الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد11%

الأمالي الشيخ المفيد مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 357

الأمالي الشيخ المفيد المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 55552 / تحميل: 8441
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ المفيد

الأمالي الشيخ المفيد

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

كتاب الامالى لفخر الشيعة ابي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبرى البغدادي الملقب بالشيخ المفيد (ره) المتوفى ٤١٣ تحقيق الحسين استاد ولي على اكبر الغفاري منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية قم المقدسة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين، الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على السيد الكريم محمّد بن عبدالله خاتم النبيين، وآله الصراط المستقيم، الائمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.

المجلس الأول

مجلس يوم السبت مستهل شهر رمضان سنة أربع وأربعمائة، بمدينة السلام في الزيارين(١) في درب رباح(٢) ، منزل ضمرة أبي الحسن عليّ بن محمّد ابن عبد الرحمن الفارسي(٣) أدام الله عزه بإملائه من كتبه

١ - حدثنا الشيخ الاجل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله حراسته وتوفيقه في هذا اليوم، قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار،

____________________________

(١) في بعض النسخ: « البردين ».

(٢) درب رياح خ ل.

(٣) لم نجده فيما عندنا من الرجال غير أنه مذكور في ترجمة المؤلف عند ذكر تلامذته استنادا إلى هذا الكلام، ولا يبعد كونه من الّذين احتفلت المجالس في دورهم بغداد.

١

عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، عن ابن حماد(١) ، عن أبي جميلة، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمّد الباقر، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: إن الملك الموكل بالعبد يكتب في صحيفته(٢) أعماله، فأملوا [ في ] أولها [ خيراً ] و [ في ] آخرها خيراً يغفر لكم ما بين ذلك(٣) .

٢ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد بن الزبير الكوفي(٤) إجازة، قال: حدثنا أبوالحسن عليّ بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا عليّ بن أسباط، عن محمّد بن يحيى(٥) أخي مغلس، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهماعليهما‌السلام : قال: قلت له: إنا نرى الرجل من المخالفين عليكم له عبادة واجتهاد وخشوع، فهل ينفعه ذلك شيئاً ؟ فقال: يا محمّد إنما مثلنا أهل البيت مثل(٦) أهل بيت كانوا في بني

____________________________

(١) الظاهر كونه خلف بن حماد، ويحتمل كونه عبدالله بن حماد الانصاري لكنه بعيد لعدم رواية محمّد البرقى عنه. وأبوجميلة هو المفضل بن صالح الاسدي النخاس.

(٢) في بعض النسخ: « في صحيفة أعماله ». وعلى ما في المتن ضمير المفعول في صحيفته راجع إلى العبد ويجوز رجوعه إلى الملك.

(٣) أورد هذا الحديث السيد عليّ بن طاووس في كتاب محاسبة النفس نقلا عن هذا الكتاب واورده أيضا في الفصل الثاني والعشرين من كتاب فلاح السائل، وأورده العلامة المجلسي في البحار ج ٨٦ ص ٢٤٥ كتاب الصلوة باب الادعية والاذكار عند الصباح والمساء عن الكتاب. والمراد بالاول أول ما يستيقظ وبالاخر آخره. والضمير المؤنث راجع إلى الصحيفة وكما يظهر من بعض الروايات صحيفة كل يوم على حدة.

 (٤) هو عليّ بن محمّد بن الزبير القرشي الكوفي، روي عن عليّ بن الحسن بن فضال جميع كتبه وروى أكثر الاصول. مات سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة وقد ناهز مائة سنة، ودفن في مشهد أمير المؤمنينعليه‌السلام .

 (٥) هو محمّد بن يحيى بن سليم الخثعمي أخو مغلس كوفي ثقة.

 (٦) من باب الحذف والايصال، يعني مثلنا أهل البيت في هذه الامة ومثل الامة بالنسبة الينا كمثل أهل بيت الخ.

٢

إسرائيل، وكان لا يجتهد أحد منهم أربعين ليلة إلا دعا فأجيب، وإن رجلا منهم اجتهد أربعين ليلة ثم دعا فلم يستجب له فأتى عيسى ابن مريمعليه‌السلام يشكو إليه ما هو فيه، ويسأله الدعاء له. فتطهر عيسى وصلى ثم دعا فأوحى الله إليه: يا عيسى إن عبدي أتاني من غير الباب الّذي أوتي منه، إنه دعاني وفي قلبه شك منك، فلو دعاني حتّى ينقطع عنقه وتنتثر أنامله(١) ما استجبت له. فالتفت عيسىعليه‌السلام فقال: تدعو ربك(٢) وفي قلبك شك من نبيه؟ قال: يا روح الله وكلمته قد كان والله ما قلت، فاسأل الله أن يذهب به عني، فدعا له عيسىعليه‌السلام ، فتقبل الله منه وصار في حد أهل بيته، كذلك نحن أهل البيت لا يقبل الله عمل عبد وهو يشك فينا(٣) .

٣ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد بن الزبير، قال: حدثنا محمّد بن عليّ ابن مهدي،(٤) قال: حدثنا محمّد بن عليّ بن عمرو، قال: حدثنا أبي، عن جميل بن صالح، عن أبي خالد الكابلي، عن الاصبغ بن نباتة قال: دخل الحارث الهمداني(٥) على

____________________________

(١) نثر وتناثر وانتثر الشئ: تساقط متفرقا.

(٢) في بعض النسخ: « تدعو الله ».

(٣) قال العلامة المجلسي (ره): اعلم أن الامامية أجمعوا على اشتراط صحة الاعمال وقبولها بالايمان الّذي من جملتها الاقرار بولاية جميع الائمةعليهم‌السلام و امامتهم والاخبار الدالة عليه متواترة بين الخاصة والعامة (البحار). ويدل على أن التوبة بعد الشك والانكار مقبولة وأن المؤمن الخالص في حد أهل البيتعليهم‌السلام . (مولى صالح).

(٤) الظاهر كونه محمّد بن عليّ بن مهدي الكندي، كما في أمالي الطوسي. ولم نجده فيما عندنا من الرجال. وأما شيخه محمّد بن عليّ بن عمرو فهر هو محمّد بن عليّ بن عمرو بن طريف الحجري كما في الامالي ولم نجده أيضا.

(٥) الحارث الاعور ابن عبدالله الهمداني بسكون الميم عده البرقي في الاولياء من أصحاب أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) وعن أبي داود: انه كان أفقه الناس، مات سنة خمس وستين، وعن شيخنا البهائي كان يقول: هو جدنا وهو من أصحاب أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) (سفينة البحار) وترجمه الاستاذ المرحوم السيد جلال الدين المحدث الارموي في التعليقة ٢٠ لكتاب الغارات مشروحا فراجع.

٣

أمير المؤمنين [ عليّ بن أبي طالب ]عليه‌السلام في نفر من الشيعة وكنت فيهم، فجعل الحارث يتأود في مشيته، ويخبط الارض بمحجنه(١) ، وكان مريضا، فأقبل عليه أمير المؤمنينعليه‌السلام وكان له منه منزلة فقال: كيف تجدك يا حارث ؟ فقال: نال الدهر يا أمير المؤمنين مني، وزادني أوارا و غليلا(٢) اختصام أصحابك ببابك. قال: وفيم خصومتهم ؟ قال: فيك وفي الثلاثة من قبلك(٣) ، فمن مفرط منهم غال(٤) ، ومقتصد تال(٥)

____________________________

(١) قوله « يتأود » أي كان ينعطف في مشيته، يستقيم صلبه مرة ويعوج أخرى، وفي بعض نسخ البحار: « يتئد » أي يتثبت ويتأنى. والمحجن وهكذا المحجنة كمنبر ومكنسة: العصا المعوجة رأسها. والخبط: الضرب الشديد، يقال: خبط البعير بيده الارض: وطأها شديدا.

(٢) الاوار بالضم: حرارة الشمس وحرارة العطش، والغليل: الحقد والضغن و حرارة الحب والحزن. وفي البحار: « أوبا غليلا » وأوب كفرح: غضب.

(٣) في كشف الغمة ص ١٢٣ وامالي الطوسي ٢ / ٢٣٨ هكذا: « قال في شأنك والبلية من قبلك ».

(٤) أي غال في المحبة والمودة، وفي بعض النسخ: « مفرط منهم قال » اي مفرط افرط في البغض والعداوة حتّى نال منك ما لا ينبغي لك.

(٥) كذا في النسخ والبحار: و « مقتصد تال » أي معتدل في المحبة يتلوك ويلحق بك كقوله (عليه‌السلام ): « نحن النمرقة الوسطى بها يلحق التالي واليها يرجع الغالي ». وفي بعض النسخ: و « مقتصد قال » أي مبغض.

٤

من متردد مرتاب(١) ، لا يدري أيقدم أم يحجم(٢) ؟ فقال: حسبك يا أخا همدان، ألا إن خير شيعتي النمط الاوسط(٣) ، إليهم يرجع الغالي، وبهم يلحق التالي، فقال له الحارث: لو كشفت فداك أبي وأمي الرين(٤) عن قلوبنا، وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا(٥) . قالعليه‌السلام : قدك(٦) فإنك امرؤ ملبوس عليك. إن دين الله لا يعرف بالرجال بل بآية الحق(٧) ، فاعرف الحق تعرف أهله. يا حار [ ث ](٨) إن الحق أحسن الحديث، والصادع(٩) به مجاهد، وبالحق اخبرك، فأرعني سمعك(١٠) ثم خبر به من كان له حصافة(١١) من أصحابك.

____________________________

(١) صحف في بعض النسخ: « مرتاب » بمرتاد وهو بمعنى طالب الحق، والرود والارتياد: الطلب، ولكن السياق يأباه.

(٢) أحجم عنه: كف أو نكص هيبة.

(٣) النمط: جماعة من الناس أمرهم واحد.

(٤) الرين: الطبع والدنس: وفي الاساس: « هو ما غطى على القلب وركبه من القسوة للذنب بعد الذنب. تقول: اعوذ بالله من الرين والران ». وفي بعض النسخ: « الريب » وهو تصحيف. و « لو » للتمني.

(٥) في بعض النسخ: « من أمرك ».

(٦) « قد » مخففة حرفية واسمية على وجهين: اسم فعل مرادفة ليكفي نحو قولهم: قدنى درهم وقد زيدا درهم، واسم مرادف لحسب نحو: قد زيد درهم.

(٧) « بل » هنا للاضرب اي بل يعرف بآية الحق.

(٨) « الحارث » هنا وفيما يأتي في بعض النسخ بدون المثلثة وكلاهما صحيح من باب الترخيم وعدمه.

(٩) صدع بالحق: تكلم به جهارا.

(١٠) أي استمع لمقالي. ففي اللغة « أرعيته سمعي اي استمعت مقالته ».

(١١) حصف حصافة إذا كان جيد الرأى محكم العقل فهو حصيف. وفي بعض النسخ والبحار: « حصانة » وفي بعضها « حضانة »، ولكليهما معنى مناسب.

