مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٠

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل13%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 442

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 442 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225490 / تحميل: 4722
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

الشيعة مِن هذه العقائد التي ذكرها كالتناسخ والحلول والتشبيه، فإنّ الواقع يُكذِّبه، وهذه كُتُبُ الشيعة تملأ المَكتَبات، فليذكر لنا أين آرائهم بالتناسخ، اللهمّ إلاّ أن يكون كلامه عن أُمّةٍ بائدة كانت تقولُ بذلك قبل هذا. نعم، الشيعة تقول بغَيبَة المهدي عن المعرفة، بمعنى أنّه يُرى، ولا يُعرَف، فهو موجود بين الناس ولكن لا يعرفونه، وهو يُدلي برأيه أحياناً مع بعض الآراء، وقد استفادوا ذلك مِن جُملة مِن الأخبار التي أوردها عُلماءُ المُسلِمينَ مِن السُنّة والشيعة كالترمذي وابن ماجة وأبي داود وابن حَجَر وغيرهم، ويكفيك الفصل الذي كتبه ابن حَجَر في الصواعق فراجعه، وسَنَشرَح ذلك فيها يأتي مِن فُصول هذا الكتاب، كما يعتقد الشيعة بالبِداء، مستفيدين ذلك مِن الكتاب والسُنّة:

فالكتاب كقوله تعالى: ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) الرعد: 39.

وأمّا السُنّة: فَمِثل ما رواه البُخاري في الصحيح عن النبيّ (ص) (أنّ ثلاثة مِن بني إسرائيل: أبرص، وأعمى، وأقرع، بدا لله أن يبتليهم فبعث إليهم مَلَكاً...) (1) .

وكما روى الصدوق في كتابه إكمال الدين وإتمام النعمة بإسناده عن الإِمام الصادق (ع): (مَن زَعَمَ أنّ الله عَزّ وجل يبدو له في شيءٍ يعلمه أمس فابرؤا منه) (2) .

والبِداء عند الشيعة: بمعنى الإِظهار، لا بمعنى أنّ الله يعلم بعدَ جَهلٍ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً، أي أنّ عِلمَ الله تعالى تَعلق بوقوع أمر في الخارج، ولكن بشرط موقوفيته على عدم تعلُّق مشيئة الله تعالى بخلافه. وهذا هو مورد البِداء، ومحلُّ البِداء مِن أقسام القضاء الإِلهي.

ونظراً لأهميّة موضوع البِداء، وما ثار حوله مِن نزاع بين المُسلِمينَ، فإنّي أُحيل

____________________

(1) صحيح البُخاري: 4/146 باب: ما ذُكِر عن بني إسرائيل.

(2) البيان للخوئي: ص390.

١٠١

القارئ إلى فَصلٍ مُهمٍّ مُمتِع كَتَبَهُ الإِمام الخوئي في كتابه البيان، مُقدّمة تفسير القرآن (1) .

أمّا موضوع الرجعة عندهم فهو مُجرَّد فَهْمٍ مِن كتاب الله تعالى لبعض الآيات، ولمَضمون تلك الآيات، ذلك بالإضافة إلى روايات كثيرة تَدعَم تلك المضامين. وهي - أعني الرجعة - ليست مِن ضروريات الإِسلام عندهم. وبِوِسع القارئ الرجوع إلى قوله تعالى: ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ) النحل: 83.

وقوله تعالى: ( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) الكهف: 47.

فقد ورد في كثير مِن التفاسير عند الجمع بين الآيتين ما يُفيد أنّ هُناك حَشْراً قَبل الحَشرِ الأكبر، وفيه روايات عن أهل البيت، وقد عَقَدَ الشيخ الصدوق في كتابه الاعتقادات فصلاً عن الرَجعة، ذكر فيه دلالة الآيات والأحاديث على ذلك، وقال في آخره مستدلاًّ بقوله تعالى:

( وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) النحل: 38.

ثمّ يقول بعد هذه الآية مُباشَرة:

( لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ) والتبيين إنّما يكون في الدنيا لا في الآخرة.

فالآية واردة في الرَجعة - كما فَهِمَ مِنها الصدوق - إلى أن يقول الصدوق، مُنبِّهاً إلى أنّ البعض قد يَفهمُ مِن عقيدة الشيعة القول بالتَناسُخ، فيقول في ذلك:

والقول بالتَناسُخ باطل، ومَن دانَ بالتَناسُخ فهو كافر؛ لأنّ في التناسخ إبطالُ الجنّةِ والنار. انتهى كلامه (2) .

فالمسألة في الرجعة إذاً لا تعدو فَهْماً مِن كتاب الله تعالى بإمكان وقوعِ رجعةٍ في فَترَة مُعيَّنةٍ، وكُلّ ذلك لا يَستَوجِب هذه الجلبة والضَوضاء في كُتُبِ السُنّة، وكم

____________________

(1) البيان للخوئي: ص385 فصاعداً.

(2) الشيعة والرجعة للطبسي: 2/248.

١٠٢

مِن آراء لأهل السُنّة سَنَمرُّ إن شاء الله على بعضها، وهي قد تستوجب ضجَّة، ولكنَّ كَتّاب الشيعة يعالجونها مِن زاوية عِلميَّة بدون تهريج، ويحترمون فَهْمَ كلّ كاتب ما دام له منشأ انتزاع مِن نصٍّ مِن القرآن أو السُنّة.

وأعود بعد ذلك للشهرستاني، فهو عندما يُعدِّد الأئمّة يقول: إنّ الشيعة ساقوا الإِمامة بعد موسى بن جعفر، فقالوا: والإِمام بعده عليّ بن موسى الرضا، ومشهده بطوس، ثمّ بعده محمّد التقي، وهو بمقابر قريش، ثمّ بعده عليّ بن محمّد النقي، وهو مشهده بِقُم، وبعده الحسن العسكري الزكي، وبعده ابنه محمّد القائم المنتظر، هذا هو طريق الإثني عشريّة (1) ، وكلّ الباحثين يعلمون أنّ الشيعة لا يقولون أنّ ابن محمّد النقي مَدفون بِقُم؛ لأنّه مدفون بسامراء، ويزوره الى الآن الناس، والمدفونة بِقُم شقيقة الإِمام الرضا، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

2 - ابن حَزَم الأندَلُسي:

هذا النموذج الثاني الذي أُقدِّمُه، وهو مِن الّذين سَلَّطوا السنتهم على المُسلِمينَ، إنّه عليّ بن أحمد بن حَزَم الأندَلُسي الفارسي، وهو مِن موالي يزيد بن معاوية، وحَسْبه بذلك شَرفاً، وأوّل مَن دخل الأندلس مِن أجداده جَدّهُ خَلَف. وكان ابن حَزَم في أول أمره شافعيّاً، ثُمّ انتقل إلى الظاهريّة، وله كُتُب كثيرة مِنها: الفصل في المِلَل والنِحَل، والمُحَلّى، وغيرهما. ولهذا الرجل قدرة عجيبة على الافتعال والاختلاق، وله جُرأة في التَهجُّم على الناس، تَكشِفُ عن عَدَمِ ورع، وعدم التزام بالصدق، وسأذكر قبل ذكر أقواله آراء قومه فيه، وتقييمهم له:

فقد قال فيه أبو العبّاس بن العريف: إنّ لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقان. وقال مؤرِّخ الأندلس أبو مروان بن حيّان فيما كَتَبَه عنه في فَصلٍ طويل منه قوله: ومما يزيد في بُغضِ الناس له، حُبُّه لبني أُميّة ماضيهم وباقيهم، واعتقاده بِصحَّة إمامتهم حتّى نُسِبَ إلى النَصْبِ.

وقال ابن العماد الحنبلي: كان ابن حَزَم كثيرَ الوقوع في العلماء والمتقدمين، لا

____________________

(1) المِلَل والنِحَل، فصل الشيعة.

١٠٣

يكاد يَسلَم أحَد مِن لسانه؛ فَنَفِرت منه القلوب.

ويقول عنه مُصطفى البرلسي البولاقي: أمّا ابن حزم فالعلماء لا يُقيمون له وزناً، كما نَقلَه عنهم المُحقِّقون كالتاج السبكي وغيره؛ لأنّه وأصحابه ظاهريّة محضة، تكاد عُقولَهم أن تكون مُسِخَت، ومَن وَصَلَ إلى أن يقول: إن بال الشخص في الماء تنجس، أو في إناء، ثمّ صبه في الماء لم يَتنجُس. كيف يُقامُ له وزن، ويُعدُّ في العقلاء فَضلاً عن العُلماء، ولابنِ حَزَم هذا وأضرابه مِن أمثال هذه الخُرافات الشيء الذي لا ينحصر، ومَن تأمَّل كَذِبَهُ على العلماء - ولا سيّما إمام أهل السُنّة أبو الحسن الأشعري - عَلِمَ أنّ الأولى به وبأمثاله أن يكونوا في حَيّزِ الإِهمال، وعَدَمِ رفعِ رأسٍ لشيءٍ صدر منه. راجع فيما كتبناه عن ابن حَزَم المراجع أدناه فقد أفاضت في ترجمتِه، وشرح حاله (1) .

وبعد شهادة هؤلاءِ الأعلام التي هي في الواقع رمز لمُحصّلة الآراء عن ابن حزم عند العلماء، فإنّي لا أستكثِرُ عليه أن يقول في آخر الفصل الذي كتبه عن الشيعة: والقوم - يعني الشيعة - بالجملة ذووا أديان فاسدة، وعُقول مدخولة، وعديموا حياء نعوذ بالله مِن الضلال (2) .

