مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٠

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل13%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 442

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 442 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225759 / تحميل: 4727
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلاَّ الماء، وأصبحوا صياماً، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه. ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك. فلمّا أصبحوا أخذ عليرضي‌الله‌عنه بيد الحسن والحسين، وأقبلوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع قال: ما أشدَّ ما يسوءني ما أرى بكم.

وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها قد التصق بطنها بظهرها، وغارت عيناها فساءه ذلك، فنزل جبرئيلعليه‌السلام وقال: خذها يا محمد، هنَّاك الله في أهل بيتك. فأقرأه السورة.

وأمّا تفسير الآيات مع رعاية الاختصار والإيجاز:

( إِنَّ الْأَبْرَارَ ) الأبرار: جمع بارّ أو برّ، وهم علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ( يَـشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ ) هي الزجاجة إذا كان فيها الشراب أو المراد من الكأس نفس الشراب لا الزجاجة( كَانَ مِزَاجُهَا ) الذي تمزج به من عين في الجنّة تُسمّى( كَافُورًا ) لأنّ ماءها في بياض الكافور وبرودته لا في خواصه وآثاره، ومن الممكن أنّ كافور اسم عين في الجنّة بدليل قوله تعالى( عَيْنًا ) كأنّها عطف أو بدل من كافور أي تفسير له( شْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّـهِ ) الكاملون في العبادة الذين ذكرهم في كتابه( وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴿63﴾ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ) إلى آخر الآيات الدالة على الصفات الكاملة.

( يُفَجِّرُونَهَا ) يفجرونها حيث شاءوا( تَفْجِيرًا ) سهلاً يسيراً( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) إنّهم استحقّوا هذا الجزاء بسبب وفائهم بالنذر؛ لأنّ النذر هو ما

١٨١

يوجبه الإنسان على نفسه فإذا وفى بالنذر فهو بما أوجب الله عليه كان أوفى( وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ) منتشراً( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ ) أي بالرغم من حبِّهم للطعام لشدَّة جوعهم بسبب الصوم( مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) كل ذلك حبّاً للخير وإيثاراً على أنفسهم، وإشفاقاً على المسكين ورأفة باليتيم وعطفاً على الأسير( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً ) بفعل تفعلونه( وَلَا شُكُورًا ) بقول تقولونه، قال مجاهد: إنّهم لم يقولوا حين أطعموا الطعام شيئاً، وإنّما علمه الله منهم فأثنى به عليهم.

( إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ) شديد العبوس، تشبيهاً له في تخويفه بالأسد العبوس أو الحاكم المتنمّر العبوس.

( فَوَقَاهُمُ اللَّـهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ ) تأميناً لهم من شرّه وضرّه( وَلَقَّاهُمْ نَـضْرَةً ) في وجوههم( وَسُرُورًا ) في قلوبهم ( وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا ) على الإيثار مع شدّة الجوع( جَنَّةً وَحَرِيرًا ) ثم ذكر الله أحوالهم في الجنة( مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ) في منتهى الراحة والرفاهية( لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا ) يؤذي حرّها( وَلَا زَمْهَرِيرًا ) يؤذي برده.

( وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ) يسهل عليهم اقتطاف فواكه الجنّة( وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ ) خلقها الله بإرادته( كَانَتْ قَوَارِيرَا ﴿15﴾ قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ) على حسب ما تشتهي أنفسهم وتتمنّى قلوبهم في التكيّف بالكيفيّات المخصوصة إلى آخر السورة التي في وصف نعم الجنّة ونعيمها وعيون تسمّى زنجبيلاً وسلسبيلاً. والخدم الذين يخدمونهم والمـُلك الكبير الذي يكون لهم مع النعيم والملابس

١٨٢

الخُضر من الإستبرق، والزينة التي يتزيّنون بها، والشراب الطهور الذي يشربونه.

والعجيب أنّ الله تعالى ذكر في هذه السورة الكثير الكثير من نعم الجنّة، ولم يذكر - هنا - الحور العين؛ لأنّ الآية نزلت في حق علي وفاطمة وولديهما، فحفظ الله لفاطمة الزهراء جلالتها إذ لم يذكر - عزّ وجل - الحور العين كرامة لسيّدة نساء العالمين.

١٨٣

فاطمة الزهراءعليها‌السلام في آية النور

قال تعالى:( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ... ) (1) .

روى الحافظ ابن المغازلي الشافعي - في كتاب المناقب - بالإسناد إلى علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن [ الكاظم ]عليه‌السلام عن قوله (عزّ وجلّ):( كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) ؟

قالعليه‌السلام : المشكاة: فاطمة، والمصباح: الحسن، والحسين: الزجاجة.

( كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) : قال: كانت فاطمة كوكباً دُريّاً بين نساء العالمين...( يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ ) قال: يكاد العِلم أن ينطق منها(2) .

أقول: لقد مرّت عليك بعض الأحاديث التي تتحدّث عن نور الزهراء الزاهر المشرق.

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: (... ونور ابنتي فاطمة من نور الله...)(3) .

____________________

(1) النور: 35.

(2) المناقب ص 317.

(3) بحار الأنوار ج 15 ص 10.

١٨٤

مكانة فاطمة الزهراء عند أبيها

الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

إنّ من الصعب المستصعب تحديد مكانة السيدة فاطمة الزهراء عند أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن الصحيح أن يقال: إنّه خارج عن قدرة القلم واللسان، والتحليل والبيان.

ويمكن لنا أن نجمل القول ونوجزه فنقول:

كانت السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام قد حلّت في أوسع مكان من قلب أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووقعت في نفسه الشريفة أحسن موقع.

فكان النبي يحبّها حبّاً لا يشبه محبّة الآباء لبناتهم، إذ كان الحب مزيجاً بالاحترام والتعظيم، فلم يعهد من أي أبٍ في العالم ما شوهد من رسول الله تجاه السيدة فاطمة الزهراء.

ولم يكن ذلك منبعثاً من العاطفة الأبوية فحسب، بل كان الرسول ينظر إلى ابنته بنظر الإكبار والإجلال؛ وذلك لما كانت تتمتّع به السيدة فاطمة من المواهب والمزايا والفضائل، ولعلّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان مأموراً باحترامها وتجليلها، فما كان يَدَعُ فرصةً أو مناسبةً تمرّ به إلاّ وينوّه بعظمة ابنته، ويشهد بمواهبها ومكانتها السامية عند الله تعالى وعند رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

مع العلم أنّه لم يُسمع من الرسول ذلك الثناء المتواصل الرفيع

١٨٥

ولا معشاره في حق بقيّة بناته.

ولم يكن ثناؤه عليها اندفاعاً للعاطفة والحُبِّ النفسي فقط، بل ما كان يسع له السكوت عن فضائل ابنته ودرجتها السامية عند الله تعالى. ولو لم يكن لها عند الله تعالى فضل عظيم لم يكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفعل معها ذلك؛ إذ كانت ولده وقد أمر الله بتعظيم الولد للوالد، ولا يجوز أن يفعل معها ذلك، وهو بضدّ ما أمر به أُمَّته عن الله تعالى.

وكان ذلك كلّه لأسباب منها:

كشفاً للحقيقة، وإظهاراً لمقام ابنته عند الله وعند الرسول، وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله يعلم ما سيجري على ابنته العزيزة من بعده من أنواع الظلم والاضطهاد والإيذاء وهتك الحرمة؛ ولهذا أراد الرسول أن يتمّ الحجّة على الناس، حتى لا يبقى لذي مقالٍ مقالٌ أو عذر، وإليك هذه الأحاديث التي تدل على ما كانت تتمتّع به السيدة فاطمة من المكانة في قلب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

رُوي عن الإمام الصادق، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن السيدة فاطمةعليها‌السلام قالت: (لما نزلت: ( لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً ) هبِتُ رسول الله أن أقول له: يا أبة. فجعلت أقول: يا رسول الله. فأقبل عليَّ فقال: يا فاطمة إنّها لم تنزل فيكِ ولا في أهلكِ ولا في نسلكِ، أنتِ منّي وأنا منك، إنّما نزلت في أهل الجفاء والبذخ والكبر من قريش، قولي: يا أبة؛ فإنّها أحيى للقلب وأرضى للرب، ثم قبَّل النبي جبهتي...)(1) .

