مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٠

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل17%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 442

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 442 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225460 / تحميل: 4722
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

أبواب التقصير

١ -( باب وجوبه في عمرة التمتع عقيب السعي، وأنه يتحلّل به من كلّ ما حرم عليه بالإحرام إلّا الحلق)

[١١٣١٧] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من تمتع بالعمرة إلى الحج فأتى مكّة، فليطف بالبيت، وليسع بين الصفا والمروة، ثم يقصّر من جوانب شعر رأسه وشاربه ولحيته، ويأخذ شيئاً من أظفاره ويبقي من ذلك لحجه، فإن قصّر من بعض ذلك، وترك بعضاً أجزأه ».

[١١٣١٨] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ثم تقصّر من شعر رأسك من جوانبه، وحاجبيك، ومن لحيتك، وقد أحللت من كلّ شئ أحرمت منه ».

[١١٣١٩] ٣ - الصدوق في المقنع والفقيه: ثم قصّر من رأسك من جوانبه، ومن حاجبيك ( ومن لحيتك )(١) وخذ من شاربك، وقلّم أظفارك، وابق منها لحجك.

__________________

أبواب التقصير

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٧.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

٣ - المقنع ص ٨٣، الفقيه ج ٢ ص ٣٢٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

٥

٢ -( باب أنه يجزى إبانة(*) مسمى الظفر، أو شعر)

[١١٣٢٠] ١ - الصدوق في المقنع: وسأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام، فقال: إني لما قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي ولم اقصر، قال: « عليك بدنة. قال: فإني لما أردت ذلك منها، لم تكن قصرت امتنعت، فلما غلبتها قرضت شعرها بأسنانها؟ فقال:. رحمها الله، كانت أفقه منك، عليك بدنة، وليس عليها بدنة ».

٣ -( باب وجوب التقصير في عمرة التمتع، وعدم جواز الحلق، فإن حلق عمدا لزمه دم، وإن كان هو ناسيا أو جاهلا لم يلزمه شئ)

[١١٣٢١] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قال: في حديث في المتمتع: « ثم يقصر - إلى أن قال -: وإن حلق رأسه فعليه دم، وإذا كان يوم النحر أمر الموسى على رأسه ( كما يفعل )(١) الأقرع ».

[١١٣٢٢] ٢ - الصدوق في المقنع: وإن أراد المتمتع أن يقصر فحلق رأسه فإن عليه دما يهريقه، فإذا كان يوم النحر أمر الموسى على رأسه حين يريد أن يحلق.

__________________

الباب ٢

* - ضرب رأسه فأبانه من جسده: فصله ( مجمع البحرين ج ٦ ص ٢١٩ ).

١ - المقنع ص ٨٣.

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٧.

(١) أثبتناه من المصدر، وفي المخطوط: يفرع.

٢ - المقنع ص ٨٣.

٦

[١١٣٢٣] ٣ - وروي: إذا حلق المتمتع رأسه بمكة فليس عليه شئ إن كان جاهلا أو ناسيا، وإن تعمد ذلك في أول شهور الحج بثلاثين يوما منها فليس عليه شئ، وإن تعمد بعد الثلاثين التي يوفر فيها الشعر للحج فإن عليه دما يهريقه.

[١١٣٢٤] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام :. وإذا حلق المتمتع رأسه بمكة فليس عليه شئ إن كان جاهلا، وإن تعمد في ذلك وذكر مثل ما في المقنع.

٤ -( باب أن المعتمر عمرة مفردة مخير بين الحلق والتقصير إنكان رجلا، ويستحب له اختيار الحلق، وتختص المرأة بالتقصير)

[١١٣٢٥] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن العمرة بعد الحج فقال: « إذا انقضت أيام التشريق وأمكن الحلق فاعتمر ».

[١١٣٢٦] ٢ - وبإسناده عن عليعليه‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « اللهم ارحم المحلقين، فقيل: يا رسول الله والمقصرين، فقال اللهم ارحم المحلقين، فقيل: يا رسول الله والمقصرين، فقال: والمقصرين في الرابعة.

فالحلق أفضل، والتقصير يجزئ، قال الله عز وجل:( لَّقَدْ

__________________

٣ - المقنع ص ٨٣.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٠.

٧

صَدَقَ اللَّـهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّـهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ) (١) فبدأ بالحلق وهو أفضل.

[١١٣٢٧] ٣ - الصدوق في الخصال: عن أحمد بن الحسن القطان، عن الحسن بن علي العسكري، عن محمد بن زكريا البصري، عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام ، يقول: ليس على النساء أذان ولا إقامة - إلى أن قال - ولا الحلق إنما يقصرن من شعورهن.

[١١٣٢٨] ٤ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (١) ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث - أنه قال في غزوة الحديبية بعد ما نحر وحلق: « رحم الله المحلقين » وقال قوم لم يسوقوا البدن، يا رسول الله والمقصرين، لان من لم يسق هديا لم يجب عليه الحلق، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثانيا: « رحم الله المحلقين الذين لم يسوقوا الهدي » قالوا: يا رسول الله والمقصرين؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « رحم الله المقصرين » الخبر.

__________________

١ - الفتح ٤٨: ٢٧.

٣ - الخصال ج ٢ ص ٥٨٥ ح ١٢.

٤ - تفسير القمي ج ٢ ص ٣١٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٨

٥ -( باب أن من نسي التقصير حتى أحرم بالحج لم يبطلإحرامه، ولم يلزمه دم، بل يستحب له، ومن تعمد ذلك بطلت عمرته، وصارت حجة مفردة)

[١١٣٢٩] ١ - دعائم الاسلام: وإن نسي أن يقصر حتى أحرم بالحج فلا شئ عليه، ويستغفر الله.

[١١٣٣٠] ٢ - الصدوق في المقنع: وإن نسي المتمتع التقصير حتى يهل بالحج، فإن عليه دما يهريقه، ويروى: يستغفر الله.

فقه الرضاعليه‌السلام : مثله(١) .

٦ -( باب أن من قصر من عمرة المتمتع يستحب له أن يتشبه بالمحرمين في ترك المخيط، وكذا أهل مكة، وأنه لا يجوز للمتمتع ان يخرج من مكة حتى يحرم بالحج)

[١١٣٣١] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ينبغي للمتمتع بالعمرة إلى الحج إذا أحل، أن لا يلبس قميصا ويتشبه بالمحرمين، وينبغي لأهل مكة أن يكونوا كذلك ( يتشبهون بالمحرمين )(١) شعثا غبرا ».

[١١٣٣٢] ٢ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام :. وينبغي للمتمتع

__________________

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٧.

٢ - المقنع ص ٨٣.

(١) فقه الرضا عليه‌السلام ص ٢٩.

الباب ٦

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤.

٩

بالعمرة إلى الحج إذا أحل، أن لا يلبس قميصا وليتشبه بالمحرمين، وينبغي لأهل مكة أن يكونوا كذلك، وينبغي للسلطان أن يأخذهم بذلك ».

٧ -( باب جواز إتيان النساء بعد التقصير من عمرة التمتع لاقبله، فإن فعله قبله لزمته الكفارة)

[١١٣٣٣] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « وإذا قصر المتمتع فله أن يأتي النساء(١) ، وإن ( أتى امرأته )(٢) قبل أن يقصر فعليه جزور، وإن قبلها فعليه دم ».

