بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 253900 / تحميل: 8980
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الرحمن الرحيم ثم افتتح حم السجدة فلما بلغ إلى قوله تعالى( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ) فلما سمعه اقشعر جلده وقامت كل شعرة في بدنه ثم قام ومشى إلى بيته ولم يرجع إلى قريش فقالوا صبا ابوعبد شمس إلى دين محمد صلى الله عليه وآله فاغتمت قريش وغدا عليه ابوجهل فقال فضحتنا يا عم قال يا ابن اخ ما ذاك واني على دين قومي ولكنى سمعت كلاما صعبا تقشعر منه الجلود، قال أشعر هو؟ قال ما هو بشعر قال فخطب؟ قال لا ان الخطب كلام متصل وهذا كلام منثور لا يشبه بعضه بعضا له طلاوة قال فكهانة هو؟ قال لا قال فما هو؟ قال دعني افكر فيه فلما كان من الغد قالوا يا ابا عبد شمس ما تقول؟ قال قولوا هو سحر فانه اخذ بقلوب الناس فانزل الله تعالى فيه (ذرني ومن خلقت وحيدا) إلى قوله (عليها تسعة عشر).

(وابنه خالد بن الوليد بن المغيرة) هو الفتاك البطل الذي له وقائع عظيمة وكان يقول على ما حكي عنه: لقد شاهدت كذا وكذا وقعة ولم يكن في جسدي موضع شبر إلا وفيه (اثر طعنة او ضربة وها انا ذا اموت على فراشي لا نامت عين الجبان. مات سنة ٢١ (كا) ودفن بحمص.

ولا يحتمل المقام الاشارة إلى وقائعه ولكنى اشير إلى وقعتين منه:

(الاولى) ما روي انه لما بعثه النبي صلى الله عليه وآله على صدقات بني جذيمة من بني المصطلق فاوقع بهم خالد لترة كانت بينه وبينهم فقتل منهم واستاق اموالهم فلما انتهى الخبر إلى النبي رفع يده إلى السماء وقال اللهم اني أبرأ اليك مما فعل خالد وبكى ثم دعا عليا فبعثه اليهم بمال وامره ان يؤدي اليهم ديات رجالهم وما ذهب لهم من اموالهم فاعطاهم امير المؤمنينعليه‌السلام جميع ذلك، فاعطاهم لميلغة كلابهم وحبلة رعاتهم وبقيت معه فاعطاهم لروعة نسائهم وفزع صبيانهم ولما يعلمون ولما لا يعلمون وليرضوا عن رسول الله.

٤١

(الثانية) قال ابن شحنة الحنفي في روضة الناظر: في ايام ابي بكر منعت يربوع الزكاة وكان كبيرهم مالك بن نويرة وكان فارسا منطقيا شاعرا قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله فولاه صدقة قومه فارسل اليه ابوبكر خالد بن الوليد فقال مالك إنا نأتي الصلاة دون الزكاة فقال خالد اما علمت ان الصلاة والزكاة معا لا يقبل احدهما بدون الآخر فقال مالك اما لو كان صاحبكم يقول ذلك ثم اعاد هذه الكلمة مرة اخرى فقال خالد أو ما تراه لك صاحبا والتفت إلى ضرار بن الازور وامره بضرب عنقه فالتفت مالك إلى زوجته وقال لخالد هذه التي قتلتني وكانت في غاية الجمال فقال بل قتلك رجوعك عن الاسلام فقال مالك انا مسلم فقال خالد يا ضرار اضرب عنقه فضرب عنقه، وذكر ابن خلكان ما يقرب من ذلك ثم قال وجعل رأسه اثفية القدر وكان من اكثر الناس شعرا فكانت القدر على رأسه حتى نضج الطعام وما خلصت لنار إلى شواه من كثرة شعره وقبض خالد امرأته فقيل انه اشتراها من الفئ وتزوج بها قال في ذلك ابوزهير السعدي.

ألا قل لحي اوطأوا بالسنابك

تطاول هذا الليل من بعد مالك

قضى خالد بغيا عليه لعرسه

وكان له فيها هوى قبل ذلك

فامضى هواه خالد غير عاطف

عنان الهوى عنها ولا متمالك

واصبح ذا اهل واصبح مالك

إلى غير شئ هالكا في الهوالك

فمن لليتامى والارامل بعده

ومن للرجال المعدمين الصعالك

اصيبت تميم غثها وسمينها

بفارسها المرجو سحب الحوالك.

ولما بلغ الخبر ابا بكر وعمر، قال عمر لابي بكر ان خالدا قد زنى فارجمه قال ما كنت لارجمه فانه تأول فاخطأ قال انه قتل مسلما فاقتله به قال ماكنت لاقتله به فانه تأول فاخطأ قال فاعزله قال ما كنت لاشيم سيفا سله الله عليهم ابدا انتهى.

وفي بعض الروايات، انه لما قتل خالد مالكا ونكح امرأته كان في عسكره ابوقتادة الانصاري فركب فرسه ولحق بأبى بكر وحلف ان لا يسير في جيش

٤٢

تحت لواء خالد ابدا، فقص على ابي بكر القصة، فقال ابوبكر: لقد فتنت الغنائم العرب وترك خالد ما امرته.

وان عمر لما سمع ذلك تكلم فيه عند ابي بكر فاكثر وقال ان القصاص قد وجب عليه، فلما اقبل خالد بن الوليد غافلا دخل المسجد وعليه قباء له عليه صداء الحديد معتجر بعمامة له قد غرز في عمامته اسهما فلما ان دخل المسجد قام اليه عمر فنزع الاسهم عن رأسه فحطمها ثم قال عدي نفسه عدوت على امرئ مسلم فقتلته ثم نزوت على امرأته، والله لنرجمنك باحجارك، وخالد لا يكلمه ولا يظن إلا ان رأي ابي بكر مثل رأي عمر فيه حتى دخل على ابي بكر واعتذر اليه فعذره وتجاوز عنه، فخرج خالد وعمر جالس في المسجد فقال هلم الي يا بن ام شملة فعرف عمران ابا بكر قد رضي عنه فلم يكلمه ودخل بيته.

(أبوجهم الكوفى)

ثوير مصغرا ابن ابى فاختة مولى ام هاني تابعي، ذكره الذهبي ونقل القول بكونه رافضيا، ومع ذلك فقد اخذ عنه علماء السنة واخرج له الترمذي في صحيحه عن ابن عمر وزيد بن ارقم، عده الشيخ في اصحاب السجادعليه‌السلام وفي (قر) وفي (ق) روى (كش) فيه حديثا يظهر منه كونه من مشاهير الشيعة ويؤيده ما عن تقريب ابن حجر: ثوير مصغرا ابن ابي فاختة معجمة مكسورة ومثناة مفتوحة سعيد بن علاقة بكسر المهملة الكوفي ابوالجهم ضعيف رمي بالرفض من الرابعة انتهى.

(أبوالجيش)

المظفر بن محمد الخراساني البلخي متكلم، كان عارفا بالاخبار من غلمان ابى سهل النوبختي، له كتب كثيرة منها: فعلت فلا تلم في المثالب ينقل منه صاحب الكامل البهائى وله نقض كتاب العثمانية للجاحظ وله كتاب في الامامة قرأ عليه ابوعبدالله المفيد (ره) واخذ عنه ويروى عنه في الارشاد وعن ابن النديم انه كان شاعرا مجودا في اهل البيت عليهم السلام متكلما بارعا انتهى.

توفي سنة ٣٦٧ (شزس).

٤٣

وقد يطلق على خمارويه بضم الخاء ابن احمد بن طولون صاحب الديار المصرية والشامية الذي يأتى ذكره في ابن طولون قتله غلمانه بدمشق على فراشه سنة ٢٨٢ وكان عمره اثنين وثلاثين سنة وحمل في تابوت إلى مصر فاخرج من التابوت وجعل على السرير وذلك على باب مصر وخرج ولده الامير جيش وسائر الامراء والاولياء فصلى عليه ودفن عند ابيه بسفح المقطم وكانت بنته قطر الندى زوجة المعتضد بالله الخليفة العباسي.

قال ابن خلكان: كان صداقها الف الف درهم، وكانت موصوفة بفرط الجمال والعقل، حكي ان المعتضد خلا بها يوما للانس في مجلس افرده لها ما احضر سواها فاخذت منه الكأس فنام على فخذها فلما استثقل وضعت رأسه على وسادة وخرجت فجلست في ساحة القصر فاستيقظ فلم يجدها فاستشاط غضبا ونادى بها فاجابته عن قرب فقال ألم اخلو بك إكراما لك ألم ادفع اليك مهجتي دون سائر حظاياي فتضعين رأسي على وسادة فقالت يا امير المؤمنين ما جهلت قدر ما انعمت علي ولكن فيما ادبني به ابى قال لا تنامي مع الجلوس ولا تجلسي مع النيام.

(أبوحاتم الرازى)

محمد بن ادريس الحنظلي الذي قال في حقه علماء اهل السنة: كان اماما حافظا من مشاهير العلماء، ويقال له حافظ المشرق وكان بارع الحفظ واسع الرحلة من اوعية العلم. وكان جاريا في مضمار البخاري وابى زرعة الرازي. توفى في شعبان سنه ٢٧٧ (زرع).

وابنه ابو محمد عبدالرحمن بن محمد بن ادريس حافظ الرى وابن حافظها، اخذ عن ابيه وعن ابي زرعة كان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال، صنف في الفقه واختلاف الصحابة والتابعين وعد من الابدال، توفي سنة ٣٢٧ (شكز).

(أبوحاتم السجستانى)

سهل بن محمد بن عثمان النحوي اللغوي المقرى نزيل البصرة وعالمها، اخذ عنه ابن دريد والمبرد وغيرهما.

٤٤

حكي انه كان صالحا عفيفا يتصدق كل يوم بدينار، ويختم القرآن في كل اسبوع، له من المصنفات كتاب اعراب القرآن. وكتاب اختلاف المصاحف وغير ذلك قيل توفى في رجب بالبصرة سنة ٢٤٨ (رمح).

وهو غير ابي حاتم البستي محمد بن حيان صاحب التآليف المتوفى سنة ٣٥٤ (شند) والسجستاني نسبة إلى سجستان معرب سيستان ناحية كبيرة واسعة واقعة على جنوب هراة ارضها كلها سبخة رملة ينسب اليها رستم الشديد.

وفي (ضا) نقلا عن الذهبي: ان في زمن بني امية لما اعلن اهل الشرق والغرب ومكة والمدينة بسب علي بن ابي طالبعليه‌السلام امتنع اهل سجستان من ذلك حتى انهم شرطوا في معاهدتهم مع بني امية ان لا يأتوا إلى ذلك ان شاء الله.

(أبوحامد الاسفرائنى)

انظر الاسفرائنى.

(أبوحامد الغزالى)

انظر الغزالى.

(أبوالحتوف)

ابن الحارث بن سلمة الانصاري العجلاني نسبة إلى بني عجلان بطن من الخزرج.

