وسائل الشيعة الجزء ١٤

وسائل الشيعة9%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 620

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 620 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 338960 / تحميل: 6587
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

لماذا لم يعتزل واصل مجلس الحسن من قبل، ما دام رأي الحسن معروفا فيها كما افترضنا بل لماذا السؤال مع هذا الفرض أصلاً ؟

أم أن المسألة طرحت لأول مرة في مجلس الحسن وفي هذه الحالة ما أظنني سأقبل أن واصلاً أو غير واصل يترك مجلس أستاذه ويعتزله ويعتزل أستاذه قبل أن يستمع رأيه ويناقشه فيه ويعرف قوته وضعفه واتفاقه أو اختلافه معه، فيترك حين يترك بعد ذلك، بعذر وسبب، برغم أن اختلاف الرأي في هذه القضية لا يمكن أن يبلغ وحده ودون سبب أو أسباب أخرى، تركاً وقطيعة و ( اعتزالاً ).

تلك بعض الملاحظات التي لا تستطيع هذه الرواية أن تقدم لنا أجوبة عليها، ذلك إنها تقوم على قطع كامل ومفاجئ بين وقائع الحادثة التي ترويها، وهو قطع لا نجد تبريراً مقبولاً له، بل لا تحتمله طبيعة العلاقة بين الحسن وواصل، وهي علاقة علمية ثرية وعميقة استمرت مدة غير قصيرة في مجلس كان يعتبر من معالم البصرة في ذلك الحين.

وملاحظة أخرى لا تتعلق هذه المرة بواصل ولا بالحسن ولا بالقضيّة المسؤول عنها، طرحت من قبل أم لم تطرح ورأي الحسن فيها ولكن بالسؤال نفسه فهذا السؤال - كما سنرى - لا يمكن إلا أن يدفعك دفعا إلى الشك فيه، وربما إلى ما هو أبعد من الشك.

ولكن قبل أن أنتقل إلى السؤال، أرى أن أقف أولا عند الصيغة التي تمهد بها الرواية لذلك السؤال في حلقة الحسن، فهي صيغة تدفعك هي الأخرى إلى الشك وربما إلى ما هو أبعد من الشك.

٢١

تبدأ الرواية بالقول ( دخل واحد . ) وهذا أول الضعف فيها فصيغة ( دخل واحد ) بالإثبات هنا وما شابهها من صيغ أخرى ك- ( روي أو نقل واحد ) دون تحديد، اعتدنا أن نواجهها كلما أريد تجنب مسؤولية ما يروى وينقل وهي تتساوى عندي مع ( لم يدخل واحد ) و ( لم يرو أو ينقل واحد ) بالنفي، ما دام هذا الواحد غير معروف ولا مشخص وما أحسبها تختلف عن الصيغة الأخرى التي يلجأ إليها الرواة عادة كلما أرادوا دفع الحرج عنهم فيما يروون، ك- ( قيل ) و ( روي )، ففي كليهما إسناد لمجهول وحمل عليه.

الرواية إذن تبدأ مع المجهول ( واحد ) فإذا سرنا مع هذا ( الواحد ) خطوة أخرى رأيناه يقول (.لقد ظهر في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر.وهم وعيدية الخوارج وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر.وهم مرجئة الأمة.).

والسؤال ينطلق أساسا من خطأ واضح، ذلك أنه لا الخوارج الذين يكفرون أصحاب الكبائر ولا المرجئة الذين لا تضر عندهم الكبيرة مع الإيمان قد ظهروا في زمان هذا ( الواحد ) الذي وجه السؤال، فالفرقتان سبق وجودهما وعرفت مبادؤهما قبل ذلك بوقت طويل، فالخوارج في الأقل يبدأ تاريخهم مع التحكيم في صفين أي قبل ولادة واصل - لا السؤال الذي سبب اعتزاله كما تقول الرواية - بأكثر من أربعين عاماً، وهذا يعني أن الخوارج كانوا، عندما طرح السؤال، قد طووا مرحلة طويلة من أقوى وأروع مراحل نشاطهم.