فإذا كان هذا وأمثاله كالشهرستاني هُم الّذين يَكتُبون عن عقائد وفقه وسلوك الفِرَقِ الإسلاميّة، فهل يمكن للأجيال أن تَثِقَ بتاريخها، وسيرة أسلافهم؟. والأنكى مِن ذلك أنّ الّذين ينتقدون الشهرستاني وابن حزم وأمثالهما فإنّهم إنّما يحملون عليهم إذا وخزوهم أو شتموهم، أمّا إذا شَتَمَ الشهرستاني وابن حَزَم غيرهم كالشيعة مثلاً، فهو صادق، وتُؤخَذُ أقواله، ولا تُثيرُ حساسيّة.

____________________

(1) شَذَرات الذهب: 3/299، والسيف اليماني للبرلسي - رسالة صغيرة مع عدَّة رسائل -، ووفيّات الأعيان: 1/369، ولسان الميزان: 4/199 فصاعداً.

(2) الفصل في المِلَل والنِحَل: 4/181.

١٠٤

مِثالٌ ثَالِثٌ

وَسَتَرِدُ علينا أمثلةً لذلك، ولكنّي أستعجل لك مثلاً واحداً مِنها يعيش في القرن العشرين في عصر الذرَّة، وتحت أروِقَة جامعةٍ حديثة، وهو محمّد حسن هيتو، مُحقق كتاب المنخول للغزالي، فإنّ هذا الرجل عندما يَمرُّ ببعض المواقف الحَدّيّة للغزالي مِن بعض المذاهب الإسلاميّة كالإِمام مالك، والإِمام أحمد بن حنبل، والإِمام أبي حنيفة، فيذكر بعض آرائهم ناقداً لها حيناً، ومستهجناً حيناً آخر، مثلاً يذكر الغزالي عن أبي حنيفة رأيه في أقلِّ الصلاة وهي: وضوء بالنبيذ في أوَّلها، وحَدَثٌ في آخرها للخروج مِنها، وبين ذلك نَقْرُ كَنَقرِ الغُراب، واكتفاء مِن القراءة بكلمة (مُدْهَامَّتَانِ) بالُلغة الفارسيّة إلى آخر ما ذكره عن أقلِّ الصلاة في رأي أبي حَنيفة، وكما ذكر رأيَ مالِك بجواز قَتلِ ثُلُثِ الناسِ إذا كان ذلك يؤدّي إلى صلاح الثُلُثَين الباقيين، وهكذا آراء بعضُ الأئمّة التي ذكرها.

إننا في مثل هذا نرى محمّد حسن هيتو يقع في ورطة، فلا يَدري أينفي ذلك، وفيه تكذيب للغزالي، أم يُثبت ذلك، وفيه طَعنٌ على أئمَّة المذاهب؟، فتراه مَرَّة يقول: إنّ هذه الأقوال نتيجة لمرحلة مرَّ بها الغزالي، وتَخلَّص مِنها بعد ذلك، ومرَّة يقول: إنّ الغزالي فَردٌ مِن مدرسةٍ تؤيِّد أهل الحديث، وتطعن في أهل الرأي، وإنّ ذلك تَعصُّبٌ أقلع عنه الغزالي بعد ذلك، كما هو واضح في مؤلّفاته التي صدرت بعد ذلك كالمُستصفى، المتأخِّر عن المنخول، وعلى أنّ هذا الاعتذار لا يَحلُّ المشكلة التي هي كون الغزالي إمّا صادقاً، وإمّا كاذباً.

إنّ الذي يعنينا هُنا أنّ هيتو إذا مَرّ الغزالي بالرافضة وشتمهم، لا نجده يُعلِّل ذلك الشتم بِعصبيّة أو غيرها، كأنّ الشيعة يستأهلون الشتم بدون نزاع، وكأنّ الحُرصَ على وحدة المُسلِمينَ ليس مِن موارده هذا المورد، هذا إذا كان الشيعة مسلمين في نظر هؤلاءِ، وإلاّ فالمسألة سالبة بانتفاء الموضوع، كما يقول عُلَماءُ المنطق، وعلى كلٍّ أُلفِت النَظَر إلى ما كتبه هيتو عن الغزالي (1) .

والله المُستعان على ما يَصفون.

____________________

(1) المنخول للغزالي: ص354، و488.

١٠٥

وعوداً على بدء نقول: إنّ ما قدّمناه من شواهد وأمثلة كافٍ في تحديد موقع السُنّة من الفُرس، وتحديد مَكان التَشَيُّعِ من العُروبة لِمَن يَعتبر هذا سُبة وذلك فَضيلة، أمّا المُسلم الذي شعاره شعار القرآن، فإنّ المُسلمين عِنده أكفّاء بأموالهم ودمائهم وأعراضهم وأنسابهم، وإذا كانت هُناك آثار مُتولّدة مِن وحدة العِرق والدم، فإنّها سواء عند الفارسي الشيعي والفارسي السُنّي، ولا يُمكن التَفرقة بين الشيء ونفسه، وإلى هنا نكون قد أعطينا صورة عن الهُويّة العرقيّة التَشَيُّعِ والتَسنُّن، وبوسع طالب المزيد أن يَتَّخذ مِن هذه الدراسة مَنهجاً، وينحو هذا النحو في التَوسُّع بالدراسة المُختصَّة بهذا الموضوع.

١٠٦

الفَصلُ السَادِس

أسبابُ رَمي التَشَيُّع بالفارسية

1 - لِلإِجابّةِ على هذا السؤالِ نَقُولُ:

إنّه لا خُصوصيّة لهذه التُهمة بالفارسيّة، وإنّما هي صورة مِن صور رَمي التَشَيُّعِ بكلِّ ما هو مكروه، ولمّا كانت العلاقات بين الفُرس والعرب قد ساءت بَعدَ أن امتدَّ نُفوذ الفُرس في دولة الإِسلام - كما أشرنا إليه سابقاً - شاء أعداء الشيعة أن يَرموهم بالفارسية؛ ليُضيفوا إلى قوائم التهريج قائمة أُخرى، هذا مِن جانب، ومِن جانب آخر لمّا كان الشيعة مُنذ فَترة تَكوينهم مِن المعارضين للحُكُم؛ لأنّهم يرون أنّ الخلافة بالنصِّ، وليست بالشورى، وأنّها لعليٍّ (ع) ووُلدِهِ، وإنّما تَنازَل عنها وسكت حرصاً على مَصلحة المُسلِمينَ، وتَضحية بالمهمِّ في سبيل الأهم، وقد حَفَظ ذلك بيضة الإِسلام، وأنّ عقيدتهم هذه جرّت عليهم المُلاحقة، خصوصاً أيّام معاوية، وما تلاها إلى العُصور المتأخِّرة، وللإِمعان بالتنكيل بهم وإبعادهم عن الساحة حَشَّدت لهم السُلُطات كلّ ما تَملُك مِن وسائل التحطيم، المادّي مِنها والمعنوي، فاعتَبَرَتهُم خوارج عن جسم الأُمّة، ونَسبت إليهم مِن الآراء ما هو بعيد عن روحِ الإِسلام، وصَوَّرتهم بأنّهم دُعاة فوضى، ولاحقتهم بكلِّ صُنوف الملاحقة، وكان مِن ذلك أنّها استغلّت الشُعور المُلتهب ضِدَّ الفُرس منذ أيّام الاحتكاك بين العَرَب والفُرس، فَرمتهم بأنّهم وَرَثةُ الفُرسِ، وحَمَلَة عقائدهم، فأضافتها إلى قائمة التُهم التي أصبحت لا تُعدُّ ولا تُحصى، وأخذ كلّ خَلَفٍ يُضيفُ إلى القائمة التي وضعها السَلَف، بدون تَحرُّج، ولا رادع مِن مَسؤوليّة أو ضمير، وأين المسؤوليّة والسيف

١٠٧

والقَلم والحُكم والأموال بِيَدِ خُصُوم الشيعة، وانتهى الأمرُ إلى أن تَنفجر العبقريّات بألوان الاختلاق، وأصبح كلّ حاملِ سلاحٍ لا يَعرِف مدى مَضَائِهِ يُجرِّبهُ بِجِسم الشيعة، وكلّ مَن لا يَعرفُ نفسه يَتحسّس بُطولتَها بالسُبابِ والتَهجُّم على الشيعة، وبالاختصار أصبحَ الشيعةُ مُختبراً لِمُمارسة البطولات مِن كلّ حاملِ سلاح حتّى ولو كان سيفه مَثلوماً، ويده تَرتَعِش.

2 - السَبَبُ الثاني في رمي التَشَيُّعِ بالفارسيَّة:

هو ما ألمَحتُ إليه سابقاً مِن أنّ الفارسيّة ما كانت سُبّةً يوم كان الفُرس سُنّة، وإنّما عادت سُبّة يوم تَشيَّع قِسم مِن الفُرس، ودليل ذلك: أنّك ترى الطبقة الأولى والثانية مِن الّذين تَهجَّموا على الشيعة، وكالوا لهُم التُهم لم يضعوا في قائمتهم تُهمَة الفارسيّة.

وبِوسعِك الرُجوع إلى ما كَتَبَه ابن عَبد رَبّه الأندلسي في العقد الفريد بالفصل الخاص بالشيعة، وارتَجَل لَهُم المثالب والمطاعن فيه، فإنّك لا تَجِدُ هذه التُهمة ضِمن التُهم (1) ، وكذلك لو راجعت ما كَتَبه الشهرستاني في مِلَلِه ونِحَلِه، وما ذَكره عن الشيعة، فسوفَ لا تَجِدُ تُهمة الفارسيّة مِن التُهَم التي ساقها (2) .

