وسائل الشيعة الجزء ٦

وسائل الشيعة11%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 527

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 527 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 340840 / تحميل: 7414
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

أقول: وتقدم ما يدلّ على ذلك(١) ويأتي ما يدلّ عليه(٢) وتقدّم ما يدلّ على الحكم الأخير في أحكام المساجد(٣) .

١٧ - باب استحباب قراءة شيء من القرآن كل ليلة

[ ٧٧٣٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، وسهل بن زياد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: ما يمنع التاجر منكم المشغول في سوقه إذا رجع إلى منزله أن لا ينام حتى يقرأ سورة من القرآن فيكتب(٤) له مكان كلّ آية يقرؤها عشر حسنات، وتمحا(٥) عنه عشر سيئات.

ورواه الصدوق في( ثواب الأعمال ): عن علي بن الحسين المكتّب، عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، مثله (٦) .

[ ٧٧٣١ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، والحسين بن سعيد جميعاً، عن النضر بن سويد، عن يحيى

____________________

(١) تقدّم في الحديث ١ من الباب ٥ وفي الحديث ١ من الباب ٦٩ من أحكام المساجد.

(٢) يأتي في الحديث ١ من الباب ١٧، وفي الأحاديث ٢ و ٣ من الباب ٢٠، وفي الحديث ٢ من الباب ٢٣ من قراءة القرآن.

(٣) تقدم ما يدل على الحكم الأخير في الحديث ١ من الباب ١٤ من أحكام المساجد.

الباب ١٧

فيه حديثان

١ - الكافي ٢: ٤٤٧/٢، تقدم صدره في الحديث ٢ من الباب ٥ من هذه الأبواب.

(٤) في المصدر: فتكتب.

(٥) وفيه: ويمحا.

(٦) ثواب الأعمال: ١٢٧.

٢ - الكافي ٢: ٤٤٨/٥.

٢٠١

الحلبي، عن محمّد بن مروان، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين ومن قرأ ثلاثمائة آية كتب من الفائزين، ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين ومن قرأ ألف آية كتب له قنطار [ من تبر ](١) ، القنطار: خمسة عشر ألف(٢) مثقال من ذهب، المثقال: أربعة وعشرون قيراطاً أصغرها مثل جبل أحد، وأكبرها ما بين السماء والأرض.

ورواه الصدوق في( المجالس ): عن محمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد (٣) .

ورواه في( ثواب الأعمال) و( معاني الأخبار ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد (٤) .

١٨ - باب استحباب ختم القرآن بمكّة، والإكثار من تلاوته في شهر رمضان

[ ٧٧٣٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين،

____________________

(١) أثبتناه من المصدر وفي نسخة في هامش الاصل: من بر.

(٢) في أمالي الصدوق في نسخة: خمسون الف، وفي ثواب الأعمال: خمسة آلاف. هامش المخطوط.

(٣) أمالي الصدوق: ٥٧/٧.

(٤) ثواب الأعمال: ١٢٩ ومعاني الأخبار: ١٤٧/٢، تقدم ما يدل على ذلك في الحديث ١ من الباب ٦٩ من أحكام المساجد، وفي الأحاديث ٥ و ١١ و ١٩ من الباب ١١ من هذه الأبواب.

الباب ١٨

فيه حديثان

١ - الكافي ٢: ٤٤٧/٤، وثواب الأعمال: ١٢٥، وأورده في الحديث ٣ من الباب ٤٥ من أبواب =

٢٠٢

عن نضر بن سعيد(١) ، عن خالد بن ماد القلانسي، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: من ختم القرآن بمكّة من جمعة إلى جمعة أو أقلّ من ذلك أو أكثر، وختمه في يوم الجمعة كتب الله(٢) له من الأجر والحسنات من أوّل جمعة كانت في الدنيا إلى آخر جمعة تكون فيها، وإن ختمه في سائر الأيّام، فكذلك.

[ ٧٧٣٣ ] ٢ - وعن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) أنّه قال: لكلّ شيء ربيع، وربيع القران شهر رمضان.

ورواه الصدوق في( المجالس) (٣) و( معاني الأخبار) (٤) : عن محمّد بن موسى بن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن محمّد بن سالم، وفي( ثواب الأعمال) (٥) عن أبيه، عن السعد آبادي(٦) ، عن أحمد بن النضر.

وروى الذي قبله في( المجالس) و( ثواب الأعمال ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن نضر بن شعيب.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٧) ، ويأتي ما يدلّ عليه في الصوم والحجّ(٨) .

____________________

= مقدمات الطواف، وفي أمالي الصدوق لم نعثر عليه وذكر نحوه في الفقيه ٢: ١٤٦/٦٤٤.

(١) في المصدر: النضر بن سويد، وفي ثواب الأعمال: نفر بن شعيب.

(٢) كتب المصنف على اسم الجلالة ( الله ) علامة نسخة.

٢ - الكافي ٢: ٤٦١/١٠، وأورده في الحديث ٢ من الباب ١٧ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٣) أمالي الصدوق: ٥٧/٥.

(٤) معاني الأخبار: ٢٢٨.

(٥) ثواب الأعمال: ١٢٩/١.

(٦) في المصدر زيادة: أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن سالم.

(٧) تقدم في الباب ١١ من هذه الأبواب باطلاقه.

(٨) يأتي في الباب ١٧، وفي الحديثين ٨، ٢٠ من الباب ١٨، وفي البابين ٣٣، ٣٤ من أبواب =

٢٠٣

١٩ - باب استحباب القراءة في المصحف وان كان يحفظ القرآن واستحباب النظر في المصحف

[ ٧٧٣٤ و ٧٧٣٥ ] ١ و ٢ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد ابن محمّد، عن يعقوب بن يزيد رفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من قرأ القرآن في المصحف متِّع ببصره، وخفّف على والديه وإن كانا كافرين.

ورواه الصدوق في( ثواب الأعمال ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن رجل، عن العوام رفعه، مثله، إلّا أنّه قال: في المصحف نظراً (١) .

وزاد: وبهذا الإسناد رفعه إلى النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: ليس شيء أشدّ على الشيطان من القراءة في المصحف نظراً(٢) .

[ ٧٧٣٦ ] ٣ - وعن علي بن محمّد، عن ابن جمهور، عن محمّد بن عمرو بن مسعدة، عن الحسن بن راشد، عن جدّه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قراءة القران في المصحف تخفّف العذاب عن الوالدين ولو كانا كافرين.

[ ٧٧٣٧ ] ٤ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن وهب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قلت له: جعلت فداك إنّي أحفظ القرآن على

____________________

= احكام شهر رمضان، وفي الحديثين ١، ٧ من الباب ٤٥ من أبواب مقدمات الطواف.

الباب ١٩

فيه ٦ أحاديث

١ و ٢ - الكافي ٢: ٤٤٨/١.

(١) ثواب الأعمال: ١٢٨.

(٢) ثواب الأعمال: ١٢٩/٢.

٣ - الكافي ٢: ٤٤٩/٤.

٤ - الكافي ٢: ٤٤٩/٥.

٢٠٤

ظهر قلبي، فأقرؤه على ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف؟ قال: فقال لي: بل اقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل، أما علمت أن النظر في المصحف عبادة.

[ ٧٧٣٨ ] ٥ - الحسن بن محمّد الطوسي في( أماليه) عن أبيه، عن جماعة، عن أبي المفضل، عن أبي الليث محمّد بن معاذ، عن أحمد بن المنذر، عن عبد الوهاب بن همّام، عن أبيه همّام بن نافع، عن همّام بن منبّه، عن حجر المدري، عن أبي ذرّ - في حديث - قال: سمعت رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يقول: النظر إلى علي بن أبي طالب عبادة، والنظر إلى الوالدين برأفة ورحمة عبادة، والنظر في الصحيفة - يعني صحيفة القرآن - عبادة، والنظر إلى الكعبة عبادة.

[ ٧٧٣٩ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين قال: روي أنّ النظر إلى الكعبة عبادة - إلى أن قال - والنظر إلى المصحف من غير قراءة عبادة، الحديث.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

٢٠ - باب استحباب اتّخاذ المصحف في البيت وأن يعلّق فيه، وكراهة ترك القراءة فيه، وحكم بيعه وشرائه وأخذ الأجرة على كتابته، وتعليمه وتزيينه بالذهب، وكتابته به

[ ٧٧٤٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحسين بن الحسن الضرير، عن حماد بن عيسى، عن

____________________

٥ - أمالي الطوسي ٢: ٧٠.

٦ - الفقيه ٢: ١٣٢/٥٥٦، وأورده في الحديث ٧ من الباب ٢٩ من أبواب مقدمات الطواف.

(١) يأتي في الباب ٢٠ من هذه الأبواب.

الباب ٢٥

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٤٤٩/٢.

٢٠٥

أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إنّه ليعجبني أن يكون في البيت مصحف يطرد الله عزّ وجلّ به الشياطين.

ورواه الصدوق في( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن علي بن الحسين، مثله (١) .

[ ٧٧٤١ ] ٢ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: ثلاثة يشكون إلى الله عزّ وجلّ: مسجد خراب لا يصلّي فيه أهله، وعالم بين جهّال، ومصحف معلّق قد وقع عليه الغبارلا يقرأ فيه.

ورواه الصدوق في( الخصال) كما مرّ في المساجد (٢) .

[ ٧٧٤٢ ] ٣ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإسناد ): عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، أنّه كان يستحبّ أن يعلّق المصحف في البيت يتّقى به من الشياطين قال: ويستحبّ أن لا يترك من القراءة فيه.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ على بقيّة الأحكام في التجارة(٤) .

____________________

(١) ثواب الأعمال: ١٢٩.

٢ - الكافي ٢: ٤٤٩/٣.

(٢) مرّ في الحديث ١ من الباب ٥ من أبواب المساجد.

٣ - قرب الإسناد: ٤٢.

(٣) تقدّم ما يدل على بعض المقصود في الحديث ٣ من الباب ٣٠ من أبواب الاحتضار، وفي الباب ١٦ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي ما يدل على سائر أحكامه في الأبواب ٢٩ و ٣٠ و ٣١ و ٣٢ من ابواب ما يكتسب به.

٢٠٦

٢١ - باب استحباب ترتيل القرآن وكراهة العجلة فيه

[ ٧٧٤٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن واصل بن سليمان، عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن قول الله عزّ وجلّ: ( وَرَتّلِ القُرآنَ تَرتِيلاً ) (١) ؟ قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : بيّنه تبياناً، ولا تهذّه(٢) هذّ الشعر، ولا تنثره نثر الرمل، ولكن( اقرعوا به) (٣) قلوبكم القاسية، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة.

[ ٧٧٤٤ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سليم الفراء، عمن أخبره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: أعرب القرآن فإنّه عربي.

[ ٧٧٤٥ ] ٣ - وعن حميد ين زياد، عن الحسن بن محمّد الأسدي، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان، عن محمّد بن الفضيل قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : يكره أن يقرأ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) في نفس وا حد.

