مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٠

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل13%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 442

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 442 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225611 / تحميل: 4725
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

حتى بلغ في ذلك الرضى، وسلم إليك القضاء وعبدك مخلصا، ونصح لك مجتهدا حتى أتاه اليقين، فقبضته إليك شهيدا سعيدا، وليا تقيا، رضيا زكيا، هاديا مهديا.

اللهم صل على محمد وعليه أفضل ما صليت على أحد من أنبيائك وأصفيائك يا رب العالمين ».

٢٠ -( باب استحباب الغسل لزيارة أمير المؤمنين وغيره منالأئمةعليهم‌السلام ، ثم يمشي إليه حافيا متطيبا لابسا أنظف ثيابه على سكينة ووقار، ذاكرا لله، يقصر خطاه ويكبر ثلاثين مرة، أو مائة)

[١١٨٩٧] ١ - الشيخ المفيد (ره) في مزاره: عن صفوان قال: سألت الصادقعليه‌السلام : كيف نزور أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟ فقال: يا صفوان إذا أردت ذلك فاغتسل والبس ثوبين طاهرين، ونل شيئا من الطيب، فإن لم تنل أجزأك » الخبر.

[١١٨٩٨] ٢ - الشيخ محمد بن المشهدي في المزار: بإسناده عن يوسف الكناسي، وعن معاوية بن عمار جميعا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا أردت الزيارة لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، فاغتسل حيث تيسر لك - إلى أن قال - ثم امش وعليك السكينة والوقار، حتى تأتي باب الحرم » الخبر.

[١١٨٩٩] ٣ - وفي مزار كبير للشيخ الطبرسي(١) صاحب الاحتجاج أو للقطب

__________________

الباب ٢٠

١ - مزار المفيد، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ٢٨١.

٢ - مزار المشهدي ص ٢٩٤ وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ٣٣٤.

٣ - مزار الطوسي:

٢٢١

الراوندي أو لبعض من عاصر هما: بإسناده عن أبي عبد الله محمد بن حماد النجار الأعرج قال: حدثنا أبو علي الحسين إبراهيم، عن عبد الله بن العباس بن موسى بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسينعليهم‌السلام قال: « إذا أردت زيارة أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، فاغتسل غسلا نظيفا، والبس البياض من الثياب وامش حافيا وعليك السكينة والوقار، بالتكبير والتهليل والتمجيد والتسبيح والتعظيم لله تبارك وتعالى، والصلاة على النبي وآله، وتقول إذا استقبلت القبر » الزيارة.

٢١ -( باب استحباب زيارة أمير المؤمنين والأئمةعليهم‌السلام بالزيارات المأثور)

[١١٩٠٠] ١ - المزار القديم: روي عن مولانا محمد الباقرعليه‌السلام أنه قال: « مضيت مع والدي علي بن الحسينعليهما‌السلام إلى قبر جدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام بالنجف بناحية الكوفة، فوقف عليه ثم بكى، وقال: السلام على أبي الأئمة، وخليل النبوة، والمخصوص بالاخوة، السلام على يعسوب الايمان، وميزان الاعمال، وسيف ذي الجلال، السلام على صالح المؤمنين، ووارث علم النبيين، الحاكم في يوم الدين، السلام على شجرة التقوى، السلام على حجة الله البالغة، ونعمته السابغة، ونقمته الدامغة، السلام على الصراط الواضح، والنجم اللائح، والامام الناصح ورحمة الله وبركاته.

ثم قال: أنت وسيلتي إلى الله وذريعتي، ولي حق موالاتي وتأميلي

__________________

(١) في هامش المخطوط: « يعبر عنه بالمزار القديم. ( منه قده ).

الباب ٢١

١ - المزار القديم:

٢٢٢

فكن لي شفيعي إلى الله عز وجل في الوقوف على قضاء حاجتي، وهي فكاك رقبتي من النار، واصرفني في موقفي هذا بالنجح وبما سألته كله برحمته وقدرته، اللهم ارزقني عقلا كاملا، ولبا راجحا، وقلبا زاكيا، وعملا كثيرا، وأدبا بارعا، واجعل ذلك كله لي، ولا تجعله علي، برحمتك يا أرحم الراحمين ».

[١١٩٠١] ٢ - وفي زيارة المصافقة لسائر الأئمةعليهم‌السلام ، وتجديد العهد لهم ( صلوات الله عليهم ): وروي عنهمعليهم‌السلام قال: إن زيارتنا إنما هي تجديد العهد والميثاق المأخوذ في رقاب العباد، وسبيل الزائر أن يقول عند زيارتهمعليهم‌السلام : جئتك يا مولاي زائرا لك، ومسلما عليك، ولائذا بك وقاصدا إليك أجدد ما أخذ الله لكم في رقبتي من العهد والميثاق والولاية لكم، والبراءة من أعدائكم، معترفا بالفرض من طاعتكم.

ثم ضع يدك اليمنى على القبر وقل: هذه يد مصافقة لك على البيعة الواجبة علينا، فاقبل مني ذلك يا إمامي فقد زرتك وأنا معترف بحقك مع ما ألزم الله سبحانه وتعالى من نصرتك، وهذه يدي مصافقة على ما أمر الله عز وجل من موالاتكم، والاقرار بالمفترض من طاعتكم، والبراءة من أعدائكم(١) ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ثم قبل الضريح وقل: يا سيدي ومولاي وإمامي المفترض طاعته، أشهد أنك بقيت على الوفاء بالوعد، والدوام على العهد، وقد سلف من جميل وعدك لمن زار قبرك ما أنت المرجو للوفاء به، والمؤمل

__________________

٢ - المزار لقديم:

(١) في نسخة. أعدائك. - ( منه قده ).

٢٢٣

لتمامه، وقد قصدتك من بلدي، وجعلتك عند الله معتمدي فحقق ظني ومخيلي فيك، صلوات الله عليك وسلم تسليما، اللهم إني أتقرب إليك بزيارتي إياه، وأرجو منك النجاة لي به من النار، به وبآبائه وأبنائه ( صلوات الله عليهم )، رضينا بهم أئمة وسادة وقادة، اللهم أدخلني في كلّ خير أدخلتهم فيه، وأخرجني من كلّ سوء أخرجتهم منه، واجعلني معهم في الدنيا والآخرة، يا أرحم الراحمين.

وباقي الزيارات المطولات يطلب من كتب المزار.

٢٢ -( باب استحباب زيارة هود وصالحعليهما‌السلام عند قبر أمير المؤمنينعليهم‌السلام )

[١١٩٠٢] ١ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن سعد بن طريف، عن أصبغ بن نباتة قال: ( مرت جنازة على عليعليه‌السلام وهو بالنخيلة، فقال )(١) : « ما يقول الناس في هذا القبر؟ وفي النخيلة قبر عظيم يدفن اليهود موتاهم حوله، فقال الحسن بن عليعليهما‌السلام : يقولون هذا قبر هود النبيعليه‌السلام لما أن عصاه قومه جاء فمات هاهنا، قالعليه‌السلام : كذبوا لأنا أعلم به منهم، هذا قبر يهودا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بكر يعقوب، ثم قال: هاهنا أحد من مهرة، قال: فأتي بشيخ كبير فقال: أين منزلك؟ قال: على شاطي البحر قال: أين من الجبل الأحمر؟ قال: قريبا منه، قال: فما يقول قومك؟ قال: يقولون قبر ساحر، قال: كذبوا ذاك قبر هود، وهذا

__________________

الباب ٢٢

١ - وقعة صفين ص ١٢٦.

(١) ما بين القوسين في المصدر: قال علي عليه‌السلام .

٢٢٤

قبر يهودا بن يعقوب، يحشر من ظهر الكوفة سبعون ألفا على غرة الشمس والقمر(٢) ، يدخلون الجنة بغير حساب ».