عن الحدائق الوردية في أئمة الزيدية: انه كان مع اخيه سعد في الكوفة، ورأيهما رأي الخوارج، فخرجا مع عمر بن سعد لحرب الحسينعليه‌السلام فلما كان اليوم العاشر وقتل اصحاب الحسين وجعل الحسين ينادي: ألا ناصر فينصرنا، فسمعته النساء والاطفال فتصارخن، وسمع سعد واخوه ابوالحتوف النداء من الحسين والصراخ من عياله، قالا: إنا نقول لا حكم إلا لله ولا طاعة لمن عصاه، وهذا الحسين بن بنت نبينا محمد ونحن نرجو شفاعة جده يوم القيامة فكيف نقاتله وهو بهذا الحال لا ناصر له ولا معين، فمالا بسيفيهما مع الحسين على اعدائه وجعلا يقاتلان قريبا منه حتى قتلا جمعا وجرحا آخر ثم قتلا معا في مكان واحد، وختم لهما بالسعادة الابدية بعد ما كانا من المحكمة، وانما الامور بخواتيمها.

٤٥

(أبوالحجاج)

الاقصري هو الشيخ العارف الزاهد، له كلمات في ارشاد المريدين وكان يقول لا يقدح عدم الاجتماع بالشيخ في محبته فانا نحب اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله والتابعين، وما رأيناهم، وذلك لان صورة المعتقدات اذا ظهرت لا تحتاج إلى صورة الاشخاص، فانها اذا ظهرت تحتاج إلى صورة المعتقدات فاذا حصل الجمع بينهما فذلك كمال حقيقي.

وقيل له يوما من شيخك؟ قال شيخى ابوجعران اي الجعل فظنوا انه يمزح، فقال لست امزح، فقيل له كيف؟ فقال كنت ليلة من ليالي الشتاء سهران، واذا بأبي جعران يصعد منارة السراج فيزلق لكونها ملساء ثم يرجع فعددت عليه تلك الليلة سبعمائة زلقة ثم يرجع بعدها ولا يكل فتعجبت في نفسي فخرجت إلى صلاة الصبح ثم رجعت، فاذا هو جالس فوق المنارة بجنب الفتيلة، فاخذت من ذلك ما اخذت أي انه تعلم منه الثبات مع الجد.

(أبوالحجاج المزى)

انظر المزى.

(أبوحزرة)

جرير بن عطية التميمي الشاعر المشهور، كان من فحول شعراء الاسلام، وكانت بينه وين الفرزدق مهاجاة ومعاداة، واجمعت العلماء على انه ليس في شعراء الاسلام مثل ثلاثة: جرير والفرزدق والاخطل.

وقد اختلف اهل المعرفة بالشعر في الفرزدق وجرير والمفاضلة بينهما، والاكثرون على ان جرير افضل منه ويأتي في الفرزدق ان جرير توفي في السنة التي مات فيها الفرزدق وهي سنة ١١٠، والحزرة بفتح الحاء وسكون الزاي وفتح الراء المهملة شجرة حامضة، ومن المال خياره كذا في (ق).

(أبوالحسن الاشعرى)

علي بن اسماعيل بن ابي بشر اسحاق بن سالم بن اسماعيل بن عبدالله بن

٤٦

موسى بن بلال بن ابي بردة بن ابي موسى الاشعري، تقدم ذكر جده ابي بردة ويأتى ذكر ابي موسى بعد ذلك.

كان مولده بالبصرة ومنشؤه ببغداد، وهو امام الاشاعرة واليه تنسب الطائفة الاشعرية، توفي سنة ٣٣٤ ودفن بين الكرخ وباب البصرة، قال ابن شحنة في روضة الناظر: في سنة ٣٢٩ توفي ابوالحسن علي بن اسماعيل بن ابي بشر الاشعري ودفن ببغداد بشرعة الزوايا ثم طمس قبره خوفا ان تنبشه الحنابلة فانهم كانوا يعتقدون كفره ويبيحون دمه، وذكر: ان ابا علي الجبائى كان زوج امه انتهى.

ونسب اليه واصحابه ابن حزم فيما حكي عن كتابه فصل القول: بأن الايمان عقد بالقلب وان اعلن الكفر بلسانه بلا تقية وعبد الاوثان، أو لزم اليهودية او النصرانية في دار الاسلام، وعبد الصليب واعلن التثليث في دار الاسلام، ومات على ذلك، فهو مؤمن كامل الايمان عند الله، ولي لله، من اهل الجنة.

وقال ايضا في كتابه من الجزء ٤ صفحه ٢٠٦: واما الاشعرية فقالوا إن شتم من اظهر الاسلام لله ولرسوله بافحش ما يكون من الشتم واعلان التكذيب بهما باللسان بلا تقية ولا حكاية، والاقرار بانه يدين بذلك ليس شئ من ذلك كفرا ونقل عن الاشاعرة القول: بأن من عرف الحق من اليهود والنصارى المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وآله فاعتقد بأنه رسول الله حقا ثم كتم ذلك، وتمادى في الجحود واعلان الكفر، فحارب النبي في خيبر وغيرها، فهو مؤمن عند الله، ولي لله تعالى، من اهل الجنة انتهى.

والاشعري نسبة إلى اشعر، ويأتي في الاشعري.

(أبوالحسن البكرى)

احمد بن عبدالله بن محمد البكري صاحب كتاب الانوار في مولد النبي المختار، ينقل منه العلامة المجلسي في المجلد السادس من البحار، وقال في الفصل الثاني من اول كتاب البحار: وكتاب الانوار قد اثنى بعض اصحاب الشهيد

٤٧

الثاني على مؤلفه وعده من مشايخه، ومضامين اخباره موافقة للاخبار المعتبرة بالاسانيد الصحيحة، وكان مشهورا بين علمائنا يتلونه في شهر ربيع الاول في المجالس والمجامع في يوم المولد الشريف انتهى.

وفيه كلام ليس موضع نقله فليطلب من اعيان الشيعه وغيره.

(أبوالحسن التهامى)

علي بن محمد بن الحسن العاملي الشامي من شعراء الشيعة، ذكره شيخنا الحر في الامل، وكان فاضلا اديبا شاعرا منشيا بليغا له ديوان شعر حسن، ومن شعره:

تنافس في الدنيا غرورا وانما

قصارى غناها ان يعود إلى الفقر

وإنا لفي الدنيا كركب سفينة

نظل وقوفا والزمان بنا يجري

وله ايضا:

وإذا جفاك الدهر وهو ابوالورى

طرا فلا تعتب على اولاده

وله الرائية المشهورة في رثاء ولده، وقد مات صغيرا وهي غاية في الحسن والجزالة وفخامة المعنى وجودة السرد ولا بأس بذكر بعض اشعارها قال رحمه الله:

حكم المنية في البرية جار

ما هذه الدنيا بدار قرار

بينا يرى الانسان فيها مخبرا

حتى يرى خبرا من الاخبار

طبعت على كدر وانت تريدها

صفوا من الاقذاء والاكدار

ومكلف الايام ضد طباعها

متطلب في الماء جذوة نار

فالعيش نوم المنية يقظة

والمرء بينهما خيال سار

فاقضوا مآربكم عجالا إنما

اعماركم سفر من الاسفار

إني وترت بصارم ذي رونق

اعددته لطلابة الاوتار

٤٨

والنفس إن رضيت بذلك او أبت

منقادة بازمة المقدار

يا كوكبا ما كان اقصر عمره

وكذاك عمر كواكب الاسحار

إن يحتقر صغرا فرب مفخم

يبدو ضئيل الشخص للنظار

إن الكواكب في علو محلها

لترى صغارا وهي غير صغار

ولد المعزى بعضه فاذا انقضى

بعض الفتى فالكل في الآثار

ابكيه ثم اقول معتذرا له

وفقت حين تركت ألام دار

جاورت اعدائي وجاور ربه

شتان بين جواره وجواري

اشكو بعادك لي وانت بموضع

لولا الردى لسمعت فيه مزاري

والشرق نحو الغرب اقرب شقة

من بعد تلك الخمسة الاشبار

فاذا نطقت فانت اول منطقي

واذا سكت فانت في اضماري

إني لارحم حاسدي لحر ما

ضمنت صدورهم من الاوغار

نظروا صنيع الله بى فعيونهم

في جنة وقلوبهم في نار

لا ذنب لي قد رمت كتم فضائلي

فكأنما برقعت وجه نهار

سجن بالقاهرة في ع ١ سنه ٤١٦ (تيو) ثم قتل سرا في سجنه في ٩ ج ١ من السنة المذكورة، وبعد موته رآه بعض اصحابه في النوم فقال له ما فعل الله بك؟ قال غفر لي، فقال بأي الاعمال؟ قال بقولي في مرثية ولدي الصغير جاورت اعدائي وجاور ربه.. الخ.

التهامي بكسر التاء نسبة إلى تهامة وهي تطلق على مكة زادها الله شرفا والنسبة اليها تهامي بالكسر وتهام بالفتح.

(أبوالحسن جلوة)

الحكيم المتألة ابن محمد الطباطبائي المنتهي نسبه إلى سيد الحكماء والمتألهين الميرزا رفيع الدين النائيني رحمه الله، تولد في احمد اباد كجرات في سنة ١٢٣٨ واشتغل في اصبهان بتحصيل العلم وكان اكثر تحصيله في علم المعقول حتى صار من

٤٩

اساتذة هذا الفن ثم انتقل إلى طهران وتوقف في مدرسة دار الشفاء وكان يدرس في المعقول واورد ترجمته في نامة دانشوران قال: بقيت مدة في اصبهان مشتغلا بهذا الشغل اي المطالعة والتدريس ثم اتيت إلى طهران وبحسب العادة والانس وعدم القدرة على المنزل المنفرد نزلت في مدرسة دار الشفاء ولي إلى هذا الوقت وهو سنة ١٢٩٠ (غرص) احدى وعشرون سنة لم اشتغل فيها بغير المطالعة والمباحثة ولم يخطر ببالي شغل غيرهما ولما علمت ان التصنيف الجديد صعب بل غير ممكن لم اكتب شيئا مستقلا ولكن كتبت حواشي كثيرة على الحكمة المتعالية المعروفة بالاسفار وغيرها والآن هي في يد بعض الطلاب ومحل الانتفاع انتهي.

وكان انتقاله إلى طهران سنة ١٢٧٣ بعد ما اكمل المعقول وبقي في مدرسة دار الشفاء مجردا بلا زوجة مشتغلا بالتدريس احدى واربعين سنة حتى انتقل إلى الدار الآخرة في سنة ١٣١٤ (غشيد) ودفن بقرب ابن بابويه القمي رضوان الله عليه.

(أبوالحسن الخرقانى)

على بن جعفر المشهور بالزهد والعرفان، وللصوفية والعرفاء فيه اعتقاد عظيم ويعددون له كرامات وفضائل كثيرة ونحن نذكر واحدا منها ها هنا ليكون انموذجا لما سواها.

