كان إمامياً، ممدوحاً، كثير الرواية، حتى أنَّه لا يُوجد أكثر روايةٍ منه في الكتب الأربعة، إلاّ أنَّه لم يُنص على توثيقه صريحاً ؛ وبذلك تكون الرواية باعتباره حسنة).

(٥) كما علَّق المددي هنا أيضاً بقوله: (مرادهُرحمه‌الله من المقطوعة: المضمرَة، وهذا دأبه في جميع مؤلَّفاتهقدس‌سره .

والمُضمرة: هي الروايةُ التي لم يُذكَر فيها المرويُّ عنه، ولم يُعلَم مَنْ هو المسؤولُ عنه.

وهذه الرواية رُويت عن زُرارة، قال: سألتهُ... إلخ، ولم يُعيِّن المسؤول عنه. وسيأتي الكلامُ في حجيَّة هذا القسم من الرّوايات).

٨٥

الحقل الثالث:

في

الموثَّقِ(١)

سُمِّيَ بذلك لأنَّ راويه ثقة، وإن كانَ مُخالفاً ؛ وبهذا فارقَ الصحيحَ مع اشتراكهما في الثقة، ويُقالُ لهُ: القويُّ أيضاً ؛ لقُوّة الظنِّ بجانبه بسببِ توثيقهِ.

وهو:

[ أوَّلاً ]:

ما دخلَ في طريقهِ (مَن نصَّ الأصحابُ على توثيقه، مع فساد عقيدته)(٢) ؛ بأن كان من إحدى الفرق المُخالفة للإمامية، وإن كانَ من الشيعة.

واحترز بقوله(٣) : (نصَّ الأصحابُ على توثيقه) عمَّا لو رواه المخالفون في صحاحهم التي وثَّقوا رُواتها ؛ فإنَّها لا تدخلُ في الموثَّق عندنا ؛ لأنَّ العبرة بتوثيق أصحابنا للمُخالف، لا بتوثيق غيرنا ؛ لأنَّا لم نقبلْ إخبارَهم بذلك(٤) .

وبهذا يندَفِعُ ما يُتَوَهَّمُ: من عدمِ الفرقِ بينَ رواية مَن خالفنا، مِمَّن ذُكر في كتب حديثنا، وما رووه في كتبهم.

وحينئذٍ، فذلك كلُّهُ يلحق بالضّعيف عندنا ؛ لِمَا سيأتي من صِدق تعريفه عليه، فيُعمل منهُ بما يُعمل بهِ منه.

[ثانياً]:

ولم يشتَمل باقيه ؛ أي باقي الطريق، على ضعيف ؛ وإلاّ لكانَ الطريقُ ضعيفاً، فإنّه يتبعُ الأَخسَّ كما سبَق.

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة المعتمدة (ورقة ١٤، لوحة ب، سطر٨): (الموثَّق) فقط، بدون: (الحقل الثالث: في الموثَّق).

(٢) ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، ص٤.

(٣) فيما يبدو: أنَّ مرجع الضمير هو: المعرِّف، وما شابه ذلك.

(٤) وقد علَّق المددي هنا بقوله: (لأنَّ مرجع التوثيق - على ما هو المعروف عندهم - مردُّه إلى الشهادة، والعدالة معتبرةٌ فيها).

٨٦

وبهذا القيد سَلِمَ ممَّا يَرِد على تعريفِ الأصحاب لهُ بأنَّ الموثَّقَ: (ما رواهُ مَن نُصَّ على توثيقهِ، مع فسادِ عقيدته)(١) ؛ فإنَّهُ يشتَمِلُ بإطلاقه ما لو كانَ في الطريقِ واحدٌ كذلك، معَ ضعفِ الباقي، وليس بِمُرادٍ كما مرَّ.

وقد يُطلق القويّ على مرويِّ الإمامي ؛ غير الممدوح ولا المذموم(٢) ، ك-: نوح بن درَّاج(٣) ، وناجية بن أبي عُمارةَ الصيداويِّ(٤) ، وأحمد بن عبد الله بن جعفرِ الحِميريِّ(٥) ، وغيرهم، وهُم كثيرون.

وقولُنا:(غيرُ المَمدوح ولا المَذموم)

[أ] خيرٌ من قولِ الشهيدرحمه‌الله وغيرهِ في تعريفهِ:(... غيرُ المذموم) (٦) ، مُقتصرين عليه ؛ لأنَّه يشمُلُ الحَسَن، فإنَّ الإمامي المَمدوحَ: غيرُ مذموم، ولو فُرِضَ كونُهُ قد مُدِحَ وذُم كما اتّفق لكثير.

[ب] وردٌّ على تعريف الحسن أيضاً ؛ والأولى: أن يطلب حينئذ الترجيحُ، ويُعملُ بِمُقتضاهُ، فإن تحقَّقَ التعارضُ، لم يكُن حسَناً. وعلى هذا ؛ فينبغي زيادة تعريفِ الحسن: بكونِ المدحِ مقبولاً ؛ فيُقالُ: ما اتّصلَ سندُهُ بإمامي ممدوحٍ مدحاً مقبولاً... إلخ ، أَو غير معارض بذمٍّ ؛ ونحو ذلك.

____________________

(١) ينظر: ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، ص٤.

(٢) ينظر: المصدر نفسه.

(٣) من أصحابِ الصادقعليه‌السلام ،.... معجم رجال الحديث: ١٩/ ٢١٩ - ٢٢٢.

(٤) من أصحاب الباقرعليه‌السلام ،.... ينظر: معجم رجال الحديث: ١٩/ ١٤٤ - ١٤٥.

(٥) كان له مكاتبة،.... ينظر: معجم رجال الحديث: ٢/ ١٣٧.

(٦) ويبدو أنّ في المقام اشتباهاً: إمَّا من الشهيد الثاني في نقله، وإمَّا من قول الشهيد الأوَّل في نسخه ؛ ذلك لأنَّ الذي وردَ في الكتاب المطبوع (ذكرى الشيعة إلى أحكام الشريعة)(ص٤) جاءَ فيه: (وقد يُرادُ بالقويّ: مرويّ الإمامي، غير المذموم ولا الممدوح ؛ أو مرويّ المشهور في التقدُّم غير الموثّق ؛ والضعيف يقابلهُ ؛ وربَّما قابل الضعيف: القبيحُ، والحسنُ، والموثّقُ).

٨٧

الحقل الرابع:

في

الضعيف(١)

وهو ما لا يجتمع فيه شروط أحد الثلاثة المتقدِّمةِ ؛ بأن يشتملَ طريقُهُ على مجروح بالفسقِ ونحوه، أو مجهول الحالِ، أو ما دونَ ذلك ؛ كالوضَّاعِ.

ويُمكن اندراجهُ في المجروح، فيُستغنَى به عنِ الشّقّ الأخير(٢) .

[أ] - ودرجاته في الضّعف متفاوتةٌ بحسبِ بُعده عن شروط الصحّة، فكلَّما بعُدَ بعضُ رجاله عنها، كانَ أقوى في الضّعف ؛ وكذا ما كثُر فيه الرواةُ المجروحون، بالنِّسبةِ إلى ما قلّ فيه(٣) .

كما تتفاوتُ درجاتُ الصحيح، وأخويه الحسن والمُوَثّق، بحسبِ تمكُّنه من أوصافها. فما رواهُ الإمامي الثقةُ، الفقيه الورع الضابطُ - كابنِ أبي عُميرٍ - أصحّ ممَّا رواه مَن نقصَ في بعضِ الأوصاف، وهكذا إلى أن ينتهي إلى أقلِّ مراتبه.

وكذلك ما رواه الممدوح كثيراً - كإبراهيم بن هاشمٍ(٤) - أحسنُ ممَّا رواه مَن هو دونه في المدح، وهكذا إلى أن يتحقَّق مُسمَّاهُ.

وكذا القولُ في المُوَثّق ؛ فإنَّ ما كانَ في طريقه، مثلُ عليّ بن فَضَّال(٥) ، وأبانِ بن عثمان(٦) ، أقوَى مِن غَيره، وهكذا...

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة المعتمدة (ورقة ١٥، لوحة ب، سطر ٧): (الرابع الضعيف) فقط، بدون: (الحقل الرابع: في الضعيف).

(٢) وقد علَّق المددي هنا بقوله: (ولعلّ الأحسنَ إبقاءه ؛ للفرق الواضح بينَ خبرِ شاربِ الخمر، وخبرِ الكذَّاب الوضَّاع).

(٣) سيأتي مزيدُ بيانٍ عن أنواعِ الحديثِ الضعيف في النظرِ الثاني من القسمِ الثاني مِن البابِ الأوّلِ، حسبَ الهيكل العامّ المعدَّل، الذي عملنا على رسمه.

(٤) من أصحاب الرّضاعليه‌السلام ،.... يُنظَر: معجم رجال الحديث: ١/ ١٧٧ - ١٩١.

(٥) هو عليُّ بن الحسَن بن فضّال الفطحيّ،.... يُنظر: معجم رجال الحديث: ١٢/ ١٢٣.

(٦) وقد علَّق المددي هنا بقوله: (أبانُ بن عثمان: ثِقةٌ جليلٌ ؛ وقد عُدَّ مِن أصحابِ الإجماع ؛ إلاّ أنَّه نوقشَ في مذهبه ؛ فعَنْ بعضِ نُسَخِ الكشّي: وكان من الناووسيّة. وعن المحقِّق - والعلاّمة في خاتمة الخلاصةِ - : أنَّهُ فطحيُّ. كما نُسِبَ إلى العلاّمةِ في محكيّ المختلَف: أنَّه واقفيّ.

ولم يثبت شيءٌ من ذلك كُلّهِ، وللتفصيلِ مجالٌ آخر، لا يسعه هذا المختصر).

٨٨

[ب]. وَيَظهرٌ أثر القوّةعندَ التعارضِ ؛ حيث يعمَل بالأقسام الثلاثة، ويخرج أحد الأخيرين شاهداً(١) ، أو يتعارضُ صحيحان أو حسنان، حيثُ يجوزُ العملُ بهِ(٢) .

وكثيراً ما يُطلَق الضعيفُ في كلام الفُقهاء على روايةِ المجروحِ خاصة، وهو استعمالُ الضعيفِ في بعضِ مواردهِ، وأمرُهُ سهلٌ.

____________________

(١) أي: الحسن أو الموثّق، بأن جعله شاهداً للصحيح، بدون العمل به. خطِّيَّة الدكتور محفوظ، ص١٧.

