مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٠

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل13%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 442

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 442 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225447 / تحميل: 4722
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الْكَرِيمِ ) (١) .

٢.( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَٰلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) (٢) .

والآية تعرب عن أنّ نفي الغاية لخلق السماوات والأرض وما بينهما كان شعار الكافرين بل ربما أنكر البعضُ العلّةَ الفاعلية، قال سبحانه:( وَقَالُوا مَا هِيَ إلّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إلّا الدَّهْرُ ) (٣) .

تجد أنّهم كانوا ينسبون الإحياء والإماتة إلى الدهر والزمان.

٣.( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ *مَا خَلَقْنَاهُمَا إلّا بِالحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ *إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ) (٤) .

وهذه الآية تصف فعله سبحانه بالحقّ، وأنّ الخلق كان فعلاً موصوفاً بالحقّ المحض، وما هو كذلك يلازم الغرض ويفارق العبث وإلّا لم يكن حقّاً مطلقاً.

٤.( عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ *عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ *الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ *كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ *ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ) (٥) .

والمراد من النبأ العظيم هو يوم القيامة، ويصفه بكونه نبأً قطعياً لا ريب فيه.

إنّه سبحانه يذكر في الآيات التالية النظام السائد في الكون، ويقول:( أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا *وَالجِبَالَ أَوْتَادًا *وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا *وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا *وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا *وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا *وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا *وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا *وَأَنزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا *لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا *وَجَنَّاتٍ

__________________

١. المؤمنون: ١١٦.

٢. ص: ٢٧.

٣. الجاثية: ٢٤.

٤. الدخان: ٣٨ ـ ٤٠.

٥. النبأ: ١ ـ ٥.

٢١

أَلْفَافًا ) .(١)

ثمّ إنّه سبحانه يردف هذه الآيات بآيات القيامة التي يصفها بيوم الفصل، ويقول:( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا *يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ) .(٢)

والنظم المنطقي بين هذه الطوائف الثلاث من الآيات في سورة واحدة عجيب جداً، ففي الطائفة الأُولى يذكر المعاد بما أنّه أمر مفروغ عنه.

وفي الطائفة الثانية يذكر شيئاً من النظام السائد في الكون.

وفي الطائفة الثالثة يذكر يوم القيامة مشعراً بأنّه لولا هذا اليوم لعاد خلق النظام السائد فيه أمراً عبثاً.

وبذلك تظهر الصلة بين الآيات.

وأمّا ما يدل على الطائفة الثانية ـ أعني: انّ الحقّ المطلق يلازم الهدف وليس هو إلّا استمرار الحياة في النشأة الأُخرى ـ فلفيف من الآيات :

١.( ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي المَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .(٣)

ترى أنّه سبحانه يصف نفسه ب‍( هُوَ الحَقُّ ) ويردفه بقوله:( وَأَنَّهُ يُحْيِي المَوْتَىٰ ) مشعراً بأنّ الحقّ المطلق لا ينفك عن إحياء الموتى لاستمرار الحياة وصون الفعل عن اللغوية.

وبعبارة أُخرى: إنّ الموجود لا يوصف بكونه حقّاً على الإطلاق إلّا إذا كانت

__________________

١. النبأ: ٦ ـ ١٦.

٢. النبأ: ١٧ ـ ١٨.

٣. الحج: ٦.

٢٢

ذاته وصفاته وفعله نزيهة عن النقص، ولا يكون فعله كذلك إلّا إذا كان مقروناً بالغاية.

ثمّ إنّه سبحانه يؤكد على كونه حقّاً مطلقاً ويقول:( وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ ) .(١)

٢. وعلى ذلك المنوال جرى كلامه سبحانه في الآية التالية :

( ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) .(٢)

فالذكر الحكيم يصفه بأنّه الحقّ وأنّ ما يدعونه من دونه هو الباطل والحقّ المطلق ما يكون نزيهاً من النقص في ذاته ووصفه وفعله، ولـمّا كانت نزاهته في الأوّلين أمراً لا غبار عليه، برهن على نزاهة فعله بالآية التالية وقال :

( وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ ) .(٣)

٣. وربما يتفنّن القرآن فيذكر إحياء الموتىٰ واستمرار الحياة أوّلاً، ثمّ يذكر برهانه بأنّ وعد الله حقّ على خلاف ما مضىٰ في الآيات السابقة، ويقول :

( مَّا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إلّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) .(٤)

ثمّ يذكر في آية أُخرى قوله:( ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) .(٥)

ثمّ يعقبها قوله:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا

__________________

١. الحج: ٧.

٢. الحج: ٦٢.

٣. الحج: ٦٦.

٤. لقمان: ٢٨.

٥. لقمان: ٣٠.

٢٣

يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ ) .(١)

والإمعان في تلك الآيات يورث الإعجاب، فهو يذكر بعث النفوس أوّلاً، ثمّ يردفه في آية أُخرى بأنّه سبحانه هو الحقّ.

ثمّ يطرح في آية أُخرىٰ مسألة الجزاء وانّه لا يجزي والد عن ولده، ويصف وعد الله بالحقّ، ففي كلا المقامين جاء المدّعىٰ مرفقاً بالدليل، فوصفه بالحقّ كوصف وعده به آية صحّة المدعىٰ وانّه لا مناص من إحياء الموتىٰ و إلّا لعاد الحقّ المطلق حقّاً نسبياً.

وهذا النوع من الكلام من إنسان أُمّي لا يجيد القراءة والكتابة دليل على أنّ كتابه ليس وليد فكره ونتاج عقله، بل هو وحي إلهي نزل به الروح الأمين علىٰ قلبه ليكون من المنذرين.

ثمّ إنّ الذكر الحكيم يحثّ المؤمنين على التفكير في خلق السماوات والأرض واختلاف اللّيل والنَّهار وغيرها من الأنظمة السائدة في الكون حتّى يعلموا أنّ فعله سبحانه لم يكن باطلاً ولا عبثاً. قال سبحانه:( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ *الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) .(٢)

وقد نقل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « الدنيا مزرعة الآخرة ».

وكأنّ الإنسان يزرع في هذه الحياة الدنيا ويحصد ما زرعه في الآخرة، وهو يشير إلى وجود الغاية لخلق الإنسان والعالم.


__________________

١. لقمان: ٣٣.

٢. آل عمران: ١٩٠ ـ ١٩١.

٢٤

الإمام عليٌّعليه‌السلام وهدف الخلقة

وقد نقل عن أمير المؤمنينعليه‌السلام خطب وكلمات تشير إلىٰ سرّ الخلقة وهدفها وانّها لا تتحقق إلّا بالبعث بعد الموت والنشأة بعد النشأة، وها نحن نسرد بعض كلماته :

١. قالعليه‌السلام : « وإنّ الخلق لا مقصر لهم عن القيامة، مُرقِلين في مضمارها إلى الغاية القصوى ».(١)

٢. ويقولعليه‌السلام أيضاً في نفس تلك الخطبة: « قد شخصوا من مستقر الأجداث، وصاروا إلىٰ مصائر الغايات ».(٢)

٣. ويقولعليه‌السلام : « فانّ الغاية القيامة، وكفىٰ بذلك واعظاً لمن غفل، ومعتبراً لمن جهل، وقبل بلوغ الغاية ما تعلمون من ضيق الارماس، وشدّة الإبلاس، وهول المطلع ».(٣)

٤. وفي وصية كتبها لولده الإمام الحسنعليه‌السلام يقول: « واعلم يا بنيّ أنّك إنّما خلقت للآخرة لا للدنيا، وللفناء لا للبقاء، وللموت لا للحياة، وأنّك في قلعة ودار بلغة، وطريق إلى الآخرة ».(٤)

٢. المعاد مظهر العدل الإلهي

القول بالعدل وأنّه يلزم على الله سبحانه أن يتعامل مع عباده بالعدل، من فروع القول بالتحسين والتقبيح العقليين. وقد ذهبت العدلية إلىٰ أنّ العقل له

__________________

١ و ٢. نهج البلاغة: الخطبة ١٥٦.