٢٢

وهم على امتداد تاريخهم يكفرون أصحاب الكبائر، بل يكفرون عموم المسلمين المخالفين لهم، حتى من غير أصحاب الكبائر، وكان ذلك معروفا عنهم فكيف جهل هذا ( الواحد ) ما لا يمكن أن يجهل، فزعم أن الخوارج قد ظهروا أو قالوا بتكفير أصحاب الكبائر في زمانه.

أيبلغ الجهل بهذا ( الواحد ) وهو يخوض في موضوع كالكبيرة وموقف الخوارج والمرجئة من مرتكبها، ويحرص على أن يسمع رأي الحسن فيما اختلفوا من ذلك، ثم هو لا يعرف إن كان الخوارج قد ظهروا في زمانه أم في زمان آخر سابق له، وهو أمر من الشهرة والذيوع بحيث لا يجهله إنسان ؟! أكان يعرف رأي الخوارج ورأي المرجئة في مرتكب الكبيرة وهو لا يعرف متى ظهر أولئك أو هؤلاء ؟!

فهل أشك في علم السائل أم في صحة السؤال ؟!

وإذا كان السائل يعرف رأي الخوارج الذين يكفرون أصحاب الكبائر ورأي المرجئة الذين يرجئون أصحاب الكبائر فكيف جهل رأي الحسن فيهم، فجاء يستعلم عنه، وهو رأي مشهور شهرة الحسن نفسه ؟! أليس الأولى بالقبول أن يكون السائل على معرفة برأي الحسن في مرتكب الكبيرة لا تقل عن معرفته برأي الخوارج والمرجئة، وهو علم من أعلام المسلمين ومعاصر للسائل بحيث يتوجه بالسؤال إليه، وآراؤه معروفة في هذه القضية وفي غيرها ؟

وشك آخر تبعثه هذه الرواية في نفسي هو أنها - على شهرتها وذيوعها - تنتهي في جميع المصادر عند شخص واحد وكتاب واحد هما

٢٣

الشهرستاني وكتابه ( الملل والنحل )(١) والشهرستاني عاش أكثر حياته في القرن السادس الهجري وقد سبقه الكثيرون ممن كتبوا في العقائد والفرق لكن أحدا منهم لم يورد هذه الرواية ولم يذكرها كأساس لتسمية المعتزلة(٢) .

فكيف يمكن أن نفسر انفراد الشهرستاني بها من بين جميع الذين كتبوا عن المعتزلة قبله، مع إنهم أقرب عهدا منه وأخرى أن يعرفوها ويشيروا إليها في كتبهم عن الفرق والمذاهب الإسلامية.

لهذا أجدني مضطرا لاستبعاد هذه الرواية، لا لأني أرفض النتيجة التي انتهت إليها من اعتزال واصل مجلس الحسن، فهذه النتيجة هي التي ستكون اختياري في التسمية، ولكن للأسباب التي تسوقها لتبرير اعتزال واصل مجلس الحسن وبالتالي تفسير التسمية.

أما الروايات الأخرى التي تربط التسمية باعتزال عمرو مجلس الحسن بعدما أحدثه من بدع، فقد رددت عليها في بعض ما رددت به على رواية اعتزال واصل مجلس الحسن بعد سؤاله عن حكم مرتكب الكبيرة كما مر بنا قبل قليل يضاف إلى ذلك هنا ان اسم المعتزلة قد ارتبط بواصل أكثر مما ارتبط بعمرو، فواصل هو أشهر الاثنين وابلغهما وأعلمهما وأقدرهما على الإقناع، وهو الذي أرسل البعوث للدعوة إلى الاعتزال والتبشير به، ولم يكن عمرو يجاريه في كل ذلك فمن المستبعد والحال هكذا، أن يكون هو التابع لعمرو في اعتزال مجلس الحسن، وإنما الأقرب وما تؤيده كثرة الروايات أن عمراً هو الذي تبع واصلاً بعد حوار بينهما، انتهى بان أخذ

____________________

(١) أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني العلامة المتكلم المعروف ولد في شهرستان بين نيسابور وخوارزم عام ٤٧٩ وتوفي عام ٥٤٨ ألف في الكلام والعقائد وغيرهما، من أشهر مؤلفاته كتاب ( الملل والنحل ) الذي نقل عنه.

