وسائل الشيعة الجزء ٢

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 566

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 566 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 376261 / تحميل: 7672
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

جاءت بخيلائها وفخرها يكذّبون رسولك، أللَّهمّ إنّي أسألك ما وعدتني. فأتاه جبرئيل وقال له: خذ قبضة من تراب فارمهم بها. فلمّا التقى الجمعان قال لعليّعليه‌السلام : أعطني قبضة من حصباء الوادي، فأعطاه فرمى بها في وجوههم، وقال: شاهت الوجوه. فلم يبق مشرك إلّا شغل بعينيه فانهزموا، وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم.

ثمّ لـمّا انصرفوا أقبلوا على التفاخر، فيقول الرجل: قتلت وأسرت، فنزلت:( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ) الفاء جواب شرط محذوف، تقديره: إن افتخرتم بقتلهم فأنتم لم تقتلوهم بقوّتكم( وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ ) بإنزال الملائكة وإلقاء الرعب في قلوبهم.

( وَما رَمَيْتَ ) يا محمّد رمية توصلها إلى أحداقهم، ولم تقدر عليه( إِذْ رَمَيْتَ ) أي: أتيت بصورة الرمي( وَلكِنَّ اللهَ رَمى ) أتى بما هو غاية الرمي، فأوصلها إلى أعينهم جميعا حتّى انهزموا، وتمكّنت من قطع دابرهم. وهذا من عجائب المعجزات. واللفظ كما يطلق على المسمّى، يطلق على ما هو كماله والمقصود منه.

وقيل: معناه: ما رميت بالرعب إذ رميت بالحصباء، ولكنّ الله رمى بالرعب في قلوبهم.

وقيل: إنّه نزل في طعنة طعن بها أبيّ بن خلف يوم أحد ولم يخرج منه دم، فجعل يخور حتّى مات. أو في رمية سهم رماه يوم خيبر نحو الحصن فأصاب كنانة بن أبي الحقيق على فراشه. وأكثر المفسّرين على القول الأوّل.

وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي: ولكن بالتخفيف ورفع ما بعده في الموضعين.

( وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً ) ولينعم عليهم نعمة عظيمة من ذلك النصر والغنيمة ومشاهدة الآيات، أو من عنده تعالى.( إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ ) لاستغاثتهم

٢١

ودعائهم( عَلِيمٌ ) بنيّاتهم وأحوالهم.

( ذلِكُمْ ) إشارة إلى البلاء الحسن، أو القتل، أو الرمي. ومحلّه الرفع، أي: الغرض أو الأمر ذلكم. وو قوله:( وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ ) معطوف عليه، أي: المقصود إبلاء المؤمنين، وتوهين كيد الكافرين، وإبطال حيلهم.

وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: موهّن بالتشديد، وحفص: موهن كيد بالإضافة والتخفيف.

( إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٢١) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) )

ثمّ خاطب أهل مكّة على سبيل التهكّم بقوله:( إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ ) وذلك أنّهم حين أرادوا الخروج تعلّقوا بأستار الكعبة وقالوا: أللَّهمّ انصر أعلى الجندين، وأهدى الفئتين، وأكرم الحزبين. وبرواية أخرى: أللَّهمّ انصر أقرانا للضيف، وأوصلنا للرحم، وأفكّنا للعاني، إن كان محمّد على حقّ فانصره، وإن كنّا على حقّ فانصرنا.

٢٢

وروي أنّ أبا جهل قال يوم بدر: أللَّهمّ أيّنا كان أهجر وأقطع للرحم فأحنه اليوم، أي: فأهلكه.

( وَإِنْ تَنْتَهُوا ) عن الكفر ومعاداة الرسول( فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) لتضمّنه سلامة الدارين وخير المنزلتين. وقيل:( إِنْ تَسْتَفْتِحُوا ) خطاب للمؤمنين، و( إِنْ تَنْتَهُوا ) للكافرين.( وَإِنْ تَعُودُوا ) لمحاربته( نَعُدْ ) لنصره( وَلَنْ تُغْنِيَ ) ولن تدفع( عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ ) جماعتكم( شَيْئاً ) من الإغناء أو المضارّ( وَلَوْ كَثُرَتْ ) فئتكم( وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ) بالنصر والمعونة.

وقرأ نافع وابن عامر وحفص: وأنّ بالفتح، على تقدير: ولأنّ الله مع المؤمنين كان ذلك.

وقيل: الآية خطاب للمؤمنين. والمعنى: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر، وإن تنتهوا عن التكاسل في القتال والرغبة عمّا يستأثره الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو خير لكم، وإن تعودوا إليه نعد عليكم بالإنكار أو تهييج العدوّ، ولن تغني حينئذ كثرتكم إذا لم يكن الله معكم بالنصر، فإنّ الله مع الكاملين في إيمانهم.

ويؤيّد ذلك أمر الله سبحانه المؤمنين بالطاعة الّتي هي سبب النصرة، ونهيهم عن التولّي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد تلك الآية، بقوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ ) أي: لا تتولّوا عن الرسول، فإنّ المراد بالآية الأمر بطاعته والنهي عن الإعراض عنه. وذكر طاعة الله للتوطئة والتنبيه على أنّ طاعة الله تعالى في طاعة الرسول، لقوله:( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) (١) .

وقيل: الضمير للجهاد، أو للأمر الّذي دلّ عليه الطاعة.

__________________

(١) النساء: ٨٠.

٢٣

( وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ) القرآن والمواعظ سماع فهم وتصديق.

( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا ) كالكفرة أو المنافقين الذين ادّعوا السماع( وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ) سماعا ينتفعون به، لأنّهم ليسوا بمصدّقين، فكأنّهم لا يسمعون رأسا.

والمعنى: أنّكم تصدّقون بالقرآن والنبوّة، فإذا تولّيتم عن طاعة الرسول في بعض الأمور ـ من قسمة الغنائم وغيرها ـ كان تصديقكم كلا تصديق، وأشبه سماعكم سماع من لا يؤمن به.

ثمّ قال ذمّا للمعرضين عن أمر الله ورسوله:( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ ) أي: شرّ ما يدبّ على الأرض، أو شرّ البهائم( الصُّمُ ) عن سماع الحقّ( الْبُكْمُ ) عن قراءته( الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ) شيئا منه. عدّهم من البهائم أوّلا ثمّ جعلهم شرّها، لإبطالهم ما ميّزوا به وفضّلوا لأجله، وهو العقل.

( وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ ) في هؤلاء الصمّ البكم( خَيْراً ) انتفاعا باللطف( لَأَسْمَعَهُمْ ) للطف بهم حتّى يسمعوا سماع المصدّقين( وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ ) أي: ولو لطف بهم وقد علم أن لا خير فيهم( لَتَوَلَّوْا ) عنه ولم ينتفعوا به. أو ولو لطف بهم فصدّقوا لارتدّوا بعد التصديق والقبول، وكذّبوا فلم يستقيموا( وَهُمْ مُعْرِضُونَ ) لعنادهم. وفي هذا دلالة على أنّه سبحانه لا يمنع أحدا اللطف، إذا علم أنّه ينتفع به.

وقال الباقرعليه‌السلام : «بنو عبد الدار لم يسلم منهم غير مصعب بن عمير وسويد بن حرملة». وكانوا يقولون: نحن صمّ بكم عمّا جاء به محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد قتلوا جميعا بأحد، وكانوا أصحاب اللواء.

وقيل: قالوا للنبيّ: أحي لنا قصيّا، فإنّه كان شيخا مباركا حتّى يشهد لك فنؤمن بك. فالمعنى: لأسمعهم كلام قصيّ.

وعن ابن جريج: هم المنافقون. وعن الحسن: هم أهل الكتاب.

٢٤

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٥) )

ثمّ أمر سبحانه عباده بطاعة رسوله، فقال:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ) بالطاعة والامتثال( إِذا دَعاكُمْ ) وحّد الضمير فيه لـما سبق، ولأنّ دعوة الله تسمع من الرسول( لِما يُحْيِيكُمْ ) من العلوم الدينيّة والأحكام الشرعيّة، فإنّها حياة القلب، والجهل موته، قال :

لا تعجبنّ الجهول حلّته

فذاك ميت وثوبه كفن

أو ممّا يورثكم الحياة الأبديّة في النعيم الدائم، من العقائد الحسنة المرضيّة والأعمال السنيّة. أو من الجهاد، فإنّه سبب بقاء المؤمنين، إذ لو تركوه لغلبهم العدوّ وقتلهم. أو الشهادة، لقوله:( بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١) .

( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ) تمثيل لغاية قربه من العبد، كقوله:( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) (٢) ، فإنّ الحائل بين الشيء وغيره أقرب إلى ذلك الشيء من ذلك الغير. وتنبيه على أنّه مطّلع على مكنونات القلوب وضمائرها، ممّا عسى يغفل عنه صاحبها، فكأنّه بينه وبين قلبه.

أو حثّ على المبادرة إلى إخلاص القلوب وتصفيتها قبل أن يحول الله تعالى بينه وبين قلبه بالموت أو غيره، فبادروا إلى الطاعات قبل الحيلولة.

أو تصوير وتخييل لتملّكه على العبد قلبه، فيفسخ عزائمه، ويغيّر مقاصده ،

__________________

(١) آل عمران: ١٦٩.

(٢) ق: ١٦.

٢٥

ويبدله بالخوف أمنا، وبالأمن خوفا، وبالذكر نسيانا، وبالنسيان ذكرا، وما أشبه ذلك ممّا هو جائز عليه تعالى. ومنه قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : «عرفت الله بفسخ العزائم».

وما جاء في الدعاء: يا مقلّب القلوب.

وروى يونس بن عمّار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: «أنّ الله يحول بين المرء وقلبه» معناه: لا يستيقن القلب أنّ الحقّ باطل أبدا، ولا يستيقن القلب أنّ الباطل حقّ أبدا».

