مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١١

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل15%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 399

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 399 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135015 / تحميل: 5602
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وذاك حكم الله عز وجل، لان لهم دار حرب قائمة، وإماما منتصبا يداوي جريهم ويعالج مريضهم، ويهب(١١) لهم الكراع والسلاح، ويعيدهم إلى قتالكم كرة بعد كرة، ولم يكونوا بايعوا فيدخلون في ذمة البيعة والإسلام، ومن خرج من بيعتنا فقد خرج من الدين، وصار ماله وذراريه بعد دمه حلالا ) قالوا له: صدقت وأصبت، وأخطأنا، والحق والحجة لك الخبر.

ورواه القاضي نعمان في كتاب شرح الاخبار: عن أحمد بن شعيب الساري، بإسناده عن عبد الله بن عباس، مثله باختلاف يسير.

[١٢٤٢٦] ١٠ - العلامة في المختلف: عن ابن أبي عقيل، أنه روى: أن رجلا من عبد القيس قام يوم الجمل فقال: يا أمير المؤمنين، ما عدلت حتى(١) تقسم بيننا أموالهم، ولا تقسم بيننا نساءهم ولا أبناءهم، فقال له: ( إن كنت كاذبا فلا أماتك الله حتى تدرك غلام ثقيف، وذلك أن دار الهجرة حرمت ما فيها، وإن دار الشرك أحلت ما فيها، فأيكم يأخذ أمه في سهمه!؟ )

قال العلامة فيه: لنا ما رواه ابن أبي عقيل، وهو شيخ من علمائنا تقبل مراسيله لعلمه وعدالته، وذكر الخبر المذكور.

٢٤ -( باب حكم قتال البغاة)

[١٢٤٢٧] ١ - الحسن بن محمد الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن علي بن بلال، عن محمد بن الحسين بن حميد اللخمي، عن سليمان بن الربيع، عن نصر بن مزاحم، قال علي بن بلال: وحدثني علي بن

__________________

(١١) وفيه: ويعفر.

١٠ - المختلف ص ٣٣٧.

(١) في المصدر: حين.

الباب ٢٤

١ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٠٠.

٦١

عبد الله بن أسد الأصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن محمد بن علي، عن نصر بن مزاحم، عن يحيى بن يعلى الأسلمي، عن علي بن الحزور، عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء رجل إلى عليعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين، هؤلاء الذين تقاتلهم، الدعوة واحدة، والرسول واحد، والصلاة واحدة، والحج واحد، فبم نسميهم؟ قال: ( سمهم بما سماهم الله تعالى في كتابه ) فقال: ما كل ما في كتاب الله أعلمه، فقال: ( أما سمعت الله يقول في كتابه:( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ) (١) فلما وقع الاختلاف كنا نحن أولى بالله عز وجل وبدينه، وبالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبالكتاب وبالحق، فنحن الذين آمنوا وهم الذين كفروا، وشاء الله منا قتلهم فقتلناهم بمشيئته وإرادته ).

ورواه المفيد في أماليه(٢) : عن علي بن بلال، مثله.

[١٢٤٢٨] ٢ - ابن شهرآشوب في مناقبه: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه ذكر الذين حاربهم عليعليه‌السلام فقال: ( أما إنهم أعظم جرما ممن حارب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قيل له: وكيف ذلك يا بن رسول الله؟ قال: أولئك كانوا أهل جاهلية، وهؤلاء قرؤوا القرآن وعرفوا أهل الفضل، فأتوا ما أتوا بعد البصيرة ).

[١٢٤٢٩] ٣ - فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره: عن الحسن بن علي بن بزيع، معنعنا عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ( قال أمير المؤمنين

__________________

(١) البقرة ٢: ٢٥٣.

(٢) أمالي المفيد ص ١٠١.

٢ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٣ ص ٢١٨.

٣ - تفسير فرات الكوفي ص ٥٧.

٦٢

عليه‌السلام : يا معشر المسلمين قاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ثم قال: هؤلاء القوم هم ورب الكعبة، يعني أهل صفين والبصرة والخوارج ).

[١٢٤٣٠] ٤ - العياشي في تفسيره: عن حنان بن سدير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال:(١) ( دخل علي أناس من أهل البصرة فسألوني عن طلحة والزبير، فقلت لهم: كانا إمامين من أئمة الكفر، إن عليا ( صلوات الله عليه ) يوم البصرة لما صف الخيول قال لأصحابه: لا تعجلوا على القوم، حتى أعذر فيما بيني وبين الله تعالى وبينهم، فقام إليهم فقال لأهل(٢) البصرة: هل تجدون علي جورا في الحكم؟ قالوا: لا - إلى أن قالعليه‌السلام - ثم ثنى إلى أصحابه فقال: إن الله يقول في كتابه:( وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ) (٣) فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، واصطفى محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالنبوة، إنكم لأصحاب هذه الآية، وما قوتلوا منذ نزلت ).

[١٢٤٣١] ٥ - وعن أبي الطفيل قال: سمعت علياعليه‌السلام يوم الجمل، وهو يحض الناس على قتالهم ويقول: ( والله ما رمى أهل هذه الآية بكنانة قبل اليوم( قاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ) (١) فقلت لأبي الطفيل: ما الكنانة؟ قال: السهم يكون موضع الحديد فيه عظم، تسميه بعض العرب الكنانة.

__________________

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٧٧ ح ٢٣.

(١) في المصدر زيادة: سمعته يقول.

(٢) في المصدر: يا أهل.

(٣) التوبة ٩: ١٢.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٧٨ ح ٢٤.

(١) التوبة ٩: ١٢.

٦٣

[١٢٤٣٢] ٦ - وعن الحسن البصري قال: خطبنا علي بن أبي طالبعليه‌السلام على هذا المنبر، وذلك بعد ما فرغ من أمر طلحة والزبير وعائشة، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال: ( أيها الناس، والله ما قاتلت هؤلاء بالأمس إلا باية ( من كتاب الله )(١) تركتها في كتاب الله إن الله يقول:( وإن نكثوا ) (٢) الآية، أما والله لقد عهد إلي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال لي: يا علي لتقاتلن الفئة الباغية، والفئة الناكثة، والفئة المارقة ).

[١٢٤٣٣] ٧ - وعن الشعبي قال: قرأ عبد الله(١) :( وإن نكثوا ) (٢) إلى آخر الآية، ثم قال: ما قوتل أهلها بعد، فلما كان يوم الجمل قرأها عليعليه‌السلام ، ثم قال: ( ما قوتل أهلها منذ يوم نزلت حتى كان اليوم ).

[١٢٤٣٤] ٨ - وعن أبي عثمان مولى بني قصي قال: شهدت علياعليه‌السلام سنة(١) كلها فما سمعت منه ولاية ولا براءة، وقد سمعته يقول: ( عذرني الله من طلحة والزبير، بايعاني طائعين غير مكرهين، ثم نكثا بيعتي من غير حدث أحدثته، والله ما قوتل أهل هذه الآية منذ نزلت حتى قاتلتهم( وإن نكثوا ) الآية ).

__________________

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٧٨ ح ٢٥.

(١) ليس في المصدر.

(٢) التوبة ٩: ١٢.

٧ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٧٩ ح ٢٧.

(١) هو عبد الله بن مسعود الصحابي المعروف ومن القراء المشهورين، له قراءة مستقلة.

(٢) التوبة ٩: ١٢.

٨ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٧٩ ح ٢٨.

(١) في المصدر: سنته.

(٢) التوبة ٩: ١٢.

٦٤

[١٢٤٣٥] ٩ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه خطب بالكوفة، فقام رجل من الخوارج فقال: لا حكم إلا الله، فسكت أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ثم قام آخر وآخر، فلما أكثروا قال: ( كلمة حق يراد بها باطل، لكم عندنا ثلاث خصال: لا نمنعكم مساجد الله أن تصلوا فيها، ولا نمنعكم الفئ ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نبدؤكم بحرب حتى تبدؤونا ( به )(١) وأشهد لقد أخبرني النبي الصادقصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن الروح الأمين، عن رب العالمين، أنه لا يخرج ( علينا )(٢) منكم من فئة قلت أو كثرت إلى يوم القيامة، إلا جعل الله حتفها على أيدينا، وإن أفضل الجهاد جهادكم، وأفضل المجاهدين من قتلكم، وأفضل الشهداء من قتلتموه، فاعملوا ما أنتم عاملون، فيوم القيامة يخسر المبطلون، ولكل نبأ مستقر فسوف تعلمون ).

[١٢٤٣٦] ١٠ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ( ان دعي أهل البغي قبل القتال فحسن، وإلا فقد علموا ما يدعون إليه، وينبغي أن لا يبدؤوا بالقتال حتى يبدؤوهم به ).

[١٢٤٣٧] ١١ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: ( يقاتل أهل البغي ويقتلون بكل ما يقتل به المشركون، ويستعان ( بكل ما )(١) أمكن أن يستعان به عليهم من أهل القبلة، ويؤسرون كما يؤسر المشركون إذا قدر عليهم ).

[١٢٤٣٨] ١٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه ذكر قتال من قاتله منهم فقال: ( والله

__________________

٩ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

١٠ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٣.