٥

ألا إني عبدالله، وأخو رسوله، وصديقه الاول، صدقته وآدم بين الروح والجسد، ثم إني صديقه الاول في أمتكم حقا، فنحن الاولون ونحن الآخرون، ونحن خاصته يا حار [ ث ] وخالصته، وأنا صنوه(١) ووصيه ووليه وصاحب نجواه وسره. أوتيت فهم الكتاب، وفصل الخطاب، وعلم القرون والاسباب(٢) ، واستودعت ألف مفتاح، يفتح كل مفتاح ألف باب، يفضي كل باب إلى ألف [ ألف ] عهد، وأيدت واتخذت(٣) ، وامددت بليلة القدر نفلا(٤) ، وإن ذلك يجري لي ولمن استحفظ من ذريتي(٥) ما جرى الليل والنهار حتّى يرث الله الارض ومن عليها. وأبشرك يا حار [ ث ] لتعرفني عند الممات، وعند الصراط، وعند الحوض، وعند المقاسمة. قال الحارث: وما المقاسمة [ يا مولاي ] ؟ قال: مقاسمة النار، أقاسمها قسمة صحيحة، أقول: هذا وليي فاتركيه، وهذا عدوي فخذيه. ثم أخذ أمير المؤمنينعليه‌السلام بيد الحارث فقال: يا حارث أخذت بيدك كما أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي فقال لي وقد شكوت إليه حسد قريش والمنافقين لي: إنه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل الله وبحجزته يعني عصمته من ذي العرش تعالى وأخذت أنت يا علي بحجزتي وأخذ ذريتك بحجزتك وأخذ شيعتكم بححزتكم، فماذا يصنع الله بنبيه ؟ وما يصنع نبيه بوصيه(٦) ، خذها إليك يا حارث قصيرة

____________________________

(١) الصنو بالكسر: الاخ الشقيق.

(٢) لعل المراد بالاسباب هنا كل ما يتوصل به إلى شئ، أي معرفة الذرايع التي يتوصل بها إلى كل شئ من الامور العظيمة، أو المراد معرفة الانساب والبيوتات.

(٣) يعني ان الله اصطفاني واختارني.

(٤) اي زائدا على ما أعطيت من الفضائل والكرائم. (البحار).

(٥) في البحار: « لمن تحفظ » وفي موضع آخر منه: « وللمستحفظين من ذريتي ».

(٦) اي ما يصنع الله بنبيه وما يصنعه نبيه بوصيه فنحن نصنعه بشيعتنا ومحبينا الّذين تولونا وتمسكوا بحبل ولايتنا في الدنيا.

٦

من طويلة(١) نعم أنت مع أحببت ولك ما اكتسبت، يقولها ثلاثا، فقام الحارث يجر رداءه وهو يقول: ما أبالي بعدها متى لقيت الموت أو لقيني.

قال جميل بن صالح: وأنشدني أبوهاشم السيد الحميري(٢) رحمه الله فيما تضمنه هذا الخبر:

قول علي لحارث عجب

 

كم ثم أعجوبة له حملا(٣)

يا حار(٤) همدان من يمت يرني

 

من مؤمن أو منافق قبلا(٥)

يعرفني طرفه و أعرفه

 

بنعته و اسمه و ما عملا

و أنت عند الصراط تعرفني

 

فلا تخف عثرة ولا زللا

أسقيك من بارد على ظمأ

 

تخاله(٦) في الحلاوة العسلا

أقول للنار حين توقف لل

 

عرض دعيه لا تقربي(٧) الرجلا

دعيه(٨) لا تقربيه إن له

 

حبلا بحبل الوصي متصلا(٩)

____________________________

 (١) في المثل: قصيرة من طويلة أي تمرة من نخلة، يضرب في اختصار الكلام. (القاموس)

 (٢) هو اسماعيل بن محمّد الحميري، لقب بالسيد ولم يكن علويا ولا هاشميا. عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادقعليه‌السلام وقال: اسماعيل بن محمّد الحميري السيد الشاعر يكنى أبا عامر، وكان كيسانيا فاستبصر وحسن ايمانه.

(٣) أي حمل حارث هناك أعاجيب كثيرة له. (البحار)

(٤) منادى مرخم أي يا حارث.

(٥) أي قبل الموت أو قبالا ومشاهدة. ولابن أبي الحديد هنا كلام في شرحه على النهج سنورده.

(٦) تخاله أي تظنه وهو من افعال القلوب.

(٧) النسخ في هذه الكلمة مختلفة، ففي بعضها « لا تقتلي » وفي بعضها « لا تقبلي » و في بعضها على صورة ليس لها معنى مناسب للمقام.

(٨) في بعض نسخ البحار « ذريه » وكلاهما بمعنى واحد.

(٩) أورده العلامة المجلسي في البحار ٦ / ١٧٨ عن الكتاب وفي ٦٨ / ١٢٢ عن بشارة المصطفى باختلاف يسير في اللفظ لا سيما في اشعاره، فزاد في آخره بيتا: هذا لنا شيعة وشيعتنا * أعطاني الله فيهم الاملا

ونقول: لا يخفى أن هذه الابيات ليست بانشاد أمير المؤمنينعليه‌السلام كما هو المشهور في الالسنة بل هي حصيلة الخبر عند السيد الحميري (ره) كما لا يخفى.وقال ابن أبي الحديد في شرحه ج١ ص٩٩ بعد نقل الاشعار: وليس هذا بمنكر ان صح انهعليه‌السلام قاله عن نفسه، ففي الكتاب العزيز ما يدل على أن أهل الكتاب لا يموت منهم ميت حتّى يصدق بعيسى ابن مريمعليه‌السلام وذلك قوله: ﴿وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ﴾. قال كثير من المفسرين: معنى ذلك أن كل ميت من اليهود وغيرهم من أهل الكتب السالفة إذا احتضر رأى المسيح عنده فيصدق به من لم يكن في أوقات التكليف مصدقا به.

٧

٤ - قال: أخبرني الشريف الزاهد أبومحمّد الحسن بن حمزة العلوي الحسيني الطبري(١) رحمه الله قال: حدثنا أبوجعفر محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبدالله بن إبراهيم(٢) ، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أربعة من كنوز البر، كتمان الحاجة، وكتمان الصدقة، وكتمان المرض، وكتمان المصيبة(٣) .

____________________________

(١) هو الحسن بن حمزة بن عليّ بن عبدالله بن محمّد بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن الحسين السجادعليهما‌السلام يكنى أبا محمّد ويعرف بالمرعشى نسبة إلى جده عليّ بن عبدالله مرعش. كان وجها من وجوه السادة وشيخا من مشايخ الاصحاب ذكره علماء الرجال وأثنوا عليه بكل جميل.

(٢) هو عبدالله بن ابراهيم بن أبي عمرو، يقال له: الغفاري وتارة الانصاري و أخرى المزني، قال النجاشي: له كتاب، عنه الحسن بن عليّ بن فضال.

(٣) يعني ثوابهن مدخر للمؤمن، وكتمان المرض والمصيبة هو عدم اظهارهما والشكوى منهما.

٨

 ٥ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه الله عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن حماد(١) ، عن إبراهيم ابن عمر اليماني، عن أبي حمزة الثمالي رحمه الله عن زين العابدين علي ابن الحسينعليهما‌السلام قال: من أطعم مؤمنا من جوعه(٢) أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمنا من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن كسا مؤمنا ثوبا كساه الله من الثياب الخضر، ولا يزال في ضمان الله عزّوجلّ ما دام عليه منه سلك.

٦ - قال: أخبرني أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه رحمه الله عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النعمان(٣) ، عن عامر بن معقل(٤) عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبوجعفر محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام : يا أبا حمزة لا تضعوا عليا دون ما رفعه الله، ولا ترفعوا عليا فوق ما جعله الله، كفى عليا أن يقاتل أهل الكرة وأن يزوج أهل الجنة(٥) .

____________________________

(١) يعنى حماد بن عيسى الجهني البصري.

(٢) في البحار: من جوع، وهو أنسب لما يأتي من ظمأ.

(٣) عليّ بن النعمان الاعلم النخعي أبوالحسن مولاهم كوفى، روى عن الرضا (عليه‌السلام ) وكان ثقة وجها ثبتا صحيحا واضح الطريقة [ صه جش ]. وفي البصائر ص ٤١٥ وامالي الصدوق المجلس الثامن والثلاثين ص ١٩١ «عن عليّ بن الحكم عن عامر بن معقل» وعلى بن الحكم هو ابن أخت عليّ بن النعمان وهو ثقة جليل القدر له كتاب [ ست ].

(٤) عامر بن معقل قد صحف في النسخ الخطية عندنا تارة بن معقل وأخرى بعاثم بن معقل فصححناه بما في البصائر وامالي الصدوق وقد يوجد في كامل ابن قولويه راجع الباب ٢٨ ص ٩١.

(٥) الكرة الرجعة، والمراد بأهل الكرة الّذين رجعوا بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الايمان

٩

 ٧ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد بن خالد الميثمي قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن الحسين بن المستنير [ قال: حدثنا الحسين بن محمّد بن الحسين بن مصعب(١) ] قال: حدثنا عباد بن يعقوب قال: حدثنا أبوعبد الرحمن المسعودي، عن كثير النواء(٢) ، عن أبي مريم الخولاني، عن مالك بن ضمرة، قال: قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي فقال: من تابع هؤلاء الخمس ثم مات وهو يحبك فقد قضى نحبه(٣) ، ومن مات وهو يبغضك فقد مات ميتة جاهلية يحاسب بما يعمل في الاسلام(٤) ، ومن عاش بعدك وهو يحبك ختم الله له بالامن والايمان حتّى يرد علي الحوض.

____________________________

(١) ما بين المعقوفين كان في نسخة مخطوطة عندنا وهو من مشايخ ابي علي ابن همام. ومذكور في تاريخ بغداد مع راويه ج ٢ ص ٢٤٣.

(٢) هو كثير بن قاروند أبوإسماعيل النواء الكوفي، والنواء نسبة إلى بيع النواى. بترى عامي ضعيف.

(٣) المراد الصلوات الواجبة الخمسة وقوله: « فقد قضى نحبه » اشارة إلى قوله تعالى: « فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا الاحزاب ٢٣ » أي نذره والنحب النذر، استعير للموت لانه كنذر لازم في الرقبة، أي عمل بوظيفته وأدى ما عليه من التكليف. وقد مر في الحديث الثاني أن قبول الاعمال مشروط بالاقرار بولاية الائمة المعصومينعليهم‌السلام فمن أنكرهم وأبغضهم فلن تقبل منه أعماله وهو في الاخرة من الخاسرين.

(٤) قال في النهاية: « قد تكرر في الحديث ذكر الجاهلية وهي الحال التي كانت عليها العرب قبل الاسلام من الجهل بالله ورسوله وشرايع الدين، والمفاخرة بالانساب والكبر وتجبر وغير ذلك، انتهى »، فالمعنى انه مات على ما مات عليه الكفار من الضلال والجهل والعمى. وكان في بعض النسخ « بما عمل في الاسلام » وهما على صيغة المجهول، أي بكل الواجبات الشرعية التي يعمل بها في الاسلام من الصلاة والزكوة والصوم وغيرها فانه و ان مات على عدم معرفة الله ورسوله وشرايع دينه لكنه مأخوذ بها ومسئول عنها.

