وسائل الشيعة الجزء ٧

وسائل الشيعة11%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 529

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 529 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 362774 / تحميل: 7500
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

جاءت بخيلائها وفخرها يكذّبون رسولك، أللَّهمّ إنّي أسألك ما وعدتني. فأتاه جبرئيل وقال له: خذ قبضة من تراب فارمهم بها. فلمّا التقى الجمعان قال لعليّعليه‌السلام : أعطني قبضة من حصباء الوادي، فأعطاه فرمى بها في وجوههم، وقال: شاهت الوجوه. فلم يبق مشرك إلّا شغل بعينيه فانهزموا، وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم.

ثمّ لـمّا انصرفوا أقبلوا على التفاخر، فيقول الرجل: قتلت وأسرت، فنزلت:( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ) الفاء جواب شرط محذوف، تقديره: إن افتخرتم بقتلهم فأنتم لم تقتلوهم بقوّتكم( وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ ) بإنزال الملائكة وإلقاء الرعب في قلوبهم.

( وَما رَمَيْتَ ) يا محمّد رمية توصلها إلى أحداقهم، ولم تقدر عليه( إِذْ رَمَيْتَ ) أي: أتيت بصورة الرمي( وَلكِنَّ اللهَ رَمى ) أتى بما هو غاية الرمي، فأوصلها إلى أعينهم جميعا حتّى انهزموا، وتمكّنت من قطع دابرهم. وهذا من عجائب المعجزات. واللفظ كما يطلق على المسمّى، يطلق على ما هو كماله والمقصود منه.

وقيل: معناه: ما رميت بالرعب إذ رميت بالحصباء، ولكنّ الله رمى بالرعب في قلوبهم.

وقيل: إنّه نزل في طعنة طعن بها أبيّ بن خلف يوم أحد ولم يخرج منه دم، فجعل يخور حتّى مات. أو في رمية سهم رماه يوم خيبر نحو الحصن فأصاب كنانة بن أبي الحقيق على فراشه. وأكثر المفسّرين على القول الأوّل.

وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي: ولكن بالتخفيف ورفع ما بعده في الموضعين.

( وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً ) ولينعم عليهم نعمة عظيمة من ذلك النصر والغنيمة ومشاهدة الآيات، أو من عنده تعالى.( إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ ) لاستغاثتهم

٢١

ودعائهم( عَلِيمٌ ) بنيّاتهم وأحوالهم.

( ذلِكُمْ ) إشارة إلى البلاء الحسن، أو القتل، أو الرمي. ومحلّه الرفع، أي: الغرض أو الأمر ذلكم. وو قوله:( وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ ) معطوف عليه، أي: المقصود إبلاء المؤمنين، وتوهين كيد الكافرين، وإبطال حيلهم.

وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: موهّن بالتشديد، وحفص: موهن كيد بالإضافة والتخفيف.

( إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٢١) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) )

ثمّ خاطب أهل مكّة على سبيل التهكّم بقوله:( إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ ) وذلك أنّهم حين أرادوا الخروج تعلّقوا بأستار الكعبة وقالوا: أللَّهمّ انصر أعلى الجندين، وأهدى الفئتين، وأكرم الحزبين. وبرواية أخرى: أللَّهمّ انصر أقرانا للضيف، وأوصلنا للرحم، وأفكّنا للعاني، إن كان محمّد على حقّ فانصره، وإن كنّا على حقّ فانصرنا.

٢٢

وروي أنّ أبا جهل قال يوم بدر: أللَّهمّ أيّنا كان أهجر وأقطع للرحم فأحنه اليوم، أي: فأهلكه.

( وَإِنْ تَنْتَهُوا ) عن الكفر ومعاداة الرسول( فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) لتضمّنه سلامة الدارين وخير المنزلتين. وقيل:( إِنْ تَسْتَفْتِحُوا ) خطاب للمؤمنين، و( إِنْ تَنْتَهُوا ) للكافرين.( وَإِنْ تَعُودُوا ) لمحاربته( نَعُدْ ) لنصره( وَلَنْ تُغْنِيَ ) ولن تدفع( عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ ) جماعتكم( شَيْئاً ) من الإغناء أو المضارّ( وَلَوْ كَثُرَتْ ) فئتكم( وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ) بالنصر والمعونة.

وقرأ نافع وابن عامر وحفص: وأنّ بالفتح، على تقدير: ولأنّ الله مع المؤمنين كان ذلك.

وقيل: الآية خطاب للمؤمنين. والمعنى: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر، وإن تنتهوا عن التكاسل في القتال والرغبة عمّا يستأثره الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو خير لكم، وإن تعودوا إليه نعد عليكم بالإنكار أو تهييج العدوّ، ولن تغني حينئذ كثرتكم إذا لم يكن الله معكم بالنصر، فإنّ الله مع الكاملين في إيمانهم.

ويؤيّد ذلك أمر الله سبحانه المؤمنين بالطاعة الّتي هي سبب النصرة، ونهيهم عن التولّي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد تلك الآية، بقوله:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ ) أي: لا تتولّوا عن الرسول، فإنّ المراد بالآية الأمر بطاعته والنهي عن الإعراض عنه. وذكر طاعة الله للتوطئة والتنبيه على أنّ طاعة الله تعالى في طاعة الرسول، لقوله:( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) (١) .

وقيل: الضمير للجهاد، أو للأمر الّذي دلّ عليه الطاعة.

__________________

(١) النساء: ٨٠.

٢٣

( وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ) القرآن والمواعظ سماع فهم وتصديق.

( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا ) كالكفرة أو المنافقين الذين ادّعوا السماع( وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ) سماعا ينتفعون به، لأنّهم ليسوا بمصدّقين، فكأنّهم لا يسمعون رأسا.

والمعنى: أنّكم تصدّقون بالقرآن والنبوّة، فإذا تولّيتم عن طاعة الرسول في بعض الأمور ـ من قسمة الغنائم وغيرها ـ كان تصديقكم كلا تصديق، وأشبه سماعكم سماع من لا يؤمن به.

ثمّ قال ذمّا للمعرضين عن أمر الله ورسوله:( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ ) أي: شرّ ما يدبّ على الأرض، أو شرّ البهائم( الصُّمُ ) عن سماع الحقّ( الْبُكْمُ ) عن قراءته( الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ) شيئا منه. عدّهم من البهائم أوّلا ثمّ جعلهم شرّها، لإبطالهم ما ميّزوا به وفضّلوا لأجله، وهو العقل.

( وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ ) في هؤلاء الصمّ البكم( خَيْراً ) انتفاعا باللطف( لَأَسْمَعَهُمْ ) للطف بهم حتّى يسمعوا سماع المصدّقين( وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ ) أي: ولو لطف بهم وقد علم أن لا خير فيهم( لَتَوَلَّوْا ) عنه ولم ينتفعوا به. أو ولو لطف بهم فصدّقوا لارتدّوا بعد التصديق والقبول، وكذّبوا فلم يستقيموا( وَهُمْ مُعْرِضُونَ ) لعنادهم. وفي هذا دلالة على أنّه سبحانه لا يمنع أحدا اللطف، إذا علم أنّه ينتفع به.

وقال الباقرعليه‌السلام : «بنو عبد الدار لم يسلم منهم غير مصعب بن عمير وسويد بن حرملة». وكانوا يقولون: نحن صمّ بكم عمّا جاء به محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد قتلوا جميعا بأحد، وكانوا أصحاب اللواء.

وقيل: قالوا للنبيّ: أحي لنا قصيّا، فإنّه كان شيخا مباركا حتّى يشهد لك فنؤمن بك. فالمعنى: لأسمعهم كلام قصيّ.

وعن ابن جريج: هم المنافقون. وعن الحسن: هم أهل الكتاب.

٢٤

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٥) )

ثمّ أمر سبحانه عباده بطاعة رسوله، فقال:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ) بالطاعة والامتثال( إِذا دَعاكُمْ ) وحّد الضمير فيه لـما سبق، ولأنّ دعوة الله تسمع من الرسول( لِما يُحْيِيكُمْ ) من العلوم الدينيّة والأحكام الشرعيّة، فإنّها حياة القلب، والجهل موته، قال :

لا تعجبنّ الجهول حلّته

فذاك ميت وثوبه كفن

أو ممّا يورثكم الحياة الأبديّة في النعيم الدائم، من العقائد الحسنة المرضيّة والأعمال السنيّة. أو من الجهاد، فإنّه سبب بقاء المؤمنين، إذ لو تركوه لغلبهم العدوّ وقتلهم. أو الشهادة، لقوله:( بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١) .

( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ) تمثيل لغاية قربه من العبد، كقوله:( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) (٢) ، فإنّ الحائل بين الشيء وغيره أقرب إلى ذلك الشيء من ذلك الغير. وتنبيه على أنّه مطّلع على مكنونات القلوب وضمائرها، ممّا عسى يغفل عنه صاحبها، فكأنّه بينه وبين قلبه.

أو حثّ على المبادرة إلى إخلاص القلوب وتصفيتها قبل أن يحول الله تعالى بينه وبين قلبه بالموت أو غيره، فبادروا إلى الطاعات قبل الحيلولة.

أو تصوير وتخييل لتملّكه على العبد قلبه، فيفسخ عزائمه، ويغيّر مقاصده ،

__________________

(١) آل عمران: ١٦٩.

(٢) ق: ١٦.

٢٥

ويبدله بالخوف أمنا، وبالأمن خوفا، وبالذكر نسيانا، وبالنسيان ذكرا، وما أشبه ذلك ممّا هو جائز عليه تعالى. ومنه قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : «عرفت الله بفسخ العزائم».

وما جاء في الدعاء: يا مقلّب القلوب.