أيضاً: عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة قالت: ما رأيت أحداً أشبه

____________________

(1) المناقب لابن المغازلي الشافعي ص 364.

١٨٦

كلاماً وحديثاً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من فاطمة، كانت إذا دخلت عليه رحَّب بها وقبَّل يديها وأجلسها في مجلسه، فإذا دخل عليها قامت إليه فرحَّبت به وقبّلت يديه... إلى آخره.

وسأل بزل الهروي الحسينَ بن روح قال: كم بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

قال: أربع.

فقال: أيّتهن أفضل؟

قال: فاطمة.

قال: ولِمَ صارت أفضل وكانت أصغرهنّ سنّاً وأقلّهنّ صحبة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

قال: لخصلتين خصّها الله بهما:

1 - أنّها ورثت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

2 - ونسل رسول الله منها، ولم يخصّها بذلك إلاّ بفضل إخلاصٍ عرفه من نيّتها.

وعن حذيفة قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا ينام حتى يقبّل عرض وجه فاطمة...(1) .

وعن ابن عمر: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبَّل رأس فاطمة وقال: فداكِ أبوكِ، كما كنت فكوني(2) .

وفي روايةٍ: فداكِ أبي وأُمّي(3) .

وعن عائشة: قبَّل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحر فاطمة.

____________________

(1) و (2) مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي ص 66.

(3) مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري الشافعي ج3 ص 165.

١٨٧

وفي رواية: فقلت: يا رسول الله فعلتَ شيئاً لم تفعله؟

فقال: يا عائشة إني إذا اشتقتُ إلى الجنّة قبّلت نحر فاطمة(1) .

وعن عائشة قالت: كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا قدم من سفر قبَّل نحر فاطمة وقال: منها أشمّ رائحة الجنّة(2) .

أقول: قد ذكرنا شيئاً من هذه الأحاديث في أوائل الكتاب.

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: (رائحة الأنبياء: رائحة السفرجل، ورائحة الحور العين: رائحة الآس، ورائحة الملائكة: رائحة الورد، ورائحة ابنتي فاطمة الزهراء: رائحة السفرجل والآس والورد)(3) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: (... ولو كان الحُسن شخصاً لكان فاطمة، بل هي أعظم، إنّ ابنتي فاطمة خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً)(4) .

وعن الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام ، عن جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: (فاطمة بهجة قلبي، وابناها ثمرة فؤادي، وبعلها نور بَصري، والأئمّة من ولدها أُمناء ربّي، وحبله الممدود بينه وبين خَلقه، مَن اعتصم به نجا، ومَن تخلّف عنه هوى)(5) .

وروي أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ناول الزهراء ماءاً، فشربت فقال لها: (هنيئاً مريئاً يا أُمَّ الأبرار الطاهرين) إلى آخر الحديث(6) .

____________________

(1) ذخائر العقبى للمحب الطبري ص 36، وسيلة المآل للحضرمي ص 79 طبعة المكتبة الظاهرية بدمشق.

(2) ينابيع المودَّة للقندوزي الحنفي ص 260.

(3) بحار الأنوار، كتاب الأطعمة والأشربة، باب السفرجل.

(4) فرائد السمطين للجويني الشافعي ج 2 ص 68.

(5) فرائد السمطين للجويني الشافعي ج 2 ص 66.

(6) بحار الأنوار ج 76 ص 67.

١٨٨

وعن فاطمة الزهراءعليها‌السلام قالت: قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (ألا أُبشِّرك؟ إذا أراد الله أن يتحف زوجة وليِّه في الجنّة، بعث إليك تبعثين إليها من حُليِّك)(1) .

وبهذه الأحاديث الآتية - الصحيحة عند الفريقين - يمكن لنا أن نطّلع على المزيد من الأسباب والعلل التي كوَّنت في سيّدة نساء العالمين تلك القداسة والعظمة والجلالة:

1 - قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أفضل نساء أهل الجنّة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم (امرأة فرعون) ومريم بنت عمران(2).

2 - وقال أيضاً: خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد(3) .

3 - وقال أيضاً: حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون(4) .

هذه أحاديث ثلاثة تصرِّح بتفضيل هذه السيّدات الأربع على سائر

____________________

(1) دلائل الإمامة ص 2.

(2) مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 293، الاستيعاب لابن عبد البر الأندلسي ج 2 ص 750 في ترجمة السيدة خديجة، مستدرك الصحيحين للحاكم ج 3 ص 160، الاعتقاد للحافظ البيهقي ص 165، تاريخ الإسلام للذهبي ج 3 ص 92 أسد الغابة لابن الأثير الجزري ج 5 ص 437 وغيرها.

(3) المصدر السابق.

(4) الاستيعاب، لابن عبد البر الأندلسي ج 2 ص 750، مشكل الآثار للطحاوي ج 1 ص 48، مستدرك الصحيحين للحاكم ج 3 ص 157، معالم التنزيل للحافظ البغوي الشافعي ج 1 ص 291 وغيرها.

١٨٩

نساء العالم، إلاّ أنّها لا تصرِّح ببيان الأفضل من تلك الأربع، ولكنّ الأحاديث المتواترة المعتبرة تصرِّح بتفضيل السيدة فاطمة الزهراء عليهنّ وعلى غيرهن.

ونحن لا نشك في ذلك، بل نعتبره من الأمور المسلَّمة المتفق عليها؛ لأنّها بضعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا نعدل بها أحداً.

ولم ننفرد بهذه الحقيقة، بل وافقنا على ذلك الكثير الكثير من العلماء والمحدّثين المنصفين، من المتقدّمين منهم والمتأخّرين والمعاصرين، بل صرَّح بذلك بعضهم، وإليك بعض أقوال أُولئك الأعلام:

عن مسروق قال: حدثتني عائشة أُم المؤمنين قالت: إنا كنّا أزواج النبي عنده لم تغادر منا واحدة، فأقبلت فاطمة تمشي، لا والله ما تخفي مشيتُها من مشية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا رآها رحَّب بها وقال: مرحباً بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارّها(1) فبكت بكاءً شديداً، فلمّا رأى حزنها سارّها الثانية! فإذا هي تضحك، فقلت لها - أنا من بين نسائه -: خصّكِ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالسرّ من بيننا، ثم أنتِ تبكين؟

فلما قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سألتها: عمّا سارّك؟

قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله سرَّه. فلمّا توفّي قلت لها: عزمتُ عليك بما لي عليك من الحق (!!) لما أخبرتيني!

قالت: أما الآن فنعم، فأخبرتني قالت: سارَّني في الأمر الأول فإنّه أخبرني أنّ جبرائيل كان يعارضه (القرآن) كل سنة(2) وأنّه قد عارضني به

____________________

(1) أي: أسرّ إليها.

(2) هكذا وجدنا في المتن، والأصح: يعارضني، كما في مصادر أُخرى.

١٩٠

العام مرّتين، ولا أرى الأجل إلاَّ قد اقترب، فاتقي الله واصبري فإنّي نعم السلف أنا لك، قالت: فبكيت بكائي الذي رأيتِ، فلما رأى جزعي سارَّني الثانية قال: يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين أو سيّدة نساء هذه الأُمّة؟(1) .

وفي رواية البغوي في (مصابيح السنة): ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء العالمين وسيّدة نساء هذه الأُمّة، وسيّدة نساء المؤمنين؟

والأحاديث التي تصرّح بسيادتها وتفضيلها على نساء العالمين كثيرة جدّاً، وجُلّها مرويّة عن: عائشة، وعن عمران بن حصين، وعن جابر بن سمرة، وعن ابن عباس، وأبي بريدة الأسلمي، وغيرهم، وقد روى البخارى هذا الحديث في الجزء الرابع ص 203 من صحيحه، وعدد كثير من علماء العامّة كالقسطلاني والقندوزي والمتقي والهيثمي والنّسائي والطحاوي، وغيرهم ممّن يطول الكلام بذكرهم.