١٠

 ٨ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين زين العابدينعليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من خطوة أحب إلى الله من خطوتين: خطوة يسد بها [ مؤمن ](١) صفا في سبيل الله، وخطوة يخطوها [ مؤمن ](٢) إلى ذي رحم قاطع يصلها، وما من جرعة أحب إلى الله من جرعتين: جرعة غيظ يردها مؤمن بحلم(٣) ، وجرعة جزع يردها مؤمن بصبر، وما من قطرة أحب إلى الله من قطرتين: قطرة دم في سبيل الله، وقطرة دمع في سواد الليل من خشية الله.

٩ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد(٤) ، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن حماد بن عثمان، عن ربعي بن عبدالله، والفضيل بن يسار(٥) ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: قال: انظر قلبك فان أنكر صاحبك فقد أحدث أحدكما(٦) .

____________________________

 (١) و (٢) ما بين المعقوفين ليس في بعض النسخ فميزناه حتّى لا يخلط بالمتن.

 (٣) شبهصلى‌الله‌عليه‌وآله جرع غيظه ورده والحلم عليه بتجرع الماء، وهي أحب جرعة يتجرعها العبد وأعظمها ثوابا، ولا يحصل هذا الحب الا بعد كونه قادرا على الانتقام ويكون غيظه لله تعالى.

(٤) هو جعفر بن محمّد جعفر بن قولويه من ثقات أصحابنا وأجلائهم في الحديث والفقه، روى عن أبيه وأخيه عن سعد، وهو استاد الشيخ المفيد رحمهما الله تعالى، وعنه حمل، وكل ما يوصف به الناس من جميل وثقة وفقه فهو فوقه [ صه جش، مختصرا ].

(٥) في البحار: « عن ربعي عن الفضيل » وكلاهما يرويان عن أبي عبداللهعليه‌السلام بلا واسطة، وأيضا يروى كل واحد منها عن الاخر وهما ثقتان جليلا القدر.

(٦) لعل المراد: اعلم أن صاحبك أيضا أبغضك وسبب البغض اما شئ من قبلك أو توهم فاسد من قبله. (المرآة).

١١

 ١٠ - قال: أخبرني الشريف الزاهد أبومحمّد الحسن بن حمزة، قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن عمرو الافرق(١) وحذيفة بن منصور، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقريب بينهم إذا تباعدوا.

١١ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد الحسن، عن أبيه، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقي قال: قال حماد بن عيسى: قلت لابي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : جعلت فداك ادع الله أن يرزقني ولدا ولا يحرمني الحج ما دمت حيا، قال: فدعا لي فرزقني الله ابني هذا، وربما حضرت أيام الحج ولا أعرف للنفقة فيه وجها، فيأتي الله بها من حيث لا أحتسب.

١٢ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن الحارث بن بهرام(٢) ، عن عمرو بن جميع، قال: قال لي أبوعبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : من جاءنا يلتمس الفقه والقرآن والتفسير فدعوه، ومن جاءنا يبدي عورة قد سترها الله(٣) فنحوه. فقال له رجل من القوم: جعلت فداك أذكر حالي لك ؟ قال: إن شئت، قال: والله إني لمقيم على ذنب منذ دهر، أريد

____________________________

(١) في بعض النسخ: عمر الافرق وكلاهما واحد، وهو ابن خالد الافرق الحناط الكوفي ثقة.

(٢) مهمل، ذكره صاحب جامع الرواة فيمن روى عن عمرو بن جميع.

(٣) أي سرا من أسرار بعض الجهال من الناس عندنا أو عند اعدائنا الّذين يتفرسون كشفها، أو عيبا من عيوب نفسه أو عيوب أصحابه التي قد سترها الله تعالى حبا واشفاقا وفضلا على عباده، والاظهر المعنى الاخير

١٢

أن أتحول منه إلى غيره فما أقدر عليه.

قال له: إن تكن صادقا فإن الله يحبك، وما يمنعك من الانتقال عنه إلا أن تخافه(١) .

المجلس الثاني

يوم الاربعاء لخمس خلون منه(٢) ، قال الشيخ الاجل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله تأييده وتوفيقه في هذا اليوم

 ١ - قال: أخبرنا أبوجعفر محمّد بن عمر الزيات، قال، حدثني عليّ بن إسماعيل(٣) ، قال: حدثنا محمّد بن خلف، قال: حدثنا الحسين الاشقر(٤) ، قال: حدثنا قيس، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحسين بن عليّعليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله وهو يحبنا دخل الجنة بشفاعتنا، والّذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلا بمعرفتنا(٥) .

____________________________

(١) أي وما يمنعك الله من الانتقال عن الذنب الا لكي تخافه وأن لا يدخلك العجب، وهذا دليل على محبة الله تعالى عبده، ويفهم منه أن الذنب خير من العجب والله هو المستعان. ورواه في الكافي باب اللمم ٢ / ٤٤٢ الا أن فيه: « وما يمنعه أن ينقلك منه إلى غيره الا لكي تخافه ».

(٢) أي من شهر رمضان سنة أربع وأربعمائة لما تقدم.

(٣) هو على بن اسماعيل الاطروش الاتى ذكره في المجلس السادس.

(٤) هو الحسين بن الحسن الاشقر الفزارى الكوفى، يروى عن قيس بن الربيع الاسدي أبي محمّد الكوفي، وروى عنه محمّد بن خلف أبوبكر الرازي.

(٥) سيأتي مثله بهذا السند من طريق الجعابي في المجلس السادس وبسند آخر في السابع عشر. وتقدم ما يحتاج إليه من البيان في ذيل الخبر الثاني من المجلس الاول.

١٣

 ٢ - قال: حدثني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي(١) ، قال: حدثني إسحاق بن محمّد قال: حدثنا زيد بن المعدل(٢) ، عن سيف بن عمر، عن محمّد بن كريب، عن أبيه، عن عبدالله بن عباس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اسمعوا وأطيعوا لمن ولاه الله الامر، فإنه نظام الاسلام(٣) .

٣ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر بن سالم، قال: حدثني أبوجعفر محمّد بن عيسى العجلي قال: حدثنا مسعود بن يحيى النهدي(٤) ، قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن أبيه قال: بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جالس في جماعة من أصحابه إذ أقبل عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام نحوه، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أراد أن ينظر إلى آدم في خلقه(٥) ، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه فلينظر إلى عليّ بن ابي طالب.

٤ - قال: أخبرني أبوعبيدالله محمّد بن عمران المرزباني(٦) ، قال: حدثنا

____________________________

(١) هو أبوبكر محمّد بن عمر بن محمّد بن سالم بن البراء التيمى البغدادي المعروف بالجعابي بكسر الجيم وكان من الحفاظ والاجلاء راجع ترجمته الشافية في الغدير الاغر ج ١ ص ١٥٣ له كتاب كبير في طبقات أصحاب الحديث من الشيعة.

(٢) لم نجد بهذا العنوان أحدا في الرجال وقد ذكر في امالي ابن الشيخ الجزء السابع في سند خبر، وروى عنه هناك محمّد بن اسماعيل.

(٣) يدل على وجوب طاعة الامام الّذي نصبه الله تعالى ووجوب وجوده.

(٤) كذا. وكانه « معمر » أو « مسعر بن يحيى » الّذي سيأتي في سند ح ١ من المجلس ٢٨.

(٥) الكلمة يحتمل وجهين الضم والفتح، ولما لم نعلم المراد أحلنا فهمه على عبقرية القارئ. وللخبر لفظ آخر رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق قسم علي (عليه‌السلام ) تحت رقم ٨٠٤.

(٦) أبوعبيدالله محمّد بن عمران بن موسى بن عبيدالله المرزباني الخراساني الاصل البغدادي المولد، صاحب التصانيف المشهورة وهو من مشايخ المفيد (ره) واستاد الشريف المرتضى علم الهدى وشيخه الّذي يروي عنه، وتوفى سنة ٣٧٨. له كتاب ما نزل من القرآن في علي (عليه‌السلام ) وكتاب المفصل في علم البيان في نحو ثلاثمائة ورقة، قيل: هو أول من اسس علم البيان ودونه. قال ابن خلكان: كان راوية للادب صاحب أخبار، وتآليفه كثيرة، وكان ثقة في الحديث ومائلا إلى التشيع في المذهب الخ، ونقل الخطيب البغدادي عن عليّ بن أيوب القمى أنه قال: دخلت يوما على أبي علي الفارسي النحوي فقال: من أين أقبلت ؟ قلت من عند أبي عبيدالله المرزباني فقال: أبوعبيدالله من محاسن الدنيا. وقال: حدثني القاضي الصيمري قال: سمعت المرزباني يقول: كان في دارى خمسون ما بين لحاف ودواج معدة لاهل العلم الّذين يبيتون عندي.

١٤

محمّد بن الحسين الجوهري قال: حدثنا عليّ بن سليمان، قال: أخبرنا الزبير بن بكار قال: أخبرني عليّ بن صالح قال: حدثني عبدالله بن مصعب، عن أبيه قال: حضر عبدالله بن عباس مجلس معاوية بن أبي سفيان، فأقبل عليه معاوية فقال: يا ابن عباس إنكم تريدون أن تحرزوا الامامة كما اختصصتم بالنبوة ؟ ! والله لا يجتمعان أبدا، إن حجتكم في الخلافة مشتبهة على الناس، إنكم تقولون: نحن أهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فما بال خلافة النبوّة في غيرنا ؟ وهذه شبهة لانها تشبه الحق وبها مسحة من العدل، وليس الامر كما تظنون، إن الخلافة تتقلب(١) في أحياء قريش برضى العامة وشورى الخاصة، ولسنا نجد الناس يقولون: ليت بني هاشم ولونا، ولو ولونا كان خيرا لنا في دنيانا واخرانا. ولو كنتم زهدتم فيها أمس كما تقولون ما قاتلتم عليها اليوم، و والله لو ملكتموها يا بني هاشم لما كانت ريح عاد ولا صاعقة ثمود بأهلك للناس منكم. فقال ابن عباس رحمه الله: أما قولك يا معاوية: إنا نحتج بالنبوة في استحقاق الخلافة فهو والله كذلك، فإن لم يستحق الخلافة بالنبوة فبم يستحق(٢)

____________________________

(١) في جل النسخ: « ينقلب » ولعل الصحيح ما في المتن. والاحياء جمع الحي.

(٢) في بعض النسخ في الموضعين « نستحق » على صيغة المتكلم، ولعله تصحيف « تستحق » بصيغة المؤنث. ويستحق على صيغة المجهول في الموضعين فلا تغفل.

١٥

وأما قولك: إن الخلافة والنبوة لا يجتمعان لاحد، فأين قول الله عزّوجلّ: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا(١) فالكتاب هو النبوة، والحكمة هي السنة، والملك هو الخلافة، فنحن آل إبراهيم، والحكم بذلك جار فينا إلى يوم القيامة.

وأما دعواك على حجتنا أنها مشتبهة، فليس كذلك، وحجتنا أضوء من الشمس، وأنور من القمر، كتاب الله معنا وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله فينا، وإنك لتعلم ذلك ولكن ثنى عطفك وصعرك(٢) قتلنا أخاك وجدك وخالك وعمك، فلا تبك على أعظم حائلة، وأرواح في النار هالكة، ولا تغضبوا لدماء أراقها الشرك، وأحلها الكفر، ووضعها الدين.