قال في (ضا) وذكر الفاضل الطيبي في باب فضل الصدقة من شرحه على مصابيح البغوي، قال روي الشيخ نجم الدين الكبري في فواتح الجمال

٥٠

عن الشيخ ابى الحسن الخرقانى انه قال: صعدت إلى العرش وطفته الف طوفة ورأيت الملائكة يطوفون مطمئنين تعجبوا من سرعة طوافي فقلت ما هذه البرودة في الطواف؟ فقالوا نحن الملائكة انوار لا نقدر ان نجاوزه، فقالوا وما هذه السرعة؟ فقلت انا آدمي وفي نور ونار وهذه السرعة من نتائج نار الشوق انتهى.

توفي سنة ٤٢٥ (تكه) ودفن خارج الخرقان من قرى بسطام.

قال الفيروز ابادي الخرقان كسحبان قرية ببسطام وتحريكه لحن.

(أبوالحسن الشاذلى)

انظر الشاذلى.

(أبوالحسن الشريف)

ابن الشيخ محمد طاهر بن عبدالحميد بن موسى بن علي بن معتوق بن عبدالحميد الفتونى النباطي العاملي الاصبهاني الغروي المتوفي سنة ١١٣٨ افضل اهل عصره واطولهم باعا، صاحب تفسير مرآة الانوار إلى اواسط سورة البقرة يقرب مقدماته من عشرين الف بيت لم يعمل مثله، وكتاب ضياء العالمين في الامامة في ستين الف بيت ورسالة تنزيه القميين في تراجم كثير من القميين واثبات براء‌تهم عن عقائد المجبرة والمشبهة وغير ذلك، وكانت امه بنت السيد الجليل الامير محمد صالح الخاتون ابادي الذي هو صهر العلامة المجلسي (ره) على بنته وهو اي ابوالحسن الشريف جد شيخ الفقهاء صاحب جواهر الكلام من طرف ام والده المرحوم الشيخ باقر وهي آمنة بنت المرحومة فاطمة بنت المولى ابى الحسن.

يروي هو عن العلامة المجلسي وعن الشيخ الحر العاملي وعن خاله الخاتون ابادي وعن السيد الجزائري وغير هؤلاء رضوان الله عليهم اجمعين.

ويروي عنه السيد الاجل الشهيد السيد نصر الله الموسوي الحائري المدرس في الروضة الحسينية صاحب الروضات الزهرات في المعجزات بعد الوفاة وسلاسل الذهب وغير ذلك، وله ديوان شعر رائق، وله تخميس قصيدة الفرزدق في مدح

٥١

الامام علي بن الحسينعليه‌السلام قوله:

هذا الذي ضمن الفرقان مدحته

هذا الذي ترهب الآساد صولته

هذا الذي تحسد الامطار منحته

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن من زينوا الدنيا بفخرهم

واوضحوا ديننا في صبح علمهم

واخصبوا عيشنا في قطر جودهم

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

يروى عن السيد المذكور الاجل السيد حسين القزوينى احد مشايخ العلامة بحر العلوم.

والسيد محمد بن امير الحاج، شارح قصيدة ابى فراس والشيخ احمد بن الشيخ حسن النحوي، المتوفي سنة ١١٧٣ وغيرهم - رضوان الله عليهم اجمعين -.

(أبوالحسن الفارسى الوراق)

احمد بن الفرج بن منصور البغدادي، ولد سنة ٣١٢ وتوفي بها سنة ٣٩٢، فعن الخطيب في تأريخ بغداد قال في حقه: إن اول سماعه للحديث كان سنة ٣٢٤ وكان ثقة، حدثني ابوبكر البرقانى قال: ذكر لي انه كان يديم قراء‌ة القرآن وكان له في كل يوم ختمة، قال: وكان يذكر عنه التشيع سألت ابا الحسين العتبقي هل سمع شيئا بغير بغداد؟ فقال لا، وكان ثقة كتب الكثير انتهى.

وعن رياض العلماء: انه يروى عن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه.

وقال ايضا: ويروي صاحب مسند فاطمة عليها السلام ابوجعفر محمد بن جرير الطبرى عنه.

(أبوالحسن الوراق)

انظر الرمانى.

(أبوالحسين البصرى)

محمد بن علي الطيب البصري المتكلم على مذهب المعتزلة، وهو احد أئمتهم الاعلام المشار اليه في هذا الفن، له تصانيف منها: المعتمد في الفقه وهو كتاب

٥٢

كبير اخذ منه فخر الدين الرازي، كتاب المحصول، توفي ببغداد سنة ٤٤٦ (تلو).

قال ابن خلكان: ولفظة المتكلم تطلق على من يعرف علم الكلام وهو اصول الدين، وإنما قيل له علم الكلام لان اول خلاف وقع في الدين كان في كلام الله عزوجل، أمخلوق هو ام غير مخلوق؟ فتكلم الناس فيه فسمي هذا النوع من العلم كلاما إنتهى.

(أبوالحكم المغربى)

عبيد الله بن مظفر بن عبدالله بن محمد الباهلي الاندلسي الاديب الحكيم، كان فاضلا في العلوم الحكمية متفننا في الصناعة الطبية، هو الفيلسوف الفرد العلم والفاضل الذي اقرت له بالحكمة العرب والعجم، توفي ٤ (قع) سنة ٥٤٩ (ثمط) وابنه ابوالمجد بن ابي الحكم طبيب حاذق ماهر له قصص وحكايات في معالجته المرضى توفي بدمشق سنة ٥٧٠.

(أبوحمزة الثمالى)

انظر الثمالى.

(أبوحنيفة)

النعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه مولى تيم الله بن ثعلبة الكوفي، احد الائمة الاربعة السنية صاحب الرأي(١) والقياس والفتاوى المعروفة في الفقه.

قال ابن خلكان: كان جده زوطي من اهل كابل.

وذكر الخطيب في تأريخه: ان ابا حنيفة رأى في المنام كأنه ينبش قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فبعث من سأل ابن سيرين صاحب هذه الرؤيا يثور علما لم يسبقه اليه احد قبله.

قال ابن خلكان: كان اماما في القياس، وروى انه صلى ابوحنيفة فيما حفظ عليه صلاة الفجر بوضوء العشاء اربعين سنة وكان عامة ليلة يقرأ جميع القرآن في ركعة واحدة وكان يسمع بكاؤه

____________________

(١) وممن اخذ عنه ولكنه تقدمه في الحياة ربيعة بن عبدالرحمن المدنى الفقيه المعروف بربيعة الرأي توفي سنة ١٣٦ بالانبار في الهاشمية التي بناها السفاح.

٥٣

في الليل حتى يرحمه جيرانه، وحفظ عليه انه ختم القرآن في الموضع الذي توفي فيه سبعة آلاف ختمة، وقال ايضا: ومناقبه وفضائله كثيرة.

وقد ذكر الخطيب في تأريخه فيها شيئا كثيرا ثم اعقب ذلك بذكر ما كان الاليق تركه والاضراب عنه.

(اقول) ولعله اراد مثل ما يحكى عنه انه روى في الجزء الثالث عشر من تاريخه عن الثوري عن حماد بن ابي سليمان انه كان يظهر البراء‌ة من ابي حنيفة ويقول لاصحابه: إن سلم فلا تردوا عليه وان جلس فلا توسعوا له.

وروى انه اجتمع الثوري وشريك والحسن بن صالح وابن ابى ليلى فبعثوا إلى ابى حنيفة فاتاهم فقالوا ما تقول في رجل قتل اباه ونكح امه وشرب الخمر في رأس ابيه؟ فقال هو مؤمن، فقال ابن ابى ليلى لا قبلت لك شهادة ابدا، وقال الثوري لا كلمتك ابدا، وقال شريك لو كان لي من الامر شئ لضربت عنقك، وقال له الحسن وجهي من وجهك حرام ان انظر إلى وجهك ابدا.

وروى عن الامام مالك قال ما ولد في الاسلام مولود اضر على اهل الاسلام من ابي حنيفة وقال كانت فتنة ابى حنيفة اضر على هذه الامة من فتنة ابليس.

واخرج عن عبدالرحمن بن مهدي قال ما علم في الاسلام فتنة بعد فتنة الدجال اعظم من رأي ابي حنيفة.

وعن الاوزاعي قال عمد ابوحنيفة إلى عرى الاسلام فنقضه عروة عروة واخرج عن ابى صالح الفراء قال سمعت يوسف بن اسباط يقول رد ابوحنيفة على رسول الله اربعمائة حديث او اكثر، وقال: لو ادركنى النبي وادركته لاخذ بكثير من قولي وهل الدين إلا الرأي الحسن.

واخرج عن علي بن صالح البغوي قال انشدنى ابوعبدالله محمد بن زيد الواسطي لاحمد ابن المعدل:

إن كنت كاذبة بما حدثتني

فعليك إثم ابى حنيفة او زفر

الماثلين إلى القياس تعمدا

والراغبين عن التمسك بالخبر

وروى انه كان رأس المرجئة وانه سئل من مسألة فاجاب فيها ثم قيل له انه يروى

٥٤

عن النبى صلى الله عليه وآله فيها كذا وكذا قال دعنا من هذا.

وفي رواية اخرى قال حك هذا بذنب خنزيرة إلى غير ذلك مما ليس مقام نقله وكان الاليق تركه والاضراب عنه.

قال ابن خلكان: فمثل هذا الامام لا يشك في دينه ولا في ورعه وتحفظه ولم يكن يعاب بشئ سوى قلة العربية، وقال في ترجمة عطاء بن ابي رياح وحكي وكيع قال: قال لي ابوحنيفة النعمان بن ثابت اخطأت في خمسة ابواب من المناسك بمكة؟ فعلمنيها حجام وذلك انى اردت ان احلق رأسي فقال لي اعرابى انت قلت نعم وكنت قد قلت له بكم تحلق رأسي فقال النسك لا يشارط فيه اجلس، فجلست منحرفا عن القبلة فاومأ الي باستقبال القبلة، واردت ان احلق رأسي من الجانب الايسر فقال ادر شقك الايمن من رأسك فادرته وجعل يحلق رأسي وانا ساكت، فقال لي كبر فجعلت اكبر حتى قمت لاذهب، فقال اين تريد؟ قلت رحلي فقال صل ركعتين ثم امض فقلت ما ينبغي ان يكون هذا من مثل هذا الحجام إلا ومعه علم، فقلت من اين لك ما رأيتك امرتني به فقال رأيت عطاء بن ابى رياح يفعل هذا انتهى.

وعطاء بن ابى رياح بفتح الراء والياء الموحدة كان من فقهاء مكة، سمع جابر بن عبدالله وابن عباس وروى عنه عمرو بن دينار والزهري وقتادة ومالك بن دينار والاعمش والاوزاعي واليه والى مجاهد انتهت فتوى مكة في زمانهما، حكي ان في زمان بني امية يأمرون في الحاج صائحا يصيح لا يفتي الناس إلا عطاء بن ابي رياح، وكان اسود اعور افطس اشل اعرج ثم عمي مفلل الشعر، توفي سنة ١١٥، وتوفي ابوحنيفة سنة ١٥٠ وقبره ببغداد في مقبرة خيزران، وما ذكره علماء الفريقين في ترجمته اكثر من ان يذكر، وقد اشرنا إلى مختصر منه في سفينة البحار ولابي جعفر مؤمن الطاق مقامات معه يأتي بعضها في الطاقى ويأتى في القفال ذكر بعض فتاواه.

