وسائل الشيعة الجزء ١١

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 562

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 562 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 289687 / تحميل: 7239
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

ما ذا كان الهدف من المناورات العسكرية؟

لقد كان الهدف الاساسي من بعث وتوجيه السرايا ، وعقد الاتفاقيات والمعاهدات العسكرية مع القبائل القاطنة على خطوط التجارة المكية هو ايقاف قريش على قوة المسلمين العسكرية ، واشتداد ساعدهم ، وخاصة عند ما كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يشترك بنفسه في العمليات ، ويترصّد مع مجموعات كبيرة من أنصاره تحركات قريش الاقتصادية ، ويعترض قوافلها التجارية.

لقد كان رسول الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد بذلك إفهام حكومة مكة الوثنية بأن جميع طرق التجارة المكية هي في متناول يده ، وأنه يستطيع ـ متى شاء ـ أن يشلّ اقتصاد المكيين بتعريض خطوطهم وطرقهم التجارية ، للتهديد الجدّي.

ولقد كانت التجارة أمرا حيويّا وحساسا جدا بالنسبة إلى أهل مكة ، وكانت البضائع التي تنقل منها إلى الطائف والشام تشكّل اساس الاقتصاد المكّي ، فاذا كانت هذه الخطوط تتعرض للتهديد من قبل العدوّ وحلفائه مثل « بني ضمرة » و « بني مدلج » فان ذلك كان يعني انهدام وانهيار حياتهم.

لقد كان الهدف من بعث تلك الدّوريات العسكرية هو : أن تعرف قريش بأن طريق تجارتها الرئيسية هي الآن تحت رحمة المسلمين ، فاذا استمرّوا في معاداتهم للاسلام وللمسلمين وحالوا دون انتشار الاسلام ، والدعوة إليه ، واستمروا في ايذاء من تبقّى من المسلمين المستضعفين والعجزة في مكة واضطهادهم ، قطع المسلمون شريان اقتصادهم.

والخلاصة أنّ الهدف كان هو أن تعيد قريش النظر في مواقفها في ضوء الحالة الجديدة ، والتهديد العسكريّ الاسلامي الجدّي ، وتترك للمسلمين الحرية في الدّعوة إلى عقيدتهم ، وتفتح الطريق لزيارة بيت الله الحرام ، ونشر التوحيد ليستطيع الاسلام بمنطقه القويّ ، والمحكم أن ينفذ في القلوب ، ويتجلّى نور الاسلام ويشعّ على جميع نقاط شبه الجزيرة العربية ، وربوعها ، وبخاصة منطقة

٤١

الحجاز مركز الجزيرة ، وقلبها النابض.

فان المتكلم مهما كان قويّ المنطق ، سديد البرهان وأنّ المربّي والمرشد مهما كان مخلصا مجدا فانّه لا يستطيع أن يحرز اي نجاح في تنوير العقول ، وتهذيب النفوس وبث الفكر الصحيح إذا لم تتوفّر له حرية العمل ، ولم تتهيأ له البيئة المطمئنّة وأجواء الحرّية والديمقراطية.

ولقد كان الاضطهاد والكبت وسلب الحريات التي كانت تمارسها قريش هي الموانع الكبرى أمام تقدّم الاسلام وسرعة انتشاره ونفوذه ، وكان الطريق الى كسر هذا السدّ ، وإزالة هذا المانع ينحصر في تهديد اقتصادها وتعريض خطوطها التجارية ، للخطر ، وكانت هذه الخطة تتحقق فقط عن طريق القيام بتلك المناورات العسكرية والاستعراضات الحربية ، والعمليات الاعتراضية.

نظرية المستشرقين :

ولقد وقع المستشرقون عند تحليلهم لهذه العمليّات في خطأ كبير ، وتفوّهوا نتيجة ذلك بكلام يخالف القرائن والشواهد الموجودة في التاريخ.

فهم يقولون : لقد كان هدف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مصادرة أموال قريش ، والسيطرة عليها هو تقوية نفسه.

في حين أنّ هذا الرأي لا يلائم نفسيّة أهل يثرب لأنّ الغارة ، وقطع الطريق ، واستلاب الأموال ، من شيم الاعراب أهل البوادي ، البعيدين عن روح الحضارة ، وقيم المدنية وأخلاقها ، بينما كان مسلمو يثرب عامة ، أهل زرع ، وفلاحة ، ولم يعهد منهم أن قطعوا الطرق على القوافل ، أو سلبوا أموال القبائل التي كانت تعيش خارج حدودها.

وأما حروب الأوس والخزرج فقد كان لها أسباب وعلل محليّة ، وقد كان اليهود هم الذين يؤججون نيرانها ، بغية إضعاف القوى والصفوف العربية وتقويه نفسها وموقعها.

ومن جانب آخر لم يكن المسلمون المهاجرون الذين كانوا حول الرسول

٤٢

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينوون ملافاة ما خسروه ، رغم أنّ ثرواتهم وممتلكاتهم كانت قد صودرت من قبل المكيين ، ويدل على ذلك أنهم لم يتعرضوا بعد معركة « بدر » لأيّة قافلة تجارية لقريش.

كيف لا وقد كان الهدف وراء أكثر هذه البعوث والارساليات العسكرية هو تحصيل وجمع المعلومات ، عن العدوّ وتحركاته وخططه ، والمجموعات التي لم يكن يتجاوز عدد أفرادها غالبا الثمانية أو الستين أو الثمانين رجلا لا يمكنها قطع الطريق ، واستلاب الاموال ، ومصادرة القوافل التجارية الكبرى التي كان يقوم بحراستها رجال أكثر عددا وأقوى عدّة من تلك السرايا ، بأضعاف المرات غالبا.

فاذا كان الهدف هو الحصول على المال والثروة من هذا الطريق فلما ذا خصّت قريش بذلك ، ولم يعترض المسلمون تجارة غيرهم من القبائل المشركة؟ ولما ذا لم يمس المسلمون شيئا من أموال غير قريش.

واذا كان الهدف هو الغارة ، وقطع الطريق واستلاب الأموال ، فلما ذا كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبعث المهاجرين فقط ، ولا يستعين بأحد من الأنصار في هذا المجال غالبا؟

وربما قال هؤلاء المستشرقون : ان المقصود من هذه العمليات الاعتراضية كان هو الانتقام من قريش ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه تعرّضوا على أيدي المكيين لألوان التعذيب والاضطهاد والأذى ، فدفعتهم غريزة الانتقام والثأر ـ بعد أن حصلوا على القوة ـ الى تجريد سيوفهم ، للانتقام من الذين طالما اضطهدوهم ، وليسفكوا منهم دما!!

ولكن هذا الرأي لا يقل في الضعف والوهن والسخافة عن سابقه ، لأنّ الشواهد والقرائن التاريخية الحيّة العديدة ، تكذّبه وتفنّده ، وتوضّح ـ بجلاء ـ أن الهدف من بعث تلك السرايا والدوريات العسكرية لم يكن أبدا القتال والحرب ، والانتقام وسفك الدماء.

وإليك ما يدلّ على بطلان هذه النظرية :

٤٣

أوّلا : اذا كان هدف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعث تلك المجموعات العسكرية هو القتال واستلاب الاموال واخذ المغانم ، وجب أن يزيد في عدد أفراد تلك المجموعات ، ويبعث كتائب ـ عسكرية مسلّحة ، ومجهزة تجهيزا قويا ، إلى سيف البحر ، وشواطئه على حين نجد أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث مع « حمزة بن أبي طالب » ثلاثين شخصا ، ومع « عبيدة بن الحارث » ستين شخصا ، ومع « سعد بن أبي وقاص » أفرادا معدودين لا يتجاوزون العشرة ، بينما كانت قريش قد أناطت حراسة قوافلها إلى أعداد كبيرة جدا من الفرسان ، تفوق عدد أفراد المجموعات العسكرية الاسلامية.

فقد واجه « حمزة » ثلاثمائة ، وعبيدة مائتين رجلا من قريش ، وقد ضاعفت قريش من عدد المحافظين والحرس على قوافلها خاصة بعد أن عرفت بالمعاهدات والتحالفات التي عقدها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع القبائل القاطنة على الشريط التجاريّ؟!

هذا مضافا إلى أنّه لو كان قادة هذه البعوث والدوريات مكلّفين بمقاتلة العدوّ فلما ذا لم يسفك من أحد قطرة دم في أكثر تلك البعوث والعمليات ولما ذا انصرف بعضهم لوساطة قام بها « مجدي بن عمرو » بين الطرفين؟!

ثانيا : ان كتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي كتبه لعبد الله بن جحش شاهد حيّ على أن الهدف لم يكن هو القتال ، والحرب.

فقد جاء في ذلك الكتاب : « انزل نخلة بين مكة والطائف فترصّد بها قريشا وتعلم ( اي حصّل ) لنا من أخبارهم ».

إن هذه الرسالة توضّح بجلاء أنّ مهمة عبد الله وجماعته لم تكن القتال قط ، بل كانت جمع المعلومات حول العدوّ وتنقلاته وتحركاته ، أي مهمة استطلاعية حسب.

