وسائل الشيعة الجزء ٥

وسائل الشيعة11%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 533

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 533 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 359741 / تحميل: 7184
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

أبواب أحكام الملابس

ولو في غير الصلاة

١ - باب استحباب التجمّل وكراهة التباؤس (*)

[ ٥٧ ٣٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي شعيب المحاملي، عن أبي هاشم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إنّ الله عزّ وجلّ يحبّ الجمال والتجمّل، ويبغض البؤس والتباؤس.

[ ٥٧ ٣٩ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير(١) قال: أمير المؤمنين ‎( عليه‌السلام ) ‎ : إنّ الله جميل يحبُّ الجمال، ويحبّ أن يرى أثر نعمه على عبده.

[ ٥٧ ٤٠ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عمّن رواه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إذا أنعم الله على عبد بنعمة أحبّ أن يراها عليه، لأنّه جميل يحبّ الجمال.

____________________

أبواب أحكام الملابس ولو في غير الصلاة

الباب ١

فيه ٩ أحاديث

* التباؤس: التفاقر.( القاموس المحيط ٢: ٢٠٦ ).

١ - الكافي ٦: ٤٤٠ / ١٤.

٢ - الكافي ٦: ٤٣٨ / ١.

(١) في المصدر زيادة: عن أبي عبد الله (عليه‌السلام )

٣ - الكافي ٦: ٤٣٨ / ٤.

٥

[ ٥٧ ٤١ ] ٤ - وعنهم، عن سهل، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان، عن يوسف بن إبراهيم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: البس وتجمّل، فإنّ الله جميل يحبّ الجمال، وليكن من حلال.

[ ٥٧ ٤٢ ] ٥ - وعنهم، عن سهل، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: أبصر رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) رجلاً شعثاً ‎ً شعر رأسه، وسخة ثيابه، سيّئة حاله، فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من الدين المتعة(١) .

[ ٥٧ ٤٣ ] ٦ - وبهذا الإِسناد قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : بئس العبد القاذورة.

[ ٥٧ ٤٤ ] ٧ - محمّد بن علي بن الحسين في( الخصال ): عن محمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي، عن ابن رئاب(٢) ، عن الحلبي قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : ثلاثة أشياء لا يحاسب الله عليها المؤمن: طعام يأكله، وثوب يلبسه، وزوجة صالحة تعاونه، ويحصن بها فرجه.

____________________

٤ - الكافي ٦: ٤٤٢ / ٧، وأورد صدره في الحديث ٧ من الباب ١٠ من أبواب لباس المصلي، ويأتي في الحديث ٥ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

٥ - الكافي ٦: ٤٣٩ / ٥.

(١) في المصدر زيادة: واظهار النعمة.

٦ - الكافي ٦: ٤٣٩ / ٦.

٧ - الخصال: ٨٠ / ٢، وأورده عن التهذيب في الحديث ١ من الباب ٩ من أبواب مقدمات النكاح.

(٢) في نسخة: زياد( هامش المخطوط) وكذلك المصدر.

٦

[ ٥٧ ٤٥ ] ٨ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا( عليه‌السلام ) ، قال: قال أبي: ما تقول في اللباس الحسن ؟ فقلت: بلغني أنّ الحسن( عليه‌السلام ) كان يلبس، وأن جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) كان يأخذ الثوب الجديد فيأمر به فيغمس في الماء، فقال لي: البس وتجمّل، فإن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) كان يلبس الجبّة الخزّ بخمسمائة درهم، والمطرف الخزّ بخمسين ديناراً، فيشتو فيه، فإذا خرج الشتاء باعه فتصدّق بثمنه، وتلا هذه الآية:( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) (١) .

[ ٥٧ ٤٦ ] ٩ - الحسن بن محمّد الطوسي في( الأمالي) عن أبيه، عن الفحّام، عن المنصوري، عن علي بن محمّد الهادي( عليه‌السلام ) ، عن آبائه، عن الصادق( عليهم‌السلام ) قال: إنّ الله يحبّ الجمال والتجمّل، ويكره البؤس والتباؤس، فإنّ الله إذا أنعم على عبد نعمة أحبّ أن يرى عليه أثرها، قيل: كيف ذلك ؟ قال: ينظّف ثوبه، ويطيّب ريحه، ويجصّص داره، ويكنس أفنيته، حتى أنّ السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر ويزيد في الرزق.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أحاديث لبس الخزّ(٢) وغيره(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

____________________

٨ - قرب الاسناد: ١٥٧، وأورد قطعة منه في الحديث ١٠ من الباب ١٠ من أبواب لباس المصلّي.

(١) الأعراف ٧: ٣٢.

٩ - أمالي الطوسي ١: ٢٨١.

(٢) تقدم في الباب ١٠من أبواب لباس المصلّي.

(٣) تقدم في الحديث ١ من الباب ٣٣ من أبواب الاحتضار.

(٤) يأتي في الحديثين ٢ و ٥ من الباب ٧، وفي الباب ٩ وفي الحديثين ٤ و ١٧ من الباب ١٩، وفي الباب ٢٧ من هذه الأبواب.

٧

٢ - باب استحباب إظهار النعمة، وكون الانسان في أحسن زي ّ قومه، وكراهة كتم النعمة

[ ٥٧ ٤٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن أسلم، عن هارون بن مسلم، عن بريد بن معاوية قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) لعبيد بن زياد: إظهار النعمة أحبّ إلى الله من صيانتها، فإيّاك أن تُريَّن(١) إلّا في أحسن زيّ قومك، قال: فما رؤي عبيد إلّا في أحسن زيّ قومه حتى مات.

[ ٥٧ ٤٨ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول - في حديث -: خير لباس كل زمان لباس أهله.

[ ٥٧ ٤٩ ] ٣ - وعن علي بن محمّد، رفعه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال ‎ : إذا أنعم الله على عبده بنعمة فظهرت عليه سمّي حبيب الله، محدّث بنعمة الله، وإذا أنعم الله على عبد بنعمة فلم تظهر عليه سمّي بغيض الله، مكذّب بنعمة الله.

[ ٥٧ ٥٠ ] ٤ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، رفعه قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) ‎ : إنّني لأكره للرجل أن يكون عليه من الله نعمة فلا يظهرها.

____________________

الباب ٢

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٤٠ / ١٥.

(١) كذا ظاهر الاصل إلّا ان على الزاي نقطة، وفي المصدر:( تتزين ).

٢ - الكافي ٦: ٤٤٤ / ١٥، و ١: ٣٤٠ / ٤، أورده بتمامه في الحديث ٧ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

٣ - الكافي ٦: ٤٣٨ / ٢.

٤ - الكافي ٦: ٤٣٩ / ٩.

٨

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٣ - باب استحباب اظهار الغنىٰ، وإن لم يكن حاصلاً، إذا ظنّ فقره

[ ٥٧ ٥١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب وابن فضّال جميعاً، عن يونس بن يعقوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إن ناساً بالمدينة قالوا: ليس للحسن مال، فبعث الحسن( عليه‌السلام ) إلى رجل بالمدينة، فاستقرض منه ألف درهم، وأرسل بها إلى المصدّق، فقال: هذه صدقة مالنا، فقالوا: ما بعث الحسن هذه من تلقاء نفسه إلّا وعنده مال.

[ ٥٧ ٥٢ ] ٢ - وبالإِسناد عن أبي بصير قال: لـمّا(٣) بلغ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) أن طلحة والزبير يقولان: ليس لعلي مال، قال: فشقّ ذلك عليه، فأمر وكلاءه أن يجمعوا غلّته، حتى إذا حال عليه الحول أتوه وقد جمعوا من ثمن الغلّة مائة ألف درهم، فنثرت(٤) بين يديه، فأرسل إلى طلحة والزبير، فأتياه، فقال لهما: هذا المال، والله لي، ليس لأحد فيه شيء، وكان عندهما مصدّقاً، قال: فخرجا من عنده وهما يقولان: إنّ له مالاً(٥) .

