وسائل الشيعة الجزء ١٢

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 586

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 586 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 407741 / تحميل: 6971
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

هكذا كانت الصورة ، وهي لا تحتاج إلى مزيد من الإيضاح والتعليق ؛ معاول الفتنة والهدم تضرب جسد الأُمّة من كلّ جانب

الأمراض الفكرية والأخلاقية تنهش فيها ، وقد اجتمع الدعاة إلى دولة القردة والخنازير على كلمة سواء ، هي هدم دولة أئمّة الحق من آل محمد بكلّ ما لديهم من وسائل الإقناع والتشويه والتمويه والإغراء والاغتيال والفساد

والآن لا مفرّ من هدنة ، والصراع سيمتد قروناً وقروناً ، ولم يأتِ بعد أوان حسم الصراع ، والمهمّة العاجلة أمام أئمّة الحق من آل محمد في هذه اللحظة هي إمامة الخط الإلهي الرباني داخل جسد الأُمّة ، والحفاظ على مَنْ يمثّلون هذه الرؤية لينقلوها إلى مَنْ بعدهم ، لا إهلاكهم في جولة صراع معلومة النتائج سلفاً

ــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ تفسير الطبري ‏٩ / ١١٣ ، دار الفكر ، بيروت ، ١٩٨٨

٢ ـ الدرّ المنثور ـ للسيوطي‏ ٥ / ٣٠٩ طبع دار الفكر ، بيروت ، ‏١٩٩٣م

٣ ـ المصدر نفسه

٤ ـ المصدر نفسه

٥ ـ ينابيع المودّة ‏٢ / ١٤٢ ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت

٦ ـ الإصابة في تمييز الصحابة ـ للحافظ بن حجر العسقلاني ١ / ١٧٠ ـ ٢٧١ ، رقم ٢٦٦ (أنس بن الحارث) مطبعه دار الكتب العلمية بيروت ، ط‏١ ، سنة ١٩٩٥

٧ ـ الصواعق المحرقة ـ لابن حجر / ٢٩٢ ، ح‏٢٨ ، طبعة دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط‏٣ / ١٤١٤ هـ ـ ١٩٩٣ م

٨ ـ المصدر نفسه / ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ، ح‏٣٠

٩ ـ تفسير ابن كثير ٢ / ٤٥٣ ـ ٤٥٤ ، دار الفكر ، بيروت ، ١٤١٤ هـ ـ ١٩٩٤ م

١٠ ـ المصدر نفسه ٢ / ٤٥٤

١١ ـ المصدر نفسه

٤١

ــــــــــــــــــــــــــ

١٢ ـ تاريخ الأمم والملوك ـ للطبري ٣ / ٥٦١ ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت

١٣ ـ المصدر نفسه ٣ / ٥٥٩ ـ ٥٦٠

١٤ ـ مقاتل الطالبيين / ٧٦ ـ ٧٧ ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت ، ١٤٠٨ هـ ـ ١٩٨٧ م

١٥ ـ تاريخ الطبري ٣ / ٥٥٢ ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت

١٦ ـ المصدر نفسه ٣ / ٥٥٢ ـ ٥٥٣

١٧ ـ المصدر نفسه ٣ / ٥٥٤

١٨ ـ المصدر نفسه

١٩ ـ المصدر نفسه ٤ / ١٠٣

٢٠ ـ المصدر نفسه

٢١ ـ تاريخ الأمم والملوك ـ لابن جرير الطبري ٤ / ١٠٤

٢٢ ـ المصدر نفسه ٤ / ١٠٧

٢٣ ـ شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ٥ / ١٨١ ، الطبعة الأولى ، دار الجيل ، بيروت ، ‏١٤٠٧ هـ ـ ١٩٨٧ م

٢٤ ـ المصدر نفسه ٥ / ١٨٩ ـ ١٩٠

٢٥ ـ المصدر نفسه ٥ / ١٩٠

٢٦ ـ المصدر نفسه ٥ / ٢٥٦ ـ ٢٥٨

٢٧ ـ تاريخ الأمم والملوك ـ للطبري ٤ / ٣٤

٢٨ ـ المصدر نفسه

٢٩ ـ شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ٢ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ، ط‏١ ، دار الجيل ، بيروت ، ‏١٤٠٧ هـ ـ ١٩٨٧ م

٣٠ ـ المصدر نفسه

٣١ المصدر نفسه ‏٢ / ٢١٧ ـ ٢٢٠

٣٢ ـ علي وبنوه ـ لطه حسين / ٨٠ ـ ٨١ ، طبع دار المعارف ، مصر

٣٣ ـ شرح نهج البلاغة ‏٢ / ١٨٣ ، دار الهدى الوطنية ، بيروت

٣٤ ـ المصدر نفسه ‏٤ / ١٤ نقلاً عن أبي الفرج

٣٥ ـ شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ١٦ / ٤٠ ـ ٤٢ ، دار الجيل ، بيروت

٤٢

والأهم من هذا أنّ أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) لا ينطلقون في قراراتهم من رؤية آنية ، وإنّما من رؤية كونية تحدّد مهامّهم بدءاً من بعثة محمد (صلّى اللّه عليه وآله) إلى ظهور المهدي المنتظر (جعلنا اللّه من أنصاره وجنده)

هؤلاء ، أي الرسول والأئمّة (عليه السّلام) لم تحمّلهم الأُمّة المسؤولية ، وإنّما حملوها بأمر من اللّه (عزّ وجلّ) ، فكان إمداد السماء لهم بالتسديد والتأييد والتعزية والتسلية أمراً ضرورياً

من هنا كانت رؤية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لأولئك القردة الذين كانوا ينزون على منبره ، ونزول قوله تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ )(سورة الإسراء / ٦٠) ، ثمّ تعزيته من قبل جبرائيل (عليه السّلام) بمقتل الحسين (عليه السّلام) في كربلاء ، ولم يكن شيئاً من هذه السياقات محجوباً لا عن الإمام علي (عليه السّلام) الذي ما فتى‏ء يتعجّل أشقاها أن يأتي ليضربه على رأسه فيستريح من هذه الأُمّة التعسة ، ولا كانت غائبة عن الإمام الحسن (عليه السّلام) حين عقد صلحاً مع إمام البغاة وهادنه(١)

ولكن هذا لا يغني عن إيراد شروط الصلح والمهادنة ، فهي كما أوردها الشيخ الصدوق في كتاب (علل الشرائع) قال : بايع الحسن بن علي (صلوات اللّه عليه) معاوية على ألاّ يسمّيه أمير المؤمنين ، ولا يقيم عنده شهادة ، وعلى ألاّ يتعقّب على شيعة علي شيئاً ، وعلى أن يفرّق في أولاد مَنْ قُتل مع أبيه يوم الجمل وأولاد مَنْ قُتل مع أبيه بصفين ألف ألف درهم ، وعلى أن يجعل ذلك من خراج دار أبجرد

٤٣

لم يكن ذلك الصلح شيئاً سارّاً لخواص أصحاب الإمام علي الذي أمضّهم هذا فدخل أحدهم على الإمام الحسن (عليه السّلام) قائلاً : السلام عليك يا مذلّ المؤمنين

فقال الحسن : (( اجلس يرحمك اللّه ! إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) رُفع له ملك بني أُميّة فنظر إليهم يعلون منبره واحداً واحداً فشقّ ذلك عليه ؛ فأنزل اللّه في ذلك قرآناً قال له : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) ، وسمعت أبي علياً (رحمه اللّه) يقول : سيلي أمر هذه الأُمّة رجل واسع البلعوم ، كبير البطن ، فسألته : مَنْ هو ؟ فقال : معاوية ، وقال لي : إنّ القرآن قد نطق بملك بني أُميّة ومدّتهم ، قال تعالى : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ )(سورة القدر / ٣) ، قال أبي : هذا ملك بني أُميّة ))(٢)

٤٤

الفصل الثاني

تحقّق

الرؤيا وقيام مُلْك أرباب السوء

١ ـ مسؤولية مَنْ أرادها أمويّة وكرهها إسلامية

قام مُلْك (بني فلان) الذين رأى النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّهم ينزون على منبره نزو القردة

ولا نعفي أحداً من المسؤولية ، لا الذين أضعفوا سلطان آل محمد على قلوب الناس وجعلوا منهم مستشارين عند الضرورة ، ولا الذين جعلوا الإمام علياً سادساً في ما أسموه بالشورى ، وقد قال (عليه السّلام) في ذلك : (( متى اعترض الريب فيّ مع الأوّل منهم حتى صرت أُقرن إلى هذه النظائر ؟! ))