واما سبب الصدام في « نخلة » ومصرع عمرو الحضرمي فقد كان القرار الذي أخذته الشورى العسكرية التي عقدتها نفس المجموعة ، وليس بقرار وأمر من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤٤

ومن هنا انزعج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمجرد سماعه بنبإ هذا الصدام الدموي ولا مهم على فعلتهم وقال :

« ما أمرتكم بقتال ».

ويؤيّد هذا ما ورد في مغازي الواقدي عن سليمان بن سحيم أنه قال : ما أمرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالقتال في الشهر الحرام ، ولا غير الشهر الحرام إنما أمرهم أن يتحسّسوا أخبار قريش(١) .

والعلة في أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يختار لهذه الدوريات والبعوث رجالا من المهاجرين دون الأنصار هي أن الانصار قد بايعوا في العقبة على الدفاع ، أي أن معاهدتهم مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت معاهدة دفاعية تعهّدوا بموجبها بأن يمنعوه من أعدائه ويدافعوا عنه إذا قصده عدوّ.

من هنا ما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد أن يفرض عليهم مثل هذه المهمات ، ويبقى هو في المدينة ، ولكنه عند ما خرج ـ فيما بعد ـ بنفسه أخذ معه جماعة من رجال الانصار تقوية لروابط الاخوة والوحدة بين المهاجرين والأنصار ، ولهذا كان رجاله في غزوة « بواط » أو « ذات العشيرة » يتكونون من الأنصار والمهاجرين.

وعلى هذا الاساس يتضح بطلان نظرية المستشرقين حول الهدف من بعث الدوريات العسكرية.

كما أنّ بالتأمل والامعان في ما قلناه يتضح أيضا بطلان ما قالوه في هذا المجال في تلك العمليات التي شارك فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنفسه ، إذ أن الذين خرجوا معه ما كانوا ينحصرون في المهاجرين خاصه بل كانوا خليطا من المهاجرين والأنصار ، والحال أن الأنصار لم يبايعوا النبيّ على القيام بأية عملية هجوميّة ابتدائية ، بل كل ما بايعوا عليه النبيّ كما قلنا هو : العمل الدفاعي ،

__________________

(١) المغازي : ج ١ ص ١٦.

٤٥

فكيف يصح أن يدعوهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عمليات قتالية ابتدائية هجوميّة.

وتشهد بما نقول حادثة وقعة بدر التي سنشرحها في ما بعد ، فما لم يعلن الأنصار عن موافقتهم على قتال قريش لم يقرر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحرب ، في تلك الواقعة.

هذا والسبب في تسمية أصحاب السير والتواريخ هذا النوع من العمليات التي خرج فيها النبيّ بنفسه ( غزوة ) وان لم يقع فيها قتال وغزو ، هو أنّهم أرادوا أن يجمعوا كل الحوادث تحت عنوان واحد ، وإلاّ فلم يكن الهدف الاساسيّ من هذه العمليات هو الحرب والقتال ، أو السيطرة على الأموال وسلبها.

٤٦

٢٨

تحويل القبلة

من بيت المقدس الى الكعبة

لم يكن قد مضى على هجرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المدينة عدة أشهر إلاّ وبدأت نغمة معارضة اليهود للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تظهر شيئا فشيئا!!

وفي الشهر السابغ عشر من الهجرة بالضبط(١) أمر الله تعالى نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالأمر المؤكّد القاطع بأن يتحول إلى الكعبة ويتخذها من الآن فصاعدا قبلة له وللمسلمين كافة ، فيتوجهون الى المسجد الحرام في أوقات الصلوات.

هذا هو مجمل القصة ، وإليك بيانها على وجه التفصيل.

صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثة عشر عاما كاملة في مكة نحو بيت المقدس.

وبعد الهجرة الى المدينة كان الأمر الإلهيّ له هو أن يبقى على الحالة من حيث القبلة ، أي بأن يصلي الى بيت المقدس ، كما كان يفعل في مكة.

وقد كان هذا الاجراء نوعا من المحاولة لاقامة التعاون والتقارب بين الدينين

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ١ ص ٢٤١ و ٢٤٢ ، إعلام الورى باعلام الهدى : ص ٧١ و ٧٢. ويقول ابن هشام في السيرة النبوية : ان القبلة صرفت عن الشام إلى الكعبة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة ( السيرة النبوية : ج ١ ص ٦٠٦ ) ويرى ابن الاثير أن ذلك حدث في منتصف شهر شعبان ( الكامل : ج ٢ ص ٨٠ ).

٤٧

القديم والجديد ، ولكن تنامي قوة المسلمين واشتداد ساعدهم أحدث رعبا كبيرا ، وأوجد قلقا واسعا في أوساط اليهود القاطنين في المدينة لأن تقدّم الاسلام والمسلمين المطرد كان يدلّ على أن الدين الاسلامي سيعمّ في أقرب وقت كل أنحاء شبه الجزيرة العربية ، وستتقلّص ( بل تزول ) في المقابل قوة اليهود وسلطانهم ، ومكانتهم ، من هنا نصب أحبار اليهود العداوة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعمدوا إلى ممارسة سلسلة من الأعمال الإجهاضية والإيذائية.

لقد أخذوا يؤذون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمين بمختلف أنحاء الطرق وبشتى الوسائل والسبل ، والمعاذير والحجج ومن جملتها التذرع بقضيّة صلاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمين الى بيت المقدس.

فكانوا يقولون معيّرين إياه : أنت تابع لنا تصلي الى قبلتنا!!

أو كانوا يقولون : تخالفنا يا محمّد في ديننا وتتبع قبلتنا(١) .

فشقّ هذا الكلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واغتم لذلك غما شديدا فكان يخرج من بيته في منتصف الليل ويتطلع في آفاق السماء ينتظر من الله أمرا ووحيا في هذا المجال كما تفيد الآية الآتية :

«قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها »(٢) .

ويستفاد من الآيات القرآنية في هذا المجال أنه كان لتغيير القبلة مضافا إلى الردّ على دعوى اليهود سبب آخر أيضا.

وهو أن هذه المسألة كانت من المسائل الاختبارية التي اراد الله تعال بها ان يمتحن المسلمين ، ويميّز المؤمن الواقعي الحقيقي عن أدعياء الايمان ، المنتحلين له كذبا ونفاقا ، وأن يعرف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم به من حوله معرفة جيدة لأن إتباع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الأمر الثاني الذي نزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أثناء الصلاة ( وهو التوجه إلى المسجد الحرام ) كان علامة قوية

__________________

(١) مجمع البيان : ج ١ ص ٢٥٥ أو : ما درى محمّد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم.

(٢) البقرة : ١٤٤.

٤٨

من علامات الايمان والتسليم ، والاخلاص والوفاء للدين الجديد.

بينما كانت مخالفته علامة قوية من علامات النفاق والتردّد كما يصرّح القرآن الكريم بنفسه بذلك اذ يقول :

«وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ »(١) .

ومن المسلّم أنه يمكن الوقوف على حكم اخرى لهذا الأمر ( أي صرف القبلة من الشام الى الكعبة ) إذا تتبعنا تاريخ الاسلام بشكل أوسع ، وطالعنا أوضاع شبه الجزيرة العربية.

ويمكن الاشارة الى بعض هذه الحكم مضافا الى ما ذكرناه :

أولا : أن الكعبة التي رفعت قواعدها على يدي بطل التوحيد وناشر لوائه النبيّ العظيم « ابراهيم الخليل »عليه‌السلام كانت موضع احترام وتقديس من المجتمع العربي ، فقد كان العرب يحبون الكعبة ويعظمونها غاية التعظيم على ما هم عليه من الشرك والفساد ، فكان اتخاذه قبلة من شأنه كسب رضا العرب ، واستمالة قلوبهم ، وترغيبهم في الاسلام تمهيدا لاعتناق دين التوحيد ونبذ الاوثان والاصنام.

وأيّ هدف ، وأية غاية ترى أسمى وأجلّ من أن يؤمن المشركون المعاندون المتخلفون عن ركب الحضارة والمدنية ، وينتشر الاسلام بسببهم في كل أنحاء العالم.

ثانيا : أن الابتعاد عن اليهود الذين لم يكن يؤمل في إذعانهم للاسلام ، وايمانهم برسالة ( محمّد ) ذلك اليوم كان يبدو أمرا ضروريا ، لأنهم كانوا يقومون بأعمال ايذائية ضد الاسلام والمسلمين ويطلعون على رسول الله صلّى الله عليه

__________________

(١) البقرة : ١٤٣. ويمكن بيان هذه العلة بصورة أخرى وهي إنما أمر بالصلاة الى بيت المقدس لأن مكة وبيت الله الحرام كانت العرب آلفة بحجها فأراد الله أن يمتحن بغير ما آلفوه ليظهر من يتبع الرسول ممن لا يتبعه. ( راجع مجمع البيان : ج ١ ص ٢٢٢ و ٢٢٣ ).

٤٩

وآله بين الفينة والأخرى بأسئلة عويصة يشغلونه بها ، يظهرون بها ـ حسب تصورهم ـ أنهم يعرفون أمورا كثيرة وأنهم علماء ، وبذلك يضيّعون على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوقت ، ويشغلونه عن مهامه الكبرى.