[ ٧٧٤٦ ] ٤ - الفضل بن الحسن الطبرسي في( مجمع البيان ): عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في قوله تعالى: ( وَرَتّلِ القُرآنَ

____________________

الباب ٢١

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٤٤٩/١.

(١) المزّمّل ٧٣: ٤.

(٢) الهذّ: الاسراع في القطع وفي القراءة يقال هذّ القرآن هذاً أي سرده « هامش المخطوط نقلاً عن صحاح اللغة ٢: ٥٧٢ ».

(٣) في المصدر: أفزعوا.

٢ - الكافي ٢: ٤٥٠/٥.

٣ - الكافي ٢: ٤٥١/١٢، أورده في الحديث ١ من الباب ١٩ من أبواب القراءة.

٤ - مجمع البيان ٥: ٣٧٨.

٢٠٧

تَرتِيلاً ) (١) قال: هو أن تتمكث فيه، وتحسن به صوتك.

[ ٧٧٤٧ ] ٥ - وعن أُمّ سلمة أنّها قالت: كان النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يقطع قراءته آية آية.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ويأتي ما يدل عليه(٢) .

٢٢ - باب استحباب القراءة بالحزن كأنّه يخاطب إنساناً

[ ٧٧٤٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إنّ القرآن نزل بالحزن فاقرأوه بالحزن.

[ ٧٧٤٩ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى موسى بن عمران( عليه‌السلام ) : إذا وقفت بين يديّ فقف موقف الذليل الفقير، وإذا قرأت التوراة فاسمعنيها بصوت حزين.

[ ٧٧٥٠ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود

____________________

(١) المزّمّل ٧٣: ٤.

٥ - مجمع البيان ٥: ٣٧٨.

(٢) تقدم في الأبواب ١٨ و ١٩ و ٢٦ من أبواب القراءة وفي الباب ٣، وفي الحديث ١٧ من الباب ١١ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الباب ٢٧ من هذه الأبواب.

الباب ٢٢

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٤٤٩/٢.

٢ - الكافي ٢: ٤٥٠/٦.

٣ - الكافي ٢: ٤٤٣/١٩، تقدم صدر الحديث في الحديث ٣ من الباب ١١ من هذه الأبواب، تقدم ما يدل على ذلك في الحديث ٦ من الباب ٣ من هذه الأبواب، ويأتي ما يدل عليه في الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

٢٠٨

المنقري، عن حفص قال: ما رأيت أحداً أشدّ خوفاً على نفسه من موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، ولا أرجى للناس منه، وكانت قراءته حزناً، فاذا قرأ فكأنه يخاطب إنساناً.

٢٣ - باب جواز القراءة سرّاً وجهراً، واختيار السر

[ ٧٧٥١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن رجل، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: من قرأ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ‌ ) يجهر بها صوته كان كالشاهر سيفه في سبيل الله، ومن قرأها سرّاً كان كالمتشحّط بدمه في سبيل الله، ومن قرأها عشر مرّات( مرّت له على نحو) (١) ألف ذنب من ذنوبه.

ورواه الصدوق في( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، نحوه (٢) .

[ ٧٧٥٢ ] ٢ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب محمّد بن علي بن محبوب، عن العبّاس، عن حمّاد بن عيسى، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : الرجل لا يرى أنّه صنع شيئاً في الدعاء وفي القراءة حتى يرفع صوته، فقال: لا بأس إنّ علي بن الحسين( عليه‌السلام ) كان أحسن الناس صوتاً بالقرآن وكان يرفع صوته حتى يسمعه أهل الدار، وإنّ أبا جعفر( عليه‌السلام ) كان أحسن الناس صوتاً بالقرآن، وكان إذا قام من

____________________

الباب ٢٣

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٤٥٤/٦.

(١) في نسخة: محو بدل نحو - هامش المخطوط -.

(٢) ثواب الأعمال: ١٥٢.

٢ - مستطرفات السرائر: ٩٧/١٧.

٢٠٩

الليل وقرأ رقع صوته فيمرّ به مارّ الطريق من الساقين(١) وغيرهم فيقومون فيستمعون إلى قراءته.

[ ٧٧٥٣ ] ٣ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) باسناده الآتي (٢) عن أبي ذرّ، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) في وصيّته له قال: يا أبا ذر، أخفض صوتك عند الجنائز، وعند القتال وعند القرآن.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك هنا وفي مقدمة العبادات(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

٢٤ - باب تحريم الغناء في القرآن، واستحباب تحسين الصوت به بما دون الغناء والتوسّط في رفع الصوت

[ ٧٧٥٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن إبراهيم الأحمر، عن عبد الله بن حمّاد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : اقرأوا القرآن بألحان العرب وأصواتها، وإيّاكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر، فانّه سيجيء من بعدي أقوام يرجّعون(٥) القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانية، لا يجوز تراقيهم،

____________________

(١) في المصدر: السقائين.

٣ - امالي الطوسي ٢: ١٤٦.

(٢) يأتي في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم ( ٤٩ ).

(٣) تقدم باطلاقه في الباب ١٧ من مقدمة العبادات، وفي الحديث ٤ من الباب ٢١ وفي الباب ٢٢ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي ما يدل عليه في الباب ٢٤ من هذه الأبواب.

الباب ٢٤

فيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٤٥٠/٣.

(٥) الترجيع: ترجيعالصوت ترديده في الحلق كقراءة أصحاب الألحان آ آ آ آ وهذا هو المنهي عنه. وأما الترجيع بمعنى تحسين الصوت في القراءة فمأمور به ومنه قوله (عليه‌السلام ) : رجعبالقرآن صوتك فإن الله يحبّ الصوت الحسن . ( مجمع البحرين٤ :٣٣٤ ).

٢١٠

قلوبهم مقلوبة، وقلوب من يعجبه شأنهم.

ورواه الطبرسي في( مجمع البيان) عن حذيفة بن اليمان عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) (١) .

ورواه الشيخ بهاء الدين في( الكشكول) مرسلاً (٢) .

[ ٧٧٥٥ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن علي بن محمّد النوفلي، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: ذكرت الصوت عنده فقال: إنّ علي بن الحسين( عليه‌السلام ) كان يقرأ فربما مرّ به المارّ فصعق من حسن صوته، الحديث.

[ ٧٧٥٦ ] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ): لكلّ شيء حلية وحلية القرآن الصوت الحسن.

[ ٧٧٥٧ ] ٤ - وعنهم، عن سهل، عن الحجال، عن علي بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان علي بن الحسين( عليه‌السلام ) أحسن الناس صوتاً بالقرآن، وكان السقاءون يمرّون فيقفون ببابه يستمعون(٣) قراءته.

[ ٧٧٥٨ ] ٥ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن

____________________

(١) مجمع البيان ١: ١٦.

(٢) الكشكول للبهائي ٢: ٥.

٢ - الكافي ٢: ٤٥٠/٤.

٣ - الكافي ٢: ٤٥٠/٩.

٤ - الكافي ٢: ٤٥١/١١.

(٣) في المصدر: يسمعون، وذيله: وكان أبو جعفر عليه السلام أحسن الناس صوتاً.

٥ - الكافي ٢: ٤٥١/١٣.

٢١١

علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر( عليه‌السلام ) : إذا قرأت القرآن فرفعت صوتي جاءني الشيطان فقال: إنّما ترائي بهذا أهلك والناس، قال: يا أبا محمّد، اقرأ قراءة ما بين القراءتين تسمع أهلك، ورجّع بالقرآن صوتك، فإن الله عزّ وجلّ يحبّ الصوت الحسن يرجّع فيه ترجيعاً.

أقول: هذا محمول على التقيّة لما ذكرنا من معارضة الخاص وهو الحديث الأوّل، والعامّ وهو كثير جدّاً قد تجاوز حدّ التواتر ويأتي في التجارة(١) ، ويمكن الحمل على ما دون الغناء.

[ ٧٧٥٩ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين في( عيون الأخبار ): عن محمّد بن عمر الجعابي، عن الحسن بن عبد الله التميمي، عن أبيه، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : حسّنوا القرآن بأصواتكم فإنّ الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً.

[ ٧٧٥٨ ] ٧ - وعن محمّد بن أحمد بن الحسين البغدادي، عن علي بن محمّد بن عنبسة(٢) ، عن دارم بن قبيصة، عن الرضا، عن آبائه (عليهم‌السلام ) ، مثله، وزاد: وقرأ: ( يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ) .

أقول: ما يخفى على منصف أنّ تحسين الصوت لا يستلزم كونه غناء، فلا بدّ من تقييده بما لا يصل إلى حد الغناء لما مضى(٣) ويأتي(٤) .

____________________

(١) يأتي في الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به.

٦ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) لم نعثر عليه في الطبعة الموجودة عندنا وقد ورد الحديث في البحار ٧٩: ٢٥٥/٤ و ٩٢: ١٩٣/٦ وفي تفسير نور الثقلين ٤: ٣٥٠/٢٣ سنداً ومتناً كما ورد في الحديث رقم - ٧ - من هذا الباب ولم يرد بهذا السند فتأمل.

٧ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٦٩/٣٢٢، وعنه في البحار ٩٢: ١٩٣/٦.

(٢) في المصدر: عيينة وما في المتن هو الصحيح ( راجع معجم رجال الحديث ٧: ٨٦ وتنقيح المقال ٢: ٣٠٣ ومجمع الرجال ٤: ٢١٥ ).

(٣) مضى في الحديث ١ من هذا الباب.

(٤) يأتي في الحديث ٢٢ من الباب ٤٩ من أبواب جهاد النفس، وفي الحديث ٢ من الباب ١٦ =

٢١٢

٢٥ - باب انّه يستحبّ للقارىء والمستمع استشعار الرقّة والخوف دون اظهار الغشية ونحوها

[ ٧٧٦١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن إسحاق الضبي، عن أبي عمران الأرمني، عن عبد الله بن الحكم، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قلت: إنّ قوماً إذا ذكروا شيئاً من القرآن أو حدّثوا به صعق أحدهم حتّى يرى أنّ أحدهم لو قطعت يداه ورجلاه لم يشعر بذلك، فقال: سبحان الله ذاك من الشيطان، ما بهذا نعتوا إنّما هو اللين والرقة والدمعة والوجل.

وعن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن حسّان، عن أبي عمران الأرمني، مثله(١) .

ورواه الصدوق في( المجالس ): عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن أبي الصهبان، عن أبي عمران الأرمني، مثله، إلّا أنّه قال: ما بهذا أمروا (٢) .

٢٦ - باب ما يجب فيه استماع القرآن والإنصات له

[ ٧٧٦٢ ] ١ - الفضل بن الحسن الطبرسي في( مجمع البيان) قال: قيل: إن

____________________

= وفي الحديث ١٨ من الباب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به، وتقدم ما يدل على بعض المقصود في الحديث ٢٤ من الباب ٢١ والحديث ٢ من الباب ٢٣ من هذه الأبواب.

