وسائل الشيعة الجزء ١١

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 562

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 562 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 289598 / تحميل: 7232
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) (١) ؟ قال: ذلك أهل مكة، ليس لهم متعة، ولا عليهم عمرّة قال: قلت: فما حدّ ذلكَ؟ قال: ثمانية وأربعين ميلاً من جميع نواحي مكة، دون عسفان، ودون ذات عرق.

[ ١٤٧٤٣ ] ٨ - محمّد بن علي بن الحسين في( عيون الأَخبار) بإسناده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا( عليه‌السلام ) - في كتابه إلى المأمون - قال: ولا يجوز الحجّ إلّا متمتّعاً، ولا يجوز القران والإِفراد الذي تستعمله العامّة إلّا لأَهل مكة وحاضريها.

[ ١٤٧٤٤ ] ٩ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الاشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: وأهل مكة لا متعة لهم.

[ ١٤٧٤٥ ] ١٠ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجلّ:( ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) (٢) قال: من كان منزله على ثمانية عشر ميلاً من بين يديها، وثمانية عشر ميلا من خلفها، وثمانية عشر ميلا عن يمينها، وثمانية عشر ميلاً عن يسارها، فلا متعة له مثل مرّ (٣) وأشباهه.

__________________

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

٨ - عيون أخبار الرّضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٢٤، وأورد نحوه عن تحف العقول: ٤١٩.

٩ - الكافي ٤: ٣٠٠ / ٥، وأورد قطعات منه في الحديث ٢ من الباب ٧، وفي الحديث ٥ من الباب ٩، وفي الحديث ١ من الباب ١٦، وفي الحديث ١ من الباب ١٧، وفي الحديث ١٥ من الباب ٢١ من هذه الأبواب.

١٠ - الكافي ٤: ٣٠٠ / ٣.

(٢) البقرة ٢: ١٩٦.

(٣) مرّ: قرية قرب مكة على واد اسمه وادي الظهران فسميت القرية باسمه مرّ الظهران ( معجم البلدان ٤: ٦٣ ).

٢٦١

أقول: هذا غير صريح في حكم ما زاد عن ثمانية عشر ميلاً، فهو موافق لغيره فيها وفيما دونها، فيبقى تصريح حديث زرارة وغيره بالتفصيل سالماً عن المعارض.

[ ١٤٧٤٦ ] ١١ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن داود، عن حمّاد، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن أهل مكّة، أيتمتّعون؟ قال: ليس لهم متعة الحديث.

[ ١٤٧٤٧ ] ١٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قلت: لأَهل مكّة متعة؟ قال: لا، ولا لأَهل بستان، ولا لأَهل ذات عرق، ولا لأَهل عسفان ونحوها (١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(٢) ، ويأتي مايدلّ عليه(٣) .

٧ - باب جواز التمتع للمكي اذا بعد ثم رجع فمرّ ببعض المواقيت

[ ١٤٧٤٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجّاج وعبد الرحمن بن أعين قالا:

__________________

١١ - الكافي ٤: ٣٠٠ / ٤، وأورده بتمامه في الحديث ٧ من الباب ٩ من هذه الأبواب.

١٢ - الكافي ٤: ٢٩٩ / ٢.

(١) روى العيّاشي في تفسيره أكثر أحاديث هذا الباب وأكثر الأبواب التي بعده ( منه - قده ).

(٢) تقدم في الحديث ٢٩ من الباب ٢ من هذا الأبواب.

(٣) يأتي في الاحاديث ٣، ٤، ٥ من الباب ٨، وفي الباب ٩ من هذه الأبواب.

الباب ٧

فيه حديثان

١ - التهذيب ٥: ٣٣ / ١٠٠، والاستبصار ٢: ١٥٨ / ٥١٨، وأورد نحو ذيله في الحديث ٣ من الباب ٢٢ من هذه البواب.

٢٦٢

سألنا أبا الحسن موسى( عليه‌السلام ) عن رجل من أهل مكّة خرج إلى بعض الأَمصار، ثمّ رجع فمرّ ببعض المواقيت التي وقت رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) له أن يتمتّع؟ فقال: ما أزعم أنّ ذلك ليس له، والإِهلال بالحجّ أحبّ إلّي، ورأيت من سأل أبا جعفر( عليه‌السلام ) وذلك أوّل ليلة من شهر رمضان فقال له: جعلت فداك، إنّي قد نويت أن أصوم بالمدينة، قال: تصوم، إن شاء الله تعالى، قال له: وأرجو أن يكون خروجي في عشر من شوال، فقال: تخرج إن شاء الله، فقال له: قد نويت أن أحجّ عنك أو عن أبيك، فكيف أصنع؟ فقال له: تمتّع، فقال له: إن الله ربما منّ علّي بزيارة رسوله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، وزيارتك، والسلام عليك، وربما حججت عنك، وربما حججت عن أبيك، وربما حججت عن بعض إخواني أو عن نفسي فكيف أصنع؟ فقال له: تمتّع، فرد عليه القول ثلاث مرّات، يقول: إنّي مقيم بمكّة وأهلي بها، فيقول: تمتّع فسأله بعد ذلك رجل من أصحابنا فقال: إنّي أُريد أن افرد عمرّة هذا الشهر - يعني: شوال -، فقال له: أنت مرتهن بالحجّ، فقال له الرجل: إنّ أهلي ومنزلي بالمدينة، ولي بمكّة أهل ومنزل، وبينهما أهل ومنازل، فقال له: أنت مرتهن بالحجّ، فقال له الرجل: فإنّ لي ضياعاً حول مكّة، وأُريد أن أخرج حلالاً، فإذا كان إباّن الحجّ حججت.

[ ١٤٧٤٩ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأَشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: سألته عن رجل من أهل مكّة يخرج إلى بعض الأَمصار ثمّ يرجع إلى مكّة، فيمرّ ببعض المواقيت، أله أن يتمتّع؟ قال: ما أزعم أنّ ذلك ليس له لو فعل، وكان الإِهلال أحبّ إلي.

__________________

٢ - الكافي ٤: ٣٠٠ / ٥.

٢٦٣

٨ - باب جواز حجّ التمتع للمجاور ، ووجوبه في الواجب قبل أن يتعين عليه غيره

[ ١٤٧٥٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أبان بن عثمان، عن سماعة، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: سألته عن المجاور، أله أن يتمتّع بالعمرّة إلى الحجّ؟ قال: نعم، يخرج إلى مهلّ أرضه فيلبي، إن شاء.

[ ١٤٧٥١ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن سماعة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: المجاور بمكّة إذا دخلها بعمرّة في غير أشهر الحجّ في رجب أو شعبان أو شهر رمضان أو غير ذلك من الشهور إلّا أشهر الحجّ فإن أشهر الحجّ، شوال، وذو القعدة، وذو الحجّة، ومن دخلها بعمرّة في غير أشهر الحجّ، ثم أراد أن يحرم فليخرج إلى الجعرانة (١) فيحرم منها، ثم يأتي مكّة ولا يقطع التلبية حتى ينظر إلى البيت، ثمّ يطوف بالبيت ويصلّي الركعتين عند مقام إبراهيم( عليه‌السلام ) ، ثمّ يخرج إلى الصفا والمروة فيطوف بينهما، ثمّ يقصر ويحلّ، ثم يعقد التلبية يوم التروية.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) ، وكذا ما قبله.

[ ١٤٧٥٢ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي

__________________

الباب ٨

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٤: ٣٠٢ / ٧، التهذيب ٥: ٥٩ / ١٨٨، وأورده في الحديث ١ من الباب ١٩ من أبواب المواقيت.

٢ - الكافي ٤: ٣٠٢ / ١٠.

(١) الجعرانة: ماء بين مكة والطائف وهي إلى مكة قرب ( معجم البلدان ٢: ١٤٢ ).

(٢) التهذيب ٥: ٦٠ / ١٩٠.

٣ - التهذيب ٥: ٤٧٦ / ١٦٧٩.

٢٦٤

عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في المجاور بمكّة يخرج إلى أهله ثمّ يرجع مكّة بأي شيء يدخل؟ فقال: إن كان مقامه بمكّة اكثر من ستة أشهر فلا يتمتّع، وإن كان أقلّ من ستّة أشهر فله أن يتمتّع.

[ ١٤٧٥٣ ] ٤ - وبإسناده عن العبّاس بن معروف، عن فضالة، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما( عليهما‌السلام ) قال: من أقام بمكّة سنة فهو بمنزلة أهل مكّة.

[ ١٤٧٥٤ ] ٥ - وبإسناده عن أيّوب بن نوح، عن عبد الله بن المغيرة، عن الحسين بن عثمان وغيره، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من أقام بمكّة خمسة أشهر فليس له أن يتمتّع.

أقول: ويأتي مايدلّ على ذلك(١) ، والنهي عن التمتع هنا محمول على التقية أو على الجواز في المندوب خاصة لما مضى(٢) ويأتي(٣) .

٩ - باب حكم من أقام بمكّة سنتين ثم استطاع ، متى ينتقل فرضه إلى القران أو الإِفراد ، ومن أين يحرم ب الحجّ والعمرة ، وحكم من كان له منزلان قريب وبعيد

[ ١٤٧٥٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم، عن

__________________

٤ - التهذيب ٥: ٤٧٦ / ١٦٨٠.

٥ - التهذيب ٥: ٤٧٦ / ١٦٨٢.

(١) يأتي في البابين ٩، ١٠ من هذه الأبواب، وفي الباب ١٩ من أبواب المواقيت.

(٢) مضى في الاحاديث ١، ٢، ٣، ٤ من هذا الباب.

(٣) يأتي في الباب ٩ من هذه الأبواب.

الباب ٩

فيه ٩ أحاديث

١ - التهذيب ٥: ٣٤ / ١٠١، والاستبصار ٢: ١٥٩ / ٥١٩.