فكان تغيير القبلة واحدا من مظاهر الابتعاد عن اليهود واجتنابهم ، تماما مثل نسخ صوم يوم عاشوراء الذي تم لنفس هذا الغرض.

فقد كانت اليهود تصوم يوم عاشوراء قبل الاسلام ، فأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسلمون بأن يصوموا هذا اليوم أيضا ، ثم نسخ الأمر بصوم عاشوراء وفرض مكانه صوم شهر رمضان(١) .

وعلى كل حال فان الاسلام الذي يتفوق على جميع الأديان ، يجب أن تتجلى فيه هذه الحقيقة بحيث يغدو أمر تكامله وتفوقه باديا للعيان ، واضحا للجميع.

وفي هذه الحالة تصوّر بعض المسلمين أن ما أتوا به من صلاة وعبادة وهم متجهين إلى بيت المقدس كان باطلا إذ قالوا : كيف بأعمالنا التي كنا نعمل في قبلتنا الأولى ، أو حال من مضى من أمواتنا وهم كانوا يصلون الى بيت المقدس؟!

فنزل الوحي الإلهي يقول :

«وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ »(٢) .

ومع ملاحظة هذه الاعتبارات وبينما كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد انتهى من الركعة الثانية من صلاة الظهر ، نزل عليه جبرئيل ، وأمره بأن يتوجه بالمصلّين معه حدب المسجد الحرام.

وجاء في بعض الاخبار أنّ جبرئيل أخذ بيد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأداره نحو المسجد الحرام ، فتبعه الرجال والنساء الذين كانوا يأتمون به في

__________________

(١) مجمع البيان : ج ١ ص ٢٧٣.

(٢) البقرة : ١٤٣. والمراد من الايمان هنا هو العمل وهو من الموارد التي استعمل فيها لفظ الايمان واريد به العمل.

٥٠

المسجد(١) .

فتحوّل الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال فكان أول صلاته الى بيت المقدس ، وآخرها الى الكعبة.

ومنذ ذلك الحين جعلت الكعبة المعظمة ـ زاد الله من شرفها ـ قبلة مستقلة للمسلمين يتوجهون إليها في كثير من واجباتهم وشعائرهم الدينية(٢) .

هذا والغريب أن اليهود الذين كانوا قبل نزول الأمر بالتحوّل من بيت المقدس الى الكعبة المعظمة يفتخرون على المسلمين بأنهم يصلّون على قبلة اليهود ، لما حوّل المسلمون إلى الكعبة المعظمة ، وامروا بالصلاة إليها دون بيت المقدس أخذوا يعيبون على المسلمين التوجه إلى نقطة ما في الأرض فردّ الله عليهم بقوله :

«سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ »(٣) .

أي ان الله فوق الزمان والمكان ، والتوجه إلى نقطة خاصة في حالة العبادة انما هو لمصالح اجتماعية خاصة فالصلاة الى الكعبة توجّه الى الله كالصلاة الى بيت المقدس سواء بسواء.

كرامة علمية لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

وما ينبغي الاشارة إليه هنا هو : أن العرض الجغرافي للمدينة ـ طبقا لمحاسبات علماء الفلك القدامى ـ هو ٢٥ درجة ، وطولها ٧٥ درجة و ٢٠ دقيقة ، ولهذا كانت قبلة المدينة لا توافق محراب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الباقي على حالته السابقة الى الآن في مسجده الشريف ، وقد سبّب هذا الاختلاف حيرة لدى بعض المتخصصين في هذا العلم ، وربما دفعهم إلى ارتكاب توجيهات وتبريرات لرفع هذا الاختلاف.

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ١٩ ص ٢٠١ عن من لا يحضره الفقيه.

(٢) كالصلاة والذبح ودفن الموتى ، والدعاء وغير ذلك.

(٣) البقرة : ١٤٢.

٥١

ولكن القائد المعروف بسردار الكابلي أثبت في الآونة الأخيرة ـ طبقا للمقاييس المعروفة اليوم ـ أن خط المدينة الجغرافي على عرض ٢٤ درجة و ٥٧ دقيقة وطول ٣٩ درجة و ٥٩ دقيقة(١) .

وتكون نتيجة هذه المحاسبة هي أن قبلة المدينة تكون في نقطة الجنوب تماما وتنحرف عن نقطة الجنوب ب ٤٥ دقيقه فقط.

وهذا الاستخراج الفلكي للقبلة ينطبق على محراب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل تطبيق ، ويعدّ هذا من كرامات النبيّ الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث توجه في حالة الصلاة(٢) من بيت المقدس الى الكعبة بصورة دقيقة ومن دون أي انحراف ولا جزئي مغتفر وذلك من دون أية محاسبة فلكيّة ، وعلميّة.

وقد أخذ جبرئيل بيده وحوّل وجهه نحو الكعبة المعظمة كما أسلفنا(٣) .

__________________

(١) تحفة الأجلّة في معرفة القبلة : ص ٧١ طبعة ١٣٥٩.

(٢) من لا يحضره الفقيه للصدوق : ج ١ ص ١٧٨.

(٣) وقد نقل الحرّ العاملي في وسائل الشيعة : في أبواب القبلة ج ٣ ص ٢١٥ و ٢١٦ حادثة تحوّل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الصلاة من بيت المقدس الى المسجد الحرام فراجع.

٥٢

٢٩

معركة بدر

معركة « بدر » من معارك الاسلام الكبرى ومن حروبه البارزة ، وقد اكتسب الذين شاركوا في هذه المعركة منزلة خاصة بين المسلمين فيما بعد.

فالواقعة التي كان يشارك فيها فرد أو عدة أفراد من المجاهدين في « بدر » أو اذا كانوا يشهدون على أمر قال المسلمون : ووافقنا عليه البدريون.

أجل إن الذين شاركوا في معركة بدر من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعون بالبدريين ، ولم يكن هذا إلاّ لاهميّة تكلم الوقعة التاريخية.

وتتضح علة هذه الأهميّة إذا نحن استعرضنا تفاصيل هذه الوقعة.

لقد قلنا في ما سبق أنه بلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منتصف جمادى الآخرة من السنة الثانية للهجرة ، أن قافلة قريش التجارية خرجت من مكة إلى الشام بقيادة « أبي سفيان بن حرب ».

فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لملاحقتها إلى « ذات العشيرة » وتوقّف هناك إلى مطلع الشهر التالي ، ولم يعثر على تلك القافلة ، وقد كان وقت عودة القافلة معلوما تقريبا ، فقد كانت قافلة قريش تعود من الشام إلى مكة في أوائل الخريف.

ومن المعلوم أنّ أوّل خطوة على طريق الانتصار في مثل هذه المحالات هو

٥٣

تحصيل اكبر قدر من المعلومات حول العدوّ لأنّ قائد الجيش ما لم يعرف شيئا عن استعدادات العدوّ ، ونقطة تمركزه وتواجده ، ومعنويات أفراده ، فانه ربما ينهزم وينكسر في أول مواجهة.

ولقد كان من أساليب النبيّ الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الرائعة في جميع الحروب والمعارك التي ستقرأ تفاصيلها هو جمع المعلومات حول مدى استعداد العدوّ ، ومبلغ تهيّؤه ومكان تواجده ، وتمركزه ، وهذه مسألة تحظى والى اليوم بأهميّة خاصّة في الحروب العالمية والمحلية ، بل وترصد لها ميزانيّات كبرى ، وتستخدم أجهزة عريضة في عالمنا الحاضر ، كما هو معلوم للجميع ، وكما أشرنا الى ذلك فيما سبق.

وقد بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عينا له على قافلة قريش اسمه « عدي » ـ حسب رواية المجلسي(١) ـ أو « طلحة بن عبيد الله » و « سعيد بن زيد » حسب ما قال صاحب « حياة محمّد » نقلا عن المصادر التاريخيّة(٢) ، لإخباره عن مسير تلك القافلة ، وعدد حرّاسها ورجالها ونوعية البضائع المحمّلة.

فلما عاد العين أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

١ ـ بأن قافلة قريش قافلة كبرى شارك فيها كلّ أهل مكّة ، حتى أنه ما من قرشيّ أو قرشية بمكة له مثقال فصاعدا إلاّ بعث به في تلك القافلة.

٢ ـ إنّ البضائع يحملها ألف بعير وأنّ قيمتها تبلغ خمسين ألف دينار.

٣ ـ وأنه يقودها « أبو سفيان بن حرب » في أربعين رجلا.

وحيث إن أموال المسلمين المهاجرين إلى المدينة كانت قد صودرت في مكة على أيدي قريش من هنا كان الوقت مناسبا جدا لأن يأخذ المسلمون أموال قريش في تلك القافلة ، ويحتفظوا بها ريثما تفرج قريش عن أموال المسلمين المهاجرين المصادرة بمكة ، فاذا لجّوا وأصرّوا في مصادرة أموال المسلمين قسّم

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ١٨ ص ٢١٧.

(٢) المغازي : ج ١ ص ١٩.