(٢) وقد علَّق المددي هنا بقوله: (أي: بالقويّ (الموثَّق) ؛ فعند تعارضِ الصحيحين أو الحسنين، يُرجعُ إلى الموثَّق، ويُعمل به ِ؛ ويكونُ مُرَجِّحاً لأحدهما على الآخر).

٨٩

النظرُ الثاني: في حُجِّيَّةِ العملِ بها

وفيه حُقول:

الحقل الأوَّل:

في

العملِ بخبرِ الواحد(١)

وأعلَم: أنَّ مَن منعَ العملَ بخبر الواحد مُطلقاً، كالسيِّدِ المرتضى، تنتَفي عندَهُ فائدةُ البحثِ عن الحديثِ غير المتواتر مُطلَقاً ؛ ومَنْ جوَّزَ العملَ بخبرِ الواحدِ، كأكثرِ المتأخّرين في الجُملة.

فائدةُ القيد: التنبيه، على أنَّ مَن عمِل بخبر الواحد، لم يعمل به مُطلقاً ؛ بَلمنهم مَن خصَّه بالصحيح،ومنهم من أضاف الحسَن،ومنهم من أضافَ الموثَّق،ومنهم من أضافَ الضعيفَ على بَعض الوجوه كما سننبّه عليهِ.

فالعاملُ بخبر الواحدِ على أيّ وجهٍ كان: قَطَعَ بالعمل بالخبر الصحيح ؛ لِعدم المانع منه، فإنَّ رواته عُدول، صحيحو العقايد ؛ لكن لم يُعمل به مطلقاً ؛ بل حيثُ لا يكون شاذّاً، أو معارضاً بغيره من الأخبارِ الصحيحة، فإنَّه حينئذٍ يُطلبُ المُرَجِّحُ.

ورُبَّما عمِل بعضهم بالشاذِّ أيضاً، كما اتّفقَ للشيخين(٢) في صحيحة زُرارة ؛ في مَن دخل في الصلاة بتيمُّم ثُمّ أحدثَ؟

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة المعتمدة (ورقة ١٦، لوحة ب، سطر ١٠): (النظر الثاني: في حُجِّ-يَّةِ العمل بها. وفيه حقول: الحقل الأول: في العمل بخبر الواحد) غير موجود ؛ وإنَّما أضفناه للضرورة المنهجية والإخراجيَّة.

(٢) يقول الفقيه المقداد السيوريّ في مقدِّمة كتابه (التنقيح الرائع لمختصر الشرائع)، وهو مخطوطٌ محفوظ في (مكتبة آية الله الحكيم العامّة) في النجف الأشرف، تحت رقم ٣٠٦، يقول المقدادُ: (المرادُ بالشيخ هو: الطوسيرحمه‌الله . وبالشيخين: هو مع المفيد. والثلاثة: هما مع المُرتضى. وعلَمُ الهدى: هو المُرتضى).

٩٠

إنَّه: يتوضأُ حيث الماء، ويبني على الصلاة ؛ وإنْ خصَّاها بحالة الحدث ناسياً(١) ؛ ومثل ذلك كثيرٌ.

___________________

(١) قلتُ: صحيحة زرارة هذه، إنَّما هي من الشاذ بالتفسير الذي فسَّره به بعضُ العامَّة ؛ وهو ما انفرد به راوٍ واحد.

وأمَّا الشذوذ بالتفسير الذي ذكره أكثرهم، واعتمده الوالدقدس‌سره فيما يأتي، وهو: (ما رواه الثقة مخالفاً لِمَا رواه الأكثرُ)، فليسَ ذلك بمتحقِّق فيها ؛ إذ لم يرد بخلافها رواية، فضلاً عن رواية الأكثر له.

نعم، هي مخالفة للمعهود في نظائر الحكم من منافيات الصلاة ؛ ولفظُ التفسير كما لا يخفى، غير متناول لمثل هذه المخالفة، فليُنظر.

حسنرحمه‌الله (هامش الخطِّيَّة المعتمدة: روقة ١٦، لوحة ب)

والمقصود بعبارة (حسنرحمه‌الله ) هو: الشيخ حسن صاحب كتاب (المعالم)، وهو ابن الشهيد الثاني صاحبٍ (الدراية).

وأمَّا بخصوص الصحيحة، فينظر: مَن لا يحضرهُ الفقيه: ١/ ٥٨، باب التيمّم، حديث ٢١٤/ ٤، وتهذيب الأحكام (للشيخ الطوسي، في شرحِ المقنعة للشيخ المفيد): ١/ ٢٠٥، باب التيمّم وأحكامه، حديث ٥٩٥/ ٦٩، والاستبصار: ١/ ١٦٧، بابُ مَن دخلَ في الصلاةِ بتيمّم ثُمَّ وجدَ الماءَ، حديثُ ٥٨٠/ ٦.

٩١

الحقل الثاني:

في

العمل بالخبر الحسن(١)

واختلفوا في العمل بالحسن:

فمنهم مَنعمل به مطلقاً كالصحيح، وهو الشيخرحمه‌الله - على ما يظهر من عمله - وكلّ مَن اكتفى في العدالة بظاهر الإسلام، ولم يشترط ظهورها.

ومنهم مَن ردَّهمطلقاً ، وهم الأكثرون ؛ حيث أشترطوا في قبول الرواية: (الإيمانَ، والعدالةَ)، كما قطَع بهالعلاّمةُ في كتبه الأُصوليَّة،وغيره .

والعجبُ أنَّ الشيخرحمه‌الله اشترطَ ذلك أيضاً في كتبِ الأصولِ، ووقع له في الحديث وكتب الفروع الغرائب ؛ فتارة يعمل بالخبر الضعيف مطلقاً، حتّى أنَّه يُخصِّص به أخباراً كثيرةً صحيحةً، حيث تعارضه بإطلاقها، وتارةً يُصرِّح بردِّ الحديث لضعفه، وأخرى يردّ الصحيح ؛ معلِّلاً بأنَّه خبر واحد، لا يوجب علماً ولا عملاً كما هي عبارة المرتضى.

وفصّل آخرون في الحسن: كالمحقِّق في المُعتبر، والشهيد في الذّكرى ؛ فقبلوا الحسن، بل الموثَّق ؛ وربَّما ترقّوا إلى الضعيف أيضاً إذا كان العمل بمضمونه مشتهراً بين الأصحاب ؛ حتّى قدّموهُ حينئذٍ على الخبرِ الصحيحِ حيثُ لا يكونُ العملُ بمضمونهِ مشتهِراً.

____________________

(١) الذي في النسخةِ الخطِّيَّة (روقة ١٦، لوحة ب، سطر ٩): (الحقل الثاني: في العمل بالخبر الحسن)، غير موجود.

٩٢

الحقل الثالث:

في

العمل بالخبرِ الموثَّق(١)

وكذا اختلفوا في العمل بالموثّق نحو اختلافهم في الحسن،فقبله قوم مطلقاً ،وردَّه آخرون، وفصّل ثالث [بالشهرة وعدمِها](٢) .

ويُمكنُ اشتراكُ الثلاثة في دليل واحدٍ يدلّ على جواز العمل بها مطلقاً ؛ وهو: أنَّ المانعَ من قبول خبرِ الفاسق هو فسقه ؛ لقوله تعالى:( إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا... ) (٣) . فمتى لم يُعلم الفسق، لا يجب التثبُّت عند خبر المُخبر مع جهل حاله ؛ فكيف مع توثيقه ومدحه، وإن لم يبلُغ حدَّ التعديل؟ وبهذا احتجَّ مَن قبل المراسيل.

وقدأجابوا عنه ب-: أنَّ الفسقَ لمَّا كان علَّة التثبُّتِ، وجبَ العلمُ بنفيه ؛ حتّى يُعلم وجود انتفاء التثبُّت، فيجب التفحُّصُ عن الفسق، ليُعلَم أو

عدمه، حتّى يُعلَم التثبُّت أو عدمه.

وفيه نظرٌ ؛ لأنّ الأصل عدمُ وجودِ المانع في المُسلمِ. ولأنَّ مجهولَ الحال، لا يُمكن الحكمُ عليهِ بالفسقِ ؛ والمُرادُ في الآية: المحكومُ عليهِ بالفسقِ.

____________________

(١) الذي في النسخة المعتمدةِ (ورقة ١٧، لوحة أ، سطر ٩): (الحقل الثالث: في العمل بالخبر الموثق) غير موجود.

(٢) هذه الزيادة غير موجودة في النسخة الخطِّيَّة المتداولة (ورقة ١٧، لوحة ب، سطر ١٠)، وإنَّما هي موجودة في طبعة النعمان المتداولة، وقد أثبتناها هنا لمزيد إيضاح وتوضيح.

(٣) سورة الحجرات، آية ٧.

٩٣

الحقل الرابع:

في

العمل في الخبر الضعيف(١)

وأمَّا الضعيف ؛فذهبَ الأكثر إلى منع العمل به مُطلقاً ؛ للأمر بالتثبُّت عندَ إخبارِ الفاسق المُوجبِ لردِّهِ.

وأجازَهُ آخرون - وهُم جماعةٌ كثيرةٌ: منهم مَن ذكرناه - مع اعتضادِه بالشّهرة روايةً ؛ بأن يكثر تدوينها وروايتها: بلفظٍ واحدٍ، أو ألفاظٍ متغايرةٍ متقاربة المعنى، أوفتوىً بمضمونها في كتب الفقه ؛ لقوَّة الظنّ بصدق الرّاوي في جانبها - أي جانب الشّهرة - وإن ضعُفَ الطريقُ ؛ فإنَّ الطريقَ الضعيفَ، قد يثبُتُ بهِ الخبرُ مع اشتهارِ مضمونِهِ ؛ كما تُعلَمُ مذاهبُ الفِرَقِ الإسلاميَّة - كقول: أبي حنيفة(٢) ، والشافعيِّ(٣) ، ومالك(٤) ، و أحمد - بإخبار أهلها - مع الحكم بضعفهم عندَنا - وإن لم يبلغوا حدَّ التواتر.

وبهذا اعتُذر للشيخرحمه‌الله في عمَله بالخبر الضّعيفِ.

وهذهِ، حجّةُ مَنْ عمِلَ بالموثّق أيضاً، بطريقٍ أولى.