ولا الذين مهّدوا لمعاوية سلطانه في الشام ، ولمّا رأوا ما هو فيه من الأُبّهة والسلطان قالوا : (لا نأمرك ولا ننهاك)

كان ابن آكلة الأكباد استثناءً ، ولا الذين حرصوا على سلب أهل البيت أموالهم التي أُعطيت لهم من قبل السماء ، فأخذوا فدكاً من الزهراء ، وحرموا آل محمد حقّهم في الخمس ، ولا الذين حرصوا على إعطاء بني أُميّة ما يتقوون به لإقامة دولتهم ، فأعطوا مروان بن الحكم وابن أبي سرح خمس غنائم أفريقيا ، ولا الذين أشعلوا نار الفتنة في موقعة الجمل الخ

كلّهم مسؤولون وشركاء في هذه الكارثة : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لاَ َتَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمْ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ )(سورة الصافات / ٢٤ ـ ٢٦) ، كلّهم أرادوها أمويّة وكرهوها إسلامية خالصة للّه

٤٥

٢ ـ خطبة الافتتاح وشريعة ملوك السوء

ولنسمع خطبة الافتتاح من ابن آكلة الأكباد : ما قاتلتكم لتصلّوا ، ولا لتصوموا ، ولا لتحجّوا ، ولا لتزكّوا ، إنّكم لتفعلون ذلك ، وإنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم وقد أعطاني اللّه ذلك وأنتم كارهون

كلّ شي‏ء أعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين ، لا أفي به(٣)

ولا بأس بأن نورد نماذج من تطبيق الشريعة الإسلامية على الطريقة الأُمويّة ، وهو ما يتمنّاه بعض المخدوعين في هذا الزمان :

أوّلاً : النهج الأُموي يُبيح شرب الخمور

روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد اللّه بن بريدة قال : دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ، ثمّ أُتينا بالطعام فأكلنا ، ثمّ أُتينا بالشراب فشرب معاوية ، ثمّ ناول أبي ، ثمّ قال : ما شربته منذ حرّمه رسول اللّه(٤)

ثانياً : النهج الأُموي يُبيح الربا

أخرج مالك والنسائي وغيرهما من طريق عطاء بن يسار أنّ معاوية باع سقاية من ذهب ، أو ورق بأكثر من وزنها ، فقال له أبو الدرداء (رضى اللّه عنه) : سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ينهى عن مثل هذا إلاّ مثلاً بمثل

٤٦

فقال له معاوية : ما أرى بمثل هذا بأساً(٥)

ثالثاً : استلحاق زياد

وصّى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) : (( أنّ الولد للفراش ، وللعاهر الحجر )) متّفق عليه

وقال (صلّى اللّه عليه وآله) : (( مَنْ ادّعى إلى غير أبيه ، وهو يعلم أنّه غير أبيه ، فالجنة عليه حرام ))

رواه البخاري ومسلم وأبو داود

أمّا ابن آكلة الأكباد فجاء بزياد ، وكان يُدعى زياد ابن أبيه ، وتارة زياد ابن أُمّه ، وتارة زياد بن سُميّة ، وأقام الشهادة أنّ أباه أبا سفيان قد وضعه في رحم سُميّة ، وكانت بغياً ، وسمّاه زياد بن أبي سفيان ؛ ليستخدمه في قمع المسلمين الشيعة وقتلهم

رابعاً : قتل الأحرار من أصحاب محمد (صلّى اللّه عليه وآله)

قال تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً )(سورة المائده / ٣٢)

روى الطبري في تاريخه : استعمل معاوية المغيرة بن شعبة على الكوفة وأوصاه : لا تتحمَ عن شتم علي وذمّه ، والترحّم على عثمان والاستغفار له ، والعيب على أصحاب علي والإقصاء لهم ، وترك الاستماع منهم ، وبإطراء شيعة عثمان (رضوان اللّه عليه) والإدناء لهم والاستماع منهم

٤٧

وأقام المغيرة على الكوفة عاملاً لمعاوية سبع سنين وأشهراً ، وهو من أحسن شي‏ء سيرة ، وأشدّه حبّاً للعافية غير أنّه لا يدع ذمّ علي والوقوع فيه ، والعيب لقتلة عثمان واللعن لهم ، والدعاء لعثمان بالرحمة والاستغفار له والتزكية لأصحابه ، فكان حجر بن عدي إذا سمع ذلك قال : بل إيّاكم فذمم اللّه ولعن

ثمّ قام فقال : إنّ اللّه (عزّ وجلّ) يقول : ( كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ )(سورة النساء / ١٣٥) ، وأنا أشهد أنّ مَنْ تذمّون وتعيّرون لاحق بالفضل ، وأنّ مَنْ تزكّون وتطرون أولى بالذم(٦)

واستمرت هذه الحال حتى ولي زياد الكوفة فقال مثلما كان يقول المغيرة ، وردّ عليه حجر (رضوان اللّه عليه) بمثل ما كان يردّ على المغيرة ، فأرسل زياد إلى أميره معاوية فأمر باعتقاله (وفقاً لقانون طوارئ بني أُميّة) ، وأُرسل إلى ابن آكلة الأكباد مشدوداً في الحديد فأمر بقتله

فقال حجر للذين يلون أمره : دعوني حتى أُصلّي ركعتين

فقالوا : صلِّ فصلّى ركعتين خفّف فيهما ، ثمّ قال : لولا أن تظنّوا بي غير الذي أنا عليه لأحببت أن تكونا أطول ممّا كانتا

ثمّ قال لمَنْ حضره من أهله : لا تطلقوا عنّي حديداً ، ولا تغسلوا عنّي دماً ؛ فإنّي أُلاقي معاوية غداً على الجادة ثمّ قُدّم فضُربت عنقه

لم يكن حجر بن عدى النموذج الوحيد الدالّ على ظلم هذه الدولة الجائرة التي يزعم جاهلو أمرها وحدهم أنّها كانت تحكم ، أو تحكم بشريعة الإسلام

٤٨

لقد كان بنو أُميّة يدأبون ليل نهار لإطفاء نور اللّه ، وفي الوقت نفسه كان خطّ الأئمّة (عليهم السّلام) قد تحوّل إلى مشروع تأسيس لإقامة دولة المهدي المنتظر وإن تأخّر ذلك قروناً وقروناً

أمّا بنو أُميّة فيجهدون لإحداث أكبر قدر من الدمار بالأُمّة الإسلامية وبرجالاتها وبقيمها

وفي الوقت نفسه كان خطّ آل بيت محمد حريصاً على إبقاء قيم الإسلام الرسالي الأصيل حيّة ومتوهجة ، والتأكيد على أنّ مرحلة التمهيد وتأسيس دولة الإمام المهدي ليست مرحلة هدنة سلبية ، وليست إيثاراً للإبقاء على حياة مجموعة من البشر ، وإنّما إبقاء للقيم وإمدادها بكلّ ما يبقيها متألّقة وحيّة حتى زمن الظهور

٣ ـ مواجهة التزييف ، وإحياء قيم الإسلام

لم تتوقّف المواجهة بين أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) وبين بني أُميّة خلال هذه المرحلة ، وإن ابتعدت عن المعارك العسكرية الكبرى ، فقد سال الكثير من الدماء في هذه المرحلة ، ومنها دماء حجر بن عدي وأصحابه ، وعمرو بن الحمق الخزاعى وغيرهم من خواص أصحاب الإمام علي (عليه السّلام)

وفي مواضع أُخرى كان الأئمّة (عليهم السّلام) يتصدّون لعمليات التزييف التي تمارسها الدعاية الأُمويّة ، ويدعون الناس إلى الحقّ وتغيير الباطل وعدم السكوت عليه

ولنأخذ بعض الأمثلة على ذلك من تاريخ الإمام الحسن (عليه السّلام) قبيل استشهاده ، ثمّ من تاريخ الإمام الحسين (عليه السّلام)

٤٩

يروى أبو الفرج قال : خطب معاوية بالكوفة حين دخلها والحسن والحسين (عليهما السّلام) جالسان تحت المنبر ، فذكر علياً (عليه السّلام) فنال منه ، ثمّ نال من الحسن

فقام الحسين ليردّ عليه ، فأخذه الحسن بيده فأجلسه ، ثمّ قام فقال : (( أيّها الذاكر عليّاً ، أنا الحسن ، وأبي علي ، وأنت معاوية وأبوك صخر ، وأُمّي فاطمة وأُمّك هند ، وجدّي رسول اللّه وجدّك عتبة بن ربيعة ، وجدّتي خديجة وجدّتك قتيلة ، فلعن اللّه أخملنا ذكراً ، وألأمنا حسباً وشرّنا قديماً وحديثاً ، وأقدمنا كفراً ونفاقاً ))

