بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 253968 / تحميل: 8982
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

محمد؟ فقال كعب : اعرضوا عليَّ دينكم ، فقال أبو سفيان : نحن ننحر للحجيج الكَوْمَاء ، ونسقيهم الماء ، ونَقْرِي الضيف ، ونفك العاني ، ونصل الرحم ، ونعمر بيت ربنا ، ونطوف به ، ونحن أهل الحرم ، ومحمد فارق دين آبائه ، وقطع الرحم ، وفارق الحرم ، وديننا القديم ، ودين محمد الحديث. فقال كعب : أنتم والله أهدى سبيلاً مما هو عليه ، فأنزل الله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ ) يعني كعباً وأصحابه. الآية.

[١٥١]

قوله تعالى :( أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ ) الآية. [٥٢].

٣٢٢ ـ أخبرنا أحمد بن إبراهيم المقري ، قال : أخبرنا سفيان بن محمد ، قال : أخبرنا مكي بن عبدان ، قال : حدَّثنا أبو الأزهر ، قال : حدَّثنا رَوْح ، قال : حدَّثنا سعيد ، عن قتادة ، قال :

نزلت هذه الآية في كعب بن الأشْرَف وحُيَيِّ بن أخْطَب ـ رجلين من اليهود من بين النَّضِير ـ لقيا قريشاً بالموسم فقال لهما المشركون : أنحن أهدى أم محمد وأصحابه ، فإنا أهل السدانة والسقاية وأهل الحرم؟ فقالا : بل أنتم أهدى من محمد ، وهما يعلمان أنهما كاذبان ، إنما حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه ، فأنزل الله تعالى :( أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً ) فلما رجعا إلى قومهما قال لهما قومهما : إن محمداً يزعم أنه قد نزل فيكما كذا وكذا ، فقالا : صدق ، والله ما حملنا على ذلك إلا بغضه وحسده.

[١٥٢]

قوله تعالى :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) . [٥٨].

٣٢٣ ـ نزلت في عثمان بن طَلْحَةَ الحَجَبِيّ ، من بني عبد الدار ، كان سَادِن

__________________

[٣٢٢] مرسل.

[٣٢٣] قال الحافظ في الإصابة (٢ / ٤٦٠) : وقع في تفسير الثعلبي بغير سند في قوله تعالى( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) .

١٦١

الكعبة ، فلما دخل النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة يوم الفتح ، أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح ، فطلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم المفتاح ، فقيل إنه مع عثمان ، فطلب منه فأبى وقال : لو علمت أنه رسول الله لما منعته المفتاح ، فلوى عليّ بن أبي طالب يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب ، فدخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم البيت وصلى فيه ركعتين ، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ليجمع له بين السقاية والسِّدَانة فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم علياً أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه ، ففعل ذلك عليّ ، فقال له عثمان : يا علي أَكْرهْتَ وآذيت ثم جئت ترفق! فقال : لقد أنزل الله تعالى في شأنك ، وقرأ عليه هذه الآية فقال عثمان : أشهد أن محمداً رسول الله ، وأسلم ، فجاء جبريلعليه‌السلام وقال : ما دام هذا البيت فإن المفتاح والسدانة في أولاد عثمان. وهو اليوم في أيديهم.

٣٢٤ ـ أخبرنا أبو حسان المُزَكّي ، قال : أخبرنا هارون بن محمد الأسْتَرآبَاذِي ، قال : حدَّثنا أبو محمد الخُزاعي ، قال : حدَّثنا أبو الوليد الأزْرَقي ، قال : حدَّثنا جدي ، عن سفيان ، عن سعيد بن سالم ، عن ابن جريج ، عن مجاهد في قول الله تعالى :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) قال :

نزلت في [عثمان] بن طَلْحَة ، قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم مفتاح الكعبة ، فدخل الكعبة يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية ، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح ، وقال : خذوها يا بني أبي طلحة بأمانة الله ، لا ينزعها منكم إلا ظالم.

٣٢٥ ـ أخبرنا أبو نصر المِهْرَجَاني ، قال : أخبرنا عبيد الله بن محمد الزاهد ،

__________________

إن عثمان المذكور أسلم يوم الفتح بعد أن دفع له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مفتاح البيت.

وهذا منكر فالمعروف أنه أسلم وهاجر مع عمرو بن العاص وخالد بن الوليد.

قلت : قال ابن عبد البر في الاستيعاب (٣ / ٩٢) : أنه أسلم في هدنة الحديبية.

[٣٢٤] مرسل.

[٣٢٥] إسناده ضعيف : مصعب بن شيبة : قال الحافظ في التقريب : لين الحديث [تقريب ٢ / ٢٥١] ، وقال المزي في تهذيب الكمال ٣ / ١٣٣٣ : قال أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل : روى أحاديث مناكير ، وقال إسحاق ابن منصور عن يحيى بن معين : ثقة ، وقال أبو حاتم : لا يحمدونه وليس بقوي ، وقال النسائي فيما قرأت بخطه : مصعب منكر الحديث وقال في موضع آخر : في حديثه شيء أ. ه.

١٦٢

قال : أخبرنا أبو القاسم المُقْرِي ، قال : حدَّثني أحمد بن زهير ، قال : أخبرنا مُصْعَب ، قال : حدَّثنا شَيْبَةُ بن عثمان بن أبي طَلْحَةَ ، قال :

دفع النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم المفتاح إليَّ وإلى عثمان ، وقال : خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تَالِدَة ، لا يأخذها منكم إلا ظالم. فبنو أبي طلحة ـ الذين يَلُونَ سِدَانَةَ الكعبة ـ من بني عبد الدَّار.

[١٥٣]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) الآية. [٥٩].

٣٢٦ ـ أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد العَدْل ، قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي زكريا الحافظ ، قال : أخبرنا أبو حامد بن الشَّرقي ، قال : حدَّثنا محمد بن يحيى ، قال : حدَّثنا حَجَّاج بن محمد ، عن ابن جُرَيْج ، قال : أخبرني يَعْلَى بن مُسْلِم ، عن سعيد بن جُبَيْر ، عن ابن عباس ، في قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) قال :

نزلت في عبد الله بن حُذَافة بن قَيْس بن عَدِي ، بعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في سَرِيَّة. رواه البخاري عن صدقة بن الفضل ، ورواه مسلم عن زهير بن حرب ، كلاهما عن حجاج.

٣٢٧ ـ وقال ابن عباس في رواية بَاذَان : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم خالد بن

__________________

قلت : له ترجمة في الميزان وذكر الذهبي له حديثاً عند أبي داود وقال أبو داود : مصعب ضعيف

[٣٢٦] صحيح : أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٨٤).

وأخرجه مسلم في الإمارة (٣١ / ١٨٣٤) ص ١٤٦٥.

وأبو داود في الجهاد (٢٦٢٤) والترمذي في الجهاد (١٦٧٢).

والنسائي في التفسير (١٢٩).

وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (٥٦٥١) للنسائي في البيعة.

والنسائي في السير في الكبرى.

وأخرجه أحمد في مسنده (١ / ٣٣٧) وأخرجه ابن جرير (٥ / ٩٤) وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٠).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١٧٦) للبيهقي في الدلائل وابن أبي حاتم وابن المنذر.

[٣٢٧] بإذن هو أبو صالح قال ابن حبان لم يسمع من ابن عباس.

١٦٣

الوليد في سَرِيّة ، إلى حيّ من أحياء العرب ، وكان معه عمَّار بن يَاسِر ، فسار خالد حتى إذا دنا من القوم عَرَّسَ لكي يُصَبِّحَهُم ، فأتاهم النذير فهربوا غير رجل قد كان أسلم ، فأمر أهله أن يتأَهَبُوا للمسير ، ثم انطلق حتى أتى عسكر خالد ، ودخل على عمّار فقال : يا أبا اليَقْظَان! إِني منكم ، وإنّ قومي لمّا سمعوا بكم هربوا ، وأقمت لإسلامي ، أفَنَافِعِي ذلك ، أم أهرب كما هرب قومي؟ فقال : أقم فإن ذلك نافعك. وانصرف الرجل إلى أهله وأمرهم بالمقام ، وأصبح خالد فأغار على القوم ، فلم يجد غير ذلك الرجل ، فأخذه وأخذ ماله ، فأتاه عمّار فقال : خل سبيل الرجل فإِنه مسلم ، وقد كنت أَمَّنته وأمرته بالمُقام. فقال خالد : أنت تجِيرُ عليّ وأنا الأمير؟ فقال : نعم ، أنا أجير عليك وأنت الأمير. فكان في ذلك بينهما كلام ، فانصرفوا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخبروه خبرَ الرجل ، فأمَّنه النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأجاز أمان عمّار ، ونهاه أن يجير بعد ذلك على أمير بغير إذنه.

قال : واسْتَبَّ عمّار وخالد بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأغلظ عمّار لخالد ، فغضب خالد وقال : يا رسول الله أتدع هذا العبد يشتمني؟ فو الله لو لا أنت ما شتمني ـ وكان عمار مولى لهاشم بن المغيرة ـ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا خالد ، كفّ عن عمار فإنه من يسب عماراً يسبّه الله ، ومن يبغض عماراً يبغضه الله». فقام عمار ، فتبعه خالد فأخذ بثوبه وسأله أن يرضى عنه ، فرضي عنه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وأمر بطاعة أولي الأمر.

[١٥٤]

قوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ) الآية [٦٠].

٣٢٨ ـ أخبرنا سعيد بن محمد العدل ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن حَمْدان ،

__________________

[٣٢٨] إسناده صحيح.

وعزاه السيوطي في الدر (٢ / ١٧٨) للطبراني وابن أبي حاتم بسند صحيح. وقال الحافظ في الإصابة (٤ / ١٩) : وعند الطبراني بسند جيد عن ابن عباس فذكره.

١٦٤

قال : أخبرنا الحسن بن سفيان ، قال : حدَّثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حدثنا أبو اليمان ، قال : حدثنا صَفْوَان بن عمرو ، عن عِكْرِمَة ، عن ابن عباس ، قال :

كان أبو بُرْدَةَ الأَسْلَمِي كاهناً يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه ، فتنافر إليه أناس من أسْلَمَ ، فأنزل الله تعالى( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ ) إِلى قَوْلِهِ( وَتَوْفِيقاً ) .

٣٢٩ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، قال : حدَّثنا أبو صالح شُعَيب بن محمد ، قال : حدَّثنا أبو حاتم التَّميمي ، قال : حدَّثنا أبو الأزهر ، قال : حدَّثنا رُوَيْمٌ ، قال : حدَّثنا سعيد عن قتادة قال :

ذكِرَ لنا أن هذه الآية أنزلت في رجل من الأنصار يقال له : قيس ، وفي رجل من اليهود ـ في مُدارَأة كانت بينهما في حق تَدَارَآ فيه ، فتنافرا إلى كاهن بالمدينة ليحكم بينهما ، وتركا نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فعاب الله تعالى ذلك عليهما ، وكان اليهودي يدعوه إلى نبي الله وقد علم أنه لن يَجُورَ عليه ، وجعل الأنصاري يأبى عليه ، وهو يزعم أنه مسلم ، ويدعوه إلى الكاهن. فأنزل الله تعالى ما تسمعون ، وعاب على الذي يزعم أنه مسلم ، وعلى اليهودي الذي هو من أهل الكتاب ـ فقال :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) إلى قوله( يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً ) .