وأمّا شيخُ أهل السُبْاب، وصاحب اللِسان الذي ما عَرَفَ الوَرَع، فإنّه برغم ما صالَ به وجال، وبرغمِ ما أملاه عليه الهوى، فإنّه لم يَذكر للشيعة هذه التُهمَة (3) .

نعم، ذَكَر ابن حَزَم أنّ هناك أفراداً مِن الفُرس شيعة في بعض استطراداته حتّى جاء المقريزي في القَرن التاسع، فرام أن يُصوِّر أنّ التَشَيُّع فارسي، فالمسألة جاءت مُتأخِّرة (4) ، وهكذا المتأخرون عن هذه الطبقة لم ترد في قوائمهم هذه التُهمة، وإنّما جاءت مِن بعد القَرن التاسع وبدء القرن العاشر، والغريب أن يكون بعض فُرسان هذه الحَملة مِن الفُرس أنفسهم أرادوا أن يُظهروا أنفسهم بأنّهم أحرص

____________________

(1) العُقد الفريد: 2/404 فَصاعداً.

(2) المِلَل والنِحَل، هامش الفَصل: 1/195.

(3) الفصل في المِلَل والنِحَل: 4/179.

(4) دراساتٌ في الفِرَق والعقائد: ص25.

١٠٨

على العُروبة مِن العَرَب أنفسَهم، ورَحِمَ الله مَن يقول:

رِفقاً بِنِسبَة عَمرو حينَ تَنسِبُهُ

فإنّه عَربيّ مِن قوارير

ولا أستبعد أنّ له هَدفاً خبيثاً مِن وراء ذلك، وبذلك كانوا أساتِذَةً للمُستشرقين كما سيأتي:

3 - السَبَبُ الثالِثِ في رَمي الشيعَةِ بِالفارِسِيَّة:

يكمن في قُوّة استدلال الشيعة بأنّ الخلافة بالنصِّ، وليست بالشورى، لأنّ القائلين بالشورى يَستدلّون بقوله تعالى: ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) الشورى: 38، وبقوله تعالى: ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) آل عمران: 159. مع أنّ الآيتين أجنبيتان عن الموضوع؛ لأنّ قوله تعالى ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) مَدحٌ للأنصار، الذين كانوا قَبلَ الإِسلام إذا أرادوا عَمَلَ شيءٍ تشاوروا فيما بينهم، ولم يَستبدّوا بآرائهم، وأما قوله تعالى: ( وَشَاوِرْهُمْ ) إلخ، فإنّه أراد تطييب قُلوبِهم، وإشعارهم بأنّهم أهلٌ للمُشاورة؛ ليرفع مِن معنوياتهم، فكان النبيّ (ص) يُشاورهم في أُمور الحَرب، وبعض الأُمور الدُنيويّة، وبوسع القارئ الرُجوع إلى التفاسير المُحترمة مثل: تَفاسير الفَخر الرازي، والكَشّاف للزمخشري، ومَجمَع البيان للطبرسي وغيرهم، فإنّ كلّ هؤلاءِ نَصّوا على ما ذكرته وقالوا: إنّ مشاورة النبيّ (ص) للمُسلمين فيما لم يرد فيه نصٌّ، وذلك عِند تَفسيرهم للآيتين المذكورتين.

فالآيتان لم تَنزِلا في تشريع مَنهَج لاختيار الإِمام عن طريق الشورى، وإنّما أراد بَعضُ الباحثين أن يستفيد مِن الآيتين ما يلي:

بما أنّ الخلافة سَكَتَ عنها النبيّ، ولم يِنُصَّ على أحَدٍ، وبما أنّ القرآن يَمدح الشورى بالأُمور المُهمّة، فَنرجع فيه إلى مَنهَج الشورى (1) .

أمّا الشيعة، فَقَد رَفضوا هذا، وذهبوا إلى:

أولاً: أنّ النبيّ كان إذا أراد الذهاب في سَفَر لا يترك المدينة بدون خَليفة

____________________

(1) انظر فجر الإِسلام: ص234.

١٠٩

عليها، ولو كان سفره ليوم واحد، فكيف يَترُك أُمور الناس مِن بعده بدون راعٍ؟!.

وثانياً: مِن الثابت أنّ الشريعة الإسلاميّة تفرض الوصيّة على المُسلِم حتّى في بَعض الميراث البسيط، وفي ذلك يقول القرآن الكريم في سورة البقرة، الآية: 180: ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ) ، فكيف يترك هذا الأمر المُهم بدون أن يوصي به؟! والحال أنّ استقرار الأُمّة مُتوقف على ذلك، وبدون ذلك يؤول الأمر إلى التنازُع.

ثالثاً: تظافرت الأدلَّة مِن الكتاب والسُنّة على أنّ الإِمامة بجعلٍ مِن الله، ومِن ذلك قوله تعالى: ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) الأنبياء: 73.

وقوله تعالى: ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ) القصص: 5.

وقوله تعالى: ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ) السجدة: 24.

هذه بعض الآيات التي يُستَدَل مِنها على أنّ الإِمامة بجعلٍ مِن الله تعالى.

بالإِضافة إلى نُصوص النبيّ على الإِمام مِن بعده، ومِن ذلك موقفه يوم الغدير، عندما نَزل عليه قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) المائدة: 70، فَجَمع النبيّ الناس، وخطَبَ خُطبته المعروفة، وقال في آخر خُطبَته: ( ألستُ أولى بِكُم مِن أنفسكم؟ ) قالوا: بلى، قال: (اللهمّ فاشهد، وأنت يا جبرئيل فاشهد) وكررها ثلاثاً، ثمّ أخذ بيدِ علىِّ بن أبي طالب، فَرَفعها؛ حتّى بَانَ بياضُ إبطيهِما للناس، وقال: (مَن كُنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصُر مّن نصره، واخذُل مَن خَذلَه، والعن مَن نَصَبَ له العداوة والبغضاء) إلى آخر الواقعة.

وقد روى هذا الموضوع مائة وعشرون صحابيّاً، وأربعة وثمانون تابعيّاً، وكان عَدد طبقات رواته مِن أئمة الحديث يتجاوز ثلثمائة وستّين راوياً، وقد أَلَّفَ في هذا

١١٠

الموضوع مِن الشيعة والسُنّة ستٌّ وعشرون مُؤلِّفاً، وقد غَطَّوا كُلّ جوانب الموضوع، وأشبعوه بحثاً وتمحيصاً، فراجع (1) .

وبالرَغم مِن وُفرَة مصادر هذا النصِّ، ودلالته الواضحة، فإنّك لا تَعدم مَن يؤوِّل هذا النصّ تأويلاً سخيفاً، أو مَن يَقول: إنّ حديث الغدير لم يَرد إلاّ في كُتُب الشيعة، كما يقول أحمد شَلَبي في مؤلَّفاته، وقد تسمع مَن يقول: إنّ الشيعة دسّوا هذه الروايات في كُتُب السُنّة، وأمثال ذلك مِن تافه الكلام، الذي هو أشبه بخُرافات العجائز، وعلى العُموم إنّ مَوضوع الإِمامة كُتِبَت فيه عشرات الكُتُب، وهو ليس مِن صُلبِ موضوعي، وإنّما فَرَضَتْهُ المُناسبة استطراداً، وقد اتَّضح مِن هذا: أنّ الشيعة يستندون إلى النصِّ في مسألة الإِمامة، دون نَظريّة الشورى؛ وذلك لأنّ الشورى لا سَنَدَ لها مِن الكتاب والسُنّة في نَظَرهم، وإنّما هي مُجرَّد اجتهاد مِن المُسلِمينَ الّذين ظَنّوا أن لا نصَّ هناك، ثمّ إنّ الشيعة يتساءلون، أين هي الشورى؟، وما هي أركانُها، وشروطها، وكيفيَّتها؟، وهل تحقَّقت في أيّام الخُلفاء، ونَصَبَ الخُلفاء بموجبها أم لا؟. مع أنّنا نَعلم أنّ الّذين بايعوا الخليفة الأوّل بالسقيفة اثنان، هم: الخليفة الثاني، وأبو عُبيدة، وعلى روايةٍ أُخرى إنّهم أربعة، كما يروي ذلكَ الحَلَبيّ في سيرته، والبُخاري في باب فَضل أبي بكر، ولذلك ذهب أهل السُنّة إلى أنّ الإِمامة تَنعقد بَبَيعة أثنين مِن أهل الحَلِّ والعَقد، فإنّ هذه النظريّة واضح مِنها أنّها تَصحيح للموقف يوم السقيفة، ورَفْعٌ للتناقض في مَنهج الشورى نَظَرياً وتَطبيقاً، فإنّه لا عاقل يمكنُ أن يَتصوَّر انتخاب خَليفة مِن قَبَل اثنين فقط، وهذان الاثنان يتمُّ تمثيل المُسلِمينَ بهما، وللتأكد مِن عدد المُبايعين، ونظريَّة عَدد أهل الحلِّ والعقد، راجع المصادر التالية (2) .

ولقد صَوَّرتٍ البيعةَ خيرَ تَصويرٍ صادق كلمة الخليفة الثاني: إنّ خلافة أبي

____________________

(1) الجزء الأوّل مِن كتاب الغدير للأميني، والإصابة لابن حَجَر في ترجمة الإِمام علي (ع)، والاستيعاب لابن عبد البر في ترجمة الإِمام عليّ، وأعيان الشيعة: ج3، وتفسير كلٌّ مِن الرازي، والدرّ المنثور للسيوطي، عند تفسير الآية المَذكورة، وتفسير مَجمَع البيان كذلك.

(2) السيرة الحَلبيّة: 3/358، وصحيح البُخاري باب: فضل أبو بكر، والغدير للأميني: 7/141.