٢٣ -( باب استحباب زيارة رأس الحسين عند قبر أمير المؤمنينعليهما‌السلام )

[١١٩٠٣] ١ - السيد عبد الكريم بن طاووس في فرحة الغري: عن عبد الرحمن بن أحمد الحربي، عن عبد العزيز بن الأخضر، عن أبي الفضل بن ناصر، عن محمد بن علي بن ميمون، عن محمد بن علي بن الحسن العلوي، عن ميمون بن علي بن حميد، عن إسحاق بن محمد المقرئ، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن يعقوب بن الياس، عن أبي الفرج السندي قال: كنت مع أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام حين قدم إلى الحيرة، فقال ليلة: « أسرجوا لي البغلة » فركب وأنا معه حتى انتهينا إلى الظهر(١) ، فنزل وصلى ركعتين ثم تنحى فصلى ركعتين، ثم تنحى فصلى ركعتين، فقلت: جعلت فداك إني رأيتك صليت في ثلاث مواضع فقال: « أما الأول فموضع قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والثاني موضع رأس الحسينعليه‌السلام والثالث موضع منبر القائمعليه‌السلام ».

[١١٩٠٤] ٢ - وعن الوزير نصير الدين الطوسي، عن والده، عن فضل الله الراوندي، عن ذي الفقار بن معبد، عن الطوسي، عن المفيد، عن

__________________

(٢) ليس في المصدر.

الباب ٢٣

١ - فرحة الغري ص ٥٦.

(١) المراد هنا ظهر الكوفة، وهو النجف الأشرف، سمي بذلك لعلو أرضه عن أرض الكوفة ( معجم البلدان ج ٥ ص ٢٧١ ).

٢ - فرحة الغري ص ٦٥.

٢٢٥

محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن علي، عن عمه قال: حدثني أحمد بن حماد بن زهير القرشي، عن يزيد بن إسحاق، عن أبي السحيق الأرحبي(١) ، قال: حدثنا عمر بن عبد الله بن طلحة النهدي، عن أبيه، قال: دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فذكر حديثا فحدثنا، قال: فمضينا معه - يعني أبا عبد اللهعليه‌السلام - حتى انتهينا إلى الغري فأتى موضعا فصلى، ثم قال لابنه إسماعيل: « قم فصل عند رأس أبيك الحسينعليه‌السلام . قلت: أليس قد ذهب برأسه إلى الشام؟ قال: بلى ولكن فلانا هو مولانا(٢) سرقه، فجاء به وهو هنا(٣) ».

[١١٩٠٥] ٣ - محمد بن المشهدي في مزاره: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه زار رأس الحسينعليه‌السلام عند رأس أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وصلى عنده أربع ركعات، وهي هذه:

السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين، السلام عليك يا ابن الصديقة الطاهرة سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا مولاي يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته، أشهد أنك أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، وتلوت الكتاب حق تلاوته وجاهدت في الله حق جهاده، وصبرت على الأذى في جنبه محتسبا حتى أتاك اليقين، وأشهد أن الذين خالفوك وحاربوك، وأن

__________________

(١) كذا في المخطوط، وفي المصدر. أبو السحيف الأرجبي.، والظاهر أن صوابه أبو السخيف - السخين - الأرجني. راجع معجم رجال الحديث ج ٢١ ص ١٦٤.

(٢) في نسخة: مولى لنا، ( منه قدة ).

(٣) في نسخة: فدفنه ها هنا، ( منه قدة ).

٣ - مزار المشهدي ص ٧٤٧، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ٢٩٣.

٢٢٦

الذين خذلوك والذين قتلوك ملعونون على لسان النبي الأمي وقد خاب من افترى، لعن الله الظالمين لكم من الأولين والآخرين، وضاعف عليهم العذاب الأليم، أتيتك يا مولاي يا ابن رسول الله زائرا عارفا بحقك، مواليا لأوليائك، معاديا لأعدائك، مستبصرا بالهدى الذي أنت عليه، عارفا بضلاله من خالفك، فاشفع لي عند ربك

٢٤ -( باب استحباب الشرب من ماء الفرات، والاغتسال فيه، والتبرك به، والتحنيك به)

[١١٩٠٦] ١ - الشيخ الطبرسي في مجمع البيان: روى مقاتل، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إن الله تعالى أنزل من الجنة خمسة أنهار: سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها الله تعالى من عين واحدة، وأجراها في الأرض، وجعل فيها منافع للناس في أصناف معايشهم، وذلك قوله:( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ) (١) .

[١١٩٠٧] ٢ - البحار، عن كتاب الأقاليم والبلدان والأنهار: للفرات فضائل كثيرة روي أن أربعة أنهار من الجنة: سيحون وجيحون، والنيل، والفرات.

[١١٩٠٨] ٣ - وعن عليعليه‌السلام أنه قال: « يا أهل الكوفة نهركم

__________________

الباب ٢٤

١ - مجمع البيان ج ٤ ص ١٠٢.

(١) المؤمنون ٢٣: ١٨.

٢ - البحار ج ٦٠ ص ٤١ ح ٦.

٣ - البحار ج ٦٠ ص ٤١ ح ٧.

٢٢٧

هذا ينصب إليه ميزابان من الجنة ».

[١١٩٠٩] ٤ - وروي عن جعفر الصادقعليه‌السلام أنه شرب من ماء الفرات، ثم استزاد وحمد الله تعالى، وقال: « ما أعظم بركته! لو علم الناس ما فيه من البركة لضربوا على حافتيه القباب، ما انغمس فيه ذو عاهة إلا برئ ».

وباقي الاخبار يأتي إن شاء الله في كتاب الأشربة.

٢٥ -( باب استحباب زيارة الحسنعليه‌السلام ، خصوصا عشية الجمعة)

[١١٩١٠] ١ - السيد المرتضى في الفصول: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال للحسنعليه‌السلام في حديث له أول مشروح في غير هذا الكتاب: « تزورك(١) طائفة من أمتي يريدون به بري وصلتي، فإذا كان يوم القيامة زرتها في الموقف، وأخذت بأعضادها فأنجيتها من أهواله وشدائده ».

٢٦ -( باب تأكد استحباب زيارة الحسين بن عليعليهما‌السلام ، ووجوبها كفاية)

[١١٩١١] ١ - نوادر علي بن أسباط: عمن رواه، عن أحدهما

__________________

٤ - البحار ج ٦٠ ص ٤١ ح ٨.

الباب ٢٥

١ - الفصول المختار ص ٩٥، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ١٤٥ ح ٣٧.

(١) في المصدر: تزوركم.

الباب ٢٦

١ - نوادر علي بن إسباط ص ١٢٣.

٢٢٨

عليهما‌السلام - في حديث - أنه قال: « يا زرارة، أنه إذا كان يوم القيامة جلس الحسينعليه‌السلام في ظل العرش، وجمع الله زواره وشيعته ليصيروا من الكرامة والنضرة والبهجة والسرور إلى أمر لا يعلم صفته إلا الله، فيأتيهم رسل أزواجهم من الحور العين من الجنة، فيقولون: إنا رسل أزواجكم إليكم يقلن: إنا قد اشتقناكم وأبطأتم علينا(١) ، فيحملهم ما هم(٢) فيه من السرور والكرامة إلى أن يقولوا لرسلهم: سوف نجيئكم إن شاء الله تعالى ».

[١١٩١٢] ٢ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن عبد الله بن فضل بن محمد بن هلال، عن سعيد بن محمد، عن محمد بن سلام الكوفي، عن أحمد بن محمد الواسطي، عن عيسى بن أبي شيبة القاضي، عن نوح بن دراج، عن قدامة بن زائدة، عن أبيه، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، عن عمته زينبعليها‌السلام ، عن أم أيمن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث طويل: أن جبرئيلعليه‌السلام قالت له بعد ذكر بعض ما جرى على الحسينعليه‌السلام في الطف وأنه يدفن ويجعل له رسم، قال: وتحفه ملائكة من كلّ سماء مائة ألف ملك في كلّ يوم وليلة، ويصلون عليه(١) ، ويسبحون الله عنده، ويستغفرون الله لزواره(٢) ، ويكتبون أسماء من يأتيه زائرا من أمتك متقربا إلى الله تعالى وإليك بذلك، وأسماء آبائهم وعشائرهم وبلدانهم، ويوسمون في وجوههم بميسم نور

__________________

(١) في المصدر: عنا.

