وسائل الشيعة الجزء ١٢

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 586

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 586 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 407512 / تحميل: 6960
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

ولكن إذا قد انتهينا من مسيلمة النبي، فإنّ بحثنا عنه سيبقى قاصراً إن نحن وقفنا عند ذاك ولم نحاول أن نعالج ولو بإيجاز، أسباب الحرب التي خاضها مسيلمة وبنو حنيفة كما نراها في ضوء الوقائع التي سبقت. لا كما يراها المتحكّمون بالتأريخ من خصوم العقل وأعدائه.

لقد شهدت اليمامة في نهاية عام ١١ للهجرة أقسى وأعنف حرب عرفها المسلمون حتى ذلك التأريخ. استقتل فيها بنو حنيفة وفقدوا وحدهم دون حساب قتلى المسلمين، أكثر من عشرين ألف، بينهم عددٌ من أبرز رجالهم، على رأسهم مسيلمة نفسه(١) .

ولا يمكن أن يدفع بنو حنيفة هذا العدد الكبير من خيرة رجالهم، ثمناً لنبوّة كاذبةٍ أو شهادة كاذبة جاء بها الرجال بن عنفوة الذي قتل هو أيضاً في هذه الحرب. وكان سهلاً عليه حين استحرّ القتل في قومه، أن يعلن كذب شهادته ومعها كذب مسيلمة، وينجو بنفسه وبقومه من القتل والسبي، ومن ذل وعار يلحق الأجيال من بني حنيفة ما بقي منهم أحد.

لقد كانت حرب بني حنيفة في اليمامة أقسى وأعنف بكثير مما سبقها. لكنها لم تكن لتختلف عمّا سبقها من حيث الدوافع والأسباب.

كانت حرب طليحة وغطفان كما رأينا، بسبب الزكاة التي لم يريدوا إرسالها إلى المدينة، مفضّلين إبقاءها وتوزيعها على فقرائهم، وهم كما يتصوّرون، أحقّ بها ممّن في المدينة.

وكانت الحجّة في الحملة على مالك وقومه من تميم، حبس زكاتهم وعدم إرسالها إلى المدينة.

وكانت الحرب ضد كِندة، كما سنرى، بسبب الزكاة أيضاً والاستيلاء على ناقةٍ لا زكاة عليها.

____________________

(١) تاريخ الطبري حوادث سنة ١١ ج ٣ ص ٢٩٧، وتأريخ ابن الأثير حوادث نفس السنة ج ٢ ص ٢٢٣.

١٠١

وما أظن حرب بني حنيفة، كانت لها أسباب أخرى غير ما رأينا، وغير الرفض الذي يشاركهم فيه سواهم من (المرتدّين) لهذا التكتّل القرشي الذي بدأ بالظهور وفرض سيطرته على الحياة الإسلاميّة، وهو تكتّل ضمّ العديد من رجال قريش من غير ذوي السابقة في الدين، ومن أصحاب العصبيّة والجاه قبل الإسلام الذي لم يدخلوا فيه، إلاّ بعد اليأس من مقاومته والانتصار عليه، إذ كان دخولهم في الإسلام يمثّل الضمان الوحيد لاستعادة مجدهم ونفوذهم، وبلوغ السلطة التي كانوا يطمعون فيها ويخشون أن تفلت من أيديهم إلى غيرهم، ممّن سبقوهم إلى الإسلام. وقد سبق أن تحدّثنا عن هذا بتفصيل في مقدّمة الكتاب.

وإن كان هذا التكتّل قد بدأ بـ (قرشية) الخليفة فإنه لم ينته بـ(السواد، بستان قريشٍ) إذ استمرّت قرشيّة الخليفة، واستعمر معها كل سواد بستاناً للخليفة من قريش ولأهله وذويه.

على أنّ الحديث عن ردّة مسيلمة وبني حنيفة، لن يكمل، وسنشعر بالتقصير إزاء بطل حروب الردّة، إذا نحن لم نبارك له زواجه الثاني أثناء المعركة مع مسيلمة، من ابنة مجاعة بن مرارة، أحد قادة الردّة من بني حنيفة، وعلى أرض المعركة جثث ألف ومائتين من قتلى المسلمين لم تجف دماؤهم بعد.

لقد أعجبته ابنة مجاعة بن مرارة، ولم تكن ذات زوج يمنعه الزواج منها ليقتله، فغفر لأبيها ردّته وتركه حيّاً بعد أن قتل من كان معه من بني حنيفة.

وقد سارع الخليفة أبو بكر فبارك قبلي الزواج الثاني لسيف الإسلام بكتاب أنقل لك بعض ما جاء فيه (لعمري يا بن أم خالد إنك لفارغ تنكح النساء وبفناء بيتك دم ألف ومائتي رجلٍ من المسلمين لم يجف بعد)(١) .

وقبل كتاب أبي بكر بتهنئه خالد بزواجه الجديد، كان هناك ما هو أهم وأخطر، مما يلقي الضوء على سلوك خالد فيما سُمّي بحروب الردّة.

____________________

(١) يتهم بعض المؤرخين خالد بن الوليد بأنه (كان فيه تقدم على رأي أبي بكر يفعل أشياء لا يراها أبوبكر: تقدم على قتل مالك بن نويرة وصالح أهل اليمامة ونكح ابنة مجاعة بن مرارة) = = أنظر كتاب نسب قريش لمصعب بن عبدالله الزبيري - نشر وتعليق ليفي بروفنسال - طبعة دار المعارف للطباعة ص ٣٢١ وثمار القلوب في المضاف والمنسوب لأبي منصور الثعالبي طبعة القاهرة ١٩٠٨ ص ١٨ والذي يضيف (... ونكاحة امرأته - يعني امرأة مالك بن نويرة - من غير أن ترجع عن ردتها).

١٠٢

كان هناك محمد بن عبدالله: رسول الله ونبي المسلمين، وهو يستقبل القبلة قائماً شاهراً يديه حتى أنه يرى بياض ما تحت منكبيه وهو يقول (اللّهمّ إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد)(١) يكرّرها ثلاثاً. وذلك حين أرسله إلى بني جذيمة من كنانة داعياً لا مقاتلاً، فصنع بهم ما صنعه بمالك وأصحابه فيما بعد: طلب منهم أن يضعوا السلاح (فإن الناس قد أسلموا) كما قال لهم. فلّما وضعوا السلاح ثقةً به، أمر بهم فكتفوا ثم قتل منهم من قتل.

وهي قصّة تجدها في كل كتب السيرة والتأريخ في حوادث عام ٨ للهجرة، مع تفصيل أسباب حقد خالد على بني جذيمة، منذ أن قتلوا عمّه الفاكه بن المغيرة في الجاهلية.

____________________

(١) سيرة ابن هشام ج ١ ص ٤٣٠ وتأريخ الطبري ج ٣ ص ٦٧ - ٦٨ وابن الأثير ج ٢ ص ١٢٨ وعيون الأثر لابن سيد الناس ج ٢ ص ١٨٥ - ١٨٧ والمعارف لابن قتيبة ط دار الكتب ١٩٦٠ ترجة خالد بن الوليد ص ٢٦٧ وصحيح البخاري (باب رفع الأيدي بالدعاء) وحديث ٦٣٤١.

١٠٣

الباب السادس

( ردّة حضرموت وكِندة )

١٠٤

الباب السادس

( ردّة حضرموت وكِندة )

ما قرأت ما يكتبه المؤرّخون عن ردّة حضرموت وكِندة إلاّ أسرع ذهني إلى حرب البسوس.

فبسبب ناقة قامت هذه الحرب في الجاهليّة بين أكبر حييّن من ربيعة: بكر وتغلب، وقتل فيها من قتل.

وبسبب ناقة، قامت حربٌ ما يزال اسمها (الردّة) بين المسلمين من أهل اليمن وبين المسلمين من جيش السلطة وأنصارها. قتل فيها من قتل وأسر أو سبي من نجا من القتل.

وإذا كانت الحرب الأولى عرفت في التأريخ باسم صاحبة الناقة: البسوس التي أصبحت فيما بعد رمزاً للشؤم بين الناس، فما أحرى الحرب الثانية أن تعرف بحرب (شذرة) نسبة إلى اسم الناقة التي قامت بسببها هذه الحرب، وما أحرى هذه الناقة أن تكون هي الأخرى رمزاً للشؤم بين الناس فلا تستقل ناقة البسوس وحدها بذلك (الفضل).

وإليك باختصار رواية حرب شذرة أو ردّة اليمن كما يصطلح على تسميتها المؤرّخون(١) .

كان زياد بن لبيد البياضي الأنصاري قد ولّي صدقات بني عمرو بن معاوية من كِندة، فقدم عليهم وهم بالرياض(٢) . فكان أوّل من أتاه وصدّقه منهم غلام يقال له شيطان بن حجر(٣) .