فقال طوائف من أهل المسجد : آمين(٧)

روى أبو الحسن المدائني قال : سأل معاوية الحسن بن علي بعد الصلح أن يخطب الناس فامتنع ، فناشده أن يفعل ، فوضع له كرسي فجلس عليه ، ثمّ قال : (( الحمد للّه الذي توحّد في ملكه ، وتفرّد في ربوبيته ، يؤتي الملك مَنْ يشاء ، وينزعه عمّن يشاء ، والحمد للّه الذي أكرم بنا مؤمنكم ، وأخرج من الشرك أوّلكم ، وحقن دماء آخركم ، فبلاؤنا عندكم قديماً وحديثاً أحسن البلاء ، إن شكرتم أو كفرتم

أيّها الناس ، إنّ ربّ علي كان أعلم بعلي حين قبضه إليه ، وقد اختصه بفضل لم تعتادوا مثله ، ولم تجدوا سابقته ، فهيهات هيهات ! طالما قلبتم له الأمور حتى أعلاه اللّه عليكم وهو صاحبكم ، وعدوّكم في بدر وأخواتها ، جرّعكم رنقاً ، وسقاكم علقاً ، وأذلّ رقابكم ، وأشرقكم بريقكم ، فلستم بملومين على بغضه ، وأيم اللّه لا ترى أُمّة محمد خفضاً ما كان سادتهم وقادتهم في بني أُميّة ، ولقد وجّه اللّه إليكم فتنة لن تصدروا عنها حتى تهلكوا ؛ لطاعتكم طواغيتكم ، وانضوائكم إلى شياطينكم ، فعند اللّه احتسب ما مضى وما يُنتظر من سوء دعتكم ، وحيف حكمكم ))(٨)

٥٠

يقول أبو الفرج : لمّا أراد معاوية البيعة لابنه يزيد فلم يكن عليه شي‏ء أثقل من أمر الحسن بن علي وسعد بن أبي وقّاص فدسّ إليهما سمّاً فماتا

استشهد الإمام الحسن (عليه السّلام) في ربيع الأوّل عام تسعة وأربعين ، وحمل الإمام الحسين (عليه السّلام) عب‏ء مواجهة الأمويين طوال هذه المرحلة حتى استشهاده(عليه السّلام) في واقعة كربلاء

وكما أسلفنا كانت هذه المرحلة مرحلة مواجهة (غير مسلحة) ، وهي كلمة غير دقيقة ، وإلاّ فبماذا نصف قتل حجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي وأصحابهما ، ومئات غيرهم ممّن لم تشتهر أسماؤهم على يد شرطة معاوية وزياد وابن زياد وسمرة بن جندب وغيرهم

وإذا قلنا غير مسلحة فإنّنا نعني عدم حدوث معارك كبرى فقط

كانت هذه المرحلة التي امتدّت من عام تسع وأربعين حتى هلاك الطاغية مرحلة تسابق

إنّ الطاغية يحاول تكريس نهج الدولة الأُموية وتحويله إلى قدر أبدي (وهو ما نجح في بعضه) ، والإمام الحسين (عليه السّلام) يحاول إحياء موات هذه الأُمّة وردّهم إلى الدين الصحيح ، دين محمد وعلي

٤ ـ محاولة تحويل (النهج الأُموي) إلى قدر أبدي

نفّذ معاوية سياسة واضحة المعالم ، من أبرز معالمها :

٥١

ا ـ لعن آل البيت (عليهم السّلام) ، وخاصة إمام الأئمّة علي بن أبي طالب (عليه السّلام) على منابر الأُمّة ، صباح مساء

ب ـ العمل على رفع مكانة مناوئي أهل البيت ومنافسيهم باختلاق الروايات المنسوبة إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)

ج ـ القضاء على خطوط الدفاع بقتل رجال الشيعة واغتيالهم ، مثل حجر وعمرو بن الحمق كما أسلفنا ، بل وحتى قتل أيّ معارض آخر له وزن وإن لم يكن من شيعة أهل البيت (عليهم السّلام) ، ومثال ذلك : سعد بن أبي وقّاص وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد

د ـ استعمال سياسة الرشوة وإفساد الذمم لاستماله مَنْ تبقّى

وهذه السياسات نفسها هي التي بدا بها تمدّده السرطاني في جسد الأُمّة

٥ ـ امتداد المُلك يزيد ولّي عهد

أراد ابن آكلة الأكباد أن يمهّد الأمر ليزيد ابنه ؛ ليمتدّ المُلك في عقبه حتى قيام الساعة

ومَنْ يتتبّع أخبار الرواة في هذا الصدد يجد تبايناً ، فمن قائل يقول : إنّ هذا الأمر كان بمبادرة من المغيرة بن شعبة ليمدّ له معاوية في ولايته على الكوفة ، ومن قائل يقول : إنّ هذا كان بأمر من معاوية ، واتفاق مع الضحّاك بن قيس

وما أعتقده أنّ هذه أمور واحدة ؛ كلّ المنافقين يعلمون رغبة سيّدهم ، والكلّ يتبارى في اختيار الأُسلوب الملائم للتنفيذ ، ولا بأس بإيراد بعض النماذج التي توضّح طبيعة المُلك الأُموي وسياسته :

٥٢

أوفد المغيرة بن شعبة عشرة من شيعة بني أُميّة إلى معاوية ليطالبوا ببيعة يزيد ، وعليهم موسى بن المغيرة ، فقال معاوية : لا تعجلوا بإظهار هذا ، وكونوا على رأيكم

ثمّ قال لموسى : بكم اشترى أبوك هؤلاء من دينهم ؟

قال : بثلاثين ألفاً

قال : لقد هان عليهم دينهم

لمّا اجتمعت عند معاوية وفود الأمصار بدمشق بإحضار منه ، دعا الضحّاك بن قيس ، فقال له : إذا جلست على المنبر ، وفرغت من بعض موعظتي وكلامي فاستأذنّي للقيام ، فإذا أذنت لك فاحمد اللّه تعالى ، واذكر يزيد ، وقل فيه الذي يحقّ له عليك من حسن الثناء عليه ، ثمّ ادعني إلى توليته من بعدي ؛ فإنّي قد رأيت وأجمعت على توليته ، فأسأل اللّه في ذلك وفي غيره الخيرة وحسن القضاء

ثمّ دعا عدّة رجال فأمرهم أن يقوموا إذا فرغ الضحّاك ، وأن يصدّقوا قوله ، ويدعو إلى يزيد

ثمّ خطب معاوية فتكلّم القوم بعده على ما يروقه من الدعوة إلى يزيد ، فقال معاوية : أين الأحنف ؟ فأجابه ، قال : ألا تتكلّم ؟

٥٣

فقام الأحنف ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وقال بعد مقدّمة : إنّ أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا ، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيّاً

فغضب الضحّاك وردّ غاضباً : ما للحسن وذوي الحسن في سلطان اللّه الذي استخلف به معاوية في أرضه ؟ هيهات ! ولا تورث الخلافة عن كلالة ولا يحجب غير الذكر العصبة ، فوطّنوا أنفسكم يا أهل العراق على المناصحة لإمامكم وكاتب نبيّكم وصهره ، يسلم لكم العاجل وتربحوا من الآجل

ثمّ قام الأحنف بن قيس فحمد اللّه وأثنى عليه فقال : قد علمت أنّك لم تفتح العراق عنوة ، ولم تظهر عليها قصعاً ، ولكنّك أعطيت الحسن بن علي من عهود اللّه ما قد علمت ليكون له الأمر بعدك(٩)

أمّا عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وكان من خواص أصحاب معاوية فقد لقى حتفه مسموماً حيث حدّثته نفسه بالسلطة والإمارة بدلاً من يزيد

جاء في تاريخ الطبري : إنّ عبد الرحمن بن خالد بن الوليد كان قد عظم شأنه بالشام ، أو مال إليه أهلها لِما كان عندهم من آثار أبيه خالد بن الوليد ، ولغنائه عن المسلمين في أرض الروم وبأسه حتى خافه معاوية وخشي على نفسه منه ؛ لميل الناس إليه ، فأمر ابن آثال أن يحتال في قتله وضمن له إن هو فعل ذلك أن يضع عنه خراجه ما عاش ، وأن يولّيه جباية خراج حمص

فلمّا قدم عبد الرحمن بن خالد لحمص منصرفاً من بلاد الروم دسّ إليه ابن آثال شربة مسمومة مع بعض مماليكه فشربها فمات بحمص(١٠)