الباب ٢٥

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٢: ٤٥١/١.

(١) الكافي ٢: ٤٥١/١ ذيل الحديث.

(٢) امالي الصدوق: ٢١١/٩ مجلس ٤٤، ويأتي ما يدل عليه في الباب ١٤ من أبواب الذكر.

الباب ٢٦

فيه ٦ أحاديث

١ - مجمع البيان ٢: ٥١٥.

٢١٣

الوقت المأمور فيه بالإنصات للقرآن والاستماع له في الصلاة خاصّة خلف الامام الذي يؤتم به إذا سمعت قراءته، وروي ذلك، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) .

[ ٧٧٦٣ ] ٢ - قال: وروي عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّه قال: يجب الإنصات للقرآن في الصلاة وغيرها.

قال الطبرسي وقال الشيخ: وذلك على( سبيل) (١) الاستحباب.

[ ٧٧٦٤ ] ٣ - العياشي في تفسيره باسناده عن أبي كهمس، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قرأ ابن الكوّا خلف أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ( لَئِن أَشرَكتَ لَيَحبِطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخاَسِرِينَ ) (٢) فأنصت له أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) .

[ ٧٧٦٥ ] ٤ - وعن عبد الله بن أبي يعفور(٣) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قلت له: الرجل يقرأ القرآن، أيجب على من سمعه الإنصات له والاستماع؟ قال: نعم، إذا قرأ عندك القرآن وجب عليك الإنصات والاستماع.

[ ٧٧٦٦ ] ٥ - وعن زرارة قال: قال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : وإذا قرئ القرآن في الفريضة خلف الإمام فاستمعوا له وانصتوا لعلّكم ترحمون.

____________________

٢ - مجمع البيان ٢: ٥١٥.

(١) في المصدر: وجه.

٣ - تفسيرالعياشي ٢: ٤٤/١٣٣.

(٢) الزمر ٣٩: ٦٥.

٤ - لم نعثرعليه في تفسير العياشي وهو مذكور في مجمع البيان ٢: ٥١٥.

(٣) في مجمع البيان: عبد الله بن يعقوب.

٥ - تفسير العياشي ٢: ٤٤/١٣١.

٢١٤

[ ٧٧٦٧ ] ٦ - وعن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) ، يقول: يجب الإنصات للقرآن في الصلاة وغيرها، وإذا قرئ عندك القرآن وجب عليك الإنصات والاستماع.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الجماعة(١) .

٢٧ - باب استحباب ختم القرآن في كلّ شهر مرّة، أو في كلّ سبعة أيام، أو في خمسة، أو في ثلاثة، أو في ليلة مع ترتيله وسؤال الجنّة والاستعاذة من النار عند آيتيهما، وحكم ختم القرآن في شهر رمضان

[ ٧٧٦٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن الحسين بن المختار، عن محمّد بن عبد الله قال: قلت لآبي عبد الله( عليه‌السلام ) : أقرأ القرآن في ليلة؟ قال: لا يعجبني أن تقرأه في أقلّ من شهر.

[ ٧٧٦٩ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن علي بن النعمان، عن يعقوب بن شعيب، عن حسين بن خالد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قلت له: في كم أقرأ القرآن؟ فقال: اقرأه أخماساً، اقرأه أسباعاً، أما إنّ عندي مصحفاً مجزّءاً أربعة عشر جزءاً.

[ ٧٧٧٠ ] ٣ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن علي بن

____________________

٦ - تفسير العياشي ٢: ٤٤/١٣٢.

(١) يأتي ما يدل عليه في الباب ٣١ من أبواب الجماعة.

الباب ٢٧

فيه ٩ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٤٥١/١.

٢ - الكافي ٢: ٤٥٢/٣.

٣ - الكافي ٢: ٤٥٢/٥.

٢١٥

أبي حمزة قال: سأل أبو بصير أبا عبد الله( عليه‌السلام ) ، وأنا حاضر فقال له: جعلت فداك أقرأ القرآن في ليلة؟ فقال: لا، فقال: في ليلتين؟ فقال: لا، حتّى بلغ ستّ ليال فأشار بيده فقال: ها، ثمّ قال: يا با محمّد، إنّ من كان قبلكم من أصحاب محمّد كان يقرأ القرآن في شهر وأقلّ، إنّ القرآن لا يقرأ هذرمة (١) ، ولكن يرتّل ترتيلاً، إذا مررت بآية فيها ذكر النار وقفت عندها وتعوذت بالله من النار، فقال أبو بصير: أقرأ القرآن في رمضان في ليلة؟ فقال: لا، فقال ففي ليلتين؟ فقال: لا فقال: ففي ثلاث؟ فقال: ها، وأومأ بيده نعم شهر رمضان لا يشبهه شيء من الشهور، له حقّ وحرمة، أكثر من الصلاة ما استطعت.

[ ٧٧٧١ ] ٤ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه، عن علي بن أبي حمزة قال: دخلت على أبي عبد الله( عليه‌السلام ) فقال له أبو بصير: جعلت فداك أقرأ القران في شهر رمضان في ليلة؟ فقال: لا، قال: ففي ليلتين؟ فقال: لا، فقال: ففي ثلاث؟ فقال: ها، وأشار بيده، ثمّ قال: يا أبا محمّد، إنّ لرمضان حقّاً وحرمة لا يشبهه شيء من الشهور، وكان أصحاب محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يقرأ أحدهم القرآن في شهر أو أقل، إن القرآن لا يقرأ هذرمة(٢) ، ولكن يرتّل ترتيلاً، وإذا مررت بآية فيها ذكر الجنّة فقف عندها وسل الله الجنّة، وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فقف عندها وتعوّذ بالله من النار.

[ ٧٧٧٢ ] ٥ - محمّد بن علي بن الحسين في( عيون الأخبار) باسناد تقدّم

____________________

(١) الهذرمة: السرعة في القراءة وقال الجوهري: يقال: هذرم ورده أي هذّه. ( مجمع البحرين ٦: ١٨٦ ).

٤ - الكافي ٢: ٤٥٢/٢.

(٢) الهذرمة: السرعة في الكلام والمشي. ( هامش المخطوط عن النهاية ) راجع النهاية ٥: ٢٥٦.

٥ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٨٢.

٢١٦

عن رجاء بن أبي الضحّاك(١) ، عن الرضا( عليه‌السلام ) أنّه كان يكثر بالليل في فراشه من تلاوة القرآن فاذا مرّ بآية فيها ذكر جنّة أو نار بكى وسأل الله الجنّة وتعوّذ به من النار.

[ ٧٧٧٣ ] ٦ - وعن الحسين بن أحمد البيهقي، عن محمّد بن يحيى الصولي، عن أبي ذكوان، عن إبراهيم بن العبّاس قال: ما رأيت الرضا( عليه‌السلام ) سئل عن شيء قطّ إلّا علمه ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان الأوّل إلى وقته وعصره، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كلّ شيء فيجيب فيه، وكان كلامه كلّه وجوابه وتمثّله انتزاعات من القرآن، وكان يختمه في كلّ ثلاث، ويقول: لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاث لختمت ولكنّي ما مررت بآية قطّ إلّا فكرت فيها وفي أيّ شيء أُنزلت وفي أيّ وقت، فلذلك صرت أختم في كلّ ثلاثة، الحديث.

[ ٧٧٧٤ ] ٧ - الفضل بن الحسن الطبرسي في( مجمع البيان) عن الصادق( عليه‌السلام ) في قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ آتَينَاهُمُ الكِتَابَ يَتلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ) (٢) قال: حق تلاوته هو الوقوف عند ذكر الجنة والنار، يسأل في الأولى ويستعيذ من الأخرى.

[ ٧٧٧٥ ] ٨ - علي بن موسى بن طاوُس في كتاب( الإقبال ): عن وهب بن حفص، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سألته الرجل في كم يقرأ القرآن؟ قال: في ست فصاعداً، قلت: في شهر رمضان؟ قال: فى ثلاث فصاعداً.

____________________

(١) تقدم في الحديث ٨ من الباب ٢٠ من أبواب القراءة في الصلاة.

٦ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٨٠/٤.

٧ - مجمع البيان ١: ١٩٨.

(٢) البقرة ٢: ١٢١.

٨ - اقبال الأعمال: ١١٠.

٢١٧

[ ٧٧٧٦ ] ٩ - وعن جعفر بن قولويه باسناده إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: لا يعجبني أن يقرأ القرآن في أقلّ من شهر.

أقول: وتقدم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٢٨ - باب استحباب اهداء ثواب القراءة إلى النبي والأئمة ( عليهم‌السلام ) والى المؤمنين من الأحياء والأموات

[ ٧٧٧٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن علي بن المغيرة، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: قلت له: إنّ أبي سأل جدّك عن ختم القرآن في كلّ ليلة؟ فقال له جدّك: في كلّ ليلة، ققال له: في شهر رمضان، فقال له جدّك: في شهر رمضان، فقال له: أبي: نعم، ما استطعت، فكان أبي يختمه أربعين ختمة، في شهر رمضان، ثمّ ختمته بعد أبي، فربّما زدت وربّما نقصت على قدر فراغي وشغلي ونشاطي وكسلي فاذا كان في يوم الفطر جعلت لرسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ختمة، ولعلي( عليه‌السلام ) أُخرى، ولفاطمة (عليها‌السلام ) أُخرى ثم للأئمة (عليهم‌السلام ) حتى انتهيت إليك فصيّرت لك واحدة منذ صرت في هذه الحال، فأيّ شيء لي بذلك؟ قال: لك بذلك أن تكون معهم يوم القيامة قلت: الله أكبر فلي بذلك؟ قال: نعم، ثلاث مرّات.

____________________

٩ - إقبال الأعمال: ١١٠.

(١) تقدم في الباب ١٨ من هذه الأبواب وما يدل على الترتيل وغيره في الباب ٢١ من هذه الأبواب وفي الأبواب ١٨ و ١٩ و ٤٦ من أبواب القراءة.

(٢) يأتي في الباب ٢٨ من هذه الأبواب.

الباب ٢٨

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٢: ٤٥٢/٤.

٢١٨

ورواه المفيد في( المقنعة) عن إبراهيم بن أبي البلاد (١) .

ورواه ابن طاوُس في كتاب( الإقبال) عن علي بن أبي المغيرة (٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الدفن(٣) .

٢٩ - باب استحباب البكاء أو التبكي عند سماع القرآن

[ ٧٧٧٨ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( المجالس ): عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن عيسى، عن أبي زكريّا المؤمن، عن سليمان بن خالد، عن الصادق( عليه‌السلام ) قال: إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أتى شباباً من الأنصار فقال: إنّي أريد أن أقرأ عليكم فمن بكى فله الجنّة فقرأ آخر الزمر: ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً ) - إلى آخر السورة - فبكى القوم جميعاً إلّا شاباً فقال: يا رسول الله، قد تباكيت فما قطرت عيني، قال: إنّي معيد عليكم فمن تباكى فله الجنّة، قال: فأعاد عليهم فبكى القوم وتباكى الفتى فدخلوا الجنّة جميعاً.