٥٤

المسلمون في المقابل أموال قريش المأخوذة فيما بينهم وتصرفوا فيها كغنائم حرب من هنا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهم :

« هذا عير قريش ( أي قافلتهم ) فيها أموالهم ، فاخرجوا إليها لعلّ الله ينفلكموها »(١) .

من هنا استخلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المدينة « عبد الله بن أمّ مكتوم » للصلاة بالناس ، والقيام بالشؤون الدينية ، و « أبا لبابة » للقيام بالشؤون السياسية.

ثم خرج من المدينة في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا لمصادرة أموال قريش أو بالاحرى توقيفها وحبسها.

النبيّ يتوجه الى منطقة ذفران(٢) :

لقد ترك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة بعد أن أتاه خبر عن تحرك قافلة قريش ، قاصدا وادي ذفران حيث طريق القافلة في يوم الاثنين ، الثامن من شهر رمضان ، وقد عقد رايتين سلّم إحداهما إلى مصعب بن عمير ، والاخرى ( وتسمى العقاب ) إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

ولقد كانت المجموعة التي خرج بها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تتألّف من اثنين وثمانين من المهاجرين ، ومائة وسبعين من الخزرج ، وواحد وستين من الأوس ، وكان عندهم ثلاثة أفراس فقط.

__________________

(١) المغازي : ج ١ ص ٢٠.

(٢) وادي ذفران الذي كان يمرّ به قافلة قريش التجارية يقع على مرحلتين من بدر.

وقد ذكر ابن هشام في سيرته جميع المراحل التي طواها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المدينة إلى ذفران ومنه إلى بدر الذي ارتحل إليه رسول الله بعد أن بلغه نبأ تحرك قافلة قريش.

وبدر كان موسما من مواسم العرب يجتمع لهم به سوق كلّ عام يتبايعون فيه ويتفاخرون على غرار سوق عكاظ ، وكان يقع على طريق مكة والمدينة والشام. ( راجع السيرة النبوية : ج ١ ص ٦١٣ ـ ٦١٨ ).

٥٥

ولقد بلغ حبّ الشهادة عند الاشخاص في المجتمع الاسلامي يومئذ مبلغا عجيبا حتى أنّ فتيانا دون الحلم اشتركوا في هذه المعركة ، وردّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعضهم إلى المدينة لمّا استصغرهم(١) .

إن كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفيد بانهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد وعدهم بالرخاء والانفراج في المعيشة وذلك عن طريق السيطرة على أموال قريش ، وأخذ بضائعها ، وكان المسوّغ لهذا العمل هو ما سبق أن ذكرناه ، وهو أن قريشا كانت قد صادرت كل أموال المهاجرين المسلمين في مكة ، منقولها وغير منقولها ، ومنعت من دخولهم مكة ، وخروجهم منها.

ومن الواضح أن يسمح العاقل لنفسه ـ أيّا كان ـ بأن يعامل عدوه بمثل هذه المعاملة التي عامله بها العدوّ.

وأساسا يجب أن نعلم أنّ سبب هجوم المسلمين على قافلة قريش هو أنهم قد ظلموا وقهروا ، الأمر الذي يذكره القرآن الكريم أيضا ، ولذلك يسمح للمسلمين بأن يقاتلوا عدوّهم ويعترضوا تجارتهم إذ يقول :

«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ »(٢) .

ولقد كان أبو سفيان قد عرف ـ عند توجهه بالقافلة إلى الشام ـ أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يترصد القافلة ، ولهذا اتخذ كافة الاحتياطات عند قفوله ورجوعه من الشام ، فكان يسأل القوافل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان إذا رأى أحدا منهم سأله : هل أحسست أحدا؟!

__________________

(١) المغازي : ج ١ ص ٢١.

وروي أنه كان الرجل يساهم أباه في الخروج مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رغبة في الجهاد في سبيل الله والشهادة فكان ممن ساهم « سعد بن خيثمة » وأبوه في الخروج إلى بدر ، فقال سعد لأبيه : انه لو كان غير الجنة آثرتك به ، إني لأرجو الشهادة في وجهي هذا.

فقال خيثمة : آثرني ، وقرّ مع نسائك! فابى سعد.

فقال خيثمة : إنه لا بدّ لأحدنا من أن يقيم ، فاستهما ( أي اقترعا ) فخرج سهم سعد فقتل ببدر ( المصدر ).

(٢) الحج : ٣٩.

٥٦

وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد خرج مع أصحابه من المدينة ، يلاحق قافلة قريش ، وقد نزل في وادي ذفران.

ولما أحسّ أبو سفيان بذلك أحجم عن الاقتراب الى منطقة بدر ولم ير بدّا من أن يخبر قريشا بالخطر الذي يحدق بتجارتهم ، وأموالهم ، ويطلب مساعدتهم ، فاستأجر رجلا يدعى « ضمضم بن عمرو الغفاري » وأمره بأن يجدع بعيره ( يقطع أنفه ) ويحوّل رحله ، ويشقّ قميصه من قبله ودبره ويصيح الغوث! الغوث ، ويخبر قريشا أنّ محمّدا تعرّض لتجارتهم!!

فخرج ضمضم سريعا إلى مكّة ، ولمّا قدمها وقف ببطن الوادي يصيح بأعلى الصوت : يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة(١) ، أموالكم مع أبي سفيان قد تعرّض لها محمّد في أصحابه ، لا أرى ان تدركوها ، الغوث الغوث(٢) .

فأثار هذا المنظر المثير ، واستغاثات ضمضم المتتابعة أهل مكة ، فتجهزوا سراعا ، وتهيّأوا للخروج ، وأعدّ كل صناديد قريش ورجالها المقاتلون أنفسهم للتحرّك نحو المدينة إلاّ أبو لهب الذي لم يشترك في هذا الخروج ، وارسل مكانه « العاصي بن هشام » لقاء أجر قدره أربعة آلاف درهم.

وأراد « أميّة بن خلف » هو الآخر أن يتخلّف لاسباب خاصّة ، فقد قيل له : أن محمّدا يقول : لأقتلنّ أميّة بن خلف(٣) .

فرأى أشراف قريش وسادات مكة أن تخلف رجل مثله يضرّ بقريش ويوهن من عزيمة الجيش ، فقرروا إثارته وتحريكه فأتاه عقبة بن أبي معيط وأبو جهل وهو جالس في المسجد بين ظهرانيّ قومه ، بمجمرة يحملانه فيها نار وعود يتبخّر به حتى وضعاها بين يديه ثم قالا له :

« يا أميّة استجمر فإنّما أنت من النساء »!

__________________

(١) اللطيمة : الابل التي تحمل الاقمشة والعطور ، والنداء يعني : ادركوا اللطيمة ادركوها.

(٢) الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ٨١ ، المغازي : ج ١ ص ٣١ ، بحار الانوار : ج ١٩ ص ٢١٦.

(٣) المغازي : ج ١ ص ٣٥.

٥٧

فغضب أميّة ، وهاجت به الحمية ، فتجهز من فوره ، وخرج مع الناس(١) .

وخلاصة القول أنه اوعبت قريش لمّا سمعت بتعرض قافلتها وأموالها للخطر من قبل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه ، فكانوا بين رجلين إما خارج أو باعث مكانه رجلا ، وما بقي أحد من عظماء قريش إلاّ أخرج مالا لتجهيز الجيش ، وأخرجوا معهم المغنيات يضربن بالدفوف ويهيّجن الرجال للقتال.

المشكلة التي كانت تواجهها قريش :

ولما اعلن عن موعد الرحيل تذكرت قريش بأن بينهم وبين قبيلة « بني بكر » عداء قديما ، فخافوا أن يوجهوا إليهم ضربة من الخلف ، أو يحملوا على نسائهم وذراريهم في مكة في غياب منهم فكاد ذلك يثنيهم عن الخروج.

وقد كان العداء بين قريش وبني بكر يعود إلى دم سفك بينهم في قصة ذكرها ابن هشام وغيره من كتّاب السيرة(٢) .

ولكن سراقة بن جعشم المدلجي ـ وكان من أشراف بني كنانة وهم من بني بكر ـ طمأنهم ، ووعدهم بأن لا تأتيهم بنو بكر من خلفهم بشيء يكرهونه ، ولما اطمأنّوا خرجوا صوب المدينة سراعا.

وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه قد خرجوا من المدينة لاعتراض قافلة قريش التجارية ، وهبطوا في وادي ذفران ، وبقوا هناك ينتظرون مرورها ، ولكنه فجأة بلغه خبر جديد غيّر أفكار قادة الجيش الاسلامي ، وفتح ـ في الحقيقة ـ فصلا جديدا في حياتهم.

فقد أتاه الخبر عن مسير قريش باتجاه المدينة لحماية قافلتها التجارية ، وأن جيشها قد وصل إلى مشارف المنطقة التي يتواجد فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه ، وأن طوائف متعددة قد ساهمت وشاركت في تكوين هذا الجيش.

__________________

(١) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ١٣٨ ، الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ٨٢ ، المغازي : ج ١ ص ٣٥ و ٣٦.

(٢) السيرة النبوية : ج ١ ص ٦١٠ و ٦١١ ، المغازي : ج ١ ص ٣٨ و ٣٩.