وقال ابن النديم: انه كان خزازا في الكوفة.

(قلت) ويظهر مما نقله كمال الدين الدميري في حياة الحيوان انه كان جزارا.

٥٥

قال في الجزور ذكر التوحيدي في كتاب بصائر القدماء وسرائر الحكماء صناعة كل من علمت صناعة من قريش فقال كان ابوبكر بزازا وكذلك عثمان وطلحة وعبدالرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهم وكان عمر رضي الله عنه دلالا يسعى بين البائع والمشتري، وكان سعد بن ابى وقاص يبري النبل، وكان الوليد ابن المغيرة حدادا وكذلك ابوالعاص اخو ابي جهل، وكان عتبة بن ابي معيط خمارا، وكان ابوسفيان بن حرب يبيع الزيت والادم، وكان عبدالله بن جذعان نخاسا يبيع الجواري وكان النضر بن الحرث عوادا يضرب بالعود، وكان الحكم بن العاص خصاء‌ا يخصي الغنم وكذلك حريث بن عمرو والضحاك بن قيس الفهري وابن سيرين، وكان العاص بن وائل السهمي بيطارا يعالج الخيل، وكان ابنه عمرو بن العاص جزارا وكذلك ابوحنيفة صاحب الرأي والقياس، وكان الزبير بن العوام خياطا.. الخ.

قال ابن الاثير في النهاية فيه: كان عمر في الجاهلية مبرطشا هو الساعي بين البائع والمشتري شبه الدلال ويروى بالسين المهملة انتهى.

قال الفيروز آبادي مثله في القاموس وقال او هو بالسين المهملة وقال المبرطس الذى يكتري للناس الابل والحمير ويأخذ عليه جعلا.

(أبوحنيفة الدينورى)

احمد بن داود النحوي اللغوي الاديب الفاضل العالم بالهندسة والحساب والفلسفة، وكان من نوادر الرجال ممن جمع بين بيان العرب وحكم الفلاسفة اكثر عن ابن السكيت.

وذكره ابن النديم وقال: اخذ عن البصريين والكوفيين، وكان متفننا في علوم كثيرة وثقة فيما يرويه معروف بالصدق انتهى.

له كتب كثيرة منها الاخبار الطوال واصلاح المنطق وكتاب البلدان وغير ذلك توفي في حدود سنة ٢٩٠ (رص) والدينوري يأتي في حرف الدال.

٥٦

(أبوحنيفة سايق الحاج)

اسمه سعيد بن بيان الهمداني، وسايق الحاج بالمثناة التحتانية قيل القاف اي امير الحاج في كل سنة من الكوفة إلى مكة وقيل بالموحدة مكان المثناة أي يسبقهم بوصول مكة او الكوفة، وثقه (جش) وقال: روى عن ابى عبداللهعليه‌السلام له كتاب يرويه عدة من اصحابنا (كش) عن ابى عبداللهعليه‌السلام قال اتى قنبر امير المؤمنينعليه‌السلام فقال هذا سابق الحاج قد اتى وهو في الرحبة فقال لا قرب الله داره هذا خاسر الحاج يتعب البهيمة وينقر الصلاة اخرج اليه فاطرده: (كش) عن عبدالله بن عثمان قال ذكر عند ابي عبداللهعليه‌السلام ابوحنيفة السابق وانه يسير في اربع عشرة فقال لا صلاة له.

(اقول) الخبر الاول خال عن ذكر ابي حنيفة ويبعد ان يكون سابق الحاج في زمان امير المؤمنينعليه‌السلام هو سعيد بن بيان ابوحنيفة المذكور وقوله انه يسير في اربع عشرة الظاهر انه يسير من العراق إلى مكة او بالعكس. عن المحاسن عن الوليد بن صبيح يقول لابي عبداللهعليه‌السلام ان ابا حنيفة رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة فقال ما لهذا صلاة.

(أبوحنيفة الشيعة)

ويقال له ابوحنيفة المغربي هو القاضي النعمان بن ابى عبدالله محمد بن منصور القاضى بمصر كان مالكيا اولا ثم اهتدى وصار اماميا وصنف على طريق الشيعة اكتبها منها كتاب دعائم الاسلام وكان كما قال ابن خلكان نقلا من ابن زولاق في غاية الفضل من اهل القرآن والعلم بمعانيه عالما بوجوه الفقه وعلم اختلاف الفقهاء واللغة والشعر الفحل والمعرفة بأيام الناس مع عقل وانصاف، والف لاهل البيت عليهم السلام من الكتب آلاف اوراق بأحسن تأليف، وله ردود على المخالفين، وله رد على

٥٧

ابى حينفة وعلى مالك والشافعي وعلى ابن سريج، وكتاب اختلاف الفقهاء وينتصر فيه لاهل البيتعليه‌السلام وله القصيدة الفقهية لقبها بالمنتخبة، وكان ملازما صحبة المعز ابي تميم معد بن منصور، ولما وصل من افريقية إلى الديار المصرية كان معه ولم تطل مدته ومات في مستهل رجب بمصر سنة ٣٦٣ (شجس) انتهى.

وحكي عن دعائمه: انه رووا ان رجلا من اهل خراسان حج فلقى ابا حنيفة وكتب عنه ثم عاد في العام الثاني فلقيه فعرضها عليه ثانية فرجع عنها كلها فحثا الخراساني التراب على رأسه فصاح فاجتمع الناس عليه فقال يا معشر الناس هذا رجل افتاني في العام الماضي بما في هذا الكتاب فانصرفت إلى بلدي في العام الماضى فحللت به الفروج وارقت به الدماء واخذت به واعطيت به المال ثم رجع لي عنه العام كله، قال ابوحنيفة انما هو رأي رأيته ورأيت الآن خلافه قال الخراساني ويحك ولعلي لو اخذت عنك العام ما رجعت اليه لرجعت لي عنه من قابل، قال ابوحنيفة لا ادري قال الخراساني لكني ادري ان عليك لعنة الله والملائكة والناس اجمعين انتهى.

يحكي ان والد القاضي النعمان ابا عبدالله محمد قد عمر مائة واربعين سنة ويحكي اخبارا كثيرة نفيسة حفظها، وكان للقاضي النعمان اولاد نجباء سراة فمنهم ابوالحسن علي بن النعمان بن محمد اشرك المعز الفاطمي بينه وبين ابي طاهر محمد بن احمد قاضى مصر في الحكم ولم يزالا مشتركين فيه إلى ان لحقت القاضى ابا طاهر رطوبة عطلت شقه ومنعته الحركة فقلده العزيز بن المعز القضاء مستقلا، وكان القاضي ابوالحسن المذكور متفننا في عدة فنون منها: علم القضاء والقيام به بوقار وسكينة، وعلم الفقه والعربية والادب والشعر وكان شاعرا مجيدا في الطبقة العليا ومن شعره:

رب خود عرفت في عرفات

سلبتني بحسنها حسناتي

حرمت حين احرمت نوم عيني

واستباحت حماي باللحظات

٥٨

وافاضت مع الحجيج ففاضت

من جفوني سوابق العبرات

ولقد اضرمت على القلب جمرا

محرقا إذ مشت إلى الجمرات

لم انل من منى منى النفس حتى

خفت بالخيف ان تكون وفاتي

توفي سنة ٣٧٤ (شعد) وقام بأمر القضاء بعده اخوه ابوعبدالله محمد بن النعمان، وكان مثل اخيه في الفضل بل قال ابن زولاق: ولم نشاهد بمصر لقاض من القضاة من الرئاسة ما شاهدناه لمحمد بن النعمان ولا بلغنا ذلك عن قاض بالعراق، ووافق ذلك استحقاقا لما فيه من العلم والصيانة والتحفظ واقامة الحق والهيبة انتهى.

وقد استخلف ولده ابا القاسم عبدالعزيز على القضاء بالاسكندرية، وعقد له على ابنة القائد ابى الحسن جوهر في سنة ٣٨٣ استخلفه في الاحكام بالقاهرة ومصر إلى ان توفي سنة ٣٨٩، فقلد الحاكم الفاطمي القضاء ابا عبدالله الحسين بن علي بن النعمان، ثم صرفه وقتله وقلد ابا القسم عبدالعزيز بن محمد، ولم يزل قاضيا إلى ان فوض القضاء إلى ابى الحسن مالك بن سعيد الفارقي، واخرجه عن اهل بيت النعمان، ثم قتله في سنة ٤٠١ (تا) قال الفيروز ابادي: ابوحنيفة كنية عشرين من الفقهاء اشهرهم امام الفقهاء النعمان.

(أبوحيان الاندلسى)

كشداد اثير الدين محمد بن يوسف بن علي الحياني الاندلسي النحوي كان من اقطاب سلسلة العلم والادب، واعيان المبصرين بدقائق ما يكون من لغة العرب حكي انه سمع الحديث بالاندلس وافريقية والاسكندرية ومصر والحجاز من نحو اربعمائة وخمسين شيخا، له شرح التسهيل ومختصر المنهاج للنووي والارتشاف وغير ذلك، وكان شيخ النحاة بالديار المصرية واخذ عنه اكابر اهل عصره.

فعن الصفدي انه قال: لم اره قط إلا يسمع أو يشتغل او يكتب او ينظر في كتاب،

٥٩

وكان ثبتا صدوقا حجة سالم العقيدة من البدع الفلسفية والاعتزال والتجسم ومال إلى مذهب اهل الظاهر والى محبة اميرالمؤمنين علي بن ابى طالبعليه‌السلام كثير الخشوع والبكاء عند قرائة القرآن انتهى ملخصا.

توفي بالقاهرة سنة ٧٤٥ (ذمة) ورثاه الصفدي.

ومن كلماته وكان يوصى بها: ينبغي للعاقل ان يعامل كل احد في الظاهر معاملة الصديق، وفي الباطن معاملة العدو في التحفظ منه والتحرز، وليكن في التحرز عن صديقه اشد مما يكون في التحرز عن عدوه وان يعذر الناس في مباحثهم وادراكاتهم فان ذلك على حسب عقولهم وان يضبط نفسه عن المراء والاستخفاف بابناء زمانه وان لا يبحث إلا مع من اجتمعت فيه شرائط الديانة والفهم والمزاولة لما يبحث وان لا يغضب على من لا يفهم مراده ومن لا يدرك ما يدركه وان لا يقدم على تخطئة احد ببادئ الرأي ولا يعرض بذكر اهله ولا يجري ذكر حرمه بحضرة جليسه وان لا يركن على احد إلا على الله تعالى وان يكثر من مطالعة التواريخ فانها تلقح عقلا جديدا.

