وسائل الشيعة الجزء ٧

وسائل الشيعة11%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 529

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 529 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 374514 / تحميل: 7913
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ الدعاء في الرخاء يستخرج الحوائج في البلاء.

[ ٨٦٦٣ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : من سرّه أن يستجاب له في الشدّة فليكثر الدعاء في الرخاء.

[ ٨٦٦٤ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد، عن أبيه، عن عبدالله بن يحيى، عن رجل، عن عبد الحميد بن عوّاض(١) ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان جدّي يقول: تقدّموا في الدعاء، فإنّ العبد إذا كان دعّاءً فنزل به البلاء فدعا قيل: صوت معروف، وإذا لم يكن دعّاءً فنزل به البلاء فدعا قيل: أين كنت قبل اليوم؟

[ ٨٦٦٥ ] ٥ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن ابن سنان، عن عنبسة(٢) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من تخوّف(٣) بلاء يصيبه فتقدّم فيه بالدعاء لم يره الله ذلك البلاء أبداً.

[ ٨٦٦٦ ] ٦ - وعن الحسين بن محمّد، عن المعلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عمّن حدّثه، عن أبي الحسن الأوّل( عليه‌السلام ) ،( عن أبيه) (٤) قال:

____________________

٣ - الكافي ٢: ٣٤٣ / ٤.

٤ - الكافي ٢: ٣٤٣ / ٥.

(١) في المصدر: عبد الحميد بن غوّاص الطائي.

٥ - الكافي ٢: ٣٤٢ / ٢.

(٢) في هامش المخطوط عن نسخة: عيينة، عتيبة.

(٣) في المصدر زيادة: [ من ].

٦ - الكافي ٢: ٣٤٣ / ٦.

(٤) ليس في المصدر.

٤١

كان علي بن الحسين( عليه‌السلام ) يقول: الدعاء بعدما ينزل البلاء لا ينتفع به.

أقول: المراد: لا ينتفع به بعد نزول البلاء كما ينتفع به قبله، لأنّه قبل أنفع منه بعد، أو المراد: لا ينتفع به في زوال ما قد وقع وإن كان ينفع في قطع استمراره وزواله في المستقبل، لما يأتي(١) .

[ ٨٦٦٧ ] ٧ - عبدالله بن جعفر في( قربّ الاسناد ): عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن أبي عبدالله(٢) ( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ادفعوا أبواب البلاء بالدعاء.

[ ٨٦٦٨ ] ٨ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمّار، عن الصادق( عليه‌السلام ) ، عن آبائه، عن علي( عليه‌السلام ) ، أنّه كان يقول: ما من أحد أُبتلي وإن عظمت بلواه أحقّ بالدعاء من المعافي الذي لا يأمن البلاء.

ورواه في( المجالس) عن أبيه، عن سعد، عن الحسن بن موسى الخشّاب، مثله (٣) .

[ ٨٦٦٩ ] ٩ - وبإسناده عن أحمد بن إسحاق، عن عبدالله بن ميمون، عن الصادق، عن أبيه (عليهما‌السلام ) قال: قال الفضل بن العبّاس: قال لي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده

____________________

(١) يأتي في الباب ١٠ و ١١ من هذه الأبواب.

٧ - قربّ الاسناد: ٥٥ قطعة من حديث، أورد قطعة منه في الحديث ١٤ من الباب ١ من أبواب ما تجب فيه الزكاة، وقطعة في الحديث ١٨ من الباب ١ من أبواب الصدقة.

(٢) في المصدر: عن جعفر، عن أبيه.

٨ - الفقيه ٤: ٢٨٥ / ٨٥٣.

(٣) أمالي الصدوق: ٢١٨ / ٥.

٩ - الفقيه ٤: ٢٩٦ / ٨٩٦، وأورد صدره في الحديث ٤ من الباب ٢٥ من أبواب جهاد النفس.

٤٢

أمامك، تَعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدّة، الحديث.

[ ٨٦٧٠ ] ١٠ - الحسين بن بسطام وأخوه عبدالله في كتاب( طب الأئمة ): عن محمّد بن خلف، عن الوشاء، عبدالله بن سنان، عن أخيه محمّد بن سنان قال: قال جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) : ما من أحد تخوّف البلاء فتقدّم فيه بالدعاء إلّا صرف الله عنه ذلك البلاء، أما علمت أنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : يا علي، إنّ الدعاء يردّ البلاء وقد أبرم إبراماً.

[ ٨٦٧١ ] ١١ - محمّد بن محمّد المفيد في( الإرشاد) (١) : عن الحسين بن زيد، عن عمّه عمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين( عليه‌السلام ) ، أنّه كان يقول: لم أر مثل التقدّم في الدعاء، فإنّ العبد ليس تحضره الاجابة في كلّ ساعة.

[ ٨٦٧٢ ] ١٢ - محمّد بن الحسين الرضي الموسوي في( نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: ما المبتلى الذي قد اشتد به البلاء بأحوج إلى الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء.

[ ٨٦٧٣ ] ١٣ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي ): عن أبي ذر قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، فاذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله.

____________________

١٠ - طب الائمة: ١٥.

١١ - الارشاد للمفيد: ٢٥٩.

(١) السند في المصدر هكذا: أبو محمّد الحسن بن محمّد، عن جده عن داود بن القاسم، عن الحسين بن زيد، عن عمه عمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين ( عليهما‌السلام )

١٢ - نهج البلاغة ٣: ٢٢٦ / ٣٠٢.

١٣ - عدّة الداعي: ١٢١.

٤٣

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه، إن شاء الله(٢) .

١٠ - باب استحباب الدعاء عند نزول البلاء والكربّ وبعده، وكراهة تركه (* )

[ ٨٦٧٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي ولّاد قال: قال أبوالحسن موسى (عليه‌السلام ) : ما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيلهمه الله عزّ وجلّ الدعاء إلّا كان كشف ذلك البلاء وشيكاً(٣) ، وما من بلاء ينزل على عبد مؤمن فيمسك عن الدعاء إلّا كان ذلك البلاء طويلاً، فاذا نزل البلاء فعليكم بالدعاء والتضرّع إلى الله عزّ وجلّ.

[ ٨٦٧٥ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : هل تعرفون طول البلاء من قصره؟ قلنا: لا، قال: إذا أُلهم احدكم الدعاء عند البلاء فاعلموا أنّ البلاء قصير.

[ ٨٦٧٦ ] ٣ - الحسن بن محمّد الطوسي في( الأمالي )، عن أبيه، عن المفيد، عن الحسن ابن حمزة العلوي، عن أحمد بن عبدالله، عن جدّه أحمد بن أبي

____________________

(١) تقدم في الابواب السابقة من هذه الابواب.

(٢) يأتي في الابواب اللاحقة من هذه الابواب.

الباب ١٠

وفيه ٣ أحاديث

* في هامش الاصل هنا « كتب ذلك في مزينون ».

١ - الكافي ٢: ٣٤٢ / ٢.

(٣) الوشيك: القريب.( مجمع البحرين - وشك - ٥: ٢٩٧ ).

٢ - الكافي ٢: ٣٤٢ / ١.

٣ - أمالي الطوسي ١: ٢٠٧.

٤٤

عبدالله البرقي، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن الحسن بن الجهم، عن أبي اليقظان، عن عبدالله بن الوليد الوصّافي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ثلاث لا يضرّ معهنّ شيء: الدعاء عند الكربّات، والاستغفار عند الذنب، والشكر عند النعمة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

١١ - باب استحباب الدعاء عند نزول المرض والسقم

[ ٨٦٧٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أسباط بن سالم، عن علاء بن كامل قال: قال لي أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : عليك بالدعاء فإنّه شفاء من كلّ داء.

[ ٨٦٧٨ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن نعيم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: اشتكى بعض ولده فقال: يا بنيّ، قل: اللهمّ اشفني بشفائك، وداوني بدوائك، وعافني من بلائك، فإني عبدك وابن عبدك.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

____________________

(١) تقدّم في الابواب ٦ و ٧ و ٨ من هذه الابواب.

(٢) يأتي في الابواب ١١ و ٢١ وغيرهما من هذه الابواب.

الباب ١١

وفيه حديثان

١ - الكافي ٢: ٤١١ / ١.

٢ - الكافي ٢: ٤١١ / ٣.

(٣) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٥ من أبواب سجدتي الشكر، وفي الابواب ٢ و ٤ و ١٠ من هذه الابواب.

(٤) يأتي في الحديث ٧ من الباب ٢٠ من هذه الابواب، والباب ٣٠ من أبواب بقية الصلوات المندوبة.

٤٥

١٢ - باب استحباب رفع اليدين بالدعاء

[ ٨٦٧٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن قول الله عزّ وجلّ:( فَمَا استَكَانُوا لِربّهِم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ) (١) قال: الاستكانة هي الخضوع، والتضرع رفع اليدين والتضرع(٢) بهما.

وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، مثله(٣) .

[ ٨٦٨٠ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين في( معاني الأخبار ): عن المظفّر بن جعفر العلوي، عن جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، عن محمّد بن نصير، عن أحمد بن محمّد عن الحسين ابن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قوله عزّ وجلّ :( فَمَا استَكَانُوا لِربّهِم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ) (٤) قال: التضرّع رفع اليدين.

[ ٨٦٨١ ] ٣ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي) قال: إن رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) كان يرفع يديه إذا ابتهل(٥) ودعا كما يستطعم المسكين.

____________

الباب ١٢

وفيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٤٩ / ٦.

(١) المؤمنون ٢٣: ٧٦.

(٢) ضرع الرجل ضراعة خضع وذل، وتضرع الى الله.

ابتهل - الصحاح للجوهري -( هامش المخطوط ).

(٣) الكافي ٢: ٣٤٨ / ٢.

٢ - معاني الاخبار: ٣٦٩.

(٤) المؤمنون ٢٣: ٧٦.

٣ - عدّة الداعي: ١٨٢.

(٥) الابتهال: التضرع - الصحاح للجوهري ٤: ١٦٤٣ - هامش المخطوط -.

٤٦

ورواه الشيخ في( المجالس والأخبار ): عن جماعة، عن أبي المفضّل، عن إبراهيم بن حفص العسكري، عن عبدالله بن الهيثم، عن الحسين بن علوان الكلبي عن عمرو بن خالد، عن محمّد وزيد ابني علي، عن أبيهما، عن أبيه الحسين( عليه‌السلام ) ، مثله(١) .

[ ٨٦٨٢ ] ٤ - قال: وفيما أوحى الله إلى موسى: ألق كفّيك ذلّاً بين يدي كفعل العبد المستصرخ إلى سيده، فاذا فعلت ذلك رحمت وأنا أكرم القادرين(٢) .

[ ٨٦٨٣ ] ٥ - محمّد بن علي بن الحسين في( التوحيد ): عن علي بن أحمد الدقاق، عن أبي القاسم العلوي، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن الحسين بن الحسن، عن إبراهيم بن هاشم، عن العباس بن عمرو، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّ زنديقاً سأله فقال: ما الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أن تخفضوها نحو الأرض؟ قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء، ولكنّه عزّ وجلّ أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش لأنّه جعله معدن الرزق، فثبّتنا ما ثبّته القرآن والأخبار عن الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) حين قال: ارفعوا أيديكم إلى الله عزّ وجلّ.

[ ٨٦٨٤ ] ٦ - أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في( الاحتجاج ): عن صفوان، عن الرضا( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّ أبا قرّة قال له: ما بالكم إذا دعوتم رفعتم أيديكم إلى السماء؟! قال أبو الحسن (عليه‌السلام ) : إن الله استعبد خلقه بضروب من العبادة - إلى أن قال - واستعبد خلقه عند الدعاء

____________________

(١) أمالي الشيخ الطوسي ٢: ١٩٨.

٤ - عدّة الداعي: ١٨٢.

(٢) في المصدر: وأنا أكرم الاكرمين وأقدر القادرين.

٥ - التوحيد: ٢٤٨.

٦ - الاحتجاج: ٤٠٧.

٤٧

والطلب والتضرّع ببسط الأيدي ورفعها إلى السماء لحال الاستكانة وعلامة العبوديّة والتذلّل له.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

١٣ - باب ما يستحبّ للداعي من وظائف اليدين عند دعاء الرغبة والرهبة والتضرّع والتبتّل والابتهال والاستعاذة والبصبصة وطلب الرزق والمسألة

[ ٨٦٨٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن فضّالة، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: مرّ بي رجل وأنا أدعو في صلاتي بيساري، فقال: يا عبدالله بيمينك، فقلت يا عبدالله، إن لله تبارك وتعالى حقّاً على هذه كحقّه على هذه، وقال: الرغبة: تبسط يديك وتظهر باطنهما، والرهبة(٣) : تظهر ظهرهما، والتضرعّ: تحرّك السبابة اليمنى يميناً وشمالاً، والتبتّل: تحرّك السبّابة اليسرى ترفعها في السماء رسلاً(٤) وتضعها، والابتهال: تبسط يدك وذراعك إلى السماء، والابتهال حين ترى أسباب البكاء.

[ ٨٦٨٦ ] ٢ - وعنهم، عن أحمد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن

____________________

(١) تقدّم في الباب ١١ و ١٢ من أبواب القنوت، وفي الحديث ٤ من الباب ٢٩ من أبواب التعقيب، وفي الحديث ١١ من الباب ٩ من أبواب تكبيرة الاحرام.

(٢) يأتي في الباب ١٣ و ١٤ من هذه الابواب، وفي الحديث ١ و ٨ من الباب ٢٠ من أبواب أحكام شهر رمضان.

الباب ١٣

وفيه ٩ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٤٨ / ٤، أورد صدره في الحديث ٢ من الباب ١١ من أبواب القنوت.

(٣) في المصدر زيادة: بسط يديك و.

(٤) الرسل، بالكسر: الرفق - الصحاح للجوهري ٤: ١٧٠٨( هامش المخطوط ).

٢ - الكافي ٢: ٣٤٧ / ١.

٤٨

عميرة، عن أبي إسحاق، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: الرغبة أن تستقبل ببطن كفيك إلى السماء، والرهبة أن تجعل ظهر كفّيك إلى السماء، وقوله:( وَتَبَتَّل إِلَيهِ تَبتِيلاً ) (١) قال: الدعاء بأصبع واحدة تشير بها، والتضرّع تشير بأصبعيك وتحرّكهما، والابتهال رفع اليدين وتمدّهما، وذلك عند الدمعة، ثمّ ادع.

[ ٨٦٨٧ ] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم وزرارة قالا: قلنا لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : كيف المسألة إلى الله تبارك وتعالى؟ قال: تبسط كفّيك، قلنا: كيف الاستعاذة؟ قال: تقضي بكفّيك، والتبتّل(٢) : الإِيماء بالإِصبع، والتضرّع: تحريك الإِصبع، والابتهال أن تمدّ يديك جميعاً.

[ ٨٦٨٨ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد والحسين ابن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي خالد، عن مروك بيّاع اللؤلؤ، عمّن ذكره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: ذكر الرغبة وأبرز باطن راحتيه إلى السماء وهكذا الرهبة، وجعل ظهر كفيه إلى السماء وهكذا التضرع، وحرك أصابعه يمينا وشمإلّا وهكذا التبتّل، ويرفع أصابعه مرّة ويضعها مرّة وهكذا الابتهال، ومدّ يده تلقاء وجهه إلى القبلة، ولا تبتهل حتى تجري الدمعة.

[ ٨٦٨٩ ] ٥ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه أو غيره، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه

____________________

(١) المزّمّل ٧٣: ٨.

٣ - الكافي ٢: ٣٤٩ / ٧.

(٢) التبتل: الانقطاع عن الدنيا الى الله وكذلك التبتيل ومنه قوله تعالى ( وتبتل اليه تبتيلاً ) - الصحاح للجوهري ٤: ١٦٣٠ - هامش المخطوط.

٤ - الكافي ٢: ٣٤٨ / ٣.

٥ - الكافي ٢: ٣٤٨ / ٥.

٤٩

السلام )، قال: سألته عن الدعاء ورفع اليدين؟ فقال: على أربّعة أوجه: أما التعوّذ فتستقبل القبلة بباطن كفّيك، وأما الدعاء في الرزق فتبسط كفيك وتفضي بباطنهما إلى السماء، وأما التبتّل فايماء بأصبعك السبّابة، وأمّا الابتهال فرفع يديك تجاوز بهما رأسك، ودعاء التضرّع أن تحرّك أصبعك السبّابة ممّا يلي وجهك وهو دعاء الخيفة.

[ ٨٦٩٠ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين في( معاني الأخبار) عن المظفّر بن جعفر العلوي، عن جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، عن جعفر بن أحمد، عن العمركي، عن علي ابن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: التبتّل أن تقلّب كفّيك في الدعاء إذا دعوت، والابتهال أن تبسطهما وتقدّمهما، والرغبة أن تستقبل براحتيك السماء وتستقبل بهما وجهك، والرهبة أن( تلقى بكفّيك) (١) فترفعهما إلى الوجه، والتضرع أن تحرك أصبعيك وتشير بهما.

[ ٨٦٩١ ] ٧ - قال: وفي حديث آخر: أنّ البصبصة(٢) أن ترفع سبّابتيك إلى السماء، وتحرّكهما وتدعو.

