وسائل الشيعة الجزء ١٠

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 573

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 573 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 264787 / تحميل: 6568
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

٣ - باب كراهة السفر في شهر رمضان حتى تمضي ليلة ثلاث وعشرين منه إلّا لضرورة أو طاعة كالحج والعمرة وتشييع المؤمن واستقباله

[ ١٣١٦٢ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يدخل شهر رمضان وهو مقيم لا يريد براحاً، ثم يبدو له بعد ما يدخل شهر رمضان أن يسافر؟ فسكت، فسألته غير مرة فقال: يقيم أفضل إلّا أن تكون له حاجة(١) لا بد له من الخروج فيها أو يتخوّف على ماله.

ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي مثله(٢) .

[ ١٣١٦٣ ] ٢ - وبإسناده عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) أنه سئل عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان وهو مقيم وقد مضى منه أيّام؟ فقال: لا بأس بأن يسافر ويفطر ولا يصوم.

وبإسناده عن أبان بن عثمان، عن الصادق( عليه‌السلام ) مثله(٣) .

[ ١٣١٦٤ ] ٣ - وبإسناده عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الخروج إذا دخل شهر رمضان؟ فقال:

___________________

الباب ٣

فيه ٨ أحاديث

١ - الفقيه ٢: ٨٩ / ٣٩٩.

(١) في نسخة من الكافي: جماعة ( هامش المخطوط ).

(٢) الكافي ٤: ١٢٦ / ٢.

٢ - الفقيه ٢: ٩٠ / ٤٠٠.

(٣) الفقيه ٢: ٩٠ / ذيل الحديث ٤٠٠.

٣ - الفقيه ٢: ٨٩ / ٣٩٨.

١٨١

لا، إلّا فيما أُخبرك به: خروج إلى مكة، أو غزو في سبيل الله، أو مال تخاف هلاكه، أو أخ تخاف هلاكه، وإنه ليس أخاً من الأب والأُم.

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة إلّا أنّه قال أو أخ تريد وداعه(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد مثله(٢) .

[ ١٣١٦٥ ] ٤ - وفي( الخصال) بإسناده الآتي (٣) عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث الاربعمائة - قال: ليس للعبد أن يخرج إلى سفر إذا حضر شهر رمضان، لقول الله عزوجل:( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) (٤) .

[ ١٣١٦٦ ] ٥ - وفي( المقنع) قال: سُئل أبو عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يخرج يشيع أخاه مسيرة يومين أو ثلاثة؟ فقال: إن كان في شهر رمضان فليفطر، قلت: أيّهما أفضل، يصوم أو يشيّعه؟ قال: يشيّعه، إنّ الله قد وضع عنه الصوم إذا شيعه.

[ ١٣١٦٧ ] ٦ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن رجل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا دخل شهر رمضان فلله فيه شرط، قال الله تعالى:

___________________

(١) الكافي ٤: ١٢٦ / ١.

(٢) التهذيب ٤: ٣٢٧ / ١٠١٨.

٤ - الخصال: ٦١٤.

(٣) يأتي في الفائدة الاولى من الخاتمة برمز ( ر ).

(٤) البقرة ٢: ١٨٥.

٥ - المقنع: ٦٢، وأورده في الحديث ٣ من الباب ١٠ من أبواب صلاة المسافر.

٦ - التهذيب ٤: ٢١٦ / ٦٢٦.

١٨٢

( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) (١) فليس للرجل إذا دخل شهر رمضان أن يخرج إلّا في حج، أو في عمرة، أو مال يخاف تلفه، أو أخ يخاف هلاكه، وليس له أن يخرج في إتلاف مال أخيه، فاذا مضت ليلة ثلاث وعشرين فليخرج حيث شاء.

[ ١٣١٦٨ ] ٧ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب(٢) ، عن هارون بن الحسن بن جميلة(٣) ، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قلت له: جعلت فداك، يدخل علي شهر رمضان فأصوم بعضه فتحضرني نيّة زيارة قبر أبي عبدالله( عليه‌السلام ) فأزوره وأفطر ذاهباً وجائياً أو أُقيم حتى أُفطر وأزوره بعدما افطر بيوم أو يومين؟ فقال له: أقم حتى تُفطر، فقلت له: جعلت فداك، فهو أفضل؟ قال: نعم، أما تقرأ في كتاب الله:( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) (٤) .

[ ١٣١٦٩ ] ٨ - وعنه، عن علي بن السندي، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال لا تخرج في رمضان إلّا للحج أو العمرة، أو مال تخاف عليه الفوت، أو لزرع يحين حصاده.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود في الصلاة(٥) .

___________________

(١) البقرة ٢: ١٨٥.

٧ - التهذيب ٤: ٣١٦ / ٩٦١.

(٢) في المصدر: محمّد بن يعقوب.

(٣) في نسخة: هارون بن الحسن بن جبلة ( هامش المخطوط ).

(٤) البقرة ٢: ١٨٥.

٨ - التهذيب ٤: ٣٢٧ / ١٠١٧.

(٥) تقدم في الباب ١٠ من أبواب صلاة المسافر.

١٨٣

٤ - باب أنّه يشترط في وجوب الإِفطار ما يشترط في وجوب القصر في الصلاة

[ ١٣١٧٠ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن معاوية بن وهب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: هذا واحد إذا قصّرت أفطرت وإذا أفطرت قصّرت.

[ ١٣١٧١ ] ٢ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن علي بن السندي، وعثمان بن عيسى، عن سماعة قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث -: وليس يفترق التقصير والإِفطار، فمن قصّر فليفطر.

[ ١٣١٧٢ ] ٣ - الفضل بن الحسن الطبرسي في( مجمع البيان) عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من سافر قصر وأفطر، إلّا أن يكون رجلاً سفره إلى صيد أو في معصية الله.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الصلاة عموماً(١) وخصوصاً(٢) .

___________________

الباب ٤

فيه ٣ أحاديث

١ - الفقيه ١: ٢٨٠ / ١٢٧٠، وأورده بتمامه في الحديث ١٧ من الباب ١٥ من أبواب صلاة المسافر.

٢ - التهذيب ٤: ٣٢٨ / ١٠٢١، وأورده بتمامه في الحديث ٩ من الباب ٥ من هذه الابواب.

٣ - مجمع البيان ١: ٢٧٤، وأورده عن كتب أخرى في الحديث ٣ من الباب ٨ من أبواب صلاة المسافر.

(١) تقدم في الحديثين ١٧، ١٩ من الباب ٢، وفي الحديث ٨ من الباب ١٧ من أبواب صلاة المسافر.

(٢) تقدم في الحديثين ٣، ٤ من الباب ٨، وفي الحديث ٥ من الباب ٩، وفي الاحاديث ١، ١٠، ١١ من الباب ١١ من أبواب صلاة المسافر، ويأتي مايدلّ عليه في الحديث ٩ من الباب ٥ من هذه الابواب.

١٨٤

٥ - باب اشتراط تبييت نيّة السفر بالليل أو الخروج قبل الزوال وإلّا لم يجز الإِفطار

[ ١٣١٧٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم، ويعتد به من شهر رمضان الحديث.

ورواه الصدوق بإسناده عن العلاء مثله(١) .

[ ١٣١٧٤ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنّه سُئل عن الرجل يخرج من بيته(٢) يريد السفر وهو صائم؟ قال: فقال: إن خرج من قبل أن ينتصف النهار فليفطر وليقض ذلك اليوم، وإن خرج بعد الزوال فليتم يومه(٣) .

ورواه الصدوق بإسناده عن الحلبي(٤) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٥) ، وكذا الذي قبله.

____________

الباب ٥

فيه ١٥ حديثاً

١ - الكافي ٤: ١٣١ / ٤، والتهذيب ٤: ٢٢٩ / ٦٧٢، والاستبصار ٢: ٩٩ / ٣٢٢، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ٦ من هذه الابواب.

(١) الفقيه ٢: ٩٢ / ٤١٣.

٢ - الكافي ٤: ١٣١ / ١، وأورد قطعة منه في الحديث ٢ من الباب ١٤ من هذه الابواب.

(٢) في الاستبصار زيادة: وهو ( هامش المخطوط ).

(٣) في التهذيب والاستبصار: صومه ( هامش المخطوط ).

(٤) الفقيه ٢: ٩٢ / ٤١٢.

(٥) التهذيب ٤: ٢٢٨ / ٦٧١، والاستبصار ٢: ٩٩ / ٣٢١.

١٨٥

[ ١٣١٧٥ ] ٣ - وبالاسناد عن حماد، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في الرجل يسافر في شهر رمضان، يصوم أو يفطر؟ قال: إن خرج قبل الزوال فليفطر، وإن خرج بعد الزوال فليصم، فقال: يعرف ذلك بقول علي (عليه‌السلام ) : « أصوم وافطر حتى إذا زالت الشمس عزم عليّ » يعني الصيام.

[ ١٣١٧٦ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا خرج الرجل في شهر رمضان بعد الزوال أتمّ الصيام، فاذا خرج قبل الزوال أفطر.

[ ١٣١٧٧ ] ٥ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي - يعني: الوشّاء - عن رفاعة قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حين يصبح؟ قال: يتم صومه يومه ذلك الحديث

أقول: ويأتي الوجه في مثله(١) .

[ ١٣١٧٨ ] ٦ - وعنه، عن علي بن أحمد بن اشيم، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: سألت أبا الحسن الرضا( عليه‌السلام ) عن الرجل ينوي السفر في شهر رمضان فيخرج من أهله بعد ما يصبح قال: إذا أصبح في أهله فقد وجب عليه صيام ذلك اليوم إلّا أن يدلج(٢) دلجة.

___________________

٣ - الكافي ٤: ١٣١ / ٣.

٤ - الكافي ٤: ١٣١ / ٢.

٥ - التهذيب ٤: ٢٢٨ / ٦٦٨، والاستبصار ٢: ٩٨ / ٣١٨، وأورد ذيله في الحديث ٢ من الباب ٦ من هذه الابواب.

(١) يأتي في ذيل الحديث ١٢ من هذا الباب.

٦ - التهذيب ٤: ٢٢٧ / ٦٦٧، والاستبصار ٢: ٩٨ / ٣١٧.

(٢) الدلج: سير الليل ( مجمع البحرين - دلج - ٢: ٣٠١ ).

١٨٦

[ ١٣١٧٩ ] ٧ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يريد السفر في رمضان؟ قال: إذا أصبح في بلده ثم خرج فان شاء صام وإن شاء أفطر.

[ ١٣١٨٠ ] ٨ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن علي بن السندي، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن الرجل، كيف يصنع إذا أراد السفر؟ قال: إذا طلع الفجر ولم يشخص فعليه صيام ذلك اليوم، وإن خرج من أهله قبل طلوع الفجر فليفطر ولا صيام عليه الحديث.

[ ١٣١٨١ ] ٩ - وبإسناده عن سماعة قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : من أراد السفر في رمضان فطلع الفجر وهو في أهله فعليه صيام ذلك اليوم، إذا سافر لا ينبغي له أن يفطر ذلك اليوم وحده، وليس يفترق التقصير والإِفطار، فمن قصرّ فليفطر.

[ ١٣١٨٢ ] ١٠ - وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن أبي حمزة، عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) في الرجل يسافر في شهر رمضان، أيفطر في منزله؟ قال: إذا حدّث نفسه في الليل بالسفر أفطر إذا خرج من منزله، وإن لم يحدّث نفسه من الليلة ثم بدا له في السفر من يومه أتمّ صومه.