فأعجبت زياداً بكرة من إبل الصدقة التي قدم بها الغلام، فدعا بها فوضع عليها الميسم الخاص بهذه الإبل. ولم تكن الناقة لشيطان بل لأخيه وليس عليه صدقةٌ. وكان شيطان قد وهم حين أخرجها ضمن إبل الصدقة وظنّها غيرها، فقال العداء ـ صاحب الناقة ـ : هذه شذرة باسمها. واعترف شيطان بصدق أخيه وبأنّها ناقته وطلب من زياد ردّها وأخذ غيرها بدلاً عنها، فرفض زياد ذلك و(اتّهمه بالكفر ومباعدة الإسلام) ومنعهما عنها.

____________________

(١) تاريخ الطبري ج ٣ ص ٣٣٢، وابن الأثير ج ٢ ص ٢٣٤.

(٢) الرياض أرض باليمن بين مهرة وحضرموت. مراصد الاطلاع ج ٢ ص ٦٤٦.

(٣) أشك أن يكون هذا هو اسمه الحقيقي فربما كان من وضع بعض المتعصّبين ضد ما دعي بردّة اليمن فاختاروا لمن ظنوه سبباً فيها بعض الأسماء الى المسلمين وأشدّها اتصالاً بالشر تنفيراً منها وتبغيضاً لمن قام بها. ويقوّي هذا الشك عندي أن (شيطان) ليس من الأسماء الشائعة عند العرب.

١٠٥

وترادّوا الكلام فاستصرخ العداء آل عمرو فأقبل من رؤسائهم حارثة بن سراقة وكلّم زياداً في إطلاق ناقة الرجل مقابل ما يختار من غيرها من الإبل. لكن زياداً أصرّ على الرفض فعمد حارثة إلى الناقة وأطلقها. فلم يكن من زياد إلاّ أن أمر شباباً من حضرموت والسكون فنالوه بأيديهم وكتفوه وكتفوا أصحابه وارتهنوهم واستردّوا الناقة.

وتستطيع أن تتصوّر النتيجة: غضبت بنو معاوية لحارثة وغضبت حضرموت والسكون لزياد، وتوافى جمع كثيف من الفريقين ولكن دون أن يحصل قتال بينهما حتى الآن. أمّا بنو معاوية فلمكان أسراهم عند زياد، وأما زياد وأصحابه فلأنهم لم يجدوا سبباً يتعلقّون به على بني معاوية.

وكان من الممكن أن يقف الأمر عند هذا الحد وأن تحل المشكلة بالحسنى، لولا أن يرسل زياد إلى بني معاوية يطلب منهم أن يضعوا السلاح أو يؤذنوا بحرب، دون أن يعيد إليهم أسراهم.

وردّ بنو معاوية بأنهم لن يضعوا السلاح قبل عودة أصحابهم المرتهنين عند زياد.

فماذا كان جواب الأمير إلى بني معاوية؟ قال إنهم (لا يرسلون أبداً حتى ترفضوا وأنتم صغرة قمأة يا أخابث الناس ...)(١) .

هكذا كان جواب زياد إلى بني معاوية، وهم يطالبون بعودة أسراهم الذين لم يفعلوا شيئاً يثير غضب الأمير. وهو جواب فيه الكثير ـ كما ترى ـ من الاستلاء والاستهانة ببني معاوية. ثم لم يكتف زياد بذاك فزحف إليهم ليلاً وقتل فيهم وتفرّق الباقون. وعند ذاك فقط أمر بإطلاق سراح الأسرى الثلاثة لديه.

ولما رجع هؤلاء إلى أصحابهم حرّضوهم على زياد ومن معه فاجتمع بنو معاوية على منع الصدقة.

وتتابعت المعارك بين الطرفين، وشارك الأشعث بن قيس زعيم كِندة مع قومه من بني الحارث بن معاوية فيها، حميّة وانتصاراً لقومه. وكانت آخر معاركهم معركة النجير(٢) : حصن لكِندة. لم يدع المسلمون حين اقتحموه (مقاتلاً إلاّ قتلوه وضربوا أعناقهم صبراً وأخذوا الأموال والسبي ...)(٣) .

____________________

(١) تاريخ الطبري ج ٣ ص ٣٣٣.

(٢) حصن لكِندة باليمن قرب حضرموت.

(٣) تاريخ الطبري ج ٣، وابن الأثير ج ٢ ص ٢٣٦.

١٠٦

إلى هنا أنتهي من رواية هذه الردّة.

ولا بدّ أنّ أسئلة كثيرة أثارتها لديك. وهي أسئلة حاولت أن أتجاوزها فلم أستطع. وحاولت أن أجد مخرجاً لها أو عذراً عنها فلم أستطع.

فأوّل ما يواجهك فيما يُسمّى بردّة كِندة أنّ المتّهمين بها هم الذين جاؤوا بصدقاتهم إلى زياد بن لبيد. لم يمتنعوا ولم يختلفوا، ولم يتحدّث المؤرّخون عن أيّة مشكلة أثارها بنو عمرو بن معاوية في تسليم صدقاتهم كبعض العرب الآخرين.

فأين وجه الردّة هنا، وهم لم ينكروا نبوّة محمد ولا فرضاً من الإسلام ولم يحملوا السيف ولم يثوروا ولم يحاربوا.

وإذا كان هناك بين العرب من امتنع عن إرسال الزكاة إلى المدينة مفضّلاً توزيعها على فقراء قومه واستحقّ بهذا، الاتهام بالردّة عند المؤرّخين، فإنّ بني عمر وهؤلاء جاءوا طائعين مختارين لدفع صدقاتهم إلى عامل الخليفة.

فما اصطلح المؤرّخون على تسميته ردّة أهل اليمن، لم يكن في الحقيقة إلاّ نزاعاً أثاره زياد بن لبيد نفسه، حين أصرّ على أخذ ناقةٍ ليس له الحقّ في أخذها؛ لأنها لم تكن خاضعةً أصلاً للصدقة.

أكان الله سيقبل لزياد أو لغير زياد أن يظلم الناس في جباية حقوقه فيدخل في مال الصدقة ما لا حق فيه؟

ما كان عليه لو قبل ما عرض شيطان من استبدال ناقة أخرى بناقة أخيه وجنّب المسلمين حرباً كلّفتهم الكثير!!

ولم هذا التعالي والاستهانة بالمسلمين، والإسلام هو دين المساواة والتسامح والعدل، والوالي أحقّ من يطبّق تعاليمه وأحرى أن يأخذ الناس، خصوصاً وهم حديثو عهدٍ به، بالرفق واللين فيكون بذلك المثال الطيّب للمسلم، وقد يهدي الله للإسلام، برفقه ولينه، من لا يصنع معه السيف ولا يجدي

١٠٧

وكيف أجزت لنفسك يا ابن لبيد أن تتّهم بالكفر ثلاثة مسلمين يشهدون أن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله ويؤتون فروض الله، ومنها الزكاة، طائعين مختارين. وكل ذنبهم أنّهم أرادوا إبدال ناقةٍ بناقةٍ ، لهم الحقّ في إبدالها؟!

ولم أمرت بتقييدهم وضربهم وهم بين يديك وفي عسكرك لا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم ولا أن يهربوا من أسرهم؟!

أكانت مطالبة الأمير بشيء، حقّاً أو باطلاً تساوي في نظرك الكفر بالله وبرسوله وتعدل عندك الدماء التي سالت؟!

ولو قبلت أن تضرب حارثة الذي تجرّأ فعمد إلى إطلاق الناقة تأديباً له وتخويفاً لغيره. فأيّ ذنبٍ ارتكبه شيطان وأخوه ولم يفعل أيّ منهما ما يستحقّ عليه الضرب والتأديب.

ولم حبستهم فلم تطلق سراحهم بعد ضربهم وتأديبهم وبعد أن استرجعت الناقة التي أعجبتك، من أصحابها وأعدتها إلى مكانها من إبل الصدقة الذاهبة إلى المدينة.

ولأقبل بكل هذا، وليس القبول به أمراً سهلاً، فلماذا بيّت بني عمرو بن معاوية وشننت الغارة عليهم فقتلت وأصبت ولم ينج منهم إلاّ من أطاق الهرب في ظلام الليل؟!

ما ذنب بني عمرو غير أنهم عشيرة صاحب الناقة ورهطه. وبأيّ حق قتل من قتل وشرّد من شرّد، وهم مسلمون لم يصدر عنهم ما يخالف الإسلام؟!

أكنت ـ كما فعل خلفك زياد بن أبيه بعد أكثر من ثلاثة عقود ـ تأخذ المحسن بالمسيء والمقبل بالمدبر، حتى لو كان المقبل والمدبر كلاهما مسلمين بريئين لم يقترفا ذنباً ولم يرتكبا جرماً؟

أتلومهم أو يلومهم أحدٌ لو صحّ ما يرويه الرواة من أنهم منعوا بعد ذاك الزكاة، وقد جلب لهم الوفاء بها القتل والظلم والإهانة، وهم بعد ليسوا بعيدي عهدٍ بالجاهلية وعصبيّتها وبين أهلهم وعشائرهم.

أظنني لو كنت أحدهم لشاركتهم منع الصدقة، أو لما لمت على الأقل من شارك منهم في منعها.

تعجبك ناقة فتتهم أصحابها بالردّة وتقتلهم هم وعشيرتهم.

١٠٨

وتعجب صاحبك امرأة فيتهم زوجها بالردّة ويقتله هو وعشيرته.