[ ٨٦٩٢ ] ٨ - محمّد بن الحسن الصفّار في( بصائر الدرجات ): عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبدالله بن حمّاد، عن أبي بصير، وداود الرقّي،( عن معاوية بن وهب، وابن سنان) (٣) - في حديث - عن أبي عبدالله( عليه

____________________

٦ - معاني الاخبار: ٣٦٩.

(١) في نسخة: تكفىء، كفيك( هامش المخطوط ). والمصدر.

٧ - معاني الاخبار: ٣٦٩.

(٢) بصبص الكلب بصبصةً حرك ذنبه - الصحاح للجوهري ٣: ١٠٣٠ - هامش المخطوط - وقد كتب المصنف بخطه في الهامش « كتب ذلك في عباس آباد».

٨ - بصائر الدرجات: ٢٣٧ / ٢.

(٣) في المصدر: عن معاوية بن عمّار، ومعاوية بن وهب، عن ابن سنان.

٥٠

السلام) أنّه لـمّا دعا على داود بن علي رفع يديه فوضعهما على منكبيه، ثمّ بسطهما، ثمّ دعا بسبّابته، فقلت له: فرفع اليدين ما هو؟ قال: الابتهال، قلت: فوضع يديك وجمعهما؟ قال: التضرّع، قلت: ورفع الاصبع؟ قال: البصبصة.

[ ٨٦٩٣ ] ٩ - عبدالله بن جعفر في( قربّ الإِسناد ): عن السندي بن محمّد، عن أبن البختري، عن جعفر، عن أبيه(١) أنّه كان يقول: إذا سألت الله فاسأله ببطن كفّيك، وإذا تعوّذت فبظهر كفّيك، وإذا دعوت فباصبعيك.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(٢) .

١٤ - باب استحباب مسح الوجه والرأس والصدر باليدين عند الفراغ من الدعاء في غير الفريضة

[ ٨٦٩٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ما أبرز عبد يده إلى الله العزيز الجبّار إلّا استحيى الله عزّ وجلّ أن يردها صفرا حتى يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء، فاذا دعا أحدكم فلا يرد يده حتى يمسح على وجهه ورأسه.

محمّد بن على بن الحسين قال: قال أبوجعفر (عليه‌السلام ) : ما بسط

____________________

٩ - قرب الإِسناد: ٦٧.

(١) في المصدر زيادة: عن علي.

(٢) تقدم في الحديث ١١ من الباب ٩ من أبواب تكبيرة الاحرام، وفي الابواب ١١، ١٢، ٢٣ من أبواب القنوت وفي الباب ١٢ من هذه الابواب.

الباب ١٤

وفيه حديثان

١ - الكافي ٢: ٣٤٢ / ٢.

٥١

عبد يديه، وذكر مثله، إلّا أنّه قال: فلا يردّ يديه حتى يمسح بهما وجهه ورأسه(١) .

[ ٨٦٩٥ ] ٢ - قال: وفي خبر آخر: على وجهه وصدره.

أقول: وتقدّم في القنوت ما يدلّ على أنّ ذلك مخصوص بغير الدعاء في الفرائض(٢) .

١٥ - باب استحباب حسن النيّة وحسن الظنّ بالإِجابة

[ ٨٦٩٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام ابن الحكم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لـمّا استسقى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) وسقي الناس حتى قالوا: إنه الغرق، وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) بيده وردها: « اللهمّ حوالينا ولا علينا » قال: فتفرّق السحاب، فقالوا: يا رسول الله، استسقيت لنا فلم نسق ثمّ استسقيت لنا فسقينا؟! قال: إنّي دعوت وليس لي في ذلك نيّة ثمّ دعوت ولي في ذلك نيّة.

[ ٨٧٩٧ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سليم الفراء، عمن ذكره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا دعوت فاقبل بقلبك وظن حاجتك بالباب.

____________________

(١) الفقيه ١: ٢١٣ / ٩٥٣.

٢ - الفقيه ١: ٢١٣ / ٩٥٣.

(٢) تقدّم في الباب ٢٣ من أبواب القنوت.

الباب ١٥

وفيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٤٤ / ٥.

٢ - الكافي ٢: ٣٤٣ / ١ باب اليقين في الدعاء وليس فيه( فأقبل بقلبك) و ٣٤٤ / ٣ باب الاقبال على الدعاء بسند آخر وهو: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن سيف بن عميرة، عن سليم

٥٢

[ ٨٦٩٨ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين في( ثواب الأعمال ): عن محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن بكر، عن أبي(١) زكريا، عن أبي سيار، عن سورة بن كليب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : قال الله عزّ وجلّ: من سألني وهو يعلم أني أضر وأنفع استجبت له.

[ ٨٦٩٩ ] ٤ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي) عن رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابة.

[ ٨٧٠٠ ] ٥ - قال: وأوحى الله إلى موسى: ما دعوتني ورجوتني فإنّي سامع(١) لك.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

١٦ - باب استحباب الاقبال بالقلب حالة الدعاء

[ ٨٧٠١ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين باسناده عن حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد، عن أبيه جميعاً، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه في - وصيّة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعلي( عليه‌السلام ) - قال: لا يقبل الله دعاء قلب ساه.

[ ٨٧٠٢ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن

____________________

٣ - ثواب الاعمال: ١٨٣ / ١.

(١) كتب المصنف على كلمة( ابي) علامة نسخة.

٤ - عدّة الداعي: ١٣٢.

٥ - عدّة الداعي: ١٣٢.

(٢) في المصدر: سأغفر.

(٣) يأتي في الحديث ٢ و ٥ من الباب ١٦ من هذه الابواب.

الباب ١٦

وفيه ٥ أحاديث

١ - الفقيه ٤: ٢٦٥.

٢ - الكافي ٢: ٣٤٣ / ١.

٥٣

أبي عمير، عن سيف ابن عميرة، عن سليمان بن عمرو قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إنّ الله عزّ وجلّ لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه، فاذا دعوت فاقبل بقلبك ثمّ استيقن بالإِجابة.

[ ٨٧٠٣ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : لا يقبل الله عزّ وجلّ دعاء قلب لاه.

وكان علي( عليه‌السلام ) يقول: إذا دعا أحدكم للميّت فلا يدعو له وقلبه لاه عنه، ولكن ليجتهد له في الدعاء.

[ ٨٧٠٤ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عمّن ذكره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ الله عزّ وجلّ لا يستجيب دعاء بظهر قلب قاس.

[ ٨٧٠٥ ] ٥ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن سيف ابن عميرة، عن سليم الفرّاء، عمّن ذكره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا دعوت فاقبل بقلبك وظنّ حاجتك بالباب.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الاقبال بالقلب على الصلاة وغير ذلك(١) .

____________________

٣ - الكافي ٢: ٣٤٤ / ٢.

٤ - الكافي ٢: ٣٤٤ / ٤، أورده في الحديث ٢ من الباب ٢٨ من هذه الابواب.

٥ - الكافي ٢: ٣٤٤ / ٣.

(١) تقدم في الباب ٣ من أبواب أفعال الصلاة، يأتي في الباب ٢٨، وفي الحديث ٢ من الباب ٣٠ من هذه الابواب، وفي الحديث ٨ من الباب ٩ من أبواب مقدمات النكاح.

٥٤

١٧ - باب كراهة العجلة في الدعاء، وتعجيل الانصراف منه، واستعجال الإِجابة

[ ٨٧٠٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، وعن علي ابن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري وغيرهما، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ العبد إذا عجل فقام لحاجته يقول الله عزّ وجلّ: أما يعلم عبدي أنّي أنا الله الذي أقضي الحوائج.

[ ٨٧٠٧ ] ٢ - وعن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن عطيّة، عن عبد العزيز الطويل عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ العبد إذا دعا لم يزل الله تبارك وتعالى في حاجته ما لم يستعجل.

وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير مثله(١) .

[ ٨٧٠٨ ] ٣ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا يزال المؤمن بخير ورجاء رحمة من الله عزّ وجلّ ما لم يستعجل فيقنط ويترك الدعاء، قلت له: كيف يستعجل؟ قال: يقول: قد دعوت منذ كذا وكذا وما أرى الاجابة.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

____________________

الباب ١٧

وفيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٤٤ / ٢.

٢ - الكافي ٢: ٣٤٤ / ١.

(١) الكافي ٢: ٣٤٤ / ١.

٣ - الكافي ٢: ٣٥٥ / ٨.

(٢) يأتي في الابواب ١٩، ٢٠، ٢١ من هذه الابواب.