وروى هشام بن سالم عنه قال: «معناه: يحول بينه وبين أن يعلم أنّ الباطل حقّ». أوردهما العيّاشي في تفسيره(١) .

( وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) فيجازيكم بأعمالكم على حسب سلامة القلوب وإخلاص الطاعة.

( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) أي: اتّقوا ذنبا يعمّكم أثره، كترك النهي عن المنكر، والمداهنة في الأمر بالمعروف، وافتراق الكلمة، وإظهار البدع، والتكاسل في الجهاد. وقيل: الفتنة العذاب.

وقوله: «لا تصيبنّ» لا يخلو: إما أن يكون جوابا للأمر، أو نهيا بعد أمر معطوفا عليه بحذف الواو، أو صفة لـ «فتنة».

فإذا كان جوابا فالمعنى: إن أصابتكم لا تصيب الظالمين منكم خاصّة، بل تعمّكم. وإنّما جاز دخول النون في جواب الشرط، مع أنّه متردّد لا يليق به النون المؤكّدة، لأنّ فيه معنى النهي فساغ، كقوله:( ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ ) (٢) ، وكما تقول: انزل عن الدابّة لا تطرحك، ويجوز، لا تطرحنّك.

وإذا كانت نهيا ـ بعد أمر باتّقاء الذنب ـ عن التعرّض للظلم، فإنّ وباله يصيب الظالم خاصّة ويعود عليه. فكأنّه قيل: واحذروا ذنبا أو عقابا، ثمّ قيل: لا تتعرّضوا

__________________

(١) تفسير العيّاشي ٢: ٥٢ ح ٣٦ و ٣٩.

(٢) النمل: ١٨.

٢٦

للظلم فيصيب العقاب أو أثر الذنب ووباله من ظلم منكم خاصّة. وكذلك إذا جعلته صفة على إرادة القول، كأنّه قيل: واتّقوا فتنة مقولا فيها: لا تصيبنّ. ونظيره قوله :

حتّى إذا جنّ الظلام واختلط

جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط

والمذق اللبن المخلوط بالماء. والمعنى: بمذق مقول فيه هذا القول، لأنّ فيه لون الورقة(١) الّتي هي لون الذئب. ويعضده قراءة ابن مسعود: لتصيبنّ، على جواب القسم المحذوف. ويكون «من» للتبيين على هذا، لأنّ المعنى: لا تصيبنّكم خاصّة على ظلمكم، لأنّ الظلم أقبح منكم من سائر الناس، وللتبعيض على الوجه الأوّل.

وفي الكشّاف: «روي عن الحسن: أنّها نزلت في عليّ وعمّار وطلحة والزبير، وهو يوم الجمل خاصّة. قال الزبير: نزلت فينا وقرأناها زمانا، وما أرانا من أهلها، فإذا نحن المعنيّون بها».

وروي: أنّ الزبير كان يساير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما، إذا أقبل عليٌّعليه‌السلام ، فضحك إليه الزبير، فقال رسول الله: كيف حبّك لعليٍّ؟ فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمّي، إنّي أحبّه كحبّي لوالدي أو أشدّ حبّا. قال: فكيف أنت إذا سرت إليه تقاتله؟».(٢)

وقال في المجمع(٣) : «روى الثعلبي بإسناده عن حذيفة أنّه قال: أتتكم فتن كقطع الليل المظلم، يهلك فيها كلّ شجاع بطل، وكلّ راكب موضع، وكلّ خطيب مصقع(٤) ».

وفي حديث أبي أيّوب الأنصاري أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعمّار: «إنّه سيكون بعدي هنات، حتّى يختلف السيف فيما بينهم، وحتّى يقتل بعضهم بعضا، وحتّى يبرأ بعضهم من بعض، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني عليّ بن أبي طالب ،

__________________

(١) الورقة: سواد في غبرة، والأورق: الذي لونه لون الرماد.

(٢) الكشّاف ٢: ٢١٢.

(٣) مجمع البيان ٤: ٥٣٤.

(٤) راكب موضع أي: مسرع، والمصقع: البليغ.

٢٧

فإن سلك الناس كلّهم واديا وسلك عليّ واديا فاسلك وادي علي، وخلّ عن الناس.

يا عمّار إنّ عليّا لا يردّك عن هدى، ولا يدلّك على ردى. يا عمّار طاعة عليّ طاعتي، وطاعتي طاعة الله»(١) . رواه السيّد أبو طالب الهروي بإسناده عن علقمة والأسود عن أبي أيّوب الأنصاري.

وفي كتاب شواهد التنزيل للحاكم أبي القاسم الحسكاني رحمة الله، وحدّثنا عنه السيّد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني، حدّثني محمد بن القاسم ابن أحمد، قال: حدّثني أبو سعيد محمّد بن الفضيل بن محمّد، قال: حدّثنا محمّد ابن صالح العرزمي، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: حدّثنا أبو سعيد الأشجّ، عن أبي خلف الأحمر، عن إبراهيم بن طهمان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، عن ابن عبّاس قال: « لـمّا نزلت هذه الآية:( وَاتَّقُوا فِتْنَةً ) قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ظلم عليّا مقعدي هذا بعد وفاتي، فكأنّما جحد نبوّتي ونبوّة الأنبياء قبلي»(٢) .

وعن ابن عبّاس: أنّه سئل عن هذه الفتنة فقال: أبهموا ما أبهم الله.

( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ) لمن لم يتّق المعاصي والمظالم.

( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦) )

ثمّ عاد سبحانه إلى وقعة بدر، وبيّن حالتهم السالفة في القلّة والضعف، وإنعامه عليهم بالنصر والتأييد والتكثير، فقال( وَاذْكُرُوا ) معشر المهاجرين( إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ ) أي: وقت كونكم أقلّة أذلّة( مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ ) أرض مكّة ،

__________________

(١) مجمع البيان ٤: ٥٣٤.

(٢) شواهد التنزيل ١: ٢٧١ ح ٢٦٩.

٢٨

يستضعفكم قريش قبل الهجرة. و «إذ» هنا مفعول به، وليس بظرف لـ «مستضعفون».

وقيل: الخطاب للعرب، كانوا أذلّاء في أيدي الفرس والروم.

( تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ) يستلبكم كفّار قريش إن خرجتم من مكّة، أو من عداهم، فإنّهم كانوا جميعا معادين مضادّين لهم.

( فَآواكُمْ ) إلى المدينة، أو جعل لكم مأوى تتحصّنون به عن أعاديكم( وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ ) وقوّاكم على الكفّار بمظاهرة الأنصار، أو بإمداد الملائكة يوم بدر( وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ) من الغنائم( لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) إرادة أن تشكروا هذه النعم.

وعن قتادة: كانت العرب أذلّ الناس وأشقاهم عيشا، وأعراهم جلدا، يؤكلون ولا يأكلون، فمكّن الله لهم في البلاد، ووسّع عليهم في الرزق والغنائم، وجعلهم ملوكا.

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧) وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨) )

روي عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة، فسألوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصلح على ما صالح عليه إخوانهم من بني النضير، على أن يسيروا إلى إخوانهم إلى أذرعات وأريحا من أرض الشام. فأبى أن يعطيهم ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ.

٢٩

فقالوا: أرسل إلينا أبا لبابة. وكان مناصحا لهم، لأنّ عياله وماله وولده كانت عندهم.

فبعثه رسول الله، فأتاهم. فقالوا: ما ترى يا أبا لبابة أننزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار أبو لبابة إلى حلقه أنّه الذبح فلا تفعلوا. فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فأخبره بذلك.

قال أبو لبابة: فو الله ما زالت قدماي من مكانهما حتّى عرفت أنّي قد خنت الله ورسوله. فنزلت في شأنه:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ ) من الخون، وهو النقص، كما أنّ أصل الوفاء التمام. ومنه: تخوّنه، أي: تنقّصه، ثمّ استعمل في ضدّ الأمانة والوفاء، لأنّك إذا خنت الرجل في شيء فقد أدخلت عليه النقصان فيه.

والمعنى: لا تخونوا الله بترك أوامره، والرسول بترك سننه وشرائعه.

وعن الحسن: أنّ من ترك شيئا من الدين وضيّعه فقد خان الله ورسوله.

( وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ ) ولا تخونوا الأمانات فيما بينكم، بأن لا تحفظوها.

وهو مجزوم بالعطف على الأوّل، أو منصوب على الجواب بالواو.( وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) أنّكم تخونون. أو أنتم علماء تميّزون الحسن من القبيح. أو أنتم تعلمون ما في الخيانة من الذمّ والعقاب.

ولـمّا نزلت هذه الآية شدّ أبو لبابة نفسه على سارية من سواري المسجد، وقال: والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب الله عليّ، فمكث سبعة أيّام لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا، حتّى خرّ مغشيّا عليه، ثمّ تاب الله عليه. فقيل له: يا أبا لبابة قد تيب عليك. فقال: لا والله لا أحلّ نفسي حتّى يكون رسول الله هو الّذي يحلّني، فحلّه بيده.

ثمّ قال أبو لبابة: إنّ من تمام توبتي أن أهجر دار قومي الّتي أصبت فيها

٣٠

الذنب، وأن انخلع عن مالي. فقال النبيّ: يجزيك الثلث أن تتصدّق به.

وهذه الرواية مرويّة أيضا عن الكلبي والزهري.

وقال عطاء: سمعت جابر بن عبد الله يقول: إنّ أبا سفيان خرج من مكّة، فأتى جبرئيلعليه‌السلام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: إنّ أبا سفيان في مكان كذا وكذا، فاخرجوا إليه واكتموا. قال: فكتب إليه رجل من المنافقين: إنّ محمّدا يريدكم فخذوا حذركم.

فأنزل الله هذه الآية.

وقال السدّي: كانوا يسمعون الشيء من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيفشونه حتّى يبلغ المشركين، فنزلت.

