وسائل الشيعة الجزء ٣

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 549

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 549 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 407359 / تحميل: 7108
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

أبواب الدفن وما يناسبه

١ - باب وجوبه.

[٣٢٣٣] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في ( عيون الأخبار ) و ( العلل ) باسناده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: إنّما أُمر بدفن الميّت لئلا يظهر الناس على فساد جسده، وقبح منظره، وتغيّر ريحه، ولا يتأذّى به الأحياء بريحه، وبما يدخل عليه من الأفة والفساد، وليكون مستوراً عن الاولياء والأعداء، فلا يشمت عدوّ، ولا يحزن صديق.

أقول: وتقدم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٢ - باب استحباب تشييع الجنازة والدعاء للميّت.

[٣٢٣٤] ١ - محمّد بن يعقوب عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن علي بن عقبة، عن ميسر قال: سمعت أبا جعفر

____________________

أبواب الدفن وما يناسبه

الباب ١

فيه حديث واحد

١ - عيون أخبار الرضا( عليه‌السلام ) ٢: ١١٤، وعلل الشرائع: ٢٦٨ / ٩ باختلاف في الألفاظ.

(١) تقدم ما يدلّ على ذلك في الحديث ١٤ من الباب ١ من الجنابة، والباب ٣٦ و ٣٨ من أبواب صلاة الجنازة والحديث ١ و ٥ من الباب ١٢ والحديث ٥ من الباب ١٣ والحديث ٤ و ٥ و ٧ و ٨ و ٩ و ١٢ من الباب ١٤ من أبواب غسل الميّت.

(٢) يأتي ما يدلّ عليه في الابواب الاتية من هذه الابواب.

الباب ٢

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٣: ١٧٣ / ٦.

١٤١

( عليه‌السلام ) يقول: من تبع جنازة مسلم أُعطي يوم القيامة أربع شفاعات، ولم يقل شيئاً الا وقال الملك: ولك مثل ذلك.

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

ورواه في ( المجالس ) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي بن فضّال(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أبي علي الأشعري، مثله(٣) .

[٣٢٣٥] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: كان(٤) فيما ناجى به موسى ربه أن قال: يا رب ما لمن شيع جنازة؟ قال: أوكل به ملائكة من ملائكتي معهم رايات يشيعونهم من قبورهم إلى محشرهم.

ورواه الصدوق في ( ثواب الاعمال ) عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار عن أحمد بن محمّد مثله(٥) .

[٣٢٣٦] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إذا دخل المؤمن قبره نودي: ألا إنّ أولّ حبائك(٦) الجنة، ( ألا وإن أوّل )(٧) حباء من تبعك المغفرة.

____________________

(١) الفقيه ١: ٩٩ / ٤٥٦.

(٢) أمالي الصدوق: ١٨١ / ٣.

(٣) التهذيب ١: ٤٥٥ / ١٤٨٣.

٢ - الكافي ٣: ١٧٣ / ٨.

(٤) شطب المؤلف على ( كان ) وكتب فوقها علامة نسخة.

(٥) ثواب الاعمال: ٢٣١ / ٥ والحديث يتضمن مسائل أخرى ذكرت في ذيل حديث ٧ من الباب ١٠ من أبواب الاحتضار.

٣ - الكافي ٣: ١٧٢ / ١.

(٦) حباؤك الجنة: أي عطاؤك، يقال حبوت الرجل أي أعطيته الشيء بغير عوض. ( مجمع البحرين ١: ٩٤ ).

(٧) في المصدر: ( و ) بدل ما بين القوسين.

١٤٢

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

[٣٢٣٧] ٤ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن علي، عن محمّد بن الفضيل، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: أول ما يتحف به المؤمن ( في قبره أن )(٢) يغفرلمن تبع جنازته.

ورواه الصدوق مرسلاً(٣) .

ورواه في ( الخصال ) عن محمّد بن موسى بن المتوكل، عن السعد آبادي، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمّان، وابن أبي حمزة جميعاً، عن إسحاق بن عمار، نحوه(٤) .

ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد مثله(٥) .

[٣٢٣٨] ٥ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) - في حديث -: ضمنت لستة على الله الجنة: رجل خرج في جنازة رجل مسلم فمات فله الجنة، الحديث.

[٣٢٣٩] ٦ - وفي ( عقاب الاعمال ) بإسناد تقدم في عيادة المريض، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) - في حديث - قال: من شيّع جنازة فله بكلّ خطوة حتى يرجع مائة ألف ألف حسنّة، ويمحا عنه مائة ألف ألف سيئة، ويرفع له مائة ألف ألف درجة، فإن صلّى عليها شيّعه في جنازته مائة ألف ألف

____________________

(١) الفقيه ١: ٩٩ / ٤٦٠.

٤ - الكافي ٣: ١٧٣ / ٣.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) الفقيه ١: ٩٩ / ٤٥٩.

(٤) الخصال: ٢٤ / ٨٥.

(٥) التهذيب ١: ٤٥٥ / ١٤٨٢.

٥ - الفقيه ١: ٨٤ / ٣٨٧ أورده بتمامة في الحديث ٢٩ من الباب ٣٨ من وجوب الحج، وفي الحديث ٧ من الباب ٢ من آداب السفر الى الحج.

٦ - عقاب الاعمال: ٣٤٥.

١٤٣

ملك ، كلّهم يستغفرون له حتى يرجع، فإن شهد دفنها وكلّ الله به ألف ملك كلّهم يستغفرون له حتى يبعث من قبره.

ومن صلّى على ميّت صلّى عليه جبرئيل وسبعون ألف ملك وغفر له ما تقدّم من ذنبه، وإن أقام عليه حتى يدفنه وحثا عليه من التراب انقلب من الجنازة وله بكلّ قدم من حيث شيّعها حتى يرجع إلى منزله قيراط من الأجر، والقيراط مثل جبل أُحد يكون في ميزانه من الأجر.

[٣٢٤٠] ٧ - الحسن بن محمّد الطوسي في ( المجالس ) عن أبيه، عن المفيد، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن شريف بن سابق، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبدالله عن ابائه (عليهم‌السلام ) - في حديث - قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : أوّل تحفة المؤمن أن يغفر له ولمن تبع جنازته.

[٣٢٤١] ٨ - عبدالله بن جعفر الحميري في ( قرب الإِسناد ) عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أمرهم بسبع - منها -: اتّباع الجنائز.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

____________________

٧ - أمالي الطوسي ١: ٤٥.

٨ - قرب الاسناد: ٣٤.

(١) يأتي في الحديث ٦ من الباب ٨ من الصدقة والحديث ١ و ٨ من الباب ١ والحديث ٧ و ٩ و ١٣ و ١٥ و ٢١ و ٢٤ و ٢٥ من الباب ١٢٢ من أحكام العشرة والحديث ١٥ من الباب ٤ من جهاد النفس.

تقدم في الحديث ١ من الباب ١ من صلاة الجنازة والحديث ١ من الباب ٤٠ من أبواب الدفن.

١٤٤

٣ - باب استحباب ترك الرجوع عن الجنازة الى أن يصلّى عليها وتدفن، ويعزى أهلها وإن أذن له وليّها في الرجوع؛ وأنّه لا حاجة إلى إذنه في التشييع.

[٣٢٤٢] ١ - محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبع بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : من تبع جنازة كتب الله له ( من الأجر )(١) أربع قراريط: قيراط باتباعه، وقيراط للصلاة عليها، وقيراط بالانتظار حتى يفرغ من دفنها، وقيراط للتعزية.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، مثله(٢) .

[٣٢٤٣] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن داود الرقي، عن رجل من أصحابه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من شيّع جنازة مؤمن حتى يدفن في قبره وكلّ الله تعالى به سبعين ملكاً(٣) من المشيّعين يشيّعونه ويستغفرون له إذا خرج من قبره إلى الموقف.

ورواه الصدوق في ( المجالس ) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن الهيثمّ بن أبي مسروق، عن الحسن بن محبوب، عن داود بن كثير الرقي قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) ، وذكر الحديث(٤) .

[٣٢٤٤] ٣ - وعنهم، عن سهل، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد،

____________________

الباب ٣

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٣: ١٧٣ / ٧ والفقيه ١: ٩٨ / ٤٥٤.

(١) كتب المصنف في الهامش: ( من الاجر ) ليس في التهذيب.

(٢) التهذيب ١: ٤٥٥ / ١٤٨٤.

٢ - الكافي ٣: ١٧٣ / ٢ والفقيه ١: ٩٩ / ٤٥٨.

(٣) في أمالي الصدوق: سبعين ألف ملك.

(٤) أمالي الصدوق: ١٨٠ / ١.

٣ - الكافي ٣: ١٧٣ / ٥.

١٤٥

عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر( عليه‌السلام ) يقول: من مشى مع جنازة حتى يصلّى عليها ثمّ رجع كان له قيراط ( من الأجر )(١) ، فإذا مشى معها حتى تدفن كان له قيراطان، والقيراط مثل جبل أُحد.

ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد(٢) .

وروى الصدوق هذه الأحاديث الأربعة مرسلة(٣) .

[٣٢٤٥] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: من شيع ميّتاً حتى يصلّى عليه كان له قيراط من الأجر، ومن بلغ معه إلى قبره حتى يدفن كان له قيراطان من الأجر، والقيراط مثل جبل أُحد.

[٣٢٤٦] ٥ - وعنهم، عن سهل، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة قال: كنت مع أبي جعفر( عليه‌السلام ) في جنازة لبعض قرابته، فلمّا أن صلّى على الميّت قال وليّه لأبي جعفر( عليه‌السلام ) : ارجع يا أبا جعفر مأجوراً، ولا تعنى، لأنّك تضعف عن المشي، فقلت أنا لأبي جعفر( عليه‌السلام ) : قد أذن لك في الرجوع فارجع، ولي حاجة أُريد أن أسألك عنها، فقال لي أبو جعفر( عليه‌السلام ) : إنّما هو فضل وأجر، فبقدر ما يمشي مع الجنازة يوجر الذي يتبعها، فأمّا بإذنه فليس بإذنه جئنا، ولا بإذنه نرجع.

[٣٢٤٧] ٦ - وعنهم، عن أحمد بن أبي عبدالله رفعه، عن أبي عبدالله ( عليه

____________________

(١) ليس في التهذيب ولا في الفقيه ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ١: ٤٥٥ / ١٤٨٥.

(٣) الفقيه ١: ٩٩ / ٤٥٥.

٤ - الكافي ٣: ١٧٣ / ٤.

٥ - الكافي ٣: ١٧١ / ١.

٦ - الكافي ٣: ١٧١ / ٢ أخرجه عن التهذيب في الحديث ١ من الباب ٣٦ من آداب السفر.

١٤٦

السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : أميران وليسا بأميرين: ليس لمن تبع(١) جنازة أن يرجع حتى يدفن أويؤذن له، ورجل يحجّ مع امرأة فليس له أن ينفر حتى تقضي نسكها.

ورواه الصدوق في ( الخصال ) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن محمّد رفعه(٢) .

ورواه في ( المقنع ) مرسلاً(٣) .

