وسائل الشيعة الجزء ٢

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 566

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 566 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 376614 / تحميل: 7698
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

يلتذّون إلّا بقرب الحقّ وذكره والثناء عليه على التفصيل الّذي قرّرناه.

ومنهم من لهم دون ذلك المقام وهم الأكثرون كما قال: أكثر أهل الجنّة البلهاء، فيتنعّمون بالمآكل والمشارب هو الصحيح الّذي نحن نقول به.

وأمّا ما ذكره المفيد رحمه الله من الحصر الّذي عرفته فناش عن الجهل بحقيقة الحال. كيف ويأباه العقل اللّامع اللاهوتي كمال الإباء، إذ هذه الأشياء ممّا لا يليق إلّا بالقوّة البهيميّة، ولا يليق بالرتبة الإنسانيّة، لأنّها من أعلى المراتب الإمكانيّة، وقد أعدّ الله لها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

فلا ينبغي للعاقل أن يحصر اللذّات في الجنّة فيما يخصّ بالبهائم. كيف وهو نقص للرتبة الإنسانيّة.

وأمّا ذكره من الآيات القرآنيّة شاهدة على دعواه فممّا الجواب عنه سهل على كلّ من تدبّر هنيئة، إذ لتلك الآيات ظواهر يعرفها كلّ من له اطّلاع بلغة العرب، وحقائق قد علمها أهل التوحيد، وعرفها أرباب التجريد.

كيف لا وقد كشف عن بعضها الأئمّة الأطهار عليهم السّلام في بعض أخبارهم المرويّة عنهم في الكتب المعتبرة كما لا يخفى على من تتبّعها، ولا يبقى شكّ للمتتبّع في أنّ تلك الألفاظ الّتي تضمّنها القرآن، بل الأخبار الواردة في أمر الجنّة والنيران كما تكون عبارات عن اللذّات الجسمانيّة المحسوسة، والآلام الظاهرة العنصريّة كذلك تكون كنايات عن الدرجات الرفيعة القربيّة، والدركات البعديّة، وإنّي في مقامي هذا بين يدي الله لأشهدنّ بأنّ ما اشتمله القرآن والأخبار في أمر الجنّة والنار لحقّ صدق من

١٨١

الله إلى رسول الله، ثمّ إلى خلق الله، ولا ريب فيه أصلا ولكن أقسم بعزّة الله صادقا بأنّ الأمر في كيفيّات ذلك ليس كما ذكره الظاهريّون القشريّون من العلماء، واعتقده الأدنون من أنّ أهل الجنّة كلّهم يلتذّون بالمطاعم الجسميّة كما يلتذّ البهائم، بل لذلك كيفيّة لم يعرفها إلّا من فاز بها.

فكذب من ادّعى عرفان تلك الكيفيّات قبل أن يدركها حقّ الدرك، فإنّه خاصّ بالأنبياء والأولياء والأصفياء المنقطعين عن تلك الحواسّ الظاهرة الحيوانيّة انقطاعا كلّيّا، فهيهات هيهات كيف يدركها المشتغل باللذّات الحسّيّة، والمتوجّه إلى الشؤونات الغيريّة.

ومن ذلك يكشف معنى ما روي من أنّ الحسين عليه السّلام قد أرى أصحابه مقاماتهم ودرجاتهم في الجنّة في أرض كربلا، فإنّ ذلك لقد كان عند انقطاعهم عن هذه الحياة الدنيا وشوقهم إلى الحياة الدائمة السرمديّة.

وبالجملة: لا يمكن الفوز بحقيقة تلك الكيفيّات لمن لم يذق من رحيق العرفان، والانقطاع عن كلّ ما في الإمكان، فإنّي إلى هذه الغاية في رتبة التوحيد، والانقطاع بمقام التجريد، لم يظهر لي حقيقة تلك الكيفيّات حقّ الظهور، فكيف لمن لم يكن له حظّ من مقام العرفان أصلا.

فيا أيّها المتعرّف الجاهل صه عن البحث في هذه الكيفيّات، فإنّه لا ينبغي إلّا لمن خلص دينه، وأتقن يقينه، فالحمد لله حقّ حمده، والصلاة على مظهر مجده.

السابعة: لقد ظهر ممّا سطرناه أنّ الله تعالى لقد عبّر عن الدرجات الروحانيّة، والمقامات العرفانيّة الّتي يفوز بها العارفون والواصلون كلّ

١٨٢

بحسب سعيهم وإمكانهم بالجنّة والحرير واتّكائهم على الأرائك إلى غير ذلك ممّا أشير إليه في الآيات، ولكن لا يدرك ذلك إلّا العارفون بأسرار القرآن وحقائقه، فإنّ لباطن القرآن أهل يفهمون الكنايات، ويدركون الإشارات، وهم المعصومون من آل محمّد عليهم السّلام والّذين علّمهم هؤلاء وهم الراسخون في العلم الّذين يعلمون تأويل القرآن، كما قال:( وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (١) إلى آخره.

لا الّذين ما استعدّوا إلّا للقشور، فإنّهم لا يعرفون إلّا ظواهر الأمور، لما في استعدادهم من القصور، عن درك حقائق النور، فما عثروا على الكنوز، وما اطّلعوا على الرموز، واقتصروا على الصورة وما تحسّسوا عن يوسف الحقيقة، كلّا إنّهم عن حقائق الحقّ لمحجوبون.

ثمّ لا يخفى أنّ في اختلاف تعبيره سبحانه إشارة إلى أنّ معارفهم ليست من صنف واحد، بل مختلفة باختلاف متعلّقها، وكذلك مقاماتهم ليست متّحدة حتّى يكون مقام واحد، بل متفاوتة بعضها فوق بعض، ولكن نحن لاشتغالنا بالحياة العنصريّة لا ندرك حقيقة مقام هؤلاء المنقطعين، بل كيفيّته، فضلا عن اختلافه وتفاوته.

كيف ولسنا في ذلك المقام حتّى ندركه، إذ قد عرفت أنّ الخارج عن مقام لا يمكن له اكتناه ذلك المقام كيفوفيّة وحيثوثيّة إلّا على طريق الإجمال، وهو غير مفيد للحال إلّا إثبات بعض الأحوال.

هذا فإنّه غاية ما يمكن تقريره في نحو المقال، فالحمد لله على كلّ حال.

__________________

(١) آل عمران: ٧.

١٨٣

تنبيهات :

الأوّل: قال بعض العارفين: الجنّة في الآية إشارة إلى المقاصد الكلّيّة، والمطالع الجليلة.

وأمّا الحرير فلمّا كان من اللباس الكامل المكمّل حسّا عبّر به عمّا يطابقه من الكمالات العقليّة من التسربل بسرابيل الإفاضات الروحانيّة، والتسرول بسراويل الكرامات الرحمانيّة، والتعمّم بعموم عمائم العناية الربّانيّة، المحيطة بالكلّ حياط الحاوي للمحوي، وإن كان تفاوت ما بين الحريرين.

والأرائك جمع الأريكة وهي السرير.

وقيل: هي الفرش فوق الأسرّة.

ومتّكئين منصوب على المدح أو حال من الضمير.

وفي الآية إشارة إلى حسن المنزل، وطيب هوائه، وتلويح إلى دوام هذا الطيب وعدم تغيّره.

وعدم الشمس والزمهرير كناية عن الخلوّ عن الحرّ والبرد، والزمهرير في لغة طيّ: القمر.

وعلى الوجهين تلميح إلى أنّ هذا الطيب والاعتدال ليس من أمور خارجة كاعتدال هواء الدنيا. ثمّ في الآية دلالة على إثبات اللذّة ونفي الألم، فإنّ الاتّكاء على السرير في هواء طيّب جامع في البدن وفي النفس حالات مناسبة مشابهة، والشمس يتبعها حرّ وكرب يلزم الشوق، والزمهرير برودة وجمود يلزم البلادة والغفلة.

أقول: وفي الآية إشعار أيضا بكمال البينونة والتفاوت بين اللذّات

١٨٤

الدنيويّة الفانية، واللذّات الأخرويّة الباقية، كما لا يخفى على المتأمّل.

الثاني: القراءة المشهورة في «ودانية عليهم» النصب، وله وجوه ذكروها في كتب التفسير، منها: أن يكون عطفا على «متّكئين» فيكون حالا بعد الحال بواسطة الحرف، أي في حال اتّكائهم على الأسرّة وقرب أفياء الجنّة منهم.

ومنها: أن يكون صفة الجنّة المذكورة، أي: وجزاهم جنّة دانية. ذكره بعض، ولكنّه أخطأ لعدم جواز الفصل بين الصفة والموصوف بالواو، ولا محلّ لزيادتها هنا، كما لا يخفى فليتأمّل.

ومنها: أن يكون صفة لموصوف محذوف، فالنصب على المفعوليّة، أي: وجزاهم بما صبروا جنّة وحريرا وجنّة أخرى دانية عليهم، وذلك إنّهم وعدوا جنّتين لخوفهم من مقام ربّهم على ما سبق كما قال:( وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ) (١) ومن قرأ بالرفع فقد جعله خبرا مقدّما والمبتدأ قوله ظلالها، والجملة في محلّ النصب على الحالية.

ثمّ المراد بدنوّ الظلال هو قرب أفياء أشجار الجنّة.

وقيل: المراد إنّ ظلال الجنّة لا تنسخها الشمس كما تنسخ ظلال الدنيا، والاستشكال بأنّ الظلّ لا يكون إلّا حيث يكون الشمس مجاب عنه تارة بأنّ المراد لو كان هناك شمس لوقع ظلّ فتأمّل.

وتارة بأنّ الظلّ لا يلزم أن يكون بالشمس، بل الضوء كاف في إيقاع الظلّ كما لا يخفى.