[ ١٣١٨٣ ] ١١ - وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن إبراهيم بن

___________________

٧ - التهذيب ٤: ٣٢٧ / ١٠١٩.

٨ - التهذيب ٤: ٣٢٧ / ١٠٢٠، وأورد ذيله في الحديث ٧ من الباب ٦ من هذه الابواب.

٩ - التهذيب ٤: ٣٢٨ / ١٠٢١، وأورد ذيله في الحديث ٢ من الباب ٤ من هذه الابواب.

١٠ - التهذيب ٤: ٢٢٨ / ٦٦٩، والاستبصار ٢: ٩٨ / ٣١٩.

١١ - التهذيب ٤: ٢٢٥ / ٦٦٢، والاستبصار ١: ٢٢٧ / ٨٠٦، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب صلاة المسافر.

١٨٧

هاشم، عن رجل، عن صفوان، عن الرضا( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: لو أنّه خرج من منزله يريد النهروان ذاهباً وجائياً لكان عليه ان ينوي من الليل سفراً والإِفطار، فان هو أصبح ولم ينو السفر فبدا له - من بعد أن أصبح - في السفر قصّر ولم يفطر يومه ذلك.

[ ١٣١٨٤ ] ١٢ - وعنه، عن عبدالله بن عامر، عن ابن أبي نجران، عن صفوان بن يحيى، عمّن رواه، عن أبي بصير قال: إذا خرجت بعد طلوع الفجر ولم تنو السفر من الليل فأتم الصوم واعتد به من شهر رمضان.

أقول: هذا وما وافقه محمول على الخروج بعد الزوال لما مضى(١) ويأتي(٢) ، أو على التقيّة.

[ ١٣١٨٥ ] ١٣ - وبالإِسناد عن صفوان، عن سماعة أو ابن مسكان(٣) ، عن رجل، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إذا أردت السفر في شهر رمضان فنويت الخروج من الليل فان خرجت قبل الفجر أو بعده فأنت مفطر، وعليك قضاء ذلك اليوم.

[ ١٣١٨٦ ] ١٤ - وعن الصفّار، عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن محمّد بن الحسين(٤) ، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن ابن بكير، عن عبد الأعلى مولى آل سام، في الرجل يريد السفر في شهر رمضان، قال: يفطر وإن خرج قبل أن تغيب الشمس بقليل.

___________________

١٢ - التهذيب ٤: ٢٢٨ / ٦٧٠، والاستبصار ٢: ٩٨ / ٣٢٠.

(١) مضى في الحديث ٢، ٣، ٤ من هذا الباب.

(٢) يأتي في الحديث ١٣ من هذا الباب.

١٣ - التهذيب ٤: ٢٢٩ / ٦٧٣، والاستبصار ٢: ٩٩ / ٣٢٣.

(٣) في التهذيب: وابن مسكان.

١٤ - التهذيب ٤: ٢٢٩ / ٦٧٤، والاستبصار ٢: ٩٩ / ٣٢٤.

(٤) في نسخة: محمّد بن الحسن ( هامش المخطوط ).

١٨٨

قال الشيخ: هذا غير مسند إلى أحدٍ من الأئمة، ثم حمله على من يبيّت نية السفر بالليل.

[ ١٣١٨٧ ] ١٥ - محمّد بن علي بن الحسين في( المقنع) قال: وروي. إن خرج بعد الزوال فليفطر وليقض ذلك اليوم.

أقول: هذا محمول أيضاً على تبييت نيّة السفر ليلاً جمعاً.

٦ - باب جواز افطار المسافر وان علم قدومه قبل الزوال، فإن أمسك وقدم قبله صحّ صومه وأجزأه، وحكم ما لو دخل جنبا ً

[ ١٣١٨٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: فاذا دخل أرضاً قبل طلوع الفجر وهو يريد الإِقامة بها فعليه صوم ذلك اليوم، وإن دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام وإن شاء صام.

أقول: المراد له الإِفطار قبل القدوم لا بعده لما يأتي(١) .

محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن العلاء مثله(٢) .

[ ١٣١٨٩ ] ٢ - وبإسناده عن رفاعة بن موسى قال سألت: أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الرجل يقبل في شهر رمضان من سفر حتى يرى أنّه

___________________

١٥ - المقنع: ٦٢.

الباب ٦

فيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٤: ١٣١ / ٤، والتهذيب ٤: ٢٢٩ / ٦٧٢، والاستبصار ٢: ٩٩ / ٣٢٢، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ٥ من هذه الابواب.

(١) يأتي في الاحاديث ٤، ٥، ٦ من هذا الباب.

(٢) الفقيه ٢: ٩٢ / ٤١٣.

٢ - الفقيه ٢: ٩٣ / ٤١٤، وأورد صدره في الحديث ٥ من الباب ٥ من هذه الابواب.

١٨٩

سيدخل أهله ضحوه أو ارتفاع النهار؟ قال: إذا طلع الفجر وهو خارج لم يدخل فهو بالخيار، إن شاء صام وإن شاء افطر.

ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رفاعة(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) ، وكذا الذي قبله.

ورواه أيضاً بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي، عن رفاعة نحوه(٣) .

[ ١٣١٩٠ ] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن الرجل يقدم من سفر في شهر رمضان فيدخل أهله حين يصبح أو ارتفاع النهار؟ قال: إذا طلع الفجر وهو خارج ولم يدخل أهله فهو بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد مثله(٤) .

[ ١٣١٩١ ] ٤ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن رجل قدم من سفر في شهر رمضان ولم يطعم شيئاً قبل الزوال؟ قال: يصوم.

[ ١٣١٩٢ ] ٥ - وعن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس - في حديث - قال: في المسافر يدخل أهله وهو جنب قبل الزوال

____________

(١) الكافي ٤: ١٣٢ / ٥.

(٢) التهذيب ٤: ٢٥٥ / ٧٥٦.

(٣) التهذيب ٤: ٢٢٨ / ٦٦٨، والاستبصار ٢: ٩٨ / ٣١٨.

٣ - الكافي ٤: ١٣٢ / ٦.

(٤) التهذيب ٤: ٢٥٦ / ٧٥٧.

٤ - الكافي ٤: ١٣٢ / ٧، والتهذيب ٤: ٢٥٥ / ٧٥٥.

٥ - الكافي ٤: ١٣٢ / ٩، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٧ من هذه الابواب.

١٩٠

ولم يكن أكل فعليه أن يتم صومه ولا قضاء عليه - يعني: إذا كانت جنابته من احتلام -.

ورواه الصدوق بإسناده عن يونس بن عبدالرحمن، عن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) مثله(١) .

محمّد بن الحسن بإسناده، عن محمّد بن يعقوب مثله(٢) ، وكذا الذي قبله.

[ ١٣١٩٣ ] ٦ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير قال: سألته عن الرجل يقدم من سفر في شهر رمضان؟ فقال: إن قدم قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم ويعتدّ به.

[ ١٣١٩٤ ] ٧ - وعنه، عن علي بن السندي، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن الرجل، كيف يصنع إذا أراد السفر - إلى أن قال: - إن قدم بعد زوال الشمس أفطر ولا يأكل ظاهراً، وإن قدم من سفره قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم إن شاء.

٧ - باب أنّ من دخل من سفر بعد الزوال مطلقاً أو قبله وقد أفطر استحب له الإِمساك بقية النهار ولم يجب، ووجب عليه القضاء

[ ١٣١٩٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن

___________________

(١) الفقيه ٢: ٩٣ / ٤١٥.

(٢) التهذيب ٤: ٢٥٤ / ٧٥٢، والاستبصار ٢: ١١٣ / ٣٦٩.

٦ - التهذيب ٤: ٢٥٥ / ٧٥٤.

٧ - التهذيب ٤: ٣٢٧ / ١٠٢٠، وأورد صدره في الحديث ٨ من الباب ٥ من هذه الابواب.

الباب ٧

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٤: ١٣٢ / ٨، والتهذيب ٤: ٢٥٣ / ٧٥١، والاستبصار ٢: ١١٣ / ٣٦٨.

١٩١

محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس وقد أكل؟ قال: لا ينبغي له أن يأكل يومه ذلك شيئاً، ولا يواقع في شهر رمضان إن كان له أهل.

[ ١٣١٩٦ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس قال: قال في المسافر الذي يدخل أهله في شهر رمضان وقد أكل قبل دخوله، قال: يكفّ عن الأكل بقيّة يومه وعليه القضاء الحديث.

[ ١٣١٩٧ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: وأمّا صوم التأديب فأن يؤخذ(١) الصبي إذا راهق بالصوم - إلى أن قال: - وكذلك المسافر إذا أكل أول النهار ثمّ قدم أهله أُمر بالإِمساك بقيّة يومه(٢) ، وليس بفرض.

ورواه الصدوق بإسناده عن الزهري مثله(٣) .

___________________

٢ - الكافي ٤: ١٣٢ / ٩، والتهذيب ٤: ٢٥٤ / ٧٥٢، والاستبصار ٢: ١١٣ / ٣٦٩، وأورد ذيله في الحديث ٥ من الباب ٦ من هذه الابواب.

٣ - الكافي ٤: ٨٦، وأورد قطعاته في الحديث ٢ من الباب ١، وفي الحديث ٣ من الباب ٧، وفي الحديث ١ من الباب ٢٢، وفي الحديث ١ من الباب ٢٣، وفي الحديث ١ من الباب ٢٨، وفي الحديث ٤ من الباب ٢٩ من هذه الابواب، وفي الحديث ٨ من الباب ٥ من أبواب وجوب الصوم، وفي الحديث ٧ من الباب ٩، وفي الحديث ٢ من الباب ٢٩ من أبواب مايمسك عنه الصائم، وفي الحديث ١ من الباب ١، وفي الحديث ١ من الباب ٦ من أبواب بقية الصوم الواجب، وفي الحديث ١ من الباب ٥، وفي الحديث ١ من الباب ٢٢، وفي الحديث ١٢ من الباب ٢٣ من أبواب الصوم المندوب، وفي الحديث ١ من الباب ١، وفي الحديث ٦ من الباب ٤، وفي الحديث ٢ من الباب ٥، وفي الحديث ١ من الباب ٦، وفي الحديث ٢ من الباب ٧ من أبواب الصوم المحرم، وفي الحديث ٢ من الباب ٢ من أبواب الاعتكاف، وفي الحديث ٥ من الباب ١ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(١) في الفقيه: فإنه يؤمر ( هامش المخطوط ).

(٢) في الفقيه زيادة: تأديبا ( هامش المخطوط ).

(٣) الفقيه ٢: ٤٨ / ٢٠٨.

١٩٢

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(١) ، وكذا كلّ ما قبله.

[ ١٣١٩٨ ] ٤ - وبإسناده عن سعد، عن محمّد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن حريز بن عبدالله، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يقدم من سفر بعد العصر في شهر رمضان فيصيب امرأته حين طهرت من الحيض، أيواقعها؟ قال: لا بأس به.

أقول: هذا يدلّ على الجواز والأول على الاستحباب ولا منافاة، ذكره الشيخ وغيره(٢) ، وقد تقدم ما يدلّ على ذلك(٣) .