وأما ترك تقديم الناس لنا فيما خلا، وعدولهم عن الاجماع علينا(٣) ، فما حرموا منا أعظم مما حرمنا منهم، وكل أمر إذا حصل حاصله ثبت حقه وزال باطله.

وأما افتخارك بالملك الزائل الّذي توصلت إليه بالمحال الباطل، فقد ملك فرعون من قبلك فأهلكه الله.

وما تملكون يوما يا بني أمية إلا ونملك بعدكم يومين، ولا شهرا إلا ملكنا شهرين، ولا حولا إلا ملكنا حولين.

وأما قولك: إنا لو ملكنا كان ملكنا أهلك للناس من ريح عاد و

____________________________

(١) النساء: ٥٤.

(٢) قال الجوهري: « يقال ثنى فلان عنى عطفه إذا أعرض عنك. وقال: صعر خده وصاعر: اي أماله من الكبر ». نقول: ومنه قوله تعالى: الحجّ: ٩: ﴿ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾.

(٣) في نسخة: « عن الاجتماع علينا ».

١٦

صاعقة ثمود(١) ، فقول الله يكذبك في ذلك قال الله عزّوجلّ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ(٢) فنحن أهل بيته الادنون [ ورحمة الله خلقه كرحمته بنبيه خلقه ](٣) ظاهر، والعذاب بتملكك رقاب المسلمين ظاهر للعيان، و سيكون من بعدك تملك ولدك وولد أبيك أهلك للخلق من الريح العقيم، ثم ينتقم الله بأوليائه ويكون العاقبة للمتقين(٤) .

٥ - قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد القرشي إجازة، قال: حدثنا عليّ بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا الحسين بن نصر(٥) قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الغفار بن القاسم، قال: حدثنا المنهال بن عمرو، قال: سمعت أبا القاسم محمّد ابن علي ابن الحنفية(٦) رضي الله عنه يقول: مالك من عيشك إلا لذة تزولف بك إلى حمامك، وتقربك إلى نومك، فأية أكلة ليست معها غصص ؟ أو

____________________________

(١) في جلّ النسخ: « انا لو ملكنا لم يكن ملكنا بأهلك للناس من ريح عاد و صاعقة ثمود فقول الله يكذبك في ذلك الخ » ولكنه تصحيف وهو خلاف السياق ولا يناسبها فصححناه بالنسخة المطبوعة وقابلناه مع ما في البحار.

(٢) الانبياء: ١٠٧.

(٣) ما بين المعقوفين موجود في النسخ وساقط في البحار وأظنه من زيادة النساخ زادوه توضيحا، والمعنى ان ملكنا على الناس رحمة لهم من الله، لانا أتباع الرسول و أهل بيته الادنون والرسول رحمة الله للناس. فكيف يكون ملكنا أهلك لهم من ريح عاد وصاعقة ثمود ؟.

(٤) أورده العلامة المجلسي (ره) في البحار الطبعة الحديثة ج ٤٤، ص ١١٧ - ١١٨ باب أحوال أهل زمانه وعشائره واصحاب الحسنعليه‌السلام .

(٥) هو الحسين بن نصر بن مزاحم المنقرى، وأبوه يروى عن عبد الغفار بن القاسم في كتابه « الصفين »، وصحف في النسخ تارة بالحسن بن نصير ومرة بالحسين بن نصير و أخرى بالحسن بن نصر.

(٦) هو محمّد بن عليّ بن أبي طالب (عليه‌السلام ) أمه خولة بنت جعفر بن قيس الحنفية.

١٧

شربة ليست(١) معها شرق ؟ فتأمل أمرك فكأنك قد صرت الحبيب المفقود و الخيال المخترم(٢) . أهل الدنيا أهل سفر، لا يحلون عقد رحالهم إلا في غيرها.

 ٦ - وبهذا الاسناد، عن أبي القاسم محمّد بن عليّ ابن الحنفية رحمه الله قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا و يعرف حقنا(٣) .

٧ - قال: حدثنا أبوالحسن محمّد بن مظفر الوراق(٤) ، حدثنا أبوبكر محمّد بن أبي الثلج(٥) ، قال: أخبرني الحسين بن أيوب من كتابه، عن محمّد بن غالب، عن علي ابن الحسن(٦) ، عن عبدالله بن جبلة، عن ذريح المحاربي، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام ، عن أبيه، عن جده قال: إن الله جل جلاله بعث جبرئيلعليه‌السلام إلى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يشهد لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام بالولاية في حياته، و يسميه بإمرة المؤمنين قبل وفاته، فدعا نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تسعة رهط(٧) ، فقال: إنما دعوتكم لتكونوا شهداء الله في الارض أقمتم أم كتمتم.

____________________________

(١) في البحار والنسخة المطبوعة « ليس » في الموضعين.

(٢) الخرم: الثقب والفصم، أي صرت بعد موتك عند من يعرفك صورة تشبه لهم في المنام، كان لم تكن لهم أنيسا وصاحبا ورفيقا ولانك تكون نسيا منسيا.

(٣) أي ليس من أهل ديننا أو أهل سنتنا أو طريقتنا الاسلامية. والواو بمعنى « أو » فالتحذير من كل منها. وفي السند ارسال.

(٤) كونه أبا الحسين محمّد بن المظفر بن موسى البزاز المعنون في تاريخ الخطيب محتمل.

(٥) هو محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبدالله بن اسماعيل أبوبكر الكاتب البغدادي المعروف بابن أبي الثلج ثقة عين كثير الحديث، وأبو الثلج كنية جده عبدالله بن اسماعيل.

(٦) هو عليّ بن الحسن الطاطري يكنى أبا الحسن واقفى، وكان فقيها ثقة في حديثه ولا يمكن أن يكون عليّ بن الحسن بن فضال لاختلاف الطبقة، وعدم روايته عن عبدالله بن جبلة.

 (٧) في جل النسخ والبحار: « بسبعة رهط » والرهط: عشيرة الرجل وأهله، ومن الرجال ما دون العشرة.

١٨

ثم قال: يا أبا بكر قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقال: أعن أمر الله ورسوله ؟ قال: نعم، فقام فسلم عليه بإمرة المؤمنين.

ثم قال: قم يا عمر فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقال: أعن أمر الله ورسوله نسميه أمير المؤمنين ؟ قال: نعم، فقام فسلم عليه.

ثم قال للمقداد بن الاسود الكندي: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقام فسلم، ولم يقل مثل ما قال الرجلان من قبله.

ثم قال لابي ذر الغفاري: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقام فسلم عليه.

ثم قال لحذيفة اليماني: قم فسلم على أمير المؤمنين، فقام فسلم عليه(١) .

ثم قال لعمار بن ياسر: قم فسلم على أمير المؤمنين، فقام فسلم عليه، ثم قال لعبدالله بن مسعود: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين فقام فسلم عليه.

ثم قال لبريدة: قم فسلم على أمير المؤمنين وكان بريدة أصغر القوم سنا فقام فسلم، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنما دعوتكم لهذا الامر لتكونوا شهداء الله أقمتم أم تركتم(٢) .

٨ - قال: أخبرني أبوالحسن محمّد بن المظفر، قال: حدثنا محمّد بن جرير(٣) ، قال: حدثني أحمد بن إسماعيل، عن عبد الرزاق بن همام قال: أخبرنا معمر(٤) ، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن عبدالله بن عباس رحمه الله قال: نظر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فقال: سيد في الدنيا وسيد في الآخرة.

____________________________

(١) في حاشية نسخة: في نسخة ليس فيها حذيفة والسبعة تتم بدون حذيفة.

(٢) قال بعض الاعلام: قد سقط من الحديث ذكر تسليم تاسعهم وهو سلمان الفارسي ولم يعد الا ثمانية.

(٣) الظاهر كونه محمّد بن جرير بن يزيد الطبري أبوجعفر صاحب التفسير والتاريخ لا ابن جرير بن رستم أبا جعفر الطبري الاملي الامامي صاحب كتابي « غريب القرآن » و « المسترشد » بقرينة راويه أبوالحسين بن المظفر راجع تاريخ بغداد ج ٣ ص ٢٦٢.

(٤) هو معمر بسكون الثانية ابن راشد الازدي الحداني أبوعروة البصري.

١٩

 ٩ - قال: أخبرني أبوغالب الزراري(١) ، قال: حدثنا عبدالله بن محمّد بن خالد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي نجران، قال: حدثنا صفوان، عن سيف التمار، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: سمعته يقول: عليكم بالدعاء فإنكم لا تتقربون بمثله، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تسلوها(٢) فإن صاحب الصغار هو صاحب الكبار.

المجلس الثالث

مجلس يوم السبت لثمان خلون منه، حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله تأييده وتوفيقه في هذا اليوم

 ١ - قال: حدثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدثني عبدالله بن إسحاق، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم البغوي، قال: حدثنا أبوقطن(٣) ، قال: حدثنا هشام الدستوائي(٤) ، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة(٥) ، عن عبدالله بن عمر، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، وإذا لم يبق عالم اتخذاتخذاتخذ

____________________________

(١) هو أحمد بن محمّد بن محمّد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين أبوغالب الزراري كان شيخ أصحابنا في عصره وكان جليل القدر ثقة ولد ٢٨٥ ومات ٣٦٨.

(٢) سلا الشئ وعنه: طابت نفسه عنه وذهل عن ذكره. وفي بعض النسخ والبحار « أن تسئلوها » وهو تصحيف. ورواه في الكافي ٢ / ٤٦٧ باختلاف ما في اللفظ فراجع.

(٣) الظاهر هو عمرو بن الهيثم بن قطن بفتح قاف والمهملة القطعي بضم القاف وفتح المهملة أبوقطن البصري الّذي مات على رأس المائتين. وفي جل النسخ والبحار « أبوقطر » وهو تصحيف، والصحيح ما في المتن كما في المطبوعة سابقا. وراويه اسحاق بن ابراهيم بن عبد الرحمن أبويعقوب البغوي الملقب بلؤلؤء.

(٤) هو هشام بن أبي عبدالله سنبر على وزان جعفر أبوبكر الدستوائي، مات سنة ١٥٤ وله ثمان وسبعون سنة.

(٥) يعني عروة بن الزبير بن العوام الاسدي أبا عبدالله.

٢٠

الناس رؤساء جهالا، فسألوهم فقالوا بغير علم فضلوا وأضلوا(١) .

٢ - قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن أحمد بن علوية، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: أخبرنا توبة بن الخليل(٢) قال: أخبرنا عثمان بن عيسى(٣) ، قال: حدثنا أبوعبد الرحمن، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في سفر إذ نزل فسجد خمس سجدات، فلما ركب قال له بعض أصحابه: رأيناك يا رسول الله صنعت ما لم تكن تصنعه ؟ قال: نعم، أتاني جبرئيلعليه‌السلام فبشرني أن عليا في الجنة، فسجدت شكرا لله تعالى، فلما رفعت رأسي قال: وفاطمة في الجنة، فسجدت شكرا لله تعالى، فلما رفعت رأسي قال: والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، فسجدت شكرا لله تعالى، فلما رفعت رأسي قال: ومن يحبهم في الجنة، فسجدت لله تعالى شكرا، فلما رفعت رأسي قال: ومن يحب من يحبهم في الجنة [ فسجدت شكرا لله تعالى ].