[١١٣٣٤] ٢ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ثم ( قصر من شعرك إن كنت متمتعا )(١) - إلى أن قال - فإذا فعلت ذلك ( فقد قضيت )(٢) عمرتك، وحل لك كلّ شئ من ليس القميص ( وما سواه )(٣) ووطئ النساء إلى يوم التروية ».

[١١٣٣٥] ٣ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ) (١) إلى أن قال: ثم يحل، ويتمتع بالثياب،

__________________

الباب ١٧

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٧.

(١) في المصدر: زوجته.

(٢) وفيه: أتاها.

٢ - بعض نسخ الرضوي، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٥.

(١) في البحار: تقص من شعرك والحلق أفضل.

(٢) في المخطوط: قد مضت، وما أثبتناه من البحار.

(٣) في البحار: والخف ومس الطيب.

٣ - تفسير القمي ج ١ ص ٦٩.

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

١٠

والنساء، والطيب، و ( هو مقيم )(٢) على الحج إلى يوم التروية.

٨ -( باب كراهة التطوع بالطواف للمعتمر قبل التقصير من العمرة بعد الطواف الواجب)

[١١٣٣٦] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال:. والتمتع لا يطوف بعد طواف العمرة تطوعا حتى يقصر.

بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : مثله(١) .

__________________

(٢) في المصدر: يقيم.

الباب ٨

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٧.

(١) بعض نسخ الرضوي ص ٧٤ مع اختلاف في اللفظ.

١١

١٢

أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة

١ -( باب وجوب إحرام الحج، وكيفيته، وأحكامه)

[١١٣٣٧] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في المتمتع بالعمرة إلى الحج: « إذا كان يوم التروية اغتسل ولبس ثوبي(١) إحرامه، وأتى(١) المسجد الحرام حافيا فطاف أسبوعا(٣) إن شاء، وصلى ركعتين(٤) ثم جلس حتى يصلي الظهر، ثم يحرم كما أحرم من الميقات، فإذا صار إلى الرقطاء دون الردم أهل بالتلبية، وأهل مكة كذلك يحرمون للحج من مكة، وكذلك من أقام بها(٥) من غير أهلها ».

__________________

أبواب

إحرام الحج والوقوف بعرفة

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٩، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ١٠٠ ح ٢٦.

(١) في المخطوط: ثوب، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: دخل.

(٣) وفيه زيادة: تطوعا.

(٤) وفيه: ركعتي الطواف.

(٥) وفيه: بمكة وهو.

١٣

٢ -( باب استحباب كون الخروج إلى منى عند الزوال من يومالتروية، وصلاة الظهر بها إن أمكن، وجواز التأخير مع العذر بحيث يصبح بها)

[١١٣٣٨] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « يخرج الناس إلى منى من مكة يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، وأفضل ذلك بعد صلاة الظهر، ولهم أن يخرجوا غدوة وعشية إلى الليل، ولا بأس أن يخرجوا قبل يوم التروية، والمشي لمن قدر عليه في الحج فيه فضل، والركوب لمن وجد مركبا فيه فضل أيضا، وقد ركب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١١٣٣٩] ٢ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ثم تنهض إلى منى وعليك السكينة والوقار وأنت تلبي، ترفع صوتك، تصلي بها الظهر والعشي، والعتمة، وصلاة الفجر بمنى، وإن صدك عن الخروج إلى منى شغل قبل الظهر، وخرجت بعد الظهر أو أي وقت إلى وقت الفجر أجزأك ».

وفي موضع آخر(١) : « ثم توجه إلى منى فأتها ملبيا، وانزل بمنى الجانب الأيمن منها(٢) إن تيسر ذلك، وإلا فحيث نزلت أجزأك، وبت بها ».

__________________

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٩.

٢ - بعض نسخ الرضوي، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٧.

(١) نفس المصدر، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٦.

(٢) أثبتناه من البحار.

١٤

٣ -( باب جواز خروج الحاج إلى منى لعذر قبل الزوال يومالتروية، بل قبل التروية بثلاثة أيام، ويكره التقدم بأكثر من ذلك)

[١١٣٤٠] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال:. ولا بأس أن يخرجوا قبل يوم التروية.

٤ -( باب استحباب تقدم الامام ليصلي الظهر يوم الترويةبمنى، ثم يقيم بها حتى الشمس يوم عرفة)

[١١٣٤١] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ينبغي للامام أن يصلي الظهر ( يوم التروية )(١) بمنى ( ويوم التروية اليوم الثامن من ذي الحجة )(٢) ويبيت الناس ليلة عرفة بمنى، ويغدون يوم عرفة ( من منى )(٣) إلى عرفة ».

[١١٣٤٢] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « وعلى الامام أن يصلي الظهر يوم التروية في مسجد الخيف، ويصلي يوم النحر(١) بالمسجد الحرام ».

وفي موضع آخر(٢) : « ويخطب الامام يوم السابع من ذي الحجة بعد الظهر بمكة، ويأمر بالغدوة من الغد إلى منى، ليوافوا الظهر بمنى فيقوموا بها مع الامام ».

__________________

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٩.

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٩.

(١، ٢، ٣) أثبتناه من المصدر.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٣، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٣.

(١) في المصدر والبحار: النفر.

(٢) عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٧.

١٥

٥ -( باب كراهة وقوف الامام، وكراهة كونه مكيا)

[١١٣٤٣] ١ - عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد: عن محمد بن عيسى قال: حدثني حفص أبو محمد(١) مؤذن علي بن يقطين، قال: رأيت أبا عبد اللهعليه‌السلام وقد حج، ووقف الموقف، فلما دفع الناس منصرفين سقط أبو عبد اللهعليه‌السلام عن بغلة كان عليها، فعرفه الوالي الذي وقف بالناس تلك السنة، وهي سنة أربعين ومائة، فوقف على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : « لا تقف فإن الامام إذا دفع با لناس لم يكن له أن يقف » وكان الذي وقف بالناس تلك السنة إسماعيل بن علي بن عبد الله بن عباس.

٦ -( باب استحباب الدعاء بالمأثور عند التوجه إلى منى، وعند نزولها، وحدودها)

[١١٣٤٤] ١ - بعض نسخ الرضوي: « وقل وأنت متوجه: اللهم إياك أرجو، ولك ادعو، فبلغني أملى، اللهم إن هذه منى وما دللتنا عليه، وما مننت به علينا من المقامات، وأسألك أن تمن على فيها بما مننت به على أوليائك وأهل طاعتك وخيرتك من خلقك، وأن توفق لنا ما وفقت لهم من عبادك الصالحين، فإنما أنا عبدك، وفي قبضتك. وأكثر الصلاة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنه

__________________

الباب ٥

١ - قرب الإسناد ص ٨، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٥٠ ح ٤.

(١) ورد في المخطوط: حفص بن محمد، وما أثبتناه هو الصحيح راجع معجم رجال الحديث ج ٦ ص ١٤٢، ١٥٨.

الباب ٦

١ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٧.