وفيه نظرٌ ، يخرج تحريره عن وضع الرسالة ؛ فإنَّها مبنيةٌ على الاختصار، ووجهُهُ على وجه الإيجاز: إنَّا نمنع من كون هذه الشُّهرة التي ادّعوها مؤثِّرةً في جبر الخبر الضّعيف ؛ فإنَّ هذا إنّما يتمّ لو كانت الشّهرة متحقّقةٌ قبلَ زمنِ الشيخرحمه‌الله ، والأمرُ ليس كذلك ؛ فإنَّ مَنْ قبله من العلماء كانوا بينَ مانع من خبر الواحد مُطلقاً - كالمرتضى والأكثر، على ما نقله جماعة - وبين جامع للأحاديث، من غير التفات إلى تصحيح ما يصحُّ، وردِّ ما يُرَدُّ. وكانَ البحثُ عن الفتوى مُجرَّدةً - لغيرِ الفريقين - قليلاً جداً كما لا يخفَى على مَن اطّلعَ على حالِهِم.

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة المعتمدة (ورقة ١٧، لوحة ب، سطر ٦): (الحقل الرابع: في العمل بالخبر الضعيف) غير موجود.

(٢) النعمان بن ثابت: ٨٠ - ١٥٠ه-،.... ينظر: الأعلام: ٩/ ٤ - ٥.

(٣) محمد بن إدريس: ١٥٠ - ٢٠٤ه-،.... ينظر: الأعلام: ٦/ ٢٤٩ - ٢٥٠.

(٤) مالك بن أنس: ٩٣ - ١٧٩،.... ينظر: الأعلام: ٦/ ١٢٨.

٩٤

فالعمل بمضمون الخبر الضّعيف قبل زمن الشيخ، على وجه يجبر ضعفه، ليس بمتحقّقٍ. ولمّا عمل الشيخ بمضمونه، في كتبه الفقهيَّة، جاء مَن بعده من الفقهاء واتّبعه منهم عليها الأكثر ؛ تقليداً له، إلاّ مَن شذّ منهم. ولم يكن فيهم مَن يسبر الأحاديث، وينقِّب على الأدلّة بنفسه سوى الشيخ المحقِّق ابن إدريس(١) ، وقد كان لا يجيز العمل بخبر الواحد مطلقاً.

فجاء المتأخّرون بعد ذلك، ووجدوا الشيخ ومَن تبعه قد عملوا بمضمون ذلك الخبر الضّعيف ؛ لأمر ما رأوه في ذلك، لعلّ الله تعالى يعذرهم فيه ؛ فحسبوا العلم به مشهوراً، وجعلوا هذه الشّهرة جابرةً لضعفه. ولو تأمّل المنصف، وحرَّر المنقِّب، لوجد مرجع ذلك كلّه إلى الشيخ، ومثل هذه الشّهرة، لا تكفي في جبر الخبر الضّعيف.

ومن هنا، يظهر الفرق بينه وبين ثبوت فتوى المخالفين بأخبار أصحابهم ؛ فإنَّهم كانوا منتشرين في أقطار الأرض من أوّل زمانهم، ولم يزالوا في أزياد(٢) .

وممَّن اطّلع على أصل هذه القاعدة - التي بيَّنتُها وتحقَّقتُها - من غير تقليدٍ: الشيخ الفاضل المحقِّق سديد الدّين محمود الحُمُّصي(٣) ، والسيّد رضيّ الدّين ابن طاووس(٤) ، وجماعة.

قالَ السيّدرحمه‌الله في كتابه (البهجة لثمرة المهجة): (أخبرني جدّي الصالح، ورّام بن أبي فراس (قدّس الله سرّه)(٥) ، أنَّ الحُمُّصي حدَّثه: أنَّه لم يبق للإماميّة مفتٍ على التّحقيق، بل كلّهم حاكٍ.

____________________

(١) صاحب كتاب: (السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي)،.... ينظر: روضات الجنَّات: ٦/ ٢٧٤ - ٢٩٠.

(٢) أي: العلم بمذاهب المخالفين وفتاويهم مستفادٌ من أصحابهم، وحيثُ لم يكونوا ثقة عندنا، كان إخبارُهم بمذاهبهم من باب الأخبار الضعيفة، لكن اعتبرها أصحابنا، وحكموا بأنَّ هذا القول لأبي حنيفة، وهذا للشافعي، وغيرهما، استناداً إلى الشهرة التي انجبر الضعيف بها. وليس تلك الشّهرة كالشهرة التي ادّعاها أصحابنا في بعض الأخبار ؛ لِمَا عرفت أصلها. خطِّيَّة الدكتور محفوظ، ص٢٠.

(٣) علاّمةُ زمانه في الأُصولَين، ورع ثقة،.... ينظر: روضات الجنَّات: ٧/ ١٥٨ - ١٦٤.

(٤) السيّد الشريف: رضيّ الدين أبو القاسم علي، بن سعد الدين أبي إبراهيم موسى، بن جعفر، بن محمد، بن أحمد، بن محمد، بن أحمد، بن أبي عبد الله محمد، بن الطاووس ؛ ينتهي نسبه الشريف إلى الحسن المثنّى.... ينظر: البحار: ١/ ١٤٣ - ١٤٦.

وكذلك له ترجمةٌ ضافيةٌ في مقدِّمة: كشف المحجّة لثمرة المهجة، المطبوع في النجف الأشرف، بقلم البحّاثة الكبير آغا بزرگ الطهراني.

(٥) من أولاد مالك الأشتر النخعيّ، عالم فقيه،.... ينظر: روضات الجنَّات: ٨/ ١٧٧ - ١٧٩.

٩٥

وقالَ السيّد عقيبه: والآن، فقد ظهر أنَّ الذي يُفتى به ويُجاب عنه، على سبيل ما حُفظ من كلام العلماء المتقدّمين)(١) انتهى.

وقد كشفتُ لك بذلك بعضَ الحال، وبقيَ الباقي في الخَيال، وإنَّما يتنبّه لهذا المقال، مَن عرف الرِّجال بالحقّ، وينكره مَن عرف الحقّ بالرّجال(٢) .

وجوّزَ الأكثر العمل به - أي بالخبر الضعيف - في نحو: القصص، والمواعظ، وفضائل الأعمال، لا في نحو: صفات الله المُتعال، وأحكام الحلال والحرام.

وهو حسن حيث لا يبلغ الضعف حدّ الوضع والاختلاق ؛ لِمَا اشتهر بين العلماء المحقِّقين من التساهل بأدلَّة السُّنن، وليس في المواعظ والقصص غير محض الخير، لِمَا ورد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله - من طريق الخاصّة والعامّة - أنَّه قال: (مَن بلغه عن الله تعالى فضيلةً، فأخذها وعمل بما فيها إيماناً بالله ورجاء ثوابه، أعطاه الله تعالى ذلك وإنْ لم يكن كذلك)(٣) . وروى هشام بن سالم - في الحسن(٤) -، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: (مَن سمع شيئاً من الثواب على شيء، فصنعه، كان له أجر، وإن لم يكن على ما بلغه)(٥) .

____________________

(١) وقد علّق المددي هنا بقوله: (إنَّ كتاب (البهجة لثمرة المهجة) لم يصل إلينا، ولكنّ السيّد ابن طاووس ذكر هذا الكلام بعينه في كتابه: (كشف المحجّة لثمرة المهجة)(ص١٢٧)، المطبوع في النجف الأشرف).

(٢) هذه العبارة - فيما يبدو - مستلهمّة من قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : (يا حَار... إنَّه ملبوس عليك ؛ إنَّ الحقّ لا يُعرف بالرجال، فاعرف الحقّ تعرف أهله)، وهذا من التضمين الجميل. يُنظر: البيان والتبيين للجاحظ: ٣/ ١٣٦.

(٣) ينظر: عُدّة الدّاعي، ص٤.

(٤) وقد علّق المددي هنا بقوله: (وصفه ب-: الحسن ؛ باعتبار أنَّ الكليني رواه بإسناد فيه إبراهيم بن هاشم، وهو إماميّ ممدوح ؛ إلاّ أنَّ البرقي رواه في المحاسن (ص٢٥) بسند صحيحٍ عن هشام بن سالم، مع اختلاف يسير في الألفاظ.

وقال السيّد ابن طاووس: ووجدنا هذا الحديث في أصل هشام بن سالم، رواه عن الصادقعليه‌السلام ). ينظر: البحار: ٢/ ٢٥٦.

(٥) ينظر: الأُصول من الكافي: ٢/ ٨٧، وعُدّة الدَّاعي، ص٣، والبحار: ٢/ ٢٥٦، وجامع أحاديث الشيعة: ج١، المقدّمات، الباب٩.

٩٦

القسم الثاني:

في

الأنواعِ والفُروع

أمَّا وقد عرَفتَ تلكَ المعاني الأربعة(١) ، التي هي أصول علم الحديث، بقي هنا عبارات لمعانٍ شتّى:

منها: ما يشترك فيها الأقسام الأربعة ، إمَّا جميعها أو بعضها، بحيث لا يختصّ بالضعيف ؛ ليدخل فيه المقبول، فإنَّه ليس من أقسام الصحيح، وإنَّما يشترك فيه الثلاثة الأخيرة، على ظاهر الاستعمال ؛ وإن كان إطلاق مفهومه، قد يفهم منه كونه أعمُّ من الصحيح أيضاً.

وجملةُ المشتركِ: ثمانيةَ عشرَ نوعاً.

ومنها: ما يختصُّ بالضعيف ؛ وهو: ثمانية.

فجملة الأنواع الفروع: ستّة وعشرون، ومع الأصول: ثلاثون نوعاً ؛ وذلك على وجه الحصرالجعليّ ، أوالاستقرائي ؛ لإمكان إبداء أقسامٍ أخر(٢) .

[وعليه، ففي هذا القسم: نظران](٣)

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة المعتمدة (ورقة ١٩، لوحة ب، سطر ٢): (وإذ قد عرفت هذه المعاني الأربعة)، بدلاً من: (القسم الثاني: في الأنواع والفروع. أمَّا وقد عرفت تلك المعاني الأربعة).

(٢) قال أبو عمرو بن الصلاح بعد ذكر تعداد أنواع الحديث: وليس بآخر الممكن في ذلك، فإنَّه قابل للتنويع إلى ما لا يُحصى ؛ إذ لا تُحصى أحوال الرواة وصفاتهم، وأحوال متون الحديث وصفاتها. ينظر: مقدمة ابن الصلاح، ص٨١.