٨ - باب عدم جواز قضاء شهر رمضان في السفر إلّا مع نيّة إقامة عشرة أو نحوها، وعدم جواز التطوّع بالصوم لمن عليه صوم واجب

[ ١٣١٩٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: سألته عن الرجل يكون عليه أيّام من شهر رمضان وهو مسافر، يقضي إذا قام في المكان؟ قال: لا، حتى يجمع على مقام عشرة أيّام.

___________________

(١) التهذيب ٤: ٢٩٦.

٤ - التهذيب ٤: ٢٤٢ / ٧١٠ و ٢٥٤ / ٧٥٣، والاستبصار ٢: ١٠٦ / ٣٤٧ و ١١٣ / ٣٧٠، وأورده في الحديث ١٠ من الباب ١٣، وفي الحديث ٦ من الباب ٢٨ من هذه الابواب.

(٢) راجع روضة المتقين ٣: ٤٠٣.

(٣) تقدم مايدلّ على بعض المقصود في الحديث ٧ من الباب ٦ من هذه الابواب.

الباب ٨

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٤: ١٣٣ / ٢، مسائل علي بن جعفر: ٢٦٢ / ٦٣٣، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ١٥ من أبواب صلاة المسافر.

١٩٣

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن علي بن جعفر مثله (١) .

[ ١٣٢٠٠ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبدالله بن هلال، عن عقبة بن خالد عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل مرض في شهر رمضان فلمّا برأ أراد الحج، كيف يصنع بقضاء الصوم؟ قال: إذا رجع فليصمه(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٣) .

محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن عقبة بن خالد مثله(٤) .

[ ١٣٢٠١ ] ٣ - عبدالله بن جعفر في( قرب الاسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يترك شهر رمضان في السفر فيقيم الأيّام في مكان، هل عليه صوم؟ قال: لا، حتى يجمع على مقام عشرة أيّام، فاذا أجمع على مقام عشرة أيّام صام وأتمّ الصلاة.

[ ١٣٢٠٢ ] ٤ - ورواه علي بن جعفر في كتابه إلّا أنّه قال: يدركه رمضان، وكذا الاول.

أقول: وتقدم ما يدلّ على بعض المقصود(٥) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٦) .

___________________

(١) قرب الاسناد: ١٠٣.

٢ - الكافي ٤: ١٢١ / ٦.

(٢) في التهذيب: فليقضه ( هامش المخطوط ).

(٣) التهذيب ٤: ٢٧٦ / ٨٣٤، والاستبصار ٢: ١٢٠ / ٣٨٨.

(٤) الفقيه ٢: ٩٥ / ٤٢٥.

٣ - قرب الاسناد: ١٠٢.

٤ - مسائل علي بن جعفر: ٢٦١ / ٦٣٢.

(٥) تقدم في الاحاديث ٣، ٦، ٧، ٩، ١٠، ١١، ١٢، ١٤، من الباب ١، وفي الحديث ٤ من الباب ٢، وفي الباب ٤، وفي الحديث ٢ من الباب ٥، وفي الحديث ١ من الباب ٦ من هذه الابواب.

(٦) يأتي في الحديثين ٨، ٩ من الباب ١٠ من هذه الابواب.

١٩٤

ويأتي مايدل على الحكم الأخير في أحكام شهر رمضان(١) .

٩ - باب عدم جواز صوم الكفارة في السفر

[ ١٣٢٠٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، عن علي بن أسباط، عن علاء بن رزين القلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الظهار، عن الحرة والامة؟ قال: نعم - إلى أن قال: - وإن ظاهر وهو مسافر أفطر حتى يقدم، وإن صام فأصاب ما لا يملك فليقض الذي ابتدأ فيه.

أقول: وتقدم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

١٠ - باب عدم جواز صوم النذر في السفر ولا المرض إلّا المعين ّ

سفراً او حضراً وصحةً ومرضاً ولو بالنيّة، وحكم قضاء ما يفوت

من النذر في سفر ونحوه

[ ١٣٢٠٤ ] ١ - محمّد بن الحسن الطوسي بإسناده عن محمّد بن الحسن

___________________

(١) يأتي في الباب ٢٨ من أبواب أحكام شهر رمضان.

الباب ٩

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٤: ٢٣٢ / ٦٨١، وأورد مثله في الحديث ١ من الباب ٤، وذيله في الحديث ١ من الباب ٥ من أبواب الكفارات، وصدره في الحديث ٥ من الباب ١١ من أبواب الظهار.

(٢) تقدم في الاحاديث ٣، ٦، ٩، ١٠، ١١، ١٢، ١٤ من الباب ١، وفي الحديث ٤ من الباب ٢، وفي الباب ٤ من هذه الابواب، وفي الحديث ٦ من الباب ١، وفي الحديثين ٨، ١٩ من الباب ٢ من أبواب صلاة المسافر.

(٣) يأتي في الحديث ٨ من الباب ١٠، وفي الحديثين ١، ٤ من الباب ١١ من هذه الابواب.

الباب ١٠

فيه ١٠ أحاديث

١ - التهذيب ٤: ٢٣٥ / ٦٨٩، والاستبصار ٢: ١٠٢ / ٣٣١، وأورده في الحديث ٤ من الباب ٧ من أبواب بقية الصوم الواجب.

١٩٥

الصفّار، عن أحمد بن محمّد وعبدالله بن محمّد جميعاً، عن علي بن مهزيار قال: كتب بندار مولى إدريس: ياسيدي، نذرت أن أصوم كل يوم سبت، فان أنا لم أصمه، ما يلزمني من الكفّارة؟ فكتب( عليه‌السلام ) وقرأته لا تتركه إلّا من علّة، وليس عليك صومه في سفر ولا مرض إلّا أن تكون نويت ذلك، وإن كنت أفطرت منه من غير علّة فتصدق بقدر كل يوم على سبعة مساكين، نسأل الله التوفيق لما يحبّ ويرضى.

[ ١٣٢٠٥ ] ٢ - وعنه، عن القاسم بن أبي القاسم الصيقل قال: كتبت إليه، يا سيدي، رجل نذر ان يصوم يوماً من الجمعة دائماً ما بقي، فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى(١) أو أيّام تشريق أو سفر أو مرض، هل عليه صوم ذلك اليوم أو قضاءه أو كيف يصنع يا سيدي؟ فكتب إليه: قد وضع الله عنك الصيام في هذه الأيّام كلّها، ويصوم يوماً بدل يوم، إن شاء الله تعالى.

[ ١٣٢٠٦ ] ٣ - وبإسناده عن سعد بن عبدالله، عن أبي جعفر، عن الحسن بن علي ابن فضّال، عن عبدالله بن بكير عن زرارة قال: قلت لابي جعفر (عليه‌السلام ) : إن أُمي كانت جعلت عليها نذرا إن الله رد عليها بعض ولدها من شيء كانت تخاف عليه أن تصوم ذلك اليوم الذي يقدم فيه ما بقيت، فخرجت معنا مسافرةً إلى مكة فأشكل علينا( لمكان النذر) (٢) ، تصوم أو تفطر؟ فقال: لا تصوم، قد وضع الله عنها حقه وتصوم هي ما جعلت على

___________________

٢ - التهذيب ٤: ٢٣٤ / ٦٨٦، والاستبصار ٢: ١٠١ / ٣٢٨، وأورده بإسناد آخر في الحديث ١ من الباب ١٠ من أبواب النذر والعهد، وقطعة منه في الحديث ٦ من الباب ١ من أبواب الصوم المحرم والمكروه.

(١) في نسخة زيادة: أو يوم الجمعة ( هامش المخطوط ).

٣ - التهذيب ٤: ٢٣٤ / ٦٨٧، والاستبصار ٢: ١٠١ / ٣٢٩، وأورده بتفاوت بسند آخر في الحديث ٢ من الباب ١٣ من أبواب النذر والعهد، وقطعة منه في الحديث ٢ من الباب ٦ من أبواب بقية الصوم الواجب.

(٢) في نسخة: لما نذرت، وفي الكافي: لم ندر ( هامش المخطوط ).

١٩٦

نفسها، قلت: فما ترى إذا هي رجعت إلى المنزل، أتقضيه؟ قال: لا، قلت: فتترك ذلك؟ قال: لا، لاني أخاف أن ترى في الذي نذرت فيه ما تكره.

ورواه الكليني عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال نحوه(١) .

[ ١٣٢٠٧ ] ٤ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل جعل على نفسه صوم شهر بالكوفة وشهر بالمدينة وشهر بمكّة من بلاء ابتُلي به، فقضي له أنّه صام بالكوفة شهراً، ودخل المدينة فصام بها ثمانية عشر يوماً ولم يقم عليه الجمّال؟ فقال: يصوم ما بقي عليه إذا انتهى إلى بلده( ولا يصومه في سفر) (٢) .

ورواه الكليني، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد(٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٤) .

[ ١٣٢٠٨ ] ٥ - وبإسناده عن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد، عن يحيى بن المبارك، عن عبدالله بن جبلة(٥) ، عن إسحاق بن عمّار، عن عبدالله بن جندب قال: سأل(٦) عباد بن ميمون - وأنا حاضر - عن رجل جعل

___________________

(١) الكافي ٤: ١٤٣ / ١٠.

٤ - التهذيب ٤: ٢٣٣ / ٦٨٤، والاستبصار ٢: ١٠٠ / ٣٢٦، وأورده في الحديث ٣ من الباب ١٣ من أبواب بقية الصوم الواجب.

(٢) ليس في التهذيب.

(٣) الكافي ٤: ١٤١ / ٤.

(٤) التهذيب ٤: ٣١٢ / ٩٤٥.

٥ - التهذيب ٤: ٣٣٣ / ١٠٤٨، وأورده عن الكافي في الحديث ١ من الباب ١٣ من أبواب النذر والعهد.

(٥) في نسخة زيادة: عن أبي جميلة ( هامش المخطوط ).

(٦) في نسخة زيادة: أبا عبدالله (عليه‌السلام ) ( هامش المخطوط ) وفي التهذيب: سأله.

١٩٧

على نفسه نذر صوم وأراد الخروج في الحج؟ فقال عبدالله بن جندب: سمعت من زرارة عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنّه سأله عن رجل جعل على نفسه نذر صوم يصوم فمضى فيه(١) في زيارة أبي عبدالله (عليه‌السلام ) ؟ قال: يخرج ولا يصوم في الطريق، فاذا رجع قضى ذلك.

ورواه الكليني عن محمّد بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد نحوه(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٣) .

[ ١٣٢٠٩ ] ٦ - وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن عمرو بن عثمان، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يصوم صوماً وقد وقّته على نفسه، أو يصوم من أشهر الحرم فيمرّ به الشهر والشهران لا يقضيه؟ قال: فقال لا يصوم في السفر ولا يقضي شيئاً من صوم التطوّع إلّا الثلاثة الايام التي كان يصومها في كل شهر، ولا يجعلها بمنزلة الواجب إلّا أنّي أُحبّ لك أن تدوم على العمل الصالح، قال: وصاحب الحرم الذي كان يصومها يجزيه أن يصوم مكان كل شهر من أشهر الحرم ثلاثة أيّام.

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب مثله(٤) .

[ ١٣٢١٠ ] ٧ - وعنه، عن جعفر بن محمّد بن أبي الصباح، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) (٥) قال: سألته عن

___________________

(١) في نسخة زيادة: فحضرته نية ( هامش المخطوط ).

(٢) الكافي ٧: ٤٥٧ / ١٦.

(٣) التهذيب ٨: ٣٠٦ / ١١٣٩.