١٦

يستحب ذلك هناك، فان كنت قريبا من مسجد الخيف فإنه أحب إلي، وإن استطعت أن لا تصلي إلا بمنى ما دمت فيها فافعل، فإنه قد صلى فيه سبعون نبيا، أو قيل سبعون ألف نبيا ».

[١١٣٤٥] ٢ - عن عروة، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « إن آدمعليه‌السلام بها دفن، وهناك قبره، وإن قدرته أن لا تبيت وتصلي وتسبح وتستغفر فافعل ».

[١١٣٤٦] ٣ - الصدوق في الفقيه والمقنع، واللفظ للأول: وتقول وأنت متوجه إلى منى: اللهم إياك أرجو، وإياك أدعو، فبلغني أملي، وأصلح لي عملي فإذا أتيت منى فقل: الحمد لله الذي أقدمنيها صالحا في عافية، وبلغني هذا المكان، اللهم وهذه منى وهي مما مننت ( به على أوليائك )(١) من المناسك، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تمن علي فيها بما مننت على أوليائك(٢) وأهل طاعتك فإنما أنا عبدك وفي قبضتك.

[١١٣٤٧] ٤ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « حد ما بين منى والمزدلفة محسر ».

__________________

٢ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٨.

٣ - الفقيه ج ٢ ص ٤٢١، المقنع ص ٨٦.

(١) في المقنع: علينا، ( منه قده ).

(٢) في المقنع: أنبيائك، ( منه قده ).

٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٢.

١٧

٧ -( باب جواز الخروج من منى قبل طلوع الشمس، ولايجوز(*) وادي محسر حتى تطلع، واستحباب كون الخروج بعد طلوعها، وتأكده للامام)

[١١٣٤٨] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غدا يوم عرفة من منى فصلى الظهر بعرفة، ولم يخرج من منى حتى طلعت الشمس(١) ».

[١١٣٤٩] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « فإذا أصبحت وطلعت الشمس فاغد إلى عرفات ».

٨ -( باب استحباب الدعاء بالمأثور عند التوجه إلى عرفة، والتلبية حتى يأتي إليها)

[١١٣٥٠] ١ - الصدوق في الفقيه والمقنع: ثم امض إلى عرفات وقل وأنت متوجه إليها: اللهم إليك صمدت، وإياك اعتمدت، ووجهك أردت، وقولك صدقت، وأمرك اتبعت أسألك أن تبارك لي في(٢) أجلي، وأن تقضي لي حاجتي، وأن تجعلني ممن تباهي به اليوم من هو أفضل منى ثم تلبي وأنت مار إلى عرفات، ولا تخرج من منى قبل

__________________

الباب ٧

* - جاز الشئ يجوز إذا تعداه ( مجمع البحرين ج ٤ ص ١٣ ).

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٩.

(١) ورد الحديث في المصدر بهذا النص: روينا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه غدا يوم عرفة من مني بعد أن طلعت الشمس فصلى الظهر بعرفة. ٢ عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٨.

الباب ٨

١ - الفقيه ج ٢ ص ٣٢٢، المقنع ج ١ ص ٨٦.

(١) أثبتناه من المصدرين.

١٨

طلوع الفجر بوجه.

[١١٣٥١] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « فإذا أصبحت وطلعت الشمس فاغد إلى عرفات، وكبر، وإن شئت فلب، وقل: اللهم وعليك توكلت أسألك أن تغفر لي ذنوبي: وتعطيني سؤلي: وتقضي لي حاجتي، وتبارك لي في جسدي، وأن تجعلني ممن تباهي به من هو أفضل مني، وتوجهني للخير أينما توجهت ».

٩ -( باب استحباب ضرب الخباء في عرفة بنمرة، والاغتسالعند الزوال، والجمع بين الظهرين بأذان وإقامتين، وقطع التلبية عند الزوال، وكثرة الدعاء، وذكر الله)

[١١٣٥٢] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام : أنه كان يغتسل يوم عرفة.

[١١٣٥٣] ٢ - وعنهعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نزل من عرفة بنمرة ونمرة موضع بعرفة ضربت فيه قبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأقام حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصوى فرحلت له حتى أتى بطن الوادي فوقف فخطب الناس، ثم أذن بلال، ثم أقام الصلاة فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئا، ثم ركب حتى أتى الموقف، ( وقطع التلبية حين زالت الشمس )(١) ».

__________________

٢ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٨.

الباب ٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٩.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣١٩.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

١٩

[١١٣٥٤] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا أتيت منى فبت بها، وصل بها الغداة، واخرج منها إلى عرفات، وأكثر من التلبية في طريقك فإذا زالت الشمس فاغتسل أو قبل الزوال، وصل الظهر والعصر بأذان وإقامتين ».

[١١٣٥٥] ٤ - بعض نسخ الرضوي: « ثم تغدو إلى عرفات، إن شئت فلب، وإن شئت، فكبر، وإذا انتهيت إلى عرفات فانزل بطن عرفة من وراء(١) الأحواض إن استطعت، أو حيث نزلت أجزأك فإن وراء عرفات كلها موقف إلى بطن عرنة، فإذا زالت الشمس فاغتسل، أو توضأ، والغسل أفضل، ثم ائت مصلى الامام فصل معه الظهر والعصر بأذان وإقامتين، وإن لم تدرك الصلاة مع الامام فصل في رحلك، واجمع بين الظهر والعصر، ثم ائت(٢) فقف عند الصخرات(٣) وأنت مستقبل القبلة قريب من الامام، وإلا فحيث شئت ».

[١١٣٥٦] ٥ - وفيه: « أبي نقل عن الصادقعليه‌السلام أنه قال أبو جعفرعليه‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قطع التلبية يوم عرفة عند زوال الشمس، قلت له: إنا نروي أن ابن العباس ردف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، قال أبو جعفرعليه‌السلام : هذا شئ يقولونه عن ابن عباس أو قرأتموه في الكتب؟ » الخبر، ويأتي.

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

٤ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٦

(١) في البحار: حذاء.

(٢) في البحار زيادة: الموقف.

(٣) أثبتناه من البحار وفي المخطوط: الصمرات.

٥ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٣، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥١ ح ٣.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

العسكريعليه‌السلام فقال :يا أحمد ، ما كان حالكم فيما كان فيه الناس من الشك والارتياب ؟ فقلت له : يا سيدي لما ورد الكتاب لم يبق منا رجل ولا امرأة ولا غلام بلغ الفهم إلا قال بالحق. فقالعليه‌السلام :أحمد الله على ذلك يا أحمد ، أما علمتم أن الأرض لا تخلو من حجة ، وأنا ذلك الحجة ، أو قال :أنا الحجة »(1) .

الثاني : اظهار الدلالة

فقد طالب بعض المشككين الإمامعليه‌السلام بالدلالة ، وكانعليه‌السلام يستجيب بما اُوتي من الحكمة وفصل الخطاب ، لمن يعتقد أنه يسكن إليها. ويدل عليه ما رواه الشيخ الصدوق بسنده عن القاسم الهروي ، قال : خرج توقيع من أبي محمدعليه‌السلام إلى بعض بني أسباط ، قال : « كتبت إليهعليه‌السلام أخبره عن اختلاف الموالي وأسأله إظهار دليل. فكتب إليّ :إنّما خاطب الله عزوجل العاقل ، ليس أحد يأتي بآية أو يظهر دليلاً أكثر مما جاء به خاتم النبيين وسيد المرسلين ، فقالوا : ساحر وكاهن وكذاب ، وهدى الله من اهتدى ، غير أن الأدلة يسكن إليها كثير من الناس ، وذلك أن الله عزوجل يأذن لنا فنتكلم ، ويمنع فنصمت ، ولو أحب أن لا يُظهِر حقاً ما بعث النبيين مبشرين ومنذرين ، فصدعوا بالحقّ في حال الضعف والقوة ، وينطقون في أوقات ليقضي الله أمره وينفذ حكمه ».