وروى يونس بن عمّار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: «أنّ الله يحول بين المرء وقلبه» معناه: لا يستيقن القلب أنّ الحقّ باطل أبدا، ولا يستيقن القلب أنّ الباطل حقّ أبدا».

وروى هشام بن سالم عنه قال: «معناه: يحول بينه وبين أن يعلم أنّ الباطل حقّ». أوردهما العيّاشي في تفسيره(١) .

( وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) فيجازيكم بأعمالكم على حسب سلامة القلوب وإخلاص الطاعة.

( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) أي: اتّقوا ذنبا يعمّكم أثره، كترك النهي عن المنكر، والمداهنة في الأمر بالمعروف، وافتراق الكلمة، وإظهار البدع، والتكاسل في الجهاد. وقيل: الفتنة العذاب.

وقوله: «لا تصيبنّ» لا يخلو: إما أن يكون جوابا للأمر، أو نهيا بعد أمر معطوفا عليه بحذف الواو، أو صفة لـ «فتنة».

فإذا كان جوابا فالمعنى: إن أصابتكم لا تصيب الظالمين منكم خاصّة، بل تعمّكم. وإنّما جاز دخول النون في جواب الشرط، مع أنّه متردّد لا يليق به النون المؤكّدة، لأنّ فيه معنى النهي فساغ، كقوله:( ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ ) (٢) ، وكما تقول: انزل عن الدابّة لا تطرحك، ويجوز، لا تطرحنّك.

وإذا كانت نهيا ـ بعد أمر باتّقاء الذنب ـ عن التعرّض للظلم، فإنّ وباله يصيب الظالم خاصّة ويعود عليه. فكأنّه قيل: واحذروا ذنبا أو عقابا، ثمّ قيل: لا تتعرّضوا

__________________

(١) تفسير العيّاشي ٢: ٥٢ ح ٣٦ و ٣٩.

(٢) النمل: ١٨.

٢٦

للظلم فيصيب العقاب أو أثر الذنب ووباله من ظلم منكم خاصّة. وكذلك إذا جعلته صفة على إرادة القول، كأنّه قيل: واتّقوا فتنة مقولا فيها: لا تصيبنّ. ونظيره قوله :

حتّى إذا جنّ الظلام واختلط

جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط

والمذق اللبن المخلوط بالماء. والمعنى: بمذق مقول فيه هذا القول، لأنّ فيه لون الورقة(١) الّتي هي لون الذئب. ويعضده قراءة ابن مسعود: لتصيبنّ، على جواب القسم المحذوف. ويكون «من» للتبيين على هذا، لأنّ المعنى: لا تصيبنّكم خاصّة على ظلمكم، لأنّ الظلم أقبح منكم من سائر الناس، وللتبعيض على الوجه الأوّل.

وفي الكشّاف: «روي عن الحسن: أنّها نزلت في عليّ وعمّار وطلحة والزبير، وهو يوم الجمل خاصّة. قال الزبير: نزلت فينا وقرأناها زمانا، وما أرانا من أهلها، فإذا نحن المعنيّون بها».

وروي: أنّ الزبير كان يساير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما، إذا أقبل عليٌّعليه‌السلام ، فضحك إليه الزبير، فقال رسول الله: كيف حبّك لعليٍّ؟ فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمّي، إنّي أحبّه كحبّي لوالدي أو أشدّ حبّا. قال: فكيف أنت إذا سرت إليه تقاتله؟».(٢)

وقال في المجمع(٣) : «روى الثعلبي بإسناده عن حذيفة أنّه قال: أتتكم فتن كقطع الليل المظلم، يهلك فيها كلّ شجاع بطل، وكلّ راكب موضع، وكلّ خطيب مصقع(٤) ».

وفي حديث أبي أيّوب الأنصاري أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعمّار: «إنّه سيكون بعدي هنات، حتّى يختلف السيف فيما بينهم، وحتّى يقتل بعضهم بعضا، وحتّى يبرأ بعضهم من بعض، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني عليّ بن أبي طالب ،

__________________

(١) الورقة: سواد في غبرة، والأورق: الذي لونه لون الرماد.

(٢) الكشّاف ٢: ٢١٢.

(٣) مجمع البيان ٤: ٥٣٤.

(٤) راكب موضع أي: مسرع، والمصقع: البليغ.

٢٧

فإن سلك الناس كلّهم واديا وسلك عليّ واديا فاسلك وادي علي، وخلّ عن الناس.

يا عمّار إنّ عليّا لا يردّك عن هدى، ولا يدلّك على ردى. يا عمّار طاعة عليّ طاعتي، وطاعتي طاعة الله»(١) . رواه السيّد أبو طالب الهروي بإسناده عن علقمة والأسود عن أبي أيّوب الأنصاري.

وفي كتاب شواهد التنزيل للحاكم أبي القاسم الحسكاني رحمة الله، وحدّثنا عنه السيّد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني، حدّثني محمد بن القاسم ابن أحمد، قال: حدّثني أبو سعيد محمّد بن الفضيل بن محمّد، قال: حدّثنا محمّد ابن صالح العرزمي، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: حدّثنا أبو سعيد الأشجّ، عن أبي خلف الأحمر، عن إبراهيم بن طهمان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، عن ابن عبّاس قال: « لـمّا نزلت هذه الآية:( وَاتَّقُوا فِتْنَةً ) قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ظلم عليّا مقعدي هذا بعد وفاتي، فكأنّما جحد نبوّتي ونبوّة الأنبياء قبلي»(٢) .

وعن ابن عبّاس: أنّه سئل عن هذه الفتنة فقال: أبهموا ما أبهم الله.

( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ) لمن لم يتّق المعاصي والمظالم.

( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦) )

ثمّ عاد سبحانه إلى وقعة بدر، وبيّن حالتهم السالفة في القلّة والضعف، وإنعامه عليهم بالنصر والتأييد والتكثير، فقال( وَاذْكُرُوا ) معشر المهاجرين( إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ ) أي: وقت كونكم أقلّة أذلّة( مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ ) أرض مكّة ،

__________________

(١) مجمع البيان ٤: ٥٣٤.

(٢) شواهد التنزيل ١: ٢٧١ ح ٢٦٩.

٢٨

يستضعفكم قريش قبل الهجرة. و «إذ» هنا مفعول به، وليس بظرف لـ «مستضعفون».

وقيل: الخطاب للعرب، كانوا أذلّاء في أيدي الفرس والروم.

( تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ) يستلبكم كفّار قريش إن خرجتم من مكّة، أو من عداهم، فإنّهم كانوا جميعا معادين مضادّين لهم.

( فَآواكُمْ ) إلى المدينة، أو جعل لكم مأوى تتحصّنون به عن أعاديكم( وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ ) وقوّاكم على الكفّار بمظاهرة الأنصار، أو بإمداد الملائكة يوم بدر( وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ) من الغنائم( لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) إرادة أن تشكروا هذه النعم.

وعن قتادة: كانت العرب أذلّ الناس وأشقاهم عيشا، وأعراهم جلدا، يؤكلون ولا يأكلون، فمكّن الله لهم في البلاد، ووسّع عليهم في الرزق والغنائم، وجعلهم ملوكا.

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧) وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨) )

روي عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة، فسألوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصلح على ما صالح عليه إخوانهم من بني النضير، على أن يسيروا إلى إخوانهم إلى أذرعات وأريحا من أرض الشام. فأبى أن يعطيهم ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ.

٢٩

فقالوا: أرسل إلينا أبا لبابة. وكان مناصحا لهم، لأنّ عياله وماله وولده كانت عندهم.

فبعثه رسول الله، فأتاهم. فقالوا: ما ترى يا أبا لبابة أننزل على حكم سعد بن معاذ؟ فأشار أبو لبابة إلى حلقه أنّه الذبح فلا تفعلوا. فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فأخبره بذلك.

قال أبو لبابة: فو الله ما زالت قدماي من مكانهما حتّى عرفت أنّي قد خنت الله ورسوله. فنزلت في شأنه:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ ) من الخون، وهو النقص، كما أنّ أصل الوفاء التمام. ومنه: تخوّنه، أي: تنقّصه، ثمّ استعمل في ضدّ الأمانة والوفاء، لأنّك إذا خنت الرجل في شيء فقد أدخلت عليه النقصان فيه.

والمعنى: لا تخونوا الله بترك أوامره، والرسول بترك سننه وشرائعه.

وعن الحسن: أنّ من ترك شيئا من الدين وضيّعه فقد خان الله ورسوله.

( وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ ) ولا تخونوا الأمانات فيما بينكم، بأن لا تحفظوها.

وهو مجزوم بالعطف على الأوّل، أو منصوب على الجواب بالواو.( وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) أنّكم تخونون. أو أنتم علماء تميّزون الحسن من القبيح. أو أنتم تعلمون ما في الخيانة من الذمّ والعقاب.

ولـمّا نزلت هذه الآية شدّ أبو لبابة نفسه على سارية من سواري المسجد، وقال: والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب الله عليّ، فمكث سبعة أيّام لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا، حتّى خرّ مغشيّا عليه، ثمّ تاب الله عليه. فقيل له: يا أبا لبابة قد تيب عليك. فقال: لا والله لا أحلّ نفسي حتّى يكون رسول الله هو الّذي يحلّني، فحلّه بيده.

ثمّ قال أبو لبابة: إنّ من تمام توبتي أن أهجر دار قومي الّتي أصبت فيها

٣٠

الذنب، وأن انخلع عن مالي. فقال النبيّ: يجزيك الثلث أن تتصدّق به.

وهذه الرواية مرويّة أيضا عن الكلبي والزهري.