٥٤

ويحكي لنا التاريخ صورة أُخرى من مشاورات معاوية في خلافة يزيد ، ومن بينها كلمات ذلك الأحمق الذي قام فقال : هذا أمير المؤمنين ـ وأشار إلى معاوية ـ فإن هلك فهذا ـ وأشار إلى يزيد ـ ومَنْ أبى فهذا ـ وأشار إلى سيفه ـ قال معاوية : اجلس فأنت سيّد الخطباء(١١)

لم يكن عبد الرحمن بن خالد وحده هو الذي طمع في الخلافة بعد معاوية ، فهناك سعيد بن عثمان بن عفان الذي وجد له أنصاراً من أهل المدينة يقولون : واللّه لا ينالها يزيد حتى يعضّ هامة الحديد ، إنّ الأمير بعده سعيد ، ولكن كان أمره هيّناً ؛ حيث خرج من حلبة المنافسة راضياً بولاية خراسان(١٢)

من الواضح أنّ الصراع السياسي كان دائراً على أشدّه حول قضية خلافة معاوية ، وقد هدّدت هذه القضية الصف الأُموي بالتفكّك والانهيار ، وإنّ الخلافة اليزيدية لم تكن أمراً مستقراً حتى في داخل البيت الأُموي نفسه ؛ حتى إنّ معاوية اضطر لتأجيل إعلان هذا الأمر إلى ما بعد هلاك زياد ، وإنّ مروان بن الحكم والي معاوية على المدينة عارض هذا الأمر بشدّة ؛ ممّا اضطر معاوية إلى إعفائه من منصبه

ويمكننا أن نرجع هذه المعارضة الداخلية لعدّة أسباب منها :

أ ـ إنّ انتقال السلطة إلى يزيد من طريق ولاية العهد كان اقتباساً من النظام السياسي البيزنط‏ي الذي لم يعرفه العرب في سابق تاريخهم ، ولعلّ قرب موقع معاوية من دولة الروم كان مصدر معرفته بهذا النظام الملكي الإمبراطوري الذي صار هو النظام السياسي في الأُمّة الإسلامية في ما بعد

ب ـ إنّ هذا الأسلوب كان إهداراً لنظام الشورى الذي توهّم المسلمون أنّه القانون الأساسي للمسلمين

٥٥

والواقع أنّ الشورى لم تكن قد مورست بصورة جيّدة في الحقب السابقة ممّا يسمح باستقرار معالمها وأساليب ممارستها

فإن يأتي معاوية لينقل المداراة إلى ديكتاتورية صريحة كان هذا أمراً ثقيلاً على كثيرين ، وخاصّة على أولئك الذين توهّموا أنّهم أهل الحل والعقد ، ولم يكن معاوية ليبقى على نفوذهم ولا على وجودهم نفسه إذا تعارض ذلك مع رغباته السلطوية الجامحة

ج ـ صفات يزيد الشخصية وافتقاده الحدّ الأدنى من المقوّمات جعلت زياداً ـ وهو مَنْ هو في بغيه وعدوانه ونسبه ـ كارهاً لبيعته وإمارته قائلاً : ويزيد صاحب رسلة وتهاون مع ما قد أولع به من الصيد(١٣) ، وكتب إلى معاوية يأمره بالتؤدة(١٤) وألاّ يعجل

لم تستعصِ الأغلبية على معاوية ولا على أساليبه ؛ فهناك المتطوّعون السابقون إلى مرضاة الطواغيت ، مثل الضحّاك بن قيس ، والمغيرة بن شعبة ، وسمرة بن جندب ، ولا بأس هنا بأن نورد بعضاً من منجزات سمرة ، هذا (الصحابي) الذي استخلفه زياد على الكوفة ثمّ عاد إليه فوجده قد قتل ثمانية آلاف من الناس ، فقال له : هل تخاف أن تكون قد قتلت أحداً بريئاً ؟

قال : لو قتلت إليهم مثلهم ما خشيت

أو كما قال ، وعن أبي سوار العدوي قال : قتل سمرة من قومي في غداة سبعة وأربعين رجلاً كلّهم قد جمع القرآن(١٥)

ثمّ عزله معاوية فقال سمرة : لعن اللّه معاوية ؛ واللّه لو أطعت اللّه كما أطعت معاوية ما عذّبني أبداً(١٦)

٥٦

لقد أجاد معاوية سياسة (فرّق تسد) ، فلمّا أحسّ أنّ رجالات المدينة يمتنعون من بيعة يزيد راسلهم أوّلاً ، ثمّ ذهب إليهم بنفسه في عام خمسين للهجرة ، مستخدماً سياسة المخادعة ، عازفاً على أوتار النفوس ومكامن الأهواء ، عالماً أنّ الأُمّة التي أسلمت علياً والحسن لن تجتمع كلمتها خلف الحسين (عليه السّلام) ، ومن ثمّ فإنّ المطلوب هو كسب الوقت وتفتيت المعارضة ، وضرب الناس بعضهم ببعض ؛ حتى يصل المُلك إلى يزيد غنيمة باردة

٥٧

الفصل الثالث

الثورة الحسينية : النهوض بمهمّة حفظ الدين

كانت للحسين بن علي (عليه السّلام) وهو الإمام المنصوب من السماء خطّته ، وهي خطّة تهدف إلى انتصار الحقّ وإبقائه حيّاً متوهّجاً

كان الحسين (عليه السّلام) عالماً بأنّ شجرة الحق لكي تنبت أغصاناً تبقى مدى القرون ، ولكي تضرب جذورها في عمق الأرض فتقضى على جذور الشجرة الخبيثة ، لا بدّ لها من أن تُروّى بدماء الحسين وعترته الطاهرة ؛ كي يعلم الجميع إلى قيام الساعة أنّ أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) هم قادة السيف والعلم والزهد ، وأنّ دماءهم رخيصة في مرضاة اللّه ، والإمام الحسين (عليه السّلام) هو القاتل : ( إذا كان دين جدّي لا يستقيم إلاّ بقتلي فيا سيوف خذيني )

لم يكن بنو أُميّة يفهمون هذا ، ولا يملكون القدرة حتى على الاقتراب من فهمه ؛ الحياة عندهم متعة وخداع وقتل وسفك دماء ، وصولاً إلى أهداف حيوانية يتمّ تغليفها بعد هذا بشعارات دينية ، ولا مانع لديهم أن يصعد إلى المنبر مَنْ يحدّث الناس عن الدين والزهد ، ويفاخر بصحبته لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) طالما أنّه ينهي الخطبة بلعن إمام الهدى علي بن أبي طالب ، فأيّ دين هذا ؟!

وقد أسلفنا في قصّة حجر بن عدي وأسباب مقتله ، وقد امتلأت كتب الروايات بهذه القصّة الفاجرة : (ما لكَ ألاّ تسبّ أبا تراب؟) ، ولمّا أُبطل السبّ يوماً قال قائلهم : (لا صلاة إلاّ بلعن أبي تراب)

٥٨

لم يكن هناك نفوذ غربي ولا شرقي آنئذٍ ، ولا كانت القارة الأمريكية قد اكتُشفت يومها حتى تبرّر لنا هذه الحالة المزرية بالقول بأنّ معاوية كان عميلاً أمريكياً ، أو أنّ هذا مخطّط صهيوني

إنّهم يقولون عنه : إنّه كاتب الوحي ، وخال المؤمنين ، ومؤسس الدولة الإسلامية يقولون أيّ شي‏ء إلاّ الحقيقة التي قلنا طرفاً منها هنا ، وسنقولها يوماً ما إن شاء اللّه بمزيد من التفصيل

١ـ نهج الثورة الحسينية ‏والقول الفصل

الآن وفي هذه اللحظات ، وعلى وجه التحديد ، ومنذ استشهاد الإمام الحسن (عليه السّلام) ، ومحاولة أخذ البيعة ليزيد ، بدأت الثورة الحسينية واستمرت حتى كان عرس الدم في كربلاء عام واحد وستين

أيضاً لا بدّ أن نؤكّد على حقيقة أنّ أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) لم تكن ميزتهم الوحيدة أنّهم أقدر من غيرهم على فهم حقائق الإسلام والنطق بها ، وإنّما كانوا هم الأقدر من غيرهم على تجسيد هذه المفاهيم وتحويلها إلى واقع وإلى تطبيق ونموذج في وقت كثر فيه المتكلّمون وقلّ فيه الفاعلون

ولنتأمّل هذه الرواية التي أوردها أصحاب الصحاح ، وننقلها عن النسائي في كتابه (خصائص الإمام علي) : (( إنّ منكم مَنْ يُقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت أنا على تنزيله ))

قالوا : مَنْ يا رسول اللّه ؟

قال : (( هذا ـ وأشار إلى علي عليه السّلام ـ ))