وفي( ثواب الأعمال ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن المؤمّل بن المستهل، عن سليمان بن خالد، مثله (٤) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٥) .

____________________

(١) المقنعة: ٥٠.

(٢) إقبال الأعمال: ١٠٩.

(٣) تقدم في الباب ٣٤ من أبواب الدفن.

الباب ٢٩

فيه حديث واحد

١ - أمالي الصدوق: ٤٣٧/١٠ المجلس ٨١. ١ - الزمر ٣٩: ٧١.

(٤) ثواب الأعمال: ١٩٢.

(٥) تقدم ما يدل على ذلك في الحديث ٣ من الباب ١ من هذه الأبواب.

٢١٩

٣٠ - باب وجوب تعلم اعراب القرآن وجواز القراءة باللحن مع عدم الامكان

[ ٧٧٧٩ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( معاني الأخبار ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عمرو بن جميع، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه ( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : تعلّموا القرآن بعربيّته وإيّاكم والنبر فيه - يعني الهمز - قال الصادق( عليه‌السلام ) : الهمز زيادة في القرآن، إلّا الهمز الأصلي مثل قوله: ( أَلَّا يَسجُدُوا لِلّهِ الَّذِي يَخرُجُ الخَبءَ [ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرضِ ] (١) ) وقوله: ( لَكُم فِيهَا دِفءٌ ) (٢) وقوله: ( [وَإِذ قَتَلتمُ نَفساً ](٣) فادرءتم فيها ) .

[ ٧٧٨٠ ] ٢ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن البزنطي، عن رجل (٤) ، عن السلمي، عن أبيه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: تعلّموا العربيّة فانّها كلام الله الذي كلّم به خلقه،( ونطق به للماضين) (٥) ، الحديث.

[ ٧٧٨١ ] ٣ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي) عن أبي جعفر الجواد( عليه

____________________

الباب ٣٠

فيه ٤ أحاديث

١ - معاني الأخبار: ٣٤٤.

(١) أثبتناه من المصدر، والآية في النمل ٢٧: ٢٥.

(٢) ليس في المصدر، والآية في النحل ١٦: ٥.

(٣) أثبتناه من المصدر، والآية في البقرة ٢: ٧٢.

٢ - الخصال: ٢٥٨/١٣٤، تقدم ذيله في الحديث ١ من الباب ٥٠ من أبواب الملابس.

(٤) في المصدر: عن رجل من خزاعة عن أسلمي.

(٥) في المصدر: ونظفوا الماضغين.

٣ - عدّة الداعي: ١٨، أورده أيضاً في الحديث ١ من الباب ١٨ من أبواب الدعاء.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

سقف يظلهم من حرارة الشمس ، فكانت الشمس تصهرهم في حرّ الظهيرة ، حتى تقشّرت وجوههم وجلودهم من حرارة الشمس.

٥٧٤ ـ مدة إقامة السبايا في الحبس :

يقول السيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة في (بغية النبلاء في تاريخ كربلاء) ص ١٥ : لم نقف على مدة إقامة السبايا في الشام ، إلا أنه قد ورد أنهم أقاموا شهرا في موضع لا يكنّهم من حرّ ولا برد (البحار ، ج ٢١ ص ٢٠٣)

ويقول الفاضل الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٥٠٨ : إن سياق الروايات يعطي كثرة المدة وامتدادها. فإن فرضناها أقل من شهر ، فلا يجوز أن نفرضها أقل من عشرين أو خمسة عشر يوما.

اليوم الثاني من صفر

(يوم السبت ٢ صفر سنة ٦١ ه‍)

٥٧٥ ـ إحضار السبايا إلى مجلس يزيد مرة ثانية :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٩٧)

(وفي رواية) : إن يزيد دعا أشراف أهل الشام فأجلسهم حوله ، ثم دعا بعلي بن الحسينعليه‌السلام وصبيان الحسين ونسائهعليه‌السلام فأدخلوا عليه ، والناس ينظرون.

ثم قال يزيد لعلي بن الحسينعليه‌السلام : أبوك قطع رحمي ، وجهل حقي ، ونازعني سلطاني ، فصنع الله به ما قد رأيت. فقال علي بن الحسينعليه‌السلام :( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ٢٢ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ ) (٢٣) [الحديد : ٢٢ ـ ٢٣].

فقال يزيد لابنه خالد : اردد عليه ، فلم يدر خالد ما يردّ عليه. فقال له يزيد :لا( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) (٣٠) [الشورى : ٣٠].

فقال علي بن الحسينعليه‌السلام : يابن معاوية وهند وصخر ، لم تزل النبوة والإمرة لآبائي وأجدادي من قبل أن تولد. ولقد كان جدي علي بن أبي طالبعليه‌السلام في يوم بدر وأحد والأحزاب في يده راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأبوك وجدك في أيديهما رايات الكفار.

٤٨١

ثم قال علي بن الحسينعليه‌السلام : ويلك يا يزيد ، إنك لو تدري ماذا صنعت وما الّذي ارتكبت من أبي وأهل بيتي وأخي وعمومتي ، إذا لهربت في الجبال ، وافترشت الرماد ، ودعوت بالويل والثبور ، أن يكون رأس الحسين بن فاطمة وعليعليه‌السلام منصوبا على باب مدينتكم ، وهو وديعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكم. فأبشر بالخزي والندامة إذا اجتمع الناس ليوم القيامة.

اليوم الرابع من صفر

٥٧٦ ـ رؤيا سكينة بنت الحسينعليه‌السلام بدمشق :

(مثير الأحزان لابن نما ، ص ٨٣ ط نجف)

لما عرضت السبايا على يزيد في اليوم الرابع من إقامتهن في الخربة ، وحاول يزيد قتل الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، قالت سكينة ليزيد : يا يزيد رأيت البارحة رؤيا ، إن سمعتها مني قصصتها عليك!. فقال يزيد : هاتي ما رأيت. فقالت سكينة :

رأيت البارحة في منامي كأن خمسة نجب من نور قد أقبلت ، وعلى كل نجيب [أي فرس] شيخ ، والملائكة محدقة بهم ، ومعهم وصيف يمشي. فمضت النّجب وأقبل الوصيف إليّ ، وقرب مني وقال : يا سكينة إن جدك يسلّم عليك. فقلت :لاوعلى رسول الله السلام. يا رسول رسول الله من أنت؟. قال : وصيف من وصائف الجنة. فقلت : من هؤلاء المشيخة الذين جاؤوا على النجب؟. قال : الأول آدم صفوة الله ، والثاني إبراهيم خليل الله ، والثالث موسى كليم الله ، والرابع عيسى روح الله. فقلت : من هذا القابض على لحيته ، يسقط مرة ويقوم أخرى؟. فقال : جدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقلت : وأين هم قاصدون؟. قال : إلى أبيك الحسينعليه‌السلام . لافأقبلت أسعى في طلبه لأعرّفه ما صنع بنا الظالمون بعده. فبينما أنا كذلك ، إذ أقبلت خمسة هوادج من نور ، في كل هودج امرأة. فقلت : من هذه النسوة المقبلات؟. لا قال : الأولى حواء أم البشر ، والثانية آسية بنت مزاحم ، والثالثة مريم بنت عمران ، والرابعة خديجة بنت خويلد. والخامسة الواضعة يدها على رأسها ، تسقط مرة وتقوم أخرى ، فقلت : من؟. فقال : جدتك فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم أبيك [الحسين].فقلت : والله لأخبرنّها ما صنع بنا. فلحقتها ووقفت بين يديها أبكي وأقول : يا أماه جحدوا والله حقنا. يا أماه بدّدوا والله شملنا. يا أماه استباحوا والله حريمنا.

٤٨٢

يا أماه قتلوا والله الحسين أبانا!. فقالت : كفّي صوتك يا سكينة ، فقد أقرحت كبدي ، وقطّعت نياط قلبي. هذا قميص أبيك الحسينعليه‌السلام معي لا يفارقني ، حتى ألقى الله به.

ثم إن يزيد تركها ولم يعبأ بقولها.

٥٧٧ ـ يزيد يستشير النعمان بن بشير الأنصاري :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٩)

عن عكرمة بن خالد قال : أتي برأس الحسينعليه‌السلام إلى يزيد بن معاوية بدمشق ، فنصب. فقال يزيد : عليّ بالنعمان بن بشير. فلما جاء قال : كيف رأيت ما فعل عبيد الله بن زياد؟. قال : الحرب دول. فقال : الحمد لله الّذي قتله. فقال النعمان : قد كان أمير المؤمنين [يقصد معاوية] يكره قتله. فقال يزيد : ذلك قبل أن يخرج ، ولو خرج على أمير المؤمنين لقتله. قال النعمان : ما كنت أدري ما كان يصنع. ثم خرج النعمان.

فقال يزيد : هو كما ترون إلينا منقطع ، وقد ولاه أمير المؤمنين ورفعه ، ولكن أبي كان يقول : لم أعرف أنصاريا قط إلا يحب عليا وأهله ، ويبغض قريشا بأسرها.

الأيام التالية

رؤيا الطفلة رقيّةعليه‌السلام ووفاتها

ذكر المؤرخون أنه كان للإمام الحسينعليه‌السلام أربع بنات هن : فاطمة [أمها أم اسحق التيمية] ، وسكينة [أمها الرباب بنت امرئ القيس] ، وزينب

(ذكرها السيد الأمين في الأعيان ، ج ١ ص ٥٧٩) والظاهر أنها لم تحضر كربلاء ، وليس هناك أي خبر عنها. أما الرابعة فلا يذكرونها ، وليست هي إلا رقيّةعليه‌السلام ، ولعل سبب عدم ذكرها لأنها كانت طفلة صغيرة ، ولم تشترك في شيء من أحداث كربلاء. أما أمّها فالظاهر أنها [أم إسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية] أم فاطمة.

وقد اشتهرت السيدة رقيةعليه‌السلام برؤياها التي رأتها حين كانت مع السبايا في الخربة عند باب الفراديس بدمشق ، وبطريقة وفاتها المأساوية التي تقطّع الأكباد.

٤٨٣

ـ مصادر وفاة رقيّة بنت الحسينعليه‌السلام :

ذكر قصة رؤيا رقيةعليه‌السلام ووفاتها العديد من المصادر ، نعدّ منها :

(١) ـ كامل البهائي [باللغة الفارسية] للشيخ عماد الدين الحسن بن علي الطبري الآملي. ألقّه عام ٦٧٥ ه‍ ، وهو أقدم مصدر للقصة. يذكر أنه نقل القصة عن كتاب (الحاوية).

(٢) ـ المنتخب في المراثي والخطب للطريحي.

(٣) ـ نفس المهموم للشيخ عباس القمي.

(٤) ـ أسرار الشهادة للدربندي ، المتوفى سنة ١٢٨٦ ه‍.

(٥) ـ مقتل العوالم للسيد محمّد بن أبي طالب الحسيني الحائري ، عنه ينقل المجلسي وصاحب (الإيقاد).