١١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٣.

(١) في المصدر: عليهم بهن.

١٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٨٨.

٦٥

ما وجدت إلا قتالهم، أو الكفر بما أنزل الله على نبيه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

[١٢٤٣٩] ١٣ وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه ذكر الذين حاربهم(١) عليعليه‌السلام فقال: ( أما إنهم أعظم جرما ممن حارب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قيل له: وكيف ذلك يا بن رسول الله؟ قال: لان أولئك كانوا جاهلية، وهؤلاء قرؤوا القرآن، وعرفوا فضل أهل الفضل، فأتوا ما أتوا بعد البصيرة ).

[١٢٤٤٠] ١٤ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الذين قاتلهم من أهل القبلة أكافرون هم؟ قال:: ( كفروا بالاحكام وكفروا بالنعم كفرا ليس ككفر الذين دفعوا النبوة ولم يقروا بالاسلام، ولو كانوا كذلك ما حلت لنا مناكحتهم ولا ذبائحهم ولا مواريثهم ).

[١٢٤٤١] ١٥ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال يوم صفين: ( اقتلوا بقية الأحزاب وأولياء الشيطان، اقتلوا من يقول: كذب الله ورسوله )

[١٢٤٤٢] ١٦ - وعنهعليه‌السلام ، أنه حر ص الناس على منبر الكوفة فقال: ( يا معشر أهل الكوفة لتصبرن على قتال عدوكم، أو ليسلطن الله عليكم قوما أنتم أولى بالحق منهم ).

[١٢٤٤٣] ١٧ - ثقة الاسلام في الكافي: عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قلت:( وإن طائفتان من المؤمنين - إلى قوله -فأصلحوا بينهما بالعدل ) (١) فقال

__________________

١٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٨٨.

(١) في المصدر: حاربوا.

١٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٨٨.

١٥ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٩٠.

١٦ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٠.

١٧ - الكافي ج ٨ ص ١٨٠.

(١) الحجرات ٤٩: ٩.

٦٦

عليه‌السلام : ( الفئتان، إنما جاء تأويل هذه الآية يوم البصرة، وهم أهل هذه الآية، وهم الذين بغوا على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فكان الواجب عليه قتالهم وقتلهم حتى يفيئوا إلى أمر الله، ولو لم يفيئوا لكان الواجب عليه فيما أنزل الله أن لا يرفع السيف عنهم حتى يفيئوا أو(٢) يرجعوا عن رأيهم، لأنهم بايعوا طائعين غير كارهين، وهي الفئة الباغية كما قال الله تعالى، فكان الواجب على أمير المؤمنينعليه‌السلام أن يعدل فيهم حيث كان ظفر بهم، كما عدل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في أهل مكة، إنما من عليهم وعفا، وكذلك صنع أمير المؤمنينعليه‌السلام بأهل البصرة حيث ظفر بهم، مثل ما صنع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأهل مكة حذو النعل بالنعل ).

[١٢٤٤٤] ١٨ - وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد معا، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن ضريس قال: تمارى الناس عند أبي جعفرعليه‌السلام ، فقال بعضهم: حرب عليعليه‌السلام شر من حرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال بعضهم: حرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شر من حرب عليعليه‌السلام ، قال: فسمعهم أبو جعفرعليه‌السلام فقال: ( ما تقولون؟ ) فقالوا: أصلحك الله، تمارينا في حرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي حرب عليعليه‌السلام ، فقال بعضنا: حرب عليعليه‌السلام شر من حرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال بعضنا: حرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شر من حرب عليعليه‌السلام ، فقال أبو جعفرعليه‌السلام ، ( لا، بل حرب عليعليه‌السلام شر من حرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ) فقلت: جعلت فداك، أحرب عليعليه‌السلام شر من حرب رسول الله ( صلى

__________________

(٢) في المصدر: و.

١٨ - الكافي ج ٨ ص ٢٥٢.

٦٧

الله عليه وآله )؟ قال: ( نعم، وسأخبرك عن ذلك، إن حرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقروا بالاسلام، وإن حرب عليعليه‌السلام أقروا بالاسلام ثم جحدوه ).

[١٢٤٤٥] ١٩ - القاضي نعمان في شرح الاخبار: عن محمد بن داود، بإسناده عن عليعليه‌السلام ، أنه سئل عن قتلى الجمل، أمشركون هم؟ قال: ( لا، بل من الشرك فروا ) قيل: فمنافقون؟ قال: ( لا، إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا ) قيل: فما هم؟ قال: ( إخواننا بغوا علينا فنصرنا عليهم ).

[١٢٤٤٦] ٢٠ - إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات: عن ميسرة قال: قال عليعليه‌السلام : ( قاتلوا أهل الشام مع كل إمام بعدي ).

[١٢٤٤٧] ٢١ - الشيخ المفيد في الأمالي: عن أبي الحسن علي بن بلال(١) المهلبي، عن أبي العباس أحمد بن الحسين البغدادي، عن الحسين بن عمر المقرئ، عن علي بن الأزهر، عن علي بن صالح المكي، عن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جدهعليه‌السلام قال: ( لما نزلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( إذا جاء نصر الله والفتح ) (٢) قال: يا علي إنه قد جاء نصر الله والفتح، فإذا رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا، يا علي إن الله قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي، كما كتب عليهم جهاد المشركين معي، فقلت: يا رسول الله، وما الفتنة التي كتب علينا فيها الجهاد؟ قال: فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلا

__________________

١٩ - شرح الاخبار:

٢٠ - الغارات ص ٥٨٠.

٢١ - أمالي المفيد ص ٢٨٨.

(١) في الحجرية ( هلال ) وما أثبتناه من المصدر ( أنظر معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٢٨٣ ).

(٢) النصر ١١٠: ١

٦٨

الله وأني رسول الله، مخالفون لسنتي وطاعنون في ديني، فقلت: فعلى م نقاتلهم يا رسول الله وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال: على إحداثهم في دينهم، وفراقهم لأمري، واستحلالهم دماء عترتي ).

٢٥ -( باب جواز فرار المسلم من ثلاثة في الحرب، وتحريمه من واحد أو اثنين، بأن يكون العدو على الضعف لا أزيد)

[١٢٤٤٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: ( من فر من اثنين فقد فر، ومن فر من ثلاثة لم يكن فارا، لان الله عز وجل افترض على المسلمين أن يقاتلوا مثلي اعدادهم من المشركين ).

[١٢٤٤٩] ٢ - العياشي: عن الحسين بن صالح قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: ( كان علي ( صلوات الله عليه ) يقول: من فر من رجلين في القتال من الزحف فقد فر من الزحف، ومن فر من ثلاثة رجال في القتال من الزحف فلم يفر ).

[١٢٤٥٠] ٣ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال ) (١) الآية، قال: كان الحكم في أول النبوة في أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن الرجل الواحد وجب عليه أن يقاتل عشرة من الكفار، فإن هرب منه(٢) فهو الفار من الزحف، والمائة يقاتلون ألفا، ثم علم الله أن فيهم ضعفا لا يقدرون على ذلك، فأنزل:( الآن خفف الله عنكم ) (٣) الآية، ففرض الله عليهم أن يقاتل رجل من المؤمنين

__________________

الباب ٢٥

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٠.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٦٨ ح ٧٨.

٣ - تفسير القمي ج ١ ص ٢٧٩.

(١) الأنفال ٨: ٦٥.

(٢) في المصدر: منهم.

(٣) الأنفال ٨: ٦٦.

٦٩

رجلين من الكفار، فإن فر منهما فهو الفار من الزحف، وإن كانوا ثلاثة من الكفار وواحد من المسلمين ففر المسلم منهم، فليس هو الفار من الزحف.

٢٦ -( باب أن من أسر بعد جراحة مثقلة، وجب افتداؤه من بيت المال، وإلا فمن ماله، وعدم جواز الاستسلام للأسر بغير جراحة)

[١٢٤٥١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: ( لما بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالراية(١) معي، بعث معي ناسا، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من استأسر من غير جراحة مثقلة فليس منا ).

[١٢٤٥٢] ٢ - وبهذا الاسناد: عن علي بن الحسين، عن أبيه: ( أن علياعليهم‌السلام كان يقول: من استأسر من غير أن يغلب، فلا يفدى من بيت مال المسلمين، ولكن يفدى من ماله إن أحب أهله ).

[١٢٤٥٣] ٣ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: ( حرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الناس يوم خيبر(١) ، فقال: من استأسر من غير جراحة مثخنة(٢) فليس منا ).

__________________

الباب ٢٦

١ - الجعفريات ص ٧٨.

(١) في المصدر: بالسرايا.

٢ - الجعفريات ص ٧٩.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٠.

(١) في المصدر: حنين.

(٢) في الحجرية: منجية، وما أثبتناه من المصدر.

٧٠

٢٧ -( باب تحريم الفرار من الزحف إلا ما استثني)

[١٢٤٥٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: ( الفرار من الزحف من الكبائر ).