ليس لهذا يا ابن لبيد جئت، ولا بهذا أمرك خليفة المسلمين وهو يستودعك أمورهم ويوصيك بالرفق بهم.

ولكنك محظوظ يا ابن لبيد فما يزال المؤرّخون عندنا حتى اليوم يدافعون عنك ويبرّئونك ويبرّرون فعلك، صنعهم مع صاحبك أو أصحابك. وهم على استعداد لاتّهام الألوف وعشرات الألوف ومئات الألوف من المسلمين بالردّة وباستحقاق القتل لتبرئة واحدٍ من ذوي الحظوة والسلطان أمثالك.

ويكفيك أنّهم يبحثون موضوع الناقة تحت عنوان (ردّة حضرموت وكِندة) مع أنهم حين يدخلون في أمر هذه الردّة وتفاصيل أحداثها يجعلون حضرموت والسكون، وهي إحدى بطون كِندة، من بين جندك والمحاربين إلى جانبك ضدّ (المرتدّين) حضرموت وكِندة.

١٠٩

الخاتمة

١١٠

« الخاتمة »

وبعد فتلك كانت أهمّ حروب الردّة التي لا تعني اصطلاحاً عند الكاتب والقارئ غير الارتداد عن الإسلام وإنكار نبوّة محمد واتباع دين أو أديان جديدة ونبي أو أنبياء جدد أو العودة إلى ما كان عليه العرب قبل الإسلام.

وتعمّدت ألاّ أتحدّث عن أسود بني عنس. فالمؤرّخون يذكرون أنّ قتله كان في حياة النبي وقبل استخلاف أبي بكر، وارتداد العرب إثر ذاك بما يصوّره المؤرّخون وباءً كاد أن يقضي على الإسلام ويذهب به.

ولقد حاولت من خلال ذلك كلّه أن أجد ردّةً ورجوعاً عن الإسلام بالشكل الذي يجري الحديث عنه في كتب التأريخ فلم أفلح. دون أن يفهم من هذا أنه لم يكن هناك مرتدٌّ أو مرتدّون، كما سنعرض له فيما بعد.

ولأبدأ بالأديان الجديدة والأنبياء الجدد الذين لم يترك الرواة من هجر القول وسخفه وما يعقل وما لا يعقل إلاّ أضافوه وألصقوه بهم.

فما هي الأديان التي جاء بها من سمّاهم المؤرّخون أنبياء وهم يواجهون الإسلام بكل عظمته ديناً ونبيّاً.

ما هو دين طليحة؟ ما أركانه ما أحكامه وتعاليمه؟ أين كتابه الذي نزل به الوحي عليه وهو يدّعي النبوّة في عصر محمد وفي ظل القرآن. ولا يجمع (المؤمنين) حوله وحول أمثاله مثل دعوى الوحي والكتاب المنزل، تشبّهاً بمحمد والقرآن ومحاكاة لهما.

ولأترك ذلك كلّه. لأترك الأحكام والتعاليم والأخلاق وتنظيم العلاقات في الأسرة وفي المجتمع عموماً، ولأترك الدين: ما تعلّق بالدنيا والآخرة منه، ولأقتنع بحدٍ أدنى من حياة عربية بسيطة تمثّل كل دين طليحة. فأين بلاغة العرب في القول: هذه التي أجدها عند أيّ عربي دون مرتبة (الأنبياء) وهو يتحدّث في أي شأنٍ من شؤون قبيلته في تلك الحياة العربية البسيطة.

إنني ما أزال أطرب لحديث العرب كلما سمعته إذا تحدّثوا قبل طليحة وبعده، وأجد فيه من سحر البلاغة والبيان ما يشدّني إليه. فما لي لا أجد أيّة بلاغةٍ وأيّ بيان في قرآن طليحة، وهو المنزل ـ كما يزعم أو يزعم الرواة ـ من الله الذي أنزل القرآن على محمد.

١١١

أترى عربياً رأى محمداً أو قرأ القرآن أو سمعه سيتركه، لغير عصبيةٍ أو طمع، إلى طليحة وهو يهذي بـ(والحمام واليمام والصرد الصوام قد صمن قبلكم بأعوام ...) أو (أمرت أن تصنعوا رحا ذات عرا ...) أو (ابعثوا فارسين على فرسين أدهمين من بني نصر بن قعين يأتيانكم بعين).

وأظن هذا كل ما تضمّنه (كتابه الكريم) قبل (آية) (إنّ لك رحاً كرحاه وحديثاً لا تنساه) التي نزلت عليه آخر شيء أثناء المعركة التي انتهت بهزيمته وهربه وتنازله عن النبوّة.

ألم يكن بين أتباع طليحة من يسأله عن دينه وكتابه ووحيه أو هذيانه.

ولأفترض أنّ أتباعه غفلوا فلم يسألوا. ألم يسألهم المسلمون عن كتاب نبيّهم، هذا الذي آمنوا به، ولا بدّ أن يكون في مستوى يتناسب مع جلال (النبوّة) ورسالتها التي حملها طليحة، خصوصاً والقرآن ترتفع به أصوات المسلمين صباح مساء ليس بعيداً عن أتباع ابن خويلد.

أكان الذين قاتلوا مع طليحة مؤمنين بنبوّته وبأنّ ما يسمعونه من هذيانٍ هو كلامٌ من كلام الله نزل به الوحي على نبيّهم طليحة؟!

أهذه الأسطر الأربعة أو الخمسة التي لو نطق بها طفل لاستعجل به أهله إلى أقرب مستشفى للأمراض العقليّة، هي كل قرآن طليحة وكل دينه الذي جاء يحارب به دين محمد ويصرف العرب عنه.

لقد رفض العرب دعوة محمّدٍ وحاربوها، على عظمة محمد وعظمة دعوته فلم يقبلوا على الإسلام ولم يدخلوا فيه ولم ينتشر بينهم إلاّ بعد أكثر من عشرين عاماً، كان محمد خلالها موضع امتحانٍ طويل. فكيف استطاع طليحة بكلام غبي أحمق أن يجمع كل هذه الألوف وراءه خلال أيام، ومع وجود الإسلام.

رحم الله مؤرّخينا الذين لم يرحموا طليحة ولم يرحموا الذين يريدون أن يرفعوا طليحة.

وبعد طليحة، نأتي إلى سجاح التي لا بدّ أن جاءت بشيء ممّا يصح وصفه ولو توسّعاً بالدين، وهي ترفض دين محمد وترتد عنه وتدعو العرب إلى رفضه والارتداد عنه كما يذكر الذاكرون.

١١٢

ماذا يروي الرواة عن دينها حتى لو قبلت أن يكذّبوا عليها ويضيفوا إليها ما يريدون.

بِمَ تنبّأت وهم يعدّونها بين الذين ادّعوا النبوّة بعد وفاة محمد؟ أي كتاب نزل به الوحي عليها؟

ربما كان (به أجمع) حين سألها مسيلمة ما سألها، وليس معهما في الخيمة غيرهما، هو ما نزل به الوحي عليها؟

ولكن كيف عرف الرواة هذا الوحي ونقلوه، وما أظن الزوجين (النبيّين) قد أعلناه وصرّحا به، فهو ليس جزءاً من النبوّة ولا دليلاً على صدقها، وليس ممّا يحسن بالمرء، عربيّاً كان أو غير عربي، حتى من لم يبلغ رتبة النبوّة، أن يكشف عمّا جرى بينه وبين زوجته ليلة البناء بها. والزوجة عادةً تكون أشدّ حياءً وأحرص ألاّ تبوح بشئ مما جرى في تلك الليلة. وهكذا أجدني مضطرّاً لأن أرفض هذه الرواية، وأرفض ما يورده المؤرّخون من حديث سجاح، التي يجعلون منها نبيّاً مرّةً وبغيّاً أخرى، ويجعلون من قومها وأصحابها، مجموعة حمقى ومجانين، وهم رؤوس العرب وفرسانهم.

ومن سجاح أنتقل إلى زوجها ـ لثلاث ليال فقط ـ مسيلمة الذي قاتل وقاتل معه أربعون ألف من اليمامة، قتل أكثر من نصفهم كما يذكر الرواة، لينصروا نبيّاً كان من أفضل ما نزل به الوحي عليه (يا ضفدعة ابنة ضفدع) التي تنق كما تشاء، دون أن تمنع الشارب أو تكدّر الماء.

أرأيتم أروع بياناً وأبلغ معنى من هذا الذي أتى به نبيّ بني حنيفة قومه.

أراد أن يحاكي القرآن في(أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) فماذا صنع. ترك كل الحيوانات: الخيل والأسود والنمور وما هو أملأ للعين وأدعى للرهبة فلم يختر لبني حنيفة إلا أخسّ الحيوانات: الضفدعة، ولم يكونوا هم بأخسّ القبائل.