٥٥

١٨ - باب استحباب مراعاة الإِعراب في الدعاء والقراءة المستحبين، وتجنّب اللّحن فيهما

[ ٨٧٠٩ ] ١ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي ): عن أبي جعفر الجواد( عليه‌السلام ) قال: ما استوى رجلان في حسب ودين قطّ إلّا كان أفضلهما عند الله عزّ وجلّ آدبهما، قال: قلت: جعلت فداك، قد عرفت فضله عند الناس في النادي والمجالس، فما فضله عند الله عزّ وجلّ؟ قال: بقراءة القرآن كما أُنزل، ودعائه الله عزّ وجلّ من حيث لا يلحن، وذلك أنّ الدعاء الملحون لا يصعد إلى الله عزّ وجلّ.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في القراءة(١) .

١٩ - باب تحريم القنوط وإن تأخّرت الإِجابة

[ ٨٧١٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن (عليه‌السلام ) : جعلت فداك إنّي قد سألت الله حاجة منذ كذا وكذا سنة وقد دخل قلبي من إبطائها شيء؟ فقال: يا أحمد، إياك والشيطان أن يكون له عليك سبيل حتى يقنطك - إلى أن قال - إنّ صاحب النعمة في الدنيا إذا سأل فأُعطي طلب غير الذي سأل وصغرت النعمة في عينه، فلا يشبع من شيء وإذا كثر النعم كان المسلم من ذلك على خطر، للحقوق التي تجب عليه وما يخاف من

____________________

الباب ١٨

وفيه حديث واحد

١ - عدّة الداعي: ١٨.

(١) تقدّم في الباب ٦٧ من أبواب القراءة والباب ٣٠ من أبواب قراءة القرآن.

الباب ١٩

وفيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٥٤ / ١ أورده في الحديث ١ من الباب ٢١، وأورد قطعة منه في الحديث ١ من الباب ٣٢ من هذه الابواب.

٥٦

الفتنة فيها، أخبرني عنك: لو أنّي قلت لك قولاً كنت تثق به منّي؟ فقلت له: جعلت فداك، إذا لم أثق بقولك فبمن أثق وأنت حجّة الله على خلقه؟! قال: فكن بالله أوثق، فإنّك على موعد من الله عزّ وجلّ، أليس الله يقول:( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعوَةَ الدَّاع إِذَا دَعَانِ ) (١) وقال:( لاَ تَقنُطُوا مِن رَحمَةِ اللهِ ) (٢) ؟! وقال:( وَاللهُ يَعِدُكُم مَغفِرَةً مِنهُ وَفَضلًا ) (٣) ؟! فكن بالله أوثق منك بغيره، ولا تجعلوا في أنفسكم إلّا خيراً فإنّه مغفور لكم.

ورواه الحميري في( قربّ الإِسناد) عن أحمد بن محمّد بن عيسى، مثله (٤) .

[ ٨٧١١ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان بين قول الله عزّ وجلّ( قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا ) (٥) وبين أخذ فرعون أربّعين عاماً.

[ ٨٧١٢ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إن المؤمن ليدعو فيؤخّر إجابته إلى يوم الجمعة.

[ ٨٧١٣ ] ٤ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سليمان صاحب السابري، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : يستجاب للرجل الدعاء ثمّ يؤخر؟ قال: نعم، عشرين سنة.

____________________

(١) البقرة ٢: ١٨٦.

(٢) الزمر ٣٩: ٥٣.

(٣) البقرة ٢: ٢٦٨.

(٤) قربّ الإِسناد: ١٧١ وليس فيه( احمد بن محمّد بن عيسى ).

٢ - الكافي ٢: ٣٥٥ / ٥.

(٥) يونس ١٠: ٨٩.

٣ - الكافي ٢: ٣٥٥ / ٦.

٤ - الكافي ٢: ٣٥٥ / ٤.

٥٧

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ويأتي ما يدلّ عليه وعلى أنّ القنوط من الكبائر(٢) .

٢٠ - باب استحباب الالحاح في الدعاء

[ ٨٧١٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن مروان، عن الوليد بن عقبة الهجري قال: سمعت أبا جعفر( عليه‌السلام ) يقول: والله، لا يلحّ عبد مؤمن على الله في حاجته إلّا قضاها له.

[ ٨٧١٥ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحجال، عن حسان، عن أبي الصباح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إن الله عزّ وجلّ كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة وأحب ذلك لنفسه، إن الله عزّ وجلّ يحبّ أن يسأل ويطلب ما عنده.

[ ٨٧١٦ ] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين الأحمسي، عن رجل، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: لا والله، لا يلحّ عبد على الله عزّ وجلّ إلّا استجاب له.

[ ٨٧١٧ ] ٤ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال

____________________

(١) تقدّم في الحديث ٣ من الباب ١٧ من هذه الابواب.

(٢) ياتي في الحديث ٦ من الباب ٢١ من هذه الابواب.

الباب ٢٠

وفيه ١٢ حديثاً

١ - الكافي ٢: ٣٤٥ / ٣.

٢ - الكافي ٢: ٣٤٥ / ٤.

٣ - الكافي ٢: ٣٤٥ / ٥.

٤ - الكافي ٢: ٣٤٥ / ٦.

٥٨

رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : رحم الله عبداً طلب من الله عزّ وجلّ حاجة فألحّ في الدعاء استجيب له أو لم يستجب، وتلا هذه الآية:( وَأَدعُو ربّي عَسَى إلّا أَكُونَ بِدُعَاءِ ربّي شَقِيّاً ) (١) .

[ ٨٧١٨ ] ٥ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن علي، عن داود الحذاء، عن محمّد بن صغير عن جده شعيب، عن مفضّل قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : لو لا إلحاح المؤمنين على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى( ما هو) (٢) أضيق منها.

وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن إبراهيم الحذّا، عن محمّد بن صغير، نحوه(٣) .

[ ٨٧١٩ ] ٦ - وعنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن حبيب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: إنّ الله جبل بعض المؤمنين على الايمان فلا يرتدّون أبداً، ومنهم من اعير الايمان عارية، فاذا هو دعا وألحّ في الدعاء مات على الايمان.

[ ٨٧٢٠ ] ٧ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) باسناده الآتي، عن رزيق، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: عليكم بالدعاء والالحاح على الله في الساعة التي لا يخيب الله عزّ وجلّ فيها برّاً ولا فاجراً، قلت: وأيّ ساعة هي؟ قال: هي الساعة التي دعا فيها أيّوب وشكا إلى الله بليّته فكشف الله عزّ وجلّ ما به من ضرّ، ودعا فيها يعقوب فردّ الله عليه يوسف وكشف الله كربّته، ودعا فيها

____________________

(١) مريم ١٩: ٤٨.

٥ - الكافي ٢: ٢٠١ / ٥.

(٢) في المصدر: حال.

(٣) الكافي ٢: ٢٠٣ / ١٦.

٦ - الكافي ٢: ٣٠٧ / ٥.

٧ - أمالي الطوسي ٢: ٣١٠.

٥٩

محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فكشف الله عزّ وجلّ كربّته ومكّنه من أكتاف المشركين بعد اليأس، أنا ضامن أن لا يخّيب الله في ذلك الوقت برّاً ولا فاجراً، البرّ يستجاب له في نفسه وغيره، والفاجر يستجاب له في غيره ويصرف الله إجابته إلى وليّ من أوليائه، فاغتنموا الدعاء في ذلك الوقت.

[ ٨٧٢١ ] ٨ - عبدالله بن جعفر في( قربّ الإِسناد ): عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة ابن صدقة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سل حاجتك وألحّ في الطلب فان الله يحب إلحاح الملحين من عباده المؤمنين.

[ ٨٧٢٢ ] ٩ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي) عن رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: إنّ الله عزّ وجلّ يحبّ السائل اللحوح.

[ ٨٧٢٣ ] ١٠ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : رحم الله عبداً طلب من الله حاجة فألحّ في الدعاء.

[ ٨٧٢٤ ] ١١ - قال: وفي التوراة أنّ الله يقول: يا موسى، من رجاني(١) ألح في مسألتي.

[ ٨٧٢٥ ] ١٢ - قال: وفي زبور داود يقول الله عزّ وجلّ: يابن آدم، تسألني وأمنعك لعلمي بما ينفعك، ثمّ تلحّ عليّ بالمسألة فأُعطيك ما سألت.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

____________________

٨ - قربّ الإِسناد: ٥.

٩ - عدّة الداعي: ١٨٩.

١٠ - عدّة الداعي: ١٨٨.

١١ - عدّة الداعي: ١٨٩.

(١) في المصدر: رجا معروفي.

١٢ - عدّة الداعي: ١٩٨.

(٢) يأتي في الباب ٢١ وفي الاحاديث ٤ و ٧ و ١٠ و ٢٢ من الباب ٣٣ من هذه الابواب، تقدم في الباب ٢، وفي الحديث ٧ من الباب ٨، وفي الباب ١٧ و ١٩ من هذه الابواب.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

ومن أهمّ علامات الأولياء كما في قوله تعالى :( أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (١) .

