بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 253962 / تحميل: 8981
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

بأس أن يقرض الرجل الدراهم، ويأخذ أجود منهما، إذا لم يكن بينهما شرط ».

١٢ -( باب جواز بيع المختلفين متفاضلا ومتساويا، يدا بيد، ويكره نسيئة، وأن يسلف أحدهما في الآخر)

[١٥٥٤٤] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « ما كان من الطعام أو(١) شئ من الأشياء مختلفا، فلا بأس ببيعه متفاضلا يدا بيد، ولا خير فيه نظرة ».

[١٥٥٤٥] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه رخص في الدقيق بالكعك(١) متساويا يدا بيد، والخل بالخل كذلك، وإن اختلفت أجناسه وصنوفه، وكذلك عسل السكر بعسل النحل.

[١٥٥٤٦] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا بأس بالسمن والزيت، اثنين بواحد يدا بيد.

[١٥٥٤٧] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم ».

١٣ -( باب عدم جواز بيع التمر بالرطب، والزبيب بالعنب)

[١٥٥٤٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أن رسول الله

__________________

الباب ١٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٢ ح ٩٦.

(١) في المصدر زيادة: من.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٣ ح ١٠٣.

(١) الكعك: الخبز اليابس ( لسان العرب - كعك - ج ١٠ ص ٤٨١ ).

٣ - المقنع ص ١٢٥.

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٢١ ح ٨٦.

الباب ١٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٢ ح ١٠٠.

٣٤١

صلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن بيع التمر بالرطب، من أجل أن الرطب ينقص من كيله إذا يبس.

[١٥٥٤٩] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه سئل عن بيع الرطب بالتمر، فقال: « أينقص إذا جف؟ » فقالوا: نعم، فقال: « لا إذن ».

١٤ -( باب أنه لا يحرم الربا في المعدود والمزروع، لكن يكره)

[١٥٥٥٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بأس [ بالثوب ](١) بالثوبين يدا بيد، ونسيئة إذا وصفه ».

[١٥٥٥١] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وسئل - أي العالمعليه‌السلام - عن الشاة بالشاتين، والبيضة بالبيضتين، فقال: لا بأس، إذا لم يكن كيلا ولا وزنا ».

١٥ -( باب جواز بيع العروض غير المكيلة والموزونة كالدواب والثياب، بعضها ببعض، متماثلة ومختلفة، متساويا ومختلفا ومتفاضلا، ويكره نسيئة)

[١٥٥٥٢] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه رخص في(١) بيع الحيوان بالحيوان.

__________________

٢ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٥٤ ح ٢٨.

الباب ١٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٣ ح ١٠١.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤ ح ٧١.

(١) في المصدر: « من ».

٣٤٢

[١٥٥٥٣] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه باع بعيرا بالربذة(١) بأربعة أبعرة مضمونة، وباع جملا يدعى عصيفر(٢) بعشرين بعيرا إلى أجل.

[١٥٥٥٤] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الحيتان بالحيتان ( يقسم ويباع )(١) على وجه التحري بغير وزن ولا كيل، واللحم كذلك، فرخص فيه. وعن القمح بالماء إلى أجل، فرخص فيه، ( فقيل له )(٢) ، يصلح بغير الماء نحو الأشربة من العسل وغيره، قال: « لا يصلح ».

[١٥٥٥٥] ٤ - الصدوق في المقنع: واعلم أنه لا ربا إلا فيما يكال أو يوزن، فلو أن رجلا باع بعيرا ببعيرين أو بقرة ببقرتين أو ثوبا بثوبين، أو أشباه ذلك مما لم يكن فيه كيل ولا وزن، لم يكن بذلك بأس.

١٦ -( باب أنه يتخلص من الربا، بأن يجعل من الناقص شئ من غير جنسه، وبمبايعة شئ آخر)

[١٥٥٥٦] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في حديث أنه قيل له: فما ترى في الرجل يشتري ألف درهم ودينارا بألفي درهم؟ قال: « لا بأس بذلك، إن أبي كان أجرأ على أهل المدينة مني، وكان يقول هذا، فيقولون: يا أبا جعفر هذا الفرار من الربا، ولو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم، وكان يقول لهم(١) : نعم الشئ الفرار من الحرام إلى الحلال،

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤ ح ٧٢.

(١) في الطبعة الحجرية: « بربذة » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « عصيفير ».

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٣ ح ١٠٣.

(١) في المصدر: « تقسم وتباع ».

(٢) في المصدر: « قيل فهل ».

٤ - المقنع ص ١٢٥.

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩ ح ٨٩.

(١) ليس في المصدر.

٣٤٣

وقال له رجل: رحمك الله، والله إنك لتعلم أنك لو أخذت دينارا والصرف تسعة عشر، فدرت المدينة كلها [ على ](٢) أن تجد من يعطيك فيه عشرين ما(٣) وجدته، وما هذا إلا فرارا [ من الربا ](٤) قال: صدقت، هو فرار من باطل إلى حق ».

١٧ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الربا)

[١٥٥٥٧] ١ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الوزن وزن مكة، والمكيال مكيال المدينة ».

[١٥٥٥٨] ٢ - الصدوق في علل الشرائع: عن أحمد بن محمد العلوي، عن محمد بن أسباط، عن أحمد بن محمد بن زياد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ابن عيسى بن جعفر العلوي العمرى، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليه‌السلام ، أنه سئل: مما خلق الله الشعير؟ فقال: « إن الله تبارك وتعالى أمر آدم: « أن ازرع مما اخترت لنفسك، وجاء(١) جبرئيل بقبضة من الحنطة، فقبض آدم على قبضة، وقبضت حواء على أخرى، وقال آدم لحواء: لا تزرعي(٢) ، فلم تقبل أمر آدم، فكلما زرع آدم جاء حنطة، وكلما زرعت حواء جاء شعيرا ».

[١٥٥٥٩] ٣ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: « لما ».

(٤) أثبتناه من المصدر.

الباب ١٧

١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٥٦ ح ١٣١.

٢ - علل الشرائع ج ٢ ص ٥٧٤ ح ٢.

(١) في المصدر: « وجاءه ».

(٢) في المصدر زيادة: أنت.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٦ ح ٢٦٠.

٣٤٤

الرجل يعطى الرجل مالا ( ليعمل به )(١) ، على أن يعطيه ربحا مقطوعا، قال: « هذا الربا محضا ».

[١٥٥٦٠] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ألا إن كل ربا في الجاهلية موضوع، وأول ربا أضعه ربا العباس، وكل دم في الجاهلية مطلول، وأول دم أطله دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ».

[١٥٥٦١] ٥ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: في قصة المباهلة، إلى أن ذكر صورة المصالحة التي كتبها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأهل نجران وفي آخرها: « فمن أكل الربا منهم بعد عامه، فذمتي منهم بريئة ».

__________________

(١) في المصدر: « يعمل فيه ».

٤ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ١٣٧ ح ٣٧٧.

٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٥٧٧.

٣٤٥

٣٤٦

أبواب الصرف

١ -( باب تحريم التفاضل، في بيع الفضة بالفضة، والذهب بالذهب)

[١٥٥٦٢] ١ دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن أبيه، عن آبائه: « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: الفضة بالفضة، والذهب بالذهب، مثلا بمثل، يدا بيد، فمن زاد واستزاد فقد أربى، ولعن [ الله ](١) الربا، وآكله، وموكله، وبائعه، ومشتريه، وكاتبه، وشاهديه ».

[١٥٥٦٣] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، مثلا بمثل، ليس فيه زيادة ولا نظرة، والزائد والمستزيد في النار ».

[١٥٥٦٤] ٣ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه سئل عن الدرهم بدرهمين يدا بيد، قال: « ذاك الربا العجلان ».

[١٥٥٦٥] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ، وشري الدراهم بالدراهم، والذهب

__________________

أبواب الصرف

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٧ ح ٨٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٧ ح ٨٤.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٧ ح ٨٥.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

٣٤٧

بالذهب، التفاضل بينهما في الوزن - إلى أن قال - لا يجوز فهو الربا، إلا أن يكون بالسوي ».

[١٥٥٦٦] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تبيعوا الذهب بالذهب، إلا مثلا بمثل ».

٢ -( باب أنه يشترط في صحة الصرف، التقابض في المجلس ولو يقبض الوكيل، ويبطل لو افترقا قبله)

[١٥٥٦٧] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يجوز بيع الفضة بالذهب، ولا بيع الذهب بالفضة، إلا يدا بيد ».

قال أبو عبد الله(١) عليه‌السلام : « أنه إذا اشتريت من رجل ذهبا بفضة أو فضة بذهب، فلا تفارقه حتى تتقابضا، ( وإن نزا حائطا فانز معه )(٢) ، وإن قال لك: أرسل غلامك معي حتى أعطيه، فلا تفعل وإن كان المكان قريبا، وإن أرسلت معه فتأمر من ترسله إذا حضر النقد، أن يبتدئ معه الصرف، ويكون هو الذي يعاقده عليه، وإن بقي من النقد شئ لا خير فيه، حتى يكون القبض والدفع على الكمال يدا بيد، وإن اشترى الرجل ذهبا بفضة واشتغل بغير ذلك، ثم أراد القبض، فليعد عقد الصرف في وقت القبض، فيقول: هذا بهذا ».