نعم ، لقد نزل القرآن على رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) ، وبلّغه للأُمّة كاملاً غير منقوص ، مشفوعاً بسنته (صلّى الله عليه وآله) ، وبقي باب التطبيق مفتوحاً بتطوّر الحوادث والأيام من خلال إقامة المجتمع المسلم ومعايشته لكثير من المستجدّات

٥٩

فقط أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) كانوا وحدهم قادرين على الفعل الصحيح في كلّ موقف ، لا في موقف دون موقف ، كما قال عنهم رسولنا الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ورواه أصحاب الصحاح : (( إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به بعدي لن تضلّوا أبداً ؛ كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ))

إنّهم حملة النصّ الصحيح والتطبيق الصحيح ، وما أحوجنا إليهم وإلى نهجهم (سلام اللّه عليهم)

وما أحوج الأُمّة وسط هذا الظلام الأُموي ، وهذه الفتنة العمياء إلى موقف حسيني يبدّد الظلمات موقف حسيني لا يتحدّث عن الحقّ وإنّما يفعله ، ولا يفعله فعلاً يراه بعض الناس ويغفل عنه بعضهم الآخر ، وإنّما يفعله فعلاً يبقى مسطوراً ومحفوراً في عمق الأرض وفي عمق الوجدان البشري

ما أحوج الأُمّة الإسلامية والبشرية كلّها إلى هذا النور المتوهّج لتبقى شمس الحسين تهدي الحائرين ، وتدلّ السائلين على الحدود الفاصلة بين الحقّ والباطل ، بين مرضاة اللّه وسخطه

هكذا كانت ثورة الحسين (عليه السّلام)

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الحكم، عن الحسن بن الحسين قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : يا بني عبد المطلب، إنّكم لن تسعوا النّاس بأموالكم فألقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر.

[ ١٥٩٥١ ] ٥ - وعنهم، عن أحمد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) مثله، إلّا أنه قال: يا بني هاشم.

[ ١٥٩٥٢ ] ٦ - وعنهم، عن أحمد، عن عثمإنّ بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ثلاث من أتى الله بواحدة منهنّ اوجب الله له الجنّة: الإِنفاق من الإِقتار، والبشر بجميع العالم، والإِنصاف من نفسه.

[ ١٥٩٥٣ ] ٧ - وبالإِسناد عن سماعة، عن أبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : حسن البشر يذهب بالسخيمة.

[ ١٥٩٥٤ ] ٨ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( المجالس) عن عليّ بن أحمد بن موسى، عن محمّد بن هارون، عن عبيد الله بن موسى، عن عبد العظيم الحسنيّ، عن محمّد بن عليّ الرضا عن آبائه ( عليهم‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إنّكم لن تسعوا النّاس بأموالكم فسعوهم بطلاقة الوجه وحسن اللقاء، فإني سمعت رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يقول: إنّكم لن تسعوا النّاس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم.

____________________

٥ - الكافي ٢: ٨٤ / ذيل الحديث ١.

٦ - الكافي ٢: ٨٤ / ٢.

٧ - الكافي ٢: ٨٥ / ٦.

٨ - أمالي الصدوق: ٣٦٢ / ٩.

وتقدّم ما يدلّ عليه في الباب ٣ من هذه الأبواب، وفي الحديث ٦ من الباب ٢٩ من أبواب الملابس.

ويأتي في الحديث ٨ من الباب ١٢٧ من هذه الأبواب.

١٦١

١٠٨ - باب وجوب الصدق

[ ١٥٩٥٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كونوا دعاة للناس بالخير بغير ألسنتكم، ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع.

[ ١٥٩٥٦ ] ٢ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن مثنّى الحّناط، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من صدق لسأنّه زكى عمله.

[ ١٥٩٥٧ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إنّ العبد ليصدق حتّى يكتب عند الله من الصادقين، ويكذب حتّى يكتب عند الله من الكاذبين، فاذا صدق قال الله عزّ وجّل: صدق وبرّ، وإذا كذب قال الله عزّ وجّل كذب وفجر.

[ ١٥٩٥٨ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن حسن بن زياد الصيقل قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : من صدق لسأنّه زكى عمله، ومن حسنت نيته زيد في رزقه، ومن حسن برّه بأهل بيته مد له في عمره.

____________________

الباب ١٠٨

فيه ٩ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٨٦ / ١٠، وأورده بسند آخر في الحديث ١٣ من الباب ٢١ من أبواب جهاد النفس.

٢ - الكافي ٢: ٨٥ / ٣.

٣ - الكافي ٢: ٨٦ / ٩، وأورد نحو ذيله عن المحاسن في الحديث ١٠ من الباب ١٣٨ من هذه الأبواب.

٤ - الكافي ٢: ٨٦ / ١١ و ٨: ٢١٩ / ٢٦٩.

١٦٢

[ ١٥٩٥٩ ] ٥ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبدالله بن القاسم، عن عمرو بن أبي المقدام قال: قال لي أبوجعفر( عليه‌السلام ) في أوّل دخلة دخلت عليه: تعلّموا الصدق قبل الحديث.

[ ١٥٩٦٠ ] ٦ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي إسماعيل البصري، عن الفضيل بن يسار قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يا فضيل، إنّ الصادق أوّل من يصدقه الله عزّ وجّل يعلم أنّه صادق، وتصدقه نفسه تعلم أنّه صادق.

[ ١٥٩٦١ ] ٧ - وعن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر الخرّاز (١) ، عن جدّه الربيع بن سعد قال: قال لي أبو جعفر( عليه‌السلام ) : يا ربيع إنّ الرجل ليصدق حتّى يكتبه الله صديقاً.

[ ١٥٩٦٢ ] ٨ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( المجالس) عن محمّد بن عليّ ماجيلويه، عن محمّد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق، عن عليّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه قال: قال رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : إنّ أقربكم مني غداً وأوجبكم عليّ شفاعة اصدقكم للحديث، وأداكم للأَمانة، وأحسنكم خلقاً، وأقربكم من النّاس.

[ ١٥٩٦٣ ] ٩ - أحمد بن محمّد البرقيّ في( المحاسن) عن محمّد بن

____________________

٥ - الكافي ٢: ٨٥ / ٤.

٦ - الكافي ٢: ٨٥ / ٦.

٧ - الكافي ٢: ٨٦ / ٨.

(١) في المصدر: أحمد بن النضر الخزاز.

٨ - أمالي الصدوق: ٤١١ / ٥.

٩ - المحاسن: ١٧ / ٤٨، وأورد قطعات منه عن الكافي في الحديث ١ من الباب ٣ من أبواب السواك، وفي الحديث ١ من الباب ١٣، واخرى في الحديث ٥ من الباب ٢٥، وفي الحديث =

١٦٣

إسماعيل، رفعه إلى أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : أوصيك يا عليّ في نفسك بخصال، اللّهم أعنه: الأُولى الصدق ولا يخرج من فيك كذبة أبداً الحديث.

ورواه الكلينيّ والصّدوق كما يأتي(١) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

١٠٩ - باب استحباب الصدق في الوعد ولو انتظر سنة

[ ١٥٩٦٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن حازم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنمّا سمّي إسماعيل( عليه‌السلام ) صادق الوعد لأنّه وعد رجلا في مكان( فانتظره سنة) (٣) ، فسّماه الله صادق الوعد، ثمّ إنّ الرجل أتاه بعد ذلك فقال له إسماعيل: ما زلت منتظراً لك.

____________________

= ١ من الباب ٢٨ من أبواب أعداد الفرائض، وفي الحديث ٨ من الباب ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام، وفي الحديث ١ من الباب ١١ من أبواب قراءة القران، وفي الحديث ١ من الباب ٦ من أبواب الصدقة.

(١) يأتي في الحديث ٢ من الباب ٤ من أبواب جهاد النفس.

(٢) يأتي في الحديث ٥ من الباب ١١٠، وفي الحديثين ١٣، ١٥ من الباب ١٣٨، وفي الحديث ١ من الباب ١٤٠، في الحديث ١١ من الباب ١٤١ من هذه الأبواب، وفي الأحاديث ٤، ٨، ١٥ من الباب ٤، وفي الحديث ١ من الباب ٦، وفي الحديث ١٠ من الباب ٢١ من أبواب جهاد النفس.

وتقدّم ما يدلّ عليه في الحديثين ٢، ١٠ من الباب ١، وفي الحديث ٧ من الباب ٢، وفي الحديث ٢ من الباب ١٠٤ من هذه الأبواب.

الباب ١٠٩

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٨٦ / ٧.

(٣) في المصدر: فانتظره في ذلك المكان سنة.