٣ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا، ومحمّد ابن عبدالله بن محمّد بن سالم في آخرين قالا: حدثنا عبدالله بن سالم قال: حدثنا هشام بن مهران، عن خاله محمّد بن زيد العطار وكان من كبار أصحاب

____________________________

(١) قوله: « انتزاعا » اي محوا من الصدور. وهو مصدر ل‍ « يقبض » من غير لفظه لبيان النوع نحو رجع القهقرى.

(٢) لم نعثر عليه في الرجال، انما كان فيها محمّد بن الخليل الثقفي المكنى بأبي عبدالله وهو ثقة له نوادر. وفي أمالي الصدوق في سند خبر عن الثقفي عن توبه بن الخليل.

(٣) هو عثمان بن عيسى أبوعمرو العامري الكلابي. وأبو عبد الرحمن كنية لجمع من أصحاب الصادقعليه‌السلام أشهرهم محمّد بن الفضيل بن غزوان الضبي. واسماعيل ابن علي المسلى، وعبيدالله بن زياد الهراء الهمداني الكوفي. وأيوب بن عطية الحذاء الاعرج الكوفي وكونه أحد الاخيرين قريب. والاول أقرب.

٢١

الاعمش قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسن قال: حدثنا منذر بن جيفر قال: حدثنا محمّد بن يزيد الباني قال: كنت عند جعفر بن محمّدعليهما‌السلام فدخل عليه عمر بن قيس الماصر وأبو حنيفة وعمر بن ذر(١) في جماعة من أصحابهم فسألوه عن الايمان، فقال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يزني الزاني وهو مؤمن، ولا يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن، فجعل بعضهم ينظر إلى بعض فقال له عمر بن ذر: بم نسميهم(٢) ؟ فقالعليه‌السلام : بما سماهم الله وبأعمالهم، قال الله عزّوجلّ: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا(٣) وقال: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ(٤) فجعل بعضهم ينظر إلى بعض.

فقال محمّد بن يزيد: وأخبرني بشر بن عمر بن ذر وكان معهم قال: لما خرجنا قال عمر بن ذر لابي حنيفة: ألا قلت: من عن رسول الله(٥) ؟ قال: ما أقول لرجل يقول: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٤ - قال: أخبرني أبوحفص عمر بن محمّد الصيرفي، قال: أخبرنا محمّد بن إدريس قال: حدثنا الحسن بن عطية قال: حدثنا رجل يقال [ له ]: إسرائيل(٦) ،

____________________________

(١) عمر بن ذر بن عبدالله بن زرارة الهمداني المرهبي أبوذر الكوفي قال ابن حجر ثقة. ولا يخفى ما في السند من الاعضال ولا يسعنا تصحيحه.

(٢) بناء سؤاله على أنه لا واسطة بين الايمان والكفر، فإذا لم يكونوا مؤمنين فهم كفار. وبناء الجواب على الواسطة كما عرفت. (البحار).

(٣) المائدة: ٣٨.

(٤) النور: ٢.

(٥) أي لم لم تسأله من أخبرك بهذا الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأجاب بأنه إذا ادعى العلم ونسب القول إليه كيف أستطيع أن أسأله من أخبرك.

(٦) هو اسرائيل بن يونس بن أبي اسحاق السبيعي الهمداني الكوفي روى عن ميسرة بن حبيب النهدي أبوحازم الكوفي، وروى عنه الحسن بن عطية بن نجيح القرشي أبوعلى البزاز الكوفي.

٢٢

عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال، عن زر بن حبيش، عن حذيفة قال: قال لي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : أما رأيت الشخص الّذي اعترض لي ؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: ذاك ملك لم يهبط قط إلى الارض قبل الساعة، استأذن الله عزّوجلّ في السلام على علي، فأذن له فسلم عليه، وبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.

٥ - قال: أخبرني الحسين بن أحمد بن المغيرة(١) قال: أخبرني أبومحمّد حيدر بن محمّد السمرقندي قال: أخبرني أبوعمرو محمّد بن عمرو الكشي قال: حدثنا حمدويه بن نصير قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن المغيرة قال: كنت أنا ويحيى بن عبدالله بن الحسن عند أبي الحسنعليه‌السلام فقال له يحيى، جعلت فداك إنهم يزعمون أنك تعلم الغيب، فقال: سبحان الله، ضع يدك على رأسي فوالله ما بقيت شعرة فيه و [ لا ] في جسدي إلا قامت، ثم قال: لا والله ما هي إلا وراثة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

٦ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن إبراهيم والفضل الاشعريين، عن عبدالله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر أو أبي عبداللهعليهما‌السلام قال: أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعيبه(٣) بها يوما ما.

٧ - قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد

____________________________

(١) هو الحسين بن أحمد بن المغيرة أبوعبدالله البوشنجي العراقي، ولعله ابن المغيرة الّذي روى عنه أبوغالب الزراري في رسالته، يروي عن أبي محمّد حيدر بن محمّد ابن نعيم السمرقندي الّذي من غلمان العياشي والراوي عن الكشي كما يأتي في السند.

(٢) أرادعليه‌السلام أن ما عندي ليس بعلم الغيب بل هو شئ أخذته عن آبائي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والغيب هو الّذي لا يعلمه الا الله تبارك وتعالى.

(٣) في بعض النسخ « ليعنفه بها الخ ».

٢٣

ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن الحكم بن عتيبة، قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : إن العبد إذا كثرت ذنوبه ولم يكن عنده ما يكفرها ابتلاه الله تعالى بالحزن فيكفر عنه ذنوبه.

٨ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا عبدالله بن أحمد بن مستورد قال: حدثنا محمّد بن منير قال: حدثني إسحاق بن وزير(١) قال: حدثنا محمّد بن الفضيل بن عطاء مولى مزينة قال: حدثني جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهما‌السلام ، عن محمّد بن عليّ ابن الحنفية (رضي الله عنه) قال: كان اللواء معي يوم الجمل وكان أكثر القتلى في بني ضبة(٢) ، فلما انهزم الناس أقبل أمير المؤمنينعليه‌السلام ومعه عمار بن ياسر ومحمّد بن أبي بكر رضي الله عنهما فانتهى إلى الهودج وكأنه شوك القنفذ مما فيه من النبل، فضربه بعصا ثم قال: هيه(٣) يا حميراء أردت أن تقتليني كما قتلت ابن عفان ؟ ! أبهذا أمرك الله أو عهد به إليك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالت، ملكت فاسجح(٤) ، فقالعليه‌السلام لمحمّد بن أبي بكر: انظر هل نالها شئ من السلاح ؟

____________________________

(١) كذا ولم نجده، انما روى محمّد بن منير عن اسحاق بن سيار النصيبى.

(٢) بنو ضبة بطن من طابخة من العدنانية وبنو ضبة بن أد بن طابخة، كان ديارهم بجوار بني غنم بالنواحي الشمالية التهامية من نجد ثم انتقلوا في الاسلام إلى العراق للجزيرة الفراتية وبها قتلوا المتنبي الشاعر.

(٣) « هيه » بمعنى « ايه » فأبدل من الهمزة هاء، وايه اسم سمى به الفعل ومعناه الامر، تقول للرجل: ايه، بغير تنوين إذا استزدته من الحديث المعهود. وأيضا يقال لشئ يطرد هيه هيه بالكسر. ثم اعلم انه كان في صحيح البخاري باسناده عن أبي بكرة قال: لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيام الجمل، فأقاتل معهم. قال: لما بلغ رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال: « لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ».

(٤) الاسجاح: حسن العفو أي ظفرت فأحسن وقدرت فسهل وأحسن العفو. قال ابن أبي الحديد في شرح قولهعليه‌السلام : « واصفح مع الدولة تكن لك العاقبة » ما هذا لفظه: « هذه كانت شيمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وشيمة علي (عليه‌السلام ) أما شيمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فظفر بمشركي مكة وعفا عنهم كما سبق القول فيه عام الفتح، وأما علي (عليه‌السلام ) فظفر باصحاب الجمل وقد شقوا عصا الاسلام عليه وطعنوا فيه وخلافته، فعفا عنهم مع علمه بأنهم يفسدون عليه امره فيما بعد ويصيرون إلى معاوية اما بأنفسهم أو بآرائهم ومكتوباتهم وهذا أعظم من الصفح عن أهل مكة لان لم يبق لهم لما فتحت فئة يتحيزون إليها ويفسدون الدين عندها ».

٢٤

فوجدها قد سلمت، لم يصل إليها الا سهم خرق في ثوبها خرقا، وخدشها خدشا ليس بشئ. فقال ابن أبي بكر: يا أمير المؤمنين قد سلمت من السلاح إلا سهما قد خلص إلى ثوبها فخدش منه شيئا. فقال عليعليه‌السلام : احتملها فأنزلها دار ابني خلف الخزاعي(١) ، ثم أمر مناديه فنادى: لا يدفف(٢) على جريح ولا يتبع مدبر، ومن أغلق بابه فهو آمن(٣) .

____________________________

(١) يعني عبدالله وعثمان ابني خلف، وقال الطبري: هي أعظم دار بالبصرة.

(٢) في القاموس: اففته أجهزت عليه كدففته، ومنه داف ابن مسعود أبا جهل يوم بدر.

(٣) في تحف العقول عن امام الهاديعليه‌السلام في جواب مسائل يحيى بن أكثم عن سؤاله عن قتل عليعليه‌السلام أهل صفين وعفوه عن أهل الجمل لما هزموا ودخلوا بابهم انه قال: « فان أهل الجمل قتل امامهم ولم تكن لهم فئة يرجعون إليها، وانما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين ولا مخالفين ولا منابذين، رضوا بالكف عنهم، فكان الحكم فيهم رفع السيف عنهم والكف عن أذاهم، إذ لم يطلبوا عليه أعوانا. وأهل صفين كانوا يرجعون إلى فئة مستعدة، وامام يجمع لهم السلاح والدروع والرماح والسيوف ويسنى لهم العطاء، يتهيئ لهم الانزال، ويعود مريضهم، ويجبر كسيرهم، ويداوى جريحهم، ويحمل راجلهم، ويكسو حاسرهم، ويردهم فيرجعون إلى محاربتهم وقتالهم، فلم يساو بين الفريقين في الحكم لما عرف من الحكم في قتال أهل التوحيد، لكنه شرح ذلك لهم، فمن رغب عرض على السيف أو يتوب من ذلك ». نقول: في بعض نسخ الحديث: « الا يجهز على جريح، ولا يتبع مول، ولا يطعن في وجه مدبر، ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن، ثم آمن الاسود والاحمر ». وفي كنز العمال للمتقى الهندي زيادة بعد قوله « الاحمر » وهي: « ولا يستحلن فرج ولا مال »، وانظروا ما حضر به الحرب من آنية فاقبضوه، وما كان سوى ذلك فهو لورثته، ولا يطلبن عبدا خارجا من العسكر، وما كان من دابة أو سلاح فهو لكم، وليس لكم أم ولد، والمواريث على فريضة الله، وأى امرأة قتل زوجها فلتعتد أربعة أشهر وعشرا. قالوا: يا أمير المؤمنين تحل لنا دماؤهم ولا تحل لنا نساؤهم ؟ فقال: كذلك السيرة في أهل القبلة، فخاصموه، قال: فهاتوا سهامكم وأقرعوا على عائشة فهي رأس الامر وقائدهم، فعرفوا وقالوا: نستغفر الله، فأفحمهم عليعليه‌السلام .