[١٥٥٦٨] ٢ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا يدا بيد، ولا تبيعوا منها شيئا غائبا

__________________

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٩١ ح ٣٢.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤١ ح ٩٣.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ٤١ ح ٩٤.

(٢) في المصدر: وان وثب حائطا. ونزا: بمعنى وثب ( لسان العرب ج ١٥ ص ٣١٩ ).

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٩١ ح ٣٢، ٣٣.

٣٤٨

بناجز حاضر ».

[١٥٥٦٩] ٣ - وفي درر اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « بيعوا الذهب بالفضة يدا بيد، كيف شئتم »

٣ -( باب أن من كان له على غيره دنانير، جاز أن يأخذ بدلها دراهم، وبالعكس)

[١٥٥٧٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه رخص في اقتضاء الدراهم من الدنانير، والدنانير من الدراهم.

[١٥٥٧١] ٢ - وروى عن أبيه، عن آبائه، أن أمير المؤمنينعليه‌السلام سئل عن ذلك، فقال: « قد كره أن يقبض المسلف إلا ما أسلف، فإن تراضيا من ذلك على أمر أراد به الرفق من أحدهما لصاحبه، فلا بأس إذا كان بسعر معلوم ».

[١٥٥٧٢] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه سئل عمن باع بالدنانير فأخذ عوضها دراهم، أو بالدراهم فيأخذ عوضها دنانير، يأخذ هذه عن هذه، فقال: « لا بأس يأخذها بسعر يومها، ما لم يفترقا وبينهما شئ ».

٤ -( باب أنه إذا حصل التفاضل في الجنس الواحد، وجب أن يكون مع الناقص من غير جنسه وإن قل)

[١٥٥٧٣] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - قيل

__________________

٣ - درر اللآلي ج ١ ص ٣٤١.

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٠ ح ٩١.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٠ ح ٩٢.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٥٢ ح ١١٤.

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٩ ح ٨٩.

٣٤٩

له: فما ترى في الرجل يشتري ألف درهم ودينار بألفي درهم؟ قال: « لا بأس بذلك، إن أبيعليه‌السلام كان أجرأ على أهل المدينة مني، وكان يقول هذا، فيقولون: يا أبا جعفر، هذا الفرار من الربا » إلى آخر ما تقدم في آخر أبواب الربا.

٥ -( باب وجوب التساوي في الجنس الواحد وزنا وإن كان أحد الصنفين أجود، وجواز اشتراط الصرف في بيع أو صرف)

[١٥٥٧٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن الرجل يستبدل الدنانير الشامية بالكوفية وزنا بوزن، فيقول الصيرفي: لا أبدلك حتى تبدلني دراهم يوسفية بغلة(١) وزنا بوزن، قال: « لا بأس به » قيل له: إن الصيرفي إنما يطلب فضل اليوسفية على الغلة، قال: « إذا كان وزنا بوزن يدا بيد فلا بأس » الخبر.

[١٥٥٧٥] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « بعثني أبيعليه‌السلام بكيس فيه ألف درهم، إلى رجل صراف من أهل العراق ليعطيه أفضل منها، وقال لي: قل له(١) : يبيعها بدنانير، فإذا قبضها ودفع الدراهم، فليشتر لنا بالدنانير التي قبضها حاجتنا من الدراهم ».

٦ -( باب جواز انفاق الدراهم المغشوشة والناقصة إن كانت معلومة الصرف، وإلا لم يجز إلا بعد بيانها)

[١٥٥٦٥] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن

__________________

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨ ح ٨٩.

(١) الدراهم الغلة: المغشوش ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٤٣٦ ).

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨ ح ٨٨.

(١) في الطبعة الحجرية: « له قل » وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٩ ح ٥٩.

٣٥٠

إنفاق الدارهم المحمول عليها، قال: « إذا كان الغالب عليها الفضة فلا بأس بإنفاقها » وقال في الستوق(١) وهو المطبق(٢) عليه الفضة وداخله نحاس: « يقطع ولا يحل أن ينفق، وكذلك المزيفة(٣) والمكحلة ».

٧ -( باب أنه يجوز قضاء الدين عن الدراهم والدنانير وغيرها، بأجود منها وبأزيد وزنا وعددا، ويحل للقابض من غير شرط)

[١٥٥٧٧] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يقرض الرجل الدراهم الغلة، فيرد عليه الدراهم الطازجية، طيبة بها نفسه، قال: « لا بأس بذلك ».

[١٥٥٧٨] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « من أقرض قرضا ورقا لا يشترط إلا رد مثلها، فإن قضى أجود منها فليقبل ».

[١٥٥٧٩] ٣ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن ذريح المحاربي قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أتى رجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسأله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عنده سلف؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله، وأسلفه أربعة أوساق، ولم يكن له غيرها، فأعطاها السائل، فمكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما شاء الله، ثم إن المرأة قالت لزوجها: أما آن لك أن تطلب سلفك، فتقاضي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال: سيكون ذلك، ففعل ذلك الرجل مرتين أو ثلاثا، ثم إنه دخل ذات يوم عند الليل، فقال له ابن له: جئت بشئ فإني لم أذق شيئا اليوم، ثم قال: الولد فتنة، فغدا الرجل إلى رسول

__________________

(١) درهم ستوق: زيف لا خير فيه ( لسان العرب - ستق - ج ١٠ ص ١٥٢ ).

(٢) وطبقه فهو مطبق: غطاه ( القاموس المحيط ج ٣ ص ٢٦٥ ).

(٣) في المصدر: المزيبقة.

الباب ٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦١ ح ١٦٨.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦١ ح ١٦٩.

٣ - كتاب جعفر بن المثنى الحضرمي ص ٨٣.

٣٥١

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: سلفي، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيكون ذلك، فقال: حتى متى سيكون ذلك؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عنده سلف؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فأسلفه ثمانية أوساق، فقال الرجل: إنما لي أربعة، فقال له: خذها، فأعطاها إياه ».

٨ -( باب جواز إقراض الدرهم واشتراط قبضها بأرض أخرى)

[١٥٥٨٠] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه رخص في السفاتج(١) ، وهي المال يستسلفه الرجل بأرض ويقبضه بأخرى، وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه أعطى مالا في المدينة، ثم أخذه بأرض أخرى.

٩ -( باب حكم بيع الأشياء المصوغة من الذهب والفضة، والمحلاة بهما أو بأحدهما)

[١٥٥٨١] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن السيوف المحلاة وما أشبه ذلك، مما تخالطه الفضة، فيه العروض تباع بالذهب إلى أجل مسمى، فقال: « إن الناس لم يختلفوا في النسيئة، إنما اختلفوا في اليد باليد » فقيل له: فبيعه بالدراهم النقد، قال: « كان أبي

__________________

الباب ٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦٢ ح ١٧٢، ١٧١.

(١) السفاتج: جمع سفتجة: وهي كتاب صاحب لوكيله ان يدفع حالا لآخر، يأمن به خطر الطريق ( مجمع البحرين - سفتج - ج ٢ ص ٣٠٩ ).

الباب ٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٠ ح ٩٠.

٣٥٢

يقول: يكون معه عروض غيره أحب إلي « فقيل له: أرأيت إن كان الدراهم أكثر من الفضة التي فيه؟ قال: وكيف لهم بالإحاطة بذلك؟ » قيل: فإنهم يعرفونه، قال: « إن كانوا يعرفونه فلا بأس، وإلا فإنهم يجعلون معه العروض أحب إلي » وإنما يعني ( صلوات الله عليه ) بذلك أن يكون مع الفضة عرض، ويعلم أن الدراهم أكثر منها، فتكون الفضة بالفضة وزنا بوزن، والفاضل في العروض، وأن تكون الدراهم أقل من الفضة، ويكون معها عرض يكون ما فضل من الفضة ثمنه.

[١٥٥٨٢] ٢ - العلامة الحلي في التذكرة: عن عطاء بن يسار، أن معاوية باع سقاية من ذهب ( أو ورق )(١) بأكثر من ورقها(٢) ، فقال أبو الدرداء: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ينهى عن مثل هذا إلا مثلا بمثل، فقال له معاوية: ما أرى بهذا بأسا، قال أبو الدرداء: من يعذرني من هذا؟ أخبره عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ! ويخبرني عن رأيه! والله لا سكنت بأرض أنت فيها، ثم قدم أبو الدرداء على عمر فذكر له ذلك، فكتب عمر إلى معاوية أن لا تبع ذلك إلا وزنا بوزن مثلا بمثل.

[١٥٥٨٣] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فلو باع ثوبا يسوى عشرة دراهم بعشرين درهما، أو خاتما يسوى درهما بعشرة ما دام عليه فص لا يكون شيئا فليس بالربا ».

١٠ -( باب حكم من كان له على غيره دراهم، فسقطت حتى لا تنفق بين الناس)

[١٥٥٨٤] ١ - الصدوق في المقنع: وإذا استقرضت من رجل دراهم، ثم سقطت

__________________

٢ - تذكرة الفقهاء ج ١ ص ٤٧٧.

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: وزنها.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٥.

الباب ١٠

١ - المقنع ص ١٢٤.

٣٥٣

تلك الدراهم أو تغيرت، ولا يباع بها شئ، فلصاحب الدراهم الدراهم التي تجوز بين الناس.

١١ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الصرف)

[١٥٥٨٥] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه كتب إلى رفاعة، يأمره بطرد أهل الذمة من الصرف.