[٣٢٤٨] ٧ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة قال: حضر أبو جعفر( عليه‌السلام ) جنازة رجل من قريش وأنا معه - إلى أن قال: - فلمّا صلّى على الجنازة قال وليّها لأبي جعفر( عليه‌السلام ) : ارجع مأجوراً رحمك الله، فإنّك لا تقوى على المشي، فأبى أن يرجع، قال: فقلت له: قد أذن لك في الرجوع، ولي حاجة أُريد أن أسألك عنها، فقال: امض فليس بإذنه جئنا، ولا بإذنه نرجع، إنّما هو فضل وأجر طلبناه فبقدر ما يتبع الجنازة الرجل يوجرعلى ذلك.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم مثله(٤) .

[٣٢٤٩] ٨ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه (عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: من صلّى على ميّت صلّى عليه سبعون ألف ملك، وغفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فإن قام(٥) حتى يدفن ويحثى

____________________

(١) في نسخة: يتبع ( هامش المخطوط ).

(٢) الخصال: ٤٩ / ٥٨.

(٣) المقنع: ١٩.

٧ - الكافي ٣: ١٧١ / ٣ تقدم صدره في الحديث ١ من الباب ٤٠ من صلاة الجنازة.

(٤) التهذيب ١: ٤٥٤ / ١٤٨١.

٨ - الفقيه ٤: ١٠ / ١.

(٥) في المصدر: أقام.

١٤٧

عليه التراب كان له بكلّ قدم نقلها قيراط من الاجر، والقيراط مثل جبل أُحد.

وفي ( عقاب الأعمال )(١) بسند تقدّم في عيادة المريض نحوه(٢) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك هنا(٣) وفي السفر(٤) .

٤ - باب استحباب المشي خلف الجنازة، أو مع أحد جانبيها.

[٣٢٥٠] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن عذافر، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال:(٥) المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها.

[٣٢٥١] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عمرو بن عثمّان، عن المفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: مشى النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) خلف جنازة، فقيل: يا رسول الله مالك تمشي خلفها؟ فقال: إنّ الملائكة رأيتهم(٦) يمشون أمامها ونحن تبع لهم.

[٣٢٥٢] ٣ - وعن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن الحجّال، عن علي بن شجرة، عن أبي الوفاء المرادي، عن سدير، عن أبي

____________________

(١) ثواب الأعمال: ٣٤٤.

(٢) تقدم في الحديث ٩ من الباب ١٠ من أبواب الاحتضار.

(٣) يأتي في الحديث ٦ من الباب ٧ من هذه الابواب.

(٤) يأتي في الباب ١ من أبواب أحكام العشرة.

الباب ٤

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٣: ١٦٩ / ١، والفقيه ١: ١٠٠ / ٤٦٤، والتهذيب ١: ٣١١ / ٩٠٢.

(٥) في هامش الاصل: عن التهذيب: إنّ.

٢ - الكافي ٣: ١٦٩ / ٣، والتهذيب ١: ٣١١ / ٩٠٣.

(٦) في المصدر: أراهم.

٣ - الكافي ٣: ١٧٠ / ٦.

١٤٨

جعفر( عليه‌السلام ) قال: من أحبّ أن يمشي ممشى الكرام الكاتبين فليمش جنبي(١) السرير.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) ، وكذا الحديثان قبله، إلا أنه زاد في الأوّل: ولا بأس بأن يمشي بين يديها.

ورواه الصدوق مرسلاً نحوه(٣) .

[٣٢٥٣] ٤ - محمّد بن الحسن، عن المفيد، عن الصدوق، عن محمّد بن الحسن، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم‌السلام ) قال: سمعت النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يقول: اتبعوا الجنازة ولا تتبعكم، خالفوا أهل الكتاب.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٥) .

٥ - باب جواز المشي قدّام الجنازة على كراهية مع عدم التقية وتتأكد في جنازة المخالف.

[٣٢٥٤] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما( عليهما‌السلام ) قال: سألته عن المشي مع الجنازة، فقال: بين يديها وعن يمينها وعن شمالها وخلفها.

____________________

(١) في المصدر: بجنبي.

(٢) التهذيب ١: ٣١١ / ٩٠٤.

(٣) لم نجده في ما بأيدينا من كتب الصدوق، ولكن ورد في فقه الرضا ( ع ) ص ١٦٩.

٤ - التهذيب ١: ٣١١ / ٩٠١.

(٤) تقدم في الابواب ٢ و ٣ من هذه الابواب.

(٥) يأتي في الباب ٥ من هذه الابواب، والحديث ٦ من الباب ٥ من أبواب الصدقة.

الباب ٥

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٣: ١٦٩ / ٤.

١٤٩

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن مسلم، مثله(١) .

[٣٢٥٥] ٢ - وعن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد الكندي، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: امش بين يدي الجنازة وخلفها.

[٣٢٥٦] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سئل كيف أصنع إذا خرجت مع الجنازة أمشي أمامها أوخلفها أوعن يمينها أو عن شمالها؟ فقال: إن كان مخالفاً فلا تمش أمامه، فإن ملائكة العذاب يستقبلونه بألوان(٢) العذاب.

[٣٢٥٧] ٤ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن أُورمة، عن محمّد بن عمرو، و(٣) حسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: امش أمام جنازة المسلم العارف، ولا تمش أمام جنازة الجاحد، فإنّ أمام جنازة المسلم ملائكة يسرعون به إلى الجنة وإن أمام جنازة الكافر ملائكة يسرعون به إلى النار.

[٣٢٥٨] ٥ - محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) كيف أصنع إذا خرجت مع الجنازة؟ أمشي أمامها أو خلفها أو عن يمينها أو عن شمالها؟ فقال: إن كان مخالفاً فلا تمش أمامه، فإنّ ملائكة

____________________

(١) الفقيه ١: ١٠٠ / ٤٦٧.

٢ - الكافي ٣: ١٧٠ / ٥.

٣ - الكافي ٣: ١٧٠ / ٧.

(٢) في نسخة: بأنواع. ( هامش المخطوط ).

٤ - الكافي ٣: ١٦٩ / ٢.

(٣) كتب المصنف بدل الواو عن نسخة: عن.

٥ - التهذيب ١: ٣١٢ / ٩٥٥.

١٥٠

العذاب يستقبلونه بانواع(١) العذاب.

ورواه البرقي في ( المحاسن ) عن محمّد بن علي، عن وهيب بن حفص، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) (٢) .

ورواه الصدوق في ( العلل ) عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن وهيب، عن علىّ بن أبي حمزة مثله(٣) .

[٣٢٥٩] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين في ( المقنع ) قال: روي: اتبعوا الجنازة ولا تتبعكم فأنّه من عمل المجوس.

[٣٢٦٠] ٧ - قال: وروي: إذا كان الميت مؤمناً فلا بأس أن يمشي قدّام جنازته، فإنّ الرحمة تستقبله، والكافر لا يتقدّم أمام جنازته، فإنّ اللعنة تستقبله.

[٣٢٦١] ٨ - عبدالله بن جعفر في ( قرب الإِسناد ) عن السندي بن محمّد، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ؛ إذا لقيت جنازة مشركٍ فلا تستقبلها، خذ عن يمينها وعن شمالها.

أقول: تقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) .

____________________

(١) في العلل: بألوان. ( هامش المخطوط ).

(٢) المحاسن: ٣١٧ / ٣٨.

(٣) علل الشرائع: ٣٠٤ / ١ الباب ٢٤٦.

٦ - المقنع: ١٩.

٧ - المقنع: ١٩.

٨ - قرب الاسناد: ٦٥.

(٤) نقدم في الحديث ١ و ٤ من الباب السابق.

١٥١

٦ - باب استحباب المشي مع الجنازة وكراهة الركوب إلّا لعذر وجوازه في الرجوع.

[٣٢٦٢] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن حمّاد، عن حريز، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: مات رجل من الأنصار من أصحاب رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) فخرج رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) في جنازته يمشي فقال له بعض أصحابه: ألا تركب يا رسول الله؟ فقال: إني لأكره أن أركب والملائكة يمشون.

ورواه الصدوق مرسلاً نحوه(١) .

ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز مثله، وزاد: وأبى أن يركب(٢) .

[٣٢٦٣] ٢ - وبإسناده عن علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن محمّد بن علي، ومحمّد بن الزيات(٣) ، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عليّ (عليهم‌السلام ) أنّه كره أن يركب الرجل مع الجنازة في بدأته(٤) إلامن عذر، وقال: يركب إذا رجع.

[٣٢٦٤] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي

____________________

الباب ٦

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ١: ٣١٢ / ٩٠٦.

(١) الفقيه ١: ١٢٢ / ٥٨٨.

(٢) الكافي ٣: ١٧٠ / ٢.

٢ - التهذيب ١: ٤٦٤ / ١٥١٨.

(٣) في هامش المظوط عن نسخة: الريان.

(٤) في المصدر: بداية.

٣ - الكافي ٣: ١٧٠ / ١.

١٥٢

عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: رأى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قوماً خلف جنازة ركباناً(١) فقال: ما استحيى(٢) هؤلاء أن يتبعوا صأحبّهم ركبانا وقد أسلموه على هذه الحال!

أقول: وتقدم ما يدلّ على ذلك(٣) ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

٧ - باب استحباب حمل الجنازة عيناً وتربيعها.

[٣٢٦٥] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن عبدالله بن جعفر، عن إبراهيم بن مهزيار، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: من حمل جنازة من أربع جوانبها غفر الله له أربعين كبيرة.

محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، مثله(٥) .

[٣٢٦٦] ٢ - وعن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن علي بن حديد، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: السنّة أن يحمل السرير من جوانبه الأربع وما كان بعد ذلك من حمل فهوتطوع.

ورواه الشيخ بإسناده عن أبي علي الأشعري، مثله(٦) .

____________________

(١) في نسخة: ركاباً ( هامش المخطوط ).

(٢) في نسخة: استحى ( هامش المخطوط ).

(٣) تقدم في الأحاديث ٢ و ٤ من الباب ٣ والابواب ٤ و ٥ من هذه الابواب.

(٤) يأتي ما يدل عليه في الباب ٧ و ٨ من هذه الابواب.

الباب ٧

فيه ٨ أحاديث

١ - التهذيب ١: ٤٥٤ / ١٤٧٩.

(٥) الكافي ٣: ١٧٤ / ١.

٢ - الكافي ٣: ١٦٨ / ٢.

(٦) التهذيب ١: ٤٥٣ / ١٤٧٦ والاستبصار ١: ٢١٦ / ٧٦٥.

١٥٣

[٣٢٦٧] ٣ - وعنه، عن ابن عبد الجبار، عن الحجال، عن عليّ بن شجرة، عن عيسى بن راشد، عن رجل من أصحابه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: من أخذ بجوانب السرير الأربعة غفر الله له أربعين كبيرة.

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

[٣٢٦٨] ٤ - وعن الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن سليمان بن خالد، عن رجل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال من أخذ بقائمة السرير غفر الله له خمساً وعشرين كبيرة، واذا ربعّ خرج من الذنوب.