ثمّ أشارعليه‌السلام إلى طبقات الناس في أخلاصهم له أو ابتعادهم عنه ، مبيناً أن بعضهم يعيش البصيرة في عقله وفي قلبه وفي روحه من أجل أن ينجو عندما يقف بين يدي الله ، وهذا متمسك بهدي الإمام وسبيله ، وبعضهم أخذ العلم ممن

__________________

(1) إكمال الدين : 222 / 9 باب 22.

١٢١

يملك مسؤولية العلم وعمقه وممن لا يملكهما ، أو ممن يملك تقوي الحقيقة وممن لا يملكها ، وهؤلاء مذبذبون ليس لديهم قاعدة ثابتة ينطلقون منها ولا أرض يقفون عليها ، وبعضهم استحوذ عليهم الشيطان فأعمى بصيرتهم ، وليس لهم شأن إلا مواجهة أهل الحق.

قالعليه‌السلام : مواصلاً كتابه الأول : « الناس فيَّ طبقات شتّى ، فالمستبصر على سبيل نجاة متمسك بالحق ، متعلق بفرع أصيل ، غير شاك ولا مرتاب ، لا يجد عنه ملجأً ، وطبقة لم تأخذ الحق من أهله ، فهم كراكب البحر يموج عند موجه ، ويسكن عند سكونه. وطبقة استحوذ عليهم الشيطان ، شأنهم الردّ على أهل الحقّ ودفع الحقّ بالباطل ، حسداً من عند أنفسهم ، فدع من ذهب يميناً وشمالاً ، فالراعي إذا أراد أن يجمع غنمه جمعها في أهون السعي.

ذكرت ، ما اختلف فيه مواليّ ، فإذا كانت الوصية والكبر فلا ريب ، ومن جلس مجالس الحكم فهو أولى بالحكم ، احسن رعاية من استرعيت ، وإياك والاذاعة وطلب الرئاسة ، فانهما يدعوان إلى الهلكة.

ذكرت شخوصك إلى فارس ، فاشخص خار الله لك ، وتدخل مصر إن شاء الله آمناً ، واقرأ من تثق به من موالي السلام ، ومرهم بتقوى الله العظيم ، وأداء الأمانة ، وأعلمهم أن المذيع علينا حرب لنا. قال : فلما قرأت : وتدخل مصر إن شاء الله ، لم أعرف معنى ذلك ، فقدمت إلى بغداد ، وعزيمتي الخروج إلى فارس ، فلم يتهيأ ذلك فخرجت إلى مصر »(1) .

__________________

(1) إثبات الوصية : 247 ، الخرائج والجرائح 1 : 448 / 35 ، بحار الأنوار 50 : 296 / 70.

١٢٢

وهكذا كانعليه‌السلام يثبت إمامته لبعض المشككين باظهار الدلالة ، مما يسكّن قلوبهم ، ويكون له الأثر في هدايتهم إلى سواء السبيل.

روى علي بن جعفر عن الحلبي ، قال : « اجتمعنا بالعسكر وترصدنا لأبي محمدعليه‌السلام يوم ركوبه ، فخرج توقيعه :ألا لا يسلمنّ عليّ أحد ، ولا يشير إليّ بيده ولا يؤمئ ، فانكم لا تأمنون على أنفسكم. قال : وإلى جنبي شاب فقلت : من أين أنت ؟ قال : من المدينة. قلت : ما تصنع هاهنا ؟ قال : اختلفوا عندنا في أبي محمدعليه‌السلام فجئت لأراه وأسمع منه ، أو أرى منه دلالة ليسكن قلبي ، وإني لولد أبي ذرّ الغفاري.

فبينما نحن كذلك ، إذا خرج أبو محمدعليه‌السلام مع خادم له ، فلما حاذانا نظر إلى الشاب الذي بجنبي. فقال :أغفاري أنت ؟ قال : نعم. قال :ما فعلت اُمك حمدويه ؟ فقال : صالحة ، ومرّ. فقلت للشاب : أكنت رأيته قط وعرفته بوجهه قبل اليوم ؟ قال : لا. قلت : فينفعك هذا ؟ قال : ودون هذا »(1) .

وعن يحيى بن المرزبان ، قال : « التقيت مع رجل من أهل السيب سيماه الخير ، فأخبرني أنه كان له ابن عم ينازعه في الإمامة والقول في أبي محمدعليه‌السلام وغيره ، فقلت : لا أقول به أو أرى منه علامة ، فوردت العسكر في حاجة فأقبل أبو محمدعليه‌السلام فقلت في نفسي متعنتاً : ان مدّ يده إلى رأسه ، فكشفه ثمّ نظر إليّ ورده قلت به. فلما حاذاني مدّ يده إلى رأسه فكشفه ، ثم برق عينيه فيّ ثم ردّها ، وقاليا يحيى ، ما فعل ابن عمك الذي تنازعه في الإمامة ؟ فقلت : خلّفته

__________________

(1) الخرائج والجرائح 1 : 439 / 20 ، بحار الأنوار 50 : 269 / 24.

١٢٣

صالحاً. فقال :لا تنازعه ، ثم مضىٰ »(1) .

كما كانعليه‌السلام يحذّر من لايعتقد بإمامته إلا ببرهان ثم يعطى ذلك ويبقى على عناده بمصير وخيم يوم يفد على الله فرداً بلا ناصر أو معين.

روى المسعودي بالاسناد عن الربيع بن سويد الشيباني ، قال : حدثني ناصح البارودي ، قال « كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام اُعزيه بأبي الحسنعليه‌السلام وقلت في نفسي وأنا أكتب : لو قد خبر ببرهان يكون حجة لي. فأجابني عن تعزيني ، وكتب بعد ذلك :من سأل آية أو برهاناً فاُعطي ، ثمّ رجع عمن طالب منه الآية ، عذب ضعف العذاب ، ومن صبر أعطي التاييد من الله ، والناس مجبولون على جبلة إيثار الكتب المنشرة ، فاسأل السداد ، فإنّما هو التسليم أو العطب ، ولله عاقبة الأمور » (2) .

* * *

__________________

(1) الخرائج والجرائح1 : 440 / 21 ، بحار الأنوار 50 : 270 / 25.

(2) إثبات الوصية : 247 ، تحف العقول : 360 مختصراً.