وقال عطاء: سمعت جابر بن عبد الله يقول: إنّ أبا سفيان خرج من مكّة، فأتى جبرئيلعليه‌السلام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: إنّ أبا سفيان في مكان كذا وكذا، فاخرجوا إليه واكتموا. قال: فكتب إليه رجل من المنافقين: إنّ محمّدا يريدكم فخذوا حذركم.

فأنزل الله هذه الآية.

وقال السدّي: كانوا يسمعون الشيء من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيفشونه حتّى يبلغ المشركين، فنزلت.

وقيل: المراد بالخيانة الغلول في المغانم.

( وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) لأنّهم سبب الوقوع في الإثم أو العقاب، أو محنة من الله تعالى ليبلوكم فيهم، فلا يحملنّكم حبّهم على الخيانة، كأبي لبابة( وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) لمن آثر رضا الله تعالى عليهم، وراعى حدوده فيهم، فعليكم أن تزهدوا في الدنيا، ولا تحرصوا على جمع المال وحبّ الأولاد، ولا تؤثروهما على نعيم الأبد.

قال في المجمع: «بيّن سبحانه بهذه الآية أنّه يختبر خلقه بالأموال والأولاد، ليتبيّن الراضي بقسمه ممّن لا يرضى به، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم، ولكن ليظهر الأفعال الّتي بها يستحقّ الثواب والعقاب. وإلى هذا أشار أمير المؤمنينعليه‌السلام في قوله: «لا يقولنّ أحدكم: أللَّهمّ إنّي أعوذ بك من الفتنة، لأنّه ليس أحد إلّا وهو مشتمل على فتنة، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلّات الفتن، فإنّ الله سبحانه يقول:( وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) . وقد روي هذا المعنى عن ابن مسعود أيضا»(١) .

__________________

(١) مجمع البيان ٤: ٥٣٦.

٣١

( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩) )

ولـمّا أمر الله سبحانه بالطاعة وترك الخيانة، بيّن بعده ما أعدّه لمن امتثل أمره في الدنيا والآخرة، فقال:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ ) إن تتّقوا عقابه باتّقاء معاصيه وأداء فرائضه( يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً ) هداية ونورا في قلوبكم، وشرحا في صدوركم بوسيلة التوفيق واللطف، تفرّقون به بين الحقّ والباطل. أو نصرا وفتحا، كقوله تعالى( يَوْمَ الْفُرْقانِ ) (١) لأنّه يفرّق بين المحقّ والمبطل، بإعزاز المؤمنين وإذلال الكافرين. أو مخرجا من الشبهات. أو نجاة عمّا تحذرون في الدارين. أو ظهورا يشهّر أمركم في أقطار الأرض ويبثّ صيتكم، من قوله: بتّ أفعل كذا حتّى سطع الفرقان، أي: الصبح.

( وَيُكَفِّرْ ) ويستر( عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ) ذنوبكم بالتجاوز والعفو عنها. قيل: السيّئات الصغائر، والذنوب الكبائر. وقيل: المراد ما تقدّم وما تأخّر، لأنّها في أهل بدر، وقد غفرهما الله تعالى لهم.

( وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) على خلقه بما أنعم عليهم في الدنيا من أنواع النعم من غير سبق استحقاق منهم، وفي الآخرة بما زاد على قدر استحقاقهم.

( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٣٠) )

روي أنّ قريشا ـ لـمّا أسلمت الأنصار وبايعوه ـ خافوا أن يعلو أمره ويعظم

__________________

(١) الأنفال: ٤١.

٣٢

شأنه، فاجتمعوا في دار الندوة متشاورين في أمره، فدخل عليهم إبليس في صورة شيخ، وقال: أنا شيخ من نجد، ما أنا من تهامة، دخلت مكّة فسمعت باجتماعكم، فأردت أن أحضركم، ولن تعدموا منّي رأيا ونصحا.

فقال أبو البختري: رأيي أن تحبسوه في بيت، وتشدّوا وثاقه، وتسدّوا بابه غير كوّة، تلقون إليه طعامه وشرابه منها، وتتربّصوا به ريب المنون.

فقال إبليس: بئس الرأي، يأتيكم من يقاتلكم من قومه ويخلّصه من أيديكم.

فقال هشام بن عمرو: رأيي أن تحملوه على جمل وتخرجوه من بين أظهركم، فلا يضرّكم ما صنع واسترحتم.

فقال إبليس: بئس الرأي، يفسد قوما غيركم ويقاتلكم بهم.

فقال أبو جهل: أنا أرى أن تأخذوا من كلّ بطن غلاما، وتعطوه سيفا صارما، فيضربوه ضربة رجل واحد، فيتفرّق دمه في القبائل، فلا يقوى بنو هاشم على حرب قريش كلّهم، فإذا طلبوا العقل عقلناه واسترحنا.

فقال الشيخ: هذا الفتى هو أجودكم رأيا.

فتفرّقوا على رأي أبي جهل مجتمعين على قتله. فأخبر جبرئيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك، وأمره بالهجرة وأن يبيّت في مضجعه عليّا، فنام في مضجعه، وقال له: اتّشح ببردتي، فإنّه لن يصل إليك أمر تكرهه، وخرج مع أبي بكر إلى الغار.

وباتوا مترصّدين، فلمّا أصبحوا ساروا إلى مضجعه فأبصروا عليّا فبهتوا، وخيّب الله سعيهم، واقتصّوا أثره، وأرسلوا في طلبه، فلمّا بلغوا الجبل ومرّوا بالغار رأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لو كان ها هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه. فمكث فيه ثلاثا، ثمّ قدم المدينة، فأبطل الله تعالى مكرهم.

فذكّرعزوجل ها هنا رسوله إنجاءه إيّاه من مكرهم حين كان بمكّة، ليشكر الله على خلاصه من مكرهم واستيلائه عليهم، فقال:( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) أي: اذكر إذ يحتال كفّار قريش في إبطال أمرك، ويدبّرون في هلاكك( لِيُثْبِتُوكَ ) بالوثاق أو الحبس أو الإثخان بالجرح، من قولهم: ضربه حتّى أثبته لا حراك به ولا

٣٣

براح(١) . والأوّل مرويّ عن ابن عبّاس.( أَوْ يَقْتُلُوكَ ) بسيوفهم وخناجرهم( أَوْ يُخْرِجُوكَ ) من مكّة.

( وَيَمْكُرُونَ ) ويخفون المكائد لك( وَيَمْكُرُ اللهُ ) ويخفي الله ما أعدّ لهم حتّى يأتيهم بغتة. أو المراد بمكر الله مجازاته إيّاهم على مكرهم، أو معاملته معهم معاملة الماكرين.( وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ ) أي: مكره أنفذ من مكر غيره وأبلغ تأثيرا.

أو لأنّه لا ينزل إلّا ما هو حقّ وعدل. وإسناد أمثال هذا ممّا يحسن للمزاوجة، أو لضرب من التأويل. ولا يجوز إطلاقها ابتداء، لتضمّنه القبح والذمّ، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا.

( وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١) وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٢) )

ثمّ أخبر سبحانه عن عناد هؤلاء الكفّار في الحقّ، فقال:( وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) ما سطره الأوّلون من القصص. قائله النضر بن الحارث بن كلدة، فإنّه حين سمع اقتصاص الله أحاديث القرون، قال: لو شئت لقلت مثل هذا. وهو الّذي جاء من بلاد فارس بنسخة حديث رستم وإسفنديار، فزعم أنّ هذا مثل ذلك، وأنّه من جملة الأساطير.

وإسناده إلى الجميع إسناد ما فعله رئيس القوم إليهم، فإنّه كان قاصّهم.

وقيل: هو قول الّذين ائتمروا في أمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وهذا غاية مكابرتهم وفرط عنادهم، إذ لو استطاعوا ذلك فما منعهم عن أن يقولوا مثله؟! وقد تحدّاهم وقرعهم

__________________

(١) أي: لم يبرح ولم يزل من مكانه.

٣٤

بالعجز عشر سنين، ثمّ قارعهم بالسيف فلم يعارضوا سورة، مع أنفتهم وفرط استنكافهم أن يغلبوا، خصوصا في باب البلاغة والفصاحة.

( وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا ) القرآن( هُوَ الْحَقَ ) منزلا( مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ) أي: حجارة من سجّيل عقوبة على إنكاره، كما فعلت بأصحاب الفيل( أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) بنوع آخر من أنواع العذاب.

هذا أيضا من كلام النضر.

روي أنّه لـمّا قال:( إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) قال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ويلك إنّه كلام الله. فقال ذلك.

ومراده من هذا القول التهكّم وإظهار اليقين والجزم التامّ على كونه باطلا، فكان تعليق العذاب بكونه حقّا مع اعتقاد أنّه ليس بحقّ كتعليقه بالمحال عنده، كما في قولك: إن كان الباطل حقّا فأمطر علينا حجارة.

وفائدة تعريف الحقّ الدلالة على أنّ المعلّق به كونه حقّا بالوجه الّذي يدّعيه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو تنزيله، لا الحقّ مطلقا، لتجويزهم أن يكون مطابقا للواقع غير منزل، كأساطير الأوّلين.

روي أنّ معاوية قال لرجل من سبأ: ما أجهل قومك حين ملّكوا عليهم امرأة!! قال: أجهل من قومي قومك، قالوا لرسول الله حين دعاهم إلى الحقّ: «إن كان هذا هو الحق فأمطر علينا حجارة» ولم يقولوا: إن كان هذا هو الحقّ فاهدنا له.

( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣) وَما لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٤) )

ثمّ ذكر سبحانه سبب إمهالهم، وموجب التوقّف في إجابة دعائهم، مع فرط

٣٥

عنادهم وشقاهم، فقال:( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) اللّام لتأكيد النفي، والدلالة على أن تعذيبهم عذاب استئصال والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أظهرهم خارج عن عادة الله تعالى، غير مستقيم في قضائه، لفضله وحرمته. قال ابن عبّاس: إنّ الله تعالى لم يعذّب قومه حتّى أخرجوه من مكّة. وكذا لا يعذّبهم حين الاستغفار عن الذنوب، لقوله:( وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) .

والمراد باستغفارهم إما استغفار من بقي فيهم من المؤمنين بعد خروجهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن مكّة، كما روي أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا خرج من مكّة بقيت فيها بقيّة من المؤمنين، ولم يهاجروا لعذر، وكانوا على عزم الهجرة، فرفع الله العذاب عن مشركي مكّة لحرمة استغفارهم، فلمّا خرجوا أذن الله في فتح مكّة.

وهذا منقول عن ابن عبّاس وعطيّة والضحّاك. واختاره الجبائي.

وقيل: معناه: وما كان الله ليعذّبهم بعذاب الاستئصال في الدنيا وهم يقولون: أللَّهمّ غفرانك، وإنّما يعذّبهم في الآخرة. أو المراد فرض الاستغفار على معنى: لو استغفروا لم يعذّبوا، كقوله تعالى:( وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ ) (١) أي: لو أصلحوا.

( وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ ) وما يمنع تعذيبهم متى لم تكن فيهم، ولم يمكن الاستغفار؟ وكيف لا يعذّبون( وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) ؟ وحالهم صدّ الناس عنه، ومن صدّهم عنه إلجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين إلى الهجرة، وإحصارهم عام الحديبية. روي أنّهم قالوا: نحن ولاة البيت والحرم، فنصدّ من نشاء، وندخل من نشاء.

( وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ ) أي: مستحقّين ولاية أمره مع شركهم( إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ ) من الشرك، الّذين لا يعبدون فيه غير الله تعالى. أو إلّا المتّقون من

__________________

(١) هود: ١١٧.

٣٦

المسلمين، فليس كلّ مسلم أيضا ممّن يصلح لأن يلي أمره، بل إنّما يستأهل ولايته من كان برّا تقيّا، فكيف بالكفرة وعبدة الأصنام؟

( وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) أن لا ولاية لهم عليه. كأنّه استثنى من كان يعلم ويعاند لطلب الرئاسة. أو أراد بالأكثر الجميع، كما يراد بالقلّة العدم.

( وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٥) )

روي أنّهم كانوا يطوفون عراة، الرجال والنساء، مشبكين بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفّقون، فنزلت:( وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ ) أي: دعاؤهم، أو ما يسمّونه صلاة، أو ما يضعون موضعها( إِلَّا مُكاءً ) صفيرا، من: مكا يمكو إذا صفر( وَتَصْدِيَةً ) تصفيقا. وهو ضرب اليد على اليد. تفعلة من الصدى، أو من: صدّ يصدّ، كقوله تعالى:( إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) (١) أي: يصيحون، على إبدال أحد حرفي التضعيف بالياء.

واعلم أنّ مساق الكلام لتقرير استحقاقهم العذاب، أو عدم ولايتهم للمسجد، فإنها لا تليق ممّن هذه صلاته.

وقيل: كانوا يفعلون ذلك إذا قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلاته، لـما روي أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا صلّى في المسجد الحرام قام رجلان من بني عبد الدار عن يمينه فيصفران، ورجلان عن يساره يصفّقان بأيديهما، فيخلطان عليه صلاته، فقتلهم الله جميعا ببدر، كما قال:( فَذُوقُوا الْعَذابَ ) يعني: القتل والأسر يوم بدر. وقيل: عذاب الآخرة. واللّام يحتمل أن تكون للعهد، والمعهود: ائتنا بعذاب أليم( بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ) اعتقادا وعملا.

__________________

(١) الزخرف: ٥٧.

٣٧

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (٣٦) لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٣٧) )

روي أنّ أبا سفيان استأجر ليوم أحد ألفين من الأحابيش، وهم فرق مختلفون من قبائل شتّى، ومنه يقال: عندي أحبوش منهم، أي: جماعة منهم، سوى من استجاش(١) من العرب، وأنفق عليهم أربعين أوقية، والأوقية اثنان وأربعون مثقالا، أو استأجرهم لأصحاب العير، فإنّه لـمّا أصيب قريش ببدر قيل لهم: أعينوا بهذا المال على حرب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لعلّنا ندرك منه ثأرنا، ففعلوا، فنزلت:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ ) في قتال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين( لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) ليمنعوا بذلك الناس عن دين الله الّذي أتى به محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقيل: نزلت في المطعمين يوم بدر، وكانوا اثني عشر رجلا من قريش، يطعم كلّ واحد منهم كلّ يوم عشر جزر(٢) . وغرضهم في هذا الإنفاق الصدّ عن اتّباع محمّد، وهو سبيل الله.

وإنّما قال: ليصدّوا، وإن كانوا لم يقصدوا ذلك، من حيث لم يعلموا أنّ ذلك دين الله، لأنّ فعلهم ذلك كان صدّا عن دين الله وإن لم يقصدوا ذلك.

( فَسَيُنْفِقُونَها ) بتمامها. ويحتمل أن يكون الأوّل إخبارا عن إنفاقهم في تلك الحال، وهو إنفاق يوم بدر، والثاني إخبارا عن إنفاقهم فيما يستقبل، وهو الإنفاق في يوم أحد. أو يراد بهما واحد، على أنّ مساق الأوّل لبيان غرض الإنفاق ،

__________________

(١) أي: جمع الجيش منهم.

(٢) الجزر جمع الجزور، وهو من الإبل يقع على الذكر والأنثى.

٣٨

ومساق الثاني لبيان عاقبته، وأنّه لم يقع بعد.

( ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ) ندما وغمّا، لفواتها من غير مقصود. وجعل ذاتها حسرة ـ وهي عاقبة إنفاقها ـ مبالغة.( ثُمَّ يُغْلَبُونَ ) آخر الأمر، وإن كان الحرب بينهم وبين المؤمنين سجالا قبل ذلك، أي: مرّة تكون لهم ومرّة عليهم.

وفي هذا دلالة على صحّة نبوّة النبيّ، لأنّه أخبر بالشيء قبل كونه، فوجد على ما أخبر به.

( وَالَّذِينَ كَفَرُوا ) أي: ثبتوا على الكفر منهم، إذ أسلم بعضهم( إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ) يساقون.

( لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) أي: الفريق الخبيث ـ وهم الكافرون ـ من الفريق الطيّب، وهم المؤمنون. أو يميز الفساد من الصلاح. واللّام متعلّقة بـ «يحشرون» أو «يغلبون»، أو ما أنفقه المشركون في عداوة رسول الله ممّا أنفقه المسلمون في نصرته. وحينئذ اللّام متعلّقة بقوله:( ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ) .

وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب: ليميّز من التمييز، وهو أبلغ من الميز.

( وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ ) ويجعل الفريق الخبيث من الكفّار( بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً ) فيجمعه ويضمّ بعضه إلى بعض حتّى يتراكبوا، لفرط ازدحامهم. أو يضمّ إلى الكافر ما أنفقه، ليزيد به عذابه، ليعاقبهم به، كما قال:( يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ ) (١) الآية.( فَيَجْعَلَهُ ) كلّه( فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ ) إشارة إلى الخبيث، لأنّه مقدّر بالفريق الخبيث، أو إلى المنفقين( هُمُ الْخاسِرُونَ ) الكاملون في الخسران، لأنّهم خسروا أنفسهم وأموالهم.

( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (٣٨) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ

__________________

(١) التوبة: ٣٥.

٣٩

لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠) ) ثمّ أمر سبحانه نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدعائهم إلى التوبة والإيمان، فقال:( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) يعني: أبا سفيان وأصحابه. والمعنى: قل لأجلهم، لقوله:( إِنْ يَنْتَهُوا ) على صيغة الغائب، أي: ينتهوا عن معاداة الرسول بالدخول في الإسلام( يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ ) من الشرك وعداوة الرسول وسائر ذنوبهم. ومنه قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الإسلام يجبّ ما قبله».

( وَإِنْ يَعُودُوا ) إلى قتاله( فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ ) الّذين تحزّبوا على الأنبياء بالتدمير، كما جرى على أهل بدر، فليتوقّعوا مثل ذلك إن لم ينتهوا.

( وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ) لا يوجد فيهم شرك( وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) ويضمحلّ كلّ دين، ويبقى دين الإسلام وحده.

عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: «لم يجيء تأويل هذه الآية، ولو قد قام قائمنا بعد سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليبلغنّ دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما بلغ الليل، حتّى لا يكون مشرك على ظهر الأرض».

( فَإِنِ انْتَهَوْا ) عن الكفر( فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) فيجازيهم على انتهائهم عنه وإسلامهم. وعن يعقوب: تعملون بالتاء، على معنى: فإنّ الله بما تعملون من الجهاد والدعوة إلى الإسلام، والإخراج من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان بصير، فيجازيكم عليه أحسن الجزاء. ويكون تعليقه بانتهائهم دلالة على أنّه كما يستدعي إثابتهم للمباشرة، يستدعي إثابة مقاتليهم للتسبّب.

( وَإِنْ تَوَلَّوْا ) وإن لم ينتهوا( فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ ) ناصركم فثقوا بولاية الله ونصرته، ولا تبالوا بمعاداتهم( نِعْمَ الْمَوْلى ) لا يضيع من تولّاه( وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) لا يغلب من نصره.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن محمّد بن أبي حمزة، عن سفيأنّ بن السمط قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن وقت صلاة العصر يوم الجمعة؟ فقال: في مثل وقت الظهر في غير يوم الجمعة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أحاديث كثيرة في الباب السابق وغيره(١) .