(٦) ـ بحار الأنوار للعلامة المجلسي ، المجلد العاشر.

(٧) ـ الإيقاد للسيد محمّد علي الشاه عبد العظيمي الحسني [ت ١٣٣٤ ه‍]

٥٧٨ ـ الحسينعليه‌السلام مسافر :

(روضة الواعظين للفتال النيسابوري ، ص ١٩٢ ط نجف)

نقل عن بعض التواريخ أن عائلة الحسينعليه‌السلام وأرامل آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد قتل رجالهن يوم الطف ، وسبيهنّ من بلد إلى بلد ، كانوا يخفون على صغار الأطفال واليتامى قتل أوليائهم وآبائهم ، فإن بكى يتيم أو يتيمة أباه أو أخاه ناغوه باللطف ، وأخبروه بأنه في سفر ، وسوف يعود من سفره. فكانوا بهذا ونحوه يشغلون اليتامى والأطفال عن الشعور بألم اليتم ومرارة المصاب.

٥٧٩ ـ قصة رؤيا رقيةعليه‌السلام ووفاتها :

ذكر القصة مع تفاوت بسيط كل من (نفس المهموم) ص ٤١٦ ،

(والمنتخب) للطريحي ، ص ١٣٦ ، وكتاب (الإيقاد) للسيد الحسني. ونجمع الروايات الثلاث فيما يلي :

كان لمولانا الحسينعليه‌السلام بنت صغيرة يحبها وتحبه ، وقيل كانت تسمى رقيّة.وكان لها من العمر ثلاث أو أربع سنوات. ومن يوم استشهاده ما عادت تراه ، فعظم ذلك عليها واستوحشت لأبيها. وكانت مع الأسرى في الشام ، وكانت تبكي لفراق

٤٨٤

أبيها ليلا ونهارا. وكان أهلها كلما طلبته يقولون لها : هو في السفر ، وغدا يأتي ومعه ما تطلبين.

إلى أن كانت ليلة من الليالي ، فرأت أباها بنومها. فلما انتبهت صاحت وبكت وانزعجت ، وقالت : ائتوني بوالدي وقرة عيني ، فإني رأيته الساعة في المنام مضطربا شديدا. وكلما حاول أهل البيتعليه‌السلام إسكاتها ازدادت حزنا وبكاء. فعظم ذلك على أهل البيتعليه‌السلام ، فضجّوا بالبكاء وجددوا الأحزان ، ولطموا الخدود ، وحثوا على رأسهم التراب ، ونشروا الشعور ، وقام الصياح.

فانتبه يزيد من نومه ، وقال : ما الخبر؟. قالوا : إن بنت الحسين الصغيرة رأت أباها بنومها ، فانتبهت وهي تطلبه وتبكي وتصيح.

فلما سمع يزيد ذلك قال : ارفعوا رأس أبيها ، وحطّوه بين يديها ، لتنظر إليه وتتسلى به. فجاؤوا بالرأس الشريف إليها في طبق مغطى بمنديل ديبقي ، ووضعوه بين يديها. فقالت : ما هذا؟. إني طلبت أبي ولم أطلب الطعام!. فقال : إن هناك أباك. فرفعت المنديل ورأت رأسا ، فقالت : ما هذا الرأس؟. قالوا لها : إنه رأس أبيك. فرفعته من الطشت وضمّته إلى صدرها وهي تقول :

يا أبتاه من ذا الّذي خضّبك بدمائك؟. يا أبتاه من ذا الّذي قطع وريدك؟. يا أبتاه من ذا الّذي أيتمني على صغر سني؟. يا أبتاه من بقي بعدك نرجوه؟. يا أبتاه من لليتيمة حتى تكبر؟. يا أبتاه من للنساء الحاسرات؟. يا أبتاه من للأرامل المسبيّات؟. يا أبتاه من للعيون الباكيات؟. يا أبتاه من للضائعات الغريبات؟. يا أبتاه من للشعور المنشرات؟. يا أبتاه من بعدك وا خيبتنا!.

يا أبتاه من بعدك وا غربتنا!. يا أبتاه ليتني كنت لك الفدى. يا أبتاه ليتني كنت قبل هذا اليوم عميا. يا أبتاه ليتني وسّدت الثرى ، ولا أرى شيبك مخضبا بالدما.

ثم إنها وضعت فمها على فمه الشريف ، وبكت بكاء شديدا حتى غشي عليها.فلما حركوها فإذا بها قد فارقت روحها الدنيا.

فلما رأى أهل البيتعليه‌السلام ما جرى ، ارتفعت أصواتهم بالبكا ، وتجدد الحزن والعزا ، ومن سمع من أهل الشام بكاءهم بكى. فلم ير في ذلك اليوم إلا باك وباكية.

٤٨٥

وفي (معالي السبطين) ص ١٧٠ :

وأمر يزيد بغسلها وكفّنها ودفنها (في الخربة).

وفي (مقتل آل بحر العلوم) ص ٢٩٦ ط ٢ قال :

وذكر بعض الأكابر أن أم كلثوم كان جزعها وبكاؤها ونحيبها على تلك الطفلة أشد وأبلغ من باقي العيال ، فما كانت تهدأ وتسكن طيلة تلك المدة التي قضوها في الشام.

فقالت لها العقيلة زينب الكبرىعليه‌السلام : يا أخيّة ، ما هذا الجزع والبكاء والهلع؟. كلنا أصبنا بفقد هذه الطفلة ، ولم يخصّك المصاب وحدك!.

فقالت لها : يا أختاه لا تلوميني ، كنت واقفة عشية أمس بعد العصر ، وإلى جنبي هذه الطفلة [أي رقية] بباب الخربة ، في وقت انصراف أطفال أهل الشام من مدارسهم إلى بيوتهم وأهاليهم ، فكان بعضهم يقف بباب الخربة للتفرج علينا ثم يذهب. فقالت لي هذه الطفلة : عمّة ، إلى أين يذهب هؤلاء الأطفال؟. فقلت لها :إلى منازلهم وأهاليهم.

فقالت لي : عمّة ، ونحن ليس لنا منزل ولا مأوى غير هذه الخربة؟!.

وأنا يا أختاه كلما ذكرت هذا الكلام منها لم تهدأ لي زفرة ، ولم تسكن لي عبرة.

مجالس الشراب

٥٨٠ ـ يزيد يشرب الفقّاع على رأس الحسينعليه‌السلام :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٢)

عن (أمالي الصدوق) قال الإمام الرضاعليه‌السلام : أول من اتّخذ له الفقّاع [وهي البيرة] في الإسلام بالشام ، يزيد بن معاوية. فأحضر وهو على المائدة ، وقد نصبها على رأس الحسينعليه‌السلام ، فجعل يشربه ويسقي أصحابه ، ويقول : اشربوا فهذا شراب مبارك ، ومن بركته أنّا أول ما تناولناه ورأس الحسين عدونا بين أيدينا ، ومائدتنا منصوبة عليه. ونحن نأكل ونفوسنا ساكنة وقلوبنا مطمئنة.

٥٨١ ـ يزيد يلعب الشطرنج على رأس الحسينعليه‌السلام استبشارا بنصره :

(المصدر السابق ، ص ٩٣)

وفي (أمالي الصدوق) عن الفضل بن شاذان ، قال : سمعت الإمام الرضاعليه‌السلام

٤٨٦

يقول : لما حمل رأس الحسينعليه‌السلام إلى الشام ، أمر يزيد فوضع ، ونصبت عليه مائدة. فأقبل هو وأصحابه يأكلون ويشربون الفقّاع. فلما فرغوا أمر بالرأس فوضع في طشت تحت سريره ، وبسط عليه رقعة الشطرنج ، وجلس يزيد يلعب بالشطرنج ، ويذكر الحسين وأباه وجدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويستهزئ بذكرهم ، فمتى قمّر صاحبه [أي غلبه بالقمار] تناول الفقاع فشربه ثلاث مرات ، ثم صبّ فضلته مما يلي الطشت من الأرض.

ثم يقول الإمام الرضاعليه‌السلام : فمن كان من شيعتنا فليتورع من شرب الفقّاع واللعب بالشطرنج. ومن نظر إلى الفقاع أو إلى الشطرنج فليذكر الحسينعليه‌السلام ، وليلعن يزيد وآل يزيد ، يمح اللهعزوجل بذلك ذنوبه ولو كانت كعدد النجوم.

٥٨٢ ـ تجرؤات يزيد على الدين وأهله :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٣)

عن (التبر المذاب) : شرب يزيد [الفقاع] ، ثم صبّ جرعة منه على رأس الحسينعليه‌السلام وقال : كيف رأيت يا حسين ، أتزعم أن أباك ساق على الحوض!.فإذا مررت عليه يومئذ فلا تسقني. وإن جدك حرّم آنية الذهب والفضة على الأمّة ، ها رأسك على الذهب. ويفخر أبوك بأنه قتل الأقران يوم بدر ، هذا بذاك.

رأس الجالوت بن يهوذا

٥٨٣ ـ سؤال رأس الجالوت [رئيس اليهود] ليزيد عن صاحب الرأس؟

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٨٧ ط ٣)

ودخل على يزيد رأس اليهود (واسمه رأس الجالوت) فرأى الرأس بين يديه ، فقال : ما هذا الرأس؟. فقال : رأس خارجي. قال : ومن هو؟. قال : الحسين.قال : ابن من؟. قال : ابن علي. قال : ومن أمه؟. قال : فاطمة. قال : ومن فاطمة؟. قال : بنت محمّد!. قال : نبيكم؟. قال : نعم. قال : لا جزاكم الله خيرا. بالأمس كان نبيكم ، واليوم قتلتم ابن بنته؟!. ويحك إن بيني وبين داود النبي نيّفا وثلاثين أبا ، فإذا رأتني اليهود كفّرت إليّ [أي عظّمتني بالخضوع والانحناء إلي].

ثم مال إلى الطست وقبّل الرأس ، وقال : أشهد ألا إله إلا الله ، وأن جدك محمدا رسول الله ، وخرج. فأمر يزيد بقتله.

٤٨٧

٥٨٤ ـ رأس الجالوت يستنكر على يزيد فعله :

(المنتخب للطريحي ، ص ٤٨٥ ط ٢)

قال أبو مخنف : وحضر عند يزيد رأس الجالوت ، فرآه يقلّب رأس الحسينعليه‌السلام بالقضيب ، فقال له : أتأذن لي أن أسألك يا يزيد؟. فقال : اسأل ما بدا لك. فقال له : سألتك بالله هذا رأس من؟ فما رأيت أحسن منه ولا من مضحكه!. فقال : هذا رأس الحسين بن علي ، خرج علينا بأرض العراق ، فقتلناه.

فقال رأس الجالوت : فبما استوجب هذا الفعل؟. فقال : ويلك دعوه أهل العراق وكتبوا إليه ، وأرادوا أن يجعلوه خليفة ، فقتله عاملي عبيد الله بن زياد ، وبعث إليّ برأسه.