[١٥٥٨٦] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بأس بشراء تراب المعادن بالدنانير، يدا بيد، ولا خير فيه نسيئة ».

__________________

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٨ ح ٨٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٣ ح ٤١.

٣٥٤

أبواب بيع التمار

١ -( باب كراهة بيعها عاما واحدا قبل بدو صلاحها وهو أن تحمر أو تصفر أو شبه ذلك، أو ينعقد الحصرم(*) ، وعدم تحريمه، وجواز بيعها قبل ذلك بعد ظهورها أزيد من سنة)

[١٥٥٨٧] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن بيع الثمرة قبل أن يبدو صلاحها، وقال جعفر بن محمدعليهما‌السلام : « وبدو صلاحها أن تزهو » قيل: وما الزهو؟ قال: « تلون بحمرة أو صفرة أو بسواد » وروينا عن أمير المؤمنين، ومحمد بن علي بن الحسين، وجعفر بن محمدعليهم‌السلام ، أنهم رخصوا في بيع الثمرة إذا زهت. الخبر.

وقال جعفر بن محمدعليهما‌السلام : « وليس النهي عن بيع الثمار(١) نهي تحريم، يحرم به شراء ذلك وبيعه على بائعه ومشتريه، ولكنهم كانوا يشترونها كذلك على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فربما هلكت الثمرة بالآفة تصيبها(٢) ، فيختصمون إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما أكثروا الخصومة في ذلك، نهاهم عن البيع حتى تبلغ الثمرة ولم يحرمه، ولكن

__________________

أبواب بيع الثمار

الباب ١

* الحصرم: العنب وهو أخضر قبل أن ينضج، وهو حامض ( لسان العرب ـ حصرم - ج ١٢ ص ١٣٧ ).

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٤ ح ٤٥، ٤٦.

(١) في المصدر زيادة: قبل أن يبدو صلاحها.

(٢) في المصدر: تدخل عليها.

٣٥٥

فعل ذلك من أجل خصومتهم.

[١٥٥٨٨] ٢ - الصدوق في المقنع: ولا يجوز بيع النخل إذا حمل حتى يزهو، وهو أن يحمر ويصفر، ولا يجوز أن يشتري النخل قبل أن يطلع ثمره بسنة، مخافة الآفة حتى يستبين، ولا بأس أن يشتريه سنتين أو ثلاث سنين أو أربعة أو أكثر من ذلك، وعلة ذلك أنه إن لم يحمل في هذه السنة حمل في قابل.

[١٥٥٨٩] ٣ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: حجرا محجورا - قال: أي حراما محرما - شري الثمار حتى تطعم، والنخل حتى تزهو، والحبة حتى تفرك(١) ».

[١٥٥٩٠] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن بيع ثمر النخل، حتى يأكل منه أو يؤكل وحتى يوزن، قال: قلت: ما يوزن؟ فقال رجل عندهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وحتى يحرز. وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن بيع الثمرة، حتى يبدو صلاحها للبائع والمشتري.

[١٥٥٩١] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد، وعن بيع التمر حتى يبيض.

قلت: الأقوى حرمة البيع قبل الزهو عاما واحدا، لا الكراهة كما في عنوان الباب، وتمام الكلام في الفقه.

__________________

٢ - المقنع ص ١٢٣.

٣ - الجعفريات ص ١٨٠.

(١) الفرك: دلك الشئ حتى ينقلع عن حبه، وأفرك السنبل وهو حين يصلح أن يفرك فيؤكل. ( لسان العرب - فرك - ج ١٠ ص ٤٧٣ ).

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٣٢ ح ١٦.

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢١٨ ح ٨٦.

٣٥٦

٢ -( باب أنه إذا أدرك بعض البستان جاز بيع ثمراته أجمع، وكذا لو أدرك بعض ثمار تلك الأرض)

[١٥٥٩٢] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين والباقر والصادقعليهم‌السلام ، أنهم رخصوا في بيع الثمرة إذا زهت، أو زها بعضها.

٣ -( باب جواز بيع الثمار قبل بدو الصلاح مع الضميمة)

[١٥٥٩٣] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين ومحمد بن علي وجعفر بن محمدعليهم‌السلام ، أنهم رخصوا في بيع الثمرة إذا زهت، أو زها بعضها، أو كانت مع ما يجوز بيعه وإن لم يزه شئ منها، سنة واحدة وسنتين بعدها، لان البيع حينئذ يقع على ما زها، أو ما يجوز بيعه مما هو حاضر، ويكون ما لم يزه وما لم يظهر بعد تبعا له، كالمقاثي(١) وكثير من الثمار، ويظهر شئ بعد شئ، ويقع البيع أولا على ما بدا صلاحه منه، كالمقاثي والمباطخ(٢) وكثير من الثمار.

[١٥٥٩٤] ٢ - الصدوق في المقنع: وإن اشتريته سنة واحدة، فلا تشتره حتى تبلغ.

__________________

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٤ ح ٤٦.

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٤ ح ٤٦.

(١) المقاثي: جمع مقثاة وهي الأرض المزروعة قثاء، والقثاء: الخيار ( لسان العرب ـ قثأ - ج ١ ص ١٢٨ ).

(٢) المباطخ: جمع مبطخة وهي الأرض التي يكثر فيها البطيخ ( لسان العرب ج ٣ ص ٩ ).

٢ - المقنع ص ١٢٣.

٣٥٧

٤ -( باب أنه يجوز للمشتري بيع الثمرة بربح، قبل قبضها وقبل دفع الثمن، على كراهية)

[١٥٥٩٥] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بأس على مشتري الثمرة أن يبيعها قبل أن يقبضها ».

[١٥٥٩٦] ٢ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن يشتري الرجل النخل(١) ، ثم يبيعه قبل أن يقبضه.

٥ -( باب جواز أكل المار من الثمار وإن اشتراها التجار، ما لم يقصد، أو يفسد، أو يحمل، وكراهة بناء الجدران المانعة للمارة وقت الثمر)

[١٥٥٩٧] ١ - دعائم الاسلام: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه رخص لابن السبيل والجائع إذا مر بالثمرة أن يتناول منها، ونهى من أجل ذلك عن أن يحوط عليها ويمنع، ونهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الأكل منها عن الفساد فيها، وتناول ما لا يحتاج إليه منها، وعن أن يحمل شيئا، وإنما أباح ذلك للمضطر.

[١٥٥٩٨] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا مررت ببستان فلا بأس أن تأكل من ثمارها، ولا تحمل معك منها شيئا ».

الصدوق في المقنع: مثله(١) .

__________________

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥ ح ٤٨.

٢ - المقنع ص ١٢٣.

(١) في المصدر زيادة: والثمار.

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠٨ ح ٣٥١.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

(١) المقنع ص ١٢٤.

٣٥٨

[١٥٥٩٩] ٣ - وفي كمال الدين: عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس معا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عمن ذكره، عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، في حديث سلمان، - إلى أن قال -: « قال سلمان: فبينما أنا ذات يوم في الحائط، إذا أنا بسبعة رهط قد أقبلوا تظلهم غمامة، فقلت في نفسي: والله ما هؤلاء كلهم أنبياء، وإن(١) فيهم نبيا، قال: فأقبلوا حتى دخلوا الحائط والغمامة تسير، معهم فلما دخلوا إذا فيهم رسول الله وأمير المؤمنين ( صلوات الله عليهما وعلى آلهما )، وأبو ذر، والمقدار، وعقيل بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، وزيد بن حارثة، فدخلوا الحائط فجعلوا يتناولون من حشف النخل، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لهم: كلوا من الحشف، ولا تفسدوا على القوم شيئا » الخبر.

[١٥٦٠٠] ٤ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن مسلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « وليس للرجل أن يتناول من ثمرة بستان أو أرض إلا بإذن صاحبه، إلا أن يكون مضطرا، قلت: فإنه يكون في البستان الأجير والمملوك، قال: ليس له أن يتناوله إلا باذن صاحبه ».

٦ -( باب جواز بيع الأصول، وحكم من اشترى نخلا ليقطعه للجذوع فتركه حتى حمل، وحكم من باع نخلا مؤبرا، لمن الثمرة؟)

[١٥٦٠١] ١ - الصدوق في المقنع: وإن اشتريت نخلا لتقطعه للجذوع، فغبت وتركت النخل كهيئته لم تقطعه، ثم قدمت وقد حمل النخل فالحمل لك، إلا أن يكون صاحب النخل يسقيه ويقوم عليه.

__________________

٣ - كمال الدين ص ١٦٤.

(١) في المصدر: ولكن.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٨.

الباب ٦

١ - المقنع ص ١٢٤.

٣٥٩

قلت: ليس الغرض من الاستثناء عدم كون الحمل لمالك النخل في الصورة المفروضة، بل ثبوت حق أجرة السعي وغيره للبائع إن كان بإذنه، أو مطلقا في صورة التضرر بعدمه.

٧ -( باب أنه إذا كان بين اثنين نخل أو زرع، جاز أن يتقبل أحدهما بحصة صاحبه من الثمرة بوزن معلوم)

[١٥٦٠٢] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أعطى يهود خيبر على الشطر، فكان يبعث إليهم من يخرص عليهم، ويأمرهم أن يبقي لهم ما يأكلون ».