وقيل: المراد بالخيانة الغلول في المغانم.

( وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) لأنّهم سبب الوقوع في الإثم أو العقاب، أو محنة من الله تعالى ليبلوكم فيهم، فلا يحملنّكم حبّهم على الخيانة، كأبي لبابة( وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) لمن آثر رضا الله تعالى عليهم، وراعى حدوده فيهم، فعليكم أن تزهدوا في الدنيا، ولا تحرصوا على جمع المال وحبّ الأولاد، ولا تؤثروهما على نعيم الأبد.

قال في المجمع: «بيّن سبحانه بهذه الآية أنّه يختبر خلقه بالأموال والأولاد، ليتبيّن الراضي بقسمه ممّن لا يرضى به، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم، ولكن ليظهر الأفعال الّتي بها يستحقّ الثواب والعقاب. وإلى هذا أشار أمير المؤمنينعليه‌السلام في قوله: «لا يقولنّ أحدكم: أللَّهمّ إنّي أعوذ بك من الفتنة، لأنّه ليس أحد إلّا وهو مشتمل على فتنة، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلّات الفتن، فإنّ الله سبحانه يقول:( وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) . وقد روي هذا المعنى عن ابن مسعود أيضا»(١) .

__________________

(١) مجمع البيان ٤: ٥٣٦.

٣١

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩) )

ولـمّا أمر الله سبحانه بالطاعة وترك الخيانة، بيّن بعده ما أعدّه لمن امتثل أمره في الدنيا والآخرة، فقال:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ ) إن تتّقوا عقابه باتّقاء معاصيه وأداء فرائضه( يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً ) هداية ونورا في قلوبكم، وشرحا في صدوركم بوسيلة التوفيق واللطف، تفرّقون به بين الحقّ والباطل. أو نصرا وفتحا، كقوله تعالى( يَوْمَ الْفُرْقانِ ) (١) لأنّه يفرّق بين المحقّ والمبطل، بإعزاز المؤمنين وإذلال الكافرين. أو مخرجا من الشبهات. أو نجاة عمّا تحذرون في الدارين. أو ظهورا يشهّر أمركم في أقطار الأرض ويبثّ صيتكم، من قوله: بتّ أفعل كذا حتّى سطع الفرقان، أي: الصبح.

( وَيُكَفِّرْ ) ويستر( عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ) ذنوبكم بالتجاوز والعفو عنها. قيل: السيّئات الصغائر، والذنوب الكبائر. وقيل: المراد ما تقدّم وما تأخّر، لأنّها في أهل بدر، وقد غفرهما الله تعالى لهم.

( وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) على خلقه بما أنعم عليهم في الدنيا من أنواع النعم من غير سبق استحقاق منهم، وفي الآخرة بما زاد على قدر استحقاقهم.

( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٣٠) )

روي أنّ قريشا ـ لـمّا أسلمت الأنصار وبايعوه ـ خافوا أن يعلو أمره ويعظم

__________________

(١) الأنفال: ٤١.

٣٢

شأنه، فاجتمعوا في دار الندوة متشاورين في أمره، فدخل عليهم إبليس في صورة شيخ، وقال: أنا شيخ من نجد، ما أنا من تهامة، دخلت مكّة فسمعت باجتماعكم، فأردت أن أحضركم، ولن تعدموا منّي رأيا ونصحا.

فقال أبو البختري: رأيي أن تحبسوه في بيت، وتشدّوا وثاقه، وتسدّوا بابه غير كوّة، تلقون إليه طعامه وشرابه منها، وتتربّصوا به ريب المنون.

فقال إبليس: بئس الرأي، يأتيكم من يقاتلكم من قومه ويخلّصه من أيديكم.

فقال هشام بن عمرو: رأيي أن تحملوه على جمل وتخرجوه من بين أظهركم، فلا يضرّكم ما صنع واسترحتم.

فقال إبليس: بئس الرأي، يفسد قوما غيركم ويقاتلكم بهم.

فقال أبو جهل: أنا أرى أن تأخذوا من كلّ بطن غلاما، وتعطوه سيفا صارما، فيضربوه ضربة رجل واحد، فيتفرّق دمه في القبائل، فلا يقوى بنو هاشم على حرب قريش كلّهم، فإذا طلبوا العقل عقلناه واسترحنا.

فقال الشيخ: هذا الفتى هو أجودكم رأيا.

فتفرّقوا على رأي أبي جهل مجتمعين على قتله. فأخبر جبرئيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك، وأمره بالهجرة وأن يبيّت في مضجعه عليّا، فنام في مضجعه، وقال له: اتّشح ببردتي، فإنّه لن يصل إليك أمر تكرهه، وخرج مع أبي بكر إلى الغار.

وباتوا مترصّدين، فلمّا أصبحوا ساروا إلى مضجعه فأبصروا عليّا فبهتوا، وخيّب الله سعيهم، واقتصّوا أثره، وأرسلوا في طلبه، فلمّا بلغوا الجبل ومرّوا بالغار رأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لو كان ها هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه. فمكث فيه ثلاثا، ثمّ قدم المدينة، فأبطل الله تعالى مكرهم.

فذكّرعزوجل ها هنا رسوله إنجاءه إيّاه من مكرهم حين كان بمكّة، ليشكر الله على خلاصه من مكرهم واستيلائه عليهم، فقال:( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) أي: اذكر إذ يحتال كفّار قريش في إبطال أمرك، ويدبّرون في هلاكك( لِيُثْبِتُوكَ ) بالوثاق أو الحبس أو الإثخان بالجرح، من قولهم: ضربه حتّى أثبته لا حراك به ولا

٣٣

براح(١) . والأوّل مرويّ عن ابن عبّاس.( أَوْ يَقْتُلُوكَ ) بسيوفهم وخناجرهم( أَوْ يُخْرِجُوكَ ) من مكّة.

( وَيَمْكُرُونَ ) ويخفون المكائد لك( وَيَمْكُرُ اللهُ ) ويخفي الله ما أعدّ لهم حتّى يأتيهم بغتة. أو المراد بمكر الله مجازاته إيّاهم على مكرهم، أو معاملته معهم معاملة الماكرين.( وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ ) أي: مكره أنفذ من مكر غيره وأبلغ تأثيرا.

أو لأنّه لا ينزل إلّا ما هو حقّ وعدل. وإسناد أمثال هذا ممّا يحسن للمزاوجة، أو لضرب من التأويل. ولا يجوز إطلاقها ابتداء، لتضمّنه القبح والذمّ، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا.

( وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١) وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٢) )

ثمّ أخبر سبحانه عن عناد هؤلاء الكفّار في الحقّ، فقال:( وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) ما سطره الأوّلون من القصص. قائله النضر بن الحارث بن كلدة، فإنّه حين سمع اقتصاص الله أحاديث القرون، قال: لو شئت لقلت مثل هذا. وهو الّذي جاء من بلاد فارس بنسخة حديث رستم وإسفنديار، فزعم أنّ هذا مثل ذلك، وأنّه من جملة الأساطير.

وإسناده إلى الجميع إسناد ما فعله رئيس القوم إليهم، فإنّه كان قاصّهم.

وقيل: هو قول الّذين ائتمروا في أمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وهذا غاية مكابرتهم وفرط عنادهم، إذ لو استطاعوا ذلك فما منعهم عن أن يقولوا مثله؟! وقد تحدّاهم وقرعهم

__________________

(١) أي: لم يبرح ولم يزل من مكانه.

٣٤

بالعجز عشر سنين، ثمّ قارعهم بالسيف فلم يعارضوا سورة، مع أنفتهم وفرط استنكافهم أن يغلبوا، خصوصا في باب البلاغة والفصاحة.

( وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا ) القرآن( هُوَ الْحَقَ ) منزلا( مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ) أي: حجارة من سجّيل عقوبة على إنكاره، كما فعلت بأصحاب الفيل( أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) بنوع آخر من أنواع العذاب.

هذا أيضا من كلام النضر.

روي أنّه لـمّا قال:( إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) قال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ويلك إنّه كلام الله. فقال ذلك.

ومراده من هذا القول التهكّم وإظهار اليقين والجزم التامّ على كونه باطلا، فكان تعليق العذاب بكونه حقّا مع اعتقاد أنّه ليس بحقّ كتعليقه بالمحال عنده، كما في قولك: إن كان الباطل حقّا فأمطر علينا حجارة.

وفائدة تعريف الحقّ الدلالة على أنّ المعلّق به كونه حقّا بالوجه الّذي يدّعيه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو تنزيله، لا الحقّ مطلقا، لتجويزهم أن يكون مطابقا للواقع غير منزل، كأساطير الأوّلين.

روي أنّ معاوية قال لرجل من سبأ: ما أجهل قومك حين ملّكوا عليهم امرأة!! قال: أجهل من قومي قومك، قالوا لرسول الله حين دعاهم إلى الحقّ: «إن كان هذا هو الحق فأمطر علينا حجارة» ولم يقولوا: إن كان هذا هو الحقّ فاهدنا له.

( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣) وَما لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٤) )

ثمّ ذكر سبحانه سبب إمهالهم، وموجب التوقّف في إجابة دعائهم، مع فرط

٣٥

عنادهم وشقاهم، فقال:( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) اللّام لتأكيد النفي، والدلالة على أن تعذيبهم عذاب استئصال والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أظهرهم خارج عن عادة الله تعالى، غير مستقيم في قضائه، لفضله وحرمته. قال ابن عبّاس: إنّ الله تعالى لم يعذّب قومه حتّى أخرجوه من مكّة. وكذا لا يعذّبهم حين الاستغفار عن الذنوب، لقوله:( وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) .

والمراد باستغفارهم إما استغفار من بقي فيهم من المؤمنين بعد خروجهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن مكّة، كما روي أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا خرج من مكّة بقيت فيها بقيّة من المؤمنين، ولم يهاجروا لعذر، وكانوا على عزم الهجرة، فرفع الله العذاب عن مشركي مكّة لحرمة استغفارهم، فلمّا خرجوا أذن الله في فتح مكّة.