هذا يا سيّدي حديث الذين يصرّ المؤرّخون على أن يسمّوهم أنبياء ويجعلوا منهم أصحاب رسالات وأديان جديدةٍ تمثّل تحدّياً للإسلام وبديلاً عنه. ولا أعرف حتى الآن فرقاً بين دينٍ ودين منها. بل لا أعرف فيها ديناً أو شيئاً قريباً من الدين، إذا جاز أن يكون في الدين قريبٌ أو بعيد

١١٣

ولا أدري كيف احتملت جزيرة العرب كل هذه الأديان مرّةً واحدة، وهي التي لم تعرف على امتداد مئات السنين غير نبي واحد هو محمد ودينٍ واحدٍ هو الإسلام.

وعلى كلٍّ فهذا هو كلام المؤرّخين لست في حاجةٍ إلى نفيه وهو ينفي بعضه بعضاً. لكن الغريب أنه ما زال مقروءاً ومسموعاً. وهذا ما دفعني إلى ما رأيت من محاولةٍ لتصحيح بعض وقائع التأريخ التي طال تشويهها والعبث بها، وإنصاف بعض الأشخاص الذين كانوا وما يزالون، ضحايا لهؤلاء الذين امتهنوا تشويه التأريخ والعبث به.

وإذا كنت أنكر الردّة كما يصوّرها المؤرّخون، فأنا لا أنكر أنه كان بين المسلمين مرتدّون. لكنّ هؤلاء لم يكونوا بحاجةٍ إلى أنبياء جدد وأديان جدد، وكان لهم في محمد ودينه لو شاءوا، غنىً عن السخف الذي رأينا ممّا يسمّى أدياناً. لقد كانوا ضدّ كل نبيّ وكل دينٍ غير ما كانوا عليه في الجاهليّة، وهذا ما لا يحتاجون إلى من يذكّرهم به أو يدلّهم عليه.

ولم يكن ارتدادهم لأنّ نبياً أفضل من محمد قد جاء بدينٍ أفضل من الإسلام، بل لأنّ الإسلام كثورة ضخمة شملت حياة العرب بكل جوانبها، كان لا بدّ له أن يثير حفيظة العديد من أصحاب المصالح الذين تضرّرت مصالحهم ومن أصحاب البيوتات وذوي الجاه والنفوذ الذين ساوى الإسلام بينهم وبين غيرهم، أو من الأعراب الذين لم يستطيعوا الانفصال عن جاهليّتهم وقيمها وما ألفوا من حياتها. هذا إلى أنّ الذين أسلموا لم يكونوا كلّهم على درجةٍ واحدة من اليقين ورسوخ الإيمان.

لكنّ هؤلاء المرتدّين لم يكونوا من القوّة بما يمكّنهم من محاربة الإسلام والانتصار عليه بعدما ثبت وتأكّد وانتشر خلال ثلاثٍ وعشرين سنة ونشأ جيلٌ لم يعرف غيره وغير محمد ديناً ونبيّاً وما كان أولئك المرتدّون ليجهلوا هذا طبعاً.

وإذا كنت لا أستطيع أن أشخّص الذين ارتدّوا. وإذا كنت لا أتجاوز حدود الفرض في ذلك، فإنّ هذا الفرض يمثّل إحدى الحقائق الأساسية التي عليّ أن أؤمن بها. فأنا لا أنفي وجود مرتدّين، ولكني لست مطالباً بأن أعرف أسماءهم، وإن كنت لا أعطيهم أكثر من دورٍ ثانويّ في الأحداث التي أعقبت وفاة النبي محمد.

١١٤

ما الذي جرى بعد وفاة النبي وما هي أسبابه؟ هل انتفض العرب وثاروا؟ وهل كانت الثورات ردّةً عن الإسلام واتّباعاً لأديان وأنبياء جدّد كما يذكر المؤرّخون؟

أمّا بالنسبة للشقّ الأوّل، فأنا أتّفق مع المؤرّخين في أنّ أحداثاً كبيرة وصلت حدّ الحروب التي ذهب ضحيّتها الألوف قد شهدتها الساحة الإسلامية بعد وفاة النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

حرب مع طليحة. وحرب مع سجاح ومالك. وحرب مع مسيلمة. وحرب مع كِندة. وحروب أخرى لم أعرض لها ولم أتناولها.

ولكني أختلف معهم فيما يذهبون إليه من أنّ الحروب كانت بسبب (الردّة) عن الإسلام كما يسمّونها في كتبهم. ولا أرى فيها أكثر من موقف من السلطة التي خلفت النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله في بعض ما ترى من شؤون، لها طابعٌ سياسيّ أو ماليّ أو قبلي، أكثر ممّا لها من طابع إيماني إسلامي، وقد يعزّز هذا الرأي، أنّ الصلاة لم تثر مشكلةً اسمها الردّة. وأنّ هذه انحصرت في الزكاة، أي في المال وإرساله الذي يمثّل دعماً للسلطة الجديدة واعترافاً بها وخضوعاً لها، وهو ما يرفضه هؤلاء (المرتدّون) من المسلمين.

فلم يكن هناك ردّة ولا خروجٌ بأيّ شكلٍ عن الإسلام، بل ضمن الإسلام وتحت خيمته، جرى ما جرى.

صحيح أنّ الخلاف بين الطرفين قد تطوّر حتى وصل حدّ الحرب، كما ذكرنا، ولكنّه يبقى خلافاً بين مسلمين تستطيع أن تصف أحد طرفيه بأيّ وصفٍ وتطلق عليه أي اسم إلاّ الكفر والردّة وإنكار نبوّة محمد.

قد يكون في بعضه إنكارٌ لخلافة أبي بكر وتفضيل غيره عليه، أو رفضٌ للأسلوب الذي اتّبع فيما أسفرت عنه سقيفة بني ساعدة، وهو رأي عددٍ من الصّحابة أو كبارهم وما يزال موضع خلافٍ حتى الآن بين المسلمين.

ولكنّ أبا بكر ـ مع التسليم بكل فضله وسابقته وجهاده ـ ليس هو الإسلام، ولا الإيمان به وبخلافته ركناً فيه ولا جزءاً منه، والخلاف معه ورفض بيعته لا يمكن أن يكون رفضاً للإسلام وارتداداً عنه، فهو واحدٌ من المسلمين حتى لو قلنا بأنه أفضلهم، وليس في نقد الأسلوب الذي وصل به إلى الخلافة أو عدم الرضا به واتخاذ موقف بشأنه، ما يستوجب الخروج عن الإسلام واتّهام الناقد لتلك التصرّفات أو الرافض لها بالردّة وشنّ الحرب عليه واستحلال دمه وماله وسبي ذريّته، وكأنّه منكرٌ لنبوّة محمدٍ رافض لدينه.

١١٥

ماذا بقي إذن من فرقٍ بين محمد وبين غيره من المسلمين وقد ساوينا في الموقف منهما وجعلنا المنكر للنبوّة والطاعن فيها والمنكر للخلافة والطاعن فيها في نفس المنزلة.

ماذا ستكون عقوبة من أنكر نبوّة محمد وطعن فيها وكفر بها؟ أهناك ما هو أكثر من القتل واستحلال المال وسبي الذرّية؟

وقبل حرب (المرتدّين) من قبائل العرب خارج المدينة. أظنه كان يجب أن تشنّ الحرب أولاً على (المرتدّين) في المدينة من بعض كبار الصحابة الذين أنكروا طريقة استخلاف أبي بكر في السقيفة وطعنوا فيها ورفضوا بيعته، قبل أن تنكرها وتطعن فيها وترفضها طيء وفزارة وأسد وغيرها من قبائل العرب.

بماذا طالب طليحة وماذا كانت تهمة مالك ورهطه، غير أنهم أرادوا توزيع الزكاة على فقرائهم وما أكثرهم، ولم يروا إرسالها إلى المدينة.

إنهم لم ينكروا الزكاة كفرضٍ من فروض الإسلام ليمكن وصفهم بالكفرة والمرتدّين. وما أظنك تجرؤ على وصف من كان هذا شأنه بالكافر والمرتد، وهو يشهد ألاّ إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، لكنه يؤثر توزيعها على فقراء قومه في ظرف بذاته.

وفيم كانت الحرب مع كِندة؟! أين الردّة في أن يطالب شخصٌ بناقته التي لا زكاة عليها فتشتعل بسبب ذلك حربٌ يقتل فيها الكثيرون ويشرّد الكثيرون؟!

وقبل هذه الحروب أريد أن أقف عند حدثٍ سابقٍ لها ما أحسبه بعيداً عنها وعمّا أريق فيها من دماءٌ، بل ربّما كان من بين أهمّ أسبابها.

سأرجع إلى سقيفة بني ساعدة في المدينة التي شهدت أوّل خلافٍ علنيّ، ولا أريد أن أقول أوّل صراع، على السلطة بين المسلمين، وهو خلافٌ لم يكن ما جرى فيه سرّاً، وقد انتصرت فيه وجهة النظر القرشية وتمّت البيعة للخليفة أبي بكر (رض).

وأسأل ماذا كان سيحصل لو تمّسك الأنصار بموقفهم وأصرّوا على دعمهم سعد بن عبادة في طموحه للخلافة. أو لو رفضوا على الأقل أن يبايعوا أبا بكر.

ماذا ستسمّي الأنصار عندئذٍ ، وهم من هم في نصرهم للإسلام وذبّهم عنه. وهم الذين آووا وضحّوا بأرواحهم وأموالهم من أجله.