ولمّا وصل البحث إلى هذه النقطة ، نظر العلماء إلى الساعة وهي تشير إلى أنّ الوقت قد جاوز منتصف الليل.

فأرادوا الانصراف من المجلس ، ولكنّ النوّاب قال : ما وصلنا إلى نتيجة حول الآية الكريمة :( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ) إلى آخره والسيد بعد لم يتمّ كلامه في الموضوع.

فقال الحاضرون : لقد تعب السيد فنترك البحث إلى الليلة المقبلة إن شاء تعالى فتوادعنا وانصرفوا.

__________________

(١) سورة يونس ، الآية ٦٣.

٣٦١
٣٦٢

المجلس السادس

ليلة الأربعاء ٢٨ رجب ١٣٤٥ هجرية

قبل غروب الشمس جاءني إلى البيت حضرة الفاضل غلام إمامين ، وكان تاجرا محترما من أهل السنّة ، وهو رجل كيّس ورزين ، كان يحضر مجلس الحوار في كلّ ليلة.

جاءني وقال : أيها السيد الجليل! إنّما جئت في هذا الوقت وقبل مجيء رفاقي ، لأخبرك بأنّك كسبت قلوبنا ونوّرتها بكلامك الحلو وبيانك العذب ، فانجذب أكثر الحاضرين نحوك ، فقد كشفت لنا ما كان مستورا وبيّنت لنا الحقّ الذي كان مجهولا.

واعلم أنّنا حين انصرفنا في الليلة الماضية من المجلس ، وقع اختلاف شديد بيننا وبين علمائنا وعاتبناهم عتابا شديدا على إخفائهم هذه الحقائق عنّا وإغوائنا بالأكاذيب والأباطيل ، وكاد الأمر يؤول من التشاجر إلى التناحر ، ولكنّ بعض العقلاء والكبار توسّطوا في ذات البين وأنهوا القضيّة بسلام.

ولمّا صار وقت المغرب تهيّأت وقمت للصلاة ، واقتدى بي كلّ من

٣٦٣

كان في البيت ، وصلّى غلام إمامين أيضا معنا جماعة.

وبعد إتمامنا الصلاة ، جاء العلماء ومعهم الأصحاب والرفاق ، فأكرمهم صاحب البيت ورحّب بهم ورحبت بهم بدوري ، وبعد ما شربوا الشاي وتناولوا الحلوى ، وجّه الاستاذ نوّاب عبد القيّوم خان نظره إليّ واستاذن للسؤال ، فأذنت له.

فقال : نسألكم أن تتمّوا موضوع الليلة الماضية حول الآية الكريمة :( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ) .

قلت : إذا أذن لي المشايخ الحاضرون ، فلا مانع لديّ.

الحافظ : ـ وكان في حالة غضب ـ : لا مانع تكلّموا ونحن نستمع.

قلت : لقد بيّنت لكم في الليلة الماضية بعض الإشكالات الأدبية على تأويل الآية وتطبيقها على الخلفاء الراشدين.

وأمّا في هذه الليلة فنبحث فيها من جهات اخرى حتّى ينكشف الحقّ للحاضرين.

إنّ جناب الشيخ عبد السلام سلّمه الله تعالى أوّل كلّ صفة من الصفات الأربعة في الآية الكريمة على أحد الراشدين بالترتيب ، فأقول :

أوّلا : لم يذكر أحد من المفسّرين في شأن نزول الآية ، هذا التأويل.

ثانيا : كلّنا يعرف أنّ الصفات الأربعة المذكورة إذا اجتمعت كلّها في شخص واحد ، فهو المراد من الآية الكريمة.

وأمّا إذا تحقّق بعضها في شخص ، فلا يكون ذلك هو مقصود الآية ومرادها.

٣٦٤

ونحن إذا نظرنا في تاريخ الإسلام نظر تحقيق وتعمّق ، ودرسنا حياة الصحابة دراسة تحليلية ، ونظرنا في سيرتهم نظرة استقلالية ، بعيدا عن الأغراض النفسية والعوارض القلبية ، لوجدنا أنّ كلّ الصفات المذكورة في الآية الكريمة ما اجتمعت في واحد من الصحابة سوى مولانا علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

الحافظ : إنّكم معشر الشيعة تغالون في حقّ سيّدنا عليّ كرّم لله وجهه ، فكلّما وجدتم آية في وصف المؤمنين والمتّقين والمحسنين والصالحين ، تقولون : نزلت في شأن الإمام عليّ!!

قلت : هذا اتّهام وافتراء آخر منكم ، نحن الشيعة لا نغالي في حقّ مولانا الإمام عليّعليه‌السلام ، وإنّما نواليه ولا نبغضه ، كما أراد الله سبحانه ، فلذلك نقول فيه ما هو حقّه ، وإنّه لظاهر كالشمس في الضحى.

من ينكر فضلك يا حيدر؟!

هل ضوء الشمس ضحى ينكر؟!

وكلّ ما نقوله نحن في أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إنّما هو من كتبكم ومصادركم!

الآيات النازلة في شأن عليّعليه‌السلام

وأمّا الآيات المباركة الكثيرة التي نقول بأنّها نزلت في شأن الإمام عليعليه‌السلام وفضله ، إنّما نذكر رواياتها وتفاسيرها من كتبكم المعتبرة ومن تفاسير علمائكم الأعلام.

فإنّ الحافظ أبو نعيم ، صاحب كتاب «ما نزل من القرآن في عليّ»

٣٦٥

والحافظ أبو بكر الشيرازي ، صاحب كتاب «نزول القرآن في علي» والحاكم الحسكاني ، صاحب كتاب «شواهد التنزيل» فهؤلاء من علماء الشيعة أم من علمائكم؟!

والمفسّرون الكبار ، أمثال : الإمام الثعلبي والسيوطي والطبري والفخر الرازي والزمخشري ، والعلماء الأعلام ، أمثال : ابن كثير ومسلم والحاكم والترمذي والنسائي وابن ماجة وأبي داود وأحمد بن حنبل وابن حجر والطبراني والكنجي والقندوزي ، وغيرهم ، الّذين ذكروا في كتبهم ومسانيدهم وصحاحهم ، الآيات القرآنية التي نزلت في شأن الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام

هل هم من علماء الشيعة أم من أهل السنّة والجماعة؟!

ولقد روى الحسكاني ، والطبراني ، والخطيب البغدادي في تاريخه ، وابن عساكر في تاريخه ، في ترجمة الإمام عليّعليه‌السلام ، وابن حجر في الصواعق : ٧٦ ، ونور الأبصار : ٧٣ ، ومحمد بن يوسف الكنجي في «كفاية الطالب» في أوائل الباب الثاني والستّين ، في تخصيص عليعليه‌السلام بمائة منقبة دون سائر الصحابة ، بإسنادهم عن ابن عبّاس ، قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب ثلاثمائة آية.

وروى العلامة الكنجي في الباب الحادي والثلاثين بإسناده عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أنزل الله تعالى آية فيها :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلاّ وعليّ رأسها وأميرها.

ورواه عن طريق آخر : إلاّ وعليّ رأسها وأميرها وشريفها.

وروى في الباب عن ابن عبّاس أيضا أنّه قال : ولقد عاتب الله عزّ وجلّ أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غير آي من القرآن وما ذكر عليّا إلاّ بخير.

٣٦٦

فمع هذه الأخبار المتضافرة والروايات المعتبرة الجمّة التي رواها كبار علمائكم ومحدّثيكم ، نحن لا نحتاج لوضع الأحاديث وجعل الأخبار في شأن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وإثبات فضله وجلالته وخلافته.

فإنّ رفعة مقامه وسموّ شأنه وعلوّ قدره يلوح للمنصفين في سماء العلم والمعرفة ، كشمس الضحى في وسط السماء ، لا ينكرها إلاّ فاقدو البصر أو السفهاء.

وكما ينسب إلى الإمام محمّد بن إدريس الشافعي ـ أو غيره من الأعلام ـ أنّه حين سئل عن فضل الإمام عليّعليه‌السلام قال : ما أقول في رجل ، أخفى أعداؤه فضائله بغضا وحسدا ، وأخفى محبّوه فضائله خوفا ورهبا ، وهو بين ذين وذين قد ملأت فضائله الخافقين(١) .

وأمّا حول الآية الكريمة ، فإنّي كلّ ما أقوله فهو من كتبكم وأقوال علمائكم ، كما إنّي إلى الآن ما تمسّكت بأقوال الشيعة في محاوراتي معكم ، ولا أحتاج أن أتمسّك بها في محاوراتي الآتية أيضا إنشاء الله تعالى.