وقال ابن كثير في تعقيبه على ابن الصّلاح: وفي هذا كلّه نظر، بل في بسطه هذه الأنواع إلى هذا العدد نظر ؛ إذ يمكن إدماج بعضها في

بعض، وكان أليق ممَّا ذكره. الباعث الحثيث، ص٢١.

(٣) هذه الزيادة غير موجودة في النسخة الخطِّيَّة المعتمدة (ورقة ١٩، لوحة ب، سطر ١٠) وإنَّما أثبتناها هنا للضرورة المنهجيَّة.

٩٧

النظر الأوَّل: في أنواع المشترك

وفيه حقول:

الحقل الأوَّل:

في

المسند(١)

وهو ما اتّصل سنده مرفوعاً، من راويه إلى منتهاه، إلى المعصوم.

وأكثر ما يُستعمل في ما جاء عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

فخرج باتّصال السّند: المرسل، والمعلّق، والمعضل.

وبالغاية: الموقوف، إذا جاء بسند متّصل، فإنَّه لا يسمَّى في الاصطلاح مسنداً.

وربَّما أطلقه بعضهم على المتّصل مطلقاً(٣) ؛ وآخرون: على ما رُفع إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وإنْ كان منقطعاً.

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة المعتمدة (ورقة ١٩، لوحة ب، سطر ١١): (فمن القسم الأول - وهو المشترك - أمور ؛ أحدها: المسند)، بدلاً من (النظر الأوّل: في أنواع المشترك، وفيه حقول، الحقل الأوّل: في المسند)، وهذا ممَّا وضعناه للضرورة المنهجيَّة.

(٢) قال الحاكم: هو ما اتّصل إسناده إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال الخطيب: هو ما اتّصل إلى منتهاه.

وحكى ابن عبد البرّ: إنَّه المرويّ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، سواء كان متّصلاً أم منقطعاً.

وقال أحمد محمد شاكر: وعلى تعريف الخطيب يدخل الموقوف - على الصحابة إذا روي بسند - في تعريف المسند، وكذلك يدخل فيه ما روي عن التابعين بسندٍ أيضاً، ولا يدخلان فيه على تعريف الحاكم وابن عبد البرّ.

ويدخل المنقطع والمعضل على تعريف ابن عبد البرّ، ولا يدخل على تعريف الحاكم. ينظر: الباعث الحثيث، ص٤٤ - ٤٥ (جمعاً بين المتن والهامش)، وينظر: كتاب الكفاية في علم الرواية، ص٢١، ومعرفة علوم الحديث (مقدمة ابن الصلاح)، ص١٧.

(٣) وقد علّق المددي هنا بقوله:

أي: سواءٌ أكان مسنداً إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أم إلى الصحابة ؛ وهو المسمَّى: بالموقوف.

٩٨

الحقل الثاني:

في

المتَّصل(١)

ويُسمَّى أيضاً: الموصول(٢) .

وهو ما اتّصل إسناده إلى المعصوم أو غيره، وكان كلّ واحد من رواته، قد سمعه ممَّن فوقه، أو ما هو في معنى السماع: كالإجارة، والمناولة.

وهذا القيد(٣) ، أخلّ به كثيرٌ، فورد عليهم ما تناوله ؛ سواءٌ كانَ مرفوعاً إلى المعصوم، أم موقوفاً على غيره.

وقد يُخص بما اتّصل إسناده إلى المعصوم، أو الصحابيّ، دون غيرهم.

هذا مع الإطلاق، أمَّا مع التقييد، فجائز مطلقاً [و] واقع ؛ كقولهم: هذا متّصل الإسناد بفلانٍ، ونحو ذلك.

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة المعتمدة (ورقة ٢٠، لوحة أ، سطر ٣): (وثانيها المتّصل) فقط، بدون (الحقل الثاني: في المتَّصل).

(٢) الخلاصةُ في أصول الحديث، ص٤٦، وينظر: الباعث الحثيث، ص٤٥.

(٣) أي: قوله: أو ما هو في معنى السماع. خطِّيَّة الدكتور محفوظ، ص٢٢.

٩٩

الحقل الثالث:

في

المرفوعِ(١)

- ١ -

وهو ما أضيف إلى المعصوم(٢) ؛ من قولٍ، بأن يقول في الرواية: أنَّهعليه‌السلام قال كذا، أوفعل ، بأن يقول: فعل كذا، أوتقرير ، بأن يقول: فعل فلان بحضرته كذا ولم ينكره عليه، فإنَّه يكون قد أقرَّه عليه، وأولى منه: ما لو صُرِّح بالتقرير.

سواء كان إسناده متَّصلاً بالمعصوم بالمعنى السابق، أم منقطعاً: بترك بعض الرواة، أو إبهامه، أو رواية بعض رجال سنده عمَّن لم يلقه(٣) .

وقد تبيَّن من التعريفات الثلاثة: أنَّ بين الأخيرين منها عموماً من وجه(٤) ؛ بمعنى: صدق كلٍّ منهما على شيء ممَّا صدق عليه الآخر، مع عدم استلزام صدق شيءٍ منهما صدق الآخر.

ومادّة تصادقهما هنا: فيما إذا كان الحديث متّصل الإسناد بالمعصوم، فإنَّه يصدق عليه الاتصال والرَّفع ؛ لشمول تعريفهما له.

ويختص المتّصل: بمتّصل الإسناد، على الوجه المقرَّر، مع كونه موقوفاً على غير المعصوم.

ويختصّ المرفوع: بما أضيف إلى المعصوم بإسناد منقطعٍ.

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة المعتمدة (ورقة ٢٠، لوحة أ، سطر ١٠): (وثالثها: المرفوع) فقط، بدون:(الحقل الثالث: في المرفوع).

(٢) وقد علَّقَ المددي هنا بقوله: (وعند العامّة: خصوص ما أُضيفَ إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ).

(٣) ينظر: الخلاصة في أصول الحديث، ص٤٦، والباعث الحثيث، ص٤٥.

وقد علّق المددي هنا بقوله: (مثاله: ما رواه الشيخ في التهذيب(٩/ ٢٦) بإسناده عن ابن أبي عُمير، عن زرارة، عن محمد بن مسلم...، فإنَّ ابن أبي عُمير، لم يلقِ زرارة ؛ فحديثه عنه مرفوع).

(٤) العموم المطلق، والعموم من وجه، والخصوص المطلق، والخصوص من وجه، بل كذلك العموم والخصوص من وجه، كلّ هذه وغيرها اصطلاحات منطقيَّة. ينظر من مثل: (كتاب المنطق)، للشيخ المظفَّر.

ويظهر من هذا الحقل: كيف أنَّ علمَ المنطق يدخل في خدمة الحديث ؛ وكيف أنَّ العلوم في مباحثها بلحاظٍ ولحاظٍ متداخلةٌ....

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

كذّابا ثم قال لهما : فردّاها عليه و أعلماه أنّه لا حاجة لي فيها و لا فيما عنده حتى ألقى اللَّه ربّي فيكون هو الحاكم بيني و بينه(١) .

و روى ( الكافي ) : ان رجلا من أصحاب أبي عبد اللَّهعليه‌السلام كان يدخل عليه فغبر زمانا(٢) لا يحجّ ، فدخل عليه بعض معارفه فقالعليه‌السلام : كيف فلان ؟ ما فعل ؟ قال : فجعل يضجع(٣) الكلام يظن انّهعليه‌السلام يعني الميسرة و الدنيا فقالعليه‌السلام له : كيف دينه ؟ فقال : كما تحبّ فقالعليه‌السلام : هو و اللَّه الغني(٤) .

و روى أن بلالا أقبل من جهة الحلبة ، فسأله رجل : من سبق ؟ قال :

المقرّبون قال : أسألك عن الخيل قال : و اجيبك عن الخير(٥) .

٤ الحكمة ( ٣٤ ) و قالعليه‌السلام :

أَشْرَفُ اَلْغِنَى تَرْكُ اَلْمُنَى أقول : نقله المصنف جزء عنوانه ٢١١ ٣ فذكره هنا تكرار ، و وجهه ما قاله في الديباجة من الاعتذار(٦) .

و كيف كان فوجه ما قالهعليه‌السلام ان من ترك المنى استغنى عن كثير من علائق الدنيا فيكون غناه أشرف غنى .

____________________

( ١ ) رجال الكشي : ٢٧ ٢٨ .

( ٢ ) غبر غبورا : مكث و في بعض النسخ ( فصبر زمانا ) .

( ٣ ) يضجع الكلام : أي يقصر فيه .

( ٤ ) الكافي ٢ : ٢١٦ ح ٤ .

( ٥ ) لم نعثر عليه في ترجمة بلال بن رباح انظر الاصابة ١ : ١٧٠ و طبقات ابن سعد ٣ : ٢٣٢ و حلية الأولياء ١ : ١٤٧ .

( ٦ ) في الكلمة التي أولها : الجود حارس الأعراض .

٢٤١

٥ الحكمة ( ٥٤ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ غِنَى كَالْعَقْلِ وَ لاَ فَقْرَ كَالْجَهْلِ وَ لاَ مِيرَاثَ كَالْأَدَبِ وَ لاَ ظَهِيرَ كَالْمُشَاوَرَةِ « لا غنى كالعقل » قال ابن أبي الحديد : في ( كامل المبرد ) قال أبو عبد اللَّهعليه‌السلام : خمس من لم تكن فيه ، لم يكن فيه كثير مستمتع : العقل ، و الدين ، و الأدب ، و الحياء ، و حسن الخلق(١) .

و قال أيضا : لم يقسم بين الناس شي‏ء أقل من خمس : اليقين و القناعة و الصبر و الشكر و الخامسة التي يكمل بها هذا كلّه العقل(٢) .

و قال أيضا : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان اللَّه ليبغض الضعيف الذي لا زبر له و الزبر العقل(٣) .

و قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما قسم اللَّه للعباد أفضل من العقل ، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل ، و فطر العاقل أفضل من صوم الجاهل ، و إقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل ، و ما بعث اللَّه رسولا حتى يستكمل فيه العقل حتى يكون عقله أفضل من عقول جميع امّته ، و ما يضمره في نفسه أفضل من

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٥ ، و أورده المجلسي في بحار الأنوار ١ : ٨٣ ، و لم نعثر عليه في الكامل ، لا في الطبعة البيروتية و لا في الطبعة المصرية القديمة و لا الحديثة ، و أيضا تمت مراجعة فهارس الكامل التي نظمها سيد كيلاني في الطبعة المصرية للناشر ( البابي ) و لربّما كان النصّ موجودا في الكتاب أيم ابن أبي الحديد فسقط مثله مثل الكثير من النصوص التي سقطت أما سهوا أو عمدا و قد نقل العلاّمة التستري النصّ من ابن أبي الحديد .