٢٥

 ٩ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا عليّ بن الحسن التيملي(١) قال: وجدت في كتاب أبي: حدثنا محمّد بن مسلم الاشجعي، عن محمّد بن نوفل بن عائذ الصيرفي قال: كنت عند الهيثم بن حبيب الصيرفي فدخل علينا أبوحنيفة النعمان بن ثابت، فذكرنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ودار بيننا كلام في غدير خم(٢) ، فقال أبوحنيفة: قد قلت لاصحابنا: لا تقروا لهم بحديث غدير خم فيخصموكم، فتغير وجه الهيثم بن حبيب الصيرفي وقال له: لم لا يقرون به أما هو عندك يا نعمان ؟ قال: بلى هو عندي وقد رويته، قال:(٣) فلم لا يقرون به وقد حدثنا بن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل(٤) عن زيد بن أرقم أن

____________________________

(١) هو عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضال التيملى الكوفي أبوالحسن كان فقيه أصحابنا بالكوفة ووجهم وثقتهم. روى عن أخويه عن أبيهما (صه). وفي بعض النسخ عليّ بن الحسين وهو تصحيف.

(٢) في بعض النسخ: « كلام في الولاية ».

(٣) يعني الهيثم بن حبيب.

(٤) هو عامر بن واثلة بن الاسقع الكناني أبوالطفيل، أدرك ثمان سنين من حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان كيسانيا ممن يقول بحياة محمّد ابن الحنفية وله في ذلك شعر وخرج تحت راية المختار بن أبي عبيدة. وفي (صه) عد من خواص عليعليه‌السلام .

٢٦

علياعليه‌السلام نشد الله في الرحبة(١) من سمعه، فقال أبوحينفة: أفلا ترون أنه قد جرى في ذلك خوض حتّى نشد على الناس لذلك(٢) ؟ فقال الهيثم: فنحن نكذب عليا أو نرد قوله ؟ فقال أبوحنيفة: ما نكذب عليا ولا نرد قولا قاله ولكنك تعلم أن الناس قد غلا منهم قوم(٣) . فقال الهيثم: يقوله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويخطب به ونشفق نحن منه ونتقيه بغلو غال أو قول قائل؟. ثم جاء من قطع الكلام بمسألة سأل عنها، ودار الحديث بالكوفة، و كان معنا في السوق حبيب بن نزار بن حيان(٤) فجاء إلى الهيثم فقال له: قد بلغني ما دار عنك في عليعليه‌السلام وقول من قال(٥) وكان حبيب مولى لبني هاشم

____________________________

(١) في النهاية: يقال: نشدتك الله وأنشدك الله وبالله، وناشدتك الله وبالله: أي سألتك وأقسمت عليك. والرحبة: بالضم: موضع بقرب القادسية على مرحلة من الكوفة. وبالفتح: الموضع المتسع بين أفنيه البيوت. وفي الكوفة محلات.

(٢) في بعض النسخ « حتّى يشد على الناس لذلك » والمتن أنسب.

(٣) أي كان منهم غالون يقولون بغلو فيه فالصواب أن نسكت عن رواية خبر الغدير والولاية حتّى يكون نسيا منسيا ولا يبقى لغلو أحد فيه مجال. وهيهات انه قد أخطأ الطريق وضل السبيل لانه متى جاز لنا أن نسكت عن الحق لبعض ما يلزمه من الباطل من بعض المنحرفين فالواجب علينا الصموت عن التوحيد والنبوة لوجود المنتحل والمبتدع، وهذا خلاف قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّـهُ مِيثَاقَ الّذينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.

(٤) في الخطية والبحار « بن حسان » وهو تصحيف. وهو حبيب بن نزار الهاشمي مولاهم الصيرفي، عده الشيخ في رجاله من اصحاب الصادقعليه‌السلام .

(٥) في المطبوع والبحار: « في علي وقوله ».

٢٧

فقال له الهيثم: النظر يمر(١) فيه أكثر من هذا، فخفض الامر. فحججنا بعد ذلك ومعنا حبيب فدخلنا على أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام فسلمنا عليه، فقال له حبيب: يا أبا عبدالله كان من الامر كذا وكذا، فتبين الكراهية في وجه أبي عبداللهعليه‌السلام : فقال له حبيب: هذا محمّد بن نوفل حضر ذلك، فقال له أبوعبداللهعليه‌السلام : أي حبيب كف، خالقوا الناس بأخلاقهم(٢) وخالفهوهم بأعمالكم، فإن لكل امرئ ما اكتسب وهو يوم القيامة مع من أحب، لا تحملوا الناس عليكم وعلينا، وادخلوا في دهماء الناس، فإن لنا أياما ودولة يأتي بها الله إذا شاء، فسكت حبيب، فقالعليه‌السلام : افهمت يا حبيب ؟ لا تخالفوا أمري فتندموا، [ ف‍ ] قال: لن أخالف أمرك. قال أبوالعباس(٣) : وسألت عليّ بن الحسن عن محمّد بن نوفل فقال: كوفي، قلت: ممن ؟ قال: أحسبه مولى لبني هاشم، وكان حبيب بن نزار بن حيان مولى لبني هاشم، وكان الخبر فيما جرى بينه وبين أبي حنيفة حين ظهر أمر بني العباس فلم يمكنهم إظهار ما كان عليه آل محمّدعليهم‌السلام .

١٠ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، عن أبي العباس أحمد ابن محمّد، عن محمّد بن سالم الازدي، عن موسى بن القاسم، عن محمّد بن عمران البجلي قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: من لم يجعل لله له من نفسه واعظا فإن مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا.

المجلس الرابع

ومما أملاه في مجلس يوم السبت النصف منه ولم احضره ولكن استنسخته وقرأته عليه، وسمع ولدي أبوالفوارس أبقاه الله يوم الخميس لخمس خلون من شوال من هذه السنة. أخبرنا الشيخ الاجل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله تأييده وتوفيقه قراءة عليه في هذا اليوم

____________________________

(١) كذا.

(٢) خالقه: عاشره بخلق حسن، يقال: خالص المؤمن وخالق الفاجر.

(٣) يعني ابن عقدة أحمد بن محمّد بن سعيد.

٢٨

 ١ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا أبوموسى هارون بن عمرو المجاشعي قال: حدثنا محمّد بن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن (آبائهعليهم‌السلام ، عن) جده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : العالم بين الجهال كالحي بين الاموات، وإن طالب العلم ليستغفر له كل شئ حتّى حيتان البحر وهوام(١) الارض وسباع البر وأنعامه، فاطلبوا العلم فإنه السبب بينكم وبين الله عزّوجلّ، وإن طلب العلم فريضة على كل مسلم.

٢ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبي العباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا محمّد بن هارون بن عبد الرحمن الحجازي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عيسى بن أبي الورد، عن أحمد بن عبد العزيز، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا يقل مع التقوى عمل، وكيف يقل ما يتقبل(٢) .

٣ - قال: أخبرني الشريف أبوعبدالله محمّد بن الحسن الجواني(٣) قال: أخبرني أبوطالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي العمري، عن جعفر بن محمّد بن مسعود (عن أبيه)(٤) قال: حدثنا نصر بن أحمد قال: حدثنا علي بن

____________________________

(١) الهوام جمع الهامة وهي كل ذات سم يقتل، فأما ما يسم ولا يقتل فهو السامة كالعقرب والزنبور.

(٢) سيأتي الحديث في المجلس الثالث والعشرين بسند آخر، وفي الرابع و الثلاثين بهذا السند.

(٣) الظاهر كونه محمّد بن الحسن بن عبدالله بن الحسن بن محمّد بن الحسن بن محمّد بن عبيدالله مولى الحسين بن عليّ بن الحسنعليهما‌السلام . وفي بعض النسخ « محمّد بن الحسين » وهو من أهل آمل طبرستان وكان فقيها وسمع الحديث وله كتاب ثواب الاعمال علي ما في فهرس النجاشي.

(٤) قال الصدوق ره في مشيخته « وما كان فيه عن محمّد بن مسعود العياشي فقد رويته عن المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضى الله عنه عن جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه أبي النضر محمّد بن مسعود العياشي رضي الله عنه ».

٢٩

حفص.(١) قال: حدثنا خالد القطواني(٢) قال: حدثنا يونس بن أرقم قال: حدثنا عبد الحميد بن أبي الخنسا، عن زياد بن يزيد، عن أبيه، عن جده فروة الظفاري قال: سمعت سلمان رحمه الله يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تفترق أمتي ثلاث فرق: فرقة على الحق لا ينقض الباطل منه شيئا، يحبوني ويحبون أهل بيتي، مثلهم كمثل الذهب الجيد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلا جودة. وفرقة على الباطل لا ينقص الحق منه شيئا، يبغضوني ويبغضون أهل بيتي، مثلهم مثل الحديد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلا شرا. وفرقة مدهدهة(٣) على ملة السامري، لا يقولون: لا مساس لكنهم يقولون: لا قتال، إمامهم عبدالله بن قيس الاشعري(٤) .

٤ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا عمر بن عيسى بن عثمان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا خالد بن عامر بن عباس، عن محمّد بن سويد الاشعري قال: دخلت أنا و فطر بن خليفة(٥) على جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، فقرب إلينا تمرا فأكلنا وجعل

____________________________

(١) في بعض النسخ: « عليّ بن جعفر » وبكلى العنوانين مشترك والتميز مشكل.

(٢) هو خالد بن مخلد القطواني أبوالهيثم البجلى مولاهم المتوفى ٢١٣، أو ١٤، أو ١٥.

(٣) دهدهدت الحجرة أي دحرجته، ولعله كناية عن اضطرابهم في الدين وتزلزلهم بشبهات المضلين. (البحار)

(٤) هو عبدالله بن قيس أبوموسى الاشعري المشهور أحد الحكمين في قضية صفين.

(٥) فطر بن خليفة المخزومي من رجال العامة ذكروه في معاجمهم واختلفوا فيه، وثقه ابن معين، وقال العلجي: ثقة حسن الحديث وكان فيه تشيع قليل، وقال ابن سعد كان ثقة ان شاء الله، ومن الناس من يستضعفه وكان لا يدع أحدا يكتب عنه، وقال الساجى: صدوق ثقة ليس بمتقن كان أحمد بن حنبل يقول: « هو خشبي مفرط » وكان يقدم عليا على عثمان. وقال صاحب جامع الرواة شيعي جلة.

٣٠

يناول فطرا منه، ثم قال له: كيف الحديث الّذي حدثتني عن أبي الطفيل(١) رحمه الله في الابدال ؟ فقال فطر: سمعت أبا الطفيل يقول: سمعت عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول: الابدال من أهل الشام والنجباء(٢) من أهل الكوفة، يجمعهم الله لشر يوم لعدونا(٣) . فقال جعفر الصادقعليه‌السلام : رحمكم الله بنا يبدأ البلاد ثم بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم، رحم الله من حببنا إلناس ولم يكرهنا إليهم.