وهذا منقول عن ابن عبّاس وعطيّة والضحّاك. واختاره الجبائي.

وقيل: معناه: وما كان الله ليعذّبهم بعذاب الاستئصال في الدنيا وهم يقولون: أللَّهمّ غفرانك، وإنّما يعذّبهم في الآخرة. أو المراد فرض الاستغفار على معنى: لو استغفروا لم يعذّبوا، كقوله تعالى:( وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ ) (١) أي: لو أصلحوا.

( وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ ) وما يمنع تعذيبهم متى لم تكن فيهم، ولم يمكن الاستغفار؟ وكيف لا يعذّبون( وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) ؟ وحالهم صدّ الناس عنه، ومن صدّهم عنه إلجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين إلى الهجرة، وإحصارهم عام الحديبية. روي أنّهم قالوا: نحن ولاة البيت والحرم، فنصدّ من نشاء، وندخل من نشاء.

( وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ ) أي: مستحقّين ولاية أمره مع شركهم( إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ ) من الشرك، الّذين لا يعبدون فيه غير الله تعالى. أو إلّا المتّقون من

__________________

(١) هود: ١١٧.

٣٦

المسلمين، فليس كلّ مسلم أيضا ممّن يصلح لأن يلي أمره، بل إنّما يستأهل ولايته من كان برّا تقيّا، فكيف بالكفرة وعبدة الأصنام؟

( وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) أن لا ولاية لهم عليه. كأنّه استثنى من كان يعلم ويعاند لطلب الرئاسة. أو أراد بالأكثر الجميع، كما يراد بالقلّة العدم.

( وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٥) )

روي أنّهم كانوا يطوفون عراة، الرجال والنساء، مشبكين بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفّقون، فنزلت:( وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ ) أي: دعاؤهم، أو ما يسمّونه صلاة، أو ما يضعون موضعها( إِلَّا مُكاءً ) صفيرا، من: مكا يمكو إذا صفر( وَتَصْدِيَةً ) تصفيقا. وهو ضرب اليد على اليد. تفعلة من الصدى، أو من: صدّ يصدّ، كقوله تعالى:( إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) (١) أي: يصيحون، على إبدال أحد حرفي التضعيف بالياء.

واعلم أنّ مساق الكلام لتقرير استحقاقهم العذاب، أو عدم ولايتهم للمسجد، فإنها لا تليق ممّن هذه صلاته.

وقيل: كانوا يفعلون ذلك إذا قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلاته، لـما روي أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا صلّى في المسجد الحرام قام رجلان من بني عبد الدار عن يمينه فيصفران، ورجلان عن يساره يصفّقان بأيديهما، فيخلطان عليه صلاته، فقتلهم الله جميعا ببدر، كما قال:( فَذُوقُوا الْعَذابَ ) يعني: القتل والأسر يوم بدر. وقيل: عذاب الآخرة. واللّام يحتمل أن تكون للعهد، والمعهود: ائتنا بعذاب أليم( بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ) اعتقادا وعملا.

__________________

(١) الزخرف: ٥٧.

٣٧

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (٣٦) لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٣٧) )

روي أنّ أبا سفيان استأجر ليوم أحد ألفين من الأحابيش، وهم فرق مختلفون من قبائل شتّى، ومنه يقال: عندي أحبوش منهم، أي: جماعة منهم، سوى من استجاش(١) من العرب، وأنفق عليهم أربعين أوقية، والأوقية اثنان وأربعون مثقالا، أو استأجرهم لأصحاب العير، فإنّه لـمّا أصيب قريش ببدر قيل لهم: أعينوا بهذا المال على حرب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لعلّنا ندرك منه ثأرنا، ففعلوا، فنزلت:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ ) في قتال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين( لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) ليمنعوا بذلك الناس عن دين الله الّذي أتى به محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقيل: نزلت في المطعمين يوم بدر، وكانوا اثني عشر رجلا من قريش، يطعم كلّ واحد منهم كلّ يوم عشر جزر(٢) . وغرضهم في هذا الإنفاق الصدّ عن اتّباع محمّد، وهو سبيل الله.

وإنّما قال: ليصدّوا، وإن كانوا لم يقصدوا ذلك، من حيث لم يعلموا أنّ ذلك دين الله، لأنّ فعلهم ذلك كان صدّا عن دين الله وإن لم يقصدوا ذلك.

( فَسَيُنْفِقُونَها ) بتمامها. ويحتمل أن يكون الأوّل إخبارا عن إنفاقهم في تلك الحال، وهو إنفاق يوم بدر، والثاني إخبارا عن إنفاقهم فيما يستقبل، وهو الإنفاق في يوم أحد. أو يراد بهما واحد، على أنّ مساق الأوّل لبيان غرض الإنفاق ،

__________________

(١) أي: جمع الجيش منهم.

(٢) الجزر جمع الجزور، وهو من الإبل يقع على الذكر والأنثى.

٣٨

ومساق الثاني لبيان عاقبته، وأنّه لم يقع بعد.

( ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ) ندما وغمّا، لفواتها من غير مقصود. وجعل ذاتها حسرة ـ وهي عاقبة إنفاقها ـ مبالغة.( ثُمَّ يُغْلَبُونَ ) آخر الأمر، وإن كان الحرب بينهم وبين المؤمنين سجالا قبل ذلك، أي: مرّة تكون لهم ومرّة عليهم.

وفي هذا دلالة على صحّة نبوّة النبيّ، لأنّه أخبر بالشيء قبل كونه، فوجد على ما أخبر به.

( وَالَّذِينَ كَفَرُوا ) أي: ثبتوا على الكفر منهم، إذ أسلم بعضهم( إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ) يساقون.

( لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) أي: الفريق الخبيث ـ وهم الكافرون ـ من الفريق الطيّب، وهم المؤمنون. أو يميز الفساد من الصلاح. واللّام متعلّقة بـ «يحشرون» أو «يغلبون»، أو ما أنفقه المشركون في عداوة رسول الله ممّا أنفقه المسلمون في نصرته. وحينئذ اللّام متعلّقة بقوله:( ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ) .

وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب: ليميّز من التمييز، وهو أبلغ من الميز.

( وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ ) ويجعل الفريق الخبيث من الكفّار( بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً ) فيجمعه ويضمّ بعضه إلى بعض حتّى يتراكبوا، لفرط ازدحامهم. أو يضمّ إلى الكافر ما أنفقه، ليزيد به عذابه، ليعاقبهم به، كما قال:( يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ ) (١) الآية.( فَيَجْعَلَهُ ) كلّه( فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ ) إشارة إلى الخبيث، لأنّه مقدّر بالفريق الخبيث، أو إلى المنفقين( هُمُ الْخاسِرُونَ ) الكاملون في الخسران، لأنّهم خسروا أنفسهم وأموالهم.

( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (٣٨) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ

__________________

(١) التوبة: ٣٥.

٣٩

لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠) ) ثمّ أمر سبحانه نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدعائهم إلى التوبة والإيمان، فقال:( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) يعني: أبا سفيان وأصحابه. والمعنى: قل لأجلهم، لقوله:( إِنْ يَنْتَهُوا ) على صيغة الغائب، أي: ينتهوا عن معاداة الرسول بالدخول في الإسلام( يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ ) من الشرك وعداوة الرسول وسائر ذنوبهم. ومنه قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الإسلام يجبّ ما قبله».

( وَإِنْ يَعُودُوا ) إلى قتاله( فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ ) الّذين تحزّبوا على الأنبياء بالتدمير، كما جرى على أهل بدر، فليتوقّعوا مثل ذلك إن لم ينتهوا.

( وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ) لا يوجد فيهم شرك( وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) ويضمحلّ كلّ دين، ويبقى دين الإسلام وحده.

عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: «لم يجيء تأويل هذه الآية، ولو قد قام قائمنا بعد سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليبلغنّ دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما بلغ الليل، حتّى لا يكون مشرك على ظهر الأرض».

( فَإِنِ انْتَهَوْا ) عن الكفر( فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) فيجازيهم على انتهائهم عنه وإسلامهم. وعن يعقوب: تعملون بالتاء، على معنى: فإنّ الله بما تعملون من الجهاد والدعوة إلى الإسلام، والإخراج من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان بصير، فيجازيكم عليه أحسن الجزاء. ويكون تعليقه بانتهائهم دلالة على أنّه كما يستدعي إثابتهم للمباشرة، يستدعي إثابة مقاتليهم للتسبّب.

( وَإِنْ تَوَلَّوْا ) وإن لم ينتهوا( فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ ) ناصركم فثقوا بولاية الله ونصرته، ولا تبالوا بمعاداتهم( نِعْمَ الْمَوْلى ) لا يضيع من تولّاه( وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) لا يغلب من نصره.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: الجنب، ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره، فقد أجزأه.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم، مثله(١) .

[ ٢٠٤٦ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: الحائض، ما بلغ بلل الماء من شعرها أجزأها.

[ ٢٠٤٧ ] ٥ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق، عن هارون بن حمزة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: يجزيك من الغسل والاستنجاء ما بلّت يمينك.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين والحسن بن موسى الخشّاب، عن يزيد بن إسحاق، مثله، إلّا أنّه قال: ما بلّلت يدك(٢) .

[ ٢٠٤٨ ] ٦ - محمّد بن الحسن، عن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي بن فضّال، وعن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى ومحمّد بن خالد الأشعري، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن عبدالله بن بكير، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه‌السلام ) عن غسل الجنابة ؟ قال: أفض على رأسك ثلاث أكفّ، وعن يمينك، وعن يسارك، إنّما يكفيك مثل الدهن.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أبواب الوضوء(٣) ، وفي

__________________

(١) التهذيب ١: ١٣٧ / ٣٨٠، والاستبصار ١: ١٢٣ / ٤١٦.