١١١

بكرٍ فَلَْتةٌ وقى الله شرّها، فإنّ تعبير الخليفة عنها أنّها فَلْتَة، يؤكِّد أنّها لم تَكن عن مِنهاج سابق (1) .

لقد بايعَ الاثنان، ثمّ بعد ذلكَ تمَّت البيعة كما رسمها المؤرِّخون، ولم تَتَعدَّ بعض أرباض المدينة، فهل كانت شورى تَتَقوَّم باثنين، أو حتّى بالمدينة كُلَّها مع أنّ مفاد قوله تعالى ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى ) ، يتناول المُسلِمينَ كافَّة، وإذا كانت لا تتناول المُسلِمينَ كافَّة، فلا تنهض بالدليليّة، كما هو واضح، وأروع مِن ذلك كُلّه، أن ترى فَقيهاً مِن فُقهاء أهل السُنّة يقول: إنّ مَعنى الشورى يتحقق ولو ببيعة رَجل واحد، وهو ابن العربي المالكي، وذلك في تفسيره لمعنى الشورى.

ثمّ يرد تسأول آخر هو: هل أنّ الخليفة الثاني جاء إلى الحُكم عن طريق الشورى، أم عن طريق تعيين الخليفة الأوّل له كما هو واقع الحال؟ (2) .

ويتساءلون ثالثاً: هل أنّ الخليفة الثالث جاء الحُكم عن طريق الشورى، أم عن طريق خمسة عَيّنَهُم الخليفة الثاني؟، ولَم يؤيّده مِنهم إلا ثلاثة (3) .

إنّ كلّ باحث موضوعيٍّ لا يمكن أن يَستَند إلى صدور نظريّة الشورى عن الشريعة الإسلاميّة، لا نظريّاً ولا تطبيقيّاّ.

والآن لِنَرجِع للأمر الثالث فنقول: إنّ نَظريّة الشورى لمّا كانت غير ناهضة، بينما نظريّة التعيين تقف على أرض صلبة، أراد البعض أن يبعد هذه النظريّة عن إطارها الإِسلامي، فافترض أنّها نَظريّة كان يذهب إليها الفُرس، ويرون أنّ مُلوكهم حَكموا بالحقِّ الإِلهي، وحيث أنّ الحُسين صاهر الفُرس، فتزوج بِنت يَزدَجُرد، انتقل إليه هذا الحقُّ الإِلهي، وقد سَبق استعراض هذا المعنى في أوّل الكتاب.

فالهدف إذاً: دفع نَظريّة النصِّ والوصاية عن كونها مِن الإِسلام، وجعلها مِن مورثات الفُرس التي نقلوها معهم لمّا دخلوا إلى التَشَيُّع. فإذا قلتَ لهؤلاء: إنّ الوصاية ثبتت بنصوص قبل دُخول الفُرس للإِسلام. قيل لك: إنّ هذه الروايات دَسّها الشيعة في كُتُبِ السُنّة. فإذا ذكرت لهم عدَّة طُرُق للرواية، قيل لك: إنّ الوصيّة

____________________

(1) انظر تاريخ الطبري: 3/330 و301.

(2) تاريخ الطبري: 4/54.

(3) الطبري: 5/35.

١١٢

التي تذهبون إليها إنّما هي في أُمور بسيطة بيتيّة، وليس لها صِلة بموضوع الخلافة وهكذا. هذه في نَظري أهمَّ الأسباب التي رُميَ التَشَيُّع بالفارسيّة مِن أجلها، وهو زَعم أصبح يُفنّد نَفسه بنفسه؛ لوجود الواقع الخارجي الذي يُعيّن هُويَّة التَشَيُّع بصورة مُجسّدةَ، جاء المستشرقون بعد ذلك فضربوا على هذا الوتر، ومَعَهُم تلاميذهم يرقصون على أنغامهم.

إنّ أهداف كثير مِن المستشرقين لا تخفى؛ لأنّها تستهدف صيد عصفورين بِحَجَرٍ، فإنّ الهدف الأساسي ضَرب وحدة المُسلِمينَ، وبعد ذلك تزييف ركائزهم الفِكريّة؛ لأجل ذلك تجد كُتُب المستشرقين تُؤكِّد على هذه النُقطة، وتَرتَّب عليها آثاراً كثيرة، وكأنّ هذا الموضوع مُختصٌّ بالشيعة فقط، أمّا السُنّة الفُرس، فَهُم محروسون مِن أن يتدسس إليهم الفكرُ الفارسي، حتّى ولو كان ثمانون بالمئة مِن الفُرس مِنهم.

ولستُ أنفي أن تكون هُناك أسباب أُخرى لرمي التَشيُّع بالفارسيّة، قد يكون منِها أحياناً بَعظ الاستنتاجات المُخطِئة، أو سوء الفَهم الذي يعتبر كلّ التقاء بين نظريّتين هو تأثير وتأثر، وقد يكون صُدفة، إنّ مجرّد التقاء نَظريّة للشيعة مع نَظريّة للفرس لا يُشكّل مُبرّراً بِحالٍ مِن الأحوال لاعتبار الفِكر الفارسي مَصدر العقائد الشيعيّة؛ لوضوح أنّ الفِكرَ الديني في العقائد والأحكام مَصدَره الكتاب والسُنّة، في حين أنّ نظريّات الفُرس هي نظريّات وضعيّة، لا تَستَند إلى الشريعة واحدة أو مُتعدِّدة حتّى يُقال: إنّ هؤلاءِ أخذوا مِن هؤلاءِ.

كيفَ صارَ الفُرسُ شيعةً

إذا حاولنا مَسحَ الأبعاد التاريخيّة البيئيّة للفُرس، نجدُ أنّ مَن تَشيَّع منِهم يُقسَّمون أقساماً:

القِسمُ الأوّل:

وهو القِسمُ الذي تَشيَّع بِعمليّة انتقاء واختيار عن طريق الصحابة الّذين رافقوا عمليّات الفتح، ونَقلوا مَعهم عقائدهم وفِكرهم الشيعي، وقد ساعد على

١١٣

ذلك أنّ اعتناقَ التَشيُّع آنذاك لا يُسبِّب لهُم ضرراً؛ لأنّ العِلميّة كانت شيئاً طبيعيّاً، وبَعدهُم عن مواطن الإِحتكاك؛ ولأنّ الفكر كان ضمن نِطاق الأُمور العقائديّة، ولا يَتَجسّد في فعاليّات سياسيّة، ومِن أبرز مواطن التَشيُّع في هذا القِسم خُراسان، ثمّ قُم بعد ذلك.

القِسمُ الثاني:

هُم الّذين تَشيّعوا تَعاطُفاً مع الشيعة الّذين نالهم الإِضطهاد بعد ذلك، وهذا القِسم جَمَعه الإِضطهاد مَعَهُم؛ لأنّه كان مُضطهداً، ومِن هؤلاءِ: الموالي في قِسمٍ كبير منِهم ممَّن كان داخل بُلدان الخلافة، أو الّذين لَحِقَهُم الإِضطهاد داخل إيران، وقد بدأت تصل إليهم أفواجٌ مِن المُهاجرين المُضطهَدين لأجل تَشَيُّعِهم، والذين دفَعَ مِنهم زياد بن أبيه خمسين ألفاً إلى خراسان؛ حتّى يُخلِّص الكوفة مِن العناصر الشيعيّة الصُلبة (1) والإِضطهاد قرابةٌ أحياناً، وكان بَعد ذلك أن تَمازجت أفكارَهم بَعدَ التِقاء مشاعرهم، وصار الفِكر مُتبادلاً بينهم، وساعَد على ذلك استمرارُ الإِضطهاد فَتَراتٍ امتدَّت طويلاً، والعقائدُ كثيراً ما يُرسّخها الإِضطهاد.

القِسمُ الثالِث:

الّذين تَشيّعوا عن طريق اللقاء الثقافي المُعمَّق؛ لأنّ الشيعة اضطرُّوا إلى تَعميق ثقافتهم، وولوج مُختَلَف ميادين المعرفة؛ للدفاع عن وجودهم، والذَود عن عقائدهم بالنظر إلى تَعرُّضهم إلى وضعيّات شَرِسَة، خُصوصاً وأنّ الحُكم ووسائل القوَّة ليست بأيديهم، وكان أن استهوت ثقافتهم قَطّاعاً كبيراً مِن الفُرس، نظراً لِخلفيّتهم الحضاريّة، ونُهوض الحُجّة في نَظَرهم لكثير مِن مُعتقَدات الشيعة التي لم يَدعمها سيفٌ ولا بريقُ مالٍ، ولا طَمَع في حُكم، بل لمُجرَّد الإِقتناع بِصحّة أدلّتهم.

القِسمُُ الرابِع:

هُم الّذين دَخلوا التَشيُّع مع التَيّار الذي صَنَعه الحُكّام، وأعلنوا ضَرورة

____________________

(1) الطبري: 6/126 طبعة 1932.

١١٤

العُدولِ إلى مَذهب الشيعة. وهؤلاء قِلّة لا يُعتدُّ بها، وقد تَظاهرت بذلك؛ لأنّه لا يمكن للعقائد أن تُفرَض فَرضاً، وذلك حينما أعلن خدابنده، ثمّ الصفويّون في بِداية القرن العاشر رَسميّة المَذهب الشيعي، وذلك مِثلما حَدثَ لديار بَكر وربيعة التي كانت شيعيّة أيّام الحمدانيين، ثمّ حوَّلهم الحُكّامُ إلى سُنّة، وكما حَدَثَ لمِصر بعد حُكم الفاطميين، إذ حُوِّلت إلى سُنّيّة أيّام الأيّوبيين، وكما حَدَثَ ذلك لكثير مِن البُلدان.