٨ -( باب جواز بيع أصول الزرع قبل أن يسنبل دون الحب على كراهية، فإن اشتراه قصيلا(*) كان له تركه حتى يسنبل مع الشرط أو الاذن)

[١٥٦٠٣] ١ - الصدوق في المقنع: ولا يجوز أن يشتري زرع الحنطة والشعير قبل أن يسنبل وهو حشيش، إلا أن يشتريه للقصيل يعلفه الدواب.

٩ -( باب حكم بيع الزرع بحنطة من غيره، وبالورق، وبيع الأرض بحنطة منها، ومن غيرها)

[١٥٦٠٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا

__________________

الباب ٧

١ - الجعفريات ص ٨٣.

الباب ٨

* القصل: القطع، ومنه سمي القصيل، وهو ما يقطع من الزرع وهو أخضر قبل أن ينعقد في سنابله. ( لسان العرب - قصل - ج ١١ ص ٥٥٨ ).

١ - المقنع ص ١٣٢.

الباب ٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٧ ح ٥٠.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

امرأته ، فلما صار في النوم وضعت رأسه على الأرض و قامت ، فانتبه المأمون و غضب لذلك فقالت : إنّ أبي أدّبني بأن لا أقعد عند نائم و لا أنام عند قاعد .

قول المصنف ( و هذه من الاستعارات العجيبة ، كأنّه شبّه السّه بالوعاء و العين بالوكاء ، فإذا اطلق الوكاء لم ينضبط الوعاء ، و هذا القول في الأشهر الأظهر من كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ) فروى أبو داود في سننه في آخر باب الوضوء من النوم عن حيوة بن شريح الحمصي ، في آخرين عن بقية عن الوضين بن عطا عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ عن عليعليه‌السلام قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : وكاء السّه العينان فمن نام فليتوضأ(١) .

( و قد رواه قوم لأمير المؤمنينعليه‌السلام و ذكر ذلك المبرد محمد بن يزيد ) قال الحموي : لقب محمد بن يزيد بالمبرد لأنّه لمّا صنّف المازني كتاب الألف و اللام سأله عن دقيقه و عويصه ، فأجابه بأحسن جواب ، فقال له المازني : قم فأنت المبرّد بكسر الراء أي : المثبت للحق ، فحرفه الكوفيون و فتحوا الراء ، و كان متّهما بالوضع في اللغة و أرادوا امتحانه ، فسألوه عن القبعض فقال هو القطن و أنشد

« كأنّ سنامها حشي القبعضا »

فقالوا : إن كان صحيحا فهو عجيب و إن كان مختلقا فهو أعجب(٢) .

( في كتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف ) في كشف الظنون المقتضب في الخطب للمبرد شرحه الرماني و علق على مشكلات أوائله الفارقي .

( و قد تكلمنا على هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم بمجازات الآثار النبوية ) قال ثمة كأنّهعليه‌السلام شبّه السته بالوعاء و العين بالوكاء ، فإذا نامت العين

____________________

( ١ ) سنن أبي داود ١ : ٥٢ ح ٢٣ اسند إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام .

( ٢ ) معجم الأدباء للحموي ١٠ : ١١٢ ١١٣ .

٥٠١

انحلّ صرار السته كما أنّه إذا زال الوكاء وسع بما فيه الوعاء ، الا أن حفظ العين للسته على خلاف حفظ الوكاء للوعاء ، فان العين إذا أشرجت لم تحفظ سيتها و الأوكية إذا حللت لم تضبط أوعيتها(١) .

٣٦ الخطبة ( ٧٩ ) و قالعليه‌السلام :

أَيُّهَا اَلنَّاسُ اَلزَّهَادَةُ قِصَرُ اَلْأَمَلِ وَ اَلشُّكْرُ عِنْدَ اَلنِّعَمِ وَ اَلوَرَعُ عِنْدَ اَلْمَحَارِمِ فَإِنْ عَزَبَ ذَلِكَ عَنْكُمْ فَلاَ يَغْلِبِ اَلْحَرَامُ صَبْرَكُمْ وَ لاَ تَنْسَوْا عِنْدَ اَلنِّعَمِ شُكْرَكُمْ فَقَدْ أَعْذَرَ اَللَّهُ إِلَيْكُمْ بِحُجَجٍ مُسْفِرَةٍ ظَاهِرَةٍ وَ كُتُبٍ بَارِزَةِ اَلْعُذْرِ وَاضِحَةٍ « أيها الناس إلى عند المحارم » جعلعليه‌السلام الزهد عبارة عن ثلاثة أمور :

قصر الأمل ، و شكر النعم ، و الورع عند المحارم .

أمّا الأول فقالوا : جمع اللَّه تعالى الزهد في كلمتين(٢) :( لكيلا تأسوا على ما فاتَكم و لا تَفرَحوا بِمآ آتاكم ) (٣) و لا يحصل الحالان إلاّ بقصر الأمل .

و أما الثاني : فلأن من زهد في الدّنيا هان عليه الإنفاق ممّا أنعم اللَّه عليه من المال شكرا .

و قال الصادقعليه‌السلام إنّ اللَّه أنعم على قوم بالمواهب فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا ، و ابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة(٤) .

و اما الثالث فسئل الصادقعليه‌السلام عن الزاهد في الدنيا فقال : الذي يترك

____________________

( ١ ) المجازات النبوية : ١٧٨ .

( ٢ ) من حديث للإمام الصادقعليه‌السلام ، بحار الأنوار ٧٨ : ٧٠ بتصرف .

( ٣ ) الحديد : ٢٣ .

( ٤ ) تحف العقول : ٢٦٧ .

٥٠٢

حلالها مخافة حسابه و يترك حرامها مخافة عقابه(١) .

« فإن عزب » أي : بعد و غاب .

« ذلك » الذي ذكر من الأمور الثلاثة .

« عنكم » فلا بدّ لكم من رعاية الثاني ، و الثالث شكر النعم و الورع عن المحارم ، و أشار إلى الورع بقوله .

« فلا يغلب الحرام صبركم » لأنّه ورد أنّه يؤتى يوم القيامة بأعمال قوم كالجبال فتصير هباء منثورا لغلبة الحرام على صبرهم .

و أشار إلى الشكر بقوله :

« و لا تنسوا عند النعم شكركم » فإنّ شكر المنعم واجب عقلي و قال تعالى :

( و لئن كفرتم إنّ عذابي لشديد ) (٢) .

« فقد أعذر اللَّه عليكم بحجج مسفرة » أي : مشرقة مضيئة( لئلاّ يكون لِلنَّاس على اللَّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُل ) (٣) .

« و كتب بارزة العذر واضحة » إلى نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله و إلى أنبياء قبله .

٣٧ الحكمة ( ٤٢ ) و قالعليه‌السلام : لبعض أصحابه :

جَعَلَ اَللَّهُ مَا كَانَ مِنْ شَكْوَاكَ حَطّاً لِسَيِّئَاتِكَ فَإِنَّ اَلْمَرَضَ لاَ أَجْرَ فِيهِ وَ لَكِنَّهُ يَحُطُّ اَلسَّيِّئَاتِ وَ يَحُتُّهَا حَتَّ اَلْأَوْرَاقِ وَ إِنَّمَا اَلْأَجْرُ فِي اَلْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَ اَلْعَمَلِ بِالْأَيْدِي وَ اَلْأَقْدَامِ وَ إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ يُدْخِلُ بِصِدْقِ

____________________

( ١ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧٠ : ٣١١ .

( ٢ ) إبراهيم : ٧ .

( ٣ ) النساء : ١٦٥ .

٥٠٣

اَلنِّيَّةِ وَ اَلسَّرِيرَةِ اَلصَّالِحَةِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ اَلْجَنَّةَ قول المصنّف : ( و قالعليه‌السلام لبعض أصحابه ) :

هو صالح بن سليم بن سلامان بن طي ( في علة اعتلها ) فلم يشهد معه صفّين لمرضه ، فقالعليه‌السلام ما نقل(١) المصنف له لمّا رجع من صفّين في طريقه .

ففي ( صفّين نصر بن مزاحم ) : قال عبد الرحمن بن جندب : لمّا أقبل عليّعليه‌السلام من صفّين أقبلنا معه إلى أن قال حتى جزنا النخيلة و رأينا بيوت الكوفة ، فإذا نحن بشيخ جالس في ظلّ بيت على وجهه أثر المرض ، فأقبل إليه عليّعليه‌السلام و نحن معه ، فقال له : مالي أرى وجهك منكفتا ؟ أمن مرض ؟ قال : نعم .

قال : فلعلك كرهته فقال : ما أحبّ أن يعتري قال : أليس احتساب بالخير في ما أصابك منه ؟ قال : بلى قال : أبشر برحمة ربّك و غفران ذنبك ، من أنت يا عبد اللَّه ؟ قال : أنا صالح بن سليم قال : ممّن ؟ قال : أمّا الأصل فمن سلامان بن طي ، و أمّا الجوار و الدعوة فمن بني سليم بن منصور قال : سبحان اللَّه ما أحسن اسمك و اسم أبيك و اسم من اعتزيت إليه ، هل شهدت معنا غزاتنا هذه ؟ قال : لا و اللَّه ما شهدتها و لقد أردتها و لكن ما ترى بي من لحب الحمّى خذلني عنها .