[ ٥٧ ٥٣ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن حديد، عن مرازم بن

____________________

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ٤ من الباب ٧ والباب ٧٢ من هذه الأبواب.

الباب ٣

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٤٠ / ١٢.

٢ - الكافي ٦: ٤٤٠ / ١١.

(٣) كتب في هامش الاصل( لمّا) عن نسخة.

(٤) في المصدر: فنشرت.

(٥) في نسخة: لمالاً( هامش المخطوط ).

٣ - الكافي ٦: ٤٣٩ / ٨.

٩

حكيم، عن عبد الأعلى مولى ‎ آل سام قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إنّ الناس يرون(١) أنّ لك مالاً كثيراً، فقال: ما يسوءني ذلك، إنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) مرّ ذات يوم على ناس شتّى من قريش وعليه قميص مخرّق، فقالوا: أصبح عليّ لا مال له، فسمعها أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، فأمر الذي يلي صدقته أن يجمع تمره، ولايبعث إلى إنسان شيئاً، وأن يوفّره، ثمّ قال له: بعه الاوَّل فالأوّل، واجعلها دراهم، ثم اجعلها حيث تجعل التمر، فاكبسه(٢) معه حيث لا يرى، وقال للذي يقوم عليه: إذا دعوت بالتمر فاصعد وانظر المال، فاضربه برجلك، كأنّك: لا تعمد الدراهم، حتى تنثرها، ثم بعث إلى رجل رجل(٣) منهم يدعوه، ثمّ دعا بالتمر، فلمّا صعد ينزل بالتمر ضرب برجله، فانتثرت الدراهم، فقالوا: ما هذا يا أبا الحسن ؟ فقال: هذا مال من لا مال له، ثمّ أمر بذلك المال فقال: أنظروا أهل كلّ بيت كنت أبعث إليهم، فانظروا ماله، وابعثوا إليه.

[ ٥٧ ٥٤ ] ٤ - وبالإِسناد عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: إنّ علي بن الحسين( عليهما‌السلام ) اشتدّت حاله حتّى تحدّث بذلك أهل المدينة، فبلغه ذلك، فتعيّن(١) ألف درهم وبعث بها إلى صاحب المدينة، وقال: هذه صدقة مالي.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

____________________

(١) في نسخة: يروون( هامش المخطوط ).

(٢) ورد في هامش المخطوط ما نصه: كبس البئر والنهر طمّهما بالتراب ورأسه في ثوبه أخفاه وأدخله فيه.( القاموس المحيط ٢: ٢٤٥ ).

(٣) ليس في المصدر.

٤ - الكافي ٦: ٤٤٠ / ١٣.

(٤) تعين: أي اقترض. والعينة بالكسر السلف.( الصحاح. هامش المخطوط ).

(٥) يأتي في الباب ٧ و ٨ وفي الحديث ٦ الباب ٣٢ من هذه الأبواب، وتقدم في الباب ٣ من هذه الأبواب ما يدل على بعض المقصود.

١٠

٤ - باب استحباب تزيّن المسلم للمسلم، وللغريب، والأهل والأصحاب

[ ٥٧ ٥٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : ليتزيّن أحدكم لأخيه المسلم كما يتزيّن للغريب الذي يحبّ أن يراه في أحسن الهيئة.

ورواه الصدوق في( الخصال) (١) بإسناده الآتي(٢) عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث الأربعمائة - مثله.

[ ٥٧ ٥٦ ] ٢ - الحسن بن الفضل الطبرسي في( مكارم الأخلاق) عن النبي ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، أنّه كان ينظر في المرآة، ويرجّل جمّته، ويمتشّط، وربّما نظر في الماء وسوّى جمّته فيه، ولقد كان يتجمّل لأصحابه فضلاً على تجمّله لأهله، وقال: إنّ الله يحبّ من عبده إذا خرج إلى أخوانه أن يتهيّأ لهم ويتجمّل.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) .

____________________

الباب ٤

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٤٣٩ / ١٠.

(١) الخصال: ٦١٢.

(٢) يأتي في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز( ر ).

٢ - مكارم الأخلاق: ٣٤.

(٣) تقدم في الباب ١ و ٢ من هذه الأبواب، ويأتي ما يدل عليه في الحديث ٢ من الباب ٥ والباب ١٧ و ٢٧ وفي الحديث ٣ من الباب ٢٩ وفي الحديث ٣ من الباب ٣١ من هذه الأبواب.

١١

‏ ٥ - الباب كراهة مباشرة الرجل السريّ * الأشياء الدنيّة من الملابس وغيرها

[ ٥٧ ٥٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن معاوية بن وهب قال: رآني أبو عبد الله( عليه‌السلام ) وأنا أحمل بقلاً، فقال: يكره للرجل السريّ أن يحمل الشيء الدني فيجترأ عليه.

ورواه الصدوق في( الخصال ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، مثله(١) .

[ ٥٧ ٥٨ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة قال: استقبلني أبو الحسن( عليه‌السلام ) وقد علّقت سمكة في يدي، فقال: اقذفها، إنّي لأكره للرجل السريّ أن يحمل الشيء الدنيّ بنفسه، ثم قال: إنّكم قوم أعداؤكم كثير، عاداكم الخلق يا معشر الشيعة، إنّكم قد عاداكم الخلق، فتزيّنوا لهم بما قدرتم عليه.

ورواه الصدوق في كتاب( صفات الشيعة ): عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد، عن عبد الله بن خالد الكناني قال: استقبلني أبو الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، ثمّ ذكر مثله(٢) .

[ ٥٧ ٥٩ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن فضّال ومحسن بن أحمد جميعاً، عن يونس بن يعقوب قال: نظر أبو عبد الله( عليه‌السلام ) إلى رجل من

____________________

الباب ٥

فيه ٥ أحاديث

* السريّ: الرجل الشريف النبيل.( أنظر لسان العرب ١٤: ٣٧٧ ).

١ - الكافي ٦: ٤٣٩ / ٧.

(١) الخصال: ١٠ / ٣٥.

٢ - الكافي ٦: ٤٨٠ / ١٢.

(٢) صفات الشيعة: ١٦ / ٣١.

٣ - الكافي ٢: ١٠٠ / ١٠.

١٢

أهل المدينة قد اشترى لعياله شيئاً وهو يحمله، فلمّا رآه الرجل استحيى منه، فقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : اشتريته لعيالك وحملته إليهم، أما والله لولا أهل المدينة لأحببت أن أشتري لعيالي الشيء ثم أحمله إليهم.

أقول: يأتي وجهه(١) .

[ ٥٧ ٦٠ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عقبة بن محمّد، عن سلمة بن محرز(٢) قال: مرّ أبو عبد الله( عليه‌السلام ) على رجل قد ارتفع صوته على رجل يقتضيه شيئاً يسيراً، فقال: بكم تطالبه ؟ فقال: بكذا وكذا، قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : أما بلغك أنّه كان يقال: لا دين لمن لا مروّة له ؟!

[ ٥٧ ٦١ ] ٥ - محمّد بن علي بن الحسين في( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي نجران، يرفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من رقّع جيبه، وخصف نعله، وحمل سلعته، فقد برئ من الكبر.

ورواه الكليني(٣) ، عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة(٤) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) .

أقول: هذا محمول على عدم كون هذه الأشياء في العرف من الأمور الدنية بالنسبة إلى ذلك الشخص، أو مخصوص بغير الرجل السريّ.

____________________

(١) يأتي وجهه في الحديث ٥ من هذا الباب.

٤ - الكافي ٦: ٤٣٨ / ٣.

(٢) في المصدر: سلمة بن محمد بياع القلانس.