وأمّا تطبيق الآية الكريمة :( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ) على مولانا وسيّدنا الإمام عليّعليه‌السلام ، فهو ليس قولي فحسب ، بل أذكر جيّدا أنّ العلاّمة محمّد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي ، في

__________________

(١) وفيه يقول الشاعر :

لقد كتموا آثار آل محمّد

محبّوهم خوفا وأعداؤهم بغضا

فأبرز من بين الفريقين نبذة

بها ملأ الله السموات والأرضا

والقول أعلاه لأحمد بن حنبل لا للشافعي! «المترجم»

٣٦٧

كتابه «كفاية الطالب» في الباب الثالث والعشرين ، وبعد روايته للحديث النبويّ الشريف الذي يشبّه فيه الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام بالأنبياء والمرسلينعليهم‌السلام فيقول العلاّمة الكنجي في شرحه للحديث : وشبّهه بنوح في حكمته ، وفي رواية في حكمه ، وكأنّه أصحّ لأنّ عليّاعليه‌السلام كان شديدا على الكافرين رءوفا بالمؤمنين كما وصفه الله تعالى في القرآن بقوله :( وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) وأخبر الله عزّ وجلّ عن شدّة نوحعليه‌السلام على الكافرين بقوله :( ... رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً ) (١) إلى آخر كلام العلاّمة الكنجي.

وأمّا قول الشيخ عبد السّلام : بأنّ( وَالَّذِينَ مَعَهُ ) إشارة إلى أبي بكر لأنّه كان صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الغار.

فإنّي أجبت بأنّ صحبته كانت من باب الصدفة ، ولو سلّمنا بأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذه معه لا عن صدفة ، فهل مرافقة أيّام قلائل وصحبة سفر واحد ، تساوي مرافقة أكثر العمر وصحبة سنين عديدة هي التي قضاها مولانا الإمام عليّعليه‌السلام تحت رعاية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعلّم عنده وتأدّب بآدابه وتربّى على يده وتحت إشرافه؟!

فلو أنصفتم لقلتم : إنّ عليّا أخصّ من أبي بكر في هذه الصفة أيضا ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذه من أبي طالب وربّاه في حجره وعلّمه وأدّبه ، فكان أوّل من آمن به وعمره حينذاك عشر سنين ، آمن عليّعليه‌السلام حين كان أبو بكر وعمر وعثمان وأبو سفيان ومعاوية وغيرهم من المسلمين ، كفّارا مشركين ، يعبدون الأوثان ويسجدون للأصنام ، وعلي

__________________

(١) سورة نوح ، الآية ٢٦.

٣٦٨

ما سجد لصنم قطّ ، كما صرّح كثير من علمائكم.

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مربّي عليعليه‌السلام ومعلّمه

لقد ذكر بعض علمائكم موضوع تربية النبيّ عليّا من الصغر.

منهم ابن الصبّاغ المالكي في كتابه «الفصول المهمّة» فإنه خصّص فصلا في الموضوع.

ومنهم محمّد بن طلحة الشافعي في كتابه «مطالب السئول» في الفصل الأوّل.

والحافظ سليمان الحنفي في «ينابيع المودّة» الباب السادس والخمسين ، ص ٢٣٨ ط المكتبة الحيدرية ، نقلا عن «ذخائر العقبى» للطبري.

والثعلبي في تفسيره ، عن مجاهد.

وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٣ / ١٩٨ ط دار إحياء الكتب العربية ، نقلا عن الطبري في تاريخه(١) ، روى بإسناده عن مجاهد ، قال : كان من نعمة الله عزّ وجلّ على عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، وما صنع الله له ، وأراده به من الخير ، أنّ قريشا أصابتهم أزمة شديدة ، وكان أبو طالب ذا عيال كثير.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للعبّاس ـ وكان من أيسر بني هاشم ـ : يا عبّاس ، إنّ أخاك أبا طالب كثير العيال ، وقد ترى ما أصاب الناس من هذه الأزمة ، فانطلق بنا فلنخفّف عنه من عياله ، آخذ من بيته

__________________

(١) تاريخ الطبري : ٢ / ٣١٣ طبعة المعارف.

٣٦٩

واحدا ، وتأخذ واحدا ، فنكفيهما عنه.

فقال العبّاس : نعم.

فانطلقا حتّى أتيا أبا طالب ، فقالا له : إنا نريد أن نخفّف عنك من عيالك حتّى ينكشف عن الناس ما هم فيه.

فقال لهما : إن تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما.

فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّا فضمّه إليه ، وأخذ العبّاس جعفرارضي‌الله‌عنه فضمّه إليه ، فلم يزل عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حتّى بعثه الله نبيّا ، فاتّبعه عليّعليه‌السلام ، فآمن به وصدّقه ، ولم يزل جعفر عند العبّاس حتّى أسلم واستغنى عنه(١) .

__________________

(١) وفي شرح النهج لابن أبي الحديد : ١٣ / ٢٠٠ ط دار إحياء الكتب العربية ، قال : وروى الفضل بن عبّاس ; ، قال : سألت أبي عن ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيّهم كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له أشدّ حبّا؟ فقال : علي بن أبي طالب : فقلت : سألتك عن بنيه! فقال : إنّه كان أحب إليه من بنيه جميعا وأرأف ، ما رأيناه زايله يوما من الدهر منذ كان طفلا ، إلا أن يكون في سفر لخديجة ، وما رأينا أبا أبرّ بابن منه لعليّعليه‌السلام ، ولا ابنا أطوع لاب من عليّعليه‌السلام لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ونقل ابن أبي الحديد في ج ١٠ / ٢١ و ٢٢٢ ، عن أبي جعفر النقيب أنّه كان يقول : انظروا إلى أخلاقيهما وخصائصهما ـ أي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي عليه‌السلام ـ هذا شجاع ، وهذا شجاع.

وهذا فصيح ، وهذا فصيح.

وهذا سخيّ جواد ، وهذا سخيّ جواد.

وهذا عالم بالشرائع والأمور الإلهيّة وهذا عالم بالفقه والشريعة والأمور الإلهيّة الدقيقة الغامضة.

وهذا زاهد في الدنيا غير نهم ولا مستكثر منها ، وهذا زاهد في الدنيا تارك لها غير متمتّع بلذّاتها.

٣٧٠

وقال ابن الصبّاغ المالكي بعد نقله للرواية : فلم يزل عليّعليه‌السلام مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى بعث الله عزّ وجلّ محمّدا نبيّا ، فاتّبعه عليّعليه‌السلام وآمن به وصدّقه ، وكان إذ ذاك في السنة الثالثة عشر من عمره لم يبلغ الحلم ، وإنّه أوّل من أسلم وآمن برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الذكور.

__________________

وهذا مذيب نفسه في الصلاة والعبادة ، وهذا مثله.

وهذا غير محبّب إليه شيء من الأمور العاجلة إلاّ النساء ، وهذا مثله.

وهذا ابن عبد المطّلب بن هاشم وهذا في قعدده ، وأبواهما أخوان لأب وأمّ ، دون غيرهما من بني عبد المطّلب ، وربّي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجر والد هذا ، وهذا أبو طالب ، فكان جاريا عنده مجرى أحد أولاده.

ثمّ لمّا شبّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكبر استخلصه من بني أبي طالب وهو غلام ، فربّاه في حجره مكافأة لصنيع أبي طالب به.

فامتزج الخلقان ، وتماثلت السجيتان ، وإذا كان القرين مقتديا بالقرين ، فما ظنّك بالتربية والتثقيف الدائر الطويل؟!

فواجب أن تكون أخلاق محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كأخلاق أبي طالب ، وتكون أخلاق عليّعليه‌السلام كأخلاق أبي طالب أبيه ، ومحمّد عليه‌السلام مربّيه ، وأن يكون الكلّ شيمة واحدة وسوسا ـ أي أصلا ـ واحدا ، وطينة مشتركة ونفسا غير منقسمة ولا متجزّئة ، وألاّ يكون بين بعض هؤلاء وبعض فرق ولا فضل ، لو لا أنّ الله تعالى اختصّ محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برسالته. واصطفاه لوحيه ، لما يعلمه من مصالح البريّة في ذلك ، ومن أنّ اللّطف به أكمل ، والنفع بمكانه أتمّ وأعمّ ، فامتاز رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك عمّن سواه ، وبقي ما عدا الرسالة على أمر الاتّحاد ، فقال له : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي.

فأبان نفسه منه بالنبوّة وأثبت له ما عداها من جميع الفضائل والخصائص مشتركا بينهما. «المترجم»

٣٧١

عليّعليه‌السلام أوّل من آمن

ثمّ ينقل ابن الصبّاغ المالكي ، قول الإمام الثعلبي في تفسيره للآية الكريمة( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ ) (١) ، أنّه روى عن ابن عبّاس وجابر بن عبد الله الأنصاري وزيد بن أرقم ومحمّد بن المنكدر وربيعة المرائي ، أنّهم قالوا : أوّل من آمن برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد خديجة أمّ المؤمنين ، هو علي بن أبي طالب.