ومن شعره:

أرحت روحي من الايناس بالناس

لما غنيت عن الاكياس بالياس

وصرت في البيت وحدي لا ارى احدا

بنات فكري وكتبي كان جلاسي

وقال ايضا:

وزهدني في جمعي المال انه

إذ ما انتهى عند الفتى فارق العمرا

فلا روحه يوما اراح من العنا

ولم يكتسب حمدا ولم يدخر اجرا

ومن شعره ايضا:

عداي لهم فضل علي ومنة

فلا اذهب الرحمن عني الاعاديا

هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها

وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا

يروي عنه شيخنا الشهيد بواسطه تلميذه جمال الدين عبدالصمد بن ابراهيم ابن الخليل البغدادي

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

و الصواب المختار أن تقول : ألقت الدواة ، و حكى عن ابن دريد ألقت و لقت(١) . .

و حينئذ فليقل للجوهري و لمقلده ابن أبي الحديد في نسبة كلامهعليه‌السلام إلى اللّغة القليلة : « إقلب تصب » .

و لعل منشأ توهّم الجوهري أنّه رأى أنّهم قالوا « القنا الدوايا رديئة » و مقصودهم رداءة الدوايا فظن كون مرادهم رداءة الاق ، فقال الصولي : يقال دواة و دوايا و هي رديئة ، قال الشاعر :

إذا نحن وجّهنا إليكم صحيفة

ألقنا الدوايا بالدموع السواجم(٢) .

هذا ، و في ( اليتيمة ) كان كاتب سيف الدولة يعجن مداده بالمسك و لا تليق دواته إلاّ بماء الورد تفاديا من قول القائل :

دعيّ في الكتابة لا رويّ

له يعدّ و لا بديه

كأنّ دواته من ريق فيه

تلاق فريحها أبدا كريه(٣)

« تلاق » المستقبل المجهول من ألاق .

« و أطل جلفة قلمك » في ( الأساس ) : جلفة القلم من مبراه إلى سنّه ، من جلفته بالسيف إذا بضعت من لحمه بضعة(٤) .

في ( تاريخ بغداد ) كان أحمد بن يوسف بن صبيح من أفاضل كتّاب المأمون ، قال : و رآني عبد الحميد بن يحيى أكتب خطّا رديئا ، فقال لي : ان أردت أن يجود خطّك فأطل جلفتك و أسمنها و حرّف قطعتك و أيمنها(٥) .

هذا ، و ممّا لغز في القلم قول الشاعر :

____________________

( ١ ) أدب الكتاب للصولي : ٩٩ .

( ٢ ) المصدر نفسه .

( ٣ ) يتيمة الدهر للثعالبي ١ : ٢٠١ .

( ٤ ) أساس البلاغة للزمخشري : ٦٢ مادة ( ج ل ض ) .

( ٥ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٥ : ٢١٧ .

٤٨١

عجبت لذي سنّين في الماء نبته

له أثر في كلّ مصر و معمر(١)

و في ( اليتيمة ) قال السري في الفياض كاتب سيف الدولة :

لك القلم الذي يصبح و يمسي

به الاقليم محميّ الحريم(٢)

و في ( طرائف المقدسي ) : كما أقسم اللَّه تعالى بالأشياء الجليلة الأقدار الكبيرة الأخطار في نفوس عباده و عيون بلاده كالشمس و القمر و الليل و النهار و السماء و الأرض ، أقسم بالقلم فقال :( ن و القَلَمِ وَ ما يَسطُرُون ) (٣) و ذاكرت في هذا أبا الفتح البستي فأنشدني لنفسه :

إذا افتخروا يوما بسيفهم

و عدّوه ممّا يكسب المجد و الكرم

كفى قلم الكتّاب فخرا و رفعة

مدى الدهر أنّ اللَّه أقسم بالقلم(٤)

و قال آخر : لم أر باكيا أحسن تبسّما من القلم .

« و فرّج بين السطور » لا تنافي بين التفريج بينها كما هنا و المقاربة بنيها كما في خبر الخصال(٥) كما لا يخفى .

« و قرمط بين الحروف » أي : قارب بينها ، و لا بد ان حروف كلّ كلمة لتكن أقرب إلى نفسها منها إلى حروف كلمة أخرى .

« فان ذلك أجدر بصباحة الخط » في ( الطرائف ) قال إقليدس : الخطّ هندسة روحانية و إن ظهرت بآلة جسمانية .

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٤٨ .

( ٢ ) يتيمة الدهر و خريدة العصر للثعالبي ١ : ١٠٢ .

( ٣ ) القلم : ١ .

( ٤ ) الطرايف و اللطايف لأحمد المقدسي : ٣١ ، الباب الخامس عشر في مدح الخط و القلم ، و ذكر الآية فقط أما باقي النصّ فالظاهر أنّه إضافة من المؤلف زيادة في التوضيح .

( ٥ ) الخصال للصدوق ١ : ٣١٠ ح ٨٥ ، و قد مرّ في الصفحة ٢٦٥ في بداية شرح الحكمة ٣١٥ فراجع .

٤٨٢

و قال إفلاطون : الخطّ عقال العقل(١) .

قولهعليه‌السلام في ( رواية الخصال ) : و احذفوا من فضولكم و اقصدوا المعاني ، و إيّاكم و الإكثار(٢) .

في ( تاريخ بغداد ) : رئي مروان بن أبي حفصة واقفا بباب الجسر كئيبا آسفا ينكت بسوطه في معرفة دابته ، فقيل : ما الذي نراه بك ؟ قال : أخبركم بالعجب ، مدحت الرشيد فوصفت له ناقتي من خطامها إلى خفّيها و وصفت الفيافي من اليمامة إلى بابه أرضا أرضا و رملة رملة ، حتى إذا أشفيت منه على غناء الدهر جاء ابن بيّاعة النخاخير يعني أبا العتاهية فأنشده بيتين ضعضع بهما شعري و سوّاه في الجائزة بي و هما :

إنّ المطايا تشتكيك لأنّها

تطوي إليك سباسبا و رمالا

فإذا رحلن بنا رحلن مخفّة

و إذا رجعن بنا رجعن ثقالا(٣)

٢٨ الحكمة ( ٦٦ ) و قالعليه‌السلام :

فَوْتُ اَلْحَاجَةِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِهَا إِلَى غَيْرِ أَهْلِهَا أقول : في الكافي عن الحسنعليه‌السلام : إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها .

قيل : يا ابن رسول اللَّه من أهلها قال : الذين ذكرهم اللَّه في كتابه فقال( إِنّما يَتذكرُ اُولُو الأَلبابِ ) (٤) و هم أولو العقل(٥) .

____________________

( ١ ) الطرائف و اللطائف لأحمد المقدسي : ٣١ .

( ٢ ) الصدوق : الخصال ١ : ٣١٠ ح ٨٥ و قد مرّ : ٢٦٥ .

( ٣ ) ورد في ديوان أبي العتاهية : ٢١٦ كذلك راجع تاريخ بغداد ٦ : ٢٥٨ ترجمة إسماعيل بن القاسم .

( ٤ ) الزمر : ٩ .

( ٥ ) الكافي للكليني ١ : ١٩٠ ح ٢٢ .

٤٨٣

و لمّا مطل أحمد بن أبي داود أبا الأسد في حاجته قال :

فصرت من سوء ما رميت به

اكنى أبا الكلب لا أبا الأسد(١)

٢٩ الحكمة ( ٦٧ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ تَسْتَحِ مِنْ إِعْطَاءِ اَلْقَلِيلِ فَإِنَّ اَلْحِرْمَانَ أَقَلُّ مِنْهُ أقول : في ( تاريخ بغداد ) كتب كلثوم بن عمرو إلى رجل :

إذا تكرّهت أن تعطي القليل و لا

تكون ذا سعة لم يظهر الجود

بثّ النّوال و لا يمنعك قلّته

فكلّ ما سدّ فقرا فهو محمود

فشاطره ماله حتى بعث بنصف خاتمه و فرد نعله(٢) .

٣٠ الحكمة ( ٥ ) و قالعليه‌السلام :

صَدْرُ اَلْعَاقِلِ صُنْدُوقُ سِرِّهِ وَ اَلْبَشَاشَةُ حِبَالَةُ اَلْمَوَدَّةِ وَ اَلاِحْتِمَالُ قَبْرُ اَلْعُيُوبِ أَو وَ اَلْمُسَالَمَةُ خِبَاءُ اَلْعُيُوبِ وَ مَنْ رَضِيَ عَنْ نَفْسِهِ كَثُرَ اَلسَّاخِطُ عَلَيْهِ أقول : كون العنوان إلى هنا في ( الطبعة المصرية )(٣) ، و لكن ابن أبي الحديد جعل(٤) فقرة « و من رضي . » جزء الآتي ، و أمّا ( ابن ميثم )

_ ___________________

( ١ ) ذكر ترجمته و بعض أخباره ابن عبد ربه في العقد الفريد ٤ : ١٣٩ .

( ٢ ) الخطيب البغدادي تاريخ بغداد ١٢ : ٤٩١ .

( ٣ ) النسخة المصرية : ٦٠٩ رقم ٥ ، شرح محمّد عبده .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٩٧ رقم ( ٦ و ٧ ) .

( ٥ ) راجع شرح ابن ميثم ٥ : ٢٣٨ .

٤٨٤

و الخطية(١) فجعلا من العنوان الثاني إلى السادس ، أي من الباب الثالث عنوانا واحدا .

« صدر العاقل صندوق سرّه » في ( أدب كاتب الصولي ) : كان رجل من الكتّاب يهوى مغنّية و يكاتبها ، فكانت تخرّق كتبه و تأمر بتخريق كتبها ، فكتب إليها : إنّي أحتفظ بكتبك و تتهاونين بكتبي فتخرّقينها ، فكتبت إليه :

يا ذا الذي لام في تخريق قرطاس

كم مرّ محلك في الدّنيا على راسي

الحزم تخريقه إن كنت ذا نظر

و إنّما الحزم سوء الظنّ بالناس

إذا أتاك و قد أدّى أمانته

فاجعل كرامته دفنا بأرماس

و شق قرطاس من تهوى و كن حذرا

يا رب ذي ضيعة من حفظ قرطاس

فكتب إليها : « الصواب رأيك » ، و خرّق رقاعها(٢) .

و في ( كامل المبرد ) : أحسن ما سمع في صيانة السر ما يعزى إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقائل يقول هو له و قائل يقول قاله متمثلا و لم يختلف في انّه كان يكثر إنشاده :

فلا تفش سرّك إلاّ إليك

فان لكلّ نصيح نصيحا

و إنّي رأيت غواة الرجال

لا يتركون أديما صحيحا(٣)

و قال امرؤ القيس :

إذا المرء لم يخزن عليه لسانه

فليس على شي‏ء سواه بخازن(٤)

و قال آخر :

____________________

( ١ ) النسخة الخطية ( المرعشي ) : ٣٠٦ .

( ٢ ) أدب الكتاب للصولي : ١٠٩ .