ورواه الصدوق مرسلاً(٢) .

[٣٢٦٩] ٥ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) - في حديث أنّ المؤمن يبشر عند موته -: إنّ الله قد غفر لك ولمن يحملك إلى قبرك.

[٣٢٧٠] ٦ - قال: وقال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : من حمل أخاه الميّت بجوانب السرير الأربعة محا الله عنه أربعين كبيرة من الكبائر، والسنّة أن يحمل السرير من جوانبه الأربعة، وما كان بعد ذلك فهو تطوع.

[٣٢٧١] ٧ - وبإسناده عن إسحاق بن عمّار، عن الصادق( عليه‌السلام ) أنه

____________________

٣ - الكافي ٣: ١٧٤ / ٣.

(١) الفقيه ١: ٩٩ / ٤٥٧.

٤ - الكافي ٣: ١٧٤ / ٢.

(٢) الفقيه ١: ٩٩ / ٤٦٢.

٥ - الفقيه ١: ٨٠ / ٣٥٦.

٦ - الفقيه ١: ٩٩ / ٤٦١.

٧ - الفقيه ١: ١٠٠ / ٤٦٣.

١٥٤

قال: إذا حملت جوانب السرير سرير الميّت خرجت من الذنوب كما ولدتك أُمك.

[٣٢٧٢] ٨ - وفي ( ثواب الأعمال ) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن العبّاس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عن سليمان بن صالح، عن أبيه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من أخذ بقائمة السرير غفر الله له خمساً وعشرين كبيرة، فإذا ربّع خرج من الذنوب.

أقول: وياتي ما يدلّ على ذلك إن شاء الله(١) .

٨ - باب كيفية مايستحب من التربيع.

[٣٢٧٣] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسين بن سعيد أنّه كتب إلى أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) : يسأله عن سرير الميّت يحمل، أله جانب يبدأ به في الحمل من جوانبه الأربعة، أو ما خفّ على الرجل يحمل من أي الجوانب شاء؟ فكتب: من أيّها شاء.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن الحسين، عن علي بن موسى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين قال: كتبت إليه أسأله، وذكر مثله(٢) .

[٣٢٧٤] ٢ - محمد بن إدريس في ( آخر السرائر ) نقلاً من كتاب ( الجامع ) لأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: السنّة أن تستقبل الجنازة من جانبها الايمن، وهو مما يلي يسارك، ثمّ تصيرإلى مؤخره وتدور عليه حتى ترجع إلى مقدمه.

____________________

٨ - ثواب الاعمال: ٢٣٣.

(١) يأتي ما يدلّ على ذلك في الباب الاتي.

الباب ٨

فيه ٥ أحاديث

١ - الفقيه ١: ١٠٠ / ٤٦٥.

(٢) التهذيب ١: ٤٥٣ / ١٤٧٧، والاستبصار ١: ٢١٦ / ٧٦٦.

٢ - مستطرفات السرائر: ٥٩ / ٢٦.

١٥٥

[٣٢٧٥] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن الفضل بن يونس قال: سألت أبا إبراهيم( عليه‌السلام ) عن تربيع الجنازة؟ قال: إذا كنت في موضع تقيّة فابدأ باليد اليمنى، ثمّ بالرجل اليمنى، ثمّ ارجع من مكانك إلى ميامن الميّت لا تمرّ خلف رجليه البتّة حتى تستقبل الجنازة فتأخذ يده اليسرى، ثمّ رجله اليسرى، ثمّ ارجع من مكانك لا تمر خلف الجنازة البتة حتى تستقبلها تفعل كما فعلت أوّلاً، فإن لم تكن تتقي فيه فإن تربيع الجنازة الذي(١) جرت به السنّة أن تبدأ باليد اليمنى، ثمّ بالرجل اليمنى، ثمّ بالرجل اليسرى، ثمّ باليد اليسرى حتى(٢) تدور حولها.

[٣٢٧٦] ٤ - وعنه، عن أبيه، عن غيرواحد، عن يونس، عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: السنّة في حمل الجنازة أن تستقبل جانب السّرير بشقك الأيمن فتلزم الأيسر بكفّك(٣) الأيمن، ثمّ تمرّ عليه إلى الجانب الاخر وتدور من خلفه إلى الجانب الثالث من السرير، ثمّ تمرّ عليه إلى الجانب الرابع(٤) ممّا يلي يسارك.

[٣٢٧٧] ٥ - وعنه، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن علي بن عقبة، عن موسى بن أكيل، عن العلاء بن سيّابة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: تبدأ في حمل السرير من الجانب الأيمن، ثمّ تمرّ عليه من خلفه إلى الجانب الاخر. ثمّ تمرّ حتى ترجع إلى المقدّم كذلك دوران الرحى عليه.

____________________

٣ - الكافي ٣: ١٦٨ / ٣، والتهذيب ١: ٤٥٢ / ١٤٧٣.

(١) في نسخة: التي قد ( هامش المخطوط ).

(٢) ليس في التهذيب ( هامش المخطوط ).

٤ - الكافي ٣: ١٦٨ / ١ والتهذيب ١: ٤٥٣ / ١٤٧٥ والاستبصار ١: ٢١٦ / ٧٦٤.

(٣) في المصدر: بكتفك.

(٤) من قوله: وتدور إلى قوله الرابع ليس في الاستبصار ولا في التهذيب، وهو موجود في الكافي. ( منه قدّه ).

٥ - الكافي ٣: ١٦٩ / ٤.

١٥٦

وروى الشيخ الأحاديث الثلاثة بإسناده عن علي بن إبراهيم إلّا أنه قال في حديث الفضل: ثمّ ارجع من مكانك إلى ميامن الميّت لا تمرّ خلف رجليه(١) .

وروى الأخير أيضاً بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) .

٩ - باب استحباب الدعاء بالمأثور عند رؤية الجنازة وحملها.

[٣٢٧٨] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عن أبان لا أعلمه إلا ذكره عن أبي حمزة قال: كان علي بن الحسين( عليه‌السلام ) إذا رأى جنازة قد أقبلت قال: الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم.

ورواه الصدوق مرسلاً إلا أنه أسقط قوله: قد أقبلت(٣) .

[٣٢٧٩] ٢ - وعن حميد، عن ابن سماعة، عن عبدالله بن جبلة، عن محمّد بن مسعود الطائي، عن عنبسة بن مصعب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من استقبل جنازة أو رآها فقال: « الله أكبر هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله، اللّهم زدنا ايماناً وتسليماً، الحمد لله الذي تعزّز بالقدرة وقهر العباد بالموت » لم يبق في السماء ملك إلا بكى رحمة لصوته.

ورواه الشيخ بإسناده عن حميد(٤) والذي قبله بإسناده عن علي بن إبراهيم، مثله.

____________________

(١) التهذيب ١: ٤٥٣ / ١٤٧٤.

(٢) الاستبصار ١: ٢١٦ / ٧٦٣.

الباب ٩

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٣: ١٦٧ / ١، وألتهذيب ١: ٤٥٢ / ١٤٧٢.

(٣) الفقيه ١: ١١٣ / ٥٢٥.

٢ - الكافي ٣: ١٦٧ / ٣.

(٤) التهذيب ١: ٤٥٢ / ١٤٧١.

١٥٧

[٣٢٨٠] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن أبي الحسن النهدي رفعه قال: كان أبو جعفر( عليه‌السلام ) إذا رأى جنازة قال: الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم.

[٣٢٨١] ٤ - محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار الساباطي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الجنازة إذا حملت كيف يقول الذي يحملها؟ قال: يقول: بسم الله وبالله وصلى الله على محمّد وآل محمّد، اللّهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات.

١٠ - باب كراهة أن تتبع الجنازة بالنار والمجمرة إلا أن تخرج ليلا ً فلا بأس بالمصباح، وجواز الدفن بالليل وبالنهار.

[٣٢٨٢] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة قال: قال أبوجعفر( عليه‌السلام ) : لا تقربوا موتاكم النار، يعني الدخنة.

[٣٢٨٣] ٢ - وبإسناده عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) عن أبيه( عليهما‌السلام ) - في حديث - أنّه كان يكره أن يتبع الميّت بالمجمرة.

[٣٢٨٤] ٣ – محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي

____________________

٣ - الكافي ٣: ١٦٧ / ٢.

٤ - التهذيب ١: ٤٥٤ / ١٤٧٨.

الباب ١٠

فيه ٦ أحاديث

١ - التهذيب ١: ٢٩٥ / ٨٦٦، والاستبصار ١: ٢٠٩ / ٧٣٧، وأورده في الحديث ١٢ من الباب ٦ من أبواب التكفين.

٢ - التهذيب ١: ٢٩٥ / ٨٦٦، والاستبصار ١: ٢١٠ / ٧٣٩.

٣ - الكافي ٣: ١٤٣ / ٣، أورده في الحديث ١ من الباب ٦ من أبواب التكفين، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ١٤ من أبواب التكفين.

١٥٨

عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا أردت أن تحنط الميّت - إلى أن قال: - وأكره أن يتبع بمجمرة.

[٣٢٨٥] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين قال: سئل الصادق( عليه‌السلام ) عن الجنازة يخرج معها بالنار؟ فقال: إنّ ابنة رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أُخرجت(١) ليلاً ومعها مصابيح.

[٣٢٨٦] ٥ - وفي ( العلل ) عن علي بن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن أبي عبدالله، عن موسى بن عمران، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) لأيّ علّة دفنت فاطمةعليها‌السلام بالليل ولم تدفن بالنهار؟ قال: لأنّها أوصت أن لا يصلّي عليها رجال(٢) .

[٣٢٨٧] ٦ - وعنه، عن أحمد بن يحيى، عن عمرو بن أبي المقدام، وزياد بن عبدالله قال: أتى رجل أبا عبد الله( عليه‌السلام ) فقال له: يرحمك الله، هل ( شيّعت الجنازة بنار تمشي معها، وبمجمرة )(٣) أو قنديل، أو غير ذلك مما يضاء به؟ فذكر حديثاً طويلاً فيه مرض فاطمة (عليها‌السلام ) ووفاتها - إلى أن قال: - فلما قضت نحبها وهم في جوف الليل أخذ علي( عليه‌السلام ) في جهازها من ساعته(٤) ، وأشعل النار في جريد النخل، ومشى مع الجنازة بالنار حتى صلّى عليها ودفنها ليلاً، الحديث.

____________________

٤ - الفقيه ١: ١٠٠ / ٤٦٦.

(١) في نسخة: خرج بها ( هامش المخطوط ).

٥ - علل الشرائع: ١٨٥ / ١.

(٢) في المصدر: الرجلان.

٦ - علل الشرائع: ١٨٥ / ٢.

(٣) في المصدر: هل تشيع الجنازة بنار ويمشي معها بمجمرة.

(٤) في المصدر زيادة: كما أوصته فلما فرغ من جهازها أخرج عليّ الجنازة.

١٥٩

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أحاديث تعجيل التجهيز(١) ، وفي تغسيل الزوجة(٢) وغيرها(٣) .

١١ - باب استحباب مباشرة حفر القبر عيناً.