ولقد ورد هذا الحديث بطرق عديدة، وفي بعضها: أنّ سبب ضحكها هو إخبار النبي لها بأنّها أوّل أهل بيته لحوقاً به، وفي بعضها أنّ سبب ضحكها أو تبسّمها هو إخبار النبي لها أنّها سيّدة نساء العالمين.

ولكن روى أحمد بن حنبل حديثاً يجمع بين هاتين الطائفتين من الأحاديث: بإسناده عن عائشة قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأنّ مشيتها مشية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: مرحباً بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أنّه أسرَّ إليها حديثاً فبكت، ثم أسرَّ إليها حديثاً

____________________

(1) طبقات ابن سعد ج 2، ورواه باختلاف يسير كل من: مسلم في صحيحه ج 7 ص 142، والبلاذري في أنساب الأشراف ص 552، والسيوطي في الخصائص ص 34 والحافظ البيهقي في الاعتقاد ص 125، والطبري في ذخائر العقبى ص 39، وسبط ابن الجوزي في التذكرة ص 319، وغيرهم.

١٩١

فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن، فسألتُها عمّا قال؟ فقالت: ما كنت لأفشي سرَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

حتى إذا قُبض النبي سألتها؟

فقالت: إنّه أسرّ إليّ فقال: إنّ جبرئيل كان يعارضني بالقرآن في كل عام مرّة، وإنّه عارضني به العام مرّتين، ولا أراه إلاَّ قد حضر أجلي، وإنّكِ أوّل أهلي لحوقاً بي ونعم السلف أنا لكِ، فبكيتُ لذلك، ثم قال: ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء هذه الأُمّة أو نساء المؤمنين؟

قالت: فضحكتُ لذلك(1) .

وقد روى البخاري في صحيحه ج 5 ص 21 و 29: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: فاطمة بضعة منّي، فمَن أغضبها فقد أغضبني.

وروى البخاري عن أبي الوليد: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: فاطمة بضعة منّي مَن آذاها فقد آذاني.

وقد ورد هذا الحديث بألفاظ متنوّعة ومعاني متّحدة كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

فاطمة بضعة منّي، يؤذيني ما آذاها، ويغضبني ما أغضبها.

فاطمة بضعة منّي، يقبضني ما يقبضها، ويبسطني ما يبسطها (2) .

فاطمة شجنة منّي (3) ، فاطمة مضغة منّي فمَن آذاها فقد آذاني.

فاطمة مضغة منّي، يسرّني ما يسرّها.

يا فاطمة إنّ الله يغضب لغضبكِ ويرضى لرضاكِ.

____________________

(1) مسند أحمد ج 6 ص 282.

(2) أي: يسرّني ما يسرّها؛ لأنّ الإنسان إذا سرّ انبسط وجهه.

(3) الشجنة أي: القطعة والبضعة.

١٩٢

فمَن عرف هذه فقد عرفها، ومَن لم يعرفها فهي بضعة منّي.

هي قلبي وروحي التي بين جنبيّ، فمَن آذاها فقد آذاني، ومَن آذاني فقد آذى الله.

إنّ الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها.

وقد روى هذه الأحاديث أكثر من خمسين رجلاً من رجال الحديث والسنن، كأحمد بن حنبل، والبخاري، وابن ماجة، والسجستاني، والترمذي، والنسائي، وأبو الفرج، والنيسابوري، وأبو نعيم، والبيهقي، والخوارزمي، وابن عساكر، والبغوي، وابن الجوزي، وابن الأثير، وابن أبي الحديد، والسيوطي، وابن حجر، والبلاذري، وغيرهم ممّن يعسر إحصاؤهم، وقد ذكرنا شيئاً من تلك الأحاديث مع مصادرها في أوائل الكتاب.

وقد وقعت هذه الأحاديث موقع الرضا والقبول من الصحابة والتابعين؛ لتواترها وصحّة أسنادها وشهرتها في الملإ الإسلامي.

أمّا الصحابة فلنا في المستقبل مجال واسع لاعتراف بعضهم بصحّة هذا الحديث وسماعه من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأمّا التابعون فقد روى أبو الفرج في الأغاني ج 8 ص 307 بإسناده قال: دخل عبد الله بن حسن على عمر بن عبد العزيز، وهو حديث السن وله وفرة، فرفع مجلسه، وأقبل عليه وقضى حوائجه، ثم أخذ عُكنة من عُكنه(1) فغمز (بطنه) حتى أوجعه وقال له: اذكرها عندك للشفاعة.

فلما خرج (عبد الله بن حسن) لامه أهله(2) وقالوا: فعلتَ هذا بغلام حديث السن، فقال: إنّ الثقة حدثني حتى كأنّي اسمعه من فيّ رسول

____________________

(1) العكنة - بضم العين - اللحم المنثني من البطن.

(2) أي: لام الناس عمر بن عبد العزيز.

١٩٣

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (1) قال: (إنّما فاطمة بضعة منّي يسرّني ما يسرّها) وأنا أعلم أنّ فاطمة لو كانت حيَّة لسرّها ما فعلت بابنها.

قالوا: فما معنى غمزك بطنه وقولك ما قلت؟

قال: إنّه ليس أحد من بني هاشم إلاَّ وله شفاعة، فرجوت أن أكون في شفاعة هذا.

قال السمهودي - بعد إيراده حديث: فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها ويريبني ما أرابها -: فمَن آذى شخصاً من أولاد فاطمة أو أبغضه جعل نفسه عُرضة لهذا الخطر العظيم، وبضدّه (وبالعكس) مَن تعرَّض لمرضاتها في حبّهم وإكرامهم.

وقال السهيلي: هذا الحديث يدل على أنّ مَن سبّها كفر، ومَن صلَّى عليها فقد صلَّى على أبيها، واستنبط أنّ أولادها مثلها لأنّهم بضعة مثلها، وفكّ الفرع من أصله هو فكّ الشيء من نفسه وهو غير ممكن ومحال، باعتبار أنّ ذلك الفرع هو الشخص المعمول من مادة ذلك الأصل ونتيجته المتولّدة منه. انتهى كلامه.

أقول: لعلّ المقصود من الخطر العظيم الذي ذكره السمهودي هو إشارة إلى قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً ) وقوله:( وَالّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .

أيها القارئ الذكي: بعد الانتباه إلى هذه الآيات، وبعد الإمعان والتدبّر في هذه الأحاديث والروايات ما تقول فيمَن آذى فاطمة الزهراء؟!!

أعود إلى حديثي عن مدى حبّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

____________________

(1) أي: من فم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

١٩٤

لابنته السيدة فاطمة الزهراء:

من الصعب إحصاء الأحاديث التي تصرّح بأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أراد سفراً كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمةعليها‌السلام وأول مَن يدخل عليها - بعد رجوعه من السفر - فاطمة(1) .

كانصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا رجع من سفره دخل على ابنته فاطمة أوّلاً، ثم ذهب إلى داره والتقى بزوجاته(2) .

إنّه كان يفضّل الزهراء على زوجاته ونسائه؛ وما ذاك إلاّ لأنّ الله فضّلها عليهنّ وعلى نساء العالمين.

فقدم من غزاة، وقد علَّقت مسحاً أو ستراً على بابها، وحلَّت(3) الحسن والحسين قلبين من فضّة، فقدم ولم يدخل، فظنّت أنّ ما منعه أن يدخل دارها ما رأى، فهتكت الستر، وفكَّت القلبين من الصَّبيين، وقطعته منهما، ودفعته إليهما، فانطلقا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهما يبكيان، فأخذه منهما فقال: يا ثوبان اذهب بهذا إلى فلان، إنّ هؤلاء أهلي أكره أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا، يا ثوبان(4) اشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج.

روى هذا الحديث الخطيب العمري في (مشكاة المصابيح)، والطبري في (ذخائر العقبى)، والنويري في (نهاية الارب)، والقندوزي في (ينابيع المودّة)، والطبراني في (المعجم الكبير)، والزبيدي في (إتحاف السادة)، وغيرهم.

____________________

(1) السُنن الكبرى للبيهقي ج 1 ص 26، ذخائر العقبى للطبري ص 37، مستدرك الصحيحين للحاكم ج 3 ص 156 وغيرها.

(2) الاستيعاب للأندلسي ج 2 ص 750، مستدرك الصحيحين ج 3 ص 155.