( ٣ ) الكامل في الأدب للمبرد ٢ : ١٥ « في صيانة السر » زيادة من المؤلف ، ذكره النخعي في الديوان المنسوب إلى الإمام : ٣٠ .

( ٤ ) ديوان امرى‏ء القيس : ١٧٣ .

٤٨٥

سأكتمه سرّي و أحفظ سرّه

و ما غرّني أنّي عليه كريم

حليم فينسى أو جهول يضيعه

و ما الناس إلاّ جاهل و حليم(١)

أيضا :

إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه

فصدر الذي يستودع السر أضيق(٢)

« و البشاشة حبالة المودة » عنهعليه‌السلام « إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بطلاقة الوجه و حسن اللقاء »(٣) .

و عن علي بن محمد التنوخي :

الق العدوّ بوجه لا قطوب به

يكاد يقطر من ماء البشاشات

فأحزم الناس من يلقى أعاديه

في جسم حقد وثوب من مودّات(٤)

و عن أكثم بن صيفي : الانقباض من الناس مكسبة للعداوة ، و افراط الانس مكسبة لقرناء السوء(٥) .

« و الاحتمال قبر العيوب » قال ابن أبي الحديد و من كلامهعليه‌السلام « وجدت الاحتمال أنصر لي من الرجال » .

و من كلامهعليه‌السلام : من سالم الناس سلم منهم ، و من حاربهم حاربوه ، فإنّ العثرة للكاثر .

و كان يقال : العاقل خادم الأحمق أبدا ، إن كان فوقه لا يجد بدّا من مداراته و إن كان دونه لم يجد من احتماله و استكفاف شرّه بدّا(٦) .

____________________

( ١ ) الكامل في الأدب للمبرد ٢ : ١٨ ، ( المعارف : بيروت ) .

( ٢ ) الكامل في الأدب للمبرّد ٢ : ١٩ .

( ٣ ) نسبها الصدوق للرسول الأكرم صلّى اللَّه عليه و آله من حديث غياث بن إبراهيم : الأمالي : ٢٠ ح ٩ .

( ٤ ) أدب الدنيا و الدين للماوردي : ١٨٣ .

( ٥ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٣٢٨ .

( ٦ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٩٩ .

٤٨٦

« أو و المسالمة خباء العيوب » هكذا في ( الطبعة المصرية ) ، و لكن في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) : و ( روي أنّهعليه‌السلام قال في العبارة عن هذا المعنى أيضا :

« المسالمة خباء العيوب » و صرّح الثاني بأنّه كلام الرضي ) و هو الصحيح ، و خباء العيوب خفاؤها و استتارها(١) .

و في معنى قوله هذا الاحتمال أو المسالمة قبر العيوب أو خباء العيوب و قولهعليه‌السلام « البشاشة حبالة المودة »(٢) و قولهعليه‌السلام « ليجتمع في قلبك الافتقار إلى النّاس و الاستغناء عنهم ، يكون افتقارك إليهم في لين كلامك و حسن سيرك ، و يكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك و بقاء عزّك »(٣) .

« و من رضي عن نفسه كثر الساخط عليه » لأنّه يعجب بنفسه ، و من أعجب بنفسه يتنفر الناس عنه و يكثرون السخط عليه .

و قال ابن أبي الحديد مثله قول الشاعر :

إذا كنت تقضي أنّ عقلك كامل

و أنّ بني حوّاء غيرك جاهل

و أنّ مفيض العلم صدرك كلّه

فمن ذا الذي يدري بأنّك عاقل(٤)

لكنه كما ترى معنى آخر .

٣١ الحكمة ( ٢٠ ) و قالعليه‌السلام :

قُرِنَتِ اَلْهَيْبَةُ بِالْخَيْبَةِ وَ اَلْحَيَاءُ بِالْحِرْمَانِ وَ اَلْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرَّ اَلسَّحَابِ فَانْتَهِزُوا فُرَصَ اَلْخَيْرِ

____________________

( ١ ) راجع الهوامش ( ٢ ٤ ) من الصفحة السابقة .

( ٢ ) بحار الأنوار ١٨ : ٩٨ .

( ٣ ) بحار الأنوار ٧٥ : ١٠٦ رواية ٣ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٠١ .

٤٨٧

أقول : و روى الشيخ في ( أماليه ) مسندا عن الرضاعليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : الهيبة خيبة و الفرصة خلصة و الحكمة ضالّة المؤمن فاطلبوها و لو عند المشرك تكونوا أحقّ بها و أهلها(١) .

و في ( الأغاني ) : قال دعبل : ما حسدت أحدا قط على شعر كما حسدت العتابي على قوله :

هيبة الإخوان قاطعة

لأخي الحاجات عن طلبه

فإذا ما هبت ذا أمل

مات ما أمّلت من سببه(٢)

قال ابن مهرويه : هذا سرقة العتابي من قول علي بن أبي طالب :

الهيبة مقرونة بالخيبة ، و الحياء مقرون بالحرمان ، و الفرصة تمرّ مرّ السّحاب .

حدّثني محمد بن داود عن محمد بن أبي الأزهر عن عيسى بن الحسن بن داود الجعفري عن أخيه عن علي بن أبي طالب بذلك(٣) .

« قرنت الهيبة بالخيبة » قال ( ابن أبي الحديد ) : كانت العرب إذا أوفدت وافدا قالت له : إيّاك و الهيبة فإنّها خيبة ، و لا تبت عند ذنب الأمر و بت عند رأسه(٤) . . و قال الشاعر :

من راقب الناس مات غمّا

و فاز باللذة الجسور(٥)

« و الحياء بالحرمان » في ( المعجم ) قال البلاذري : كانت بيني و بين عبيد اللَّه بن يحيى بن خاقان حرمة منذ أيام المتوكل ، و ما كنت أكلفه حاجة

____________________

( ١ ) أمالي الطوسي : ٦٢٥ رقم ١٢٩٠ ( بنياد بعثت ) .

( ٢ ) ذكر التبيين ابن قتيبة في عيون الأخبار ٣ : ١٢٠ .

( ٣ ) الأغاني للأصفهاني ١٣ : ١١٦ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٣١ .

( ٥ ) القائل هو سلم بن عمرو ، نهاية الأرب ٣ : ٨١ .

٤٨٨

لاستغنائي عنه ، فنالتني في أيّام المعتمد إضاقة ، فدخلت عليه و هو جالس للمظالم فشكوت إليه تأخّر رزقي و ثقل ديني و قلت : إنّ عيبا على الوزير حاجة مثلي في أيامه و غض طرفه عنّي فوقّع لي بعض ما أردت و قال : إنّ حياءك المانع لك من الشكوى عن الاستبطاء فقلت له : غرس البلوى يثمر الشكوى .

و انصرفت و كتبت إليه :

لحاني الوزير المرتضى في شكايتي

زمانا احّلت للجدوب محارمه

و قال لقد جاهرتني بملامة

و من لي بدهر كنت فيه اكاتمه

فقلت : حياء المرء ذي الدّين و التّقى

يقلّ إذا قلّت لديه دراهمه(١)

و قال ( ابن أبي الحديد ) : قال الشاعر :

ليس للحاجات إلاّ

من له وجه وقاح

و لسان طرمذيّ

و غدوّ و رواح

فعليه السعي فيها

و على اللَّه النجاح(٢)

« و الفرصة تمرّ مرّ السحاب » قال ( ابن أبي الحديد ) : قال ابن المقفع : إنتهز الفرصة في إحراز المآثر ، و اغتنم الإمكان باصطناع الخير ، و لا تنتظر ما تعامل فتجازي عنه بمثله ، فإنّك إن عوملت بمكروه و اشتغلت ترصد المكافأة عنه قصر العمر بك عن اكتساب فائدة و اقتناء منقبة .(٣) .

« فانتهزوا فرص الخير » أي : إغتنموها و لا تدعوها تفوت فتندموا .

____________________

( ١ ) معجم الأدباء لياقوت الحموي ٥ : ١٠٠ في ترجمة أحمد بن يحيى البلاذري .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٣١ .

( ٣ ) المصدر نفسه .

٤٨٩

٣٢ الحكمة ( ٢١١ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْجُودُ حَارِسُ اَلْأَعْرَاضِ وَ اَلْحِلْمُ فِدَامُ اَلسَّفِيهِ وَ اَلْعَفْوُ زَكَاةُ اَلظَّفَرِ وَ اَلسُّلُوُّ عِوَضُكَ مِمَّنْ غَدَرَ وَ اَلاِسْتِشَارَةُ عَيْنُ اَلْهِدَايَةِ وَ قَدْ خَاطَرَ مَنِ اِسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ وَ اَلصَّبْرُ يُنَاضِلُ اَلْحِدْثَانَ وَ اَلْجَزَعُ مِنْ أَعْوَانِ اَلزَّمَانِ وَ أَشْرَفُ اَلْغِنَى تَرْكُ اَلْمُنَى وَ كَمْ مِنْ عَقْلٍ أَسِيرٍ تَحْتَ هَوَى أَمِيرٍ وَ مِنَ اَلتَّوْفِيقِ حِفْظُ اَلتَّجْرِبَةِ وَ اَلْمَوَدَّةُ قَرَابَةٌ مُسْتَفَادَةٌ وَ لاَ تَأْمَنَنَّ مَلُولاً « الجود حارس الأعراض » في ( شعراء ابن قتيبة ) : جاور الحطيئة الزبرقان بن بدر ، فتحوّل عنه إلى بغيض فأحسن إليه ، فقال الحطيئة يمدح البغيض و يهجو الزبرقان :

ما كان ذنب بغيض أن رأى رجلا

ذا فاقة عاش في مستوغر(١) شاس

جار لقوم أطالوا هون منزله

و غادروه مقيما بين أرماس(٢)

ملّوا قراه و هدّته كلابهم

و جرّحوه بأنياب و أضراس

و قال للزبرقان :

دع المكارم لا تنهض لبغيتها

و اقعد فإنّك أنت الطاعم الكاسي(٣)

فاستعدى الزبرقان عليه عمر بن الخطاب و أنشده البيت ، فقال له عمر :

ما أراد هجاءك ، أما ترضى أن تكون طاعما كاسيا قال : إنّه لا يكون في الهجاء أشدّ من هذا فبعث إلى حسّان يسأله عن ذلك فقال : ما هجاه و لكن

____________________

( ١ ) مستوغر : مكان شديد القيظ ، شاس : الخشن من الحجارة .

( ٢ ) أرماس : جمع رمس و هو القبر .

( ٣ ) ذكر البيت بالإضافة إلى ابن قتيبة المبرد في الكامل ٢ : ٥٣٧ ، و النويري في نهاية الارب ٣ : ٧٢ .

٤٩٠

سلح عليه فحبسه عمر(١) .

و قال بعضهم : كفى بالبخيل عارا أنّ اسمه لم يقع في حمد قط ، و كفى بالجواد مجدا أنّ اسمه لم يقع في ذمّ قط .