[٣٢٨٨] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: من حفر لميّت قبراً كان كمن بوّاه(٤) بيتاً موافقاً إلى يوم القيامة.

ورواه الصدوق مرسلاً(٥) .

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم، مثله(٦) .

[٣٢٨٩] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين في ( عقاب الأعمال ) بإسناد تقدّم في عيادة المريض عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: من احتفر لمسلم قبراً محتسباً حرّمه الله على النار وبوّأه بيتاً من(٧) الجنّة، وأورده حوضاً فيه من الاباريق عدد ( نجوم السماء )(٨) عرضه ما بين أيلة وصنعاء.

____________________

(١) تقدم ما يدلّ عليه في الباب ٤٧ من أبواب الاحتضار.

(٢) تقدم ما يدلّ على ذلك في الحديث ١٩ من الباب ٢٤ من أبواب غسل الميّت.

(٣) تقدم في غيرذلك في الحديث ٣ من الباب ٦ من أبواب التكفين.

الباب ١١

فيه حديثان

١ - الكافي ٣: ١٦٥ / ١ وتقدم صدره في الحديث ١ من الباب ٢٦ من أبواب التكفين.

(٤) في هامش الاصل عن الفقيه: فكإنّما بوأه.

(٥) الفقيه ١: ٩٢ / ٤١٩.

(٦) التهذيب ١: ٤٥٠ / ١٤٦٢.

٢ - عقاب الأعمال: ٣٤٤.

(٧) كتب المصنف عن نسخة بدل ( من ): في.

(٨) في المصدر: النجوم.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

قال الطبري في تاريخه : زعموا أن الحسن البصري لما بلغه قتل حجر وأصحابه ، قال: صلّوا عليهم وكفنّوهم واستقبلوا بهم القبلة؟. قالوا : نعم. قال : حجّوهم وربّ الكعبة.

وذكر كثير من أهل الأخبار أن معاوية لما حضرته الوفاة ، جعل يغرغر بالموت ، ويقول : إن يومي منك يا حجر بن عدي لطويل.

(أقول) : ولكن هيهات ينفع الندم.

ترجمة حجر بن عدي

(الدرجات الرفيعة للسيد علي خان ، ص ٤٢٣)

هو حجر بن عديّ بن معاوية بن جبلة بن الأدبر الكندي. يكنى أبا عبد الرحمن ، ويسمى حجر الخير.

قال ابن عبد البرّ في (الإستيعاب) : كان حجر من فضلاء الصحابة ، شجاعا من المقدمين.

وقال غيره : كان من الأبدال ، وكان صاحب راية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وهو بعد من الرؤساء والزهاد. وشهد القادسية ، وهو الّذي فتح مرج عذراء. ومحبته وإخلاصه لأمير المؤمنينعليه‌السلام أشهر من أن تذكر. وكان على كندة يوم صفين ، وعلى الميسرة يوم النهروان.

وفي (أعلام الزركلي) : وسكن الكوفة إلى أن قدم زياد ابن أبيه واليا عليها ، فدعا به زياد فجاءه ، فحذّره من الخروج على بني أمية. فما لبث أن عرفت عنه الدعوة إلى مناوأتهم والاشتغال في السرّ بالقيام عليهم. فجيء به إلى دمشق ، فأمر معاوية بقتله بعد أن أعطاه الأمان ، فقتل في مرج عذراء (من قرى دمشق) مع أصحاب له.

٣٩٣ ـ إثارة مروان بن الحكم الفتنة بين معاوية والحسينعليه‌السلام :

(مناقب ابن شهراشوب ، ج ٤ ص ٥١ ط إيران)

روى الكلبي أن مروان بن الحكم قال يوما للحسينعليه‌السلام : لو لا فخركم بفاطمة

٣٦١

بم كنتم تفخرون علينا؟. فوثب الحسين (وكان شديد القبضة) فقبض على حلقه فعصره ، ولوى عمامته على عنقه حتّى غشي عليه ، ثم تركه.

وأقبل الحسينعليه‌السلام على جماعة من قريش ، فقال : أنشدتكم الله إلا صدّقتموني إن صدقت. أتعلمون أن في الأرض حبيبين كانا أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مني ومن أخي؟. أو على ظهر الأرض ابن بنت نبي غيري وغير أخي؟. قالوا : الله م لا.قال : وإني لا أعلم أن في الأرض ملعون ابن ملعون غير هذا وأبيه ، طريد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . والله ما بين جابرسا وجابلقا [مدينتان إحداهما بباب المشرق والأخرى بباب المغرب] رجلان ممن ينتحل الإسلام أعدى لله ولرسوله ولأهل بيته منك ومن أبيك إذ كان ، وعلامة قولي فيك أنك إذا غضبت سقط رداؤك عن منكبك!.

قال : فو الله ما قام مروان من مجلسه حتّى غضب ، فانتفض وسقط رداؤه عن عاتقه.

٣٩٤ ـ دعايات مفتعلة :

شعر معاوية أن الأمة بكافة فصائلها تقدّم الإمام الحسينعليه‌السلام ، باعتباره الحاكم الّذي يلي الخلافة بعد هلاك معاوية وبدون منافس. وذلك لشياع ذكره في الأمصار وعلى كل لسان. فهم كانوا لا يشكّون بأن الخلافة سوف تؤول إليه بعد هلاك معاوية. لذلك بدأ معاوية يختلق القصص المنقولة عن بعض الوشّائين والنمّامين ، بأن الحسينعليه‌السلام يفكر في الخروج عليه. لذلك كتب معاوية للحسينعليه‌السلام كتابا يذكّره فيه بعهده وصلحه.

٣٩٥ ـ كتاب معاوية للحسينعليه‌السلام يتهمه فيه بالفتنة وشقّ عصا الطاعة ، ويتوعده بالبطش به :

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ج ٨ ص ١٣١)

قال السيد علي جلال الحسيني في كتابه (الحسين) ج ١ ص ١٦٤ :

روى ابن قتيبة في (الإمامة والسياسة) ج ١ ص ٢٨٤ وما بعدها ، وأبو عمرو محمّد بن عمر الكشي في (معرفة أخبار الرجال) ، وأبو جعفر الطوسي في (اختيار الرجال) طبع بومبي ص ٣٢ وما بعدها ؛ أن معاوية كتب إلى الحسينعليه‌السلام :

أما بعد ، فقد انتهت إليّ أمور عنك ، إن كانت حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها ، ولعمر الله إنّ من أعطى الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء ، وإن أحقّ الناس بالوفاء لمن

٣٦٢

أعطى بيعته ، من كان مثلك في خطرك وشرفك ومنزلتك التي أنزلك الله بها. وإن كان الّذي بلغني باطلا ، فإنك أنت أعدل الناس لذلك ، وحظّ نفسك فاذكر ، وبعهد الله أوف!. فإنك متى تنكرني أنكرك ، ومتى تكدني أكدك. فاتّق شقّ عصا هذه الأمة ، وأن يردّهم الله على يديك في فتنة ، فقد عرفت الناس وبلوتهم ، فانظر لنفسك ولدينك ولأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا يستخفّنك السفهاء والذين لا يعلمون.

٣٩٦ ـ ردّ الحسينعليه‌السلام على كتاب معاوية ، وبيان بعض أعماله ونقضه للعهد:

(المصدر السابق ، ص ١٣٢)

فلما وصل الكتاب إلى الحسين رضي الله عنه ، كتب إليه :

أما بعد ، فقد بلغني كتابك تذكر فيه أنه انتهت إليك عني أمور أنت لي عنها راغب ، وأنا بغيرها عندك جدير ، وإن الحسنات لا يهدي لها ولا يسدد إليها إلا الله تعالى. وأما ما ذكرت أنه رقى إليك عني ، فإنه إنما رقاه إليك الملّاقون المشّاؤون بالنميمة ، المفرّقون بين الجمع ، وكذب الغاوون. واعلم بأني ما أردت لك حربا ولا عليك خلافا ، وإني لأخشى الله في ترك ذلك منك ، ومن الإعذار فيه إليك ، وإلى أوليائك القاسطين (الجائرين) الملحدين ، حزب الظلمة وأولياء الشيطان.

ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة ، وأصحابه المصلّين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ولا يخافون في الله لومة لائم؟ ثم قتلتهم ظلما وعدوانا ، من بعد ما أعطيتهم الأيمان المغلظّة والمواثيق المؤكدة ، جرأة على الله واستخفافا بعهده.

أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، العبد الصالح الّذي أبلته العبادة ، فنحل جسمه واصفر لونه؟. فقتلته بعد ما أمنّته وأعطيته من العهود ما لو فهمته (الوعول) لنزلت من رؤوس الجبال.

أولست بمدّع (زياد بن سمية) المولود على فراش (عبيد) عبد ثقيف؟. فزعمت أنه ابن أبيك ، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «الولد للفراش وللعاهر الحجر». فتركت سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تعمدا ، واتبعت هواك بغير هدى من الله. ثم سلطّته على أهل الإسلام يقتلهم ويقطع أيديهم وأرجلهم ويسمل عيونهم ويصلبهم على جذوع النخل ، كأنك لست من هذه الأمة وليسوا منك.

٣٦٣

أولست قاتل الحضرمي الّذي كتب إليك فيه زياد بن سمية أنه على دين علي كرم الله وجهه ، فكتبت إليه أن اقتل كلّ من كان على دين عليعليه‌السلام ، فقتلهم ومثّل بهم بأمرك؟!.

وقلت فيما قلت : انظر لنفسك ولدينك ولأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واتق شقّ عصا هذه الأمة ، وأن تردّهم إلى فتنة. وإني لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها ، ولا أعظم نظرا لنفسي ولديني ولأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل من أن أجاهدك ، فإن فعلت فإنه قربة إلى الله ، وإن تركته فإني أستغفر الله لديني ، وأسأله توفيقه لإرشاد أمري.

وقلت فيما قلت : إني إن أنكرك تنكرني ، وإن أكدك تكدني ، فكدني ما بدا لك ، فإني أرجو أن لا يضرني كيدك ، وأن لا يكون على أحد أضرّ منه على نفسك ، لأنك قد ركبت جهلك ، وتحرّصت على نقض عهدك ، ولعمري ما وفيت بشرط. ولقد نقضت عهدك بقتل هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان والعهود والمواثيق ، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا ، ولم تفعل ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا وتعظيمهم حقنا ، فقتلتهم مخافة أمر ، لعلك لولم تقتلهم متّ قبل أن يفعلوا ، أو ماتوا قبل أن يدركوا. فأبشر يا معاوية بالقصاص واستيقن بالحساب. واعلم أن لله تعالى كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، وليس الله بناس لأخذك بالظنّة وقتلك أولياءه على التّهمة ، ونفيك لهم أولياءه من دورهم إلى دار الغربة ، وأخذك للناس ببيعة ابنك غلام حدث ، يشرب الشراب ويلعب بالكلاب. وما أراك إلا قد خسرت نفسك ، وتبّرت دينك ، وغششت رعيتك ، وأخربت أمانتك ، وسمعت مقالة السفيه الجاهل ، وأخفت الورع التقي ، والسلام.