(٢) هذه الرواية تجدها في ( الملل والنحل ) ج١ ص٤٨ وعنه ( المنية والأمل ) لقاضي القضاة ص ٨ و ( طبقات المعتزلة ) لأبن المرتضى ص٣ ملاحظين ان قاضي القضاة عاش ومات قبل الشهرستاني بأكثر من قرن فمن المستحيل ان يحيل عليه ولكن مقدمة ( المنية والأمل ) التي تبدأ ب- ( باب ذكر المعتزلة وطبقاتهم ) وتنتهي عند ( تعيين طبقات المعتزلة ) والتي تورد الرواية يبدو أنها أضيفت فيما بعد الى ( المنية والأمل ) أما من قبل جامعه أبن المرتضى حيث تجد المقدمة نفسها في طبقات المعتزلة مع اختلاف يسير أكبر الظن أنه بفعل النسخ وأما من قبل محقق الكتاب الذي أدخل فيها أيضا ( المسائل التي اتفق فيها المعتزلة واجمعوا عليها كما جاء بكتاب ( الفرق بين الفرق ) كما يقول وإذا تركت الشهرستاني فان هذه الرواية لم يذكرها لا الاشعري ولا المفيد ولا البغدادي ولا المرتضى ولا الاسفراييني وهم يتحدثون عن واصل وما أحدثه من القول في مرتكب الكبيرة، مع انهم عاشوا كلهم قبل الشهرستاني، كما لم يذكرها الذين ترجموا لواصل او تعرضوا له وهم يذكرون خلافة في تلك المسألة وخروجه على الأقوال التي كانت معروفة فيها آنذاك.

٢٤

عمرو برأي واصل فيه، وهذا ما يؤكد أن عمراً استمر على علاقته بالحسن فترة بعد خلاف واصل واعتزاله، وانه لم يترك الحسن ويعتزل حلقته وينضم إلى واصل في تأسيس المذهب وقيام المعتزلة إلا بعد ذاك(١) .

٣ - التسمية جاءت من قتادة:

وليست بأوفر حظا في القبول، الرواية التي تزعم ان قتادة بن دعامة السدوسي(٢) وهو من مشاهير أصحاب الحسن البصري وكان أعمى، دخل المسجد للصلاة فأم عمرو بن عبيد وأصحابه ظاناً أنهم حلقة الحسن، وكان عمرو قد اعتزل هو وأصحابه الحلقة، فلما عرف قتادة أنهم ليسوا أصحابه قال ( إنما هؤلاء المعتزلة ) ثم قام عنهم.

وهذه الرواية التي توردها المصادر باختلاف يسير في ألفاظها، تفترض سبق اعتزال عمرو وأصحابه، لكنها لا تقدم لنا تفسيرا لهذا الاعتزال وهو ما نبحث عنه هنا.

ولنعد إلى قتادة، ولنفترض مع الرواية انه لم يستطع لعماه، ان يميز هؤلاء الجماعة شكلاً، أكان صعباً عليه أن يميزهم صوتاً(٣) وهم من أصحابه السابقين ومن الملازمين وإياه لمجلس الحسن فترة ليست بالقصيرة، وكيف قبلوا هم - ولم يكونوا مصابين بعاهة قتادة - أن يأتموا به لو أخطأ هو فأمهم، بعد ما بلغ الخلاف بينهم الحد الذي دفعهم إلى ترك المجلس واعتزاله.

