بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة6%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 639

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 639 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 253219 / تحميل: 8941
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

بتفصيل ذكره المسعودي و لعلّ العنوان كان كلامهعليه‌السلام في مقام آخر فأسلكه سيف في هذا كما هو دأبه ، كما أنّ المصنّف إذا رأى كلمة بليغة منسوبة إليهعليه‌السلام ينقلها و لا يراعي السند .

و كيف كان ، فمن شواهد العنوان ما في ( جمل المفيد ) أنّ ابن الزبير يوم الجمل تناول خطام جمل عائشة ، فبرز إليه الأشتر فخلّى الخطام من يده و أقبل نحوه و اصطرعا فسقطا إلى الأرض ، فجعل ابن الزبير يقول و قد أخذ الأشتر بعنقه و ينادي « اقتلوني و مالكا معي » ، قال الأشتر فما سرّني إلاّ قوله « مالك » و لو كان قال « الأشتر » لقتلوني ، فو اللَّه لقد تعجّبت من حمقه إذ ينادي بقتله و قتلي و ما كان ينفعه المشؤوم إن قتلت و قتل هو معي ، فأفرجت عنه و انهزم و به ضربة مثخنة في جانب وجهه(١) .

هذا ، و في ( الأغاني ) كان عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل من حمقى العرب ، قيل له : إن لكلّ فرس جواد اسما ، و إنّ فرسك هذا سابق جواد فسمّه ، ففقأ أحدى عينيه و قال : سمّيته « الأعور » .

( و فيه ) كان أسد بن يزيد بن مزيد الشيباني شبيها بأبيه جدّا بحيث لا يفصل بينهما إلاّ المتأمل ، و كان أكثر ما يباعد منه ضربة في وجه يزيد تأخذ من قصاص شعره و منحرفة على جبهته ، فكان أسد يتمنّى مثلها فهوت له ضربة في حرب أبيه من قبل الرشيد للوليد بن طريف الخارجي فأصابت في ذلك الموضع ، فيقال إنّه لو خطت على مثال ضربة أبيه ما عدا جاءت كأنّها هي(٢) .

____________________

( ١ ) الجمل للمفيد : ١٨٧ .

( ٢ ) الأغاني للأصفهاني ١٢ : ٩٥ .

٥٦١

٦٩ الحكمة ( ٣٠٥ ) و قالعليه‌السلام :

مَا زَنَى غَيُورٌ قَطُّ في الخبر : أخبر جبرئيل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ جعفر بن أبي طالب كان له خصال في الجاهلية شكرها اللَّه تعالى له ، و منها عدم زناه لغيرته كعدم شربه لعزّته و عدم كذبه لشرفه(١) .

هذا ، و في ( الطبري ) بنى الحجّاج واسطا سنة ( ١٨٥ )(٢) و كان سبب بنائه أنّه ضرب البعث على أهل الكوفة إلى خراسان ، فعسكروا بحمام عمر و كان فتى من بني أسد حديث عهد بعرس بابنة عمّ له ، فانصرف من العسكر إلى ابنة عمّه ليلا فطرق الباب طارق و دقّه دقّا شديدا ، فإذا سكران من أهل الشام فقالت المرأة لزوجها : لقد لقينا من هذا الشامي شرّا يفعل بنا كلّ ليلة ما ترى يريد المكروه و قد شكوته إلى مشيخة أصحابه فقال : إئذنوا له ، ففعلوا ، فأغلق الباب و أندر رأسه فلمّا اذن بالفجر خرج الرجل إلى العسكر و قال لامرأته إذا صليت الفجر بعثت إلى الشاميّين أن أخرجوا صاحبكم فسيأتون بك الحجّاج فأصدقيه الخبر على وجهه ، ففعلت و رفع القتيل إلى الحجّاج و ادخلت المرأة عليه فأخبرته ، فقال : صدقتني ثم قال لولاة الشامي : ادفنوا صاحبكم فإنه قتيل اللَّه إلى النار لا قود له و لا عقل ، ثم نادى مناديه : لا ينزلنّ أحد على أحد و أخرجوا ، و بعث روّادا يرتادون له منزلا حتى نزل في موضع واسط(٣) .

____________________

( ١ ) أمالي الصدوق ، المجلس ١٧ : ٧٠ ، و نقله المؤلف في كتابه قاموس الرجال ٢ : ٦٠٣ .

( ٢ ) وقع سهوا في العلاّمة فالسنة التي بني فيها واسط هي ( ٨٣ ) للهجرة .

( ٣ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٣ : ٦٤٩ .

٥٦٢

٧٠ الحكمة ( ٣٠٦ ) و قالعليه‌السلام :

كَفَى بِالْأَجَلِ حَارِساً فالناس كما لا يملكون حياة لا يملكون موتا :

أكان الجبان يرى أنّه

يدافع عنه الفرار الأجل

فقد يدرك الحادثات الجبان

و يسلم منها الشجاع البطل(١)

و في ( الكافي ) عن سعيد بن قيس الهمداني ، نظرت يوما في الحرب إلى رجل عليه ثوبان ، فحركت فرسي فإذا هو أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقلت : في مثل هذا الموضع ؟ فقال : نعم يا سعيد بن قيس إنه ليس من عبد إلاّ و له من اللَّه حافظ و واقية معه ملكان يحفظانه من أن يسقط من رأس جبل أو يقع في بئر ، فإذا نزل القضاء خلّيا بينه و بين كلّ شي‏ء(٢) .

و عن الصادقعليه‌السلام : كان قنبر يحبّ عليّاعليه‌السلام حبّا شديدا ، فإذا خرج عليّعليه‌السلام خرج على أثره بالسيف ، فرآه ذات ليلة فقال : مالك يا قنبر ؟ قال : جئت لأمشي خلفك قال : و يحك أمن أهل السماء تحرسني أم من أهل الأرض ؟ فقال :

بل من أهل الأرض قال : انّهم لا يستطيعون لي شيئا إلاّ بإذن اللَّه من السماء .

إرجع ، فرجع(٣) .

____________________

( ١ ) نسب المبرد البيتين في الكامل ٣ : ١١٧٣ ( طبع مصر ) لمعاوية بن أبي سفيان .

( ٢ ) الكافي للكليني ٢ : ٥٩ ح ٨ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٢ : ٥٩ ح ١٠ ، نقله المجلسي في بحار الأنوار ٧٠ : ١٥٨ رواية ١٥ .

٥٦٣

٧١ الحكمة ( ٣٢٦ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْعُمُرُ اَلَّذِي أَعْذَرَ اَللَّهُ فِيهِ إِلَى اِبْنِ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً في ( الطبري ) لمّا قتل الحسينعليه‌السلام و رجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة ، رأت الشيعة أنّها قد أخطأت خطأ كبيرا بدعائهم الحسينعليه‌السلام إلى النصرة و تركهم إجابته و مقتله إلى جانبهم لم ينصروه ، و رأوا أنّه لا يغسل عارهم و الإثم عنهم في مقتله إلاّ بقتل من قتله أو القتل فيه ففزعوا بالكوفة إلى خمسة نفر من رؤوس الشيعة : سليمان بن صرد الخزاعي و كانت له صحبة و إلى المسيب بن نجبة الفزاري و كان من خيار أصحاب عليعليه‌السلام و إلى عبد اللَّه بن سعيد بن نفيل الأزدي و إلى عبد اللَّه بن والي التيمي و الى رفاعة بن شداد البجلي ، فاجتمعوا في منزل سليمان فبدأ المسيّب فقال : قد ابتلينا بطول العمر و التعرّض لأنواع الفتن( فنرغب إلى ربّنا أن لا يجعلنا ممّن يقول له غدا أَوَ لَم نُعمّركم ما يَتذكر فيه من تَذَكّر وَ جاءَكُم النذير ) (١) و ان أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : العمر الّذي أعذر اللَّه فيه إلى ابن آدم ستّون سنة .(٢) .

و في ( تاريخ بغداد ) : نظر العباس بن الفضل بن الربيع في المرآة فنظر إلى شيبة في لحيته فقال :

أهلا بواحدة للشيب وافدة

تنعى الشباب و تنهانا عن الغزل

جاءت لتنذرنا ترحال لذّتنا

عن الشباب و شيبا غير مرتحل

____________________

( ١ ) فاطر : ٣٧ .

( ٢ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٤ : ٤٢٦ .

٥٦٤

قد يعذر المرء ما دامت شبيبته

و ليس يعذر معذور كمكتهل(١)

و في ( شعراء ابن قتيبة ) قال الاقيشر :

إذا المرء أو فى الأربعين و لم يكن

له دون ما يأتي حياء و لا ستر

فدعه و لا تنفس عليه الذي أتى

و إن جرّ ارسان الحياة له الدهر(٢)

هذا ، و روى ( الخصال ) عن الصادقعليه‌السلام قال : إنّ العبد لفي فسحة من أمره ما بينه و بين أربعين سنة ، فإذا بلغه أوحى اللَّه تعالى إلى ملائكته إنّي قد عمّرت عبدي عمرا و قد طال ، فغلّظا و شدّدا و تحفّظا و اكتبا عليه قليل عمله و كثيره و صغيره و كبيره(٣) .

و قال الباقرعليه‌السلام : إذا أتت على العبد أربعون سنة قيل له : خذ حذرك فانّك غير معذور ، و ليس ابن أربعين أحق بالعذر من ابن عشرين سنة ، فإنّ الذي يطلبهما واحد و ليس عنهما براقد ، فاعمل لمّا أمامك من الهول ودع عنك فضول القول(٤) .

و في ( بديع ابن المعتزّ ) : كان رجل من أهل الأدب له أصحاب يشرب معهم و ينادمهم ، فدعوه فلم يجبهم فقالوا : ما منعك ؟ قال : دخلت البارحة في الأربعين و أنا أستحي من سنّي(٥) .

و روى أيضا عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى( أوَ لَم نُعمركم ما يَتذكر فيه من تَذكر ) (٦) إنّه توبيخ لابن ثماني عشرة سنة(٧) .

____________________

( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٢ : ١٣٤ في ترجمة العباس بن الطفيل .

( ٢ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ١٣٤ .

( ٣ ) الخصال للصدوق ٢ : ٥٤٥ ح ٢٤ .

( ٤ ) بحار الأنوار للمجلسي ٧٣ : ٣٨٩ رواية ٧ .

( ٥ ) البديع لابن المعتز : ١٥ .

( ٦ ) فاطر : ٣٧ .

( ٧ ) بحار الأنوار للمجلسي ٨ : ٢٥٧ .

٥٦٥

هذا و في ( كتاب سيبويه ) عن الخليل سمع أعرابيا يقول : إذا بلغ الرجل الستين فإيّاه و إيا الشّواب بالجر(١) .