٢٦٥

عبد الرحمن، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: من أقام بمكّة سنتين فهو من أهل مكّة لا متعة له، فقلت لأَبي جعفر( عليه‌السلام ) : أرأيت إن كان له أهل بالعراق وأهل بمكة، قال: فلينظر أيهما الغالب عليه فهو من أهله.

وبإسناده عن زرارة مثله(١) .

[ ١٤٧٥٦ ] ٢ - وعن موسى بن القاسم، عن محمّد بن عذافر، عن عمرّ بن يزيد قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : المجاور بمكّة يتمتّع بالعمرّة إلى الحجّ إلى سنتين، فإذا جاوز سنتين كان قاطناً، وليس له أن يتمتّع.

[ ١٤٧٥٧ ] ٣ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) لأَهل مكّة أن يتمتّعوا؟ فقال: لا، ليس لأَهل مكّة أن يتمتّعوا، قال: قلت: فالقاطنين بها، قال: إذا أقاموا سنة أو سنتين، صنعوا كما يصنع أهل مكّة، فإذا أقاموا شهرا فإن لهم أن يتمتّعوا، قلت: من أين؟ قال: يخرجون من الحرم، قلت: من أين يهلون بالحجّ؟ فقال: من مكّة نحواً ممّا يقول الناس.

قال العلامة في( المختلف ): السؤال وقع عن القاطنين، وإنّما يتحقّق الاستيطان بإقامة سنة كاملة، وإذا أقام هؤلاء الذين أقاموا سنة سنة أُخرى انتقل فرضهم فلا منافاة (٢) .

[ ١٤٧٥٨ ] ٤ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن مسكان، عن

__________________

(١) التهذيب ٥: ٤٩٢ / ١٧٦٧.

٢ - التهذيب ٥: ٣٤ / ١٠٢.

٣ - التهذيب ٥: ٣٥ / ١٠٣.

(٢) راجع مختلف الشيعة: ٢٦١.

٤ - التهذيب ٥: ٤٤٦ / ١٥٥٤.

٢٦٦

إبراهيم بن ميمون وقد كان إبراهيم بن ميمون تلك السنة معنا بالمدينة قال: قلت لأَبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إن أصحابنا مجاورون بمكّة وهم يسألوني لو قدمت عليهم، كيف يصنعون فقال: قل لهم: إذا كان هلال ذي الحجّة فليخرجوا إلى التنعيم فليحرموا وليطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يطوفوا فيعقدوا بالتلبية عند كلّ طواف، ثم قال: أمّا أنت: فإنّك تمتع في أشهر الحجّ، وأحرم يوم التروية من المسجد الحرام.

أقول: هذا الإِجمال محمول على التفصيل السابق(١) ، أو على الجواز في الندب أو على التقيّة.

[ ١٤٧٥٩ ] ٥ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأَشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إني اريد الجوار(٢) ، فكيف أصنع؟ فقال: إذا رأيت الهلال هلال ذي الحجّة فاخرج إلى الجعرانة فأحرم منها بالحجّ - إلى أن قال: - إن سفيان فقيهكم أتاني فقال: ما يحملك على أن تأمرّ أصحابك يأتون الجعرانة فيحرمون منها؟ قلت له: هو وقت من مواقيت رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، فقال: وأيّ وقت من مواقيت رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) هو؟ فقلت: أحرم منها حين قسّم غنائم حنين ومرجعه من الطائف، فقال: إنمّا هذا شيء أخذته عن عبد الله بن عمر، كان إذا رأى الهلال صاح بالحجّ فقلت: أليس قد كان عندكم مرضيّا؟ فقال: بلى، ولكن أما علمت أن أصحاب رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أحرموا من المسجد، فقلت: إنّ أُولئك كانوا متمتّعين في أعناقهم الدماء، وإن هؤلاء قطنوا مكّة فصاروا كأنّهم من أهل مكّة، وأهل مكّة لا متعة لهم،

__________________

(١) سبق في الاحاديث ١، ٢، ٣ من هذا الباب.

٥ - الكافي ٤: ٣٠٠ / ٥، والتهذيب ٥: ٤٥ / ١٣٧.

(٢) في التهذيب زيادة: بمكّة ( هامش المخطوط ).

٢٦٧

فأحببت أن يخرجوا من مكّة إلى بعض المواقيت، وأن يستغبوا به أياما، فقال لي وأنا اخبره أنها وقت من مواقيت رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : يا أبا عبد الله، فاني أرى لك أن لا تفعل، فضحكت وقلت: ولكني أرى لهم أن يفعلوا، فسأل عبد الرحمن عمن معنا من النساء، كيف يصنعن؟ فقال: لولا أنّ خروج النساء شهرة لأَمرت الصرورة منهنّ أن تخرج، ولكن مرّ من كان منهنّ صرورة أن تهلّ بالحجّ في هلال ذي الحجّة، وأمّا اللواتي قد حججن فإن شئن ففي خمسة من الشهر، وإن شئن فيوم التروية فخرج وأقمنا فاعتل بعض من كان معنا من النساء الصرورة منهن فقدم في خمس من ذي الحجّة فأرسلت إليه أن بعض من عنا من صرورة النساء قد اعتل، فكيف تصنع؟ قال فلتنظر ما بينها وبين التروية، فإن طهرت فلتهلّ بالحجّ وإلّا فلا يدخل عليها يوم التروية إلّا وهي محرمة، وأمّا الأَواخر فيوم التروية الحديث.

[ ١٤٧٦٠ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن أبي الفضل قال: كنت مجاوراً بمكّة فسألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) من أين أُحرم بالحجّ؟ فقال: من حيث أحرم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) من الجعرانة أتاه في ذلك المكان فتوح، فتح الطائف وفتح خيبر والفتح، فقلت: متى أخرج؟ قال: إذا كنت صرورة فإذا مضى من ذي الحجّة يوم، فإذا كنت قد حججت قبل ذلك فإذا مضى من الشهر خمس.

[ ١٤٧٦١ ] ٧ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن داود، عن حمّاد قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن أهل مكّة، أيتمتّعون؟ قال: ليس لهم متعة، قلت: فالقاطن بها، قال: إذا أقام بها سنة

__________________

٦ - الكافي ٤: ٣٠٢ / ٩.

٧ - الكافي ٤: ٣٠٠ / ٤، وأورد صدره في الحديث ١١ من الباب ٦ من هذه الأبواب.

٢٦٨

أو سنتين صنع صنع أهل مكّة، قلت، فإن مكث الشهر قال: يتمتّع، قلت: من أين (١) ؟ قال: يخرج من الحرم، قلت: من أين يهل بالحجّ؟ قال: من مكّة نحواً ممّا يقول الناس.

أقول: تقدّم الوجه في مثله(٢) .

[ ١٤٧٦٢ ] ٨ - وعنه، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: المجاور بمكّة سنة يعمل عمل أهل مكّة - يعني: يفرد الحجّ مع أهل مكّة - وما كان دون السنة فله أن يتمتّع.

أقول: تقدّم الوجه في مثله(٣) ، ويحتمل الحمل على الجواز في الندب وعلى التقية.

[ ١٤٧٦٣ ] ٩ - وعنه، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حرير، عمّن أخبره، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: من دخل مكّة بحجّة عن غيره، ثمّ أقام سنة فهو مكّي، فإذا أراد أن يحجّ عن نفسه أو أراد أن يعتمرّ بعدما انصرف من عرفة فليس له أن يحرم من مكة، ولكن يخرج إلى الوقت وكلّما حول (٤) رجع إلى الوقت.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٥) .

____________

(١) في نسخة زيادة: يحرم ( هامش المخطوط ).

(٢) تقدم في ذيل الحديث ٣ من هذا الباب.

٨ - الكافي ٤: ٣٠١ / ٦.

(٣) تقدم في ذيل الحديث ٣ من هذا الباب.

٩ - الكافي ٤: ٣٠٢ / ٨.

(٤) في نسخة: حوله ( هامش المخطوط ).

(٥) التهذيب ٥: ٦٠ / ١٨٩.

وتقدّم ما يدلّ على حكم من كان له منزلان في الحديث ١ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

ويأتي في الحديث ٣ من الباب ٢٢ من هذه الأبواب.

٢٦٩

١٠ - باب وجوب كون الإِحرام بعمرّة التمتع في اشهر الحجّ واختصاص وجوب الهدي بالمتمتع

[ ١٤٧٦٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن سعيد الاعرج قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : من تمتّع في أشهر الحجّ ثم أقام بمكّة حتى يحضر الحجّ من قابل فعليه شاة، ومن تمتّع في غير أشهر الحجّ ثمّ جاور حتى يحضر الحجّ فليس عليه دم إنما هي حجّة مفردة، وإنمّا الأَضحى على أهل الأَمصار.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(١) .

[ ١٤٧٦٥ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) انه قال: من حجّ معتمراً في شوّال، ومن نيته أن يعتمرّ ويرجع إلى بلاده فلا بأس بذلك، وإن هو أقام إلى الحجّ فهو متمتّع، لان أشهر الحجّ، شوّال وذو القعدّة وذو الحجّة، فمن اعتمرّ فيهن وأقام إلى الحجّ فهي متعة، ومن رجع إلى بلاده ولم يقم إلى الحجّ فهي عمرة، وإن اعتمرّ في شهر رمضان أو قبله وأقام إلى الحجّ فليس بمتمتع، وإنمّا هو مجاور أفرد العمرة، فإن هو أحبّ أن يتمتّع في أشهر الحجّ بالعمرّة إلى الحجّ فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق، او يجاوز عسفان، فيدخل متمتّعاً بالعمرّة إلى الحجّ، فإن هو أحبّ أن يفرد الحجّ فليخرج إلى الجعرانة فيلبّي منها.

__________________

الباب ١٠

فيه حديثان

١ - الكافي ٤: ٤٨٧ / ١، وأورده في الحديث ١١ من الباب ١ من أبواب الذبح.

(١) التهذيب ٥: ٣٦ / ١٠٨ و ١٩٩ / ٦٦٢ و ٢٨٨ / ٩٨٠، والاستبصار ٢: ٢٥٩ / ٩١٣.