١٢٤

الفصل الخامس

منزلته عليه‌السلام ومكارم أخلاقه

منزلته عليه‌السلام :

حظي الإمام العسكريعليه‌السلام كسائر آبائه المعصومينعليهم‌السلام بمنزلة رفيعة ومكانة اجتماعية مرموقة ، تتمثّل بوافرٍ من مظاهر التعظيم والتبجيل والاحترام التي يكنّها له غالب من عاصره بمن فيهم الذين خاصموه وناوؤه وسجنوه ، وذلك للدرجات العالية من صفات الكمال ومعالي الأخلاق التي يتحلّى بها من العبادة والعلم والحلم والزهد والكرم والشجاعة وغيرها من مظاهر العظمة التي ميزت شخصه الكريم.

ولو استعرضنا ما نقله كتّاب سيرتهعليه‌السلام يتبيّن لنا سموّ مكانته في المجتمع الاسلامي آنذاك ، وأنّ أعداءه وأصدقاءه أجمعوا على تعظيمه وتقديره وإكباره ، بما في ذلك الوزراء والقوّاد والقضاء والفقهاء وطبقات المجتمع كلّها.

وهناك وثيقة تاريخية معتبرة تنقل لنا بعض أجواء ومظاهر ذلك التقدير والاحترام والمكانة والإجلال ، صادرة من بعض رجال الدولة ، وهو أحمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، عامل السلطان على الضياع والخراج في قم ، وكان

١٢٥

أبوه وزير المعتمد(1) ، فقد جرىٰ يوماً ذكر العلوية ـ أي المنتسبين إلى الإمام عليعليه‌السلام ـ ومذاهبهم ، وكان شديد النصب والانحراف عن أهل البيتعليهم‌السلام ـ والفضل ما شهدت به الأعداء ـ فقال : « ما رأيت ولا عرفت بسرّ من رأى من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا في هَديه وسكونه وعفافه ونبله وكبرته عند أهل بيته وبني هاشم كافة ، وتقديمهم إياه على ذوي السنّ منهم والخطر ، وكذلك كانت حاله عند القواد والوزراء وعامة الناس ».

فأنت ترى أن لهعليه‌السلام امتداداً من التعظيم في مواقع المجتمع كلّها ، سواء الذين يدينون بإمامته أو الذين يقفون ضدها ، وهو أمر يستحقّ التأمّل ، فكيف يستطيع شاب في مقتبل العمر أن يحظىٰ بالتقديم على ذوي السن والخطر ؟ وأن يتمتع بهذه المنزلة العالية والمكانة الكبيرة عند القواد والوزراء ، وعامة الناس ، وهو في خط مضاد لموقع الخلافة ، بل ويزدحم حوله الذين ينصبون له ولآبائهعليهم‌السلام العداوة ويكنّون لهم البغضاء ؟ لقد فرض الإمامعليه‌السلام نفسه على الواقع كلّه ، بسموّه الروحي والخلقي ، وعناصر العظمة التي يختزنها في شخصه ، ونشاطه الحركي في أوساط الاُمّة.

ويتابع ابن خاقان حديثه فيقول : « فأذكر أنني كنت يوماً قائماً على رأس أبي ، وهو يوم مجلسه للناس ، إذ دخل حجّابه فقالوا : أبو محمد ابن الرضا بالباب ، فقال بصوتٍ عالٍ : ائذنوا له ، فتعجّبت ممّا سمعت منهم ، ومن جسارتهم

__________________

(1) وهو عبيد الله بن يحيى بن خاقان التركي ، ولد سنة 209 ه‍ ، واستوزره المتوكل والمعتمد ، واستمر في الوزارة إلى أن توفّي سنة 263 ه‍ ، وكان عاقلاً سمحاً جواداً حازماً. سير أعلام النبلاء 13 : 9 / 5 ، أعلام الزركلي 4 : 198.

١٢٦

أن يكنّوا رجلاً بحضرة أبي ، ولم يكن يُكنّى عنده إلا خليفة ، أو وليّ عهد ، أو من أمر السلطان أن يكنّى » ذلك لأن ذكر الكنية مظهر من مظاهر التكريم والإجلال ، فكيف يكنّى رجل بحضرة الوزير ، وليس هو خليفة ولا ولي عهد ولا ممن أمر السلطان بتكنيته ؟ إنّه أمر ملفت للنظر ومثير للتعجّب.

ويواصل فيقول : « فدخل رجل أسمر ، حسن القامة ، جميل الوجه ، جيد البدن ، حديث السنّ ، له جلالة وهيئة حسنة ، فلما نظر إليه أبي قام فمشىٰ إليه خُطىً ، ولا أعلمه فَعَل هذا بأحدٍ من بني هاشم والقوّاد ، فلمّا دنا منه عانقه وقبّل وجهه وصدره ، وأخذ بيده ، وأجلسه على مصلاه الذي كان عليه ، وجلس إلى جنبه مقبلاً عليه بوجهه ، وجعل يكلّمه ويفدّيه بنفسه ، وأنا متعجّب مما أرى منه ، إذ دخل الحاجب فقال : الموفق ـ وهو أخو المعتمد العباسي ـ قد جاء ، وكان الموفّق إذا دخل على أبي يقدمه حجّابه وخاصّه قوّاده ، فقاموا بين مجلس أبي وبين باب الدار سِماطين إلى أن يدخل ويخرج ، فلم يزل أبي مقبلاً على أبي محمد يُحدّثه حتى نظر إلى غلمان الخاصة فقال حينئذٍ له : إذا شئتَ جعلني الله فداك ، ثم قال لحجّابه : خذوا به خلف السماطين لا يراه هذا ـ يعني الموفق ـ فقام وقام أبي فعانقه ومضى.

فقلت لحجّاب أبي وغلمانه : ويلكم من هذا الذي كنّيتموه بحضرة أبي ، وفعل به أبي هذا الفعل ؟ فقالوا : هذا علويّ يقال له : الحسن بن علي ، يعرف بابن الرضا ، فازددت تعجّباً ، ولم أزل يومي ذلك قلقاً مفكراً في أمره وأمر أبي وما رأيته منه حتى كان الليل ، وكانت عادته أن يصلّي العتمة ثم يجلس فينظر فيما يحتاج إليه من المؤامرات ـ أي المراجعات ـ وما يرفعه إلى السلطان.

١٢٧

فلما صلى وجلس جئت فجلست بين يديه ، وليس عنده أحد ، فقال لي : يا أحمد ، ألك حاجة ؟ فقلت : نعم يا أبه ، فإن أذنت سألتك عنها ، فقال : قد أذنت. قلت : يا أبه ، من الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الإجلال والكرامة والتبجيل وفدّيته بنفسك وأبويك ؟

فقال : يا بني ذاك إمام الرافضة الحسن بن علي ، المعروف بابن الرضا ، ثم سكت ساعة وأنا ساكت ، ثم قال : يا بني ، لو زالت الإمامة عن خلفائنا بني العباس ، ما استحقّها أحد من بني هاشم غيره ، لفضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه ، ولو رأيت أباه ، رأيت رجلاً جزلاً نبيلاً فاضلاً ، فازددت قلقلاً وتفكّراً وغيظاً على أبي وما سمعت منه فيه ، ورأيت من فعله به ، فلم يكن لي هِمّة بعد ذلك إلا السؤال عن خبره والبحث عن أمره. فما سألت أحداً من بني هاشم والقوّاد والكتّاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس إلا وجدته عنده في غاية الإجلال والإعظام والمحلّ الرفيع والقول الجميل والتقديم له على جميع أهل بيته ومشايخه ، فعظم قدره عندي ، إذ لم أر له ولياً ولا عدوّاً إلا وهو يُحسن القول فيه والثناء عليه »(1) .