٧٢ الحكمة ( ٣٢٩ ) و قالعليه‌السلام :

اَلاِسْتِغْنَاءُ عَنِ اَلْعُذْرِ أَعَزُّ مِنَ اَلصِّدْقِ بِهِ أقول : « أعزّ » هنا من عزّ الشي‏ء إذا قلّ و لا يكاد يوجد فهو عزيز ، و حينئذ فالمراد أن الصدق في العذر و ان كان عزيزا قليل الوجود فقالوا : « المعاذير يشوبها الكذب » إلاّ أنّ جعل عمله بحيث لا يحتاج إلى عذر أعزّ و أقلّ وجودا من العذر الصادق ، و لو تيسّر للإنسان جعل عمله كذلك كان ممدوحا و مع العذر الصادق غير مذموم .

و قال ابن أبي الحديد : المعنى ، لا تفعل شيئا تعتذر منه أعزّ لك من أن تفعل ثم تعتذر و إن كنت صادقا و هو كما ترى ، فإنّهعليه‌السلام قال : الإستغناء أعزّ في نفسه لا أعزّ لك(٢) .

٧٣ الحكمة ( ٣٣١ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ اَلطَّاعَةَ غَنِيمَةَ اَلْأَكْيَاسِ عِنْدَ تَفْرِيطِ اَلْعَجَزَةِ قال تعالى :( و الّذين يؤتُون ما آتوا و قُلوبهم وَجِلةٌ أَنّهم إلى ربِّهم

_ ___________________

( ١ ) أبي بشير كتاب سيبويه ١ : ٢٧٩ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٤١ .

٥٦٦

 راجعُون اُولئكَ يُسارعونَ في الخَيراتِ وَ هُم لها سابِقُون ) (١) .( فاستبقوا الخيرات إلى اللَّه مرجِعُكم جميعاً فيُنَبِّئكم بما كُنتم فيه تختلفونَ ) (٢) ( سابقوا إلى مَغفِرةٍ مِن ربّكُم و جنّةٍ عرضها كعرض السَماءِ و الأرض ) (٣) ( و أقبَل بعضُهم على بعضٍ يتساءَلُون قالوا إِنّا كُنّا قبل في أَهلنا مُشفقينَ فمنَّ اللَّه علينا وَ وَقانا عذابَ السَّموم إِنّا كُنّا من قبلُ ندعوهُ إنّه هو البرُّ الرّحيم ) (٤) ( أَن تَقُولَ نَفسٌ يا حَسرتى على ما فَرَّطتُ في جَنبِ اللَّه و إِن كُنتُ لَمِنَ الساخِرينَ ) (٥) .

٧٤ الحكمة ( ٣٣٧ ) و قالعليه‌السلام :

اَلدَّاعِي بِلاَ عَمَلٍ كَالرَّامِي بِلاَ وَتَرٍ أقول : هو من حديث الاربعمائة ، و الوتر بالتحريك واحد أوتار القوس .

في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلّت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا(٦) .

و عنهعليه‌السلام : العلم يهتف بالعمل فإن أجابه و إلاّ ارتحل عنه(٧) .

____________________

( ١ ) المؤمنون : ٦٠ ٦١ .

( ٢ ) المائدة : ٤٨ .

( ٣ ) الحديد : ٢١ .

( ٤ ) الطور : ٢٥ ٢٨ .

( ٥ ) الزمر : ٥٦ .

( ٦ ) الكافي للكليني ١ : ٤٤ ح ٣ .

( ٧ ) بحار الأنوار للمجلسي ٢ : ٣٣ .

٥٦٧

٧٥ الحكمة ( ٣٤٥ ) و قالعليه‌السلام :

مِنَ اَلْعِصْمَةِ تَعَذُّرُ اَلْمَعَاصِي أقول : قال ابن أبي الحديد هذه الكلمة على صيغ مختلفة « من العصمة أن لا تقدر » « من العصمة ألاّ تجد »(١) .

و ليس المراد بالعصمة العصمة التي يذكرها المتكلّمون .

قلت : الظاهر أنّ المراد أنّ عدم تيسّر أسباب المعصية للإنسان قسم من عصمة اللَّه تعالى له .

٧٦ الحكمة ( ٣٤٩ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ نَظَرَ فِي عَيْبِ نَفْسِهِ اِشْتَغَلَ عَنْ عَيْبِ غَيْرِهِ وَ مَنْ رَضِيَ بِرِزْقِ اَللَّهِ لَمْ يَحْزَنْ عَلَى مَا فَاتَهُ وَ مَنْ سَلَّ سَيْفَ اَلْبَغْيِ قُتِلَ به وَ مَنْ كَابَدَ اَلْأُمُورَ عَطِبَ وَ مَنِ اِقْتَحَمَ اَللُّجَجَ غَرِقَ وَ مَنْ دَخَلَ مَدَاخِلَ اَلسُّوءِ اُتُّهِمَ وَ مَنْ كَثُرَ كَلاَمُهُ كَثُرَ خَطَؤُهُ وَ مَنْ كَثُرَ خَطَؤُهُ قَلَّ حَيَاؤُهُ وَ مَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ وَ مَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ وَ مَنْ مَاتَ قَلْبُهُ دَخَلَ اَلنَّارَ وَ مَنْ نَظَرَ فِي عُيُوبِ اَلنَّاسِ فَأَنْكَرَهَا ثُمَّ رَضِيَهَا لِنَفْسِهِ فَذَلِكَ اَلْأَحْمَقُ بِعَيْنِهِ وَ اَلْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَ يَنْفَدُ وَ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ اَلْمَوْتِ رَضِيَ مِنَ اَلدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ وَ مَنْ عَلِمَ أَنَّ كَلاَمَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلاَمُهُ إِلاَّ فِيمَا يَعْنِيهِ « من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره » و من اشتغل بعيب غيره

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٦٠ .

٥٦٨

لا بدّ أنّه نسي عيوب نفسه .

« و من رضي برزق اللَّه لم يحزن على ما فاته » لأنّه يعلم أنّ ما فاته لم يكن رزقه فلم هو يحزن .

« و من سل سيف البغي قتل به » قتل أبو مسلم أبا سلمة غيلة و قتل ستمائة ألف صبرا ، فقتل غيلة و صبرا فقال له المنصور وقت قتله :

زعمت أن الدّين لا ينقضي

فاستوف بالكيل أبا مجرم

إشرب بكأس كنت تسقي بها

أمرّ في الحلق من العلقم(١)

و في ( المروج ) : سخط المتوكل على محمد بن عبد الملك الزيّات بعد خلافته بأشهر و قبض أمواله و جميع ما كان له و قد كان ابن الزيّات في أيام وزارته للمعتصم و الواثق اتّخذ للمصادرين و المغضوب عليهم تنورا من الحديد رؤوس مساميره إلى داخل ، قائمة مثل رؤوس المسال أي الابر العظام فكان يعذّبهم فيه ، فأمر المتوكل بإدخاله في ذلك التنّور ، فكتب إلى المتوكل :

هي السبيل فمن يوم إلى يوم

كأنّه ما تريك العين في النوم

لا تجزعنّ رويدا إنّها دول

دنيا تنقّل من قوم إلى قوم

و وصلت الرقعة إليه في غد ، فأمر بإخراجه فوجده ميتا و كان حبسه في التنور أربعين يوما(٢) .

و في ( تفسير القمي ) : بعث بختنّصر إلى دانيال و كان ألقاه في بئر بابل و ألقى معه لبوة ، فكانت اللبوة تأكل طين البئر و يشرب دانيال لبنها ، و كان اري في منامه كأنّ رأسه من حديد و رجلاه من نحاس و صدره من ذهب ، فدعا

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٣٠٤ .

( ٢ ) مروج الذهب للمسعودي ٤ : ٨٨ .

٥٦٩

المنجّمين فقال لهم : ما رأيت ؟ قالوا ما ندري لكن قص علينا ما رأيت فقال : و أنا اجري عليكم الأرزاق منذ كذا و لا تدرون ما رأيت في المنام ، فأمر بهم فقتلوا ، فقال له بعض من كان عنده : ان كان عند أحد شي‏ء فعند صاحب الجبّ ، فان اللّبوة لم تتعرّض له تأكل الطين و ترضعه ، فبعث إليه فقال : ما رأيت في النوم ؟

قال : رأيت كأن رأسك من حديد و رجلك من نحاس و صدرك من ذهب ، قال :

هكذا رأيت فما ذاك ؟ قال : ذهب ملكك و أنت مقتول إلى ثلاثة أيام يقتلك رجل من ولد فارس فقال : إنّ عليّ سبع مدائن على باب كل مدينة حرس ، و وضعت بطة من نحاس على باب كلّ مدينة لا يدخل غريب إلاّ صاحت عليه حتى يؤخذ .

فقال : إنّ الأمر كما قلت لك فبث الخيل و قال لا تلقون أحدا من الخلق إلاّ قتلتموه كائنا من كان و قال لدانيال : لا تفارقني هذه الثلاثة فإن مضت و أنا سالم قتلتك ، فلمّا كان الثالث ممسيا أخذه الغمّ ، فخرج فتلقّاه غلام كان يخدم ابنا له من أهل فارس و هو لا يعلم أنّه من أهل فارس ، فدفع إليه سيفه و قال : لا تلق احدا من الخلق إلاّ قتلته و إن لقيتني فاقتلني ، فأخذ الغلام سيفه فضربه به فقتله(١) .

و في ( المروج ) قال البحتري : إجتمعنا ذات يوم مع الندماء في مجلس المتوكل ، فتذاكرنا أمر السيوف فقال بعض من حضر : بلغني أنّه وقع عند رجل من أهل البصرة سيف من الهند ليس له نظير ، فأمر المتوكل بالكتاب إلى عامل البصرة بشرائه بما بلغ ، فورد الجواب أنّ السيف اشتراه رجل من اليمن ، فأمر المتوكل بالبعث إلى اليمن يطلب السيف و ابتياعه فنفذت الكتب بذلك قال البحتري : فبينا نحن عند المتوكل إذ دخل عليه عبيد اللَّه و السيف معه و عرّفه أنّه ابتيع من صاحبه باليمن بعشرة آلاف درهم ، فسرّه بوجوده

____________________

( ١ ) تفسير القمي ١ : ٨٩ ٩٠ .

٥٧٠

و انتضاه فاستحسنه و تكلّم كلّ واحد منّا بما يجب و جعله تحت ثني فراشه ، فلمّا كان من الغداة قال للفتح : اطلب لي غلاما تثق بنجدته و شجاعته أدفع إليه هذا السيف ليكون واقفا به على رأسي لا يفارقني كلّ يوم ما دمت جالسا ، فلم يستتم الكلام حتى أقبل باغر التركي فقال له الفتح : هذا باغر التركي وصف لي بالشجاعة و البسالة و هو يصلح لمّا أردت فدعا به المتوكل و دفع إليه السيف و أمره بما أراد و تقدم ان يزاد في مرتبته و أن يضعف له الرزق .