[١٢٤٥٥] ٢ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن مالك بن أعين، عن زيد بن وهب، أن علياعليه‌السلام لما رأى ميمنته يوم صفين قد عادت إلى مواقفها ومصافها، وكشف من بإزائها حتى ضاربوهم في مواقفهم ومراكزهم، أقبل حتى انتهى إليهم فقال: ( إني قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم، تحوزكم الجفاة الطغاة وأعراب أهل الشام، وأنتم لهاميم(١) العرب، والسنام الأعظم، وعمار الليل بتلاوة القرآن، وأهل دعوة الحق إذا ضل الخاطئون، فلولا اقبالكم بعد ادباركم، وكركم بعد انحيازكم، وجب عليكم ما وجب على المولي يوم الزحف دبره، وكنتم فيما أرى من الهالكين، ولقد هون علي بعض وجدي وشفا بعض ( هياج صدري )(٢) أني رأيتكم بأخرة حزتموهم كما حازوكم، وأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم، تحوزونهم بالسيوف ليركب أولهم آخرهم كالإبل المطردة إليهم(٣) ، فالآن فاصبروا، أنزلت عليكم السكينة، وثبتكم الله باليقين، وليعلم المنهزم أنه مسخط لربه، وموبق(٤) لنفسه، وفي الفرار موجدة الله عليه، والذل اللازم، وفساد العيش، وأن الفار لا يزيد في عمره

__________________

الباب ٢٧

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٠.

٢ - كتاب صفين ص ٢٥٦.

(١) اللهموم: الجواد من الناس والخيل والجمع لهاميم ( لسان العرب ج ١٢ ص ٥٤٤ ).

(٢) في المصدر: إحاح نفسي.

(٣) الهيم: الإبل العطاش ( لسان العرب ج ١٢ ص ٦٢٧ ).

(٤) موبق لنفسه: مهلك لها ( لسان العرب ج ١ ص ٣٧٠ ).

٧١

ولا يرضي ربه، فموت الرجل محقا قبل إتيان هذه الخصال، خير من الرضى بالتلبس بها والاقرار عليها ).

[١٢٤٥٦] ٣ - العياشي في تفسيره: عن زرارة، عن أحدهماعليهما‌السلام قال: قلت: الزبير شهد بدرا، قال: ( نعم، ولكنه فر يوم الجمل، فإن كان قاتل المؤمنين فقد هلك(١) ، وإن كان قاتل كفارا فقد باء بغضب من الله حين ولاهم دبره ).

[١٢٤٥٧] ٤ - وعن أبي أسامة زيد الشحام، عن أبي الحسنعليه‌السلام - في حديث - أنه قال في قوله تعالى:( إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ) (١) قال: ( متطردا يريد الكرة عليهم، ومتحيزا يعني متأخرا إلى أصحابه من غير هزيمة، فمن انهزم حتى يجوز صف أصحابه فقد باء بغضب من الله ).

[١٢٤٥٨] ٥ - الشيخ المفيد في الارشاد: عن عمران بن حصين قال: لما تفرق الناس عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في يوم أحد، جاء عليعليه‌السلام متقلدا سيفه حتى قام بين يديه، فرفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه فقال له: ( ما بالك لم تفر مع الناس؟ فقال: يا رسول الله، أرجع كافرا بعد إسلامي! ) الخبر.

٢٨ -( باب سقوط جهاد البغاة والمشركين مع قلة الأعوان من المسلمين)

[١٢٤٥٩] ١ - الشيخ الطبرسي في الاحتجاج: روي أن أمير المؤمنينعليه‌السلام كان جالسا في بعض مجالسه، بعد رجوعه من النهروان،

__________________

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٥١ ح ٢٩.

(١) في المصدر زيادة: بقتاله إياهم.

٤ - المصدر السابق ج ٢ ص ٥١ ح ٣١.

(١) الأنفال ٨: ١٦.

٥ - الارشاد ص ٤٦.

الباب ٢٨.

١ - الاحتجاج ص ١٨٩.

٧٢

فجرى الكلام حتى قيل ( له )(١) : لم لا حاربت أبا بكر وعمر، كما حاربت طلحة والزبير ومعاوية؟ فقالعليه‌السلام : ( إني كنت لم أزل مظلوما مستأثرا على حقي ) فقام إليه أشعث بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين، لم لم تضرب بسيفك وتطلب بحقك؟ فقال: ( يا أشعث، قد قلت قولا فاسمع الجواب وعه واستشعر الحجة، إن لي أسوة بستة من الأنبياء ( صلوات الله عليهم أجمعين ): أولهم نوحعليه‌السلام حيث قال:( إني مغلوب فانتصر ) (٢) فإن قال قائل: إنه لغير خوف، فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر، ثانيهم لوطعليه‌السلام حيث قال:( لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ) (٣) فإن قال قائل: إنه قال لغير خوف، فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر، وثالثهم إبراهيم خليل اللهعليه‌السلام ، حيث قال:( واعتزلكم وما تدعون من دون الله ) (٤) فإن قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف، فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر، ورابعهم موسىعليه‌السلام حيث قال:( ففررت منكم لما خفتكم ) (٥) فإن قال قائل أنه قال هذا لغير خوف، فقد كفر وإلا فالوصي أعذر، وخامسهم أخوه هارون حيث قال:( ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) (٦) فان قال قائل: إنه قال لغير خوف، فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر، وسادسهم أخي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله سيد البشر، حيث ذهب إلى الغار ونومني على فراشه، فإن قال قائل: إنه ذهب إلى الغار لغير خوف، فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر ) فقام إليه الناس بأجمعهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين قد علمنا أن القول قولك، ونحن المذنبون التائبون وقد عذرك الله.

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) القمر ٥٤: ١٠.

(٣) هود ١١: ٨٠.

(٤) مريم ١٩: ٤٨.

(٥) الشعراء ٢٦: ٢١.

(٦) الأعراف ٧: ١٥٠.

٧٣

[١٢٤٦٠] ٢ - وعن إسحاق بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائهعليهم‌السلام في حديث: ( إن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال في خطبة له: ثم أخذت بيد فاطمة وابني الحسن والحسينعليهم‌السلام ، ثم درت(١) على أهل بدر وأهل السابقة، فناشدتهم حقي ودعوتهم إلى نصرتي، فما أجابني منهم إلا أربعة رهط: سلمان وعمار والمقداد وأبو ذر، وذهب من كنت اعتضد بهم على دين الله  - إلى أن قال - والذي بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق، لو وجدت يوم بويع أخو تيم أربعين رهطا، لجاهدتهم في الله إلى أن أبلي عذري ).

[١٢٤٦١] ٣ - الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة: ( عن ابن أبي الجليد، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن أبي القاسم، عن أبي سمينة، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن أبان بن عياش )(١) ، عن سليم بن قيس الهلالي، عن جابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس قالا: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في وصيته لأمير المؤمنينعليه‌السلام : ( يا علي(٢) ، إن قريشا ستظاهر عليك وتجتمع كلمتهم(٣) على ظلمك وقهرك، فإن وجدت أعوانا فجاهدهم، وإن لم تجد أعوانا فكف يدك واحقن دمك، فإن الشهادة من وراءك، ( لعن الله قاتلك )(٤) ).

[١٢٤٦٢] ٤ - سليم بن قيس الهلالي في كتابه: قال كنا جلوسا حول أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وحوله جماعة من أصحابه،

__________________

٢ - الاحتجاج ص ١٩٠.

(١) في الطبعة الحجرية ( رددت ) وما أثبتناه من المصدر.

٣ - كتاب الغيبة ص ٢٠٣.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: يا أخي.

(٣) في الطبعة الحجرية ( كلهم ) وما أثبتناه من المصدر.

(٤) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٤ - كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٢٥.

٧٤

فقال له قائل: يا أمير المؤمنين، لو استنفرت الناس، فقام وخطب - إلى أن قال - فقال ابن قيس وغضب من قوله: فما منعك يا بن أبي طالب حين بويع أبو بكر أخو تيم، وأخو بني عدى بن كعب، وأخو بني أمية بعدهم، أن تقاتل وتضرب بسيفك؟ - إلى أن قال - فقالعليه‌السلام : ( يا بن قيس اسمع الجواب، لم يمنعني من ذلك الجبن، ولا كراهة للقاء ربي، وأن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لي من الدنيا والبقاء فيها، ولكن منعني من ذلك أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعهده إلى، أخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما الأمة صانعة بعده، فلم أك بما صنعوا حين عاينته بأعلم ولا أشد استيقانا مني به قبل ذلك، بل أنا بقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أشد يقينا مني بما عاينت وشهدت، فقلت: يا رسول الله فما تعهد إلي إذا كان ذلك؟ قال: إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم وجاهدهم، وإن لم تجد أعوانا فكف يدك واحقن دمك، حتى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنتي أعوانا، وأخبرني أن الأمة ستخذلني وتبايع غيري، وأخبرني أني منه بمنزلة هارون بن موسى، وأن الأمة سيصيرون بعده بمنزلة هارون ومن تبعه والعجل ومن تبعه، إذ قال له موسى:( يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري قال يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ) (١) وإنما يعني أن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم إن ضلوا فوجد أعوانا أن يجاهدهم، وإن لم يجد أعوانا أن يكف يده ويحقن دمه ولا يفرق بينهم، وإني خشيت أن يقول ذلك أخي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم فرقت بين الأمة ولم ترقب قولي؟ وقد عهدت إليك أنك إن لم تجد أعوانا، أن تكف يدك وتحقن دمك ودم أهلك وشيعتك.