(3) حلَّت - من التحلية - وهي التجميل ولبس الحلي. قلبين - تثنية قلب - وهو السوار.

(4) ثوبان: اسم غلام.

١٩٥

وقد روى هذا الحديث من علمائنا: الشيخ الكليني في (الكافي)، والطبرسي في (مكارم الأخلاق) أكثر تفصيلاً وتوضيحاً مع اختلاف يسير:

عن زرارة عن أبي جعفر (الباقر)عليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أراد سفراً سلَّم على مَن أراد التسليم عليه من أهله، ثم يكون آخر مَن يسلّم عليه فاطمةعليها‌السلام فيكون وجهه إلى سفره من بيتها، وإذا رجع بدأ بها (أي يزورها قبل كل أحد) فسافر مرَّة، وقد أصاب عليعليه‌السلام شيئاً من الغنيمة فدفعه إلى فاطمة فخرج، فأخذت سوارين من فضّة، وعلَّقت على بابها ستراً، فلمّا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل المسجد، فتوجَّه نحو بيت فاطمة كما كان يصنع، فقامت فرحة إلى أبيها صبابة وشوقاً إليه، فنظر فإذا في يدها سواران من فضّة وإذا على بابها ستر، فقعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث ينظر إليها، فبكت فاطمة وحزنت وقالت: ما صنع هذا بي قبلها.

فدعت ابنيها، فنزعت الستر عن بابها، وخلعت السوارين من يديها، ثم دفعت السوارين إلى أحدهما والستر إلى الآخر ثم قالت لهما: انطلقا إلى أبي، فأقرئاه السلام وقولا له: ما أحدثنا بعدك غير هذا، فشأنك به. فجاءاه، فأبلغاه ذلك عن أُمّهما، فقبّلهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتزمهما وأقعد كل واحد منهما على فخذه، ثم أمر بذينك السوارين فكسّرا فجعلهما قطعاً، ثم دعا أهل الصُّفة، وهم قوم من المهاجرين، لم يكن لهم منازل ولا أموال فقسّمه بينهم قِطَعا... إلى آخره.

إنّ هذا الحديث الذي تراه مشهوراً عند الفريقين، مرويّاً بطرق عديدة لعلّه يحتاج إلى شرح وتعليق، مع العلم أنّ رواة هذا الحديث لم يتطرّقوا إلى

١٩٦

شرح ما يلزم:

أقول: ليس المقصود من هذا الستر هو الستر المرخى على مدخل البيت عند فتح باب البيت؛ لأنّ هذا أمر مستحب للمبالغة على التستّر والحجاب، وحاشا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يغضب من سترٍ قد عُلّق على مدخل بيت فاطمة.

بل المقصود أنّ السيدة فاطمةعليها‌السلام كانت قد علَّقت على باب البيت (لا مدخل البيت) ستراً يستر الباب الخشبي، للزينة، المسمَّى في زماننا بـ (الديكور) تجمّلاً أو تجميلاً للباب، وبعبارة أخرى: ألبست الباب ثوباً - أي ستراً - وليس هذا بحرام، بل لأنّه لا يتفق مع التزهّد أو الزهد المطلوب من آل محمدعليهم‌السلام والمواساة المترقّبة المتوقّعة منهم، ونفس هذا الكلام يأتي في موضوع السوار والقلادة.

وبناءً على صحّة هذا الحديث كان الأفضل للسيّدة الزهراءعليها‌السلام أن تنفق ذلك الستر في سبيل الله بسبب الحاجة الماسَّة إليه، لكثرة الفقراء، وشدَّة الفقر المدقع عند فقراء المهاجرين ومن باب المواساة والإيثار.

وروى ابن شاهين في (مناقب فاطمة) عن أبي هريرة وثوبان هذا الحديث مع تغيير يسير، إلى أن قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : - بعدما دفعت الزهراء الستر والسوار إلى أبيها -: فعلت، فداها أبوها - ثلاث مرات - ما لآل محمد وللدنيا؟ فإنّهم خُلقوا للآخرة، وخُلقت الدنيا لهم.

وفي رواية أحمد بن حنبل: فإنّ هؤلاء أهل بيتي، ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا.

ويستفاد من هذا التعليل أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يحب أن ينقص حظ ابنته فاطمة الزهراء من الأجر والثواب في الآخرة؛

١٩٧

لأنّ مرارة الحياة وخشونة العيش في الدنيا لهما تعويض في الآخرة.

وبهذا الحديث الآتي يتضح ما قلنا:

عن تفسير الثعلبي، عن الإمام جعفر بن محمدعليه‌السلام وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قالا: رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة وعليها كساء من أجلّة الإبل، وهي تطحن بيديها، وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا بنتاه تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة.

فقالت: يا رسول الله الحمد لله على نعمائه، والشكر لله على آلائه.

فانزل الله: ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ ) (1) .

____________________

(1) بحار الأنوار ج 43.

١٩٨

زُهْدُهَا وَإنفَاقُهَا في سَبيل الله

كانت السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام على جانب كبير من الزهد، ومعنى الزهد: التخلّي عن الشيء وتركه وعدم الرغبة فيه، وكلّما ازداد الإنسان شوقاً إلى الآخرة ازداد زهداً في الدنيا، وكلّما عظمت الآخرة في نفس الإنسان صغرت الدنيا في عينيه وهانت، وهكذا كلّما ازداد الإنسان عقلاً وعلماً وإيماناً بالله ازداد تحقيراً واستخفافاً لملّذات الحياة.

أرأيت الأطفال كيف يلعبون، ويفرحون، ويحزنون ويتسابقون ويتنازعون على أشياء تافهة يلعبون بها، فإذا نضجت عقولهم وتفتّحت مشاعرهم تراهم يبتعدون عن تلك الألاعيب، ويستنكفون من التنازل إلى ذلك المستوى ويعتبرونه منافياً للوقار، ومُخلاًّ للشخصية، كل هذا بسبب تطوُّر مداركهم، وانتقالهم من دور الصبا إلى مرحلة الرجولة والنضج.

نعم، هكذا كان أولياء الله، كانوا ينظرون إلى حطام الدنيا نظرة تحقير واستهانة، ولا تتعلّق قلوبهم بحب الدنيا وما فيها، ولا يحبّون الدنيا للدنيا، بل يحبّون الدنيا للآخرة، يحبّون البقاء في الدنيا ليعبدوا الله تعالى، يريدون المال لينفقوه في سبيل الله عزّ وجل، لإشباع البطون الجائعة وإكساء الأبدان العارية وإغاثة الملهوف وإعانة المضطر.

بعد هذه المقدّمة يسهل عليك أن تدرك أُسس الزهد عند السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام فهي عرفت الحياة الدنيوية، وأدركت الحياة الأخروية، فلا عجب إذا قنعت باليسير اليسير من متاع الحياة، واختارت

١٩٩

لنفسها فضيلة المواساة والإيثار، وهانت عليها الثروة، وكرهت الترف والسرف.

فلا غرو، فهي بنت أزهد الزهّاد، وحياتها العقائدية ملازمة للزهد وحياتها الاجتماعية أيضاً تتطلّب منها الزهد، فهي أولى الناس بالسير على منهاج أبيها الرسول الزاهد العظيمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وحياتها الزوجية تبلورت بالزهد والقناعة، فلقد كان زوجها الإمام عليعليه‌السلام أوّل الناس وأكثرهم إتباعاً للرسول في زهده، ولم يشهد التاريخ الإسلامي رجلاً من هذه الأُمّة أكثر زهداً من علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

وهو الذي كان يخاطب الذهب والفضّة بقوله: يا صفراء يا بيضاء غرّي غيري. وقد أمر عليعليه‌السلام لأعرابي بألف. فقال الوكيل: من ذهب أو فضّة؟ فقال علي: كلاهما عندي حَجَران، فأعطوا الأعرابي أنفعهما له. وقد ذكرنا بعض ما يتعلق بهذا الموضوع في كتابنا: (علي من المهد إلى اللحد ) وإنّما تطرّقنا هنا إلى زهد عليعليه‌السلام بمناسبة حديثنا عن زهد السيدة فاطمة الزهراء، وقد مرّ عليك - فيما مضى - بعض الأحاديث عن زهدها وإنفاقها في سبيل الله في باب زواجها ونزول سورة هل أتى وغيرهما، وإليك نبذة من الأحاديث التي تشير إلى نفس الموضوع:

في السادس من البحار عن كتاب (بشارة المصطفى)، عن الإمام الصادق، عن أبيهعليهما‌السلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:

صلَّى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة العصر، فلمّا

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

ومحمد بن عبد الحميد، عن يونس بن يعقوب، عن أم سعيد الأحمسية قالت: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أي شئ تذكره في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام من الفضل؟ قال: « نذكر فيه يا أم سعيد فضل حجة وعمرة وخيرها كذا » وبسط يده ونكس أصابعه.