قال البحتري : فو اللَّه ما انتضى ذلك السيف و لا خرج من غمده من الوقت الذي دفع إليه إلاّ في الليلة التي ضربه بذلك السيف إلى أن قال فسمعت صيحة المتوكل و قد ضربه باغر بالسيف الذي كان قد دفعه إليه على جانبه الأيمن فقده إلى خاصرته ، ثم ثنّاه على جانبه الأيسر ففعل مثل ذلك(١) .

و في ( المناقب ) : قال الحسينعليه‌السلام يوم الطف : اللّهم سلّط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مصبّرة لا يدع منهم أحدا إلاّ قتله قتلة بقتلة و ضربة بضربة ينتقم لي و لأوليائي و أهل بيتي و أشياعي منهم(٢) .

و في ( الطبري ) في وفاة المنتصر و هو ابن خمس و عشرين سنة قال بعضهم : كان المنتصر وجد حرارة فدعا بعض من كان يتطبّب له و أمره بفصده ففصده بمبضع مسموم فكان فيه منيته ، و الطبيب الذي فصده انصرف إلى منزله و قد وجد حرارة فدعا تلميذا له فأمره بفصده و وضع مباضعه بين يديه ليتخير أجودها و فيها المبضع المسموم الذي فصد به المنتصر و قد نسيه ، فلم يجد التلميذ فيها أجود من المبضع المسموم ففصد به استاذه و هو لا يعلم أمره فلمّا فصده به نظر إليه صاحبه فعلم أنّه هالك

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٤ : ١١٩ بتصرف في النقل .

( ٢ ) بحار الأنوار للمجلسي ٤٥ : ١٠ رواية ٣٧ .

٥٧١

فأوصى من ساعته و هلك من يومه(١) .

و في ( الطبري ) : كان نجاح بن سلمة على ديوان توقيع المتوكّل و تتبع عماله ، فكان العمال يتّقونه و ربّما نادمه المتوكّل ، و كان الحسن بن مخلد على ديوان الضياع و موسى بن عبد الملك على ديوان الخراج و كانا منقطعين إلى وزير المتوكل عبيد اللَّه بن يحيى بن خاقان فكتب نجاح إلى المتوكل : ان الحسن و موسى خانا و انه يستخرج منهما أربعين ألف ألف درهم ، فشاربه المتوكل تلك العشية و قال : بكّر الي حتى أدفعها إليك ، فغدا و قد رتب اصحابه و قال يا فلان خذ أنت الحسن و خذ يا فلان أنت موسى ، فغدا إلى المتوكل فلقي عبيد اللَّه الوزير و قد أمر أن يحجب عن المتوكل ، فقال له : يا أبا الفضل إنصرف حتى ننظر في هذا الأمر و أنا أشير عليك بأمر لك فيه صلاح قال : و ما هو ؟ قال :

اصلح بينك و بينهما و تكتب رقعة تذكر فيها أنّك كنت شاربا و أنّك تكلّمت بأشياء تحتاج إلى معاودة النظر فيها و أنا أصلح الأمر عند المتوكل ، فلم يزل يخدعه حتى كتب رقعة بما أمره به ، فأدخلها عبيد اللَّه على المتوكل و قال له : قد رجع نجاح عمّا قال البارحة و هذه رقعة موسى و الحسن يتقبّلان بنجاح بما كتبا فتأخذ ما ضمنا عنه ثم تعطف عليهما فتأخذ منهما قريبا ممّا ضمن نجاح لك عنهما .

فسرّ المتوكل و طمع في ما قال له عبيد اللَّه ، فقال إدفعه إليهما فانصرفا به و امرا بأخذ قلنسوته عن رأسه و كانت خزا فوجد البرد و وجّها إلى ابنيه أبي الفرج فاخذ و أبي محمد فهرب و اخذ كاتبه إسحاق القطربلي و اخذ ابن البواب المنقطع إليه فأقر نجاح و ابنه لهما بنحو من مائة و أربعين ألف دينار سوى قيمة قصورهما و فرشهما و مستغلاتهما بسامراء و بغداد ، و سوى

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٧ : ٤١٤ .

٥٧٢

ضياع لهما كثيرة ، فقبض ذلك كلّه و ضرب مرارا بالمقارع نحوا من مائتي مقرعة و غمز و خنق ، و قيل عصر خصيتاه حتى مات و ضرب ابنه و كاتبه و المنقطع إليه نحوا من خمسين خمسين فأقرّ بعضهم بخمسين ألف دينار و بعضهم بأقل ، و أخذ جميع ما في دار نجاح و دار ابنه ، و قبضت دورهما و ضياعهما حيث كانت و أخرجت عيالهما و أخذ بسببه قوم فحبسوا(١) .

هذا ، و في ( نوادر حد الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام في خبر أخذ محرم ثعلبا فجعل يقرب النار في وجهه و جعل الثعلب يصيح و يحدث من استه و جعل أصحابه ينهونه عمّا يصنع ثم أرسله بعد ذلك ، فبينما الرجل نائم إذ جاءته حية فدخلت في فيه فلم تدعه حتى جعل يحدث كما أحدث الثعلب ثم خلّت عنه(٢) .

« و من كابد الأمور » أي : قاسى شدائدها .

« عطب » بالكسر أي : هلك .

« و من اقتحم اللجج غرق » قال الجوهري : قحم في الأمر ، رمى بنفسه فيه من غير رويّة ، و اقتحم النهر ، دخله(٣) .

« و من دخل مداخل السوء اتّهم » و في الخبر : إتّقوا مواضع التّهم(٤) و في ( ١٥٩ ) « من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلو منّ إلاّ من أساء به الظن »(٥) .

« و من كثر كلامه كثر خطاؤه » قهرا .

« و من كثر خطاؤه قلّ حياؤه » اضطرارا .

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٧ : ٢٨٤ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٤ : ٣٩٧ ح ٦ كذلك وسائل الشيعة ٥ : ٨٤ من حديث زيد الشحام .

( ٣ ) الصحاح للجوهري ٥ : ٢٠٠٦ مادة ( قحم ) .

( ٤ ) نظيره في البحار ٧٥ : ٩٠ عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

( ٥ ) بلفظ « وقف نفسه » بحار الأنوار للمجلسي ٧٠ : ٦٠ .

٥٧٣

« و من قلّ حياؤه قلّ ورعه » أيضا قهرا .

« و من قل ورعه مات قلبه » قال تعالى :( و ما أنتَ بمُسمع من في القُبُور ) (١) .

« و من مات قلبه دخل النار » كلامهعليه‌السلام من قوله « و من كثر كلامه » إلى هنا جزء خطبة الوسيلة المروية في تحف العقول(٢) ، كما انه قياس مركب منتج أنّ من كثر كلامه دخل النار .

« و من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه فذلك الأحمق بعينه » و أغلب الناس كذلك ، فعاب عبد الملك بن مروان يزيد بن معاوية بهدم الكعبة و فعل هو مثل فعله و أكثر ، و وصف المنصور عبد الملك بكونه جبارا لغدره بالناس و قتله لهم و سمّى نفسه خليفة مع أنّه فعل مثل فعله(٣) .

« و القناعه مال لا ينفد » ذكره المصنف مستقلا في ( ٥٧ ) و في ( ٤٧٥ ) لكنّه إنّما في ( ابن أبي الحديد )(٤) و اما ( ابن ميثم )(٥) فليس فيه ، و صرّح بأن فقرات العنوان أربع عشرة .

« و من أكثر من ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير » فإنّ الحرص على الدنيا إنّما لطول الأمل و نسيان الموت .

« و من علم ان كلامه من عمله » لأنّه تعالى يقول :( ما يَلفظُ من قولٍ إلاّ

___________________

( ١ ) فاطر : ٢٢ .

( ٢ ) تحف العقول للحراني : ٦١ .

( ٣ ) ذكر ابن الأثير في الكامل ٤ : ٣٥٠ ، و كان عبد الملك ينكر ذلك أيّام يزيد من معاوية ثم أمر به فكان الناس يقولون خذل في دينه .

( ٤ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٩ : ٢٦٤ رقم ( ٣٥٥ ) النصان متصلان .

( ٥ ) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ٥ : ٤١٢ ذكرهما مستقلين ، خلافا لمّا ذكره العلاّمة التستري .

٥٧٤

لديه رقيبٌ عتيد ) (١) .

« قلّ كلامه إلاّ فيما يعنيه » في الخبر ، مرّ أمير المؤمنينعليه‌السلام برجل يتكلّم بفضول الكلام ، فوقف عليه و قال له : يا هذا إنّك تملي على حافظيك كتابا إلى ربّك فتكلّم بما يعنيك(٢) .

و روي أيضا : أنّ آدم لمّا كثر ولده و ولد ولده كانوا يتحدّثون عنده و هو ساكت ، فقالوا : يا أبه مالك لا تتكلّم ؟ فقال : يا بنيّ إنّ اللَّه تعالى لمّا أخرجني من جواره عهد إليّ : أقلّ كلامك ترجع الى جواري(٣) .

و في ( تاريخ بغداد ) : سفيان الثوري عن ام صالح عن صفية بنت شيبة عن ام حبيبة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : كلّ كلام ابن آدم عليه إلاّ أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر أو الصلح بين الناس فقيل : ما أعجب هذا الحديث إمرأة عن امرأة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ما تعجب و هو في كتاب اللَّه تعالى ،( قال عزّ اسمه لا خيرَ في كثيرٍ من نجواهُم إِلاّ من أَمر بصَدَقةٍ أَو معرُوفٍ أَو إصلاحٍ بين النّاس ) (٤) و العصر إنّ الإنسانَ لَفي خسر إلاّ الَّذين آمنوا و عملوا الصالحاتِ و تواصوا بالحقّ و تواصوا بالصَّبر(٥) .

و في ( البيان ) قال رجل : صحبت الربيع بن خيثم سنتين فما كلّمني إلاّ كلمتين ، قال لي مرة « امك حيّة » و اخرى « كم في بني تميم من مسجد »(٦) .

____________________

( ١ ) ق : ١٨ .

( ٢ ) بحار الأنوار للمجلسي ٥ : ٣٢٧ رواية ٢١ و قد ذكر النصّ : يا هذا انك تملي على كاتبيك كتابا إلى ربك فتكلّم بما يعنيك و دع ما لا يعنيك .

( ٣ ) بحار الأنوار ١١ : ١٨ رواية ٣١ .

( ٤ ) النساء : ١١٤ .

( ٥ ) تاريخ بغداد ١٢ : ٣٢١ ، و ذكره البخاري في التاريخ الكبير ١ : ٢٦٢ و المغني للعراقي ١ : ٧٠ ، و الآيات ١ ٣ من سورة العصر .

( ٦ ) البيان و التبيين للجاحظ ٢ : ١٤٦ .

٥٧٥

هذا ، و كأنّه حصل خلط في الفقرات ، و الظاهر أن فقرة : « و من نظر في عيوب الناس » كانت بعد الأولى و فقرة : « و من أكثر من ذكر الموت » بعد « و من رضي » و فقرة « و من علم » بعد « دخل النار » كما لا يخفى .