وهذا الموضوع الهامّ صرّح به كبار علمائكم الأعلام ، مثل : البخاري ومسلم في الصحيح ، والإمام أحمد في مسنده ، وابن عبد البرّ في الاستيعاب : ٣ / ٣٢ والإمام النسائي في الخصائص ، وسبط ابن الجوزي في التذكرة : ٦٣ والحافظ سليمان الحنفي القندوزي في الينابيع ـ باب ١٢ ـ نقلا عن مسلم والترمذي ، وابن أبي الحديد في شرح النهج : ١٣ / ٢٢٤ ط إحياء الكتب العربية ، والحمويني في فرائد السمطين ، والمير السيّد علي الهمداني في مودّة القربى ، والترمذي في الجامع : ٢ / ٢١٤ ، وابن حجر في الصواعق ، ومحمد بن طلحة القرشي في مطالب السئول ـ الفصل الأوّل ـ ، وغيرهم من كبار علمائكم ومحدّثيكم ذكروا بأنّ : النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث يوم الاثنين وآمن به عليّ يوم الثلاثاء ـ وفي رواية : وصلّى عليّ يوم الثلاثاء ـ وقالوا : إنّه أوّل من آمن برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الذكور.

كما جاء في مطالب السئول : ولمّا انزل الوحي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) سورة التوبة ، الآية ١٠٠.

٣٧٢

وشرّفه الله سبحانه وتعالى بالنبوّة كان عليّعليه‌السلام يومئذ لم يبلغ الحلم ، وكان عمره إذ ذاك في السنة الثالثة عشر ، وقيل : أقلّ من ذلك ، وقيل : أكثر منه ، وأكثر الأقوال وأشهرها : أنّه لم يكن بالغا ، فإنّه أوّل من أسلم وآمن برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الذكور ، وقد ذكر ذلك بعض الشعراء على لسان أمير المؤمنينعليه‌السلام وأشاروا إليه في أبيات وهي :

محمد النبي أخي وصنوي

وحمزة سيّد الشهداء عمّي

وجعفر الذي يضحي ويمسي

يطير مع الملائكة ابن أمّي

وبنت محمّد سكني وعرسي

منوط لحمها بدمي ولحمي

وسبطا أحمد ولدي منها

فأيّكم له سهم كسهمي؟!

سبقتكم إلى الإسلام طرّا

غلاما ما بلغت أوان حلمي

وأوجب لي ولايته عليكم

رسول الله يوم غدير خمّ

فويل ثمّ ويل ثمّ ويل

لمن يلقى الإله غدا بظلمي(١)

ونقل الطبري في تاريخه : ٢ / ٢٤١ والترمذي في الجامع : ٢ ص ٢١٥ والإمام أحمد في مسنده : ٤ / ٣٦٨ وابن الأثير في تاريخه الكامل : ٢ / ٢٢ والحاكم في المستدرك : ٤ / ٣٣٦ ومحمد بن يوسف

__________________

(١) قال الحافظ سليمان الحنفي في ينابيع المودّة ، الفصل الرابع : ولمّا وصل إلى عليّعليه‌السلام أنّ معاوية افتخر بملك الشام ، قال لغلامه : أكتب ما املي عليك ، فأنشد :

محمّد النبي أخي وصهري

وحمزة سيّد الشهداء عمّي

إلى آخره

وبعد ذكره الأبيات قال :

قال البيهقي : إنّ هذا الشعر ممّا يجب على كلّ مؤمن أن يحفظه ليعلم مفاخر عليّ عليه‌السلام في الإسلام. «المترجم»

٣٧٣

القرشي الكنجي في كفاية الطالب : الباب الخامس والعشرون ، وغيرهم من علمائكم الثقات رووا بإسنادهم عن ابن عبّاس : أوّل من صلّى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام (١) .

__________________

(١) روى العلاّمة الكنجي في «كفاية الطالب» في الباب الخامس والعشرين بإسناده عن ابن عبّاس ، قال : «أوّل من صلّى عليّعليه‌السلام » ثمّ نقل اختلاف الأقوال في ذلك وخصم النزاع بقوله : والمختار من الروايات عندي قول ابن عبّاس ، ويدلّ عليه قول عبد الرحمن بن جعل الجمحي حين بويع عليّعليه‌السلام ، قال :

لعمري لقد بايعتم ذا حفيظة

علي الدين معروف العفاف موفّقا

عفيفا عن الفحشاء أبيض ماجدا

صدوقا وللجبّار قدما مصدّقا

أبا حسن فارضوا به وتمسّكوا

فليس لمن فيه يرى العيب منطقا

عليا وصيّ المصطفى وابن عمّه

وأوّل من صلّى لذي العرش واتّقى

وقال الفضل بن العبّاس في قصيدة له :

وكان وليّ الأمر بعد محمّد

عليّ وفي كلّ المواطن صاحبه

وصيّ رسول الله حقّا وصهره

وأوّل من صلّى وما ذمّ جانبه

وقال خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين :

إذا نحن بايعنا عليّا فحسبنا

أبو حسن ممّا نخاف من الفتن

وأوّل من صلّى من الناس واحدا

سوى خيرة النسوان والله ذو المنن

يعني : خديجة بنت خويلد ، ثمّ يذكر الكنجي روايات في هذا الباب.

ونقل الحافظ سليمان الحنفي في الباب الثاني عشر من «ينابيع المودّة» روايات كثيرة جدّا في أنّ أوّل من آمن وصلّى عليّ بن أبي طالب ، قال : أنشد بعض أهل الكوفة ، أيّام صفّين في مدحه :

أنت الإمام الذي نرجو بطاعته

يوم النشور من الرحمن غفرانا

أوضحت من ديننا ما كان مشتبها

جزاك ربّك منّا فيه إحسانا

نفسي الفداء لأولى الناس كلّهم

بعد النبي عليّ الخير مولانا

أخ النبي ومولى المؤمنين معا

وأوّل الناس تصديقا وإيمانا

«المترجم»

٣٧٤

وروى الحاكم الحسكاني في كتابه «شواهد التنزيل» في ذيل الآية( السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ) بسنده عن عبد الرحمن بن عوف ، أنّ عشرة من قريش آمنوا وكان أوّلهم عليّ بن أبي طالب.

وروى كثير من علمائكم ـ منهم الإمام أحمد في مسنده ، والخطيب الخوارزمي في «المناقب» والحافظ سليمان الحنفي القندوزى في الباب الثاني عشر من «الينابيع» وغيرهم ـ بإسنادهم عن أنس بن مالك ، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : صلّت الملائكة عليّ وعلى عليّ سبع سنين ، وذلك أنّه لم ترفع شهادة أن لا إله إلاّ الله إلى السماء ، إلاّ منّي ومن عليّ.

وأمّا ابن أبي الحديد ـ في شرح نهج البلاغة : ٤ / ١٢٥ ط دار إحياء الكتب العربية ، بعد ما نقل روايات كثيرة في سبق عليّعليه‌السلام إلى الإيمان ، وأخرى مخالفة ، قال : فدلّ مجموع ما ذكرناه أنّ علياعليه‌السلام أوّل الناس إسلاما وأنّ المخالف في ذلك شاذّ ، والشاذّ لا يعتدّ به.

وهذا الإمام الحافظ أحمد بن شعيب النسائي ، صاحب واحد من الصحاح الستّة عندكم ، له كتاب «خصائص الإمام عليّعليه‌السلام ، فإنّه روى أوّل حديث في هذا الكتاب بإسناده عن زيد بن أرقم ، قال : أوّل من صلّى مع رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) علي رضي الله عنه.

وابن حجر الهيتمي ـ مع شدّة تعصبه ـ يرى أنّ عليّاعليه‌السلام أوّل من آمن ؛ كما في الفصل الثاني من كتابه «الصواعق المحرقة».