ثم كيف نستطيع أن نقبل أن قتادة وهو يأتي كل يوم إلى مجلس الحسن في الجامع ويصلي فيه فلا يخطئ الذين يؤمهم، لماذا يخطئ هذه

____________________

(١) أنظر هذا الحوار في المنية والأمل ص٣٩ وطبقات المعتزلة ص٣٧ وأمالي المرتضى ج١ ص١٦٦ على إني أشك كثيرا فيما ورد على لسان واصل فيه من دعوى إجماع الفرق الإسلامية على تسمية صاحب الكبيرة بالفاسق، فما أظن واصلا بالذي يجهل مذهب الخوارج الذين يكفرونه، وهو نفسه يؤكد ذلك ويشير إليه في حواره المذكور وإذا جاز لبقاي الفرق الإسلامية ان تضيف اسم الفاسق الى مرتكب الكبيرة الذي يبقى في نظرها مؤمنا قد فسق بكبيرته، فلا يمكن ان يضيف الخوارج اسم الفاسق الى مرتكب الكبيرة الذي اصبح في رأيهم كافرا مخلدا في النار، فأية حاجة الى هذا الاسم الذي سيبقى بلا حكم والذي سيكون ضربا من العبث ما أبعد الخوارج المتشددين عنه، ولهذا فإذا صح ما ورد عن واصل في هذا الحوار فما أراه ورد إلا على سبيل التكثير ودعم الحجة ثم ان الشيعة - الإمامية منهم على الأقل - لا تسمي صاحب الكبيرة كافر نعمة فاسقا كما ذكر في حوار واصل وإنما تسميه مؤمنا فاسقا وما احسب واصلا يجهل ذلك، وهو ما يشككنا أكثر في صدوره عنه، أو ان واصلا لم يقصد فيه - كما قلت - الى غير التكثير فقط، وسيأتي رأي أهل السنة والامامية فيما بعد أما إذا كان المقصود بالشيعة، الزيدية أو فريقا منهم ممن يسمون مرتكب الكبيرة كافر نعمة فاسقا فيلاحظ أولا ان هؤلاء الزيدية لم يكونوا قد ظهروا كفرقة عند حوار واصل مع عمرو، فهذا الحوار جرى كما يتفق الناقلون عند اعتزال واصل وقبل انضمام عمرو إليه وذلك في بداية القرن الثاني الهجري أي قبل حوالي العشرين عاما من ثورة زيد واستشهاده وقبل قيام الزيدية كفرقة لها كيانها وآراؤها الخاصة بها في القضايا الإسلامية.

(٢) أبو الخطاب قتادة بن دعامة السدوسي عربي صليبة من سدوس من بكر بن وائل تابعي من كبار أصحاب الحسن البصري ضليع بأخبار العرب وآدابهم وأنسابهم كان أكمه (أعمى ) ولد عام ٦٠ أو ٦١ وتوفي بواسط عام ١١٣ أو ١١٧ أو ١١٨ باختلاف الروايات.

(٣) وفيات الأعيان ج٤ ص٨٥ في ترجمة قتادة بن دعامة ( فدخل مسجد البصرة فإذا بعمرو بين عبيد ونفر معه.وارتفعت أصواتهم.).

٢٥

المرة فلا يؤم إلا الذين اعتزلوه وتركوه، مع إن هؤلاء قد اتخذوا لهم مكاناً آخر غير مكانهم المعتاد في الجامع، بعد اعتزالهم حلقة الحسن فيه أتراه كان يأتي لأول مرة إلى الجامع ويصلي، أم أنه ضل مكانه، وهو الذي كان يدور البصرة أعلاها وأسفلها بغير قائد كما يقول مترجموه ؟(١) وقبل ذلك يرد السؤال الأتي، من الذي كان إمام الصلاة في ذلك الوقت، أهو قتادة أم الحسن البصري ؟ والحديث كله يدور عن الاعتزال في زمن الحسن لا بعده. إننا لا نستطيع إلا أن نرفض هذه الرواية التي تبدأ من حيث انتهت الروايات الأخرى في التسمية، مضيفة إلى ركام الأسئلة التي واجهناها هناك، أسئلة جديدة أخرى هنا.