٧٧ الحكمة ( ٣٥٠ ) و قالعليه‌السلام :

لِلظَّالِمِ مِنَ اَلرِّجَالِ ثَلاَثُ عَلاَمَاتٍ يَظْلِمُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْمَعْصِيَةِ وَ مَنْ دُونَهُ بِالْغَلَبَةِ وَ يُظَاهِرُ اَلْقَوْمَ اَلظَّلَمَةَ أقول : و عن أبي جعفرعليه‌السلام : الظلم ثلاثة : ظلم لا يغفر و هو الشرك ، و ظلم يغفر و هو ظلم الرجل نفسه في ما بينه و بين اللَّه تعالى ، و ظلم لا يدعه و هو المداينة بين العباد(١) .

« و يظاهر القوم الظلمه » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام من أعان ظالما بظلم سلّط اللَّه عليه من يظلمه(٢) .

و عنهعليه‌السلام : العامل بالظلم و المعين له و الراضي به شركاء ثلاثتهم .

و رواه الخصال عن أمير المؤمنينعليه‌السلام (٣) .

____________________

( ١ ) أخرجه الكليني في حديث كعب بن طريف بلفظ مشابه الكافي ٢ : ٣٣١ ح ١ و يبدو ان زيادة و تقيصة حصلت عند نقل الحديث و اللَّه أعلم و الحديث هو : الظلم ثلاثة ، ظلم يغفره اللَّه و ظلم لا يغفره اللَّه ، و ظلم لا يدعه اللَّه ، فأما الظلم الّذي لا يغفره فالشرك و أما الظلم الّذي يغفره فظلم الرجل نفسه فيما بينه و بين اللَّه ، و أما الظلم الذي لا يدعه فالمداينه بين العباد .

( ٢ ) الحديث كما ورد في الكافي ٢ : ٢٣٢ عن عبد الأعلى مولى ال سام عن أبي عبد اللَّهعليه‌السلام : من ظلم سلط اللَّه عليه من يظلمه أو على عقب عقبه .

( ٣ ) الكافي للكليني ٢ : ٣٣٣ ح ١٦ و أيضا بحار الأنوار للمجلسي ٩٢ : ١٧٢ و رواه الصدوق في الخصال ١ : ١٠٧ ح ٧٢ مع تبديل ( و المعين يه ) ب ( و المعين عليه ) .

٥٧٦

٧٨ الحكمة ( ٣٥٢ ) و قالعليه‌السلام لبعض أصحابه :

لاَ تَجْعَلَنَّ أَكْثَرَ شُغُلِكَ بِأَهْلِكَ وَ وَلَدِكَ فَإِنْ يَكُنْ أَهْلُكَ وَ وَلَدُكَ أَوْلِيَاءَ اَللَّهِ فَإِنَّ اَللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَوْلِيَاءَهُ وَ إِنْ يَكُونُوا أَعْدَاءَ اَللَّهِ فَمَا هَمُّكَ وَ شُغُلُكَ بِأَعْدَاءِ اَللَّهِ و من يتَّق اللَّه يَجعَل له مخرَجاً( و يَرزقهُ من حَيث لا يَحتسب ) (١) ( ألا إِنَّ أولياء اللَّه لا خوفٌ عليهم و لا هُم يَحزنون الَّذِينَ آمنوا و كانوا يتّقون لهم البشرى في الحياة الدُّنيا و في الآخرة لا تبديل لكلمات اللَّه ذلكَ هو الفوز العظيم ) (٢) .

« و إن يكونوا أعداء اللَّه فما همّك و شغلك بأعداء اللَّه »( و يومَ يحشر أعداءُ اللَّه إلى النار فهُم يوزَعُون حتى إذا ما جاءوها شَهد عليهم سَمعهُم و أبصارُهم و جلودهم بما كانوا يَعملون ) (٣) الآيات( ذلك جَزاءُ أعداء اللَّه النارُ لهُم فيها دارُ الخُلدِ جَزاءً بما كانُوا بآياتنا يجحدون ) (٤) .

و روى ( الروضة ) أنّ مولى لأمير المؤمنينعليه‌السلام سأله مالا فقالعليه‌السلام يخرج عطائي فأقاسمكه ، فقال : لا أكتفي و خرج إلى معاوية فوصله فكتبعليه‌السلام إليه : أمّا بعد ، فإنّ ما في يدك من المال قد كان له أهل قبلك و هو صائر إلى أهل بعدك ، و انما لك منه ما مهدت لنفسك ، فآثر نفسك على صلاح ولدك ، فإنّما أنت صانع لأحد الرجلين إمّا رجل عمل فيه بطاعة اللَّه فسعد بما شقيت ، و إمّا رجل

____________________

( ١ ) الطلاق : ٢ ٣ .

( ٢ ) يونس : ٦٢ ٦٤ .

( ٣ ) فصلت : ١٩ ٢٠ .

( ٤ ) فصلت : ٢٨ .

٥٧٧

عمل فيه بمعصية اللَّه فشقي بما جمعت له ، و ليس من هذين أحد بأهل أن تؤثره على نفسك ، و ارج لمن مضى رحمة اللَّه و لمن بقي رزق اللَّه(١) .

و في ( البيان ) : باع عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود أرضا بثمانين ألفا ، فقيل له : لو اتخذت من هذا المال لولدك ذخرا فقال : إنّما أجعل هذا المال ذخرا لي عند اللَّه تعالى و أجعل اللَّه تعالى ذخرا لولدي(٢) .

٧٩ الحكمة ( ٣٥٣ ) و قالعليه‌السلام :

أَكْبَرُ اَلْعَيْبِ أَنْ تَعِيبَ مَا فِيكَ مِثْلُهُ أقول : هو نظير قولهعليه‌السلام المتقدم في ( ٧٦ ) « من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه فذلك الأحمق بعينه » .

و في ( كامل المبرد ) كان أبو الهندي قد غلب عليه الشراب على كرم منصبه و شرف اسرته حتى كاد يبطله و كان عجيب الجواب ، جلس إليه رجل مرة يعرف ببرزين المناقير و كان أبوه صلب في خرابة و الخرابة عندهم سرق الابل خاصة فأقبل يعرض لأبي الهندي بالشراب ، فلمّا أكثر عليه قال له أبو الهندي : أحدهم يرى القذاة في عين أخيه و لا يرى الجذع في است أبيه(٣) .

و قال أبو البحتري العنبري :

يمنعني من عيب غيري الذي

اعرفه عندي من العيب

عيبي لهم بالظن منّي لهم

و لست من عيبي في ريب

____________________

( ١ ) الروضة من الكافي للكليني : ٧٢ ح ٢٨ .

( ٢ ) البيان و التبيين للجاحظ ٣ : ١٤٦ .

( ٣ ) الكامل في الأدب للمبرد ٢ : ٧٥٤ ( الطبعة المصرية ) .

٥٧٨

إن كان عيبي غاب عنهم فقد

أحصى ذنوبي عالم الغيب

عيبي الأول في البيت الثاني مصدر و الثاني في الثالث اسم مصدر كالعيب في كلامهعليه‌السلام .

٨٠ الحكمة ( ٣٥٥ ) وَ بَنَى رَجُلٌ مِنْ عُمَّالِهِ

 بِنَاءً فَخْماً فَقَالَ ع أَطْلَعَتِ اَلْوَرِقُ رُءُوسَهَا إِنَّ اَلْبِنَاءَ يَصِفُ لَكَ اَلْغِنَى هكذا في ( الطبعة المصرية )(١) و الصواب : ( ليصف ) كما في ابن أبي الحديد(٢) و ابن ميثم(٣) و النسخة الخطية(٤) « لك الغنى » كما أنّه يصف الباني .

في ( الطبري ) خط خالد بن برمك مدينة المنصور له و أشار بها عليه ، فلمّا احتاج إلى الأنقاض قال له : ما ترى في نقض بناء مدينة إيوان كسرى بالمدائن و حمل نقضه إلى مدينتي هذه ؟ قال : لا أرى ذلك قال : و لم ؟ قال : لأنّه علم من أعلام الإسلام يستدل بها الناظر إليه على أنّه لم يكن ليزال مثل أصحابه عنه بأمر دنيا و انّما هو أمر دين ، و مع هذا فان فيه مصلّى لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام قال : هيهات يا خالد أبيت إلاّ الميل إلى أصحابك العجم ، و أمر أن ينقض القصر الأبيض ، فنقضت ناحية منه و حمل نقضه فنظر في مقدار ما يلزمهم للنقض و الحمل فوجدوا ذلك أكثر من ثمن الجديد لو عمل ، فرفع ذلك إلى المنصور فدعا بخالد و قال له : ما ترى ؟ قال : كنت أرى قبل ان لا تفعل ، فأما إذ فعلت فإنّي أرى الآن أن تهدم حتى تلحق بقواعده لئلاّ يقال : إنّك قد عجزت

____________________

( ١ ) النسخة المصرية ورد النصّ « يصف له الغنى » انظر : ٧٣٩ رقم ( ٣٥٤ ) .

( ٢ ) في نسخة ابن أبي الحديد المحققة ١٩ : ٢٧١ أيضا « يصف لك الغنى » .

( ٣ ) في نسخة ابن ميثم المحققة ٥ : ٤١٦ ورد بلفظ يصف لك الغنى .

( ٤ ) سقط النصّ في النسخة الخطية ( المرعشي ) .

٥٧٩

عن هدمه فأعرض المنصور عن ذلك و أمر أن لا يهدم .

قال موسى بن داود المهندس : حدّثني المأمون بهذا الحديث و قال لي :

إذا بنيت بناء فاجعله ما يعجز عن هدمه ليبقى طلله و رسمه(١) .

هذا ، و في ( الجهشياري ) حكّي أنّ جعفر البرمكي لمّا عزم على الانتقال إلى قصره المعروف بقصر جعفر جمع المنجّمين لاختيار وقت ، فاختاروا له وقتا من الليل ، فخرج إليه و الطرق خالية و الناس ساكنون ، فلمّا سار إلى سوق يحيى رأى رجلا قائما و هو يقول :

يدبّر(٢) بالنّجوم و ليس يدري

و ربّ النجم يفعل ما يريد

فاستوحش و قال : ما أردت ؟ قال : شي‏ء جاء على لساني ، فمضى و قد تنغّص عليه(٣) .

و في الخبر : من جمع مالا من حرام سلّط اللَّه عليه الماء و الطين(٤) .

٨١ الحكمة ( ٣٥٨ ) و قالعليه‌السلام :

أَيُّهَا اَلنَّاسُ لِيَرَكُمُ اَللَّهُ مِنَ اَلنِّعْمَةِ وَجِلِينَ كَمَا يَرَاكُمْ مِنَ اَلنِّقْمَةِ فَرِقِينَ إِنَّهُ مَنْ وُسِّعَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ يَدِهِ فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ اِسْتِدْرَاجاً فَقَدْ أَمِنَ مَخُوفاً وَ مَنْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ يَدِهِ فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ اِخْتِبَاراً فَقَدْ ضَيَّعَ مَأْمُولاً أقول : رواه ( التحف ) و زاد قبله : « أيّها الناس إنّ للَّه في كلّ نعمة حقّا ، فمن

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٦ : ٢٦٤ .