٥ - قال: أخبرني عليّ بن محمّد القرشي إجازة قال: حدثنا أبوالحسن عليّ بن الحسن بن فضال قال: حدثنا الحسين بن نصر(٤) قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن عبدالله بن عبد الملك قال: حدثنا أبو(عبدالله) عبد الرحمن المسعودي، عن عمرو بن حريث الانصاري، عن الحسين بن سلمة البناني، عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام قال: لما فرغ أمير المؤمنينعليه‌السلام من تغسيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتكفينه وتحنيطه أذن للناس وقال: ليدخل منكم عشرة عشرة ليصلوا عليه، فدخلوا وقام أمير المؤمنينعليه‌السلام بينه وبينهم و قال: ﴿إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(٥) وكان الناس يقولون كما يقول. قال أبوجعفرعليه‌السلام : وهكذا

____________________________

(١) هو عامر بن واثلة الكناني وقد تقدم.

(٢) قال في النهاية: في حديث علي رضى الله عنه « الابدال بالشام » هم الاولياء والعباد. سموا بذلك لانهم كلما مات واحد منهم أبدل بآخر. والنجيب [ جمعه النجباء ] الفاضل من كل حيوان وقد نجب ينجب نجابة: إذا كان نفيسا في نوعه.

(٣) أي يوم ظهور القائمعليه‌السلام .

(٤) تقدم الكلام فيه ص ١٧ فراجع.

(٥) الاحزاب: ٥٦.

٣١

كانت الصلاة عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

٦ - قال: أخبرني أبوغالب أحمد بن محمّد الزراري قال: حدثنا أبوالقاسم حميد بن زياد قال: حدثنا الحسن بن محمّد(٢) ، عن محمّد بن الحسن بن العطار، عن أبيه الحسن بن زياد قال: لما قدم زيد بن عليّ الكوفة(٣) دخل قلبي من ذلك بعض ما يدخل. قال: فخرجت إلى مكة ومررت بالمدينة فدخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام وهو مريض فوجدته على سرير مستلقيا عليه وما بين جلده وعظمه شئ(٤) ، فقلت: إني أحب أن أعرض عليك ديني، فانقلب على جنبه ثم نظر إلي فقال: يا حسن ما كنت أحسبك إلا وقد استغنيت عن هذا، ثم قال: هات فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمّدا رسول الله، فقالعليه‌السلام : معي مثلها. فقلت: وأنا مقر بجميع ما جاء به محمّد بن عبداللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: فسكت، قلت: وأشهد أن عليا إمام بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فرض طاعته، من شك فيه كان ضالا ومن جحده كان كافرا، قال: فسكت. قلت: وأشهد أن الحسن والحسينعليهما‌السلام بمنزلته حتّى انتهيت إليهعليه‌السلام فقلت: وأشهد أنك بمنزلة الحسن والحسين ومن تقدم من الائمة. فقال: كف، قد عرفت الّذي تريد، ما تريد إلا أن أتولاك على هذا، قال: قلت: فإذا توليتني على هذا فقد بلغت الّذي أردت، قال: قد توليتك

____________________________

(١) قال العلامة المجلسي (ره): الظاهر أن أمير المؤمنينعليه‌السلام كان صلى على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل ذلك، واكتفى في صلاة الناس عليه بذلك، اما لعدم تقدم أبي بكر للصلاة أو لغير ذلك انتهى وفيه مالا يخفى.

(٢) هو الحسن بن محمّد بن سماعة أبومحمّد الكندى الصيرفي من شيوخ الواقفة كثير الحديث فقيه ثقة [ جشن صه ].

(٣) يعني حين خروجه على حكومة وقته في أيام هشام بن عبد الملك الاموى.

(٤) كناية عن شدة الهزال والتحول.

٣٢

عليه، فقلت: جعلت فداك إني قد هممت بالمقام، قال: ولم ؟ قال: قلت: إن ظفر زيد [ أ ] وأصحابه فليس أحد أسوأ حالا عندهم منا، وإن ظفر بنو أمية فنحن عندهم بتلك المنزلة، قال: فقال لي: انصرف ليس عليك بأس من أولى ولا من أولى(١) .

٧ - قال: أخبرني الشريف أبومحمّد الحسن بن حمزة الطبري قال: حدثنا أبوالحسن عليّ بن حاتم القزويني قال: حدثنا أبوالعباس محمّد بن جعفر المخزومي قال: حدثنا محمّد بن شمون البصري، عن عبدالله بن عبد الرحمن(٢) . قال، حدثني الحسين بن زيد(٣) ، عن جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهما‌السلام قال: من أعاننا بلسانه على عدونا أنطقه الله بحجته يوم موقفه بين يديه عزّوجلّ.

٨ - قال: أخبرني الشريف أبومحمّد الحسن بن حمزة قال: حدثنا أحمد بن عبدالله(٤) ، عن جده أحمد بن عبدالله قال: حدثني أبي، عن داود بن النعمان، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن الحسن بن عليّعليهما‌السلام إنه قال: من أحبنا بقلبه ونصرنا بيده ولسانه فهو معنا في الغرفة التي نحن فيها، ومن أحبنا بقلبه ونصرنا بلسانه فهو دون ذلك بدرجة، ومن أحبنا بقلبه وكف بيده ولسانه

____________________________

 (١) في بعض النسخ: « من إلى ولا من إلى » وهو مخفف أولى، وأولى اسم اشارة أي ليس عليك بأس من زيد واصحابه ولا من بني أمية وأنت في سلم من هؤلاء وهؤلاء.

(٢) محمّد بن الحسن بن شمون البصري أبوجعفر بغدادي واقف ثم غلا وكان ضعيفا جدا فاسد المذهب (صه جش). وعبدالله بن عبد الرحمن الاصم المسمعى بصرى ضعيف غال ليس بشئ (صه جش).

(٣) هو الحسين بن زيد بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام . وصحف في المطبوعة والبحار بالحسين بن يزيد.

(٤) ما نعرفه الا أنه قد يخطر بالبال كونه أحمد بن عبدالله الكوفي صاحب ابراهيم ابن اسحاق الاحمري. أو رجل في طبقته.

٣٣

فهو في الجنة(١) .

٩ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر بن سالم(٢) قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا أحمد بن يوسف قال: حدثنا محمّد بن يزيد(٣) قال: حدثنا أحمد بن رزق، عن أبي زياد الفقيمي، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من حسن إسلام المرء تركه الكلام فيما لا يعنيه(٤) .

المجلس الخامس

ومما أملاه في يوم الاثنين السابع عشر منه وسمعه أبوالفوارس أبقاه الله تعالى: أخبرني الشيخ الجليل المفيد أبوعبدالله محمّد بن محمّد النعمان أدام الله حراسته وتوفيقه قراءة عليه

 ١ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر بن سالم الجعابي قال: حدثنا أبوعبداللهاللهالله

____________________________

(١) أي من أحبنا بقلبه فقط ولم ينصرنا بيده ولسانه فهو في الجنة.

(٢) هو أبوبكر الجعابي المعروف وقد تقدم ترجمته. يروى عن ابن عقدة.

(٣) هو محمّد بن يزيد النخعي. وراويه أحمد بن يوسف الجعفي، وشيخه أحمد بن رزق الغمشاني البجلى، وهو يروى عن الفقيمى بضم الفاء وفتح القاف وهو لقب معمر بن عطية الكوفى، وعباس بن عمرو، والحسن بن عمرو الكوفي وكلهم في طبقة واحدة ولم تذكر لاحدهم كنية حتّى نتميز من هو.

(٤) أي ما لا يهمه ولا ينفعه في معاشه ومعاده، من عناه الامر إذا تعلقت عنايته به، وعد بعض العلماء مما لا يعني العبد: تركه تعلم العلم الّذي فيه صلاح نفسه واشتغاله بتعلم ما يصلح به غيره كعلم الجدل مثلا وربما يعتذر في نفسه بأني اريد بذلك نفع الناس و أرشاد الخلق، مع أنه يعلم من نفسه خلاف ذلك، بل لا يريد الا التطاول على الاقران و التراوس عليهم، ولو كان صادقا لاشتغل قبل كل شئ باصلاح نفسه من اخراج هذه الصفة الملعونة الحابطة للاعمال.

٣٤

جعفر بن محمّد الحسني(١) قال: حدثنا الفضل بن القاسم قال: حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه، عن جده عبدالله بن محمّد بن عقيل بن أبي طالب قال: سمعت عليّ بن الحسين زين العابدينعليهما‌السلام يقول: ما اختلج عرق ولا صدع مؤمن إلا بذنبه، وما يعفو الله عنه أكثر، وكان إذا رأى المريض قد برئ قال: ليهنئك الطهر من الذنوب، فاستأنف العمل.

٢ - قال: أخبرني أبوحفص عمر بن محمّد بن عليّ الصيرفي قال: حدثنا أبوالحسين العباس بن المغيرة الجوهري قال: حدثنا أبوبكر أحمد بن منصور الرمادي(٢) قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا أبي، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبدالله بن مسعود قال: خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة وفد الجن(٣) قال: فحط على(٤) ، ثم ذهب فلما رجع تنفس وقال: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود، فقلت: استخلف يا رسول الله. قال: من ؟ قلت: أبا بكر، قال:(٥) فمشى ساعة ثم تنفس وقال: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود،

____________________________

(١) هو جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن المثنى.

(٢) هو أحمد بن منصور بن سيار البغدادي الرمادي أبوبكر ثقة حافظ (التقريب) والرمادي ينسب إلى رمادة بفتح الراء والميم وهو موضع باليمن، وليس منسوبا إلى رمادة فلسطين، على ما في اللباب، والمراد بعبد الرزاق الحافظ أبوبكر بن همام بن نافع الحميري مولاهم الصنعاني صاحب التصانيف، المعنون في تهذيب التهذيب والتذكرة وكذا أبوه همام بن نافع، وقال ابن حجر: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابنه عبد الرزاق: حج أبي أكثر من سنين حجة. وقال الذهبي في الميزان نقموا على عبد الرزاق التشيع، وما كان يغلو فيه، بل كان يحب عليا رضي الله عنه ويبغض من قاتله.

(٣) هذه القصة وقعت في مسيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى غزوة تبوك كما ذكره الواقدي في مغازيه.

(٤) العلى بالضم والقصر: موضع من ناحية وادى القرى، نزله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم في طريقه إلى تبوك وفيه مسجد (النهاية).

(٥) يعني عبدالله بن مسعود.

٣٥

فقلت: استخلف يا رسول الله. قال: من ؟ قلت: عمر، فسكت، ثم مشى ساعة وتنفس وقال: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود، فقلت: استخلف يا رسول الله. قال: من ؟ قلت: عثمان، فسكت، ثم مشى ساعة فقال: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود، فقلت: استخلف يا رسول الله قال: من ؟ قلت: عليّ بن أبي طالب ؟ فتنفس ثم قال: والّذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلن الجنة أجمعين أكتعين(١) .