(٢) ليس في المصدر.

٢ - كامل الزيارات ص ٢٦٥.

(١) في المصدر زيادة: ويطوفون عليه.

(٢) في المصدر: لمن زاره.

٢٢٩

عرش الله: هذا زائر قبر خير الشهداء وابن خير الأنبياء، فإذا كان يوم القيامة سطح في وجوههم من أثر ذلك الميسم نور تغشى منه الابصار يدل عليهم ويعرفون به، وكأني بك يا محمد بيني وبين ميكائيل وعليعليه‌السلام أمامنا، ومعنا من ملائكة الله ما لا يحصى عدده(٣) ، ونحن نلتقط - من ذلك الميسم في وجهه من بين الخلائق، حتى ينجيهم الله من هول ذلك اليوم وشدائده، وذلك حكم الله وعطاؤه لمن زار قبرك يا محمد، أو قبر أخيك، أو قبر سبطيك لا يريد به غير الله جل وعز.

[١١٩١٣] ٣ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن بكر(١) قال: حججت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث طويل - قال فقلت: يا ابن رسول الله لو نبش قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام ، هل كان يصاب في قبره شئ؟ فقال: « يا ابن بكر(٢) ما أعظم مسألتك، إن الحسين بن عليعليهما‌السلام مع أبيه وأمه وأخيه في منزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومعه، يرزقون ويحبرون، وأنه لعن يمين العرش متعلق به، يقول: يا رب أنجز لي ما وعدتني وانه لينظر إلى زواره فهو أعرف بهم(٣) وأسماء آبائهم، وما في رحالهم من أحدهم بولده » الخبر.

[١١٩١٤] ٤ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن

__________________

(٣) في المصدر: عددهم.

٣ - كامل الزيارات ص ١٠٣.

(١) في المصدر: بكير.

(٢) في المصدر: بكير.

(٣) في المصدر زيادة: وبأسمائهم.

٤ - كامل الزيارات، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٨ ح ٣٠، ومصباح الزائر ص ٧٠.

٢٣٠

ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب قال: دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام وهو في مصلاه، فجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه ويقول:

« يا من خصنا بالكرامة، ووعدنا الشفاعة، وحملنا الرسالة، وجعلنا ورثة الأنبياء، وختم بنا الأمم السالفة وخصنا بالوصية، وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا، اغفر لي ولإخواني، وزوار قبر أبي ( عبد الله )(١) الحسين بن علي ( صلوات الله عليهما )، الذين أنفقوا أموالهم، وأشخصوا أبدانهم، رغبة في برنا، ورجاء لما عندك في صلتنا، وسرورا أدخلوه على نبيك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإجابة منهم لأمرنا، وغيظا أدخلوه على عدونا، أرادوا بذلك رضوانك فكافهم عنا بالرضوان، واكلأهم بالليل والنهار، واخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف، واصحبهم واكفهم شر كلّ جبار عنيد، وكل ضعيف من خلقك أو شديد، وشر شياطين الإنس والجن، وأعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم، وما آثرونا على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم.

اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم، فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص إلينا خلافا عليهم، فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تقلب على قبر أبي عبد اللهعليه‌السلام وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا. وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا.

اللهم إني أستودعك تلك الأنفس، وتلك الأبدان، حتى ترويهم

__________________

(١) أثبتناه من المصباح.

٢٣١

من الحوض يوم العطش ».

فما زال ( صلوات الله عليه ) يدعو بهذا الدعاء وهو ساجد، فلما انصرف قلت له: جعلت فداك لو أن هذا الذي سمعته منك كان لمن لا يعرف الله لظننت أن النار لا تطعم منه شيئا أبدا، والله لقد تمنيت أني كنت زرته ولم أحج.

فقال لي: « ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته؟ يا معاوية لا تدع ذلك. قلت: جعلت فداك فلم أدر أن الامر يبلغ هذا كله، فقال: « يا معاوية ومن يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض لا تدعه لخوف من أحد، فمن تركه لخوف رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان بيده، أما تحب أن تكون ممن يرى الله شخصك، وسوادك فيمن يدعو له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ أما تحب أن تكون غدا ممن تصافحه الملائكة؟ أما تحب أن تكون غدا فيمن يأتي وليس عليه يذنب فيتبع به؟ أما تحب أن تكون غدا فيمن يصافح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ ».

ورواه عن أبيه ومحمد بن عبد الله وعلي بن الحسين ومحمد بن الحسن جمعيا، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن موسى بن عمر عن حسان البصري، عن معاوية بن وهب قال: استأذنت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقيل لي: ادخل، فدخلت فوجدته، وساق إلى قوله: لهم في الأرض(٢) .

وعن محمد الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن معاوية، مثله(٣) .

__________________

(٢) كامل الزيارات ص ١١٦ ح ٢.

(٣) نفس المصدر ص ١١٧ ذيل حديث ٢.

٢٣٢

وعن أبيه وجماعة ومشايخه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن عبد الله بن حماد، عن الأصم، عن معاوية، مثله(٤) .

وعن محمد بن الحسيني بن مت، عن محمد بن يحيى الأشعري، عن موسى بن عمر، عن غسان البصري، عن معاوية، مثله(٥) .

وعن محمد بن يعقوب وعلي بن الحسين معا، عن علي بن إبراهيم، عن بعض أصحابنا، عن إبراهيم بن عقبة، عن معاوية، مثله(٦) .

وعن أبيه وعلي بن الحسين وجماعة مشايخنا، عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى معا، عن العمركي، عن يحيى خادم أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، عن ابن أبي عمير، عن معاوية مثله،(٧) .

[١١٩١٥] ٥ - وعن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمرو الزيات، عن قائد الحناط، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال: « من زار قبر الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ».

وعن أبيه، عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: وحدثني

__________________

(٤) نفس المصدر ص ١١٨ ذيل حديث ٣.

(٥) نفس المصدر ص ١١٨ ذيل حديث ٣.

(٦) نفس المصدر ص ١١٨ ذيل حديث ٣.

(٧) نفس المصدر ص ١١٨ ذيل حديث ١١٨.

٥ - بل الصدوق في الأمالي ص ١٢٢ ح وثواب الاعمال ص ١١٠ ح ٤، وقد أخرجه العلامة المجلسي عنهما في البحار ج ١٠١ ص ٢١ ح ١.

٢٣٣

الحميري، عن أبيه، عن علي بن إسماعيل، مثله(١) .

وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن هند الحناط، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله، وزاد بعد قوله بحقه ويأتم به(٢) .

[١١٩١٦] ٦ - وعن أبي العباس، عن محمد بن الحسين، عن أبي داود سليمان المسترق، عن بعض أصحابنا، عن مثنى الحناط، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال: « من أتى قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام عارفا بحقه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

وعن الحسين بن عامر، عن المعلى، عن المسترق، مثله(١) .

وعن القاسم بن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن قائد، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام ، مثله(٣) .

وعن الكليني، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار ( عن صفوان )(٤) ، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله ( عليه

__________________

(١) كامل الزيارات ص ١٣٨.

(٢) كامل الزيارات ص ١٣٩.

٦ - كامل الزيارات ص ١٣٨.

(١) كامل الزيارات ص ١٤٠.

(٢ و ٣) نفس المصدر ص ١٣٩.

(٤) أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال، أنظر ترجمة صفوان في معجم رجال

٢٣٤

السلام )، مثله(٥) .

وعن أبيه ومحمد بن الحسن وعلي بن الحسين وجماعة، عن سعد بن عبد الله ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، ( عن محمد بن إسماعيل )(٦) ، عن صالح بن عقبة، عن يحيى بن علي التميمي(٧) ، عن رجل، عن عبيد الله بن عبد الله وعلي بن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، عن أبيهعليه‌السلام ، مثله.