١٠ - باب جواز تأخير الظهرين يوم الجمعة عن أوّل الوقت

[ ٩٤٧١ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن عبدالله بن بكير، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في يوم جمعة وقد صلّيت الجمعة والعصر فوجدته قد باهى يعني من الباه أي جامع - فخرج إلي في ملحفة، ثمّ دعا جاريته فأمرها أنّ تضع له ماء يصبه عليه، فقلت له: أصلحك الله، ما اغتسلت؟ فقال: ما اغتسلت بعد ولا صليت، فقلت له: قد صلّيت الظهر والعصر جميعا؟ قال: لا بأس.

أقول: حمله الشيخ على وجود العذر، ولا يخفى أنّ وجه ترك الإمام للجمعة كون إمامها مخالفاً فاسقاً، وقد تقدم ما يدلّ على المقصود في المواقيت(٢) .

____________________

(١) تقدم في الباب السابق من هذه الأبواب، وفي الحديث ٤ من الباب ٩ من أبواب المواقيت.

الباب ١٠

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٣: ١٣ / ٤٧، والاستبصار ١: ٤١٢ / ١٥٧٨.

(٢) تقدم في الحديث ٥ و ١١ و ١٣ من الباب ٣، وفي الباب ٤ من أبواب المواقيت.

٣٢١

١١ - باب استحباب تقديم نوافل الجمعة على الزوال وإكمالها عشرين ركعة وتفريقها ستّا ستّا ثم ركعتين، وجواز الاقتصار على نوافل الظهرين، وايقاعها كلاّ أو بعضاً بعد الزوال

[ ٩٤٧٢ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( العلل) ( وعيون الأخبار) بإسناده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: إنّما زيد في صلاة السنّة يوم الجمعة أربّع ركعات تعظيماً لذلك اليوم، وتفرقة بينه وبين سائر الأيام.

[ ٩٤٧٣ ] ٢ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن ركعتي الزوال يوم الجمعة، قبل الأذان أو بعده؟ قال: قبل الأذان.

[ ٩٤٧٤ ] ٣ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن، عن أخيه الحسين بن علي بن يقطين، عن أبيه قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن النافلة التي تصلّى يوم الجمعة وقت الفريضة، قبل الجمعة افضل أو بعدها؟ قال: قبل الصلاة.

[ ٩٤٧٥ ] ٤ - وعنه قال: صلّ يوم الجمعة عشر ركعات قبل الصلاة وعشراً بعدها.

وبإسناده عن احمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن ابى نصر قال: سالت أبا الحسن( عليه‌السلام ) - وذكر مثله(١) ، وكذا الذى قبله.

____________________

الباب ١١

فيه ١٩ حديثاً

١ - علل الشرائع: ٢٦٦ / ٩، وعيون أخبار الرضا( عليه‌السلام ) ٢: ١١٢.

٢ - التهذيب ٣: ٢٤٧ / ٦٧٧.

٣ - التهذيب ٣: ١٢ / ٣٨ و ٢٤٦ / ٦٧٢، والاستبصار ١: ٤١١ / ١٥٧٠.

٤ - التهذيب ٣: ٢٤٧ / ٦٧٣.

(١) لم نعثر على الحديثين بهذا السند في كتب الشيخ.

٣٢٢

[ ٩٤٧٦ ] ٥ - وعنه، عن البرقى، عن سعد بن سعد الأشعري، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الصلاة يوم الجمعة، كم ركعة هي قبل الزوال؟ قال: ستّ ركعات بكرة، وست بعد ذلك، اثنتا عشرة ركعة، وستّ ركعات بعد ذلك، ثماني عشرة ركعة، وركعتان بعد الزوال، فهذه عشرون ركعة، وركعتأنّ بعد العصر فهذه ثنتان وعشرون ركعة.

ورواه في( المصباح) مرسلاً، إلى قوله: فهذه عشرون ركعة. (١)

[ ٩٤٧٧ ] ٦ - وعنه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر(٢) قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن التطوّع يوم الجمعة؟ قال: ست ركعات في صدر النهار، وستّ ركعات قبل الزوال، وركعتان إذا زالت، وستّ ركعات بعد الجمعة، فذلك عشرون ركعة سوى الفريضة.

وعنه، عن ابن أبي نصر، عن محمّد بن عبدالله قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) ، وذكر مثله.

[ ٩٤٧٨ ] ٧ - وعنه، عن الحسين يعني ابن سعيد، عن النضر، عن محمّد بن أبي حمزة، عن سعيد الأعرج قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن صلاة النافلة يوم الجمعة؟ فقال: ست عشرة ركعة قبل العصر، ثمّ قال: وكان علي( عليه‌السلام ) يقول: ما زاد فهو خير، وقال: إنشاء رجل أنّ يجعل منها ستّ ركعات في صدر النهار، وستّ ركعات نصف النهار، ويصلّي الظهر، ويصلّي معها أربّعة ثمّ يصلّي العصر.

____________________

٥ - التهذيب ٣: ٢٤٦ / ٦٦٩، والاستبصار ١: ٤١١ / ١٥٧١.

(١) مصباح المتهجد: ٣٠٩.

٦ - التهذيب ٣: ٢٤٦ / ٦٦٨، والاستبصار ١: ٤١٠ / ١٥٦٩.

(٢) في التهذيب زيادة: عن محمّد بن عبدالله، وقد كتبه المصنف في الهامش ثمّ شطب عليه.

٧ - التهذيب ٣: ٢٤٥ / ٦٦٧، والاستبصار ١: ٤١٣ / ١٥٨٠.

٣٢٣

[ ٩٤٧٩ ] ٨ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: صلاة التطوّع يوم الجمعة إن شئت من أوّل النهار، وما تريد أنّ تصليه يوم الجمعة فأنّ شئت عجّلته فصلّيته من أول النهار، أيّ النهار شئت، قبل أنّ تزول الشمس.

[ ٩٤٨٠ ] ٩ - وعنه، عن النضر، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبدالله (عليه‌السلام ) : النافلة يوم الجمعة؟ قال: ست ركعات قبل زوال الشمس، وركعتان عند زوالها، والقراءة في الأُولى بالجمعة وفي الثانية بالمنافقين، وبعد الفريضة ثمإنّي ركعات.

[ ٩٤٨١ ] ١٠ - وعنه، عن يعقوب بن يقطين، عن العبد الصالح (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن التطوع في يوم الجمعة؟ قال: إذا أردت أن تتطوّع في يوم الجمعة في غير سفرٍ صليت ستّ ركعات ارتفاع النهار، وستّ ركعات قبل نصف النهار، وركعتين إذا زالت الشمس قبل الجمعة، وستّ ركعات بعد الجمعة.

[ ٩٤٨٢ ] ١١ - وعنه، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن عبد الرحمأنّ بن عجلان قال: قال أبو جعفر (عليه‌السلام ) : إذا كنت شاكّاً في الزوال فصلّ الركعتين، وإذا استيقنت الزوال فصلّ الفريضة.

____________________

٨ - التهذيب ٣: ٢٤٥ / ٦٦٦، والاستبصار ١: ٤١٣ / ١٥٧٩.

٩ - التهذيب ٣: ١١ / ٣٧، والاستبصار ١: ٤١٠ / ١٥٦٨، وأورد قطعة منه في الحديث ٦ من الباب ٧٠ من أبواب القراءة.

١٠ - التهذيب ٣: ١١ / ٣٦، والأستبصار ١: ٤١٠ / ١٥٦٧. ١١ التهذيب ٣: ١٢ / ٣٩، والاستبصار ١: ٤١٢ / ١٥٧٤، أخرجه عن السرائر في الحديث ١ من الباب ٥٨ من أبواب المواقيت، وعنه وعن الكافي في الحديث ١٠ من الباب ٨ من هذه الأبواب.

٣٢٤

[ ٩٤٨٣ ] ١٢ - محمّد بن يعقوب، عن جماعة، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن علي بن عبد العزيز، عن مراد بن خارجة قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : أمّا أنا فإذا كان يوم الجمعة وكانت الشمس من المشرق بمقدارها من المغربّ في وقت صلاة العصر صلّيت ستّ ركعات، فاذا ارتفع(١) النهار صلّيت ستّاً، فإذا زاغت(٢) أو زالت صلّيت ركعتين، ثمّ صليت الظهر، ثمّ صليت بعدها ستّاً.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، مثله(٣) .

[ ٩٤٨٤ ] ١٣ - وعن علي بن محمّد وغيره(٤) ، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: قال أبو الحسن (عليه‌السلام ) : الصلاة النافلة يوم الجمعة ستّ ركعات بكرة، وستّ ركعات صدر النهار(٥) ، وركعتان إذا زالت الشمس، ثمّ صلّ الفريضة، ثمّ صلّ بعدها ستّ ركعات.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى وغيره(٦) ، وكذا الذي قبله.

[ ٩٤٨٥ ] ١٤ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من( نوادر أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ): عن عبد الكريم بن عمرو، عن سليمان بن

____________________

١٢ - الكافي ٣: ٤٢٨ / ٢، والتهذيب ٣: ١١ / ٣٥.

(١) في نسخة: انفتح « هامش المخطوط » وكذا في المصدر: انتفخ النهار: علا قبل الانتصاف بساعة « لسأنّ العربّ ٣: ٦٤ ».

(٢) في الاستبصار زيادة: الشمس - هامش المخطوط -.