٤ - الكافي ٣: ٨٢ / ٤، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٢٠ من أبواب الحيض.

٥ - الكافي ٣: ٢٢ / ٦، وتقدّم في الحديث ٢ من الباب ١٣ من أبواب أحكام الخلوة.

(٢) التهذيب ١: ١٣٨ / ٣٨٦، والاستبصار ١: ١٢٢ / ٤١٥.

٦ - التهذيب ١: ١٣٧ / ٣٨٤.

(٣) تقدم في الباب ٥٠ وفي الحديث ٥ من الباب ٥٢ من أبواب الوضوء.

٢٤١

الإستنجاء(١) ، وفي أبواب الماء المضاف والمستعمل(٢) ، وفي أحاديث وجوب الغسل بغيبوبة الحشفة(٣) ، وغير ذلك، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

٣٢ - باب جواز غسل الرجل والمرأة من اناء واحد، واستحباب ابتداء الرجل، وكون الماء صاعين أو صاعاً ومدّاً

[ ٢٠٤٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما‌السلام ) قال: سألته عن وقت(٥) غسل الجنابة، كم يجزي من الماء ؟ فقال: كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يغتسل بخمسة أمداد بينه وبين صاحبته، ويغتسلان جميعاً من إناء واحد.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يحيى، مثله(٦) .

[ ٢٠٥٠ ] ٢ - وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) : هل يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد ؟ قال: نعم، يفرغان على أيديهما قبل أن يضعا أيديهما في الإناء.

[ ٢٠٥١ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن

__________________

(١) تقدّم في الحديث ٢ من الباب ١٣ من أبواب أحكام الخلوة.

(٢) تقدم في الحديث ١ من الباب ١٠ من أبواب الماء المضاف.

(٣) تقدم في الحديث ٥، ٦ من الباب ٢٦ من أبواب الجنابة.

(٤) يأتي ما يدلّ عليه في الباب ٣٢ من أبواب الجنابة والباب ٢٧ من أبواب غسل الميت.

الباب ٣٢

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٢٢ / ٥.

(٥) وقت: ليس في المصدر.

(٦) التهذيب ١: ١٣٧ / ٣٨٢ والاستبصار ١: ١٢٢ / ٤١٢.

٢ - الكافي ٣: ١٠ / ٢، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٧ من أبواب الأسآر.

٣ - التهذيب ١: ١٣٧ / ٣٨٣، والاستبصار ١: ١٢٢ / ٤١٣.

٢٤٢

محمّد بن أبي حمزة، عن معاوية بن عمّار قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) يقول: كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يغتسل بصاع، وإذا كان معه بعض نسائه يغتسل بصاع ومدّ.

[ ٢٠٥٢ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن زرارة قال: قال أبو جعفر (عليه‌السلام ) : اغتسل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) هو وزوجته من خمسة أمداد من إناء واحد، فقال له زراره: كيف صنع ؟ فقال: بدأ هو فضرب بيده الماء قبلها، فأنقى فرجه، ثمّ ضربت هي فأنقت فرجها، ثمّ أفاض هو وأفاضت هي على نفسها حتّى فرغا، وكان الذي اغتسل به النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ثلاثة أمداد، والذي اغتسلت به مديّن، وإنما أجزأ عنهما لأنّهما اشتركا فيه جميعاً، ومن انفرد بالغسل وحده فلا بدّ له من صاع.

[ ٢٠٥٣ ] ٥ - ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة ومحمّد بن مسلم وأبي بصير، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما‌السلام ) أنّهما قالا: توضّأ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بمدّ واغتسل بصاع، ثمّ قال: اغتسل هو وزوجته بخمسة أمداد، وذكر الحديث.

[ ٢٠٥٤ ] ٦ - الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسي في ( مجالسه ) عن أبيه، عن محمّد بن محمّد بن مخّلد، عن محمّد بن عمرو الرزّاز، عن حامد بن سهل، ( عن أبي غسان )(١) ، عن شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، عن ميمونة قالت: أجنبت أنا ورسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، فاغتسلت من جفنة، وفضلت فيها فضلة، فجاء رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فاغتسل منها، فقلت: يا رسول الله، إنّها فضلة منّي، أو قالت:

__________________

٤ - الفقيه ١: ٢٣ / ٧٢، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ٣١ من أبواب الجنابة.

٥ - التهذيب ١: ٣٧٠ / ١١٣٠.

٦ - أمالي الطوسي ٢: ٦، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٧ من أبواب الأسآر.

(١) ليس في المصدر. راجع التعليقة على الحديث ٦ من الباب ٧ من أبواب الأسآر.

٢٤٣

اغتسلت، فقال: ليس الماء جنابة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الأسآر(١) وفي أبواب الوضوء(٢) .

٣٣ - باب أنّ كلّ غسل يجزي عن الوضوء

[ ٢٠٥٥ ] ١ - محمّد بن الحسن، عن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن خالد جميعاً، عن عبد الحميد بن عوّاض، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: الغسل يجزي عن الوضوء وأيّ وضوء أطهر من الغسل.

[ ٢٠٥٦ ] ٢ - وبإسناده عن سعد بن عبدالله، عن الحسن(٣) بن علي بن إبراهيم بن محمّد، عن جدّه إبراهيم بن محمّد، أنّ محمّد بن عبد الرحمن الهمذاني كتب إلى أبي الحسن الثالث (عليه‌السلام ) يسأله عن الوضوء للصلاة في غسل الجمعة ؟ فكتب: لا وضوء للصلاة في غسل يوم الجمعة ولا غيره.

[ ٢٠٥٧ ] ٣ - وعنه، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضّال، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمّار الساباطي قال: سئل أبو عبدالله (عليه‌السلام ) عن الرجل إذا(٤) اغتسل من جنابته، أو يوم جمعة، أو يوم عيد، هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده ؟ فقال: لا، ليس عليه قبل ولا بعد، قد

__________________

(١) تقدّم ما يدلّ عليه في الباب ٧ من أبواب الأسآر.

(٢) تقدم في الباب ٥٠ من أبواب الوضوء.

الباب ٣٣

فيه ١٠ أحاديث وفي الفهرست ١١ حديثاً

١ - التهذيب ١: ١٣٩ / ٣٩٠ والاستبصار ١: ١٢٦ / ٤٢٧.

٢ - التهذيب ١: ١٤١ / ٣٩٧ والاستبصار ١: ١٢٦ / ٤٣١.

(٣) في نسخة: الحسين، منه قدّه.

٣ - التهذيب ١: ١٤١ / ٣٩٨ والاستبصار ١: ١٢٧ / ٤٣٢.

(٤) كتب في هامش الاصل ( اذا ) عن التهذيب.

٢٤٤

أجزأه الغسل، والمرأة مثل ذلك إذا اغتسلت من حيض، أو غير ذلك، فليس عليها الوضوء لا قبل ولا بعد، قد أجزأها الغسل.

[ ٢٠٥٨ ] ٤ - وعنه، عن موسى بن جعفر، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن حمّاد بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، في الرجل يغتسل للجمعة، أو غير ذلك، أيجزيه من الوضوء ؟ فقال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : وأيّ وضوء أطهر من الغسل.

[ ٢٠٥٩ ] ٥ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، مرسلاً، أنّ الوضوء قبل الغسل وبعده بدعة.

[ ٢٠٦٠ ] ٦ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن شاذان بن الخليل، عن يونس، عن يحيى بن طلحة، عن أبيه، عن عبدالله بن سليمان قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) يقول: الوضوء بعد الغسل بدعة.

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، مثله(١) .

[ ٢٠٦١ ] ٧ - قال الكليني: وروي أنّه ليس شيء من الغسل فيه وضوء إلّا غسل يوم الجمعة، فإن قبله وضوء.

[ ٢٠٦٢ ] ٨ - قال: وروي: أيّ وضوء أطهر من الغسل.

[ ٢٠٦٣ ] ٩ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عثمان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: الوضوء بعد الغسل بدعة.

__________________

٤ - التهذيب ١: ١٤١ / ٣٩٩ والاستبصار ١: ١٢٧ / ٤٣٣.

٥ - التهذيب ١: ١٤٠ / ٣٩٤ والاستبصار ١: ١٢٦ / ٤٣٠، وأورده في الحديث ٧ من الباب ٣٤ من أبواب الجنابة.

٦ - التهذيب ١: ١٤٠ / ٣٩٥.

(١) الكافي ٣: ٤٥ / ١٢.

٧ - الكافي ٣: ٤٥ / ١٣.

٨ - الكافي ٣: ٤٥ / ١٣.

٩ - التهذيب ١: ١٤٠ / ٣٩٦.

٢٤٥

[ ٢٠٦٤ ] ١٠ - وقال المحقّق في ( المعتبر ): روي من عدّة طرق عن الصادق (عليه‌السلام ) قال: الوضوء بعد الغسل بدعة.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في أحاديث الحيض(١) ، والاستحاضة(٢) ، والنفاس(٣) ، وغير ذلك، ويأتي ما ظاهره المنافاة، ونبيّن وجهه(٤) .

٣٤ - باب عدم جواز الوضوء مع غسل الجنابة قبله ولا بعده

[ ٢٠٦٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن يعقوب بن يقطين، عن أبي الحسن (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن غسل الجنابة فيه وضوء أم لا، فيما نزل به جبرئيل (عليه‌السلام ) ؟ قال: الجنب يغتسل، يبدأ فيغسل يديه إلى المرفقين قبل أن يغمسهما في الماء، ثمّ يغسل ما أصابه من أذى، ثمّ يصبّ على رأسه وعلى وجهه وعلى جسده كلّه، ثمّ قد قضى الغسل ولا وضوء عليه.

[ ٢٠٦٦ ] ٢ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، وذكر كيفيّة غسل الجنابة، فقال: ليس قبله ولا بعده وضوء.