وبهذا الاسناد عن صالح بن عقبة، عن يحيى بن علي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله(٨) .

وعن محمد بن جعفر، عن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله(٩) .

[١١٩١٧] ٧ - وعن أبي العباس الكوفي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال، عن محمد بن الحسين بن كثير، عن هارون بن خارجة قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :

__________________

الحديث ج ٩ ص ١٠٨ و ١٠٩ و ١٣١ و ١٣٣.

(٥) نفس المصدر ص ١٤٠.

(٦) أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال، أنظر معجم رجال الحديث ج ١٥ ص ١٠٠.

(٧) في المخطوط والطبعة الحجرية. القمي. وهو سهو، والصحيح ما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال، راجع معجم رجال الحديث ج ٢ ص ٦٧.

(٨) نفس المصدر ص ١٣٩.

(٩) نفس المصدر ص ١٣٩ - ١٤٠.

٧ - كامل الزيارات ص ١٣٨.

٢٣٥

إنهم يروون أن من زار قبر(١) الحسينعليه‌السلام كانت له حجة وعمرة، قال: « والله من زاره عارفا بحقه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ».

وعن أبيه وجماعة مشايخه، عن سعد، عن محمد بن الحسين، مثله(٢) .

[١١٩١٨] ٨ - وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن الخيبري، عن الحسين بن محمد القمي، قال: قال أبو الحسن موسىعليه‌السلام : « أدنى ما يثاب به زائر أبي عبد اللهعليه‌السلام بشط فرات، إذا عرف حقه وحرمته وولايته، أن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ».

[١١٩١٩] ٩ - وعن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن الحسن بن علي، عن أحمد بن عائذ، عن أبي يعقوب الابزاري، عن قائد، عن عبد صالحعليه‌السلام قال: دخلت عليه فقلت له: جعلت فداك إن الحسينعليه‌السلام قد زاره الناس من يعرف هذا الامر ومن ينكره، وركبت إليه النساء، ووقع حال الشهرة، وقد انقبضت منه لما رأيت من الشهرة، قال: فمكث مليا لا يجيبني، ثم أقبل علي فقال: « يا عراقي إن شهروا أنفسهم فلا تشهر أنت نفسك، فوالله ما أتى الحسينعليه‌السلام آت عارفا بحقه، إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ».

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) نفس المصدر ص ١٣٨.

٨ - كامل الزيارات ص ١٣٨.

٩ - كامل الزيارات ص ١٤٠.

٢٣٦

[١١٩٢٠] ١٠ - وعن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إن زائر الحسين ( صلوات الله عليه )، جعل ذنوبه جسرا على باب داره ثم عبرها، كما يخلف أحدكم الجسر وراءه ( إذا عبر )(١) ».

[١١٩٢١] ١١ - وعن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن زكريا المؤمن، عن الكاهلي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من أراد أن يكون في كرامة الله يوم القيامة، وفي شفاعة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فليكن للحسينعليه‌السلام زائرا، ينال من الله ( أفضل الكرامة )(١) وحسن الثواب، ولا يسأله عن ذنب عمله في حياة الدنيا، ولو كانت ذنوبه عد رمل عالج وجبال تهامة وزبد البحر، إن الحسين بن عليعليهما‌السلام قتل مظلوما مضطهدا نفسه، وعطشانا هو وأهل بيته وأصحابه ».

[١١٩٢٢] ١٢ - وعن الحسن بن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن وضاح، عن عبد الله بن شعيب التميمي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « ينادي مناد يوم القيامة: أين شيعة آل محمدعليهم‌السلام ؟ فيقوم عنق من الناس لا يحصيهم إلا الله،

__________________

١٠ - كامل الزيارات ص ١٥٢.

(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

١١ - كامل الزيارات ص ١٥٣.

(١) في المصدر: الفضل والكرامة.

١٢ - كامل الزيارات ص ١٦٦.

٢٣٧

فيقومون ناحية من الناس، ثم ينادي: مناد: أين زوار قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فيقوم أناس كثير، فيقال لهم: خذوا بيد من أحببتم وانطلقوا بهم إلى الجنة، فيأخذ من أحب، حتى أن الرجل من الناس يقول لرجل: يا فلان أما تعرفني أنا الذي قمت لك يوم كذا وكذا؟ فيدخله الجنة لا يدفع ولا يمنع ».

[١١٩٢٣] ١٣ - وعن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن أبي عبد الله المؤمن، عن عبد الله بن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: « إن لله في كلّ يوم وليلة مائة ألف لحظه إلى الأرض، يغفر لمن يشاء منه، ويعذب من يشاء منه، ويغفر لزائري قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام خاصة، ولأهل بيتهم، ولمن يشفع له يوم القيامة كائنا من كان، ( قال: قلت )(١) : وإن كان رجلا قد استوجب النار؟ قال: وإن كان، ما لم يكن ناصبا.

[١١٩٢٤] ١٤ - وعن جعفر بن محمد بن إبراهيم الموسوي، عن عبد الله بن نهيك، عن ابن أبي عمير، عن سلمة صاحب السابري، عن أبي الصباح الكناني قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « إن إلى جانبكم قبرا ما أتاه مكروب إلا نفس الله كربته، وقضى حاجته، وإن عنده لأربعة آلاف ملك منذ قبض، شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة، فمن زاره شيعوه إلى مأمنه، ومن مرض عادوه، ومن مات اتبعوا جنازته ».

__________________

١٣ - كامل الزيارات ص ١٦٦ باختلاف يسير.

(١) ما بين القوسين استظهار من المصنف. قده.

١٤ - كامل الزيارات ص ١٦٧.

٢٣٨

[١١٩٢٥] ١٥ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن علي بن إسماعيل بن عيسى، عن محمد بن عمرو الزيات، عن كرام، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته وهو يقول: « إن الحسينعليه‌السلام قتل مكروبا، وحقيق على الله يأن لا يأتيه مكروب إلا رده الله مسرورا ».

[١١٩٢٦] ١٦ - حدثني أبي وجماعة مشايخي(١) ومحمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن العمركي بن علي البوفكي، عن يحيى وكان في خدمة أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إن بظهر الكوفة لقبرا ما أتاه مكروب قط إلا فرج الله كربته، يعني قبر الحسينعليه‌السلام ».

[١١٩٢٧] ١٧ - وعن الحسن بن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « إن الحسينعليه‌السلام صاحب كربلا قتل مظلوما مكروبا عطشانا لهفانا، فآلى الله عز وجل على نفسه أن لا يأتيه لهفان، ولا مكروب، ولا مذنب، ولا مغموم، ولا عطشان، ولا من به عاهة، ثم دعا عنده وتقرب بالحسين بن عليعليهما‌السلام إلى الله عز وجل إلا نفس الله كربته، وأعطاه مسألته، وغفر ذنبه(١) ، ومد في عمره، وبسط في رزقه، فاعتبروا يا أولي الابصار ».

__________________

١٥ - كامل الزيارات ص ١٦٧.

١٦ - كامل الزيارات ص ١٦٨.

(١) في المخطوط: وعن جماعة من مشايخي أبيه وما أثبتناه من المصدر.

١٧ - كامل الزيارات ص ١٦٨.

(١) في نسخة. ذنوبه. - ( منه قده ).

٢٣٩

[١١٩٢٨] ١٨ - وعن أبي العباس الكوفي، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن الوليد بن حسان، عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : دعاني الشوق إليك إن تجشمت إليك على مشقة، فقال لي: « لا تشك ربك، فهلا أتيت من كان أعظم حقا عليك مني!. فكان من قوله: فهلا أتيت من كان أعظم حقا عليك مني إنه أشد علي من قوله: لا تشك ربك، قلت: ومن أعظم علي حقا منك؟! قال: « الحسين بن عليعليهما‌السلام ، ألا أتيت الحسينعليه‌السلام (١) فدعوت الله عنده، وشكوت إليه حوائجك ».