٣. نهج البلاغة: قسم الخطب، الخطبة ١٩٠.

٤. نهج البلاغة: قسم الرسائل، الرسالة ٣١.

٢٥

قابلية إدراك الفعل الحسن أو القبيح واقعاً، فالموضوع لحكمه هو فعل الفاعل المختار وأنّه ينقسم إلى حسن وقبيح.

وبذلك يظهر أنّ حكمه على الموضوع بأحد الوصفين حكم عام يعمّ فعل الواجب والممكن دون مدخلية لوجود الفاعل وجوباً أو إمكاناً، فالفعل بما هو صادر عن فاعل عالم مختار إمّا حسن يجب العمل به، وإمّا قبيح يجب الاحتراز عنه. إلّا أنّ الله سبحانه لا يقوم إلّا بالفعل الحسن، وبالتالي لا يتعامل مع عباده إلّا بالعدل، يقول سبحانه :

( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ وَالمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) .(١)

وقال سبحانه:( إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا ) .(٢)

بل هو لا يظلم ولا ينسب إليه الظلم أبداً، قال سبحانه:( وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ) .(٣)

أي لا ينسب الظلم إليه، نظير قول القائل في النيل من خصمه: « وليس بنبّال » أي لا صلة بينه وبين رمي النبل.

نعم ربما يقال بعجز العقل عن إدراك محاسن الأفعال ومساويها وبالتالي لا يمكن الوصول إليها إلّا من خلال تنصيص الشرع. وقد أوضحنا وهن ذلك القول في بحوثنا الكلاميّة، وذكرنا أنّ لازمه عدم إمكان الحكم بالحسن والقبح مطلقاً لا عقلاً ولا شرعاً.(٤)

__________________

١. آل عمران: ١٨.

٢. يونس: ٤٤.

٣. فصلت: ٤٦.

٤. لاحظ كشف المراد: ٥٩، الفصل الثالث، المسألة الأُولىٰ في إثبات الحسن والقبح العقليين عند قول
الماتن: « ولانتفائهما مطلقاً لو ثبت شرعاً ».

٢٦

فخلاصة القول: إنّ فعله سبحانه يوصف بالعدل لا بالجور والظلم، وعليه فمقتضى حكمته أن يتعامل مع العباد بالعدل.

هذا من جانب، ومن جانب آخر إنّ عباده أمام تكاليفه علىٰ صنفين، مطيع وعاص، فيتصور بادئ الأمر أربعة احتمالات :

الف. أن يُثيب الجميع.

ب. أن يُعاقب الجميع.

ج. أن يغض النظر عن إثابتهم أو عقابهم.

د. أن يثيب المطيع ويعاقب العاصي.

والاحتمالات الثلاثة الأُول من الوهن بمكان، لأنّها تناقض العدل، فالتسوية بين المطيع والعاصي سواء أكانت بإثابة الجميع أو عقابهم كذلك أو تركهم سدى يعد ظلماً وجوراً، وهو أمر قبيح، وفعله سبحانه نزيه عنه، فيتعيّن الاحتمال الرابع.

وبتعبير آخر: إنّ التسوية بين العباد سواء أكانت بشكل إثابة الجميع أو عقوبتهم أو تسويتهم إنّما يتجه إذا كان الجميع سالكاً طريقاً واحداً من سبيلي الإطاعة والعصيان، فلو أطاع الجميع لكانت إثابتهم نفس العدل، ولو عصوا لكانت عقوبتهم كذلك، كما أنّ له سبحانه أن يتركهم سدىٰ، وأمّا إذا كانوا مطيعين فلأنّ الثواب تفضّل من الله سبحانه فله أن لا يتفضل وليس بحقّ عليه، كما أنّ عقوبتهم حقّ فله أن يتغاضىٰ عن حقّه.

إنّما الكلام فيما إذا كان العباد على صنفين بين مطيع وعاص، فالتسوية في هذه الصورة سواء أكانت بصورة إثابة الجميع أو عقوبتهم، أو تركهم سُدى ظلم قبيح على الله سبحانه، فلا محيص عن التفريق بإثابة المطيع ومعاقبة العاصي.

٢٧

وحيث أنّ الحياة الدنيا يتساوىٰ في الانتفاع بنعمها المطيع والعاصي، فلابدّ من يوم آخر يكون مجلى لعدله سبحانه ومظهراً له، وليس هو إلّا يوم القيامة.

يقول سبحانه:( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ المُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) .(١)

ويقول أيضاً:( أَفَنَجْعَلُ المُسْلِمِينَ كَالمُجْرِمِينَ *مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) .(٢)

ويقول أيضاً:( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) .(٣)

وهذه الآيات تثبت أنّ التسوية بين المطيع والعاصي لا يليق بساحته سبحانه. وثمة آيات أُخرى تعيّن اليوم الذي يكون مظهراً لعدله.

١. يقول سبحانه:( إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ) .(٤)

٢.( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ *وَتَرَى المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ *سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ النَّارُ *لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الحِسَابِ ) .(٥)

__________________

١. ص: ٢٨.

٢. القلم: ٣٥ ـ ٣٦.

٣. الجاثية: ٢١.

٤. يونس: ٤.

٥. إبراهيم: ٤٨ ـ ٥١.

٢٨

٣.( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ *لِّيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ *وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ ) .(١)

٤.( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ ) .(٢)

٥.( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ) .(٣)

وممّا يلفت النظر انّه سبحانه بعدما يطرح الحياة الأُخروية وقيام القيامة، يعقبها بقوله: «لتجزى» أو « ليجزىٰ » أو « ليروا » مشعراً بأنّ الهدف الإلهي من حشر الناس في ذلك اليوم هو إثابة المطيع ومعاقبة العاصي.

وأنت إذا قارنت هذه الطائفة من الآيات التي تصرّح بأنّ الهدف من الحشر هو الجزاء مع ما مضى في الطائفة الأُولى من الآيات تجد أنّ التسوية لا تتماشىٰ مع عدله وأنّ الجزاء هو مقتضى العدل الإلهي.

ما ذكرناه هو المستفاد من الآيات الكريمة، وثمة كلمات منقولة عن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وفيها إشارة إلى أنّ يوم الجزاء مجلىٰ لعدله سبحانه :

١. « وذلك يوم يجمع الله فيه الأوّلين والآخرين لنقاش الحساب وجزاء الأعمال ».(٤)

٢. « فجدّدهم بعد إخلاقهم، وجمعهم بعد تفرّقهم، ثمّ ميّزهم لما يريده من مسألتهم عن خفايا الأعمال وخبايا الأفعال وجعلهم فريقين: أنعم علىٰ هؤلاء وانتقم من هؤلاء ».(٥)

__________________

١. سبأ: ٣ ـ ٥.

٢. طه: ١٥.

٣. الزلزلة: ٦.

٤. نهج البلاغة: الخطبة١٠٢.

٥. نهج البلاغة: الخطبة ١٠٩.

٢٩

٣. المعاد مجلى الوعد الإلهي

وعد سبحانه المطيعَ بالثواب والعاصيَ بالعقاب، فله أن يغضَّ النظر عن عقاب العاصي لأنّه حقّه، ولكن ليس له غضّ النظر عن الوعد للفرق بين الوعد والوعيد.