٦ - التهذيب ٤: ٢٣٣ / ٦٨٥، والاستبصار ٢: ١٠٠ / ٣٢٧، وأورد قطعة منه في الحديث ٢ من الباب ٢١ من هذه الابواب.

(٤) الكافي ٤: ١٤٢ / ٨.

٧ - التهذيب ٤: ٢٣٥ / ٦٨٨، والاستبصار ٢: ١٠١ / ٣٣٠.

(٥) في نسخة: أبي الحسن الرضا (عليه‌السلام )

١٩٨

الرجل يجعل لله عليه صوم يوم مسمّى؟ قال: يصوم أبداً في السفر والحضر.

ورواه الكليني عن محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبدالحميد(١) .

أقول: حمله الشيخ على من شرط على نفسه أن يصوم في السفر والحضر لما مر(٢) .

[ ١٣٢١١ ] ٨ - وبإسناده عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار الساباطي قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يقول: لله علي أن أصوم شهراً، أو أكثر من ذلك أو أقل، فيعرض له أمر لا بدّ له أن يسافر، يصوم وهو مسافر؟ قال: إذا سافر فليفطر لأنّه لا يحلّ له الصوم في السفر فريضة كان أو غيره، والصوم في السفر معصية.

[ ١٣٢١٢ ] ٩ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن كرام قال: قلت لابي عبدالله (عليه‌السلام ) : إنّي جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم؟ فقال: صم، ولا تصم في السفر الحديث.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٣) .

[ ١٣٢١٣ ] ١٠ - وعنه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن صدقة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) عن آبائه (عليهم‌السلام ) في الرجل يجعل

___________________

(١) الكافي ٤: ١٤٣ / ٩.

(٢) مرّ في الاحاديث ١ - ٦ من هذا الباب.

٨ - التهذيب ٤: ٣٢٨ / ١٠٢٢.

٩ - الكافي ٤: ١٤١ / ١، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ١١ من أبواب بقية الصوم الواجب، وفي الحديث ٨ من الباب ١ من أبواب الصوم المحرم.

(٣) التهذيب ٤: ٢٣٣ / ٦٨٣، والاستبصار ٢: ١٠٠ / ٣٢٥.

١٠ - الكافي ٤: ١٤٢ / ٧، وأورده في الحديث ١ من الباب ١٧ من أبواب بقية الصوم الواجب.

١٩٩

على نفسه أيّاماً معدودة مسمّاة في كل شهر، ثم يسافر فتمرّ به الشهور أنّه لا يصوم في السفر ولا يقضيها إذا شهد.

ورواه الشيخ بإسناده عن هارون بن مسلم نحوه(١) .

أقول: وتقدم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

١١ - باب عدم جواز صوم شيء من الواجب في السفر إلّا النذر المعيّن سفراً وحضراً، وثلاثة أيام دم المتعة، وثمانية عشر يوماً لمن أفاض من عرفات عامداً قبل الغروب

[ ١٣٢١٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن الصيام في السفر؟ فقال: لا صيام في السفر، قد صام أُناس على عهد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فسمّاهم: العصاة، فلا صيام في السفر إلّا ثلاثة أيّام(٤) التي قال الله عزّوجلّ في الحجّ.

[ ١٣٢١٥ ] ٢ - وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال(٥) ، عن أحمد بن

___________________

(١) التهذيب ٤: ٣٢٩ / ١٠٢٨.

(٢) تقدم في الاحاديث ٣، ٦، ٩، ١٠، ١١، ١٢، ١٤ من الباب ١، وفي الحديث ٤ من الباب ٢، وفي الباب ٤ من هذه الابواب، وفي الحديثين ٤، ٦ من الباب ١، وفي الحديثين ١٧، ١٩ من الباب ٢، وفي الباب ١٠ من أبواب صلاة المسافر.

(٣) يأتي في الحديثين ١، ٤ من الباب ١١، وفي الحديث ٦ من الباب ١٢ من هذه الابواب، وفي الحديثين ٢، ٣ من الباب ١١ من أبواب بقية الصوم الواجب.

الباب ١١

فيه ٤ أحاديث

١ - التهذيب ٤: ٢٣٠ / ٦٧٧.

(٤) في المصدر: الثلاثة الايام.

٢ - التهذيب ٤: ٢٣١ / ٦٧٨.

(٥) في المصدر: محمّد بن الحسن بن فضال.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

ما وجب معه عليه الطلب والخروج. فلما انعكس ذلك وظهرت أمارات الغدر فيه وسوء الاتفاق ، رام الرجوع والمكافّة والتسليم كما فعل أخوه ، فمنع من ذلك وحيل بينه وبينه. فالحالان متفقان ، إلا أن التسليم والمكافّة عند ظهور أسباب الخوف لم يقبلا منه ، ولم يجب إلى الموادعة ، وطلبت نفسه فمنع منها بجهده ، حتّى مضى كريما إلى جنة الله ورضوانه ، وهذا واضح لمتأمله (انتهيكلام السيد المرتضى).

٢٨٧ ـ تعليق العلامة المجلسي :(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٢٦)

قال المحقق المحدث المجلسي بعد نقل كلام السيد المرتضى :

وقد مضى في كتابه (الإمامة) وكتاب (الفتن) أخبار كثيرة دالة على أن كلا منهمعليه‌السلام كان مأمورا بأمور خاصة ، مكتوبة في الصحف السماوية النازلة على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهم كانوا يعملون بها. ولا ينبغي قياس الأحكام المتعلقة بهم على أحكامنا. وبعد الاطلاع على أحوال الأنبياءعليهم‌السلام وأن كثيرا منهم كانوا يبعثون فرادى في ألوف من الكفرة ، ويسبّون آلهتهم ويدعونهم إلى دينهم ، ولا يبالون بما ينالهم من المكاره والضرب والحبس والقتل والإلقاء في النار ، ولا ينبغي الاعتراض على أئمة الدين في أمثال ذلك ، مع أنه بعد ثبوت عصمتهم بالبراهين والنصوص المتواترة ، لا مجال للاعتراض عليهم ، بل يجب التسليم لهم في كل ما صدر عنهم.

على أنك لو تأملت حق التأمل علمت أنهعليه‌السلام فدى بنفسه المقدسة دين جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم تنزلزل أركان دولة بني أمية إلا بعد شهادته ، ولم يظهر للناس كفرهم وضلالتهم إلا عند فوزه بسعادته. ولو كان يسالمهم ويوادعهم كان يقوى سلطانهم ويشتبه على الناس أمرهم ، فتعود بعد حين أعلام الدين طامسة وآثار الهداية مندرسة. مع أنه قد ظهر لك من الأخبار السابقة أنهعليه‌السلام هرب من المدينة خوفا من القتل.

إلى مكة ، وكذا خرج من مكة بعد ما غلب على ظنه أنهم يريدون غيلته وقتله ، حتّى لم يتيسّر له أن يتمّ حجّه ، فتحلل وخرج منها خائفا يترقب. وقد كانوا ضيّقوا عليه جميع الأقطار ولم يتركوا له موضعا للفرار.

ولقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة أن يزيد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر عظيم ، وولاه أمر الموسم ، وأمّره على الحاج كلهم ، وكان قد أوصاه بقبض

٢٨١

الحسينعليه‌السلام سرا ، وإن لم يتمكن منه بقتله غيلة. ثم إنه دسّ مع الحاج في تلك السنة ثلاثين رجلا من شياطين بني أمية ، وأمرهم بقتل الحسينعليه‌السلام على أي حال اتفق. فلما علم الحسينعليه‌السلام بذلك حلّ من إحرام الحج وجعلها عمرة مفردة.

وقد روي بأسانيد معتبرة ، أنهعليه‌السلام لما منعه محمّد بن الحنفية عن الخروج

إلى الكوفة ، قال : «والله يا أخي لو كنت في جحر هامّة من هوام الأرض ، لاستخرجوني منه حتّى يقتلونني». بل الظاهر أنه لو كان يسالمهم ويبايعهم لا يتركونه ، لشدة عداوتهم وكثرة وقاحتهم ، بل كانوا يغتالونه بكل حيلة ويدفعونه بكل وسيلة. وإنما كانوا يعرضون البيعة عليه أولا لعلمهم بأنه لا يوافقهم في ذلك.ألا ترى مروان ابن الحكم كيف كان يشير على والي المدينة بقتله قبل عرض البيعة عليه؟. وكان عبيد الله بن زياد يقول : اعرضوا عليه فلينزل على أمرنا ، ثم نرى فيه رأينا؟.

ألا ترى كيف أمنّوا مسلم بن عقيل ، ثم قتلوه؟!.

فأما معاوية فإنه مع شدة عداوته وبغضه لأهل البيتعليهم‌السلام كان ذا دهاء ونكراء وحزم ، وكان يعلم أن قتلهم علانية يوجب رجوع الناس عنه وذهاب ملكه وخروج الناس عليه ، فكان يداريهم ظاهرا على كل حال. ولذا صالحه الحسنعليه‌السلام ولم يتعرض له الحسينعليه‌السلام . ولذا كان معاوية يوصي ولده اللعين بعدم التعرض للحسينعليه‌السلام لأنه كان يعلم أن ذلك يصير سببا لذهاب دولته (انتهى كلام العلامة المجلسي).

٢٨٨ ـ لماذا خرج الحسينعليه‌السلام بعياله إلى العراق؟ :(مقتل المقرم ص ١٢٥)

ان الكلمة السديدة الناضجة في وجه حمل الحسين عياله إلى العراق مع علمه بما يقدم عليه ومن معه على القتل ، هو أنهعليه‌السلام لما علم بأن قتلته سوف تذهب ضياعا لو لم يتعقبها لسان ذرب(١) وجنان ثابت ، يعرّفان الأمة ضلال ابن ميسون(يزيد) وطغيان ابن مرجانة (ابن زياد) ، باعتدائهما على الذرية الطاهرة الثائرة في وجه المنكر ، ودحض ما ابتدعاه في الشريعة المقدسة.

وعرف سيد الشهداءعليه‌السلام من حرائر الرسالةعليه‌السلام الصبر على المكاره وملاقاة

__________________

(١) ذرب اللسان : ذو لسان حادّ. ولسان ذرب : أي فصيح.

٢٨٢

الخطوب والدواهي بقلوب أرسى من الجبال ، فلا يفوتهن تعريف الملأ المغمور بالترّهات والأضاليل ، نتائج أعمال هؤلاء المضلين ، وما يقصدونه من هدم الدين ، وأن الشهداء أرادوا بنهضتهم مع إمامهم إحياء شريعة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وفي الحقيقة لقد أدت عقائل الوحي هذه الرسالة الجوهرية الخطيرة ، بجرأة وإخلاص ، وثبات ورباطة جأش ، رغم تفاقم الخطب وعظم المصيبة وقساوة المحنة فهاهي عقيلة الوحي زينبعليها‌السلام أخت الحسينعليه‌السلام تقف بجرأة وحزم أمام ابن زياد الجبار المتهور ، تفرغ عن لسان أبيها ، تقول له بكلام أنفذ من السهم ، وتلقمه حجرا وهي تقول :

«هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجّ وتخاصم ، فانظر لمن الفلج (أي الفوز) ثكلتك أمك يابن مرجانة».ثم لا ننسى خطبها في الكوفة ومواقفها في الشامعليها‌السلام .