[١١٩٢٩] ١٩ - وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن هلال، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت: جعلت فداك، ما أدنى ما لزائر قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فقال لي: « يا عبد الله إن أدني ما يكون له أن يحفظه الله في نفسه وماله(١) حتى يرده إلى أهله، فإذا كان يوم القيامة كان الله أحفظ(٢) له ».

[١١٩٣٠] ٢٠ - وعن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد وعلي بن الحسين جمعيا، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي ابن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « وكل الله تبارك وتعالى بالحسين

__________________

١٨ - كامل الزيارات ص ١٦٨.

(١) في نسخة. الحائر. - ( منه قده ).

١٩ - كامل الزيارات ص ١٣٣.

(١) في المصدر: وأهله.

(٢) في نسخة. الحافظ. - ( منه قده ).

٢٠ - كامل الزيارات ص ١١٩، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٥٤ ح ٩.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

من بقاياها عالم جديد بثوب آخر!(1) ثمّ إنّ قيام الساعة يكون على حين غرّة ، وبدون مقدمات تدريجية ، بل على شكل مفاجئ وانقلاب سريع.

ثمّ تقول الآية مرّة أخرى :( يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها ) (2) .

وتضيف الآية مخاطبة النّبي الكريم :( قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) .

وربّما يسأل ـ أو يتساءل ـ بعض الناس : لم كان علم الساعة خاصّا بالله وذاته المقدسة ، ولا يعلم بها حتى الأنبياء؟!

والجواب على ذلك : إن عدم معرفة الناس بوقوع يوم القيامة وزمانها «بضميمة كون القيامة لا تأتي إلّا بغتة» ومع الالتفات إلى هول يوم القيامة وعظمتها ، هذا الأمر يبعث على أن يتوقّع الناس وقوع يوم القيامة في أي وقت ويترقبوها باستمرار ، ويكونوا على أهبة الاستعداد والتهيؤ ، لكي ينجوا من أهوالها. فعدم المعرفة هذا له أثر مثبت جلي في تربية النفوس والالتفات إلى المسؤولية واتقاء الذنوب.

* * *

__________________

(1) قال بعض المفسّرين أنّ المراد من هذه الجملة هو أن معرفة القيامة أو علمها ثقيل على أهل الأرض والسماوات ، إلّا أنّ الحقّ هو التّفسير المذكور آنفا «في المتن» لأنّ القول بحذف كلمتي العلم والأهل خلاف ظاهر الآية.

(2) الحفي في الأصل هو من يسأل عن الشيء بتتابع وإصرار ، ولما كان الإصرار في السؤال باعثا على زيادة العلم ، فقد تستعمل هذه اللفظة على العالم كما هي هنا أيضا.

٣٢١

الآية

( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) )

سبب النّزول

روى بعض المفسّرين «كالعلّامة الطبرسي في مجمع البيان» أن أهل مكّة قالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا كان لك ارتباط بالله ، أفلا يطلعك الله على غلاء السلع أو زهادتها في المستقبل ، لتهيئ عن هذا الطريق ما فيه النفع والخير وتدفع عنك ما فيه الضرر والسوء ، أو يطلعك الله على السّنة الممحلة «القحط» أو العام المخصب العشب ، فينتقل إلى الأرض الخصيبة؟ فنزلت عندئذ الآية ـ محل البحث ـ وكانت جواب سؤالهم.

التّفسير

لا يعلم الغيب إلّا الله :

بالرّغم من أنّ هذه الآية لها شأن خاص في نزولها ، إلّا أنّ ارتباطها بالآية

٣٢٢

السابقة واضح ، لأنّ الكلام كان في الآية السابقة على عدم علم أحد بقيام الساعة إلّا الله ، والكلام في هذه الآية على نفي علم الغيب عن العباد بصورة كلية.

ففي الجملة الأولى من هذه الآية خطاب للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ ) .

ولا شك أنّ كل إنسان يستطيع أن ينفع نفسه ، أو يدفع عنها الشر ، ولكن على الرغم من هذه الحال فإنّ الآية ـ محل البحث ، كما نلاحظ ـ تنفي هذه القدرة عن البشر نفيا مطلقا. وذلك لأنّ الإنسان في أعماله ليس له قوّة من نفسه ، بل القوّة والقدرة والاستطاعة كلّها من الله ، وهو سبحانه الذي أودع فيه كل تلك القوّة والقدرة وما شاكلهما.

وبتعبير آخر : إنّ مالك جميع القوى والقدرات وذو الإختيار المستقل ـ وبالذات ـ في عالم الوجود هو اللهعزوجل فحسب ، والآخرون حتى الأنبياء والملائكة يكتسبون منه القدرة ويستمدون منه القوّة ، وملكهم وقدرتهم هي بالغير لا بالذات وجملة «إلّا ما يشاء الله» شاهد على هذا الموضوع أيضا.

وفي كثير من آيات القرآن الأخرى نرى نفي المالكية والنفع والضرر عن غير الله ، ولذلك فقد نهت الآيات عن عبادة الأصنام وما سوى الله سبحانه ونقرأ في الآيتين (3) و (4) من سورة الفرقان( وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً ) فكيف يملكون لغيرهم؟!

وهذه هي عقيدة المسلم ، إذ لا يرى أحدا «بالذات» رازقا ومالكا وخالقا وذا نفع أو ضرر إلّا الله ، ولذا فحين يتوجه المسلم إلى أحد طالبا منه شيئا فهو يطلبه مع التفاته إلى هذه الحقيقة ، وهي أنّ ما عند ذلك الشخص فهو من الله (فتأمل بدقّة).

٣٢٣

ويتّضح من هذا إنّ الذين يتذرعون بمثل هذه الآيات لنفي كل توسل بالأنبياء والأئمّة ، ويعدون ذلك شركا ، في خطأ فاضح ، حيث تصوروا بأنّ التوسل بالنّبي أو الإمام مفهومه أن نعدّ النّبي أو الإمام مستقلا بنفسه في قبال الله ـ والعياذ بالله ـ وأنّه يملك النفع والضرر أيضا.

ولكن من يتوسل بالنّبي أو الإمام مع الإعتقاد بأنّه لا يملك شيئا من نفسه ، بل يطلبه من الله ، أو أنّه يستشفع به إلى الله ، فهذا الإعتقاد هو التوحيد عينه والإخلاص ذاته. وهو ما أشار إليه القرآن في الآية محل البحث بقوله :( إِلَّا ما شاءَ اللهُ ) أو بقوله :( إِلَّا بِإِذْنِهِ ) في الآية( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) .

فبناء على ذلك فإنّ فريقين من الناس على خطأ في مسألة التوسل بالنّبي والأئمّة الطاهرين الفريق الأوّل : من يزعم أنّ النّبي أو الإمام له قدرة وقوة مستقلة بالذات في قبال الله ، فهذا الإعتقاد شرك بالله.

والفريق الآخر : من ينفي القدرة ـ بالغير ـ عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة الطاهرينعليهم‌السلام ، فهذا الإعتقاد انحراف عن مفاد آيات القرآن الصريحة.

إذن : الحق هو أنّ النّبي والأئمّة يشفعون للمتوسل بهم بإذن الله وأمره ، ويطلبون حل معضلته من الله.

وبعد بيان هذا الموضوع تشير الآية إلى مسألة مهمّة أخرى ردّا على سؤال جماعة منهم فتقول :( وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ ) (1) .

لأنّ الذي يعرف أسرار الغيب يستطيع أن يختار ما هو في صالحه ، وأن يجتنب عمّا يضرّه.

__________________

(1) في الحقيقة أن هناك حذفا في الآية تقديره «لا أعلم الغيب» والجملة التي بعدها شاهدة على ذلك.

٣٢٤

ثمّ تحكي الآية عن مقام النّبي الواقعي ورسالته ، في جملة موجزة صريحة ، فتقول على لسانه :( إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .

* * *

ملاحظة

ألم يكن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلم الغيب؟!

يحكم بعض السطحيين لدى قراءتهم لهذه الآية ـ وبدون الأخذ بنظر الإعتبار الآيات القرآنية الأخرى ، بل حتى القرائن الموجودة في هذه الآية أيضا ـ أنّ الآية آنفة الذكر دليل على نفي علم الغيب عن الأنبياء نفيا مطلقا مع أنّ الآية ـ محل البحث ـ تنفي علم الغيب المستقل وبالذات عن النّبي ، كما أنّها تنفي القدرة على كل نفع وضرّ بصورة مستقلة. ونعرف أنّ كل إنسان يملك لنفسه وللآخرين النفع أو الضر.

فبناء على ذلك فإنّ هذه الجملة المتقدمة شاهد واضح على أنّ الهدف ليس هو نفي مالكية النفع والضر أو نفي علم الغيب بصورة مطلقة ، بل الهدف نفي الاستقلال ، وبتعبير آخر : إنّ النّبي لا يعرف شيئا من نفسه ، بل يعرف ما أطلعه الله عليه من أسرار غيبه ، كما تقول الآيتان (26) و (27) من سورة الجن( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ) .

وأساسا ، فإنّ كمال مقام القيادة لا سيما إذا كان الهدف قيادة العالم بأسره ، وفي جميع المجالات الماديّة والمعنوية ، هو الاحاطة الواسعة بالكثير من المسائل الخفية عن سائر الناس ، لا المعرفة بأحكام الله وقوانينه فحسب ، بل المعرفة بأسرار عالم الوجود ، والبناء البشري ، وقسم من حوادث المستقبل والماضي ، فهذا القسم من العلم يطلعه الله على رسله ، وإذا لم يطلعهم عليه لم

٣٢٥

تكمل قيادتهم!

وبتعبير آخر : إنّ أحاديث الأنبياء والرسل وسيرتهم ستكون محدودة بظروف عصرهم ومحيطهم ، لكن عند ما يكونون عارفين بهذا القسم من أسرار الغيب فسيقومون ببناء حضارة على مستوى الأجيال القادمة ، فتكون مناهجهم صالحة لمختلف الظروف والمتغيّرات

* * *

٣٢٦

الآيات

( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (193) )

التّفسير

جحد نعمة عظمى :

في هذه الآيات إشارة إلى جانب آخر من حالات المشركين وأسلوب تفكيرهم ، والردّ على تصوّراتهم الخاطئة. لما كانت الآية السابقة تجعل جميع ألوان النفع والضرّ وعلم الغيب منحصرا بالله ، وكانت في الحقيقة إشارة إلى توحيد

٣٢٧

أفعال الله. فالآيات محل البحث تعدّ مكملة لها لأنّ هذه الآيات تشير إلى توحيد أفعال الله أيضا.

تقول الآية الأولى من هذه الآيات( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها ) فجعل الحياة والسكن جنبا إلى جنب( فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ ) (1) .

وبمرور الأيّام والليالي ثقل الحمل( فَلَمَّا أَثْقَلَتْ ) كان كل من الزوجين ينتظر الطفل ، ويتمنّى أن يهبه الله ولدا صالحا ، فلذلك( دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) وعند ما استجاب الله دعاءهما ، ورزقهما الولد الصالح أشركا بالله( فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) .

الجواب على سؤال مهم!

هناك بين المفسّرين كلام في المراد من الزوجين الذين تكلمت عنهما الآيتان الأوليان من الآيات محل البحث هل أنّ المراد من «النفس الواحدة» وزوجها آدم وحواء؟ مع أنّ آدم من الأنبياء وحواء امرأة مؤمنة كريمة ، فكيف ينحرفان عن مسير التوحيد ويسلكان مسير الشرك؟!

وإذا كان المراد من النفس الواحدة غير آدم وتشمل الآية جميع أفراد البشر ، فكيف ينسجم التعبير إذا وقوله تعالى( خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ) ؟!

ثمّ بعد هذا ما المراد من الشرك ، وأي عمل أو تفكير قام به الزوجان فجعلا لله شركاء؟!

__________________

(1) تغشاها فعل يليه ضمير التأنيث وهو غشي ، ومعناه غطّى ، وهذه الجملة كناية لطيفة عن المقاربة الجنسية والمضاجعة.

٣٢٨

وفي الجواب على مثل هذه الأسئلة نقول : يوجد طريقان لتفسير الآيتين هاتين «وما بعدهما» ، ولعل جميع ما قاله المفسّرون على اختلاف آرائهم يرجع إلى هذين الطريقين الأوّل : إنّ المراد من نفس «واحدة». هو الواحد الشخصي كما ورد هذا المعنى في آيات أخرى من القرآن أيضا ، ومنها أوّل آية من سورة النساء.

والتعبير بالنفس الواحدة ـ أساسا ـ جاء في خمسة مواطن في القرآن المجيد ، واحدة منها في الآية ـ محل البحث ـ والأربعة الأخرى هي في سورة النساء (الآية الأولى) وسورة الأنعام ، الآية (98) ، وسورة لقمان ، الآية (28) ، وسورة الزمر ، الآية (6) ، وبعض هذه الآيات لا علاقة لها ببحثنا هذا ، وبعضها يشبه الآية محل البحث. فبناء على ذلك فالآيات ـ محل البحث ـ تشير إلى آدم وزوجه حوّاء فحسب!

وعلى هذا فالمراد بالشرك ليس هو عبادة غير الله أو الإعتقاد بألوهية غيره ، بل لعل المراد شي آخر من قبيل ميل الإنسان لطفله ، الميل الذي ربّما يجعله غافلا عن الله أحيانا.

والتّفسير الثاني : هو أنّ المراد من النفس الواحدة هو الواحد النوعي ، أي أن الله خلقكم جميعا من نوع واحد كما خلق أزواجكم من جنسكم أيضا.

وبذلك فإنّ الآيتين وما بعدهما من الآيات ـ محل البحث ـ تشير إلى نوع الناس ، فهم يدعون الله وينتظرون الوالد الصالح في كمال الإخلاص لله والانقطاع إليه ، كمن يحدق بهم الخطر فيلتجئوا إلى الله ، ويعاهدون الله على شكره بعد حلّ معضلاتهم. ولكن عند ما يرزقهم الله الولد الصالح ، أو يحلّ مشاكلهم ينسون جميع عهودهم فإنّ كان الولد جميلا قالوا : إنّه اكتسب جماله من أبيه أو أمّه ، وهذا هو قانون الوارثة. وتارة يقولون : إنّ غذاؤه والظروف الصحية تسببت في نموّه وسلامته. وتارة يعتقدون بتأثير الأصنام ويقولون : إنّ ولدنا كان من بركة الأصنام

٣٢٩

وعطائها! وأمثال هذا الكلام وهكذا يهملون التأثير الرّباني بشكل عام ، ويرون العلّة الأصلية هي العوامل الطبيعية أو المعبودات الخرافية(1) .

والقرائن في الآيات ـ محل البحث ـ تدل على أن التّفسير الثّاني أكثر انسجاما وأكثر تفهما لغرض الآية ، لأنّه : أوّلا : إن تعبيرات الآي تحكي عن حال زوجين كانا يعيشان في مجتمع ما من قبل ، ورأيا الأبناء الصالحين وغير الصالحين فيه ، ولهذا طلبا من الله وسألاه أن يرزقهما الولد الصالح. ولو كانت الآيات تتكلم على آدم وحواء فهو خلاف الواقع ، لأنّه لم يكن يؤمئذ ولد صالح وغير صالح حتى يسألا الله الولد الصالح.

ثانيا : الضمائر الواردة في آخر الآية الثّانية والآيات التي تليها ، كلها ضمائر «جمع» ويستفاد من هذا أنّ المراد من ضمير التثنية هو إشارة إلى الفريقين لا إلى الشخصين.