( ٢ ) أورده المجلس عن أبي الوليد عن ابن مطان عن أبي عبد اللَّهعليه‌السلام قال : لم يقسم بين العباد أقل من خمس : اليقين و القنوع و الصبر و الشكر ، و الذي يكمل به هذا كله العقل ، بحار الأنوار ١ : ٨٧ و ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ١٨ : ١٨٥ .

( ٣ ) معاني الأخبار للصدوق ٢ : ٣٤٤ ح ١ ، و ذكره ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٥ .

٢٤٢

اجتهاد جميع المجتهدين ، و ما أدّى العبد فرائض اللَّه تعالى حتى عقل عنه ، و لا يبلغ جميع العابدين في عباداتهم ما يبلغه العاقل ، و العقلاء هم أولو الألباب الذين قال تعالى عنهم و ما يَذَّكَّرُ إلاّ أولوا الألباب(١) .

و قال رجل من أصحاب أبي عبد اللَّهعليه‌السلام و قد سمعه يقول بل يروى مرفوعا ( إذا بلغكم عن رجل حسن حال فانظروا في حسن عقله فإنّما يجازى بعقله ) يا ابن رسول اللَّه إنّ لي جارا كثير الصدقة كثير الصلاة كثير الحجّ .

فقال : كيف عقله ؟ فقال : ليس له عقل فقال : لا يرتفع بذاك منه(٢) .

و قال : ما بعث اللَّه نبيّا إلاّ عاقلا ، و بعض النبيين أرجح من بعض ، و ما استخلف داود سليمان حتى اختبر عقله و هو ابن ثلاث عشرة سنة ، فمكث في ملكه ثلاثين سنة(٣) .

و قال : صديق كل امرى‏ء عقله ، و عدوّه جهله(٤) .

و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّا معاشر الأنبياء نكلّم الناس على قدر عقولهم(٥) .

و سئل ما العقل ؟ فقال : ما عبد به الرحمن ، و اكتسب به الجنان(٦) .

و قال : سئل الحسن بن عليعليهما‌السلام عن العقل فقال : التجرّع للغصة ،

____________________

( ١ ) مرّ ذكره في الصفحة ١٣ ، و ذكره ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٥ ١٨٦ و الآية ٢٦٩ من سورة البقرة .

( ٢ ) أخرجه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبي عبد اللَّه ، الكافي ١ : ٢٤ ح ١٩ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٦ .

( ٤ ) أخرجه الكليني عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن الجهم قال : سمعت الإمام الرضاعليه‌السلام يقول : . إلى آخر الحديث الكافي ١ : ١١ ح ٤ و ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ١٨ : ١٨٦ .

( ٥ ) أورده الحراني في تحف العقول بهذا اللفظ : إنّا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلّم . : ٢٦ و أورده العقيلي في الضعفاء بلفظ « أمرنا أن نكلّم » ١ : ٨٥ و في : ١٠٦ بدون هذا اللفظ .

( ٦ ) أخرجه الكليني عن أحمد بن إدريس عن محمّد بن عيد الجيار عن بعض الأصحاب رفعه إلى أبي عبد اللَّهعليه‌السلام ١ :

١١ ح ٣ و ذكره ابن أبي الحديد بسنده عن أبي العباس المبرد ١٨ : ١٨٦ .

٢٤٣

و مداهنة الأعداء(١) .

و قالعليه‌السلام : العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه ، و لا يسأل من يخاف منعه ، و لا يثق بمن يخاف غدره ، و لا يرجو من لا يوثق برجائه(٢) .

و قال : قال المبرد : روي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : كان موسىعليه‌السلام يدني رجلا لطول سجوده و طول صمته ، فلا يكاد يذهب إلى موضع إلاّ هو معه ، فبينا هو يوما من الإمام إذ مرّ على أرض معشبة تهتزّ ، فتأوّه الرجل ، فقال له موسىعليه‌السلام : على ماذا تأوهت ؟ قال : تمنيت أن يكون لربي حمار أرعاه هنا .

فأكبّ موسىعليه‌السلام طويلا ببصره إلى الأرض اغتماما بما سمع منه ، فانحطّ عليه الوحي : ما الذي أنكرت من مقالة عبدي ، إنّما آخذ عبادي على قدر ما آتيتهم(٣) .

قال : و روى عن عليعليه‌السلام : هبط جبرئيل على آدمعليه‌السلام بثلاث ليختار واحدة و يدع اثنتين ، و هي العقل و الحياء و الدين ، فاختار العقل فقال جبرئيل :

للحياء و الدين انصرفا ، فقالا : إنّا امرنا أن نكون مع العقل حيث كان فقال :

فشأنكما ، ففاز بالثلاث(٤) .

قلت : و في السير : أتى نصيب الشاعر عبد الملك ، فأنشده فاستحسن شعره و وصله ثم دعا بالطعام فأكل معه ، فقال له : هل لك في المنادمة ؟ فقال له : تأمّلني قال : قد أراك قال : جلدي أسود و خلقي مشوّه و وجهي قبيح و لست في منصب ، و إنّما بلغ بي مجالستك و مؤاكتك عقلي ، و أنا أكره أن أدخل عليه

____________________

( ١ ) بحار الأنوار ١ : ١٣٠ ، بحار الأنوار ٧٥ : ٣٩٤ و عن أمير المؤمنين مثله و زاده مداراة الأصدقاء و ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ١٨ : ١٨٦ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٧ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٧ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٧ ، و ذكره الصدوق في المواعظ : ١٢٥ ح ١ .

٢٤٤

ما ينقصه ، فأعجبه كلامه فأعفاه(١) .

« و لا فقر كالجهل » قال شاعر :

و لم أر مثل الجهل أدنى إلى الردى

و لا مثل بغض الناس غمض صاحبه

أيضا :

تعلم فليس المرء يولد عالما

و ليس أخو علم كمن هو جاهل

و إنّ كبير القوم لا علم عنده

صغير إذا التفّت عليه المحافل(٢)

و في ( عيون ابن قتيبة ) : خرج الوليد بن يزيد حاجّا و معه عبد اللَّه بن معاوية بن عبد اللَّه بن جعفر ، فكانا ببعض الطريق يلعبان بالشطرنج ، فاستأذن عليه رجل من ثقيف ، فأذن له و ستر الشطرنج بمنديل ، فلمّا دخل سلّم فسأله حاجته فقال له الوليد : أقرأت القرآن قال : لا قال : أفتعرف الفقه قال : لا قال :

أفرويت من الشعر شيئا ؟ قال : لا قال : أفعلمت من أيام العرب شيئا ؟ قال : لا .

فكشف الوليد المنديل و قال لعبد اللَّه ما معنا أحد(٣) .

و في السير : لمّا قدم عبد الملك الكوفة بعد قتل مصعب ، جلس لعرض أحياء العرب ، فقام إليه معبد الجدلي و كان قصيرا دميما فتقدّمه إليه رجل حسن الهيئة ، فنظر إليه عبد الملك و قال : من أنت ؟ فسكت و لم يقل شيئا قال معبد و كان منّا فقلت من خلفه : نحن من جديلة ، فأقبل على الرجل و تركني و قال له : من أيّكم ذو الأصبع قال الرجل : لا أدري قلت : كان عدوانيا ، فأقبل على الرجل و تركني و قال له : لم سمّي ذو الاصبع قال : لا أدري قلت : نهشته حيّة في اصبعه فيبست فأقبل على الرجل و تركني فقال : و بم كان يسمّى قبل

____________________

( ١ ) ذكره المبرد الحكاية في ( الفاضل ) : ٣١٧ و نسب الحكاية إلى عبد اللَّه بن جعفر و ليس عبد الملك بن مروان .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٣١ .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ١٢٠ ١٢١ بتصرف .

٢٤٥

ذلك ؟ قال : لا أدري قلت : كان يسمّى حرثان فأقبل على الرجل و تركني و قال له : من أيّ عدوان كان ؟ فقلت من خلفه : من بني ناج الذين يقول فيهم الشاعر :

و أمّا بنو ناج فلا تذكرنّهم

و لا تتبعن عينيك ما كان هالكا

إذا قلت معروفا لاصلح بينهم

يقول و هيب لا اسلّم ذلكا

فأضحى كظهر الفحل جُبّ سنامه

يدبّ إلى الأعداء أحدب باركا

فأقبل على الرجل و تركني فقال له : أنشدني قوله

« عذير الحي من عدوان »

قال : لا أدري قلت : إن شئت أنشدتك قال : ادنّ منّي فإنّي أراك بقومك عالما ، فأنشدته أبياته فقال للرجل : كم عطاؤك ؟ قال : ألفان و قال لي : كم عطاؤك ؟ قلت : خمسمائة فأقبل على كاتبه و قال : إجعل الألفين لهذا و الخمسمائة لهذا ، فانصرفت بها(١) .

« و لا ميراث كالأدب » في أدب كاتب الصولي : قال فضل البريدي : كان ولد محمد بن نصر بن بسّام يقرأون عليّ الشعر ، و كذلك أولاد عبد اللَّه بن إسحاق بن إبراهيم و كانوا ادباء ، و كان محمد بن نصر و عبد اللَّه بن إسحاق منفردين ، فجلسا يوما في مجلس فيه أولادهما و مدّت ستارة لم يسمع الناس بأحذق في الغناء ممّن خلفها ، و في المجلس ما يكون مثله في مجالس الخلفاء و أزيد ، فغنت صاحبة الستارة شعرا لجرير :

ألا حيّ الديار بسعد(٢) إني

أحبّ لحبّ فاطمة الديارا

فقال عبد اللَّه لمحمد : لو لا جهل الأعراب ما معنى السعد ها هنا .

فقال محمد : لا تغفل ، فإنّه يقوّي معدهم و يصلح أسنانهم .

قال فضل البريدي : فقال لي علي بن محمد : يا استاذ إصفع أيّا شئت

____________________

( ١ ) الأغاني للأصفهاني ٣ : ٩١ ٩٢ و ذكره شرح ابن أبي الحديد مع فارق في شرح نهج البلاغة ١٨ : ٩٥ .

( ٢ ) سعد : بالضم موضع بنجد .

٢٤٦

منهما و اجعله أبي(١) .