ولستُ أزعم أنّه لا يوجد مَن قد يكون دَخل التَشيُّع وله أهداف غَيرُ سليمة، وليس ذلك بذنبٍ للتَشيُّع، فكثير مِن اليهود دخلوا الإِسلام، وتظاهروا بذلك، وفي نُفوسهم أهداف خبيثة، ولا نَعتبِر الإِسلام مسؤولاً عن ذلك، كما أنّ هذه الفصيلة التي تَدخل الإِسلام أو التَشيُّع ولها أهداف مَسمومة لا تعدو أصابع اليد، ولا تُشكِّل خَطَراً؛ بدليلِ أنّ جَوهر الإِسلام مَحفوظ رَغم وجود أمثال هؤلاءِ، وليس مِن المنطق في شيءٍ أنَنتَزِع حُكماً عامّاً على مَذهب مِن المذاهب؛ لأنّ بعض الأفراد المُندسّين فيه عُررِفوا بِنَظريّات هدّامة، لا سيّما إذا كانت أُسس المذهب واضحة لا تلتقي مع المُندسّين بِشِكِل مِن الأشكال، فالإِصرار على تحميل مذهب مسؤوليّة فِعلِ فَردٍ مُندسٍّ فيه، عملية إمّا أن تكون مَشوهة وغير نظيفة، وإمّا أن تكون بلهاء لا تتصرَّف بمقاييس.

١١٥

١١٦

البابُ الثالِث

هُويَّة التَشَيُّع العَقائِديّة

وفيهِ فصُول

١١٧

١١٨

الفصل الأوّل

التَوطِئة

قبل الولوج في صُلبِ الموضوع، لا بُدّ مِن الإِشارة إلى نُقاط يتعيَّن البدء بها تَجنُّباً عن الخلط الذي يقعُ فيه كثير مِن الباحثين لسبب أو آخر، وينتهي الأمر إلى التجنّي على الحقائق، وإلى الخلط، وإلى أقوال هي بالهزل أشبه منِها بالجد.

والمؤسف أنّ مِثل هذه الأقوال الهزيلة، بقيت مع التاريخ كأنّها حقائق مُقدَّسة، وكأنّها مُسلّمات لا تقبل النِقاش، يأخذها المتأخّرون مِن المتقدِّمين بدون الرُجوع إلى تَمحيص أو إلى مقاييس، فما أعظم مسؤوليّة هؤلاءِ الّذين رَحلوا وخَلّفوا هذه التَرِكة الموبوءة، وهذا الزاد السُموم الذي ابتُليَ به المسلمون، والله المُستعان على الخلاص مِنه، وهاهُنا نُقاط سنجعلها توطئة لهذا العنوان حتّى إذا دخلناه فعلى بصيرة.

1 - النُقطَةُ الاُولى:

إنّ الشيعة الّذين أكتبُ عنهُم هُنا، وأذكر آراءهم، أو أُدافع عمّا يُنسب لهم هُم الإماميّة الإِثنا عشريّة، الّذين يؤلِّفون الجمهور الشيعي اليوم، والّذين تملأ كُتبُهم مكتبات العالَم، وإن شئت فقُل: الّذين تعيش أفكارهم فعلاً، وتَتجسّد في سُلوك حيّ، وتدوّن آراؤهم فعلاً في الفِقه والعقائد والتاريخ، ولستُ أتكلَّم عمَّن يُسمّى شيعيّاً لُغة، لأنّه ذهب إلى تَفضيل عليٍّ (ع) على غيره، فَعُرِف بالتَشيُّع مِن أجل ذلك، وما عدى ذلك فليس له مضمون عقائدي أو فقهي في أبعاد التَشيُّع، فهُناك

١١٩

مَن سُمّي شيعيّاً وليس له مِن مضمون، إلاّ أنّه يعتقد أنّ عليّاً أفضل مِن غيره، وأنّه حيّ لم يَمت.

انقرض هؤلاءِ الأشخاص مِن الوجود، وهناك مَن يَعدَّهُم فِرقة شيعيّة إلى الآن.

إنّ مثل هذا القول يُضحك ويُبكي، فهو يُضحك؛ لأنّ مِثل هؤلاءِ الأفراد يُسمّون فِرقة، ويُبكي؛ لأنّ المُسلمينَ وصَل بهم الإسفاف إلى حدٍّ جَعلهُم يَلتمسون أمثال هذه الحالات للتهريج بعضهم على بعض. ودعني أضرب لك مثالاً في مثل هذا الموضوع فانتبه له:

فقد ذَكر الرازي في كتابه اعتقادات فِرَق المُسلمينَ: أنّ مِن فِرَق الشيعة، فِرقَة الكامليّة. وقال عنها ما يلي بالحرف الواحد:

وهم يَزعمون أنّ الصحابة كُلّهم كَفَروا إذ فوَّضوا الأمر إلى أبي بكر، وكَفَر عليٌّ حيث لم يُحاب أبا بكر.

إنّ هؤلاءِ الأشخاص الّذين لم يُبيِّن الرازي مَوقعهم، ولا عددهم هُم فِرقة في نَظَرِه، وكلّ مضمونهم الفكري هذه الكلمات الأربعة، ثمّ إنّهم يُكفِّرون الإِمام عليّاً، وهُم مع ذلك شيعة في نَظَر الرازي!

هَل سَمِعتَ بالأكوس عريض اللحية؟ إنّه هؤلاءِ.

هل رأيت هذا التناقض شيعيٌّ يَتَشيَّع لعليٍّ، وهو يُكفِّر عليّاً، هل رأيت الخصومة كيف تُنسي الإِنسان حتّى البدهيّات، وأيُّ إنسان؟! إنّه الرازي، صاحب العَقليّة الكبيرة، ومع ذلك يصل إلى حَدِّ هذا الإِسقاف، اللهمّ إنّا نَعوذ بِكّ مِن الخُذلان. فراجع ما كَتَبه الرازي عن هذه الفِرقة ونظائرها، وقِف بنفسك على هذا التناقُض (1) .

2 - النُقطَةُ الثانية:

إنّ بعض ما يُسمّيه كُتّاب الفِرق بأنّه فِرقة، قد لا يَتجاوز فرداً واحداً له رأي شاذٌّ، وقد لا يَتجاوز عدد أفراد الفِرقَة على أحسن الفُروض عشرة أفراد، وقد يكونون مُنقرضين لا يوجد لهُم أثر إلاّ في مُخيّلة البعض، أو في وُرَيقات مِن كُتُب

____________________

(1) اعتقادات فِرَق المُسلمينَ: ص60.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

وإلى ما قد لقي، فهل شفيت صدرك وقد اقتص لك منه، فيقول: الحمد لله الذي انتصر لي لولد رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٢٠١٤] ٣ - وعن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد وعلي بن الحسين وعلي بن محمد بن قولويه جميعا، عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى جميعا عن العمركي، عن يحيى خادم أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، عن علي عن صفوان الجمال، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث طويل - قال: قلت له، فما لمن قتل عنده؟ وساق الحديث مثل ما مر إلى قوله: ويسقى من أحب.

[١٢٠١٥] ٤ - الشيخ الطوسي في التهذيب: عن محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد الله بن محمد بن بقاح، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قلت له جعلت فداك، زيارة قبر الحسينعليه‌السلام في حال التقية، قال: « إذا أتيت الفرات فاغتسل ثم البس ثوبيك الطاهرين، وقم بإزاء الحسينعليه‌السلام وقل: صلى الله عليك يا أبا عبد الله، وقد تمت زيارتك ».

٣٦ -( باب تأكد استحباب زيارة الحسينعليه‌السلام ليلة عرفة، ويوم عرفة، ويوم العيد)

[١٢٠١٦] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: ( عن محمد بن

__________________

٣ - كامل الزيارات ص ١٦٦.

٤ - التذهيب ج ٦ ص ١١٥.

الباب ٣٦

١ - كامل الزيارات ص ١٦٩، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٨٥ ح ٣.

٢٨١

جعفر القرشي الرزاز الكوفي )(١) ، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن بشير الدهان، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ربما فاتني الحج فأعرف عند قبر الحسينعليه‌السلام ، فقال: « أحسنت يا بشير، أيما مؤمن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه في غير يوم عيد، كتب الله له عشرين حجة وعشرين عمرة مبرورات متقبلات، وعشرين غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل، ومن أتاه في يوم عيد كتب الله له مائة حجة ومائة عمرة، ومائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل، ومن أتاه يوم عرفة عارفا بحقه، كتب الله له ألف حجة وألف عمرة مبرورات(٢) متقبلات، وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل » قال: فقلت له: وكيف لي بمثل الموقف! قال: فنظر إلي نظر(٣) المغضب، ثم قال: « يا بشير(٤) ، إن المؤمن إذا أتى قبر الحسينعليه‌السلام يوم عرفة، واغتسل بالفرات ثم توجه إليه، كتب الله عز وجل له بكل خطوة حجة بمناسكها » ولا أعلمه إلا قال: وغزوة(٥) .

[١٢٠١٧] ٢ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن الهيثم بن أبي مسروق

__________________

(١) في المخطوط: « عن أبيه، عن سعد بن عبد الله »وهو مطابق لسند الحديث المنقول عن الشيخ الصدوق في الأمالي ص ١٢٣ ح ١١ وثواب الاعمال ص ١١٥ ح ٢٥ ونقله المجلسي عنهما في البحار ج ١٠١ ص ٨٥ ح ١، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر: شبه.

(٤) وفي نسخة: يسير، في الموضع، ( منه قده ).

(٥) وفي نسخة: وعمرة، ( منه قده ).

٢ - كامل الزيارات ص ١٧٠.