٥٨

فوجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والقائد الاعلى للمسلمين نفسه أمام خيارين :

إما أن يقاتل ، ولكنّه لم يخرج هو أو أصحابه الذين مرّ ذكرهم إلاّ لمصادرة أموال قريش ، فلم يكونوا متهيّئين لمقاتلة الجيش المكّي الكبير ، لا من حيث العدد ، ولا من حيث العدّة.

وإما أن يرجع إلى المدينة من حيث أتى ، وهذا يعني أن ينهار كلّ ما كسبوه من الهيبة والمهابة ، بفضل المناورات العسكرية ، والعروض النظامية السابقة.

وبخاصة إذا تقدم العدوّ نحو المدينة في ظل هذا الانسحاب واجتاح مركز الإسلام « المدينة المنورة ».

فرأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن لا ينسحب ، بل يقاتل العدوّ بما عنده من العدة القليلة والعدد القليل ويقاوم حتى اللحظة الأخيرة والنفس الأخير.

والجدير بالذكر أنّ أكثر الذين كانوا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانوا من شبّان الأنصار وكان عدد المهاجرين لا يتجاوز ٨٢ شخصا.

وكانت بيعة العقبة التي بايع فيها الأنصار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيعة على الدفاع عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحمايته لا القتال والحرب.

اي انهم بايعوهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أن يمنعونه في المدينة فلا يصل إليه أحد من أعدائه وهو بينهم.

أمّا أن يخرجوا معه الى خارج المدينة لقتال العدوّ فلم يبايعوا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على مثل ذلك فما ذا يفعل القائد الأعلى للمسلمين.

إنه لم ير مناصا من استشارة الناس الذين معه ، ومعرفة رأيهم في ما يجب اتخاذه من طريقة حل لهذه المشكلة.

النبيّ يعقد شورى عسكرية :

وهنا وقف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك الجماعة وقال : أشيروا

٥٩

عليّ أيّها الناس.

فقام أبو بكر وقال : يا رسول الله إنّها قريش ، وخيلاؤها ما آمنت منذ كفرت ، ولا ذلّت منذ عزّت ولم نخرج على أهبة الحرب!!

وهذا يعني أنه رأى من الصالح ان ينسحبوا الى المدينة ، ولا يواجهوا قريشا.

فقال له رسول الله : اجلس.

ثم قام عمر بن الخطاب ، وكرّر نفس مقالة أبي بكر ، فأمره النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجلوس أيضا.

ثم قام « المقداد بن عمرو » وقال : يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى : اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون.

ولكن اذهب أنت وربّك فقاتلا ، وإنا معكما مقاتلون.

فو الّذي بعثك بالحقّ لو سرت الى برك الغماد ( وهو موضع بناحية اليمن ) لجالدنا معك من دونه ، حتى تبلغه ، ولو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا ( أي النار المتقدة ) وشوك الهراس ( وهو شجر كبير الشوك ) لخضناه معك.

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيرا ودعا له به.

إخفاء الحقائق وكتمانها :

إذا كان اخفاء الحقائق ، والتعتيم عليها وسترها ، والتعصب الباطل أمرا مشينا من كلّ من ألّف وكتب ، فإنّه ولا شك أقبح من المؤرّخ ، المؤتمن على التاريخ وحقائقه.

فان على المؤرخ أن يكون مرآة صادقة للأجيال القادمة لا يكدرها غبار التعصب ، وغشاوة التحريف والتبديل والكتمان للحقائق.

ولقد ذكر ابن هشام(١) والمقريزي(٢) والطبري(٣) ما وقع في الشورى

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ١ ص ٦١٥.

(٢) إمتاع الاسماع : ص ٧٤.

(٣) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ١٤٠.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

[ ١٥٠١٨ ] ١٢ - وبالإِسناد قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : اللهمّ بارك لأُمّتي في بكورها واجعله يوم الخميس.

أقول: قد عرفت وجه الاختلاف هنا(١) ، ولا يمتنع أيضاً أن يكون الله أَلانَ الحديد لداود( عليه‌السلام ) مرّتين في الثلاثاء والخميس إحداهما أبلغ من الأُخرى أو إحدى الرّوايتين تقية.

٨ - باب استحباب ترك التطير والخروج يوم الأَربعاء ونحوه خلافاً على أهل الطيرة ، وتوكلاً على الله

[ ١٥٠١٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن النضر بن قرواش، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في - حديث -: لا طيرة.

[ ١٥٠٢٠ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عمرو بن حريث قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : الطيرة على ما تجعلها، إن هوّنتها تهوّنت، وإن شدّدتها تشدّدت، وإن لم تجعلها شيئاً لم تكن شيئاً.

__________________

١٢ - قرب الإِسناد: ٥٧.

(١) في ذيل الحديث ٤ من الباب ٦ من هذه الأبواب.

وتقدّم ما يدل على المقصود في الباب ٥٢ من أبواب صلاة الجمعة، وعلى بعض المقصود في الحديث ٣ من الباب ٦ من هذه الأبواب.

الباب ٨

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٨: ١٩٦ / ٢٣٤، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ٢٨ من أبواب أحكام الدواب، وقطعة منه في الحديث ٤ من الباب ١٢ من أبواب مقدمات الطلاق.

٢ - الكافي ٨: ١٩٧ / ٢٣٥.

٣٦١

[ ١٥٠٢١ ] - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : كفّارة الطيرة، التوكل.

[ ١٥٠٢٢ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين قال: كتب بعض البغداديّين إلى أبي الحسن الثاني( عليه‌السلام ) يسأله عن الخروج يوم الأَربعاء لا يدور(١) ، فكتب( عليه‌السلام ) : من خرج يوم الأَربعاء لا يدور، خلافاً على أهل الطيرة، وقي من كلّ آفة، وعوفي من كلّ عاهة، وقضى الله له حاجته.

وفي( الخصال) عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن السيّارى، عن محمّد بن أحمد الدقاق البغدادي قال: كتبت إلى أبي الحسن الثاني( عليه‌السلام ) وذكر مثله(٢) .

[ ١٥٠٢٣ ] ٥ - الحسن بن علي بن شعبة في( تحف العقول) عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: إذا تطيّرت فامض، وإذا ظننت فلا تقض (٣) .

__________________

٣ - الكافي ٨: ١٩٨ / ٢٣٦.

٤ - الفقيه ٢: ١٧٣ / ٧٧٠، وأورده بتمامه في الحديث ١٧ من الباب ١٣ من أبواب ما يكتسب به.

(١) لا يدور: أي لا يعود في ذلك الشهر، والجملة صفة ليوم الاربعاء، والام فيه كاللام في قوله: ولقد أمرُّ على اللئيم يسبني، وحاصله يوم الأَربعاء في آخر الشهر لما عرفت من زيادة شؤمه ونسحه ( منه. قدّه ).

(٢) الخصال: ٣٨٦ / ٧٢.

٥ - تحف العقول: ٣٥.

(٣) فيه النهي عن الحكم بالظن، وتأتي أحاديث كثيرة في هذا المعنى في كتاب القضاء ( منه. قدّه ).

ويأتي ما يدلّ على ترك التطير في الحديث ٤ من الباب ١٤ من هذه الأبواب، وفي الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس.

٣٦٢

٩ - باب مايستحب أن يقوله من تطير أو ظهرت له أمارة الشؤم

[ ١٥٠٢٤ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن أبي الحسن موسى بن جعفر( عليهما‌السلام ) قال: الشؤم للمسافر في طريقه في خمسة(١) : الغراب الناعق عن يمينه، والكلب الناشر لذنبه، والذئب العاوي، الذي يعوي في وجه الرجل وهو مقع على ذنبه، ثمّ يعوي، ثمّ يرتفع، ثمّ ينخفض ثلاثاً، والظبي السانح من يمين إلى شمال، والبومة الصارخة، والمرأة الشمطاء تلقى فرجها، والأَتان العضباء - يعني الجدعاء -، فمن أوجس في نفسه منهنّ شيئاً فليقل: اعتصمت بك يا ربّ من شرْ ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك، قال: فيعصم من ذلك.

ورواه في( الخصال) عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بكر بن صالح، عن سليمان الجعفري (٢) .

ورواه البرقي في( المحاسن) عن بكر بن صالح (٣) .

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد(٤) .

__________________

الباب ٩

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٢: ١٧٥ / ٧٨٠.

(١) في نسخة: سبعة ( هامش المخطوط ) وفي المصدر: ستّة

(٢) الخصال: ٢٧٢ / ١٤.

(٣) المحاسن: ٣٤٨ / ٢١.

(٤) الكافي ٨: ٣١٤ / ٤٩٣.

ويأتي ما يدلّ في الحديث ٤ من الباب ١٤ من هذه الأبواب.

٣٦٣

١٠ - باب استحباب السير في آخر الليل أو في الغداة والعشي ، وكراهة السير في أول الليل

[ ١٥٠٢٥ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن جميل بن درّاج وحمّاد بن عثمان جميعاً، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: الأَرض تطوى من(١) آخر الليل.

ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان (٢) .

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج وحمّاد بن عثمان مثله (٣) .