٥ - ثواب الأعمال: ٢١٣، والخصال: ١٠٩ / ٧٨، أخرجه عنه وعن روضة الكافي وعن الخصال في الحديث ٤، وأخرج نحوه عن المجالس في الحديث ٥ من الباب ٢٩ من هذه الأبواب.

(٣) الكافي ٨: ٢٣١ / ٣٠٢.

(٤) في المصدر زيادة: عن اسحاق بن عمار.

١٣

٦ - باب استحباب لبس الثوب النقي النظيف

[ ٥٧ ٦٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عبد الرحمن بن جندب(١) ، عن سفيان بن السمط قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: الثوب النقي يكبت العدوّ.

[ ٥٧ ٦٣ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : النظيف من الثياب يذهب الهمّ والحزن، وهو طهور للصلاة.

[ ٥٧ ٦٤ ] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من اتّخذ ثوباً فلينظّفه.

[ ٥٧ ٦٥ ]٤ - محمّد بن علي بن الحسين في( الخصال) بإسناده عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث الأربعمائة - قال: غسل الثياب يذهب الهمّ والحزن، وهو ظهور للصلاة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه،

____________________

الباب ٦

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٤١ / ١.

(١) في المصدر: عبد الله بن جندب.

٢ - الكافي ٦: ٤٤٢ / ١٤، أخرجه عن المجمع مع اختلاف في ألفاظه في الحديث ١١ من الباب ٢٢ من هذه الأبواب.

٣ - الكافي ٦: ٤٤١ / ٣.

٤ - الخصال: ٦١٢.

(٢) تقدم ما يدل على ذلك في الباب ١ من هذه الأبواب.

١٤

إن شاء الله(١) .

٧ - باب عدم كراهة لبس الثياب الفخارة الثمينة اذا لم تؤدّ الى الشهرة، بل استحبابه، وكراهة الشهرة بلبس الخلقان والخشن ونحوه

[ ٥٧ ٦٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: لبس رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) الساج والطاق والخمائص(٢) .

[ ٥٧ ٦٧ ] ٢ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشّاء قال: سمعت الرضا( عليه‌السلام ) يقول: كان علي بن الحسين( عليه‌السلام ) يلبس ثوبين في الصيف يشتريان بخمسمائة درهم.

أقول: وتقدّم في أحاديث الخزّ ما يدلّ على ذلك وزيادة(٣) .

[ ٥٧ ٦٨ ] ٣ - وبالإِسناد عن الوشّاء، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: بينا أنا في الطواف وإذا رجل يجذب ثوبي، وإذا عبّاد بن كثير البصري فقال: يا جعفر، تلبس مثل هذه الثياب وأنت في هذا

____________________

(١) يأتي ما يدل عليه في الحديث ١١ من الباب ٢٢، وفي الحديث ٤ من الباب ٣٢ من هذه الأبواب.

الباب ٧

فيه ١٢حديثاً

١ - الكافي ٦: ٤٤١ / ٢.

(٢) الساج: الطيلسان الأخضر، والطاق: الطيلسان الأخضر، والخميصة: كساء أسود له علمان - القاموس المحيط ١: ١٩٥، ٣: ٢٦٠، ٢: ٣٠٢( هامش المخطوط ).

٢ - الكافي ٦: ٤٤١ / ٥.

(٣) تقدم في الباب ١٠ من أبواب لباس المصلي.

٣ - الكافي ٦: ٤٤٣ / ٩.

١٥

الموضع مع المكان الذي أنت فيه من علي( عليه‌السلام ) ؟! فقلت: فرقبي(١) اشتريته بدينار، وكان علي( عليه‌السلام ) في زمان يستقيم له ما لبس فيه، ولو لبست مثل ذلك اللباس في زماننا لقال الناس: هذا مراء مثل عبّاد.

ورواه الكشّي في كتاب( الرجال ): عن محمّد بن مسعود، عن عبد الله بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن ابن سنان، مثله(٢) .

[ ٥٧ ٦٩ ] ٤ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح قال: كان أبو عبد الله( عليه‌السلام ) متّكئاً عليّ، أو قال: على أبي، فلقيه عبّاد بن كثير وعليه ثياب مَرْوية(٣) حِسان، فقال: يا أبا عبد الله، إنّك من أهل بيت نبوّة، وكان أبوك وكان، فما لهذه الثياب المزينة عليك ؟! فلو لبست دون هذه الثياب، فقال له أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : ويلك يا عباد،( مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) (٤) ، إنّ الله عزّ وجلّ إذا أنعم على عبد نعمة أحبّ أن يراها عليه، ليس به بأس، ويلك يا عبّاد، إنّما أنا بضعة من رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) فلا تؤذني، وكان عبّاد يلبس ثوبين قطريّين(٥) .

[ ٥٧ ٧٠ ] ٥ - وعنهم، عن سهل، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان، عن يوسف بن إبراهيم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: إنّ عبد الله بن عبّاس لـمّا بعثه أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إلى الخوارج فواقفهم لبس

____________________

(١) فرقب كقنفذ (ع) ومنه الثياب الفرقبية أو هي ثياب بيض من كتان( هامش الأصل) عن القاموس.

(٢) رجال الكشي ٢: ٦٨٩ / ٧٣٦.

٤ - الكافي ٦: ٤٤٣ / ١٣.

(٣) ثوب مرْويّ: نسبة إلى مدينة مرو ببلاد فارس.( لسان العرب ١٥: ٢٧٦ ).

(٤) الأعراف ٧: ٣٢.

(٥) في هامش الاصل عن نسخة:( قطوبين ).

٥ - الكافي ٦: ٤٤٢ / ٧، تقدم صدره في الحديث ٧ الباب ١٠ من لباس المصلي، وقطعة منه في الحديث ٤ الباب ١ من هذه الأبواب.

١٦

أفضل ثيابه، وتطيّب بأطيب طيبه، وركب أفضل مراكبه، فخرج فواقفهم، فقالوا: يا بن عبّاس، بينا أنت أفضل الناس إذا اتيتنا في لباس الجبابرة ومراكبهم، فتلا عليهم هذه الآية:( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) (١) ، والبس(٢) وتجمّل فإنّ الله جميل يحبّ الجمال، وليكن من حلال.

[ ٥٧ ٧١ ] ٦ - وعن محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: بعث أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) عبد الله بن عبّاس إلى ابن الكوّا وأصحابه، وعليه قميص رقيق وحُلّة، فلمّا نظروا إليه قالوا: يا بن عباس، أنت خيرنا في أنفسنا، وأنت تلبس هذا اللّباس ؟! فقال: وهذا أوّل ما أُخاصمكم فيه( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) ( ٣ ) وقال الله عزّ وجلّ:( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) ( ٤ ) .

[ ٥٧ ٧٢ ] ٧ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان قال: كنت حاضراً عند( ٥ ) أبي عبد الله( عليه‌السلام ) إذ قال له رجل: أصلحك الله، ذكرت أنّ علي بن أبي طالب كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم، وما أشبه ذلك، ونرى عليك اللباس الجيّد ؟! قال: فقال له: إنّ علي بن أبي طالب( صلوات الله عليه) كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر، ولو لبس مثل ذلك اليوم لشهر به، فخير لباس كلّ زمان لباس أهله، غير أنّ قائمنا إذا قام لبس لباس عليّ، وسار بسيرته.

____________________

(١) الأعراف ٧: ٣٢.

(٢) في المصدر: فالبس.

٦ - الكافي ٦: ٤٤١ / ٦.

( ٣ ) الأعراف ٧: ٣٢.

( ٤ ) الأعراف ٧: ٣١.

٧ - الكافي ٦: ٤٤٤ / ١٥.

( ٥ ) كذا في الاصل، لكنه شطب على( عند) وكتب( لأبي ).

١٧

وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى الخزّاز، مثله(١) .