٢ - الفقيه ٢: ٢٧٤ / ١٣٣٥، وأورد صدره في الحديث ١٣ من الباب ٧ من أبواب العمرة.

٢٧٠

أقول: وتقدم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

١١ - باب أن أشهرالحجّ هي : شوّال وذو القعدّة وذو الحجّة ، لا يجوز الإِحرام بالحجّ ولا بعمرّة التمتع إلّا فيها

[ ١٤٧٦٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم، عن صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إنّ الله تعالى يقول: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) (٣) وهي: شوال وذو القعدة وذو الحجّة.

[ ١٤٧٦٧ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجلّ:( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ) (٤) والفرض: التلبية والإِشعار والتقليد، فأيّ ذلك فعل فقد فرض الحجّ، ولا يفرض الحجّ إلّا في هذه الشهور التي قال الله عزّ وجلّ: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ) (٥) وهو: شوّال وذو القعدة وذو الحجّة.

[ ١٤٧٦٨ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار،

__________________

(١) تقدم في الحديث ٣ من الباب ٥، وفي الحديث ٢٩ من الباب ٢ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في البابين ١١، ١٥، وفي الاحاديث ٦، ٧، ١٠، ١٤ من الباب ٢١ من هذه الأبواب.

الباب ١١

فيه ١٣ حديثاً

١ - التهذيب ٥: ٤٤٥ / ١٥٥٠.

(٣) البقرة ٢: ١٩٧.

٢ - الكافي ٤: ٢٨٩ / ٢.

(٤ و ٥) البقرة ٢: ١٩٧.

٣ - الكافي ٤: ٣١٧ / ١، وأورده بتمامه في الحديث ٤ من الباب ٢ من أبواب الاحرام.

٢٧١

عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ) (١) شوّال وذو القعدة وذو الحجّة الحديث.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٢) .

[ ١٤٧٦٩ ] ٤ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أُذينة قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : من أحرم بالحجّ في غير أشهر الحجّ فلا حجّ له، ومن أحرم دون الميقات فلا إحرام له.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن محمّد بن صدقة الشعيري (٣) عن ابن أُذينة مثله(٤) .

[ ١٤٧٧٠ ] ٥ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن مثنى الحناط، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ) (٥) شوّال وذو القعدّة وذو الحجّة، ليس لأَحد أن يحجّ فيما(٦) سواهنّ.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٧) .

__________________

(١) البقرة ٢: ١٩٧.

(٢) التهذيب ٥: ٤٦ / ١٣٩، والاستبصار ٢: ١٦٠ / ٥٢٠.

٤ - الكافي ٤: ٣٢٢ / ٤، وأورد ذيله في الحديث ٣ من الباب ٩ من أبواب المواقيت.

(٣) في التهذيب: محمّد بن صدقة البصري.

(٤) التهديب ٥: ٥٢ / ١٥٧، والاستبصار ٢: ١٦٢ / ٥٢٩.

٥ - الكافي ٤: ٢٨٩ / ١، و ٣٢١ / ٢ بزيادة، وأورد ذيله في الحديث ٣ من الباب ١١ من أبواب المواقيت.

(٥) البقرة ٢: ١٩٧.

(٦) في التهذيب: أن يحرم بالحجّ في ( هامش المخطوط ).

(٧) التهذيب ٥: ٥١ / ١٥٥، والاستبصار ٢: ١٦١ / ٥٢٧.

٢٧٢

[ ١٤٧٧١ ] ٦ - وعن علي بن إبراهيم بإسناده قال: أشهر الحجّ، شوّال وذو القعدّة وعشر من ذي الحجّة، وأشهر السياحة عشرون من ذي الحجّة والمحرّم وصفر وشهر ربيع الأَوّل وعشر من شهر ربيع الاخر.

[ ١٤٧٧٢ ] ٧ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن أبي جعفر الأَحول، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجل فرض الحجّ في غير أشهر الحجّ، قال: يجعلها عمرة.

[ ١٤٧٧٣ ] ٨ - وبإسناده عن أبان(١) ، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجلّ:( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ) (٢) قال: شوّال وذو القعدّة وذو الحجّة، ليس لأَحد أن يحرم بالحجّ فيما سواهنّ.

[ ١٤٧٧٤ ] ٩ - قال: وفي رواية أُخرى وشهر مفرد للعمرة، رجب.

[ ١٤٧٧٥ ] ١٠ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : ما خلق الله في الارض بقعة أحبّ إليه من الكعبة، ولا أكرم عليه منها، ولها حرّم الله عزّ وجلّ الأَشهر الحرم الأَربعة في كتابه يوم خلق السماوات والأَرض، ثلاثة منها متوالية للحجّ، وشهر مفرد للعمرّة رجب.

أقول: الأشهر الحرم هنا بمعنى آخر غير المعنى الشمهور لدخول شوّال وخروج المحرّم، والمعنى المشهور بالعكس.

[ ١٤٧٧٦ ] ١١ - وقال( عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجلّ:( فَسِيحُوا فِي

__________________

٦ - الكافي ٤: ٢٩٠ / ٣.

٧ - والفقيه ٢: ٢٧٨ / ١٣٦١.

٨ - الفقيه ٢: ٢٧٧ / ١٣٥٧.

(١) في نسخة: زرارة ( هامش المخطوط ).

(٢) البقرة ٢: ١٩٧.

٩ - الفقيه ٢: ٢٧٨ / ١٣٥٨.

١٠ - الفقيه ٢: ٢٧٨ / ١٣٥٩ وأورد نحوه في الحديث ٨ من الباب ٣ من أبواب العمرة.

١١ - الفقيه ٢: ٢٧٨ / ١٣٦٠.

٢٧٣

الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) (١) قال: عشرين من ذي الحجّة، والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأَوّل، وعشرة أيّام من شهر ربيع الاخر، ولا يحسب في الأَربعة الاشهر عشرة أيّام من أول ذي الحجّة.

[ ١٤٧٧٧ ] ١٢ - وفي( العلل) و( عيون الاخبار) بأسانيد تأتي (٢) عن الفضل بن شاذان، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: إنمّا جعل وقتها - يعني: عمرّة التمتّع - عشر ذي الحجّة، لأَنّ الله عزّ وجلّ أحبّ أن يعبد بهذه العبادة في أيّام التشريق، وكان أوّل ما حجت إليه الملائكة وطافت به في هذا الوقت، فجعله سنة ووقتا إلى يوم القيامة، فأما النبيون، آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد رسول الله( صلوات الله عليهم) وغيرهم من الأَنبياء إنما حجّوا في هذا الوقت، فجعلت سنة في أولادهم إلى يوم القيامة (٣) .

[ ١٤٧٧٨ ] ١٣ - وفي( معاني الأَخبار) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن المثنى، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجلّ:( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ) (٤) قال: شوّال وذو القعدّة وذو الحجّة، قال: وفي خبر آخر، وشهر مفرد للعمرّة رجب.

أقول: وتقدّم مايدلّ على ذلك(٥) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٦) .

__________________

(١) التوبة ٩: ٢.

١٢ - علل الشرائع: ٢٧٤، وعيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٢٠، وأورد صدره في الحديث ٢٧ من الباب ٢ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الفائدة الأَولى من الخاتمة برمز ( ب ).

(٣) في العلل: يوم الدين ( هامش المخطوط ).

١٣ - معاني الاخبار: ٢٩٣ / ١.

(٤) البقرة ٢: ١٩٧.

(٥) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٨، وفي الحديث ٢ من الباب ١٠ من هذه الأبواب.

(٦) يأتي في الباب ١٥ من هذه الأبواب، وفي الباب ٢، وفي الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب =

٢٧٤

١٢ - باب استحباب الإِشعار والتقليد وجملة من أحكامها

[ ١٤٧٧٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن البدن، كيف تشعر؟ قال: تشعر وهي معقولة، وتنحر وهي قائمة، تشعر من جانبها الأَيمن، ويحرم صاحبها إذا قلّدت وأشعرت.

[ ١٤٧٨٠ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأَبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إنّي قد اشتريت بدنة، فكيف أصنع بها؟ فقال: انطلق حتى تأتي مسجد الشجرة، فأفض عليك من الماء، وألبس ثوبك ثم انخها مستقبل القبلة، ثمّ ادخل المسجد فصل، ثم افرض بعد صلاتك، ثم اخرج إليها فأشعرها من الجانب الأَيمن من سنامها، ثم قل: بسم الله، اللّهمّ منك ولك اللهم تقبل مني، ثم انطلق حتى تأتي البيداء فلبّه.

[ ١٤٧٨١ ] ٣ - ورواه الصدوق بإسناده عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، إلا انه قال: خرجت في عمرّة فاشتريت بدنة وأنا بالمدينة، فأرسلت إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) فسألته، كيف أصنع بها؟ فأرسل إليّ: ما كنت تصنع بهذا، فإنّه كان يجزيك أن تشتري من عرفة قال: انطلق، وذكر نحوه.

__________________

= الاحرام، وفي الحديث ١ من الباب ٢٩ من أبواب مقدمات الطواف.

الباب ١٢

فيه ٢٢ حديثاً

١ - الكافي ٤: ٢٩٧ / ٤.

٢ - الكافي ٤: ٢٩٦ / ١.

٣ - الفقيه ٢: ٢١٠ / ٩٥٨.

٢٧٥

[ ١٤٧٨٢ ] ٤ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: البدن تشعر في الجانب الأَيمن، ويقوم الرجل في الجانب الأَيسر، ثم يقلّدها بنعل خلق قد صلّى فيها.

[ ١٤٧٨٣ ] ٥ - وعن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أبان، عن محمّد الحلبي قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن تجليل الهدي وتقليدها؟ فقال: لا تبالي أيّ ذلك فعلت، وسألته عن إشعار الهدي؟ فقال: نعم، من الشق الأَيمن، فقلت: متى يشعرها؟ قال: حين يريد أن يحرم.