٣٣٠ ـ أخبرني محمد بن عبد العزيز المَرْوزِيّ في كتابه ، قال : أخبرنا محمد بن الحسين قال : أخبرنا محمد بن يحيى ، قال : أخبرنا إسحاق الحنْظَليّ ، قال : أخبرنا المُؤَمِّل ، قال : حدَّثنا يزيد بن زُرَيْع ، عن دَاود ، عن الشَّعبي ، قال :

كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة ، فدعا اليهودي المنافق إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة ، ودعا المنافق اليهودي إلى حكامهم ، لأنه علم أنهم يأخذون الرّشوة في أحكامهم. فلما اختلفا اجتمعا على

__________________

[٣٢٩] مرسل. وعزاه في الدر (٢ / ١٧٩) لعبد بن حميد وابن جرير.

[٣٣٠] مرسل. وعزاه في الدر (٢ / ١٧٨) لابن جرير وابن المنذر.

١٦٥

أن يُحكَّما كاهنا في جُهَيْنَة ، فأنزل الله تعالى في ذلك :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) يعني المنافق( وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ) يعني اليهودي :( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ) إلى قوله :( وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .

٣٣١ ـ وقال الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : نزلت في رجل من المنافقين كان بينه وبين يهودي خصومة ، فقال اليهودي : انطلق بنا إلى محمد ، وقال المنافق : بل نأتي كعب بن الأشرف ـ وهو الذي سماه الله تعالى الطاغوت ـ فأبى اليهودي إلا أن يخاصمه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فلما رأى المنافق ذلك أتى معه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاختصامه إليه ، فقضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لليهودي. فلما خرجا من عنده لَزِمَهُ المنافق وقال : ننطلق إلى عمر بن الخطاب. فأقبلا إلى عمر ، فقال اليهودي : اختصمت أنا وهذا إلى محمد فقضى لي عليه ، فلم يرض بقضائه ، وزعم أنه مخاصم إليك ، وتعلق بي فجئت معه ، فقال عمر للمنافق : أكذلك؟ قال : نعم ، فقال لهما : رُوَيْداً حتى أخرج إليكما. فدخل عمر [البيت] وأخذ السيف فاشتمل عليه ، ثم خرج إليهما وضرب به المنافق حتى بَرَدَ ، وقال : هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله. وهرب اليهودي ، ونزلت هذه الآية. وقال جبريلعليه‌السلام : إن عمر فَرَقَ بين الحق والباطل. فسمي الفارُوق.

٣٣٢ ـ وقال السُّدِّي : كان ناس من اليهود أسلموا ونافق بعضهم ، وكانت قريظة والنَّضِير في الجاهلية إذا قَتل رجلٌ من بني قريظة رجلاً من بني النَّضِيرِ قُتِلَ به وأخذ ديته مائة وَسقٍ من تمر ، وإذا قتل رجلٌ من بني النَّضير رجلاً من قُرَيْظَةَ لم يقتل به ، وأعطى ديته ستين وَسقاً من تمر. وكانت النّضِير حلفاء الأَوْس. وكانوا أكبر وأشرف من قُرَيْظَة ، وهم حلفاء الخزْرَج ، فقتل رجلٌ من النضير رجلاً من قريظة ، واختصموا في ذلك ، فقالت بنو النضير : إنا وأنتم [كنا] اصطلحنا في الجاهلية على أن نقتل منكم ولا تقتلوا منا ، وعلى أنّ ديتكم ستون وَسْقاً ـ والوسق : ستون صاعاً ـ وديتنا مائة وَسْق ، فنحن نعطيكم ذلك. فقالت الخزرج : هذا شيء

__________________

[٣٣١] إسناده ضعيف لضعف الكلبي.

[٣٣٢] مرسل ، الدر (٢ / ١٧٩) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.

١٦٦

كنتم فعلتموه في الجاهلية ، لأنكم كَثُرْتُم وقَلَلنَا فقهرتمونا ، ونحن وأنتم اليوم إِخوة وديننا ودينكم واحد ، وليس لكم علينا فضل. فقال المنافقون : انطلقوا إلى أبي بُرْدَة الكاهن الأسلمي ، وقال المسلمون : لا بل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي بُرْدَةَ ليحكم بينهم ، فقال : أعظموا اللّقمة ـ يعني الرشوة ـ فقالوا : لك عشرة أوْسُق ، قال : لا بل مائة وسق ديتي ، فإني أخاف إِن نَفَّرْت النَضِيري قتلتني قُرَيْظَةُ ، وإن نَفَّرت القُرَيْظِي قتلني النّضِير. فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوسق ، وأبى أن يحكم بينهم. فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فدعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم كاهن أسْلم إلى الإسلام ، فأبى فانصرف ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم لابنيه : أدركا أباكما فإنه إنْ جَاوَزَ عَقَبةَ كذا لم يسلم أبداً ، فأدركاه فلم يزالا به حتى انصرف وأسلم ، وأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم منادياً فنادى : أَلا إنَّ كاهِنَ أسْلَم قد أسْلَم.

[١٥٥]

قوله تعالى :( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) [٦٥].

نزلت في الزُّبَير بن العَوَّام وخصمه حاطِب بن أبي بَلْتَعَة ، وقيل : هو ثعلبة بن حاطب.

٣٣٣ ـ أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن حمدان ، قال : أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال : حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدَّثنِي أبي ، قال : حدَّثنا أبو اليمان ، قال : حدَّثنا شُعيَب عن الزُّهْري ، قال : أخبرني عُرْوَةُ بن الزُّبير ، عن أبيه :

__________________

[٣٣٣] أخرجه البخاري في المساقاة (٢٣٦١) وفي التفسير (٤٥٨٥) من طريق معمر عن الزهري به.

وأخرجه في المساقاة (٢٣٦٢) من طريق ابن جريج عن ابن شهاب به.

وأخرجه في الصلح (٢٧٠٨) وأحمد (١ / ١٦٥) من طريق شعيب عن الزهري به وأخرجه الحاكم في المستدرك (٣ / ٣٦٤) والبيهقي في السنن (٦ / ١٥٣).

وأخرجه ابن جرير (٥ / ١٠٠) ، والنسائي في المجتبى (٨ / ٢٣٨).

وأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (ص ٤١ ـ ٤٢) من طريق الزهري عن عروة به.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١٨٠) لعبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر.

١٦٧

أنه كان يحدث : أنه خاصم رجلاً من الأنصار قد شهد بدراً ، إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في شِرَاج الحَرَّة كانا يسقيان بها كِلَاهُما ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم للزُّبْير : اسْقِ ثم أرسل إلى جارك ، فغضب الأنصاري وقال : يا رسول الله أَنْ كان ابنَ عَمّتك! فتلوَّن وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قال للزّبير : «اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى المُجدُرِ» فاستوفى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم للزبير حقّه. وكان قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه سعةً للأنصاري وله ، فلما أحفظ الأنصاري رسول الله استوفى للزبير حقه في صريح الحكم.

قال عروة : قال الزبير : والله ما أحْسِبُ هذه الآية أنزلت إلا في ذلك :( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) رواه البخاري عن علي بن عبد الله عن محمد بن جعفر عن مَعْمَرٍ ، ورواه مسلم عن قتيبة عن الليث ، كلاهما عن الزُّهري.

٣٣٤ ـ أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ ، قال : حدَّثنا أبو أحمد محمد بن محمد بن الحسن الشيباني ، قال : حدَّثنا أحمد بن حماد [بن] زُغْبَة ، قال : حدَّثنا حامد بن يحيى بن هانئ البَلْخِي ، قال : حدَّثنا سفيان ، قال : حدَّثني عمرو بن دينار عن أبي سَلَمة ، عن أم سَلَمة :

أن الزبير بن العوام خاصم رجلاً فقضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم للزبير ، فقال الرجل : إنما قضى له أنه ابن عمته. فأنزل الله تعالى :( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ) الآية.

[١٥٦]

قوله تعالى :( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ ) الآية. [٦٩].

٣٣٤ م ـ قال الكلبي : نزلت في ثَوْبَانَ مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان شديد

__________________

[٣٣٤] أخرجه الحميدي (٣٠٠) والطبراني في الكبير (٢٣ / ٢٩٤) من طريق سفيان عن عمرو بن دينار حدثني سلمة رجل من ولد أم سلمة به.

وعزاه في الدر (٢ / ١٨٠) للحميدي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني ـ وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٦)

[٣٣٤] م بدون إسناد.

١٦٨

الحب له ، قليل الصبر عنه ، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه ، يعرف في وجهه الحزن ، فقال له [رسول الله] : يا ثَوبَانُ ، ما غيَّر لونك؟ فقال : يا رسول الله ما بي من ضر ولا وجع ، غير أني إذا لم أَرَكَ اشتقت إليك ، واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ، ثم ذكرت الآخرة وأخاف أن لا أراك هناك ، لأني أعرف أنك تُرْفَعُ مع النبيّين ، وأني إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك ، وإن لم أدخل الجنة فذاك أحْرَى أن لا أراك أبداً. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٣٣٥ ـ أخبرنا إسماعيل بن أبي نصر ، أخبرنا إبراهيم النَّصْرَابَاذِي ، قال : أخبرنا عبد الله بن عمر بن علي الجَوْهَرِيّ ، قال : حدَّثنا عبد الله بن محمود السَّعْدِي ، قال : حدَّثنا موسى بن يحيى ، قال : حدَّثنا عَبيدَةُ ، عن منصور عن مُسلم بن صُبَيْح عن مسروق ، قال

قال أصحاب رسول الله : ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا ، فإنك إذا فارقتنا رُفِعْتَ فوقنا. فأنزل الله تعالى :( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ ) .

٣٣٦ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، أخبرنا شعيب ، قال : أخبرنا مَكِّي ، قال : أخبرنا أبو الأزهر ، قال : حدَّثنا رَوْح عن سعيد ، [عن شعبة] عن قتادة قال :

ذكر لنا أن رجالاً قالوا : يا نبي الله نراك في الدنيا ، فأما في الآخرة فإنك ترفع عنا بفضلك فلا نراك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٣٣٧ ـ أخبرني أبو نعيم الحافظ فيما أذن لي في روايته ، قال : أخبرنا

__________________

[٣٣٥] مرسل ، ابن جرير (٥ / ١٠٤) ، لباب ص ٨٣.

الدر (٢ / ١٨٢) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وعبد بن حميد.

[٣٣٦] مرسل ، ابن جرير (٥ / ١٠٤) الدر (٢ / ١٨٢) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

[٣٣٧] عزاه في الدر (٢ / ١٨٢) للطبراني وابن مردويه وأبي نعيم في الحلية والضياء المقدسي في صفة الجنة ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٢).