ولسنا نريد من خلال شهادة أحد رجال الدولة أن ندخل في تقييم الإمام لمجرد أنّ هذا الرجل شهد له ، لأنّهعليه‌السلام يختص من موقع إمامته بالدرجة الرفيعة عند الله ، ويتمتّع بملكات قدسية في جميع جوانب المعرفة والروحانية والصلاح

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 503 / 1 باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، إكمال الدين : 40 ـ مقدمة المصنف ، الإرشاد 2 : 321 ، روضة الواعظين : 249 ، إعلام الورى 2 : 147.

١٢٨

والخلق الرفيع ، وهي التي جعلت هذا الرجل وسواه يذعن لشخصيتهعليه‌السلام ويظهر له الإكبار والاحترام والثناء.

الذي نريد أن نقوله من خلال هذه الشهادة ، أنه ليس ثمة شخصية كبيرة وفاعلة في المجتمع إلا وهناك من يسيء القول فيها ، كما أنّ هناك من يحسن القول فيها ، لكننا نجد أنّ الغالبية العظمى قد اتفقت على تقدير الإمامعليه‌السلام واحترامه وإجلاله ، وعلى حسن القول فيه ، بحيث أخذ بمجامع قلوب وعقول الأعداء والأصدقاء ، هذا مع أنهعليه‌السلام عاش في مجتمع يقف من الناحية الرسمية ضد خطّ ولايته ، ويعمل على محاصرته ويضيق عليه ويسعى إلى أن ينقص من قدره.

وتلك المنزلة لم تكن مفروضة بقوة السلاح وصولة السلطان ، ولا هي وليدة التعاطف الجماهيري العفوي مع الإمامعليه‌السلام ، بل هي إحدى مظاهر التسديد الإلهي الذي لا تعمل معه جميع محاولات السلطة الساعية إلى الحطّ من منزلته والوضع منه ، الأمر الذي اعترف به رأس السلطة آنذاك.

فقد روى الشيخ الصدوق والقطب الراوندي أنه ورد في ردّ الخليفة المعتمد على جعفر الكذاب حينما جاء بعد وفاة أخيه الإمامعليه‌السلام يطلب مرتبته ، قوله : « إن منزلة أخيك لم تكن بنا ، إنّما كانت بالله ، ونحن كنا نجتهد في حطّ منزلته والوضع منه ، وكان الله يأبى إلا أن يزيده كلّ يوم رفعة لما كان فيه من الصيانة وحسن السمت والعلم والعبادة »(1) .

ويقع بعض النصارى في دائرة التقدير والاحترام للإمامعليه‌السلام ، ومنهم أحد رجال الدولة الذي كان يتولّى الكتابة للسلطان ، واسمه أنوش النصراني ، الذي

__________________

(1) إكمال الدين : 479 ـ آخر باب 43 ، الخرائج والجرائح3 : 1109.

١٢٩

سأل السلطان أن يدعو الإمامعليه‌السلام إلى بيته ليشارك في مناسبة خاصة يدعو فيها لولديه بالسلامة والبقاء ، فأرسل السلطان خادماً جليل القدر إلى دار الإمام كي يدعوه إلى حضور دار كاتبه أنوش ، فأخبر الخادم الإمامعليه‌السلام أن أنوش يقول : « نحن نتبرك بدعاء بقايا النبوة والرسالة. فقال الإمامعليه‌السلام :الحمد لله الذي جعل النصراني أعرف بحقنا من المسلمين. ثم قال :اسرجوا لنا. فركب حتى ورد دار أنوش ، فخرج إليه مكشوف الرأس ، حافي القدمين ، وحوله القسيسون والشمامسة(1) والرهبان ، وعلى صدره الانجيل ، فتلقّاه على باب داره وقال : يا سيدنا ، أتوسل إليك بهذا الكتاب الذي أنت أعرف به منا إلا غفرت لي ذنبي في عنائك. وحق المسيح عيسىٰ بن مريم وما جاء به من الانجيل من عند الله ، ما سألت أمير المؤمنين مسألتك [ في ] هذا إلا لأنّا وجدناكم في هذ الانجيل مثل المسيح عيسىٰ بن مريم عند الله. فقالعليه‌السلام :الحمدُ لله »(2) .

ولعلّ أبرز وأصدق مظاهر التبجيل والتعظيم التي تعبّر عن مكانة الإمامعليه‌السلام عند سائر الناس ، هو ازدحام الناس على جنازتهعليه‌السلام إلى حدّ وصفه بعض الرواة بالقيامة ، فقد قال أحمد بن عبيد الله ابن خاقان في حديثه الذي قدّمناه : « لمّا ذاع خبر وفاته صارت سرّ من رأى ضجّه واحدة ( مات ابن الرضا ). وعطلت الاسواق ، وركب بنو هاشم والقوّاد والكتّاب وسائر الناس

__________________

(1) الشسامة : جمع شماس ، وهو خادم الكنيسة بالسريانية.

(2) مدينة المعاجز / السيد هاشم البحراني 7 : 670 / 2655 عن الهداية الكبرى للخصيبي.

١٣٠

الى جنازته ، فكانت سرّ من رأى يومئذٍ شبيهاً بالقيامة »(1) .

هيبته عليه‌السلام

يحظى الإمام العسكريعليه‌السلام بهيبة حقيقية فرضت نفسها على الناس وسواهم من خلال اجتماع الملكات الروحانية ومقومات الصلاح والاخلاص والخلق الرفيع فيهعليه‌السلام .

وقد جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال :« المؤمن يخشع له كلّ شيء ويهابه كلّ شيء » وقالعليه‌السلام :« إذا كان مخلصاً أخاف الله منه كلّ شيء حتى هوام الأرض والسباع وطير الهواء » (2) . فهذا حال المؤمن المخلص ودرجته ، فكيف إذا كان إماماً معصوماً وحجةً على الخلق ؟

قال القطب الراوندي في صفة الإمام العسكري : « له بسالة تذلّ لها الملوك ، وله هيبة تسخّر له الحيوانات كما سخّرت لآبائهعليهم‌السلام بتسخير الله لهم إياها ، دلالة وعلامة على حجج الله ، وله هيئة حسنة ، تعظّمه الخاصة والعامة اضطراراً ، ويبجّلونه ويقدّرونه لفضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وصلاحه وإصلاحه »(3) .

من هنا فقد وصف أحد خَدَم الإمامعليه‌السلام في حديث له ، حضور الناس يوم ركوبهعليه‌السلام إلى دار الخلافة في كلّ اثنين وخميس ، بأن الشارع كان يغصّ

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 505 / 1 ـ باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، إكمال الدين : 43 ـ المقدمة ، الإرشاد 2 : 324.

(2) الدعوات / الراوندي : 227.

(3) الخرائج والجرائح 2 : 901.

١٣١

بالدواب والبغال والحمير ، بحيث لا يكون لأحد موضع قدم ، ولا يستطيع أحد أن يدخل بينهم ، فإذا جاء الإمامعليه‌السلام هدأت الأصوات وسكنت الضجّة وتفرّقت البهائم وتوسّع له الطريق حين دخوله وخروجه(1) .