ونقل الحافظ سليمان الحنفي القندوزي في كتابه «ينابيع المودة» في الباب الثاني عشر ، نقل واحدا وثلاثين خبرا ورواية عن الترمذي والحمويني وابن ماجة وأحمد بن حنبل والحافظ أبي نعيم والإمام

٣٧٥

الثعلبي وابن المغازلي وأبي المؤيّد الخوارزمي والديلمي وغيرهم ، بعبارات مختلفة والمعنى واحد ، وهو أنّ عياعليه‌السلام أوّل من أسلم وآمن وصلّى مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وينقل رواية شريفة في آخر الباب ، من كتاب المناقب بالإسناد عن أبي زبير المكّي ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، أنقلها لكم إتماما للحجّة وإكمالا للفائدة

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : «إنّ الله تبارك وتعالى اصطفاني واختارني وجعلني رسولا ، وأنزل عليّ سيّد الكتب ، فقلت : إلهي وسيّدي ، إنّك أرسلت موسى إلى فرعون فسألك أن تجعل معه أخاه هارون وزيرا ، يشدّ به عضده ، ويصدّق به قوله وإنّي أسألك يا سيّدي وإلهي ، أن تجعل لي من أهلي وزيرا ، تشدّ به عضدي ، فاجعل لي عليّا وزيرا وأخا ، واجعل الشجاعة في قلبه ، وألبسه الهيبة على عدوّه ، وهو أول من آمن بي وصدّقني وأوّل من وحّد الله معي.

وإنّي سألت ذلك ربّي عزّ وجلّ ، فأعطانيه ؛ فهو سيّد الأوصياء ، اللحوق به سعادة ، والموت في طاعته شهادة ، واسمه في التوراة مقرون إلى اسمي ، وزوجته الصدّيقة الكبرى ابنتي. وابناه سيّدا شباب أهل الجنة ابناي ، وهو وهما والأئمة من بعدهم حجج الله على خلقه بعد النّبيين ، وهم أبواب العلم في أمّتي ، من تبعهم نجا من النار ، ومن اقتدى بهم هدي إلى صراط مستقيم ، لم يهب الله محبّتهم لعبد إلاّ أدخله الجنّة».

فهذا قليل من كثير ممّا نقله حملة الأخبار ، من علمائكم الكبار ، في هذا المضمار ؛ ولو نقلتها كلّها لطال بنا المجلس في موضوع واحد

٣٧٦

إلى النهار ، ولكن أكتفي بهذه النماذج التي ذكرتها لكي يعرف العلماء والحاضرون أنّ الإمام عليّعليه‌السلام كان مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منذ صغره وقبل أن يبعث.

وحينما بعثصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوّة ، آمن به عليّعليه‌السلام ولازمه ولم يفارقه أبدا.

فهو أولى وأجلى لمصداق الآية :( وَالَّذِينَ مَعَهُ ) من الذي صاحب النبيّ وكان معه في سفر واحد.

شبهة على الموضوع وردّها

الحافظ : نحن كلّنا نقول بما تقولون ، ونقرّ بأنّ عليّا كرّم الله وجهه أوّل من آمن ، وأنّ أبا بكر وعمر وعثمان وغيرهم من الصحابة آمنوا بعده بمدة من الزمن ، ولكن إيمان اولئك يفرق عن إيمان عليّ بن أبي طالب ، إذ لا يحسب العقلاء إيمانه في ذلك الزمان فضيلة ، ويحسبون إيمان اولئك المتأخّرين عنه فضيلة!

لأنّ عليا كرم الله وجهه ، آمن وهو صبيّ لم يبلغ الحلم ، واولئك آمنوا وهم شيوخ كبار في كمال العقل والإدراك.

ومن الواضح أنّ إيمان شيخ محنّك ومجرّب ذي عقل وبصيرة أفضل من إيمان طفل لم يبلغ الحلم.

وأضف على هذا أنّ إيمان سيّدنا عليّ كان تقليدا وإيمانهم كان تحقيقيا ، وهو أفضل من الإيمان التقليدي.

قلت : إنّي أتعجّب من هذا الكلام ، وأنتم علماء القوم! أنا لا

٣٧٧

أنسبكم إلى اللجاج والعناد والتعصّب ، ولكن أقول : إنّكم تفوّهتم من غير تفكّر ، وتكلّمتم من غير تدبّر ، تبعا لأسلافكم الّذين قلّدوا بني أميّة وتبعوا الناصبين العداء للعترة الهادية!

والآن ، لكي يتّضح لكم الأمر ، أجيبوا على سؤالي :

هل إنّ علياعليه‌السلام حين آمن صبيا ، كان إيمانه بدعوة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم من عند نفسه؟!

الحافظ : أوّلا : لما ذا تنزعجون من طرح الشبهة وتتضجّرون من إيراد الإشكال ، فإذا لم نطرح ما يختلج في صدورنا من الشبهات ، ولا نستشكل على كلامكم ، فلن يصدق على مجلسنا اسم الحوار والمناظرة ؛ فقد اجتمعنا هنا لنعرف الحقّ ، وهذا يقتضي أن نطرح كلّ ما يكون في أذهاننا من الشبهات والإشكالات حول مذهبكم وعقائدكم ؛ فإن دفعتم الشبهات ورفعتم الإشكالات وأوضحتم الحقّ ، يلزم علينا أن نصدّقكم ونعتنق مذهبكم ، وإذا لم تتمكّنوا من ذلك فيلزم عليكم تصديق مذهبنا وترك مذهبكم.

ثانيا : وأما جواب سؤالكم ، أقول : من الواضح أنّ عليّا كرم الله وجهه إنّما آمن بدعوة من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا من عند نفسه.

قلت : هل إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين دعا عليّاعليه‌السلام إلى الإيمان كان يعلم أن لا تكليف على الطفل الذي لم يبلغ الحلم أم لا؟!

إذا قلتم : ما كان يعلم! فقد نسبتم الجهل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذلك لا يجوز ؛ لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مدينة العلم ، ولا يخفى عليه شيء من الأحكام.

وإذا قلتم : إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعلم أن لا تكليف على الطفل ومع ذلك دعا علياعليه‌السلام وهو صبيّ إلى الإيمان بالله والإيمان برسالته ، فيلزم من

٣٧٨

قولكم إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام بعمل لغو وعبث ، والقول بهذا في حدّ الكفر بالله سبحانه!

لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مؤيّد بالعصمة ، ومسدّد بالحكمة من الله تعالى وهو بريء من اللغو والعبث ، وقد قال عزّ وجلّ في شأنه :

( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) (١) .

فضيلة سبق عليّعليه‌السلام إلى الإيمان

لقد ثبت أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا عليّاعليه‌السلام إلى الإيمان ، فاستجاب وآمن بالله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيّد العقلاء والحكماء ، ولا يصدر منه عمل اللغو والعبث ، فلا بدّ أنّه رأى عليّاعليه‌السلام أهلا وكفوا ، فدعاه الى الإيمان صبيّا.

وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على قابلية الإمام عليعليه‌السلام ولياقته وكماله وفضله وتميّزه ووفور عقله.

وصغر السنّ لا ينافي الكمال العقلي ، وبلوغ الحلم وحده لا يكون سبب التكليف ، فإنّ هناك من بلغ الحلم ولم يكلّف ـ لقصر عقله وسفهه ـ وبالعكس ، نجد من لم يبلغ الحلم ، لكنّ الله كلفه باعظم التكاليف ، كما قال سبحانه وتعالى في شأن يحيىعليه‌السلام :( وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (٢) .

وقال تعالى حكاية عن عيسى بن مريم :( إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ

__________________

(١) سورة النجم ، الآية ٣ و ٤.

(٢) سورة مريم ، الآية ١٢.

٣٧٩

الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) (١) .

قال هذه الجملة ، وهو صبيّ في المهد ، فالحكم المأتيّ ليحيى إنّما كان تكليفا من الله تعالى ليحيىعليه‌السلام ، والنبوّة كذلك تكليف من عند الله عزّ وجلّ لعيسى بن مريمعليه‌السلام ، وهذان التكليفان لهذين الصبيّين ، دليل على عظمة شأنهما وكمالهما وكفايتهما وفضلهما ووفور عقلهما.

وإيمان الإمام عليّعليه‌السلام بدعوة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّما هو تكليف موجّه من هذا القبيل ، وهو على فضله وكماله أكبر دليل!

وقد أشار سيّد الشعراء إسماعيل الحميري ـ المتوفى سنة ١٧٩ هجرية ـ إلى هذه الفضيلة قائلا :

وصيّ محمد وأبو بنيه

ووارثه وفارسه الوفيّا

وقد اوتي الهدى والحكم طفلا

كيحيى يوم اوتيه صبيّا

كما كان الإمام عليّعليه‌السلام يشيد بهذه الفضيلة ويفتخر بها كما مرّ في أشعاره :

سبقتكم إلى الاسلام طفلا

صغيرا ما بلغت أوان حلمي(٢)

__________________

(١) سورة مريم ، الآية ٣٠.

(٢) قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ٤ / ١٢٢ ، ط دار إحياء التراث أو الكتاب العربي : ومن الشعر المروي عنهعليه‌السلام في هذا المعنى الأبيات التي أوّلها :

محمّد النبيّ اخي وصهري

وحمزة سيّد الشهداء عمّي

ومن جملتها :

سبقتكم إلى الإسلام طرّا

غلاما ما بلغت أوان حلمي

«المترجم»

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529