٢٩ -( باب استحباب تكرار زيارة قبر الحسينعليه‌السلام بقدر الامكان)

[١١٩٧١] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن أبيه وعلي بن الحسين وجماعة من مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد(١) بن سنان، عن أبي سعيد القماط عن ابن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول لرجل من مواليه: « يا فلان أتزور قبر أبي عبد الله الحسين بن عليعليهما‌السلام ؟ » قال: نعم إني أزوره بين ثلاث سنين مرة، فقال وهو مصفر وجهه: « أما والله الذي لا إله إلا هو، لو زرته كان أفضل لك مما أنت فيه » فقال له: جعلت فداك أكل هذا الفضل؟ فقال: « نعم » الخبر.

[١١٩٧٢] ٢ - وعن أبيه وعلي بن الحسين وجماعة مشايخه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن عباد أبي سعيد العصفري، عن علي بن حارث،(١) ، عن الفضل بن يحيى، عن أبيه، عن أبي عبد الله

__________________

الباب ٢٩

١ - كامل الزيارات ص ٢٦٦ ح ٢.

(١) في المخطوط: عبد الله، وما أثبتناه من المصدر ومن معاجم الرجال راجع ( معجم رجال الحديث ج ٢١ ص ١٧١ ).

٢ - كامل الزيارات ص ٢٦٩.

(١) وفي نسخة: حرب ( منه قده ) وقد ورد في معاجم الرجال بالاسمين

٢٦١

عليه‌السلام قال: « زوروا كربلا ولا تقطعوه، فإن خير أولاد الأنبياء ضمنته، ألا وأن الملائكة زارت كربلا ألف عام من قبل أن يسكنه جدي الحسينعليه‌السلام ، وما من ليلة تمضي إلا وجبرئيل وميكائيل يزورانه، فاجتهد يا يحيى أن لا تفقد من ذلك المواطن ».

٣٠ -( باب استحباب المشي إلى زيارة الحسينعليه‌السلام وغيره)

[١١٩٧٣] ١ - جعفر بن قولويه في كامل الزيارة: عن أبيه وعلي بن الحسين ومحمد بن الحسن جميعا، عن محمد بن يحيى العطار، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله بن محمد ما اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن يونس بن عبد الرحمن، عن قدامة بن مالك، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من زار الحسينعليه‌السلام محتسبا لا أشرا ولا بطرا، ولا رياء ولا سمعة، محصت عنه ذنوبه كما يمحص(١) الثوب في الماء فلا يبقى عليه دنس، ويكتب له بكل خطوة حجة، وكلما رفع قدما عمرة ».

[١١٩٧٤] ٢ - وعنهم جميعا، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن الحسن بن راشد، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في حديث:

__________________

راجع ( معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٢٩٩ ).

الباب ٣٠

١ - كامل الزيارات ص ١٤٤.

(١) التمحيص: التنقية والتخليص. ( لسان العرب ج ٧ ص ٩٠ )، وفي نسخة: يمضمض، ( منه قده ).

٢ - كامل الزيارات ص ١٩٨.

٢٦٢

« إذا أتيت أبا عبد اللهعليه‌السلام فاغتسل على شاطئ الفرات، ثم البس ثيابك الطاهرة، ثم امش حافيا فإنك في حرم من حرم الله ورسوله ( وعليك )(١) بالتكبير والتهليل والتمجيد والتعظيم لله كثيرا والصلاة على محمد وأهل بيته » الخبر.

٣١ -( باب استحباب الاستنابة في زيارة الحسينعليه‌السلام )

[١١٩٧٥] ١ - جعفر بن قولويه في كامل الزيارة عن أبيه، عن عبد الله جعفر الحميري بإسناد رفعه إلى علي بن ميمون الصائغ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في حديث في فضل زيارته - إلى أن قال - قلت: فإن أخرج عنه رجلا فيجوز ذلك؟ قال: « نعم وخروجه بنفسه أعظم أجرا، وخيرا له عند ربه، يراه ربه ساهر الليل له تعب النهار، ينظر الله إليه نظرة توجب له الفردوس الأعلى مع محمد وأهل بيته، فلتتنافسوا في ذلك وكونوا من أهله ».

[١١٩٧٦] ٢ - وعن أبيه، عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى العطار، عن العمركي، عن يحيى خادم أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، عن علي، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث طويل - قال: قلت له: فما لمن صلى عنده - يعني الحسينعليه‌السلام ؟ - قال: « من صلى عنده ركعتين لم يسأل الله شيئا الا أعطاه إياه - إلى أن قال: قلت: - فما لمن جهز إليه ولم يخرج لعلة؟ قال: يعطيه الله بكل درهم

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٣١

(١) أثبتناه من المصدر.

١ - كامل الزيارات ص ٢٩٥.

٢ - كامل الزيارات ص ١٢٩.

٢٦٣

أنفقه مثل أحد من الحسنات، ويخلف عليه أضعاف ما أنفق، ويصرف عنه من البلاء مما قد نزل فيدفع ويحفظ في ماله. وذكر الحديث بطوله.

٣٢ -( باب استحباب سكنى الكوفة)

[١١٩٧٧] ١ - البحار: عن كتاب الغيبة للسيد الجليل علي بن عبد الحميد، نقلا من كتاب فضل بن شاذان بإسناده عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، قال: « لموضع الرجل في الكوفة أحب إلي من دار بالمدينة ».

[١١٩٧٨] ٢ - وبإسناده عن سعد بن الأصبغ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من كان له دار في الكوفة فليتمسك بها ».

[١١٩٧٩] ٣ - السيد الرضي في الخصائص: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال في مدح الكوفة: « ( ويحك )(١) يا كوفة ما أطيبك وأطيب ريحك، وأخبث كثير من أهلك الخارج منك بذنب، والداخل فيك برحمة، أما لا تذهب الدنيا حتى يحن إليك كلّ مؤمن، ويخرج عنك كلّ كافر ( و )(٢) لا تذهب الدنيا حتى تكوني من النهرين إلى النهرين، حتى أن الرجل ليركب البغلة السفواء(٣) يريد الجمعة ولا يدركها ».

__________________

الباب ٣٢

١ - البحار ج ١٠٠ ص ٣٨٥ ح ١.

٢ - البحار ج ١٠٠ ص ٣٨٥ ح ٢.

٣ - الخصائص ص ٨٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: أما.

(٣) كان في المخطوط والحجرية: « الصفراء » وما أثبتناه من المصدر، والسفواء: الخفيفة السريعة ( مجمع البحرين ج ١ ص ٢٢٠ ).

٢٦٤

٣٣ -( باب استحباب اختيار زيارة الحسينعليه‌السلام على الحج والعمرة المندوبين)

[١١٩٨٠] ١ - جعفر بن قولويه في كامل الزيارة: عن أبيه وعلي بن الحسين والكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، قال: سأل بعض أصحابنا أبا الحسن الرضاعليه‌السلام ، عمن أتى قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: « تعدل عمرة ».

[١١٩٨١] ٢ - وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عثمان، عن إسماعيل بن عباد، عن الحسن بن علي، عن أبي سعيد المدائني قال: دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقلت: جعلت فداك آتي قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قال: « نعم يا أبا سعيد ائت قبر ( الحسين )(١) ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أطيب الطيبين، وأطهر الطاهرين، وأبر الأبرار، فإذا زرته كتب لك اثنتان وعشرون عمرة ».

[١١٩٨٢] ٣ - وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان قال: سمعت الرضاعليه‌السلام يقول: « زيارة الحسينعليه‌السلام تعدل عمرة مبرورة متقبلة(١) ».