( ٢ ) نسخة التحقيق : تدبّر .

( ٣ ) الجهشياري : ٢١٧ .

( ٤ ) الحديث قال أبي عبد اللَّهعليه‌السلام : من كسب مالا من غير حلّه سلّط اللَّه عليه البناء و الماء و الطين الكافي للكليني ٦ :

٥٣١ رقم ١٢١ .

٥٨٠

أدّاه زاده و من قصّر عنه خاطر بزوال النعمة ، فليركم اللَّه .(١) » .

و حينئذ فليكونوا وجلين من تقصيرهم في شكر النعمة كما ينبغي فيستحقوا سلبها و اخذهم بعقوبة كفرانها .

« انه من وسع عليه في ذات يده فلم ير ذلك استدراجا فقد أمن مخوفا » جعل ( التحف ) هذا الكلام . خبرا مستقلا ، و هو الوجه لأن التوسعة أعمّ من النعمة ، و إذا كانت استدراجا فهي نقمة ، قال تعالى( فَلمّا نَسُوا ما ذُكّرُوا بِه فَتَحنا عَليهم أَبوابَ كُلِّ شي‏ءٍ حَتّى إذا فَرحوا بما اُوتُوا أخذناهُم بَغتةً فإذا هم مُبلِسون ) (٢) ( و الَّذينَ كَذّبُوا بآياتنا سَنَستَدرجُهم مِن حيثُ لا يَعلَمون ) .

( و اُملي لَهُم إِنّ كَيدي متين ) (٣) ( فَذَرني و من يُكَذّب بهذا الحَديث سنَستَدرجُهم من حَيثُ لا يَعلَمُون و اُملي لَهُم إِنَ كَيدي مَتينٌ ) (٤) .

« و من ضيّق عليه فلم ير ذلك اختبارا فقد ضيّع مأمولا » بدل ( التحف ) قوله « فلم ير ذلك اختبارا » بقوله « فلم يظن ان ذلك حسن نظر من اللَّه » و هو المناسب لقوله « فقد ضيّع مأمولا » ، فإنّما المأمول حسن نظره تعالى لعبده لا اختباره له ، و لعلّ اختباره سبب ضلاله .

و أما كون التضييق حسن نظر منه تعالى لعبده ففي ما ناجى موسى كما روى ( الكافي ) يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل : مرحبا بشعار الصالحين ، و إذا رأيت الغنى مقبلا فقل ذنب عجّلت عقوبته(٥) .

و عن الصادقعليه‌السلام : إن اللَّه تعالى ليعتذر إلى عبده المؤمن المحوج في

____________________

( ١ ) تحف العقول : ١٤٢ .

( ٢ ) الأنعام : ٤٤ .

( ٣ ) الأعراف : ١٨٢ ١٨٣ .

( ٤ ) القلم : ٤٤ ٤٥ .

( ٥ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٦٣ ح ١٢ .

٥٨١

الدّنيا كما يعتذر الأخ إلى أخيه ، فيقول : و عزتي و جلالي ما أحوجتك في الدّنيا من هو ان كان بك عليّ فارفع هذا السجف فانظر إلى ما عوّضتك من الدنيا ، فيرفع فيقول ما ضرّني ما منعتني مع ما عوّضتني(١) .

و في خبر آخر : فمن زود أحدكم في دار الدّنيا معروفا فخذوا بيده و ادخلوه الجنة ، و لكلّ عبد منكم مثل ما أعطيت أهل الدّنيا منذ كانت إلى أن انقضت سبعون ضعفا(٢) .

و عنهعليه‌السلام : إنّ فقراء المؤمنين(٣) يتقلّبون في رياض الجنّة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا ، و مثل ذلك كسفينتين مرّ بهما على عاشر فنظر في إحداهما فلم ير شيئا فقال : أسربوها ، و نظر في الاخرى فإذا هي موقرة فقال : إحبسوها(٤) .

و عنهعليه‌السلام : لو لا إلحاح هذه الشيعة على اللَّه في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى ما هو أضيق(٥) .

٨٢ الحكمة ( ٣٦٥ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ وَ اَلاِعْتِبَارُ مُنْذِرٌ نَاصِحٌ وَ كَفَى أَدَباً لِنَفْسِكَ تَجَنُّبُكَ مَا كَرِهْتَهُ لِغَيْرِكَ أقول : كرّر المصنف الفقرة الأخيرة مستقلة في ( ٤١٢ ) سهوا بلفظ

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٦٤ ح ١٨ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٦١ ( ٩ ) ، بحار الأنوار ٧ : ٢٠٠ .

( ٣ ) في بعض النسخ « المسلمين » .

( ٤ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٦٠ ح ١ .

( ٥ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٦٤ ح ١٦ .

٥٨٢

« كفاك أدبا لنفسك اجتنابك ما تكرهه لغيرك » .

« الفكر مرآة صافية » في ( الكافي ) سئل الصادقعليه‌السلام عمّا يروى أنّ تفكّر ساعة خير من قيام ليلة كيف يتفكّر ؟ قال : يمرّ بالخربة أو الدار فيقول : أين ساكنوك ؟ أين بانوك ؟ مالك لا تتكلّمين(١) ؟

« و الاعتبار منذر ناصح »( أَلم تَر أَن اللَّه يُزجي سَحاباً ثم يُؤلّفُ بَينهُ ثُم يَجعَلُه رُكاماً فتَرى الودقَ يَخرُجُ مِن خلاله و يُنَزِّلُ من السّماء من جبال فيها من بردٍ فيُصيب به مَن يشاءُ و يصرفهُ عمّنَ يشاء يَكادُ سَنابرقهِ يذهبُ بالأَبصارِ يُقلِّبُ اللَّه الليلَ و النهارَ إِن في ذلكَ لعبرةً لاُولي الأبصار ) (٢) .

« و كفى أدبا لنفسك تجنّبك ما كرهته من غيرك »( و ما اُريد أن اُخالفكم إلى ما أَنهاكُم عَنهُ ) (٣) .

و مرّ قولهعليه‌السلام « و من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه فذلك الأحمق بعينه » و قولهعليه‌السلام « أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله » .

و قيل كتب بعض الكتّاب إلى بعض الملوك :

تضرب الناس بالمهندة البيض

على غدرهم و تنسى الوفاء(٤)

٨٣ الحكمة ( ٣٧١ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ شَرَفَ أَعْلَى مِنَ اَلْإِسْلاَمِ وَ لاَ عِزَّ أَعَزُّ مِنَ اَلتَّقْوَى وَ لاَ مَعْقِلَ أَحْسَنُ مِنَ اَلْوَرَعِ وَ لاَ شَفِيعَ أَنْجَحُ مِنَ اَلتَّوْبَةِ وَ لاَ كَنْزَ أَغْنَى مِنَ اَلْقَنَاعَةِ وَ لاَ

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ٥٤ أخرجه عن علي بن إبراهيم عن السكوني .

( ٢ ) النور : ٤٦ ٤٤ .

( ٣ ) هود : ٨٨ .

( ٤ )

٥٨٣

مَالَ أَذْهَبُ لِلْفَاقَةِ مِنَ اَلرِّضَى بِالْقُوتِ وَ مَنِ اِقْتَصَرَ عَلَى بُلْغَةِ اَلْكَفَافِ فَقَدِ اِنْتَظَمَ اَلرَّاحَةَ وَ تَبَوَّأَ خَفْضَ اَلدَّعَةِ وَ اَلرَّغْبَةُ مِفْتَاحُ اَلنَّصَبِ وَ مَطِيَّةُ اَلتَّعَبِ وَ اَلْحِرْصُ وَ اَلْكِبْرُ وَ اَلْحَسَدُ دَوَاعٍ إِلَى اَلتَّقَحُّمِ فِي اَلذُّنُوبِ وَ اَلشَّرُّ جَامِعُ مَسَاوِئِ اَلْعُيُوبِ أقول : هذا العنوان جزء خطبة الوسيلة رواها ( روضة الكافي ) « لا شرف أعلى من الإسلام » روى ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى :( صبغَةَ اللَّه وَ مَن أحسنُ من اللَّه صبغَة ) (١) : إنّ الصبغة هي الإسلام(٢) .

و في الخبر : الإسلام يعلو و لا يعلى عليه(٣) .

و عنهعليه‌السلام في مجوسية أسلمت قبل أن يدخل بها زوجها و أبي أن يسلم :

لها عليه نصف الصداق و لم يزدها الإسلام إلاّ عزّا(٤) ، و قال تعالى( اليوم أكملتُ لكُم دينَكُم و أَتمَمتُ عليكم نعمتي و رَضيتُ لكُم الإسلام ديناً ) (٥) ( وَ مَن يَبتَغ غَير الإسلام ديناً فَلن يُقبل منه ) (٦) .

« و لا عز أعز من التقوى »( يا أيُّها الناس إِنّا خلقناكم من ذكرٍ و اُنثى و جَعلناكُم شُعُوباً و قبائِلَ لتعارَفوا إِن أكرمكُم عندَ اللَّه أتقاكم ) (٧) .

« و لا معقل أحسن من الورع »( و مَن يتّق اللَّه يَجعَل لُهُ مَخرَجاً و يَرزُقه من حيثُ لا يَحتَسِبُ ) (٨) .

____________________

( ١ ) البقرة : ١٣٨ .

( ٢ ) روضة الكافي للكليني : ١٨ .

( ٣ ) ٣٩ : ٤٧ رواية ١ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٥ : ٤٣٦ رواية ٦ .

( ٥ ) المائدة : ٣ .

( ٦ ) آل عمران : ٨٥ .

( ٧ ) الحجرات : ١٣ .

( ٨ ) الطلاق : ٢ ٣ .

٥٨٤

« و لا شفيع أنجح من التوبة »( و هو الذي يَقبلُ التوبةَ عن عبادهِ و يعفو عن السيئات ) (١) ( إِن اللَّه يحبُّ التّوابينَ و يُحبُّ المُتَطهرين ) (٢) و قال هود لقومه :

( و يا قوم استغفروا ربَّكُم ثُمَ توبُوا إِليه يُرسِل السَّماءَ عليكم مدراراً و يزدكُم قُوّةً إلى قوتكم ) (٣) ( و أَن استَغفروا ربَّكُم ثم توبوا إليه يُمتِّعكم متاعاً حسناً إِلى أجلٍ مُسمّى و يؤتِ كُلّ ذي فضلٍ فَضلُه ) (٤) .

« و لا كنز أغنى من القناعة » في ( الكافي ) عنهعليه‌السلام من رضي من الدّنيا بما يجزيه كان أيسر ما فيها يكفيه ، و من لم يرض من الدّنيا بما يجزيه لم يكن فيها شي‏ء يكفيه(٥) .