[ ٥٧ ٧٣ ] ٨ -( وعنهم، عن سهل بن زياد) (٢) ، عن محمّد بن عيسى، عن العباس بن هلال الشامي مولى أبي الحسن( عليه‌السلام ) عنه قال: قلت له: جعلت فداك، ما أعجب إلى الناس من يأكل الجشب، ويلبس الخشن، ويتخشّع ؟! فقال: أما علمت أنّ يوسف نبيّ ابن نبيّ كان يلبس أقبية الديباج مزرورة بالذهب، ويجلس في مجالس آل فرعون - إلى أن قال - إنّ الله لم يحرم طعاماً ولا شراباً من حلال، إنّما حرّم الحرام قلّ أو كثر، وقد قال جل وعز:( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) (٣) .

[ ٥٧ ٧٤ ] ٩ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محمّد الهاشمي، عن أبيه، عن أحمد بن عيسى، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، في قول الله عزّ وجلّ:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (٤) - إلى أن قال - فكان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في صلاة الظهر وقد صلّى ركعتين، وهو راكع وعليه حلّة قيمتها ألف دينار، وكان النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) كساه إيّاها، وكان النجاشيّ أهداها له، فجاء سائل فقال: السلام عليك يا وليّ الله، وأولى بالمؤمنين من أنفسهم، تصدّق على مسكين، فطرح الحلّة إليه، وأومأ(٥) إليه أن احملها، فأنزل الله عزّ وجلّ فيه هذه الآية، الحديث.

____________________

(١) الكافي ١: ٣٤٠ / ٤.

٨ - الكافي ٦: ٤٥٣ / ٥.

(٢) في المصدر: حميد بن زياد.

(٣) الأعراف ٧: ٣٢.

٩ - الكافي ١: ٢٢٨ / ٣، وأورد تمامه في الحديث ١ من الباب ٥١ من أبواب الصدقة.

(٤) المائدة ٥: ٥٥.

(٥) في المصدر: وأومأ بيده.

١٨

[ ٥٧ ٧٥ ] ١٠ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: دخل سفيان الثوريّ على أبي عبد الله( عليه‌السلام ) فرأى عليه ثياب بياض كأنّها غرقئ البيض(١) ، فقال له: إن هذا اللّباس ليس من لباسك ! فقال له: اسمع منّي وعِ ما أقول لك، فإنّه خير لك عاجلاً وآجلاً، إن أنت متّ على السنّة ولم تمت على بدعة، أُخبرك أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) كان في زمان مقفر جدب، فأمّا إذا أقبلت الدنيا فأحقّ أهلها بها أبرارها لا فجّارها، ومؤمنوها لا منافقوها، ومسلموها لا كفّارها، فما أنكرت يا ثوري ؟! فو الله إنّي لمع ما ترى ما أتى عليّ - مذ عقلت - صباح ولا مساء ولله في مالي حقّ أمرني أن أضعه موضعاً إلّا وضعته، الحديث.

[ ٥٧ ٧٦ ] ١١ - محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي في كتاب( الرجال ): عن حمدويه بن نصير، عن محمّد بن عيسى، عن علي بن أسباط قال: قال سفيان بن عيينة لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إنّه يروى أنّ علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) كان يلبس الخشن من الثياب، وأنت تلبس القوهي(٢) المَرويّ ؟! قال: ويحك، إنّ علياً( عليه‌السلام ) كان في زمان ضيق، فإذا اتّسع الزمان فأبرار الزمان أولى به.

[ ٥٧ ٧٧ ] ١٢ - وعن محمد بن مسعود، عن الحسين بن اشكيب، عن الحسن بن الحسين المروزي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أحمد بن عمر قال: سمعت بعض أصحاب أبي عبد الله( عليه‌السلام ) يحدّث أنّ سفيان الثوريّ دخل على أبي

____________________

١٠ - الكافي ٥: ٦٥ / ١.

(١) الغرقئ: قشر البيض الخفيف، تحت القشر الصلب، توصف به الثياب الرقيقة البيضاء الناعمة.( أنظرلسان العرب ١: ١١٩ ).

١١ - رجال الكشي ٢: ٦٩٠ / ٧٣٩.

(٢) القوهي: ثياب بيض منسوبة الى قوهستان( لسان العرب ١٣: ٥٣٢ ).

١٢ - رجال الكشي ٢: ٦٩١ / ٧٤٠.

١٩

عبد الله( عليه‌السلام ) وعليه ثياب جياد فقال: يا أبا عبد الله، إنّ آباءك لم يكونوا يلبسون مثل هذه الثياب ! فقال له: إنّ آبائي كانوا يلبسون ذلك في زمان مقفر مقصر، وهذا زمان قد أرخت الدنيا عزاليها(١) ، فأحقّ أهلها بها أبرارهم.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٨ - باب استحباب لبس الثوب الحسن من خارج، والخشن من داخل، وكراهة العكس

[ ٥٧ ٧٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمّد بن علي، رفعه قال: مر سفيان الثوري في المسجد الحرام فرأى أبا عبد الله وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان، فقال: والله، لآتينّه ولأُوبخنّه، فدنا منه فقال: يا بن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، والله ما لبس رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) مثل هذا اللباس، ولا علي، ولا أحد من آبائك ! فقال أبو عبد الله (عليه‌السلام ) : كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) في زمان قتر مقتر، وكان يأخذ لقتره واقتاره، وإنّ الدنيا بعد ذلك أرخت عزاليها، فأحقّ أهلها بها أبرارها، ثم تلا:( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) (٤) فنحن أحقّ من أخذ منها ما أعطاه الله، غير أني يا ثوري، ما ترى عليّ من ثوب إنّما لبسته للنّاس، ثمّ اجتذب يد سفيان فجّرها إليه، ثمّ رفع الثوب الأعلى، وأخرج ثوباً تحت ذلك على جلده غليظاً، فقال: هذا لبسته لنفسي، غليظاً، وما رأيته للناس، ثمّ جذب ثوباً على سفيان أعلاه غليظ خشن

____________________

(١) العزلاء: مصب الماء من الراوية ونحوها والجمع عزالي وعزالَىٰ( القاموس المحيط ٤: ١٥ ).

(٢) تقدم في الباب ١٠ من لباس المصلي، والباب ١ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الحديث ١ الباب ٨ من هذه الأبواب.

الباب ٨

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٤٤٢ / ٨.

(٤) الأعراف ٧: ٣٢.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

بالباب فقال لي: استأذن لي، فلم آذن له. وفي رواية: انه قال ذلك ثلاثاً، فدخل بغير إذني، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما الذي أبطأ بك يا علي؟ فقال: يا رسول الله، جئت لأدخل فحجبني أنس. فقال: يا أنس لِمَ حجبته؟ فقال: يا رسول الله، لما سمعت الدعوة أحببت أن يجئ رجل من قومي فتكون له. فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تضر الرجل محبة قومه ما لم يبغض سواهم »(١) .

ترجمته:

كحّالة : « فقيه، أُصولي، أديب، ناثر، ناظم، مؤرّخ، مشارك في أنواعٍ من العلوم، من مؤلَّفاته الكثيرة »(٢) .

(١٣٤)

رواية بهجت افندي

المتوفى سنة: ١٣٥٠.

رواه في ( تاريخ آل محمّد: ٣٨ ) وترجمه إلى الفارسية وأوضح مدلوله ومعناه.

(١٣٥)

رواية منصور ناصف

وهو: الشيخ منصور علي ناصف، المتوفى بعد سنة: ١٣٧١، من علماء الأزهر.

____________________

(١). تهذيب تاريخ دمشق ٤ / ٤٤٣.

(٢). معجم المؤلفين ٥ / ٢٨٣.

١٠١

قال:

« عن أنس -رضي‌الله‌عنه - قال: كان عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. فجاء علي فأكل معه ».

وقال بشرحه:

« فيه: إنّ عليّاً -رضي‌الله‌عنه - أحبّ الخلق إلى الله تعالى »(١) .