__________________

(١) الرحمن: ٤٦.

١٨٥

وقوله: «وذلّلت قطوفها» معناه: وسهل أخذ ثمارها إن قام ارتفعت بقدره، وإن قعد نزلت عليه حتّى ينالها، وكذلك إن اضطجع.

وقيل: أي لا يردّ أيديهم عنها بعد ولا شرك والمال واحد كما لا يخفى.

وفي ذلك إشارة إلى أنّ هؤلاء الأبرار المستكملين لقد فازوا باللذّات الدائمة بحيث هيّأت لهم جميع المعارف بحسب استعدادهم في بساط القرب، فلا يريدون لذّة إلّا وهم واجدوها، ولا يتمنّون علما وحكمة إلّا وهم عالموها، فلا يحتاجون في مقام العلم والعرفان إلى غيرهم.

كيف وهم الكاملون الّذين أمر الناس بأن يرجعوا إليهم في أمورهم جميعا، ورغّبوا في أن يسألوهم ممّا لا يعلمون، كما قال:( فَسْئَلُوا أهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (١) أي الذاكرين للحقّ خاصّة، الذاهلين عن جميع ما في الإمكان، فمن أمر الناس بسؤاله لا يجهل شيئا ممّا يحتاجون إليه لا محالة، فعلم الكاملين بمحاوج السائلين حضوريّ لا فكريّ كما زعمه جماعة.

وقد دلّ على دعوانا بعض الأخبار الواردة في باب علم الإمام عليه السلام، والمتتبّع لاحظه لا محالة، فلا حاجة إلى تطويل الرسالة في تلك المقالة. هذا ما ألهمنا به في الحال.

وقال بعض أهل الحال: لا يبعد أن يكون دنوّ الظلال إشارة إلى قرب الظلّ دون المظلّ، وتذلّل القطوف إلى تقارب المظلّ. وفي هذا إشارة إلى شمول العناية الإلهيّة وتقاربها وإحاطتها مانعة عن الآلام العقليّة والحسّيّة.

__________________

(١) النحل: ٤٣، الأنبياء: ٧.

١٨٦

والقطوف إشارة إلى اللذّات وتعقّل المعقولات، وتذليلها إلى تقاربها بمفيضها.

ويمكن أن يقال: إنّ دنوّ الظلال لـمـّا كان من اللذّات البدنيّة الّتي توجد للمتّكئين بمثل تلك الجنان من الجنان الدنيويّة المحسوسة عبّر به عمّا يحصل لهؤلاء في الجنّة من إحاطة العناية الإلهيّة عليهم، ودنوّ النعمة الربّانيّة بهم أن لا يصيبهم ألم أو يجري عليهم شيء من عذاب الناقصين.

وأمّا تذليل قطوفها فعبارة عن تعقّلاتهم لتلك المعقولات المجرّدة، وافتياضهم من تلك الجواهر العقليّة بحسب إمكاناتهم، وتذليل قطوفها تناولها بسرعة.

وفيه إشارة لطيفة إلى أنّ المبدأ الأوّل جلّ ذكره لا تتوقّف إفاضة وجوده على شيء من ذاته، وإنّما هو بحسب استعدادات القوابل، فهؤلاء لـمـّا كانوا على غاية من كمال استعداداتهم وقبولهم لكمالاتهم، لا جرم كانت قطوفها على غاية سرعة الإفاضة، وذلك معنى تذلّلها.

الثالث: الطواف والآنية معلوم، والأكواب جمع الكوب وهو القدح الّذي لا عروة له، والقوارير: الزجاجات، وانصرافه بالتنوين في بعض القراءات، إنّما هو لرعاية السجع.

وقوارير الثانية بدل من الأولى، والفائدة معلومة أي يطاف على هؤلاء الكمّل بآنية أصلها فضّة وأقداح أصلها القوارير الّتي مثل الفضّة في الصفاء والبياض بحيث يقال إنّها منها لشدّة ملابستها لها.

وبذلك يجاب عمّا استشكل بأنّه كيف تكون القوارير من فضّة وأمّا

١٨٧

القوارير من الرمل دونها. وقد يجاب أيضا بأنّ المضاف محذوف أي من صفاء الفضّة، قال الصادق عليه السلام: ينفذ البصر في فضّة الجنّة كما ينفذ في الزجاج(١) .

أقول: وفي الآية إشعار بكمال لطافة ما يحصل لهم من المقامات والمعارج بحيث لا يلتذّ بها سواهم، فإنّه لا مناسبة بين غير هؤلاء من المشتغلين بالشؤون الغيريّة وبين تلك المدركات العقليّة حتّى يدركوها، إذ الالتذاذ من الشيء وإدراكه فرع المناسبة والرابطة ولو في الجملة.

قال بعض العارفين: المراد أنّ الفضّة لـمـّا كانت من الجواهر العزيزة بما يتّخذ منه الملوك الأواني من آلات الشرب وغيرها وكان مع ذلك لها البياض الّذي هو أشرف الألوان المشرقة عبّر بها عمّا ناسبها من الجواهر المعقولة.

واعلم أنّه عبّر بالطواف عمّا يحصل للنفوس الكاملة من تلك المشاهدة والمقابلة الّتي تجري مجرى مقابلة المرايا العالية للمرايا السافلة، وعبّر بالآنية والأكواب عن المبادي العالية الّتي هي مقرّ العلوم والمعارف تنبيها على ذلك. انتهى.

وقال: نبّه بقوله قوارير على وصفين :

أحدهما: أنّ تلك الجواهر العقليّة وإن كان لها لون الفضّة فإنّها مع ذلك في صفاء القوارير وشفّافها، وهو إشارة إلى براءتها عن كدورات العلائق الجسمانيّة.

__________________

(١) بحار الأنوار ٨: ١١١.

١٨٨

والثاني: إنّها مقرّ العلوم الحقيقيّة قرارا لا يتبدّل ولا يتغيّر بحسب تغيّر المعلومات.

وقال: المبادئ العالية أنوار متعدّدة متكثّرة مترتّبة لها أظلال، فإشراقها على النفوس إظلالها، واستفاضة النفوس منها اقتطافها.

الرابع: في قوله «قدّروها» قراءتان :

الأولى: الفتح وهي المشهورة، أي قدّروها في أنفسهم فجاءت مقاديرها وأشكالها كما تمنّوه، أو قدّروها بأعمالهم الصالحة فجاءت على حسبها، فالضمير عائد إلى الأبرار الموصوفين قبل.

وقيل: أي قدّروا الكأس على قدر ريّهم لا يزيد ولا ينقص من الريّ.

وقيل: قدّروها على قدر ملاء الكفّ، أي كانت الأكواب على قدر ما اشتهوا، فالضمير على القولين عائد إلى الطائفين الّذين يسقون، فإنّهم يقدّرونها ثمّ يسقون.

وفيه إشارة إلى أنّ كلّا منهم ينال من الفضل والمقام بحسب استعداده وعمله في الدنيا، بمعنى أنّهم ليسوا سواء في جميع المقامات، بل مقاماتهم مختلفة، ومراتبهم متفاوتة باختلاف إمكاناتهم، وتفاوت استعدادتهم، فلكلّ درجات ممّا عملوا والله عليم بما يعملون.

هذا معنى ما قيل من أنّ المراد أنّه حصل لكلّ منهم من المعارف والمشاهدات لتلك الصور البهيّة، والمطالع العليّة حصّته بحسب ما انتهى إليه طرق إمكانه، أي قدّر لهم الطائفون ذلك التقدير المختلف بحسب اختلاف إمكاناتهم.

١٨٩

الثانية: ضمّ القاف، فالضمير للأبرار، والتقدير: قدّروا عليها، فحذف الجار ووصل الفعل بالمجرور، وهو الشائع.

الخامس: قال بعض العارفين: لا يخفى على أولي النّهى أنّ في الآية أمورا ينبغي الاستكشاف عنها :

منها: كيفيّة كون هذه الأكواب من الفضّة والقارورة وهما جوهران متباينان.

ومنها: من فاعل التقدير.

ومنها: وجه التأكيد.

ومنها: وجه إعادة المصدر.

أمّا الأوّل، فيمكن أن يبيّن بوجوه :

أوّلها: إنّ قوارير الدنيا مأخوذة من الرمل والحجر، وقارورة الجنّة من الفضّة، فكما أنّ الله قادر على تقليب الرمل الكثيف زجاجة لطيفة صافية كذلك قادر على تقليب الفضّة قارورة لطيفة، ففي الآية إشارة إلى أنّ نسبة قارورة الجنّة إلى قارورة الدنيا كنسبة فضّة الجنّة إلى حجارة الدنيا، وبهذا يتفطّن بصفاء قارورة الجنّة ولطافتها.

وثانيها: إنّ كمال الفضّة في بقائها ونقائها وصفائها وشرفها إلّا أنّها كثيفة الجوهر، وكمال القارورة في شفّافها وصفائها إلّا أنّها سريعة الانكسار، ففي الآية إشارة إلى أنّ آنية الجنّة جامعة بين صفاء الفضّة وبقائها ونقائها وصفاء الزجاجة وشفّافها.

وثالثها: أن يكون إشارة إلى أنّ تلك الآنية من الفضّة، ولكن يكون لها صفاء الزجاجة.

١٩٠

ورابعها: أنّ القارورة في الآية ليست بمعنى الزجاجة، بل العرب تسمّي كلّما صفى من الأواني قارورة.

وأمّا الثاني وهو بيان المقدّر ففيه وجهان :

الأوّل: أنّه هو الطائف.

والثاني: أنّه هو الشارب، ولكلّ وجه، بل وجوه وجيهة.