وها هي فاطمة بنت الحسين وأم كلثوم وسكينةعليهم‌السلام يتحدثن بمثل ما تحدثت به عمتهن زينبعليها‌السلام ، في ذلك الموقف الرهيب المحفوف بسيوف الخسف والغدر والجور ، فما يستطيع أحد أن يتفوه بكلمة واحدة مهما أوتي من الجرأة والثبات والصمود ، ومهما بلغ من القوة والمنعة والمنزلة ، فكيف بهنّ وقد أعلنّ للملأ أجمع عن كل موبقات ابن ميسون وابن مرجانة.

هذا على أنه وإن وضع الله الجهاد ومكافحة الأعداء عن المرأة وأمرها بلزوم بيتها ، فذاك فيما إذا قام بتلك المكافحة غيرها من الرجال ، وأما إذا توقف إقامة الحق عليها فقط ، بحيث لولا قيامها لدرست أسس الشريعة وذهبت الغاية من تضحية الصفوة ، كان الواجب القيام به.

ينتج من هذا أن جهاد العقيلات في معركة كربلاء كان في طرف موازنة مع جهاد الشهداء.

وجاء في (اللهوف) ص ٤٧ : ومما يمكن أن يكون سببا لحمل الحسينعليه‌السلام عياله ، أنه إن تركها بالحجاز أو غيرها من البلاد ، كان يزيد بن معاوية قد أنفذ ليأخذهن إليه ، وصنع بهن من الاستئصال وسيّئ الأعمال ، ما يمنع الحسين من الجهاد والشهادة.

٢٨٣

٥ ـ هل ألقى الحسينعليه‌السلام بيده إلى التهلكة؟

٢٨٩ ـ هل عرّض الحسينعليه‌السلام نفسه للتهلكة؟ :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٩)

يقول السيد عبد الرزاق المقرّم عن استشهاد الأئمةعليهم‌السلام :

وليس في إقدامهم على الشهادة إعانة على إزهاق نفوسهم القدسية وإلقائها في التهلكة الممنوع منه بنص الذكر المجيد ، فإن الإبقاء على النفس والحذر من إيرادها مورد الهلكة إنما يجب إذا كان مقدورا لصاحبها أو لم يقابل بمصلحة أهمّ من حفظها. وأما إذا وجدت هنا لك مصلحة تكافىء تعريض النفس للهلاك ، كما في الجهاد والدفاع عن النفس ، مع العلم بتسرب القتل إلى فئة من المجاهدين ، فيجب عندها بذل النفس والتضحية بها. ولقد أمر الله الأنبياء والمرسلين والمؤمنين فمشوا إليه قدما موطّنين أنفسهم على القتل وكم فيهم سعداء ، وكم من نبي قتل في سبيل دعوته ولم يبارح قوله دعوته حتّى أزهقت نفسه الطاهرة!. وقد تعبّد الله طائفة من بني إسرائيل بقتل أنفسهم فقال :( إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ ) [البقرة : ٥٤].

وقد أثنى سبحانه على المؤمنين في إقدامهم على القتل والمجاهدة في سبيل تأييد الدعوة الإلهية ، فقال تعالى :( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ) [التوبة : ١١١] وقال تعالى :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) [البقرة : ٢٠٧] وقال تعالى :( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١٦٩) [آل عمران : ١٦٩].

٢٩٠ ـ التعبّد بالقتل أسمى درجات السعادة ، وليس هو إلقاء إلى التهلكة :

(اللهوف للسيد ابن طاووس ، ص ١٢)

يقول السيد ابن طاووس : ولعل بعض من لا يعرف حقائق شرف السعادة بالشهادة ، يعتقد أن الله لا يتعبّد بمثل هذه الحالة. أما سمع في القرآن الصادق المقال ، أنه تعبّد قوما بقتل أنفسهم ، فقال تعالى :( إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ ) [البقرة : ٥٤] أنه هو القتل ، وليس الأمر كذلك ، وإنما التعبد به من أبلغ درجات السعادة.

٢٨٤

ثم يعرض تفسير آية التهلكة بما ذكره الإمام الصادقعليه‌السلام ، وهو أن بعض الصحابة تخلّفوا عن نصرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقاموا في بيوتهم لإصلاح أحوالهم ، فنزلت الآية :( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [البقرة : ١٩٥] ومعناه : إن تخلّفتم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقمتم في بيوتكم ألقيتم بأيديكم إلى التهلكة وسخط الله عليكم فهلكتم. وليست هذه الآية في رجل يحرّض على العدو أو يطلب الشهادة بالجهاد في سبيل الله رجاء الثواب والآخرة.

٢٩١ ـ دفع شبهة : هل ألقى الحسينعليه‌السلام بنفسه إلى التهلكة؟ :

(الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٦)

يقول السيد نعمة الله الجزائري :

واعلم أن جماعة من مخالفينا أورد واهنا شبهة ، بل وربما قاله بعض الجهال فينا ، وهو أن الحسينعليه‌السلام كان عالما بأن يجري عليه ما جرى قبل مسيره إلى العراق ، فلم سار إليها حتّى صار كالمعين على نفسه؟. وهذه شبهة ركيكة ، والجواب عنها من وجوه :

الوجه الأول : أن الإمام إذا وجد الأعوان وجب عليه القيام بأمر الجهاد ، ولا يجوز له التقاعد عنه لظنه بهم الخذلان له ، كما لم يجز للأنبياءعليهم‌السلام ترك الجهاد لهذه المظنّة ، بل قاموا بالدعوة حتّى أصيبوا من الأمة بالمصائب العظام ، كما وقع لأولي العزم وغيرهم ، استتماما لحجة الله تعالى على الخلائق.

الوجه الثاني : أنهعليه‌السلام لو لم يسر إلى العراق لما تركوه ، ولو ذهب إلى المكان البعيد ، مصداقا لقولهعليه‌السلام لأخيه محمّد بن الحنفية ، حين نصحه بأن يلحق بالرمال من اليمن حتّى ينظر بواطن أهل العراق ، فقال له : يا أخي نعم ما رأيت من الصلاح ، ولكن هؤلاء القوم ما يسكتون عن طلبي أينما ذهبت حتّى يسفكوا دمي ، فعند ذلك يلبسهم الله ذلّ الدنيا والآخرة.

الوجه الثالث : أن الأنبياء والأئمةعليهم‌السلام قد خصّهم الله تعالى بأنواع من التكاليف ، فلعل هذا ـ وهو الإلقاء إلى التهلكة ـ منها ، نظرا إلى الحكم والمصالح الإلهية.

فإن قلت : كيف لم يبايع ليزيد حتّى لا يصل إليه الضرر ، كما بايع أخوه الحسنعليه‌السلام ؟ قلت : هذا مجرد كلام ، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. وذلك

٢٨٥

أنهعليه‌السلام رأى أخاه الحسنعليه‌السلام لما سالم معاوية ، وكيف فعل به أولا ، وكيف غدر به آخرا ، حتّى قتله مسموما. فما كان يصنع ابنه يزيد مع الحسينعليه‌السلام إلا أسوأ من هذا ، لأن معاوية كان فيه الدهاء ، وما كان يتجرأ على قتل الحسينعليه‌السلام ظاهرا ، ولهذا أوصى عند موته ليزيد ، أنك [إن] تظفر بالحسينعليه‌السلام فلا تقتله ، واذكر فيه القرابة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢٩٢ ـ بين هجرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهجرة السبطعليه‌السلام :

(من وحي الثورة الحسينية لهاشم معروف الحسني ، ص ٣١)

يقول السيد هاشم معروف الحسني :

هناك هجرتان من أجل الإسلام ورسالة الإسلام :

الأولى منهما : كانت فرارا من الموت الّذي استهدف رسالة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشخصه ، وقد نفّذها الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر من ربه ، ليتابع رسالته وينقذها من مشركي مكة وجبابرة قريش وعلى رأسهم أبو سفيان.

والثانية : قام بها سبطه الزكي الحسين بن عليعليه‌السلام ولكنها كانت للشهادة ، بعد أن أدرك أن الأخطار المحدقة برسالة جده ، لا يمكن تفاديها وتجاوزها إلا بشهادته.

لقد هاجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مكة إلى المدينة لأجل رسالته ، بعد أن تآمرت قريش على قتله لتتخلص منها ، لأن بقاءها وانتشارها مرهون بحياته ، وبعد أن وجدت أن جميع وسائل العنف التي استعملتها معه خلال ثلاثة عشر عاما لم تغير من موقفه شيئا ، كما لم تجدها جميع الاغراءات والعروض السخية. وكان ردّه الأخير على عروض أبي سفيان وأبي جهل ومغرياتهما أن قال : «والله لو وضعتم الشمس في يميني ، والقمر في شمالي ، على أن أترك هذا الأمر ما تركته ، حتّى يحكم الله أو أهلك دونه».

وظل الحزب الأموي بقيادة أبي سفيان وأبنائه يتحيّن الفرص ويستغل المناسبات ليجهض على الإسلام وعلى قادة الإسلام ، بعد أن عملوا بكل جهدهم لإفراغ الإسلام من مضمونه الحقيقي واتخاذه أداة ظاهرية للوصول إلى الحكم.

وحين عادت الجاهلية تعصف برياحها على بلاد الإسلام ، وتلقي بظلها على المسلمين ، سطع ضوء في الظلام ومن بين ركام الإسلام المتداعي ، وأضاءت للملأ

٢٨٦

ملامح أمل جديد في دياجي ذلك الظلام المطبق ، وبدا للعالم إنسان يخطّ على التراب بدمه هذه الكلمات :

«ألا وإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما».

إنه الحسين ، ابن علي وفاطمة الزهراءعليهم‌السلام سبط ذلك الرسول الّذي هاجر [الهجرة الأولى] من مكة إلى المدينة ، لأجل رسالته ولا نقاذها من الشرك والوثنية.جاء يهاجر [الهجرة الثانية] لأجل نفس الرسالة ولانقاذها من الشذوذ والانحراف والجور والفساد. خرج من مدينة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عاصمة أبيه الكوفة ، خرج مهاجرا لإحياء دين جده ورسالته ، وإيقاظ الآمال في نفوس الفقراء والمستضعفين ، الذين باتوا يساقون كالأنعام بيد الولاة والحكام.

ولقد رضي الحسينعليه‌السلام أن يقدّم نفسه وأهله قربانا لهذه الرسالة ، حين رأى الموت والشهادة أحلى إلى قلبه من العقد الّذي يزيّن جيد الفتاة ، وحين أدرك أن لا عزّة ولا كرامة إلا بالجهاد والفداء.

لقد هاجر الحسينعليه‌السلام من مدينة جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أرض الشهادة والخلود ، ليقدّم دمه الزكي ودماء إخوته وأنصاره ثمنا لإحياء شريعة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنقاذها من الضياع والاندثار.

وهكذا كانت نهضة الحسينعليه‌السلام الامتداد الطبيعي لرسالة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجهاد الحسينعليه‌السلام امتدادا لجهاد جده وأبيهعليه‌السلام ، مصداقا لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«حسين مني وأنا من حسين». فعقيدة الحسين هي من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورسالة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحيى وتبقى بالحسينعليه‌السلام .

٦ ـ معالم النهضة المقدسة

٢٩٣ ـ ثلاثة مشاعل من رسالة الحسينعليه‌السلام :

(مجلة الإسلام في معارفه وفنونه للشيخ حبيب آل إبراهيم ، بعلبك ،

السنة العاشرة ، العدد الأول ، نيسان ١٩٦٨)

ماهي رسالة الحسينعليه‌السلام ؟

تعال نسأل عنها الإمام الحسين نفسه

في يوم شهادته بالذات رفع الشهيد شعارات ثلاثة ،

٢٨٧

كانت خير عنوان للرسالة التي خرج يؤديها بدمه ،

ودم الشهداء الذين معه.