٤ - اعتزال قول الأمة:

أما عبد القاهر البغدادي(٢) فيقول في كتابه ( الفرق بين الفرق ) وهو يتحدث عن ( المعتزلة عن الحق ) كما يسميهم، أن التسمية جاءتهم من اعتزالهم ( قول الأمة بأسرها ) وهو يقصد طبعا ما يذهب إليه المعتزلة في حكم مرتكب الكبيرة من أنه لا مؤمن ولا كافر بل في منزلة بينهما(٣) . ويبدو أن عبد القاهر يبعد كثيرا في اتجاهه ذاك مدفوعا بما عرف عنه من كره شديد للمخالفين من الفرق والمذاهب الإسلامية الأخرى، حتى قال فيه الفخر الرازي ( وهذا الأستاذ - يعني البغدادي - كان شديد التعصب على المخالفين ولا يكاد ينقل مذهبهم على الوجه )(٤)

____________________

(١) وفيات الأعيان لابن خلكان ج٤ ص٨٥. (٢) أبو منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد التميمي البغدادي ولد ونشأ في بغداد وورد نيسابور مع أبيه وتوفي في أسفرايين فيما وراء النهر عام ٤٢٩ من كبار العلماء كان شديدا على المخالفين له في الرأي ألف في عدة فنون من تأليفه كتاب ( الفرق بين الفرق ) الذي ننقل عنه والذي يعتبر من المصادر المهمة في المذاهب والفرق الإسلامية وحيدثه هذا نجده في ص٦٧، ٦٨، ٧٠، ٧١ من كتابه المذكور. (٣) يخلط عبد القاهر بين اعتزال قول الأمة وبين اعتزال مجلس الحسن البصري فهو يقول في ص٦٨ ( ولأجل هذا - يعني قول المعتزلة في الفاسق - سماهم المسلمون المعتزلة لاعتزالهم قول الأمة بأسرها ) ولكنه يعود الى الرواية المشهورة عن اعتزال مجلس الحسن فيقرر في ص٧١ ( فلما سمع الحسن من واصل بدعته ههذ التي خالف بها أقوال الفرق قبله طرده من مجلسه فاعتزل عند سارية من سواري مسجد البصرة.) ثم يعود بعد سطر واحد ليقول ( ان الاسم جاءها - يقصد واصلا وعمرو بن عبيد - من قول الناس فيهما ( انهما اعتزلا قول الأمة ) فهو يجمع في الاسم بين اعتزال قول الأمة وبين اعتزال مجلس الحسن وفي كل منهما اعتزال واعتزال قول الأمة لا ينفرد به البغدادي وإنما سبقه إليه الأشعري في كتابه ( اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع ) بعناية الأب يوسف مكارثي المطبعة الكاثوليكية ١٩٥٢ ص٧٦ أما الأسفراييني فيجمع بين الاعتزاليين في التسمية حيث يقول في ص٦٤ من التبصير ( فاعتزل - يعني واصلا - جانبا مع اتباعه فسموا معتزلة لاعتزالهم مجلسه - مجلس الحسن البصري - واعتزالهم قول الأمة ) والحق ان الاسفراييني قلما رأيناه يخالف البغدادي فيما يخص عقائد الفرق والمذاهب الإسلامية ويقول أبو اليسر محمد بن محمد البزدوي في ص١٣١ من كتابه ( أصول الدين ) تحقيق الدكتور هانز بيتر لنس - دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي القاهرة ١٩٦٣ وهو يتحدث عن المعتزلة ( وهو قول - المعتزلة في مرتكب الكبيرة - بالمنزلة بين المنزلتين وبه سموا ( معتزلة ) اعتزلوا عن الناس أجمع بهذا القول ) وانظر أيضا ( الحور العين ) لنشوان بن سعيد الحميري تحقيق كمال مصطفى ١٩٧٣ ص٢٠٥ في أحد الأقوال التي يذكرها عن تسمية المعتزلة. والحق ان الصلة وثيقة بين اعتزال مجلس الحسن وبين اعتزال أقوال الأمة في أمر مرتكب الكبيرة ذلك ان اعتزال المجلس كان نتيجة للاعتزال الأول، أي اعتزال أقوال الأمة، ولذا فان الكثير من المؤرخين يخلطون او يجمعون بين الاعتزالين، قاصدين أو غير قاصدين، فتراهم يقولون خرج على أقوال الأمة أو اعتزلها ثم يضيفون ( اعتزل ) مجلس الحسن كنتيجة لذلك الاعتزال السابق.