و قال آخر : لا أردّ سائلا إنّما هو كريم أسدّ خلّته أو لئيم أشتري عرضي منه ، و قال الشاعر :

و من يجعل المعروف من دون عرضه

يفره و من لا يتّق الشتم يشتم(٢)

« و الحلم » و ما في ( الطبعة المصرية ) « و العلم » غلط واضح .

« فدام السفيه » الفدام ما يوضع في فم الإبريق ليصفي ما فيه(٣) .

و في ( كامل المبرد ) : دخل شامي المدينة فرأى رجلا راكبا على بغلة لم ير أحسن وجها و لا سمنا و لا ثوبا و لا دابة منه ، فمال قلبه إليه ، فسأل عنه قيل له هو الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال : فامتلأ قلبي له بغضا و حسدت عليّا أن يكون له ابن مثله ، فصرت إليه و قلت له : أنت ابن أبي طالب فقال : إبن ابنه فقلت : فبك و بأبيك أسبهما فلمّا انقضى كلامي قال لي : أحسبك غريبا .

قلت : أجل قال : فمل بنا فإن احتجت إلى منزل أنزلناك أو إلى مال آسيناك أو إلى حاجة عاونّاك فانصرفت عنه و و اللَّه ما على الأرض أحد أحبّ إليّ منه(٤) .

« و العفو زكاة الظفر » هو نظير قولهعليه‌السلام في ( ١٠ ) : إذا قدرت على عدوّك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه(٥) .

____________________

( ١ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ١١٠ ١١٤ .

( ٢ ) القائل هو زهير بن أبي سلمى في ديوانه : ٨٧ ، و نقله ابن عبد ربّه في العقد الفريد ١ : ٣٠٤ .

( ٣ ) راجع الطبعة المصرية : ٧٠٥ النسخة المنقحة بلفظ و الحلم و ليس العلم .

( ٤ ) الكامل في الأدب للمبرد ١ : ٢٣٥ ( مكتبة المعارف ) .

( ٥ ) من الكلمات في المعجم القصار برقم ( ١١ ) .

٤٩١

و في ( العقد ) أمر عمر بن عبد العزيز بعقوبة رجل ، فقال له رجاء بن حيوه : إنّ اللَّه قد فعل ما تحبّ من الظّفر فافعل ما يحبّه من العفو(١) .

و قال مبارك بن فضالة : كنت عند المنصور فأمر بقتل رجل ، فقلت : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « إذا كان يوم القيامة نادى مناد : ألا من كانت له عند اللَّه يد فليتقدّم فلا يتقدّم إلاّ من عفا عن مذنب » فأمر بإطلاقه(٢) .

« و السلوّ عوضك ممّن غدر » يعني ان الغدر من الصديق يستعقب السلوّ عن تعلق القلب به ، و هو المراد من قول الشاعر :

أعتقني سوء ما صنعت من الرقّ

فيا بردها على كبدي(٣)

« و الاستشارة عين الهداية » يكفي في فضلها قوله تعالى لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( وَ شاورهُم في الأَمرِ ) (٤) .

« و قد خاطر » أي : أشرف على الهلاك .

« من استغنى برأيه » قولهعليه‌السلام هنا في الاستشارة و الاستبداد نظير قولهعليه‌السلام في ( ١٦١ ) : « من استبد برأيه هلك و من شاور الرجال شاركها في عقولها »(٥) .

« و الصبر يناضل الحدثان » أي : يرامي حوادث الدهر .

« و الجزع من أعوان الزمان » على بوار الإنسان ، ذكرعليه‌السلام فائدة الصبر و مضرّة الجزع تحريضا و تحذيرا .

« و أشرف الغنى ترك المنى » سها المصنف فذكر هذه الفقرة في

____________________

( ١ ) العقد الفريد لابن عبد ربّه ٢ : ١٥٧ .

( ٢ ) العقد الفريد لابن عبد ربّه ٢ : ١٥٩ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٠٧ .

( ٤ ) آل عمران : ١٥٩ .

( ٥ ) مرّ ذكره في الصفحة ٢٢٤ من هذا الكتاب .

٤٩٢

عنوانه ( ٣٤ )(١) .

« و كم من عقل أسير تحت هوى أمير » هو نظير قولهعليه‌السلام في كتاب اشتراء شريح لداره « شهد على ذلك العقل إذا خرج من أسر الهوى » فكل انسان يعلم بعقله بقاء الآخرة و فناء الدّنيا و وجوب العمل بالحقّ و التجنّب عن الباطل ، إلاّ أنّ هواه لا يدعه يعمل بمقتضاه .

« و من التوفيق حفظ التجربة » فالتجارب تحصل منها فوائد كثيرة ، فمن لم يحفظها حرم منها فلا يكون موفقا .

« و المودة قرابة مستفادة » و في العنوان ( ٣٠٨ ) « مودّة الآباء قرابة بين الابناء ، و القرابة إلى المودة أحوج من المودة إلى القرابة »(٢) ، و من كون المودة قرابة مستفادة تكون المصاهرة كنسب جديد ، و لذا أردفه اللَّه تعالى في قوله عز و جل( فَجَعَلَهُ نَسَباً و صهراً ) (٣) .

« و لا تأمننّ ملولا » فعول من الملالة ، و مصداق كلامهعليه‌السلام أصحابه في صفّين ، فقد كانوا ملّوا من الحرب فكانوا منتظرين لمكيدة من العدو و يكون عذرا لهم في ترك القتال .

٣٣ الحكمة ( ٥٢ ) و قالعليه‌السلام :

أَوْلَى اَلنَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَى اَلْعُقُوبَةِ في ( العيون ) : قال رجل لبعض الأمراء : أسألك بالذي أنت بين يديه أذلّ

____________________

( ١ ) سيأتي ذكره في شرح الحكمة ١١٦ في الصفحة ٢٨٠ من هذا الكتاب .

( ٢ ) راجع الحكمة ( ٣٠٨ ) : ١٧٨ من نسخة المعجم .

( ٣ ) الفرقان : ٥٤ .

٤٩٣

منّي بين يديك ، و هو على عقابك أقدر منك على عقابي ، إلاّ نظرت في أمري نظر من برئي أحبّ إليه من سقمي و براءتي أحبّ إليه من جرمي .

و أمر عبد الملك بقتل رجل فقال له : إنّك أعزّ ما تكون أحوج ما تكون إلى اللَّه تعالى ، فاعف عنّي له فإنّك به تعان و إليه تعود فخلّى سبيله(١) .

و قالوا : وقف رجل جنى جناية بين يدي المأمون ، فقال له : و اللَّه لأقتلنّك .

فقال الرجل : تأنّ عليّ فإنّ الرفق نصف العفو قال : و كيف و قد حفت ؟ فقال : ت لأن تلقى اللَّه حانثا خير من أن تلقاه قاتلا فخلّى سبيله(٢) .

٣٤ الحكمة ( ١١٦ ) و قالعليه‌السلام :

كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَ مَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ وَ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ اَلْقَوْلِ فِيهِ وَ مَا اِبْتَلَى اَللَّهُ أَحَداً بِمِثْلِ اَلْإِمْلاَءِ لَهُ الحكمة ( ٤٦٢ ) و قالعليه‌السلام :

رُبَّ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ اَلْقَوْلِ فِيهِ أقول : كرره بعينه بنقل ( ابن أبي الحديد ) و الخطية(٣) في ( ٢٦٠ ) زائدا « و قد مضى هذا الكلام فيما تقدم إلاّ أنّ فيه ها هنا زيادة جيّدة » بنقل ابن أبي الحديد و « زيادة مفيدة » بنقل ( النسخة الخطية و الطبعة المصرية )(٤) جمعت

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ١٠٢ .

( ٢ ) ذكره البيهقي بالمعنى و نسبه إلى المنصور .

( ٣ ) انظر شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٨١ رقم ( ١١٢ ) و ١٩ : ١٠٣ رقم ( ٢٥٨ ) ، و راجع النسخة الخطية ( المرعشي ) : ٣١٩ .

( ٤ ) راجع النسخة المصرية شرح محمّد عبده : ١٨٣ و ٧١٤ رقم ( ١٧ ) و رقم ( ٢٦٢ ) .

٤٩٤

بينهما ، لكن ليس في ( ابن ميثم )(١) تكرار ، لكن أواخر نسخته لا تخلو من السقم فلعلّه من سقط النسخة ، و لو كان نقل الأوّلين صحيحا لم يصح قول المصنف و قد مضى . ، بعد كونه بعينه بلا زيادة و لا نقصان .

و كيف كان فكرّر الفقرة الثالثة مستقلة في ( ٤٦٢ ) اتفاقا بلفظ « رب مفتون بحسن القول فيه » كما عرفت من العنوان ، و قد عرفت في أوّل الكتاب تصريح ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) بختم المصنف الكتاب أولا به(٢) .

« كم من مستدرج بالإحسان إليه »( أَيحسَبُون أَنّما نُمدُّهم بهِ مِن مَالٍ و بَنينَ نُسارِعُ لهُم فِي الخَيراتِ بل لا يشعُرون ) (٣) ( فلمّا نَسُوا ما ذكرُوا به فتحنا عليهم أَبواب كلّ شي‏ءٍ حتى إذا فرحوا بما اُوتُوا أَخذناهم بغتةً فإذا هم مبلسون فقطع دابرُ القوم الَّذين ظَلَموا و الحمدُ للَّه ربّ العالَمين ) (٤) .( سنَستَدرجهم من حَيثُ لا يعلَمُونَ ) (٥) .

« و مغرور بالستر عليه » و ورد أنّه لو لا ستر اللَّه على الناس لكانوا يطرحون كثيرا من الناس على المزابل و لا يدفنونهم .

« و مفتون بحسن القول فيه » كخلفاء الباطل و المتملّقين لهم ، فكانوا يقولون لبيعة معاوية لابنه يزيد و بيعة هارون لبنيه و بيعة المتوكل لبنيه :

« إنها بيعة مثل بيعة الشجرة » .

و قال ابن قتيبة في ( خلفائه ) بعد ذكر أنّ فاطمةعليها‌السلام قالت لأبي بكر و عمر بعد تقريرهما بقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيها « رضا فاطمة من رضاي و سخط

____________________

( ١ ) راجع شرح ابن ميثم ٥ : ٣٠٣ رقم ١٠٧ .

( ٢ ) راجع المصادر السابقة النسخة المصرية ، ابن أبي الحديد ، ابن ميثم ، الخطية .

( ٣ ) المؤمنون : ٥٥ ٥٦ .

( ٤ ) الأنعام : ٤٤ ٤٥ .

( ٥ ) الأعراف : ١٨٢ .