هذه الشعارات هي : المسؤولية ـ التصميم ـ العزّة.

١ ـ المسؤولية :

قال الإمام الحسينعليه‌السلام : «إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يحكم الله وهو خير الحاكمين».

هذه الكلمات مشاعل ، تضيء الطريق للسالكين ، بها يحدد سيد الشهداء أغراض نهضته : إنه لم يخرج طمعا بمنصب ولا عن انحراف ، إنما خرج يطلب الإصلاح في دين جده خاتم الرسلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يريد أمرا بمعروف ونهيا عن منكر.

ها هنا مشعل!. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إنه المسؤولية ؛ مسؤولية المسلم عن عقيدته وممارستها.

ولقد كان أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام حيثما سار وثار ، نموذجا مثاليا للمسلم حين تحيق بعقيدته الآفات والأخطار.

ثم قال الحسينعليه‌السلام : «فمن قبلني بقبول الحق ، فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر ، حتّى يحكم الله ، وهو خير الحاكمين».

إنه ينادي : أيها الناس لا يكن ميزان قبولكم إياي شخصي ، إنما اقبلوني لأني أمثّل حقا. فمن قبلني فإنما يقبل الحق ، ومن ردّ عليّ فإنما يردّ على الحق هكذا ترتفع المبادئ فوق الأشخاص. وحينذاك تضيع النفوس وحاجاتها ، ويبقى المبدأ هو القائم البارز. ونعم ، يبقى الشخص بمقدار ما يمثّل من مبدأ.

٢ ـ التصميم :

وقالعليه‌السلام : «ألا وإن الدعيّ ابن الدعيّ ، قد ركز بين اثنتين : بين السّلةّ والذلة ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام».

٢٨٨

ها هو الحسينعليه‌السلام يعلن تصميمه على أداء رسالته ، وأنه لن يتراجع. وأنه يؤثر أن يموت ميتة الكرام في سبيل الرسالة ، على أن يطيع اللئام ولكن لماذا؟. من أين ينبع هذا التصميم؟.

من الله ورسوله ، ومن تربيته ، ومن نفسه. فلا الله يرضى له التراجع ولا رسوله ، ولا حقّ من ربّوه ، ولا نفسه.

مزيج من الدوافع ، لا أشمل ولا أكمل : الدين والتربية والنفسية. كلها تدفعه لأن يعلنها صريحة مدوّية : أنه لن يتراجع عن أداء رسالته ، ولو كلّفه ذلك مصرعه ...والدين في المقدمة.

وهذا مشعل!. الدين حافز لا يرضى التراجع ، ولا يقبل بأنصاف الحلول.

٣ ـ العزّة :

ثم قالعليه‌السلام : «لا والله ، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد».

كلمات تنضح بالعزة

إنه لن يسكت ذليلا ، ولن يسكت عبدا والمنحرفون يريدونه ذليلا وعبدا معا. ولو أنه ذل واستعبد لربما أنالوه ما يرضيه ؛ ولكنه عزّ ، وإذ عزّ ثار ولكم تكلّف.

العزة غاليا( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) [المنافقون : ٨].

وهذا مشعل!. الإيمان عزّ ، ولا ذلّ مع الإيمان.

٧ ـ أهداف نهضة الحسينعليه‌السلام

* مدخل :

قبل أن يسير الحسينعليه‌السلام من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ، دعا بدواة وبياض وكتب وصية تاريخية لأخيه محمّد بن الحنفية. وهذه الوصية هي أفضل وثيقة صادرة عن صاحب النهضة ، يوضح فيها بجلاء أهداف نهضته المباركة ، يقول فيها :

«إني لم أخرج أشرا (أي فرحا) ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن

٢٨٩

المنكر ، وأسير بسيرة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسيرة أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام .فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق ، ويحكم بيني وبينهم وهو خير الحاكمين».

ففي هذه الوثيقة يبيّن الحسينعليه‌السلام ما يلي :

١ ـ أن نهضته ليس غرضها السلطان والدنيا وما يلازمها من الفرح والبطر ، ولا الإفساد والظلم.

٢ ـ أن نهضته تنطلق من مبدأ وجوب الإصلاح لكل فاسد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

٣ ـ أن غايته الأولى والأخيرة إحقاق الحق الّذي أبطله المتحكمون والمبطلون ، المتمثل بسيرة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبيه عليعليه‌السلام .

٤ ـ أنه سوف يعمل جاهدا لتطبيق مبادئه السامية مستعينا بأنصار الحق ، وسوف يبذل في سبيل ذلك كل غال ورخيص ، ويصبر على تنفيذ ذلك ولو ضحّى بنفسه وما يملك.

والحسينعليه‌السلام رغم علمه بمصيره وشهادته ، التي وصلت حدّ الاشتهار ، إلا أنه كان يعمل وفق تكليفه الشرعي المبني على ظواهر الأمور.

٢٩٤ ـ هدفان رئيسيان للنهضة :

(الوثائق الرسمية لثورة الحسين لعبد الكريم الحسيني القزويني ، ص ١٢)

لو تصفحنا الوثائق الأولى لقائد هذه الثورة ـ الحسينعليه‌السلام ـ لرأيناها تحمل الهدفين التاليين :

١ ـ الثورة على حكم يزيد ، أي تغيير الجهاز الحاكم.

٢ ـ إقامة الشريعة الاسلامية وتطبيقها ، في مقابل المخالفات التي أشاعها الحكام آنذاك.

٢٩٥ ـ الحسينعليه‌السلام فاتح وليس مغامرا :(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٥٦)

كان الحسينعليه‌السلام يعتقد في نهضته أنه فاتح منصور ، لما في شهادته من إحياء دين الرسول وإماتة البدعة وتفظيع أعمال المناوئين وتفهيم الأمة أنه أحق بالخلافة من غيره ، وإليه يشير في كتابه إلى بني هاشم :

٢٩٠

«من لحق بي منكم استشهد ، ومن تخلفّ لم يبلغ الفتح»(١) .

فإنهعليه‌السلام لم يرد بالفتح إلا ما يترتب على نهضته وتضحيته من نقض دعائم الضلال وكسح أشواك الباطل عن الشريعة المطهرة ، وإقامة أركان العدل والتوحيد ، وأن الواجب على الأمة القيام في وجه المنكر.

وهذا معنى كلمة الإمام زين العابدينعليه‌السلام لإبراهيم بن طلحة بن عبيد الله

لما سأله حين رجوعه إلى المدينة : «من الغالب؟». فقال السجّادعليه‌السلام : إذا دخل وقت الصلاة فأذّن وأقم ، تعرف الغالب!(٢) .

فإنه يشير إلى تحقّق الغاية التي ضحّى سيد الشهداء بنفسه القدسية من أجلها ، وفشل يزيد بما سعى له من إطفاء نور الله تعالى ومحو ذكر أهل البيتعليهم‌السلام ، وما أراده أبوه من نقض مساعي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإمائة الشهادة له بالرسالة ، بعد أن كان الواجب على الأمة في أوقات الصلوات الخمس الإعلان بالشهادة لنبي الإسلام ، ذلك الّذي هدم صروح الشرك وأبطل عبادة الأوثان. كما وجب على الأمة الصلاة على النبي وعلى آله الطاهرين في التشهدين ، وأن الصلاة عليه بدون الصلاة على آله : بتراء(٣) .

كما أن العقيلة زينبعليها‌السلام أشارت إلى هذا الفتح بقولها ليزيد : «فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فو الله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ، ولا يرحض عنك عارها وشنارها».

تصريحات الفيلسوف الألماني ماربين

٢٩٦ ـ أسرار شهادة الحسينعليه‌السلام للفيلسوف الألماني (ماربين):

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ج ٨ ص ٥٢)

قال الحكيم الألماني ماربين في كتابه (السياسة الإسلامية) من جملة كلام طويل :

لا يشك صاحب الوجدان إذا دقّق النظر في أوضاع ذاك العصر ، وكيفية نجاح بني

__________________

(١) كامل الزيارات ، ص ٧٥ ؛ وبصائر الدرجات للصفار ، ج ١٠ ص ١٤١.

(٢) أمالي الشيخ الطوسي.

(٣) الصواعق المحرقة ، ص ٨٧.

٢٩١

أمية في مقاصدهم واستيلائهم على جميع طبقات الناس وتزلزل المسلمين ، أن الحسين قد أحيا بقتله دين جده وقوانين الإسلام. ولو لم تقع تلك الواقعة ، ولم تظهر تلك الحسّيات الصادقة بين المسلمين لأجل قتل الحسين ، لم يكن الإسلام على ماهو عليه الآن قطعا ، بل كان من الممكن ضياع رسومه وقوانينه حيث كان يومئذ حديث العهد.

عزم الحسينعليه‌السلام على إنجاح هذا المقصد وإعلان الثورة ضد بني أمية من يوم توفي والده ، فلما قام يزيد مقام معاوية خرج الحسينعليه‌السلام من المدينة ، وكان يظهر مقصده العالي ، ويبث روح الثورة في المراكز الإسلامية المهمة كمكة والعراق وأينما حل ، فازدادت نفرة قلوب المسلمين ، التي هي مقدمة الثورة على بني أمية ، ولم يكن يجهل يزيد مقاصد الحسينعليه‌السلام ، وكان يعلم أن الثورة إذا أعلنت في جهة والحسين قائدها مع تنفر المسلمين عموما من حكومة بني أمية وميل القلوب وتوجه الانظار إلى الحسينعليه‌السلام ، عمّت جميع البلدان ، وفي ذلك زوال ملكهم وسلطانهم ، فعزم يزيد قبل كل شيء من يوم بويع على قتل الحسينعليه‌السلام . ولقد كان هذا أعظم خطأ سياسي صدر من بني أمية ، فجعلهم نسيا منسيا ولم يبق منهم أثر ولا خبر.

وأعظم الأدلة على أن الحسينعليه‌السلام أقدم على قتل نفسه ولم تكن من غرضه سلطنة ولا رئاسة ، هو أنه مضافا إلى ما كان عليه من العلم والسياسة والتجربة التي وقف عليها زمن أبيه وأخيه في قتال بني أمية ، كان يعلم أنه مع عدم تهيئة الأسباب له واقتدار يزيد ، لا يمكنه المقاومة والغلبة.

وكان يقول من يوم توفي والده إنه يقتل وأعلن يوم خروجه من المدينة أنه يمضي إلى القتل ، وأظهر ذلك لأصحابه والذين أتبعوه من باب إتمام الحجة ، حتى يتفرق الذين التفوا حوله طمعا بالدنيا ، وطالما كان يقول «وخير لي مصرع أنا لاقيه». ولو لم يكن قصده ذلك ولم يكن عالما عامدا ، لجمع الجنود ولسعى في تكثير أصحابه وزيادة استعداده ، لا أن يفرق الذين كانوا معه. ولكن لما لم يكن له قصد إلا القتل مقدمة لذلك المقصد العالي ، وإعلان الثورة المقدسة ضد يزيد ، رأى أن خير الوسائل إلى ذلك (الانفراد والمظلومية) ، فإنّ أثر هذه المصائب أشد وأكثر في القلوب.