فقال معاوية : إن أثرنا بأبي عبد الله إلا أسدا.

استخلاف معاوية ليزيد

٣٩٧ ـ عزم معاوية على البيعة ليزيد بعد وفاة الحسنعليه‌السلام :

(الاستيعاب لابن عبد البر ، ج ١ ص ٣٧٦)

وكان معاوية قد أشار بالبيعة ليزيد في حياة الحسنعليه‌السلام وعرّض بها ، بعد أن

٣٦٤

نكث بشروط صلحه مع الحسنعليه‌السلام ، ولكنه لم يكشفها ولا عزم عليها إلا بعد وفاة الحسنعليه‌السلام .

٣٩٨ ـ اعتماد معاوية على داهيتين :

(خطط الشام لمحمد كرد علي ، ج ١ ص ١٣٦)

ولما مات الحسنعليه‌السلام بعد أربعة أشهر من استيلائه على العراق ، صفا الجو لمعاوية وبايع له الناس. فملك العراق والحجاز ومصر ، وأجمعت القلوب على مبايعته طوعا أو كرها. وكان ممن مالأ معاوية على تحقيق رغائبه عمرو بن العاص ، قريبه وعامله على مصر ، والمغيرة بن شعبة عامله على الكوفة. وهما الداهيتان اللتان يقول فيهما الحسن البصري : إنهما أفسدا هذه الأمة ، لاحتيال الأول برفع المصاحف يوم صفين وتقرير التحكيم ، ولأن الثاني كان من الداعين لأخذ البيعة ليزيد.

٣٩٩ ـ المغيرة بن شعبة يشير على معاوية باستخلاف يزيد :

(تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ٢٠٥)

قال الحسن البصري : أفسد أمر الناس اثنان : عمرو بن العاص ، يوم أشار على معاوية برفع المصاحف فحملت ، ونال من القراء ، فحكمّ الخوارج ، فلا يزال هذا التحكيم إلى يوم القيامة.

والمغيرة بن شعبة ، فإنه كان عامل معاوية على الكوفة ، فكتب إليه معاوية : إذا قرأت كتابي فأقبل معزولا ، فأبطأ عنه. فلما ورد عليه قال : ما أبطأ بك؟. قال :أمر كنت أوطّئه وأهيّئه!. قال : وما هو؟. قال : البيعة ليزيد من بعدك. قال : أوقد فعلت؟. قال : نعم. قال : ارجع إلى عملك!.

فلما خرج قال له أصحابه : ما وراءك؟. قال : وضعت رجل معاوية في غرز غيّ ، لا يزال فيه إلى يوم القيامة.

قال الحسن البصري : فمن أجل ذلك بايع هؤلاء لأبنائهم ، ولو لا ذلك لكانت شورى إلى يوم القيامة.

٤٠٠ ـ البيعة ليزيد :(العقد الفريد لابن عبد ربه ، ج ٤ ص ٣٠٢)

روى أبو الحسن المدائني قال : لما مات زياد بن أبيه سنة ٥٣ ه‍ ، أظهر معاوية عهدا مفتعلا ، فقرأه على الناس ، فيه عقد الولاية ليزيد بعده فلم يزل يروّض الناس لبيعته سبع سنين

٣٦٥

فلما كانت سنة خمس وخمسين كتب معاوية إلى سائر الأمصار أن يفدوا عليه.فوفد عليه من كل مصر قوم. وكان فيمن وفد عليه من البصرة الأحنف بن قيس. ثم جلس معاوية في أصحابه ، وأذن للوفود فدخلوا عليه. وقد تقدّم إلى أصحابه أن يقولوا في يزيد. فأول من تكلم الضحاك بن قيس الخ.

٤٠١ ـ كلام الأحنف بن قيس في يزيد وبيعته :

(المصدر السابق)

ثم تكلم الأحنف بن قيس ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أنت أعلم بيزيد ، في ليله ونهاره ، وسرّه وعلانيته ، ومدخله ومخرجه. فإن كنت تعلمه لله رضا ولهذه الأمة فلا تشاور الناس فيه ، وإن كنت تعلم منه غير ذلك فلا تزوّده الدنيا وأنت تذهب إلى الآخرة.

٤٠٢ ـ خطبة مروان في مسجد المدينة يدعو إلى يزيد :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٧١)

أخبرنا سيد الحفّاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي حدثنا من أدرك مروان بن الحكم ، أنه خطب الناس على المنبر ليدعو إلى يزيد بن معاوية [وكان والي معاوية على المدينة]. فقام عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق ، فجلس على قوائم المنبر ، فقال : لا ، ولا نعمة عين لك ، أدين الهرقليّة [نسبة إلى هرقل ملك الروم] ، كلما ذهب واحد جاء آخر؟. هلك أبو بكر فترك ولدا هم أطيب وأكثر من ولد معاوية ، ثم نحّاها عنهم وجعلها في رجل من بني عديّ بن كعب. ثم هلك عمر ابن الخطاب فترك ولدا هم أطيب وأكثر من ولد معاوية ، فنحّاها عنهم وجعلها شورى بين الناس.

(قال) : وقالت عائشة : يا مروان ، أما والله إنكم للشجرة الملعونة التي ذكر الله في القرآن.

رواية أخرى للخطبة : (الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ١٧١)

وذكر هذه القصة أحمد بن أعثم الكوفي في تاريخه أطول من هذه.

قال : كتب معاوية إلى مروان بن الحكم يأمره أن يدعو الناس إلى بيعة يزيد ، ويخبره في كتابه أن أهل مصر والشام والعراق قد بايعوا.

٣٦٦

فأرسل مروان إلى وجوه أهل المدينة ، فجمعهم في المسجد الأعظم. ثم صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر الطاعة وحضّ عليها ، وذكر الفتنة وحذّر منها.

ثم قال في بعض كلامه : أيها الناس إن أمير المؤمنين قد كبر سنّه ، ودقّ عظمه ، ورقّ جلده ، وخشي الفتنة من بعده. وقد أراه الله رأيا حسنا ، وقد أراد أن يختار لكم وليّ عهد ، يكون لكم من بعده مفزعا ، يجمع الله به الألفة ويحقن به الدماء ، وأراد أن يكون ذلك عن مشورة منكم وتراض ، فماذا تقولون؟.

(قال) فقال الناس من كل جانب : إنا مانكره ذلك إذا كان رضا. فقال مروان :فإنه قد اختار لكم الرضا الّذي يسير بسيرة الخلفاء الراشدين المهديين ، وهو ابنه (يزيد). قال : فسكت الناس.

وتكلم عبد الرحمن بن أبي بكر ، فقال : كذبت والله ، وكذب من أمّرك بهذا.والله ما (يزيد) بمختار ولا رضا ، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية في يزيد الخمور ، يزيد القرود ، يزيد الفهود.

فقال مروان : إن هذا المتكلم هو الّذي أنزل الله فيه :( وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما ) [الأحقاف : ١٧].

(قال) فغضب عبد الرحمن ، وقال : يابن الزرقاء! أفينا تتأوّل القرآن ، وأنت الطريد ابن الطريد!. ثم بادر إليه فأخذ برجليه ، وقال : انزل يا عدوّ الله عن منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فليس مثلك من يتكلم [بهذا] على أعواده.

قال : فضجّت بنو أمية في المسجد. وبلغ ذلك عائشة فخرجت من منزلها متلفّعة بملاءة لها ، ومعها نسوة من قريش ، حتّى دخلت المسجد. فلما نظر إليها مروان كأنه فزع من ذلك ، فقال : سألتك بالله يا أم المؤمنين إن قلت إلا حقا. فقالت عائشة : لا أقول إلا حقا. أشهد لقد لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أباك ولعنك ، فأنت فضض من لعنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنت الطريد ابن الطريد. أتكلّم أخي عبد الرحمن بما تكلمه!.فسكت مروان ولم يردّ عليها شيئا ، [ورجعت عائشة إلى منزلها] وتفرّق الناس.

٤٠٣ ـ عزل مروان بن الحكم عن المدينة :

ذكر الدينوري في (الإمامة والسياسة) ص ١٧٥ : أن معاوية بعد وفاة الإمام الحسنعليه‌السلام وتولية يزيد ، بعث إلى مروان وكان عامله على المدينة ، يطلب منه أخذ البيعة ليزيد من أهل المدينة ، فحاول مروان ذلك فلم يستطع. فبعث إلى معاوية

٣٦٧

بعدم تجاوب أهل المدينة معه. فعزله ، وعيّن مكانه سعيد بن العاص ، وهو جلف قاس ، فأظهر الغلظة ، وأخذهم بالعزم والشدة. ثم قدم معاوية بنفسه إلى المدينة.

ترجمة مروان بن الحكم

[وأبيه الحكم بن أبي العاص]

هو أبو الحكم ، مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية.

قال الذهبي في (العبر في خبر من غبر) ج ١ ص ٧١ :

وكان مروان كاتب السرّ لابن عمه عثمان ، وبسببه جرى على عثمان ما جرى. وكان قصيرا ، كبير الرأس واللحية ، دقيق الرقبة ، أوقص ، أحمر الوجه. يلقّب : خيط باطل ، لدقّة عنقه. عاش ثلاثا وستين سنة.

وقال البلاذري في (أنساب الأشراف) ج ٥ ص ١٢٥ طبعة أنيقة : وكان والده الحكم مغموصا عليه في إسلامه ، وكان إظهاره الإسلام في يوم فتح مكة ، فكان يمرّ خلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيخلج بأنفه ويغمز بعينيه ، فبقي على ذلك التخليج وأصابته خبلة.

وكان الحكم يفشي أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلعنه وسيّره إلى الطائف مع بنيه ، وقال : لا يساكنّي. فلم يزالوا طرداء حتّى ردّهم عثمان ، فكان ذلك مما نقم فيه عليه.

عن أبي هريرة (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «رأيت في النوم بني الحكم بن أبي العاص ينزون على منبري كما تنزو القردة «فأصبح كالمتغيّظ. فما رؤي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مستجمعا ضاحكا بعد ذلك حتّى مات (راجع مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ١٧٣).

وقال البلاذري في (أنساب الأشراف) : حدثنا روح بن عبد المؤمن المقري عن عمرو بن مرة الجهني ، قال : استأذن الحكم بن أبي العاص على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «ائذنوا له لعنة الله عليه ، وعلى من يخرج من صلبه ، إلا المؤمنين وقليل ما هم ، يشرفون في الدنيا ، ويتّضعون في الآخرة».

٣٦٨

وكانت أم مروان صفية ، ويقال الصعبة بنت أبي طلحة ، وأمها مارية بنت موهب كندية ، وهي الزرقاء التي يعيّرون بها ، فيقال : بنو الزرقاء. وكان موهب قينا (أي عبدا).

وفي (أخبار الدول) للقرماني ، ص ١٣٢ :

روى الحاكم في كتاب (الفتن والملاحم) من المستدرك عن عبد الرحمن بن عوف ، أنه قال : كان لا يولد لأحد ولد إلا أتي به إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيدعو له. فأدخل عليه مروان بن الحكم ، فقال : «هذا الوزغ ابن الوزغ ، الملعون ابن الملعون».