وأمّا الثالث فلا يخفى على من تفطّن بالأوّل، كما أنّ الرابع ظاهر لمن تأمّل في الثاني إلى آخره.

السادس: في بناء الفعل للمفعول في قوله «ويطاف عليهم» إشعار بتعظيم الطائف، فإنّه هو المبدأ الأوّل جلّ جلاله.

وكذلك القول في قوله «ويسقون فيها كاسا ...» إلى آخره، إذ الساقي للأولياء من شراب المحبّة والصفاء في مجلس الشهود هو الله تعالى، كما قال: «وسقاهم ربّهم شرابا طهورا».

والزنجبيل معروف، وهو ممّا كانت العرب تستطيبه وتستلذّه وتضرب به المثل في أشعارها للملذوذات، فوعدهم أنّهم يسقون في الجنّة الكأس الممزوجة بزنجبيل الجنّة، فإنّهم كانوا يمزجون شرابهم بالزنجبيل في الدنيا لزيادة اللذّة.

وفيه إشارة إلى أنّ اللذّة الروحانيّة ألذّ اللذّات الّتي يتصوّرونها ويتوهّمونها.

ولا يخفى أنّ الزنجبيل الممزوج بشراب الأبرار ليس مناسبة بينه وبين زنجبيل الدنيا أصلا في الأثر واللذّة إلّا فيما ذكر من أنّهم يستلذّون به في

١٩١

الدنيا، فجرى كلام الحقّ على قدر إفهامهم ليعرفوا أنّ ما يمزجه الحقّ بشرابهم ألذّ ممّا يمزجونه، فذكر الزنجبيل إنّما هو من باب التمثيل لا التحقيق، فإنّ حقيقة اللذّات الأخرويّة لا يدركها المشتغلون بالنشأة الدنيويّة حقّ الدرك.

نعم ربّما يعرفونها إجمالا، ألا ترى إلى الصبيّ كيف لا يدرك لذّة الجماع الّتي يدركها البالغ، إلّا أنّه قد يقطع بأنّ الجماع فيه لذّة، ولكن لا يعرف حقيقته.

نعم يتمثّل تلك اللذّة له بلذّة القند والسكّر، فكما أنّ بين لذّة الجماع ولذّة السكّر فرقان فاحش، كذلك يكون بين لذّة الدنيا ولذّة الآخرة فرقان كثير غاية الفرقان، بل لا مناسبة بينهما إلّا في الاسم.

كيف واللذّة الروحانيّة الّتي أعدّها للأبرار ممّا لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر إلى آخره، وهي دائمة باقية لا تتصرّم أبدا فهي أحقّ بذلك الاسم من اللذّة الفانية المتصرّمة.

وهكذا الأمر في جميع الألفاظ الّتي عبّر الله بها في القرآن عن اللذّات، فإنّ حقيقتها ما يلتذّ به العارفون ويستطيبه الصافّون.

وأمّا ما يسمّيه الناقصون باللذّة ويستطيبونه فليس في نفس الأمر لذّة وطيبا، وإنّما زعموا ذلك لعدم فوزهم بما هو الألذّ والأطيب.

كيف فلو كانوا فائزين به لما كانوا راضين بتلك التسمية أبدا، بل كانوا لا يتوجّهون إلى ذلك المقام أصلا، فحرمانهم عن المقام الأعلى حملهم على أن سمّوا تلك الأمور الفانية الزائلة لذّة وطيبا، وأنسوا بها حتّى لم يتبادر إلى

١٩٢

أذهانهم من الألفاظ المألوفة الرسميّة المشيرة إلى المعاني الروحانيّة الملكوتيّة سوى تلك اللذّات المألوفة الّتي لا تستحقّ اسم اللذّة، وذلك لعدم إدراكهم الملذّات الروحانيّة، وعدم فوزهم بها.

ويدلّك على ذلك أنّ الكاملين لا يتبادر إلى أذهانهم من تلك الألفاظ إلّا المقامات الملكوتيّة واللذّات الروحانيّة وإن ذلك إلّا لتوجّههم إلى جهة الملكوت وانقطاعهم عن سلسلة الناسوت.

وقد أجاد محمّد بن محمّد الغزاليّ قدّس سرّه في بيان ما أشرنا إليه من أنّ لتلك الألفاظ حقائق أحقّ في كتابه المسمّى بجواهر القرآن حيث قال :

إعلم أنّ الكبريت الأحمر عند الخلق في عالم الشهادة عبارة عن الكيمياء الّذي يتوصّل به إلى قلب الأعيان من الصفات الخسيسة إلى الصفات النفيسة حتّى ينقلب به الحجر ياقوتا، والنحاس ذهبا إبريزا، ليتوصّل به إلى لذّات في الدنيا مكدّرة منغّصة في الحال، متصرّمة على قرب في الاستقبال، أفترى أنّ ما يقلب جوهر القلب من رذالة البهيميّة، وضلالة الجهل إلى صفاء الملكيّة وروحانيّتها ليترقّى من أسفل السافلين إلى أعلى علّيّين، وينال به لذّة القرب من ربّ العالمين، والنظر إلى وجهه الكريم أبدا دائما سرمدا هل هو أولى باسم الكبريت الأحمر أم لا، فلهذا سمّيناه بالكبريت الأحمر، فتأمّل وراجع نفسك، وأنصف لتعلم أنّ هذا الاسم بهذا المعنى أحقّ، وعليه أصدق.

ثمّ أنفس النفائس الّتي يستفاد من الكيمياء اليواقيت، وأعلاها الياقوت الأحمر، فلذلك سمّينا به معرفة الذات.

وأمّا الترياق الأكبر فهو عند الخلق عبارة عمّا يشفي من السموم المهلكة

١٩٣

الواقعة في المعدة مع أنّ الهلاك الحاصل بها ليس إلّا هلاكا في حقّ الدنيا الهالكة الفانية، فانظر إن كان سموم البدع والأهواء والضلالات الواقعة في القلب مهلكة هلاكا يحول بين المسموم بها وبين عالم القدس ومعدن الروح والراحة حيلولة دائمة أبديّة سرمديّة وكانت المحاجّات البرهانية تشفي عن تلك السموم وتدفع ضررها هل هي أولى بأن يسمّى بالترياق الأكبر أم لا.

وأمّا المسك الأذفر فهو عبارة في عالم الشهادة عن شيء يستصحبه الإنسان، يثور منه رائحة طيّبة حتّى لو أراد إخفاءه لم يختف، لكن يستظهر وينتشر.

فانظر إن كان في المطالب العلميّة ما ينشر منه الاسم الطيّب في العالم ويشتهر به صاحبه اشتهارا لو أراد الاختفاء وإيثار الخمول لم يقدر عليه، بل يشهره ويظهره فاسم المسك الأذفر عليه أحقّ وأصدق أم لا. انتهى.

وأنا أقول: الجنّة عند الخلق في عالم الشهادة عبارة عن البستان المحفوف بالأشجار والأنهار بحيث يفرح بدخوله المغتمّ المهموم، ويزول عن قلبه الهموم والغموم، أفترى أنّ مقام قرب الحقّ الّذي من دخله كان مسرورا فرحا بالوصال، مجتنيا من أطايب ثمرات الجلال، زائلا عن قلبه شؤونات الجهل والضلال ليس أولى باسم الجنّة.

كيف وهو أولى بذلك الاسم، وهو عليه أحقّ وأصدق.

وكذا الشراب عند الخلق في ذلك العالم عبارة عمّا يشربونه فيطفئون به حرارات القلب، ويتوجّدون ويتطرّبون كمال التوجّد والتطرّب.

أفترى أنّ ما يطفأ به حرارة الجهل والغفلة ويتوجّد به العارفون

١٩٤

فيتطرّبون في عرش الحقّ واصلين متّصلين ليس أحقّ بذلك الاسم.

وكذا الزنجبيل عندهم عبارة عن ضرب من القرفة طيّب الطعم يمزجونه بالشراب فيلتذّون به على ما عرفت.

أفترى أنّ ما يلتذّ به الأبرار من الحقائق الروحانيّة الملكوتيّة، واللذّات الدائمة الحقيقيّة ليس أولى بذلك الاسم.

وكذا الحرير عندهم عبارة عمّا يلبسه الملوك ويتزيّنون به ويزيدون به الجمال والجلال عند الناس، فإنّه أبهى الألبسة، أفترى أنّ ما يستكمل به الواصلون ويستحملون به من لباس التوحيد وثياب التجريد بحيث يتميّزون بذلك عن سائر أصناف الخلق، ويتزيّنون به في سرير الملكوت ليس أحقّ بذلك الاسم؟

وكذلك الكافور الحسّيّ من صفاته البياض المشرق، ومن خواصّه إزالة الحرارة الراسخة المهلكة المتمكّنة في جوهر ذات الشخص. أفترى أنّ ما يفوز به الأبرار من الإفاضات العالية الّتي هي في غاية الإشراق والصفاء ومزيلة للجهالات وسائر المهلكات ليس أحقّ وأولى بذلك الاسم؟

وكذلك سائر الألفاظ الّتي اشتمل عليها القرآن لها حقائق تتبادر إلى أذهان العارفين كما تتبادر ظواهرها إلى أذهان الناقصين، فكما أنّ التبادر عندهم علامة للحقيقة كذلك هواية للحقيقة عند هؤلاء فكم من حقيقة عند أهل الظاهر هو أحقّ باسم المجاز عند أهل الباطن، فلكلّ اصطلاح يحاورون به في محلّ التخاطب لا يتكلّم به الآخرون، ولا يتبادر إلى أذهانهم كيف، فكما أنّ الناقصين القاصرين عن درك المقامات الروحانيّة لا ينتقش

١٩٥

في أذهانهم عند استماع تلك الألفاظ إلّا الصور الجسمانيّة المحسوسة الّتي كانوا ألفوها وأنسوا بها في عالم الشهادة، كذلك الكاملون العارفون بحقائق الحكمة والعرفان إذا استمعوا تلك الألفاظ لا يتوجّهون إلّا إلى المقامات الروحانيّة، واللذّات الملكوتيّة، ولا ينتقش في ألواح أذهانهم إلّا هذه المعاني العلويّة اللاهوتيّة، والحقائق العالية الهاهوتيّة. كيف ولا يتمنّون لرفعة همّتهم إلّا تلك المقامات القربيّة، ولا يرجون إلّا الفوز بهذه المعاني الملكوتيّة، والالتذاذ بالإفاضات الإلهيّة والعنايات الرحمانيّة الأزليّة، وذلك لما ركز في هويّتهم من الشوق إلى الحقّ الّذي هو المبدأ الأوّل لكلّ ما في الإمكان.