فقال له : يا يزيد ، هو أحقّ منكم بما طلب ، وهو ابن بنت نبيكم.

ما أعجب أمركم ، إن بيني وبين داود نيفا وثلاثين جدا ، واليهود يعظّمونني

(ولا يرون التزويج إلا برضائي) ويأخذون التراب من تحت قدمي. وأنتم بالأمس كان نبيكم بين أظهركم ، واليوم شددتم على ولده فقتلتموه ، وسبيتم حريمه ، وفرّقتموهم في البراري والقفار!. إنكم لأشرّ قوم.

فقال له يزيد : ويلك أمسك عن هذا الكلام أو تقتل.

٥٨٥ ـ تعظيم اليهود لرأس الجالوت لأنه من نسل داودعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٠٩)

قال السيد ابن طاوس وابن نما : إنه قد روى ابن لهيعة عن أبي الأسود محمّد ابن عبد الرحمن ، قال : لقيني رأس الجالوت بن يهوذا ، فقال : والله إن بيني وبين داود لسبعين أبا ، وإن اليهود لتلقاني فتعظّمني ، وأنتم ليس بينكم وبين ابن نبيكم إلا أب واحد ، قتلتموه؟!.

٥٨٦ ـ حبر من أحبار اليهود ينتقد يزيد :

(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧١)

وروي أنه كان في مجلس يزيد هذا ، حبر من أحبار اليهود ، فقال : يا أمير المؤمنين من هذا الغلام؟. قال : علي بن الحسين. قال : فمن الحسين؟. قال : ابن علي بن أبي طالب. قال : فمن أمه؟. قال : فاطمة بنت محمّد!. فقال له الحبر : يا

٤٨٨

سبحان الله!. فهذا ابن بنت نبيكم ، قتلتموه في هذه السرعة ، بئسما خلّفتموه في ذريته. فو الله لو ترك نبينا موسى بن عمران فينا سبطا لظننت أنّا كنا نعبده من دون ربنا. وأنتم إنما فارقتم نبيكم بالأمس ، فوثبتم على ابنه وقتلتموه!. سوأة لكم من أمّة!. فأمر يزيد به فوجئ بحلقه.

فقام الحبر وهو يقول : إن شئتم فاقتلوني ، وإن شئتم فذروني. إني أجد في التوراة : من قتل ذرية نبي ، فلا يزال ملعونا أبدا ما بقي ، فإذا مات أصلاه الله نار جهنم.

دخول جاثليق النصارى :

٥٨٧ ـ قصة جاثليق النصارى :(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥١١)

بعد أن يذكر أبو مخنف قصة رأس الجالوت ، وأن يزيد أمر بقتله ، يقول : فبينما هو كذلك ، إذ دخل عليه جاثليق النصارى ، وكان شيخا كبيرا. فنظر إلى رأس الحسينعليه‌السلام وقال : ما هذا أيها الخليفة؟. فقال : هذا رأس الحسين بن علي بن أبي طالب ، وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال : فبما استوجب القتل؟. قال : لأن أهل العراق دعوه ليجلس على الخلافة ، فقتله عاملي عبيد الله بن زياد ، وبعث إليّ برأسه.

فقال له جاثليق : اعلم أني كنت الساعة في البيعة [وهي معبد النصارى] ، وإذا قد سمعت رجفة شديدة ، فنظرت وإذا بغلام شاب كأن الشمس في وجهه ، وقد نزل من السماء ومعه رجال ، فقلت لبعضهم : من هذا؟. فقال لي : هذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والملائكة من حوله يعزّونه على ولده الحسينعليه‌السلام .

ثم قال ليزيد : ارفع الرأس من بين يديك يا ويلك ، وإلا أهلكك الله. فقال له يزيد : جئتنا بأحلامك الكاذبة!. يا غلمان أخرجوه ، فجعلوا يسحبونه. ثم أمر بضربه فأوجعوه ضربا. فنادى : يا أبا عبد الله ، اشهد لي عند جدك ، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. فغضب يزيد ، فقال : اسلبوه روحه. فقال : يا يزيد إن شئت تضرب ، وإن شئت لم تضرب ، فهذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واقف بإزائي وبيده قميص من نور وتاج من نور ، وهو يقول لي :

٤٨٩

ليس بيني وبين أن أتوّجك بهذا التاج ، وألبسك هذا القميص ، إلا أن تخرج من الدنيا ، ثم أنت رفيقي في الجنة.

ثم قضى نحبه.

تذييل : قال الفاضل الدربندي :

المستفاد من هذه الروايات المذكورة ، أن يزيد كان يأمر بإحضار الرأس الشريف إلى مجلسه في كل يوم. بل المستفاد من جملة من الروايات أن يزيد كان كل يوم يحضر فيه الرأس الشريف إلى مجلسه ، كان ينكت ثناياه بمخصرته ، ويشتغل باللهو واللعب ، وشرب الخمور والمسكرات ، ويظهر السرور والفرح ، ساعة بعد ساعة ويوما بعد يوم. وظل يفعل ذلك إلى أن غلب عليه الخوف والخشية من ثوران الفتنة ، وهجوم الناس عليه وزوال دولته.

رسول ملك الروم

٥٨٨ ـ سؤال رسول قيصر عن صاحب الرأس الشريف :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٢ ط ٢ نجف)

حكى هشام بن محمّد عن أبيه عن عبيد بن عمير ، قال : كان رسول قيصر حاضرا عند يزيد ، فقال ليزيد : هذا رأس من؟. فقال : رأس الحسين. قال : ومن الحسين؟. قال: ابن فاطمة. قال : ومن فاطمة؟. قال : بنت محمّد!. قال :نبيكم؟. قال : نعم. قال : ومن أبوه؟. قال : علي بن أبي طالب. قال : ومن علي؟.قال : ابن عم نبينا. فقال : تبّا لكم ولدينكم ، ما أنتم وحقّ المسيح على شيء. إن عندنا في بعض الجزائر دير فيه حافر حمار ركبه عيسى السيد المسيحعليه‌السلام ، ونحن نحجّ إليه في كل عام من الأقطار ، وننذر له النّذر ، ونعظّمه كما تعظمون كعبتكم.فأشهد أنكم على باطل. ثم قام ولم يعد إليه.

ملاحظة :

قال السيد مرتضى العسكري في (مقدمة مرآة العقول للمجلسي) ج ٢ ص ٣٠٩ :

نستنتج من رواية الإمام زين العابدينعليه‌السلام التالية ، والتي ورد فيها أن يزيد كان يتّخذ مجالس الشراب على رأس الحسينعليه‌السلام ، أن مجالس يزيد التي وضع فيها الرأس ، هي مجالس متعددة وليس مجلسا واحدا.

٤٩٠

٥٨٩ ـ خبر رسول ملك الروم :

(اللهوف لابن طاووس ، ص ٧٩ ؛ والمنتخب للطريحي ، ص ٣٤٧ ط ٢)

روي عن الإمام زين العابدينعليه‌السلام قال :

لما أتي برأس الحسينعليه‌السلام إلى يزيد ، كان يتخذ مجالس الشراب ، ويأتي برأس الحسينعليه‌السلام ويضعه بين يديه ، ويشرب عليه.

فحضر ذات يوم في مجلسه رسول ملك الروم ، وكان من أشراف الروم وعظمائهم. فقال : يا ملك العرب ، هذا رأس من؟. قال له يزيد : مالك بذلك حاجة. فقال : إني إذا رجعت إلى ملكنا يسألني عن كل شيء رأيته ، فأحببت أن أخبره بقصة هذا الرأس وصاحبه ، حتى يشاركك في الفرح والسرور. فقال له يزيد :هذا رأس الحسين بن علي بن أبي طالب. قال : ومن أمه؟. فقال : فاطمة الزهراء بنت محمّد المصطفى!.

فقال النصراني : أما تراني إذا حقّقت النظر إليه يقشعر جسمي ، وأسمعه يقرأ آيات من كتابكم!. أفّ لك ولدينك ، ديني خير من دينك. اعلم أن أبي من حوافد [جمع حفيد] داودعليه‌السلام وبيني وبينه آباء كثيرة ، والنصارى يعظّمونني ويأخذون من تراب أقدامي ، تبركا فيّ ؛ وأنتم تقتلون ابن بنت نبيكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما بينكم وبينه إلا أم واحدة. فأي دين دينكم؟. فكأنكم

لم تصدّقوا نبيّكم حتى فعلتم به هكذا.

٥٩٠ ـ حديث كنيسة الحافر :(المصدران السابقان)

ثم قال ليزيد : هل سمعت حديث كنيسة الحافر؟ فقال له : قل حتى أسمع. فقال :اعلم أن بين عمان والصين بحر مسيرة سنة ، ليس فيه عمران إلا بلدة واحدة وسط الماء ، طولها ثمانون فرسخا في ثمانين فرسخا ، ما على وجه الأرض بلدة أكبر منها ، ومنها يحمل الكافور والياقوت ، وأشجارهم العود والعنبر ، وهي في أيدي النصارى ، لا ملك لأحد الملوك فيها سواهم. وفي تلك البلدة كنائس كثيرة ، لكن أعظمها كنيسة الحافر. في محرابها حقّة من ذهب ، معلّق بها حافر ، يزعمون أنه حافر حمار كان يركبه عيسىعليه‌السلام . وقد زيّنوا حول الحقّة بالذهب والجواهر ، والديباج والأبريسم ، يقصدها في كل عام عالم من النصارى ، يطوفون حولها ويقبّلونها ، ويرفعون حوائجهم إلى الله تعالى ببركتها ؛ هذا شأنهم بحافر حمار

٤٩١

يزعمون أنه حمار كان يركبه عيسىعليه‌السلام نبيهم ، وأنتم تقتلون ابن بنت نبيّكم!. فلا بارك الله تعالى فيكم ولا في دينكم.

وفي (المفيد في ذكرى السبط الشهيد) للسيد عبد الحسين إبراهيم العاملي ، ص ١٥٧ : فاحتار يزيد في أمره ، وماذا يردّ على النصراني!. فقال في جوابه جهلا وعنادا : لو لا أن بلغني عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه من قتل ذميا كان خصمه يوم القيامة ، لقتلتك لأجل تعرّضك بهذا الكلام. فقال النصراني : وا عجبا لجهلك يا يزيد ، أيكون رسول الله خصم من قتل ذمّيا ، ولا يكون خصم من قتل أولاده وأحفاده؟!.

فاغتاظ يزيد وقال : اقتلوا هذا النصراني لكي لا يفضحنا في بلاده.

ـ إسلام الرجل النصراني :

فلما أحسّ النصراني بذلك ، قال له : أتريد أن تقتلني؟. قال : نعم ، لا بدّ من قتلك. فخرّ ساجدا إلى الأرض شكرا لله تعالى ، وقال : اعلم أني رأيت البارحة نبيكم في المنام ، وهو يقول : يا نصراني ، أنت من أهل الجنة. فعجبت من كلامه غاية العجب.