٢٨٢

عن علي بن أسباط، يرفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إن الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسينعليه‌السلام عشية عرفة » قال: قلت: قبل نظره إلى أهل الموقف! قال: « نعم » قلت: وكيف ذلك؟ قال: « لان في أولئك أولاد زنا، وليس في هؤلاء أولاد زنا.

وعن ابن أسباط، مثله.

وعن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد وعلي الحسين جمعيا، عن سعد، مثله.

[١٢٠١٨] ٣ - وبهذا الاسناد، عن سعد، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمرو الزيات، عن داود الرقي قال: سمعت أبا عبد الله وأبا الحسن عليا الرضاعليهما‌السلام وهما يقولان،. من أتى قبر الحسينعليه‌السلام يوم عرفة أقبله الله ثلج الفؤاد(١) ».

[١٢٠١٩] ٤ - وعن أبيه، عن سعد، عن موسى بن عمر، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إن الله تبارك وتعالى يتجلى لزوار قبر الحسينعليه‌السلام قبل أهل عرفات، ويقضي حوائجهم، ويغفر ذنوبهم، ويشفعهم في مسائلهم ثم يثني بأهل عرفات يشفعهم في مسائلهم، ثم يثني بأهل عرفات فيفعل ذلك بهم ».

وعن محمد بن الحسين بن مت الجوهري، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن موسى، مثله.

__________________

٣ - كامل الزيارات ص ١٧٠.

(١) ثلج الفوائد: قال الطريحي (ره) بعد نقل الحديث: أي مطمئن القلب. ثلجت نفسي: أي اطمأنت وسكنت ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٢٨٣ ).

٤ - كامل الزيارات ص ١٧٠.

٢٨٣

[١٢٠٢٠] ٥ - وعن أبيه وجماعة أصحابه، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس معا، عن العمركي، عن يحيى خادم أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، عن محمد بن سنان، عن بشير الدهان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، وهو نازل بالحيرة وعنده جماعة من الشيعة، فأقبل إلي بوجهه وقال: « يا بشير أحججت العام؟. قلت: جعلت فداك، لا ولكني قد عرفت(١) بالقبر قبر الحسينعليه‌السلام ، فقال: « يا بشير، والله ما فاتك شئ مما كان لأصحابك بمكة. قلت: جعلت فداك فيه عرفات فسره لي - إلى أن قال - قالعليه‌السلام : « يا بشير، اسمع وأبلغ من احتمل قلبه، من زار الحسينعليه‌السلام يوم عرفة، كان كمن زار الله تبارك وتعالى في عرشه ».

[١٢٠٢١] ٦ - وعن أبيه وجماعة مشايخه، عن محمد بن يحيى العطار، عن حمدان بن سليمان النيسابوري أبي سعيد(١) ، عن عبد الله بن محمد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن يونس بن يعقوب، عن عمار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من فاتته عرفة(٢) فأدركها بقبر الحسين بن عليعليهما‌السلام ، لم تفته، وأن الله تبارك وتعالى ليبدأ

__________________

٥ - كامل الزيارات ص ١٧١.

(١) يوم هو التاسع من ذي الحجة، والتعريف الوقوف بعرفات في هذا اليوم من مناسك الحج ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٩٨ ) وقول الراوي هنا ( عرفت ) أحضرت يوم عرفة لزيارة الحسين عليه‌السلام .

٦ - كامل الزيارات ص ١٧٠.

(١) في المخطوط والطبعة الحجرية. عن أبي سعيد. وما أثبتناه من المصدر، وهو الصواب. راجع معجم رجال الحديث ج ٦ ص ٢٤٩.

(٢) في المصدر زيادة: بعرفات.

٢٨٤

بأهل قبر الحسينعليه‌السلام قبل أهل عرفات، ثم قال: يخاطبهم بنفسه ».

[١٢٠٢٢] ٧ - وعن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا كان يوم عرفة اطلع الله تبارك وتعالى على زوار قبر الحسينعليه‌السلام فقال لهم: استأنفوا العمل فقد غفرت لكم، ثم يجعل إقامته على أهل عرفات ».

[١٢٠٢٣] ٨ - وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عمن ذكره، عن عمر بن الحسن العرزمي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال سمعته يقول: « إذا كان يوم عرفة، نظر الله تعالى إلى زوار قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام ، فيقول: ارجعوا مغفورا لكم ما مضى، ولا يكتب على أحد منهم ذنب سبعين يوما من يوم ينصرف ».

[١٢٠٢٤] ٩ - وعن محمد بن عبد المؤمن (ره) عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد الكوفي، عن محمد بن جعفر بن إسماعيل العبدي، عن محمد بن عبد الله بن مهران، عن محمد بن سنان، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من زار قبر الحسينعليه‌السلام يوم عرفة، كتب الله له ألف ألف حجة مع القائمعليه‌السلام ، وألف ألف عمرة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعتق ألف ألف نسمة وحملان ألف

__________________

٧ - كامل الزيارات ص ١٧١.

٨ - كامل الزيارات ص ١٧١.

٩ - كامل الزيارات ص ١٧٢.

٢٨٥

ألف فرس في سبيل الله، وسماه الله عبدي الصديق آمن بوعدي، وقالت الملائكة: فلان صديق زكاه الله من فوقه عرشه، وسمي في الأرض كروبيا(١) ».

[١٢٠٢٥] ١٠ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن بشير الدهان قال: قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام : « من زار قبر الحسينعليه‌السلام يوم عرفة، عارفا بحقه، كتب الله له ثواب ألف حجة وألف عمرة وألف غزوة مع نبي مرسل ».

[١٢٠٢٦] ١١ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي سعيد القماط، عن يسار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من كان معسرا فلم يتهيأ له حجة الاسلام، فليأت قبر أبي عبد اللهعليه‌السلام ( و )(١) ليعرف عنده، فذلك يجزئه عن حجة الاسلام، أما أني لا أقول: يجزئ ذلك من حجة الاسلام إلا لمعسر، فأما الموسر إذا كان قد حج حجة الاسلام، فأراد أن يتنفل بالحج أو العمرة، ومنعه من ذلك شغل دنيا أو عائق، فأتى الحسينعليه‌السلام في يوم عرفة، أجزأه ذلك من أداء ( حجته وعمرته )(٢) ، وضاعف الله له ذلك أضعافا مضاعفة.

قال: قلت: كم تعدل حجة وكم تعدل عمرة؟ قال: « لا يحصى ذلك.

__________________

(١) الكروبيون: من الملائكة: وهم سادة الملائكة والمقربون منهم، واحدهم « كروبي » ( مجمع البحرين ج ٢ ص ١٥٩ ).

١٠ - كامل الزيارات ص ١٧٢.

١١ - كامل الزيارات ص ١٧٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في نسخة. الحج والعمرة. - ( منه قده ).

٢٨٦

قلت: مائة؟ قال: « ومن يحصي ذلك! قلت: ألف؟ قال: « وأكثر، ثم قال:( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّـهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) .

[١٢٠٢٧] ١٢ - وعن ابن ميثم التمار، عن الباقرعليه‌السلام قال: « من بات ليلة عرفة بأرض كربلاء، وأقام بها حتى يعيد وينصرف، وقاه الله شر سنته ».

[١٢٠٢٨] ١٣ - وعن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، ( عن محمد بن عيسى بن عبيد )(١) عن أبي سعيد القماط، عن ابن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « لو أن رجلا أراد الحج ولم يتهيأ له ذلك، فأتى الحسينعليه‌السلام فعرف عنده، يجزئه ذلك عن الحج ».

٣٧ -( باب تأكد استحباب زيارة الحسينعليه‌السلام في أول رجب، وفي النصف منه)

[١٢٠٢٩] ١ - السيد الجليل علي بن السيد رضي الدين علي بن طاووس في كتاب زوائد الفوائد: بإسناده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام ، عن فضل زيارة

__________________

(٣) النخل ١٦: ١٨.

١٢ - كامل الزيارات ص ٢٦٩.

١٣ - كامل الزيارات ص ١٥٧.

(١) أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال، راجع معجم الرجال ج ١٥ ص ٢٥٧ و ١٧ ص ١١١.

الباب ٣٧

١ - زوائد الفوائد.

٢٨٧

النصف من رجب وشعبان، فأورد من الثواب والأجر ما لا نهاية له ولا حد.

٣٨ -( باب تأكد استحباب زيارة الحسينعليه‌السلام في النصف من شعبان)

[١٢٠٣٠] ١ - عماد الدين الطبرسي في بشارة المصطفى: عن الحسن بن الحسين بن بابويه، عن شيخ الطائفة، عن المفيد، عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عمن رواه، عن داود الرقي قال: قال الباقرعليه‌السلام . من زار الحسينعليه‌السلام في ليلة النصف من شعبان غفرت له ذنوبه ».

[١٢٠٣١] ٢ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن أبيه وجماعة مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن علي الزيتوني وغيره، عن أحمد بن هلال، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام والحسن بن محبوب، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام قال: « من أحب أن يصافحه مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف، نبي فليزر قبر أبي عبد الله الحسين بن عليعليهما‌السلام في النصف من شعبان، فإن أرواح النبيين يستأذنون الله تعالى في زيارته فيؤذن لهم، منهم خمسة أولوا العزم من الرسل، قلنا: من هم؟ قال: نوح وإبراهيم وموسى

__________________

الباب ٣٨

١ - بشارة المصطفى ص ٧٧.

٢ - كامل الزيارات ص ١٧٩ ح ٢.

٢٨٨

وعيسى ومحمد ( صلى الله عليهم )(١) ، قلنا له: ما معنى أولي العزم؟ قال: بعثوا إلى شرق الأرض وغربها جنها وإنسها ».