قالعليه‌السلام : ليسَ على الضُعَفاءِ و لاَ عَلى المَرضَى و لا على الذين لا يَجدُونَ ما يُنفقُون حرجٌ( إِذا نَصَحوا للَّه و رسوله ما على المحسنين من سبيلٍ و اللَّه غفورٌ رحيم ) (٢) أخبرني ما يقول الناس فيما كان بيننا و بين أهل الشام ؟ قال : منهم المسرور فيما كان بينك و بينهم و اولئك أغبياء الناس ، و منهم المكبوت الأسف لمّا كان من ذلك و اولئك نصحاء الناس لك ، و ذهب لينصرف فقالعليه‌السلام له : صدقت جعل اللَّه ما كان من شكواك حطّا لسيّئاتك ، فإنّ المرض لا أجر فيه

____________________

( ١ ) النهج ، الحكمة : ٤٢ .

( ٢ ) التوبة : ٩١ .

٥٠٤

و لكن لا يدع للعبد ذنبا إلاّ حطّه ، إنّما الأجر في القول باللّسان و العمل باليد و الرجل ، و إنّ اللَّه عز و جل يدخل بصدق النيّة و السريرة الصالحة من عباده الجنّة(١) .

« جعل اللَّه ما كان من شكواك حطّا لسيّئاتك » في الخبر عاد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سلمان في علته فقال : إنّ لك فيها ثلاث خصال : أنت من اللَّه تعالى بذكر ، و دعاؤك فيه مستجاب ، و لا تدع العلّة عليك ذنبا إلاّ حطّته(٢) .

و في الخبر : حمّى ليلة كفّارة سنة لأنّه يبقى أثرها إلى سنة(٣) .

و في ( الطرائف ) : برى‏ء الفضل بن سهل من علّة فقال : إنّ في المرض لنعما لا ينبغي للعقلاء أن يجحدوها ، منها تمحيص للذنوب و تعرّض للثواب و الصبر و إيقاظ من الغفلة و ادكار للنعمة الموجودة في الصحة و رضا بما قدر اللَّه و قضائه و استدعاء للتوبة و حضّ على الصدقة(٤) .

« فإنّ المرض لا أجر فيه و لكنه يحط السيئات و يحتها حت الأوراق » يقال : حت الدم عن الثوب و حت الورق عن الشجر .

و في ( أدب كاتب الصولي ) لبعضهم تشبيها بمقط القلم لاصلاحه :

فإن تكن الحطوب فرين مني

أديما لم يكن قدما يعط

فإنّ كرائم الأقلام تحفى

فيصلح من تشعثها المقط(٥)

هذا ، و في ( تاريخ بغداد ) اعتل الحسن بن وهب من حمّى نافض و صالب و طاولته فكتب إليه أبو تمّام :

____________________

( ١ ) صفّين لنصر بن مزاحم : ٥٢٨ ، و نقله المجلسي في بحار الأنوار ٣٢ : ٥٥١ .

( ٢ ) ذكره الصدوق في الخصال : ١٧١ ( ١٩٥ ) و المجلسي في البحار ٧٧ : ٦٢ رواية ٣ و ٨١ : ١٨٥ رواية ٣٧ .

( ٣ ) نسبه الطوسي في أماليه إلى الرسول الأكرم صلّى اللَّه عليه و آله ، الأمالي : ٦٤١ ح ١ .

( ٤ ) الظرائف للمقدّسي : ١٤٣ .

( ٥ ) أدب الكتاب للصولي : ١١ .

٥٠٥

ليت حمّاك فيّ و كان لك الأجر

فلا تشتكي و كنت المريضا(١)

( و فيه ) : إعتل الفضل بن سهل ذو الرياستين بخراسان ثم برى‏ء فجلس للناس فهنّأوه بالعافية و تصرّفوا في الكلام ، فلمّا فرغوا أقبل على الناس فقال :

إنّ في العلل لنعما ينبغي للعقلاء أن يعلموها : تمحيص للذنوب ، و تعرّض لثواب الصبر ، و إيقاظ من الغفلة ، و ادكار للنعمة في حال الصحة ، و استدعاء للتوبة ، و حضّ على الصدقة ، و في قضاء اللَّه و قدره بعدم الخيار فنسي الناس ما تكلّموا به و انصرفوا بكلام الفضل(٢) .

« و إنّما الأجر في القول باللّسان و العمل بالأيدي و الأقدام » و المرض ليس منهما فليس فيه أجر ، و أمّا قوله( ذلك بأنّهم لا يصيبُهم ظمأ و لاَ نَصبُ و لا مخمصة في سبيل اللَّه و لا يطَؤُنَ موطئا يغيظ الكفّار و لا ينالُونَ من عَدُوّ نيلاً إِلاّ كُتب لهُم به عمل صالح إِن اللَّه لا يُضيعُ أجرَ المُحسِنينَ و لا يُنفِقونَ نَفَقَةً صغيرةً و لا كبيرةً و لا يقطَعُون وادياً إِلاّ كتب لَهُم ليَجزِيَهُمُ اللَّهُ أَحسَن ما كانوا يَعمَلُون ) (٣) في جعل إصابتهم الجوع و العطش و التعب و هي ليست من أعمال الجوارح مثل وطى‏ء الأقدام في غيظ الكفار و النيل منهم و الإنفاق و قطع الوادي في الجهاد و نحوها ممّا هو العمل بالأيدي و الأقدام ، فلا ينافي كلامهعليه‌السلام لأنّ ما ذكر أوّلا مسبّب عن أعمال الجوارح ، فإنّ الجوع و العطش و التعب كانت بواسطة الجهاد .

« و ان اللَّه سبحانه يدخل بصدق النيّة و السريرة الصالحة من يشاء من عباده الجنّة » الظاهر كون الكلام استدراكا من قولهعليه‌السلام السابق « و انما الأجر . » ،

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد ٨ : ٢٥٢ ، لم نعثر على البيت الشعري في ديوان أبي تمام .

( ٢ ) تاريخ بغداد ١٢ : ٣٤٢ .

( ٣ ) التوبة : ١٢٠ ١٢١ .

٥٠٦

بمعنى أن النيّة و إن لم تكن عمل الجوارح إلاّ أنّها لمّا كانت سببا لأعمال الجوارح كانت أيضا موجبا للأجر إن كانت صالحة ، و للوزر إن كانت فاسدة .

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « نيّة المؤمن خير من عمله و نيّة الكافر شرّ من عمله »(١) ، و قال تعالى .( إِن السَمعَ و البَصَرَ و الفؤاد كُل اُولئكَ كان عنه مسؤولاً ) (٢) .

و قال الصادقعليه‌السلام : إنّما خلّد أهل النّار في النّار لأنّ نياتهم في الدّنيا ان لو خلّدوا فيها أن يعصوا اللَّه أبدا ، و إنّما خلّد أهل الجنّة في الجنّة لأنّ نيّاتهم أن لو بقوا في الدّنيا أن يطيعوا اللَّه أبدا ، فبالنيّات خلّد هؤلاء و هؤلاء ثم تلا قوله تعالى قُل كُلٌ يعمَلُ على شاكِلَتِه(٣) .

و في ( الكافي ) : و إن المؤمن الفقير يقول : ربّ ارزقني حتى أفعل كذا و كذا من البرّ ، فإذا علم تعالى ذلك منه بصدق نيّة كتب له من الأجر مثل ما لو عمله ، إنّ اللَّه واسع كريم(٤) .

هذا ، و قالعليه‌السلام بصدق النيّة ، لأنّه ليست كلّ نيّة صادقة ، فقد قال تعالى( و منهم من عاهدَ اللَّه لئن آتانا من فَضلِهِ لنَصَّدَّقَنَّ و لنكُوننَّ من الصالحين فَلما آتاهُم من فَضلِهِ بَخِلُوا بهِ و تَولَّوا و هُم مُعرِضون فأَعقَبَهُم نفاقاً في قلوبهم إِلى يوم يلقونه بما أخلفوا اللَّه ما و عدُوه و بما كانوا يكذِبُونَ ) (٥) .

و قال الصادقعليه‌السلام في صدق النية : عند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر ، تصفية العمل أشدّ من العمل ، تخليص النيّة من الفساد أشد على العالمين

____________________

( ١ ) علل الشرائع للصدوق ٢ : ٤٠٣ حديث ٤ .

( ٢ ) الاسراء : ٣٦ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٢ : ٨٥ ح ٥ ، و ذكره الصدوق في علل الشرائع ٢ : ٥٢٣ ح ١ ، و الآية ٨٤ من سورة الاسراء .

( ٤ ) الكافي للكليني ٢ : ٨٥ ح ٣ ، و ذكره البرقي في المحاسن : ٢٦١ .

( ٥ ) التوبة : ٧٥ ٧٧ .

٥٠٧

من طول الجهاد(١) .

( قال الرضي : و أقول : صدقعليه‌السلام ، إنّ المرض لا أجر فيه لأنّه ليس من قبيل ما يستحق عليه العوض ، لأن العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل اللَّه تعالى بالعبد من الآلام و الأمراض و ما يجري مجرى ذلك ، و الأجر و الثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل العبد ، فبينهما فرق قد بيّنه كما يقتضيه علمه الثاقب و رأيه الصائب ) و قد قالعليه‌السلام في المرض يصيب الصبي : إنّه كفارة لوالديه ، و ورد أنّ النّوم الموحش كفّارة(٢) .