١١٦

وقد تجيب بأنهم لم يفعلوا فكفونا عناء التفكير بالأسماء، وما تختار وما لا تختار لهم منها.

ولكن بقي سعد الذي لم يبايع وبقي الذين مع سعد وبقي ابن الجموح (جذيلها المحكك وعذيبها المرجّب ...).

فأيّ اسم ستختار لسعد ومن تابعه وبقي معه، وهم لم يمنعوا الخليفة عقالاً ممّا كانوا يعطونه لرسول الله فقط، ولم يمسكوا صدقاتهم في أيديهم لتوزيعها على فقرائهم فقط، ولم يطلبوا استبدال ناقةٍ بناقة فقط، وكل هؤلاء سمّوهم مرتدّين وكفرة واستباحوا دماءهم وأموالهم وذراريهم. وإنّما نازعوا الخليفة خلافته لرسول الله ورفضوها وطعنوا فيها وظلّوا رافضين لها طاعنين فيها.

ولولا أن يلهمهم الله المجتمعين في السقيفة الهداية والرشد، ولولا أن يستجيب الأنصار لنداء الدّين والعقل ولم يصرّوا على موقفهم، لتعرّض الإسلام لخطرٍ لا يعلمه إلاّ الله.

وكم كان بودّي أن أعرض للسقيفة وما جرى فيها وما سبقها. والعلاقة بين كل ذلك وبين حروب الردّة، لولا خشيتي من أن يخرجني الموضوع بعيداً، وتصبح الخاتمة غير خاتمة.

لقد كانت حروب (الردّة) رسالة إرهاب من قريش قوية واضحة، شديدة القوّة، بالغة الوضوح، إلى جميع العرب، بأنهم سيعرّضون أنفسهم واهلهم لما تعرّض له (المرتدّون) ولأكثر منه إن فكّروا يوماً بمنازعة الحكم الجديد أو الخلاف عليه أو عدم الخضوع والطاعة له.

يبقى الجواب عمّا سألني يوماً بعض الإخوان، وأنا في حديث الردّة: لماذا الزكاة لا غيرها. لماذا قامت تلك الحروب بسبب الزكاة لا الصلاة مثلاً وهي أهمّ من الزكاة في الاسلام وأعظم خطراً، ألأنّ المال في الزكاة وليس في الصلاة؟! ألأنّ الحكم الجديد وأنصاره ومؤيّديه والداعمين له والملتفّين حوله كانوا مستعجلين إلى المال؟!

ولم أجد ما أجيب به سوى بيتي قيس بن عاصم المنقري السعدي: للذين يمثّلان الموقف آنذاك خير تمثيل وأصدقه:

فمن مبلغ عنّي قريشاً رسالةً

إذا ما أتتها محكمات الودائع

حبوت بما صدقت في العام منقراً

وأيأست منها كل أطلس طامع

والأطلس هو الذئب. والمعنى واضح .

١١٧

وأظن أي رأي لي أو لغيري، وأي تفسير أو تعليق سيكون عبثاً من القول وهما أوضح وأبين من أيّ إيضاح وبيان. وقائلهما قيس بن عاصم، سيّد أهل الوبر كما سمّاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وسكت السائل، وسكتّ لقد أغنانا بيتا قيس عن كل جوابٍ. كانا فيهما الجواب.

وإني لأعتذر أخيراً للقارئ الذي سيضطر إلى قراءة ما بين السطور وما وراءها، فأنا لم أستطع أن أحمّل السطور كل ما كنت أريد.

١١٨

الفهرس

« المقدّمة ». ٢

الباب الأول. ٦

الفصل الأول: (موقف المسلمين بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله) ٧

الفصل الثاني: (موقف العرب بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله) ٢٢

الفصل الثالث: (في معنى الردّة) ٣١

الباب الثاني: (حرب طليحة) ٣٤

الباب الثالث: (مأساة مالك بن نويرة) ٤٢

الباب الرابع: ( سجاح ) ٧٤

الباب الخامس: (مسيلمة) ٨٩

الباب السادس: ( ردّة حضرموت وكِندة ) ١٠٤

الخاتمة ١١٠

١١٩

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

١٦٠ - باب تحريم لعن غير المستحق

[ ١٦٣٥٧ ] ١ - عبدالله بن جعفر الحميري في( قرب الإسناد) عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن صدقة قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّ اللعنة إذا خرجت من صاحبها تردّدت بينه وبين الذي يلعن، فانّ وجدت مساغاً وإلّا رجعت(١) إلى صاحبها وكان أحقّ بها، فاحذروا أن تلعنوا مؤمناً فيحلّ بكم.

[ ١٦٣٥٨ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ، عن عليّ بن عقبة، عن عبدالله بن سنان، عن أبي حمزة الثماليّ قال: سمعت أبا جعفر( عليه‌السلام ) يقول: إنّ اللعنة إذا خرجت من في صاحبها تردّدت فيما بينهما، فانّ وجدت مساغا وإلّا رجعت على صاحبها.

وعن الحسين بن محمّد(٢) ، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أحدهما ( عليهما‌السلام ) مثله(٣) .

ورواه الصدوق في( عقاب الأَعمال) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء (٤) .

____________________

الباب ١٦٠

فيه حديثان

١ - قرب الإِسناد: ٧.

(١) في المصدر: عادت.

٢ - الكافي ٢: ٢٦٨ / ٧.

(٢) في الكافي: الحسن بن محمّد.

(٣) الكافي ٢: ٢٦٨ / ٦.

(٤) عقاب الأعمال: ٣٢٠ / ١.

٣٠١

١٦١ - باب تحريم تهمة المؤمن وسوء الظن به

[ ١٦٣٥٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانّي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا اتّهم المؤمن أخاه انماث الإِيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء.

[ ١٦٣٦٠ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابه عن الحسين بن حازم، عن الحسين بن عمر بن يزيد، عن أبيه قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: من اتّهم أخاه في دينه فلا حرمة بينهما، ومن عامل أخاه بمثل ما عامل به النّاس فهو بريء ممّا ينتحل.

[ ١٦٣٦١ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد، عن أبيه، عمّن حدّثه، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في كلام له: ضع أمرأخيك على أحسنه حتّى يأتيك ما يغلبك منه، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجدلها في الخير محملاَ.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

____________________

الباب ١٦١

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٢٦٩ / ١، وأور مثله في ذيل الحديث ٨ من الباب ١٢٢ من هذه الأبواب.

٢ - الكافي ٢: ٢٦٩ / ٢.

٣ - الكافي ٢: ٢٦٩ / ٣.

(١) تقدم في الحديث ١٠ من الباب ١٢٢، وفي الحديث ٥ من الباب ١٣٠ من هذه الأبواب.

٣٠٢

١٦٢ - باب تحريم إخافة المؤمن ولو بالنظر

[ ١٦٣٦٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسى، عن الأَنصاري، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها اخافه الله عزّ وجّل يوم لا ظلّ إلّا ظلّه.

[ ١٦٣٦٣ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه(١) ، عن أبي إسحاق الخفّاف، عن بعض الكوفّيين، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من روّع مؤمناً بسلطان ليصيبه منه مكروه فلم يصبه فهو في النّار، ومن روّع مؤمناً بسلطان ليصيبه منه مكروه فأصابه فهو مع فرعون وآل فرعون في النار.

محمّد بن عليّ بن الحسين في( عقاب الأَعمال) عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن إبراهيم بن هاشم، عن أبي إسحاق الخفّاف مثله (٢) .

[ ١٦٣٦٤ ] ٣ - وفي( عيون الأَخبار) عن محمّد بن أحمد بن الحسين، عن عليّ بن محمّد بن عنبسة، عن بكر بن أحمد بن محمّد، عن فاطمة بنت

____________________

الباب ١٦٢

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٢٧٣ / ١.

٢ - الكافي ٢: ٢٧٤ / ٢.

(١) في نسخة زيادة: عن ابن أبي عمير ( هامش المخطوط ).

(٢) عقاب الأعمال: ٣٠٥ / ١.

٣ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٧٠ / ٣٢٧، وأورده في الحديث ٧ من الباب ١٤٧ من هذه الأبواب.

٣٠٣

الرضا، عن أبيها، عن آبائه، عن عليّ ( عليهم‌السلام ) قال: لايحلّ لمسلم أن يروّع مسلماً.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

١٦٣ - باب تحريم المعونة على قتل المؤمن وأذاه ولو بشطر

كلمة

[ ١٦٣٦٥ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( عقاب الأَعمال) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أو عمّن ذكره عنه قال: يجيء يوم القيامة رجل إلى رجل حتّى يلطخه بدمه والنّاس في الحساب، فيقول: يا عبدالله مالي ولك؟ فيقول: أعنت عليّ يوم كذا وكذا (٣) فقتلت.

[ ١٦٣٦٦ ] ٢ - الحسن بن محمّد الطوسيّ في( مجالسه) عن أبيه، عن محمّد بن محمّد، عن محمّد بن طاهر، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن عبدالله بن أحمد المستورد، عن عبدالله بن يحيى الكاهليّ، عن محمّد بن عبيد بن مدرك، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من أعانّ على مؤمن بشطر كلمة لقى الله عزّ وجّل وبين عينيه مكتوب: آيس من رحمة الله.