(٤) نقلا عن مقدمة كتاب ( الفرق بين الفرق ) للبغدادي بقلم محققه العلامة الشيخ محمد زاهد الكوثري ص٦٠.

٢٦

وإذا كان التعصب يفسد الحكم ويمنع المتعصب من التزام جانب الحق فيما يتناول ويناقش ويروي، فما ظنك بمن كان شديد التعصب، عندما يتعرض لمخالفيه من المذاهب الأخرى، في مسائل بالغة الدقة والخطورة كمسائل العقيدة، وما ظنك إذا جاءت هذه التهمة - تهمة التعصب - لا من واحد من خصومه في الرأي ولا المخالفين له في المذهب، وإنما من أحد كبار علماء مذهبه وأجلائهم هو الفخر الرازي.

ومن هنا كانت أحكام البغدادي ظاهرة التعصب شديدة القسوة كحكمه على المعتزلة، بأنهم اعتزلوا قول الأمة بأسرها في قضية مرتكب الكبيرة، مع ان الأمة - وهو يعني المسلمين - لم تكن أبدا متفقة الرأي بشأن هذه القضية ليمكن الادعاء بعد، بان المعتزلة خالفوا قول الأمة وخرجوا على إجماعها.

فإذا كان البغدادي، وهو يمثل رأيا من آراء الأمة، يسمى صاحب الكبيرة مؤمنا فاسقا - وهو أيضا رأي الشيعة الإمامية فيه - وان فسقه بارتكابه الكبيرة ( لا ينفي عنه اسم الإيمان والإسلام )(١) فان الخوارج في عمومهم يكفرونه(٢) والمرجئة يحكمون بصحة إيمانه(٣) والزيدية من الشيعة والأباضية من الخوارج يجعلونه كافراً كفر نعمة(٤) والحسن البصري وأصحابه يسمونه منافقاً(٥) وهذا ما يثبته البغدادي نفسه في أكثر من موضع من كتابه ( الفرق بين الفرق ) المشار إليه فأين هو الإجماع في هذه القضية ؟! أين هو ( قول الأمة بأسرها ) فيها، إلا إذا كان البغدادي ينكر

____________________

(١) الفرق بين الفرق ص٧٠ و ٢١٢ وهذا هو رأي أهل السنة في مرتكب الكبيرة وانظر في ذلك أيضا الابانة عن أصول الديانة للاشعري مكتب تعز للنشر ببغداد ص١٠ و ٧٤ واللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع للاشعري أيضا ص٧٥ ومقالات الإسلاميين له أيضا تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد مكتبة النهضة المصرية ١٩٥٠ ج١ ص٣٢٢ وكذلك التبصير في الدين لأبي المظفر الاسفراييني تحقيق الشيخ محمد زاهد الكوثري ط أولى ١٩٤٠ ص١٠٦ والفصل في الملل والأهواء والنحل لأبن حزم ج٣ ص٢٧٤ وأصول الدين لأبي اليسر محمد ابن محمد بن عبد الكريم البزدوي ت ٤٩٣ تحقيق هانز بيتر ليتس القاهرة ١٩٦٣ ص٢٤٤ ومختصر شرح العقيدة الطحاوية اختصار وتخريج صلاح أحمد السامرائي مكتب التراث العربي ١٩٩٠ ص٧٥ وشرح النسفية للدكتور عبد الملك السعدي بغداد ١٩٨٨ ص١٤٩ و ( محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين ) لفخر الدين الرازي ط أولى بالمطبعة الحسينية المصرية ص١٧٥ ولباب المحصل في أصول الدين لابن خلدون نشر الأب لوسيانو روبيو ج١ النص العربي ١٩٥٢ ص١٢٦. وهو أيضا رأي الشيعة الامامية كما يظهر من ( أوائل المقالات ) في المذاهب المختارات للشيخ المفيد ص٤٨ و ١٠٣ و ١٠٤ و ( شرح تجريد الاعتقاد ) للعلامة الحلي ص٢٧١ و ( الاعتقاد فيما يتعلق بالاعتقاد ) للشيخ الطوسي ص٢٣٣ مع تقييد التسمية فلا يقال هو مؤمن مطلقا أو هو فاسق مطلق ( لئلا يوهم ارتفاع أحدهما إذا أطلقنا الآخر ) وإنما يقال ( هو مؤمن بتصديقه بجميع ما وجب عليه فاسق بتركه ما يجب عليه من أفعال الجوارح ) و ( الشيعة بين المعتزلة والاشاعرة ) لهاشم معروف الحسني طبعة دار النشر للجامعيين ١٩٦٤ ص٢٦٤.