(٣) الاستبصار ١: ٤١٠ / ١٥٦٦.

١٣ - الكافي ٣: ٤٢٧ / ١.

(٤) كتب المصنف في الهامش: « في التهذيب والاستبصار: عن محمّد بن يحيى وغيره، صح ».

(٥) في الاستبصار بعد قوله صدر النهار: وست ركعات عند ارتفاعه وترك من أوله قوله: ست ركعات بكرة « منه قده ».

(٦) التهذيب ٣: ١٠ / ٣٤، والاستبصار ١: ٤٠٩ / ١٥٦٥.

١٤ - مستطرفات السرائر: ٢٩ / ١٨.

٣٢٥

خالد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قلت له: أيّما أفضل، أقدّم الركعتين يوم الجمعة أو أُصلّيهما بعد الفريضة؟ قال: تصلّيهما بعد الفريضة.

[ ٩٤٨٦ ] ١٥ - وعن رجل، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الركعتين اللتين قبل الزوال يوم الجمعة؟ قال: أمّا أنا فإذا زالت الشمس بدأت بالفريضة.

[ ٩٤٨٧ ] ١٦ - ومن كتاب( جامع البزنطى) صاحب الرضا( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الزوال يوم الجمعة ما حده؟ قال: إذا قامت الشمس فصلّ ركعتين، فإذا زالت فصلّ الفريضة ساعة تزول، وإذا زالت قبل أن تصلّي الركعتين فلا تصلّهما وابدأ بالفريضة، واقض الركعتين بعد الفريضة.

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد ): عن عبدالله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه‌السلام ) ، قال: سألته، وذكر مثله، إلّا أنّه ترك قوله: ساعة تزول(١) .

[ ٩٤٨٨ ] ١٧ - وعنه قال: وسألته عن ركعتي الزوال يوم الجمعة، قبل الأذأنّ أو بعد الأذان؟ قال: قبل الأذان.

ورواه الحميري أيضاً(٢) .

[ ٩٤٨٩ ] ١٨ - ومن كتاب حريز بن عبدالله، عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر (عليه‌السلام ) : إن قدرت أن تصلّي يوم الجمعة عشرين ركعة فافعل ستّاً بعد طلوع الشمس، وستّاً قبل الزوال إذا تعالت الشمس، وافصل بين

____________

١٥ - مستطرفات السرائر: ٢٩ / ١٩.

١٦ - مستطرفات السرائر: ٥٤ / ٦.

(١) قرب الإِسناد: ٩٨.

١٧ - مستطرفات السرائر: ٥٤ / ٦

(٢) قرب الإِسناد: ٩٨.

١٨ - مستطرفات السرائر: ٧١ / ١، وأورد قطعة منه في الحديث ٣ من الباب ١٥ من أبواب اعداد الفرائض.

٣٢٦

كلّ ركعتين من نوافلك بالتسليم، وركعتين قبل الزوال، وستّ ركعات بعد الجمعة.

[ ٩٤٩٠ ] ١٩ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: في النوافل في يوم الجمعة ستّ ركعات بكرة، وستّ ركعات ضحوة، وركعتين إذا زالت الشمس، وست ركعات بعد الجمعة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

١٢ - باب جواز الجماعة في الظهر مع تعذّر الجمعة، وحكم قنوت الجمعة والقرآءة فيها وفي ليلتها ويومها، والجهر فيها وفي الظهر

[ ٩٤٩١ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن عبدالله بن بكير قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن قوم في قرية ليس لهم من يجمع بهم، أيصلّون الظهر يوم الجمعة في جماعة؟ قال: نعم، إذا لم يخافوا.

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد ): عن محمّد بن الوليد، عن ابن بكير، مثله، إلّا أنّه قال: إذا لم يخافوا شيئاً(٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على باقي المقصود في القراءة(٤) والقنوت(٥) .

____________________

١٩ - قرب الإِسناد: ١٥٨.

(١) تقدم في الحديثين ١٧ و ٢٠ من الباب ٨ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ١٣ من هذه الأبواب.

الباب ١٢

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٣: ١٥ / ٥٥، والاستبصار ١: ٤١٧ / ١٥٩٩.

(٣) قرب الإِسناد: ٧٩.

(٤) تقدم في الباب ٤٩ من أبواب القراءة.

(٥) تقدم حكم القنوت في الجمعة في البابين ٢ و ٥ من أبواب القنوت.

٣٢٧

١٣ - باب استحباب تأخير النوافل عن الفرضين لمن لم يقدمها على الزوال يوم الجمعة

[ ٩٤٩٢ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبدالله (عليه‌السلام ) : أُقدّم يوم الجمعة شيئاً من الركعات؟ قال: نعم، ستّ ركعات، قلت: فأيّهما أفضل، أُقدم الركعات يوم الجمعة أم أُصلّيها بعد الفريضة؟ قال: تصليها بعد الفريضة أفضل.

[ ٩٤٩٣ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، و(١) عن ابن أبي عمير وفضالة، عن حسين، عن أبي عمر(٢) ، قال: حدّثني أنّه سأله عن الركعتين اللتين عند الزوال يوم الجمعة؟ قال: فقال: أمّا أنا فإذا زالت الشمس بدأت بالفريضة.

[ ٩٤٩٤ ] ٣ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن علي بن النعمان، عن إسحاق بن عمّار، عن عقبة بن مصعب قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) فقلت: أيّما أفضل، أُقدّم الركعات يوم الجمعة أو أُصلّيها بعد الفريضة؟ قال: لا، بل تصليها بعد الفريضة.

[ ٩٤٩٥ ] ٤ - وفي( المجالس والأخبار) بإسناده عن زريق، عن أبي عبدالله

____________________

الباب ١٣

فيه ٩ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ١٤ / ٤٨، والاستبصار ١: ٤١١ / ١٥٧٣.

٢ - التهذيب ٣: ١٢ / ٤٠، والاستبصار ١: ٤١٢ / ١٥٧٥، وأورده أيضاً في الحديث ٩ من الباب ٨ من هذه الابواب.

(١) الواو لم ترد في المصدرين.

(٢) في المصدر: ابن ابي عمير وقد صوبها المصنف الى( ابن ابي عمير) فيما تقدم في الحديث ٩ من الباب ٨ من هذه الأبواب.

٣ - التهذيب ٣: ٢٤٦ / ٦٧٠، والاستبصار ١: ٤١١ / ١٥٧٢.

٤ - أمالي الطوسي ٢: ٣٠٦.

٣٢٨

(عليه‌السلام ) قال: كان ربّما يقدّم عشرين ركعة يوم الجمعة في صدر النهار، فإذا كان عند زوال الشمس أذّن وجلس جلسة ثمّ أقام وصلّى الظهر، وكان لا يرى صلاة عند الزوال يوم الجمعة إلّا الفريضة، ولا يقدّم صلاة بين يدي الفريضة إذا زالت الشمس، وكان يقول: هي أوّل صلاة فرضها الله على العباد صلاة الظهر يوم الجمعة مع الزوال، وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لكلّ صلاة أوّل وآخر لعلّة يشغل، سوى صلاة الجمعة وصلاة المغربّ وصلاة الفجر وصلاة العيدين، فإنّه لا يقدّم بين يدي ذلك نافلة، قال: وربّما كان يصلّي يوم الجمعة ستّ ركعات إذا ارتفع النهار، وبعد ذلك ستّ ركعات أُخر، وكان إذا ركدت الشمس في السماء قبل الزوال أذّن وصلّى ركعتين فما يفرغ إلّا مع الزوال، ثمّ يقيم للصلاة فيصلّي الظهر ويصلّي بعد الظهر أربّع ركعات، ثمّ يؤذّن ويصلّي ركعتين ثمّ يقيم فيصلّي العصر.

[ ٩٤٩٦ ] ٥ - وعن زريق، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا طلع الفجر فلا نافلة، وإذا زالت الشمس( يوم الجمعة) (١) فلا نافلة، وذلك إنّ يوم الجمعة يوم ضيّق، وكان أصحاب محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يتجهزون للجمعة يوم الخميس لضيق الوقت.

[ ٩٤٩٧ ] ٦ - وفي( المصباح) عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن صلاة الجمعة، قال: وقتها إذا زالت الشمس، فصلّ الركعتين قبل الفريضة، وأنّ أبطأت حتى يدخل الوقت هنيئة فابدأ بالفرض ودع الركعتين حتى تصلّيهما بعد الفريضة.

[ ٩٤٩٨ ] ٧ - وعن حريز قال: سمعته يقول: أما أنا فإذا زالت الشمس يوم الجمعة بدأت بالفريضة وأخّرت الركعتين إذا لم أكن صلّيتهما.

____________________

٥ - أمالي الطوسي ٢: ٣٠٧.

(١) ليس في المصدر.

٦ - مصباح المتهجّد: ٣٢٣، وأورده في الحديث ١٧ من الباب ٨ من هذه الأبواب.

٧ - مصباح المتهجّد: ٣٢٤، وأورده في الحديث ٢٠ من الباب ٨ من هذه الأبواب.

٣٢٩

قال الشيخ بعد ما ذكر الحديث الأول: المراد أنّ تأخير النوافل إذا زالت الشمس أفضل من تقديمها يوم الجمعة، قال: ولم يرد أنّ تأخيرها أفضل ممّا قبل الزوال على ما ظنّ بعض الناس.

[ ٩٤٩٩ ] ٨ - محمّد بن علي بن الحسين في( المقنع) قال: تأخيرها، يعني نوافل الجمعة، أفضل من تقديمها في رواية زرارة.

[ ٩٥٠٠ ] ٩ - قال: وفي رواية أبي بصير: تقديمها أفضل من تأخيرها.