من الظاهر أن الحسينعليه‌السلام مع ما كانت له من المحبوبية في قلوب المسلمين

٢٩٢

في ذلك الزمان ، لو كان يطلب قوة واستعدادا لأمكنه أن يخرج إلى حرب يزيد جيشا جرارا ، ولكنه لو صنع ذلك لكان قتله في سبيل السلطة والإمارة ، ولم يفز (بالمظلومية) التي انتجت تلك الثورة العظيمة. هذا هو الذي جعله لا يبقي معه إلا الذين لا يمكن انفكاكهم عنه ، كأولاده وإخوانه وبني أخوته وبني أعمامه وجماعة من خواص أصحابه ، حتى أنه أمر هؤلاء أيضا بمفارقته ، ولكنهم أبوا عليه ذلك ، وهؤلاء أيضا كانوا من المعروفين بين المسلمين بجلالة القدر وعظم المنزلة وقتلهم معه مما يزيد في عظم المصيبة وأثر الوقعة. نعم إن الحسينعليه‌السلام بمبلغ علمه وحسن سياسته بذل كمال جهده في إفشاء ظلم بني أمية وإظهار عداوتهم لبني هاشم وسلك في ذلك كل طريق.

ولما كان يعلم الحسينعليه‌السلام عداوة بني أمية له ولبني هاشم ، ويعرف أنهم بعد قتله يأسرون عياله وأطفاله ـ وذلك يؤيد مقصده ويكون له أثر عظيم في قلوب المسلمين سيما العرب كما قد وقع ـ حملهم معه وجاء بهم من المدينة.

نعم إن ظلم بني أمية وقساوة قلوبهم في معاملاتهم مع حرم محمد وصباياه أثّر في قلوب المسلمين تأثيرا عظيما لا ينقص عن أثر قتله وأصحابه. ولقد أظهر في عمله هذا عقيدة بني أمية في الإسلام وسلوكهم مع المسلمين سيما ذراري نبيهم. لهذا كان الحسين يقول في جواب أصحابه والذين كانوا يمنعونه عن هذا السفر : «إني أمضي إلى القتل» ولما كانت أفكار المانعين محدودة وأنظارهم قاصرة لا يدركون مقاصد الحسينعليه‌السلام العالية ، لم يألوا جهدهم في منعه ، وآخر ما أجابهم به أن قال لهم «شاء الله ذلك وجدي أمرني به». فقالوا إن كنت تمضي إلى القتل فما وجه حملك النسوة والأطفال ، فقال : «إن الله شاء أن يراهن سبايا». ولما كان الحسين بينهم رئيسا روحانيا لم يكن لهم بدّ من السكوت.

ومما يدل على أنه لم يكن له غرض إلا ذلك المقصد العالي الذي كان في نفسه ، ولم يتحمل تلك المصائب لسلطنة وإمارة ولم يقدم على هذا الخطر من غير علم ودارية ـ كما تصوره بعض المؤرخين منا ـ أنه قال لبعض ذوي النباهة قبل الواقعة بأعوام كثيرة ، على سبيل السلوة : إنه بعد قتلي وظهور تلك المصائب المحزنة ، يبعث الله رجالا يعرفون الحق من الباطل ، يزورون قبورنا ، ويبكون على مصابنا ، ويأخذون بثأرنا من أعدائنا ، أولئك جماعة ينشرون دين الله وشريعة جدي ، وأنا وجدي نحبهم وهو يحشرون معنا يوم القيامة. وليتأمل المتأمل في كلام

٢٩٣

الحسينعليه‌السلام وحركاته يرى أنه لم يترك طريقا من السياسة إلا سلكه في إظهار شنائع بني أمية وعداوتهم القلبية لبني هاشم ومظلومية نفسه ، وهذا مما يدل على حسن سياسته وقوة قلبه وتضحية نفسه ، في طريق الوصول إلى المقصد الذي كان في نظره ، حتى أنه في آخر ساعات حياته عمل عملا حير عقول الفلاسفة ، ولم يصرف نظره عن ذلك المقصد العالي مع تلك المصائب المحزنة والهموم المتراكمة وكثرة العطش والجراحات ، وهو قصة (عبد الله الرضيع). فلما كان الحسينعليه‌السلام يعلم أن بني أمية لا يرحمون له صغيرا رفع طفله الصغير تعظيما للمصيبة على يده أمام القوم وطلب منهم أن يأتوه بشربة من الماء فلم يجيبوه إلا بالسهم.

ويغلب على الظن أن غرض الحسينعليه‌السلام من هذا العمل تفهيم العالم بشدة عداوة بني أمية لبني هاشم وأنها إلى أي درجة بلغت. ولا يظن أحد أن يزيد كان مجبورا على تلك الأعمال المفجعة لأجل الدفاع عن نفسه ، لأن قتل الطفل الرضيع في تلك الحال بتلك الكيفية ، ليس هو إلا توحش وعداوة سبعية ، منافية لقواعد كل دين وشريعة ، ويمكن أن تكون هذه الفاجعة كافية لافتضاح بني أمية ورفع الستار عن قبائح أعمالهم ونياتهم السيئة بين العالم ، سيما المسلمين ، وأنهم يخالفون الإسلام في حركاتهم بل يسعون بعصبية جاهلية إلى إبادة آل محمد وجعلهم أيدي سبأ.

ونظرا لتلك المقاصد العالية التي كانت في نظر الحسينعليه‌السلام مضافا إلى وفور علمه وسياسته التي كان لا يشك فيها اثنان لم يرتكب أمرا يوجب إجبار بني أمية للدفاع عن أنفسهم ، حتى أنه مع ذلك النفوذ والاقتدار الذي كان له في ذلك العصر لم يسع في تسخير البلاد الإسلامية وضمها إليه ولا هاجم ولاية من ولايات يزيد إلى أن حاصروه في واد غير ذي زرع ، قبل أن تبدو منه أقل حركة عدائية أو تظهر منه ثورة ضد بني أمية لم يقل الحسينعليه‌السلام سأكون ملكا أو سلطانا أو أصبح صاحب سلطة. نعم كان يبث روح الثورة في المسلمين بنشره شنائع بني أمية واضمحلال الدين إن دام ذلك الحال ، وكان يخبر بقتله ومظلوميته وهو مسرور. ولما حوصر في تلك الأرض القفراء أظهر لهم من باب إتمام الحجة بأنهم لو تركوه لرحل بعياله وأطفاله وخرج من سلطة يزيد ، ولقد كان لهذا الإظهار الدال على سلامة نفس الحسينعليه‌السلام في قلوب المسلمين غاية التأثير.

لقد قتل قبل الحسينعليه‌السلام ظلما وعدوانا كثير من الرؤساء الروحانيين وأرباب

٢٩٤

الديانات وقامت الثورة بعد قتلهم بين تابعيهم ضد الأعداء ، كما وقع مكررا في بني إسرائيل ، وقصة يحيى من أعظم الحوادث التاريخية ، ومعاملة اليهود مع المسيح لم ير نظيرها إلى ذلك العهد ، ولكن واقعة الحسينعليه‌السلام فاقت الجميع لم يرشدنا التاريخ إلى أحد من الروحانيين وأرباب الديانات أنه أقدم على قتل نفسه عالما عامدا لمقاصد عالية لا تنجح إلا بقتله ، فإن كل واحد من أرباب الديانات الذين قتلوا ، ثار عليهم أعداؤهم وقتلوهم ظلما ، وبمقدار مظلوميتهم قامت الثورة بعدهم ، ومقاصد الحسينعليه‌السلام كانت على علم وحكمة وسياسة وليس لها نظير في التاريخ ، فإنه لم يزل يوالي السعي في تهيئة أسباب قتله نظرا لذلك المقصد العالي ، ولم نجد في التاريخ رجلا ضحّى بحياته عالما عامدا لترويج ديانته من بعده إلا الحسينعليه‌السلام .

المصائب التي تحمّلها الحسينعليه‌السلام في طريق إحياء دين جده تفوق على مصائب أرباب الديانات السابقين ، ولم ترد على أحد منهم. نعم إن هناك رجالا قتلوا في طريق إحياء الدين ولكنهم لم يكونوا كالحسين ، فإنه ضحّى بنفسه العزيزة في طريق إحياء دين جده وفداه بأولاده وإخوانه وأقربائه وأحبابه وأمواله وعياله ، ولم تقع هذه المصائب دفعة واحدة حتى تكون في حكم مصيبة واحدة ، بل وقعت متوالية واحدة بعد أخرى ، ويختص الحسينعليه‌السلام دون غيره بتواتر أمثال هذه المصائب كما يشهد له التاريخ.

لم تنته المصائب التي وردت على الحسينعليه‌السلام من قتله وقتل أصحابه وتسيير نسائه وبناته ، إلا وانكشف الغطاء عن سرائر بني أمية وقبائح أعمالهم ، وظهرت بين المسلمين الحسيات السياسية ، وتوطدت أسباب الثورة ضد سلطنة يزيد وبني أمية ، وعلم الجميع أن بني أمية مخربو الإسلام ، وصار الجميع يرفض بدعهم وتقولاتهم ، وعرفوا بالظلم والغصب ، بالعكس من بني هاشم فإنهم عرفوا بالمظلومية وأن لهم الرئاسة الروحانية بالاستحقاق ، وإليهم تنمى الحقيقة الروحانية.

كأن المسلمين بعد قتل الحسينعليه‌السلام قد دخلوا في دور جديد وظهرت الروحانية الإسلامية بأجلى مظاهرها وتجددت بعد أن كانت مندرسة غائبة عن أذهان المسلمين وكما أنه لا يشك اثنان في تفوق مصائب الحسينعليه‌السلام على جميع مصائب روحاني السلف ، فكذلك لا يشك في الثورة التي حدثت بعده بأنها فاقت جميع الثورات السالفة وأن امتدادها وأثرها أكثر ، وأن بها ظهرت للعالم (مظلومية

٢٩٥

آل محمد) فكانت أولى نتائج هذه الثورة اختصاص الرئاسة الروحانية التي لها أهمية عظمى في عالم السياسة ببني هاشم ، وخصوصا في أولاد الحسينعليه‌السلام (فكان منهم أئمة الشيعة) ونظرة عموم المسلمين إلى بني هاشم سيما أولاد الحسين نظرهم إلى الروحانيين. ولم يطل العهد حتى نزعت تلك السلطة من بني أمية وزالت السلطة والقدرة من آل يزيد في أقل من قرن ، واندرست آثارهم على وجه لم يبق منهم عين ولا أثر. وأينما ذكرت أسماؤهم في متون الكتب قرنها المسلمون بكلمة الشماتة ، وكل ذلك نتيجة سياسة الحسين الذي يمكن أن يقال إنه لم يأت في أرباب الديانات والروحانيين رجل عرف عواقب الأمور مع بعد نظر وحسن سياسة كالحسينعليه‌السلام .

قبل أن تصل سبايا الحسين إلى الشام قامت الثورة ضد يزيد وظهرت بمظلومية الحسين سرائر بني أمية ، وكشف الغطاء عن نياتهم وتوجه اللوم على يزيد حتى من أهل بيته وحرمه(١) . وصار يزيد يسمع تقديس الحسينعليه‌السلام وأولاد علي وعظمتهم ومظلوميتهم بعد أن لم يكن يمكن ذكرهم عنده بخير. وكان يصعب عليه ذلك إلا أنه لم يكن له بدّ غير السكوت ، ولما أراد تبرئة نفسه من تلك الأعمال ألقى المسؤولية على عماله ولم يزل يسمع محامد الحسينعليه‌السلام . قال يزيد ذات يوم : إن سلطنة الحسين كانت أهون عليّ من هذا المقام العالي الذي فاز به آل علي وبنو هاشم.