__________________

١٠ - المعتبر: ٥٢.

(١) يأتي في الحديث ٧ من الباب ٤، والحديث ٣، ٦ من الباب ٥ من أبواب الحيض.

(٢) يأتي في الحديث ٧ من الباب ١ من أبواب الاستحاضة.

(٣) يأتي في الحديث ١ من الباب ١، والأحاديث ٨، ١١، ١٩ من الباب ٣، والأحاديث ٢، ٣ من الباب ٥ من أبواب النفاس.

(٤) يأتي ما ظاهره المنافاة في الأحاديث ١، ٢، ٣ من الباب ٣٥ من هذه الأبواب.

الباب ٣٤

فيه ٧ أحاديث

١ - التهذيب ١: ١٤٢ / ٤٠٢.

٢ - التهذيب ١: ١٤٨ / ٤٢٢ و ٣٧٠ / ١١٣١، وأورده في الحديث ٥ من الباب ٢٦، وقطعة منه في الحديث ١ من الباب ٢٤ من هذه الأبواب.

٢٤٦

[ ٢٠٦٧ ] ٣ - وعنه، عن أحمد بن محمّد - يعني ابن أبي نصر - قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه‌السلام ) عن غسل الجنابة ؟ فقال: تغسل يدك اليمنى من المرفقين إلى أصابعك، وتبول إن قدرت على البول، ثمّ تدخل يدك في الإِناء، ثمّ اغسل ما أصابك منه، ثمّ أفض على رأسك وجسدك، ولا وضوء فيه.

[ ٢٠٦٨ ] ٤ - وعنه، عن فضالة، عن حمّاد بن عثمان، عن حكم بن حكيم قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن غسل الجنابة - إلى أن قال - قلت: إن الناس يقولون: يتوضّأ وضوء الصلاة قبل الغسل، فضحك وقال: وأيّ وضوء أنقى من الغسل وأبلغ.

[ ٢٠٦٩ ] ٥ - وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن إبراهيم بن هاشم، عن يعقوب بن شعيب، عن حريز، أو عمّن رواه، عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر (عليه‌السلام ) : إنّ أهل الكوفة يروون عن علي (عليه‌السلام ) أنّه كان يأمر بالوضوء قبل الغسل من الجنابة ؟ قال: كذبوا على علي (عليه‌السلام ) ، ما وجدوا ذلك في كتاب علي (عليه‌السلام ) ، قال الله تعالى:( وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ) (١) .

[ ٢٠٧٠ ] ٦ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: سألته قلت: كيف أصنع إذا أجنبت ؟ قال: اغسل كفّيك(٢) وفرجك، وتوضّأ وضوء الصلاة ثمّ اغتسل.

__________________

٣ - التهذيب ١: ١٣١ / ٣٦٣ والاستبصار ١: ١٢٣ / ٤١٩، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٢٦ من أبواب الجنابة.

٤ - التهذيب ١: ١٣٩ / ٣٩٢، وأورد صدره في الحديث ٧ من الباب ٢٦ من أبواب الجنابة.

٥ - التهذيب ١: ١٣٩ / ٣٨٩ والاستبصار ١: ١٢٥ / ٤٢٦.

(١) المائدة ٥: ٦.

٦ - التهذيب ١: ١٤٠ / ٣٩٣ والاستبصار ١: ١٢٦ / ٤٢٩. وكذلك ١: ٩٧ / ٣١٤.

(٢) في نسخة: كفك.

٢٤٧

وعن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، مثله(١) .

أقول: هذا محمول على التقيّة.

[ ٢٠٧١ ] ٧ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى مرسلاً، بأنّ الوضوء قبل الغسل وبعده بدعة.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

٣٥ - باب استحباب الوضوء قبل الغسل في غير الجنابة

[ ٢٠٧٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: كلّ غسل قبله وضوء إلّا غسل الجنابة(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده، عن محمّد بن يعقوب(٢) .

[ ٢٠٧٣ ] ٢ - ورواه أيضاً بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان أو غيره، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: في كلّ غسل وضوء إلّا الجنابة.

[ ٢٠٧٤ ] ٣ - محمّد بن الحسن الطوسي بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار، عن

__________________

(١) التهذيب ١: ١٠٤ / ٢٦٩.

٧ - التهذيب ١: ١٤٠ / ٣٩٤ والاستبصار ١: ١٢٦ / ٤٣٠. تقدم في الحديث ٥ من الباب ٣٣ من أبواب الجنابة.

(٢) يأتي ما يدل على ذلك في الباب الآتي.

الباب ٣٥

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٤٥ / ١٣.

(٣) الظاهر أنّ كلّ غسل مُغنٍ عن الوضوء، والذي ورد بخلافه ورد من باب التقية، ( منه قدّه ).

(٤) التهذيب ١: ١٣٩ / ٣٩١ والاستبصار ١: ١٢٦ / ٤٢٨.

٢ - التهذيب ١: ١٤٣ / ٤٠٣، و ٣٠٣ / ٨٨١.

٣ - التهذيب ١: ١٤١ / ٤٠١، الاستبصار ١: ١٢٧ / ٤٣٤.

٢٤٨

يعقوب بن يزيد، عن سليمان بن الحسن(١) ، عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن الأوّل (عليه‌السلام ) قال: إذا أردت أن تغتسل للجمعة فتوضّأ و(٢) اغتسل.

أقول: هذان الحديثان مع موافقتهما للتقيّة لا تصريح فيهما بالوجوب، بل حملهما على الاستحباب، قريب جداً لما مرّ(٣) ، ويحتمل الحمل على التقيّة، ويحتمل الأوّل الاستفهام الإنكاري ويراد أنّه ليس في غير غسل الجنابة أيضاً وضوء نصّاً على غير غسل الجنابة، لأنّه لا يحتاج إلى نصّ لما علم من مذهبهم فيه، ثمّ لا تصريح فيهما أيضاً بجواز تأخير الوضوء، وقد تقدّم أنّ الوضوء بعد الغسل بدعة(٤) فيتعين تقديم الوضوء، أو تركه، وأمّا ما تقدّم من أنّ الوضوء قبل الغسل وبعده بدعة(٥) فهو مخصوص بغسل الجنابة، أو بقصد الوجوب، ويحتمل الحمل على إرادة إثبات الوضوء قبل الغسل، ونفيه بعده، بأن يكون قبل الغسل خبر المبتدأ، والله أعلم(٦) .

__________________

(١) في المصدر: سليمان بن الحسين ( راجع معجم رجال الحديث ٨: ٢٤٢ ).

(٢) في نسخة: ثمّ ( هامش المخطوط ).

(٣) مرّ في الحديث ١ من هذا الباب.

(٤) تقدم في الحديث ٦، ١٠ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب.

(٥) تقدم في الحديث ٥ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب.

(٦) جاء في هامش المخطوط ما لفظه: وقد جزم بوجوب تقديم الوضوء على الغسل في غير الجنابة الشيخ وجماعة من علمائنا، وظاهر رواية علي بن يقطين توافقهم في غسل الجمعة لا غير ويحتمل أن يراد من الحديث الأول أن كلّ غسل قبله وضوء لكن الغسل يجزي عنه لما مرّ بمعنى أن غير الجنب مخاطب بالوضوء ولو على وجه الاستحباب فله تقديمه وان لم يقدمه أجزأ عنه الغسل عملاً بالدليلين لعدم التنافي على هذا الوجه والجنب غير مأمور بالوضوء أصلاً لقوله تعالى: ( وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ) ويحتمل كون لفظ قبله تصحيفاً وأصله فيه كما في الرواية الثانية وحينئذٍ فالظرفية تقتضي كون الوضوء في أثناء الغسل وهو منفي بالاجماع، والظرفية تنافي وجوب التقديم، وتنافي التخيير بين التقديم والتأخير، ويظهر لي منها معنى لطيف وهو أن يكون المراد أن كل غسل يجزي عن الوضوء بمعنى أن كل غسل يتضمن الوضوء ويشتمل عليه ويستلزم غسل جميع أعضائه وزيادة فيجزي عنه لقولهم ( عليهم‌السلام ) : وأي وضوء أطهر من الغسل، مع التصريحات السابقة فيصدق أنّ كل غسل فيه وضوء واستثناء غسل الجنابة معناه أن الجنب غير =

٢٤٩

٣٦ - باب حكم البلل المشتبه بعد الغسل

[ ٢٠٧٥ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبيدالله بن علي الحلبي قال: سئل أبو عبدالله (عليه‌السلام ) عن الرجل يغتسل ثمّ يجد بعد ذلك بللاً، وقد كان بال قبل أن يغتسل ؟ قال: ليتوضّأ، وإن لم يكن بال قبل الغسل فليعد الغسل.

[ ٢٠٧٦ ] ٢ - قال: وروي في حديث آخر: إن كان قد رأى بللاً ولم يكن بال فليتوضّأ ولا يغتسل، إنّما ذلك من الحبائل.

[ ٢٠٧٧ ] ٣ - قال الحلبي: وسئل عن الرجل ينام ثمّ يستيقظ فيمسّ ذكره فيرى بللاً، ولم ير في منامه شيئاً، أيغتسل ؟ قال: لا، إنّما الغسل من الماء الأكبر.

[ ٢٠٧٨ ] ٤ - وفي كتاب ( المقنع ) قال: وروي في حديث آخر: إن لم تكن بلت فتوضّأ ولا تغتسل، إنّما ذلك من الحبائل.

[ ٢٠٧٩ ] ٥ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: سئل

__________________

= مخاطب بالوضوء أصلاً، بل لا يشرع له، وإنما هو مأمور بالغسل وحده بدلالة الآية، فلا معنى لقولنا غسل الجنابة يجزي عن الوضوء أو أن فيه وضوءاً، أو إنّه يشتمل عليه، كما لا يجوز أن يقال غسل الجنابة يجزي عن التيمم، أو صلاة الظهر تجزي عن صلاة الضحى، وهو ظاهر ولا أقل من الاحتمال، ومع الاحتمالات الأربعة لا يقاوم التصريحات السابقة بل لا يجوز الاستدلال به، والله أعلم، ( منه قدّه ).