ترجمته:

ويكفي للوقوف على شخصية الرّجل العلمية ومزايا كتابه المذكور النظرُ في التقاريظ الصادرة عن علماء عصره والمطبوعة في مقدمة كتابه، فلاحظ.

١٠٢

تفنيد مزاعم

الكابلي والدهلوي حول

سند حديث الطّير

١٠٣

١٠٤

قوله:

« الحديث الرّابع ما رواه أنس: إنّه كان عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طائر قد طبخ له أو أُهدي إليه، فقال: اللّهم ائتني بأحبّ الناس إليك يأكل معي من هذا الطير. فجاءه علي ».

تصرّفات ( الدهلوي ) في الحديث وتلبيساته لدى نقله

أقول:

( للدهلوي ) هنا تسويلات وتعسّفات نشير إليها:

(١) من الواضح جدّاً أنّ علماء الإماميّة، كالشيخ المفيد، وابن شهر آشوب وأمثالهما، يثبتون تواتر هذا الحديث، ولهم في ذلك بيانات وتقريرات. فكان على ( الدهلوي ) أن يشير إلى تواتر هذا الحديث - ولو عن الإِمامية، ولو مع تعقيبه بالردّ - لكنّ إعراضه عن ذكر ذلك ليس إلّا لتخديع عوام أهل نحلته، كيلا يخطر ببال أحدٍ منهم، ولا يطرق آذانهم تواتر هذا الحديث، حتّى نقلاً عن الإِماميّة.

١٠٥

لكن ثبوت تواتره - حسب إفادات أئمة أهل السنّة - بل قطعيّة صدوره ومساواته للآية القرآنية في القطعية - حسب إفادة ( الدهلوي ) نفسه، كما عرفت ذلك كلّه - يكشف النّقاب عن تسويل ( الدهلوي ) وتلبيسه والله يحق الحقّ بكلماته.

(٢) إنّ قوله: « ما رواه أنس » تخديع وتلبيس آخر، إنّه يريد - لفرط عناده وتعصّبه - إيهام أنّ رواية هذا الحديث منحصرة في أنس بن مالك، وأنّه لم يرو عن غيره من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

لكن قد عرفت أنّ رواة هذا الحديث يروونه عن عدّة من الصحابة عن الرسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهم:

١ - أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٢ - أنس بن مالك.

٣ - عبد الله بن العباس.

٤ - أبو سعيد الخدري.

٥ - سفينة مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٦ - سعد بن أبي وقاص.

٧ - عمرو بن العاص.

٨ - أبو الطفيل عامر بن واثلة.

٩ - يعلى بن مرّة.

ولا يتوّهم: لعلّ ( الدهلوي ) إنّما نسبه إلى أنس بن مالك فحسب، لانتهاء طرق أكثر الرّوايات إليه، وليس مراده حصر روايته فيه.

لأنّ صريح عبارته في فتواه المنقولة سابقاً أنّ مدار حديث الطير بجميع طرقه ووجوهه على أنس بن مالك فحسب

(٣) إنّه بالإِضافة إلى ما تقدّم كتم كثرة طرق هذا الحديث ووجوهه عن أنس.

١٠٦

(٤) إنّه - بالإِضافة إلى كلّ ما ذكر - لم يذكر لفظاً كاملاً من ألفاظ الخبر عن أنس بن مالك، المتقدمة في أسانيد الحديث.

(٥) إنّه قد ارتكب القطع والتغيير في نفس هذا اللّفظ الذي ذكره بحيث أنّا لم نجد في كتاب من كتب الفريقين رواية حديث الطير بهذا اللّفظ بل إنّ لفظه لا يطابق حتى لفظ الكابلي المنتحل منه كتابه وهذه عبارة الكابلي كاملةً:

« الرابع: ما رواه أنس بن مالك: إنّه كان عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طائر قد طبخ له فقال: اللّهم ائتني بأحبّ الناس إليك يأكل معي. فجاء علي، فأكله معه.

وهو باطل، لأنّ الخبر موضوع، قال الشيخ العلّامة إمام أهل الحديث شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن أحمد الدمشقي الذهبي في تلخيصه: لقد كنت زمناً طويلاً أظنّ أنّ حديث الطير لم يحسن الحاكم أن يودعه في مستدركه، فلمـّا علّقت هذا الكتاب رأيت القول من الموضوعات التي فيه.

وممّن صرّح بوضعه الحافظ شمس الدين الجزري.

ولأنّه ليس بناص على المدّعى، فإنّ أحبّ الخلق إلى الله تعالى لا يجب أنْ يكون صاحب الزعامة الكبرى كأكثر الرسل والأنبياء.

ولأنّه يحتمل أن يكون الخلفاء غير حاضرين في المدينة حينئذٍ، والكلام يشمل الحاضرين فيها دون غيرهم، ودون إثبات حضورهم خرط قتاد هوبر.

ولأنّه يحتمل أن يكون المراد بمن هو من أحبّ الناس إليك كما في قولهم فلان أعقل الناس وأفضلهم. أي من أعقل وأفضلهم.

ولأنّه اختلف الروايات في الطير المشوي، ففي رواية هو النحام، وفي رواية إنّه الحبارى، وفي أُخرى إنّه الحجل.

ولأنّه لا يقاوم الأخبار الصحاح لو فرضت دلالته على المدّعى ».

فقد أضاف ( الدهلوي ) جملة « أو أهدي إليه ». ونقص جملة « فأكله معه »

١٠٧

بتغيير « فجاء علي » إلى « فجاءه علي ».

ثمّ إنّ ( الدهلوي ) وضع - تبعاً للكابلي - كلمة « أحبّ الناس » في مكان « أحبّ الخلق» فلماذا هذا التبديل والتغيير منهما؟ والحال أنّه لم يرد لفظ « أحبّ الناس » في طريقٍ من طرق حديث الطّير، لا عند السابقين ولا اللّاحقين من أهل السنّة وتلك ألفاظهم قد تقدمت في قسم السّند كما لا تجده في لفظٍ من ألفاظ الإِماميّة في شيء من موارد استدلالهم بحديث الطّير على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وخلافته بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !

ولعمري، إنّ مثل هذه التبديلات والتصرّفات والتحريفات، لا يليق بمثل ( الدهلوي ) عمدة الكبار، بل هو دأب المحرّفين الأغمار، وديدن المسوّلين الأشرار والله الصائن الواقي عن العثار.

اختلاف الرّوايات في الطير غير قادح في الحديث

قوله:

« واختلفت الرّوايات في الطير المشوي، ففي رواية إنّه النحام، وفي رواية إنّه حبارى، وفي رواية إنّه حجل ».

أقول:

لا أدري ما ذا يقصد ( الدهلوي ) من ذكر اختلاف الروايات في الطير المشوي!! إنْ أراد أن ذلك موجود في كلمات علماء الإِماميّة، فهو محض الكذب والإِفتراء. وإنْ أراد إفهام كثرة تتّبعه في الحديث وإحاطته بألفاظ هذا الحديث بالخصوص، فهذا يفتح عليه باب اللّوم والتعيير، لأنّ معنى ذلك أنّه قد وقف على الطرق الكثيرة والألفاظ العديدة لهذا الحديث، ثمّ أعرض عن

١٠٨

جميعها، عناداً للحقّ وأهله. وإنْ كان ذكر هذا الإِختلاف عبثاً، فهذا يخالف شأنه، لا سيّما في هذا الكتاب الموضوع على الاختصار والإِيجاز، كما يدّعي أولياؤه.

لكنّ الحقيقة، إنّه قد أخذ هذا المطلب من الكابلي، كغيره ممّا جاء به، فقد عرفت قول الكابلي: « ولأنّه اختلفت الرّوايات في الطير المشوي، ففي رواية هو النحام، و في رواية إنّه الحبارى، و في أخرى إنّه الحجل ».