١٦٤

[ ١٥٩٦٥ ] ٢ - وعنه عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن شعيب العقرقوفّي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليف إذا وعد.

[ ١٥٩٦٦ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: عدّة المؤمن أخاه نذر لا كفّارة له، فمن أخلف فبخلف الله بدأ، ولمقته تعرّض وذلك قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَمِ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) (١) .

[ ١٥٩٦٧ ] ٤ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( العلل) و( عيون الأخبار) عن أبيه، عن سعد، عن يعقوب بن يزيد، عن عليّ بن أحمد بن أشيم، عن سليمان الجعفريّ، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) قال: اتدري لم سمّي إسماعيل صادق الوعد؟ قلت: لا أدري، قال: وعد رجلاً فجلس حولا ينتظره.

[ ١٥٩٦٨ ] ٥ - وفي( العلل) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبدالله بن القاسم، عن عبدالله بن سنان قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وعد رجلاً إلى صخرة فقال: انا لك هاهنا حتّى تأتي، قال: فاشتدّت الشمس

____________________

٢ - الكافي ٢: ٢٧٠ / ٢.

٣ - الكافي ٢: ٢٧٠ / ١.

(١) الصف ٦١: ٢ - ٣.

٤ - علل الشرائع: ٧٧ / ١، وعيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٧٩ / ٩.

٥ - علل الشرائع: ٧٨ / ٤.

١٦٥

عليه، فقال له أصحابه: يا رسول الله، لو أنك تحولت إلى الظل، قال: قد وعدته إلى هاهنا، وإنّ لم يجىء كان منه المحشر.

ويأتي ما يدلّ على وجوب الوفاء بالوعد في جهاد النفس(١) .

١١٠ - باب استحباب الحياء

[ ١٥٩٦٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عن يحيى أخي دارم، عن معاذ بن كثير، عن احدهما ( عليهما‌السلام ) قال: الحياء والإِيمان مقرونان في قرن، فإذا ذهب احدهما تبعه صاحبه.

[ ١٥٩٧٠ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذّاء، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: الحياء من الإِيمان، والإِيمان في الجنّة.

[ ١٥٩٧١ ] ٣ - وعنهم، عن سهل، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن الفضيل بن كثير (٢) ، عمّن ذكره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا إيمان لمن لا حياء له.

____________________

(١) يأتي في الحديثين ١٥، ٢١ من الباب ٤، وفي الحديث ١ من الباب ٦، وفي الحديثين ٦، ١١ من الباب ٤٩ من أبواب جهاد النفس. وفي الحديث ٦ من الباب ١٢٢، وفي الحديث ٣ من الباب ١٤٠، وفي الحديث ٢ من الباب ١٥٢ من هذه الأبواب.

الباب ١١٠

فيه ١٢ حديثاً

١ - الكافي ٢: ٨٧ / ٤.

٢ - الكافي ٢: ٨٦ / ١.

٣ - الكافي ٢: ٨٧ / ٥، وأورد مثله في الحديث ٢ من الباب ٢٩ من أبواب الملابس.

(٢) في المصدر: الفضل بن كثير.

١٦٦

[ ١٥٩٧٢ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن حسن الصّيقل قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : الحياء والعفاف والعيّ - اعني عيّ اللسان لا عي القلب من الإِيمان.

[ ١٥٩٧٣ ] ٥ - وعنه، عن أحمد، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبدالله بن أبراهيم، عن عليّ بن أبي عليّ اللهبيّ عن أبى عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : أربع من كنّ فيه وكان من قرنه إلى قدمه ذنوباً بدّلها الله حسنات: الصدق، والحياء، وحسن الخلق، والشكر.

[ ١٥٩٧٤ ] ٦ - محمّد بن الحسين الرضيّ في( نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) أنه قال: من كساه الحياء ثوبه لم ير النّاس عيبه.

[ ١٥٩٧٥ ] ٧ - الحسن بن محمّد الطوسيّ في( مجالسه) عن أبيه، عن المفيد، عن محمّد بن عمران المرزبانّي عن محمّد بن أحمد الحكيميّ، عن محمّد بن أسحاق، عن يحيى بن معين، عن عبد الرزّاق، عن معمّر، عن أنس قال: قال رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : ما كان الفخر(١) في شيء قطّ إلّا شانه، ولا كان الحياء في شيء قطّ إلّا زانه.

____________________

٤ - الكافي ٢: ٨٧ / ٢.

٥ - الكافي ٢: ٨٧ / ٧.

٦ - نهج البلاغة ٣: ٢٠٢ / ٢٢٣.

٧ - أمالي الطوسي ١: ١٩٣.

(١) في المصدر: الفحش.

١٦٧

[ ١٥٩٧٦ ] ٨ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: من ألفاظ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) الموجزة: الحياء خير كلّه.

[ ١٥٩٧٧ ] ٩ - وبإسناده إلى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في وصيّته لمحمّد بن الحنفية قال: ومن كساه الحياء ثوبه اختفى عن العيون عيبه.

[ ١٥٩٧٨ ] ١٠ - وفي( معاني الأخبار) عن عليّ بن عبدالله بن أحمد بن بابويه، عن عليّ بن أحمد الطبري، عن أبي سعيد، عن خراش، عن أنس قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : الحياء خير كله - يعني: أنّه يكفّ ذا الدين ومن لا دين له عن القبيح فهو جماع كلّ جميل -.

[ ١٥٩٧٩ ] ١١ - وبالإِسناد قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : الحياء والإِيمان في قرن واحد، فإذا سلب أحدهما تبعه الآخر.

[ ١٥٩٨٠ ] ١٢ - وبالإِسناد قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : ينزع الله من العبد الحياء فيصير ماقتاً ممقتا،ً ثمّ ينزع منه الحياء ثمّ الرحمة ثمّ يخلع دين الإِسلام من عنقه فيصير شيطاناً لعيناً.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

____________________

٨ - الفقيه ٤: ٢٧١ / ٨٢٨.

٩ - الفقيه ٤: ٢٧٩ / ٨٣٠.

١٠ - معاني الأخبار: ٤٠٩ / ٩٢.

١١ - معاني الأخبار: ٤١٠ / ٩٣.

١٢ - معاني الأخبار: ٤١٠ / ٩٤.

(١) يأتي في الحديث ٢٠ من الباب ١١٧ من هذه الأبواب، وفي الحديثين ٤ و ٦ من الباب ٢٤ وفي الحديثين ١، ٥ من الباب ٦، وفي الحديث ٥ من الباب ٧٢ من أبواب جهاد النفس.

وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الحديث ٢ من الباب ١٠٤ من هذه الأبواب، وفي الحديث ٤ من الباب ٤٩ من أبواب آداب السفر.

١٦٨

١١١ - باب عدم جواز الحياء في السؤال عن أحكام الدين

[ ١٥٩٨١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النهدي، عن مصعب بن يزيد، عن العوام بن الزبير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من رقّ وجهه رقّ علمه.

[ ١٥٩٨٢ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن بعض أصحابنا رفعه قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : الحياء حياءان: حياء عقل، وحياء حمق، فحياء العقل هو العلم، وحياء الحمق هو الجهل.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

١١٢ - باب استحباب العفو

[ ١٥٩٨٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن ابن فضّال قال: سمعت أبا الحسن( عليه‌السلام ) يقول: ما التقت فئتان قط إلّا نصر أعظمهما عفوا.

[ ١٥٩٨٤ ] ٢ - وعنهم، عن أحمد، عن جهم بن الحكم، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله

____________________

الباب ١١١

فيه حديثان

١ - الكافي ٢: ٨٧ / ٣.

٢ - الكافي ٢: ٨٧ / ٦.

(١) يأتي في الباب ٤، وفي الحديثين ١، ٥٤ من الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي.

الباب ١١٢

فيه ١٠ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٨٨ / ٨.

٢ - الكافي ٢: ٨٨ / ٥.

١٦٩

( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : عليكم بالعفو فإنّ العفو لا يزيد العبد إلّا عزّاً، فتعافوا يعزّكم الله.

[ ١٥٩٨٥ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) اُتي باليهودية التي سمّت الشاة للنبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فقال لها: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت: قلت: إنّ كان نبيّاً لم يضرّه، وإنّ كان ملكاً أرحت النّاس منه، قال فعفا رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) عنها.

[ ١٥٩٨٦ ] ٤ - وعنه، عن أحمد، عن محمّد بن سنان، عن أبي خالد القمّاط، عن حمران، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة.

[ ١٥٩٨٧ ] ٥ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: من ألفاظ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) الموجزة: عفو الـمَلِك أبقى للمُلك.