وأخيرا فشيعة الحسينعليه‌السلام لم يزالوا يستفيدون من هذه الثورات ، وتزيد قوة بني هاشم وعظمتهم حتى لم يمض أقل من قرن إلا وصارت السلطنة الإسلامية الوسيعة في بني هاشم من دون مزاحم ، وأبادوا بني أمية على وجه لم يبق منهم اسم ولا رسم. (انتهى كلام ماربين).

__________________

(١) قال السيد عبد الرزاق المقرم في مقتله صفحة ٢٠ : ولقد فشا الانكار على يزيد حتى من حريمه وأهل بيته ، حتى أن زوجته هند بنت عمرو بن سهيل وكان زوجة عبد الله بن عامر بن كريز ، فأجبره معاوية على طلاقها لرغبة يزيد فيها فإنها لما أبصرت الرأس مصلوبا على باب دارها ، والأنوار النبوية تتصاعد منه إلى عنان السماء ، وشاهدت الدم يتقاطر طريا ويشم منه رائحة طيبة ، عظم مصابه في قلبها فلم تتمالك أن دخلت على يزيد في مجلسه مهتوكة الحجاب وهي تصيح : رأس ابن بنت رسول الله مصلوب على دارنا. فقام إليها وغطاها وقال لها : أعولي على الحسين فإنه صريخة بني هاشم ، عجّل عليه ابن زياد قصد بذلك تعمية الامر وإبعاد السبة عنه وذلك بإلقاء التبعة على عامله

٢٩٦

إنها لكلمات حرة صادقة جاءت على لسان رجل غربي مدقق مطّلع. ومن المؤسف أن نرى أمثال هذا الفيلسوف من الغربيين أشد إنصافا ودفاعا عن الحق ، حتى من علماء العرب أنفسهم (وإن تتولّوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) صدق الله العظيم.

٢٩٧ ـ مختصر ما حصل للحسينعليه‌السلام حتّى مقتله :

(تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ٢٠٧)

يقول السيوطي : فأما ابن الزبير فلم يبايع ، ولا دعا إلى نفسه.

وأما الحسينعليه‌السلام فكان أهل الكوفة يكتبون إليه يدعونه إلى الخروج إليهم زمن معاوية ، وهو يأبى. فلما بويع يزيد أقام على ما هو مهموما ، يجمع الإقامة مرة ، ويريد المسير إليهم أخرى. فأشار عليه ابن الزبير بالخروج.

وكان ابن عباس يقول له : لا تفعل.

وقال له ابن عمر : «لا تخرج ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيّره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة. وإنك بضعة منه ، ولا تنالها (أي الدنيا).

(وفي رواية تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، ج ٢ ص ٣٥٧) : «لا ينالها أحد منكم ، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير ، فأبى».

واعتنقه [ابن عمر] وبكى ، وقال : أستودعك الله من قتيل!. فكان ابن عمر يقول :غلبنا حسين بالخروج ، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة.

وكلّمه في ذلك أيضا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري وأبو واقد الليثي وغيرهم ، فلم يطع أحدا منهم.

وصمم على المسير إلى العراق. فقال له ابن عباس : والله إني لأظنك ستقتل بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان ، فلم يقبل منه. فبكى ابن عباس وقال : أقررت عين ابن الزبير.

وبعث أهل العراق إلى الحسينعليه‌السلام الرسل والكتب يدعونه إليهم ، فخرج من مكة إلى العراق في عشر ذي الحجة ، ومعه طائفة من آل بيته ، رجالا ونساء وصبيانا.

فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتاله ، فوجّه إليه جيشا من أربعة آلاف ، عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص ، فخذله أهل الكوفة ، كما هو شأنهم مع

٢٩٧

أبيه من قبله. فلما رهقه السلاح عرض عليهم الاستسلام والرجوع ، والمضي إلى يزيد فيضع يده في يده [هذه الدعوى مغلوطة من وضع الإعلام الأموي] فأبوا إلا قتله!. فقتل وجيء برأسه في طست ، حتّى وضع بين يدي ابن زياد ؛ لعن الله قاتله ، وابن زياد معه ويزيد أيضا.

ويتابع السيوطي حديثه فيقول : وكان قتله بكربلاء. وفي قتله قصة فيها طول ، لا يحتمل القلب ذكرها ، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقتل معه ستة عشر رجلا من أهل بيته

ولما قتل الحسينعليه‌السلام وبنو أمية ، بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد ، فسرّ بقتلهم أولا ، ثم ندم لمّا مقته المسلمون على ذلك ، وأبغضه الناس ، وحقّ لهم أن يبغضوه. اه

٨ ـ ثمرات النهضة الحسينية

٢٩٨ ـ نهضة الحسينعليه‌السلام تحقق أهدافها القريبة والبعيدة ، ثمرات نهضة الحسينعليه‌السلام :

(الأئمة الاثنا عشر لعادل الأديب ، ص ١٣٦)

لقد استطاعت ثورة الحسينعليه‌السلام أن تحقق من قيامها الثمرات التالية :

١ ـ وضع الحدّ الفاصل أمام الجماهير ، بين الإسلام الصحيح والحكم الأموي الخادع ، وتحطيم الإطار الديني المزيّف الّذي كان الأمويون يحيطون به سلطانهم ، وبيان مدى بعده عن الدين.

٢ ـ الشعور بالإثم : ولّد استشهاد الحسينعليه‌السلام المفجع في كربلاء في ضمير كل مسلم استطاع أن ينصره فلم ينصره ، بعد أن عاهده على الثورة ولّد فيهم الشعور بالإثم ، ولزوم التكفير عن ذلك التقصير.

ولقد قدّر لهذا الشعور بالإثم أن يظل دائم الأوار ، حافزا دائما إلى الثورة والانتقام ، من رؤوس الفتنة والانحراف ، وقدّر له أن يدفع الناس إلى الثورات على الأمويين والظالمين كلما سنحت الفرصة.

٣ ـ تنمية الروح النضالية في الإنسان المسلم ، وتحطيم كل الحواجز النفسية والاجتماعية التي حالت دون الثورة.

٢٩٨

ولكي نخرج بفكرة واضحة عن مدى تأثير ثورة الحسينعليه‌السلام في بعث روح الثورة والنضال في المجتمع الإسلامي ، يحسن بنا أن نلاحظ أن هذا المجتمع خلال عشرين عاما من مقتل الإمام عليعليه‌السلام وحتى ثورة الحسينعليه‌السلام أخلد إلى السكون ولم يقم بأي ثورة أو احتجاج جدّي جماعي على ألوان الاضطهاد والظلم والقتل وسرقة أموال الأمة ، التي كان يقوم بها الأمويون وأعوانهم ، بل خلد إلى الخنوع والنوم والتسليم.

أما بعد ثورة الحسينعليه‌السلام واستشهاده ، فقد اندلعت الثورات على يد الجماهير وتوثّبت الروح النضالية فيهم ، وبدؤوا يبحثون عن زعيم يقودهم لنزع قيد الخنوع والاستسلام ، وإرجاع الحياة والحركة للإسلام. ونلاحظ هذه الروح الثورية في كل الثورات التي حملت شعار الثأر لدم الحسينعليه‌السلام والتي هي في واقعها تثأر لكرامة الإسلام والمسلمين.

٢٩٩ ـ ثورات على خطّ الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١٣٩)

ونجمل هنا ذكر بعض هذه الثورات :

١ ـ ثورة التوابين : التي اندلعت في الكوفة بقيادة الصحابي سليمان بن صرد الخزاعي ، وكانت ردّ فعل مباشر لمقتل الحسينعليه‌السلام ، وانطلقت من مبدأ الشعور بالإثم والتقصير في نصرة الحسينعليه‌السلام . وكانت سنة ٦٥ ه‍.

٢ ـ ثورة أهل المدينة : وكانت تهدف إلى تقويض سلطان الأمويين الظالم اللاإسلامي ، وقد بدأت هذه الثورة بطرد حاكم يزيد من المدينة ، ومعه كل الأمويين وعددهم ألف شخص. فكان من نتيجة ذلك أن بعث يزيد بالمجرم السفّاك مسلم بن عقبة المرّي ، الّذي اشتهر باسم (مسرف) من شدة ما أسرف في قتل أهل المدينة من أبناء الصحابة والتابعين. وقد سبى المدينة ثلاثة أيام ، حتّى أن جيشه افتضّ ألف فتاة عذراء من بنات الصحابة الأجلاء.

٣ ـ ثورة المختار الثقفي : الّذي خرج من العراق طالبا الأخذ بالثأر من قتلة الحسينعليه‌السلام ، وذلك سنة ٦٦ ه‍. فتتبّع المختار قتلة الحسينعليه‌السلام وآله ، وقتلهم ومثّل بهم. فقتل منهم في يوم واحد مائتين وثمانين رجلا ، حتّى قتل منهم الآلاف.ولم ينج منه أحد ، حتّى عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وأضرابهم.

٢٩٩

٤ ـ ثورة ابن الأشعث : وفي سنة ٨١ ه‍ ثار عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث على الحجاج في العراق ، وخلع عبد الملك بن مروان. وقد استمرت ثورته إلى سنة ٨٣ ه‍ ، وأحرزت انتصارات عسكرية ، ثم قضى عليها الحجاج بمساعدة جيوش شامية.

٥ ـ ثورة الشهيد زيد بن علي : وفي سنة ١٢٢ ه‍ ثار في الكوفة على طغيان الأمويين زيد بن علي ، وهو ابن الإمام زين العابدينعليه‌السلام . ولكن سرعان ما أخمدت ثورته ، وقتل وصلبرحمه‌الله .

وكان من نتيجة هذه الثورات تقويض ملك بني أمية خلال تسعين سنة ، وقد كان يتوقع له أن يستمر مئات السنين.

فلسفة الابتلاء

٣٠٠ ـ الدنيا دار ابتلاء :

(الأنوار النعمانية للسيد نعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٦)

يقول السيد نعمة الله الجزائري : اعلم أيّدك الله أن البلاء إنما كتب على المؤمن ، وأن الدنيا ليست بدار ثواب ولا بدار عقاب ، لم يرض سبحانه بأن يجعل ثواب المؤمن فيها ولا عقاب الكافر فيها ، وذلك لقلة أيامها ونقصان الأعمار فيها ، ومن ثم بعث الدواهي والمصائب فيها إلى أحبابه وأقاربه.

ولا مصيبة مثل مصيبة مولانا الحسينعليه‌السلام ، فإنها هدّت أركان الدين وصدّعت قواعد الشرع المبين ، وأبكت الأجفان وأقرحت القلوب. ولعمري إنها المصيبة التي يتسلى بها المؤمن عن كل مصاب ، والداهية المنسية له مفارقة الخلان والأحباب.

٣٠١ ـ المؤمن أشدّ ابتلاء :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٦٨)

روي أن رجلا جاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوقف بين يديه ، فقال : يا رسول الله إني أحب اللهعزوجل ، فقال : استعدّ للبلاء!. فقال : يا رسول الله وإني أحبك ، فقال له : استعدّ للفقر!. فقال : وإني أحبّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال : استعدّ لكثرة الأعداء!.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573