و في ( بيان الجاحظ ) : لحن الوليد بن عبد الملك على المنبر ، فقال الكروس : لا و اللَّه ان رأيته على هذه الأعواد قط فأمكنني أن أملأ عينيّ منه ، من كثرته في عيني و جلالته ، فإذا لحن هذا اللحن الفاحش صار عندي كبعض أعوانه قال عبد الملك : أضرّ بالوليد حبّنا له فلم نوجهه إلى البادية(٢) .

و من الادباء في عصر السفّاح ، خالد بن صفوان الذي نقل ( مروج المسعودي ) عنه مباحثة بين رجل و امرأة و أن المرأة تقول للرجل : من أي قبيلة أنت ؟ فيقول الرجل : من القبيلة الفلانية فتقول المرأة هذه القبيلة : قال الشاعر فيها : و تذكر أبيات هجو و يقول الرجل بل من قبيلة اخرى ، فتفعل كذلك في كلّ قبيلة سمّاها حتى قبيلة هاشم ، فقال السفّاح لخالد : إن كنت تقوّلت هذا الخبر و نظمت فيمن ذكرت هذه الأشعار ، فأنت سيّد الكاذبين ، و ان كان الخبر حقّا فتلك المرأة من أحضر الناس جوابا و أبصرهم بمثالب الناس(٣) .

و كان الجاحظ يتعجّب من قول خالد في وصف أهل اليمن أنّهم بين حائك برد ، و دابغ جلد ، ملكتهم امرأة ، و أغرقتهم فأرة ، و دلّ عليهم هدهد(٤) .

و من الأدباء في عصر المتوكل ، أبو العيناء ، كان آية عجيبة في ذلك(٥) .

و قال ابن أبي الحديد : في حكم الفرس عن بزرجمهر : ما ورّثت الآباء أبناءها شيئا أفضل من الأدب ، لأنّها إذا ورّثتها الأدب اكتسبت بالأدب المال ،

____________________

( ١ ) الصولي ، أدب الكتاب : ١٧١ .

( ٢ ) البيان و التبيين للجاحظ ٢ : ٢٠٥ .

( ٣ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٢٧١ .

( ٤ ) ذكره شرح ابن أبي الحديد و نسبه إلى خالد بن صفوان ١ : ٢٩٧ .

( ٥ ) هو أبو عبد اللَّه محمد بن القاسم صاحب النوادر و الشعر و الأدب ، أصله من اليمامة و مولده الأهواز و منشؤه البصرة ( وفيات الاعيان لابن خلكان ٤ : ٣٤٣ ) .

٢٤٧

و إذا ورّثتها المال بلا أدب أتلفتها بالجهل و قعدت صفرا من المال و الأدب(١) .

و قال بعض الحكماء : من أدب ولده صغيرا سرّ به كبيرا(٢) .

و ثلاثة لا غربة معهن ، مجانبة الريب ، و حسن الأدب ، و كفّ الأذى(٣) .

و عليكم بالأدب ، فانّه صاحب في السفر ، و مؤنس في الوحدة ، و جمال في المحفل ، و سبب إلى طلب الحاجة(٤) .

و قال بزرجمهر : من كثر أدبه كثر شرفه و ان كان قبل وضيعا ، و بعد صيته و إن كان خاملا ، و ساد و إن كان غريبا ، و كثرت الحاجة إليه و إن كان مقلاّ(٥) .

و قال بعض الملوك لبعض وزرائه : ما خير ما يرزقه العبد ؟ قال : عقل يعيش به قال : فان عدمه ؟ قال : أدب يتحلّى به قال : فان عدمه ؟ قال : مال يستتر به قال : فان عدمه ؟ قال : صاعقة تحرقه فتريح منه العباد و البلاد(٦) .

« و لا ظهير كالمشاورة » قال أعرابي : ما غبنت حتى يغبن قومي قيل له :

كيف ذلك ؟ قال : لأني لا أفعل شيئا حتى أشاورهم(٧) .

و قال بشّار :

إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن

بحزم نصيح أو نصاحة حازم

و لا تجعل الشورى عليك غضاضة

فريش الخوافي تابع للقوادم(٨)

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٧ .

( ٢ ) المصدر نفسه .

( ٣ ) المصدر نفسه .

( ٤ ) معجم الادباء لياقوت الحموي ١ : ٧٤ ، و أيضا ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٨ : ١٨٨ .

( ٥ ) معجم الادباء لياقوت الحموي ١ : ٧٤ ، و أيضا ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٨ : ١٨٨ .

( ٦ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٨٨ .

( ٧ ) ذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار ١ : ٣٢ ، و ذكره ابن عبد ربه بلفظ مشابه في العقد الفريد ٢ : ٤١٣ .

( ٨ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣٨٣ و عجز البيت الثاني فيه فإن الخوافي عدّة للقوادم في الشعر و الشعراء : ٨٤ باللفظ

٢٤٨

و عن الأصمعي قلت لبشّار : رأيت رجال الرأي يعجبون من أبياتك في المشورة فقال : أو ما علمت أنّ المشاور بين احدى الحسنيين : صواب يفوز بثمرته ، أو خطأ يشارك في مكروهه فقلت له : أنت و اللَّه في هذا الكلام أشعر منك في شعرك(١) .

و في ( المبهج ) : ثمرة رأي الأديب المشير أحلى من الأرى(٢) المشور(٣) .

٦ الخطبة ( ١٠١ ) ( و منها ) :

اَلْعَالِمُ مَنْ عَرَفَ قَدْرَهُ وَ كَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلاً أَلاَّ يَعْرِفَ قَدْرَهُ وَ إِنَّ مِنْ أَبْغَضِ اَلرِّجَالِ إِلَى اَللَّهِ لَعَبْداً وَكَلَهُ اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى نَفْسِهِ جَائِراً عَنْ قَصْدِ اَلسَّبِيلِ سَائِراً بِغَيْرِ دَلِيلٍ إِنْ دُعِيَ إِلَى حَرْثِ اَلدُّنْيَا عَمِلَ وَ إِنْ دُعِيَ إِلَى حَرْثِ اَلْآخِرَةِ كَسِلَ كَأَنَّ مَا عَمِلَ لَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَ كَأَنَّ مَا وَنَى فِيهِ سَاقِطٌ عَنْهُ « و منها » هكذا في الطبعة ( المصرية )(٤) ، و الصواب : ( منها ) كما في ابن أبي الآتي و ذكره ابن قتيبة :

إذا بلغ الرأي النصيحة فاستعن

برأي نصيح أو نصيحة حازم

و لا تحسب الشورى عليك غضاضة

فإن الخوافى راد فات القوادم

____________________

( ١ ) ذكره الجرجاني في الكنايات : ٦٠ بهذا اللفظ :

قال الأصمعي : قلت لبشار ما احسن ابياتك يا أبا معاذ يريدها فقال : أو ما علمت ان المشاورة بين إحدى الحسنيين ، صواب يفوز بثمرته أو خطأ يشارك في مكروهه ، فقلت له هذا و اللَّه أحسن من الشعر .

( ٢ ) الأرى : العسل .

( ٣ ) ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ١٨ : ٣٨٣ بقوله : و من ألفاظهم البديعة و لم يشر إلى قائله ، و لم نعثر على كتاب المبهج .

( ٤ ) في النسخة المصرية المنقحة ٢٤٨ : ( منها ) .

٢٤٩

الحديد(١) و ابن ميثم(٢) و الخطية(٣) ، و لأنه لا وجه للعطف .

« العالم من عرف قدره ، و كفى بالمرء جهلا ألاّ يعرف قدره » في ( الكافي ) عنهعليه‌السلام : ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه ، و لا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه(٤) .

« و ان من أبغض الرجال إلى اللَّه » ليست كلمة « إلى اللَّه » في الطبعة ( المصرية ) مع انّها موجودة في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) و الخطية(٥) .

« لعبدا وكله اللَّه إلى نفسه جائرا عن قصد السبيل » أي : مائلا عن عدل الطريق .

« سائرا بغير دليل » و لا بد في مثله أن يضلّ و لا يصل إلى مقصد .

و روى ( بدع الكافي ) عنهعليه‌السلام : إنّ من أبغض الخلق إلى اللَّه تعالى لرجلين : رجلا وكله اللَّه تعالى إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل مشعوف بكلام بدعة قد لهج بالصوم و الصلاة ، فهو فتنة لمن افتتن به ضالّ عن هدى من كان قبله مضلّ لمن اقتدى به في حياته و بعد موته ، حمّال خطايا غيره ، رهن بخطيئته(٦) .

« إن دعي إلى حرث الدّنيا عمل ، و إن دعي إلى حرث الآخرة كسل ، كأنّ ما عمل له واجب عليه ، و كأن ماونى » أي : ضعف و فتر .

« فيه ساقط عنه » .

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ١٠٧ .

( ٢ ) شرح ابن ميثم ٣ : ١٨ .

( ٣ ) النسخة الخطية ( المرعشي ) : ٨٥ .

( ٤ ) الكافي للكليني ١ : ٥١ ح ١٤ ، أخرجه عن أبي عائشة البصري مرفوعا .

( ٥ ) النسخة المصرية المصححة تتضمن لفظ « إلى اللَّه » خلافا لمّا ذكر و المتعلق بالنسخة القديمة .

( ٦ ) الاصول الكافي للكليني ١ : ٥٥ ح ٦ أخرجه عن مسعدة بن صدقة .

٢٥٠

روى ( الكافي ) عنهعليه‌السلام قال : أيّها الناس إعلموا أنّ كمال الدين طلب العلم و العمل به ، ألا و إنّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال ، إنّ المال مقسوم مضمون لكم ، قد قسّمه عادل بينكم و ضمنه و سيفي لكم ، و العلم مخزون عند أهله و قد امرتم بطلبه من أهله فاطلبوه(١) .