[ ١٥٩٨٨ ] ٦ - وفي( معاني الأَخبار) عن محمّد بن إبراهيم الطالقاني، عن أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، عن عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه قال: قال الرّضا( عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجّل: ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) (١) قال: العفو من غير عتاب.

____________________

٣ - الكافي ٢: ٨٩ / ٩.

٤ - الكافي ٢: ٨٨ / ٦.

٥ - الفقيه ٤: ٢٧١ / ٨٢٨.

٦ - معاني الأخبار: ٣٧٣ / ١.

(١) الحجر ١٥: ٨٥.

١٧٠

[ ١٥٩٨٩ ] ٧ - وفي( المجالس) عن حمزة بن محمّد العلويّ، عن عبد الرحمن بن محمّد الحسني، عن محمّد بن الحسين الوادعيّ، عن أحمد بن صبيح، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن شمر (١) ، عن الصادق، عن أبيه (عليهما‌السلام ) قال: قال عليّ بن الحسين (عليهما‌السلام ) في قول الله عزّ وجّل: ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) (٢) قال: العفو من غير عتاب.

[ ١٥٩٩٠ ] ٨ - محمّد بن الحسين الرّضي في( نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) أنّه قال: إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكراً للقدرة عليه.

[ ١٥٩٩١ ] ٩ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : أولى النّاس بالعفو أقدرهم على العقوبة.

[ ١٥٩٩٢ ] ١٠ - الحسن بن محمّد الطوسيّ في( مجالسه) عن أبيه، عن المفيد، عن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن الصفار، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن أبي الصباح الحذّاء (٣) ، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر، ( عليه‌السلام ) ، عن

____________________

٧ - أمالي الصدوق: ٢٧٦ / ١٤.

(١) في المصدر: عمر بن ثابت.

(٢) الحجر ١٥: ٨٥.

٨ - نهج البلاغة ٣: ١٥٣ / ١٠.

٩ - نهج البلاغة ٣: ١٦٤ / ٥٢.

١٠ - أمالي الطوسيّ ١: ١٠٠، وأورد في صدره في الحديث ١٥ من الباب ١٩ من أبواب جهاد النفس، وذيله في الحديث ١٥ من الباب ١٥ من أبواب الأمر بالمعروف.

(٣) في المصدر: صباح الحذاء.

١٧١

آبائه (عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : - في حديث - إذا كان يوم القيامة ينادي مناد يسمع آخرهم كما يسمع أولهم فيقول: أين أهل الفضل؟ فيقوم عنق من النّاس فيستقبلهم الملائكة فيقولون: ما فضلكم هذا الذي نوديتم به؟ فيقولون: كنّا يجهل علينا في الدنيا فنحمل ويساء إلينا فنعفو، فينادي مناد من الله تعالى: صدق عبادي خلّوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

١١٣ - باب استحباب العفو عن الظالم ، وصلة القاطع ، والإِحسان إلى المسيء ، واعطاء المانع

[ ١٥٩٩٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في خطبة: إلّا اُخبركم بخير خلايق(٢) الدنيا والآخرة؟ العفو عمّن ظلمك، وتصل من قطعك، والإِحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك.

[ ١٥٩٩٤ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذإنّ جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي

____________________

(١) يأتي في الباب ١١٣، وفي الحديث ١٤ من الباب ١١٤ من هذه الأبواب، وفي الباب ١٧ من أبواب مقدمات الحدود، وفي الباب ٥٧ من أبواب قصاص النفس.

الباب ١١٣

فيه ٩ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٨٧ / ١.

(٢) في نسخة: أخلاق ( هامش المخطوط ).

٢ - الكافي ٢: ٨٨ / ٤.

١٧٢

حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الأولين والآخرين في صعيد واحد، ثمّ ينادي مناد: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم عنق من النّاس، فتتلقاهم الملائكة فيقولون: وما كان فضلكم؟ فيقولون: كنا نصل من قطعنا، ونعطي من حرمنا ونعفو عمن ظلمنا، قال: فيقال لهم: صدقتم، ادخلوا الجنة.

[ ١٥٩٩٥ ] ٣ - وعنه، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي عبدالله نشيب العفايفي (١) ، عن حمرإنّ بن أعين قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : ثلاث من مكارم الدنيا والآخرة: تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، وتحلم إذا جهل عليك.

[ ١٥٩٩٦ ] ٤ - وبالإِسناد عن يونس، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: ثلاث لا يزيد الله بهنّ المرء المسلم إلّا عزا: الصفح عمن ظلمه، وإعطاء من حرمه، والصلة لمن قطعه.

[ ١٥٩٩٧ ] ٥ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عبد الحميد، عن يونس بن يعقوب، عن غرة بن دينار الرقي، عن أبي إسحاق السبيعي، رفعه قال: قال رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : إلّا أدلكم على خير خلائق(٢) الدنيا والآخرة؟ تصل من قطعك، وتعطى من حرمك، وتعفو عمن ظلمك.

[ ١٥٩٩٨ ] ٦ - الحسن بن محمّد الطوسيّ( في مجالسه) عن أبيه، عن

____________________

٣ - الكافي ٢: ٨٨ / ٣.

(١) كذا في الاصل، وفي المخطوط: الحفايفي، وفي المصدر: اللفائفي.

٤ - الكافي ٢: ٨٩ / ١٠.

٥ - الكافي ٢: ٨٧ / ٢.

(٢) في المصدر: أخلاق.

٦ - أمالي الطوسيّ ٢: ٩٢.

١٧٣

جماعة، عن أبي المفضّل، عن جعفر بن محمّد العلوي، عن محمّد بن عليّ بن الحسين بن زيد بن علي، عن عليّ بن موسى الرضا، عن آبائه ( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): عليكم بمكارم الأخلاق فإنّ ربي بعثني بها، وإنّ من مكارم الأخلاق إنّ يعفو الرجل عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، وإنّ يعود من لا يعوده.

[ ١٥٩٩٩ ] ٧ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في وصيّته لمحمّد بن الحنفيّة قال: لا يكونن أخوك على قطيعتك أقوى منك على صلته، ولا على الإِساءة إليك أقدر (١) منك على الإِحسان إليه.

[ ١٦٠٠٠ ] ٨ - وفي( الخصال) عن محمّد بن الحسن، عن الصّفار عن الهيثمّ بن أبي مسروق (٢) ، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إنا أهل بيت مروءتنا العفو عمّن ظلمنا.

[ ١٦٠٠١ ] ٩ - محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في( كتاب الرجال) عن محمّد بن قولويه، عن بعض المشائخ، عن عليّ بن جعفر بن محمّد إنّ محمّد بن إسماعيل سأله إنّ يستأذن عمه أبا الحسن موسى( عليه‌السلام ) في الخروج إلى العراق قال: فأذن له، فقام محمّد بن إسماعيل فقال: ياعم احب إنّ توصيني، فقال: اوصيك إنّ تتّقي الله في دمي، فقال لعن الله من يسعى في دمك، ثمّ قال: يا عم اوصني فقال: اوصيك إنّ تتقي الله في

____________________

٧ - الفقيه ٤: ٢٧٩ / ٨٣٠.

(١) في المصدر: أقوى.

٨ - الخصال: ١٠ / ٣٣.

(٢) المصدر زيادة: عن ابن أبي نجران.

٩ - رجال الكشي ٢: ٢٦٣ / ٤٧٨.

١٧٤

دمي، ثمّ قال: ثمّ ناوله أبوالحسن( عليه‌السلام ) صرة فيها مائة وخمسون دينارا، فقبضها محمّد، ثمّ ناوله اُخرى فيها مائة وخمسون ديناراً فقبضها، ثمّ اعطاه اُخرى فيها مائة وخمسون دينارا فقبضها، ثمّ امر له بألف وخمسمائة درهم كانت عنده، فقلت له في ذلك: فاستكثرته، فقال هذا ليكون أوكد لحجّتى عليه إذا قطعني ووصلته، ثمّ ذُكر أنّه سعى بعمّه إلى الرشيد وأنّه يدعي الخلافة ويجىء له الخراج، فأمر له بمائة الف درهم ومات في تلك اللّيلة.

ورواه الكليني، عن عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، عن عليّ بن جعفر نحوه، إلّا أنّه قال: فيها مئة دينار، وقال في آخره: فيها ثلاثة آلاف درهم (١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

١١٤ - باب استحباب كظم الغيظ

[ ١٦٠٠٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان وعليّ بن النعمان جميعاً، عن عمّار بن مروان، عن زيد الشحام، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال:

____________________

(١) الكافي ١: ٤٠٤ / ٨.