٣٨ الحكمة ( ٤٧ ) و قالعليه‌السلام :

قَدْرُ اَلرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ وَ صِدْقُهُ عَلَى قَدْرِ مُرُوءَتِهِ وَ شَجَاعَتُهُ عَلَى قَدْرِ أَنَفَتِهِ وَ عِفَّتُهُ عَلَى قَدْرِ غَيْرَتِهِ « قدر الرجل على قدر همّته » في ( تاريخ بغداد ) غلب عبد اللَّه بن طاهر على الشام و وهب له المأمون ما وصل إليه من الأموال هنا لك ، ففرّقه على القوّاد ثم وقف على باب مصر فقال : أخزى اللَّه فرعون ما كان أخسّه و أدنى همّته ، ملك هذه القرية فقال( أنا ربُّكم الأعلى ) (٣) و اللَّه لا دخلتها(٤) .

و في ( المعجم ) قال الصاحب بن عباد :

و قائلة : لم عرتك الهموم

و أمرك ممتثل في الامم

____________________

( ١ ) الروضة من الكافي للكليني : ٢ ح ١ .

( ٢ ) بحار الأنوار عن الإمام عليعليه‌السلام ٥ : ٣١٧ و عن النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ٨١ : ١٩٧ رواية ٥٤ .

( ٣ ) النازعات : ٢٤ .

( ٤ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٩ : ٤٨٣ ، ترجمة عبد اللَّه بن طاهر ( ٥٠١٤ ) .

٥٠٨

فقلت دعيني و ما قد عرى(١)

فإنّ الهموم بقدر الهمم(٢)

و في ( الكامل ) : سافر كعب بن مامة الأيادي مع رجل من بني النمر بن قاسط ، فقلّ الماء فتصافناه و التصافن أن يطرح حجر في الاناء ثم يصبّ فيه من الماء ما يغمره لئلا يتغابنوا ، فجعل النمري يشرب نصيبه فإذا أخذ كعب نصيبه قال : اسق أخاك النمري فيؤثره ، حتى جهد كعب و رفعت له أعلام الماء ، فقيل له رد كعب و لا ورود به فمات عطشا .

و وفد أوس بن حارثة بن لام الطائي و حاتم الطائي على عمرو بن هند ملك الحيرة ، فدعا أوسا فقال له : أنت أفضل أم حاتم ؟ فقال له : أبيت اللعن ، لو ملكني حاتم و ولدي و لحمتي لوهبنا في غداة واحدة ، ثم دعا حاتما فقال له :

أنت أفضل أم أوس ؟ فقال : أبيت اللعن إنّما ذكّرت بأوس ، و لأحد ولده أفضل منّي .

و كان النعمان بن المنذر دعا بحلة و عنده وفود العرب من كلّ حي فقال :

احضروني في غد فانّي ملبس هذه الحلة أكرمكم ، فحضر القوم جميعا إلاّ أوسا ، فقيل له لم تخلفت ؟ فقال : إن كان المراد غيري فأجمل الأشياء بي ألاّ أكون حاضرا ، و إن كنت أنا المراد فسأطلب و يعرف مكاني ، فلما جلس النعمان لم ير أوسا فقال : إذهبوا إلى أوس فقولوا له : إحضر آمنا ممّا خفت ، فحضر فلبس الحلة فحسده قوم من أهله فقالوا للحطيئة : اهجه و لك ثلاثمائة ناقة فقال : كيف أهجو رجلا لا أرى في بيتي أثاثا و لا مالا إلاّ من عنده ، ثم قال :

كيف الهجاء و ما تنفكّ صالحة

من آل لأم(٣) بظهر الغيب تأتيني(٤)

____________________

( ١ ) ورد في الديوان بلفظ : « فقلت ذريني على غصتي »

( ٢ ) ديوان الصاحب بن عباد : ٢٨٠ .

( ٣ ) نسخة التحقيق « إذا ذكرت » .

( ٤ ) ديوان الحطيئة : ١٧٤ .

٥٠٩

فقال لهم بشر بن أبي خازم الأسدي : أنا أهجوه لكم ، فأخذ الابل و فعل ، فأغار أوس على الابل فاكتسحها و جعل بشر لا يستجير حيّا إلاّ قالوا قد أجرناك إلاّ من أوس و كان في هجائه إيّاه ذكر امّه فأتى به فدخل على امه فقال : قد أتينا ببشر الهاجي لك و لي فما ترين فيه ؟ قالت : أرى أن ترد عليه ماله و تعفو عنه و تحبوه و أفعل مثل ذلك ، فانّه لا يغسل هجاه إلاّ مدحه ، فخرج إليه و قال له : إنّ امّي سعدى التي كنت تهجوها أمرت لك بكذا و كذا فقال : لا جرم ، لا و اللَّه لا مدحت أحدا حتى أموت غيرك(١) .

« و صدقه على قدر مروّته » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل و سجوده ، فإنّ ذلك شي‏ء اعتاده فلو تركه استوحش لذلك ، و لكن انظروا إلى صدق حديثه و أداء أمانته(٢) .

و عنهعليه‌السلام : إنّما سمّي اسماعيل صادق الوعد لأنّه وعد رجلا في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة فأتاه بعد سنة فقال له إسماعيل : مازلت منتظرا لك(٣) .

و في ( الخصال ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ست من المروّة ، ثلاث منها في الحضر ، و ثلاث منها في السفر : فأمّا الّتي في الحضر ، فتلاوة كتاب اللَّه عز و جل و عمارة مساجد اللَّه و اتخاذ الإخوان في اللَّه عز و جل ، و أمّا الّتي في السفر ، فبذل الزاد و حسن الخلق و المزاح في غير معاصي اللَّه(٤) .

« و شجاعته على قدر أنفته » في ( وزراء الجهشياري ) : بلغ موسى بن المهدي و هو الهادي حال بنت لعمارة بن حمزة مولاهم و هي جميلة

____________________

( ١ ) الكامل في الأدب للمبرّد ١ : ١٩٧ ١٩٩ ، طبعة مصر .

( ٢ ) الكافي للكليني ٢ : ١٠٥ ح ١٢ .

( ٣ ) ورد في البحار قريب منه عن الإمام الرضاعليه‌السلام ٣ : ٣٨٨ رواية ١ .

( ٤ ) الخصال للصدوق ١ : ٣٢٤ ح ١١ .

٥١٠

فراسلها فقالت لأبيها ذلك ، فقال : إبعثي إليه في المصير إليك و أعلميه أنّك تقدرين على إيصاله إليك في موضع يخفى أثره ، فأرسلت إليه بذلك و حمل موسى على المصير نفسه ، فأدخلته حجرة قد فرشت و اعدّت له ، فلما صار إليها دخل عليه عمارة فقال : السّلام عليك أيها الأمير ماذا تصنع هاهنا ؟

إتّخذناك وليّ عهد فينا أو فحلا في نسائنا ؟ ثم أمر به فبطح في موضعه فضربه عشرين درة خفيفة و ردّه إلى منزله ، فحقد عليه فلما ولي الخلافة دسّ إليه رجلا يدّعي عليه أنّه غصبه الضيعة المعروفة بالبيضاء بالكوفة و كانت قيمتها ألف ألف درهم فبينا الهادي ذات يوم جالس للمظالم و عمارة بحضرته ، و ثب الرجل فتظلم منه ، فقال الهادي لعمارة : ما تقول ؟ قال : ان كانت الضيعة لي فهي له و ان كانت له فهي له و وثب فانصرف عن المجلس(١) .

( و عفته على قدر غيرته ) كانعليه‌السلام يقول لأهل العراق : نبئت أن نساءكم يدافعن الرجال في الطريق ، أما تستحون و لا تغارون ؟

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : ان اللَّه تعالى غيور يحب كلّ غيور ، و لغيرته حرّم الفواحش ظاهرها و باطنها ، و إذا لم يغر الرجل فهو منكوس القلب(٢) .

و عنهعليه‌السلام : لمّا أقام العالم الجدار أوحى تعالى إلى موسىعليه‌السلام : إنّي مجازي الأبناء بسعي الآباء ، إن خيرا فخير و إن شرّا فشر ، لا تزنوا فتزني نساؤكم ، و من وطى‏ء فراش امرى‏ء مسلم وطى‏ء فراشه ، كما تدين تدان(٣) .

و عن الصادقعليه‌السلام : كانت في بني اسرائيل بغيّ و كان رجل منهم يكثر

____________________

( ١ ) وزراء الجهشياري تاريخ الوزراء : ١٤٧ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٥ : ٥٣٦ ح ٣ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٥ : ٥٥٣ رواية ١ ، و كذلك ثواب الأعمال : ١٣ ، و أيضا المجلسي في بحار الأنوار ١٣ : ٢٩٦ رواية ١٣ .

٥١١

الاختلاف إليها ، فلمّا كان في آخر ما أتاها أجرى اللَّه على لسانها : أما إنّك سترجع إلى أهلك فتجد معها رجلا ، فارتفعا إلى موسىعليه‌السلام فنزل جبرئيلعليه‌السلام و قال : يا موسى من يزن يزن به ، فنظر موسى إليهما فقال : عفّوا تعفّ نساؤكم(١) .