وهو عند الطبراني في الصغير (٥٢) وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٧) وقال : رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عمران العابدي وهو ثقة.

١٦٩

سليمان بن أحمد اللَّخْمِي ، قال : حدَّثنا أحمد بن عمرو الخَلال ، قال : حدَّثنا عبد الله بن عمْران العابدي ، قال : حدَّثنا فُضَيل بن عِياض ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت :

جاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا رسول الله إنك لأحبُّ إليَّ من نفسي وأهلي وولدي ، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك ، وإذا ذكرتُ موتي وموتك عرفت أنك إِذا دخلتَ الجنة رُفِعتَ مع النبيين ، وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك. فلم يرد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئاً ، حتى نزل جبريلعليه‌السلام بهذه الآية :( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ ) الآية.

[١٥٧]

قوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ) الآية. [٧٧].

٣٣٨ ـ قال الكلبي : نزلت هذه الآية في نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، منهم :

عبد الرحمن بن عَوْف ، والمِقْدادُ بن الأسْوَد ، وقُدَامَة بن مَظعُون وسعد بن أبي وقَّاص. كانوا يلقون من المشركين أذىً كثيراً ، ويقولون : يا رسول الله ائذن لنا في قتال هؤلاء ، فيقول لهم : كفوا أيديكم عنهم ، فإني لم أومر بقتالهم. فلما هاجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة ، وأمرهم الله تعالى بقتال المشركين ـ كرهه بعضهم وشق عليهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٣٣٩ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد العدل ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال : أخبرنا الحسن بن سفيان ، قال : حدَّثنا محمد بن علي ، قال : سمعت أبي يقول : أخبرنا الحسين بن وَاقِد ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس :

__________________

[٣٣٨] بدون إسناده ، والكلبي ضعيف.

[٣٣٩] صحيح : أخرجه النسائي في الجهاد (٦ / ٣) وفي التفسير (١٣٢) والحاكم في المستدرك (٢ / ٦٦) وصححه ووافقه الذهبي وأخرجه البيهقي في السنن (٩ / ١١) وابن جرير (٥ / ١٠٨).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٣).

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٨٤) لأبي أبي حاتم.

١٧٠

أن عبد الرحمن [بن عوف] وأصحاباً له أتوا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة ، فقالوا : يا نبي الله كنا في عز ونحن مشركون ، فلما آمنا صرنا أذلة! فقال : إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم. فلما حوّله الله إلى المدينة أمره بالقتال فكفوا ، فأنزل الله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ) .

[١٥٨]

قوله تعالى :( أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ ) [٧٨].

٣٤٠ ـ قال ابن عباس في رواية أبي صالح : لما استشهد الله من المسلمين مَنِ استشهد يوم أحد ، قال المنافقون الذين تخلفوا عن الجهاد : لو كان إخواننا الذين قتلوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[١٥٩]

قوله تعالى :( فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ ) الآية. [٨٨].

٣٤١ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، قال : حدَّثنا أبو عمرو إسماعيل بن نَجِيد ، قال : حدَّثنا يوسف بن يعقوب القاضي ، قال : حدَّثنا عمرو بن مَرْزُوق ، قال : حدَّثنا شُعْبَة ، عن عَدِيّ بن ثابت ، عن عبد الله بن يزيد بن ثابت :

أن قوماً خرجوا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أُحد ، فرجعوا. فاختلف فيهم

__________________

[٣٤٠] أبو صالح لم يسمع من ابن عباس.

[٣٤١] أخرجه البخاري في الحج (١٨٨٤) وفي المغازي (٤٠٥٠) وفي التفسير (٤٥٨٩).

وأخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين (٦ / ٢٧٧٦) ص ٢١٤٢ والترمذي في التفسير (٣٠٢٨) وقال : حسن صحيح.

والنسائي في التفسير (١٣٣).

وأحمد في مسنده (٥ / ١٨٤ ، ١٨٧ ، ١٨٨).

وابن جرير في تفسيره (٥ / ١٢١) وأخرجه عبد بن حميد (٢٤٢ منتخب) وذكره السيوطي في اللباب ص ٨٤.

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٩٠) لأبي داود الطيالسي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الدلائل.

١٧١

المسلمون : فقالت فرقة : نقتلهم ، وقالت فرقة : لا نقتلهم. فنزلت هذه الآية.

رواه البخاري عَنْ بُنْدار ، عن غُنْدَر.

ورواه مسلم عن عبد الله بن معاذ ، عن أبيه ، كلاهما عن شُعْبة.

٣٤٢ ـ أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدَان العدل ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن مالك ، قال : حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثنا الأسود بن عامر ، قال : حدَّثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْط ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبيه :

أن قوماً من العرب أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأسلموا ، وأصابوا وباء المدينة وحُمَّاها فأُرْكِسوا ، فخرجوا من المدينة ، فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : ما لكم رجعتم؟ فقالوا : أصابنا وباء المدينة فاجْتَوَيْنَاهَا فقالوا : ما لكم في رسول الله أسوة [حسنة؟] فقال بعضهم : نافقوا ، وقال بعضهم : لم ينافقوا هم مسلمون ، فأنزل الله تعالى :( فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا ) الآية.

٣٤٢ م ـ وقال مجاهد في هذه الآية : هم قوم خرجوا من مكة حتى جاءوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون ، ثم ارتدوا بعد ذلك ، فاستأذنوا النبيعليه‌السلام [أن يخرُجُوا] إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها ، فاختلف فيهم المؤمنون : فقائل يقول : هم منافقون ، وقائل يقول : هم مؤمنون. فبين الله تعالى نفاقهم وأنزل هذه الآية ، وأمر بقتلهم في قوله :( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) فجاءوا ببضائعهم يريدون هِلالَ بن عُوَيمر الأَسْلَمي وبَيْنَه وبين النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم حلف ، وهو الذي حَصِرَ صَدْرُه أن يقاتل المؤمنين ، فرفع عنهم القتل بقوله تعالى :( إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ ) الآية.

__________________

[٣٤٢] إسناده ضعيف : أبو سلمة لم يسمع من أبيه ، وابن إسحاق مدلس وقد عنعنه ، مجمع الزوائد (٧ / ٧) وقال : رواه أحمد وفيه ابن إسحاق وهو مدلس وأبو سلمة لم يسمع من أبيه أ. ه. والحديث عند أحمد (١ / ١٩٢).

وعزاه السيوطي في الدر (٢ / ١٩٠) لأحمد بسند فيه انقطاع.

[٣٤٢] م مرسل ، عزاه في الدر (٢ / ١٩٠) لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.

١٧٢

[١٦٠]

قوله تعالى :( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ) الآية [٩٢].

٣٤٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن نجيد ، قال : حدَّثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله [قال : حدَّثنا] ابن حَجَّاج ، قال : حدَّثنا حماد ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه :

أن الحارث بن يزيد كان شديداً على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجاء وهو يريد الإسلام ، فلقيه عَيَّاش بن أبي ربيعة ، والحارث يريد الإسلام ، وعياش لا يشعر ، فقتله. فأنزل الله تعالى :( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ) الآية.

وشرح الكلبي هذه القصة فقال : إن عياش بن أبي رَبيعة المَخْزُوميّ أسلم وخاف أن يظهر إسلامه ، فخرج هارباً إِلى المدينة فَقَدمهَا ، ثم أتى أُطُماً من آطامِهَا فتحصَّن فيه. فجزعت أمه جزعاً شديداً ، وقالت لابنيها أبي جهل والحارث بن هشام ـ وهما [أخواه] لأمه ـ : والله لا يظلني سقف بيت ، ولا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى تأتوني به ، فخرجا في طلبه وخرج معهم الحارث بن زيد بن أبي أنيسة ، حتى أتوا المدينة ، فأتوا عَيَّاشاً وهو في الأُطُم ، فقالا له : انزل فإِن أمّك لم يؤوها سقف بيت بعدك ، وقد حلفت لا تأكل طعاماً ولا شراباً حتى ترجع إليها ، ولك الله علينا أن لا نكرهك على شيء ، ولا نحول بينك وبين دينك. فلما ذكرا له جزع أمه وأوثقا له نزل إليهم ، فأخرجوه من المدينة وأوثقوه بِنِسْع ، وجلَدَه كل واحد منهم مائة جلدة ، ثم قدموا به على أمه فقالت : والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به ، ثم تركوه موثقاً في الشمس وأعطاهم بعض الذي أرادوا ، فأتاه الحارث بن يزيد وقال : [يا] عياش ، والله لئن كان الذي كنت عليه هُدىً لقد تركت الهدى ، وإن كان ضلالة لقد كنت عليها. فغضب عياش من مقالته ، وقال : والله لا ألقاك خالياً إلا قتلتك. ثم إن عياشاً أسلم بعد ذلك وهاجر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة. ثم

__________________

[٣٤٣] مرسل. وأخرجه البيهقي في السنن (٨ / ٧٢) وقال : وقد رويناه من حديث جابر موصولاً ، وعزاه في الدر (٢ / ١٩٣) للبيهقي في السنن وابن المنذر.

وذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة (١ / ٢٩٥) في ترجمة الحارث بن يزيد.

١٧٣

إن الحارث بن يزيد أسلم وهاجر [بعد ذلك إلى رسول الله بالمدينة] وليس عياش يومئذ حاضراً ، ولم يشعر بإسلامه. فبينا هو يسير بظهر قَباء إِذ لقي الحارث بن يزيد ، فلما رآه حمل عليه فقتله ، فقال الناس : أي شيء صنعت ، إنه قد أسلم. فرجع عياش إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا رسول الله ، كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت ، وإني لم أشعر بإسلامه حتى قتلته. فنزل عليه جبريلعليه‌السلام بقوله تعالى :( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ) .

[١٦١]

قوله تعالى :( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ) الآية. [٩٣].

٣٤٤ ـ قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : إن مَقِيس بن صُبَابَة وجد أخاه هشام بن صُبَابة قتيلاً في بني النّجار ، وكان مسلماً ، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فذكر له ذلك ، فأرسل رسول اللهعليه‌السلام معه رسولاً من بني فِهْر فقال له : ائت بني النجار ، فأقرئهم السلام وقل لهم : «إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يأمركم إن علمتم قاتل هشام بن صُبَابة أن تدفعوه إلى أخيه فيقتصّ منه ، وإن لم تعلموا له قاتلاً أن تدفعوا إليه ديته». فأبلغهم الفِهْرِي ذلك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : سمعاً وطاعة لله ولرسوله ، والله ما نعلم له قاتلاً ، ولكن نؤدي إليه ديته. فأعطوه مائة من الإبل. ثم انصرفا راجعين نحو المدينة ، وبينهما وبين المدينة قريب ، فأتى الشيطان مَقِيساً فوسوس إليه فقال : أيّ شيء صنعت؟ تقبل دية أخيك فيكون عليك سبة؟ اقتل الذي معك فيكونَ نفس مكان نفس وفَضْلُ الدية! ففعل مَقِيس ذلك ، فرمى الفِهْرِيّ بصخرة فشدخ رأسه ، ثم ركب بعيراً منها وساق بقيتها راجعاً إلى مكة كافراً ، وجعل يقول في شعره :

قَتَلْتُ بِهِ فهْراً وَحَمَّلْتُ عَقْلَهُ

سَرَاةَ بَنِي النَّجَارِ أَرْبَابِ فَارعِ

وأدْرَكْتُ ثأْرِي واضطَجَعْتُ مُوَسَّداً

وكُنْتُ إلى الأوْثَانِ أَوّلَ رَاجِعِ

فنزلت هذه الآية :( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ) الآية. ثم أهدر النبيعليه‌السلام دمه يوم فتح مكة ، فأدركه الناس بالسوق فقتلوه.)