فلما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مال الناس إلى أبي بكر فبايعوه، وأنا مشغول برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بغسله

__________________

(١) طه ٢٠: ٩٢ - ٩٤.

٧٥

( ودفنه )(٢) ، ثم شغلت بالقرآن، فآليت يمينا بالقرآن أن لا أرتدي إلا للصلاة حتى أجمعه في كتاب(٣) .

ثم حملت فاطمة وأخذت بيد الحسن والحسينعليهم‌السلام ، فلم ندع أحدا من أهل بدر وأهل السابقة من المهاجرين والأنصار، إلا ناشدتهم الله وحقي ودعوتهم إلى نصرتي، فلم يستجب من جميع الناس إلا أربعة رهط: الزبير وسلمان وأبو ذر والمقداد، ولم يكن معي أحد من أهل بيتي أصول به ولا أقوى به - إلى أن قالعليه‌السلام - ولو كنت وجدت يوم بويع ( أخو تيم )(٤) أربعين رجلا مطيعين لجاهدتهم.

فأما يوم بويع عمر وعثمان فلا، لأني كنت بايعت ومثلي لا ينكث بيعته، ويلك يا بن قيس، كيف رأيتني صنعت حين قتل عثمان ووجدت أعوانا؟ هل رأيت مني فشلا أو جبنا أو تقصيرا(٥) يوم البصرة؟ - إلى أن قالعليه‌السلام -

يا بن قيس، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لو وجدت يوم بويع أبو بكر - الذي عيرتني بدخولي في بيعته - أربعين رجلا كلهم على مثل بصيرة الأربعة الذين وجدت، لما كففت يدي ولنا هضت القوم، ولكن لم أجد خامسا.

قال الأشعث: ومن الأربعة يا أمير المؤمنين؟ قال: سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير بن صفية قبل نكثه بيعتي، فإنه بايعني مرتين: أما بيعته الأولى التي وفى بها، فإنه لما بويع أبو بكر أتاني أربعون رجلا من المهاجرين والأنصار فبايعوني وفيهم الزبير، فأمرتهم أن يصبحوا عند بابي محلقين

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر زيادة: ففعلت.

(٤) في المصدر: أبو بكر.

(٥) في المصدر زيادة: في وقعتي.

٧٦

رؤوسهم عليهم السلاح، فما وافى منهم أحد ولا صبحني(٦) منهم غير أربعة: سلمان والمقداد وأبو ذر والزبير - إلى أن قالعليه‌السلام -

يا بن قيس، فوالله لو أن أولئك الأربعين الذين بايعوني وفوا لي، وأصبحوا على بابي محلقين، قبل أن تجب لعتيق في عنقي بيعته، لناهضته وحاكمته إلى الله عز وجل، ولو وجدت قبل بيعة عثمان(٧) أعوانا لناهضتهم وحاكمتهم إلى الله ) الخبر، وهو طويل.

[١٢٤٦٣] ٥ - الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: عن محمد بن إسماعيل وعلي بن عبد الله الحسنيين، عن أبي شعيب محمد بن نصير، عن عمر بن فرات، عن محمد بن الفضل، عن مفضل بن عمر، عن الصادقعليه‌السلام - في حديث طويل في سيرة القائمعليه‌السلام وما يحدث في الرجعة، وشكاية أهل البيتعليهم‌السلام عند جدهم ( صلوات الله عليه وآله )، وذكر في جملة شكاية الحسنعليه‌السلام ، أنه قال - ( ودخلت جامع الصلاة بالكوفة، فرقأت المنبر فاجتمع الناس - ثم ذكر خطبته وتحريضه الناس على معاوية إلى أن قال - فتكملوا رحمكم الله، فكأنما ألجموا بلجام الصمت عن إجابة الدعوة إلا عشرون رجلا منهم قاموا منهم سليمان بن صرد - وذكرعليه‌السلام أساميهم - فقالوا: يا بن رسول الله ما نملك غير سيوفنا وأنفسنا، فها نحن بين يديك لأمرك طائعون(١) ، مرنا بما شئت، فنظرت يمنة ويسرة فلم أر أحدا غيرهم، فقلت لهم: لي إسوة بجدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حين عبد الله سرا، وهو يومئذ في تسعة وثلاثين رجلا، فلما أكمل الله له الأربعين صاروا في عدة وأظهروا أمر الله، فلو كان معي عدتهم جاهدت في الله حق جهاده ) الخبر.

__________________

(٦) أثبتناه من المصدر، وفي الطبعة الحجرية: صحبني.

(٧) في المصدر: عمر.

٥ - الهداية ص ١٠٧.

(١) في المصدر زيادة: وعن رأيك غير صادفين.

٧٧

[١٢٤٦٤] ٦ - السيد علي بن طاووس في كشف المحجة: نقلا عن كتاب الرسائل للكلينيرحمه‌الله ، عن علي بن إبراهيم بإسناده قال: كتب أمير المؤمنينعليه‌السلام كتابا بعد منصرفه من النهروان، وأمر أن يقرأ على الناس، وذكر الكتاب وهو طويل وفيه: ( وقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عهد إلي عهدا فقال: يا بن أبي طالب لك ( ولاء أمتي )(١) ، فإن ولوك في عافية واجمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم، وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه، فإن الله سيجعل لك مخرجا، فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا معي مساعد إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن الهلاك، ولو كان لي بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عمي حمزة وأخي جعفر لم أبايع مكرها ) الخبر.

[١٢٤٦٥] ٧ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: ( إذا اجتمع للامام عدة أهل بدر - ثلاثمائة وثلاثة عشر - وجب ( عليه ) القيام والتغيير ) )

٢٩ -( باب حكم طلب المبارزة)

[١٢٤٦٦] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه رخص في المبارزة، وذكر من بارز على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣٠ -( باب استحباب الرفق بالأسير وإطعامه وسقيه وإن كان كافرا يراد قتله، وأن إطعامه على من أسره، ويطعم من في السجن من بيت المال)

[١٢٤٦٧] ١ - عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد: عن أبي البختري،

__________________

٦ - كشف المحجة ص ١٨٠.

(١) العبارة غير واضحة في الطبعة الحجرية، وأثبتناها من المصدر.

٧ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٢.

الباب ٢٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٢.

الباب ٣٠

١ - قرب الإسناد ص ٦٧.

٧٨

عن جعفر بن محمد، عن أبيه: ( أن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام خرج يوقظ الناس لصلاة الصبح، فضربه عبد الرحمان بن ملجم لعنه الله بالسيف على أم رأسه، فوقع على ركبتيه واخذه فالتزمه حتى أخذه الناس، وحمل عليعليه‌السلام : حتى أفاق، ثم قال للحسن والحسينعليهم‌السلام : احبسوا هذا الأسير وأطعموه واسقوه وأحسنوا إساره ) الخبر.

ابن شهرآشوب في المناقب(١) : في سياق وفاتهعليه‌السلام : وروي أنهعليه‌السلام قال: ( أطعموه ) وذكر مثله.

[١٢٤٦٨] ٢ - البحار: عن الشيخ أبي الحسن البكري في حديث وفاتهعليه‌السلام ، عن لوط بن يحيى، عن أشياخه قال: ثم التفتعليه‌السلام إلى ولده الحسنعليه‌السلام وقال: ( ارفق يا ولدي بأسيرك، وارحمه وأحسن إليه وأشفق عليه - إلى أن قال - فلما أفاق ناوله الحسنعليه‌السلام قعبا من لبن، وشرب منه قليلا ثم نحاه عن فمه، وقال: ( احملوا إلى أسيركم ) ثم قال لحسنعليه‌السلام : ( بحقي عليك يا بني إلا ما طيبتم مطعمه ومشربه، وارفقوا به إلى حين موتي، وتطعمه مما تأكل وتسقيه مما تشرب، حتى تكون أكرم منه ) الخبر.

[١٢٤٦٩] ٣ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: ( ينبغي أن يطعم الأسير ويسقى ويرفق به، وإن أريد به القتل ).

[١٢٤٧٠] ٤ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه: ( أن علياعليه‌السلام كان يخرج إلى صلاة الصبح وفي يده درة(١) فيوقظ الناس بها، فضربه ابن ملجم

__________________

(١) المناقب ج ٣ ص ٣١٢.

٢ - البحار ج ٢٤٢ ص ٢٨٧.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٧.

٤ - الجعفريات ص ٥٣.

(١) الدرة: العصا ( لسان العرب ج ٤ ص ٢٨٢ ).

٧٩

لعنه الله، فقال: أطعموه واسقوه وأحسنوا إساره(٢) ) الخبر.