أمّا الأوّل فيجب العمل به ويعدُّ خُلْفه قبيحاً، بخلاف الوعيد فلا يعدُّ خُلفه إخلالاً بالعدل، وقد صبّ الشاعر المفلق هذا المعنى في قالب شعريّ وقال :

وإنّي إذا أوعدته أو وعدته

لمخلف ميعادي ومنجز موعدي

وقال الآخر :

إذا وعد السّراء أنجز وعده

وإن أوعد الضرّاء فالعفو مانع

وإن شئت قلت: الخلف في الوعد إسقاط لحقّ الغير. وإمساك عن أداء ما عليه من الحقّ، وأمّا الوعيد فانّه إسقاط لحقّ نفسه، والعقل يستقل بقبح الأوّل دون الثاني.

وعلى ضوء ذلك فله سبحانه أن يغضَّ النظر عن العاصي دون العمل بوعده للمطيع فلابدّ من يوم يكون مجلىٰ لإنجاز وعده وإظهار عدله.

وهذا البرهان يمتاز عمّا سبقه، بأنّ السابق بصدد بيان أنّ التسوية بين المطيع والعاصي أمر قبيح سواء أكان هناك وعداً ووعيداً أم لا، ولذلك قلنا: إنّه لو كان الجميع مطيعين فلا يضرّ عدم الإثابة بعدله، أو كانوا عاصين فلا يخلُّ العفو كذلك، وإنّما المخل هو التسوية بين المطيع والعاصي.

وأمّا هذا البرهان، فهو مبني علىٰ مقدمة شرعية وحكم عقلي.

٣٠

أمّا المقدمة فقد أرشدنا القرآن إليها، إذ وعد فيها المؤمنين كما أوعد الكافرين والمنافقين.

وأمّا الحكم العقلي فهو أنّ غضّ النظر عن عقاب العاصي لا يخلُّ بالعدل، ولكن الخلف بالوعد قبيح عند العقل.

وليس لإنجاز وعده وقت سوى حشر الناس بعد الموت.

وأمّا الآيات الواردة في هذا المضمار فهي على أصناف :

فصنف يدل على أنّ قيام القيامة وعد من الله سبحانه، وصنف آخر يدل على أنّه ظرف لمجلى وعده ووعيده.

وصنف ثالث يدلّ على أنّ هذا الوعد قطعيّ الوقوع والتحقق، وإليك البيان :

أمّا الصنف الأوّل فيدل عليه الآيتان التاليتان :

قال سبحانه:( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) .(١)

وقال سبحانه:( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّىٰ يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ) .(٢)

وأمّا الصنف الثاني فقد وردت فيه الآيات التالية :

قال سبحانه:( وَأُزْلِفَتِ الجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ *هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ ) .(٣)

وقال سبحانه:( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ) .(٤)

__________________

١. الأنبياء: ١٠٤.

٢. الزخرف: ٨٣.

٣. ق: ٣١ ـ ٣٢.

٤. الحجر: ٤٣.

٣١

وقال سبحانه:( وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ) .(١)

وهناك صنف ثالث يدل على أنّ هذا الوعد قطعي الوقوع والتحقّق.

قال سبحانه:( رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ المِيعَادَ ) .(٢)

وقال سبحانه:( وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ المِيعَادَ ) .(٣)

ثمّ إنّ المتكلّمين استدلوا على لزوم المعاد بأمرين، أشار إليهما المحقّق الطوسي في تجريد الاعتقاد، بقوله: « ووجوب إيفاء الوعد والحكمة تقتضي وجوب البعث ».(٤)

ففي هذه العبارة إشارة إلى دليلين :

الأوّل: وجوب إيفاء الوعد، وهذا هو الذي مرّ بيانه آنفاً.

الثاني: الحكمة، ولعلّها إشارة إلى ما مرّ من أنّ الحشر هو رمز الخلقة.

٤. المعاد مظهر رحمته الواسعة

يستفاد من بعض الآيات أنّ حشر الناس يوم القيامة من مظاهر رحمته سبحانه وأنّه التزم على نفسه أن ينظر إلى العباد بعين الرحمة ولذلك حشرهم يوم القيامة، قال سبحانه :

( قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل للهِ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ

__________________

١. هود: ١٧.

٢. آل عمران: ٩.

٣. آل عمران: ١٩٤.

٤. كشف المراد: المقصد السادس، المسألة الرابعة.

٣٢

لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) .(١)

تجد أنّه سبحانه يردف قوله:( كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) بقوله:( لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) مشعراً بأنّ جمع الناس يوم القيامة من مظاهر رحمته.

وثمة سؤال وهو أنّه كيف يكون حشر الناس من مظاهر رحمته مع أنّ الكفّار والمنافقين معذّبون في الدرك الأسفل من النّار ؟

والإجابة عنها واضحة.

إذ انّ الهدف من وراء البعث والنشور إيصال كلّ ممكن إلى كماله المطلوب، ونيل الرحمة الإلهية وهو غاية طبيعية للحشر، فلو تخلّف الكافر عن نيل ذلك الكمال والرحمة فلا يضرّ بالهدف المتوخّى من البعث.

وهذا نظير الامتحان، فانّ الغاية منه إظهار ما في كنه الممتَحن من الكمال على نحو لولاه لما ظهر، فمثلاً ابتلاء إبراهيم بذبح إسماعيل كان سبباً لظهور الكمالات الكامنة فيه كالاخلاص لله.

وعلى ضوء هذا فانّ رسوب شخص لا يضرّ بالغاية المتوخاة منه، مادام التقصير يعود إلى الراسب لا غير.

ونظيره المقام، فالغرض من خلق الإنسان وبعثه شيء واحد، وهو إيصاله إلى الكمال المطلوب، فلو قصّر الكافر فيكون هو المسؤول في ذلك المجال فحسب.


__________________

١. الأنعام: ١٢.

٣٣

٥. المعاد نهاية السير التكاملي للإنسان

قالت الحكماء: إنّ الحركة تتوقف علىٰ أُمور ستة :

١. المقولة، أي ما يقع فيه الحركة كالكيف.

٢. العلّة الفاعلية التي يعبر عنها بالمحرّك.

٣. العلّة المادية التي تقبل الحركة.

٤. الزمان أي مقدار الحركة.

٥. المبدأ.

٦. المنتهىٰ ( العلّة الغائية ).

فهذه الأُمور ممّا لا تنفك عن الحركة ومنها الغاية التي تتحرك المقولة إليها وتسكن عندها، والإنسان منذ نشوئه في رحم أُمّه لم يزل متحركاً من صورة إلىٰ صورة ومن حالة إلىٰ حالة، وتستمرّ الحركة معه حتىٰ بعد ولادته فلا تزال تتوارد عليه الصور، فلا ترىٰ له قراراً وثباتاً مادام في عالم الطبيعة.

وحيث إنّ الغاية من لوازم الحركة فيجب أن تكون لحركة الإنسان غاية تُعد الكمال المطلوب لحركته، وهذه الغاية غير متحققة في عالم الطبيعة بل في الآخرة ليصل المتحرك إلى كماله المطلوب.

وهذا البرهان الفلسفي يثبت وجود النشأة الأُخرىٰ التي تعد غاية وهدفاً لحركة الإنسان من النقص إلى الكمال.

ويمكن استظهار ذلك البرهان من طوائف من الآيات :

١. الآيات التي تتكفل لبيان المراحل التي مرّت على خلقة الإنسان وانتهت إلى بعثه يوم القيامة.

٣٤

قال سبحانه:( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ *ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ *ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ *ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ *ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ) .(١)

فالمراحل التي مرّت على الإنسان منذ أن كان خلية في رحم أُمّه إلى أن صار بشراً سوياً تحكي عن عدم ثباته وقراره وحركته وتحوله المرافق لعدم تحقق الغاية وإنّما يستقر بانتقاله من هذه النشأة إلى نشأة أُخرى وبعثه يوم القيامة.