ثم روى الحاكم عن عمرو بن مرة الجهني ، قال : إن الحكم بن أبي العاص استأذن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعرف صوته ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«ائذنوا له لعنة الله عليه ذو مكر وخديعة. يعطون في الدنيا ، وما لهم في الآخرة من خلاق».

٤٠٤ ـ جملة من أعمال مروان المشينة :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي ، ص ٦٩)

ذكر الذهبي وابن عبد البر وغيرهما شيئا من مخازي مروان ، منها : أنه أول من شقّ عصا المسلمين بلا شبهة. وقتل النعمان بن بشير ، أول مولود من الأنصار في الإسلام. وخرج على ابن الزبير بعد أن بايعه على الطاعة. وقتل طلحة بن عبيد الله يوم الجمل (غيلة من خلفه).

٤٠٥ ـ الغدر صفة متأصلة في مروان :

(نهج البلاغة ، خطبة رقم ٧١)

ومما يثبت أن صفة الغدر متأصلة في مروان ، أنه لما أخذ أسيرا يوم الجمل ، استشفع الحسن والحسينعليهما‌السلام إلى الإمامعليه‌السلام في أن يطلق سراحه ، فخلّى سبيله. فقالا لأبيهما : أتحبّ أن يبايعك يا أمير المؤمنين؟. فقالعليه‌السلام : أولم يبايعني بعد قتل عثمان؟ لا حاجة لي في بيعته ، إنها كفّ يهودية ، لو بايعني بكفّه

٣٦٩

لغدر بسبته (أي إسته). أما إنّ له إمرة كلعقة الكلب أنفه. وهو أبو الأكبش الأربعة ، وستلقى الأمة منه ومن ولده يوما أحمر [يقصد بالأكبش الأربعة أولاد عبد الملك بن مروان وهم : الوليد وسليمان ويزيد وهشام].

٤٠٦ ـ هلاك مروان بن الحكم :

روى الواقدي كما في (تاريخ الطبري) ج ٢ ص ٥٧٦ قال :

تزوج مروان أرملة يزيد وهي (فاختة). وكان زواجه منها أشبه بأخذ الميراث ، منه بأن يكون زواجا ومصاهرة. وقد آلم ذلك نفس خالد بن يزيد ، الّذي أصبح في حجره. وكان مروان لا يألو جهدا في إسقاط خالد من أعين الناس ، وأخيرا حرمه مما كان قد وعده به في (الجابية) من أن تكون له الخلافة بعده.

فما كان من فاختة إلا أن انتقمت لابنها خالد من غدر مروان ، فغطّته بالوسادة وهو في سريره ، حتّى قتلته.

وقال الذهبي في (دول الإسلام) :

فلم يلبث أن وثبت عليه زوجته لكونه شتمها ، فوضعت على وجهه مخدّة كبيرة وهو نائم ، وقعدت هي وجواريها فوقها ، حتّى مات.

وقال البلاذري في (أنساب الأشراف) ص ١٥٩ طبع ليدن :

غدر مروان بخالد بن يزيد بن معاوية فيما وعده من ولاية العهد ، وأمه فاختة.ودخل عليه خالد على مرحلة من دمشق ، فقال له مروان : ما أدخلك عليّ في هذا الوقت يابن الرطبة؟!. فقال خالد : أمين مختبر ، أبعدها الله وأسحقها. وأتى أمه فأخبرها بما قال مروان. فقالت له : لن تسمع منه مثلها أبدا. ودخل مروان على أم خالد فتركته حتّى نام ، ثم عمدت إلى مرفقة محشوة ريشا فجعلتها على وجهه ، وجلست وجواريها عليها حتّى مات غمّا. ثم صرخت وجواريها وولولن وقلن :مات أمير المؤمنين بالفجأة.

وقال المسعودي في (مروج الذهب) ج ٣ ص ٩٨ :

فمنهم من رأى أنها وضعت على نفسه وسادة وقعدت فوقها مع جواريها حتّى مات. ومنهم من رأى أنها أعدت له لبنا مسموما ، فلما دخل عليها ناولته إياه فشرب. فلما استقر في جوفه وقع يجود بنفسه وأمسك لسانه. فحضره عبد الملك وغيره من ولده ، فجعل مروان يشير إلى أم خالد ، يخبرهم أنها قتلته ، وأم خالد

٣٧٠

تقول : بأبي وأمي أنت ، حتّى عند النزع لم تشتغل عني ؛ إنه يوصيكم بي حتّى هلك.

٤٠٧ ـ معاوية ينقض عهوده ويحاول تولية يزيد :

(مختصر تاريخ العرب لسيد أمير علي ، ص ٧٢)

ولكي يضمن معاوية الخلافة لابنه يزيد ، لم يتردد قط في نكث العهود مع الحسين ابن عليعليهما‌السلام .

وقد كان الصلح المعقود بين الحسنعليه‌السلام ومعاوية ينص على الاعتراف بحق الحسينعليه‌السلام في الخلافة ، ولكن معاوية نقض العهد ، وأخذ لابنه البيعة. فحنق الحسينعليه‌السلام ، وزاد في حنقه فساد يزيد ، فلم يعترف قط بطاغية الشام.

وفي (عمدة الطالب في أنساب أبي طالب) ص ١٨٠ ط نجف :

وكان معاوية قد نقض شرط الحسن بن عليعليه‌السلام بعد موته ، وبايع لابنه يزيد.وامتنع الحسينعليه‌السلام من بيعته. وأعمل معاوية الحيلة حتّى أوهم الناس أنه بايعه ، وبقي على ذلك حتّى مات معاوية.

٤٠٨ ـ قدوم معاوية إلى المدينة لأخذ البيعة ليزيد :

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ج ٨ ص ١٢٧)

روى ابن قتيبة في كتاب (الإمامة والسياسة) في قدوم معاوية إلى المدينة لأخذ البيعة لابنه يزيد ، أنه لما نزل المدينة دعا الحسينعليه‌السلام وعبد الله بن عباس رضي الله عنه إلى مجلس يضم خاصته. فلما استقرّ بهم المجلس ابتدأ معاوية فقال :

أما بعد ، فالحمد لله وليّ النعم ومنزل النقم ، وأشهد ألا إله إلا الله ، المتعالي عما يقول الملحدون علوا كبيرا ، وأن محمدا عبده المختص المبعوث إلى الجن والإنس كافة ، لينذرهم بقرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد. فأدّى عن الله وصدع بأمره ، وصبر على الأذى في جنبه ، حتّى وضح دين الله ، وأعزّ أولياءه ، وقمع المشركين ، وظهر أمر الله وهم كارهون. فمضى صلوات الله عليه ، وقد ترك من الدنيا ما بذل له ، واختار منها الترك لما سخّر له ، زهادة واختيارا لله ، وأنفة واقتدارا على الصبر ، بغيا لما يدوم ويبقى. فهذه صفة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم خلفه رجلان محفوظان وثالث مشكوك ، وبين ذلك خوض طالما عالجناه ، مشاهدة ومكافحة ، ومعاينة وسماعا ، وما أعلم

٣٧١

منه فوق ما تعلمان. وقد كان أمر (يزيد) ما سبقتم إليه وإلى تجويزه ، وقد علم الله ما أحاول به من أمر الرعية ، من سدّ الخلل ولمّ الصدع بولاية يزيد ، بما أيقظ العين وأحمد الفعل. هذا معناي في (يزيد) ، وفيكما فضل القرابة ، وحظوة العلم ، وكمال المروءة ، وقد أصبت من ذلك عند يزيد على المناظرة والمقابلة ، ما أعياني مثله عندكما وعند غيركما ، ومع علمه بالسنة وقراءة القرآن ، والحلم الّذي يرجح بالصم الصلاب. وقد علمتما أن الرسول المحفوظ بعصمة الرسالة ، قدّم على الصدّيق والفاروق ومن دونهما من أكابر الصحابة وأوائل المهاجرين يوم غزوة السلاسل من لم يقارب القوم [يريد بذلك عمرو بن العاص] ، وفي رسول الله أسوة حسنة. فمهلا بني عبد المطلب ، فأنا وأنتم شعبا نفع وجد ، وما زلت أرجو الإنصاف في اجتماعكما ، فما يقول القائل إلا بفضل قولكما ، فردّا على ذي رحم مستعتب ، ما يحمد به البصيرة في عتابكما. وأستغفر الله لي ولكما.

٤٠٩ ـ ردّ الإمام الحسينعليه‌السلام على كلام معاوية :

(المصدر السابق ، ص ١٢٨)

قال : فتيسّر ابن عباس للكلام ونصب يده للمخاطبة ، فأشار إليه الحسينعليه‌السلام وقال : على رسلك ، فأنا المراد ، ونصيبي في التهمة أوفر. فأمسك ابن عباس.

فقام الحسينعليه‌السلام فحمد الله وصلّى على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم قال :

أما بعد يا معاوية ، فلن يؤدّي القائل وإن أطنب في صفة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جميع جزءا ، وقد فهمت ما لبّست به الخلف بعد رسول الله من إيجاز الصفة ، والنكب عن استبلاغ البيعة. وهيهات هيهات يا معاوية ، فضح الصبح فحمة الدجى ، وبهرت الشمس أنوار السّرج ، ولقد فضّلت حتّى أفرطت ، واستأثرت حتّى أجحفت ، ومنعت حتّى بخلت ، وجرت حتّى جاوزت ، ما بذلت لذي حق من اسم حقه من نصيب ، حتّى أخذ الشيطان حظه الأوفر ونصيبه الأكمل. وفهمت ما ذكرته عن (يزيد) من اكتماله وسياسته لأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . تريد أن توهم الناس في يزيد ، كأنك تصف محجوبا ، أو تنعت غائبا ، أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص ، وقد دلّ يزيد من نفسه على موقع رأيه ، فخذ ليزيد فيما أخذ به ، من استفزازه الكلاب المهارشة عند التحارش ، والحمام السّبّق لأترابهن ، والقينات ذوات المعازف وضروب الملاهي ، تجده ناصرا. ودع عنك ما تحاول ، فما أغناك أن تلقى الله بوزر

٣٧٢

هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه ، فوالله ما برحت تقدح باطلا في جور ، وحتفا في ظلم ، حتّى ملأت الأسقية. وما بينك وبين الموت إلا غمضة ، فتقدم على عمل محفوظ ، في يوم مشهود ، ولات حين مناص.

ورأيتك عرّضت بنا بعد هذا الأمر ، ومنعتنا عن آبائنا تراثنا ، ولقد لعمر الله أورثنا الرسولعليه‌السلام ولادة ، وجئت لنا بما حججتم به القائم عند موت الرسول ، فأذعن للحجة بذلك ، وردّه الإيمان إلى النّصف ، فركبتم الأعاليل وفعلتم الأفاعيل ، وقلتم كان ويكون ، حتّى أتاك الأمر يا معاوية ، من طريق كان قصدها لغيرك ، فهناك فاعتبروا يا أولي الأبصار.