« و لا مال أذهب للفاقة من الرضى بالقوت » في ( الروضة ) بعد هذه الفقرات « و لا لباس أجمل من العافية ، و لا غائبا أقرب من الموت ، أيّها الناس إنّه من مشى على وجه الأرض فإنّه يصير إلى بطنها ، و الليل و النهار مسرعان في هدم الأعمار ، و لكلّ ذي رمق قوت و أنت قوت الموت ، و ان من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد ، و لن ينجو من الموت غني بماله و لا فقير لإقلاله »(٦) .

« و من اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة و تبوّأ خفض الدعة » أي :

السكون و الاستراحة ، من « ودع » بالضم .

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللّهم ارزق محمّدا و آل محمّد الكفاف ، و ارزق من أحبّ

____________________

( ١ ) الشورى : ٢٥ .

( ٢ ) البقرة : ٢٢٢ .

( ٣ ) هود : ٥٢ .

( ٤ ) هود : ٣ .

( ٥ ) الكافي للكليني ٢ : ١٤٠ ح ١١ .

( ٦ ) روضة الكافي للكليني : ١٩ .

٥٨٥

محمدا و آل محمّد العفاف و الكفاف ، و ارزق من أبغضهم المال و الولد(١) .

و عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال تعالى : إنّ من أغبط أوليائي رجلا خفيف الحال ذا حفظ من الصلاة أحسن عبادة ربّه بالغيب ، و كان غامضا في الناس جعل رزقه كفافا فصبر عليه عجلت منيته فقلّ تراثه و قلّت بواكيه(٢) .

« و الرغبة » أي : الحرص .

« مفتاح النصب » جعلعليه‌السلام النصب كقفل مفتاحه الرغبة .

« و مطية التعب » المطية ، المركب ، جعلعليه‌السلام التعب كمقصد لا تصل إليه إلاّ بمطيّة الرغبة .

« و الحرص و الكبر و الحسد دواع إلى التقحم » أي : رمي النفس .

« في الذنوب » الحرص كان داعي آدمعليه‌السلام إلى الشجرة المنهية و الكبر كان داعي إبليس إلى ترك السجود لآدم ، و الحسد كان داعي قابيل إلى قتل أخيه هابيل ، و الكبر أول ذنب أهل السماء ، و الحسد أول ذنب أهل الأرض .

« و الشر جامع مساوي » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٣) و الصواب :

( لمساوي ) كما في ابن أبي الحديد(٤) و ابن ميثم(٥) و النسخة الخطية(٦) .

« العيوب » الحرص و الكبر و الحسد و غيرها من البخل و الجبن و العجب و غيرها ، لكن كون الشر أعم أمر واضح ، و الظاهر وقوع تصحيف ، و كون

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ١٤٠ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٢ : ١٤٠ .

( ٣ )

( ٤ )

( ٥ )

( ٦ ) النسخة المصرية ٧٤٤ رقم ( ٣٧٠ ) مطابقة لنسخة شرح ابن ميثم المنقحة ٥ : ٤٢٥ رقم ٣٥٢ ، و في شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٣٠١ قمم ( ٣٧٧ ) « لمساوي » .

٥٨٦

الشر محرّف البخل ، ففي ( ٣٧٨ ) و قالعليه‌السلام : « البخل جامع لمساوى‏ء العيوب ، و هو زمام يقاد به إلى كلّ سوء » و عليه ففي الثاني تكرار بعض الأول .

٨٤ الحكمة ( ٣٧٦ ) إِنَّ اَلْحَقَّ

ثَقِيلٌ مَرِي‏ءٌ وَ إِنَّ اَلْبَاطِلَ خَفِيفٌ وَبِي‏ءٌ أقول : قالعليه‌السلام : هذا الكلام لعثمان مع زيادة « و أنت رجل إن صدقت سخطت و ان كذبت رضيت » كما رواه ابن أبي الحديد في موضع آخر و نقل مثله عن لقمان و ورد : الحقّ أوسع الأشياء في التواصف و أضيقها في التناصف(١) .

و في ( الكافي ) قيل للصادقعليه‌السلام : يزعمون أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رخّص في أن نقول : « جئناكم جئناكم جيئونا جيئونا نجئكم نجئكم » فقال : كذبوا إنّ اللَّه تعالى يقول :( و ما خلقنا السماءَ و الأرضَ و ما بينَهُما لاَعِبينَ لو أردنا أن نتَّخِذَ لَهواً لاتخذناهُ من لدُنّا إِن كُنّا فاعلين بل نَقذِفُ بالحقِّ عَلى الباطل فَيَدمَغُهُ فإذا هُو زاهِق و لَكُم الوَيل مِمّا تَصِفُون ) (٢) .

و سئل الباقرعليه‌السلام عن الغناء(٣) فقالعليه‌السلام : إذا ميّز اللَّه بين الحق و الباطل فأين يكون الغناء ؟ قال : مع الباطل فقال : قد حكمت و كذلك سئل عن النرد و الشطرنج فأجاب بكونهما مع الباطل إذا ميّز بينه و بين الحق(٤) .

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١١ : ٨٨ .

( ٢ ) الأنبياء : ١٦ ١٨ .

( ٣ )

( ٤ ) الكافي للكليني ٦ : ٤٣٦ ح ٩ .

٥٨٧

٨٥ الحكمة ( ٣٨١ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْكَلاَمُ فِي وَثَاقِكَ مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ فَإِذَا تَكَلَّمْتَ بِهِ صِرْتَ فِي وَثَاقِهِ فَاخْزُنْ لِسَانَكَ كَمَا تَخْزُنُ ذَهَبَكَ وَ وَرِقَكَ فَرُبَّ كَلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةً وَ جَلَبَتْ نِقْمَةً و « صرت وثاقه » في ( الطبعة المصرية )(١) تصحيف ، أي : هو في شدك ابتداء و تصير في شدّه انتهاء .

« فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك و ورقك ، فربّ كلمة سلبت نعمة و جلبت نقمة » فقرة « و جلبت نقمة » ليست في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) و إنّما هي في ( الطبعة المصرية )(٢) .

و في السير : نزل النعمان بن المنذر برابية ، فقال له رجل من أصحابه :

أبيت اللعن لو ذبح رجل على رأس هذه الرابية إلى أين كان يبلغ دمه فقال النعمان : المذبوح و اللَّه أنت و لأنظرن أين يبلغ دمك فذبحه(٣) .

و في ( العيون ) : قال ابن إسحاق : النّسناس خلق باليمن لأحدهم عين و يد و رجل يقفز بها و أهل اليمن يصطادونهم ، فخرج قوم في صيدهم فرأوا ثلاثة منهم ، فأدركوا واحدا منهم فعقروه و ذبحوه و توارى اثنان في الشّجر ، فقال الذي ذبح الأول انّه لسمين ، فقال الثاني انّه أكل ضروا فأخذوه و ذبحوه ، فقال الذي ذبحه ما انفع الصمت فقال الثالث فها أنا الصمت فأخذوه و ذبحوه(٤) .

____________________

( ١ ) صححت في الطبعة الثانية المنقحة : ٧٤٨ رقم ( ٣٨١ ) .

( ٢ ) النسخة المصرية : ٧٤٨ و شرح ابن ميثم ٥ : ٤٣٣ متطابقان و الحذف في شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٣٢٢ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٩٢ .

( ٤ ) العيون ٢ : ١٧٦ و ذكره الدميري .

٥٨٨

و في ( الأغاني ) : صلب الحجّاج رجلا من الشّراة بالبصرة و راح عشيّا لينظر إليه ، فإذا برجل بازائه مقبل بوجهه عليه ، فدنا منه فسمعه يقول للمصلوب « طال ما ركبت فأعقب »(١) فقال الحجّاج : من هذا ؟ فقالوا : شظاظ اللص قال : لا جرم و اللَّه ليعقبنّك ، ثم وقف و أمر بالمصلوب فأنزل و صلب شظاظا مكانه(٢) .

٨٦ الحكمة ( ٣٨٤ ) و قالعليه‌السلام :

اَلرُّكُونُ إِلَى اَلدُّنْيَا مَعَ مَا تُعَايِنُ جَهْلٌ وَ اَلتَّقْصِيرُ فِي حُسْنِ اَلْعَمَلِ إِذَا وَثِقْتَ بِالثَّوَابِ عَلَيْهِ غَبْنٌ وَ اَلطُّمَأْنِينَةُ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ قَبْلَ اَلاِخْتِبَارِ لَهُ عَجْزٌ في ( الجهشياري ) قيل لعتابة أمّ جعفر بن يحيى بعد نكبتهم و هي بالكوفة في يوم أضحى ما أعجب ما رأيت ؟ فقالت : لقد رأيتني في مثل هذا اليوم و على رأسي مائة و صيفة لبوس كلّ واحدة منهنّ و حليها خلاف لبوس الاخرى و حليها ، و أنا يومي هذا اشتهي لحما فما أقدر عليه(٣) .

و في ( المروج ) : لمّا دخل عمرو بن ليث إلى بغداد من المصلّى العتيق رافعا يديه يدعو و هو على جمل فالح و هو ذو السنامين و كان أنفذه إلى المعتضد في هدايا تقدّمت له قبل أسره قال ابن فهم :

ألم تر هذا الدهر كيف صروفه

يكون عسيرا مرّة و يسيرا

____________________

( ١ ) معناه : اترك عقبك و من يخلفك .

( ٢ ) الأغاني ٢٢ : ٣٠٠ نقله عن أبي ميثم .

( ٣ ) الجهشياري ، الوزراء و الكتّاب : ٢٤١ .

٥٨٩

و حسبك بالصفّار نبلا و عزّة

يروح و يغدو في الجيوش أميرا

حباهم جمالا و هو لم يدر أنّه

على جمل منها يقاد أسيرا

و قال ابن بسام :

أيّها المغتر بالدنيا

أما أبصرت عمرا

مقبلا قد أركب الفالح

بعد الملك قهرا

و عليه برنس السّخطة

إذلالا و قهرا

رافعا كفّيه يدعو اللّه

إسرارا و جهرا

أن ينجّيه من القت

ل و ان يعمل صفرا(١)

و في ( المعجم ) : كان أبو الفتح بن العميد قد دبّر على الصاحب بن عبّاد حتّى أزاله عن كتابة مؤيّد الدولة و أبعده عن حضرته بالريّ إلى اصفهان ، و انفرد هو بتدبير الأمور له كما كان يدبّرها لأبيه ركن الدولة ، و استدعى يوما ندماءه و عبأ لهم مجلسا عظيما و أظهر من الزينة و آلات الذهب و الفضة و الصيني و ما شاكله ما يفوت الحصر ، و شرب و استفزّه الطرب و كان قد شرب يومه و ليلته و عمل شعرا غني به :

دعوت المنى و دعوت العلا

فلمّا أجابا دعوت القدح

و شرب عليه إلى أن سكر و قال لغلمانه : غطوا المجلس و لا تسقطوا منه شيئا لأصطبح في غد عليه ، و قال لندمائه : باكروني ، و قام إلى بيت منامه و انصرف عنه الندماء ، فدعاه مؤيّد الدولة في السحر فلم يشك أنّه لمهم فقبض عليه و أنفذ إلى داره من استولى على جميع ما فيها و أعاد ابن عبّاد إلى وزارته و تطاول بابن العميد النكبة حتى مات فيها(٢) .