فالآيات الآنفة الذكر إلى قوله:( ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ ) تُبيّن حركة الإنسان وتحوله المستمر، وقوله:( ثُمَّ إِنَّكُم ) تبيّن حصول الغاية التي تلازم قراره وثباته واستقراره.

٢. الآيات التي تتكفّل لبيان خلق الإنسان من نطفة ثمّ يحكم عليه بالنشأة الأُخرى إيماء إلى ذلك البرهان، قال سبحانه:( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَىٰ *مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ *وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَىٰ ) .(٢)

وكأنّ النشأة الأُخرى غاية لحركة الإنسان من الصورة المنوية إلى الصورة الإنسانية.

٣. الآيات التي تصف يوم القيامة بأنّه المنتهىٰ والمستقر والمساق والرجعىٰ ودار القرار.

قال سبحانه:( وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إلّا مَا سَعَىٰ *وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ *ثُمَّ يُجْزَاهُ الجَزَاءَ الأَوْفَىٰ *وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ المُنتَهَىٰ ) .(٣)

__________________

١. المؤمنون: ١٢ ـ ١٦.

٢. النجم: ٤٥ ـ ٤٧.

٣. النجم: ٣٩ ـ ٤٢.

٣٥

وقال سبحانه:( إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المُسْتَقَرُّ ) .(١)

وقال سبحانه:( إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المَسَاقُ ) .(٢)

وقال تعالى:( إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ ) .(٣)

وقال عزّ من قائل:( إِنَّمَا هَٰذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ) (٤) .

وكأنّ وجود الإنسان في خِضمِّ بحر متلاطم تسوقه الأمواج العاتية من جانب إلى آخر فلم يزل في حركة وسيلان وتصرم حتى انتقاله إلى النشأة الأُخرى، فعندئذ يصل إلىٰ غايته المنشودة وتكون منتهىٰ حركته واستقرار ذاته ووجوده ونهاية سيره إلىٰ ربّه.

وفي كلمات الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام لمحاتٌ إلى هذا البرهان لمن تأمل فيها وأمعن النظر، قال: « وإنّ الخلق لا مقصر لهم عن القيامة، مرقلين في مضمارها إلى الغاية القصوى ».(٥)

وقد اعتمد علىٰ ذلك البرهان صدرالمتألهين وقرره بوجه واضح وقال :

الآيات التي فيها ذكرت النطفة وأطوارها الكمالية وتقلّباتها من صورة أنقص إلىٰ صورة أكمل ومن حال أدون إلىٰ حال أعلىٰ، فالغرض من ذكرها إثبات أنّ لهذه الأطوار والتحوّلات غاية أخيرة، فللإنسان توجه طبيعي نحو الكمال ودين إلهي فطري في التقرب إلى المبدأ الفعال، والكمال اللائق بحال الإنسان المخلوق

__________________

١. القيامة: ١٢.

٢. القيامة: ٣٠.

٣. العلق: ٨.

٤. غافر: ٣٩.

٥. نهج البلاغة: الخطبة ١٥٦.

٣٦

أوّلاً من هذه المواد الطبيعية، والأركان لا يوجد في هذا العالم الأدنىٰ، بل في عالم الآخرة التي إليها الرجعى وفيها الغاية والمنتهى، فبالضرورة إذا استوفى الإنسان جميع المراتب الخلقية الواقعة في حدود حركته الجوهرية الفطرية من الجمادية والنباتية والحيوانية وبلغ أشدّه الصوري وتمّ وجوده الدنيوي الحيواني فلابدّ أن يتوجّه نحو النشأة الآخرة، ويخرج من القوة إلى الفعل، ومن الدنيا إلى الأُخرى، ثمّ المولىٰ وهو غاية الغايات منتهى الأشواق والحركات.(١)

٦. المعاد، مظهر ربوبيته

الربّ في اللغة بمعنى الصاحب، يقال: « ربّ الدار » و « رب الضيعة » وشأن الرب هو تدبير المربوب وإيصاله إلى الكمال وصيانته عن الزوال كما هو حال صاحب الدار والضيعة، وبذلك يعلم أنّ الربوبية غير الخالقية، فالثانية هي مرحلة الإيجاد والإنشاء، وأمّا الأُولى فهي مرحلة المحافظة على الـمُنشأ وتربيته وسوقه إلى الكمال.

وحيث إنّ حقيقة الربوبية والمربوبية في الإنسان تتجلّىٰ في كونه عبداً لله تبارك وتعالىٰ، وشأن العبد هو الإطاعة بما أمر ونهىٰ عنه والتجنّب عن معصيته ومخالفته، ولا ينفك ذلك عن يوم يحاسب فيه العبد حتى يتجلّى مدىٰ إطاعته وامتثاله، ولذلك نرى أنّه سبحانه حينما يخبر عن لقاء الإنسان يوم القيامة يؤكد علىٰ ربوبيته ويقول:( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ ) (٢) فكأنّ مقتضى الربوبية مثول العبد أمام الله تبارك وتعالى في يوم يحاسب فيجزى حسب ما عمل، وقال سبحانه:( وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي

__________________

١. الأسفار: ٩ / ١٥٩.

٢. الانشقاق: ٦.

٣٧

خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ) .(١)

فكأنّ منكر المعاد يكفر بربوبية الله تبارك وتعالى ولو أذعن بها لما أنكر المعاد، إذ هو اليوم الذي يحشر فيه جميع العباد للسؤال بمقتضى الربوبية.

الدوافع والشبهات لإنكار المعاد

إنّ الإيمان بالمعاد كالتوحيد أصلان لا ينفكان، وقد أُمر الأنبياء بتبليغهما وتعليمهما للناس ليؤمنوا بأنّ الربَّ واحد وأنّ الله يبعث من في القبور.

وقد كان الإيمان بالمعاد شديد الوقع علىٰ أكثر الناس في العهود السابقة لا سيّما في العهد النبوي فراحوا ينكرونه بشدة، ودفعهم إلى ذلك أمران :

الأمر الأوّل: الدوافع النفسية التي تدفعهم إلى إنكار المعاد وعدم قبوله.

الأمر الثاني: الشبهات الطارئة على أذهانهم.

وقد ذكر القرآن شيئاً من الدوافع والشبهات، فها نحن نستعرض الدوافع أوّلاً، ثمّ نعقبه ببيان الشبهات :

الدوافع النفسية لإنكار المعاد

إنّ الإيمان بيوم الحساب وأنّ الإنسان سيجزى بعمله إنْ خيراً فخير وإنْ شراً فشر، يفرض بحسب طبيعته، قيوداً وحدوداً لا ينبغي تجاوزها هذا من جانب، ومن جانب آخر فالإنسان بطبعه ميّال إلى الدعة والراحة وإرضاء الغرائز الحيوانية بأي أُسلوب أمكن، وهذان الأمران لا يجتمعان ولذلك وقفوا أمام دعوة الأنبياء بإنكار المعاد، وقد أُشير إلى ذلك في القرآن الكريم، قال سبحانه :

__________________

١. الرعد: ٥.

٣٨

( أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ *بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ ) .(١)

ففي هذه الآية يذكر القرآن الشبهة الطارئة علىٰ أذهانهم ويجيب عنها كما يأتي، ولكنّه سبحانه يتعرض بعد هاتين الآيتين إلى الدافع الحقيقي من وراء إنكار المعاد، وهو أنّ الإنسان يريد أن يتحرّر عن كلّ قيد وحاجز، والإيمان بالمعاد يكبّله بالقيود، يقول سبحانه :

( بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ *يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ) .(٢)

فالفجر في اللغة بمعنى الشق، فكأنّ الإنسان العاصي يريد أن يشقَّ القيود والحدود ويرفع الموانع أمام غرائزه الجامحة ويكون إنساناً متحرراً عن كلّ التزام وشرط.