[ ١٤٧٨٤ ] ٦ - وبالإِسناد عن أبان، عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله وزرارة قالا: سألنا أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن البدن، كيف تشعر؟ ومتى يحرم صاحبها؟ ومن أي جانب تشعر؟ ومعقولة تنحر أو باركة؟ فقال: تشعر معقولة، وتشعر من الجانب الأَيمن.

[ ١٤٧٨٥ ] ٧ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إذا كانت البدن كثيرة قام فيما بين ثنتين، ثم أشعر اليمنى، ثم اليسرى، ولا يشعر أبداً حتى يتهيأ للإِحرام، لأَنّه إذا أشعر وقلّد وجلّل وجب عليه الإِحرام، وهي بمنزلة التلبية.

[ ١٤٧٨٦ ] ٨ - محمّد بن علي بن الحسين عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )

__________________

٤ - الكافي ٤: ٢٩٧ / ٦.

٥ - الكافي ٤: ٢٩٦ / ٢.

٦ - الكافي ٤: ٢٩٧ / ٣.

٧ - الكافي ٤: ٢٩٧ / ٥.

٨ - الفقيه ٢: ١٢٨ / ٥٤٨.

٢٧٦

والائمة( عليهم‌السلام ) قال: والإِشعار إنمّا أمر به ليحرم ظهرها على صاحبها من حيث أشعرها، فلا يستطيع الشيطان أن يتسنّمها.

[ ١٤٧٨٧ ] ٩ - وبإسناده عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: كان الناس يقلّدون الغنم والبقر، وإنمّا تركه الناس حديثاً، ويقلّدون بخيط وسير (١) .

[ ١٤٧٨٨ ] ١٠ - وبإسناده عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجل ساق هدياً ولم يقلّده ولم يشعره، قال: قد أجزأ عنه، ما اكثر ما لا يقلّد ولا يشعر ولا يجلّل.

[ ١٤٧٨٩ ] ١١ - وعنه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: تقلدها نعلا خلقاً قد صلّيت فيها، والإِشعار والتقليد بمنزلة التلبية.

[ ١٤٧٩٠ ] ١٢ - وبإسناده عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) إنها تشعر وهي معقولة.

[ ١٤٧٩١ ] ١٣ - وبإسناده عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأَبي عبد الله( عليه‌السلام ) : رجل أحرم من الوقت ومضى ثمّ اشترى بدنة بعد ذلك بيوم أو يومين، وأشعرها وقلّدها وساقها، فقال: إن كان ابتاعها قبل أن يدخل الحرم فلا بأس، قلت: فإنّه اشتراها قبل أن ينتهي إلى الوقت الذي يحرم منه فأشعرها وقلّدها، أيجب عليه حين فعل ذلك ما يجب على المحرم؟ قال: لا، ولكن إذا انتهى إلى

__________________

٩ - الفقيه ٢: ٢٠٩ / ٩٥٢.

(١) في المصدر: أو بسير.

١٠ - الفقيه ٢: ٢٠٩ / ٩٥٣.

١١ - الفقيه ٢: ٢٠٩ / ٩٥٦.

١٢ - الفقيه ٢: ٢٠٩ / ٩٥٧.

١٣ - الفقيه ٢: ٢٠٩ / ٩٥٤.

٢٧٧

الوقت فليحرم ثمّ يشعرها ويقلّدها، فإنّ تقليده الأَول ليس بشيء.

[ ١٤٧٩٢ ] ١٤ - وبإسناده عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن البدن، كيف تشعر؟ قال: تشعر وهي باركة، ويشقّ سنامها الأَيمن وتنحر وهي قائمة من قبل الأَيمن.

[ ١٤٧٩٣ ] ١٥ - وبإسناده عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) (١) قال: إنّما استحسنوا إشعار البدن لأَنّ أول قطرة تقطر من دمها يغفر الله عزّ وجلّ له على ذلك.

ورواه أيضاً مرسلاً عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) (٢) .

ورواه في( العلل) عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن العبّاس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن فضالة، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمرّ مثله (٣) .

[ ١٤٧٩٤ ] ١٦ - محمّد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: والإِشعار ان تطعن في سنامها بحديدة حتّى تدميها.

[ ١٤٧٩٥ ] ١٧ - وعنه، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار قال: البدنة يشعرها من جانبها الأَيمن، ثمّ يقلّدها بنعل قد صلّى فيها.

__________________

١٤ - الفقيه ٢: ٢٠٩ / ٩٥٥.

١٥ - الفقيه ٢: ٢٠٩ / ٩٥١.

(١) كذا في الاصل والمخطوط، لكن في المصدرين: عن أبي جعفر، بدل أبي عبد الله (عليهما‌السلام )

(٢) الفقيه ٢: ١٣٨ / ٥٩٢.

(٣) علل الشرائع: ٤٣٤ / ٢.

١٦ - التهذيب ٥: ٤٢ / ١٢٤، وأورد صدره في الحديث ٦ من الباب ٢، وقطعة منه في الحديث ٢ من الباب ٥ من هذه الأبواب.

١٧ - التهذيب ٥: ٤٣ / ١٢٦.

٢٧٨

[ ١٤٧٩٦ ] ١٨ - وعنه، عن صفوان وابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان قال: سألت ابا عبد الله( عليه‌السلام ) عن البدنة، كيف يشعرها؟ قال: يشعرها وهي باركة، وينحرها وهي قائمة، ويشعرها من جانبها الأَيمن، ثمّ يحرم إذا قلّدت وأشعرت.

[ ١٤٧٩٧ ] ١٩ - وعنه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إذا كانت بدن كثيرة فأردت ان تشعرها، دخل الرجل بين كلّ بدنتين فيشعر هذه من الشقّ الأَيمن، ويشعر هذه من الشقّ الأَيسر، ولا يشعرها ابداً حتى يتهيأ للإِحرام، فإنّه إذا اشعرها وقلّدها وجب عليه الإِحرام وهو بمنزلة التلبية.

[ ١٤٧٩٨ ] ٢٠ - وعنه، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: يوجب الإِحرام ثلاثة أشياء: التلبية، والاشعار، والتقليد، فإذا فعل شيئاً من هذه الثلاثة فقد أحرم.

[ ١٤٧٩٩ ] ٢١ - وعنه، عن محمّد بن عذافر، عن عمرّ بن يزيد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من أشعر بدنته فقد أحرم وإن لم يتكلّم بقليل ولا كثير.

[ ١٤٨٠٠ ] ٢٢ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم(١) ، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر( عليه‌السلام ) أنه سُئل ما بال البدنة تقلّد النعل وتشعر؟ فقال: اما النعل فتعرف انّها بدنة ويعرفها

__________________

١٨ - التهذيب ٥: ٤٣ / ١٢٧.

١٩ - التهذيب ٥: ٤٣ / ١٢٨.

٢٠ - التهذيب ٥: ٤٣ / ١٢٩.

٢١ - التهذيب ٥: ٤٤ / ١٣٠.

٢٢ - التهذيب ٥: ٢٣٨ / ٨٠٤، وأورده في الحديث ٨ من الباب ٣٤ من أبواب الذبح.

(١) في العلل زيادة: عن أبيه.

٢٧٩

صاحبها بنعله، وأمّا الإِشعار فإنّه يحرم ظهرها على صاحبها من حيث أشعرها، فلا يستطيع الشيطان أن يمسها (٢) .

ورواه الصدوق في( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم (٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٥) .

١٣ - باب جواز تقديم المتمتع طواف الحجّ وسعيه على الوقوف للمضطر

[ ١٤٨٠١ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن محمّد، عن ابن بكير وجميل جميعاً، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّهما سألاه عن المتمتّع يقدم طوافه وسعيه في الحجّ؟ فقال: هما سيان قدّمت أو اخرت.

[ ١٤٨٠٢ ] ٢ - وبإسناده عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا إبراهيم( عليه‌السلام ) عن الرجل يتمتّع ثم يهلّ بالحجّ فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة قبل خروجه إلى منى؟ فقال: لا بأس.

__________________

(١) في نسخة: يتسنّمها ( هامش المخطوط ).

(٢) علل الشرائع: ٤٣٤ / ١.

(٣) تقدم في الحديثين ٣، ٥، من الباب ٥، وفي الحديث ٢ من الباب ١١ من هذه الأبواب، وفي الحديث ١١ من الباب ٦ من أبواب وجوب الحجّ.

(٤) يأتي في الحديث ١ من الباب ٩ من أبواب المواقيت، وفي الحديث ٥ من الباب ١٤ من أبواب الاحرام، وفي الحديث ٢ من الباب ١١ من أبواب النذر.

الباب ١٣

فيه ٧ أحاديث

١ - التهذيب ٥: ٤٧٧ / ١٦٨٥.

٢ - التهذيب ٥: ٤٧٧ / ١٦٨٦.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

الشرط فاسداً ؛ لأنّه يجب عليه أن يمنع أهل الحرب من دخول دار الإسلام ، فلا يجوز أن يشترط خلافه. وإن كانوا في دار الحرب أو بين دار الإسلام ودار الحرب ، كان الشرط جائزاً ؛ لعدم تضمّنه تمكين أهل الحرب من دار الإسلام.

إذا ثبت هذا ، فمتى قصدهم أهل الحرب ولم يدفعهم عنهم حتى مضى حول ، فلا جزية عليهم ؛ لأنّ الجزية تُستحقّ بالدفع ، فإن سباهم أهل الحرب ، فعليه أن يردّ ما سبي منهم من الأموال ؛ لأنّ عليه حفظ أموالهم. فإن كان في جملته خمر أو خنزير ، لم تلزمه استعادته(١) ؛ لأنّه لا يحلّ إمساكه.

وإذا أغار أهل الحرب على أهل الهدنة وأخذوا أموالهم وظفر الإمام بأهل الحرب واستنقذ أموال أهل الهدنة ، قال الشافعي : يردّها الإمام عليهم(٢) .