__________________

[٣٤٤] إسناده ضعيف لضعف الكلبي ، انظر الإصابة (٣ / ٦٠٣)

١٧٤

[١٦٢]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) . [٩٤].

٣٤٥ ـ أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد ، قال : أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار ، قال : حدَّثنا محمد بن عَبَّاد ، قال : حدَّثنا سفيان ، عن عَمْرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال :

لحق المسلمون رجلاً في غُنَيْمَةٍ له ، فقال : السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غُنَيْمَتَهُ. فنزلت هذه الآية :( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) [أي] تلك الغنيمة. رواه البخاري عن علي بن عبد الله ، ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، كلاهما عن سفيان.

٣٤٦ ـ وأخبرنا إسماعيل ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن نجيد ، قال : حدَّثنا محمد بن الحسن بن الخليل ، قال : حدَّثنا أبو كريب ، قال : حدَّثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن سِمَاك ، عن عَكْرَمَة ، عن ابن عباس ، قال :

مرّ رجل من سُلَيم على نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومعه غنم [له]

__________________

[٣٤٥] أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٩١) ومسلم في التفسير (٢٢ / ٣٠٢٥) ص ٢٣١٩ ، وأبو داود في الحروف (٣٩٧٤).

والنسائي في التفسير (١٣٦).

وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (٥٩٤٠) للنسائي في السير في الكبرى.

وأخرجه ابن جرير (٥ / ١٤١).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٩٤).

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٩٩) لعبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

[٣٤٦] أخرجه الترمذي في التفسير (٣٠٣٠) وقال : هذا حديث حسن والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٣٥) وصححه ووافقه الذهبي.

وأحمد في مسنده (١ / ٢٢٩ ، ٢٧٢ ، ٣٢٤).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١٩٩) لابن أبي شيبة والطبراني وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير لباب النقول (ص ٨٦)

١٧٥

فسلم عليهم ، فقالوا : ما سلم عليكم إِلا لِيَتَعَوَّذَ منكم ، فقاموا إِليه فقتلوه ، وأخذوا غنمه ، وأتوا بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) .

٣٤٧ ـ أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قال : أخبرنا أبو يحيى الرازي ، قال : حدَّثنا سهل بن عثمان ، قال : حدَّثنا وكيع عن سفيان ، عن حَبِيب بن أبي عَمْرَة ، عن سَعيد بن جُبَيْر ، قال :

خرج المِقْدَادُ بن الأَسْوَد في سَرِيَّة ، فمروا برجل في غُنَيْمةٍ له فأرادوا قتله ، فقال : لا إِله إِلَّا الله ، فقتله المقداد ، فقيل له : أقتلته وقد قال : لا إِله إِلا الله؟ ودَّ لو فرَّب بأهله وماله. فلما قدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ذكروا ذلك له ، فنزلت :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) .

٣٤٨ ـ وقال الحسن : إن أصحاب النبيعليه‌السلام خرجوا يطوفون فلقوا المشركين فهزموهم ، فشد منهم رجل فتبعه رجل من المسلمين وأراد متاعه ، فلما غشيه بالسّنان قال : إني مسلم ، إني مسلم. فكذبه ثم أوْجَرَهُ بالسنان فقتله وأخذ متاعه وكان قليلاً ، فرفع ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : قتلته بعد ما زعم أنه مسلم؟ فقال : يا رسول الله ، إنما قالها مُتَعَوِّذاً. قال : فهلا شققت عن قلبه! [قال : لم يا رسول الله؟ قال] : لتنظر أصادق هو أم كاذب؟ قال : وكنت أعلم ذلك يا رسول الله؟ قال : ويك إنك [إِن] لم تكن تعلم ذلك ، إنما كان يبين [عنه] لسانه. قال : فما لبث القاتل أن مات فدفن ، فأصبح وقد وضع إِلى جنب قبره. قال : ثم عادوا فحفروا له وأمكنوا ودفنوه ، فأصبح وقد وضع إِلى جنب قبره مرتين أو ثلاثاً. فلما رأوا أن الأرض لا تقبله أَلْقُوه في بعض تلك الشعاب. قال : وأنزل الله تعالى هذه الآية.

قال الحسن : إن الأرض تُجِنُّ من هو شر منه ، ولكن وُعِظَ القومُ أَن لا يعودوا.)

__________________

[٣٤٧] مرسل ، أخرجه ابن جرير (٥ / ١٤٢) وزاد نسبته في الدر (٢ / ٢٠١) لابن أبي شيبة.

[٣٤٨] مرسل ، وعزاه في الدر (٢ / ٢٠١) لابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل.

١٧٦

٣٤٩ ـ أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد المُزَكّي ، قال : أخبرنا عبيد الله بن محمد بن بَطَّة ، قال : أخبرنا أبو القاسم البَغَوِيّ ، قال : حدَّثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْط ، عن القَعْقَاع بن عبد الله بن أبي حَدْرَد ، عن أبيه ، قال :

بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في سَرِيَّة إِلى إضَم ، قبل مخرجه إلى مكة ، قال : فمر بنا عامر الأَضْبط الأَشجَعِي ، فحيانا تحية الإسلام فنزعنا عنه ، وحمل عليه محلَّم بن جَثَّامة ، لشر كان بينه وبينه في الجاهلية ، فقتله واستلب بعيراً له ووطاء ومُتَيِّعاً كان له. قال : فأنهينا شأننا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخبرناه بخبره ، فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) إلى آخر الآية).

٣٥٠ ـ وقال السدي : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أسامَةَ بن زيد على سرية ، فلقي مِرْدَاس بن نهيك الضَّمْرِي فقتله ، وكان من أهل «فَدَكَ» ولم يسلم من قومه غيره ، وكان يقول : لا إِله إلا الله محمد رسول الله ، ويسلِّم عليهم. قال أسامة : فلما قدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أخبرته فقال : قتلت رجلاً يقول : لا إله إلا الله؟ فقلت : يا رسول الله ، إنما تَعَوَّذَ من القتل. فقال : كيف أنت إذا خاصَمَكَ يوم القيامة بلا إله إلا الله ، قال : فما زال يرددها عليّ : أقتلت رجلاً يقول : لا إله إلا الله؟ حتى تمنيت لو أن إسلامي كان يومئذ ، فنزلت :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) الآية. ونحو هذا قال الكلبي وقتادة).

[و] يدل على صحته الحديث الذي.

٣٥١ ـ أخبرناه أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي ، قال : أخبرنا محمد بن

__________________

[٣٤٩] في إسناده محمد بن إسحاق : وهو ثقة مدلس ، ولكنه صرح بالتحديث في مسند أحمد.

والحديث : أخرجه أحمد في مسنده (٦ / ١١) وابن جرير (٥ / ١٤٠) والبيهقي في الدلائل (٤ / ٣٠٥).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١٩٩) لابن سعد وابن أبي شيبة والطبراني وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نعيم في الدلائل ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٧)

[٣٥٠] مرسل.

[٣٥١] أخرجه البخاري في المغازي (٤٢٦٩) وفي الديات (٦٨٧٢)

١٧٧

عيسى بن عمرويه ، قال : حدَّثنا إبراهيم بن سفيان ، قال : حدَّثنا مسلم قال : حدَّثني يعقوب الدَّوْرَقي ، قال : حدَّثنا هشيم ، قال : أخبرنا [ابن] حصين ، قال : حدَّثنا أبو ظبيان ، قال : سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث ، قال :

بعثنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الحرقة من جُهَيْنَةَ ، فصبحنا القوم فهزمناهم. قال : فلحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم ، فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله. قال : فكفّ عنه الأنصاري فطعنته برمحي فقتلته ، فلما قدمنا بلغ ذلك النبيعليه‌السلام فقال : يا أسامة ، أقتلته بعد ما قال : لا إله إلا الله؟ قلت : يا رسول الله ، إنما كان متعوذاً. قال : أقتلته بعد ما قال : لا إله إلا الله؟ قال : فما زال يكررها عليّ حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.

[١٦٣]

قوله تعالى :( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) الآية. [٩٥].

٣٥٢ ـ أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد العدل ، قال : أخبرنا جدي ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق السّراج ، قال : حدَّثنا محمد بن حميد الرّازي ، قال : حدَّثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزُّهْري ، عن سهل بن سعد ، عن مروان بن الحكم ، عن زيد بن ثابت ، قال :

__________________

وأخرجه مسلم في الإيمان (١٥٨ ، ١٥٩ / ٩٦) ص ٩٦ ـ ٩٧ وأبو داود في الجهاد (٢٦٤٣).

وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (٨٨) للنسائي في السير في الكبرى.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ٢٠٢) لابن أبي شيبة.

[٣٥٢] إسناده ضعيف : محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعنه.

وله شاهد صحيح من طريق آخر :

أخرجه البخاري في الجهاد (٢٨٣٢) وفي التفسير (٤٥٩٢) والترمذي في التفسير (٣٠٣٣) وقال : حسن صحيح.

والنسائي في الجهاد (٦ / ٩).

وأخرجه أحمد في مسنده (٥ / ١٨٤).

والبيهقي في السنن (٩ / ٢٣) وابن جرير (٥ / ١٤٥) وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ٢٠٢) لابن سعد وعبد بن حميد وأبي داود وابن المنذر وأبي نعيم في الدلائل. وذكره في لباب النقول ص ٨٨.

١٧٨

كنت عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم حين نزلت عليه :( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ( وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) ولم يذكر أُولي الضرر ، فقال ابن أَم مكتوم ، كيف وأنا أَعمى لا أبصر؟ قال زيد : فتَغَشَّى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم في مجلسه الوحي ، فاتكأ على فخذي ، فو الذي نفسي بيده لقد ثقل على فخذي حتى خشيت أن يَرُضَّها ، ثم سُرِّيّ عنه فقال : اكتب( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) فكتبتها.

رواه البخاري عن إسماعيل بن عبد الله ، عن إبراهيم بن سعد ، عن صالح ، عن الزهري.