٣ - قال: أخبرني أبوحفص عمر بن محمّد بن عليّ الصيرفي قال: حدثنا أبوالحسين العباس بن المغيرة الجوهري قال: حدثنا أبوبكر أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عنبسة(٢) قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن عبدالله بن العباس قال: لما حضرت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هلموا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ؟ فقال عمر: لا تأتوه بشئ فانه قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله(٣) .

____________________________

(١) أكتع مرادف لاجمع، ولا يستعمل الا معها يقال: « رأيتهم أجمعين أكتعين ». والخبر رواه الخوارزمي في مناقبه.

(٢) هو عنبسة بن خالد بن يزيد أبي النجاد الاموي مولاهم الايلى الّذي ذكره ابن حبان في الثقات. روى عن عمه يونس بن يزيد، وروى عنه أحمد بن صالح أبوجعفر المصرى الحافظ الّذي يعرف بابن الطبري، وكان جامعا، يعرف الفقه والحديث والنحو ويذاكر بحديث الزهري محمّد بن مسلم بن شهاب.

(٣) لا يخفى على اللبيب ان هذا القول (غلبه الوجع) في هذا المقام لا يكون الا بمعنى « أهجر في كلامه وخلط وهذى » ولا يفوه به الا من له غرض سياسي له المام به، والا فقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « هلموا اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي » يدل على كمال عقله وشدة اهتمامه بامور الامة. وفي قباله « حسبنا كتاب الله » كلام باطل لا طائل تحته الا.، لانه معلوم بالمشاهدة أن آيات الاحكام في القرآن لا يتجاوز الخمسمائة تقريبا وجلها في مقام التشريع لا بيان الحكم، كما قال عز من قائل: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ فلو كان الكتاب بنفسه كافيا فلم يقول قائله غير مرة: « لولا علي لهلك عمر ». ثم لم يكتف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل بالكتاب وأوصى بالكتاب والعترة.

٣٦

 فاختلف أهل البيت واختصموا(١) ، فمنهم من يقول: قوموا(٢) يكتب لكم رسول الله، ومنهم من يقول ما قال عمر. فلما كثر اللغط والاختلاف(٣) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قوموا عني. قال عبيدالله بن عبدالله بن عتبة: وكان ابن عباس رحمه الله يقول: الرزية كل الرزية ما حال بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين أن يكتب لنا ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم(٤) .

٤ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر بن سالم الجعابي قال: حدثنا أبوعبدالله جعفر بن محمّد الحسني قال: حدثنا أبوموسى عيسى بن مهران المستعطف(٥) قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا وهيب(٦) قال: حدثنا عبدالله بن عثمان بن خثيم، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إني على الحوض أنظر من يرد علي منكم، وليقطعن برجال دوني، فأقول: يا رب أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما عملوا بعدك،

____________________________

(١) في نسخة: « فتخاصموا ».

(٢) في البحار: « قربوا » وجعل « قوموا » نسخة بدل عنه.

(٣) اللغط: صوت وضجة لا يفهم معناها.

(٤) قال العلامة المجلسي (ره): « خبر طلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الدواة والكتف ومنع عمر عن ذلك مع اختلاف ألفاظه متواتر بالمعنى، وأورده البخاري و مسلم وغيرهما من محدثي العامة في صحاحهم، وقد أورده البخاري في مواضع من صحيحه منها في الصحفة الثانية من مفتتحه ». انتهى.

(٥) هو أبوموسى عيسى بن مهران المستعطف البغدادي بضم الميم وسكون السين المهملة. يروى عن عفان بن مسلم الباهلى الصفار البصري. وقيل: له كتب في جرح بعض الصحابة. وقال السمعاني: هو رجل سوء من شياطين الرافضة.

(٦) هو وهيب بن خالد بن عجلان الباهلى المعنون في التقريب.

٣٧

إنهم ما زالوا يرجعون على أعقابهم القهقرى(١) .

٥ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر بن سالم قال: حدثنا أبوعبدالله جعفر ابن محمّد الحسني قال: حدثنا عيسى بن مهران قال: أخبرنا أبومعاوية الضرير(٢) قال: حدثنا الاعمش، عن شقيق(٣) ، عن أم سلمة زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: دخل عليها عبد الرحمن بن عوف(٤) فقال: يا أمه قد خفت أن تهلكني كثرة مالي، أنا أكثر قريش مالا، قالت: يا بني فأنفق، فإني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه. قال: فخرج عبد الرحمن فلقي عمر بن الخطاب فأخبره بالّذي قالت أم سلمة

____________________________

(١) الاخبار في ذلك كثيرة جدا من طرق الفريقين ومتواترة معنى، وتبين حكم الصحابة في العدالة وعدمها. وفي لفظ البخاري « اصيحابي اصيحابي ». وقال المجلسي (ره): « اعلم أن أكثر العامة على أن الصحابة كلهم عدول، وقيل: هم كغيرهم مطلقا، وقيل: هم كغيرهم إلى حين ظهور الفتن بين عليعليه‌السلام ومعاوية، وأما بعدها فلا يقبل الداخلون فيها مطلقا، وقالت المعتزلة: هم عدول الا من علم أنه قاتل علياعليه‌السلام فانه مردود. وذهبت الامامية إلى أنهم كساير الناس من أن فيهم [ العادل، وفيهم ] المنافق والفاسق والضال بل كان أكثرهم كذلك، ولا أظنك ترتاب بعد ملاحظة تلك الاخبار المأثورة من الجانبين المتواترة بالمعنى في صحة هذا القول ».

(٢) هو محمّد بن خازم أبومعاوية الضرير الكوفي، عمى وهو صغير، ثقة، أحفظ الناس لحديث أعمش (التقريب).

(٣) هو أبووائل شقيق بن سلمة الاسدي الكوفى، أدرك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يرو عنه، قال الاعمش: قال لي أبووائل: يا سليمان لو رأيتني ونحن هراب من خالد بن الوليد فوقعت عن البعير فكادت عنقي تندق فلو مت يومئذ كانت النار، وكنت يومئذ ابن احدى عشرة سنة.

(٤) نقل ابن قتيبة عن أبى اليقظان عثمان بن عمير أنه قال: مات عبد الرحمن في خلافة عثمان وقسم ميراثه على ستة عشر سهما فبلغ نصيب كل امرأة ثمانين ألف درهم.

٣٨

فجاء يشتد حتّى دخل عليها، فقال: يا أمه أنا منهم ؟ فقالت: لا أعلم ولن أبرئ بعدك أحدا.

٦ - قال: أخبرنا الشريف أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن طاهر الموسوي(١) قال: أخبرنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا يحيى بن زكريا ابن شيبان قال: حدثنا محمّد بن سنان قال: أخبرني أحمد بن سليمان القمي الكوفي قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: إن كان النبيّ من الانبياء ليبتلى بالجوع حتّى يموت جوعا، وإن كان النبيّ من الانبياء ليبتلى بالعطش حتّى يموت عطشا، وإن كان النبيّ من الانبياء ليبتلى بالعراء(٢) حتّى يموت عريانا، وإن كان النبيّ من الانبياء ليبتلى بالسقم والامراض حتّى تتلفه، وإن كان النبيّ من الانبياء ليأتي قومه فيقوم فيهم، يأمرهم بطاعة الله ويدعوهم إلى توحيد الله وما معه مبيت ليلة(٣) فما يتركونه يفرغ من كلامه و لا يستمعون إليه حتّى يقتلوه، وإنما يبتلي الله تبارك وتعالى عباده على قدر منازلهم عنده.

٧ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا يحيى بن زكريا قال: حدثنا عثمان بن عيسى، عن أحمد بن سليمان، وعمران بن مروان، عن سماعة بن مهران قال:

____________________________

 (١) لم نجده غير أنه في أول باب زيادات مزار التهذيب عن المفيد عنه عن ابن عقدة معنعنا عن أبى عبداللهعليه‌السلام يقول: « لا يمكث جثة نبي ولا وصي نبي في الارض أكثر من أربعين يوما ». ووقع في جامع الرواة في ترجمة ابن عقدة سهو أو تصحيف وذكر فيمن روى عن ابن عقدة: محمّد بن أحمد بن طاهر الموسوي.

(٢) العراء: المكان الخالي من نبت يستتر به كما قال الله تعالى في الصافات: « فنبذ بالعراء وهو سقيم » في قصة يونس (عليه‌السلام )، أي بالمكان الخالي من نبت يستره من يومه أو بعد ثلاثة أيام أو أكثر « وهو سقيم » أي كفرخ لا ريش عليه.

(٣) يعنى ليس معه من القوت ما يبيت به ليلة، أو لم يمهلوه أن يبيت ليلة واحدة بل ساعة حتّى يفرغ من كلامه.

٣٩

سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: إن الّذي قال الله في كتابه: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا(١) سلط الله عليه قومه، فكشطوا وجهه وفروة رأسه(٢) فبعث الله إليه ملكا فقال له: إن رب العالمين يقرئك السلام ويقول: [ إنه ] قد رأيت ما صنع بك قومك، فسلني ما شئت. فقال: يا رب العالمين لي بالحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهما‌السلام أسوة، قال أبوعبداللهعليه‌السلام : وليس هو إسماعيل بن إبراهيم على نبيناعليهما‌السلام .

٨ - قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي قال: أخبرنا أبوعبدالله [ جعفر بن ] محمّد بن جعفر الحسني قال: حدثنا عيسى بن مهران، عن يونس، عن عبدالله بن محمّد بن سليمان الهاشمي، عن أبيه، عن جده، عن زينب بنت علي ابن أبي طالبعليهما‌السلام قالت: لما اجتمع رأي أبي بكر على منع فاطمةعليهما‌السلام فدك(٣) والعوالي، وأيست من إجابته لها عدلت إلى قبر أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________________

(١) مريم: ٥٤.

(٢) الكشط: النزع والقلع. والفروة: جلدة الرأس بشعرها.

(٣) قال في معجم البلدان: « فدك بالتحريك وآخره كاف قرية بالحجارة، بينها وبين المدينة يومان، وقيل ثلاثة. أفاءها الله على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في سنة سبع صلحا وذلك: أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزل خيبر وفتح حصونها، ولم يبق الا ثلاث واشتد بهم الحصار، راسلوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسألونه أن ينزلهم على الجلاء وفعل، وبلغ ذلك أهل فدك، فأرسلوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم، فأجابهم إلى ذلك، فهي مما لم يوچف عليها بخيل ولا ركاب فكانت خالصة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

قيل: لما نزلت قوله تعالى: « وآت ذا القربى حقه » استوضح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من جبرئيل مراد الاية فقال له: أعط فاطمة فدك لتكون بلغة لها ولاولادها وذلك عوض عما بذلته أمها خديجة من أموال وجهود في سبيل الاسلام. وبقيت عندها حتّى توفى أبوهاصلى‌الله‌عليه‌وآله فانتزعها الخليفة الاول حسب زعمه وردها إلى بيت المال. راجع البحار الطبعة القديمة ج ٨ الباب العاشر فانه (ره) قد استوفى البحث في المقام وكتاب فدك العلامة المرحوم السيد حسن الموسوي القزويني، وكتاب فدك في التاريخ للعلامة الفذ السيد محمّد الباقر الصدر، والنص والاجتهاد للسيد شرف الدين العاملي رحمهم الله.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357