وأمّا الناقصون فليس فيهم ذلك الشوق، ولذا كانت منيتهم الالتذاذ بالمشارب والمآكل والمناكح الّتي هي لائقة بمقام البهيمة، وهؤلاء لقد استبدلوا الّذي هو أدنى بالّذي هو خير، وضلّوا عن مقام الوجد والحال.

ولقد أجاد الغزاليّ رحمه الله في ذلك المقام، حيث قال :

إعلم أنّه لو خلق فيك شهوة شوق إلى الله، وشهوة لمعرفة جلاله أصدق وأقوى من شوقك للأكل والنكاح لكنت تؤثر جنّة المعارف ورياضها وبساتينها على الجنّة الّتي فيها قضاء الشهوات المحسوسة.

واعلم أنّ هذه الشهوة خلقت للعارفين ولم يخلق لك كما خلقت لك شهوة الجاه ولم يخلق للصبيان، وإنّما للصبيان شهوة اللعب، فأنت معجب من الصبيان في عكوفهم على لذّة اللعب وخلوّهم عن لذّة الرياسة، والعارف يتعجّب منك في عكوفك على لذّة الجاه والرياسة، فإنّ الدنيا بحذافيرها عند العارف لهو ولعب.

١٩٦

ولـمّا خلقت هذه الشهوة للعارفين كان التذاذهم بالمعرفة بقدر شهوتهم، ولا نسبة لتلك اللّذة إلى لذّة الشهوات الحسّيّة، فإنّها لذّة لا يعتريها الزوال، ولا يغيّرها الملال، بل لا يزال يتضاعف ويترادف ويزداد بزيادة المعرفة والإعراق فيها بخلاف سائر الشهوات، إلّا أنّ هذه الشهوة لا تخلق في الإنسان إلّا بعد البلوغ إلى حدّ الرجال، ومن لا تخلق فيه فهو إمّا صبيّ بعد لم تكمل فطرته لقبول هذه الشهوات، أو عنّين أفسد كدورة الدنيا وشهواتها فطرته الأصليّة.

فالعارفون لـمـّا رزقوا شهوة المعرفة ولذّة النظر إلى جلال الله فهم من مطالعتهم جمال الحضرة الربوبيّة في جنّة عرضها السماوات والأرض، بل أكثر ، وهي جنّة عالية قطوفها دانية، فإنّ فواكهها صفة ذاتهم وليست مقطوعة ولا ممنوعة، إذ لا مضايقة في المعارف.

والعارفون ينظرون إلى العاكفين في حضيض الشهوات نظر العقلاء إلى الصبيان عند عكوفهم على لذّات اللعب، ولذلك تراهم يستوحشون من أكثر الخلق، ويؤثرون العزلة والخلوة، فهي أحبّ الأشياء إليهم، ويهربون من المال والجاه، فإنّه يشغلهم عن لذّة المناجاة، ويعرضون عن الأهل والولد ترفّعا عن الاشتغال بهم عن الله تعالى.

فترى الناس يضحكون منهم، فيقولون موسوس ظهر عليه مبادئ الجنون، وهم يضحكون على الناس لقناعتهم بمتاع الدنيا، ويقولون إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون إلى آخره.

السابع: قال بعض العارفين: الكأس هاهنا هي الأولى بعينها، وإنّما أورد

١٩٧

هاهنا بصفة المزج بالزنجبيل، وكذا المراد من العين في قوله:( عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً ) هي العين السابقة، إلّا أنّه أورده هاهنا بصفة السلاسة، وسرعة الفيض الإلهيّ في حقّهم، وسهولة افتياض المعقولات عليهم، إذ كانوا على غاية من الإمكان.

ثمّ لـمـّا وصف الكأس بطعم الزنجبيل وكانت الكأس من تلك العين نبّه في وصف العين بسلاسة الجريان في الخلق على أنّها مع استلزامها لطعم الزنجبيل ليس فيها قوّة اللذاعة الّتي فيه، فسبحان الملهم لتلك الاستعارة، والهادي إلى تلك العبارة. انتهى.

أقول: ما ذكره من أنّ المراد بالكأس هاهنا هي الكأس فيما قبل، وكذا العين، يتوجّه عليه أنّ ذلك مستلزم للتكرار والتأكيد، وهو في المقام غير مفيد، فالأحقّ أن يقال: إنّ في ذلك إشارة إلى ما مرّ من أنّ لكلّ من الأبرار مقامات مختلفة بحسب الحقيقة عن اختلافات الإفاضات العالية، إذ ليس للعارف مقام واحد واقف هو فيه في جميع الأوقات والحالات، بل يفوز في كلّ وقت وحالة بمقام وإفاضة ليس له في الوقت السابق والحالة السابقة.

كيف ولا نهاية لترقّي الإنسان يقف فيها، بل يترقّى آنا فآنا بحسب سعيه وجهده، كما قال:( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ) (١) .

وهذا هو السرّ في كونه أفضل من الملك، فإنّ له مقاما معلوما لا يجاوزه ولو أكثر في سعيه واجتهاده، كما يدلّ عليه بعض الأخبار المرويّة.

ويؤيّده ما حكي عن أبي الحسين الخرقانيّ أنّه قال: صعدت ظهيرة

__________________

(١) النجم: ٣٩.

١٩٨

على العرش لأطوف به فطفت عليه ألف طوفة، كما قال: ورأيت حواليه قوما ساكنين مطمئنّين، فتعجّبوا من سرعة طوافي، وما أعجبني طوافهم، فقلت: من أنتم؟ وما هذه البرودة في الطواف؟ فقالوا: نحن ملائكة، ونحن أنوار، وهذا طبعنا لا نقدر أن نجاوزه، فقالوا: ومن أنت؟ وما هذة السرعة في الطواف؟ فقلت: آدميّ وفيّ نور ونار، وهذه السرعة من نتائج نور الشوق. انتهى.

فما اختاره المعتزلة من أنّ الملك أفضل من الإنسان لوجوه غير وجيه، والوجوه الّتي استدلّوا بها غير وجيهة، وما قاله محيي الدين من أنّه سألت عن ذلك رسول الله في الواقعة، فقال لي: إنّ الملائكة أفضل، فقلت له: يا رسول الله، فإن سئلت ما الدليل على ذلك فما أقول؟ فأشار إليّ أن علمتم أنّي أفضل الناس، وقد صحّ وثبت عندكم وهو صحيح أنّي قلت عن الله أنّه قال: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وكم ذاكر لله ذكره في ملأ أنا فيهم، فذكر الله في ملأ خير من ذلك الملأ الّذي أنا فيهم إلى آخره. يشمّ منه رائحة الكذب، ولو صحّ وصدق لا يعارض الصحاح من الأخبار الدالّة على أفضليّة الإنسان مطلقا، فضلا عن الأنبياء سيّما نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وآله الّذي كان أفضل من كلّ شيء في الإمكان.

كيف والكلّ مخلوق به، وهو العلّة لوجود كلّ شيء، وهذا في الظهور كالنور على شاهق الطور، فلا حاجة إلى إسطار السطور، في تحقيق ما هو المشهور، بين الجمهور:

١٩٩

ملك در سجده آدم زمين بوس تو نيّت كرد

كه در حسن تو چيزى يافت بيش از حدّانسانى

وبالجملة: فلا يخفى أنّ المراد بالكأس هاهنا إفاضة خاصّة غير الإفاضة السابقة الّتي عبّر عنها بالكأس فيما سبق.

وفي التعبير بالشرب ونسبته إليهم فيما سبق حيث قال:( يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ ) إلى آخره.

وبالسقي ونسبته إلى المجهول وهو الحقّ تعالى هنا إشارة إلى أنّ للسالك العارف لذّتين:

لذّة يتسبّب لها ذاتيّته بحسب الإمكان والاستعداد، فيلتذّ بها لجهده وعمله.

ولذّة يتسبّب لها جذبة الحقّ من غير أن تكون ناشئة عن عمل العبد وسعيه، بل ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من أوليائه وأحبّائه، ونعم ما قيل: جذبة من جذبات الحقّ توازي عمل الثقلين.

وفي المقام مطالب يمنعني ضيق الوقت عن تفاصيلها، ولكنّ القول المجمل منها: أنّ السالك في سبيل المحبّة: إمّا سالك محض، وهو مجزيّ بعمله، ملتذّ بعاقبة سعيه.

أو مجذوب محض من غير أن يكون له سعي، وإنّما يجذبه الحقّ بلطفه وفضله إلى عرش الصفاء، ومقام البهاء، وهو غافل عن ذلك قبل ذلك، كما قال:( وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) (١) إلى آخره، ولكن لا بدّ له من استعداد

__________________

(١) الطلاق: ٣.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

قال: سألته عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها ؟ فقال: إذا رأت الدم قبل وقت حيضها فلتدع الصلاة، فإنّه ربّما تعجّل بها الوقت، فإن كان أكثر من أيّامها التي كانت تحيض فيهنّ فلتربص ثلاثة أيّام بعد ما تمضي أيّامها، فإذا تربّصت ثلاثة أيّام ولم ينقطع الدم عنها فلتصنع كما تصنع المستحاضة.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، مثله(١) .