____________________

(١) تقدم في الباب ١٤٥ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٤٩ من أبواب ما يكتسب به، وفي الحديث ٨ من الباب ١ من أبواب حد المحارب.

الباب ١٦٣

فيه ٤ أحاديث

١ - عقاب الأعمال: ٣٢٦ / ٢.

(٣) في المصدر زيادة: بكلمة كذا.

٢ - أمالي الطوسيّ ١: ٢٠١.

٣٠٤

أحمد بن أبي عبدالله البرقيّ في( المحاسن) عن محمّد بن علي، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر ( عليهم‌السلام ) مثله(١) .

[ ١٦٣٦٧ ] ٣ - وعن محمّد بن عليّ وعليّ بن عبدالله جميعاً، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء ومحمّد بن سنان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إنّ العبد يحشر يوم القيامة وما أدمى دماً فيدفع إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك، فيقال له: هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يا ربّ إنّك تعلم أنك قبضتني وما سفكت دماً، قال: بلى، وما سمعت من فلان بن فلان كذا وكذا فرويتها عنه فنقلت حتّى صار إلى فلانّ فقتله عليها، فهذا سهمك من دمه.

[ ١٦٣٦٨ ] ٤ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من أعانّ على المؤمن بشطر كلمة لقى الله عزّ وجّل يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمتي.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

____________________

(١) المحاسن: ١٠٣ / ٨٠.

٣ - المحاسن: ١٠٤ / ٨٤.

٤ - الكافي ٢: ٢٧٤ / ٣.

(٢) تقدم في الحديث ٩ من الباب ١١٣، وفي الحديث ٢ الباب ١٦٢ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الباب ٨٠ من أبواب جهاد النفس، وفي البابين ٢، ١٧ من أبواب قصاص النفس.

٣٠٥

١٦٤ - باب تحريم النميمة والمحاكاة

[ ١٦٣٦٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إلّا أُنبّئكم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: المشاؤون بالنميمة، المفرّقون بين الأَحبة الباغون للبراء المعايب.

ورواه الحسين بن سعيد في كتاب( الزهد) عن النضر بن سويد، عن عبدالله بن سنان (١) .

ورواه الصدوق بإسناده عن حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد، عن أبيه جميعاً عن جعفر بن محمّد، عن آبائه ( عليهم‌السلام ) في وصيّة النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعليّ( عليه‌السلام ) مثله(٢) .

[ ١٦٣٧٠ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يوسف بن عقيل، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: الجنّة محرّمة على القتاتين المشائين بالنميمة.

[ ١٦٣٧١ ] ٣ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن الأصبهاني، عمّن ذكره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : شراركم المشّاؤون بالنميمة،

____________________

الباب ١٦٤

فيه ١٤ حديثاً

١ - الكافي ٢: ٢٧٤ / ١.

(١) الزهد: ٦ / ٨.

(٢) الفقيه ٤: ٢٧١ / ٨٢٧.

٢ - الكافي ٢: ٢٧٤ / ٢.

٣ - الكافي ٢: ٢٧٤ / ٣.

٣٠٦

المفرّقون بين الأَحبّة المبتغون للبراء المعائب.

[ ١٦٣٧٢ ] ٤ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) بإسناده عن أبي ذر عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في وصيّتة له قال: يا أباذرّ، لا يدخل الجنّة القتّات، قلت: يا رسول الله، ما القتّات؟ قال: النمّام. يا أباذرّ، صاحب النميمة لا يستريح من عذاب الله في الآخرة، يا أباذر من كان ذا وجهين ولسانين في الدّنيا فهو ذو وجهين (١) في النار، يا أباذر المجالس بالأَمانة وإفشاؤك سرّ أخيك خيانة( فاجتنب ذلك واجتنب مجلس العثرة) (٢) .

[ ١٦٣٧٣ ] ٥ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( عقاب الأعمال) وفي( الأمالي) عن عليّ بن أحمد، عن محمّد بن جعفر، عن موسى بن عمران، عن الحسين بن يزيد، عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن عليّ ( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأَذى يسقون من الحميم والجحيم ينادون بالويل والثبور، يقول أهل النار بعضهم لبعض: ما بال هؤلاء الأَربعة قد اذونا على مابنا من الأَذى، فرجل معلق عليه تابوت من جمر ورجل يجر أمعاؤه، ورجل يسيل فوه قيحاً ودماً، ورجل يأكل لحمه، فيقال لصاحب التابوت: ما بال الأبعد قد آذانا على مابنا من الأَذى؟ فيقول: انّ الأبعد مات وفي عنقه أموال النّاس لم يجد لها أداء ولا وفاء، ثمّ يقال للذي يجرّ أمعاؤه. ما بال الأبعد قد آذانا على مابنا من الأَذى؟ فيقول: إنّ الأَبعد كان لا يبالي أين أصاب البول من جسده، ثمّ يقال للذي يسيل فوه قيحاً ودماً: ما بال الأبعد قد آذانا على مابنا من الأَذى؟ فيقول: إنّ الأَبعد

____________________

٤ - أمالي الطوسيّ ٢: ١٥١.

(١) في المصدر: ذو لسانين.

(٢) في المصدر: بما خنت ذلك وأخنت مجلس الشعيرة.

٥ - عقاب الأعمال: ٢٩٥ / ١، وأمالي الصدوق: ٤٦٥ / ٢٠، وأورد قطعة منه في الحديث ٢ من الباب ٢٣ من أبواب أحكام الخلوة.

٣٠٧

كان يحاكي ينظر إلى كلّ كلمة خبيثة فيسندها فيحاكي بها، ثمّ يقال للّذي يأكل لحمه: ما بال الأَبعد قد آذانا على ما بنا من الأَذى؟ فيقول: إنّ الأَبعد كان يأكل لحوم النّاس بالغيبة ويمشي بالنميمة.

[ ١٦٣٧٤ ] ٦ - وفي( عقاب الأَعمال) بإسناد تقدّم في باب عيادة المريض (١) عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أنّه قال في خطبة له: ومن مشى في نميمة بين اثنين سلط الله عليه في قبره ناراً تحرقه إلى يوم القيامة وإذا خرج من قبره سلّط الله عليه تنّيناً أسود ينهش لحمه حتّى يدخل النار.

[ ١٦٣٧٥ ] ٧ - وعن محمّد بن عليّ ماجيلويه عن عمه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن عليّ الكوفيّ، عن عثمان بن عفان السدوسيّ، عن عليّ بن غالب البصريّ، عن رجل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا يدخل الجنّة سفّاك الدم، ولا مدمن الخمر، ولا مشاء بنميمة.

[ ١٦٣٧٦ ] ٨ - وعن أبيه، عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن أبي عبدالله، عن عثمانّ بن عيسى، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه ( عليهم‌السلام ) ، قال: قال عليّ( عليه‌السلام ) : تحرم الجنّة على ثلاثة: على( المنّان، وعلى القتّات) (٢) ، وعلى مدمن الخمر.

[ ١٦٣٧٧ ] ٩ - وعن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن أبي

____________

٦ - عقاب الأعمال: ٣٣٥، وأورد قطعة منه في الحديث ٢١ من الباب ١٥٢، واُخرى في الحديث ٥ من الباب ١٥٦ من هذه الأبواب.

(١) تقدم في الحديث ٩ من الباب ١٠ من أبواب الاحتضار.

٧ - عقاب الأعمال: ٢٦٢ / ١.

٨ - عقاب الأعمال: ٢٦٢ / ٢، وأورده عن الزهد في الحديث ١٠ من الباب ١٥٢ من هذه الأبواب.

(٢) في المصدر: النّمام، وعلى القتال.

٩ - عقاب الأعمال: ٢٦٢ / ٣.

٣٠٨

عبدالله، عن عدّة من أصحابنا، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن جعفر، عن أبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) قال: حرمت الجنّة على ثلاثة: النمّام، ومدمن الخمر، والديوث وهو الفاجر.

[ ١٦٣٧٨ ] ١٠ - وفي( المجالس) عن عليّ بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقيّ، عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي عبدالله، عن جعفر بن عبدالله التاريخيّ (١) ، عن عبد الجبّار بن محمّد، عن داود الشعيريّ، عن الربيع صاحب المنصور أنّ الصادق( عليه‌السلام ) قال للمنصور: لا تقبل في ذي رحمك وأهل الرعاية من أهل بيتك قول من حرّم الله عليه الجنّة ومأواه النار، فإنّ النمّام شاهد زور، وشريك إبليس في الإغراء بين النّاس، وقد قال الله تبارك وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بَنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيُبواْ قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) (٢) وان كان يجب عليك انّ تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمّن ظلمك، فإن المكافىء ليس بالواصل، إنما الواصل الذي إذا قطعته رحم وصلها الحديث.