____________________

( ١ )

( ٢ ) الحموي ، معجم الأدباء ٦ : ٢٥١ .

٥٩٠

و لبعضهم في الفضل بن مروان وزير المعتصم و كان قبله الفضل بن يحيى البرمكي و الفضل بن الربيع الحاجب وزيري الرشيد و الفضل بن سهل وزير المأمون :

تجبرت(١) يا فضل بن مروان فاعتبر

فقبلك كان الفضل و الفضل و الفضل

ثلاثة أملاك مضوا لسبيلهم

أبادهم الموت المشتت و القتل

فإنّك قد أصبحت في النّاس ظالما

ستودي كما أودى الثلاثة من قبل(٢)

« و التقصير في حسن العمل إذا وثقت بالثواب عليه غبن » فقد قال تعالى :

( مَثَلُ الذين يُنفقونَ أَموالَهم في سَبيل اللَّه كَمَثَلِ حَبةٍ أنبتت سَبعَ سنابِلَ في كلّ سُنبلةٍ مائة حبّةٍ و اللَّه يُضاعف لِمن يشاء ) (٣) و قال تعالى :( تتجافى جُنوبهم عن المضاجِع يدعون رَبّهم خوفاً و طمعاً و ممّا رزقناهم يُنفقون فلا تَعلَمُ نَفسٌ ما اُخفي لَهُم مِن قُرّةِ أَعيُنٍ جَزاءً بما كانوا يَعمَلون ) (٤) فإذا كان واثقا بذلك و قصر كان مغبونا ألبتّة .

« و الطمأنينة إلى كلّ أحد قبل الاختبار له عجز » فليس كلّ أحد صادقا .

٨٧ الحكمة ( ٣٨٦ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ طَلَبَ شَيْئاً نَالَهُ أَوْ بَعْضَهُ قيل : هو نظير قولهم : « من طلب شيئا وجدّ وجد »(٥) و قولهم « من قرع

____________________

( ١ ) عند ابن خلفكان بلفظ « تفرعنت » .

( ٢ ) ابن خلكان ٤ : ٤٥ .

( ٣ ) البقرة : ٢٦١ .

( ٤ ) السجدة : ١٦ ١٧ .

( ٥ ) المثل بلفظ من طلب شيئا وجده ٢ : ٣٥٧ ، مجمع الأمثال للميداني .

٥٩١

قرع بابا و لجّ ولج » و قال تعالى( و الَّذين جاهدوا فينا لنَهديَّنهم سُبُلنا ) .(١) .

و في ( الأمثال ) : إن عامر بن الطرف لمّا كبر قال له قومه : إجعل لنا قائدا بعدك ، فقال : من طلب شيئا وجده و ان لم يجده يوشك أن يوقع قريبا منه(٢) .

٨٨ الحكمة ( ٣٩٢ ) و قالعليه‌السلام :

تَكَلَّمُوا تُعْرَفُوا فَإِنَّ اَلْمَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ أقول : الفقرة الثانية تكرار من المصنف لعنوانه ( ١٤٨ ) « المرء مخبوء تحت لسانه » .

و كيف كان فمرّ في الديباجة قول الشعبي إنّهعليه‌السلام تكلّم بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالا فقأن عيون البلاغة و أيتمن جواهر الحكمة و قطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهن ، ثلاث منهن في المناجاة و ثلاث منهن في الحكمة إلى أن قال و أمّا اللاتي في الحكمة فقال : قيمة كلّ امرى‏ء ما يحسنه ، و ما هلك امرؤ عرف قدره ، و المرء مخبوّ تحت لسانه(٣) .

هذا ، و قد غيّروا كلامهعليه‌السلام « المرء مخبوّ تحت لسانه » فقالوا « المرء مخبو تحت طي لسانه لا طيلسانه » .

« تكلموا تعرفوا » قال تعالى :( فلمّا كَلَّمهُ قال إنَّكَ اليوم لدينا

___________________

( ١ ) العنكبوت : ٦٩ .

( ٢ ) الأمثال ، ذكره الميداني في ٢ : ١٨٣ .

( ٣ ) الصدوق ، الخصال : ٤٢٠ ح ١٤ ، و ذكره المؤلف في صفحة ٥٧ من الجزء الأول .

٥٩٢

مَكينٌ أَمين ) (١) .

و في ( تاريخ بغداد ) : دخل عبد العزيز بن يحيى المكي و كانت خلقته شنعة على المأمون و عنده المعتصم ، فضحك منه فأقبل على المأمون و قال :

لم ضحك هذا ؟ لم يصطف اللَّه يوسف لجماله و إنّما اصطفاه لدينه و بيانه ، و لم يقل الملك لمّا رأى جماله إنّك اليوم لدينا مكين أمين بل لمّا كلّمه ، بياني أحسن من وجه هذا فأعجب المأمون قوله(٢) .

و في ( العيون ) عن ربيعة الرأي : الساكت بين النائم و الأخرس و ذكروا أفضلية الكلام و الصمت فقال أبو مسهّر : كلاّ إنّ النجم ليس كالقمر ، إنّك تصف الصمت بالكلام و لا تصف الكلام بالصمت و قال يونس : ليس لعييّ مروّة ، و لا لمنقوص البيان بهاء و لو بلغ يافوخه أعنان السماء(٣) .

و في ( تاريخ بغداد ) : قال ابن عمّار : كنت إذا نظرت إلى يحيى بن سعيد القطان ظننت انّه رجل لا يحسن شيئا فإذا تكلّم أنصت له الفقهاء(٤) .

و في ( الطبري ) في قدوم الحجّاج الكوفة و صعوده المنبر فطال سكوته فتناول محمد بن عمير حصى أراد أن يحصبه بها و قال : قاتله اللَّه ما أعياه و اللَّه إنّي لأحسب خبره كروائه ، فلمّا تكلّم الحجّاج جعل الحصى ينتثر من يده و لا يعقل به(٥) .

و في ( البلاذري ) : سعى عبد اللَّه بن الأهتم خليفة قتيبة على مرو بقتيبة إلى الحجّاج ، فأرسل الحجّاج كتابه إلى قتيبة فأحس بالشرّ ، فهرب إلى الشام

____________________

( ١ ) يوسف : ٥٤ .

( ٢ ) تاريخ بغداد ، ١٠ : ٤٥٠ في ترجمة عبد الزيز بن يحيى .

( ٣ ) ابن قتيبة ، عيون الأخبار ٢ : ١٧٥ .

( ٤ ) تاريخ بغداد ١٤ : ١٤٠ في ترجمة يحيى بن سعيد ( رقم ٧٤٦١ ) .

( ٥ )

٥٩٣

و وضع قطنة على احدى عينيه ثم عصبها و اكتنى بأبي قطنة ، و كان يبيع الزيت حتى إذا هلك الوليد و قام سليمان ألقى عنه ذاك الدنس و قام بخطبة تهنئة لسليمان و وقوعا في الحجّاج و قتيبة و كانا خلعا سليمان فتفرّق الناس و هم يقولون أبو قطنة الزيّات أبلغ الناس(١) .

هذا ، و عنهعليه‌السلام : اللسان معيار أطاشه الجهل و أرجحه العقل(٢) .

و روي أنّهعليه‌السلام سئل أيّ شي‏ء أحسن ؟ فقال : الكلام فقال : أيّ شي‏ء أقبح ؟ فقال : الكلام ثم قال : بالكلام ابيضّت الوجوه و بالكلام اسودّت الوجوه(٣) .

« المرء مخبوء تحت لسانه » و قال شاعر :

و النّار في أحجارها مخبوءة

ليست ترى إن لم يثرها الازند

و في ( العيون ) ذكر أعرابي رجلا فقال : رأيت عورات الناس بين أرجلهم و عورة فلان بين فكّيه(٤) .

و عاب آخر رجلا فقال : ذاك من يتامى المجلس ، أبلغ ما يكون في نفسه و أعيى ما يكون عند جلسائه(٥) .

و في ( تاريخ بغداد ) : كان رجل يجلس إلى أبي يوسف فيطيل الصمت ، فقال له : ألا تتكلّم ؟ فقال : بلى متى يفطر الصائم قال : إذا غابت الشمس قال :

فإن لم تغب إلى نصف الليل ، فضحك أبو يوسف و قال : أصبت في صمتك و أخطأت أنا في استدعاء نطقك ، ثم تمثّل :

____________________

( ١ ) البلاذري ، فتوح البلدان : ٥٩٧ ٧٩٨ .

( ٢ ) تحف العقول : ١٤٧ .

( ٣ ) تحف العقول : ١٥٤ ، و بحار الأنوار ٧٨ : ٥٥ .

( ٤ )

( ٥ )

٥٩٤

عجبت لأزراء العييّ بنفسه

و صمت الذي قد كان للقول أعلما

و في الصمت ستر للعييّ و إنّما

صحيفة لب المرء أن يتكلما(١)

و في ( كامل المبرد ) : إنّ الحجّاج بعث برأس ابن الأشعث بعد ظفره به مع عرّار بن عمرو بن شاس الأسدي و كان أسود دميما إلى عبد الملك فلمّا ورد به عليه جعل عبد الملك لا يسأل عن شي‏ء من أمر الوقيعة إلاّ أنبأه به عرّار في أصح لفظ و أشبع قول و أجزأ اختصار و كان عبد الملك اقتحمه عينه حيث رآه فقال متمثلا :

أرادت عرارا بالهوان و من يرد

لعمري عرارا بالهوان فقد ظلم

و إنّ عرارا إن يكن غير واضح

فإنّي احبّ الجون ذا المنكب العمم

فقال له عرّار : أتعرفني أيها الخليفة ؟ قال : لا قال : فأنا و اللَّه عرّار فزاد في سروره و زاد في جائزته(٢) .

و في ( الخلفاء ) : لمّا بنى الحجّاج خضراء واسط قال لجلسائه : كيف ترون هذه القبة ؟ قالوا : ما رأينا مثلها قال : و لها عيب ما هو ؟ قالوا : ما نرى قال :

سأبعث إلى من يخبرني ، فبعث إلى الغضبان الشيباني و كان في سجنه لأنّه كان قال لابن الأشعث تغدّ بالحجّاج قبل أن يتعشاك فأقبل به و هو يرسف في القيود فقال له : كيف قبتي هذه ؟ قال : نعمت حسنة مستوية قال : أخبرني بعيبها قال : بنيتها في غير بلدك لا يسكنها ولدك قال : صدق ردوه إلى السجن .