وقد امتدت آثار هيبتهعليه‌السلام حتى إلى ساجنيه ، فكانوا يرتعدون خوفاً وفزعاً بمجرد أن ينظر إليهم ، حيث قال بعض الأتراك الموكلون به في سجن صالح ابن وصيف : « ما نقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله ، ولا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة ، فإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا »(2) .

مكارم أخلاقه

نأتي هنا إلى ذكر مقومات تلك المنزلة والهيبة التي تتمثل بالملكات القدسية والخصال الروحانية التي اجتمعت في شخصهعليه‌السلام من العلم والعبادة والزهد والكرم والشجاعة وغيرها من معالي الفضيلة وعناصر العظمة التي تحلّىٰ بها أهل هذا البيتعليهم‌السلام.

وقد وصفه أبوه علي الهاديعليه‌السلام بقوله :« أبو محمد ابني أنصح آل محمد غريزة ، وأوثقهم حجة وهو الخلف ، وإليه تنتهي عرى الإمامة وأحكامها » (3) .

__________________

(1) راجع الحديث في غيبة الشيخ الطوسي : 215 / 179.

(2) أصول الكافي 1 : 512 / 23 ـ باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، الإرشاد 2 : 334.

(3) أصول الكافي 1 : 327 / 11 ـ باب الاشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة.

١٣٢

وشهد لهعليه‌السلام بخلال الفضل ومعالي الأخلاق بعض المعاصرين له وغيرهم ، ومنهم وزير المعتمد عبيد الله بن يحيى بن خاقان ( ت 263 ه‍ ) الذي وصفه فيما تقدم بالفضل والعفاف والهدي والزهد والعبادة وجميل الأخلاق والصلاح والنبل.

وذكر ابن أبي الحديد عن أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ( ت 255 ه‍ ) في تعداد صفاته وصفات آبائه المعصومينعليهم‌السلام قوله : « من الذي يعدّ من قريش أو من غيرهم ما يعدّه الطالبيون عشرة في نسق ؛كل واحد منهم عالم زاهد ناسك شجاع جواد طاهر زاكٍ ؟ فمنهم خلفاء ، ومنهم مرشّحون : ابن ابن ابن ابن ، هكذا إلى عشرة ، وهم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن عليعليهم‌السلام ، وهذا لم يتّفق لبيتٍ من بيوت العرب ولا من بيوت العجم »(1) .

وذلك لأنهم غرس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفرعه النامي ، ومنه استوحوا رساليته وروحانيته وأخلاقيته ، وتجسدت فيهم شخصيته ، فكانوا اختصاراً لجميع عناصر الأخلاقية والروحية والانسانية ، وصاروا رمزاً للفضيلة والمروءة وقدوةً صالحة للانسانية.

قال قطب الدين الراوندي : « أما الحسن بن علي العسكريعليه‌السلام ، فقد كانت خلائقه كأخلاق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان جليلاً نبيلاً فاضلاً كريماً ، يحتمل الأثقال ولا يتضعضع للنوائب أخلاقة على طريقة واحدة ، خارقة

__________________

(1) شرح نهج البلاغة 15 : 278.

١٣٣

للعادة »(1) .

وفيما يلي نذكر ما يسمح به المقام من مناقبة الفذّة وخصاله الفريدة :

1 ـ العلم

كان الإمام العسكريعليه‌السلام أعلم أهل زمانه ، وقد بدت عليه مظاهر العلم والمعرفة منذ حداثة سنه ، فقد روى المؤرخون « أنه رآه بهلول(2) وهو صبي يبكي والصبيان يلعبون ، فظنّ أنه يتحسّر على ما في أيديهم ، فقال : اشتري لك ما تلعب به ؟ فقال :ما للعب خُلِقنا. فقال له : فلماذا خلقنا ؟ قال :للعلم والعبادة. فقال له : من أين لك هذا ؟ قال :من قوله تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ) (3) ثمّ وعظه بأبيات من الشعر حتى خرّ مغشياً عليه »(4) .

وشهد للإمامعليه‌السلام برجاحة العلم طبيب البلاط بختيشوع ، وكان ألمع شخصية في علم الطبّ في عصره ، فقد احتاج الإمامعليه‌السلام إلى طبيب فأرسل اليه

__________________

(1) الخرائج والجرائح 2 : 901.

(2) لعلّ المراد به بهلول بن إسحاق بن بهلول ( 204 ـ 298 ه‍ ) أو أخوه المعروف بابن بهلول ، وهو أحمد بن إسحاق بن بهلول ( 231 ـ 318 ه‍ ) وكلاهما من العلماء المعاصرين له.عليه‌السلام راجع : سير أعلام النبلاء 13 : 535 / 268 و 14 : 497 / 281 ، أعلام الزركلي 1 : 95.

(3) سورة المؤمنون : 23 / 115.

(4) راجع : إحقاق الحق 12 : 473 و 19 : 620 و 29 : 65 عن عدة مصادر منها : الصواعق المحرقة لابن حجر ، ونور الأبصار للشبلنجي ، ووسيلة المآل للحضرمي ، وروض الرياحين لعفيف الدين اليافعي وغيرها.

١٣٤

بختيشوع بعض تلامذته وأوصاه قائلاً : « طلب مني ابن الرضا من يفصده ، فصر إليه ، وهو أعلم في يومنا هذا بمن هو تحت السماء ، فاحذر أن لا تعترض عليه فيما يأمرك به »(1) .

واستطاع الإمامعليه‌السلام بعلمه الذي لا يجارى وفكره الثاقب ونظره الصائب أن يكشف الحقائق ويظهر الدقائق ، ومن ذلك أن السلطة أخرجته من السجن بعد أن شكّ الناس في دينهم وصبوا إلى دين النصرانية ، لأن أحد الرهبان كان يستسقي فيهطل المطر ، بينما يستسقي المسلمون فلم يسقوا ، فكشف الإمامعليه‌السلام عن حيلة الراهب الذي كان يُخفي عظماً لأحد الأنبياءعليهم‌السلام بين أصابعه ، فأزال الشك عن قلوب الناس وهدأت الفتنة(2) .

قال الحرّ العاملي في ارجوزته :

وفي حديث الراهب النصراني

معجـزة من أوضح البرهانِ

إذ كان في الحبس فصار جدب

وكان سؤال المسلمين الخصب

فخرجوا يدعون للاستسقا

ثلاثة والأرض ليس تسقي

فخرج الراهـب والنصاري

يستمطرون الصيّب المـدرارا

فجـاءهم غيثٌ غزيـر هاطل

وكلّمـا دعوا أجاب الوابل

فافتتن النـاس وراموا الـردّة

لـمّا رأوا مـن فرجٍ وشـدّة

فطلـبوا الإمام حتى خرجا

ثمّ دعـا الله فنـال الفرجا

وعندمـا أراد يدعـو الراهب

وقرب الغيث وفاز الطالب

__________________

(1) الخرائج والجرائح 1 : 422 / 3 ، بحار الأنوار 50 : 260 / 21.

(2) راجع تخريجات الحادثة في آخر الفصل الثاني.