ووثب إلى رأس الحسينعليه‌السلام ، وضمّه إلى صدره ، وجعل يقبّله ويبكي ، ونادى : السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين ورحمة الله وبركاته ، اشهد لي عند ربك وجدك وأبيك وأمك وأخيك ، بأني : أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، وأن عليا وليّ الله.

فغاروا عليه بالسيوف وقطّعوه ،رحمه‌الله تعالى.

٥٩١ ـ قصة (عبد الوهاب) رسول ملك الروم الّذي أسلم على يد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورأى شفقته على الحسن والحسينعليه‌السلام :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٨٩ ط ٣)

روي في بعض مؤلفات أصحابنا مرسلا ، أن نصرانيا أتى رسولا من ملك الروم إلى يزيد ، وقد حضر في مجلسه الّذي أتي إليه فيه برأس الحسينعليه‌السلام . فلما رأى النصراني رأس الحسينعليه‌السلام بكى وصاح وناح ، حتى ابتلّت لحيته بالدموع ، ثم قال :

اعلم يا يزيد ، أني دخلت المدينة [المنورة] تاجرا في أيام حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

٤٩٢

وقد أردت أن آتيه بهدية ، فسألت من أصحابه : أي شيء أحب إليه من الهدايا؟.فقالوا: الطّيب أحبّ إليه من كل شيء ، وأن له رغبة فيه.

قال : فحملت من المسك فارتين ، وقدرا من العنبر الأشهب ، وجئت بها إليه ، وهو يومئذ في بيت زوجته أم سلمة رضي الله عنها. فلما شاهدت جماله ازداد لعيني من لقائه نورا ساطعا ، وزادني منه سرور ، وقد تعلّق قلبي بمحبته. فسلّمت عليه ووضعت العطر بين يديه. فقال : ما هذا؟. قلت : هدية محقّرة أتيت بها إلى حضرتك. فقال لي : ما اسمك؟. فقلت : اسمي عبد الشمس. فقال لي : بدّل اسمك ، فإني أسمّيك (عبد الوهاب). إن قبلت مني الإسلام ، قبلت منك الهدية. قال : فنظرته وتأملته ، فعلمت أنه نبي ، وهو النبي الّذي أخبرنا عنه عيسىعليه‌السلام حيث قال : (إني مبشّر لكم برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد). فاعتقدت ذلك ، وأسلمت على يده في تلك الساعة. ورجعت إلى الروم ، وأنا أخفي الإسلام. ولي مدة من السنين ، وأنا مسلم مع خمس من البنين وأربع من البنات. وأنا اليوم وزير ملك الروم ، وليس لأحد من النصارى اطّلاع على حالنا.

ـ وزير ملك الروم يقصّ ليزيد ما رآه في حضرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

واعلم يا يزيد أني يوم كنت في حضرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في بيت أم سلمة ، رأيت هذا العزيز الّذي رأسه وضع بين يديك مهينا حقيرا ، قد دخل على جده من باب الحجرة ، والنبي فاتح باعه ليتناوله ، وهو يقول : مرحبا بك يا حبيبي ، حتى أنه تناوله وأجلسه في حجره ، وهو يقبّل شفتيه ، ويرشف ثناياه ، وهو يقول : بعد عن رحمة الله من قتلك ، لعن الله من قتلك ، لعن الله من قتلك يا حسين وأعان على قتلك.والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع ذلك يبكي.

فلما كان اليوم الثاني كنت مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مسجده ، إذ أتاه الحسينعليه‌السلام مع أخيه الحسنعليه‌السلام وقال : يا جداه قد تصارعت مع أخي الحسن ، ولم يغلب أحدنا الآخر ، وإنما نريد أن نعلم أيّنا أشدّ قوة من الآخر. فقال لهما النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حبيبيّ يا مهجتيّ ، إن التصارع لا يليق بكما ، ولكن اذهبا فتكاتبا ، فمن كان خطه أحسن كذلك ، تكون قوته أكثر.

قال : فمضيا وكتب كل واحد منهما سطرا ، وأتيا إلى جدهما النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأعطياه اللوح ليقضي بينهما ، فنظر النبي إليهما ساعة ، ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما ، فقال

٤٩٣

لهما : يا حبيبيّ إني نبيّ أمّي ، لا أعرف الخط ، اذهبا إلى أبيكما ليحكم بينكما ، وينظر أيّكما أحسن خطا.

(أقول) : وهكذا حوّلهما جدهما النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أبيهماعليه‌السلام ، وأبوهما حوّلهما إلى أمهما وهكذا ، حتى لا يحكم لأحدهما على الآخر ، إذ أن ذلك يكسر قلب أحدهما ، والنبي لا يرضى بذلك وقد أعرضت عن سرد القصة بالتفصيل لضعفها ، مع سموّ معناها ومغزاها.

ثم قال رسول الروم : فانظر يا يزيد كيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يدخل على أحدهما ألم ترجيح الكتابة ، ولم يرد كسر قلبهما ، وكذلك أمير المؤمنين وفاطمةعليه‌السلام ، وكذلك ربّ العزة لم يرد كسر قلب أحدهما وأنت هكذا تفعل بابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!. أفّ لك ولدينك يا يزيد.

يوم الجمعة الثامن من صفر

في (كامل البهائي) : أمر يزيد اجتماع الناس في يوم الجمعة بإذن عام ، لاستماع خطبة الإمام زين العابدينعليه‌السلام .

٥٩٢ ـ الخطيب الأموي الّذي اشترى مرضاة المخلوق بسخط الخالق :

في (وسيلة الدارين) ص ٣٨٧ :

قال السيد في (اللهوف) والمجلسي في (البحار) والشيخ عماد الدين في (كامل البهائي) : إن يزيد أمر بمنبر وخطيب ليخبر الناس بمساوئ الحسين وعليعليه‌السلام وما فعلا.

وفي (أسرار الشهادة) للدربندي ، ص ٥٠٥ :

ذكر في المناقب عن كتاب (الأمم) ، قال الأوزاعي : لما أتي بعلي بن الحسين ورأس أبيهعليه‌السلام إلى يزيد بالشام ، قال لخطيب بليغ : خذ بيد هذا الغلام فأت به المنبر ، وأخبر الناس بسوء رأي أبيه وجده وفراقهم الحق وبغيهم.

قال : ففعل الخطيب ما أمره يزيد بفعله ، فلم يدع شيئا من المساوئ إلا ذكره فيهم.

وفي (اللهوف) ص ٧٨ قال السيد ابن طاووس :

ودعا يزيد الخاطب وأمره أن يصعد المنبر فيذمّ الحسين وأباهعليه‌السلام . فصعد

٤٩٤

وبالغ في ذم أمير المؤمنين والحسين الشهيد صلوات الله عليهما ، والمدح لمعاوية ويزيد. فصاح به علي بن الحسينعليه‌السلام : ويلك أيها الخاطب ، اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق ، فتبوّأ مقعدك من النار.

خطبة الإمام زين العابدينعليه‌السلام

على منبر مسجد دمشق

ثم قال الإمام زين العابدينعليه‌السلام ليزيد : أتأذن لي أن أرقى هذه الأعواد ، فأتكلم بكلام ، فيه لله تعالى رضى ، ولهؤلاء الجالسين أجر وثواب؟. فأبى يزيد.فقال خالد بن يزيد : ائذن له ، فشفّع الناس فيه فلم يقبل شفاعتهم. فقال ابنه معاوية وهو صغير السن : يا أبتاه ما قدر أن يأتي به ، ائذن له حتى يخطب. فقال يزيد : أنتم من أمر هؤلاء في شك. إنهم ورثوا العلم والفصاحة ، وأخاف أن يحصل من خطبته فتنة علينا.

فقال الناس : يا أمير المؤمنين ائذن له ليصعد ، فلعلنا نسمع منه شيئا. فقال لهم :إن صعد المنبر هذا لم ينزل إلا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان. فقالوا : وما قدر ما يحسن هذا؟. فقال : إنه من أهل بيت ورثوا العلم والفصاحة ، وزقّوا العلم زقّا

ولم يزالوا به حتى أذن له بالصعود.

٥٩٣ ـ خطبة الإمام زين العابدينعليه‌السلام على منبر دمشق :

(وسيلة الدارين للزنجاني ، ص ٣٨٧)

فصعدعليه‌السلام المنبر وخطب خطبة أبكى منها العيون ، وأوجل منها القلوب ، فقال فيها :

الحمد لله الّذي لا بداية له ، والدائم الّذي لا نفاد له ، والأول الّذي لا أوّل لأوّليته ، والآخر الّذي لا آخر لآخريّته ، والباقي بعد فناء الخلق. قدّر الليالي والأيام ، وقسّم فيما بينهم الأقسام ، فتبارك الله الملك العلّام.

إلى أن قال :

أيها الناس ، أعطينا ستا وفضّلنا بسبع : أعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة ، والمحبة في قلوب المؤمنين. وفضّلنا بأن منا النبي

٤٩٥

محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المختار ، ومنا الصدّيق [يقصد علياعليه‌السلام ] ومنا الطيار ، ومنا أسد الله وأسد رسوله [يقصد الحمزة] ، ومنا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول ، ومنا سبطا هذه الأمة وسيدا شباب أهل الجنة ؛ فمن عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي :

أيها الناس ، أنا ابن مكة ومنى ، أنا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن من حمل الزكاة (الركن) بأطراف الردا ، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى ، أنا ابن خير من انتعل واحتفى ، أنا ابن خير من طاف وسعى ، أنا ابن خير من حجّ ولبّى ، أنا ابن من حمل على البراق في الهوا ، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، أنا ابن من بلغ به جبرائيل إلى سدرة المنتهى ، أنا ابن من دنى فتدلّى فكان (من ربه) قاب قوسين أو أدنى ، أنا ابن من صلّى بملائكة السماء مثنى مثنى ، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى ، أنا ابن محمّد المصطفى ، أنا ابن علي المرتضى ، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا : لا إله إلا الله. أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله بسيفين ، وطعن برمحين ، وهاجر الهجرتين ، وبايع البيعتين ، وصلّى القبلتين ، وقاتل ببدر وحنين ، ولم يكفر بالله طرفة عين. أنا ابن صالح المؤمنين ، ووارث النبيين ، وقامع الملحدين ، ويعسوب المسلمين ، ونور المجاهدين ، وزين العابدين ، وتاج البكّائين ، وأصبر الصابرين ، وأفضل القائمين ، من آل طه ويس ، رسول رب العالمين. أنا ابن المؤيد بجبرائيل ، المنصور بميكائيل. أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، والمجاهد أعداءه الناصبين ، وأفخر من مشى من قريش أجمعين ، وأول من أجاب واستجاب لله ولرسوله من المؤمنين ، وأول السابقين ، وقاصم المعتدين ، ومبير المشركين ، وسهم من مرامي الله على المنافقين ، ولسان حكمة العابدين. وناصر دين الله ، وولي أمر الله ، وبستان حكمة الله ، وعيبة علم الله. سمح سخيّ بهي ، بهلول(١) زكي أبطحي ، رضي مرضي. مقدام همام ، صابر صوّام ، مهذّب قوّام ، شجاع قمقام. قاطع الأصلاب ، ومفرّق الأحزاب. أربطهم جنانا(٢) ، وأطلقهم عنانا ، وأجرأهم لسانا.وأمضاهم عزيمة ، وأشدّهم شكيمة(٣) . أسد باسل ، وغيث هاطل. يطحنهم في

__________________

(١) البهلول من الرجال : الضحّاك.