أقول: تقدّم وجهه(١) ، وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

١٤ - باب وجوب استماع الخطبتين، وحكم الكلام في أثنائهما، وجوازه بينها وبين الصلاة، وحكم الالتفات فيهما، ورد ّ السلام، واجزاء الجمعة مع عدم سماع المأموم القراءة

[ ٩٥٠١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا خطب الإِمام يوم الجمعة فلا ينبغي لأحدٍ أن يتكلّم حتى يفرغ الإِمام من خطبته، فاذا فرغ الإمام من الخطبتين تكلّم ما بينه وبين أن يقام للصلاة(٣) ، فأنّ سمع القراءة أو لم يسمع أجزأه.

محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، مثله.(٤)

____________________

٨ - المقنع: ٤٥.

٩ - المقنع: ٤٥.

(١) تقدم وجهه في ذيل الحديث ٧ من هذا الباب.

(٢) تقدم ما يدل عليه في البابين ٨ و ١١ من هذه الأبواب.

الباب ١٤

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٤٢١ / ٢.

(٣) في المصدرين: تقام الصلاة.

(٤) التهذيب ٣: ٢٠ / ٧١.

٣٣٠

وعنه، عن فضالة، عن العلاء، مثله(١) .

[ ٩٥٠٢ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) : لا كلام والإِمام يخطب، ولا التفات إلّا كما يحلّ في الصلاة، وإنّما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين، جعلتا مكان الركعتين الأخيرتين، فهما صلاة حتى ينزل الإمام.

ورواه في( المقنع) أيضاً مرسلاً. (٢)

[ ٩٥٠٣ ] ٣ - وبإسناده عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا بأس أن يتكلّم الرجل إذا فرغ الإمام من الخطبة يوم الجمعة ما بينه وبين أنّ تقام الصلاة، وإن سمع القراءة أو لم يسمع أجزأه.

[ ٩٥٠٤ ] ٤ - وبإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه (عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - قال: نهى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عن الكلام يوم الجمعة والإِمام يخطب، فمن فعل ذلك فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له.

[ ٩٥٠٥ ] ٥ - عبدالله بن جعفر في( قربّ الإسناد ): عن السندي بن محمّد، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه، أنّ علياً( عليه‌السلام ) قال: يكره الكلام يوم الجمعة والإِمام يخطب، وفي الفطر والاضحى والاستسقاء.

[ ٩٥٠٦ ] ٦ - وبهذا الإِسناد عن علي (عليه‌السلام ) ، أنّه كان يكره ردّ السلام والإمام يخطب.

____________________

(١) التهذيب ٣: ٢٠ / ٧٣.

٢ - الفقيه ١: ٢٦٩ / ١٢٢٨.

(٢) المقنع: ٤٥.

٣ - الفقيه ١: ٢٦٩ / ١٢٢٩.

٤ - الفقيه ٤: ٥.

٥ - قرب الإِسناد: ٧٠.

٦ - قرب الإِسناد: ٦٩.

٣٣١

أقول: هذا محمول على كون غيره قد ردّ السلام، لـما تقدّم(١) ويأتي(٢) .

١٥ - باب وجوب تقديم الخطبتين على صلاة الجمعة، وجواز تقديم الخطبتين على الزوال بحيث اذا فرغ زالت

[ ٩٥٠٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يصلّي الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك، ويخطب في الظلّ الأول، فيقول جبرئيل: يا محمّد، قد زالت الشمس فانزل فصلّ، الحديث.

[ ٩٥٠٨ ] ٢ - وبإسناده عن علي بن مهزيار، عن عثمان بن عيسى، عن أبي مريم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن خطبة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، أقبل الصلاة أو بعدها؟ قال: قبل الصلاة ثمّ يصلّي.

ورواه الكليني عن الحسين بن محمّد، عن عبدالله بن عامر، عن علي بن مهزيار، مثله، إلّا أنّه قال: يخطب ثمّ يصلّي(٣) .

[ ٩٥٠٩ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : أوّل من قدم الخطبة على الصلاة يوم الجمعة عثمان، لأنّه كان إذا صلّى لم يقف

____________________

(١) تقدم في الباب ١٦، وفي الحديث ٣ من الباب ١٧ من أبواب القواطع.

(٢) يأتي في الحديث ٧ من الباب ٢٨ من أبواب أحكام العشرة، وتقدم ما يدل على عدم وجوب سماع الخطبة على النساء في الحديث ٤ من الباب ١ من هذه الأبواب.

الباب ١٥

فيه ٤ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ١٢ / ٤٢، وأورده بتمامه في الحديث ٤ من الباب ٨، وذيله في الحديث ٤ من الباب ٦ من هذه الأبواب.

٢ - التهذيب ٣: ٢٠ / ٧٢.

(٣) الكافي ٣: ٤٢١ / ٣.

٣ - الفقيه ١: ٢٧٨ / ١٢٦٣.

٣٣٢

الناس على خطبته وتفرّقوا وقالوا: ما نصنع بمواعظه وهو لا يتّعظ بها وقد أحدث ما أحدث، فلـمّا رأى ذلك قدّم الخطبتين على الصلاة.

أقول: هذا غريب، لم يروه إلّا الصدوق، ولا يبعد أن يكون لفظ الجمعة غلطاً من الراوي أو من الناسخ وأصله يوم العيد، لـما يأتي في محلّه(١) ، ويحتمل أنّ يكون العيد الذي قدم فيه الخطبة على الصلاة كان يوم الجمعة.

[ ٩٥١٠ ] ٤ - وفي( العلل) و( عيون الأخبار) بإسناده الاتي (٢) عن الفضل بن شاذان، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: إنّما جعلت الخطبة يوم الجمعة في أوّل الصلاة وجعلت في العيدين بعد الصلاة لأنّ الجمعة أمر دائم وتكون في الشهر مراراً وفي السنة كثيراً وإذا كثر ذلك على الناس ملّوا وتركوا ولم يقيموا عليه وتفرقوا عنه، فجعلت قبل الصلاة ليحتبسوا على الصلاة ولا يتفرّقوا ولا يذهبوا، وأمّا العيدين فإنّما هو في السنة مرّتين، وهو أعظم من الجمعة، والزحام فيه أكثر، والناس فيه أرغب، فإنّ تفرّق بعض الناس بقي عامّتهم، وليس هو كثيراً فيملّوا ويستخفّوا به.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

____________________

(١) يأتي في الحديث ١ من الباب ١١ من أبواب صلاة العيد.

٤ - علل الشرائع: ٢٦٥ / ٩ الباب ١٨٢، وعيون أخبار الرضا( عليه‌السلام ) ٢: ١١٢ / ١ الباب ٣٤، وأورده في الحديث ١٢ من الباب ١١ من أبواب صلاة العيد.

(٢) يأتي في الفائده الأولى من الخاتمة برمز( ب ).

(٣) تقدم في الحديثين ٣ و ٧ من الباب ٦، وفي الحديث ٤ من الباب ٨، وفي الحديثين ١ و ٣ من الباب ١٤ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي في الحديثين ٢ و ٣ من الباب ٢٥، وفي الباب ٥٨ من هذه الأبواب.

٣٣٣

١٦ - باب وجوب قيام الخطيب وقت الخطبة، والفصلّ بينهما بجلسة

[ ٩٥١١ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضّالة، عن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّ أوّل من خطب وهو جالس معاوية، واستأذن الناس في ذلك من وجع كان في ركبتيه، وكان يخطب خطبة وهو جالس، وخطبة وهو قائم يجلس بينهما ثمّ قال: الخطبة وهو قائم خطبتأنّ يجلس بينهما جلسة لا يتكلّم فيها قدر ما يكون فصل ما بين الخطبتين.

[ ٩٥١٢ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن العبّاس، عن حمّاد، عن ربّعي، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: وليقعد قعدّة بين الخطبتين.

[ ٩٥١٣ ] ٣ - علي بن إبراهيم في( تفسيره ): عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد(١) ، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، أنّه سُئل عن الجمعة، كيف يخطب الإِمام؟ قال: يخطب قائماً، إنّ الله يقول:( وَتَرَ‌كُوكَ قَائِمًا ) (٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

____________________

الباب ١٦

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ٢٠ / ٧٤.

٢ - التهذيب ٣: ٢٤٥ / ٦٦٤.

٣ - تفسير القمي ٢: ٣٦٧.

(١) في نسخة: محمّد بن أحمد( هامش المخطوط ).

(٢) الجمعة ٦٢: ١١.

(٣) تقدم في الحديث ٧ من الباب ٦ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي في الحديثين ٣ و ٥ من الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

٣٣٤

١٧ - باب حكم المأموم اذا منعه الزحام والسهو عن الركوع أو السجود في الجمعة وغيرها

[ ٩٥١٤ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) ، في رجل صلّى في جماعة يوم الجمعة فلـمّا ركع الإِمام ألجأه الناس إلى جدار أو أُسطوانة فلم يقدر على أنّ يركع، ولا يسجد حتى رفع القوم رؤوسهم، أيركع ثمّ يسجد ويلحق بالصف وقد قام القوم، أم كيف يصنع؟ قال: يركع ويسجد ثمّ يقوم في الصف لا بأس بذلك.

ورواه الشيخ بإسناده عن سعد، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمان بن الحجّاج، نحوه(١) .