ثالثا : أنّ الآيات التي تلت الآيتين الأوّليين تكشف عن أنّ المقصود بالشرك هو عبادة الأصنام ، لا محبّة الأولاد والغفلة عن الله ، وهذا الأمر لا ينسجم والنّبي آدم وزوجه!

فبملاحظة هذه القرائن يتّضح أنّ الآيات ـ محل البحث ـ تتكلم عن نوع الإنسان وزوجه ليس إلّا.

وكما ذكرنا في الجزء الثّاني من التّفسير الأمثل أن خلق زوج الإنسان من الإنسان ليس معناه أن جزءا من بدنه انفصل عنه وتبدل إلى زوج له يسكن إليه «كما ورد في رواية إسرائيلية أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر!».

بل المراد أن زوج الإنسان من نوعه وجنسه ، كما نقرأ في الآية (21) من

__________________

(1) يرى بعض المفسّرين أن بداية الآية يتعلق بآدم وحواء ، وذيل الآية تتعلق بأبناء آدم وحواء ، وهذا تكلّف ، لأنّه يحتاج إلى حذف وتقدير ، وهو لا ينسجم وظاهر الآية.

٣٣٠

سورة مريم! قوله تعالى :( أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها ) .

رواية مجعولة :

جاء في بعض المصادر الحديثية لأهل السنّة ، وبعض كتب الحديث الشيعية غير المعتبرة ، في تفسير الآيات محل البحث ، حديث لا ينسجم مع العقائد الإسلامية ، ولا يليق بشأن الأنبياء أبدا. وهذا الحديث كما جاء في مسند أحمد هو : أنّ سمرة بن جندب روى عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : لمّا ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال : سميّه : عبد الحارث ، فعاش وكان ذلك من وحي الشّيطان وأمره(1) «الحارث اسم من أسماء الشيطان».

وجاء في بعض الرّوايات الوارد فيها هذا المضمون ذاته أن آدم رضي بهذا الأمر!!

وسواء أكان راوي هذه الرواية سمرة بن جندب ـ الكذاب المشهور ـ أم غيره أمثال كعب الأحبار أو وهب بن منبه اللذين كانا من علماء اليهود ثمّ أسلما ، ويعتقد بعضهم أنّهما أدخلا في الثقافة الإسلامية خرافات التوراة وبني إسرائيل.

ومهما يكن الأمر فالرواية بنفسها خير دليل على فسادها وبطلائها ، لأنّ آدم الذي هو خليفة الله «في أرضه» ونبيّه الكبير ، وكان يعلم الأسماء ، بالرغم من كونه بترك الأولى هبط إلى الأرض ، إلّا أنّه لم يكن إنسانا يختار سبيل الشرك ويسمّي ولده عبد الشيطان ، فهذا الأمر يصدق في مشرك جاهل فحسب لا في آدم والأعجب من ذلك أنّ الحدى أنف الذكر يتضمن معجزة للشيطان أو كرامة له ، إذ بتسميته الولد باسمه عاش الولد خلافا للأبناء الآخرين. وإنّه لمدعاة

__________________

(1) مسند بن حنبل ، وفقا لما وراه تفسير المنار ، ج 9 ، ص 522.

٣٣١

للأسف الشديد أن ينساق كثير من المفسّرين تحت وطأة هذا الحديث المختلق وأضرابه ، فيجعلون مثل هذه الأباطيل تفسيرا للآي. وعلى كل حال ، فإنّ مثل هذا الكلام لما كان مخالفا للقرآن ، ومخالفا للعقل أيضا ، فينبغي أن ينبذ في سلة المهملات.

وتعقيبا على هذا الأمر يردّ القرآن ـ بأسلوب بيّن متين ـ عقيدة المشركين وأفكارهم مرة أخرى ، فيقول :( أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) .

وليس هذا فحسب ، فهم ضعاف( وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ) .

والأوثان والأصنام في حالة لو ناديتموها لما استجابت لكم( وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ ) .

فمن كان بهذه المنزلة وبهذا المستوى أنّى له بهداية الآخرين!

ويحتمل بعض المفسّرين احتمالا آخر في تفسير الآية ، وهو أنّ الضمير «هم» يرجع إلى المشركين لا إلى الأصنام ، أي أنّهم إلى درجة من الإصرار والعناد بحيث لا يسمعونكم ولا يذعنون لكم ولا يسلمون.

كما ويحتمل أنّ المراد هو أنّكم لو طلبتم منهم الهداية ، فلن يتحقق دعاؤكم وطلبكم على كل حال( سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ ) .

وطبقا للاحتمال الثّاني يكون معنى الجملة على النحو التالي : سواء عليكم أطلبتم من الأصنام شيئا ، أو لم تطلبوا ففي الحالين لا أثر لها ، لأنّ لا تقدر على أداء أي شيء أو التأثير في شيء.

يقول الفخر الرازي في تفسيره : إذا المشركين إذا ابتلوا بمشكلة تضرعوا إلى الأصنام ودعوها ، وإذا لم يصبهم أذى أو سوء كانوا يسكتون عنها ، فالقرآن يخاطبهم بالقول( سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ ) .

* * *

٣٣٢

الآيتان

( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (195) )

التّفسير

هاتان الآيتان ـ محل البحث ـ تواصلان الكلام على التوحيد ومكافحة الشرك ، وتكملان ما عالجته الآيات السابقة ، فتعدّان كل شرك في العبادة عملا سفيها وبعيدا عن المنطق والعقل!

والتدفيق في مضمون هاتين الآيتين يكشف أنّهما تبطلان منطق المشركين بأربعة أدلة ، والسرّ في كون القرآن يعالج إبطال الشرك باستدلالات مختلفة ، وكل حين يأتي ببرهان مبين ، لأن الشرك ألدّ أعداء الإيمان ، وأكبر عدوّ لسعادة الفرد والمجتمع.

ولما كانت للشرك جذور مختلفة وأفانين متعددة في أفكار البشر ، فإنّ

٣٣٣

القرآن يستغل كل فرصة لقطع جذوره الخبيثة وأفانينه التي تهدد المجتمع الإنساني.

فتقول الآية الأولى من هاتين الآيتين :( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ ) .

فبناء على ذلك لا معنى لأن يسجد الإنسان لشيء مثله ، وأن يمدّ يد الضراعة والحاجة إليه ، وأن يجعل مقدّراته ومصيره تحت يده!

وبتعبير آخر : إنّ مفهوم هذه الآية هو أنّكم ـ أيّها المشركون ـ لو أمعنتم النظر لرأيتم معبوداتكم ذات أجسام وأسيرة المكان والزمان ، وتحكمها قوانين الطبيعة ، وهي محدودة من حيث الحياة والعمر والإمكانات الأخرى. وخلاصة الأمر : ليس لها امتياز عليكم ، وإنّما جعلتم لها امتيازا عليكم بتصوراتكم وتخيلاتكم!

ثمّ إنّ كلمة «عباد» جمع «عبد» ويطلق هذا اللفظ على الموجود الحي ، مع أن الآية استعملته في الأصنام ، فكانت لذلك تفاسير متعددة التّفسير الأوّل : أنّه من المحتمل أن تشير الآية إلى المعبودين من جنس الإنسان أو المخلوقات الأخرى ، كالمسيح إذ عبده النصارى ، والملائكة إذ عبدتها جماعة من المشركين العرب.

والتّفسير الثاني : أنّ الآية تنزلت وحكت ما توهمه المشركين في الأصنام بأنّ لها القدرة ، فكانوا يكلمونها ويتضرعون إليها ، فالآية ـ محل البحث ـ تخاطبهم بأنّه على فرض أنّ للأصنام عقلا وشعورا ، فهي لا تعدو أن تكون عبادا أمثالكم.

التّفسير الثّالث : أنّ العبد في اللغة يطلق أحيانا على الموجود الذي يرزح تحت نيز الآخر ويخضع له ، حتى لو لم يكن له عقل وشعور ، ومن هذا القبيل أنّ العرب يطلقون على الطريق المطرّق بالذهاب والإياب أنّه «معبّد».