وذكرت قيادة الرجل القوم بعهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتأميره له وقد كان ذلك ، ولعمرو بن العاص فضيلة بصحبة الرسول وببيعته له ، وما صار لعمرو يومئذ حتّى أنف القوم إمرته ، وكرهوا تقديمه ، وعدوا عليه فعاله ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«لا جرم معشر المهاجرين لا يعمل عليكم بعد اليوم». فكيف تحتجّ بالمنسوخ من فعل الرسول في أوكد الأحوال وأولاها ، بالمجتمع عليه من الصواب؟. أم كيف ضاهيت بصاحب تابعا ، وحولك من يؤمن في صحبته ويعتمد في دينه وقرابته ، وتتخطاهم إلى مسرف مفتون؟. تريد أن تلبس الناس شبهة ، يسعد بها الباقي في دنياه ، وتشقى بها في آخرتك؟.( أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ ) وأستغفر الله لي ولكم.

٤١٠ ـ جرأة أبي قتادة الأنصاري على معاوية :

(أخبار الدول وآثار الأول للقرماني ، ص ١٢٩)

قال ابن أبي الدنيا : حجّ معاوية سنة إحدى وخمسين ، فلما قدم المدينة لقيه أبو قتادة الأنصاري. فقال له معاوية : تلقّاني الناس كلهم غيركم يا معشر الأنصار!.قال : لم يكن لنا دواب. قال : فأين النواضح؟. قال : عقرناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر. فسكت.

يقول القرماني : ولم نذكر في هذا الكتاب ما شجر بين معاوية وبين عليعليه‌السلام لما يتطرق للنفوس الضعيفة وأهل الأهواء من البغض لمعاوية رضي الله عنه.ونسكت عن حرب الصحابة ، فالذي جرى بينهم كان اجتهادا مجردا.

٣٧٣

تعليق على القرماني :

رغم احترامي للشيخ القرماني الدمشقي ، وثقتي بدينه وتقواه وتعظيمه لأهل البيتعليهم‌السلام ، إلا أن كلامه المتقدم لا يمكن السكوت عليه ، من عدة وجوه :

١ ـ يقول : إن ما شجر بين الصحابة الأولين هو من قبيل أن الواحد منهم قد اجتهد فأخطأ. وأقول : إن الخطأ في الاجتهاد مقبول بالنسبة لأهل العلم والذين قضوا حياتهم في الدين والفقه ، فهؤلاء بعد تحصيلهم كل هذه العلوم إذا اجتهدوا وصدف أن أخطؤوا فيمكن التجاوز عنهم. لكن هذا لا ينطبق على مثل مروان بن الحكم ومعاوية والحجاج وغيرهم. فمعاوية رجل ليس عنده أي رصيد من الدين ، وكل أعماله كانت صادرة من مصلحته الشخصية ، وهذا هو الّذي دعاه إلى تولية يزيد ، وهو يعلم أنه أفجر الناس أجمعين. فليس معاوية من الذين يجوز لهم الاجتهاد في أمور الدين أصلا ، حتّى نقول إنه اجتهد فأخطأ أو أصاب.

٢ ـ إن الاجتهاد الّذي يحتمل فيه الإصابة والخطأ ، هو الاجتهاد في الأمور المبهمة المشتبه فيها ، وليس في الأشياء الواضحة الثابتة مثل خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام . فكيف يجوز لأحد أن يجتهد فيها ، ويقول إنها صحيحة أو غير صحيحة بعد أن اجتمع المسلمون عليها. وهذا انطلاقا من كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«لا اجتهاد في موضع النص». فما عمله معاوية في عدم مبايعته للإمام عليعليه‌السلام وإراقته الدماء في سبيل ذلك ، هو ليس اجتهاد ، وإنما هو خروج كامل عن الدين والإسلام.

٣ ـ إن القرماني يقول : إن ما شجر بين الصحابة يلزم عدم ذكره بل ستره ، وإذا علمنا أن ما فعله معاوية وأمثاله من العمل على اقتتال المسلمين وإراقة دمائهم ، وبالتالي ضياع الإسلام تشتيت المسلمين ، هو يحصل في كل زمان ، ولا أحد يسكت عنه ، فكيف نسكت عن الأولين الذين هم كانوا أول من فتح باب الفتن والدماء على هذه الأمة ، وهم الذين سنّوا أساس الكفر والنفاق؟ إن هؤلاء أولى بالذكر والتعرية والإنكار ممن جاء بعدهم ، لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من سنّ سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة».

٣٧٤

٤١١ ـ قصة عن مداهنة الناس لمعاوية لكسب الأموال :

(مرآة الجنان لليافعي ، ج ١ ص ١٤٦ ط ١)

روي أن معاوية لما نصّب ولده يزيد في ولاية العهد ، أقعده في قبة حمراء ، فجعل الناس يسلّمون على معاوية ، ثم يميلون إلى يزيد. حتّى جاء رجل ففعل ذلك ثم رجع إلى معاوية ، فقال : يا أمير المؤمنين لو لم تولّ هذا أمور المسلمين لأضعتها.والأحنف بن قيس جالس. فقال له معاوية : ما بالك لا تقول يا أبا بحر؟. فقال :أخاف الله إن كذبت ، وأخافكم إن صدقت. فقال معاوية [للرجل] : جزاك الله خيرا عن الطاعة ، وأمر له بألوف. فلما خرج لقيه ذلك الرجل ، فقال : يا أبا بحر إني لأعلم كذا وكذا وذمّ يزيد ، ولكنهم قد استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب والأقفال ، فليس يطمع في استخراجها إلا بما سمعت. فقال الأحنف : إن ذا الوجهين خليق أن لا يكون عند الله وجيها.

٤١٢ ـ أيهما يخدع الآخر؟ :

يروى أنه لما ألزم معاوية الناس على البيعة ليزيد بولاية العهد ، بدأ الناس يتوافدون عليه جماعات لتهنئته وتقريظه. فخلا يزيد بأبيه يوما فقال له : يا أبت ، إني متعجب ما أدري أنحن نخدع الناس ، أم أن الناس يخدعوننا؟. فقال معاوية ليزيد قوله المشهور : يا بني ، من خادعته فتخادع لك ليخدعك ، فقد خدعته.

وهذا يبيّن أن كل أعمال معاوية هي خداع في خداع. ومن أوضح الأمثلة على هذا الخداع قصة أرينب بنت اسحق!.

قصة أرينب بنت اسحق

[التي تدل على كرم أخلاق مولانا الحسين]

[في مقابل دناءة أخلاق معاوية ويزيد]

تمهيد للقصة :

بعد أن ضرب معاوية على فخذه وهو يصلي في مسجد دمشق ، ونجا من الموت بأعجوبة ، جاءته الوفود إلى الشام تهنّئه بالصحة والسلامة. وكان من جملة من جاءه مسلّما واليه على العراق عبد الله بن سلّام ومعه زوجته (أرينب بنت اسحق) ذات

٣٧٥

الجمال الأخّاذ. وكان يزيد يجلس في إحدى شرفات قصر الخضراء حين رآها تدخل مع زوجها ، فهاج في صدره حبّ قديم وكان يعرفها من قبل ، فافتتن بها.

ثم إنه دخل على أبيه معاوية وقال له : لا بدّ لي من زواج (أرينب) مهما كلف الأمر. وبما أن يزيد هو الابن المدلل لأبيه ، والذي لا تردّ له حاجة ، عمل معاوية على تنفيذ رغبة ابنه ، ولو كان في ذلك المهانة والعار ، والدناءة وغضب الجبار.

٤١٣ ـ قصة أرينب بنت اسحق :

(الإتحاف بحب الإشراف للشبراوي ، ص ٢٠١ ـ ٢٠٩)

يقول الشيخ عبد الله الشبراوي الشافعي :

فمن مكارم أخلاق الإمام الحسينعليه‌السلام ما حكاه ابن بدرون في (شرح قصيدة ابن عبدون) من قصة أرينب بنت اسحق زوجة عبد الله بن سلّام القرشي. وكان عبد الله هذا واليا لمعاوية على العراق ، وكانت أرينب هذه من أجمل نساء وقتها وأحسنهن أدبا وأكثرهن مالا. وكان يزيد بن معاوية قد سمع بجمالها وبما هي عليه من الأدب وحسن الخلق والخلق ، ففتن بها ، فلما عيل صبره استراح في ذلك مع أحد خصيان معاوية ، وكان ذلك الخصي خاصّا بمعاوية واسمه رفيف ، فذكر رفيف ذلك لمعاوية ، وذكر شغفه بأرينب ، وأنه ضاق ذرعه بأمرها.

فبعث معاوية إلى يزيد فاستخبره من أمره ، فبثّ له شأنه ، فقال معاوية : مهلا يا يزيد!. قال : علام تأمرني بالمهل ، وقد انقطع منها الأمل. قال له معاوية : فأين حجاك ومروءتك؟. فقال له يزيد : قد عيل الصبر والحجى ، ولو كان أحد ينتفع به في الهوى ، لكان أولى الناس بالصبر عليه داود حين ابتلي به.

قال له : اكتم أمرك يا بني ، فإن البوح به غير نافعك ، والله بالغ أمره فيك ، ولا بدّ مما هو كائن.

وكانت أرينب بنت اسحق مثلا في أهل زمانها ، لجمالها وتمام كمالها وشرفها وكثرة مالها. فأخذ معاوية في الحيلة حتّى يبلغ يزيد رضاه فيها.

فكتب معاوية إلى (عبد الله بن سلّام) وكان استعمله على العراق ، أن أقبل حين تنظر في كتابي لأمر فيه حظك إنشاء الله ، ولا تتأخر عنه ، وجدّ السير.

وكان عند معاوية يومئذ بالشام أبو هريرة وأبو الدرداء صاحبا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .فلما قدم عليه عبد الله بن سلام الشام ، أمر معاوية أن ينزل منزلا قد هيأه له ، وأعدّ

٣٧٦

فيه منزله ، ثم قال لأبي هريرة وأبي الدرداء : إن الله قد قسم بين عباده نعما ، أوجب عليهم شكرها ، وحتم عليهم حفظها ، فحباني منهاعزوجل بأتم الشرف وأكرم الذكر ، وأوسع عليّ رزقه ، وجعلني راعي خلقه وأمينه في بلاده ، والحاكم في أمر عباده ، ليبلوني أأشكر أم أكفر. وأول ما ينبغي للعبد أن يفتقده وينظر فيه ، من استرعاه الله أمره ومن لا غنى له عنه. وقد بلغت لي ابنة [أي أدركت سن البلوغ] أريد إنكاحها ، وأنظر في اختيار من يباعلها ، لعل من يكون بعدي يقتدي فيه بهديي ، ويتّبع فيه أثري ، فإنه قد يبتزّ الملك بعدي ، من يغلب عليه ز هو الشيطان ، وتزيينه إلى تعطيل بناتهم ، فلا يردن لهن كفوا. وقد رضيت لابنتي عبد الله بن سلام القرشي ، لدينه وشرفه ومروءته وأدبه.