فقال : قد أكلني الحديد و أوهن ساقي القيود فما اطيق المشي قال : احملوه ، فلمّا حمل على الأيدي قال :( سُبحان الذي سَخّرَ لنا هذا و ما كُنا لهُ مُقرنين ) (٣) قال :

____________________

( ١ )

( ٢ ) كامل المبرد ١ : ١٦٠ .

( ٣ ) الزخرف : ١٣ .

٥٩٥

أنزلوه فقال :( ربّ أَنزلني مُنزلاً مُباركاً و أنتَ خَيرُ المُنزِلينَ ) (١) قال : جرّوه .

فقال و هو يجر( بسم اللَّه مجراها و مُرساها إنّ ربّي لغفورٌ رحيم ) (٢) قال :

اضربوا به الأرض فقال :( منها خلقناكم و فيها نُعيدُكم و منها نُخرجكم تارة اُخرى ) (٣) فضحك الحجّاج حتى استلقى على قفاه ثم قال : و يحكم قد غلبني هذا الخبيث ، أطلقوه إلى صفحي عنه فقال الغضبان :( فاصفح عنهُم و قُل سلام ) (٤) فنجا من شرّه بلسانه(٥) و كان قال له لأقطعن يديك و رجليك و لأضربن بلسانك عينيك(٦) .

و في ( البيان ) : خرج صعصعة(٧) إلى مكة ، فلقيه رجل فقال : يا عبد اللَّه كيف تركت الأرض قال : عريضة أريضة(٨) قال : إنّما عنيت السماء قال : فوق البشر و مد البصر قال : سبحان اللَّه إنّما أردت السحاب قال : تحت الخضراء و فوق الغبراء قال : إنّما أعني المطر قال : قد عفّي الأثر و ملأ القتر(٩) و بلّ الوبر و مطرنا أحيا المطر قال : إنسيّ أنت أم جني ؟ قال : بل إنسي من امّة رجل مهديّ(١٠) .

و في ( شعراء ابن قتيبة ) : كان الحارث بن حلزة اليشكري ارتجل بين

____________________

( ١ ) المؤمنون : ٢٩ .

( ٢ ) هود : ٤١ .

( ٣ ) طه : ٥٥ .

( ٤ ) الزخرف : ٨٩ .

( ٥ )

( ٦ ) ابن قتيبة ، الامامة و السياسة : ٣٦ و هو المعروف بتاريخ الخلفاء .

( ٧ )

( ٨ )

( ٩ )

( ١٠ )

٥٩٦

يدي عمرو بن هند في شي‏ء كان بين بكر و تغلب بعد الصلح قصيدته « آذنتنا ببنيها اسماء » و كان ينشده من وراء سبع ستور ، فأمر برفع الستور عنه استحسانا لها(١) .

و نظر النعمان بن المنذر إلى ضمرة بن ضمرة ، فلمّا رأى دمامته قال :

تسمع بالمعيدي لا أن تراه فقال ضمرة : إنّ الرجال لا تكال بالقفزان ، و إنّما المرء بأصغريه لسانه و قلبه(٢) .

و في ( المعجم ) قال خلف الأحمر : كنت أسمع ببشار بسرعة جوابه و جودة شعره ، فأنشدوني شيئا من شعره لم أحمده فقلت : لآتينّه و لاطأطأنّ منه ، فأتيته و هو جالس على باب بيته ، فرأيته أعمى قبيح المنظر عظيم الجثّة ، فقلت : لعن اللَّه من يبالي بهذا ، إذ جاء رجل فقال : إنّ فلانا سبّك عند الأمير و جاء قوم فسلّموا عليه فلم يردد عليهم فجعلوا ينظرون إليه و قد ورمت أوداجه فلم يلبث أن أنشدنا بأعلى صوته :

نبّئت نائك امّه يغتابني

عند الأمير و هل عليّ أمير

فارتعدت فرائصي و عظم في عيني فقلت : الحمد للَّه الذي أبعدني من شرّك(٣) .

و همّ الفرزدق بهجاء عبد القيس فأرسل إليه زياد الأعجم :

فما ترك الهاجون لي إن هجوته مصحّا أراه في أديم الفرزدق .

فقال الفرزدق : مالي إلى هجاء هؤلاء سبيل ما عاش هذا العبد(٤) .

و في ( العيون ) : قال عبد الملك بن عمير : قدم علينا الأحنف الكوفة مع

____________________

( ١ ) ابن قتيبة ، الشعر و الشعراء : ٥٣ .

( ٢ ) الأمثال ، الميداني ١ : ٨٦ .

( ٣ )

( ٤ )

٥٩٧

مصعب بن الزبير ، فما رأيت خصلة تذم إلاّ و رأيتها فيه ، كان أصغر(١) الرأس متراكب الأسنان في خدّه ميل(٢) مائل الذّقن ناتى‏ء الوجه ، غائر العين خفيف العارض أحنف الرّجل ، و لكنّه إذا تكلّم جلّى عن نفسه(٣) و قال الشاعر :

و ما حسن الرجال لهم بحسن

إذا لم يسعد الحسن البيان

كفى بالمرء عيبا أن تراه

له وجه و ليس له بيان

و في ( الطبقات ) في وفد عبد القيس قال لهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أيّكم عبد اللَّه الأشجّ ؟ فقال أحدهم : أنا و كان رجلا دميما فنظر إليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : لا يستسقى في مسوك الرجال ، و إنّما يحتاج من الرجل إلى أصغريه لسانه و قلبه(٤) و في ( العقد ) :

و ما المرء إلاّ الأصغران لسانه

و معقوله و الجسم خلق مصوّر

فإن تر منه ما يروق فربّما

أمرّ مذاق العود و العود أخضر(٥)

و قال زهير :

و كائن ترى من معجب لك صامت

زيادته أو نقصه في التّكلم

لسان الفتى نصف و نصف فؤاده

فلم يبق الا صورة اللحم و الدم(٦)

هذا ، و في أخبار حكماء القفطي : كان في مصر يهوديّ يرتزق بصناعة مداواة الجراح في غاية الخمول ، فاتفق أن عرض لرجل الحاكم عقر زمن عجز أطباؤه الخواص عنه ، فأحضر له الرجل فطرح عليه دواء يابسا فنشفه و شفاه

____________________

( ١ ) نسخة التحقيق صعل : صغير .

( ٢ )

( ٣ ) العيون ، ابن قتيبة ٤ : ٣٥ .

( ٤ ) الطبقات ١ : ٣١٤ .

( ٥ )

( ٦ ) ابن عبد ربه ، العقد الفريد ٤ : ١٧٩ .

٥٩٨

في ثلاثة أيام ، فأطلق له ألف دينار و خلع عليه و لقبه بالحقير النافع و جعله من أطبائه الخواصّ(١) .

٨٩ الحكمة ( ٣٩٤ ) و قالعليه‌السلام :

رُبَّ قَوْلٍ أَنْفَذُ مِنْ صَوْلٍ في ( الأغاني ) : وفد أبو براء ملاعب الأسنة و إخوته طفيل و معاوية و عبيدة بنو مالك بن جعفر بن كلاب و معهم لبيد بن ربيعة بن مالك و هو غلام على النعمان بن المنذر ، فوجدوا عنده الربيع بن زياد العبسي و كان ينادم النعمان فاذا خلا به يطعن في الجعفريين ، فرأوا من الملك جفاء و قد كان يكرمهم قبل ذلك فخرجوا من عنده غضابا و لبيد في رحالهم يحفظ أمتعتهم فألفاهم الليلة يتذاكرون أمر الربيع فسألهم فكتموه ، فقال : و اللَّه لا أحفظ لكم متاعا أو تخبروني و كانت أم لبيد امرأة من عبس فقالوا : خالك قد غلبنا على الملك فقال لهم : هل تقدرون على أن تجمعوا بيني و بينه فأزجره عنكم بقول ممضّ ثم لا يلتفت النعمان إليه أبدا إلى أن قال : ثم غدوا به معهم على النعمان فوجدوه يتغدّى و معه الربيع و هما يأكلان ليس معه غيره ، فلمّا فرغ أذن لهم فذكروا له حاجتهم ، فاعترض الربيع في كلامهم ، فقام لبيد و قال :

يا ربّ هيجا هي خير من دعه

أكلّ يوم هامتي مقرّعة

يخبرك عن هذا خبير فاسمعه

مهلا أبيت اللّعن لا تأكل معه

إنّ استه من برص ملمّعه

و إنّه يدخل فيها إصبعه

____________________

( ١ ) أخبار الحكماء ، القطفي : ١٢٢ .

٥٩٩

يدخلها حتى يواري أشجعه

كأنّما يطلب شيئا ضيّعه(١)

فلمّا فرغ التفت النعمان إلى الربيع شزرا يرمقه قال : لا و اللَّه لقد كذب عليّ ، و انصرف إلى منزله و كتب إلى النعمان : إنّي قد تخوّفت أن يكون قد وقر في صدرك ما قاله لبيد ، و لست برائم حتى تبعث من يجرّدني فيعلم من حضرك أنّي لست كما قال ، فأرسل النعمان إليه : إنّك لست بانتفائك ممّا قال لبيد شيئا و لا قادرا على ما زلّت به الألسن و كتب إليه :

شرّد برحلك عنّي حيث شئت و لا

تكثر عليّ و دع عنك الأباطيلا

فقد ذكرت به و الركب حامله

وردا يعلّل أهل الشام و النّيلا

فما انتفاؤك منه بعد ما جزعت

هوج المطيّ به إبراق شمليلا(٢)

قد قيل ذلك إن حقا و إن كذبا

فما اعتذارك من شي‏ء إذا قيلا(٣)

و في ( العيون ) : اسر معاوية يوم صفّين رجلا من أصحاب عليعليه‌السلام ، فلمّا اقيم بين يديه قال : الحمد للَّه الذي أمكن منك قال : لا تقل ذلك ، فإنّها مصيبة .

قال : و أيّة نعمة أعظم من أن يكون اللَّه أظفرني برجل قتل في ساعة واحدة جماعة من أصحابي اضربا عنقه فقال : اللّهم اشهد ان معاوية لم يقتلني فيك و لا لأنّك ترضى قتلي و لكن قتلني في الغلبة على حطام الدّنيا ، فإن فعل فافعل به ما هو أهله و إن لم يفعل فافعل به ما أنت أهله فقال له معاوية : قاتلك اللَّه لقد سببت فأوجعت في السبّ و دعوت فأبلغت في الدّعاء ، خلّيا سبيله(٤) .

و كان قول الفرزدق و علم قومه أكل الخبيص و قول أبي العتاهية « وضع سيفك خلخالا » في هجو الفزاري و ابن معن أنفذ من صول .

____________________

( ١ )

( ٢ ) شمليل : بلد .

( ٣ ) الاصفهاني ، الأغاني ١٧ : ١٨٧ ، و قد مرّ ذكر هذه الحكاية في الصفحات السابقة .

( ٤ ) العيون ١ : ٩٩ .

٦٠٠

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639