الدوافع السياسية لإنكار المعاد

وهناك دافع آخر، وهو أنّ المنكرين كانوا أصحاب قدرة ونفوذ وكبر ونخوة، والعقيدة بالمعاد تنازع سلطتهم وتحدّ من نفوذهم، وهؤلاء هم الذين يعبّر عنهم القرآن الكريم بالملأ، يقول سبحانه :

( وَقَالَ المَلأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَٰذَا إلّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ *وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ *أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا

__________________

١. القيامة: ٣ ـ ٤.

٢. القيامة: ٥ ـ ٦.

٣٩

وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ *هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ *إِنْ هِيَ إلّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ *إِنْ هُوَ إلّا رَجُلٌ افْتَرَىٰ عَلَى اللهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ ) .(١)

إنّ الإمعان في هذه الآيات يثبت أنّ المنكرين للمعاد كانوا من الأشراف والأعيان الذين يعبّر عنهم القرآن بالملأ، وكانوا ينكرون المعاد لدافعين :

الأوّل: الدافع النفسي، وهو الترف والرفاه كما يعرّفهم قوله سبحانه:( وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ) ومن الواضح أنّ الإيمان بالمعاد يحدَّ من ترفهم ويضع قيوداً لروحهم ورواحهم.

الثاني: الدافع السياسي، وهو توطيد سلطانهم وحفظ نفوذهم فراحوا يخاطبون من يخضع لسياستهم ونفوذهم بالقول( أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ *هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ) .

ويشير في آية أُخرى إلى أنّ ما يطرحه هؤلاء من الشبهات تعد واجهة لما يكنّون من الدوافع، وهو تكذيب الأنبياء، ولولا التكذيب لخضعوا للحق، يقول سبحانه :

( أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَٰلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ *قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ *بَلْ كَذَّبُوا بِالحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ ) .(٢)

فالآية تطرح شبهاتهم في صدرها ( وسيوافيك بيانها ) ولكن تعود وتؤكد على أنّ الدافع الحقيقي شيء آخر وهو( بَلْ كَذَّبُوا بِالحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ ) .

وقد تكرّر ذلك في آية أُخرى، قال سبحانه:( وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ

__________________

١. المؤمنون: ٣٣ ـ ٣٨.

٢. ق: ٣ ـ ٥.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وقال: « وإن سرقت أضحية رجل أجزأته ».

[١١٥٧٧] ٢ - الصدوق في المقنع: وروي إذا اشترى الرجل هديه وقمطه(١) في رحله، فقد بلغ محله.

٢٦ -( باب أن الهدي إذا عجز عن الوصول ولم يجد منيتصدق به عليه أجزأه ذبحه أو نحره، ويعلمه بما يدل على أنه هدي، ويجوز لمن مر به الأكل منه حينئذ، وحكم الهدي إذا دخل الحرم فعطب)

[١١٥٧٨] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: في الهدي يعطب قبل أن يبلغ محله، قال: « ينحر ثم يلطخ النعل التي قلد بها بدم، ثم يترك ليعلم من مر بها أنها هدي(١) فيأكل منها إن أحب » الخبر.

٢٧ -( باب أن الهدي إذا هلك أو ضاع فأقام بدله، ثم وجد الأول تخير ذبح ما شاء، إلا أن يشعره أو يقلده فيتعين)

[١١٥٧٩] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من أضل هديه فاشترى مكانه هديا ثم وجده، فإن كان

__________________

٢ - المقنع ص ٨٩.

(١) قال الطريحي في معنى الحديث: أي شددتها بالقماط بالكسر وهو حبل يشد به الاخصاص وقوائم الشاة ( مجمع البحرين ج ٤ ص ٢٧٠ ).

الباب ٢٦

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٧.

(١) في المصدر: ذكية.

الباب ٢٧

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٧.

١٠١

( قد )(١) أوجب الثاني نحرهما جميعا، وإن لم يوجبه فهو فيه بالخيار ».

[١١٥٨٠] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام في البدنة تضل عن صاحبها قال: « إذا كان موسرا اشترى مكانها، وإن كان طلبها بعد تحريمها ( نحرهما )(١) جميعا، فإن لم يصبها وكان معسرا أجزأه عنه من بدنته أضحيته التي منها، وأن الله يقبل الصدقات، وقرأ إلى آخر الآية.

٢٨ -( باب أن من اشترى هديا فذبحه، ثم ادعاه آخر وأقام بينة حكم له به فيأخذه، ولا يجزئ عن واحد منهما)

[١١٥٨١] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « وإن وجد هديه عند أحد قد اشتراه ونحره أخذه إن شاء، ولم يجزئ عن الذي نحره ».

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - الجعفريات ص ٧٣.

(١) ليس في المصدر.

الباب ٢٨

١ - دعائم السلام ج ١ ص ٣٢٧.

١٠٢

٢٩ -( باب أن الهدي إذا نتج وجب ذبحهما أو نحرهما وأنهيجوز ركوبه والحمل عليه وشرب لبنه مع الحاجة، ما لم يضر به أو بولده)

[١١٥٨٢] ١ - بعض نسخ الرضوي: وأي رجل(١) ساق هديا مضمونا فأنتجت في الطريق فهلكت وهلك ولدها، كان عليه بدلها وبدل ولدها ».

[١١٥٨٣] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قال في قول الله عز وجل:( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) (١) قال: « هي الهدي يعظمها فإذا(٢) احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها وإن كان لها لبن حلبها حلابا(٣) لا ينكيها(٤) به ».

[١١٥٨٤] ٣ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى:( ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ ) (١) قال: « تعظيم البدن

__________________

الباب ٢٩

١ - بعض نسخ الفقه الرضويعليه‌السلام ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٢ ح ٤٧.

(١) في المصدر: ورجل.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٠١.

(١) الحج ٢٢: ٣٢ - ٣٣

(٢) في نسخة. فان. ( منه قده ).

(٣) في المصدر: حلبا.

(٤) في نسخة. ينكي. ( منه قده )، وفي المصدر: ينكها. قال الطريحي: لا شئ أنكى: أي أوجع وأضر ( مجمع البحرين ج ١ ص ٤٢١ ).

٣ - تفسير القمي ج ٢ ص ٨٤.

(١) الحج ٢٢: ٣٢.

١٠٣

جودتها( لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ) (٢) ، قال: البدن يركبها المحرم من موضعه(٣) الذي يحرم فيه غير مضر بها ولا معنف عليها، وإن كان لها لبن يشرب من لبنها إلى يوم النحر » الخ.

٣٠ -( باب استحباب نحر الإبل قائمة معقولة عن يمينها، ويطعن في لبتها)

[١١٥٨٤] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « كن البدن إذا قربت إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قربن على(١) ثلاث قوائم معقولات ».

[١١٥٨٦] ٢ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحبس من أبي حسان جمالا، فعقلهن على ثلاث قوائم فلما قربن إليه، وشمر عن جمته، وأخذ الحربة ازدلفن(١) إليه أتاهن بيده بها، فلما وجبت جنوبها قال: من شاء منكم اقتطع فأكل ».

__________________

الحج ٢٢: ٣٢.

(٣) في المخطوط. موضعها. وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٣٠

١ - الجعفريات ص ٧٣.

(١) في المخطوط والمصدر: عليه، وما أثبتناه استظهار المصنف ( قده ).