٤٩٥

فاطمة من سخطي ، و من أرضى فاطمة فقد أرضاني و من أسخط فاطمة فقد أسخطني » إنّي اشهد اللَّه و ملائكته أنّكما أسخطتماني و ما أرضيتماني ، و لئن لقيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأشكونّكما إليه فانتحب أبو بكر يبكي و فاطمةعليها‌السلام تقول :

و اللَّه لأدعونّ اللَّه عليك في كلّ صلاة اصلّيها ، فخرج باكيا و اجتمع إليه الناس فقال لهم : لا حاجة لي في بيعتكم أقيلوني بيعتي قالوا : إنّ هذا الأمر لا يستقيم و أنت أعلمنا بذلك ، إنّه إن كان هذا لم يقم للَّه دين فقال : و اللَّه لو لا ذلك و ما أخافه من رخاوة هذه العروة ما بت ليلة و لي في عنق مسلم بيعة بعد ما سمعت و رأيت من فاطمة .(١) .

فلو لا فتنته بحسن قولهم فيه لكان اللازم أن نقول : إنّ كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان جزافا و باطلا ، و هوى نفس لبنته و رضاه بخراب الدين لأجلها .

و قال ابن قتيبة أيضا : إنّ عمر دعا في احتضاره ابن عباس و قال له : لو أنّ لي ما طلعت عليه الشمس و ما غربت لافتديت به من هول المطلع فقال له ابن عباس : أسلمت و كان إسلامك عزّا ، و هاجرت و كانت هجرتك فتحا ، و وازرت الخليفة و قبض الخليفة عنك راضيا ، و مصر اللَّه بك الأمصار وجبى بك الأموال و أوصل بك على أهل بيت كلّ مسلم توسعة في دينهم و توسعة في أرزاقهم ثم ختم لك بالشهادة فقال له عمر : أتشهد لي بهذا يا عبد اللَّه عند اللَّه يوم القيامة قال : نعم فقال عمر : اللّهم لك الحمد .(٢) .

فهل اللَّه محتاج إلى شهادة ابن عباس لو لا فتنته بمثل تلك الأقوال ؟

« و ما ابتلى اللَّه أحدا بمثل الإملاء له » قال تعالى في موضعين من كتابه :

____________________

( ١ ) تاريخ الخلفاء لابن قتيبة : ١٤ .

( ٢ ) ابن قتيبة ، الامامة و السياسة : ٢٢ ٢٣ .

٤٩٦

و اُملي لهم إِنّ كيدي متينٌ(١) .

٣٥ الحكمة ( ٤٦٦ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْعَيْنُ وِكَاءُ اَلسَّهِ أقول : أيّ حبل يسد به الاست ، فالوكاء الذي يشد به رأس القربة و ( السّه ) الاست ، أي : الدّبر و أصل سه « سته » لأن جمعه أستاه و قال الجوهري في سته إذا أردت الهاء الّتي هي لام الفعل و حذفت العين أي : من الاست قلت ( سه ) بالفتح قال الشاعر :

و أنت السّه السّفلى

إذا دعيت نصر(٢)

أي : أنت فيهم بمنزلة الاست ، و في الحديث : « العين وكاء السّه » .

في ( العيون ) : كان سليمان بن عبد الملك يأخذ الوليّ بالوليّ و الجار بالجار ، فدخل عليه رجل و على رأسه وصيفة روقة(٣) ، فنظر إليها فقال سليمان : أأعجبتك ؟ قال : بارك اللَّه للخليفة فيها قال : هات سبعة أمثال في الاست و خذها فقال : « صرّ عليه الغزو استه » قال : واحد ، قال : « است البائن أعلم » قال : إثنان ، قال : « أست لم تعوّد المجمر تحترق » قال : ثلاثة ، قال : « الحرّ يعطي و العبد ييجع باسته » قال : أربعة ، قال : « أستي أخبثي » قال : خمسة ، قال :

« عاد سلاها في استها » قال : ستة ، قال « لا مائك أبقيت و لا حرك أنفيت » قال :

ليس هذا من ذاك قال : أخذت الجار بالجار كما يفعل الخليفة قال : خذها(٤) .

____________________

( ١ ) الأعراف : ١٨٣ ، و القلم : ٤٥ .

( ٢ ) الصحاح للجوهري ٦ : ٢٢٣٣ مادة ( سته ) .

( ٣ ) الوصيفة : الجارية ، و الروقة : الحسناء الجميلة .

( ٤ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ١٣٠ .

٤٩٧

قلت : و لو ذكر السابع شعر جعفر بن الزبير في الفرزدق و امرأته نوار لمّا وكّلته في تزويجها فزوجها من نفسه فأبت و ما رضيته و حاكمته إلى ابن الزبير :

لقد أصبحت عرس الفرزدق ناشزا

و لو رضيت رمح استه لاستقرّت(١)

كان وجها ، و الظاهر أنّه تعمّد التبديل و إلاّ فقولهم « أخطأت استه الحفرة » مثل معروف .

و في الأساس : و في مثل « إني لأعلم من المائح باست الماتح » و الثاني من ينزح من البئر و الأول من ينزل في البئر فيملا الدلوله(٢) .

هذا ، و في ( الأغاني ) كانت امرأة من عقيل يقال لها ليلى يتحدّث إليها الشبّان ، فدخل عليها الفرزدق فجعل يحادثها ، و أقبل فتى من قومها فأقبلت عليه ، فغاظ ذلك الفرزدق فقال للرجل أ تصارعني ؟ قال : ذاك إليك فقام إليه فصرعه الفتى و جلس على صدره ، فخرج من الفرزدق صوت فقام الرجل و قال : ما أردت بك ما جرى فقال : ما بي إن صرعتني ، و لكن كأنك بجرير بلغه خبري فقال فيّ :

جلست إلى ليلى لتحظى بقربها

فخانك دبر لا يزال يخون

فلو كنت ذا حزم شددت و كاءها

كما شدّ خرتا للدّلاص قيون(٣)

فما مضت أيام حتى بلغ جرير الخبر فقال فيه البيتين(٤) .

و من أمثالهم كما في ( الأغاني ) « أريها استها و تريني القمر »(٥) .

____________________

( ١ ) الأغاني لأبي فرج الأصفهاني ٣ : ٣٦٤ .

( ٢ ) أساس البلاغة للزمخشري : ٤٤٠ مادة ( م ى ح ) .

( ٣ ) الوكاء : الخيط الذي تربط به الصرة ، الخرت : الثقب ، الدلاص : الدرع اللينة ، قيون : جمع قين و هو الحداد .

( ٤ ) الأغاني لأبي فرج الأصفهاني ٢١ : ٣٤٠ .

( ٥ ) الأغاني لأبي فرج الأصفهاني ١٦ : ٣٧٨ .

٤٩٨

و من أمثالهم كما في ( الكرماني ) « مالك است مع استك »(١) و قال : قال أبو زيد : يضرب لمن لم تكن له ثروة من مال و لا عدة من رجال .

و منها كما فيه « في أست المغبون عود »(٢) أيضا « في استها ما لا ترى »(٣) .

و في الأساس : « لقيت منه است الكلبة »(٤) أي ما كرهته و « أضيق استا من ذاك »(٥) أي : عاجز و « تركته باست الأرض »(٦) أي : عديما لا شي‏ء له و « يا ابن استها »(٧) كناية عن احماض امه اياه و « على است الدهر »(٨) أي : على وجهه و « باست فلان » إذا استخف به(٩) .

هذا ، و في ( القاموس المحيط ) الحماء الاست جمعه حم .

و في ( الأغاني ) : حكى ابن الكلبي أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا افتتح مكة قدمت عليه وفود العرب ، فكان فيمن قدم قيس بن عاصم و عمرو بن أهتم ابن عمّه ، فلمّا صارا عنده تسابّا ، فقال قيس لعمرو : و اللَّه ما هم منّا ، و إنّهم لمن أهل الحيرة .

فقال عمرو : هو و اللَّه من الروم و ليس منّا ثم قال له :

____________________

( ١ ) ذكره الميداني في مجمع الأمثال و هو ( المعتمد ) الميداني ٢ : ١٦٧ ، يضرب لمن لم تكن له ثروة من مال و لا عدة من رجال .

( ٢ ) المصدر نفسه ٢ : ١٨ و يضرب فيمن غبن .

( ٣ ) المصدر نفسه ٢ : ١٢ ، و يضرب للباذل الهيئة يكون مخبره أكثر من مرآة و يضرب لمن خفي عليه شي‏ء و هو يظن انه عالم به .

( ٤ ) المصدر نفسه ٢ : ٩٥ .

( ٥ ) أساس البلاغة للزمخشري : ٢٠٢ .

( ٦ ) في مجمع الأمثال ١ : ٨٢ ، ذكره الميداني بلفظ تركته باست المتن ، و المتن ما طلب من الأرض أي تركته وحيدا ، و في أساس البلاغة : ٢٠٢ بلفظ الأرض .

( ٧ ) أورده الميداني بلفظ يا ابن استها إذا أخمظت خمارها ٢ : ٥٠٠ .

( ٨ ) للفيروز آبادي ٤ : ١٠١ .

( ٩ ) الزمخشري ، أساس البلاغة : ٢٠٢ مادة ( س ت ه ) .

٤٩٩

ظللت مفترش الهلباء تشتمني

عند الرسول فلم تصدق و لم تصب

الهلباء يعني استه ، يعيّره بذلك و بأن عانته وافية قال : و إنّما نسبه إلى الروم لأنّه كان أحمر ، فيقال : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهاه عن هذا القول في قيس ، و قال :

إسماعيل بن إبراهيم كان أحمر(١) .

و في ( القاموس ) « و ام العزم و عزمه و ام عزمه مكسورات الاست »(٢) .

و في ( النهاية ) : قال الأشعث لعمرو بن معد يكرب : لئن دنوت لاضرّطنّك .

فقال عمرو : كلاّ إنّها لعزوم مفرّغة ، يريد أنّ استه ذات عزم و قوّة(٣) .

و في ( بديع ابن المعتز ) : قال عبد اللَّه بن أياد لسويد بن منجوف : اقعد على است الأرض فقال سويد : ما أعلم للأرض استا(٤) .

و في ( الصحاح ) : الوباعة بالعين و الغين : الاست(٥) .

و في ( تقريب المعاهد ) : قال المنصور الخالدي كنت ليلة عند التنوخي في ضيافة فأغفى إغفاء فخرجت منه ، فضحك بعض القوم فانتبه لضحكه فقال :

إذا نامت العينان من متيقّظ

تراخت بلا شكّ تشاريح فقحته

فمن كان ذا عقل فيعذر نائما

و من كان ذا جهل ففي جوف لحيته(٦)

و ذكروا أن المأمون وضع رأسه في حجر بوران بنت الحسن بن سهل

____________________

( ١ ) الأغاني ١٤ : ٨٨ .

( ٢ ) القاموس المحيط للفيروز آبادي ٤ : ١٥٠ .

( ٣ ) النهاية ١ : ٢٣٢ .

( ٤ ) البديع لابن المعتز : ٢٣ و في النسخة عبيد اللَّه و ليس عبد اللَّه بن أياد .

( ٥ ) الصحاح للجوهري ٣ : ١٢٩٤ مادة ( وبع ) .

( ٦ ) معاهد التنصيص ، لعبد الرحيم العباس : ١٨١ .

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639