٣٥٣ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، قال : أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر ، قال : حدَّثنا أبو خليفة ، قال : حدَّثنا أبو الوليد ، قال : حدَّثنا شعبة ، قال : أنبأنا أبو إسحاق : سمعت البَرَاء يقول :

لما نزلت هذه الآية :( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ ) دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم زيداً فجاء بِكَتِفٍ وكتبها ، فشكا ابن أم مَكْتُوم ضَرَارَتُه ، فنزلت :( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) . رواه البخاري عن أبي الوليد ، ورواه مسلم عن بُنْدَار عن غندر ، [كلاهما] عن شُعْبة.

٣٥٤ ـ أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم النَّصْرَابَاذِي ، قال : أخبرنا إسماعيل بن نجيد ، قال : أخبرنا محمد بن عبدوس ، قال : حدَّثنا علي بن الجعد ، قال : حدَّثنا زهير ، عن أبي إسحاق ، عن البَرَاء ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه قال :

ادع لي زيداً وقل له : يجيء بالكَتِفِ والدَّواة أو اللوح ، وقال : اكتب لي :

__________________

[٣٥٣] أخرجه البخاري في الجهاد (٢٨٣١) وفي التفسير (٤٥٩٣) وأخرجه مسلم في الإمارة (١٤١ ، ١٤٢ / ١٨٩٨) ص ١٥٠٨ ، ١٥٠٩ وأخرجه البيهقي في السنن (٩ / ٢٣) وابن جرير (٥ / ١٤٤) وأحمد (٤ / ٢٨٢) وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ٢٠٢) لابن سعد وعبد بن حميد والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والبغوي في معجمه. وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٨)

[٣٥٤] أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٩٤) وفي فضائل القرآن (٤٩٩٠) وابن أبي شيبة في المصنف (٥ / ٣٤٣)

١٧٩

( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) أحسبه قال :( وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) فقال ابن أُمّ مَكْتُوم : يا رسول الله يعينيّ ضرر ، قال : فنزلت قبل أن يَبْرَح( غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) . رواه البخاري عن محمد بن يوسف ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق.

[١٦٤]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) الآية [٩٧].

٣٥٥ ـ نزلت هذه الآية في ناس من أهل مكة تكلموا بالإسلام ولم يهاجروا ، وأظهروا الإيمان وأسرُّوا النفاق ، فلما كان يوم بدر خرجوا مع المشركين إلى حرب المسلمين فقُتِلوا ، فضربت الملائكة وجوهَهم وأدبارهم ، وقالوا لهم ما ذكر الله سبحانه.

٣٥٦ ـ أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قال : أخبرنا أبو يحيى ، قال : حدَّثنا سهل بن عثمان ، قال : حدَّثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن أشعث بن سواد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس :( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) وتلاها إلى آخرها ، قال :

كانوا قوماً من المسلمين بمكة ، فخرجوا في قوم من المشركين في قتال ، فقتلوا معهم. فنزلت هذه الآية.

[١٦٥]

قوله تعالى :( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ) . [١٠٠].

٣٥٧ ـ قال ابن عباس في رواية عطاء : كان عبد الرحمن بن عوف بخبر أهل

__________________

[٣٥٥] بدون سند.

[٣٥٦] أشعث بن سوار ضعيف تقريب [١ / ٧٩] وله شاهد صحيح :

أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٩٦) والنسائي في التفسير (١٣٩). وابن جرير (٥ / ١٤٨)

[٣٥٧] بدون إسناد وانظر الإصابة (١ / ٢٥١) ترجمة جندع بن ضمرة. وانظر مجمع الزوائد (٧ / ٩ ـ ١٠)

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

المعروف له الطلب إليهم و حظر عليهم قضاءه كما يحرّم الغيث على الأرض المجدبة ليهلكها و يهلك أهلها(١) .

و قال ابن أبي الحديد رأى العباس بن مأمون يوما بحضرة المعتصم خاتما في يد إبراهيم بن المهدي ، فاستحسنه فقال له : ما فص هذا الخاتم و من أين حصلته ؟ قال : هذا خاتم رهنته في دولة أبيك و افتككته في دولة الخليفة .

فقال له العباس : إن لم تشكر أبي على حقنه دمك ، فأنت لا تشكر الخليفة على فكّه خاتمك و قال الشاعر :

لعمرك ما المعروف في غير أهله

و في أهله إلاّ كبعض الودائع

فمستودع ضاع الذي كان عنده

و مستودع ما عنده غير ضائع

و ما النّاس في شكر الصنيعة عندهم

و في كفرها إلاّ كبعض المزارع

فمزرعة طابت و أضعف نبتها

و مزرعة أكدت على كلّ زارع(٢)

٥٩ الحكمة ( ٢٠٨ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ رَبِحَ وَ مَنْ غَفَلَ عَنْهَا خَسِرَ وَ مَنْ خَافَ أَمِنَ وَ مَنِ اِعْتَبَرَ أَبْصَرَ وَ مَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ وَ مَنْ فَهِمَ عَلِمَ « من حاسب نفسه ربح » في ( الكافي ) عن الكاظمعليه‌السلام : ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كلّ يوم ، فإن عمل حسنة استزاد اللَّه تعالى ، و إن عمل سيّئة استغفر اللَّه منها و تاب إليه(٣) .

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٤ : ٢٥ ح ٢ ، عن أبي حمزة الثمالي .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٤ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٢ : ٤٥٣ .

٥٤١

« و من غفل عنها خسر » عن الباقرعليه‌السلام : لا يغرّنّك الناس من نفسك ، فإنّ الأمر يصل إليك دونهم ، و لا تقطع نهارك بكذا و كذا ، فإنّ معك من يحفظ عليك عملك .(١) .

« و من خاف أمن » و أمّا من خافَ مقامَ ربِّه و نهى النّفس عن الهوى .

( فإنّ الجنَّةَ هي المأوى ) (٢) .

« و من اعتبر أبصر » الاعتبار سبب لابصار جديد ، و إن كان هو بإبصار تليد ، قال تعالى :( فاعتبروا يا اُولي الأَبصار ) (٣) .

« و من أبصر فهم و من فهم علم » حمل الفهم على معرفة المقدّمات ، و العلم على معرفة النتيجة الّتي هي الثمرة الشريفة .

٦٠ الحكمة ( ٢٤٠ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْحَجَرُ اَلْغَصِيبُ فِي اَلدَّارِ رَهْنٌ عَلَى خَرَابِهَا أقول هكذا في ( الطبعة المصرية ) بلفظ « الغصيب »(٤) و الصواب :

( الغصب ) كما في ابن أبي الحديد(٥) و ابن ميثم(٦) و النسخة الخطية(٧) ، و الغصب هنا بمعنى المغصوب كما في قولهم : « شي‏ء غصب » .

____________________

( ١ ) الاختصاص للمفيد : ٢٣١ .

( ٢ ) النازعات : ٤٠ ٤١ .

( ٣ ) الحشر : ٢ .

( ٤ ) النسخة المصرية شرح محمّد عبده : ٧١٠ رقم ( ٢٤٢ ) .

( ٥ ) في شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٧٢ رقم ( ٢٣٧ ) بلفظ « الغصب » .

( ٦ ) شرح ابن ميثم النسخة المنقحة ٥ : ٣٦١ رقم ( ٢٢٦ ) بلفظ « الغصيب » .

( ٧ ) سقط النصّ من النسخة الخطية ( المرعشي ) .

٥٤٢

في ( كامل الجزري ) : و في سنة ( ٥٠٠ ) عزل الوزير أبو القاسم عليّ بن جهير و أمر الخليفة بنقض داره التي بباب العامّة و فيها عبرة ، فإنّ أباه أبا نصر بن جهير بناها بأنقاض أملاك الناس و أخذ بسببها أكثر ما دخل فيها فخربت عن قريب(١) .

و قال ابن أبي الحديد : قال ابن بسّام لابن مقلة لمّا بنى داره بالزاهر ببغداد من الغصب و ظلم الرعية :

بجنبك داران مهدومتان

و دارك ثالثة تهدم

و أشار بالدارين المهدومتين إلى دار ابن الفرات و دار ابن الجرّاح أي :

الوزيرين و قال أيضا :

قل لابن مقلة مهلا لا تكن عجلا

فإنّما أنت في أضغاث أحلام

تبني بأنقاض دور النّاس مجتهدا

دارا ستنقض أيضا بعد أيّام

و صار كما قال ، فنقضت داره في أيام الراضي حتى سوّيت بالأرض(٢) .

« قال الرضي و يروى هذا الكلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٣) لكن في ابن أبي الحديد « قال الرضي : و قد روي ما يناسب هذا الكلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٤) و في ابن ميثم : « و نحو هذا الكلام قول الرسول : اتقوا الحرام في البنيان فإنّه أسباب الخراب »(٥) .

« و لا عجب أن يشتبه الكلامان لأن مستقاهما من قليب » أي : بئر واحدة ، قال أبو عبيد « قليب » البئر العادية القديمة .

____________________

( ١ ) الكامل في التاريخ لابن الأثير الجزري ١٠ : ٤٣٨ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٧٢ .

( ٣ ) النسخة المصرية المنقحة : ٧١٠ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٧٢ ٧٣ .

( ٥ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٣٦٢ .

٥٤٣

« و مفرغهما » من فرغ الماء بالكسر ، أي : انصبّ « من ذنوب » بالفتح ، قال ابن السّكّيت : ذنوب ، دلو فيها ماء قريب من الملا تؤنث و تذكر(١) ، و لا يقال لها ذنوب و هي فارغة .

و في معنى قول المصنف قول البحتري :

عودهما من نبعة و ثراهما

من تربة و صفاهما من مقطع(٢)

٦١ الحكمة ( ٢٤١ ) و قالعليه‌السلام :

إِذَا كَثُرَتِ اَلْمَقْدِرَةُ قَلَّتِ اَلشَّهْوَةُ عشق رجل جارية و كان يتحرّق في ذلك ، فقيل له : لم لا تشتريها فإنّها ليست كالحرّة عسرة المطلب ؟ قال : إنّي إن ملكتها تذهب شهوتها و في ذلك أجد لذّة .

٦٢ الحكمة ( ٢٤٧ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْكَرَمُ أَعْطَفُ مِنَ اَلرَّحِمِ قال البحتري في إبراهيم بن الحسن بن سهل :

بنعمتكم يا آل سهل تسهّلت

عليّ نواحي دهري المتوعّر

شكرتكم حتى استكان عدوّكم

و من يول ما أوليتموني يشكر

____________________

( ١ ) اصلاح المنطق لابن السكيت : ١٦٤ .

( ٢ ) ديوان البحتري ٢ : ٢١٩ .

٥٤٤

ألست ابنكم دون البنين و أنتم

أحباء أهلي دون معن و بحتر(١)

و كانت خنساء إلى أخيها من أبيها صخر أعطف منها إلى أخيها من أبويها معاوية لكرم صخر إليها(٢) .