و قد نظم البهائي « ره » مضمون قولهعليه‌السلام ( ان دعي إلى حرث الدّنيا عمل و ان دعي إلى حرث الآخرة كسل ) بالفارسية ، فقال مشيرا إلى الحرثين :

در ره آن تيز هوش و زيركى

در ره اين كند فهم و احمقى

در ره آن ميدوى از جان و دل

در ره اين ميروى چون خر به گل(٢)

٧ الحكمة ( ١١٣ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ مَالَ أَعْوَدُ مِنَ اَلْعَقْلِ وَ لاَ وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ اَلْعُجْبِ وَ لاَ عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَ لاَ كَرَمَ كَالتَّقْوَى وَ لاَ قَرِينَ كَحُسْنِ اَلْخُلُقِ وَ لاَ مِيرَاثَ كَالْأَدَبِ وَ لاَ قَائِدَ كَالتَّوْفِيقِ وَ لاَ تِجَارَةَ كَالْعَمَلِ اَلصَّالِحِ وَ لاَ رِبْحَ كَالثَّوَابِ وَ لاَ وَرَعَ كَالْوُقُوفِ عِنْدَ اَلشُّبْهَةِ وَ لاَ زُهْدَ كَالزُّهْدِ فِي اَلْحَرَامِ وَ لاَ عِلْمَ كَالتَّفَكُّرِ وَ لاَ عِبَادَةَ كَأَدَاءِ اَلْفَرَائِضِ وَ لاَ إِيمَانَ كَالْحَيَاءِ وَ اَلصَّبْرِ وَ لاَ حَسَبَ كَالتَّوَاضُعِ وَ لاَ شَرَفَ كَالْعِلْمِ وَ لاَ مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ اَلْمُشَاوَرَةِ أقول : هو جزء خطبة الوسيلة التي خطبعليه‌السلام بها لسبعة أيام من وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كما رواه ( روضة الكافي ) عن الباقرعليه‌السلام ، لكن فيه : أيها الناس

____________________

( ١ ) من الكافي للكليني ١ : ٣٠ ٣١ ح ٤ ، أخرجه عن أبي اسحاق السبيعي عمّن حدّثه .

( ٢ ) ورد في ( الكليات ) باختلاف طفيف ، راجع كليات الشيخ البهائي : ١٧ .

٢٥١

إنّه لا مال أعود من العقل ، و لا فقر أشدّ من الجهل ، و لا واعظ أبلغ من النصح ، و لا عقل كالتدبّر ، و لا علم كالتفكّر ، و لا مظاهرة أوثق من المشاورة ، و لا وحشة أشدّ من العجب ، و لا ورع كالكفّ عن المحارم ، و لا حلم كالصبر و الصمت(١) .

« لا مال أعود من العقل » في ( كنز الكراجكي ) قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

العقل ولادة ، و العلم إفادة ، و مجالسة العلماء زيادة(٢) .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : ليس بين الإيمان و الكفر إلاّ قلّة العقل(٣) .

قيل : و كيف ذاك ؟ قال : ان العبد يرفع رغبته إلى مخلوق ، فلو أخلص نيّته للَّه لأتاه الذي يريد في أسرع من ذلك(٤) .

و في ( عيون القتيبي ) : لو صور العقل لا ظلمت معه الشمس(٥) .

« و لا وحدة أوحش من العجب » في ( عقاب الأعمال ) عن أبي جعفرعليه‌السلام : انّ اللَّه تعالى فوّض الأمر إلى ملك من الملائكة فخلق سبع سماوات و سبع أرضين و أشياء فلما رأى الأشياء قد انقادت له قال : من مثلي ؟ فأرسل اللَّه تعالى نويرة من نار مثل انملة ، فاستقبلها بجميع ما خلق حتى وصلت إليه لمّا أن دخله العجب(٦) .

و في ( تفسير القمي ) : لمّا كلّم اللَّه تعالى موسىعليه‌السلام و أنزل عليه الألواح رجع إلى بني اسرائيل ، فصعد المنبر فأخبرهم أنّ اللَّه كلّمه و أنزل عليه التوراة

____________________

( ١ ) الروضة من الكافي للكليني ٨ : ١٨ ح ٤ .

( ٢ ) كنز الفوائد للكراجكي ١ : ٥٦ .

( ٣ ) يعني ان قليل العقل متوسط بين المؤمن و الكافر ، فليس مؤمنا حقيقيا كاملا لمّا فيه من قصور العقل .

( ٤ ) الكافي للكليني ١ : ٢٨ ح ٣٣ اسنده إلى محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن بعض الأصحاب عن الإمام الصادقعليه‌السلام .

( ٥ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٢٨٠ نقلا عن أعرابي .

( ٦ ) ثواب الأعمال و عقاب الأعمال للصدوق : ٥٧١ .

٢٥٢

ثم قال في نفسه : ما خلق اللَّه خلقا أعلم منّي فأوحى اللَّه تعالى إلى جبرئيل أدرك موسى فقد هلك ، و أعلمه أنّ عند ملتقى البحرين عند الصخرة الكبيرة رجلا أعلم منك فصر إليه و تعلّم من علمه ، فنزل جبرئيل على موسىعليه‌السلام و أخبره بذلك .(١) .

« و لا عقل كالتدبير » قد عرفت أن ( روضة الكافي ) رواه « و لا عقل كالتدبّر » و كلاهما صحيح في نفسه(٢) .

و في الخبر : ينبغي للعاقل أن لا يرى إلاّ في إحدى ثلاث تزود لمعاد ، أو مرمّة لمعاش ، أو لذّة في غير محرم ، و ينبغي للعاقل أن يكون عارفا بزمانه ، حافظا للسانه ، مقبلا على شأنه(٣) .

و عن الباقرعليه‌السلام : الكمال كل الكمال ، التفقّه في الدين ، و الصبر على النّائبة ، و تقدير المعيشة(٤) .

« و لا كرم كالتقوى » :

إذا أنت لم تلبس لباسا من التقى

تقلّبت عريانا و إن كنت كاسيا

« و لا قرين كحسن الخلق » عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا زعيم بيت في ربض الجنّة و بيت في وسط الجنّة و بيت في أعلى الجنّة لمن ترك المراء و ان كان محقّا ، و لمن ترك الكذب و إن كان هازلا ، و لمن حسّن خلقه(٥) .

____________________

( ١ ) تفسير القمي ٢ : ٣٧ .

( ٢ ) الروضة من الكافي للكليني ٨ : ١٨ ح ٤ .

( ٣ ) أورده المجلسي في بحار الأنوار ٧٧ : ٤٩ عن الإمام الرضاعليه‌السلام بلفظ : لا ينبغي للعاقل أن يكون ضاعنا الاّ في ثلاث : حرمة لمعاش و تزود لمعاد ، أو لذّة في غير محرم .

( ٤ ) الاصول من الكافي للكليني ١ : ٣٢ ح ٤ و أخرجه عن محمّد بن إسماعيل نقله المجلسي في بحار الأنوار ٧٨ :

١٧٢ .

( ٥ ) أخرجه أبو داود عن محمّد بن عثمان في ( سننه ) بلفظ « أنا زعيم ببيت في ربض » سنن أبي داود ٤ : ٢٥٣ ح ٤٨٠٠ .

كذا أخرجه المنذري في الترغيب و الترهيب عن معاذ بن جبل بلفظ « ببيت » أيضا و بدلا من « هازلا » ذكر « مازحا »

٢٥٣

و في ( تاريخ بغداد ) : كان الفضل بن يحيى عبسا بسرا و كان سخيا كريما ، و كان أخوه جعفر طلقا بشرا و كان بخيلا لا عطاء له ، و كان الناس إلى لقاء جعفر أميل منهم إلى لقاء الفضل(١) .

قلت : فكان الفضل كمن قيل فيه بالفارسية « من عطايش را بلقايش بخشيدم » .

« و لا ميراث كالأدب » قال الشعبي : حلي الرجال العربية و حلي النساء الشحم .

و قال سعيد بن سلم : دخلت على الرشيد فبهرني هيبة و جمالا ، فلما لحن خفّ في عيني(٢) .

و قال أبو عمرو الشيباني : تكلّم المنصور في مجلس فيه أعرابي فلحن ، فصرّ الأعرابي اذنيه ، فلحن مرّة اخرى أعظم من الاولى فقال الأعرابي : افّ لهذا ما هذا ؟ ثم تكلّم فلحن الثالثة فقال الأعرابي : أشهد لقد وليت هذا الأمر بقضاء و قدر(٣) .

و عن الضحّاك السّكسكي قال : كنّا مع سليمان بن عبد الملك بدابق إذ قام إليه السحّاح الأزدي الموصلي فقال : إنّ أبينا هلك و ترك مال كثير ، فوثب أخانا على مال أبانا فأخذه فقال سليمان : فلا رحم اللَّه أباك ، و لا نيح عظام أخيك ، و لا بارك لك في ما ورثت أخرجوا هذا اللّحّان عنّي ، فأخذ بيده بعض الشاكرية فقال : قم فقد آذيت أمير المؤمنين بالضم فقال سليمان : و هذا انظر المنذري : الترغيب و الترهيب ١١ : ١٣ .

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ١٢ : ٣٣٤ .

( ٢ ) معجم الادباء لياقوت الحموي ١ : ٨٣ و نسبه ابن قتيبة في عيون الأخبار ٤ : ٣٠ إلى ابن شبرمة .

( ٣ ) معجم الادباء لياقوت الحموي ١ : ٨٤ .

٢٥٤

العاض بظر امّه ، إسحبوا برجله(١) .

و أخذ عبد الملك رجلا كان يرى رأي الخوارج فقال له ألست القائل :

و منّا سويد و البطين و قعنب

و منّا أمير المؤمنين شبيب

فقال : إنّما قلت : « أمير المؤمنين » أي : يا أمير المؤمنين ، فأمر بتخلية سبيله(٢) .

و قال رجل للحسن : ما تقول في من ترك أبيه و أخيه ؟ فقال الحسن : ترك أباه و أخاه فقال الرجل : فما لأباه و أخاه قال الحسن : إنّما هو « فما لأبيه و أخيه » فقال الرجل : ما أشد خلافك عليّ قال : أنت أشد خلافا عليّ ، أدعوك إلى الصواب و تدعوني إلى الخطأ(٣) .

و عن ابن المبارك : تعلّموا العلم شهرا و الأدب شهرين(٤) .

و قال رجل لبنيه : أصلحوا من ألسنتكم ، فإنّ الرجل تنوبه النائبة يحتاج أن يتجمّل فيها فيستعير من أخيه دابّة و من صديقه ثوبا و لا يجد من يعيره لسانا(٥) .

« و لا قائد كالتوفيق » من اللَّه تعالى .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : ان اللَّه تعالى إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور فأضاء لها سمعه و قلبه ثم تلا هذه الآية فمن يرد اللَّه أن يهديه يشرح صدره للاسلام و من يرد أن يضلّه يجعل صدره ضيّقا حرجا

____________________

( ١ ) المصدر نفسه .

( ٢ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ١ : ٨٨ ، و ذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار ٢ : ١٥٥ .