الباب ٣٦

فيه ١٤ حديثاً

١ - الفقيه ١: ٤٧ / ١٨٦.

٢ - الفقيه ١: ٤٧ / ١٨٧.

٣ - الفقيه ١: ٤٨ / ١٨٩.

٤ - المقنع: ١٣.

٥ - الكافي ٣: ٤٩ / ٢.

٢٥٠

عن الرجل يغتسل ثمّ يجد بعد ذلك بللاً وقد كان بال قبل أن يغتسل ؟ قال: إن كان بال قبل أن يغتسل(١) فلا يعيد الغسل.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم(٢) ، ورواه أيضاً بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٣) .

[ ٢٠٨٠ ] ٦ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد - يعني ابن مسلم - قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن الرجل يخرج من إحليله بعد ما اغتسل شيء ؟ قال: يغتسل ويعيد الصلاة، إلّا أن يكون بال قبل أن يغتسل، فإنه لا يعيد غسله.

[ ٢٠٨١ ] ٧ - قال محمّد: وقال أبو جعفر (عليه‌السلام ) : من اغتسل وهو جنب قبل أن يبول ثمّ وجد(٤) بللاً فقد انتقض غسله، وإن كان بال ثمّ اغتسل ثمّ وجد بللاً فليس ينقض غسله، ولكن عليه الوضوء، لأنّ البول لم يدع شيئاً.

أقول: إعادة الصلاة محمولة على أنّه صلّى بعد خروج المني لا قبله.

[ ٢٠٨٢ ] ٨ - وعنه، عن أخيه الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال: سألته عن الرجل يجنب ثمّ يغتسل قبل أن يبول فيجد بللاً بعدما يغتسل ؟ قال: يعيد الغسل، فإن كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله ولكن يتوضّأ ويستنجي.

__________________

(١) في نسخة: الغسل، ( منه قدّه ).

(٢) التهذيب ١: ١٤٣ / ٤٠٥.

(٣) الاستبصار ١: ١١٨ / ٤٠٠.

٦ - التهذيب ١: ١٤٤ / ٤٠٧، والاستبصار ١: ١١٩ / ٤٠٢.

٧ - التهذيب ١: ١٤٤ / ٤٠٧ ذيل الحديث والاستبصار ١: ١١٩ / ٤٠٢ ذيل الحديث وأورده في الحديث ٥ من الباب ١٣ من أبواب نواقض الوضوء.

(٤) في التهذيب والاستبصار: يجد.

٨ - التهذيب ١: ١٤٤ / ٤٠٦، والاستبصار ١: ١١٩ / ٤٠١. وأورد ذيله في الحديث ٦ من الباب ١٣ من أبواب نواقض الوضوء.

٢٥١

ورواه الكليني عن أبي داود، عن الحسين بن سعيد، مثله(١) .

[ ٢٠٨٣ ] ٩ - وعنه، عن فضالة، عن معاوية بن ميسرة قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) يقول في رجل رأى بعد الغسل شيئاً، قال: إن كان بال بعد جماعه قبل الغسل فليتوضّأ، وإن لم يبل حتّى اغتسل ثمّ وجد البلل فليعد الغسل.

[ ٢٠٨٤ ] ١٠ - وقد تقدّم حديث سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن رجل أجنب فاغتسل قبل أن يبول فخرج منه شيء ؟ قال: يعيد الغسل، قلت: فالمرأة يخرج منها شيء بعد الغسل ؟ قال: لا تعيد، قلت: فما الفرق فيما بينهما ؟ قال: لأنّ ما يخرج من المرأة(٢) إنّما هو من ماء الرجل.

[ ٢٠٨٥ ] ١١ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن علي بن السندي، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن الرجل تصيبه الجنابة فينسى أن يبول حتّى يغتسل، ثمّ يرى بعد الغسل شيئاً، أيغتسل أيضاً ؟ قال: لا، قد تعصّرت ونزل من الحبائل.

[ ٢٠٨٦ ] ١٢ - وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن هلال قال: سألته عن رجل اغتسل قبل أن يبول ؟ فكتب: إنّ الغسل بعد البول، إلّا أن يكون ناسياً فلا يعيد منه الغسل.

[ ٢٠٨٧ ] ١٣ - وبإسناده عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن

__________________

(١) الكافي ٣: ٤٩ / ٤.

٩ - التهذيب ١: ١٤٤ / ٤٠٨ والاستبصار ١: ١١٩ / ٤٠٣.

١٠ - تقدّم في الحديث ١ من الباب ١٣ من هذه الأبواب.

(٢) في نسخة: الماء، ( منه قدّه ).

١١ - التهذيب ١: ١٤٥ / ٤٠٩ والاستبصار ١: ١٢٠ / ٤٠٦.

١٢ - التهذيب ١: ١٤٥ / ٤١٠ والاستبصار ١: ١٢٠ / ٤٠٧.

١٣ - التهذيب ١: ١٤٥ / ٤١١ والاستبصار ١: ١١٩ / ٤٠٤.

٢٥٢

عبدالله بن محمّد الحجّال(١) ، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبدالله بن هلال قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن الرجل يجامع أهله ثمّ يغتسل قبل أن يبول، ثمّ يخرج منه شيء بعد الغسل ؟ قال: لا شيء عليه، إنّ ذلك ممّا وضعه الله عنه.

[ ٢٠٨٨ ] ١٤ - وعنه، عن موسى بن الحسن، عن محمّد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة المفضّل بن الصالح، عن زيد الشّحام، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل أجنب ثمّ اغتسل قبل أن يبول ثمّ رأى شيئاً ؟ قال: لا يعيد الغسل، ليس ذلك الذي رأى شيئاً.

أقول: وجه ما تضمّن إعادة الغسل أو الوضوء إمّا الحمل على الاستحباب، أو على تحقّق كون الخارج منيّاً، أو بولاً، كما يفهم من كلام الصدوق والشيخ لما تقدّم من الأحاديث الدالّة على عدم الوجوب(٢) ، وقد مرّت بقيّة أحاديث البلل المشتبه في نواقض الوضوء(٣) ، وفي الخلوة(٤) ، وغير ذلك، وتقدّم ما يدلّ على عدم انتقاض الطهارة إلّا باليقين بحصول الحدث دون الظنّ والشكّ(٥) .

٣٧ - باب استحباب الدعاء بالمأثور عند الغسل

[ ٢٠٨٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد،

__________________

(١) في الاستبصار: الحجّاج.

١٤ - التهذيب ١: ١٤٥ / ٤١٢ والاستبصار ١: ١١٩ / ٤٠٥.

(٢) تقدم في الأحاديث ١١، ١٢، ١٣، ١٤ من هذا الباب.

(٣) تقدم في الباب ١٣ من أبواب نواقض الوضوء.

(٤) تقدم في الباب ١١ من أبواب أحكام الخلوة.

(٥) تقدم في الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء.

الباب ٣٧

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٤٣ / ٤.

٢٥٣

عن علي بن الحكم، عن بعض أصحابنا قال: تقول في غسل الجمعة: « اللّهمّ طهّر قلبي من كل آفةٍ تمحق ديني وتبطل عملي » وتقول في غسل الجنابة: « اللّهمّ طهّر قلبي، وزكّ عملي، وتقبّل سعيي، واجعل لي ما عندك خيراً لي ».

محمّد بن الحسن، عن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن جعفر، عن الحسن بن حمّاد، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: تقول في غسل الجمعة، وذكر مثله(١) .

[ ٢٠٩٠ ] ٢ - قال الشيخ: وفي حديث آخر: « اللهمّ اجعلني من التوّابين، واجعلني من المتطهّرين ».

[ ٢٠٩١ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن الحسن بن علي، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار الساباطي قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : إذا اغتسلت من جنابة فقل: « اللّهمّ طهّر قلبي، وتقبّل سعيي، واجعل ما عندك خيراً لي، اللهمّ اجعلني من التوّابين، واجعلني من المتطهّرين ».

وإذا اغتسلت للجمعة فقل: « اللهمّ طهّر قلبي من كلّ آفة تمحق(٢) ديني، وتبطل به(٣) عملي، اللّهمّ اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين ».

__________________

(١) التهذيب ١: ١٤٦ / ٤١٤.

٢ - التهذيب ١: ١٤٦ / ٤١٥.

٣ - التهذيب ١: ٣٦٧ / ١١١٦.

(٢) في المصدر زيادة: بها.

(٣) في المصدر: بها.

٢٥٤

٣٨ - باب وجوب ايصال الماء الى أصول الشعر، وجميع البدن في الغسل، وعدم وجوب غسل الشعر ولا نقضه

[ ٢٠٩٢ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن ربعي بن عبدالله، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: حدَّثتني سلمى خادم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، قالت: كانت أشعار نساء النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قرون رؤوسهنّ مقدّم رؤوسهنّ، فكان يكفيهنّ من الماء شيء قليل، فأمّا النساء الآن فقد ينبغي لهنّ أن يبالغن في الماء.

[ ٢٠٩٣ ] ٢ - وبإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عمّا يصنع النساء في الشعر والقرون ؟ قال: لم تكن هذه المشطة، إنّما كنّ يجمعنه، ثمّ وصف أربعة أمكنة، ثمّ قال: يبالغن في الغسل.

ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، مثله(١) .

[ ٢٠٩٤ ] ٣ - وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبدالله، عن أبيه، عن علي (عليهم‌السلام ) قال: لا تنقض المرأة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة.

[ ٢٠٩٥ ] ٤ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن

__________________

الباب ٣٨

فيه ٧ أحاديث

١ - التهذيب ١: ١٤٧ / ٤١٩.