[ ٢١٨٨ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عمّن أخبره، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: إذا كانت أيّام المرأة عشرة لم تستظهر، فإذا كانت أقلّ استظهرت.

[ ٢١٨٩ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن إسحاق بن جرير، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) - في حديث - في المرأة تحيض فتجوز أيّام حيضها، قال: إن كان أيّام حيضها دون عشرة أيّام استظهرت بيوم واحد ثمّ هي مستحاضة.

[ ٢١٩٠ ] ٤ - وبالإِسناد عن علي بن الحكم، عن داود مولى أبي المغرا، عمّن أخبره، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن المرأة تحيض ثمّ يمضي وقت طهرها وهي ترى الدم ؟ قال: فقال: تستظهر بيوم إن كان حيضها دون العشرة أيّام، فإن استمرّ الدم فهي مستحاضة، وإن انقطع الدم اغتسلت وصلّت، الحديث.

محمّد بن الحسن بإسناد عن أحمد بن محمّد، مثله(٢) .

__________________

(١) التهذيب ١: ١٥٨ / ٤٥٣.

٢ - الكافي ٣: ٧٧ / ٣، وأورده في الحديث ٥ من الباب ١٠ من أبواب الحيض.

٣ - الكافي ٣: ٩١ / ٣، وأورده قطعة منه في الحديث ٣ من الباب ٣ من أبواب الحيض.

٤ - الكافي ٣: ٩٠ / ٧، وأورد في الحديث ٤ من الباب ٥، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ٦ من أبواب الحيض

(٢) التهذيب ١: ١٧٢ / ٤٩٤، والاستبصار ١: ١٥٠ / ٥١٨.

٣٠١

[ ٢١٩١ ] ٥ - وبإسناده عن علي بن الحسن، عن الحسن ابن بنت إلياس، عن جميل بن درّاج ومحمّد بن حمران جميعاً، عن زرارة ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: يجب للمستحاضة أن تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها ثمّ تستظهر على ذلك بيوم.

أقول: الوجوب هنا مخصوص بالحكم الأوّل.

[ ٢١٩٢ ] ٦ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن امرأة رأت الدم في الحبل ؟ قال: تقعد أيّامها التي كانت تحيض، فإذا زاد الدم على الأيام التي كانت تقعد استظهرت بثلاثة أيّام ثمّ هي مستحاضة.

[ ٢١٩٣ ] ٧ - وعنه، عن القاسم، عن أبان، عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: المستحاضة تقعد أيّام قرئها، ثمّ تحتاط بيومٍ أو يومين، فأن هي رأت طهراً اغتسلت، الحديث.

[ ٢١٩٤ ] ٨ - وعنه، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن المرأة تحيض ثمّ تطهر وربّما رأت بعد ذلك الشيء من الدم الرقيق بعد اغتسالها من طهرها ؟ فقال: تستظهر بعد أيّامها بيومين أو ثلاثة ثمّ تصلّي.

[ ٢١٩٥ ] ٩ - وبإسناده عن سعد بن عبدالله، عن أبي جعفر يعني أحمد بن

__________________

٥ - التهذيب ١: ٤٠١ / ١٢٥٢، والاستبصار ١: ١٣٨ / ٤٧٢، وأورده أيضاً في الحديث ١ من الباب ٨ من أبواب الحيض.

٦ - التهذيب ١: ٣٨٦ / ١١٩٠، والاستبصار ١: ١٣٩ / ٤٧٧ وأورده أيضاً في الحديث ١١ من الباب ٣٠ من أبواب الحيض.

٧ - التهذيب ١: ١٧١ / ٤٨٨، والاستبصار ١: ١٤٩ / ٥١٢ وأورده بتمامه في الحديث ١٠ من الباب ١ من أبواب الاستحاضة.

٨ - التهذيب ١: ١٧٢ / ٤٩٠، والاستبصار ١: ١٤٩ / ٥١٣.

٩ - التهذيب ١: ١٧٢ / ٤٨٩، والاستبصار ١: ١٤٩ / ٥١٤.

٣٠٢

محمّد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه‌السلام ) قال: سألته عن الحائض كم تستظهر ؟ فقال: تستظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة.

[ ٢١٩٦ ] ١٠ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عمرو بن سعيد، عن أبي الحسن الرضا (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الطامث وحدّ(١) جلوسها ؟ فقال: تنتظر عدّة ما كانت تحيض، ثمّ تستظهر بثلاثة أيّام، ثمّ هي مستحاضة.

[ ٢١٩٧ ] ١١ - وعنه، عن موسى بن الحسن، عن أحمد بن هلال، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبدالله بن المغيرة، عن رجل، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) في المرأة التي ترى الدم ؟ فقال: إن كان قرؤها دون العشرة انتظرت العشرة، وإن كانت أيّامها عشرة لم تستظهر.

[ ٢١٩٨ ] ١٢ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عمرو بن سعيد، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبدالله (عليه‌السلام ) : امرأة رأت الدم في حيضها حتّى تجاوز(٢) وقتها، متى ينبغي لها أن تصلّي ؟ قال: تتظر عدّتها التي كانت تجلس، ثمّ تستظهر بعشرة أيّام، فإن رأت الدم دماً صبيباً فلتغتسل في وقت كلّ صلاة.

أقول: المراد أنّها تستظهر بتمام عشرة أيّام لأنّها أكثر الحيض.

وقال الشيخ: معناه إلى عشرة أيّام فجعل الباء بمعنى إلى.

__________________

١٠ - التهذيب ١: ١٧٢ / ٤٩١، والاستبصار ١: ١٤٩ / ٥١٥.

(١) في المصدر: كم حدّ.

١١ - التهذيب ١: ١٧٢ / ٤٩٣، والاستبصار ١: ١٥٠ / ٥١٧.

١٢ - التهذيب ١: ٤٠٢ / ١٢٥٩، والاستبصار ١: ١٤٩ / ٥١٦، وأورده في الحديث ١١ من الباب ١ من أبواب الاستحاضة.

(٢) في نسخة: جاوز ( هامش المخطوط ).

٣٠٣

[ ٢١٩٩ ] ١٣ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن خالد الأشعري، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الطامث تقعد بعدد أيّامها، كيف تصنع ؟ قال: تستظهر بيوم أو يومين ثمّ هي مستحاضة، الحديث.

[ ٢٢٠٠ ] ١٤ - وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، عن جعفر بن محمّد بن حكيم، عن جميل بن درّاج، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: المستحاضة تستظهر بيوم أو يومين.

[ ٢٢٠١ ] ١٥ - جعفر بن الحسن بن سعيد المحقق في ( المعتبر ) قال: روى الحسن بن محبوب في كتاب ( المشيخة ) عن أبي أيوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) ، في الحائض إذا رأت دماً بعد أيّامها التي كانت ترى الدم فيها، فلتقعد عن الصلاة يوماً أو يومين، الحديث.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأي ما يدلّ عليه، وعلى عدم وجوب الاستظهار(٢) .

١٤ - باب وجوب ترك ذات العادة الصلاة من أوّل رؤية الدم، وأنّ المبتدئة والمضطربة لهما الترك مع الشرائط الى أن يتبين الحال

[ ٢٢٠٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن

__________________

١٣ - التهذيب ١: ١٦٩ / ٤٨٣، وأورده في الحديث ٧ من الباب ٥ من أبواب الحيض، وأورده بتمامه في الحديث ٩ من الباب ١ من أبواب الاستحاضة.

١٤ - التهذيب ١: ٤٠٢ / ١٢٥٦.

١٥ - كتاب المعتبر: ٥٧.

(١) تقدم ما يدل على ذلك في الحديث ٢ من الباب ١٢ من هذه الابواب.

(٢) يأتي ما يدل عليه في الباب ١٤ من هذه الأبواب، وفي الأحاديث ٥ و ٨ و ١٢ و ١٤ من الباب ١ من أبواب الاستحاضة.

الباب ١٤

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٧٩ / ١ والتهذيب ١: ٣٨٠ / ١١٧٨، وأورد قطعة منه في الحديث ١ من الباب ٧ من هذه الابواب.

٣٠٤

عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن الجارية البكر أوّل ما تحيض فتقعد في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة أيّام، يختلف عليها، لا يكون طمثها في الشهر عدّة أيّام سواء ؟ قال: فلها أن تجلس وتدع الصلاة ما دامت ترى الدم مالم يجز العشرة، فإذا اتفق شهران عدّة أيّام سواء فتلك أيّامها.

[ ٢٢٠٣ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبدالله (عليه‌السلام ) : المرأة ترى الدم ثلاثة أيّام أو أربعة ؟ قال: تدع الصلاة، الحديث.

[ ٢٢٠٤ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال - في حديث - فإذا رأت المرأة الدم في أيّام حيضها تركت الصلاة، فإن استمرّ بها الدم ثلاثة أيّام فهي حائض، وإن انقطع الدم بعد ما رأته يوماً أو يومين اغتسلت وصلّت، ثمّ قال: فعليها أن تعيد الصلاة تلك اليومين التي تركتها لأنها لم تكن حائضاً.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أحاديث العادة والتمييز وغيرها(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه إن شاء الله(٢) .

١٥ - باب جواز تقدم العادة قليلا ً

[ ٢٢٠٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد،

__________________

٢ - الكافي ٣: ٧٩ / ٢، وأورده بتمامه في الحديث ٢ من الباب ٦ من هذه الابواب.