وكذا إذا اشترى مسلم من أهل الحرب ما أخذوه من أهل الهدنة ، وجب ردّه عليهم ، لأنّه في عهدٍ منه ، فلا يجوز أن يتملّك ما سبي منهم ، كأهل الذمّة.

وقال أبو حنيفة : لا يجب ردّ ما أخذوه من أهل الحرب من أموالهم ؛ لأنّه لا يجب عليه أن يدفعهم عنهم ، فلا يلزمه ردّ ما استنقذه منهم ، كما لو أغار أهل الحرب على أهل الحرب(٣) .

____________________

(١) في « ق ، ك» : « استيفاؤه » بدل « استعادته ».

(٢) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٥٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٧٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٣١.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ١٠ : ٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٧٧.

٣٨١

وقول أبي حنيفة فيه قوّة.

مسألة ٢٢٧ : إذا انتقض العهد ، جاز قصد بلدهم وتبييتهم والإغارة عليهم في بلادهم‌ إن علموا أنّ ما أتوا به ناقض للعهد. وإن لم يعلموا ، فكذلك الحكم ، أو لا يقاتلون إلّا بعد الإنذار للشافعيّة وجهان(١) .

والأولى أنّه إذا لم يعلموا أنّه خيانة ، لا ينتقض العهد إلّا إذا كان المأتيّ به ممّا لا يشكّ في مضادّته للهدنة ، كالقتال.

فأمّا مَنْ دخل داراً بأمانٍ أو مهادنة ، فلا يغتال وإن انتقض عهده ، بل يبلغ المأمن.

ولو(٢) نقض السوقةُ العهد ولم يعلم الرئيس والأشراف بذلك ، احتمل النقض في حقّ السوقة ، وعدمه ؛ لأنّه لا اعتبار بعقدهم فكذا بنقضهم.

وللشافعيّة وجهان(٣) .

ولو نقض الرئيس وامتنع الأتباع وأنكروا ، ففي الانتقاض في حقّهم للشافعي قولان ، أحدهما : الانتقاض ؛ لأنّه لم يبق العهد في حقّ المتبوع فلا يبقى في حقّ التابع(٤) .

هذا حكم نقض عهد(٥) الهدنة ، وأمّا نقض الذمّة : فنقضه من البعض ليس بنقضٍ من الباقين ، وقد سلف الفرق.

والمعتبر في إبلاغ الكافر المأمن أن يمنعه من المسلمين ويلحقه بأوّل بلاد الكفر(٦) ، ولا يلزم إلحاقه ببلده الذي يسكنه فوق ذلك إلّا أن يكون بين‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٦٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٢٢.

(٢) في « ق » : « وإن » بدل « ولو ».

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٦٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٢٣.

(٥) كلمة « عهد » لم ترد في « ق ، ك».

(٦) في « ق » : الكفّار.

٣٨٢

أوّل بلاد الكفر وبلده الذي يسكنه بلدٌ للمسلمين يحتاج إلى المرور عليه.

وإذا هادنه الإمام مدّةً لضعفٍ وخوف ثمّ زال الخوف وقوي المسلمون ، وجب البقاء عليه ؛ لقوله تعالى :( فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ ) (١) وإن كانت المدّة عشر سنين.

ويجب على الذين هادنّاهم الكفّ عن قبيح القول والعمل في حقّ المسلمين وبذل الجميل منهما. ولو كانوا يُكرمون المسلمين فصاروا يُهينونهم ، أو يضيفون الرسل ويصلونهم فصاروا يقطعونهم ، أو يعظّمون كتاب الإمام فصاروا يستخفّون ، أو نقصوا عمّا كانوا يخاطبونه به ، سألَهم الإمام عن سبب فعلهم ، فإن اعتذروا بما يجوز قبول مثله ، قَبِله ، وإن لم يذكروا عذراً ، أمرهم بالرجوع إلى عادتهم ، فإن امتنعوا ، أعلمهم بنقض الهدنة ونقَضَها ، عند الشافعيّة(٢) .

وسبُّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تنتقض به الهدنة كالذمّة ، عند الشافعي(٣) ، خلافاً لأبي حنيفة فيهما(٤) .

مسألة ٢٢٨ : لو كان تحت كافرٍ عشرُ زوجات فأسلمن وهاجرن وجاء الزوج يطلبهنّ ، اُمر باختيار أربع منهنّ ، ويعطى مهورهنّ ، سواء اختار الأكثر مهراً أو الأقلّ ، وسواء اختار مَنْ دفع إليهنّ المهر أو بعضه أو مَنْ لم يدفع إليهنّ ، فإذا اختار مَنْ لم يدفع إليهنّ شيئاً ، لم يرجع بشي‌ء.

ولو جاءت مستولدةً ، فهي كالأمة.

____________________

(١) التوبة : ٤.

(٢) الحاوي الكبير ١٤ : ٣٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٦٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٢٣ - ٥٢٤.

(٣ و ٤) الحاوي الكبير ١٤ : ٣٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٦٣.

٣٨٣

وأمّا المكاتبة : فإن اقتضى الحال عتقها ، فكذلك ، وتبطل الكتابة ، وإلّا فهي على كتابتها. فإن أدّت مالَ الكتابة ، عُتقت بالكتابة. قال الشافعي : وللسيّد الولاء(١) . فإن عجزت ورُقّتْ ، حُسب ما أخذ من مال الكتابة بعد إسلامها من ضمانها ، ولا يُحسب منه ما اُخذ قبل الإسلام.

مسألة ٢٢٩ : لو عقدنا الهدنة بشرط أن يردّوا مَنْ جاءهم منّا مرتدّاً ويُسلّموه إلينا ، وجب عليهم الوفاء بما التزموه ، فإن امتنعوا ، كانوا ناقضين للعهد.

وإن عقدنا بشرط أن لا يردّوا مَنْ جاءهم ، ففي الجواز إشكال.

وللشافعي قولان :

أشهرهما : الجواز ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شرط ذلك في مهادنة قريش(٢) .

والثاني : المنع ؛ لإعلاء الإسلام ، وإقامة حكم المرتدّين [ عليه ](٣) (٤) .

وقال بعضهم : هذا الشرط يصحّ في حقّ الرجال دون النساء كما لو شرط ردّ مَنْ جاءنا مسلماً ؛ لأنّ الإبضاع يحتاط لها ، ويحرم على الكافر من المرتدّة ما يحرم على المسلم(٥) .

فإن أوجبنا الردّ ، فالذي عليهم التمكين والتخلية دون التسليم.

____________________

(١) الحاوي الكبير ١٤ : ٣٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٧٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٣٠.

(٢) المغازي - للواقدي - ٢ : ٦١١ ، السيرة النبويّة - لابن هشام - ٣ : ٣٣٢ ، دلائل النبوّة - للبيهقي - ٤ : ١٤٧ ، صحيح البخاري ٣ : ٢٤٢ ، صحيح مسلم ٣ : ١٤١١ / ١٧٨٤.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : حكمهم. وما أثبتناه من المصادر.

(٤ و ٥) الحاوي الكبير ١٤ : ٣٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٧٥ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٣٠.

٣٨٤

وكذا الحكم لو جرت المهادنة مطلقاً من غير تعرّضٍ لردّ من ارتدّ بالنفي والإثبات.

وحيث لا يجب عليهم التمكين ولا التسليم فعليهم مهر مَنْ ارتدّ من نساء المسلمين ، وقيمة مَنْ ارتدّ من رقيقهم ، ولا يلزمهم غُرْم مَنْ ارتدّ من الرجال الأحرار.

ولو عاد المرتدّون إلينا ، لم نردّ المهر ، ورددنا القيمة ؛ لأنّ الرقيق بدفع القيمة يصير ملكاً لهم والنساء لا يصرن زوجاتٍ.

وحيث يجب التمكين دون التسليم فمكّنوا ، فلا غرم عليهم سواء وصلنا إلى المطلوبين أو لم نصل. وحيث يجب التسليم فنطالبهم به عند الإمكان.

فإن فات التسليم بالموت ، فعليهم الغرم.

وإن هربوا نُظر إن هربوا قبل القدرة على التسليم ، فلا يغرمون ، أو بعدها ، فيغرمون.

ولو هاجرت إلينا امرأة منهم مسلمة وطلبها زوجها وجاءتهم امرأة منّا مرتدّة ، لا نغرم لزوج المسلمة المهر ، ولكن نقول له : واحدة بواحدة ، ونجعل المهرين قصاصاً ، ويدفع الإمامُ المهر إلى زوج المرتدّة ، ويكتب إلى زعيمهم ليدفع مهرها إلى زوج المهاجرة المسلمة.

هذا إن تساوى القدران ، ولو كان مهر المهاجرة أكثر ، صرفنا مقدار مهر المرتدّة منه إلى زوجها والباقي إلى زوج المهاجرة. وإن كان مهر المرتدّة أكثر ، صرفنا مقدار مهر المهاجرة إلى زوجها والباقي إلى زوج المرتدّة.

٣٨٥

وبهذه المقاصّة فسّر أكثر الشافعيّة(١) قوله تعالى :( وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْ‌ءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا ) (٢) .

ولو قال زوج المسلمة : لا ذنب لي في التحاق المرتدّة بدار المهادنين فلِمَ منعتموني حقّي ، قلنا : ليس لك حقٌّ على قياس أعواض المتلفات ، وإنّما نغرم لك بحكم المهادنة ، وأهل المهادنة في موجب المهادنة كالشخص الواحد.

البحث السابع : في الحكم بين المعاهدين والمهادنين.

مسألة ٢٣٠ : إذا تحاكم إلينا أهل الذمّة بعضهم مع بعض ، تخيّر الحاكم‌ بين الحكم بينهم على مقتضى حكم الإسلام وبين الإعراض عنهم - وبه قال مالك(٣) - لقوله تعالى :( فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ) (٤) .

ولقول الباقرعليه‌السلام : « إنّ الحاكم إذا أتاه أهل التوراة وأهل الإنجيل يتحاكمون إليه ، كان ذلك إليه إن شاء حكم بينهم وإن شاء تركهم »(٥) .