غير أنّ الكابلي ذكر هذا الاختلاف في وجوه الإِبطال بزعمه، وكأن ( الدهلوي ) استحيى من أن يورده في ذاك المقام، وإن لم يمكنه كف نفسه فيعرض عنه رأساً.

مجرّد اختلاف الأخبار لا يجوّز تكذيب أصل الخبر

وعلى كلّ حالٍ، فإنّ الإِستناد إلى إختلاف الروايات في « الطير المشوّي »، لأجل القدح والطعن في أصل الحديث، جهل بطريقة علماء الحديث أو تجاهل عنها، فإنّهم في مثل هذا المورد لا يكذّبون الحديث من أصله، ولا ينفون الواقعة التي أخبرت عنها تلك الأخبار، بل إنّهم يجمعون بينها بطرقٍ شتى، منها الحمل على تعدّد الواقعة هذا الطريق الّذي على أساسه الجمع بين الروايات المختلفة في واقعة حديث الطير

ولا بأس بذكر بعض موارد الجمع على هذا الطريق في كتب الحديث:

قال الحافظ ابن حجر - بعد ذكر الأحاديث المختلفة في رمي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجوه الكفّار يوم حنين، حيث جاء في بعضها: أنّه رماهم بالحصى، وفي آخر: بالتراب، وفي ثالث: أنّه نزل عن بغلته وتناول بنفسه، وفي رابع: أنّه طلب الحصى أو التراب من غيره. واختلفت في المناول، ففي بعضها: إنّه ابن مسعود، وفي آخر: إنّه أمير المؤمنين علي عليه

١٠٩

السلام - قال ابن حجر:

« ويجمع بين هذه الأحاديث: إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أولاً قال لصاحبه: ناولني، فناوله، فرماهم. ثمّ نزل عن البغلة فأخذه بيده فرماهم أيضاً، فيحتمل: أنه الحصى في إحدى المرتين، وفي الأخرى التراب. والله أعلم »(١) .

وقال الحافظ ابن حجر بشرح قول البرّاء بن عازب: « وأبو سفيان بن الحارث آخذ برأس بغلته البيضاء »، وهو الحديث الثاني في باب غزوة حنين عند البخاري:

« وفي حديث العباس عند مسلم: شهدت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم حنين، فلزمته أنا وأبو سفيان بن الحارث، فلم نفارقه. الحديث. وفيه: ولّى المسلمون مدبرين، فطفق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يركض بغلته قبل الكفّار. قال العباس: وأنا آخذ بلجام بغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أكفّها إرادة أنْ لا يسرع، وأبو سفيان آخذ بركابه ».

قال ابن حجر: « ويمكن الجمع: بأنّ أبا سفيان أخذ أوّلاً بزمامها، فلمـّا ركّضها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى جهة المشركين خشي العباس، فأخذ بلجام البغلة يكفّها، وأخذ أبو سفيان بالركاب وترك اللجام للعباس إجلالا له، لأنّه كان عمه »(٢) .

وقال شهاب الدين القسطلاني(٣) بشرح قول البّراء: « ولقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على بغلته البيضاء » وهو الحديث الرابع في باب غزوة حنين عند البخاري. قال:

« عند مسلم من حديث سلمة: على بغلته الشهباء. وعند ابن

____________________

(١). فتح الباري - شرح صحيح البخاري ٨ / ٢٦.

(٢). فتح الباري - شرح صحيح البخاري ٨ / ٢٤.

(٣). وهو: أحمد بن محمد، المتوفّى سنة: ٩٢٣، الضوء اللّامع ٢ / ١٠٣.

١١٠

سعد ومن تبعه: على بغلته دلدل. قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر، لأنّ دلدل أهداها له المقوقس، يعني لأنّه ثبت في صحيح مسلم من حديث العباس: وكان على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي. قال القطب الحلبي: فيحتمل أن يكون يومئذٍ ركب كلّا من البغلتين إن ثبت أنها كانت صحبته، وإلّا فما في الصحيح أصح »(١) .

وقال الشّامي(٢) : « السابع - البغلة البيضاء. وفي مسلم عن سلمة بن الأكوع: الشهباء التي كان عليها يومئذٍ أهداها له فَروة - بفتح الفاء وسكون الراء وفتح الواو وبالتاء - ابن نفاثة - بنون مضمومة ففاء مخففة فألف فثاء مثلثة. ووقع في بعض الروايات عند مسلم فروة بن نعامة - بالعين والميم - والصحيح المعروف الأوّل.

ووقع عند ابن سعد وتبعه جماعة ممّن ألّف في المغازي: إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان على بغلته دلدل. وفيه نظر، لأنّ دلدل أهداها له المقوقس.

قال القطب: يحتمل أن يكون النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ركب يومئذٍ كلا من البغلتين، وإلّا فما في الصحيح أصّح »(٣) .

وقال القسطلاني: « حدّثني بالإِفراد عمرو بن علي - بفتح العين وسكون الميم - ابن بحر أبو حفص الباهلي البصري الصيرفي قال: حدّثنا أبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد قال: حدّثنا سفيان الثوري قال: حدّثنا أبو صخرة جامع بن شداد - بالمعجمة وتشديد الدال المهملة الاُولى - المحاربي قال: حدّثنا صفوان بن محرز - بضم الميم وسكون الحاء المهملة وكسر الراء بعدها زاء - المازني: قال: حدّثنا عمران بن حصين قال:

____________________

(١). إرشاد الساري - شرح صحيح البخاري ٦ / ٤٠٣.

(٢). محمد بن يوسف الصالحي، المتوفّى سنة: ٩٤٢، شذرات الذهب ٨ / ٢٥٠، كشف الظنون ٢ / ٩٧٨.

(٣). سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ٥ / ٣٤٩.

١١١

جاء بنو تميم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لهم: ابشروا - بهمزة قطع - بالجنّة يا بني تميم قالوا: أمّا إذا بشّرتنا فأعطنا من المال، فتغيّر وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجاء ناس من أهل اليمن - وهم الأشعريون - فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهم: إقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا: قد قبلناها يا رسول الله كذا ورد هذا الحديث هنا مختصراً، وسبق تاماً في بدء الخلق، ومراده منه هنا قوله: فجاء ناس من أهل اليمن.

قال في الفتح: واستشكل بأنّ قدوم وفد بني تميم كان سنة تسع، وقدوم الأشعريين كان قبل ذلك عقب فتح خيبر سنة سبع. وأجيب: باحتمال أن يكون طائفة من الأشعريين قدموا بعد ذلك »(١) .

وقال القسطلاني: « حدّثني بالإِفراد ولأبي ذر حدّثنا محمّد بن العلاء بن كريب الهمداني الكوفي قال: حدّثنا أبو اُسامة حمّاد بن اُسامة، عن بريد بن عبد الله - بضم الموحدة وفتح الراء - ابن أبي بردة - بضم الموحدة وسكون الراء - عن جدّه أبي بردة عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعريرضي‌الله‌عنه أنّه قال: أرسلني أصحابي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسأله الحملان لهم - بضم الحاء المهملة وسكون الميم - أي ما يركبون عليه ويحملهم، إذ هم معه في جيش العسرة وهي غزوة تبوك. فقلت: يا نبيّ الله، إنّ أصحابي أرسلوني إليك لتحملهم فقال: والله لا أحملكم على شيء، ووافقته، أي صادفته وهو غضبان ولا أشعر، أي والحال أني لم أكن أعلم غضبه، ورجعت إلى أصحابي حال كوني حزيناً من منع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يحملنا، ومن مخافة أن يكون النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وَجَد في نفسه، أي غضب عليّ، فرجعت إلى أصحابي فأخبرتهم الذي قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

____________________

(١). إرشاد الساري - شرح صحيح البخاري ٦ / ٤٣٩.