[ ١٥٠٢٦ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن منذر بن جيفر، عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: سيروا البردين(٤) ، قلت: إنّا نتخوّف الهوام، قال: إن أصابكم شيء فهو خير لكم مع أنكم مضمونون.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منذر بن حفص، عن هشام بن سالم مثله (٥) .

__________________

الباب ١٠

فيه ١٠ أحاديث

١ - الفقيه ٢: ١٧٤ / ٧٧٢.

(١) في نسخة: في ( هامش المخطوط ).

(٢) الكافي ٨: ٣١٤ / ٤٩١.

(٣) المحاسن: ٣٤٦ / ١٢.

٢ - الكافي ٨: ٣١٣ / ٤٨٨.

(٤) في نسخة: البريدين ( هامش المخطوط ) والبردان: الغداة والعشي ( النهاية ١: ١١٤ ).

(٥) المحاسن: ٣٤٦ / ٩.

٣٦٤

[ ١٥٠٢٧ ] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : عليكم بالسفر بالليل، فإنّ الأَرض تطوى بالليل.

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

أحمد بن أبي عبد الله البرقي في( المحاسن) عن النوفلي مثله (٢) .

[ ١٥٠٢٨ ] ٤ - وعن أبيه، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إذا أراد سفراً أدلج(٣) ، قال: قال: ومن ذلك حديث الطائر والخفّ والحيّة.

[ ١٥٠٢٩ ] ٥ - وعن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن بشير النبّال، عن حمران بن أعين قال: قلت لأَبي جعفر( عليه‌السلام ) : يقول الناس: تطوى لنا الارض بالليل، كيف تطوى؟ قال: هكذا، ثمّ عطف ثوبه.

ورواه الكليني، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله مثله (٤) .

[ ١٥٠٣٠ ] ٦ - وعن بعض أصحابنا، عن علي بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم رفعه إلى علي( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى الله عليه وآله

__________________

٣ - الكافي ٨: ٣١٤ / ٤٨٩.

(١) الفقيه ٢: ١٧٤ / ٧٧١.

(٢) المحاسن: ٣٤٦ / ١٠.

٤ - المحاسن: ٣٤٦ / ١٤.

(٣) أدلج: سار من آخر الليل أنظر ( الصحاح - دلج - ١: ٣١٥ ).

٥ - المحاسن: ٣٤٦ / ١١.

(٤) الكافي ٨: ٣١٤ / ٤٩٠.

٦ - المحاسن: ٣٤٧ / ١٨.

٣٦٥

وسلم ): إذا نزلتم فسطاطاً أو خباء فلا تخرجوا فإنّكم على غرّة.

[ ١٥٠٣١ ] ٧ - وبإسناده قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : اتّقوا الخروج بعد نومة، فإنّ لله دوّاراً يبثها(١) يفعلون ما يؤمرون.

[ ١٥٠٣٢ ] - الحسن بن محمّد الطوسي في( مجالسه) عن أبيه، عن المفيد، عن علي بن خالد المراغي، عن محمّد بن العيص (٢) العجلي، عن أبيه، عن عبد العظيم الحسني، عن محمّد بن علي بن موسى، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين( عليهم‌السلام ) قال: بعثني رسول الله على اليمن، فقال لي وهو يوصيني: ما حار من استخار، ولا ندم من استشار، يا علي، عليك بالدلجة، فإنّ الأَرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار، يا علي، اغد على اسم الله تعالى، فإنّ الله تعالى بارك لأُمّتي في بكورها.

[ ١٥٠٣٣ ] ٩ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن سليمان بن داود المنقري، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال لقمان لابنه: يا بني، إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك - إلى أن قال - وإياك والسير في أول الليل، وسر في آخره.

ورواه الكليني كما يأتي، إلّا أنه قال: وإيّاك والسير في أوّل الليل، وعليك بالتعريس (٣) ، والدلجة من لدن نصف الليل إلى آخره(٤) .

__________________

٧ - المحاسن: ٣٤٧ / ١٩.

(١) في المصدر: بينها.

٨ - أمالي الطوسي ١: ١٣٥ وأورد صدره في الحديث ١١ من الباب ٥ من أبواب صلاة الاستخارة.

(٢) في المصدر: فيض.

٩ - الفقيه ٥٢: ١٩٤ / ٨٨٤، وأورده بتمامه في الحديثين ١، ٢ من الباب ٥٢ من هذه الأبواب، وقطعة منه في الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب أحكام الخلوة.

(٣) التعريس: نزول المسافر للنوم والاستراحة ( مجمع البحرين - عرس - ٤: ٨٦ ).

(٤) يأتي في الحديثين ١، ٢ من الباب ٥٢ من هذه الأبواب.

٣٦٦

[ ١٥٠٣٤ ] ١٠ - محمّد بن الحسين الرضي في( نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في وصيّته لمعقل بن قيس الرياحي حين أنفذه إلى الشام في ثلاثة آلاف: رفّه في السير، ولا تسر في أوّل الليل، فإنّ الله جعله سكناً، وقدره مقاماً لا ظعناً، فارح فيه بدنك، وروّح ظهرك، فإذا وقفت حين ينتطح السحر أو حين ينفجر الفجر، فسر على بركة الله الحديث.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

١١ - باب كراهة السفر والقمرّ في برج العقرب

[ ١٥٠٣٥ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمّد بن حمران، عن أبيه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من سافر أو تزوّج والقمرّ في العقرب لم يرَ الحسنى.

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن علي بن أسباط، عن إبراهيم بن محمّد بن حمران، عن أبيه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) (٢) .

ورواه البرقي في( المحاسن) عن بعض أصحابنا، عن علي بن أسباط (٣) .

__________________

١٠ - نهج البلاغة ٣: ١٥ / ١٢.

(١) تقدم في الحديث ١٠ من الباب ٤٠ من ابواب التعقيب ويأتي في الحديث ٧ من الباب ٥١ من هذه الأبواب.

الباب ١١

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٢: ١٧٤ / ٧٧٨.

(٢) الكافي ٨: ٢٧٥ / ٤١٦.

(٣) المحاسن: ٣٤٧ / ٢٠. =

٣٦٧

١٢ - باب كراهة السقوط عن الدابة من غير تعلق بشيء

[ ١٥٠٣٦ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من ركب زاملة ثمّ وقع منها فمات دخل النار.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن سنان(١) .

وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن الفهري، عن محمّد بن سنان مثله (٢) .

ورواه في( معاني الأَخبار) عن محمّد بن موسى بن المتوكل، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد سنان (٣) .

قال الصدوق: كان الناس يركبون الزوامل فإذا أراد أحدهم النزول وقع من راحلته من غير أن يتعلّق بشيء، فنهوا عن ذلك لئلّا يموت فيكون قاتل نفسه، فيستحقّ دخول النار، فهذا معنى الحديث، لأَنّ الناس كانوا يركبون الزوامل في زمان النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) والأَئمة( عليهم‌السلام ) فلا ينكر عليهم، انتهى.

ونقله الشيخ أيضاً.

__________________

= ويأتي ما يدلّ على كراهة التزويج والقمرّ في العقرب في الباب ٥٤ من أبواب مقدمات النكاح.

الباب ١٢

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٢: ٣٠٩ / ١٥٣٧.

(١) لم نعثر عليه في التهذيب المطبوع.

(٢) التهذيب ٥: ٤٤٠ / ١٥٣٠.

(٣) معاني الأخبار: ٢٢٣ / ١.

٣٦٨

١٣ - باب استحباب الوصية لمن أراد السفر والغسل والدعاء

[ ١٥٠٣٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد (١) ، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من ركب راحلة فليوص.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد(٢) .

ورواه الصدوق مرسلاً، إلّا أنّ في روايتهما قال: من ركب زاملة (٣) .

قال الصدوق والشيخ: هذا ليس بنهي عن ركوب الزاملة، بل ترغيب في الوصية لما لا يؤمن من الخطر.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الوصايا، إن شاء الله (٤) .

[ ١٥٠٣٨ ] ٢ - علي بن موسى بن طاووس في( أمان الأَخطار) قال: وروي أن الإِنسان يستحبّ له إذا أراد السفر أن يغتسل ويقول عند الغسل: بسم الله وبالله ولا حول ولا قوّة إلّا بالله وذكر الدعاء.

[ ١٥٠٣٩ و ١٥٠٤٠ ] ٣ و ٤ - قال ابن طاووس: وإذا دخلت إلى موضع

__________________

الباب ١٣

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٤: ٥٤٢ / ١٠.

(١) في المصدر: محمّد بن أحمد.

(٢) التهذيب ٥: ٤٤١ / ١٥٣١.

(٣) الفقيه ٢: ٣٠٩ / ١٥٣٨.

(٤) يأتي في الأبواب ١، ٣، ٤، ٦ من أبواب الوصايا.

٢ - أمان الأخطار: ٣٣.

٣ و ٤ - أمان الأخطار: ٣٤.