__________________

الباب ٣٣

١ - كامل الزيارات ص ١٥٤.

٢ - كامل الزيارات ص ١٥٤.

(١) ليس في المصدر.

٣ - كامل الزيارات ص ١٥٥.

(١) في نسخة. مقبولة. - ( منه قده )

٢٦٥

[١١٩٨٣] ٤ - وعن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، عن الحسن بن الجهم قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : ما تقول في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فقال لي: « ما تقول أنت فيه؟ ». فقلت: بعضنا يقول حجة، وبعضنا يقول: عمرة فقال: « هي عمرة مقبولة ».

[١١٩٨٤] ٥ - وعن الحسن بن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن دراج، عن فضيل، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « زيارة قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وزيارة قبور الشهداء، وزيارة قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام (١) ، تعدل حجة مبرورة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

وعن ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن حريز، عن الفضيل بن يسار، مثله(٢) .

وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن حريز، عن الفضيل بن يسار، مثله(٣) .

[١١٩٨٥] ٦ - وعن محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين، عن محمد سنان،

__________________

٤ - كامل الزيارات ص ١٥٥.

٥ - كامل الزيارات ص ١٥٦.

(١) في نسخة. زيارة قبر الحسين عليه‌السلام وزيارة قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم ( منه قده ).

(٢) نفس المصدر ص ١٧٥.

(٣) نفس المصدر ص ١٥٧.

٦ - كامل الزيارات ص ١٥٦.

٢٦٦

قال: سمعت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام يقول: « من أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتب الله له حجة مبرورة ».

[١١٩٨٦] ٧ - محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن عبد الكريم بن حسان قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما يقال أن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام تعدل حجة وعمرة قال: فقال: « إن الحج والعمرة هاهنا، ولو أن رجلا أراد الحج ولم يتهيأ له فأتاه كتبت له حجة، ولو أن رجلا أراد العمرة فلم يتهيأ له فأتاه كتبت له عمرة ».

وعن جعفر بن محمد بن إبراهيم، عن عبد الله بن أحمد بن نهيك، عن ابن أبي عمير مثله(١) .

[١١٩٨٧] ٨ - وعن الحسن بن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن فضيل، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « زيارة قبر الحسينعليه‌السلام تعدل حجة(١) مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١١٩٨٨] ٩ - وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن إبراهيم بن عقبة، قال: كتبت إلى العبد الصالحعليه‌السلام : إن رأى سيدي أن يخبرني بأفضل ما جاء به في زيارة أبي عبد الله الحسين بن عليعليهما‌السلام ، وهل تعدل ثواب الحج لمن

__________________

٧ - كامل الزيارات ص ١٥٦.

(١) نفس المصدر ص ١٥٨.

٨ - كامل الزيارات ص ١٥٧.

(١) في المصدر: حجة مبرورة.

٩ - كامل الزيارات ص ١٥٧.

٢٦٧

فاته؟ فكتبعليه‌السلام : « تعدل الحج لمن فاته الحج ».

[١١٩٨٩] ١٠ - وعن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد معا، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن هارون بن خارجة، قال: سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا عنده، فقال: ما لمن زار قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فقال: « إن الحسينعليه‌السلام وكل الله به أربعة آلاف ملك شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة، فقلت له: بأبي أنت وأمي، روي عن أبيك في الحج والعمرة، قال: نعم حجة وعمرة حتى عد عشرة ».

[١١٩٩٠] ١١ - وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن بشير الدهان، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أيما مؤمن زار الحسين بن عليعليهما‌السلام عارفا بحقه في غير يوم عيد، كتبت له عشرون حجة، وعشرون عمرة مبرورات(١) ، وعشرون غزوة مع نبي مرسل وإمام عادل.

وعن أبيه، عن سعد مثله.

[١١٩٩١] ١٢ - وعن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد معا، عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن صفوان بن يحيى وجعفر بن عيسى، عن أبي عبد الله الحسين بن أبي غندر، عمن حدثه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « كان الحسين بن عليعليهما‌السلام

__________________

١٠ - كامل الزيارات ص ١٥٨.

١١ - كامل الزيارات ص ١٦٩ ح ١٨٣.

(١) في المصدر زيادة: متقبلات.

١٢ - كامل الزيارات ص ٦٨.

٢٦٨

ذات يوم في حجر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يلاعبه ويضاحكه، فقالت عائشة: يا رسول الله ما أشد إعجابك بهذا الصبي! فقال لها: ويلك وكيف لا أحبه ولا أعجب به وهو ثمرة فؤادي، وقرة عيني، أما إن أمتي ستقتله، فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حجة من حججي، قالت: يا رسول الله حجة من حججك؟! قال: نعم وحجتين من حججي، قالت: يا رسول الله حجتين من حججك! قال: نعم وأربعة، قال: فلم تزل تراده(١) ويزيد ويضعف حتى بلغ تسعين حجة من حجج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأعمارها ».

[١١٩٩٢] ١٣ - وعن أبي العباس الكوفي، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن الخيبري، عن موسى بن القاسم الحضرمي، قال: قدم أبو عبد اللهعليه‌السلام في أول ولاية أبي جعفر فنزل النجف، فقال: « يا موسى اذهب إلى الطريق، الأعظم فقف على الطريق، فانظر فإنه سيجيؤك(١) رجل من ناحية القادسية، فإذا دنا منك، فقل: هاهنا رجل من ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يدعوك فسيجئ(٢) معك » قال: فذهبت حتى قمت على الطريق والحر شديد، فلم أزل قائما حتى كدت أعصي وأنصرف وأدعه، إذ نظرت إلى شئ مقبل شبه رجل على بعير، قال: فلم أزل أنظر إليه حتى دنا مني، فقلت له: يا هذا هاهنا رجل من ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يدعوك، وقد وصفك لي، قال: اذهب بنا إليه، قال فجئته

__________________

(١) في المصدر: تزاد.

١٣ - كامل الزيارات ص ١٦٢.

(١) في المصدر: سيأتيك.

(٢) وفي نسخة: فيجئ، ( منه قده ).

٢٦٩

( به )(٣) حتى أناخ بعيره ناحية قريبة من الخيمة، قال: فدعا به، فدخل الاعرابي إليه، ودنوت أنا فصرت إلى باب الخيمة أسمع الكلام ولا أراهما، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « من أين قدمت؟ » قال: من أقصى اليمن، قال: « فأنت من موضع كذا وكذا؟ » قال: نعم، أنا من موضع كذا، وكذا قال: « فبما جئت هاهنا؟ » قال: جئت زائرا للحسينعليه‌السلام ، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « فجئت من غير حاجة ليس إلا للزيارة؟ » قال: جئت من غير حاجة، ليس إلا أن أصلي عنده وأزوره وأسلم عليه، وأرجع إلى أهلي، قال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : « وما ترون في زيارته؟ » قال: نرى في زيارته أنا نرى البركة في أنفسنا وأهالينا وأولادنا وأموالنا ومعايشنا وقضاء حوائجنا، قال: فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أفلا أزيدك من فضله فضلا يا أخا اليمن؟ » قال: زدني يا ابن رسول الله، قال: « إن زيارة أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام تعدل حجة مقبولة متقبلة زاكية مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » فتعجب من ذلك، فقال: « إي والله وحجتين مبرورتين متقبلتين زاكيتين مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

فتعجب، فلم يزل أبو عبد اللهعليه‌السلام يزيد حتى قال: « ثلاثين حجة مبرورة متقبلة زاكية مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

[١١٩٩٣] ١٤ - وعن أبيه وجماعة من مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العباس بن عامر، عن أبان بن عثمان، عن الحسن بن عطية قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام وهو يقول: « من أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتب الله له حجة وعمرة أو عمرة وحجة » وذكر الحديث.

__________________

(٣) أثبتناه من المصدر.

١٤ - كامل الزيارات ص ١٥٩ ح ٩.

٢٧٠

[١١٩٩٤] ١٥ - وبهذا الاسناد: عن أبان بن عثمان، عن أبي خلان(١) الكندي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من أتى قبر الحسينعليه‌السلام ، كتب الله له حجة وعمرة ».