٣١ -( باب استحباب إمساك أهل الحق عن الحرب، حتى يبدأهم به أهل البغي)

[١٢٤٧١] ١ - الشيخ المفيد في الارشاد: في سياق مقتل أبي عبد اللهعليه‌السلام ووصوله إلى نينوى وممانعة الحر قال: فقال له زهير بن القين: إني والله ( لا أرى أن )(١) يكون بعد الذي(٢) إلا أشد مما ترون يا بن رسول الله، إن قتال هؤلاء القوم الساعة أهون من قتال من يأتينا من بعدهم، ولعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قبل لنا به، فقال الحسينعليه‌السلام : ( ما كنت لأبدأهم بالقتال ).

ثم نزل، وساق الحديث إلى أن ذكر قصة يوم عاشوراء(٣) ، قال: فنادى شمر بن ذي الجوشن لعنه الله بأعلى صوته: يا حسين أتعجلت بالنار قبل يوم القيامة؟ فقال الحسينعليه‌السلام : ( من هذا؟ كأنه شمر بن ذي الجوشن ) فقالوا: نعم، فقال: ( يا بن راعية المعزى، أنت أولى بها صليا ) ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم، فمنعه الحسينعليه‌السلام من ذلك، فقال له: دعني حتى أرميه، فإنه(٤) الفاسق من أعداء الله وعظماء الجبارين، وقد أمكن الله منه، فقال له الحسينعليه‌السلام : ( لا ترمه، فإني أكره أن أبدأهم بالقتال ).

[١٢٤٧٢] ٢ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد وعن رجل،

__________________

(٢) في الطبعة الحجرية والمصدر ( إزاره ) والظاهر ما أثبتناه هو الصواب.

الباب ٣١

١ - الارشاد ص ٢٢٧.

(١) في المصدر: ما أراه.

(٢) في الطبعة الحجرية ( الذين )، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) الارشاد ص ٢٣٣.

(٤) في الطبعة الحجرية ( فإن )، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - كتاب صفين ص ٢٠٣.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

الذي ثار في أيام المتوكل وقُتِل في أيام المستعين ( 250 ه‍ ) ، وذكر في تلك القصيدة ظلم بني العباس لأهل البيتعليهم‌السلام ، وقارن بين النهجين ، وهي طويلة ، يقول في مطلعها :

إمامك فانظر أي نهجيك تنهجُ

طريقان شتى مستقيم وأعوج(1)

عمره ومدة إمامته عليه‌السلام :

عمره يوم وافاه الأجل (28) عاماً ، فقد ولد في سنة 232 ه‍ واستشهد سنة 260 ه‍ ، وهو بذلك يعدّ أصغر آبائه المعصومينعليه‌السلام عمراً ، وعاش 22 عاماً في ظلّ أبيه الإمام أبي الحسن الهاديعليه‌السلام الذي استشهد سنة 254 ه‍ ، ووصفه بقوله :« أبو محمد ابني أنصح آل محمد غريزة ، وأوثقهم حجة ، وهو الأكبر من ولدي ، وهو الخلف ، وإليه تنتهي عرى الإمامة وأحكامها » (2) .

ومدّة إمامته ست سنوات ( 254 ـ 260 ه‍ ) عاصر فيها من سلاطين بني العباس المعتز ( 251 ـ 255 ه‍ ) والمهتدي ( 255 ـ 256 ه‍ ) والمعتمد ( 256 ـ 279 ه‍ )(3) .

__________________

(1) ديوان ابن الرومي 2 : 492 / 365 تحقيق الدكتور حسين نصار ، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

(2) أصول الكافي : 327 / 11 ـ باب الاشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة.

(3) راجع : تاج المواليد : 134 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، دلائل الإمامة : 423 ، إعلام الورى 2 : 31 ، التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 142 ، بحار الأنوار 50 : 236 / 5 و 238 / 8.

١٠١

زوجته عليه‌السلام :

وهي اُمّ ولد يقال لها نرجسعليها‌السلام ، وكان الإمام أبو الحسن الهاديعليه‌السلام قد أعطاها إلى أخته حكيمة بنت محمد الجوادعليه‌السلام وقال لها :« يا بنت رسول الله ، اخرجيها إلى منزلك ، وعلميها الفرائض والسنن ، فإنها زوجة أبي محمد واُمّ القائم » (1) .

وكما اختلفت الروايات في اسم أم الإمام العسكريعليه‌السلام كما مرّ ، فقد اختلفت أيضاً في اسم زوجته ، ويستفاد من أخبار أسرها وجلبها إلى بغداد وابتياعها(2) ، أنّ اسمها مليكة بنت يشوعا بن قصير ملك الروم ، واُمّها من ولد الحواريين ، تنسب إلى شمعون وصيّ المسيحعليه‌السلام ، ولما اُسرت سمّت نفسها نرجس لئلا يعرف الشيخ الذي وقعت في سهمه من الغنيمة أنّها من سلالة الملوك.

وقد تعدّدت أسماؤها ، فجاء في رواية : أنها ريحانة ، ويقال لها نرجس ويقال لها صقيل ، ويقال لها سوسن ، إلا أنه قيل لها بسبب الحمل صقيل(3) .

ويستفاد من الأخبار أنه بعد شهادة الإمام العسكريعليه‌السلام هجم جند السلطان لتفتيش دار الإمامعليه‌السلام طلباً للولد ، ولما لم يعثروا على شيء وجّه المعتمد بخدمه فقبضوا على صقيل ، وحملوها إلى داره ، فطالبوها بالولد فانكرته

__________________

(1) إكمال الدين : 423 / 1 ـ باب 41.

(2) راجع : إكمال الدين : 417 / 1 ـ باب 41 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 472 الغيبة للشيخ الطوسي : 208 / 178 ، روضة الواعظين : 252 ، دلائل الإمامة : 489 / 488.

(3) إكمال الدين : 432 / 12 ـ باب 42 ، الغيبة للشيخ الطوسي : 393 / 362.

١٠٢

وادّعت الحبل تغطية على حاله ، فجعلت نسوة وخدم المعتمد والموفق والقاضي ابن أبي الشوارب يتعاهدن أمرها في كلّ وقت ، إلى أن دهمهم أمر يعقوب بن الليث الصفار ، وصاحب الزنج ، وموت عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، فشغلوا عنها ، وخرجت عن أيديهم(1) .

وُلْدُه عليه‌السلام :

ذكر بعض النسابة والمؤرخين أنهعليه‌السلام لم يخلف ولداً غير الإمام الحجة القائم المهديعليه‌السلام (2) .

قال الشيخ المفيد : كان الإمام بعد أبي محمدعليه‌السلام ابنه المسمّي باسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المكّني بكنيته ، ولم يخلف ولداً غيره ظاهراً ولا باطناً ، وخلفه غائباً مستتراً ، وكانت سنّه عند وفاة أبيه خمس سنين ، أتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب ، وجعله آية للعالمين ، وآتاه الحكمة كما آتاها يحيى صبياً ، وجعله إماماً في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسىٰ بن مريمعليه‌السلام في المهد نبياً(3) .

وقال الطبرسي وغيره : خلّف ولده الحجة القائم المنتظر لدولة الحقّ ، وكان قد أخفى مولده لشدّة طلب سلطان الوقت له ، واجتهاده في البحث عن أمره ،

__________________

(1) راجع : إكمال الدين : 43 ـ مقدمة المصنف ، 476 / 25 باب 42 ، دلائل الإمامة : 425 ، بحار الأنوار 50 : 331 / 3.

(2) راجع : المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، كفاية الطالب / الكنجي : 458 ـ دار إحياء تراث أهل البيت ـ طهران ـ 1404 ه‍ ، دلائل الإمامة : 425 ، نور الأبصار : 341.

(3) الإرشاد 2 : 339.

١٠٣

فلم يره إلا الخواص من شيعته(1) .

وقيل : إنّ للإمام العسكري ذكراً واُنثي(2) ، وجاء في رواية للشيخ الصدوق أن له ولدين هما محمدعليه‌السلام وموسى(3) ، وعدّ بعضهم سبعة أولاد للإمام العسكريعليه‌السلام وهم : القائمعليه‌السلام وهو الإمام بعد أبيه ، وموسى ، وجعفر ، وإبراهيم ، وعائشة ، وفاطمة ، ودلالة(4) .

واذا سلّمنا بصحة هذه الأقوال فلا بدّ أن نفترض كونهم ممن درجوا في حياة أبيهمعليه‌السلام ، ويدلّ عليه ما رواه الشيخ الطوسي بالاسناد عن إبراهيم بن إدريس ، قال : « وجّه إلىّ مولاي أبو محمدعليه‌السلام بكبش ، ثمّ لقيته بعد ذلك فقال لي :المولود الذي ولد لي مات ، ثمّ وجّه إلي بكبشين ، وكتب :بسم الله الرحمن الرحيم ، عقّ هذين الكبشين عن مولاك ، وكُل هنأك الله ، واطعم إخوانك ، ففعلت ولقيته بعد ذلك فما ذكر لي شيئاً »(5) .

اخوته عليه‌السلام :

ذكر المؤرخون أن له ثلاثة اخوة ، وهم : محمد المتوفّي في حياة أبيه ، والحسين ، وجعفر المعروف بالكذاب ، وقيل : إن له من الإخوة اثنين وحسب وهما : جعفر وإبراهيم ، وهذا غلط واضح لشهرة السيد محمد بن الإمام الهاديعليه‌السلام في كتب الانساب والتاريخ والحديث. وله اخت واحدة مختلف في

__________________

(1) إعلام الورى 2 : 151 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455.