(٢) ربط الجنان : كناية عن ملازمة الشريعة وترك المحارم.

(٣) شديد الشكيمة : شديد النفس ، أبيّ.

٤٩٦

الحروب ـ إذا ازدلفت الأسنة ، وقربت الأعنّة ـ طحن الرحى ، ويذروهم فيها ذرو الريح الهشيم. ليث الحجاز ، وصاحب الإعجاز. وكبش العراق ، الإمام بالنص والاستحقاق. مكي مدني ، أبطحي تهامي ، حنيفيّ عقبي ، بدري أحدي ، هجري مهاجري. من العرب سيدها ، ومن الوغى ليثها. وارث المشعرين ، وأبو السبطين ، الحسن والحسينعليه‌السلام . مظهر العجائب ، ومفرّق الكتائب ، والشهاب الثاقب ، والنور العاقب ، أسد الله الغالب ، مطلوب كل طالب ، غالب كل غالب ، ذاك جدي علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

ثم قالعليه‌السلام : أنا ابن فاطمة الزهراء ، أنا ابن سيدة النساء ، أنا ابن الطهر البتول ، أنا ابن بضعة الرسول. أنا ابن خديجة الكبرى ، أنا ابن المقتول ظلما ، أنا ابن محزوز الرأس من القفا ، أنا ابن العطشان حتى قضى ، أنا ابن طريح كربلاء ، أنا ابن مسلوب العمامة والرداء ، أنا ابن من بكت عليه ملائكة السماء ، أنا ابن من ناحت عليه الجن في الأرض والطير في الهواء ، أنا ابن من رأسه على السنان يهدى ، أنا ابن من حرمه من العراق إلى الشام تسبى.

ـ قيام الأذان :

فلم يزل يقول : أنا أنا ، حتى ضجّ الناس بالبكاء والنحيب ، وخشي يزيد أن تكون فتنة. فأمر المؤذن أن يؤذّن ، فقطع عليه الكلام. فلما قال المؤذن : الله أكبر الله أكبر!. قال علي بن الحسينعليه‌السلام : كبّرت كبيرا لا يقاس ، ولا يدرك بالحواس. لا شيء أكبر من الله. فلما قال المؤذن : أشهد أن لا إله إلا الله!. قال عليعليه‌السلام : شهد بها شعري وبشري ، ولحمي ودمي ، ومخي وعظمي. فلما قال المؤذن : أشهد أن محمدا رسول الله!. التفت علي من فوق المنبر إلى يزيد وقال :يا يزيد ، محمّد هذا جدي أم جدك؟ فإن زعمت أنه جدك فقد كذبت وكفرت ، وإن قلت إنه جدي ، فلم قتلت عترته؟. ولم قتلت أبي وسبيت نساءه؟. فلم يردّ جوابا.

٥٩٤ ـ إعداد دار جديدة لإقامة السبايا ، مجاورة لدار يزيد :

قال : ولما فرغ المؤذن من الأذان والإقامة ، فتقدم يزيد وصلى صلاة الظهر.

وفي (الفتوح) لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢٤٩ :

فلما فرغ يزيد من صلاته ، أمر بعلي بن الحسينعليه‌السلام وأخواته وعماته ، ففرّغ لهم دارا فنزلوها. وأقاموا أياما يبكون وينوحون على الحسينعليه‌السلام .

٤٩٧

(أقول) : ويظهر من هذا أن يزيد بدأ يعدّل من معاملته للسبايا وزين العابدينعليه‌السلام خوفا من نقمة الناس عليه ، بعد أن انكشفت لهم حقيقة الأمر ، وأن المصفّد بالحديد والمطوّق بالجامعة ، جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأن المربوقة بالحبال هي زينب العقيلة ، التي أمها فاطمة الزهراء وجدها محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ملاحظة :

يقول الفاضل الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٥٠٨ :

إن القرائن والشواهد تدل على أن احتجاجات الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام وخطبته السابقة ، كانت في بعض الأيام التي كان الحرم والسبايا فيها

في السجن والحبس ، لا في اليوم الأول الّذي وردوا فيه دمشق وأحضروا

في مجلس يزيد.

ومما يؤيد ذلك قولهم : " إن زين العابدين [بعد خطبته السابقة] أخذ ناحية باب المسجد ، فلقيه مكحول ، فقال : كيف أمسيت قال : أمسينا ..." فهذا يؤكد أن هذه الخطبة حصلت بعد نزول السبايا في الخربة.

٥٩٥ ـ مكحول يسأل زين العابدينعليه‌السلام : كيف أمسيت؟ :

(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٦٢ ط ٣)

فنزل علي بن الحسينعليه‌السلام من على المنبر ، فأخذ ناحية باب المسجد ، فلقيه مكحول صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وفي رواية : المنهال بن عمرو الضبابي) فقال له :كيف أمسيت يابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قال : أمسينا بينكم مثل بني إسرائيل في آل فرعون( يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ ، وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ ، وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ) .

وفي (مناقب آل أبي طالب) لابن شهراشوب ، ج ٤ ص ١٦٨ :

وأمست العرب تفتخر على العجم بأن محمدا منها ، وأمست قريش تفتخر على العرب بأن محمدا منها ، وأمسى آل محمّد مقهورين مخذولين. فإلى الله نشكو كثرة عدونا ، وتفرّق ذات بيننا ، وتظاهر الأعداء علينا.

٥٩٦ ـ قصة المنهال بن عمرو :(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٦٧)

روى السيد نعمة الله الجزائري في (الأنوار النعمانية) عن منهال بن عمرو الدمشقي ، قال :

٤٩٨

كنت أتمشّى في أسواق دمشق ، وإذا أنا بعلي بن الحسينعليه‌السلام يمشي ويتوكأ على عصا في يده ، ورجلاه كأنهما قصبتان ، والدم يجري من ساقيه ، والصفرة قد غلبت عليه.

قال منهال : فخنقتني العبرة ، فاعترضته وقلت له : كيف أصبحت يابن رسول الله؟. قال : يا منهال وكيف يصبح من كان أسيرا ليزيد بن معاوية!. يا منهال والله منذ قتل أبي ، نساؤنا ما شبعت بطونهنّ ، ولا كسيت رؤوسهن ، صائمات النهار ونائحات الليل. يا منهال أصبحنا مثل بني إسرائيل في آل فرعون ، يذبّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ، فالحاكم بيننا وبينهم الله ، يوم فصل القضاء. يا منهال أصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمدا منهم ، وتفتخر قريش على العرب بأن محمدا منها ، وإنا عترة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصبحنا مقتولين مذبوحين ، مأسورين مشرّدين ، شاسعين عن الأمصار ، كأننا أولاد ترك وكابل. هذا صباحنا أهل البيت ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ثم قالعليه‌السلام : يا منهال ، الحبس الّذي نحن فيه ليس له سقف. يا منهال لقد تقشّرت وجوهنا من حرارة الشمس ، والشمس تصهرنا ، ولا نرى الهواء [أي لا نخرج إلى الهواء] ، فأفرّ منه سويعة لضعف بدني ، وأرجع إلى عماتي وأخواتي خشية على النساء.

الإفراج عن السبايا

٥٩٧ ـ يزيد يستشير أهل الشام ماذا يفعل بالسبايا؟ :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة للدينوري ، ج ٢ ص ٨)

ثم استشار يزيد أهل الشام فيما يصنع بالسبايا ، فقال : يا أهل الشام ما ترون في هؤلاء؟. فقال رجل من أهل الشام : لا تتخذنّ من كلب سوء جروا!.

فقال له النعمان بن بشير [الأنصاري] : يا أمير المؤمنين ، اصنع بهم ما كان يصنع بهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو رآهم بهذه الحال.

وفي (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ٦٦ : ثم استشار أهل الشام ماذا يصنع بهم؟.فقالوا له : لا تتخذ من كلب سوء جروا!. فقال النعمان بن بشير : انظر ما كان يصنعه بهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاصنعه.

٤٩٩

فقالت فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام : يا يزيد ، بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !.

قال : فبكى يزيد حتى كادت نفسه تفيض ، وبكى أهل الشام حتى علت أصواتهم. ثم قال : خلّوا عنهم ، واذهبوا بهم إلى الحمّام واغسلوهم ، واضربوا عليهم القباب ، ففعلوا. وأمال عليهم المطبخ وكساهم ، وأخرج لهم الجوائز الكثيرة من الأموال والكسوة.

ثم قال يزيد : لو كان بينهم وبين عاضّ بظر أمّه [كناية عن أحطّ الناس قيمة] نسب ما قتلهم ، ارجعوا بهم إلى المدينة.

قال : فبعث بهم من صار بهم إلى المدينة.

٥٩٨ ـ دخول السبايا على نساء يزيد في داره :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٢٠٤ ط نجف)

ثم دخل نساء الحسينعليه‌السلام وبناته على نساء يزيد ، فقمن إليهن ، وصحن وبكين ، وبكين المأتم على الحسينعليه‌السلام .

٥٩٩ ـ إنزال السبايا في دار تتصل بدار يزيد :(الإرشاد للمفيد ، ص ٢٤٦)

ثم أمر يزيد بالنسوة أن ينزلن في دار على حدة ، ومعهن علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام ، فأفرد لهم دارا تتصل بدار يزيد ؛ فأقاموا أياما.

وفي (تاريخ ابن عساكر) تراجم النساء ، ص ١٢٣ :

ثم أمر النسوة أن ينزلن في دار على حدة ، معهن أخوهن علي بن الحسينعليه‌السلام في الدار التي هو فيها.

قال : فخرجن حتى دخلن دار يزيد ، فلم يبق من آل معاوية بن أبي سفيان امرأة إلا استقبلتهن ، تبكي وتنوح على الحسينعليه‌السلام . وأقاموا عليه المناحة ثلاثة أيام.

٦٠٠ ـ إقامة المآتم على الحسينعليه‌السلام في دار يزيد ثلاثة أيام :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٥ ط ٢ نجف)

وقال الزهري : لما دخلت نساء الحسينعليه‌السلام وبناته على نساء يزيد ، قمن إليهن وصحن وبكين ، وأقمن المآتم على الحسينعليه‌السلام .

ثم قال يزيد لعلي الأصغر : إن شئت أقمت عندنا فبررناك ، وإن شئت رددناك إلى المدينة. فقال : لا أريد إلا المدينة ، فردّه إليها مع أهله.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527