ولأنّهما لا يعتقدان صحّة الحكم ، فأشبها المستأمنين.

وقال المزني : يجب الحكم - وللشافعي قولان - لقوله تعالى :( وَأَنِ

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٧٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٣١.

(٢) الممتحنة : ١١.

(٣) أحكام القرآن - لابن العربي - ٢ : ٦٢٠ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ١٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٨ : ١٠٣.

(٤) المائدة : ٤٢.

(٥) التهذيب ٦ : ٣٠٠ / ٨٣٩.

٣٨٦

احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ) (١) والأمر للوجوب.

ولأنّ دفع الظلم عنهم واجب على الإمام ، والحكم بينهم دفع لذلك عنهم ، فلزمهم(٢) كالمسلمين(٣) .

وآيتنا أخصّ ، والقياس باطل ؛ لأنّ المسلمين يعتقدون صحّة الحكم.

ولو تحاكم إلينا ذمّيُّ مع مسلم أو مستأمنٌ مع مسلم ، وجب على الحاكم أن يحكم بينهما على ما يقتضيه حكم الإسلام ؛ لأنّه يجب عليه حفظ المسلم من ظلم الذمّي ، وبالعكس.

ولو تحاكم إلينا مستأمنان حربيّان من غير أهل الذمّة ، لم يجب على الحاكم أن يحكم بينهما إجماعاً ؛ لأنّه لا يجب على الإمام دفع بعضهم عن بعض ، بخلاف أهل الذمّة. ولأنّ أهل الذمّة آكد حرمةً ؛ فإنّهم يسكنون دار الإسلام على التأبيد.

مسألة ٢٣١ : إذا استعدى أحد الخصمين إلى الإمام ، أعداه على الآخر‌ في كلّ موضع يلزم الحاكم الحكم بينهما ، فإذا استدعى خصمه ، وجب عليه الحضور إلى مجلس الحكم ؛ لأنّ هارون بن حمزة سأل الصادقَعليه‌السلام : رجلان من أهل الكتاب نصرانيّان أو يهوديّان كان بينهما خصومة ، فقضى بينهما حاكم من حُكّامهما بجَوْزٍ فأبى الذي قُضي عليه أن يقبل ، وسأل أن يردّ إلى حكم المسلمين ، قال : « يردّ إلى حكم المسلمين »(٤) .

____________________

(١) المائدة : ٤٩.

(٢) كذا ، والظاهر : فلزمه.

(٣) الحاوي الكبير ١٤ : ٣٨٥ - ٣٨٦ ، الوجيز ٢ : ١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٨ : ١٠٣ ، الوسيط ٥ : ١٣٨ - ١٣٩ ، روضة الطالبين ٥ : ٤٩٠ - ٤٩١ ، المغني ١٠ : ١٩٠ ، التفسير الكبير ١١ : ٢٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ١٨٤.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٠١ / ٨٤٢.

٣٨٧

ويجب إذا حكم بينهم أن يحكم بحكم المسلمين ، لقوله تعالى :( وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ) (١) وقال تعالى :( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ ) (٢) .

ولو جاءت ذمّيّة تستعدي على زوجها الذمّيّ في طلاقٍ أو ظهارٍ أو إيلاءٍ ، تخيّر في الحكم بينهم والردّ إلى أهل نحلتهم ليحكموا بينهم بمذهبهم. فإن حَكَم بينهم ، حَكَم بحكم الإسلام ، ويمنعه في الظهار من أن يقربها حتى يكفّر. ولا يجوز له أن يكفّر بالصوم ؛ لافتقاره إلى نيّة القربة ، ولا بالعتق ؛ لتوقّفه على ملك المسلم ، وهو لا يتحقّق في طرفه إلّا أن يسلم في يده أو يرثها ، بل بالإطعام.

مسألة ٢٣٢ : يجوز للمسلم أخذ مالٍ من نصرانيّ مضاربةً ، ولا يكره ذلك ؛ لأنّ المسلم لا يتصرّف إلّا فيما يسوغ.

ويكره للمسلم أن يدفع إلى المشرك مالاً مضاربةً ؛ لأنّ الكافر قد يتصرّف بما لا يسوغ في الشرع ، فإن فَعَل ، صحّ القراض.

وينبغي له إذا دفع إليه المال أن يشترط عليه أن لا يتصرّف إلّا بما يسوغ في شرعنا ، فإن شرط عليه ذلك فابتاع خمراً أو خنزيراً ، فالشراء باطل ، سواء ابتاعه بعين المال أو في الذمّة ؛ لأنّه خالف الشرطَ. ولا يجوز له أن يقبض الثمن ، فإن قَبَض الثمنَ ، ضمنه.

وإن لم يشترط عليه ذلك بل دفع المال إليه مطلقاً فابتاع ما لا يجوز ابتياعه ، فالبيع باطل ، فإن دفع الثمن ، فعليه الضمان أيضاً ؛ لأنّه ابتاع ما ليس بمباح عندنا.

وإطلاق العقد يقتضي أن يبتاع لربّ المال ما يملكه ربّ المال ،

____________________

(١) المائدة : ٤٢.

(٢) المائدة : ٤٩.

٣٨٨

فإذا(١) خالف ، ضمن.

فإن باع المضارب ونضّ المال ، فإن علم ربّ المال أنّه تصرّف في محظورٍ ، أو خالَط محظوراً ، لم يجز له قبضه ، كما لو اختلطت اُخته بأجنبيّاتٍ ، وإن علم أنّه عين المباح ، قَبَضه ، وإن شكّ ، جاز على كراهة.

ولو أكرى نفسه من ذمّيّ ، فإن كانت الإجارة في الذمّة ، صحّ ؛ لأنّ الحقّ ثابت في ذمّته. وإن كانت معيّنةً ، فإن استأجره ليخدمه شهراً أو يبني له شهراً ، صحّ أيضاً. وتكون أوقات العبادة مستثناةً منها.

مسألة ٢٣٣ : لو فَعَل الذمّيّ ما لا يجوز في شرع الإسلام ولا في شرعهم‌ - كالزنا واللواط والسرقة والقتل والقطع - كان الحكم في ذلك كالحكم بين المسلمين في إقامة الحدود ؛ لأنّهم عقدوا الذمّة بشرط أن يجرى عليهم أحكام المسلمين.

وإن كان ما يجوز في شرعهم - كشرب الخمر وأكل لحم الخنزير ونكاح المحارم - لم يتعرّض لهم ما لم يُظهروه ؛ لأنّا نُقرّهم عليه ، وترك التعرّض لهم فيه ؛ لأنّهم عقدوا الذمّة وبذلوا الجزية على هذا. فإن أظهروا ذلك وأعلنوه ، مَنَعهم الإمام وأدَّبهم على إظهاره.

قال الشيخ : وقد روى أصحابنا أنّه يُقيم عليهم الحدّ بذلك ، وهو الصحيح(٢) .

ولو جاء نصرانيّ باع من مسلم خمراً أو اشترى منه خمراً ، أبطلناه بكلّ حال تقابضا أو لا ، ورددنا الثمن إلى المشتري. فإن كان مسلماً ، استرجع الثمن ، وأرقنا الخمر ؛ لأنّا لا نقضي على المسلم بردّ الخمر ، وجاز إراقتها ؛ لأنّ الذمّيّ عصى بإخراجها إلى المسلم ، فيعاقب بإراقتها عليه. وإن‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : فإن.

(٢) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٦١.

٣٨٩

كان المشتري المشركَ ، رددنا إليه الثمن ، ولا نأمر الذمّيّ بردّ الخمر ، بل يُريقها ؛ لأنّها ليست كمال الذمّيّ.

ونمنع المشرك من شراء المصاحف إعزازاً للقرآن ، فإن اشترى ، لم يصح البيع.

وقال بعض الشافعيّة : يملكه ويلزم البيع(١) .

والأوّل أنسب بإعظام القرآن.

قال الشيخ : وكذا حكم الدفاتر التي فيها أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وآثار السلف وأقاويلهم - والأقوى عندي الكراهة - أمّا كتب النحو واللغة والشعر وباقي الأدب : فإنّ شراءها جائز لهم ؛ إذ لا حرمة لها(٢) .

مسألة ٢٣٤ : لو أوصى مسلم لذمّيٍّ بعبدٍ مسلم ، لم تصحّ الوصيّة ؛ لأنّ المشرك لا يملك المسلم.

وقال بعض الناس(٣) : تصحّ الوصيّة ، وتلزم برفع اليد عنه ، كما لو ابتاعه.

فعلى هذا لو أسلم وقَبِل الوصيّة ، صحّ ، وملكه بعد موت الموصي.

وعلى الأوّل لا يملكه وإن أسلم في حياة الموصي ؛ لأنّ الوصيّة وقعت في الأصل باطلةً.

ولو كان العبد مشركاً فأسلم العبد قبل موت الموصي ثمّ مات ، فقَبِله الموصى له ، لم يملكه ؛ لأنّ الاعتبار في الوصيّة حال اللزوم ، وهي حالة الوفاة.

وعلى القول الثاني يملكه ويرفع يده عنه.

ولو أوصى الذمّيّ ببناء كنيسة أو بيعة أو موضع عبادة لهم ، لم تصحّ ؛

____________________

(١) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧ ، حلية العلماء ٤ : ١١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١.

(٢) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٦٢.

(٣) كما في المبسوط - للطوسي - ٢ : ٦٢ ، وانظر : الحاوي الكبير ١٤ : ٣٩٣ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧ ، وروضة الطالبين ٣ : ١١.

٣٩٠

لأنّها في معصية.

وكذا لو أوصى أن يستأجر خدماً للبِيعة والكنيسة ، أو يعمل صلباناً ، أو يشتري مصباحاً أو يشتري أرضاً فيوقف عليها.