(2) مصباح الكفعمي : 523.

(3) راجع : إكمال الدين : 446 / 19 باب 43 و 467 / 21 من نفس الباب.

(4) التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 143.

(5) الغيبة للشيخ الطوسي : 245 ـ 246 / 214.

١٠٤

اسمها فقيل : حكيمة ، أوعائشة ، أو علية ، أو عالية.

وقيل : له اختان وهما : عائشة ودلالة(1) .

السيد محمد :

وهو أبو جعفر محمد بن الإمام أبي الحسن الهادي ، المتوفي نحو سنة 252 ه‍(2) ، وقال السيد محسن الأمين : جليل القدر ، عظيم الشأن ، وكان أبوه خلّفه بالمدينة طفلاً لما اُتي به إلى العراق ، ثم قدم عليه في سامراء ، ثمّ أراد الرجوع إلى الحجاز ، فلمّا بلغ القرية التي يقال لها ( بلد ) على تسعة فراسخ من سامراء ، مرض وتوفّي ودفن قريباً منها ، ومشهده هناك معروف مزور ، ولمّا توفي شقّ أخوه أبو محمد ثوبه ، وقال في جواب من لامه على ذلك :« قد شق موسى على أخيه هارون » (3) .

وجاء في الرواية : « أن أبا الحسنعليه‌السلام قد بسط به في صحن دار ، يوم توفي محمد ابنه ، والناس جلوس حوله يعزّونه ، من آل أبي طالب وبني هاشم

__________________

(1) راجع : الإرشاد 2 : 312 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 433 ، دلائل الإمامة : 412 ، إعلام الورى 2 : 127 ، الفصول المهمة 2 : 1076 ، التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 138.

(2) ورد في حديث أن عمر الإمام العسكريعليه‌السلام يوم وفاة أخيه السيد محمد نحو عشرين سنة ، وبما أنهعليه‌السلام ولد سنة 232 ، فتكون وفاة السيد محمد نحو سنة 252 هـ. راجع : أصول الكافي 1 : 327 / 8 ـ باب الاشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة.

(3) أعيان الشيعة 14 : 291 ـ دار التعارف للمطبوعات.

١٠٥

وقريش ومواليه ومن سائرالناس »(1) .

جعفر الكذاب :

أما جعفر الكذاب ، فكان صاحب فتنة وضلالة ، وقد أخبر أئمة أهل البيتعليهم‌السلام عنه قبل ولادته ، وحذّروا شيعتهم من فتنته ، ففي حديث عن أبي خالد الكابلي« أنه سأل الإمام علي بن الحسين صلوات الله عليه : من الحجة والإمام بعدك ؟ فقال :ابني محمد ، واسمه في التوراة الباقر يبقر العلم بقراً ، وهو الحجة والإمام بعدي ، ومن بعد محمد ابنه جعفر ، واسمه عند أهل السماء الصادق.

فقلت له : يا سيدي ، كيف صار اسمه الصادق ، وكلكم صادقون ؟ فقال :حدّثني أبي عن أبيه عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، فسمّوه الصادق ، فإنّ للخامس من ولده ولداً اسمه جعفر يدّعي الإمامة اجتراءً على الله وكذباً عليه ، فهو عند الله جعفر الكذاب المفتري على الله عزوجل والمدّعي لما ليس له بأهل ، المخالف على أبيه ، والحاسد لأخيه ، ذلك الذي يروم كشف ستر الله عند غيبة ولي الله عزوجلّ ... ثم قال :كاني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله ، والمغيب في حفظ الله ، والتوكيل بحرم أبيه جهلاً منه بولادته ، وحرصاً على قتله إن ظفر به ، طمعاً في ميراث أبيه حتى

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 326 / 8 باب الاشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة.

١٠٦

يأخذه بغير حقّه »(1) .

وحينما ولد جعفر فرح أهل الدار بولادته ، ولم يروا أثراً للسرور على أبي الحسن الهاديعليه‌السلام ، فقيل له في ذلك ، فقال :« يهون عليك أمره ، فإنّه سيضلّ خلقاً كثيراً » (2) .

وقد تحقق ما قاله أهل البيتعليهم‌السلام عن فتنته وضلالته ، حيث كانت له بعد شهادة أخيه الإمام العسكريعليه‌السلام ثلاثة أدوار سيئة :

1 ـ ادعاء الإمامة بعد أخيه الحسنعليه‌السلام كذباً وزوراً ، ولهذا خرجت عن الإمام المهديعليه‌السلام عدّة تواقيع تنبه الشيعة على بطلان ادعائه وكذبه وعصيانه وظلمه ، وجهله بالأحكام وتركه الواجبات ، منها على يد أحمد بن إسحاق الأشعري ، وعلى يد محمد بن عثمان العمري(3) ، فجفته الشيعة بعد أن بان كلّ ما ذكره ، ممّا اضطره إلى التوسل برجال الدولة ومنهم الوزير عبيد الله بن يحيى ابن خاقان في أن يجعلوا له مرتبة أخيه فزبره بالقول « يا أحمق ، السلطان جرّد سيفه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة ليردّهم عن ذلك فلم يتهيأ له ذلك ، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماماً فلا حاجة لك إلى السلطان ليرتبك

__________________

(1) علل الشرائع / الصدوق 1 : 234 / 1 ـ المطبعة الحيدرية ـ النجف ـ 1385 ه‍ ، إكمال الدين : 319 / 2 باب 31.

(2) إكمال الدين : 321 / آخر الحديث 2 باب 31 ، الغيبة / للشيخ الطوسي : 226 / 193.

(3) راجع : إكمال الدين : 483 / 4 ـ باب 45 ، الغيبة / للشيخ الطوسي : 290 / 247 ، بحار الأنوار 50 : 230 / 3 عن احتجاج الطبرسي : 162 ـ 163.

١٠٧

مراتبهم ولا غير السلطان ، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا »(1) .

وحمل عشرين ألف دينار إلى المعتمد ، طالباً منه أن يجعل له مرتبة أخيه ومنزلته. فأجابه بنحو جواب ابن خاقان(2) .

2 ـ ادعاؤه التركة وبالتالي حيازته إياها مناصفة مع اُم العسكريعليه‌السلام بإذن من السلطات الحاكمة.

3 ـ افشاء سر أخيه العسكريعليه‌السلام إلى الدولة من خلال الايعاز لهم بولادة الإمام المهديعليه‌السلام ، ومن هنا بدأت سلسلة من المطاردات والاعتقالات لعيال الإمامعليه‌السلام ، ولم يتمكنوا من العثور على الإمام المهديعليه‌السلام ، وبذلك يكون جعفر قد كشف ما أوجب الله تعالى ستره وكتمانه.

وقد أجمل الشيخ المفيدرحمه‌الله جملة هذه الأدوار المشينة وغيرها التي قام بها جعفر الكذاب تعد شهادة أخيه الحسنعليه‌السلام بقوله : « تولّى جعفر بن علي أخو أبي محمدعليه‌السلام أخذ تركته ، وسعى في حبس جواري أبي محمدعليه‌السلام واعتقال حلائله ، وشنّع على أصحابه بانتظارهم ولده وقطعهم بوجوده والقول بإمامته ، وأغرى بالقوم حتى أخافهم وشرّدهم ، وجرى على مخلّفي أبي محمدعليه‌السلام بسبب ذلك كلّ عظيمة ؛ من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذلّ ، ولم يظفر السلطان منهم بطائل.

وحاز جعفر ظاهر تركة أبي محمدعليه‌السلام ، واجتهد في القيام عند الشيعة

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 505 / 1 باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتال الحجة ، الإرشاد 2 : 324.

(2) راجع : إكمال الدين : 479 ، الخرائج والجرائح 3 : 1109.

١٠٨

مقامه ، فلم يقبل أحد منهم ذلك ، ولا اعتقده فيه ، فصار إلى سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه ، وبذل مالاً جليلاً ، وتقرّب بكلّ ما ظنّ أنه يتقرّب به ، فلم ينتفع بشيء من ذلك »(1) .

وهكذا كان جعفر كإخوة يوسف الصديقعليه‌السلام يوم قالوا لأبيهم كذباً :( يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ) (2) .

__________________

(1) الإرشاد 2 : 336 ـ 337 ، ونحوه في المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، إعلام الورى 2 : 151 ـ 152 ، الفصول المنهمة 2 : 1093.

(2) سورة يوسف : 12 / 17.