[١١٩٩٥] ١٦ - وعن محمد بن الحسن بن علي، عن أبيه، عن جده علي بن مهزيار، عن أبي القاسم، عن القاسم بن محمد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن هارون بن خارجة، قال: سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام - في حديث له طويل - يقول في آخره: بأبي أنت وأمي رووا عن أبيك في الحج، قال: « نعم حجة وعمرة » حتى عد عشرا.

[١١٩٩٦] ١٧ - وعن أبيه وجماعة مشايخه، عن محمد بن يحيى العطار، عن العمركي عمن حدثه، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن فضيل، عن محمد بن مصادف، قال: حدثني مالك الجهني، عن أبي جعفرعليه‌السلام في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: « من أتاه زائرا له عارفا بحقه كتب الله له حجة، ولم يزل محفوظا حتى يرجع » قال: فمات مالك في تلك السنة فحججت، فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقلت: ان مالكا حدثني بحديث عن أبي جعفرعليه‌السلام في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: « هاته ». فحدثته، فلما فرغت قال: « نعم يا محمد حجة وعمرة ».

[١١٩٩٧] ١٨ - وعن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن

__________________

١٥ - كامل الزيارات ص ١٥٩ ح ١٠.

(١) وفي بعض نسخ: فلان، خالد.

١٦ - كامل الزيارات ص ١٦٠ ح ١١.

١٧ - كامل الزيارات ص ١٦٠ ح ١٢، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٣٩ ح ٥٨.

١٨ - كامل الزيارات ص ١٥٩، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٤٠ ح ٦١.

٢٧١

الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن حبيب، عن فضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « وكل الله بقبر الحسينعليه‌السلام أربعة آلاف ملك، شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة، وإتيانه يعدل حجة وعمرة، وقبور الشهداء ».

[١١٩٩٨] ١٩ - وعن محمد بن جعفر القرشي، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك قال: كنت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: فمر قوم على حمر(١) قال: « أين هؤلاء؟ » قلت: قبور الشهداء قال: « فما يمنعهم من زيارة ( الشهيد الغريب )(٢) ؟ » قال: فقال له رجل من أهل العراق: وزيارته واجبة؟ قال: « زيارته خير من حجة وعمرة. حتى عد عشرين حجة وعمرة، ثم قال: « مبرورات متقبلات. قال: فوالله ما قمت من عنده حتى أتاه رجل فقال له: إني قد حججت تسع عشرة حجة، فادع الله لي أن يرزقني تمام العشرين، قال: « فهل زرت قبر الحسينعليه‌السلام ؟. قال: لا، قال: « إن زيارته خير من عشرين حجة.

وعن علي بن الحسين، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، مثله(٣) .

[١١٩٩٩] ٢٠ - وعن أبيه وجماعة مشايخه، عن محمد بن يحيى العطار وأحمد بن

__________________

١٩ - كامل الزيارات ص ١٦٠، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٤٠ ح ٦٢.

(١) في نسخة « حمير »( منه قده ).

(٢) في نسخة « سيد الشهداء »- ( منه قده ).

(٣) نفس المصدر ص ١٦٣، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٤١ ح ٦٣.

٢٠ - كامل الزيارات ص ١٦٠، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٤١ ح ٦٥.

٢٧٢

إدريس معا، عن العمركي، عمن حدثه، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، قال: سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام ، عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فقال: « فيها حجة وعمرة.

[١٢٠٠٠] ٢١ - وعن أبيه وسعد بن عبد الله، بن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن الحسين بن المختار، عن زيد الشحام، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « زيارة الحسينعليه‌السلام تعدل عشرين حجة وأفضل من عشرين حجة ».

[١٢٠٠١] ٢٢ - وعن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبي سعيد المدائني، قال: دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقلت: جعلت فداك آتي قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: « نعم يا أبا سعيد، ائت قبر الحسينعليه‌السلام ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أطيب الأطيبين، وأطهر الطاهرين(١) ، وأبر الأبرار، فإنك إذا زرته كتب الله به خمسا وعشرين حجة ».

وعن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بإسناده، مثله(٢) .

[١٢٠٠٢] ٢٣ - وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن

__________________

٢١ - كامل الزيارات ص ١٦١، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٤١ ح ٦٦.

٢٢ - كامل الزيارات ص ١٦١، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٤١ ح ٧٠.

(١) وفي نسخة الأطهرين، ( منه قده ).

(٢) نفس المصدر ص ١٦١، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٤٢ ح ٧١.

٢٣ - كامل الزيارات ص ١٦٢، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٤٢ ح ٧٣.

٢٧٣

النضر، عن شهاب بن عبد ربه، أو عن رجل، عن شهاب، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألني، فقال: « يا شهاب كم حججت من حجة؟ » فقلت: تسع عشرة حجة، فقال لي: « تتمها عشرين حجة تحسب لك بزيارة الحسينعليه‌السلام ».

وعن(١) أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين: مثله، إلا أن فيه: « تكتب لك زيارة الحسينعليه‌السلام ».

[١٢٠٠٣] ٢٤ - وعن أبي العباس، عن محمد بن الحسين، عن ابن سنان، عن حذيفة بن منصور، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « كم حججت؟. قلت: تسع عشرة، قال: فقال: « أما أنك لو أتممت إحدى وعشرين حجة، لكنت كمن زار الحسينعليه‌السلام ».

[١٢٠٠٤] ٢٥ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن محمد بن صدقة، عن صالح النيلي، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « من أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه، كان كمن حج مائة حجة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٢٠٠٥] ٢٦ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن صدقة، عن مالك بن عطية، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من زار الحسينعليه‌السلام كتب الله له ثمانين حجة مبرورة ».

__________________

(١) بل ثواب الأعمال ص ١١٨ ح ٣٦، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٤٢ ح ٧٤.

٢٤ - كامل الزيارات ص ١٦٢.

٢٦ - كامل الزيارات ص ١٦٢.

٢٧٤

[١٢٠٠٦] ٢٧ - وعن أبيه وعلي بن الحسين معا، عن سعد بن عبد الله، عن أبي القاسم، هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما لمن زار قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قال: تكتب له حجة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » قال: قلت له: جعلت فداك حجة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ! قال: « نعم وحجتان » قال: قلت له: جعلت فداك حجتان! قال قال: « نعم وثلاث » وما زال يعد حتى بلغ عشرا، قال قلت: جعلت فداك عشر حجج مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ! قال: « نعم وعشرون حجة » قلت: جعلت فداك وعشرون! فما زال يعد حتى بلغ خمسين، فسكت ».

[١٢٠٠٧] ٢٨ - البحار: وجدت بخط محمد بن علي الجبعي، نقلا من خط الشهيد، - رفع الله درجته - نقلا من مصباح الشيخ أبي منصور طاب ثراه، قال: روي أنه دخل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوما إلى فاطمةعليها‌السلام ، فهيأت له طعاما من تمر وقرص وسمن، فاجتمعوا على الأكل هو وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، فلما أكلوا سجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأطال سجوده، ثم بكى، ثم ضحك، وجلس، وكان أجرأهم في الكلام عليعليه‌السلام ، فقال: « يا رسول الله رأينا ( فيك )(١) اليوم ما لم نره قبل ذلك، فقال: إني لما أكلت معكم فرحت وسررت بسلامتكم(٢) فسجدت لله تعالى

__________________

٢٧ - كامل الزيارات ص ١٦٤.

٢٨ - البحار ج ١٠١ ص ٤٤ ح ٨٤.

(١) أثبتناه من المصدر وفي المخطوط: عنك.

(٢) في المصدر زيادة: واجتماعكم.

٢٧٥

شكرا، فهبط جبرئيل يقول: سجدت شكرا لفرحك بأهلك؟ فقلت: نعم، فقال: ألا أخبرك بما يجري عليهم بعدك؟ فقلت: بلى يا أخي جبرئيل، فقال: أما ابنتك فهي أول أهلك لحوقا بك بعد أن تظلم، ويؤخذ حقها، وتمنع إرثها، ويظلم بعلها، ويكسر ضلعها، وأما ابن عمك فيظلم، ويمنع حقه، ويقتل، وأما الحسن فإنه يظلم، ويمنع حقه، ويقتل بالسم، وأما الحسين فإنه يظلم، ويمنع حقه، وتقتل عترته، وتطؤه الخيول، وينهب رحله، وتسبى نساؤه وذراريه، ويدفن مرملا بدمه ويدفنه الغرباء، فبكيت، وقلت: هل يزوره أحد قال: يزوره الغرباء؟ قلت: فما لمن زاره من الثواب؟ قال: يكتب له ثواب ألف حجة، وألف عمرة كلها معك، فضحكت ».