٣٣٤

ثمّ تضيف الآية : أنّكم لو تزعمون بأنّ لهم عقلا وشعورا( فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) .

وهذا هو الدليل الثّاني على إبطال منطق المشركين ، وهو كون الأصنام لا تستطيع أن تعمل شيئا ، وهي ساكتة عاجزة عن الإجابة والردّ وفي البيان الثّالث تبرهن الآية على أنّ الأصنام أضعف حتى من عبادها المشركين ، فتساءل مستنكرة :( أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ ) (1) ( بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها ) .

وهكذا فإنّ الأصنام من الضعة بمكان حتى أنّها بحاجة إلى من يدافع عنها ويحامي عنها ، فليس لها أعين تبصر بها ، ولا آذان تسمع بها ، ولا أرجل تمشي بها ، ولا أي إحساس آخر. وأخيرا فإنّ الآية تبيّن ضمن تعبير هو في حكم الدليل الرّابع مخاطبة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائلة :( قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ ) .

أي إذا كنت كاذبا ، وأنّ الأصنام مقربات عند الله ، وقد تجرأت عليها فلم لا تعضب عليّ؟ وليس لها ولا لكم ولمكائدكم أي تأثير علي. فبناء على ذلك فاعلموا أنّ هذه الأصنام موجودات غير مؤثرة ، وإنّما تصوراتكم هي التي أضفت عليها ذلك التوهّم!.

* * *

__________________

(1) يبطشون فعل مشتق من «البطش» على زنة «العرش» ومعناه الاستيلاء بالشدّة والصولة والقدرة!

٣٣٥

الآيات

( إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (198) )

التّفسير

المعبودات التي لا قيمة لها :

تعقيبا على الآية المتقدمة التي كانت تخاطب المشركين بالقول (على لسان النّبي) :( ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ ) منبهة إياهم أنّهم لا يستطيعون أن يصيبوا النّبي بأدنى ضرر ، فإنّ الآية الأولى ـ من الآيات ـ محل البحث ـ تذكر الدليل على ذلك فتقول :( إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ ) .

وليس وليي وحدي فحسب ، بل هو ولي جميع الصالحين( وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) .

ثمّ يؤكّد القرآن بالآية التّالية على بطلان عبادة الأوثان مرّة أخرى فيقول :( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ) .

٣٣٦

بل أبعد من ذلك( وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا ) وبالغرم من العيون المصنوعة لهم التي يخيل إلى الرائي أنّها تنظر :( وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ) .

وكما أشرنا سابقا أيضا ، فالآية ـ محل البحث ـ يحتمل أن تشير إلى الأصنام كما يحتمل أن تشير إلى المشركين. ففي الصورة الأولى مفهومها ـ كما قدمنا بيانه ـ أمّا في الصورة الثّانية فيكون مفهومها : أنّه لو دعا المسلمون هؤلاء المشركين المعاندين إلى طريق التوحيد الصحيح ما قبلوا ذلك منهم ، وهم ينظرون إليك ويرون دلائل الصدق والحق فيك ، إلّا أنّهم لا يبصرون الحقائق!

ومضمون الآيتين الأخيرتين ورد في الآيات السابقة أيضا ، وهذا التكرار إنّما هو لمزيد التأكيد على مكافحة الشرك وقلع جذوره التي نفذت في أفكار المشركين وأرواحهم عن طريق التلقين والتقرير المتكرر.

* * *

٣٣٧

الآيات

( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (202) وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) )

التّفسير

وساوس الشّيطان :

في هذه الآيات يبيّن القرآن شروط التبليغ وقيادة الناس وإمامتهم بأسلوب أخّاذ رائق وجيز ، وهي في الوقت ذاته تتناسب والآيات المتقدمة التي كانت تشير إلى مسألة تبليغ المشركين أيضا.

ففي الآية الأولى ـ من الآيات محل البحث ـ إشارة إلى ثلاث من وظائف القادة والمبلغين ، فتوجه الخطاب للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتقول في البداية( خُذِ الْعَفْوَ ) .

٣٣٨

العفو : قد يأتي بمعنى الزيادة في الشيء أحيانا ، كما قد يأتي بمعنى الحدّ الوسط ، كما يأتي بمعنى قبول العذر والصفح عن المخطئين والمسيئين ، وتأتي أحيانا بمعنى استسهال الأمور.

والقرائن الموجودة في الآية تدلّ على أنّ الآية محل البحث لا علاقة لها بالمسائل المالية وأخذ المقدار الإضافي من أموال الناس ، كما ذهب إليه بعض المفسّرين ، بل مفهومها المناسب هو استسهال الأمور ، والصفح ، واختيار الحدّ الوسط(1) .

ومن البديهي أنّه لو كان القائد أو المبلغ شخصا فظا صعبا ، فإنّه سيفقد نفوذه في قلوب الناس ويتفرقون عنه ، كما قال القرآن الكريم :( وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) (2) .

ثمّ تعقيب الآية بذكر الوظيفة الثّانية للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتأمره بأن يرشد الناس إلى حميد الأفعال التي يرتضيها العقل ويدعو إليها اللهعزوجل قائلة :( وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ ) .

وهي تشير إلى أنّ ترك الشدّة لا يعني المجاملة ، بل هو أن يقول القائد أو المبلغ الحق ، ويدعو الناس إلى الحق ولا يخفي شيئا.

أمّا الوظيفة الثّالثة للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهي أن يتحمل الجاهلين ، فتقول :( وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ) .

فالقادة والمبلغون يواجهون في مسيرهم أفرادا متعصّبين جهلة يعانون من انحطاط فكري وثقافي وغير متخلقين بالأخلاق الكريمة ، فيرشقونهم بالتهم ، ويسيئون الظن بهم ويحاربونهم.

فطريق معالجة هذه المعضلة لا يكون بمواجهة المشركين بالمثل ، بل

__________________

(1) لمزيد من التوضيح يراجع الجزء الثّاني من التّفسير الأمثل في هذا الصدد.

(2) آل عمران ، 159.

٣٣٩

الطريق السليم هو التحمل والجلد وعدم الاكثرات بمثل هذه الأمور. والتجربة خير دليل على أنّ هذا الأسلوب هو الأسلوب الأمثل لمعالجة الجهلة ، وإطفاء النائرة ، والقضاء على الحسد والتعصب ، وما إلى ذلك.

وفي الآية التّالية دستور آخر ، وهو في الحقيقة يمثل الوظيفة الرّابعة التي ينبغي على القادة والمبلغين أن يتحملوها ، وهي أن لا يدعوا سبيلا للشيطان إليهم ، سواء كان متمثلا بالمال أم الجاه أم المقام وما إلى ذلك ، وأن يردعوا الشياطين أو المتشيطنين ووساوسهم ، لئلا ينحرفوا عن أهدافهم.

فالقرآن يقول :( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (1) .

أجمع آية أخلاقية :

روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : «لا آية في القرآن أجمع في «المسائل» الأخلاقية من هذه الآية»(2) «أي الآية الأولى من الآيات محل البحث».

قال بعض الحكماء في تفسير هذا الحديث : إنّ أصول الفضائل الأخلاقية وفقا لأصول القوي الإنسانية «العقل» و «الغضب» و «الشّهوة» تتلخص في ثلاثة أقسام :

1 ـ الفضائل العقلية : وتدعى بالحكمة ، وتتلخص بقوله تعالى :( وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ) .

2 ـ والفضائل النّفسية في مواجهة الطغيان والشهوة ، وتدعى بالعفة ، وتتلخص بـ «خذ العفو».

3 ـ والتسلط على القوة الغضبية ، وتدعى بالشجاعة ، وتتلخص في قوله

__________________

(1) ينزغ مأخوذ من مادة «النزغ» على زنة «النزع» ومعناه الدخول في الأمر لإفساده أو الإثارة ضده!

(2) مجمع البيان ، ذيل الآية.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442