٣٩ الحكمة ( ٤٨ ) و قالعليه‌السلام :

اَلظَّفَرُ بِالْحَزْمِ وَ اَلْحَزْمُ بِإِجَالَةِ اَلرَّأْيِ وَ اَلرَّأْيُ بِتَحْصِينِ اَلْأَسْرَارِ هو قياس منتج : ان الظفر بتحصين الأسرار و هو قياس ينحلّ إلى قياسين ، لأنّ القضية الثانية كبرى بالنسبة إلى الاولى و صغرى بالنسبة إلى الثالثة .

أمّا كون الظّفر بالحزم ففي العيون : قيل لرجل من بني عبس : ما أكثر صوابكم فقال : نحن ألف رجل و فينا حازم واحد و نحن نطيعه ، فكأنّا ألف حازم(٢) .

و يقال : روّ بحزم فإذا استوضحت فاعزم(٣) .

و أمّا كون الحزم بإجالة الرأي فكان عامر بن الظرب حكيم العرب يقول :

دعوا الرأي يغبّ حتى يختمر ، و إيّاكم و الرأي الفطير(٤) .

و لمّا استعجل الحجّاج المهلّب في حرب الأزارقة قال المهلّب : إنّ من

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٥ : ٥٥٣ رواية ٣ .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٣٠ ٣٢ ، و كذلك العقد الفريد ١ : ٦٠ .

( ٣ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٣٤ .

( ٤ ) ابن عبد ربه ١ : ٦٠ ( دار الكتب العلمية ) .

٥١٢

البلاء أن يكون الرأي لمن يملكه دون من يبصره(١) .

و يقال : ليس بين الملك و بين ان يملك رعيته أو تملكه رعيته إلاّ حزم أو توان .

و قيل : من التمس الرخصة من الإخوان عند المشورة و من الأطباء عند المرض و من الفقهاء عند الشبهة أخطأ الرأي و ازداد مرضا و حمل الوزر(٢) .

و أمّا كون الرأي بتحصين الأسرار فيقال : ما كنت كاتمه من عدوك فلا تظهر عليه صديقك(٣) .

و في ( وزراء الجهشياري ) : كان موسى بن عيسى الهاشمي يتقلّد للرشيد مصر ، و كثر التظلّم منه و اتّصلت السعايات به و قيل إنّه قد استكثر من العبيد و العدّة فقال الرشيد ليحيى البرمكي : اطلب لي رجلا كاتبا عفيفا يكمل لمصر و يستر خبره فلا يعلم موسى بن عيسى حتى يفجأه قال : قد وجدته هو عمر بن مهران و كان كتب للخيزران و لم يكتب لغيرها قط و كان رجلا أحول مشوّه الخلق خسيس اللّباس فأمر بإحضاره قال : فاستدناني الرشيد و نحّى الغلمان و أمرني أن أستر خبري حتى افاجى‏ء موسى بن عيسى فأتسلّم العمل منه ، فأعلمته أنّه لا يقرأ لي ذكرا في كتب أصحاب الأخبار حتى أوافي مصر ، فكتب لي بخطّه إلى موسى ، فخرجت من غد مبكرا على بغلة لي و معي غلام أسود على بغل استأجرته ، معه خرج فيه قميص و مبطنة و طيلسان و شاشية و خف و مفرش صغير ، و اكتريت لثلاثة من أصحابي أثق بهم ثلاثة أبغل ، و أظهرت أنّي وجّهت ناظرا في أمور بعض العمّال ، كلّما وردت

____________________

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٣١ .

( ٢ ) المصدر نفسه ١ : ٣٠ ، في كتاب للهند .

( ٣ ) المصدر نفسه ١ : ٤٠ .

٥١٣

بلدا توهّم من معي أنّي قصدته و ليس يعرف خبري أحد من أهل البلدان أمرّ بها في نزولي و نفوذي حتى وافيت الفسطاط فنزلت جنابا و خرجت منه وحدي في زيّ متظلم أو تاجر ، فدخلت دار الامارة و ديوان البلد و بيت المال ، و سألت و بحثت عن الأخبار و جلست مع المتظلمين و غيرهم ، فمكثت ثلاثة أيام أفعل ذلك حتى عرفت جميع ما احتجت إليه ، فلمّا نام الناس دعوت أصحابي فقلت للّذي أردت استكتابه على الديوان : قد رأيت مصر و قد استكتبتك على الديوان فبكّر إليه فاجلس فيه ، فإذا سمعت الحركة فاقبض على الكاتب و وكلّ به و بالكتاب و الأعمال ، و لا يخرج من الديوان أحد حتى أوافيك ، و دعوت بآخر فقلّدته بيت المال و أمرته بمثل ذلك ، و قلّدت الآخر عملا من الأعمال بالحضرة ، و أمرتهم أن يبكّروا و لا يظهروا أنفسهم حتى يسمعوا الحركة ، و بكّرت فلبست ثيابي و وضعت الشاشية على رأسي و مضيت إلى دار الامارة ، فأذن موسى للناس إذنا عامّا ، فدخلت فيمن دخل ، فإذا موسى على فرش و القوّاد وقوف عن يمينه و شماله و الناس يدخلون فيسلّمون و يخرجون و أنا جالس بحيث يراني و حاجبه ساعة بساعة يقيمني و يقول لي تكلّم بحاجتك ، فأعتلّ عليه حتى خفّ الناس ، فدنوت منه و أخرجت إليه كتاب الرشيد فقبّله و وضعه على عينه ثم قرأه فامتقع لونه و قال : السمع و الطاعة تقرى‏ء أبا حفص السلام و تقول له : ينبغي لك أن تقيم بموضعك حتى نعدّ لك منزلا يشبهك و يخرج غدا أصحابنا يستقبلونك فتدخل مدخل مثلك .

فقال له : أنا عمر بن مهران قد أمرني الرشيد بإقامتك للناس و انصاف المظلوم منك و أنا فاعل ذلك فقال : أنت عمر بن مهران ؟ قلت : نعم قال :( لعن اللَّه فرعون حيث يقول أليس لي مُلك مِصر ) (١) و اضطرب الصوت في الدار ،

____________________

( ١ ) الزخرف : ٥١ .

٥١٤

فقبض كاتبي على الديوان و صاحبي الآخر على بيت المال و ختما عليه و وردت عليه رقاع أصحاب أخباره بذلك ، فنزل عن فرشه و قال : « لا إله إلاّ اللَّه هكذا تقوم الساعة ما ظننت أنّ أحدا بلغ من الحزم و الحيلة ما بلغت ، فإنّك قد تسلّمت الأعمال و أنت في مجلسي » ثم نهضت إلى الديوان فقطعت أمور المتظلمين منه و انصرفت على بغلتي التي دخلت عليها و معي غلامي الأسود(١) .

و في ( عيون ابن قتيبة ) قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إستعينوا على الحوائج بالكتمان ، فإنّ كلّ ذي نعمة محسود(٢) .

و كان عليعليه‌السلام يتمثل بهذين البيتين :

و لا تفش سرّك إلاّ إليك

فإنّ لكلّ نصيح نصيحا

فإنّي رأيت غواة الرجال

لا يتركون أديما صحيحا(٣)

و قال الشاعر :

و لو قدرت على نسيان ما اشتملت

منّي الضلوع من الأسرار و الخبر

لكنت أوّل من ينسى سرائره

إذ كنت من نشرها يوما على خطر(٤)

٤٠ الحكمة ( ٦٣ ) و قالعليه‌السلام :

اَلشَّفِيعُ جَنَاحُ اَلطَّالِبِ

____________________

( ١ ) تاريخ الوزراء للجهشياري : ٢١٧ ٢٢٠ بتصرف .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ، أخرجه عن أحمد بن خليل عن محمد بن الحصيب عن أوس بن عبد اللَّه بن بريدة عن أخيه عن بريدة ١ : ٣٨ و قد مرّ .

( ٣ ) ذكرهما ابن قتيبة في العيون ١ : ٣٩ ، و قد مرّ ذكره .

( ٤ ) عيون الأخبار لابن قتيبه ١ : ٣٩ .

٥١٥

قالوا : الشفاعات مفاتيح الطلبات و قيل في فضل البرمكي :

و من يكن الفضل بن يحيى بن خالد

شفيعا له عند الخليفة ينجح(١)

و في ( تاريخ بغداد ) : إشترى أخ لشعبة من طعام السلطان فخسر هو و شركاؤه ، فحبس بستة آلاف دينار بحصته ، فخرج شعبة إلى المهدي ليكلّمه فيه ، فلمّا دخل عليه قال للمهدي : انشدني قتادة و سماك بن حرب لامية بن أبي الصلت يقوله لعبد اللَّه بن جدعان :

أأذكر حاجتي أم قد كفاني

حياؤك إن شيمتك الحياء

كريم لا يعطّله صباح

عن الخلق الكريم و لا مساء

فارضك أرض مكرمة بنتها

بنو تيم و أنت لهم سماء

فقال : لا ، لا تذكرها قد عرفناها و قضيناها لك ، إرفعوا إليه أخاه لا تلزموه شيئا(٢) .