٣ - الكافي ٣: ٧٦ / ٥، وأورد مقاطع منه في الحديث ٤ من الباب ١٠ من هذه الابواب.

(١) تقدم ما يدل دلالة عامة على ذلك في الابواب ٢ و ٦ و ٧ و ٨ و ١٣، وفي الحديث ٣ من الباب ٣ وفي الاحاديث ١ و ٤ و ٨ من الباب ٤، والاحاديث ١ و ٣ و ٦ من الباب ٥ من هذه الابواب.

(٢) يأتي ما يدل علىٰ بعض المقصود في الحديث ١ و ١١ من الباب ٢٤ من هذه الابواب.

الباب ١٥

فيه ١٥ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٩٥ / ١، وأورد قطعة من أصل الحديث في الحديث ٦ من الباب ٥ من هذه الابواب، =

٣٠٥

عن الحسن بن محبوب، عن الحسين بن نعيم الصحّاف، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) - في حديث - قال: وإذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر فإنه من الحيضة، الحديث.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) .

وبإسناده عن الحسن بن محبوب أيضاً، مثله(٢) .

[ ٢٢٠٦ ] ٢ - وقد تقدّم في حديث سماعة قال: سألته عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها ؟ قال: فلتدع الصلاة فإنّه ربّما تعجّل بها الوقت.

[ ٢٢٠٧ ] ٣ - وفي حديث أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، في المرأة ترى الصفرة ؟ فقال: ما كان قبل الحيض فهو من الحيض.

[ ٢٢٠٨ ] ٤ - وفي حديث علي بن أبي حمزة عنه (عليه‌السلام ) قال: ما كان قبل الحيض فهو من الحيض، وما كان بعد الحيض فليس منه.

أقول: وتقدّم أيضاً ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه إن شاء الله(٤) .

__________________

= ويأتي صدره في الحديث ٣ من الباب ٣٠ من هذه الابواب، ويأتي ذيله في الحديث ٧ من الباب ١ من أبواب الاستحاضة.

(١) التهذيب ١: ٣٨٨ / ١١٩٧، والاستبصار ١: ١٤٠ / ٤٨٢.

(٢) التهذيب ١: ١٦٨ / ٤٨٢.

٢ - تقدم في الحديث ١ من الباب ١٣ من هذه الابواب.

٣ - تقدم في الحديث ٢ من الباب ٤ من هذه الابواب.

٤ - تقدم في الحديث ٥ من الباب ٤ من هذه الابواب.

(٣) تقدم ما يدل على ذلك في الحديث ٦ من الباب ٤ من هذه الابواب.

(٤) يأتي ما يدل عليه في الحديث ٣ من الباب ٣٠ من هذه الابواب.

٣٠٦

١٦ - باب ما يُعرف به دم الحيض من دم القرحة، وحكم دم القرحة

[ ٢٢٠٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى رفعه، عن أبان قال: قلت لأبي عبدالله (عليه‌السلام ) : فتاة منّا بها قرحة في جوفها(١) ، والدم سائل، لا تدري من دم الحيض أو من دم القرحة ؟ فقال: مرها فلتستلق على ظهرها، ثمّ ترفع رجليها، وتستدخل إصبعها الوسطى، فإن خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من الحيض، وإن خرج من الجانب الأيسر فهو من القرحة.

[ ٢٢١٠ ] ٢ - ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يحيى رفعه، وذكر الحديث، إلا أنّه قال: فإن خرج الدم من الجانب الأيسر فهو من الحيض، وإن خرج من الجانب الأيمن فهو من القرحة.

أقول: رواية الشيخ أثبت لموافقتها لما ذكره المفيد(٢) والصدوق(٣) والمحقق(٤) والعلامة(٥) وغيرهم(٦) ، وقال المحقق: لعل رواية الكليني سهو من الناسخ، انتهى، وقد نقل أن رواية الشيخ وجدت في بعض النسخ القديمة موافقة لرواية الكليني، ولا يبعد صحة الروايتين وتعددهما، وتكون إحداهما تقيّة، أو لها تأويل آخر، ورواية الشيخ أشهر فهي مرجّحة، والله أعلم(٧) .

__________________

الباب ١٦

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٩٤ / ٣.

(١) في نسخة: فرجها ( هامش المخطوط ).

٢ - التهذيب ١: ٣٨٥ / ١١٨٥.

(٢) قال المحقق في المعتبر: ٥٢.

(٣)المقنع: ١٦.

(٤) المعتبر: ٥٢.

(٥) منتهىٰ المطلب ١: ٩٥.

(٦) الذكرىٰ: ٣٨، والجواهر ٣: ١٤٤.

(٧) ورد في هامش المخطوط ما نصه: الناقل ابن طاوس كما ذكره الشهيد في الذكرىٰ [ ١٢٨ ] =

٣٠٧

[ ٢٢١١ ] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) - في حديث - قال: فإذا رأت المرأة الدم في أيّام حيضها تركت الصلاة، وإن انقطع الدم بعد ما رأته يوماً أو يومين اغتسلت وصلَّت وانتظرت - إلى أن قال - وإن مرّ بها من يوم رأت الدم عشرة أيّام ولم تر الدم فذلك اليوم واليومان الذي رأته لم يكن من الحيض، إنّما كان من علّة، إما [ من ](١) قرحة في جوفها وإما من الجوف، فعليها أن تعيد الصلاة تلك اليومين التي تركتها، لأنّها لم تكن حائضاً، فيجب أن تقضي ما تركت من الصلاة في اليوم واليومين.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم(٢) .

١٧ - باب وجوب استبراء الحائض عند الانقطاع قبل العشرة وكيفيته

[ ٢٢١٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن

__________________

= لا يقال كيف تدعون افادة هذه الاحاديث للعلم وفيها مثل هذا الاختلاف، وانتم تجوزون هنا وقوع السهو من الناسخ لأنا نقول هذا لا يزيد علىٰ اختلاف القرءآت المتواترة وغيرها في القران، مع أنّها تغير المعنىٰ غالباً وخصوصاً ما تواتر عنهم من أن البسملة آية من كل سورة، وتواتر عنهم انها ليست بآية مع اتفاقهم على كون القرآن قطعي المتن وما أجابوا به فهو جوابنا بل يمكن هنا من احتمال التعدد والتقية وغير ذلك مالا يحتمل هناك، وقد ورد في حديث عمر بن حنظلة وغيره الامر بالعمل بالمشهور وترك الشاذ النادر والاختلاف لا ينافي ثبوت النقل وإن حصل الشك في حكم الله عزّ وجلّ في الواقع احيانا فقد حصل القطع بالثبوت وبالمرجح المنصوص، والله أعلم. سلمنا، لكن حصول العلم مخصوص بعدم المعارض الراجح او المساوي، ( منه قده ).

٣ - الكافي ٣: ٧٦ / ٥، وأورد قطعاً منه في الحديث ٤ من الباب ١٠، وأورده مقطعاً في الحديث ٢ من الباب ١٢، وتقدم في الحديث ٣ من الباب ٤، وقطعة منه في الحديث ٥ من الباب ٥ وفي الحديث ٣ من الباب ١١، وفي الحديث ٣ من الباب ١٤، وفي الحديث ٣ من الباب ١٦ من ابواب الحيض.

(١) اثبتناه من المصدر.

(٢) التهذيب ١: ١٥٧ / ٤٥٢.

الباب ١٧

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٨٠ / ٢.

٣٠٨

ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: إذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة، فإن خرج فيها شيء من الدم فلا تغتسل، وإن لم تر شيئاً فلتغتسل، وإن رأت بعد ذلك صفرة فلتوضّأ ولتصل.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(١) .

[ ٢٢١٣ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار وغيره، عن يونس، عمّن حدّثه، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، قال: سئل عن امرأة انقطع عنها الدم فلا تدري أطهرت أم لا ؟ قال: تقوم قائما وتلزق(٢) بطنها بحائط، وتستدخل قطنة بيضاء، وترفع رجلها اليمنى، فإن خرج على رأس القطنة مثل رأس الذباب دم عبيط لم تطهر، وإن لم يخرج فقد طهرت تغتسل وتصلّي.

[ ٢٢١٤ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن علي بن الحسن الطاطري، عن محمّد بن أبي حمزة، عن ابن مسكان، عن شرحبيل الكندي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: قلت(٣) : كيف تعرف الطامث طهرها ؟ قال: تعمد برجلها اليسرى على الحائط، وتستدخل الكرسف بيدها اليمنى، فإن كان ثَمّ مثل رأس الذباب خرج على الكرسف.

محمد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٤) .

[ ٢٢١٥ ] ٤ - وعن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن

__________________

(١) التهذيب ١: ١٦١ / ٤٦٠.

٢ - الكافي ٣: ٨٠ / ١.

(٢) في نسخة: تلزم. ( هامش المخطوط ).

٣ - الكافي ٣: ٨٠ / ٣.

(٣) في نسخة التهذيب: قال له. ( هامش المخطوط ).

(٤) التهذيب ١: ١٦١ / ٤٦١.

٤ - التهذيب ١: ١٦١ / ٤٦٢.

٣٠٩

محمّد بن علي بن محبوب، عن العباس، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، قال: قلت له: المرأة ترى الطهر وترى الصفرة أو الشيء فلا تدري أطهرت أم لا ؟ قال: فإذا كان كذلك فلتقم فلتلصق بطنها إلى حائط، وترفع رجلها على حائط، كما رأيت الكلب يصنع إذا أراد أن يبول، ثمّ تستدخل الكرسف، فإذا كان ثمّة من الدم مثل رأس الذباب خرج، فإن خرج دم فلم تطهر، وإن لم يخرج فقد طهرت.