١٣٥

أمر عبده الإمام فأخذ

من يده عظماً فعندهما نبذ

انقشع الغيم وزال المطر

وزال عن دين الإله الخطر

قال الإمام إنه عظم نبيّ

فليس ما رأيتم بعجبِ

إذ كلّما أظهر للسماء

أمطرت الغيث بلا دعاء(1)

وللإمامعليه‌السلام رصيد علمي وعطاء معرفي على صعيد ترسيخ أصول الاعتقاد والأحكام والشرائع ، والتصدي لبعض الدعوات المنحرفة والشبهات الباطلة ، سنأتي إلى ذكره في الفصل السادس باذن الله.

2 ـ العبادة

كان دأب الإمام العسكريعليه‌السلام التوجّه إلى الله تعالى والانقطاع إليه في أحلك الظروف وأشدّها ، فقد كان يحيى الأيام التي أمضاها في السجن بالصيام والصلاة وتلاوة القرآن على رغم التضييق عليه.

قال الموكلون به في سجن صالح بن وصيف : « أنه يصوم النهار ويقوم الليل كلّه لا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة »(2) .

وحينما أودع في سجن علي بن جرين ، كان المعتمد يسأله عن أخباره في كلّ وقت ، فيخبره أنه يصوم النهار ويصلي الليل(3) .

وكانعليه‌السلام معروفاً بطول السجود ، فقد روي عن أحد خدمه المعروف

__________________

(1) إحقاق الحق 12 : 462 ـ 463.

(2) أصول الكافي 1 : 512 / 23 ـ باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، الإرشاد 2 : 334.

(3) إثبات الوصية : 252 ، مهج الدعوات : 343 ، بحار الأنوار 50 : 314.

١٣٦

بمحمد الشاكري أنه قال : « كان استاذي أصلح من رأيت من العلويين والهاشميين كان يجلس في المحراب ويسجد ، فأنام وانتبه وأنام وهو ساجد »(1) .

3 ـ الزهد

كان الإمام العسكريعليه‌السلام مثالاً للزهد والاعراض عن زخارف الدنيا وحطامها ، والرغبة فيما أعدّه الله له في دار الخلود من النعيم والكرامة.

قال كامل بن إبراهيم المدني ، وهو أحد أصحابهعليه‌السلام : « لما دخلت على سيّدي أبي محمدعليه‌السلام نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه ، فقلت في نفسي : وليّ الله وحجّته يلبس الناعم من الثياب ، ويأمرنا نحن بمواساة الإخوان وينهانا عن لبس مثله ؟ فقال : متبسماً :يا كامل ـ وحسر عن ذراعية ، فإذا مسح أسود خشن على جلده ـهذا لله وهذا لكم »(2) .

وجاء في حديث خادمه محمد الشاكري « أنهعليه‌السلام كان قليل الأكل ، وكان يحضره التين والعنب والخوخ وما شاكله ، فيأكل منه الواحدة والثنتين ، ويقول :شل هذا يا محمد إلى صبيانك ، فأقول : هذا كلّه ؟ فيقول :خذه »(3) .

4 ـ الكرم والسماحة

كان الإمام العسكريعليه‌السلام معروفاً بالسماحة والبذل ، وهي خصلة بارزة في سيرته وسيرة آبائه المعصومينعليهم‌السلام. قال خادمه محمد الشاكري : « ما رأيت قطّ

__________________

(1) الغيبة / الشيخ الطوسي : 217 / 179 ، بحار الأنوار 50 : 253.

(2) الغيبة / الشيخ الطوسي : 247 / 216.

(3) الغيبة / الشيخ الطوسي : 217 / 179.

١٣٧

اسدىٰ منه ». وقال الشيخ الطوسي : « كانعليه‌السلام مع إمامته من أكرم الناس وأجودهم »(1) .

وكانعليه‌السلام يحثّ أصحابه على المعروف ، فقد روى أبو هاشم الجعفري عنهعليه‌السلام أنه قال :« إن في الجنّة باباً يقال له المعروف ، لا يدخله إلا أهل المعروف ، قال : فحمدت الله تعالى في نفسي وفرحت بما أتكلّف به من حوائج الناس ، فنظر إليّ أبو محمدعليه‌السلام فقال :نعم فَدُم على ما أنت عليه ، فإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ، جعلك الله منهم يا أبا هاشم ورحمك » (2) .

وسجل الإمام العسكريعليه‌السلام دوراً بارزاً في الانفاق والبذل في سبيل الله وإعانة المعوزين والضعفاء من أبناء المجتمع الاسلامي آنذاك ، رغم حالة الحصار والتضييق الذي مارسته السلطة ضدّه ، وكان مصدر تلك العطاءات والمساعدات الأموال والحقوق الشرعية التي تجلب إليه أو إلى وكلائه من مختلف بقاع الاسلام التى تحتوي على قواعد شعبية تدين بإمامته ، وكان يسدّ بها حاجة ذوي الفاقة على قدر ما يزيل عنهم حالة العوز دون إسراف في العطاء والبذل ، فهوعليه‌السلام يقول :« إن للسخاء مقداراً ، فإن زاد عليه فهو سرف » (3) .

ومن جملة عطاءاته التي سجلتها كتب الحديث ، أنه أعطى علي بن إبراهيم ابن موسى بن جعفر مائتي درهم للكسوة ، ومائتي درهم للدَّين ، ومائة درهم

__________________

(1) الغيبة / الشيخ الطوسي : 217.

(2) المناقب / لابن شهر آشوب 4 : 464 ، الفصول المهمة 2 : 1082.

(3) بحار الأنوار 78 : 377 / 3.

١٣٨

للنفقة ، وأعطى لابنه محمد بن علي بن إبراهيم مائة درهم في ثمن حمار ، ومائة للكسوة ، ومائة للنفقة(1) .

وشكا إليه أبو هاشم الجعفري الحاجة فأعطاه مرة خمسمائة دينار ، وأرسل إليه مرة اُخرى مائة دينار حينما أخلي سبيله من السجن(2) .

وشكا إليه إسماعيل بن محمد بن علي بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن عباس الفاقة والحاجة ، فأعطاه مائة دينار(3) .

وأعطى برذونه الكميت إلى على بن زيد بن علي بن الحسين بعد موت فرسه(4) ، وأكرمه مائة دينار في ثمن جارية بعد أن ماتت جاريته(5) .

ووهب حمزة بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين ثلاثمائة دينار ، وكان مصاباً بالشلل ، على رغم عدم قوله بإمامتهعليه‌السلام (6) .

وبعث إلى عمرو بن أبي مسلم خمسين ديناراً على يد محمد بن سنان الصوّاف في ثمن جارية(7) ، وغير ذلك كثير.

* * *

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 506 / 3 ـ باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة.

(2) أصول الكافي 1 : 507 / 5 و 508 / 10 من الباب المتقدم.

(3) أصول الكافي 1 : 509 / 14 من الباب المتقدم.

(4) أصول الكافي 1 : 510 / 15 من الباب المتقدم.

(5) بحار الأنوار 50 : 264 / 23.

(6) الثاقب في المناقب : 573 / 520.

(7) بحار الأنوار 50 : 282 / 58 ، عن فرج المهموم لابن طاوُس.

١٣٩
١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442