و في ( شعراء ابن قتيبة ) : لم تزل خنساء تبكي صخرا حتى عميت و دخلت على عائشة و عليها صدار من شعر ، فقالت لها : ما هذا فو اللَّه لقد مات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم ألبس عليه صدارا قالت لها : إن له حديثا ، إنّ أبي زوّجني سيّدا من سادات قومي متلافا معطافا ، فأنفد ماله فقال لي : إلى أين يا خنساء ، فقلت :

إلى أخي صخر ، فأتيناه فقاسمنا ماله و أعطانا خير النصفين ، فأقبل زوجي يعطي و يهب و يحمل حتى أنفده ثم قال لي : إلى أين يا خنساء ؟ قلت : إلى أخي صخر ، فأتيناه و قاسمنا ماله و أعطانا خير النصفين إلى الثالثة ، فقالت له امرأته : أما ترضى أن تقاسمهم مالك حتى تعطيهم خير النصفين فقال لها :

و اللَّه لا أمنحها شرارها

و لو هلكت قدّدت خمارها

و اتّخذت من شعرها صدارها

فذلك الّذي دعاني إلى لبس الصدار(٣) .

ثم كما أن الكرم أعطف من الرحم كذلك المودّة أعطف منها ، قال العتابي :

إنّي بلوت الناس في حالاتهم

و خبرت ما وصلوا من الأسباب

فإذا القرابة لا تقرّب قاطعا

و إذا المودة أقرب الأنساب(٤)

____________________

( ١ ) ديوان البحتري ١ : ١٨٥ .

( ٢ ) أعلام النساء لعمر رضا كحالة : ٣٦٥ .

( ٣ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ١٢٤ ١٢٥ .

( ٤ ) الأغاني للأصفهاني ١٧ : ١١٧ .

٥٤٥

٦٣ الحكمة ( ٢٥٤ ) و قالعليه‌السلام :

يَا اِبْنَ آدَمَ كُنْ وَصِيَّ نَفْسِكَ فِي مَالِكَ وَ اِعْمَلْ فِيهِ مَا تُؤْثِرُ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ مِنْ بَعْدِكَ هكذا في ( الطبعة المصرية )(١) ، و لفظ « في مالك » زائدة ، فليس في ابن أبي الحديد(٢) و ابن ميثم(٣) و النسخة الخطية(٤) ، و لا يحتاج المعنى إليه .

« و اعمل فيه ما تؤثر أن يعمل فيه من بعدك » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٥) و الصواب ما في الثلاثة ( و اعمل في مالك ما تؤثر أن يعمل فيه من بعدك ) فبعد عدم وجود « في مالك » أوّلا كما عرفت ، لا بدّ من ذكره هنا ، يعني أن أغلب الأوصياء لا يعملون و يبدلون ، فإن كنت ناصح نفسك فكن أنت المتصدّي لنفسك .

و في ( سبب وقف غيبة الشيخ ) عن الحسين بن أحمد بن فضّال قال :

كنت أرى عند عمّي علي بن فضّال شيخا من أهل بغداد و كان يهازل عمي فقال له يوما : ليس شرّا منكم يا معشر الشيعة قال له : لم لعنك اللَّه ؟ قال : أنا زوج بنت أحمد بن أبي بشر السرّاج قال لي لمّا حضرته الوفاة : كان عندي عشرة آلاف دينار وديعة لموسى بن جعفرعليه‌السلام فدفعت ابنه عنها بعد موته و شهدت أنّه لم يمت ، فاللَّه اللَّه خلّصوني من النار و سلّموها إلى الرّضا قال :

____________________

( ١ ) النسخة المصرية : ٧١٣ رقم ( ٢٥٦ ) .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٩٥ .

( ٣ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٥٦٣ رقم ( ٢٤٠ ) النسخة المنقحة مطابقة للنسخة المصرية : ٧١٣ رقم ( ٢٥٦ ) .

( ٤ ) سقط النصّ من النسخة الخطية ( المرعشي ) .

( ٥ ) راجع المصدرين السابقين فهما متطابقين أيضا في التكملة .

٥٤٦

فو اللَّه ما أخرجنا حبة و لقد تركناه يصلى في نار جهنم(١) .

و كان السجادعليه‌السلام : كلّما مرض أوصى بوصية فإذا برى‏ء أجرىعليه‌السلام بنفسه ما أوصى به(٢) .

هذا ، و في كنز الكراجكي قال المفيد : دخل رجل صحيح على مريض فقال له : أوص فقال له : بم أوصي و انّما يرثني زوجتاك و اختاك و خالتاك و عمتاك و جدتاك .

و قال في شرح الكلام : إنّ ذاك المريض كان تزوج جدّتي ذاك الصحيح امّ أمّه و امّ أبيه ، فأولد كلّ واحدة منهما ابنتين فابنتاه من جدته امّ أمّه خالتا ذاك الصحيح و ابنتاه من جدّته امّ أبيه عمتا ذاك ، و تزوج الصحيح جدتي المريض و تزوج أبو المريض ام الصحيح فأولدها ابنتين ، و حينئذ فقد ترك المريض إذا مات أربع بنات هما عمتا الصحيح و خالتاه و ترك جدتيه زوجتي الصحيح و ترك زوجتيه جدتي الصحيح و ترك اختيه لأبيه و هما اختا الصحيح لامه ، فلبناته الثلثان و لزوجتيه الثمن و لجدتيه السدس و لاختيه لأبيه ما بقي .

و هذه القسمة على مذهب العامة دون الخاصة(٣) .

____________________

( ١ ) الغيبة للطوسي : ٦٦ و ٦٧ ، و نقله عنه المجلسي في بحار الأنوار ٤٨ : ٢٥٥ ح ٩ .

( ٢ ) ورد في وسائل الشيعة ٦ : ٣٨٥ في باب جواز رجوع الموصي في الوصية قال علي بن الحسين : لرجل ان يغير وصيته فيعتق من كان أمر بملكه و يملك من كان أمر بعتقه و يعطي من كان حرمه ، و يحرم من كان اعطاء ما لم يمت ، لم نعثر على ما ذكر المؤلف في تراجم الإمام السجادعليه‌السلام .

( ٣ ) كنز الفوائد للكراجكي ١ : ١٠٢ ١٠٣ ، لم يورد العلاّمة التستري الأبيات الشعرية على لسان المريض و هي :

٥٤٧

اتيت الوليد ضحى عائدا

و قد خامر اللكب منه السقاما

فقلت له أوحي فيما تركت

فقال الا قد كفيت الكلاما

ففي عمتيك و في جدتيك

و في خالتيك تركت السواما

و زوجاك حقهما ثابت

و اختاك منه تجوز التماما

هنالك يا ابن أبي خالد

ظفرت بعشر حديث السهاما

٥٤٨

و في ( شعراء القتيبي ) : قيل للحطيئة حين احتضاره : أوص ، فقال : مالي للذكور من ولدي دون الإناث قالوا : فإنّ اللَّه لم يأمر بذلك قال : فإنّي آمر به .

قيل له : قل « لا إله إلاّ اللَّه » قال : ويل للشعر من راوية السوء قيل له : ألا توصي بشي‏ء للمساكين قال : أوصيهم بالمسألة ما عاشوا فإنّها تجارة لن تبور قيل له : أعتق عبدك يسارا قال : هو مملوك ما بقي عبسي قيل له : فلان اليتيم ما توصي له بشي‏ء ؟ قال : أوصيكم أن تأخذوا ماله و تنيكوا امه قيل له : ليس إلاّ هذا قال : إحملوني على حمار فإنّه لم يمت عليه كريم لعلّي أنجو ، ثم قال :

لكلّ جديد لذّة غير أنّني

وجدت جديد الموت غير لذيذ

له خبطة في الحلق ليس بسكّر

و لا طعم راح يشتهى و نبيذ

و مات مكانه(١) .

٦٤ من غريب كلامه رقم ( ٢ ) و في حديثهعليه‌السلام :

هَذَا اَلْخَطِيبُ اَلشَّحْشَحُ أقول : قال ابن أبي الحديد(٢) قال ابن ميثم(٣) : هذه الكلمة لصعصعة بن صوحان العبدي ، و كفى صعصعة بها فخرا أن يكون مثل عليعليه‌السلام يثني عليه بالمهارة و فصاحة اللسان ، و كان صعصعة من أفصح الناس ذكر ذلك الجاحظ(٤) .

____________________

( ١ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ١١٠ ١١١ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١٠٦ .

( ٣ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٣٧١ رقم « ٢ » .

( ٤ ) نقل الجاحظ في البيان و التبيين ١ : ٣٢٧ قول عبيد اللَّه بن زياد بن ظبيان لأشيم بن شقيق بن ثور : أنت يوم القيامة أخطب من صعصعة بن صوحان إذا تكلمت الخوارج ، ثم يقول الجاحظ : فما ظنك ببلاغة رجل عبيد اللَّه بن زياد

٥٤٩

قلت : بل قالعليه‌السلام هذه الكلمة ان صح كونها كلامهعليه‌السلام في شاب من قيس غير معروف ، ففي تاريخ الطبري بعد ذكره خبرا عن كليب الجرمي في أصحاب الجمل إلى أن قال قال كليب و نادىعليه‌السلام بعد ظفره : ألا لا تتبعوا مدبرا و لا تجهزوا على جريح و لا تدخلوا الدور ثم بعث إليهم ان أخرجوا للبيعة ، فبايعهم على الرايات و قال : من عرف شيئا فليأخذه حتى ما بقي في العسكرين شي‏ء إلاّ قبض ، فانتهى إليه قوم من قيس شبان فخطب خطيبهم فقال عليعليه‌السلام :

أين امراؤكم ؟ فقال الخطيب : أصيبوا تحت نظار الجمل ثم أخذ في خطبته فقال عليعليه‌السلام أما ان هذا لهو الخطيب الشحشح .(١) .

و ممّا يشهد انّهعليه‌السلام قال ذلك في خطيب غير معروف الاسم ان الجاحظ قال في الجزء الثاني من بيانه : في حديث عليعليه‌السلام حين رأى فلانا يخطب قال هذا الخطيب الشحشح(٢) .

و قال ابن الأثير في نهايته : في حديث عليعليه‌السلام انّه رأى رجلا يخطب فقال « هذا الخطيب الشحشح » أي : الماهر الماضي في الكلام .(٣) .

و لو كانعليه‌السلام قال هذا الكلام في معروف مثل صعصعة لقالا : رأى صعصعة ، و ابن الأثير رأى كتب جميع من صنف في الغريب و ذكر هذا الحديث فيه فيعلم انّه لم يعينه أحد .

و أما ما قاله ابن أبي الحديد من قوله « ذكر ذلك الجاحظ » مشيرا إلى يضرب به المثل ، ثم قال : و إنّما أردنا بهذا الحديث خاصة ، الدلالة على تقديم صعصعة بن صوحان في الخطب .

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري : كان في سيرة على أن لا يقتل مدبرا و لا يذفف على جريح و لا يكشف سترا و لا يأخذ مالا . إلى آخره ٣ : ٢٢٣ ، و ذكر في ٣ : ٢٢٢ قول الإمام عليعليه‌السلام أن من عرف شيئا فليأخذه الاّ سلاحا . إلى آخره أما بقية ما أورده العلاّمة التستري فهو زيادة على النصّ المذكور راجع الطبري ٣ : ٢٢٢ ٢٢٣ .