[ ١٦٣٧٩ ] ١١ - وعن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن سعد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن أبي سعيد هاشم، عن أبي عبدالله الصادق( عليه‌السلام ) قال: أربعة لا يدخلون الجنّة: الكاهن، والمنافق، ومُدمِن الخمر، والقتّات وهو النمّام.

____________________

١٠ - أمالي الصدوق: ٤٩٠

(١) في المصدر: النما، وفي نسخة: الناونجي

(٢) الحجرات ٤٩: ٦.

١١ - أمالي الصدوق: ٣٣٠ / ٥.

٣٠٩

[ ١٦٣٨٠ ] ١٢ - وعن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، ويونس بن ظبيان، عن الصادق( عليه‌السلام ) قال: بينما موسى( عليه‌السلام ) يناجي ربّه إذ رأى رجلاً تحت ظلّ عرش الله، فقال: يا ربّ من هذا الذي قد أظلّه عرشك؟ قال: هذا كان بارّاً بوالديه ولم يمشِ بالنميمة.

[ ١٦٣٨١ ] ١٣ - الحسين بن سعيد في كتاب( الزهد) عن صفوان بن يحيى (١) ، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: انّ الله أوحى إلى موسى انّ بعض أصحابك ينم عليك فاحذره، فقال: يا ربّ لا أعرفه، فأخبرني به حتّى أعرفه فقال: يا موسى عبت عليه النميمة وتكلفني انّ أكون نمّاماً؟ فقال: يا ربّ وكيف أصنع؟ قال: يا موسى فرّق أصحابك عشرة عشرة، ثمّ اقرع بينهم، فإنّ السهم يقع على العشرة التي هو فيهم ثمّ تفرقّهم وتقرع بينهم فانّ السهم يقع عليه، قال: فلما رأى الرجل أنّ السهام تقرع قام فقال: يا رسول الله أنا صاحبك لا والله لا اعود ابداً.

[ ١٦٣٨٢ ] ١٤ - الحسن بن محمّد الطوسيّ في( المجالس) عن أبيه، عن ابن مخلّد، عن أبي الحسين، عن محمّد بن عيسى بن حنّان، عن سفيان بن عيينة، عن منصور، عن إبراهيم، عن همّام، عن حذيفة قال: سمعت النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يقول: لا يدخل الجنّة قتّات.

ورواه الصدوق بإسناده عن حمّاد بن عمرو وانس بن محمّد، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد عن آبائه ( عليهم‌السلام ) - في وصيّة النبيّ( صلى الله

____________________

١٢ - أمالي الصدوق: ١٥٢ / ٢.

١٣ - الزهد: ٩ / ١٥.

(١) في المصدر: عثمان بن عيسى.

١٤ - أمالي الطوسيّ ١: ٣٩٢.

٣١٠

عليه وآله وسلم) لعليّ( عليه‌السلام ) -(١) .

اقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

١٦٥ - باب استحباب النظر إلى جميع صلحاء ذرية النبي ّ ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )

[ ١٦٣٨٣ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( عيون الأَخبار) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) قال: النظر إلى ذريتنا عبادة، قلت: النظر إلى الأَئمّة منكم، أو النظر إلى ذرّية النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ؟ فقال: بل النظر إلى جميع ذريّة النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عبادة ما لم يفارقوا منهاجه، ولم يتلوّثوا بالمعاصي.

وفي( الأَمالي) بهذا السند مثله، إلّا أنّه ترك قوله: ما لم يفارقوا منهاجه إلى آخره (٣) .

____________________

(١) الفقيه ٤: ٢ / ١، بسنده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد في مناهي النبيّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) وليس في وصيته لعليّ (عليه‌السلام )

(٢) تقدم في الحديث ٨ من الباب ٧، وفي الحديث ٢ من الباب ١٤١، وفي الحديث ١٣ من الباب ١٥٢ من هذه الأبواب، وفي الحديثين ٥، ٦ من الباب ٣٧ من أبواب الصدقة، وفي الحديث ١٠ من الباب ٢ من أبواب مايمسك عنه الصائم، وفي الحديث ٣ من الباب ٢٣ من أبواب احكام الخلوة، وفي الحديث ١٣ من الباب ١١ من أبواب آداب الصائم.

ويأتي ما يدلّ عليه في الحديث ١٤ من الباب ٤٩ من أبواب جهاد النفس، وفي الباب ٤٩ من أبواب ما يكتسب به، وفي الحديث ٧ من الباب ١١٧ من أبواب مقدمات النكاح، وفي الحديث ٩ من الباب ١ من أبواب قصاص النفس.

الباب ١٦٥

فيه حديث واحد

١ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٥١ / ١٩٦.

(٣) أمالي الصدوق: ٢٤٢ / ٢.

٣١١

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

١٦٦ - باب استحباب النظر إلى الوالدين ، والى المصحف ، والى وجه العالم

[ ١٦٣٨٤ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: روي أنّ النظر إلى الكعبة عبادة، والنظر إلى الوالدين عبادة، والنظر إلى المصحف من غير قراءة عبادة، والنظر إلى وجه العالم عبادة، والنظر إلى آل محمّد ( عليهم‌السلام ) عبادة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

____________________

(١) يأتي في الباب ١٦٦ من هذه الأبواب، وفي الحديث ٤ من الباب ٢٩ من أبواب مقدمات الطواف.

وتقدم ما يدلّ على ذلك في الحديث ٥ من الباب ١٩ من أبواب قراءة القرآن.

الباب ١٦٦

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٢: ١٣٢ / ٥٥٦، وأورده بتمامه في الحديث ٧ من الباب ٢٩ من أبواب مقدمات الطواف، وقطعة منه في الحديث ٦ من الباب ١٩ من أبواب قراءة القرآن.

(٢) تقدم في الباب ١٢٣ من هذه الإبواب، وفي الحديثين ٤، ٥ من الباب ١٩ من أبواب قراءة القرآن.

(٣) يأتي في الحديث ٤ من الباب ٢٩ من أبواب مقدمات الطواف، وفي الحديث ١ من الباب ٩٢ من أبواب أحكام الأولاد.

٣١٢

أبواب الإحرام

١ - باب وجوبه وحكم من تركه

[ ١٦٣٨٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن أبي المعزا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كانت بنو إسرائيل إذا قربت القربان تخرج نار تأكل قربانّ من قبل منه، وإنّ الله جعل الإِحرام مكان القربان.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) .

ورواه الصّدوق مرسلاً(٢) .

ورواه في( العلل) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين مثله (٣) .

[ ١٦٣٨٦ ] ٢ - وعنه، عن عليّ بن إسماعيل، عن عليّ بن الحكم، عن

____________________

أبواب الإِحرام

الباب ١

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٤: ٣٣٥ / ١٦.

(١) لم نعثر عليه في التهذيب المطبوع.

(٢) الفقيه ٢: ١٣٢ / ٥٥٢.

(٣) علل الشرائع: ٤١٥ / ٣.

٢ - الكافي ٤: ٢١٣ / ٥، وأورده في الحديث ٥ من الباب ٣٦ من هذه الأبواب.

٣١٣

المفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: أحرم موسى( عليه‌السلام ) من رملة مصر، قال: ومرّ بصفاح الروحاء (١) محرماً يقود ناقة بخطام من ليف، عليه عباءتان قطوانيتان، يلبّي وتجيبه الجبال.

ورواه الصّدوق مرسلاً نحوه(٢) .

[ ١٦٣٨٧ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: روي عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) والأئمّة (عليهم‌السلام ) أنّه وجب الإحرام لعلة الحرم.

[ ١٦٣٨٨ ] ٤ - وفي( العلل) و( عيون الأخبار) بأسانيد تأتي عن الفضل بن شاذان (٣) ، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: وإنمّا اُمروا بالإحرام ليخشعوا قبل دخولهم حرم الله وأمنه، ولئلا يلهوا ويشتغلوا بشيء من امور الدنيا وزينتها ولذاتها، ويكونوا جادين (٤) فيما هم فيه قاصدين نحوه، مقبلين عليه بكليتهم، مع ما فيه من التعظيم لله عزّ وجّل ولبيته، والتذلّل لأنفسهم عند قصدهم إلى الله عزّ وجّل، ووفادتهم إليه راجين ثوابه راهبين من عقابه، ماضين نحوه، مقبلين إليه بالذل والاستكانة والخضوع.

[ ١٦٣٨٩ ] ٥ - وفي( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن العباس بن معروف، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: حرم المسجد لعلة الكعبة، وحرم الحرم لعلة المسجد، ووجب الإحرام لعلة الحرم.

____________________

(١) الروحاء: مكان بين مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة. ( معجم البلدان ٣: ٧٦ ).

(٢) الفقيه ٢: ١٥٢ / ٦٦٠.

٣ - الفقيه ٢: ١٢٦ / ٥٤٥.

٤ - علل الشرائع: ٢٧٤، وعيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٢٠.

(٣) تأتي في الفائدة الاُولى من الخاتمة برمز ( ب ).

(٤) في العلل: صابرين.

٥ - علل الشرائع: ٤١٥ / ١.