٢ - الجعفريات ص ٧٣.

(١) وفي حديث الضحية. يزدلفن إليه. أي يقربن منه ( النهاية ج ٢ ص ٣٠٩ ).

١٠٤

[١١٥٨٧] ٣ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل:( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّـهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا ) (١) .

قال: صواف: « اصطفافها حين تصف للمنحر(٢) ، وتنحر قياما معقولة قائمة على ثالث قوائم قوله فإذا وجبت جنوبها: أي سقطت إلى الأرض قال: وكذلك نحر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هديه من البدن قياما، فأما البقر والغنم فتضجع وتذبح ».

[١١٥٨٨] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا أردت نحرها فانحرها وهي قائمة مستقبل القبلة، وتشعرها وهي باركة ».

٣١ -( باب استحباب تولي الذبح بنفسه حتى المرأة، وجعليد الصبي مع يد الذابح، واستحباب تعدد الهدي وكثرته وجواز ذبح هدي الغير بإذنه)

[١١٥٨٩] ١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « لا يذبح لك يهودي ولا نصراني ولا مجوسي أضحيتك، وإن كانت امرأة فلتذبح لنفسها ».

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٥.

(١) الحج ٢٢: ٣٦.

(٢) وفي المصدر: للنحر.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

الباب ٣١

١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٨.

١٠٥

[١١٥٩٠] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأزواجه وبناته: لير أضاحيكن بأيديكن، فمن لم يستطع منكن الذبح فلتقم قائمة فلتكبر، ولتدع الله عز وجل عند الذبح ».

[١١٥٩١] ٣ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أشرك علياعليه‌السلام في هديه، و ( نحر )(١) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيده ثلاثا وستين بدنة، وأمر علياعليه‌السلام فنحر باقيهن.

ورواه في موضع(٢) آخر وفيه وأمر علياعليه‌السلام فنحر باقي البدن، وكانت مائة نحرها كلها يوم النحر.

[١١٥٩٢] ٤ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قال: « يستحب للمرء أن يلي نحر هديه أو ( ذبحه وأضحيته )(١) بيده إن قدر على ذلك، فإن لم يقدر فلتكن يده مع يد الجازر، فإن لم يستطع فليقم قائما عليه حتى ينحر ويكبر الله عند ذلك ».

__________________

٢ - الجعفريات ص ٧٤.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٤.

(١) في المصدر: وكانت مائة بدنة فنحر.

(٢) نفس المصدر ج ٢ ص ١٨٢ ح ٦٦٢.

٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٥.

(١) في المصدر: ذبح أضحيته.

١٠٦

وعنهعليه‌السلام (٢) أنه قال: « لا يذبح نسك المسلم إلا المسلم ».

[١١٥٩٣] ٥ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « وكان علي بن الحسينعليهما‌السلام يحمل السكين بيد الصبي، ثم يقبض على يده الرجل فيذبح ».

[١١٥٩٤] ٦ - البحار، عن مصباح الأنور، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: « أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم النحر، حتى دخل على فاطمةعليها‌السلام ، فقال: يا فاطمة قومي واشهدي أضحيتك، فإن لك بكل قطرة من دمها كفارة كلّ ذنب، أما إنها يؤتى بها يوم القيامة فتوضع في ميزانك، مثل ما هي سبعين ضعفا، قال: فقال له المقداد بن الأسود: يا رسول الله ( لآل محمدعليهم‌السلام (١) هذا خاصة أم لكل مؤمن عامة؟ فقال بل لآل محمدعليهم‌السلام وللمؤمنين ».

٣٢ -( باب وجوب التسمية واستقبل القبلة عند ذبح الهدي ونحره، واستحباب الدعاء بالمأثور)

[١١٥٩٥] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في قوله تعالى:( وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهِ ) (١) يعني التسمية عند

__________________

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٣٢٥.

٥ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٣، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٢ ح ٤.

٦ - البحار ج ٩٩ ص ٣٠٠ ح ٣٧.

(١) ليس في المصدر.

الباب ٣٢

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٥.

(١) المائدة ٥: ٤.

١٠٧

النحر والذبح، وأقل ذلك أن يقول: بسم الله، ويستحب أن يقول عند ذبح الهدي والضحايا، ونحر ما ينحر منها: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك، بسم الله ».

[١١٥٩٦] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا أردت نحرها فانحرها وهي قائمة مستقبل القبلة - إلى أن قال - فإذا أردت ذبحه أو نحره، فقل: وجهت - وساق إلى قوله - المسلمين اللهم إن هذا منك، وبك، ولك، وإليك، بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك، وموسى كليمك، ومحمد حبيبك ( صلى الله عليهم )، ثم أمر السكين عليها، ولا تنخعها حتى تموت ».

[١١٥٩٧] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال على ذبيحته: « بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد -صلى‌الله‌عليه‌وآله - ».

[١١٥٩٨] ٤ - الصدوق في المقنع: فإذا اشتريت هديك فانحره أو اذبحه، وقل: وجهت وجهي، الآية، اللهم منك ولك، بسم الله والله أكبر، اللهم تقبل مني.

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٤٠ ح ١٥٨.

٤ - المقنع ص ٨٨.

١٠٨

٣٣ -( باب أن من نسي التسمية عند الذبح لم تحرم ذبيحته،واستحب التسمية عند الأكل، ووجوب نحر الإبل وذبح غيرها)

[١١٥٩٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام - في حديث - قال: « وإن ترك التسمية متعمدا لم تؤكل ذبيحته، وإن جهل ذلك أو نسيه يسمي إذا ذكر وأكل ».

[١١٦٠٠] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « والنحر في اللبة، والذبح في الحلق ».

٣٤ -( باب وجوب الابتداء بالرمي ثم الذبح ثم الحلق، فإن خالف ناسيا أو جاهلا أو عامدا أجزأ)

[١١٦٠١] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه ذكر الدفع من المزدلفة، فقال: « فإذا صرت إلى منى فانحر هديك، واحلق رأسك، ولا يضرك بأي ذلك بدأت ».

[١١٦٠٢] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا أفضت من المزدلفة يوم النحر فارم جمرة العقبة، ثم إذا أتيت منى فانحر هديك، ثم احلق رأسك ».

[١١٦٠٣] ٣ - بعض نسخ الرضوي: « ومن نسي أن يذبح حتى زار فاشترى

__________________

الباب ٣٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٥ ح ٦٢٧.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٧.

الباب ٣٤

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٩.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٠.

٣ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٤.

١٠٩

بمكة فذبح بها أجزأه عنه ».

[١١٦٠٤] ٤ - الصدوق في المقنع: ولا تحلق رأسك حتى تذبح، فإن الله عز وجل يقول:( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (١) .

وروي إذا اشترى الرجل هديه وقمطه في رحله فقد بلغ محله، وإن جهلت فحلقت رأسك قبل أن تذبح فليس عليك شئ، وإن نسيت أن تذبح بمنى حتى زرت البيت فاشتر بمكة وانحر بها وليس عليك شئ، وقد أجزأت عنك وكل من زار البيت قبل أن يحلق وهو عالم أنه لا ينبغي فعليه دم شاة، فإن كان جاهلا فلا شئ عليه.

٣٥ -( باب حكم أكل الانسان وإطعامه وإهدائه، من هديه المندوب والواجب)

[١١٦٠٥] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام في قوله تعالى:( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا ) (١) قال: « كلوا ثلاثة أرباعها، وأطعموا ربعها ».

[١١٦٠٦] ٢ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنما جعل الله تعالى هذا الأضحى، ليشبع منه مسكينكم من اللحم فأطعموه ».

[١١٦٠٧] ٣ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام في قول

__________________

٤ - المقنع ٨٩.