( ٣ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ١ : ٨٧ .

( ٤ ) المصدر نفسه ١ : ٨٩ .

( ٥ ) المصدر نفسه .

٢٥٥

كأنّما يصَّعَّد في السماء(١) .

« و لا تجارة كالعمل الصالح » في أرباحها و الأمن من الخسران فيها .

( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللَّه كمثل حبّة أنبتت سبع سنابل في كلّ سنبلة مائة حبّة و اللَّه يضاعف لمن يشاء و اللَّه واسع عليم ) (٢) .

« و لا ربح كالثواب » في الخبر : ينادي ملك كلّ يوم : يا صاحب الخير أتمّ و أبشر(٣) .

« و لا ورع كالوقوف عند الشبهة » لئلاّ يقع في الحرام فيهلك .

« و لا زهد كالزّهد في الحرام » و أمّا الزهد في المباح فليس بذاك ، قال تعالى :

( قل من حرّم زينة اللَّه الّتي أخرج لعباده و الطيّبات من الرزق ) (٤) .

« و لا علم كالتفكر » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : أفضل العبادة إدمان التفكّر في اللَّه و في قدرته(٥) .

و عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : التفكّر يدعو إلى البر و العمل به ، نبّه بالتفكّر قلبك و جاف عن الناس جنبك و اتّق اللَّه ربّك(٦) .

و في الخبر : التفكر مرآتك تريك سيئاتك و حسناتك(٧) .

« و لا عبادة كأداء الفرائض » في الخبر أعبد الناس من أقام الفرائض(٨) .

« و لا ايمان كالحياء و الصبر » أما الحياء ففي الكافي عن الصادقعليه‌السلام :

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ١ : ٣٤٣ ح ٣٠ و الآية ١٢٥ من سورة الأنعام .

( ٢ ) البقرة : ٢٦١ .

( ٣ ) بحار الأنوار للمجلسي ٥٨ : ١٤٣ مرويا عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام .

( ٤ ) الأعراف : ٣٢ .

( ٥ ) الكافي ٢ : ٥٤ ح ٢ .

( ٦ ) هما حديثان للإمام عليّعليه‌السلام بلفظ ( التفكير يدعو ) و ( جاف عن الليل ) ، الكافي ٢ : ٥٤ ٥٥ ح ١ و ٢ .

( ٧ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧١ : ٣٢٥ الرواية ١٩ .

( ٨ ) أخرجه الصدوق في معاني الأخبار عن أبي حمزة الثمالي عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله ٢ : ١٩٥ ح ١ .

٢٥٦

الحياء و الايمان مقرونان في قرن ، فاذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه(١) .

و عنهعليه‌السلام : لا إيمان لمن لا حياء له و أمّا الصبر فهو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد .

« و لا حسب كالتواضع » يقال : إسمان متضادّان بمعنى واحد التواضع و الشرف و عن الصادقعليه‌السلام : وقع بين سلمان الفارسي و رجل خصومة ، فقال الرجل لسلمان : من أنت ؟ فقال : سلمان ، أمّا أوّلي و أوّلك فنطفة قذرة ، و أما آخري و آخرك فجيفة منتنة ، فإذا كان يوم القيامة و وضعت الموازين فمن ثقل ميزانه فهو الكريم و من خف ميزانه فهو اللئيم .

« و لا شرف كالعلم » قال الباقرعليه‌السلام : عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد .

و أيّ شرف أعلى من شرف العلم و قد جعل اللَّه تعالى صاحب العلم رديف نفسه و ملائكته ، قال تعالى :( شهد اللَّه أنّه لا إله إلاّ هو و الملائكة و أولوا العلم ) (٢) .

« و لا مظاهرة أوثق من المشاورة » قال حكيم : إذا شاورت عاقلا صار عقله لك و قد قيل : نصف عقلك مع أخيك فاستشره .

و في الصديق و الصداقة للتوحيدي قال حكيم : إذا استشارك عدوّك فامحضه النصيحة ، فإنّه إن عمل برأيك و انتفع ندم على تفريطه في مناوأتك و أفضت عداوته إلى المودة ، و إن خالفك و استضرّ عرف قدر أمانتك بنصحه و بلغت مناك في مكروهه(٣) .

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ١٠٦ ح ٤ .

( ٢ ) آل عمران : ١٨ .

( ٣ ) لم نعثر على النصّ في الصداقة و الصديق لأبي حيان التوحيدي ( طبع مصر ) .

٢٥٧

٨ الحكمة ( ٢٥٩ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْوَفَاءُ لِأَهْلِ اَلْغَدْرِ غَدْرٌ عِنْدَ اَللَّهِ وَ اَلْغَدْرُ لِأَهْلِ اَلْغَدْرِ وَفَاءٌ عِنْدَ اَللَّهِ في ( الطبري ) : كان مالك بن أبي السمح المغني و عمرو الوادي مع الوليد بن يزيد لمّا حصر ، فلما تفرّق أصحابه عنه قال مالك لعمرو : إذهب بنا فقال عمرو : ليس هذا من الوفاء و نحن لا يعرض لنا لأنّا لسنا ممّن يقاتل فقال له مالك : ويلك و اللَّه لئن ظفروا بنا لا يقتل أحد قبلي و قبلك فيوضع رأسه مع رأسينا و يقال للناس انظروا من كان معه في هذه الحال ، فلا يعيبونه بشي‏ء أشد من هذا ، فهربا و قتل و كان قتله سنة ( ١٢٦ ) .

و فيه بعد ذكر شفاعة عبد اللَّه بن عمر للمختار عند عاملي ابن الزبير على الكوفة لمّا حبساه دعواه فحلّفاه باللَّه الذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم لا يبغيهما غائلة و لا يخرج عليهما ما كان لهما سلطان ، فان هو فعل فعليه ألف بدنة ينحرها عند رتاج الكعبة ، و مماليكه كلّهم ذكرهم و انثاهم احرار ، فحلف لهما بذلك ثم خرج فقال :

قاتلهم اللَّه ما أحمقهم حين يرون أنّي أفي لهم بأيمانهم هذه ، أمّا حلفي لهم باللَّه فانه ينبغي لي إذا حلفت على يمين فرأيت ما هو خير منها أن أدع ما حلفت عليه و آتي الذي هو خير و أكفر يميني ، و خروجي عليهم خير من كفّي عنهم .(١) .

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٥ : ٥٥٦ .

٢٥٨

٩ الخطبة ( ٣٢٧ ) و قالعليه‌السلام :

مَا ظَفِرَ مَنْ ظَفِرَ اَلْإِثْمُ بِهِ وَ اَلْغَالِبُ بِالشَّرِّ مَغْلُوبٌ أقول : في ( اللهوف على قتلى الطفوف ) : أقبل ابن زياد على زينب فقال :

الحمد للَّه الذي فضحكم و أكذب أحدوثتكم فقالت : إنّما يفتضح الفاسق و يكذب الفاجر و هو غيرنا فقال : كيف رأيت صنع اللَّه بأخيك و بأهل بيتك ؟ فقالت : ما رأيت إلاّ جميلا ، هؤلاء قوم كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم و سيجمع اللَّه بينك و بينهم فتحاجّ و تخاصم ، فانظر لمن الفلج يومئذ(١) .

و ( فيه ) أيضا في شرح ورود أهل بيت الحسينعليه‌السلام على يزيد : فقامت زينب و قالت : أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض و آفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الاسارى ، أنّ بنا هوانا على اللَّه و بك عليه كرامة ؟ فشمخت بأنفك و نظرت في عطفك جذلان مسرورا حين رأيت لك الدنيا مستوسقة و الامور متّسقة ، و حين صفالك ملكنا و سلطاننا إلى أن قالت فكد كيدك واسع سعيك ، فو اللَّه لا تمحو ذكرنا و لا تميت وحينا و لا تدرك أمدنا و لا ترحض عنك عارها ، و هل رأيك إلاّ فندو أيّامك إلاّ عدد و جمعك إلاّ بدد ، و يوم يناد المناد ألا لعنة اللَّه على الظالمين(٢) .

هذا و قال ابن أبي الحديد : بعد العنوان « و نظير قولهعليه‌السلام هذا قوله : من قصّر في الخصومة ظُلِم و من بالغ فيها أثم »(٣) .

____________________

( ١ ) ابن طاووس ، اللهوف في قتلى الطفوف : ١٤٢ .

( ٢ ) المصدر نفسه : ١٦٤ ١٦٦ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٣٩ .

٢٥٩

قلت : أين ذاك الكلام من هذا الكلام ، فان كلاّ منهما في مقام ، فإنّ المقصود من ذاك أنّ الخصومة أمر يعسر معه القيام على الجادة الوسطى حتى لا يكون ظالما و لا مظلوما ، و أمّا هذا فالمراد به أنّ الظافر على صاحبه بالشر و الغالب عليه بالإثم مغلوب و منكوب في الحقيقة و ان كان في الظاهر غالبا و ظافرا .

و إنّما نظير قولهعليه‌السلام هذا قول ابنه الصادقعليه‌السلام حين دخل عليه رجلان مدارأة بينهما في خصومة ، فلما أن سمع كلامهما قال : « ما ظفر أحد بخير من ظفر بظلم ، أما إنّ المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر ممّا يأخذ الظالم من مال المظلوم ، من يفعل الشر بالناس فلا ينكر الشر إذا فعل به ، إنّما يحصد ابن آدم ما يزرع ، و ليس يحصد أحد من المرّ حلوا و من الحلو مرّا » فاصطلح الرجلان(١) .

١٠ الحكمة ( ٤٢٨ ) و قالعليه‌السلام في بعض الاعياد :

إِنَّمَا هُوَ عِيدٌ لِمَنْ قَبِلَ اَللَّهُ صِيَامَهُ وَ شَكَرَ قِيَامَهُ وَ كُلُّ يَوْمٍ لاَ يُعْصَى اَللَّهُ فِيهِ فَهُوَ عِيدٌ « في بعض الأعياد » أي : الفطر بقرينة ذكر الصيام و القيام فيه .

« إنّما هو عيد لمن قبل اللَّه صيامه » و قبول الصيام بالكفّ عن جميع المحرّمات لا خصوص المفطرات ، و إنّما الكفّ عنها يوجب سقوط القضاء و الكفارة دون القبول .

ففي الخبر : ليس الصيام من الطعام و الشراب وحده ، إذا صمت فليصم

____________________

( ١ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧٥ : ٣٢٨ .

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639