٣١٤

ورواه البرقيّ في( المحاسن) عن محمّد بن عيسى (١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في المواقيت(٢) ، وغيرها(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

٢ - باب استحباب توفير شعر الرأس واللحية لمن أراد الحج من أول ذى القعدّة بل من عشر من شوال

[ ١٦٣٩٠ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن صفوان (٥) ، عن ابن سنان(٦) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا تأخذ من شعرك وأنت تريد الحج في ذي القعدة، ولا في الشهر الذي تريد فيه الخروج إلى العمرة.

وبإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) مثله، إلّا أنّه قال: تريد فيه العمرة (٧) .

____________________

(١) المحاسن: ٣٣٠ / ٩١.

(٢) تقدم في الأبواب ١ و ٧ و ٨ و ١٤ و ١٥ و ٢٠ وفي الحديثين ١ و ٤ من الباب ٢١ من أبواب المواقيت.

(٣) تقدم في الحديث ٤ من الباب ٢ وفي الحديث ٤ من الباب ٩ وفي الباب ١٧ من أبواب أقسام الحج.

(٤) يأتي في الأبواب ٤٨ و ٤٩ و ٥٠ من هذه الأبواب.

الباب ٢

فيه ٨ أحاديث

١ - التهذيب ٥: ٤٦ / ١٣٨، وأورد صدره في الحديث ٣ من الباب ١١ من أبواب أقسام الحج.

(٥) في المصدر: وصفوان.

(٦) في نسخة: ابن مسكان ( هامش المخطوط ).

(٧) التهذيب ٥: ٤٤٥ / ١٥٥١.

٣١٥

[ ١٦٣٩١ ] ٢ - وعنه، عن عبدالله بن بكير، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: خذ من شعرك إذا أزمعت على الحجّ شوال كله إلى غرّة ذي القعدة.

[ ١٦٣٩٢ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن هشام بن الحكم وإسماعيل بن جابر جميعاً، عن الصادق( عليه‌السلام ) أنّه يجرىء الحاج(١) أن يوفّر شعره شهراً.

وبإسناده عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) مثله(٢) .

[ ١٦٣٩٣ ] ٤ - وبإسناده عن معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: الحج أشهر معلومات: شوّال، وذو القعدة، وذو الحجّة، فمن أراد الحجّ وفّر شعره إذا نظر إلى هلال ذي القعدة، ومن أراد العمرة وفر شعره شهراً.

محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار مثله (٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٤) .

[ ١٦٣٩٤ ] ٥ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن

____________________

٢ - التهذيب ٥: ٤٧ / ١٤١، والاستبصار ٢: ١٦٠ / ٥٢٤.

٣ - الفقيه: ١٩٧ / ٩٠٠.

(١) في المصدر زيادة: بالرخص.

(٢) الفقيه ٢: ١٩٨ / ٩٠١.

٤ - الفقيه ٢: ١٩٧ / ٨٩٩.

(٣) الكافي ٤: ٣١٧ / ١.

(٤) التهذيب ٥: ٤٦ / ١٣٩، والاستبصار ٢: ١٦٠ / ٥٢٠.

٥ - الكافي ٤: ٣١٨ / ٥.

٣١٦

سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: اعف شعرك للحج إذا رأيت هلال ذي القعدة، وللعمرة شهراً.

[ ١٦٣٩٥ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي، عن بعض أصحابنا، عن سعيد الأعرج (١) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا يأخذ الرجل - إذا رأى هلال ذي القعدّة وأراد الخروج - من راسه ولا من لحيته.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٢) .

[ ١٦٣٩٦ ] ٧ - وعنهم، عن أحمد، عن محمّد بن سنان، عن أبي خالد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: لا تأخذ من شعرك وأنت تريد الحجّ في ذي القعدة، ولا في الشهر الذي تريد فيه الخروج إلى العمرة.

[ ١٦٣٩٧ ] ٨ - عبدالله بن جعفر الحميري في( قرب الإِسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: من أراد الحجّ فلا يأخذ من شعره إذا مضت عشرة من شوال.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) ، وعلى نفي الوجوب(٤) .

____________________

٦ - الكافي ٤: ٣١٨ / ٤.

(١) في نسخة: سعيد بن عبدالله الأعرج ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٥: ٤٧ / ١٤٤، والاستبصار ٢: ١٦٠ / ٥٢١.

٧ - الكافي ٤: ٣١٨ / ٣.

٨ - قرب الإِسناد: ١٠٤.

(٣) يأتي في الحديث ٤ من الباب ٤ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي في الحديثين ٥ و ٦ من الباب ٤ من هذه الأبواب.

٣١٧

٣ - باب استحباب توفير الشعر لمن أراد العمرة شهراً ، أو من أول الشهر الذي يريد فيه العمرة

[ ١٦٣٩٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم، عن محمّد بن الحسن، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) : مرني، كم أُوفّر شعري إذا أردت العمرة؟ فقال ثلاثين يوماً.

وعنه، عن محمّد بن حسين، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار مثله (١) .

[ ١٦٣٩٩ ] ٢ - وعنه، عن إسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : كم اُوفّر شعري إذا أردت هذا السفر، قال: اعفه شهراً (١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في عدّة أحاديث(٢) .

____________________

الباب ٣

فيه حديثان

١ - لم نعثر عليه في التهذيب المطبوع.

(١) التهذيب ٥: ٤٧ / ١٤٣ و ٤٤٥ / ١٥٥٢.

٢ - التهذيب ٥: ٤٧ / ١٤٢.

(٢) في نسخة: عفه شهراً ( هامش المخطوط ).

(٣) تقدم في الأحاديث ١ و ٤ و ٥ و ٧ من الباب ٢ من هذه الأبواب.

٣١٨

٤ - باب جواز الأخذ من شعر الرأس في شوال وغيره لمن أراد الحج حتّى يحرم ، وكراهته في ذي القعدة ، وجواز الأخذ من غير شعر الرأس حتّى يحرم

[ ١٦٤٠٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يريد الحجّ، أيأُخذ من رأسه في شوّال كلّه ما لم يرَ الهلال؟ قال: لا بأس، ما لم يرَ الهلال.

[ ١٦٤٠١ ] ٢ - محمّد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبّاس بن عامر، عن حسين بن أبي العلا مثله، إلّا أنّه قال: أيأخذ من شعره، ثمّ قال: نعم، ولم يزد على ذلك.

وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، وفضّالة، عن الحسين بن أبي العلاء، مثله إلّا أنّه قال: نعم، لا بأس به (١) .

[ ١٦٤٠٢ ] ٣ - وعنه، عن الحسن، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الحجامة وحلق القفا في أشهر الحج؟ فقال: لا بأس به، والسواك والنورة.

ورواه الصّدوق بإسناده عن سماعة(٢) .

____________________

الباب ٤

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٤: ٣١٧ / ٢.

٢ - التهذيب ٥: ٤٧ / ١٤٠.

(١) التهذيب ٥: ٤٨ / ١٤٦، والاستبصار ٢: ١٦٠ / ٥٢٣.

٣ - التهذيب ٥: ٤٧ / ١٤٥، والاستبصار ٢: ١٦٠ / ٥٢٢.

(٢) الفقيه ٢: ١٩٨ / ٩٠٢.

٣١٩

أقول: حمله الشيخ على ماسوى ذي القعدّة كشوّال، ويمكن حمله على الجواز وغيره على الكراهة، واستحباب الترك، أو يحمل القفا ومحل النورة على ما دون حدّ الرأس.

[ ١٦٤٠٣ ] ٤ - وعنه، عن ابن الفضيل(١) عن أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يريد الحجّ، أيأخذ شعره في أشهر الحج؟ فقال: لا، ولا من لحيته، لكن يأخذ من شاربه ومن أظفاره، وليطل انّ شاء.

[ ١٦٤٠٤ ] ٥ - وعنه، عن النضر، عن زرعة، عن محمّد بن خالد الخرّاز قال: سمعت أبا الحسن( عليه‌السلام ) يقول: أمّا أنا فآخذ من شعري حين أُريد الخروج - يعني إلى مكّة - للإِحرام.

أقول: جوزّ الشيخ حمله على ما سوى شعر الرأس وعلى ما سوى ذي القعدة لما مرّ(٢) ، والأقرب حمله على إرادة بيانّ الجواز ونفي التحريم دون الكراهة.

[ ١٦٤٠٥ ] ٦ - عليّ بن جعفر في( كتابه) عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل إذا همّ بالحجّ، يأخذ من شعر رأسه ولحيته وشاربه ما لم يحرم؟ قال: لا بأس.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي مايدلّ عليه(٤) .

____________________

٤ - الهذيب ٥: ٤٨ / ١٤٨، والاستبصار ٢: ١٦١ / ٥٢٦.

(١) كتب في هامش المخطوط « التهذيب ( عن الفضيل ) وهو سهو » بخطه ره

٥ - التهذيب ٥: ٤٨ / ١٤٧، والاستبصار ٢: ١٦١ / ٥٢٥.

(٢) مرّ في الحديث ٤ من هذا الباب.

٦ - مسائل عليّ بن جعفر: ١٧٦ / ٣١٩.

(٣) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٢ هذه الأبواب.

(٤) يأتي ما يدلّ على بعص المقصود في الباب ٦ من هذه الأبواب.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586