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

الباب ٣٥

١ - ٢ - الجعفريات ص ١٧٨.

(١) الحج ٢٢: ٢٨.

٣ - الجعفريات ص ١٦٧.

١١٠

الله تبارك وتعالى:( وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ) (١) قال: هو الزمن الذي لا يستطيع أن يخرج إليك من زمانته ».

[١١٦٠٨] ٤ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقول في قوله تعالى:( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) (١) قال: القانع: الذي يقنع في دخله، والمعتر: الذي يعتر من المسألة و، قوله تعالى:( وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : البائس: الفقير الذي لا يستطع أن يخرج من زمانته ».

[١١٦٠٩] ٥ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام أنه سئل عن رجل أكل من هديه قال: « إن كان تطوعا فلا شئ عليه، وإن كان واجبا فعليه قيمة ما أكل ».

[١١٦١٠] ٦ - وعن عليعليه‌السلام أنه قال: « أربع تعليم من الله تعالى ليس بواجبات - إلى أن قال - وقوله تعالى:( فَكُلُوا مِنْهَا ) فمن شاء أكل من أضحيته، ومن شاء لم يأكل ».

[١١٦١١] ٧ - دعائم الاسلام: عنهعليه‌السلام ، مثله.

وعنهعليه‌السلام (١) : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما

__________________

(١) الحج ٢٢: ٢٨.

٤ - الجعفريات ص ١٧٧.

(١) الحج ٢٢: ٣٦.

٥ - الجعفريات ص ٧٤.

٦ - الجعفريات ص ١٧٨.

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٨٥ ح ٦٧١.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٣٢٨

١١١

نحر هدية، أمر من كلّ بدنة بقطعة فطبخت فأخذ فأكل وأمرني فأكلت، وحسى من المرق وأمرني فحسوت منه، كان أشركني في هديه، وقال: من حسي من المرق فقد أكل من اللحم ».

قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام : كذلك ينبغي لمن أهدى هديا تطوعا، أو ضحى أن يأكل من هديه أو أضحيته ثم يتصدق، وليس في ذلك توقيت، يأكل ما أحب ويطعم ويهدي ويتصدق، قال الله عز وجل(٢) :( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) (٣) .

[١١٦١٢] ٨ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن قول الله عز وجل:( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) و( الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ) (١) فقال: القانع: السائل الذي يقنع بما أعطي، ولا يلوي شدقه(٢) ولا يكلح وجهه استصغارا واستقلالا لما يعطاه، والمعتر: المعترض للسؤال، والفقير: الذي لا يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس الفقير أشدهم حالا وأجهدهم.

قال: وكان أبي ربما اختبر السؤال(٣) ليعلم القانع من غيره، وإذا وقف به السائل أعطاه الرأس، فإن قبله قال: دعه وأعطاه من اللحم، وإن لم يقبله ولم يعطه شيئا ».

__________________

(٢) في المصدر زيادة: « فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير »وقال تعالى.

(٣) الحج ٢٢: ٣٦.

٨ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٨٤ ح ٦٧٠.

(١) الحج ٢٢: ٢٨.

(٢) الشدق: جانب الفم. جاء في لسان العرب، المتشدق: المستهزئ بالناس يلوي شدقه بهم وعليهم ( ج ١٠ ص ١٧٣ ).

(٣) الفقير يسمى سائلا. جمع السائل: سؤال. ( لسان العرب ج ١١ ص ٣١٩ ).

١١٢

[١١٦١٣] ٩ - وروينا عن جعفر بن محمد عن أبيه(١) عليهما‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أشرك علياعليه‌السلام : في هديه، وكان مائة بدنة فأمر بقطعة من كلّ بدنة فطبخ ذلك، ودعا علياعليه‌السلام ، فأكلا من اللحم، وحسيا من المرق، فيستحب الأكل من الضحايا والهدايا اقتداء برسول ( اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ).

[١١٦١٤] ١٠ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن لحوم الأضاحي، فقال: كان علي بن الحسين، ومحمد بن عليعليهما‌السلام ، يفرقان ثلثها على الجيران، وثلثها على السؤال، ويمسكان الثلث على أهل البيت، وليس في ذلك توقيت، وما تصدق به منها فهو أفضل ».

[١١٦١٥] ١١ - وعنهعليه‌السلام : ( أنه كره )(١) أن يطعم المشرك من الأضحية، لأنها قربة إلى الله عز وجل.

[١١٦١٦] ١٢ - وعنهعليه‌السلام أنه قال في الهدي يعطب أو ينكسر، قال: « ما كان في نذر أو جزاء فهو مضمون عليه فداؤه وإن كان تطوعا فلا شئ عليه وما كان مضمونا لم يأكل منه إذا نحره وتصدق به كله، وما كان تطوعا أكل منه وأطعم وتصدق ».

[١١٦١٧] ١٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا نحرت أضحيتك أكلت

__________________

دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٨٥ ح ٦٧٢.

(١) في المصدر زيادة: عن آبائه.

١٠ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٨٦ ح ٦٧٣.

١١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٨٦ ح ٦٧٤.

(١) في المصدر: أنه قال: نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٠٢.

١٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨ وعنه في البحار ج ٩٨ ص ٢٨٩ ح ٦١.

١١٣

منها وتصدقت بالباقي ».

وقال في موضع(١) آخر: « وكل من أضحيتك وأطعم القانع والمعتر، القانع: الذي يقنع بما تعطيه، والمعتر: الذي يعتريك(٢) ولا تأكل من فداء الصيد إن اضطررته(٢) فإنه من تمام حجك ».

[١١٦١٨] ١٤ - بعض نسخه: « وإذا أهدى الرجل هديا فانكسر في الطريق، فإن كانت مضمونا - والمضمون ما كان في نذر أو جزاء - فليس له أن يأكل منه(١) إذا بلغ النحر ».

قال: « وقال(٢) تعالى:( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ) والصواف إذا صفت للنحر( فإذا وجبت جنوبها) قال: إذا كشفت عنها فوقعت جنوبها، يقول الله:( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) (٣) والقانع: الذي يقنع، والمعتر: الذي يعتريك والسائل: الذي يسألك في يده، والبائس: هو الفقير ».

__________________

(١) نفس المصدر ص ٢٨.

(٢) في المصدر زيادة: ولا تعطي الجزار منها شيئا.

(٣) أثبتناه من البحار، وفي المخطوط والمصدر: اضطرته.

١٤ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٥، وعنه في البحار ٩٩ ص ٣٦١.

(١) في المصدر زيادة: وعليه فداؤه وله أن يأكل منه.

(٢) نفس المصدر ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٧ ح ٢٣.

(٣) الحج ٢٢: ٢٣.

١١٤

٣٦ -( باب جواز أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام وادخارها)

[١١٦١٩] ١ - دعائم الاسلام: عن محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام، من أجل حاجة الناس يومئذ، فأما اليوم فلا بأس به ».

[١١٦٢٠] ٢ - عوالي اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، وعن زيارة القبور.

ثم قال بعد ذلك: « إن الناس يتحفون ضيفهم، ويخبون لغائبهم، فكلوا وامسكوا ما شئتم ».

[١١٦٢١] ٣ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت: المتمتع كم يأكل من أضحيته؟ قال: « يومين، وبالمصر ثلاثة أيام ».

٣٧ -( باب كراهة اخراج لحوم الأضاحي من منى إلا السنام)

[١١٦٢٢] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من ضحى أو أهدى هديا، فليس له أن يخرج من منى من لحمه بشئ، ولا بأس باخراج السنام للدواء ».

__________________

الباب ٣٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٨٦ ح ٦٧٤ ( عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ).

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٥ ح ٦٢.