ولو أوصى الذمّيّ ببناء كنيسة تنزلها المارّة من أهل الذمّة أو من غيرهم ، أو وقفها على قومٍ يسكنونها ، أو جعل اُجرتها للنصارى ، جازت الوصيّة ؛ لأنّ نزولهم ليس بمعصية ، إلّا أن تبنى لصلواتهم.

وكذا لو أوصى للرهبان بشي‌ء ، صحّت الوصيّة ؛ لجواز صدقة التطوّع عليهم.

ولو أوصى أن يكون لنزول المارّة للصلاة فيه ، قيل : تبطل الوصيّة في الصلاة ، وتصحّ ( في نزول )(١) المارّة ، فتبنى كنيسة بنصف الثلث لنزول المارّة خاصّةً ، فإن لم يمكن ذلك ، بطلت الوصيّة(٢) .

وقيل : تبنى الكنيسة بالثلث ، وتكون لنزول المارّة ، ويُمنعون من الاجتماع للصلاة فيها(٣) .

ولو أوصى بشي‌ء تكتب به التوراة أو الإنجيل أو الزبور أو غير ذلك من الكتب القديمة ، بطلت الوصيّة ؛ لأنّها كتب محرَّفة مبدَّلة منسوخة.

وخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوماً من داره فوجد في يد عمر صحيفةً ، فقال :

« ما هي؟ » فقال : من التوراة ، فغضب عليه ورماها من يده ، وقال : « لو كان موسى أو عيسى حيّين لما وسعهما إلّا اتّباعي »(٤) .

إذا ثبت(٥) هذا ، فإنّه يكره للمسلم اُجرة رمّ ما يستهدم من الكنائس والبِيَع من بناء ونجارة وغير ذلك ، وليس محرَّماً.

____________________

(١) بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجريّة : لنزول.

(٢ و ٣) لم نعثر على القائل فيما بين أيدينا من المصادر.

(٤) الجامع لأحكام القرآن ١٣ : ٣٥٥ باختصار.

(٥) في « ق » : « عرفت » بدل « ثبت ».

٣٩١

الفصل السادس : في قتال أهل البغي‌

الأصل في ذلك قول الله تعالى :( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِي‌ءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) (١) .

قيل : وردت في طائفتين من الأنصار وقع بينهم [ قتال ](٢) فلمـّا نزلت ، قرأها عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأقلعوا. وليس فيها تعرّضٌ للخروج والبغي على الإمام ، ولكن إذا اُمرنا بقتال طائفة بغَتْ على طائفة اُخرى ، فلأن نقاتل الذين بغوا على الإمام إلى أن يفيئوا إلى أمر الله أولى(٣) .

والمراد بالباغي في عرف الفقهاء : المخالف للإمام العادل ، الخارج عن طاعته بالامتناع عن أداء ما وجب عليه بالشرائط الآتية. وسُمّي باغياً إمّا لتجاوزه الحدّ المرسوم له ، والبغي : مجاوزة الحدّ.

وقيل : لأنّه ظالم بذلك ، والبغي : الظلم. قال الله تعالى :( ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ ) (٤) أي : ظُلم(٥) .

وقيل : لطلبه الاستعلاء على الإمام ، من قولهم : بغى الشي‌ء ، أي : طلبه(٦) .

مسألة ٢٣٥ : قتال أهل البغي واجب بالنصّ والإجماع.

____________________

(١) الحجرات : ٩.

(٢) أضفناها من المصدر.

(٣) كما في العزيز شرح الوجيز ١١ : ٦٩ - ٧٠.

(٤) الحجّ : ٦٠.

(٥ و ٦) كما في العزيز شرح الوجيز ١١ : ٦٩.

٣٩٢

قال الله تعالى :( فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ) (١) .

وروى العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « مَنْ حمل علينا السلاح فليس منّا »(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول عليعليه‌السلام : « القتال قتالان : قتال لأهل الشرك لا ينفر عنهم حتى يُسلموا أو يؤدّوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون ، وقتال لأهل الزيغ لا ينفر عنهم حتى يفيئوا إلى أمر الله أو يُقتلوا »(٣) .

ولا خلاف بين المسلمين كافّة في وجوب جهاد البُغاة ، وقد قاتل عليٌّعليه‌السلام ثلاثَ طوائف : أهل البصرة يوم الجمل : عائشة وطلحة والزبير وعبد الله بن الزبير وغيرهم ، وهُم الناكثون الذين بايعوه ونكثوا بيعته. وقاتل أهلَ الشام معاوية ومَنْ تابعه ، وهُم القاسطون ، أي : الجائرون. وقاتل أهلَ النهروان : الخوارج ، وهُم المارقون ، وقد أخبره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : « تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين »(٤) .

قال الشيخرحمه‌الله : وهؤلاء كلّهم عندنا محكوم بكفرهم ، لكن ظاهرهم الإسلام. وعند الفقهاء أنّهم مسلمون لكن قاتلوا الإمامَ العادل ، فإنّ الإمامة كانت لعليُّعليه‌السلام بعد عثمان عندهم(٥) .

والأصل في ذلك : أنّ الإمامة عندنا من شرائط الإيمان ، فلا يستحقّ‌

____________________

(١) الحجرات : ٩.

(٢) صحيح البخاري ٩ : ٦٢ ، صحيح مسلم ١ : ٩٨ و ٩٩ / ٩٨ و ١٠٠ و ١٠١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٦٠ / ٢٥٧٥ ، مسند أحمد ٣ : ١٤٤ / ٩١٢٩.

(٣) التهذيب ٤ : ١١٤ / ٣٣٥ ، و ٦ : ١٤٤ / ٢٤٧.

(٤) المستدرك - للحاكم - ٣ : ١٤٠.

(٥) المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٦٤.

٣٩٣

الثواب الدائم إلّا به.

مسألة ٢٣٦ : قد جرت العادة بين الفقهاء أن يذكروا الإمامة في هذا الموضع‌ ليُعرف الإمام الذي يجب اتّباعه ، ويصير الإنسان باغياً بالخروج عليه ، وليست من علم الفقه ، بل هي من علم الكلام ، فلنذكر كلاماً مختصراً ، فنقول‌ يشترط في الإمام اُمور :

الأوّل : أن يكون مكلّفاً ؛ فإنّ غيره مولّى عليه في خاصّة نفسه ، فكيف يلي أمر الاُمّة!

الثاني : أن يكون مسلماً ليراعي مصلحة المسلمين والإسلام ، وليحصل الوثوق بقوله ، ويصحّ الركون إليه ؛ فإنّ غير المسلم ظالم وقد قال الله تعالى :( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) (١) .

الثالث : أن يكون عدلا ؛ لما تقدّم ؛ فإنّ الفاسق ظالم ولا يجوز الركون إليه والمصير إلى قوله ؛ للنهي عنه في قوله تعالى :( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) (٢) . ولأنّ الفاسق ظالم ، فلا ينال مرتبة الإمامة ، لقوله تعالى :( لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ ) (٣) .

الرابع : أن يكون حُرّاً ؛ فإنّ العبد مشغول بخدمة مولاه لا يتفرّغ للنظر في مصالح المسلمين. ولأنّ الإمامة رئاسة عامّة والعبد مرؤوس ، وهي من المناصب الجليلة ، فلا تليق به.

الخامس : أن يكون ذَكَراً ليُهاب ، وليتمكّن من مخالطة الرجال ،

____________________

(١ و ٢) هود : ١١٣.

(٣) البقرة : ١٢٤.

٣٩٤

ويتفرّغ للنظر ؛ فإنّ المرأة ناقصة العقل.

السادس : أن يكون عالماً ، ليعرف الأحكام ويعلّم الناس ، فلا يفوت الأمر عليه بالاستفتاء والمراجعة.

السابع : أن يكون شجاعاً ، ليغزو بنفسه ، ويعالج الجيوش ، ويقوى على فتح البلاد ، ويحمي بيضة الإسلام.

الثامن : أن يكون ذا رأي وكفاية ؛ لافتقار قيام نظام النوع إليه.

التاسع : أن يكون صحيح السمع والبصر والنطق ، ليتمكّن من فصل الاُمور. وهذه الشرائط غير مختلف فيها.

العاشر : أن يكون صحيح الأعضاء ، كاليد والرِّجْل والاُذن. وبالجملة اشتراط سلامة الأعضاء من نقصٍ يمنع من استيفاء الحركة وسرعة النهوض. وهو أولى قولي الشافعيّة(١) .

الحادي عشر : أن يكون من قريش ؛ لقولهعليه‌السلام : « الأئمّة من قريش »(٢) وهو أظهر قولي الشافعيّة(٣) .

وخالف فيه الجويني(٤) ، مع أنّه لا خلاف في أنّ أبا بكر احتجّ على‌

____________________

(١) الأحكام السلطانيّة - للماوردي - : ٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧١ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٣.

(٢) المستدرك - للحاكم - ٤ : ٧٦ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ١٢ : ١٦٩ - ١٧٠ / ١٢٤٣٨ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١ : ٢٥٢ / ٧٢٥ ، سنن البيهقي ٣ : ١٢١ ، و ٨ : ١٤٤ ، مسند أحمد ٤ : ٢٩ / ١٢٤٨٩ ، و ٥ : ٥٧٩ / ١٩٢٧٨.

(٣) الأحكام السلطانيّة - للماوردي - : ٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧١ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٢.

(٤) الأحكام السلطانيّة - للماوردي - : ٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧١.

٣٩٥

الأنصار يوم السقيفة به(١) ، وبذلك أخذت الصحابة بعده.

قالت الشافعيّة : فإن لم يُوجد في قريش مَنْ يستجمع الصفات المعتبرة ، نُصب كنانيٌّ ، فإن لم يُوجد ، فرجلٌ من ولد إسماعيلعليه‌السلام (٢) .

وهو باطل عندنا ؛ لأنّ الإمامة عندنا محصورة في الاثني عشرعليهم‌السلام على ما يأتي.