[ ٩٥١٥ ] ٢ - وبإسناده عن سليمان بن داود، عن حفص بن غياث قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول في رجل أدرك الجمعة وقد ازدحم الناس فكبّر مع الإِمام وركع ولم يقدر على السجود، وقام الإِمام والناس في الركعة الثانية، وقام هذا معهم، فركع الإِمام ولم يقدر هذا على الركوع في الركعة الثانية من الزحام وقدر على السجود، كيف يصنع؟ فقال( أبو عبدالله( عليه‌السلام ) (٢) : أمّا الرّكعة الأُولى فهي إلى عند الركوع تامّة، فلـمّا لم يسجد لها حتى دخل في الركعة الثانية لم يكن ذلك له، فلـمّا سجد في الثانية فإن كان نوى هاتين السجدتين للركعة الأُولى فقد تمت له الأُولى، فإذا سلّم الإِمام قام فصلّى ركعة( فيسجد فيها ثمّ يتشهد ويسلّم) (٣) ، وأنّ كان لم ينو

____________________

الباب ١٧

فيه ٤ أحاديث

١ - الفقيه ١: ٢٧٠ / ١٢٣٤.

(١) التهذيب ٣: ١٦١ / ٣٤٧.

٢ - الفقيه ١: ٢٧٠ / ١٢٣٥، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ١٨ من أبواب صلاة الجمعة.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في نسخة: ثمّ يسجد فيها ثمّ تشهد وسلم( هامش المخطوط) وفي المصدر: فسجد بها ثمّ تشهد.

٣٣٥

السجدتين للركعة الأُولى لم تجز عنه الإولى ولا الثانية، وعليه أنّ يسجد سجدتين وينوي أنهما للركعة الأولى، وعليه بعد ذلك ركعة ثانية يسجد فيها.

ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه وعلي بن محمّد القاساني، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن حفص بن غياث، مثله، إلى قوله: لم تجز عنه للأولى ولا للثانية(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن عبّاد بن سليمان، عن القاسم بن محمّد، مثله(٢) .

أقول: ذكر الشهيد في( الذكرى) (٣) أنّه لا بأس بالعمل بهذه الرواية لاشتهارها بين الأصحاب وعدم وجود ما ينافيها، وزيادة السجود مغتفرة في المأموم كما لو سجد قبل إمامه، وهذا التخصيص يخرج الروايات الدالّة على الابطال بزيادة السجود عن الدلالة، وأمّا ضعف الراوي فلا يضرّ مع الاشتهار، على أنّ الشيخ قال في الفهرست(٤) : أنّ كتاب حفص معتمد عليه، انتهى.

[ ٩٥١٦ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سليمان، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يكون في المسجد إما في يوم الجمعة وإما في غير ذلك من الأيّام، فيزحمه الناس إمّا إلى حائط وإمّا إلى أُسطوانة، فلا يقدر على أنّ يركع ولا يسجد حتى رفع(٥) الناس رؤوسهم، فهل يجوز له أن

____________________

(١) الكافي ٣: ٤٢٩ / ٩.

(٢) التهذيب ٣: ٢١ / ٧٨.

(٣) الذكرى: ٢٣٥.

(٤) الفهرست: ٦١.

٣ - التهذيب ٣: ٢٤٨ / ٦٨٠.

(٥) في المصدر: يرفع.

٣٣٦

يركع ويسجد وحده ثمّ يستوي مع الناس في الصفّ؟ فقال: نعم، لا بأس بذلك.

[ ٩٥١٧ ] ٤ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الرجل يصلي مع إمام يقتدي به، فركع الإِمام وسهى الرجل وهو خلفه لم يركع حتى رفع الإِمام رأسه وانحطّ للسجود أيركع ثمّ يلحق بالإِمام والقوم في سجودهم، أم كيف يصنع؟ قال: يركع ثمّ ينحطّ ويتمّ صلاته معهم ولا شيء عليه.

١٨ - باب وجوب الجمعة على العبد والمرأة والمسافر اذا حضروها

[ ٩٥١٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن عبّاد بن سليمان، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان، عن حفص بن غياث قال: سمعت بعض مواليهم سأل ابن أبي ليلى عن الجمعة، هل تجب على المرأة والعبد والمسافر؟ فقال: لا، قال: فأنّ حضر واحد منهم الجمعة مع الإِمام فصلّاها، هل تجزيه تلك الصلاة عن ظهر يومه؟ قال: نعم، قال: وكيف يجزي ما لم يفرضه الله عليه عمّا فرض الله عليه( إلى أنّ قال - فما كان عند ابن أبي ليلى فيها جواب، وطلب إليه أنّ يفسّرها له فأبى، ثمّ سألته أنا عن ذلك ففسّرها لي فقال: الجواب عن ذلك أنّ الله عزّ وجلّ فرض على جميع المؤمنين والمؤمنات ورخّص للمرأة والعبد والمسافر والعبد أنّ لا يأتوها، فلـمّا

____________________

٤ - التهذيب ٣: ٥٥ / ١٨٨، وأورده في الحديث ١ من الباب ٦٤ من أبواب الجماعة.

الباب ١٨

فيه حديثان

١ - التهذيب ٣: ٢١ / ٧٨، وأورد صدره عنه وعن الكافي والفقيه في الحديث ٢ من الباب ١٧ من هذه الأبواب.

٣٣٧

حضروا(١) سقطت الرخصة ولزمهم الفرض الأوّل، فمن أجل ذلك أجزأ عنهم، فقلت: عمّن هذا؟ قال: عن مولانا أبي عبدالله (عليه‌السلام )

[ ٩٥١٩ ] ٢ - عبدالله بن جعفر الحميري في( قربّ الإسناد ): عن عبدالله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن النساء، هل عليهنّ من صلاة العيدين والجمعة ما على الرجال؟ قال: نعم.

أقول: هذا محمول على حضورهن أو على الاستحباب، ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

١٩ - باب عدم وجوب الجمعة على المسافر اذا لم يحضرها، واستحبابها له

[ ٩٥٢٠ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن ربعي بن عبدالله والفضيل بن يسار جميعاً، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ليس في السفر جمعة ولا فطر ولا أضحى.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن حمّاد بن عثمان، وخلف بن حمّاد جميعاً، عن ربّعي بن عبدالله، والفضيل بن يسار، مثله(٣) .

____________________

(١) في المصدر: حضروها.

٢ - قرب الاسناد: ١٠٠، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٢٨ من أبواب صلاة العيد.

(٢) يأتي في الباب ٢٢ من هذه الأبواب، وفي الحديث ٢ من الباب ١٣٦ من أبواب مقدمات النكاح، وتقدّم ما يدلّ عليه عموما في الأحاديث ٨ و ١٢ و ٢٨ من الباب ١ من هذه الأبواب.

الباب ١٩

فيه حديثان

١ - الفقيه ١: ٢٧١ / ١٣٦، وأورده في الحديث ١ من الباب ٨ من أبواب صلاة العيد.

(٣) التهذيب ٣: ٢٨٩ / ٨٦٨، والاستبصار ١: ٤٤٦ / ١٧٢٦.

٣٣٨

ورواه البرقي في( المحاسن) كما مرّ (١) .

[ ٩٥٢١ ] ٢ - وفي( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن زرعة، عن سماعة، عن جعفر بن محمّد الصادق، عن أبيه ( عليهما‌السلام ) ، أنّه قال: أيّما مسافر صلى الجمعة رغبةً فيها وحبّاً لها أعطاه الله عزّ وجلّ أجر مائة جمعة للمقيم.

وفي( المجالس ): عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله، مثله(٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) .

٢٠ - باب أنّ الخليفة اذا حضر مصراً لم يجز لأحد أن يتقدّم عليه

[ ٩٥٢٢ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن رجل، عن علي ابن الحسين الضرير، عن حمّاد بن عيسى، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم‌السلام ) قال: إذا قدم الخليفة مصراً من الأمصار جمع الناس ليس ذلك لأحد غيره.

أقول: هذا يحتمل الجمعة والجماعة بل ظاهره العموم، وهو مخصوص بحال الحضور كما هو ظاهر منه، وقد تقدّم ما يدلّ على عدم اشتراط الجمعة بالمصر(٤) ، فيمكن حمل هذا على التقيّة لو كان خاصّاً بالجمعة والله أعلم.

____________________

(١) مرّ في الحديث ٢٩ من الباب ١ من هذه الأبواب.

٢ - ثواب الأعمال: ٥٩ / ١.

(٢) أمالي الصدوق: ١٩ / ٥.

(٣) تقدم في الأحاديث ١ و ٦ و ١٤ و ١٦ من الباب ١ من هذه الأبواب.

الباب ٢٠

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٣: ٢٣ / ٨١.

(٤) تقدم في الباب ٣ من هذه الأبواب.

٣٣٩

٢١ - باب وجوب اخراج المحبسين في الدين إلى الجمعة والعيدين مع جماعة يردونهم إلى السجن بعد الصلاة

[ ٩٥٢٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن سيّابة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ على الإِمام أن يخرج المحبسين في الدين يوم الجمعة إلى الجمعة ويوم العيد إلى العيد، ويرسل معهم، فاذا قضوا الصلاة والعيد ردّهم إلى السجن.

٢٢ - باب استحباب اختيار المرأة صلاة الظهر في بيتها على حضور الجمعة

[ ٩٥٢٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي همام، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: إذا صلّت المرأة في المسجد مع الإِمام يوم الجمعة الجمعة ركعتين فقد نقصت صلاتها، وإن صلّت في المسجد أربعاً نقصت صلاتها، لتصلّ في بيتها أربعاً أفضل.

____________________

الباب ٢١

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٣: ٢٨٥ / ٨٥٢.

الباب ٢٢

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٣: ٢٤١ / ٦٤٤، وتقدم ما يدل على ذلك في الباب ٣٠ من أبواب المساجد، وفي الأحاديث ١ و ٢ و ٤ و ٥ و ٦ و ١٤ و ١٦ و ٢٤ من الباب ١ من هذه الأبواب.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529