٣٦٩

الإِغتسال قصدت بالنيّة أنّي أغتسل غسل التوبة، وغسل الحاجة، وغسل الزيارة، وغسل الاستخارة، وغسل الصلاة، وغسل الدعوات (١) ، وإن كان يوم الجمعة ذكرت غسل الجمعة، وإن كان عليَّ غسل واجب ذكرته، وكلّ من هذه الاغسال وقفت له على رواية تقتضي ذكره، وإذا تكملت هذه النيّات أجزأني عنها جميعاً غسل واحد بحسب ما رأيته في بعض الروايات، انتهى.

أقول: وقد تقدّمت أحاديث تداخل الأَغسال في الجنابة(٢) .

١٤ - باب تحريم العمل بعلم النجوم وتعلمه إلّا ما يهتدى به في بر أو بحر

[ ١٥٠٤١ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبد الملك بن أعين قال: قلت لأَبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إنّي قد ابتليت بهذا العلم فأُريد الحاجة، فإذا نظرت إلى الطالع ورأيت الطالع الشر، جلست ولم أذهب فيها، وإذا رأيت طالع الخير ذهبت في الحاجة، فقال لي: تقضي؟ قلت: نعم، قال: احرق كتبك (٣) .

[ ١٥٠٤٢ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) يقول: لا نأخذ(٤) بقول

__________________

(١) غسل الصلاة وغسل الدعوات لا يحضرني فيهما نص سوى ما هنا من رواية ابن طاوس ( منه. قدّه ).

(٢) تقدمت في الباب ٤٣ من أبواب الجنابة

الباب ١٤

فيه ١٠ أحاديث

١ - الفقيه ٢: ١٧٥ / ٧٧٩.

(٣) فيه الأَمر بإحراق كتب النجوم ( منه. قدّه ).

٢ - الفقيه ٣: ٣٠ / ٩١.

(٤) في المصدر: لا آخذ.

٣٧٠

عرّاف ولا قائف(١) ولا لصّ، ولا أقبل شهادة فاسق إلّا على نفسه.

[ ١٥٠٤٣ ] ٣ - وبإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - في حديث المناهي - قال: ونهى عن إتيان العرّاف، وقال: من أتاه وصدّقه فقد برئ ممّا أنزل الله على محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) .

[ ١٥٠٤٤ ] ٤ - وفي( الأَمالي) عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي القرشي، عن نصر بن مزاحم، عن عمرّ بن سعد، عن يوسف بن يزيد، عن عبد الله بن عوف بن الأَحمرّ قال: لـمّا أراد أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) المسير إلى أهل النهروان أتاه منجم فقال له: يا أمير المؤمنين، لا تسر في هذه الساعة، وسر في ثلاث ساعات يمضين من النهار، فقال له أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : ولم؟ قال: لأَنّك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصاب أصحابك أذى وضرّ شديد، وإن سرت في الساعة التي أمرتك ظفرت وظهرت وأصبت كلّ ما طلبت، فقال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : تدري ما في بطن هذه الدابة، أذكر أم أُنثى؟ قال: إن حسبت علمت، فقال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : من صدقك على هذا القول فقد كذب بالقرآن( إنَّ الله عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسُ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَيِبرٌ ) (٢) ما كان محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يدعي ما ادّعيت، أتزعم أنّك تهدي إلى الساعة التي من

__________________

(١) القائف: هو الذي يعرف الاثار ويلحق الولد بأبيه( مجمع البحرين - قوف - ٥: ١١٠ ).

٣ - الفقيه ٤: ٢، وأورده في الحديث ١ من الباب ٢٦ من أبواب ما يكتسب به.

٤ - أمالي الصدوق: ٣٣٨ / ١٦.

(٢) لقمان ٣١: ٣٤.

٣٧١

صار فيها صرف عنه السوء، والساعة التي من( صار فيها حاق به الضرّ) (١) ؟ من صدقك بهذا استغنى بقولك عن الاستعانة بالله في ذلك الوجه، وأحوج إلى الرغبة إليك في دفع المكروه عنه، وينبغي أن يوليك الحمد دون ربه عز وجل، فمن آمن لك بهذا فقد اتخذك من دون الله ضدّاً وندّاً، ثمّ قال( عليه‌السلام ) : اللهم لا طير إلا طيرك، ولا ضير إلّا ضيرك، ولا خير إلّا خيرك، ولا إله غيرك، ثم التفت إلى المنجم وقال: بل نكذبك (٢) ونسير في الساعة التي نهيت عنها.

[ ١٥٠٤٥ ] ٥ - وفي( معاني الأَخبار) عن علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق، عن حمزة بن القاسم العلوي، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن محمّد بن الحسين بن زيد الزيات، عن محمّد بن زياد الأَزدي، عن المفضّل بن عمر، عن الصادق( عليه‌السلام ) - في حديث - في قول الله تعالى: ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيم رَبَهُ بِكَلِمَاتٍ ) (٣) - إلى أن قال: - وأمّا الكلمات فمنها ما ذكرناه، ومنها المعرفة بقدم باريه وتوحيده وتنزيهه عن التشبيه حتى نظر إلى الكواكب والقمرّ والشمس واستدلّ بأفول كلّ واحد منها على حدثه، وبحدثه على محدثه، ثمّ أعلمه عزّ وجلّ أن الحكم بالنجوم خطأ.

[ ١٥٠٤٦ ] ٦ - وعن أحمد بن الحسن القطّان، عن أحمد بن يحيى بن زكريّا، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل، عن أبيه، عن أبي خالد الكابلي قال: سمعت

__________________

(١) في المصدر: سار فيها حاق به النصر.

(٢) في المصدر زيادة: ونخالفك.

٥ - معاني الاخبار: ١٢٦ / ١.

(٣) البقرة ٢: ١٢٤.

٦ - معاني الأخبار: ٢٧٠ / ٢.

٣٧٢

زين العابدين( عليه‌السلام ) يقول: الذنوب التي تغيّر النعم، البغي على الناس - إلى أن قال: - والذنوب التي تظلم الهواء، السحر والكهانة، والإِيمان بالنجوم، والتكذيب بالقدر، وعقوق الوالدين الحديث.

[ ١٥٠٤٧ ] ٧ - العيّاشي في( تفسيره) عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن قوله تعالى: ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللهِ إِلَّا وَهُم مُشْرِكُونَ ) (١) قال: كانوا يقولون: يمطر نوء (٢) كذا، ونوء كذا لا يمطر، ومنها أنهّم كانوا يأتون العرفاء فيصدّقونهم بما يقولون.

[ ١٥٠٤٨ ] ٨ - محمّد بن الحسين الرضي الموسوي في( نهج البلاغة) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) لبعض أصحابه لـمّا عزم على المسير إلى الخوارج فقال له: يا أمير المؤمنين، إن سرت في هذا الوقت خشيت أن لا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم فقال( عليه‌السلام ) : أتزعم أنّك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها انصرف(٣) عنه السوء، وتخوف الساعة التي من سار فيها حاق به الضر، فمن صدقّك بهذا فقد كذب القرآن، واستغنى عن الاستعانة (٤) بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه، وينبغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربّه، لأَنّك - بزعمك أنت - هديته إلى الساعة التي نال فيها النفع وأمن الضر.

ثمّ أقبل( عليه‌السلام ) على الناس فقال: أيّها الناس، إيّاكم وتعلّم

__________________

٧ - تفسير العيّاشي ٢: ١٩٩ / ٩١.

(١) يوسف ١٢: ١٠٦.

(٢) نوء: جمعه أنواء، وهي نجوم تغيب وتطلع ينسبون المطر إليها ( مجمع البحرين - نوأ - ١: ٤٢٢ ).

٨ - نهج البلاغة ١: ١٢٤ / ٧٦.

(٣) في المصدر: صُرف.

(٤) في المصدر: الإِعانة.

٣٧٣

النجوم إلّا ما يهتدى به في برّ أو بحر، فإنّها تدعو إلى الكهانة(١) ، والكاهن كالساحر، والساحر كالكافر، والكافر في النار، سيروا على اسم الله.

[ ١٥٠٤٩ ] ٩ - علي بن موسى بن طاووس في( رسالة النجوم) نقلاً من كتاب( تعبير الرؤيا) لمحمّد بن يعقوب الكليني بإسناده عن محمّد بن بسّام قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : قوم يقولون: النجوم أصح من الرؤيا، وذلك هو، كانت صحيحة حين لم تردّ الشمس على يوشع بن نون وعلى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، فلمّا ردّ الله عزّ وجلّ الشمس عليهما ضلّ فيها علماء النجوم، فمنهم مصيب ومخطئ.

[ ١٥٠٥٠ ] ١٠ - محمّد بن الحسن في( الخلاف )، ومحمّد بن مكّي الشهيد في( الذكرى )، والحسن بن يوسف العلامة في( التذكرة )، وجعفر بن الحسن المحقق في( المعتبر) عن زيد بن خالد الجهني قال: صلّى بنا رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) صلاة الصبح في الحديبيّة في أثر سماء كانت من الليل، فلمّا انصرف الناس قال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إنّ ربكم يقول: من عبادي مؤمن بي وكافر بالكواكب، وكافر بي ومؤمن بالكواكب، فمن قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب، ومن قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب.

قال الشهيد: هذا محمول على اعتقاد مدخليتها في التأثير، والنوء سقوط كوكب في المغرب وطلوع رقيبه في المشرق.