(٢) الفرق بين الفرق ص ٤٥، ٥٠، ٧٠ والابانة ص١٠ واللمع ص٧٦ ومقالات الإسلاميين ج١ ص١٥٧ والاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد ص٢٢٨ وأمالي المرتضى تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، عيسى الابي الحلبي وشركاه ١٩٥٤ ج١ ص١٦٥ وشرح تجريد الاعتقاد ص٢٧١ والملل والنحل ج١ ص١١٥ والتنبيه والرد ص٥١ وشرح الأصول الخمسة لقاضي القضاة ص٧١٢ و٧١٣ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد مطبعة دار الكتب العربية الكبرى المجلد الثاني ص٣٠٧ وفيه ( ان الخوارج كلها تذهب الى تكفير أهل الكبائر ) و ( محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين ) للفخر الرازي ص١٧٥ والإرشاد الى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد لأمام الحرمين الجويني ت ٤٧٨ تحقيق وتعليق الدكتور محمد يوسف موسى وعلي عبد المنعم عبد الحميد نشر مكتبة الخانجي في القاهرة ط ١٠٥٠ ص ٣٨٥.

(٣) مقالات الإسلاميين للاشعري ج١ ص١٩٧ وأوائل المقالات للمفيد ص٤٨ والتنبيه والرد للملطي ص٤٧ والفصل في الملل والأهواء=

٢٧

____________________

=والنحل لابن حزم ج٣ ص٢٧٣ وأمالي المرتضى ص١٦٥ وشرح التجريد للعلامة الحلي ص٢٧١ والفرق بين الفرق للبغدادي المشار إليه أعلاه ص١٢٢ والملل والنحل للشهرساني ج١ ص١٣٩ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ط دار الكتب العربية الكبرى مصطفى البابي الحلبي المجلد الثاني ص٢٤٩ وفرق الشيعة للنوبختي ص٦ ونهاية الإقدام في علم الكلام للشهرستاني تحرير وتصحيح الفريد جيوم ص٤٧١ وأصول الدين لأبي اليسر البزدوي تحقيق الدكتور هاتز بيتر لنس دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي - القاهرة ١٩٦٣ ص٢٥٢.

(٤) فيما يتعلق بالإباضية انظر الفصل لابن حزم ج٣ ص٢٧٣ والملل والنحل ص١٣٥ ومقالات الإسلاميين ج١ ص١٧٥ - ١٧٦ وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي تحقيق الدكتور لطفي عبد البديع - المؤسسة العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر ١٩٦٣ ص١١٣ ولم يعرض البغدادي لمقالتهم في أصحاب الكبائر وهو يتحدث عنهم الملطي في التنبيه والرد ص٥٥ انهم يكفرون الأمة دون ذكر للكبائر أو لكفر النعمة، وفي الحور العين للحميري ص١٧٣ ( قالوا - الإباضية - ان مرتكبي الكبائر موحدون وليسوا بمشركين ) دون أن أي ذكر لا لكفر النعمة ولا لعموم الكفر.