هذا ، و في المعجم قال أبو العيناء : كان لي صديق فجاءني يوما و قال :

أريد الخروج إلى فلان العامل و أحببت أن يكون معي إليه وسيلة و قد سألت عن صديقه فقيل لي الجاحظ و هو صديقك فاحبّ أن تأخذ لي كتابه إليه بالعناية ، فصرت إلى الجاحظ فقلت له جئتك مسلّما و قاضيا للحق و لبعض أصدقائي حاجة و هي كذا و كذا فقال : لا تشغلنا الساعة عن المحادثة و إذا كان في غد وجّهت إليك بالكتاب ، فلمّا كان في غد ، وجّه إليّ بالكتاب ، فقلت لابني :

وجّه هذا الكتاب إلى فلان ففيه حاجته فقال لي : إن الجاحظ بعيد الغور فينبغي أن نفضّه و ننظر ما فيه ، ففعل فإذا في الكتاب :

« هذا الكتاب مع من لا أعرفه و قد كلّمني فيه من لا أوجب حقّه ، فان

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٠٨ .

( ٢ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٩ : ٢٥٦ في ترجمة شعبة بن الحجاج .

٥١٦

قضيت حاجته لم أحمدك ، و ان رددته لم أذممك » .

فلمّا قرأت الكتاب مضيت من فوري إلى الجاحظ فقال : قد علمت انّك أنكرت ما في الكتاب ، فقلت أو ليس موضع نكرة ، فقال لا هذه علامة بيني و بين الرجل في من أعتني به ، فقلت : لا إله إلاّ اللَّه ما رأيت أحدا أعلم بطبعك و ما جبلت عليه من هذا الرجل ، انّه لمّا قرأ هذا الكتاب قال : أم الجاحظ عشرة آلاف في عشرة آلاف قحبة و ام من يسأله حاجة فقلت له : يا هذا تشتم صديقنا فقال :

هذه علامة في من أشكره فضحك الجاحظ(١) .

٤١ الخطبة (( الحكمة )) ( ٦٨ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْعَفَافُ زِينَةُ اَلْفَقْرِ وَ اَلشُّكْرُ زِينَةُ اَلْغِنَى أقول : كرّره المصنف في ( ٣٤٠ ) سهوا ، لكن نقله عنه هنا ابن ميثم بدون الفقرة الأخيرة(٢) و انما نقله عنه معها ابن أبي الحديد(٣) .

« العفاف زينة الفقر » و قد وصف اللَّه تعالى الفقراء المتزيّنين بالعفاف في قوله( يَحسَبُهُم الجاهِلُ أَغنياءَ مِنَ التَّعفُّف تَعرفُهم بسيماهم لا يَسألونَ الناس إِلحافاً ) (٤) .

« و الشكر زينة الغنى » قال سليمانعليه‌السلام ( ربِّ أَوزعني أن أَشكُر نعمتك الّتي أَنعمتَ عليَّ وَ على والديَّ ) (٥) و قال أيضا لمّا رأى عرش ملكة سبأ مستقرا

____________________

( ١ ) معجم الادباء للحموي ١٦ : ٨٣ ، في ترجمة عمرو بن بحر ، الجاحظ .

( ٢ ) نقل شرح ابن ميثم « العفاف زينة الفقر » ٥ : ٢٧٣ رقم ٦٠ .

( ٣ ) راجع شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢١٣ رقم ٦٦ .

( ٤ ) البقرة : ٢٧٣ .

( ٥ ) النمل : ١٩ .

٥١٧

عنده في أقل من طرفة عين( هذا من فضل رَبّي ليبلوَني ءأشكُر أَم أكفُر و مَن شَكَرَ فإنّما يَشكُرُ لِنَفسِهِ ) ( و مَن كَفَر فإن ربِّي غَنيٌ كريم ) (١) .

٤٢ الحكمة ( ٦٩ ) و قالعليه‌السلام :

إِذَا لَمْ يَكُنْ مَا تُرِيدُ فَلاَ تُبَلْ مَا كُنْتَ أقول : هكذا في ( الطبعة المصرية )(٢) ، و الصواب ما في ابن أبي الحديد(٣) و ابن ميثم(٤) و النسخة الخطية(٥) « فلا تبل كيف كنت » و « تبل » بضم التاء و الأصل فيه تبال ، حذفوا الألف تخفيفا لكثرة الاستعمال كما حذفوا الياء من قولهم « لا أدر » قال زهير :

لقد باليت مظعن امّ أوفى

و لكن ام أوفى لا تبالي(٦)

قالوا : كان لامرأة ابن واحد ، فمات فقالت أردت أن لا يموت هذا ، فمن شاء بعده عاش و من شاء مات .

٤٣ الحكمة ( ٨٧ ) و قالعليه‌السلام :

عَجِبْتُ لِمَنْ يَقْنَطُ وَ مَعَهُ اَلاِسْتِغْفَارُ

____________________

( ١ ) النمل : ٤٠ .

( ٢ ) راجع النسخة المصرية شرح محمّد عبده : ٦٧١ رقم ٦٦ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢١٥ .

( ٤ ) في شرح ابن ميثم ٥ : ٢٧٣ كما ما ذكره ( محمّد عبده ) في النسخة المصرية المنقحة .

( ٥ ) راجع النسخة الخطية ( المرعشي ) : ٣١٢ .

( ٦ ) ديوان زهير بن أبي سلمى : ٥٧ .

٥١٨

أقول : روي عنهعليه‌السلام هذا المعنى بلفظ آخر ، فعنهعليه‌السلام قال « العجب لمن يهلك و النجاة معه » قيل : ما هي ؟ قالعليه‌السلام : الاستغفار(١) .

و ورد أنّ الزهري لمّا حصل له القنوط من عقوبته رجلا فمات قال له عليّ بن الحسينعليه‌السلام : أخاف عليك من قنوطك ما لا أخاف عليك من ذنبك .

و أمره ببعث ديته ثم الاستغفار ، فقال له فرّجت عني يا سيدي اللَّه أعلم حيث يجعل رسالته(٢) .

و في ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : الاستغفار و قول لا إله إلاّ اللَّه خير العبادة ، قال تعالى( فَاعلَم أَنّه لا إله إلاّ اللَّه و استَغفر لِذَنبك ) .(٣) و قد قال تعالى .( وَ ما كانَ اللَّه مُعذِّبَهُم وَ هُم يَستَغفِرُون ) (٤) .

٤٤ الحكمة ( ٨٩ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَللَّهِ أَصْلَحَ اَللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَلنَّاسِ وَ مَنْ أَصْلَحَ أَمْرَ آخِرَتِهِ أَصْلَحَ اَللَّهُ لَهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَ مَنْ كَانَ لَهُ فِي نَفْسِهِ وَاعِظٌ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ اَللَّهِ حَافِظٌ الحكمة ( ٤٢٣ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اَللَّهُ عَلاَنِيَتَهُ وَ مَنْ عَمِلَ لِدِينِهِ كَفَاهُ اَللَّهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَ مَنْ أَحْسَنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَللَّهِ أَحْسَنَ اَللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَلنَّاسِ

____________________

( ١ ) ذكره الطبرسي في مكارم الأخلاق : ١٦٦ .

( ٢ ) تنقيح المقال للمامقاني ٣ : ١٨٧ .

( ٣ ) محمد : ١٩ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٢ : ٥٠٥ ح ٦ عن حسين بن زيد ، و الآية ١٩ من سورة محمد .

٥١٩

أقول : روى ( روضة الكافي ) في حديثه ( ٤٧٧ ) عن الصادقعليه‌السلام : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : كانت الفقهاء و العلماء إذا كتب بعضهم إلى بعض كتبوا بثلاثة ليس معهنّ رابعة : من كانت همّته آخرته كفاه اللَّه همّه من الدنيا ، و من أصلح سريرته أصلح اللَّه علانيته ، و من أصلح فيما بينه و بينه تعالى أصلح اللَّه فيما بينه و بين الناس(١) .

قولهعليه‌السلام في الأول : « من أصلح ما بينه و بين اللَّه تعالى أصلح اللَّه ما بينه و بين الناس » و في الثاني : « و من أحسن في ما بينه و بين اللَّه أحسن اللَّه ما بينه و بين الناس » على ما في ( الطبعة المصرية(٢) و ابن أبي الحديد )(٣) ، و لكن في ( ابن ميثم(٤) و النسخة الخطية ) : « كفاه اللَّه ما بينه و بين الناس »(٥) .

قال الصادقعليه‌السلام : ما نقل اللَّه عبدا من ذلّ المعاصي إلى عزّ التقوى إلاّ أغناه من غير مال و أعزّه من غير عشيرة و آنسه من غير بشر(٦) .

و في الأول « و من أصلح أمر آخرته أصلح اللَّه له أمر دنياه » و في الثاني « و من عمل لدينه كفاه اللَّه أمر دنياه » قال تعالى : و من يَتّق اللَّه يَجعَل لهُ مخرجا .

( و يَرزُقُه من حيثُ لا يَحتَسبُ ) (٧) .

و عن عيسىعليه‌السلام : أوحى اللَّه تعالى إلى الدّنيا : من خدمني فاخدميه ، و من خدمك فاستخدميه(٨) .

____________________

( ١ ) الكافي الروضة للكليني : ٣٠٧ .

( ٢ ) راجع النسخة المصرية المنقحة : ٧٥٥ رقم ٤٠٩ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٦٨ رقم ٤٢٩ .

( ٤ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٤٤٧ رقم ٤٩٨ .

( ٥ ) النسخة الخطية : ٣٢٧ .

( ٦ ) الكافي للكليني ٢ : ٧٦ ح ٨ .

( ٧ ) الطلاق : ٢ ٣ .

( ٨ ) ورد ما يشابهه في بحار الأنوار ٧٧ : ٥٤ .

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639