(٢) تقدم في الحديث ١ من الباب ٣٢ من أبواب الدعاء، وما يدلّ على الحكم الأول في الباب ١١٢ من هذه الأبواب. ويأتي ما يدلّ عليه في الحديث ١٣ من الباب ١٣٨، وفي الحديث ١٠ من الباب ١٦٤ من هذه الأبواب، وفي الباب ٣، وفي الحديث ٦ من الباب ٦ من أبواب جهاد النفس.

الباب ١١٤

فيه ١٥ حديثاً

١ - الكافي ٢: ٨٩ / ٢.

١٧٥

نعم الجرعة الغيظ لمن صبر عليها، فإنّ عظيم الأَجر لمن عظيم البلاء، وما أحبّ الله قوماً إلّا ابتلاهم.

[ ١٦٠٠٣ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان عليّ بن الحسين (عليهما‌السلام ) يقول: ما اُحبّ أنّ لي بذل نفسي حمر النعم، وما تجرّعت جرعة أحبّ إليّ من جرعة غيظ لا اُكافىء بها صاحبها.

وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن خلّاد، عن الثماليّ عن عليّ بن الحسين ( عليهما‌السلام )، مثله(١) .

[ ١٦٠٠٤ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن حمّاد، عن ربعي، عمّن حدّثه، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قال لي أبي(٢) : ما من شيء أقرّ لعين أبيك من جرعة غيظ عاقبتها صبر، وما(٣) يسرّني إنّ لي بذل نفسي حمر النعم.

[ ١٦٠٠٥ ] ٤ - وعنه، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن حفص بيّاع السابري، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين ( عليهما‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من أحبّ السبيل إلى الله عزّ وجّل جرعتان: جرعة غيظ تردّها بحلم، وجرعة مصيبة تردّها بصبر.

[ ١٦٠٠٦ ] ٥ - وعنه، عن أبيه(٤) ، عن بعض أصحابه، عن مالك بن

____________________

٢ - الكافي ٢: ٨٩ / ١.

(١) الكافي ٢: ٩٠ / ١٢.

٣ - الكافي ٢: ٩٠ / ١٠.

(٢) في المصدر زيادة: يابني.

(٣) في المصدر: وما من شيء.

٤ - الكافي ٢: ٩٠ / ٩.

٥ - الكافي ٢: ٨٩ / ٥.

(٤) « عن أبيه »: ليس في المصدر.

١٧٦

حصين السكونىّ قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : ما من عبد كظم غيظاً إلّا زاده الله عزّ وجّل عزّاً في الدنيا والآخرة، وقد قال الله عزّ وجّل: ( وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَالله يُحِبُّ الْمْحِسِنِينَ ) (١) وأثابه الله مكان غيظه ذلك.

[ ١٦٠٠٧ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشاء، عن مثنى الحناط، عن أبي حمزة قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : ما من جرعة يتجرعها العبد أحب إلى الله عزّ وجّل من جرعة غيظ يتجرعها عند ترددها في قلبه، إما بصبر وإما بحلم.

[ ١٦٠٠٨ ] ٧ - ورواه البرقيّ في( المحاسن) عن الوشاء مثله إلّا أنّه قال في أوله: ما من قطرة أحب إلى الله من قطرة دمع في سواد الليل يقطرها العبد مخافة من الله لا يريد بها غيره.

[ ١٦٠٠٩ ] ٨ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة قال: حدثني من سمع أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: من كظم غيظا ولو شاء إنّ يمضيه أمضاه ملا الله قلبه يوم القيامة رضاه.

[ ١٦٠١٠ ] ٩ - وعن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، عن غالب بن عثمان، عن عبدالله بن منذر، عن الوصافي، عن

____________________

(١) آل عمران ٣: ١٣٤.

٦ - الكافي ٢: ٩١ / ١٣.

٧ - المحاسن: ٢٩٢ / ٤٥٠، وأورد نحوه عن الكافي والزهد في الحديث ١٣ من الباب ١٥ من أبواب جهاد النفس.

٨ - الكافي ٢: ٩٠ / ٦.

٩ - الكافي ٢: ٩٠ / ٧.

١٧٧

أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: من كظم غيظاً وهو يقدر على إمضائه حشا الله قلبه أمناً وإيماناً يوم القيامة.

[ ١٦٠١١ ] ١٠ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: من الفاظ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من يكظم الغيظ يأجره الله، ومن يصبر على الرزيّة يعوضه الله.

[ ١٦٠١٢ ] ١١ - وبإسناده عن حمّاد بن عمرو، وانس بن محمّد، عن أبيه جميعاً، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالب عن النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أنّه قال: يا علي، اوصيك بوصيّة فاحفظها فلا تزال بخير ما حفظت وصيّتي، يا عليّ من كظم غيظاً وهو يقدر على إمضائه اعقبه الله أمناً وإيماناً يجد طعمه الحديث ....

[ ١٦٠١٣ ] ١٢ - وبإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه ( عليهم‌السلام ) ، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) - في حديث المناهي - قال: ومن كظم غيظاً وهو يقدر علىّ إنفاذه وحلم عنه اعطاه الله اجر شهيد.

[ ١٦٠١٤ ] ١٣ - وفي( العلل) عن عليّ بن عبدالله الوراقّ، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقيّ، عن أبيه، عن ربيع بن عبد الرحمن قال: كان والله موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) من المتوسّمين يعلم من يقف عليه(١) ويجحد الإِمام بعده إمامته، وكان يكظم غيظه عليهم،

____________________

١٠ - الفقيه ٤: ٢٧٢ / ٨٢٨.

١١ - الفقيه ٤: ٢٥٤ / ٨٢١.

١٢ - الفقيه ٤: ٨ / ١.

١٢ - الفقيه ٤: ٨ / ١.

١٣ - علل الشرائع: ٢٣٥ / ١.

(١) في المصدر: بعد موته.

١٧٨

ولا يبدي لهم ما يعرفه لهم فسمّي الكاظم لذلك.

[ ١٦٠١٥ ] ١٤ - وفي( عقاب الأًعمال) بإسناد تقدّم في عيادة المريض (١) عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال في آخر خطبة له: ومن كظم غيظه وعفى عن أخيه المسلم أعطاه الله أجرشهيد.

[ ١٦٠١٦ ] ١٥ - أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ في( المحاسن) رفعه قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) ثلاث من كنّ فيه زوّجه الله من الحور العين كيف شاء: كظم الغيظ، والصبر على السيوف لله، ورجل اشرف على مال حرام فتركه لله.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

١١٥ - باب استحباب كظم الغيظ عن أعداء الدين في دولتهم

[ ١٦٠١٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن ثابت مولى آل حريز، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كظم الغيظ عن العدو في دولاتهم تقيّة حزم لمن أخذ به وتحرز من التعرّض للبلاء في الدنيا، ومعاندة الأعداء في دولاتهم،

____________________

١٤ - عقاب الأعمال: ٣٣٥ / ١.

(١) تقدم في الحديث ٩ من الباب ١٠ من أبواب الاحتضار.

١٥ - المحاسن: ٦ / ١٥.

(٢) يأتي في الباب ١١٥ من هذه الأبواب، وفي الحديث ٢٨ من الباب ٤ من أبواب جهاد النفس.

الباب ١١٥

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٢: ٨٩ / ٤.

١٧٩

ومماظّتهم في غير تقيّة ترك أمر الله عزّ وجّل، فجاملوا النّاس يسمن ذلك لكم عندهم، ولا تعادوهم فتحملوهم على رقابكم فتذّلوا.

ورواه البرقيّ في( المحاسن) عن محمّد بن سنان مثله، إلى قوله: التعرّض للبلاء (١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

١١٦ - باب استحباب الصبر على الحساد ونحوهم من أعداء النعم

[ ١٦٠١٨ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن الصادق جعفر بن محمّد ( عليهما‌السلام ) قال: إصبر على أعداء النعم فإنّك لن تكافىء من عصى الله فيك بأفضل من إنّ تطيع الله فيه.

وفي( الخصال) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن معاذ بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) مثله(٤) .

محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير مثله (٥) .

____________________

(١) المحاسن: ٢٥٩ / ٣١٢.

(٢) تقدم في الباب ١١٤ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الأبواب ٢٤ - ٣٢ من أبواب الأمر بالمعروف، وفي الحديث ٢٨ من الباب ٤ من أبواب جهاد النفس.

الباب ١١٦

فيه ٥ أحاديث

١ - الفقيه ٤: ٢٨٤ / ٨٤٨.

(٤) الخصال: ٢٠ / ٧١.

(٥) الكافي ٢: ٩٠ / ١١.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586