[١٢٠٣٢] ٣ - وعن أبيه، وعلي بن الحسين ومحمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن ابن خارجة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا كان النصف من شعبان، نادى مناد من الأفق الأعلى زائري الحسين: ارجعوا مغفورا لكم، ثوابكم على الله ربكم ومحمد نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٢٠٣٣] ٤ - وعن أبيه وجماعة مشايخه، عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن الحسين، عن إبراهيم بن هاشم، عن صندل، عن ابن خارجة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إذا كان النصف من شعبان نادى مناد » وذكر مثله.

ورواه صافي البرقي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من زار أبا عبد اللهعليه‌السلام ثلاث سنين متواليات لا فصل فيها، في النصف من شعبان، غفر له ذنوبه ».

٣٩ -( باب ما يستحب من العمل ليلة النصف من شعبان بكربلاء)

[١٢٠٣٤] ١ - السيد علي بن طاووس في الاقبال: نقلا من خط محمد بن علي

__________________

(١) في المصدر زيادة: أجمعين.

٣ - كامل الزيارات ص ١٧٩.

٤ - كامل الزيارات ص ١٨٠.

الباب ٣٩

١ - إقبال الاعمال ص ٧١٥، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٣٤٢ ح ٤.

٢٨٩

الطرازي من كتابه، قال ما هذا لفظه: ونقلت من خط الشيخ أبي الحسن محمد بن هارون أحسن الله توفيقه، ما ذكر أنه حذف إسناده قال: ومن صلاة ليلة النصف من شعبان، عند قبر سيدنا أبي عبد الله الحسين بن علي ( صلوات الله عليهما )، أربع ركعات تقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب خمسين مرة وقل هو الله خمسين مرة، وتقرأهما في الركوع عشر مرات، وإذا استويت من الركوع مثل ذلك، وفي السجدتين وبينهما مثل ذلك، كما تفعل في صلاه التسبيح وتدعو بعدهما الدعاء.

٤٠ -( باب تأكد زيارة الحسينعليه‌السلام ، ليلة الفطر وليلة الأضحى)

[١٢٠٣٥] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن جماعة مشايخه، عن محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن أبي سارة المدائني، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمان بن الحجاج، أو غيره واسمه الحسين قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « من زار قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام ليلة من ثلاث غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال: قلت: أي الليالي جعلت فداك؟ قال: ليلة الفطر، أو ليلة الأضحى، أو ليلة النصف من شعبان ».

[١٢٠٣٦] ٢ - وعن أبيه، وعن ابن الحسين وجماعة مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن يونس بن ظبيان قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « من زار الحسين بن علي

__________________

الباب ٤٠

١ - ٢ - كامل الزيارات ص ١٨٠.

٢٩٠

عليهما‌السلام ، ليلة النصف من شعبان وليلة الفطر وليلة عرفة في سنة واحده، كتب الله له ألف حجة مبرورة وألف عمرة متقبلة، وقضيت له ألف حاجة من حوائج الدنيا والآخرة ».

٤١ -( باب تأكد استحباب زيارة الحسينعليه‌السلام ليلة عاشوراء ويوم عاشوراء)

[١٢٠٣٧] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن أبيه وأخيه وجماعة مشايخه، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن علي المدائني، عن محمد بن سعيد البجلي عن قبيصة عن جابر الجعفي قال دخلت على جعفر بن محمدعليهما‌السلام في يوم عاشوراء فقال لي: هؤلاء زوار الله وحق على المزور أن يكرم الزائر، من بات عند قبر الحسينعليه‌السلام ليلة عاشوراء، لقي الله يوم القيامة ملطخا بدمه كأنما قتل معه في عرصته(١) ، وقال: من زار قبر الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء أو بات عنده، كان كمن استشهد بين يديه ».

[١٢٠٣٨] ٢ - وعن محمد بن همام، عن جعفر بن محمد الفزاري، عن أحمد بن علي بن عبيد الجعفي، عن حسين بن سليمان، عن الحسين بن أسد، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من زار الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء

__________________

الباب ٤١

١ - كامل الزيارات ص ١٧٣.

(١) العرصة: بالفتح كلّ بقعة واسعة ليس فيها بناء، ومنه عرصات الجنة ( مجمع البحرين ج ٤ ص ١٧٤ ). وفي نسخة: عصره، ( منه قده ).

٢ - كامل الزيارات ص ١٧٣.

٢٩١

وجبت له الجنة ».

[١٢٠٣٩] ٣ - وعن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن زيد الشحام، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من زار قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام يوم عاشوراء عارفا بحقه، كان كمن زار الله في عرشه ».

[١٢٠٤٠] ٤ - وعن الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد، عن محمد بن جمهور العمي، عمن ذكره، عنهمعليهم‌السلام قال: « من زار(١) الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء، كان كمن تشحط بدمه بين يديه ».

[١٢٠٤١] ٥ - وعن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ( عن أبيه )(١) عن محمد بن الحسين، عن حمدان بن المعافا، عن ابن أبي عمير، عن زيد الشحام، عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: « من زار الحسينعليه‌السلام ليلة النصف من شعبان، غفر الله له ما تقدم من ذنوبه وما تأخر، ومن زاره يوم عرفة كتب الله له ثواب ألف حجة متقبلة وألف عمرة مبرورة، ومن زاره يوم عاشوراء فكأنما زار الله فوق عرشه ».

__________________

٣ - كامل الزيارات ص ١٧٤.

٤ - كامل الزيارات ص ١٧٤.

(١) في المصدر زيادة: قبر.

٥ - كامل الزيارات ص ١٧٤.

(١) أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال، راجع معجم رجال الحديث ج ١٠ ص ١٤٣.

٢٩٢

[١٢٠٤٢] ٦ - وعن حكيم بن داود وغيره، عن محمد بن موسى الهمداني، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة معا، عن علقمة بن محمد الحضرمي ومحمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن مالك الجهني، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال: « من زار الحسينعليه‌السلام ( يوم عاشوراء )(١) حتى تظل عنده باكيا، لقي الله عز وجل ( يوم القيامة )(٢) بثواب ألفي ألف حجة وألفي ألف عمرة وألفي ألف غزوة، وثواب كلّ حجة وعمرة وغزوة كثواب من حج واعتمر وغزا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومع الأئمة الراشدين ( صلوات الله عليهم ) » الحديث.

[١٢٠٤٣] ٧ - عوالي اللآلي: عن الصادقعليه‌السلام أنه قال: « من زاره - يعني الحسينعليه‌السلام - يوم عاشوراء حتى يظل عنده باكيا حزينا، كان كمن استشهد بين يديه، حتى يشاركهم في منازلهم في الجنة ».

[١٢٠٤٤] ٨ - الشيخ المفيد في مسار الشيعة: وروي أن من زارهعليه‌السلام وبات عنده ليلة عاشوراء حتى يصبح، حشره الله تعالى ملطخا بدم الحسينعليه‌السلام في جملة الشهداء.

__________________

٦ - كامل الزيارات ص ١٧٤.

(١) في نسخة. يوم العاشر من الشهر. - ( منه قده ).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٧ - عوالي اللآلي ج ٤ ص ٨٢ ح ٩٠.

٨ - مسار الشيعة ضمن ( مجموعة نفيسة ) ص ٢٥.

٢٩٣

٤٢ -( باب تأكد استحباب زيارة الحسينعليه‌السلام كلّ ليلة جمعة وكل يوم جمعة)

[١٢٠٤٥] ١ - السيد علي بن طاووس في الاقبال قال: روى أبو عبد الله بن حماد الأنصاري في كتاب أصله، في فضل زيارة الحسينعليه‌السلام فقال ما لفظه: عن الحسين بن أبي حمزة قال: خرجت في آخر زمان بني أمية وأنا أريد قبر الحسينعليه‌السلام ، فانتهيت إلى الغاضرية حتى إذا نام الناس اغتسلت ثم أقبلت أريد القبر، حتى إذا كتنت على باب الحير، خرج إلي رجل جميل الوجه طيب الريح شديد بياض الثياب فقال: انصرف فإنك لا تصل، فانصرفت إلى شاطئ الفرات فأنست به، حتى إذا كان نصف الليل اغتسلت ثم أقبلت أريد القبر، فلما انتهيت إلى باب الحائر خرج إلي الرجل بعينه فقال: يا هذا انصرف فإنك لا تصل فانصرفت فلما كان آخر الليل اغتسلت ثم أقبلت أريد القبر، فلما انتهيت إلى باب الحاير، خرج إلي ذلك الرجل فقال: يا هذا إنك لا تصل، فقلت: فلم لا أصل إلى ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسيد شباب أهل الجنة وقد جئت أمشي من الكوفة، وهي ليلة الجمعة، وأخاف أن أصبح هاهنا وتقتلني مسلحة(١) بني أمية؟ فقال: انصرف فإنك لا تصل، فقلت: ولم لا أصل؟ فقال: إن موسى بن عمران استأذن ربه في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام فأذن له، فأتاه وهو في سبعين ألف، فانصرف فإذا عرجوا إلى السماء

__________________

الباب ٤٢

١ - الاقبال ص ٥٦٨.

(١) المسلحة: جنود وأعوان سموا بذلك لأنهم يحملون السلاح أو لأنهم يسكنون المسلحة وهي ثغر أو مرقب يكونون فيه يرقبون من يرد إليهم ومن يخرج منه ( لسان العرب ( سلح ) ص ٢ ح ٤٨٧ ).

٢٩٤

فتعال، فانصرفت وجئت إلى شاطئ الفرات، حتى إذا طلع الفجر اغتسلت وجئت ودخلت فلم أر عنده أحدا، فصليت عنده الفجر وخرجت إلى الكوفة.