فقال أبو هريرة وأبو الدرداء : إن أولى الناس برعاية نعم الله وشكرها وطلب مرضاته فيما خصّه به أنت ، لأنك صاحب رسول الله وكاتبه وصهره. قال معاوية :فاذكرا ذلك عني لعبد الله ، وقد جعلت لها في نفسها شوري ، غير أني لأرجو أن لا تخرج من رأيي إنشاء الله تعالى.

فخرجا من عنده متوجهين إلى منزل عبد الله بن سلام بالذي قاله لهما معاوية.

ثم إن معاوية دخل على ابنته فقال لها : إذا دخل عليك أبو الدرداء وأبو هريرة ، وعرضا عليك أمر عبد الله بن سلّام وإنكاحي إياك منه ، وحضّاك إلى المسارعة إلى هواي ، فقولي لهما : عبد الله بن سلام كفؤ كريم وقريب حميم ، غير أن تحته أرينب بنت اسحق ، وأنا خائفة أن يعرض لي من الغيرة ما يعرض للنساء ، فأتناول منه ما يسخط الله فيه فيعذبني عليه ، ولست بفاعلة حتّى يفارقها.

فلما ذكر ذلك أبو هريرة وأبو الدرداء لعبد الله بن سلام ، وأعلماه بالذي أمرهما معاوية ، وأنهما جاءاه خاطبين!. قال لهما : نعم ، أنتما تعلمان رضاي بذلك وحرصي على صهارة أمير المؤمنين. فرجعا إلى معاوية وذكرا له ذلك. فقال : أنا راض بذلك وطالب له ، لكني قد أعلمتكما أني جعلت لها في نفسها شوري ، فادخلا عليها واعرضا عليها ما أحببته لها. فدخلا عليها وعرضا عليها ذلك ، فقالت كالذي قال لها أبوها.

فأعلما عبد الله بن سلام بذلك ، فلما ظن أنه لا يمنعها منه إلا بقاء أرينب عنده ، أشهدها على طلاقها ثلاثا ، وأرسلهما يعلمان بذلك معاوية وابنته. فأظهر معاوية

٣٧٧

كراهية لما فعله عبد الله بن سلام ، وقال : ما أحببت طلاق زوجته ولا استحسنته ، ولكن انصرفا في عافية. ثم عودا إلينا فإننا نسعى في رضاها ، ويكون ذلك إنشاء الله.

وكتب إلى يزيد يعلمه بما كان من طلاق عبد الله لزوجته أرينب بنت اسحق.

ثم عاد أبو هريرة وأبو الدرداء إلى معاوية ، فأمرهما بالدخول على ابنته وسؤالها رضاها ، تبرّيا من الأمر ، ونظرا في القدر. وقال : لم يكن لي أن أكرهها وقد جعلت لها الشورى في نفسها. فدخلا عليها وأعلماها بطلاق عبد الله بن سلام لزوجته أرينب ليسرّاها ، وذكرا من فضل عبد الله وكمال مروءته وكريم فخره. فقالت : جفّ القلم بما هو كائن ، وإنه في قريش لرفيع القدر ، وقد تعلمان أن التزويج جدّه جدّ وهزله جدّ ، والأناة في الأمور آمن لما يخاف فيها من المحذور ، وأن الأمور إذا جاءت خلاف الهوى بعد التأني فيها ، كان المرء بحسن العزاء خليقا ، وبالصبر عليها حقيقا. وإني سائلة عنه حتّى أعرف دخلة خبره ، ويتضح لي بالذي أريد علمه من أمره ، وإن كنت أعلم أن لا اختيار لأحدهما فيما هو كائن ، ومعلمتكما بالذي يزينه الله في أمره ، ولا قوة إلا بالله. قال الشيخان : وفقك الله وخار لك.

وتحدث الناس بالذي كان من طلاق عبد الله بن سلام امرأته ، وخطبته ابنة معاوية. واستحث عبد الله بن سلام الشيخين ، فأتياها ، فقالا لها : اصنعي ما أنت صانعة واستخيري الله ، فإنه يهدي من استهداه. قالت : أرجو والحمد لله أن يكون الله قد خار ، فإنه لا يكل إلى غيره من توكل عليه. وقد سألت عنه فوجدته غير ملائم ولا موافق لما أريد لنفسي ، مع اختلاف من استشرتهم فيه ، فمنهم الناهي عنه والآمر به ، واختلافهم أقل ما كرهت.

فلما بلغّاه كلامها ، علم أنه مخدوع. وقال متعزيا : ليس لأمر الله رادّ ، ولا لما بدّ منه صادّ ، فإن المرء وإن كمل له علمه واجتمع له عقله ، ليس بدافع عن نفسه قدرا برأي ولا كيد. ولعل ما سرّوا به لا يدوم لهم سروره ، ولا يدفع عنهم محذوره.

وشاع أمره وفشا في الناس ، وقالوا : خدعه معاوية حتّى طلقّ امرأته ، وإنما أرادها لابنه يزيد ، بئس ما صنع.

ولما انقضت أقراؤها (وهي العدّة) وجّه معاوية أبا الدرداء إلى العراق خاطبا لها على ابنه يزيد. فخرج حتّى قدمها ، وبها يومئذ الحسين بن عليعليهما‌السلام . فقال

٣٧٨

أبو الدرداء حين قدم العراق : ما ينبغي لذي نهى أن يبدأ بشيء غير زيارة الحسينعليه‌السلام سيد شباب أهل الجنة ، إذا دخل موضعا هو فيه ، فإذا أديت حقه ذهبت إلى ما جئت إليه.

مبادرة رائعة :

فلما رآه الحسينعليه‌السلام قام إليه وصافحه إجلالا لصحبته من جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولموضعه من الإسلام. وقال له : ما أتى بك يا أبا الدرداء؟. قال : وجّهني معاوية خاطبا لابنه يزيد (أرينب بنت اسحق) فرأيت عليّ حقا أن لا أبدأ بشيء قبل السلام عليك. فشكر له الحسينعليه‌السلام ذلك وأثنى عليه. ثم قال : لقد كنت أردت نكاحها وعزمت على الإرسال إليها ، إذا انقضت أقراؤها ، فلم يمنعني من ذلك إلا تخيّر فعلك ، فقد أتى الله بك ، فاخطب رحمك الله لي وله [أي يزيد] التحري من تختاره منا ، وهي أمانة في عنقك حتّى تؤديها إليها ، واعطها من المهر مثل ما بذل لها معاوية عن ابنه. فقال : أفعل إنشاء الله.

فلما دخل أبو الدرداء على أرينب ، قال : أيتها المرأة ، إن الله خلق الأمور بقدرته ، وكوّنها بعزته ، فجعل لكل أمر قدرا ، ولكل قدر سببا ، فليس لأحد عن قدر الله مستخلص ، ولا للخروج من عمله مناص ، فكان ما سبق لك وقدّر عليك ، الّذي كان من فراق عبد الله بن سلام إياك ، ولعل ذلك لا يضرّك ، ويجعل الله فيه خيرا كثيرا. وقد خطبك أمير هذه الأمة وابن مليكها وولي عهده والخليفة من بعده : يزيد ابن معاوية ، والحسين ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابن أول من أقرّ به من أمته وسيد شباب أهل الجنة يوم القيامة. وقد بلغك سناهما وفضلهما ، وجئتك خاطبا لهما ، فاختاري أيهما شئت.

فسكتت طويلا ، ثم قالت : يا أبا الدرداء ، لو كان هذا الأمر جاءني وأنت غائب ، لأشخصت فيه الرسل إليك ، واتبعت فيه رأيك ولم أقتطعه دونك. فأما إذ كنت المرسل فيه ، فقد فوّضت أمري بعد الله إليك ، وجعلته في يديك ، فاختر لي أرضاهما لديك ، والله شاهد عليك ، فاقض في قصدي بالتحري ، ولا يصدّنك عن ذلك اتباع هوى ، فليس أمرهما عليك خفيّا ، ولست فيما طوّقتك غبيّا.

قال أبو الدرداء : أيتها المرأة إنما عليّ إعلامك ، وعليك الاختيار لنفسك.فقالت : عفا الله عنك ، إنما أنا بنت أخيك ومن لا غنى به عنك ، فلا تمنعك رهبة

٣٧٩

أحد من قول الحق فيما طوّقتك. فقد وجبت عليك إذا الأمانة فيما حمّلتك. والله خير من روعي وخيف ، إنه بنا خبير لطيف.

فلما لم يجد بدّا من القول والإشارة ، قال : أي بنيّة ، ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحبّ إليّ لك وأرضى عندي ، والله أعلم بخيرهما لك. وقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واضعا شفتيه على شفتي حسين ، فضعي شفتيك حيث وضع رسول الله شفتيه.قالت : قد اخترته ورضيته فتزوجها الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام وساق لها مهرا عظيما.

وبلغ معاوية الّذي كان من فعل أبي الدرداء في ذلك ، ونكاح الحسينعليه‌السلام إياها ، فتعاظمه جدا ولامه شديدا. وقال : من يرسل ذا بله وعمى ، يركب خلاف ما يهوى. وكان عبد الله بن سلام قد استودع أرينب قبل فراقها بدرات مملوءة درّا ، وكان ذلك أعظم ماله لديه وأحبه إليه. وقد كان معاوية اطّرحه وقطع عنه جميع روافده لسوء قوله فيه وتهمته أنه خدعه. فلم يزل يجفوه حتّى عيل صبره ، وقلّ ما في يديه ، ولام نفسه على المقام لديه. فرجع إلى العراق ، وهو يذكر ماله الّذي استودعه إياها ، ولا يدري كيف يصنع فيه ، وأنّى يصل إليه ، وهو يتوقع جحودها لسوء فعله بها ، وطلاقه إياها من غير شيء أنكره عليها.

ردّ الحقّ إلى أهله :

فلما قدم العراق لقي الحسينعليه‌السلام فسلّم عليه ، ثم قال له : قد عرفت ما كان من خبري وخبر أرينب. وكنت قبل فراقي إياها قد استودعتها مالا عظيما ، وكان الّذي كان ، ولم أقبضه ، ووالله ما أنكرت منها في طول صحبتها فتيلا ، ولا أظن بها إلا جميلا. فذاكرها أمري وحاضضها على ردّ مالي إليّ ، فإن الله يحسن إليك ذكرك ، ويجزل به أجرك. فسكت عنه.

ولما انصرف الحسينعليه‌السلام إلى أهله ، قال لها : قدم عبد الله بن سلام ، وهو يحسن الثناء عليك ويحمل النشر عنك ، في حسن صحبتك ، وما آنسه قديما من أمانتك ، فسرّني بذلك وأعجبني. وذكر أنه كان استودعك مالا ، فأدّي إليه أمانته ، وردّي عليه ماله ، فإنه لم يقل إلا صدقا ، ولم يطلب إلا حقا. قالت : صدق.استودعني مالا لا أدري ما هو ، وإنه لمطبوع عليه بخاتمه ، ما حوّل فيه شيء إلى يومه ، وها هو فادفعه إليه بطابعه. فأثنى عليها الحسينعليه‌السلام خيرا. وقال : أدخله عليك حتّى تبرئي إليه منه ، كما دفعه إليك.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549