ثمّ إنّ قريشاً ولد النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ، فعلى قولهم : « إذا لم يُوجد قرشي ، ينبغي نصب كنانيّ » ينبغي أنّه إذا لم يُوجد كنانيٌّ ، نُصب خزيميّ وهكذا يرتقي إلى أبٍ بعد أبٍ إلى أن ينتهي إلى إسماعيلعليه‌السلام .

فإن لم يُوجد من ولد إسماعيل مَنْ يصلح لذلك ، قال بعضهم : يُولّى رجلٌ من العجم(٣) .

وقال بعضهم : يُولّى جُرْهُميٌّ ، وجُرْهُم أصل العرب ، وفيهم تزوّج إسماعيلعليه‌السلام حين أنزله أبوهعليه‌السلام أرضَ مكة. فإن لم يوجد جُرْهميُّ ، فرجلٌ من نسل إسحاق(٤) .

ولا يشترط أن يكون هاشميّاً عندهم(٥) .

الثاني عشر : يجب أن يكون الإمام معصوماً عند الشيعة ؛ لأنّ المقتضي لوجوب الإمامة ونصب الإمام جواز الخطأ على الاُمّة ، المستلزم لاختلال النظام ؛ فإنّ الضرورة قاضية بأنّ الاجتماع مظنّة التنازع والتغالب ، فإنّ كلّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧١ ، وانظر : تاريخ الطبري ٣ : ٢٢٠ ، والكامل في التاريخ ٢ : ٣٢٥.

(٢ - ٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٣.

٣٩٦

واحد من بني النوع يشتهي ما يحتاج إليه ، ويغضب على مَنْ يزاحمه في ذلك ، وتدعوه شهوته وغضبه إلى الجور على غيره ، فيقع من ذلك الهرج والمرج ، ويختلّ أمر الاجتماع ، مع أنّ الاجتماع ضروريّ لنوع الإنسان ؛ فإنّ كلّ شخص لا يمكنه أن يعيش وحده ، لافتقاره إلى غذاء وملبوس ومسكن ، وكلّها صناعيّة لا يمكن أن تصدر عن صانعٍ واحد إلّا في مدّة لا يمكن أن يعيش تلك المدّة فاقداً لها ، أو يتعسّر إن أمكن ، وإنّما يتيسّر لجماعة يتعاونون ويتشاركون في تحصيلها ، يفرغ كلّ واحد منهم لصاحبه عن بعض ذلك ، فيتمّ النظام بمعاوضة عملٍ بعمل ومعاوضة عملٍ باُجرة ، فلهذا قيل : الإنسان مدنيُّ بالطبع ، فلا بدّ حينئذٍ من سلطانٍ قاهر ، مُطاع ، نافذ الأمر ، متميّز عن غيره من بني النوع ، وليس نصبه مفوّضاً إليه ، وإلّا وقع المحذور ، ولا إلى العامّة ؛ لذلك أيضاً ، بل يكون من عند الله تعالى.

ولا يجوز وقوع الخطأ منه ، وإلّا لوجب أن يكون له إمام آخر ، ويتسلسل ، فلهذا وجب أن يكون معصوماً.

ولأنّه تعالى أوجب علينا طاعته وامتثال أوامره ؛ لقوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (١) وذلك عامّ في كلّ شي‌ء ، فلو لم يكن معصوماً ، لجاز أن يأمر بالخطإ ، فإن وجب علينا اتّباعه ، لزم الأمر بالضدّين ، وهو محال ، وإن لم يجب ، بطل العمل بالنصّ.

ويجب عندهم أن يكون معصوماً من أوّل عمره إلى آخره ؛ لسقوط محلّه‌

____________________

(١) النساء : ٥٩.

٣٩٧

عند الناس لولاه.

الثالث عشر : أن يكون منصوصاً عليه من الله تعالى ، أو من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو ممّن ثبتت إمامته بالنصّ فيهما ؛ لأنّ العصمة من الاُمور الخفيّة التي لا يمكن الاطّلاع عليها ، فلو لم يكن منصوصاً عليه ، لزم تكليف ما لا يطاق. والنصّ من الله تعالى يُعلم إمّا بالوحي على نبيّهعليه‌السلام ، أو بخلق مُعجزٍ(١) على يده عقيب ادّعائه الإمامة.

الرابع عشر : أن يكون أفضلَ أهل زمانه ، ليتحقّق التميز عن غيره.

ولا يجوز عندنا تقديم المفضول على الفاضل - خلافاً لكثير من العامّة(٢) - للعقل والنقل.

أمّا العقل : فإنّ الضرورة قاضية بقبحه.

وأمّا النقل : فقوله تعالى :( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٣) وهذه صيغة تعجّبٍ من الله تعالى ، دالّة على شدّة الإنكار ؛ لامتناعه في حقّه تعالى.

والأفضليّة تتحقّق بالعلم والزهد والورع وشرف النسب والكرم والشجاعة وغير ذلك من الأخلاق الحميدة(٤) .

الخامس عشر : أن يكون منزَّهاً عن القبائح ؛ لدلالة العصمة عليه. ولأنّه يكون مستحقّاً للإهانة والإنكار عليه ، فيسقط محلّه من قلوب العامّة ، فتبطل فائدة نصبه. وأن يكون منزَّهاً عن الدناءات والرذائل ، كاللعب‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : معجزة.

(٢) اُنظر : الأحكام السلطانيّة - للماوردي - ٨ ، والعزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٢ ، وروضة الطالبين ٧ : ٢٦٣.

(٣) يونس : ٣٥.

(٤) في متن الطبعة الحجريّة : « الجميلة » بدل « الحميدة ». وفي هامشها كما هنا.

٣٩٨

والأكل في الأسواق وكشف الرأس بين الناس وغير ذلك ممّا يُسقط محلَّه ويوهن مرتبتَه. وأن يكون منزَّهاً عن دناءة الآباء وعهر الاُمّهات. وقد خالفت العامّة في ذلك كلّه.

مسألة ٢٣٧ : وإنّما تنعقد الإمامة بالنصّ عندنا على ما سبق. ولا تنعقد بالبيعة ، خلافاً للعامّة بأسرهم ؛ فإنّهم أثبتوا إمامة أبي بكر بالبيعة ، ووافقونا على صحّة الانعقاد بالنصّ ، لكنّهم جوّزوا انعقادها باُمور :

أحدها : البيعة(١) . واختلفوا في عدد الذين تنعقد الإمامة ببيعتهم.

فقال بعضهم : لا بدّ من أربعين ؛ لأنّ عهد الإمامة أعظم خطراً من عقد الجُمُعة ، وهذا العدد معتبر في الجُمُعة عند الشافعيّة ففي البيعة أولى(٢) .

وقال بعض الشافعيّة : إنّه يكفي أربعة ؛ لأنّه أكمل نُصُب الشهادات(٣) .

وقال بعضهم : ثلاثة ؛ لأنّ الثلاثة مطلق الجمع ، فإذا اتّفقوا ، لم يجز مخالفة الجماعة(٤) .

وقال بعضهم : اثنان ؛ لأنّ أقلّ الجمع اثنان(٥) .

وقال بعضهم : واحد ؛ لأنّ عمر بن الخطّاب بايع أبا بكر أوّلاً ثمّ وافقه الصحابة(٦) .

وقال بعضهم : يعتبر بيعة أهل الحلّ والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يسهل حضورهم ، ولا يشترط اتّفاق أهل الحلّ والعقد في سائر البلاد ، بل إذا وصل الخبر إلى أهل البلاد البعيدة ، فعليهم الموافقة والمتابعة(٧) . وعلى هذا فلا يتعيّن للاعتبار عدد ، بل لا يشترط العدد ، فلو تعلّق الحلّ والعقد بواحد مُطاع ، كفت بيعته لانعقاد الإمامة(٨) .

____________________

(١ - ٦) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٢ - ٧٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٣.

(٧) في « ق » : « المبايعة » بدل « المتابعة ».

(٨) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٤.

٣٩٩

قالوا : ولا بدّ وأن يكون الذين يبايعون بصفات الشهود حتى لو كان واحداً ، شرط ذلك فيه.

وهل يشترط في البيعة حضور شاهدين؟ وجهان للشافعيّة.

ويشترط في انعقاد البيعة أن يُجيب الذين يبايعونه ، فإن امتنع ، لم تنعقد إمامته(١) .

الأمر الثاني : استخلاف الإمام قبله ، وعهده إليه ، كما عهد أبو بكر إلى عمر. وانعقد الإجماع بينهم على جوازه(٢) .

قالوا : والاستخلاف أن يجعله خليفةً في حياته ثمّ يخلفه بعد موته(٣) .

ولو أوصى له بالإمامة من بعده ، ففيه وجهان عندهم ؛ لأنّه بالموت يخرج عن الولاية ، فلا يصحّ منه تولية الغير(٤) .

ويشكل بأنّ مرادهم بجعله خليفةً في حياته إن كان استنابه ، فلا يكون عهداً إليه بالإمامة ، أو جعله إماماً في الحال ، فهذا إمّا خلعٌ لنفسه أو اجتماع إمامين في وقتٍ واحد ، أو جعله إماماً بعد موته ، وهذا معنى لفظ الوصيّة(٥) .

ولو جعل الأمر شورى بين اثنين فصاعداً بعده ، كان كالاستخلاف ، إلّا أنّ المستخلَف غير معيّن ، فيحتاج إلى تشاورهم اتّفاقهم على جعل واحد منهم خليفة ، كقضيّة عمر حيث جعل الأمر شورى في ستّة(٦) .

ثمّ اختلفوا في أنّه هل يشترط في المـُولّى شروط الإمامة من وقت العهد إليه حتى لو كان صغيراً أو فاسقاً عند العهد ، بالغاً عدلاً عند موت المـُولّي ، لم ينصب إماماً إلّا أن يبايعه أهل الحلّ والعقد؟(٧) وبعضهم لم يشترط ذلك(٨) .

____________________

(١ - ٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٤.

(٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٣ - ٧٤.

(٦) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٤ - ٢٦٥.

(٧ و ٨) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٥.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562