١١٢

فلم ألبث - بفتح الهمزة والموحدة بينهما لام ساكنة. آخره مثلثة - إلّا سويعة، - بضم السّين المهملة وفتح الواو مصّغر ساعة - وهي جزء من الزمان، أو من أربعة وعشرين جزء من اليوم والليلة، إذ سمعت بلالا ينادي، أي عبد الله بن قيس، يعني يا عبد الله، ولأبي ذرّ ابن عبد الله بن قيس: فأجبته. فقال: أجب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعوك، فلمـّا أتيته قال: خذ هذين القرينين وهاتين القرينتين. أي: الناقتين. لستة أبعرة. لعلّه قال: هذين القرينين - ثلاثاً - فذكر الراوي مرّتين اختصاراً.

لكن قوله في الرواية الاُخرى: فأمر لنا بخمس ذود. مخالف لما هنا.

فيحمل على التعدد، أو يكون زادهم واحداً على الخمس، والعدد لا ينفي الزائد »(١) .

فالعجب من الكابلي المتتبّع النظّار، كيف عرّض الحديث للقدح والإِنكار بمجرّد اختلاف الروايات في الطّير المشوي، ولم يقف على دأب خدّام الحديث النبوي، حيث أنّهم حملوا اختلاف كثير من الأحاديث على تعدّد الواقعة، وجعلوه حجة نافية للشبهات قاطعة، فليت شعري هل يقف الكابلي عن مقالته السمجة الشنيعة، ويتوب عن هفوته الغثة الفظيعة، أم يصرّ على ذنبه ويدع النصفة في جنبه، فيبطل شطراً عظيماً من الروايات والأخبار، ويعاند جمعاً كثيراً من العلماء والأحبار.

بطلان دعوى حكم أكثر المحدّثين بوضع الحديث

قوله:

« وهذا الحديث قال أكثر المحدّثين بأنّه موضوع ».

____________________

(١). إرشاد الساري - شرح صحيح البخاري ٦ / ٤٥٠.

١١٣

أقول:

هذا كذب مبين وتقوّل مهين فقد عرفت أنّ رواة هذا الحديث ومخرجيه في كلّ قرنٍ يبلغون في الكثرة حدّاً لا يبقى معه شكّ في تواتره وقطعيّة صدوره ووقوعه

وأيضاً قد عرفت أنّ حديث الطير مخرَّج في صحيح الترمذي الذي هو أحد الصحّاح الستّة التي ادّعى جمع من أكابرهم إجماع السابقين واللاحقين على صحّة الأحاديث المخرّجة فيها فيكون هذا الحديث صحيحاً لدى جميع العلماء الأعلام بل الْأُمة قاطبة

فهل تصدق هذه الدعوى من ( الدهلوي )؟

وهل من الجائز جهله برواية هؤلاء الذين ذكرناهم وغيرهم لحديث الطّير، وهو يدّعي الإِمامة والتبّحر في الحديث؟

لكن هذا القول من ( الدهلوي ) ليس إلّا تخديعاً للعوّام، وإلّا فإنّه لم ينسب القول بوضع هذا الحديث إلّا إلى الجزري والذهبي!! فيا ليته ذكر أسامي طائفة من « أكثر المحدّثين » القائلين بوضع حديث الطير!!

بل الحقيقة، إنّه لا يملك إلّا ما قاله وتقوّله الكابلي وقد عرفت أنّ الكابلي لم يعز هذه الفرية إلّا إلى الرجلين المذكورين فقط. لكن لما ذا زاد عليه دعوى حكم أكثر المحدثين بذلك؟

وسواء كان القول بالوضع لهذين الرجلين فحسب أو لأكثر أو أقلّ منهما فإنّه قول من أعمته العصبيّة العمياء، وتغلّب عليه العناد والشقاء، فخبط في الظلماء وعمه في الطخية الطخياء، وبالغ في الاعتداء وصرم حبل الحياء.

١١٤

حول نسبة القول بوضعه إلى الجزري

قوله:

« وممّن صرّح بوضعه الحافظ شمس الدين الجزري ».

أقول:

في أي كتابٍ قال ذلك؟

أوّلاً : في أيّ كتاب وأيّ مقام صرّح الجزري بوضع حديث الطير؟

لم يفصح ( الدهلوي ) عن ذلك كي نراجع ونطابق بين الحكاية والعبارة.

ولكن أنّى له ذلك وأين؟! فإنّ إمامه الكابلي أيضاً قد أغفل وأجمل، وكلّ ما عند ( الدهلوي ) فمأخوذ منه ومن أمثاله

كذب ( الدهلوي ) في نسبة القول بوضع حديث المدينة إليه

وثانياً : لقد عزا الكابلي القول بوضع حديث أنا مدينة العلم إلى الجزري، وقلّده ( الدهلوي ) في ذلك مع أنّ الجزري روى حديث المدينة بسنده، ولم يحكم بوضعه بل نقل عن الحاكم تصحيحه وهذه عبارته:

« أخبرنا الحسن بن أحمد بن هلال - قراءة عليه - عن علي بن أحمد بن عبد الواحد، أخبرنا أحمد بن محمّد بن محمّد - في كتابه من إصبهان - أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسين المقري، أخبرنا أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ، أخبرنا أبو أحمد محمّد بن أحمد الجرجاني، أخبرنا الحسن بن سفيان، أخبرنا عبد الحميد بن بحر، أخبرنا شريك، عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي، عن علي -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها.

١١٥

رواه الترمذي في جامعه عن إسماعيل بن موسى، حدّثنا محمّد بن رومي، حدّثنا شريك، عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن غفلة، عن الصنابحي، عن علي وقال: حديث غريب. وروى بعضهم عن شريك ولم يذكروا فيه عن الصنابحي. قال: لا يعرف هذا الحديث عن واحد من الثقات غير شريك، وفي الباب عن ابن عباس. انتهى.

قلت: ورواه بعضهم عن شريك، عن سلمة ولم يذكر فيه عن سويد.

ورواه الأصبغ بن نباتة، والحارث، عن علي نحوه.

ورواه الحاكم من طريق مجاهد عن ابن عباس عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولفظه: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأتها من بابها وقال الحاكم: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. و رواه أيضاً من حديث جابر بن عبد الله ولفظه: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب »(١) .

أقول : فمن يرى النسبة بلا تعيين للكتاب ولا نقل لنصّ العبارة والكلام - ثمّ يرى كذب نسبة القول بالوضع في حديث أنا مدينة العلم - يقطع بكذب النّسبة في حديث الطير.

لو قال ذلك فلا قيمة له

وثالثاً : ولو فرضنا جَدَلاً وسلّمنا صدور مثل هذه الهفوة من الجزري، فلا ريب في أنّه لا يعبأ ولا يعتنى به، في قبال تصريحات أساطين الأئمة المحققين بثبوت حديث الطير وتحقق قصّته

قال ابن حجر وغيره: القول بوضعه باطل

ورابعاً : لقد تقدم قول السبكي في ( طبقاته ) بترجمة الحاكم: « وأمّا

____________________

(١). أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب: ٦٩ - ٧١.

١١٦

الحكم على حديث الطير بالوضع، فغير جيد » وقول ابن حجر المكّي في ( المنح المكّية ): « وأمّا قول بعضهم: إنّه موضوع، وقول ابن طاهر: طرقه كلها باطلة معلولة، فهو الباطل ». فلو كان الجزري قد قال بذلك كان باطلاً.

الجزري متّهم بالمجازفة في القول

وخامساً : إنّ الجزري كان متّهماً لدى العلماء بالمجازفة في القول وبأشياء أُخرى كما لا يخفى على من راجع ترجمته. فلو كان قد قال في حديث الطير ما زعمه الكابلي و ( الدهلوي ) فهو من مجازفاته في القول.