٣ - بل كتاب محمد المثنى الحضرمي ص ٨٩.

الباب ٣٧

١ - دعائم الأسلم ج ١ ص ٣٢٨.

١١٥

[١١٦٢٣] ٢ - بعض نسج الرضوي: « ولا يخرج من لحم الهدي شيئا ».

[١١٦٢٤] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا بأس باخراج الجلد والسنام من الحرم، ولا يجوز اخراج اللحم منه.

٣٨ -( باب كراهة إعطاء الجزار جلال الأضاحي والهدي،وقلائدها وجلودها، والخروج به من منى، بل يتصدق به أو بقيمته إن احتاج إليه)

[١١٦٢٥] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا تعطي الجزار منها شيئا ».

[١١٦٢٦] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قل: « ولا بأس باخراج السنام للدواء، والجلد، والصوف، والشعر، والعصب، والشئ ينتفع به، ويستحب أن يتصدق بالجلد، ولا بأس بأن يعطي الجازر من جلود الهدي ولحومها وجلالها في أجرته ».

[١١٦٢٧] ٣ - وعنهعليه‌السلام : أنه نهى أن يبيع الرجل شيئا من أضحيته، ورخص في الانتفاع بالجلد والصوف، وفي أن يعطي من ذلك حق سلخها.

[١١٦٢٨] ٤ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « وينتفع بجلد

__________________

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦١ ح ٤٢.

٣ - المقنع ص ٨٨.

الباب ٣٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

٢ - دعائم الاسلام ج ص ٣٢٨.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٨٦ ح ٦٧٥.

٤ - بعض نسخ الرضوي ص ٨٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٤٩ ٣.

١١٦

الأضحية ويشتري به المتاع، وإن تصدق به فهو أفضل، ويدبغ فيجعل منه جراب ومصلى ».

٣٩ -( باب أن من عدم الهدي ووجد الثمن، وجب أن يخلفه عند ثقة يشتريه ويذبحه في ذي الحجة، وإلا فمن قابل فيه، ومن وجد الثمن بعد أيام الذبح صام)

[١١٦٢٩] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن وجدت ثمن الهدي ولم تجد الهدي، فخلف الثمن عند رجل من أهل مكة يشتري ذلك في ذي الحجة ويذبح عنك، فإن مضت ذو الحجة ولم يشتر لك أخرها إلى قابل ذي الحجة، فإنها أيام الذبح ».

[١١٦٣٠] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « ومن وجد الثمن ولم يجد الغنم، أو لم يجد الثمن حتى يكون آخر النفر، فليس عليه إلا الصوم ».

٤٠ -( باب أن من صام بدل الهدي ثم وجده أجزأه إتمام الصوم، ولم يجب الذبح بل، يستحب)

[١١٦٣١] ١ - الصدوق في المقنع: فإن صام المتمتع ثلاثة أيام في الحج ثم أصاب هديا يوم خرج من منى، فقد أجزأه صيامه، وليس عليه شئ.

__________________

الباب ٣٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٩١ ح ٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٨.

الباب ٤٠

١ - المقنع ص ٩١.

١١٧

٤١ -( باب أن من لم يجد ثمن الهدي لزمه صوم ثلاثة أياممتوالية في الحج، ويستحب كون آخرها يوم عرفة، وسبعة إذا رجع إلى أهله)

[١١٦٣٢] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: «( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ ) (١) يصوم يوما قبل التروية، ويوم التروية، ويوم عرفة، وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله، وله أن يصوم متى شاء إذا دخل ( في )(٢) الحج ».

[١١٦٣٣] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ومن كان متمتعا ولم يجد هديا فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله تلك عشرة كاملة ».

وقال(١) عليه‌السلام : « إذا عجزت عن الهدي ولم يمكنك، صمت قبل يوم التروية بيوم، ويوم التروية، ويوم عرفة، وسبعة إذا رجعت إلى أهلك ».

بعض نسخه(٢) : « ومن تمتع في ذي القعدة ولم يجد الهدي، لم يصم حتى يتحول الشهر، وإذا تحول الشهر صام قبل التروية بيوم، ويوم التروية، ويوم عرفة ».

__________________

الباب ٤١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٨.

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

(٢) أثبتناه من المصدر. ٢ - فقه الرضا ص ٣٧، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٩١ ح ٥.

(١) نفس المصدر ص ٢٨، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٩١ ح ٤.

(٢) بعض نسخه ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٢.

١١٨

[١١٦٣٤] ٣ - الصدوق في المقنع: ومن كان متمتعا ولم يجد هديا، فليصم ثلاثة أيام في الحج، يوما قبل التروية، ويوم التروية ويوم عرفة، وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله.

٤٢ -( باب أن من ترك صوم الثلاثة في ذي الحجة مختارا لزمهدم شاة، ولا يجزئه الصوم، ومع العذر يصومها بعده في الطريق، أو في أهله، أو يبعث بالهدي)

[١١٦٣٥] ١ - الصدوق في المقنع: وروي إذا لم يجد المتمتع الهدي حتى يقدم أهله أن يبعث بدم، ومن لم يتهيأ له صيام الثلاثة أيام بمكة فليصمها بالمدينة، وسبعة إذا رجع إلى أهله.

[١١٦٣٦] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن فاتك صوم هذه الثلاثة، صمت صبيحة ليلة الحصبة(١) ، ويومين بعدها ».

[١١٦٣٧] ٣ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « وإن لم يصم في الحج فليصم في الطريق، فإن لم يصم في الطريق وجهل ذلك فليصم عشرة أيام إذا رجع إلى أهله ».

[١١٦٣٨] ٤ - بعض نسخ الرضوي: « عن أبيه، عن أبي عبد الله

__________________

٣ - المقنع ص ٩٠.

الباب ٤٢

١ - المقنع ص ٩١.

٢ - فقه الرضا ص ٢٨، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٣.

(١) ليلة الحصبة: بالفتح بعد أيام التشريق، وهو صريح بأن يوم الحصبة هو اليوم الرابع عشر لا يوم النفر ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٤٤ ).

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٨.

٤ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٣.

١١٩

عليهم‌السلام قال: المتمتع إذا لم يجد أضحية، ففاته الصوم حتى يخرج ولم يكن له مقام، قال: فإنه يصوم الثلاثة الأيام في الطريق، السبعة في أهله ».

[١١٦٣٩] ٥ - الصدوق في المقنع: فإن فاته ذلك وكان له مقام، صام بمكة ثلاثة أيام، وإن لم يكن له مقام، صام في الطريق أو في أهله.

٤٣ -( باب أن المتمتع إذا فاته صوم بدل الهدي فمات،وجب على وليه قضاء الثلاثة دون السبعة، وحكم الصبي)

[١١٦٤٠] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في المتمتع لا يجد هديا ويموت قبل أن(١) يصوم، قال: « يصوم عنه وليه ».

[١١٦٤١] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا تمتع الرجل بالعمرة إلى الحج، ولم يكن له هدي، وصام ثلاثة أيام في الحج، ثم مات بعد ما رجع إلى أهله قبل أن يصوم السبعة، فليس على وليه أن يقضي عنه.

وروى معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من مات ولم يكن له هدي لمتعته، فليصم عنه وليه ».

[١١٦٤٢] ٣ - بعض نسخ الرضوي: « ومن كان معكم من الصبيان - إلى أن قال - ومن لم يجد منهم هد يا فليصم عنه، قال(١) عليه‌السلام :

__________________

٥ - المقنع ص ٩٠.

الباب ٤٣

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٨.

(١) في المصدر زيادة: يجد هديا أو يموت قبل أن.

٢ - المقنع ص ٩١.

٣ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٣، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٠.

(١) نفس المصدر ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٠.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442