____________

(١) في المصدر زيادة: والمنجم كالكاهن.

٩ - فرج المهموم: ٨٦ / ٢.

١٠ - لم نعثر عليه في الخلاف ولا المعتبر المطبوعين، والذكرى: ٢٥١، والتذكرة ١: ١٦٩.

٣٧٤

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الصوم(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه في التجارة(٢) .

١٥ - باب استحباب افتتاح السفر بالصدقة ، وجواز السفر بعدها في الاوقات المكروهة ، واستحباب كونها عند وضع الرجل في الركاب

[ ١٥٠٥١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : تصدّق واخرج أيّ يوم شئت.

محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله(٣) .

ورواه البرقي في( المحاسن) عن الحسن بن محبوب مثله (٤) .

[ ١٥٠٥٢ ] ٢ - وبإسناده عن حمّاد بن عثمان قال: قلت لأَبي عبد الله( عليه‌السلام ) : أيكره السفر في شيء من الأَيام المكروهة مثل الأَربعاء وغيره؟ فقال: افتتح سفرك بالصدقة، واخرج إذا بدا لك. واقرأ آية الكرسي واحتجم إذا بدا لك.

ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان مثله، إلّا أنه قال: فقال: افتتح سفرك بالصدقة، واقرء

__________________

(١) تقدم في الباب ١٥ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٢) يأتي في الباب ٢٤ من أبواب ما يكتسب به.

الباب ١٥

فيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٤: ٢٨٣ / ٤، والتهذيب ٥: ٤٩ / ١٥١.

(٣) الفقيه ٢: ١٧٥ / ٧٨١.

(٤) المحاسن: ٣٤٨ / ٢٣.

٢ - الفقيه ٢: ١٧٥ / ٧٨٢.

٣٧٥

آية الكرسي إذا بدا لك(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) ، وكذا الذي قبله.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان مثل رواية الكليني (٣) .

[ ١٥٠٥٣ ] ٣ - وبإسناده عن ابن أبي عمير، أنّه قال: كنت أنظر في النجوم وأعرفها، وأعرف الطالع فيدخلني من ذلك شيء فشكوت ذلك إلى أبي الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) فقال: إذا وقع في نفسك شيء فتصدّق على أوّل مسكين، ثمّ امض فإنّ الله يدفع عنك.

[ ١٥٠٥٤ ] ٤ - ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمرّ بن أُذينة، عن سفيان بن عمرّ قال: كنت أنظر في النجوم وذكر مثله.

[ ١٥٠٥٥ ] ٥ - وبإسناده عن هارون بن خارجة، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: كان علي بن الحسين( عليه‌السلام ) ، إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من الله عزّ وجلّ بما تيسّر له، ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب، وإذا سلمه الله فانصرف حمد الله عز وجلّ وشكره وتصدّق بما تيسّر له.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن عثمان بن عيسى، عن هارون بن خارجة مثله (٤) .

__________________

(١) الكافي ٤: ٢٨٣ / ٣.

(٢) التهذيب ٥: ٤٩ / ١٥٠، وفيه زيادة: عن الحلبي بعد حمّاد.

(٣) المحاسن: ٣٤٨ / ٢٢.

٣ - الفقيه ٢: ١٧٥ / ٧٨٣.

٤ - المحاسن: ٣٤٩ / ٢٦.

٥ - الفقيه ٢: ١٧٦ / ٧٨٥.

(٤) المحاسن: ٣٤٨ / ٢٥.

٣٧٦

[ ١٥٠٥٦ ] ٦ - وبإسناده عن كردين، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من تصدّق بصدقة إذا أصبح دفع الله عنه نحس ذلك اليوم.

أحمد بن أبي عبد الله في( المحاسن) عن ابن أبي عمير، عن بشر بن سلمة، عن مسمع كردين مثله (١) .

[ ١٥٠٥٧ ] ٧ - وعن الحسن بن علي بن يقطين، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سليمان، عن أحدهما( عليهما‌السلام ) قال: كان أبي إذا خرج يوم الأَربعاء من آخر الشهر، وفي يوم يكرهه الناس من محاق أو غيره تصدّق بصدقة ثمّ خرج.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الصدقة(٢) .

١٦ - باب استحباب حمل العصا من لوزٍ مُر في السفر ، وما يستحب قرائته حينئذ ً

[ ١٥٠٥٨ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من خرج في سفر ومعه عصا لوزٍ مُرّ وتلى هذه الاية( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ - إلى قوله: -وَالله عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ) (٣) آمنه الله من كلّ سبع ضار، ومن كلّ لصّ عاد، ومن كلّ

__________________

٦ - الفقيه ٢: ١٧٦ / ٧٨٤.

(١) المحاسن: ٣٤٩ / ٢٧.

٧ - المحاسن: ٣٤٨ / ٢٤.

(٢) تقدم في الحديثين ١، ٦ من الباب ١٢ من أبواب الصدقة.

الباب ١٦

فيه ٤ أحاديث

١ - الفقيه ٢: ١٧٦ / ٧٨٦.

(٣) القصص ٢٨: ٢٢ - ٢٨.

٣٧٧

ذات حمة حتى يرجع إلى أهله ومنزله، وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات يستغفرون له حتى يرجع ويضعها.

[ ١٥٠٥٩ ] ٢ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : من أراد أن تطوى له الأَرض فليتّخذ النقد من العصا، والنقد: عصا لوز مُرّ.

[ ١٥٠٦٠ ] ٣ - ورواه في( ثواب الأَعمال) عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد.

( وفي نسخة عن محمّد بن الحسن بن أحمد، عن أبيه) (١) ، عن محمّد بن أحمد، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد الجبّار، وإسماعيل بن الريّان (٢) ، عن يونس، عن عدّة من أصحاب أبي عبد الله، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) مثله. وكذا الذي قبله، وزاد: قال: وقال رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إنّه ينفي الفقر، ولا يجاوره شيطان.

[ ١٥٠٦١ ] ٤ - قال: وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ): مرض آدم( عليه‌السلام ) مرضاً شديداً فأصابته وحشة، فشكى ذلك إلى جبرئيل، فقال له: اقطع واحدة منه وضمّها إلى صدرك، ففعل ذلك، فأذهب عنه الوحشة.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) .

__________________

٢ - الفقيه ٢: ١٧٦ / ٧٨٧، وثواب الأعمال: ٢٢٢ / ١.

٣ - ثواب الأعمال: ٢٢٢ / ١.

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: وإسماعيل، والريان.

٤ - ثواب الأعمال: ٢٢٢ / ١.

(٣) يأتي في الباب ١٧ من هذه الأبواب.

٣٧٨

١٧ - باب استحباب حمل العصي في السفر والحضر والصغر والكبر

[ ١٥٠٦٢ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): حمل العُصيّ ينفي الفقر، ولا يجاوره شيطان.

[ ١٥٠٦٣ ] ٢ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : تعصّوا فإنّها من سنن إخواني النبيين، وكانت بنو إسرائيل الصغار والكبار يمشون على العصي حتى لا يختالوا في مشيتهم.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

١٨ - باب استحباب صلاة ركعتين أو أربع ركعات عند ارادة السفر وجمع العيال والدعاء بالمأثور

[ ١٥٠٦٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفر يقول(٢) : اللهم إنّي

__________________

الباب ١٧

فيه حديثان

١ - الفقيه ٢: ١٧٦ / ٧٨٦.

٢ - الفقيه ٢: ١٧٦ / ٧٨٨.

(١) تقدم في الباب ١٦ من هذه الأبواب.

الباب ١٨

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٤: ٢٨٣ / ١.

(٢) في التهذيب والفقيه: ويقول ( هامش المخطوط ).

٣٧٩

أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذرّيتي ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة علم(١) ، إلّا أعطاه الله عزّ وجلّ ما سأل.

ورواه الصدوق مرسلاً(٢) .

ورواه البرقي في( المحاسن) عن النوفلي (٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٤) .

ورواه أيضاً بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) (٥) .

ورواه أيضاً بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، كما مرّ في الصلوات المندوبة (٦) .

[ ١٥٠٦٥ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الحارث بن محمّد الأَحول، عن بريد بن معاوية العجلي قال: كان أبو جعفر( عليه‌السلام ) إذا أراد سفراً جمع عياله في بيت ثمّ قال: اللهم إنّي أستودعك الغداة نفسي ومالي وأهلي وولدي الشاهد منّا والغائب، اللهمّ احفظنا واحفظ علينا، اللهمّ اجعلنا في جوارك، اللهم لا تسلبنا نعمتك ولا تغير ما بنا من عافيتك وفضلك.

__________________

(١) في التهذيب والفقيه زيادة: فما قال ذلك أحد ( هامش المخطوط ).

(٢) الفقيه ٢: ١٧٧ / ٧٨٩.

(٣) المحاسن: ٣٤٩ / ٢٩.

(٤) التهذيب ٥: ٤٩ / ١٥٢.

(٥) لم نعثر عليه في التهذيب المطبوع.

(٦) مرّ في الباب ٢٧ من أبواب بقية الصلوت المندوبة.

٢ - الكافي ٤: ٢٨٣ / ٢.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562