١٠٩
١١٠

الفصل الرابع

امامته عليه‌السلام

قال الشيخ المفيد : كان الإمام بعد أبي الحسن علي بن محمدعليه‌السلام ابنه أبا محمد الحسن بن علي لاجتماع خلال الفضل فيه ، وتقدّمه على كافة أهل عصره فيما يوجب له الإمامة ويقتضي له الرئاسة ، من العلم والزهد وكمال العقل والعصمة والشجاعة والكرم وكثرة الأعمال المقربة إلى الله ، ثمّ لنصّ أبيهعليه‌السلام عليه وإشارته بالخلافة إليه(1) . وفيما يلي نذكر طرفاً من النصوص الواردة في إمامتهعليه‌السلام وكما يلي :

أولاً : نص آبائه عليه عليه‌السلام

وردت المزيد من النصوص عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والآل المعصومينعليهم‌السلام تصرح بتعيين أوصياء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخلفائه من عترته واحداً بعد واحد باسمائهم وأوصافهم ، بشكل يجلو العمى عن البصائر وينفي الشك عن القلوب ، وسنذكر هنا حديثين عن آبائه المعصومينعليهم‌السلام كنموذج على تلك النصوص ، ونحيل القارئ إلى مظانّ بقيتها(2) .

__________________

(1) الإرشاد 2 : 313.

(2) راجع : أصول الكافي 1 : 286 ـ باب ما نص الله عزوجل ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على

١١١

1 ـ عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : « سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول : أنشدت مولاي الرضا علي بن موسىعليه‌السلام قصيدتي التي أولها :

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

فلما انتهيت إلى قولي :

خروج إمام لا محالة خارج

يـقوم على اسم الله والبركات

يميز فينا كلّ حـقّ وباطل

ويجزي على النعماء والنقمات

بكى الرضاعليه‌السلام بكاءً شديداً ، ثم رفع رأسه إليّ فقال لي :يا خزاعي ، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم ؟ فقلت : لا يا مولاي ، إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد ، ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً.

فقال :يا دعبل ، الإمام بعدي محمد ابني ، وبعد محمد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره ... »(1) .

2 ـ وعن الصقر بن أبي دلف ، قال : « سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضاعليه‌السلام يقول :إن الإمام بعدي ابني علي ، أمره أمري ، وقوله قولي ، وطاعته طاعتي ، والامام بعده ابنه الحسن ، أمره أمر أبيه ، وقوله قول أبيه ،

__________________

الائمةعليهم‌السلام واحداً فواحداً ، إكمال الدين : 250 ـ 378 ـ الأبواب 23 ـ 36 ، بحار الأنوار 36 : 192 ـ 418 ـ باب 40 ـ 48.

(1) إكمال الدين : 372 / 6 باب 35.

١١٢

وطاعته طاعة أبيه ... »(1) .

ثانياً : نص أبيه عليه عليه‌السلام

فيما يلي نعرض أهم النصوص الواردة عن أبيهعليه‌السلام في النص عليه والإشارة إليه بالإمامة من بعده.

1 ـ روى ثقة الإسلام الكليني بالإسناد عن يحيى بن يسار القنبري ، قال : « أوصى أبو الحسنعليه‌السلام إلى ابنه الحسنعليه‌السلام قبل مضيه بأربعة أشهر ، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي »(2) .

2 ـ وعن علي بن عمر النوفلي ، قال : « كنت مع أبي الحسنعليه‌السلام في صحن داره ، فمرّ بنا محمد ابنه ، فقلت له : جعلت فداك ، هذا صاحبنا بعدك ؟ فقال :لا ، صاحبكم بعدي الحسن »(3) .

3 ـ وعن عبد الله بن محمد الأصفهاني ، قال : « قال أبو الحسنعليه‌السلام :صاحبكم بعدي الذي يصلّي عليّ. قال : ولم نعرف أبا محمد قبل ذلك. قال : فخرج أبو محمد فصلى عليه »(4) .

4 ـ وعن علي بن مهزيار ، قال : « قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : إن كان كون ـ وأعوذ بالله ـ فإلى من ؟ قال :عهدي إلى الأكبر من ولدي » (5) . وكان الإمام العسكريعليه‌السلام أكبر وُلد الإمام الهاديعليه‌السلام .

__________________

(1) إكمال الدين : 378 / 3 باب 36.

(2) أصول الكافي 1 : 325 / 1 ـ باب الإشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة.

(3) أصول الكافي 1 : 325 / 2 من نفس الباب المتقدم.

(4) أصول الكافي 1 : 326 / 3 من نفس الباب المتقدم.

(5) أصول الكافي 1 : 326 / 6 من نفس الباب المتقدم.

١١٣

5 ـ وعن علي بن عمرو العطار ، قال : « دخلت على أبي الحسن العسكريعليه‌السلام وأبو جعفر ابنه في الأحياء ، وأنا أظنّ أنه هو ، فقلت له : جعلت فداك ، من أخصّ من ولدك ؟ فقال :لا تخصوا أحداً حتى يخرج إليكم أمري. قال : فكتبت إليه بعد : فيمن يكون هذا الأمر ؟ قال : فكتب إليّ :في الكبير من ولدي. قال : وكان أبو محمد أكبر من أبي جعفر »(1) .

6 ـ وعن أبي بكر الفهفكي قال : « كتب إليّ أبو الحسنعليه‌السلام :أبو محمد ابني انصح آل محمد غريزة ، وأوثقهم حجة ، وهو الأكبر من ولدي وهو الخلف ، وإليه تنتهي عرىٰ الإمامة وأحكامها ، فما كنت سائلي فسله عنه ، فعنده ما يحتاج إليه »(2) .

7 ـ وعن داود بن القاسم ، قال : « سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول :الخلف من بعدي الحسن ، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ؟ فقلت : ولم جعلني الله فداك ؟ فقال :إنكم لا ترون شخصه ولايحلّ لكم ذكره باسمه »(3) .

8 ـ وروى الشيخ الصدوق بالاسناد عن عبد العظيم الحسني قال : « دخلت على سيدي علي بن محمدعليه‌السلام ، فلمّا بصر بي قال لي :مرحباً بك يا أبا القاسم ، أنت وليّنا حقاً. قال. فقلت له : يابن رسول الله ، إنّي اُريد أن أعرض عليك ديني فإن كان مرضياً ثبتُّ عليه حتى ألقى الله عزوجل. فقال :هات يا أبا القاسم ، فقلت : إنّي أقول : إنّ الله تبارك وتعالى واحد ليس كمثله شيء وإن

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 326 / 7 من نفس الباب المتقدم.

(2) أصول الكافي 1 : 327 / 11 من نفس الباب المتقدم.

(3) أصول الكافي 1 : 328 / 13 من نفس الباب المتقدم.

١١٤

محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبده ورسوله وإن الإمام والخليفة وولي الأمر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، ثمّ محمد بن علي ، ثمّ جعفر بن محمد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى ، ثمّ محمد بن علي ، ثمّ أنت يا مولاي. فقالعليه‌السلام :ومن بعدي الحسن ابني ، فكيف للناس بالخلف من بعده ؟ قال : فقلت : وكيف ذاك يا مولاي ؟ قال :لأنه لا يرى شخصه ولا يحلّ ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً . قال : فقلت : أقررت »(1) .

9 ـ وعن علي بن عبد الغفار ، قال : إن الإمام الهاديعليه‌السلام كتب إلى شيعته :« الأمر لي مادمت حياً ، فإذا نزلت بي مقادير الله عزوجل آتاكم الله الخلف مني ، وأنّى لكم بالخلف بعد الخلف ؟ » (2) .

10 ـ وعن الصقر بن أبي دلف قال : « سمعت علي بن محمد بن علي الرضاعليه‌السلام يقول :إنّ الإمام بعدي الحسن ابني ، وبعد الحسن ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً »(3) .

11 ـ وروى شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي بالإسناد عن علي بن عمر النوفلي ، قال : « كنت مع أبي الحسن العسكريعليه‌السلام في داره ، فمرّ عليه أبو جعفر ، فقلت له : هذا صاحبنا ؟ فقال :لا ، صاحبكم الحسن »(4) .

__________________

(1) إكمال الدين : 379 / 1 ـ باب 37.

(2) إكمال الدين : 382 / 8 ـ باب 37.

(3) إكمال الدين : 383 / 10 ـ باب 37.

(4) كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 198 / 163.

١١٥

12 ـ وعن أحمد بن محمد بن رجاء صاحب الترك ، قال : « قال أبو الحسنعليه‌السلام :الحسن ابني القائم [ أي بأمر الإمامة ]من بعدي »(1) .

13 ـ وعن أحمد بن عيسىٰ العلوي من ولد علي بن جعفر ، قال : « دخلت على أبي الحسنعليه‌السلام بصريا فسلمنا عليه ، فإذا نحن بأبي جعفر وأبي محمد قد دخلا ، فقمنا إلى أبي جعفر لنسلم عليه ، فقال أبو الحسنعليه‌السلام :ليس هذا صاحبكم ، عليكم بصاحبكم ، وأشار إلى أبي محمد »(2) . إلى غير هذا من النصوص الكثيرة التى انتخبنا منها تلك الأحاديث.

مزاعم بعض المرتابين بإمامة العسكري عليه‌السلام :

أصّر بعض المرتابين بإمامة أبي محمدعليه‌السلام على تبنّي اعتقادهم حتى بعد سماعهم النص عليه ووفاة أبي جعفر في حياة أبيه ، فقالوا بإمامة أبي جعفر المعروف بالسيد محمد بن الإمام الهاديعليه‌السلام وتوقفوا عنده ، واعتقد بعضهم بغيبته وهم المحمدية ، واعتقد آخرون بوفاته وإمامة جعفر بن علي بعده. وهم لم يعتمدوا في ذلك سوى الأراجيف والأباطيل التي كان يبثها ضعاف النفوس والمتربصين بالتشيع ، ولم تكن لديهم في أقوالهم تلك أدنى حجة أو برهان ، ومما يدل على فساد قولهم أمور عديدة ، وهي :

1 ـ عدم وجود النص الذي يثبت مدّعاهم.