١٨ - باب ما يستحبّ أن تعمل التي ترى القطرات بعد الغسل من الحيض

[ ٢٢١٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن علي البصري قال: سألت أبا الحسن الأخير (عليه‌السلام ) وقلت له: إن ابنة شهاب تقعد أيّام أقرائها، فإذا هي اغتسلت رأت القطرة بعد القطرة ؟ قال: فقال: مرها فلتقم بأصل الحائط كما يقوم الكلب، ثم تأمر امرأة فلتغمز بين وركيها غمزاً شديداً، فإنّه إنّما هو شيء يبقى في الرحم يقال له: الإِراقة، فإنه سيخرج كله، ثمّ قال: لا تخبروهنّ بهذا وشبهه وذروهنّ وعلّتهنّ القذرة، قال: ففعلنا بالمرأة الذي قال فانقطع عنها، فما عاد إليها الدم حتّى ماتت.

١٩ - باب كراهة نظر المرأة الى نفسها ليلا في المحيض

[ ٢٢١٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن

__________________

الباب ١٨

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٣: ٨١ / ٦.

الباب ١٩

فيه حديثان

١ - الكافي ٣: ٨٠ / ٤.

٣١٠

ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) ، أنّه بلغه أنّ نساءً كانت إحداهنّ تدعو بالمصباح في جوف الليل تنظر إلى الطهر، فكان يعيب ذلك ويقول: متى كان النساء يصنعن هذا.

[ ٢٢١٨ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ثعلبة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، أنّه كان ينهى النساء أن ينظرن إلى أنفسهن في المحيض بالليل، ويقول أنّها قد تكون الصفرة والكدرة.

٢٠ - باب استحباب اغتسال الحائض بصاع من ماء أو أزيد وأنّه يجزيها مسمّى الغسل

[ ٢٢١٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن مثنّى الحنّاط، عن حسن(١) الصيقل، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: الطامث تغتسل بتسعة أرطال من ماء.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وبإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٢) .

[ ٢٢٢٠ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب الخرّاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: الحائض ما بلغ بلل الماء من شعرها أجزأها.

__________________

٢ - الكافي ٣: ٨١ / ٥.

الباب ٢٠

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٨٢ / ٢، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٣١ من ابواب الجنابة.

(١) في هامش الاصل عن التهذيب ( الحسن ).

(٢) التهذيب ١: ١٠٦ / ٢٧٦، ٣٩٩ / ١٢٤٦، والاستبصار ١: ١٤٧ / ٥٠٧.

٢ - الكافي ٣: ٨٢ / ٤، وأورده في الحديث ٤ من الباب ٣١ من أبواب الجنابة.

٣١١

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، مثله(١) .

[ ٢٢٢١ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن (عليه‌السلام ) عن الحائض، كم يكفيها من الماء ؟ قال: فرق(٢) .

أقول: حمله الشيخ على الإِسباغ والفضل، ويمكن حمله على كثرة الشعر والنجاسات والوسخ بحيث يحتاج إلى ذلك القدر، لما مرّ هنا(٣) وفي الوضوء(٤) والجنابة(٥) وغير ذلك(٦) ، والله أعلم.

٢١ - باب جواز وطء الحائض عند الانقطاع وتعذّر الغسل بعد التيمّم، ووجوب التيمّم بدلاً من غسل الحيض مع التعذّر *

[ ٢٢٢٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد وغيره، عن سهل بن

__________________

(١) التهذيب ١: ٤٠٠ / ١٢٤٩ والاستبصار ١: ١٤٨ / ٥٠٨.

٣ - التهذيب ١: ٣٩٩ / ١٢٤٧ والاستبصار ١: ١٤٨ / ٥٠٩.

(٢) الفَرْقُ والفَرَقُ: مكيال ضخم لأهل المدينة. ( لسان العرب ١٠: ٣٠٥ ).

(٣) تقدم في الحديثين السابقين.

(٤) في الباب ٥٠ من أبواب الوضوء.

(٥) في الباب ٣١ من أبواب الجنابة.

(٦) في الحديث ٢ من الباب ٢٧ من أبواب غسل الميت.

الباب ٢١

فيه ٣ أحاديث

* ورد في هامش المخطوط ما نصه: قال في التذكرة: المشهور كراهة الوطء قبلاً بعد انقطاع الدم قبل الغسل، ثمّ نقل عن أبي حنيفة أنه ان انقطع قبل اكثر الحيض فلا يحل الوطء حتىٰ تغتسل او يمضي عليها وقت صلاة كامل، قال: وقال الصدوق: لا يجوز حتّى تغتسل وبه قال الزهري وربيعة ومالك والليث والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور. انتهىٰ ( منه قدّه ) راجع التذكرة ١: ٣٧.

١ - الكافي ٣: ٨٢ / ٣.

٣١٢

زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن المرأة الحائض ترى الطهر وهي في السفر وليس معها من الماء ما يكفيها لغسلها وقد حضرت الصلاة ؟ قال: إذا كان معها بقدر ما تغسل به فرجها فتغسله، ثمّ تتيمّم وتصلّي، قلت: فيأتيها زوجها في تلك الحال ؟ قال: نعم، إذا غسلت فرجها وتيمّمت ( فلا بأس )(١) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن سهل بن زياد، مثله(٢) .

[ ٢٢٢٣ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن علي بن خالد، عن أحمد بن الحسن بن علي، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار الساباطي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: سألته عن المرأة إذا تيمّمت من الحيض، هل تحلّ لزوجها ؟ قال: نعم.

[ ٢٢٢٤ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن معاوية بن حكيم، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن - يعني ابن أبي عبدالله - قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن امرأة حاضت ثمّ طهرت في سفرٍ فلم تجد الماء يومين أو ثلاثة، هل لزوجها أن يقع عليها ؟ قال: لا يصلح لزوجها أن يقع عليها حتّى تغتسل.

أقول: هذا محمول إمّا على الإِنكار دون الإِخبار، أو على الكراهة لا التحريم، أو على التقيّة لموافقته لكثير من العامّة ولما مضى(٣) ويأتي إن شاء الله(٤) .

__________________

(١) ليس في التهذيب ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ١: ٤٠٠ / ١٢٥٠.

٢ - التهذيب ١: ٤٠٥ / ١٢٦٨.

٣ - النهذيب ١: ٣٩٩ / ١٢٤٤.

(٣) مضى في الحديث ١ و ٢ من نفس الباب.

(٤) يأتي في الحديث ١٢ من الباب ٢٤ وفي الاحاديث ١ و ٥ من الباب ٢٧ من هذه الابواب.

٣١٣

٢٢ - باب أنّ الحائض لا يرتفع لها حدث

[ ٢٢٢٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: سألته عن المرأة يجامعها زوجها(١) فتحيض وهي في المغتسل، تغتسل أو لا تغتسل ؟ قال: قد جاءها ما يفسد الصلاة فلا تغتسل.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(٢) .

ورواه ابن إدريس في آخر ( السرائر ) نقلاً من كتاب محمّد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمّد، مثله(٣) .

[ ٢٢٢٦ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبدالله (عليه‌السلام ) : المرأة ترى الدم وهي جنب، أتغتسل من الجنابة ؟ أو غسل الجنابة والحيض واحد(٤) ؟ فقال: قد أتاها ما هو أعظم من ذلك.

[ ٢٢٢٧ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز(٥) ، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن الحائض تطهر يوم

__________________

الباب ٢٢

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٨٣ / ١، وتقدم في الحديث ١ من الباب ١٤ من أبواب الجنابة.

(١) في نسخة التهذيب: الرجل. ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ١: ٣٧٠ / ١١٢٨ وفي ٣٩٥ / ١٢٢٤.

(٣) مستطرفات السرائر: ١٠٤ / ٤٤.

٢ - الكافي ٣: ٨٣ / ٣.

(٤) قوله ( واحد ) ليس في المصدر.

٣ - الكافي ٣: ١٠٠ / ١، وأورده أيضاً في الحديث ٤ من الباب ٤٥ من أبواب الحيض.

(٥) في المصدر زيادة: عن زرارة.

٣١٤

الجمعة وتذكر الله ؟ قال: أمّا الطهر فلا، ولكنّها توضّأ(١) في وقت الصلاة ثمّ تستقبل القبلة وتذكر الله(٢) .

[ ٢٢٢٨ ] ٤ - وقد تقدّم حديث عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: سألته عن المرأة يواقعها زوجها ثمّ تحيض قبل أن تغتسل ؟ قال: إن شاءت أن تغتسل فعلت، وإن لم تفعل فليس عليها شيء، فإذا طهرت اغتسلت غسلاً واحداً للحيض والجنابة.

أقول: هذا غير صريح في ارتفاع الحدث.

٢٣ - باب أنّ غسل الحيض كغسل الجنابة، وأنّهما يتداخلان.

[ ٢٢٢٩ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، عن محمّد بن عبدالله بن زرارة، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن عبيدالله بن علي الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: غسل الجنابة والحيض واحد.

[ ٢٢٣٠ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: سألته(٣) عن التيمم من الوضوء ومن الجنابة ومن الحيض للنساء سواء ؟ فقال: نعم.

__________________

(١) في المصدر: تتوضأ.

(٢) ورد في هامش المخطوط الثاني ما نصه: ويمكن كون السؤال عن الغسل اشارة الىٰ قوله تعالى:( وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ) ( البقرة ٢: ٢٢٢ ) بقرينة الحديثين السابقين، فورد النهي عنه والامر بالوضوء، ويمكن كون المراد ان هذا الوضوء ليس بطهارة رافعة للحدث للصلاة. ( منه قدّه ).

٤ - تقدم في الحديث ٧ من الباب ٤٣ من أبواب الجنابة عن التهذيب والاستبصار.