[١٢٠٠٨] ٢٩ - السيد المرتضى في أجوبة المسائل الميافارقيات: وروي أن من زار الحسينعليه‌السلام ، محصت ذنوبه كما يمحص الثوب في الماء، ويكتب له بكل خطوة حجة، وكلما رفع قدمه عمرة.

[١٢٠٠٩] ٣٠ - أبو محمد الفضل بن شاذان في كتاب الغيبة: حدثنا عبد الله بن جبلة، عن عبد الله بن المستنير، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن عبد الله بن العباس، قال: دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والحسن على عاتقه، والحسينعليهما‌السلام على فخذه يلثمهما ويقول: « اللهم وال من والهما، وعاد من عاداهما » ثم قال: يا ابن عباس كأنني أنظر شيبة ابني الحسين تخضب من دمه، يدعو فلا يجاب، ويستنصر فلا ينصر » قلت: ومن يعمل ذلك؟ قال: « شرار أمتي، لا أنالهم الله شفاعتي » ثم قال: يا ابن عباس، من زاره عارفا

__________________

٢٩ - أجوبة المسائل الميافارقيات ص ٥٨ ح ٣٨.

٣٠ - الغيبة لابن شاذان.

٢٧٦

بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة، وألف عمرة، ألا ومن زاره فقد زارني ومن زارني فكأنما قد زار الله، وحق الزائر على الله أن لا يعذبه بالنار » الخبر.

٣٤ -( باب استحباب اختيار زيارة الحسينعليه‌السلام على العتق والصدقة والجهاد)

[١٢٠١٠] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن أبي العباس، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي سعيد المدائني قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك آتي قبر الحسين(١) عليه‌السلام ؟ قال: « نعم يا أبا سعيد، ائت قبر ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أطيب الطيبين، أطهر الأطهرين(٢) وأبر الأبرار وإذا زرته كتب الله لك عتق خمسة وعشرين رقبة ».

وعن أبيه، عن عدة من أصحابنا، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، مثله(٣) .

[١٢٠١١] ٢ - وعن محمد بن جعفر الرزاز الكوفي، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن محمد بن صدقة، عن صالح النيلي، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « من أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه، كتب الله له أجر من أعتق ألف نسمة، وكمن حمل على ألف

__________________

الباب ٣٤

١ - كامل الزيارات ص ١٦٤ ح ٢.

(١) في المصدر: ابن رسول الله.

(٢) في نسخة: الطاهرين، ( منه قده ).

(٣) نفس المصدر ص ١٦٥.

٢ - كامل الزيارات ص ١٦٤ ح ١.

٢٧٧

فرس في سبيل الله مسرجة ملجمة ».

وتقدم عنه بعدة طرق، أنه يكتب للزائر عشرون غزوة مع نبي مرسل، أو إمام عادل(١) .

٣٥ -( باب استحباب زيارة الحسين والأئمةعليهم‌السلام في حال الخوف والأمن)

[١٢٠١٢] ١ - جعفر بن قولويه في كامل الزيارة: عن أبيه ومحمد بن عبد الله وعلي بن الحسين ومحمد بن الحسن جميعا، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن موسى بن عمر، عن حسان البصري، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال لي: « يا معاوية لا تدع زيارة قبر الحسينعليه‌السلام لخوف، فإن من تركه(١) رأى من الحسرة ما يتمنى ان قبره كان عنده، أما تحب أن يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي وفاطمة والأئمةعليهم‌السلام ؟ ».

وعن(٢) أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن موسى مثله.

وعن(٣) حكيم بن داود، عن سلمة بن الخطاب، عن موسى، مثله.

__________________

(١) تقدم في الباب ٣٢ حديث ١١.

الباب ٣٥

١ - كامل الزيارات ص ١١٦ ح ١.

(١) في المصدر: ترك زيارته.

(٢) نفس المصدر ص ١١٧ ح ٣.

(٣) نفس المصدر ص ١٢٦ ح ٣.

٢٧٨

وعن(٤) أبيه وجماعة مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن حماد، عن الأصم، عن معاوية، مثله.

وعن محمد بن الحسين بن مت، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن موسى، مثله.

وعن محمد بن يعقوب وعلي بن الحسين، عن علي بن إبراهيم، عن بعض أصحابنا، عن إبراهيم بن عقبة، عن معاوية، مثله.

وعن أبيه وعلي بن الحسين وجماعة مشايخه، عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى معا، عن العمركي، عن يحيى خادم أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، عن ابن أبي عمير، عن معاوية، مثله.

[١٢٠١٣] ٢ - وعن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم قال: حدثنا هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث له طويل - قال: أتاه رجل فقال له: يا ابن رسول الله هل يزار والدك؟ قال: فقال: « نعم » إلى أن قال قلت: فما لمن قتل عنده جار عليه سلطان فقتله؟ قال: « أول قطرة من دمه يغفر له بها كلّ خطيئة، وتغسل طينته التي منها خلق الملائكة حتى تخلص كما خلصت للأنبياء المخلصين، ويذهب عنها ما كان تخالطها من أجناس(١) طين أهل الكفر، ويغسل قلبه ويشرح ( صدره )(٢) ويملا

__________________

(٤) نفس المصدر ص ١١٤.

٢ - كامل الزيارات ص ١٢٣.

(١) وفي نسخة: أدناس، ( منه قده ).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢٧٩

إيمانا فيلقى الله وهو مخلص من كلّ ما تخالطه الأبدان والقلوب، ويكتب له شفاعة في أهل بيته وألف من إخوانه، وتولى الصلاة عليه الملائكة مع جبرئيل وملك الموت، ويؤتى بكفنه وحنوطه من الجنة، ويوسع قبره عليه ويوضع له مصابيح في قبره، ويفتح له باب من الجنة فتأتيه الملائكة بطرف من الجنة، ويرفع بعد ثمانية عشر يوما إلى حظيرة القدس، فلا يزال فيها مع أولياء الله حتى تصيبه النفخة التي لا تبقي شيئا، فإذا كانت النفخة الثانية وخرج من قبره، كان أول من يصافحه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين والأئمة ( صلوات الله عليهم )، ويبشرونه ويقولون له: ألزمنا، ويقيمونه على الحوض فيشرب منه ويسقي من أحب. قلت: فما لمن حبس في إتيانه؟ قال: « له بكل يوم يحبس ويغتم فرحة يوم القيامة. قلت: فإن ضرب بعد الحبس في إتيانه؟ قال: « له بكل ضربة حوراء، وبكل وجع يدخل عليه(٣) ألف ألف حسنة، ويمحى بها عنه ألف ألف سيئة، ويرفع له بها ألف ألف درجه، ويكون من محدثي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يفرغ من الحساب، ويصافحه حملة العرش ويقال له: سل ما أحببت، ويؤتى بضاربه للحساب فلا يسئل عن شئ ولا يحتسب بشئ، ويؤخذ بضبعيه حتى ينتهي به إلى ملك فيخيره(٤) ويتحفه بشربة من الحميم وشربة من الغسلين، ويوضع على مقال(٥) في النار فيقال له: ذق ما قدمت يداك، فيما آتيت إلى هذا الذي ضربته وهو وفد الله ووفد رسوله، ويؤتى بالمضروب إلى باب جهنم فيقال: انظر إلى ضاربك

__________________

(٣) وفي نسخة: على بدنه، ( منه قده ).

(٤) وفي نسخة: يحبوه، ( منه قده ).

(٥) وفي نسخة: جبال، ( منه قده ). قلى الشئ: أنضجه. شواه حتى ينضج والمقلى والمقلاة: الآلة جمعها مقالي ( لسان العرب ج ١٥ ص ١٩٨ ).

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442