2 ـ ثبوت النص على أبي محمدعليه‌السلام وولده الإمام المهديعليه‌السلام ، كما في الأحاديث التي قدمناها ، ومنها ما يصرح بالنص على إمامة الإمام الحسن

__________________

(1) كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 199 / 164.

(2) كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 199 / 165.

١١٦

العسكريعليه‌السلام في حياة أبي جعفر ، والملاحظ أن النص على أبي محمدعليه‌السلام كان في فترات تاريخية تستغرق معظم الاعوام الاثنين والعشرين التي قضاها مع أبيه ، فقد نص عليه بصريا ولمّا يزل صغيراً في المدينة كما مرّ ، ونص عليه بعد وفاة أبي جعفر أي نحو سنة 252 ه‍ ، كما تقدم في جملة من الأحاديث ، ونص عليه قبل وفاته بأربعة أشهر كما في الحديث الأول ، وأخبر بعض أصحابه أن الإمام هو الذي يصلي عليه ، فصلى عليه أبو محمدعليه‌السلام ، ونحو هذا مما تقدم في أحاديث النص عليه بالإمامة.

3 ـ ثبوت موت أبي جعفر في حياة أبيه الإمام الهاديعليه‌السلام موتاً ظاهراً معروفاً ، وقد ورد خبر موتهرضي‌الله‌عنه متواتراً(1) . ومن هنا قال : شيخ الطائفة : وأما المحمدية الذين قالوا بإمامة محمد بن علي العسكري وأنه حي لم يمت ، فقولهم باطل لما دللنا به على إمامة أخيه الحسن بن علي أبي القائمعليه‌السلام ، وأيضاً فقد مات محمد في حياة أبيهعليه‌السلام موتاً ظاهراً ، كما مات أبوه وجده ، فالمخالف في ذلك مخالف في الضرورات(2) ، ثم أورد ما يدلّ على وفاته من الحديث.

4 ـ شهادة المخالفين بإمامة أبي محمد العسكريعليه‌السلام وإقرارهم بفضله ، ومنهم المعتمد الذي قصده جعفر الكذاب بعد وفاة أبيهعليه‌السلام ملتمساً دعم السلطة له في دعواه الإمامة ، فقال له المعتمد : « إن منزلة أخيك لم تكن بنا ، إنّما كانت

__________________

(1) راجع علي سبيل المثال : أصول الكافي 1 : 326 ـ 328 الأحاديث رقم 5 و 6 و 7 و 8 و 9 و 12 باب الاشارة والنص علي أبي محمدعليه‌السلام من كتاب الحجة ، وإكمال الدين : 328 / 8 باب 37 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 203 / 170 وغيرها كثير.

(2) الغيبة / الشيخ الطوسي : 198 و 200 ، وراجع ص : 83.

١١٧

بالله ، ونحن كنا نجتهد في حط منزلته والوضع منه ، وكان الله يأبى إلا أن يزيده كلّ يوم رفعة لما كان فيه من الصيانة ، وحسن السمت ، والعلم والعبادة ، فان كنت عند شيعة أخيك بمنزلته ، فلا حاجة بك إلينا ، وإن لم تكن عندهم بمنزلته ، ولم يكن فيك ما كان في أخيك ، لم نغن عنك في ذلك شيئاً »(1) .

ومن رجال البلاط عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، الذي كان للإمام العسكريعليه‌السلام مجلس معه ، فتعجب ابنه أحمد بن عبيد الله لمظاهر الحفاوة والإكرام والتبجيل التي حظي بها الإمام عند أبيه عبيد الله فقال له : « يا أبه من الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الاجلال والكرامة والتبجيل وفديته بنفسك وأبيك ؟ فقال عبيد الله ابن خاقان : يا بني ذاك إمام الرافضة ، ذاك الحسن ابن علي المعروف بابن الرضا. فسكت ساعة ، ثم قال : يا بني لو زالت الإمامة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غير هذا ، وإن هذا ليستحقّها في فضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه ولو رأيت أباه رأيت رجلاً جزلاً نبيلاً فاضلاً.

قال أحمد : فازددت قلقاً وتفكراً وغيظاً على أبي وما سمعت منه واستزدته في فعله وقوله فيه ما قال : فلم يكن لي همة بعد ذلك إلا السؤال عن خبره والبحث عن أمره ، فما سألت أحداً من بني هاشم والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس ، إلا وجدته عنده في غاية الاجلال والاعظام والمحل الرفيع والقول الجميل والتقديم له على جميع أهل بيته ومشايخه ، فعظم قدره

__________________

(1) إكمال الدين : 479 ـ آخر باب 43 ، الخرائج والجرائح 3 : 1109.

١١٨

عندي إذ لم أر له ولياً ولا عدواً إلا وهو يحسن القول فيه والثناء عليه »(1) .

5 ـ انقراض هذه الفرقة وكذلك تلك التي تفرّعت عنها ، في وقت متقدم من نشأتها ، وفي هذا دليل على بطلانها ، وفي هذا قال الشيخ المفيد : « فلما توفي [ الإمام أبو الحسنعليه‌السلام ] تفرّقوا بعد ذلك ، فقال الجمهور منهم بامامة أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام ونقلوا النص عليه وأثبتوه.

وقال فريق منهم : إن الإمام بعد أبي الحسن ، محمد بن علي أخو أبي محمدعليه‌السلام ، وزعموا أن أباه علياًعليه‌السلام نص عليه في حياته ، وهذا محمد كان قد توفي في حياة أبيه ، فدفعت هذه الفرقة وفاته ، وزعموا أنه لم يمت ، وأنه حيّ ، وهو الإمام المنتظر.

وقال نفر من الجماعة شذوا أيضاً عن الأصل : إن الإمام بعد محمد بن علي ابن محمد بن علي بن موسىعليه‌السلام ، أخوه جعفر بن علي ، وزعموا أن أباه نص عليه بعد مضي محمد ، وأنه القائم بعد أبيه.

فيقال للفرقة الاولى : لم زعمتم أن الإمام بعد أبي الحسنعليه‌السلام ابنه محمد. وما الدليل على ذلك ؟ فإنّ ادّعوا النص طولبوا بلفظه والحجة عليه ، ولن يجدوا لفظاً يتعلقون به في ذلك ، ولا تواتر يعتمدون عليه ، لأنهم في أنفسهم من الشذوذ والقلّة على حدّ ينفي عنهم التواتر القاطع للعذر في العدد ، مع أنّهم قد انقرضوا ولا بقية لهم ، وذلك مبطل أيضاً لما ادّعوه.

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 504 / 1 باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، إكمال الدين : 42 مقدمة المؤلف ، الإرشاد 2 : 322 ، روضة الواعظين : 250 ، إعلام الورى 2 : 147.

١١٩

ويقال لهم في ادعاء حياته ، ما قيل للكيسانية والناووسية والواقفة ، ويعارضون بما ذكرناه ، ولا يجدون فصلاً ، فأما أصحاب جعفر فإنّ أمرهم مبني على إمامة محمد ، وإذا سقط قول هذا الفريق لعدم الدلالة على صحّته وقيامها على إمامة أبي محمدعليه‌السلام ، فقد بان فساد ما ذهبوا إليه »(1) .

موقف الإمام العسكري عليه‌السلام تجاه المدعيات الباطلة

يمكن تلخيص موقف الإمام العسكريعليه‌السلام حيال تلك الشرذمة القليلة التي حاولت عبثاً التشكيك بإمامته ، بأمرين وهما :

الأول : الرسائل والتوقيعات التوجيهية

بعث الإمام العسكريعليه‌السلام عن طريق وكلائه المزيد من الرسائل والوصايا التوجيهية إلى شيعته ومواليه في مختلف ديار الإسلام ، وبعضها مفصلة نسبياً ، وهي تحمل في طياتها الدعوة إلى التمسك بمبادئ الاسلام والعمل بشريعته السامية ، والتعلّق بسبيل الحق المتمثل بولاية أهل البيتعليهم‌السلام ، واعتقاد إمامتهعليه‌السلام (2) . وكان لتلك الرسائل دور فاعل في ازالة شكوك من كان يبحث عن الحجة والبرهان من المرتابين في إمامتهعليه‌السلام ، وحيثما التقوا بالحجة والبرهان في عمق بصيرتهم ، انفتحوا على نتائج الحقيقة ، فزال شكّهم ، والتحقوا بركب التشيع العريض الواسع.

عن أحمد بن إسحاق ، قال : « دخلت على مولانا أبي محمد الحسن بن علي

__________________

(1) الفصول المختارة / السيد المرتضي : 317 ، دار المفيد ـ 414 ه‍.

(2) راجع : تحف العقول : 258 وما بعدها ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 458 ـ 459 بحار الأنوار 78 : 370 باب 29.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399