وإليك عبارة السّخاوي بترجمته، المشتملة على ما ذكرنا:

« وقال شيخنا في ( معجمه ) خرّج لنفسه أربعين عشارية لفظها من أربعين شيخنا العراقي، وغيّر فيها أشياء ووهم فيها كثيراً، وخرّج جزءً فيه مسلسلات بالمصافحة وغيرها، جمع أوهامه فيه في جزء الحافظ ابن ناصر الدين، وقفت عليه وهو مفيد. وكذا انتقد عليه شيخنا في مشيخة الجنيد البلباني من تخريجه

ووصفه في ( الإِنباء ) بالحافظ الإِمام المقري ثم قال: وذكر أنّ ابن الخبّاز أجاز له، واتّهم في ذلك، وقرأت بخط العلاء ابن خطيب الناصريّة: أنّه سمع الحافظ أبا إسحاق البرهان سبط ابن العجمي يقول: لمـّا رحلت إلى دمشق قال لي الحافظ الصدر الياسوفي: لا تسمع من ابن الجزري شيئاً. انتهى. وبقيّة ما عند ابن خطيب الناصرية: إنّه كان يتّهم في أول الأمر بالمجازفة، وأنّ البرهان قال له: أخبرني الجلال ابن خطيب داريا: أن ابن الجزري مدح أبا البقاء السبكي بقصيدة زعم أنّها له، بل وكتب خطّه بذلك، ثم ثبت للممدوح أنّها في ديوان قلاقش.

قال شيخنا: وقد سمعت بعض العلماء يتّهمه بالمجازفة في القول، وأمّا

١١٧

الحديث فما أظنّ به ذلك، إلّا أنه كان إذا رأى للعصريّين شيئاً أغار عليه ونسبه لنفسه، وهذا أمر قد أكثر المتأخّرون منه، ولم ينفرد به.

قال: وكان يلقّب في بلاده: الإِمام الأعظم. ولم يكن محمود السّيرة في القضاء »(١) .

حول نسبة القول بوضَعه إلى الذّهبي

قوله:

« قال إمام أهل الحديث شمس الدين ابو عبد الله محمّد بن أحمد الذهبي في تلخيصه ».

أقول:

تصريح الذهبي بأنّ للحديث طرقاً كثيرة وأصلا ً

أوّلاً : قد عرفت سابقاً تصريح الذهبي بأنّ لحديث الطّير طرقاً كثيرة وأنّ له أصلاً، بل إنّ الذهبي أفرد طرقه بالتّصنيف، وعرفت أيضاً ذكر ( الدهلوي ) هذا في كتابه ( بستان المحدّثين )، وإقرار العقلاء على أنفسهم مقبول وعلى غيرهم مردود.

وعليه، فإنّ إقرار الذهبي بما ذكر يؤخذ به، ودعواه وضع الحديث لا يعبأ بها، إذ ليست إلّا عن التعصّب والعناد، ويبطلها إقراره المذكور. لكن العجب من ( الدهلوي ) كيف يحتّج بكلام الذهبي الصّادر عن البغض والتعصّب، ويُعرض عمّا اعترف به في ثبوت الحديث وأنّ له أصلاً؟ إنّه ليس إلّا التعصب والعناد إذ يقبل كلام الذهبي الباطل ولا يقبل كلامه الحق!!

____________________

(١). الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع ٣ / ٤٦٥.

١١٨

رجوعه عن كلامه الذي استند إليه الدهلوي وسلفه

وثانياً : لقد رجع الذهبي عمّا كان يدّعيه ونصّ على ذلك، فكيف أخذ ( الدهلوي ) بما قاله الذهبي في السابق، ولم يلتفت إلى رجوعه وعدوله عنه؟

لقد قال الذهبي في ( ميزان الاعتدال ) ما نصّه: « محمّد بن أحمد بن عياض بن أبي طيبة المصري عن يحيى بن حسّان. فذكر حديث الطّير. وقال الحاكم: هذا على شرط البخاري ومسلم.

قلت : الكلّ ثقات إلّا هذا، فإنّه اتّهمته به، ثمّ ظهر لي أنّه صدوق.

روى عنه: الطبراني، وعلي بن محمّد الواعظ، ومحمّد بن جعفر الرافقي، وحميد بن يونس الزّيات، وعدة. يروي عن: حرملة، وطبقته.

ويكنّى أبا علاثة. مات سنة ٢٩١. وكان رأساً في الفرائض.

وقد يروي أيضاً عن: مكّي بن عبد الله الرعيني، ومحمّد بن سلمة المرادي، وعبد الله بن يحيى بن معبد صاحب ابن لهيعة.

فأمّا أبوه فلا أعرفه »(١) .

فظهر أنّ الذي قاله الذهبي - حول ما رواه الحاكم - كان قبل انكشاف حال « محمّد بن أحمد بن عياض » عنده إذ رواته الآخرون ثقات، فلمـّا ظهر له حاله وأنّه صدوق - ورأس في الفرائض وهو نصف الفقه - رفع اليد عمّا قاله، فالحديث عنده صحيح والحقّ مع الحاكم.

فسقط اعتماد الكابلي و ( الدهلوي ) على كلام الذهبي السابق.

قال السبكي وغيره: الذهبي متعصّب متهوّر

وثالثاً: ولو فرضنا أنّ الذّهبي لم يعترف بالحق والأمر الواقع الصحيح في

____________________

(١). ميزان الاعتدال في نقد الرجال ٣ / ٤٦٥.

١١٩

باب حديث الطير، وأنّه ليس بين أيدينا إلّا حكمه بوضعه فالحقيقة أنّه لا تأثير لكلامه ولا قيمة له حتى يعتمد عليه في مقام ردّ هذا الحديث، لأنّ كبار المحققين من أهل السنّة لم ينظروا إلى كلامه في موارد كثيرة من الجرح والتعديل بعين الاعتبار، لفرط تعصّبه، حتى خشي عليه بعض تلامذته يوم القيامة من غالب علماء المسلمين وإليك شواهد من كلماتهم في هذا الباب:

قال السبكي بترجمة أحمد بن صالح المصري: « وممّا ينبغي أنْ يتفقّد عند الجرح حال العقائد واختلافها بالنسبة إلى الجارح والمجروح، فربّما خالف الجارح المجروح في العقيدة فجرحه لذلك، وإليه أشار الرّافعي بقوله: وينبغي أنْ يكون المزكّون برآء من الشحناء والعصبيّة في المذهب، خوفاً من أنْ يحملهم ذلك على جرح عدلٍ أو تزكية فاسق، وقد وقع هذا لكثير من الأئمة، جرحوا بناءً على معتقدهم وهم المخطئون والمجروح مصيب.

وقد أشار شيخ الإِسلام، سيد المتأخرين تقي الدين بن دقيق العيد في كتابه ( الإِقتراح ) إلى هذا وقال: أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وقف على شفيرها طائفتان من النّاس: المحدّثون والحكّام.

قلت : ومن أمثلته قول بعضهم في البخاري: تركه أبو زرعة وأبو حاتم من أجل مسألة اللّفظ، فيا لله والمسلمين! أيجوز لأحدٍ أنْ يقول: البخاري متروك؟ وهو حامل لواء الصناعة ومقدّم أهل السنّة والجماعة، ويا لله والمسلمين! أتجعل ممادحه مذام؟! فإنّ الحقّ في مسألة اللّفظ معه، إذ لا يستريب عاقل من المخلوقين في أنّ تلفظّه من أفعاله الحادثة التي هي مخلوقة لله تعالى؟ وإنّما أنكرها الإِمام أحمد لبشاعة لفظها.

ومن ذلك قول بعض المجسّمة في أبي حاتم ابن حبان: لم يكن له كثير دين! نحن أخرجناه من سجستان لأنّه أنكر الحدّ لله. فليت شعري! مَنْ أحق بالإِخراج؟ من يجعل ربّه محدوداً أو من ينزّهه عن الجسميّة!

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533