٢ - التهذيب ١: ١٤٧ / ٤١٨.

(١) الكافي ٣: ٤٥ / ١٧.

٣ - التهذيب ١: ١٦٢ / ٤٦٦.

٤ - الكافي ٣: ٤٥ / ١٦.

٢٥٥

عبدالله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن محمّد الحلبي، ( عن رجل )(١) عن أبي عبدالله(٢) (عليه‌السلام ) قال: لا تنقض المرأة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة.

ورواه الشيخ عن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، ومحمّد بن خالد، عن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن مسكان، عن محمّد بن علي الحلبي، مثله(٣) .

[ ٢٠٩٦ ] ٥ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير جميعاً، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي قال: قلت لأبي عبدالله (عليه‌السلام ) : إنّ النساء اليوم أحدثن مشطاً، تعمد إحداهنّ إلى القرامل(٤) من الصوف، تفعله الماشطة، تصنعه مع الشعر، ثمّ تحشوه بالرياحين، ثمّ تجعل عليه خرقة رقيقة، ثمّ تخيطه بمسلة(٥) ، ثمّ تجعله في رأسها، ثمّ تصيبها الجنابة ؟ فقال: كان النساء الأول إنما يتمشّطن(٦) المقاديم، فإذا أصابهن الغسل تغدر(٧) ، مرها أن تروي رأسها من الماء، وتعصره حتّى يروى، فإذا روى فلا بأس عليها، قال: قلت فالحائض ؟ قال: تنقض المشطة نقضاً.

قال صاحب المنتقى: قوله: تغدر، معناه تترك الشعر على حاله ولا تنقضه(٨) .

__________________

(١) ليس في المصدر « راجع معجم رجال الحديث ١٨: ٧٣ ».

(٢) في التهذيب زيادة: عن أبيه، عن علي (عليهم‌السلام ) ، ( هامش المخطوط ).

(٣) التهذيب ١: ١٤٧ / ٤١٧.

٥ - الكافي ٣: ٨١ / ١.

(٤) القرامل: ما وصلت به المرأة شعرها من صوف أو شعر أو أبريسم ( لسان العرب ١١: ٥٥٦ ).

(٥) المسَلّة: واحدة المسال وهي الأبر الكبار والمخيط الضخم ( لسان العرب ١١: ٣٤٢ ).

(٦) في نسخة: يمتشطن، ( هامش المخطوط ).

(٧) في نسخة: تعذر، وفي أخرى: يقدر، ( هامش المخطوط ). وفي المصدر: بقذر.

(٨) منتقى الجمان ١: ٢٢١.

٢٥٦

وقال في القاموس: أغدره: تركه وأبقاه كغادره(١) .

[ ٢٠٩٧ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن عمّار بن موسى الساباطي، أنّه سال أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن المرأة تغتسل وقد امتشطت بقرامل ولم تنقض شعرها، كم يجزيها من الماء ؟ قال: مثل الذي يشرب(٢) شعرها، وهو ثلاث حفنات على رأسها، وحفنتان على اليمين، وحفنتان على اليسار، ثمّ تمرّ يدها على جسدها كلّه.

[ ٢٠٩٨ ] ٧ - وقد تقدّم في حديث عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: من ترك شعرة من الجنابة متعمّداً فهو في النار.

أقول: المراد أنّه يجب إيصال الماء إلى أُصول الشعر، لا إلى أطرافه، لما تقدّم هنا(٣) وفي الوضوء(٤) ، وفي أحاديث كيفية الغسل ما يدلّ على وجوب استيعاب البدن بالماء أيضاً(٥) .

٣٩ - باب حكم من نسي غسل الجنابة أو لم يعلم بها حتى صلّى وصام

[ ٢٠٩٩ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن

__________________

(١) القاموس المحيط ٢: ١٠٠.

٦ - الفقيه ١: ٥٥ / ذيل الحديث ٢٠٨.

(٢) في نسخة من المصدر: نشرت.

٧ - تقدم في الحديث ٥ من الباب ١ من أبواب الجنابة.

(٣) تقدم في الأحاديث ١ - ٦ من هذا الباب.

(٤) الموجود في أبواب الوضوء عدم وجوب تخليل الشعر وهو أيضاً يدل على عدم وجوب غسل الشعر راجع الباب ٤٦ من أبواب الوضوء.

(٥) تقدم في الباب ٢٦ والحديث ١ من الباب ٤١ من هذه الأبواب.

الباب ٣٩

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٤: ٣١١ / ٩٣٨، وأورده في الحديث ٣ من الباب ٣٠ من أبواب من يصح الصوم منه.

٢٥٧

محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي قال: سئل أبو عبدالله (عليه‌السلام ) عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتّى خرج شهر رمضان ؟ قال: عليه أن ( يغتسل و )(١) يقضي الصلاة والصيام.

[ ٢١٠٠ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد وعبدالله بن محمّد جميعاً، عن علي بن مهزيار - في حديث -: أنّ الرجل إذا كان ثوبه نجساً لم يعد الصلاة إلّا ما كان في وقت، وإذا كان جنباً أو صلّى على غير وضوء فعليه إعادة الصلوات المكتوبات اللواتي(٢) فاتته، لأنّ الثوب خلاف الجسد، فاعمل على ذلك، إن شاء الله.

[ ٢١٠١ ] ٣ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال: سألته (عليه‌السلام ) عن الرجل يرى في ثيابه(٣) المنيّ بعدما يصبح ولم يكن رأى في منامه أنّه قد احتلم ؟ قال: فليغتسل، وليغسل ثوبه، ويعد(٤) صلاته.

أقول: ويأتي ما يدل على ذلك في حديث من نسي بعض العضو، وفي كتاب الصوم، إن شاء الله(٥) .

__________________

(١) ليس في التهذيب.

٢ - التهذيب ١: ٤٢٦ / ذيل الحديث ١٣٥٥، والاستبصار ١: ١٨٤ / ٦٤٣، وأورده أيضاً في الحديث ٤ من الباب ٣ من أبواب الوضوء، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ٤٢ من أبواب النجاسات.

(٢) في التهذيب: التي.

٣ - التهذيب ١: ٣٦٧ / ١١١٨، والاستبصار ١: ١١١ / ٣٦٧، وأورده أيضاً في الحديث ٢ من الباب ١٠ من هذه الأبواب.

(٣) في التهذيب: ثوبه.

(٤) في المصدرين: ويعيد.

(٥) يأتي في:

أ - الحديث ١، ٢ من الباب ٤١ من هذه الأبواب.

٢٥٨

٤٠ - باب استحباب الصبّ على الرأس ثلاثاً، وعلى كلّ جانب مرّتين

[ ٢١٠٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى، عن ربعي بن عبدالله، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: يفيض الجنب على رأسه الماء ثلاثاً، لا يجزيه أقلّ من ذلك.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في كيفيّة الغسل(١) ، وتقدّم أيضاً ما يدلّ على إجزاء مسمّى الغسل ولو كالدهن، وأنّه يجزي ما دون الصاع(٢) ، فظهر أنّ المراد من التثليث والتثنية الاستحباب.

٤١ - باب عدم وجوب اعلام الغير بخلل في الغسل، وحكم من نسي بعض العضو أو شكّ فيه

[ ٢١٠٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: اغتسل أبي من الجنابة فقيل له: قد أبقيت لمعة في ظهرك

__________________

ب - الباب ١ من أبواب قضاء الصلاة.

ج - يأتي في الحديث ١ من الباب ١٧ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

د - الباب ٣٠ من أبواب من يصح فيه الصوم.

الباب ٤٠

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٣: ٤٣ / ٢ وأورده أيضاً في الحديث ٤ من الباب ٣٦ من هذه الأبواب.

(١) تقدّم في الأحاديث ١ - ٤، ٨، ٩ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب.

(٢) تقدّم في الأحاديث ٣ - ٦ من الباب ٣١ من هذه الأبواب، وتقدم في الأحاديث ١، ٣ - ٥ من الباب ٣٢ من هذه الأبواب.

الباب ٤١

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٤٥ / ١٥.

٢٥٩

لم يصبها الماء، فقال له: ما كان عليك لو سكتّ ؟! ثمّ مسح تلك اللمعة بيده(١) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن أحمد، عن الحسين، عن فضالة، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، مثله(٢) .

[ ٢١٠٤ ] ٢ - وعن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) - في حديث - قال: قلت له: رجل ترك بعض ذراعه، أو بعض جسده، من غسل الجنابة ؟ فقال: إذا شكّ وكانت به بلّة وهو في صلاته مسح بها عليه، وإن كان استيقن رجع فأعاد عليهما مالم يصب بلّة، فإن دخله الشك وقد دخل في صلاته فليمض في صلاته ولا شيء عليه، وإن استيقن رجع فأعاد عليه الماء، وإن رآه وبه بلّة مسح عليه وأعاد الصلاة باستيقان، وإن كان شاكّاً فليس عليه في شكّة شيء، فليمض في صلاته.

ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن حمّاد، مثله(٣) .

[ ٢١٠٥ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن

__________________

(١) ورد في هامش المخطوط ما نصه: بقاء لمعه في ظهره لا يستلزم النسيان لأن ذلك غائب عن عينه فهو من علم الغيب ولا يلزم ذلك في الامام (عليه‌السلام ) ويحتمل غلط القائل واشتباه الأمر عليه وغير ذلك ( منه قده ).

(٢) التهذيب ١: ٣٦٥ / ١١٠٨.

٢ - التهذيب ١: ١٠٠ / ذيل الحديث ٢٦١، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ٤٢ من الوضوء.

(٣) الكافي ٣: ٣٣ / ٢.

٣ - التهذيب ١: ٨٨ / ٢٣٢، والاستبصار ١: ٧٢ / ٢٢٢، وأورده في الحديث ٤ من الباب ٣٣، والحديث ٢ من الباب ٢٩ من أبواب الوضوء.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566