( ٢ ) لم يوجد في الهوامش يراجع : ٢٦٧ في الأصل .

( ٣ ) نهاية ابن الأثير ٢ : ٤٤٩ .

٥٥٠

جميع ما قاله(١) ، فإنّما يصح منه ان الجاحظ قال : ان صعصعة كان من أفصح الناس و كفاه فخرا ان يكون مثل عليعليه‌السلام يثنى عليه بالمهارة ، دون كون الجاحظ قال إنّهعليه‌السلام قال تلك الكلمة لصعصعة ، و هذا نص الجاحظ في بيانه في الجزء الأول : قال أشيم بن شقيق بن ثور لعبيد اللَّه بن زياد بن ظبيان : ما أنت قائل لربّك و قد حملت رأس مصعب إلى عبد الملك ؟ قال : اسكت فأنت يوم القيامة أخطب من صعصعة إذا تكلمت الخوارج ، فما ظنّك ببلاغة رجل مثل عبيد اللَّه بن زياد بن ظبيان يضرب به المثل(٢) ، و إنّما أردنا بهذا الحديث خاصة الدلالة على تقديم صعصعة في الخطب ، و أولى من كلّ دلالة استنطاق عليعليه‌السلام له .

فترى الجاحظ إنّما قال : إن قاتل مصعب ضرب المثل بخطيبية صعصعة ثم قال أولى من كلّ دلالة على خطيبية صعصعة استنطاقهعليه‌السلام له لا أنّهعليه‌السلام قال فيه « هو خطيب شحشح » ، و قد روى قول قاتل مصعب ( الأغاني ) أيضا فقال : قال رجل لعبيد اللَّه : بما ذا تحتجّ عند ربك من قتلك لمصعب فقال :

ان تركت أحتجّ رجوت أن أكون أخطب من صعصعة بن صوحان(٣) .

ثم الظاهر أصحية رواية ( الأغاني ) أن يكون قاتل مصعب قال : أنا أخطب من صعصعة ، من رواية البيان : أنت أخطب من صعصعة ، بشهادة السياق .

ثم الظاهر أن مراد الجاحظ من قوله : « و أولى من كلّ دلالة استنطاق عليعليه‌السلام له » ما رواه ( المروج ) أنّهعليه‌السلام بعد الجمل قال لصعصعة و نفرين

____________________

( ١ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٩ : ١٠٦ .

( ٢ ) البيان و التبيين للجاحظ ١ : ٣٢٧ .

( ٣ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٣٨ .

٥٥١

آخرين معه : أشيروا عليّ في أمر معاوية فقال صعصعة : الرأي أن ترسل إليه عينا من عيونك وثقة من ثقاتك بكتاب تدعوه إلى بيعتك ، فإن أجاب و إلاّ جاهدته فقال عليعليه‌السلام : عزمت عليك يا صعصعة إلاّ كتبت الكتاب بيدك و توجّهت به إلى معاوية و اجعل صدر الكتاب تحذيرا و تخويفا و عجزه استتابة و استنابة إلى أن قال ثم اكتب ما أشرت به عليّ و اجعل عنوان الكتاب( ألا إلى اللَّه تصير الاُمور ) (١) قال : اعفني من ذلك قال : عزمت عليك لتفعلن قال : أفعل ، فخرج بالكتاب إلى أن قال فقال معاوية لشي‏ء ما سوّده قومه ، وددت و اللَّه أنّي من صلبه ثم التفت إلى بني اميّة فقال هكذا فلتكن الرجال(٢) .

و بالجملة لا ريب في أنّ هذا الكلام إنّما قالهعليه‌السلام إن ثبت صحّة نسبته إليهعليه‌السلام في خطيب من أعدائه من أصحاب الجمل كما عرفت ، كما لا ريب في أنّ الجاحظ إنّما قال بتقديم صعصعة في الخطب لضرب المثل به و لأنّهعليه‌السلام استنطقه و استكتبه دون أن يقول : إنّهعليه‌السلام قال ذلك الكلام فيه .

و ممّا يشهد لمسلّميّة مقام صعصعة في الخطابة ما في ( الطبري ) في قصة خروج المستورد الخارجي على المغيرة أيام امارته على الكوفة من قبل معاوية و تعيين المغيرة أوّلا معقل بن قيس من الشيعة لحربه قال مرّة بن منقذ فقال صعصعة بعد معقل و قال : إبعثني إليهم أيّها الأمير فأنا و اللَّه لدمائهم مستحل و بحملها مستقل فقال المغيرة : إجلس فإنّما أنت خطيب فكان أحفظه ذلك و إنّما قال المغيرة ذلك لأنّه بلغه أن صعصعة يعيب عثمان و يكثر ذكر عليعليه‌السلام و يفضّله و قد كان دعاه و قال له : إيّاك أن يبلغني عنك أنّك تعيب

____________________

( ١ ) الشورى : ٥٣ .

( ٢ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٣٨ .

٥٥٢

عثمان عند أحد من الناس ، و إيّاك أن يبلغني عنك أنّك تظهر شيئا من فضل علي علانية ، فإنّك لست بذاكر من فضل عليّ شيئا أجهله بل أنا أعلم بذلك ، و لكن هذا السلطان قد ظهر و قد أخذنا بإظهار عيبه للناس فنحن ندع كثيرا ممّا أمرنا به و نذكر الشي‏ء الذي لا نجد بدا منه ندفع هؤلاء القوم عن أنفسنا تقيّة ، فإن كنت ذاكرا فضله فاذكره بينك و بين أصحابك و في منازلكم سرّا ، و أمّا علانية في المسجد فإنّ هذا لا يحتمله الخليفة لنا و لا يعذرنا فيه .

فكان صعصعة يقول : نعم افعل ، ثم يبلغه أنّه قد عاد إلى ما نهاه عنه ، فلمّا قام إليه و قال له : إبعثني إليهم ، و جد المغيرة قد حقد عليه خلافه إيّاه ، فقال له ما قال « إجلس ، فإنّما أنت خطيب » فقال له صعصعة : أو ما أنا إلاّ خطيب ، أجل و اللَّه أنا الخطيب الصليب الرئيس ، أما و اللَّه لو شهدتني تحت راية عبد القيس يوم الجمل حيث اختلف القنا فشؤن تفرى و هامة تختلى لعلمت أنّي أنا اللّيث الهزبر فقال له المغيرة : حسبك الآن ، لعمري لقد أوتيت لسانا فصيحا(١) .

و في ( ديوان معاني العسكري ) : تكلّم صعصعة عند معاوية بكلام أحسن فيه ، فحسده عمرو بن العاص فقال : هذا بالتمر أبصر منه بالكلام فقال صعصعة ، أجل أجوده ما دق نواه و رق سحاؤه و عظم لحاؤه و الريح تنفجه و الشمس تنضجه و البرد يدمجه ، و لكنك يابن العاص لا تمرا تصف و لا الخير تعرف بل تحسد فتقرف(٢) فقال معاوية لعمرو : رغما لك فقال عمرو :

و أضعاف الرغم لك و ما بي إلاّ بعض ما بك(٣) .

و في ( عقد ابن عبد ربه ) : قال عبد الملك في عبد القيس : أشد الناس

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٤ : ١٤٤ .

( ٢ ) أي تقذف .

( ٣ ) ديوان المعاني للعسكري ٢ : ٤١ .

٥٥٣

و أسخى الناس و أطوع الناس في قومه و أحلم الناس و أحضرهم جوابا و أخطب الناس ، أمّا أحضرهم جوابا فصعصعة .(١) .

و فيه دخل صعصعة على معاوية و ابن العاص جالس معه على سريره فقال له : وسع له على ترابيّة فيه فقال صعصعة : إني و اللَّه لترابي ، منه خلقت و إليه أعود و منه ابعث ، و إنّك لمارج من نار فقال له معاوية : إنّما أنت هاتف بلسانك لا تنظر في أود الكلام و استقامته ، فإن كنت تنظر في ذلك فأخبرني عن أفضل المال ، فقال : و اللَّه إنّي لأدع الكلام حتى يختمر في صدري ثم أذهب و لا أهتف به حتى أقيم أوده و اجيز متنه ، و ان أفضل المال لبرة سمراء في برية غبراء ، أو نعجة صفراء في نبعة خضراء ، أو عين فوّارة في أرض خوّارة فقال معاوية : للَّه أنت فأين الذهب و الفضة ؟ قال : حجران يصطكّان ، إن أقبلت عليهما نفدا و إن تركتهما لم يزيدا(٢) .

و في ( المروج ) : حبس معاوية صعصعة و ابن الكوّاء و رجالا من أصحاب عليعليه‌السلام مع رجال من قريش ، فدخل عليهم يوما فقال : نشدتكم باللَّه إلاّ ما قلتم حقّا و صدقا ، أيّ الخلفاء رأيتموني إلى أن قال فقال صعصعة :

تكلّمت يا ابن أبي سفيان فأبلغت و لم تقصر عمّا أردت و ليس الأمر على ما ذكرت ، أنّى يكون خليفة من ملك الناس قهرا و دانهم كبرا و استولى بأسباب الباطل كذبا و مكرا ، أما و اللَّه مالك في يوم بدر مضرب و لا مرمى ، و ما كنت فيه إلاّ كما قال القائل « لا حلّي و لا سيري » ، و لقد كنت و أبوك في العير و النفير ممّن أجلب على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و إنّما أنت طليق ابن طليق أطلقكما الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

( ١ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٤ : ٣٦٧ ، أما أشد الناس فحكم بن جبل ، و أمّا أسخى الناس فعبد اللَّه بن سوار و أمّا أطوع الناس فالجارود بشر بن العلاء .

( ٢ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٥ : ١١٥ ( دار الكتب العلمية ) .

٥٥٤

و أنّى تصلح الخلافة لطليق(١) .

( و فيه ) قال معاوية يوما و عنده صعصعة و كان قدم عليه بكتاب عليعليه‌السلام و عنده وجوه الناس : الأرض للَّه و أنا خليفة اللَّه ، فما آخذ من مال اللَّه فهو لي و ما تركت منه كان جايزا لي فقال صعصعة :

تمنيّك نفسك ما لا يكون

جهلا معاوي لا تأثم

فقال معاوية : يا صعصعة تعلمت الكلام قال صعصعة : العلم بالتعلّم و من لا يعلم يجهل قال معاوية : ما أحوجك إلى أن اذيقك و بال أمرك قال : ليس ذلك بيدك ، ذاك بيد الذي لا يؤخّر نفسا إذا جاء أجلها قال : و من يحول بيني و بينك ؟ قال : الذي يحول بين المرء و قلبه قال معاوية : إتّسع بطنك للكلام كما اتّسع بطن البعير للشعير قال صعصعة : إتّسع بطن من لا يشبع و دعا عليه من لا يجمع(٢) .