الباب ٢٣

فيه ٧ أحاديث

١ - التهذيب ١: ١٦٢ / ٤٦٣.

٢ - التهذيب ١: ١٦٢ / ٤٦٥.

(٣) في المصدر: سئل.

٣١٥

[ ٢٢٣١ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال الصادق (عليه‌السلام ) : غسل الجنابة والحيض واحد.

ورواه أيضاً في ( المقنع )(١) وفي ( المجالس )(٢) مرسلاً.

[ ٢٢٣٢ ] ٤ - وفي ( عيون الأخبار ): عن عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن الرضا (عليه‌السلام ) - في حديث - قال: وغسل الجنابة فريضة وغسل الحيض مثله.

[ ٢٢٣٣ ] ٥ - وقد تقدّم حديث محمّد بن علي الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: غسل الجنابة والحيض واحد، قال: وسألته عن الحائض، عليها غسل مثل غسل الجنب ؟ قال: نعم.

[ ٢٢٣٤ ] ٦ - وحديث أبي بصير عنه (عليه‌السلام ) قال: سألته: أعليها غسل مثل غسل الجنب ؟ قال: نعم، يعني الحائض.

[ ٢٢٣٥ ] ٧ - وحديث عبدالله بن سنان عنه (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن المرأة تحيض وهي جنب، هل عليها غسل الجنابة ؟ قال: غسل الجنابة والحيض واحد.

أقول: وتقدّمت أحاديث تداخل الأغسال في بابها(٣) .

__________________

٣ - الفقيه ١: ٤٤ / ١٧٣.

(١) المقنع: ١٣.

(٢) أمالي الصدوق: ٥١٥.

٤ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٢٣.

٥ - تقدم في الحديث ٦ من الباب ١ من أبواب الجنابة.

٦ - تقدم في الحديث ٧ من الباب ٧ من أبواب الجنابة.

٧ - تقدم في الحديث ٩ من الباب ٤٣ من أبواب الجنابة.

(٣) تقدمت في الباب ٤٣ من أبواب الجنابة.

٣١٦

٢٤ - باب تحريم وطء الحائض قبلاً قبل أن تطهر، وعدم تحريم وطء المستحاضة.

[ ٢٢٣٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسى وابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: المستحاضة تنظر أيّامها فلا تصلّي فيها ولا يقربها بعلها، فإذا جازت أيّامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر - إلى أن قال - وهذه يأتيها بعلها إلّا في أيّام حيضها.

[ ٢٢٣٧ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) في المستحاضة - إلى أن قال - ولا بأس أن يأتيها بعلها إذا شاء، إلّا أيّام حيضها فيعتزلها زوجها.

[ ٢٢٣٨ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطيّة، عن عذافر الصيرفي قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : ترى هؤلاء المشوّهين ( في خلقهم )(١) ؟ قال: قلت: نعم، قال: هؤلاء الذين آباؤهم يأتون نساءهم في الطمث.

ورواه الصدوق مرسلاً، نحوه(٢) .

ورواه في ( العلل ) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن الحسن بن عطيّة، مثله(٣) .

__________________

الباب ٢٤

فيه ١٢ حديثاً

١ - الكافي ٣: ٨٨ / ٢، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ١ من أبواب الإِستحاضة، وأورد قطعة منه في الحديث ٢ من الباب ٥ من هذه الأبواب.

٢ - الكافي ٣: ٩٠ / ٥، وأورده بتمامه في الحديث ٤ من الباب ١ من أبواب الاستحاضة

٣ - الكافي ٥: ٥٣٩ / ٥.

(١) في المصدر: خلقهم.

(٢) الفقيه ١: ٥٣ / ٢٠٢.

(٣) علل الشرائع ١: ٨٢ / ١ الباب ٧٥.

٣١٧

[ ٢٢٣٩ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : من جامع امرأته وهي حائض فخرج الولد مجذوماً أو أبرص فلا يلومنّ إلّا نفسه.

[ ٢٢٤٠ ] ٥ - قال: وقال الصادق (عليه‌السلام ) : لا يبغضنا إلّا من خبثت ولادته، أو حملت به أُمه في حيضها(١) .

[ ٢٢٤١ ] ٦ - وبإسناده عن حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد، عن أبيه، عن الصادق، عن آبائه (عليهم‌السلام ) - في وصية النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) لعلي (عليه‌السلام ) - قال: وكره أن يغشى الرجل امرأته وهي حائض، فإن فعل فخرج الولد ( مجذوماً أو أبرص )(٢) فلا يلومنّ إلّا نفسه.

وفي ( العلل ) بإسناده المشار إليه، مثله(٣) .

أقول: المراد بالكراهة التحريم لما مضى(٤) ويأتي(٥) .

[ ٢٢٤٢ ] ٧ - وعن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن علي بن الحكم، عن المفضّل بن صالح، عن جابر الجعفي، عن إبراهيم القرشي قال: كنّا عند أُمّ سلمة فقالت: سمعت رسول الله ( صلى ‌الله‌

__________________

٤ - الفقيه ١: ٥٣ / ٢٠١.

٥ - الفقيه ١: ٥٣ / ٢٠٣.

(١) في نسخة: طمثها. ( هامش المخطوط ).

٦ - الفقيه ٤: ٢٥٨ / ٨٢٣.

(٢) في نسخة: مجنوناً أو به برص. ( هامش المخطوط )، وفي المصدر: مجذوماً أو به برص.

(٣) علل الشرائع ٢: ٥١٤ / ٣ الباب ٢٨٩.

(٤) مضى في الحديثين ١ و ٢ من هذا الباب.

(٥) يأتي في الحديثين ١١ و ١٢ من هذا الباب.

٧ - علل الشرائع ١: ١٤٣ / ٦.

٣١٨

عليه ‌و آله و سلم ) يقول لعلي (عليه‌السلام ) : لا يبغضكم إلّا ثلاثة: ولد زنا، ومنافق، ومن حملت به أُمّه وهي حائض.

[ ٢٢٤٣ ] ٨ - وعن المظفّر بن نفيس، عن إبراهيم بن محمّد، عن أحمد بن الهذيل، عن الفتح بن قرّة، عن محمّد بن خلف، ( عن يونس بن إبراهيم )(١) ، عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، عن أبي أيّوب، عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أنّه قال لعلي (عليه‌السلام ) : لا يحبّك إلّا مؤمن، ولا يبغضك إلّا منافق، أو ولد زنية، أو من حملته أُمّه وهي طامث.

[ ٢٢٤٤ ] ٩ - وفي ( الخصال ): عن الحسين(٢) بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد، عن أبي نصر البغدادي، عن محمّد بن جعفر الأحمر، عن إسماعيل بن عباس، عن داود بن الحسن، عن أبي رافع، عن علي (عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من لم يحب عترتي فهو لإحدى ثلاث: إما منافق وإما لزنية وإما امرؤ حملت به أُمّه في غير طهر.

[ ٢٢٤٥ ] ١٠ - أحمد بن محمّد بن خالد البرقي في ( المحاسن ): عن إبراهيم بن الحسن الفارسي(٣) ، عن سليمان بن جعفر البصري، عن أبي عبدالله، عن

__________________

٨ - علل الشرائع ١: ١٤٥ / ١٢، باختلاف في السند.

(١) في المصدر: يوسف بن ابراهيم.

٩ - الخصال: ١١٠ / ٨٢.

(٢) في المصدر: الحسن.

١٠ - المحاسن: ٣٢١ / ٦٠.

(٣) في المصدر: عن ابراهيم، عن الحسين بن أبي الحسن الفارسي.

٣١٩

آبائه (عليهم‌السلام ) ، أنّه كره للرجل أن يغشى امرأته وهي حائض، فإن غشيها فخرج الولد مجذوماً أو أبرص فلا يلومنّ إلّا نفسه.

أقول: تقدّم وجهه(١) .

[ ٢٢٤٦ ] ١١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن الحسن، عن عمرو بن عثمان، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن مالك بن أعين قال: سألت أبا جعفر (عليه‌السلام ) عن المستحاضة، كيف يغشاها زوجها ؟ قال: ينظر الأيّام التي كانت تحيض فيها، وحيضتها مستقيمة، فلا يقربها في عدّة تلك الأيّام من ذلك الشهر، ويغشاها فيما سوى ذلك، الحديث.

[ ٢٢٤٧ ] ١٢ - وعنه، عن العباس بن عامر وجعفر بن محمّد بن حكيم، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبدالله قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) عن الرجل ما يحلّ له من الطامث ؟ قال: لا شيء حتّى تطهر.

قال الشيخ: يعني لا شيء من الوطء في الفرج وإن كان له ما دون ذلك، قال: ويمكن أن يحمل على الاستحباب، أو على التقيّة لموافقته لمذاهب كثير من العامّة.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

__________________

(١) تقدم في ذيل الحديث ٦ من هذا الباب.

١١ - التهذيب ١: ٤٠٢ / ١٢٥٧، وأورده بتمامة في الحديث ١ من الباب ٣ من ابواب الاستحاضة.

١٢ - التهذيب ١: ١٥٥ / ٤٤٤.

(٢) تقدم في الحديث ٤ من الباب ٤٠ من ابواب آداب الحمام، وفي الحديث ٢ من الباب ٥، وفي الباب ٢ من ابواب الحيض، ويأتي ما يدل عليه في الابواب: ٢٥، ٢٦، ٢٨، ٢٩ من ابواب الحيض، وفي الباب ١ من ابواب الاستحاضة، وفي الحديث ١٥، ١٧ من الباب ٤٩ من ابواب جهاد النفس، وفي الحديث ١٠ من الباب ٤٥ من ابواب ما يكتسب به.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566