[١٢٠٤٦] ٢ - الشيخ محمد بن المشهدي في المزار: بإسناده إلى الأعمش قال: كنت نازلا بالكوفة، وكان لي جار كثيرا ما كنت اقعد إليه، وكانت ليلة الجمعة، فقلت له: ما تقول في زيارة الحسينعليه‌السلام ؟ فقال لي: بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، فقمت من بين يديه وأنا ممتلئ غضبا، وقلت: إذا كان السحر أتيته وحدثته من فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ما يسخن الله به عينيه، قال: فأتيته وقرعت عليه الباب، فإذا أنا بصوت من وراء الباب: أنه قد قصد الزيارة في أول الليل، فخرجت مسرعا فأتيت الحير، فإذا أنا بالشيخ ساجد لا يمل من السجود والركوع، فقلت له: بالأمس تقول لي بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، واليوم تزوره! فقال لي: يا سليمان لا تلمني، فإني ما كنت أثبت لأهل هذا البيت إمامة، حتى إذا كانت ليلتي هذه، رأيت رؤيا أرعبتني، فقلت، ما رأيت أيها الشيخ؟ قال: رأيت رجلا لا بالطويل الشاهق ولا بالقصير اللاصق، لا أحسن أصفه من حسنه وبهائه، ومعه أقوام يحفونه حفيفا ويزفونه زفا، بين يديه فارس على فرس ذنوب(١) ، على رأسه تاج للتاج أربعة أركان، في كلّ ركن جوهرة تضئ مسيرة ثلاثة أيام، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلبصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت: والاخر، فقالوا: وصيه علي بن أبي طالب

__________________

٢ - مزار المشهدي ص ٤٦١، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٥٨ ح ٢٦.

(١) الذنوب: الفرس الطويل الذنب أو الوافر شعر الذنب ( لسان العرب ( ذنب ) ج ١ ص ٣٩٠ ).

٢٩٥

عليه‌السلام ، ثم مددت عيني فإذا أنا بناقة من نور عليها هودج من نور، تطير بين السماء والأرض، فقلت: لمن هذه الناقة؟ قالوا: لخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قلت: والغلام، قالوا: الحسن بن علي، قلت: فأين يريدون؟ قال: يمضون بأجمعهم إلى زيارة المقتول ظلما، الشهيد بكربلاء الحسين بن علي، ثم قصدت الهودج، وإذا أنا برقاع تساقط من السماء، أمانا من الله جل ذكره لزوار الحسين بن علي ليلة الجمعة، ثم هتف بنا هاتف، ألا إنا وشيعتنا في الدرجة العليا من الجنة، والله يا سليمان لا أفارق هذا المكان حتى يفارق روحي جسدي.

٤٣ -( باب استحباب الغسل لزيارة الحسينعليه‌السلام من الفرات وغيره)

[١٢٠٤٧] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن بشير الدهان قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث له طويل - قال: « ويحك يا بشير إن المؤمن إذا أتاه(١) عارفا بحقه، فاغتسل في الفرات ثم خرج كتب له بكل خطوة حجة وعمرة مبرورات متقبلات، وغزوة مع نبي مرسل أو إمام عدل(٢) ».

__________________

الباب ٤٣

١ - كامل الزيارات ص ١٨٤.

(١) في المصدر: أتى قبر الحسين عليه‌السلام .

(٢) في نسخة: عادل، ( منه قده ).

٢٩٦

[١٢٠٤٨] ٢ - وعن محمد بن همام، بن(١) سهيل الإسكافي، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن الحسن بن عبد الرحمان الرواسي، عمن حدثه، عن بشير الدهان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من أتى الحسينعليه‌السلام فتوضأ واغتسل من الفرات، لم يرفع قدما ولم يضع قدما، إلا كتب الله له حجة وعمرة ».

[١٢٠٤٩] ٣ - وعن أبيه ومحمد بن الحسين بن الوليد، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن يوسف الكناسي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا أتيت قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام ، فائت الفرات واغتسل بحيال(١) قبره ».

[١٢٠٥٠] ٤ - وعن جعفر بن محمد(١) بن إبراهيم بن عبيد الله(٢) ، الموسوي عن عبيد الله بن نهيك، عن محمد بن الفراش(٣) ، عن إبراهيم بن محمد الطحان(٣) عن بشير الدهان، عن رفاعة بن موسى النخاس، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إن من خرج إلى قبر الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه(٤) واغتسل في الفرات وخرج من الماء

__________________

٢ - كامل الزيارات ص ١٨٦.

(١) في نسخة: عن جميل، ( منه قده ).

٣ - كامل الزيارات ص ١٨٦.

(١) قعد حياله: بإزائه أو محاذيا له ( مجمع البحرين ( حول ) ج ٥ ص ٣٦٠ ).

٤ - كامل الزيارات ص ١٨٧.

(١) في المخطوط: عبد الله وما أثبتناه من المصدر، راجع معجم رجال الحديث ج ٤ ص ١٠١

(٢) في نسخة: الساوي، ( منه قده ).

(٣) في نسخة: الفرات، ( منه قده )، وفي المصدر محمد الفراشي.

(٤) في المصدر زيادة: وبلغ الفرات.

٢٩٧

كان كمثل الذي خرج من الذنوب، وإذا مشى إلى الحير لم يرفع قدما ولم يضع أخرى، إلا كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ».

[١٢٠٥١] ٥ - وعن أبيه ( وجماعة أصحابه )(١) ، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس معا، عن العمركي، عن يحيى خادم أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، عن محمد بنت سنان، عن بشير الدهان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث له - قال: فقالعليه‌السلام : « يا بشير إن الرجل منكم ليغتسل على شاطئ الفرات، ثم يأتي قبر الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه، فيعطيه الله بكل قدم يرفعها أو يضعها مائة حجة مقبولة، ومائة عمرة مبرورة، ومائة غزوة مع نبي مرسل إلى أعدى عدو له » الخبر.

٤٤ -( باب استحباب الدعاء عند غسل الزيارة بالمأثور)

[١٢٠٥٢] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن الحسين(١) بن محمد بن عامر، عن أحمد بن علوية الأصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه كان يقول بعد غسل الزيارة إذا فرغ: « اللهم اجعله لي نورا وطهورا، وحرزا وكافيا من كلّ داء وسقم، ومن كلّ آفة وعاهة، وطهر به قلبي وجوارحي ولحمي ودمي وشعري وبشري ومخي وعظامي وعصبي وما أقلت

__________________

٥ - كامل الزيارات ص ١٨٥.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

الباب ٤٤

١ - كامل الزيارات ص ١٨٦.

(١) في المخطوط: الحسن، وما أثبتناه من المصدر.

٢٩٨

الأرض مني، واجعله لي شاهدا يوم القيامة، ويوم حاجتي وفقري(٢) ».

٤٥ -( باب استحباب زيارة الحسينعليه‌السلام بالزيارةالمأثور وآدابها، وصلاة ركعتي الزيارة بعدها، وزيارة الشهداء)

[١٢٠٥٣] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن أبيه ومحمد بن عبد الله معا، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن عبد الله بن محمد بن خالد، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن فضيل بن عثمان الصائغ، عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما أقول إذا أتيت قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قال: « قل: السلام عليك يا أبا عبد الله، صلى الله عليك يا أبا عبد الله، رحمك الله يا أبا عبد الله، لعن الله من قتلك، ولعن الله من شرك، في دمك، ولعن الله من بلغه ذلك فرضي به، أنا إلى الله من ذلك برئ ».

[١٢٠٥٤] ٢ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، ( عن أبي عبد الله الرازي )(١) ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن الحسن بن محمد بن عبد الكريم أبي علي، عن المفضل بن عمر، عن جابر الجعفي قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ( للمفضل )(٢) : « كم بينك وبين قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قلت: بأبي أنت وأمي يوم وبعض يوم آخر،

__________________

(٢) في المصدر زيادة: وفاقتي.

الباب ٤٥

١ - كامل الزيارات ص ٢٠٥.

٢ - كامل الزيارات ص ٢٠٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢٩٩

قال: « فتزوره » فقال: نعم، قال: فقال: « ألا أبشرك، ألا أفرحك ببعض ثوابه »؟ قلت: بلى جعلت فداك، قال: فقال لي: « إن الرجل منكم ليأخذ في جهازه ويتهيأ لزيارته، فيتباشر به أهل السماء، فإذا خرج من باب منزله راكبا أو ماشيا، وكل الله به أربعة آلاف ملك من الملائكة، يصلون عليه حتى يوافي(٣) الحسينعليه‌السلام ، يا مفضل إذا أتيت قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام ، فقف بالباب وقل هذه الكلمات، فإن لك بكل كلمة كفلا(٤) من رحمة الله » فقلت: ما هي جعلت فداك؟ قال: تقول: « السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله، السلام عليك يا وارث علي وصي رسول الله السلام، عليك يا وارث الحسن الرضي، السلام عليك يا وارث فاطمة بنت رسول الله، السلام عليك أيها الشهيد الصديق، السلام عليك أيها الوصي(٥) البار التقي، السلام على الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك السلام على ملائكة الله المحدقين بك، أشهد أنك قد أقمت، الصلاة وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، ثم

__________________

(٣) وفيه زيادة: قبر.

(٤) وفي نسخة: كفلة. الكفل: الضعف والحظ والنصيب ( مجمع البحرين ( كفل ) ج ٥ ص ٤٦٢ ).

(٥) وفي نسخة الرضي. ( منه قده ).

(٦) في المصدر زيادة: السلام عليك يا حجة الله وابن حجته.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442