( و فيه ) إن معاوية قال لابن عباس : ميّز لي أصحاب عليّعليه‌السلام و ابدأ بآل صوحان فإنّهم مخاريق الكلام قال : أمّا صعصعة فعظيم الشأن عضب اللّسان قائد فرسان قاتل أقران ، يرتق ما فتق و يفتق ما رتق قليل النظير(٣) .

و يكفيه أنّ مثل ابن عباس مع مقامه في الخطابة و الأدب كان يسأله عن أمور كثيرة و يجيبه ، فقال له : أنت يا ابن صوحان باقر علم العرب و لمّا سأله عن السؤدد و المروة فأجابه و أنشده أبياتا في ذلك من مرّة بن ذهل بن شيبان قال ابن عباس : لو أنّ رجلا ضرب آباط الإبل مشرقا و مغربا لفائدة هذه الأبيات ما عنّقته(٤) .

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٥٠ .

( ٢ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٥٠ .

( ٣ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٤٦ .

( ٤ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٤٦ .

٥٥٥

هذا و في ( بيان الجاحظ ) ذكر عليعليه‌السلام أكتل(١) فقال : « الصبيح الفصيح »(٢) .

و في ( الاستيعاب ) : أكتل من شماخ ، نسبه ابن الكلبي إلى عوف بن عبد مناة بن طابخة ، و قال : كان عليعليه‌السلام إذا نظر إليه قال : من أحبّ أن ينظر إلى الصبيح الفصيح فلينظر إلى أكتل بن شماخ(٣) .

قال المصنف ( يريد : الماهر بالخطبة الماضي فيها ، و كل ماض في كلام أو سير فهو شحشح ) قلت : أو في طيران فيقال قطاة شحشح أي سريع الطيران .

( و الشحشح في غير هذا الموضع البخيل الممسك ) .

قلت : و الفيروز آبادي ذكر للشحشح غير ما ذكر معاني اخر ، فقال :

الشحشح الفلاة الواسعة و السيّ‏ء الخلق و الشجاع و الغيور ، و من الغربان :

الكثير الصوت ، و من الأرض : ما لا تسيل إلاّ من مطر كثير و التي تسيل من أدنى مطر ضد ، و من الحمير : الخفيف ، و من القطا السريعة و الطويل(٤) .

٦٥ من غريب كلامه رقم ( ٣ ) و في حديثهعليه‌السلام :

إِنَّ لِلْخُصُومَةِ قُحَماً أقول : قال ابن أبي الحديد : هذه الكلمة قالهاعليه‌السلام حين وكّل عبد اللَّه بن

____________________

( ١ ) و هو أكتل بن شماخ بن زيد بن شداد العكلي ، شهد الجسر مع أبي عبيدة ، و أسر يومئذ و ضرب عنقه ، و شهد القادسية ، الإصابة في تمييز الصحابة ١ : ٤٨١ .

( ٢ ) البيان و التبيين للجاحظ ٢ : ١٧٢ .

( ٣ ) الاستيعاب لابن عبد البرّ ١ : ٤٣ ، الترجمة رقم ( ١٥٨ ) .

( ٤ ) القاموس المحيط للفيروز آبادي ١ : ٢٣٠ .

٥٥٦

جعفر في الخصومة عنه(١) .

و قال ابن ميثم : يروى أنّهعليه‌السلام وكّل أخاه في خصومة و قال : إن لها تقحّما و إنّ الشيطان يحضرها(٢) .

و في ( المستجاد ) دخل عمارة بن حمزة على المنصور فقعد في مجلسه ، فقام رجل فقال للمنصور : مظلوم قال : من ظلمك قال عمارة :

غصبني ضيعتي فقال المنصور : قم يا عمارة فاقعد مع خصمك فقال : ما هو لي بخصم قال : و كيف ذلك ؟ قال : ان كانت الضيعة له فلست انازعه و ان كانت لي فهي له ، و لا أقوم من مجلس قد شرّفني به الخليفة أمير المؤمنين و أقعد في أدنى منه بسبب ضيعة(٣) .

قال المصنف : ( يريد بالقحم المهالك لأنّها تقحم أصحابها في المهالك و المتالف في الأكثر ) في ( النهاية ) : اقتحم الأمر العظيم و تقحّمه ، إذا رمى نفسه فيه من غير رويّة ، و القحمة الورطة و الهلكه ، و منه حديث عليعليه‌السلام « ان للخصومة قحما »(٤) .

« و من ذلك قحمة الاعراب و هو ان تصيبهم السنة » أي : سنة القحط .

« فتتعرق أموالهم » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٥) و الصواب ما في ابن أبي الحديد(٦) و ابن ميثم(٧) ( فتتقرف أموالهم ) .

____________________

( ١ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٩ : ١٠٧ .

( ٢ ) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ٥ : ٣٧٢ .

( ٣ ) المستجاد للتنوخي : ١٩٣ ١٩٤ .

( ٤ ) النهاية لابن الأثير ١ : ١٨ .

( ٥ ) النسخة المصرية : ٧١٥ شرح محمّد عبده .

( ٦ ) في شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١٠٧ بلفظ « فتتفرق » .

( ٧ ) نسخة ابن ميثم المنقحة مطابقة للنسخة المصرية ٥ : ٣٧٢ .

٥٥٧

« فذلك تقحمها » أي : تقحّم السنة .

« فيهم » أي : في الاعراب .

« و قيل فيه » أي : في قول قحمة الاعراب .

« وجه آخر و هو أنّها تقحمهم » أي : تدخلهم .

« بلاد الريف » أي : الخصب .

« أي تحوجهم إلى دخول الحضر عند محول البدو » أي : قحط البادية .

قلت : و يشهد لكونه هو الوجه قولهم : « أقحمت السنة نابغة بني جعدة » أي : أخرجته من البادية و أدخلته الحضر .

٦٦ الحكمة ( ٢٩٨ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ بَالَغَ فِي اَلْخُصُومَةِ أَثِمَ وَ مَنْ قَصَّرَ فِيهَا ظُلِمَ وَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَّقِيَ اَللَّهَ مَنْ خَاصَمَ أقول : قال ابن أبي الحديد هذا مثل قولهعليه‌السلام في موضع آخر : « الغالب بالشرّ مغلوب »(١) و كان يقال : ما تسابّ اثنان إلاّ غلب ألامهما(٢) .

قلت : و أين ما ذكره ممّا قالهعليه‌السلام و إنّما كلامه هنا مثل قوله قبل : « إنّ للخصومة قحما » ، و كأنّ هذا تفصيل لإجمال ذاك ، و المراد بالخصومات التي ترفع إلى القضاة لا التسابّ الخارجي و يصير الرجل في خصومات القضاة موهونا اضافة إلى ما ذكره ، و لذا كان بعض الشرفاء يتركون حقّهم مع كون ادعائهم حقّا و يخسرون مع كون الادعاء باطلا حتى يخلصوا من الخصومة .

____________________

( ١ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٩ : ٢٠٤ ، و هو من الكلمات القصار .

( ٢ ) المصدر نفسه .

٥٥٨

٦٧ الحكمة ( ٢٦٥ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ كَلاَمَ اَلْحُكَمَاءِ إِذَا كَانَ صَوَاباً كَانَ دَوَاءً وَ إِذَا كَانَ خَطَأً كَانَ دَاءً أي : إن صواب كلامهم دواء لباقي الناس من أمراضهم الباطنية ، كما أنّ خطأ كلامهم يولّد فيهم أمراضا حادثة ، فإنّ عامة الناس ينظرون إلى القائل و ليسوا هم أهل التمييز .

و مثل قول الحكماء علم العلماء ، فإنّه إذا كان مقرونا بالعمل يكون دواء و إذا كان عاريا عنه كان داء(١) .

و في ( الكافي ) قال عيسىعليه‌السلام للحواريين : بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبّر ، و كذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل(٢) ، و قالت الحواريون لعيسىعليه‌السلام : من نجالس ؟ قال : من يذكّركم اللَّه رؤيته و يزيدكم في علمكم منطقه ، و يرغّبكم في الآخرة عمله(٣) .

و أوحى اللَّه تعالى إلى داودعليه‌السلام : لا تجعل بيني و بينك عالما مفتونا بالدنيا فيصدّك عن طريق محبتي ، فإنّ اولئك قطّاع طريق عبادي المريدين ، إنّ أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي من قلوبهم(٤) .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدّنيا باتّباع السلطان ، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم(٥) .

____________________

( ١ ) ذكر ابن أبي الحديد في شرحه ١٩ : ٢٠٤ ما يشابه ذلك .

( ٢ ) الكافي للكليني ١ : ٣٧ ح ٦ .

( ٣ ) الكافي للكليني ١ : ٣٩ ح ٣ و هو عن أبي عبد اللَّه عن الرسول صلّى اللَّه عليه و آله .

( ٤ ) الكافي للكليني ١ : ٤٦ ح ٤ .

( ٥ ) الكافي للكليني ١ : ٤٦ ح ١ .

٥٥٩

و عن الصادقعليه‌السلام : إنّ العالم إذا لم يعمل بعلمه زلّت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا(١) .

٦٨ الحكمة ( ٢٩٦ ) وَ قَالَ ع لِرَجُلٍ يَسْعَى

 عَلَى عَدُوٍّ لَهُ بِمَا فِيهِ إِضْرَارٌ بِنَفْسِهِ إِنَّمَا أَنْتَ كَالطَّاعِنِ نَفْسَهُ لِيَقْتُلَ رِدْفَهُ أقول : الظاهر أنّ الأصل في هذا الكلام ما رواه الطبري عن سيف باسناده : أنّ الناس كانوا في الوليد فرقتين : العامة معه و الخاصة عليه ، حتى كانت صفّين فولّى معاوية فجعلوا يقولون : عيب عثمان بالباطل ، فقال لهم علي : إنّكم و ما تعيّرون به عثمان كالطّاعن نفسه ليقتل ردفه ، و ما ذنب عثمان في رجل قد ضربه بقوله و عزله عن عمله ، و ما ذنب عثمان فيما صنع عن أمرنا(٢) .

و الخبر كما ترى محرّف لا يفهم منه محصل ، ثم جميع ما يرويه الطبري عن سيف أمور منكرة خلاف ما يرويه الخاصة و العامّة(٣) ، و منها هذا الخبر فإنّ ضرب عثمان الوليد بن عقبة أخاه الرضاعي لمّا شكا أهل الكوفة صلاته بهم سكران و صلاته بهم الصبح أربعا و تغنّيه في الصّلاة إنّما كان بإجبار أمير المؤمنينعليه‌السلام له ، و كيف يعقل أن يعيب أحد عثمان بضربه الحدّ حتى ينكرعليه‌السلام ذلك ، و إنّما عابوا عثمان بتوليته مثل الوليد و آبائه عن إجراء الحد عليه حتى أنّبهعليه‌السلام بتضييعه حد اللَّه ، و تصدّىعليه‌السلام لضربه رغما لعثمان

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ١ : ٤٤ ح ٣ .

( ٢ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٢ : ٦١٢ .

( ٣ ) للسيد مرتضى العسكري بحث مطولة في هذا المضمار راجع كتابه « عبد اللَّه بن سبأ » .

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639