أما الطوسي في الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد ص٢٢٨ والعلامة الحلي في شرح تجريد الاعتقاد ص٢٧١ والمفيد في أوائل المقالات ص٤٨ فيتحدثون عن موقف الخوارج عموما من مرتكب الكبيرة دون التعرض لموقف الاباضية فيها، وهو ما نجده أيضا عند الفخر الرازي في محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين ص١٧٥، وان كان للمفيد هنا رأي يخالف فيه بقية المؤرخين اذ يقول ( وكثير من الخوارج في جمهورهم يكفرون أصحاب الكبائر والازارقة وهم أهم فرقهم يعتبرون مشركين.

وانظر أيضا رغبة الآمل من كتاب الكامل لسيد بن علي المرصفي ط أولى مطبعة النهضة بمصر ١٩٢٩ ج٧ ص٢٤٠ والإرشاد الى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد لأمام الحرمين الجويني ت ٤٧٨ تحقيق الدكتور محمد يوسف موسى وعلي عبد المنعم عبد الحميد نشر مكتبة الخانجي بمصر ١٩٥٠ ص٣٨٥. وفيما يخص الزيدية يراجع شرح التجريد للعلامة الحلي ص٢٧١ ومقالات الإسلاميين للاشعري ج١ ص١٤٠ ومحصل أفكار المتقدمين والمتأخرين للفخر الرازي ص١٧٥ أما الطوسي في الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد ص٢٢٨ فيميز بين من كان من الزيدية على مذهب الناصر وهم يسمون أصحاب الكبائر كفار نعمة وبين غيرهم من الزيدية الذين يذهبون مذهب المعتزلة في هذه المسألة أما المرتضى في أماليه ج١ ص١٦٦ فلا يتحدث عن موقف الزيدية من مرتكب الكبيرة إلا في معرض تصحيحه لما أورده واصل في محاجته لعمرو بن عبيد في ان الشيعة تسمي مرتكب الكبيرة كافر نعمة فاسقا فقد عقب المرتضى بان واصلا يعني بالشيعة ( الزيدية ) ويبدو ان المرتضى قد فاته الصواب في تعليقه هذا فالزيدية لم يعرفوا بهذا الاسم ولم يصبحوا فرقة لها عقيدة ومذهب متميز إلا ابتداء من ثورة زيد عام ١٢٢ه- وكان واصل وعمرو بن عبيد قد أسسا مذهبهما في الاعتزال قبل ذاك بأكثر من عشر سنوات إذ أن الحسن البصري الذي انفصل عنه واصل أو عمرو أو واصل وعمرو توفي عام ١١٠ ه- وحتى لو قلنا ان الاعتزال حصل في زمن قتادة بن دعامة السدوسي فهذا توفي في ابعد التواريخ عام ١١٨ أي قبل ثورة زيد وقيام الزيدية ومن كل هذا يبدو واضحا ان موقف الزيدية من مرتكب الكبيرة جاء بعد الحوار الذي حصل بين واصل وعمرو لان قيام الزيدية كفرقة جاء بعد هذا الحوار. ولا يتعرض الشهرستاني لموقف الزيدية من مرتكب الكبيرة، ويقول البغدادي ص٢٥ من الفرق بين الفرق بان الزيدية يجمعون على القول بان أصحاب الكبائر من الأمة مخلدون في النار كالخوارج ولا أدري لماذا اختار البغدادي الخوارج دون المعتزلة الذين يخلدون هم أيضا مرتكب الكبيرة في النار مع إن الزيدية أقرب الى المعتزلة منهم الى الخوارج. ويذكر المفيد في ص٤٨ من أوائل المقالات ان الزيدية تفسق مرتكب الكبيرة وهو عندهم ليس بمؤمن ولا مسلم ولكن نفرا منهم يتفقون مع الإمامية والمرجئة وأصحاب الحديث في أن مرتكب الكبيرة لا يخرج عن الإسلام وانه مسلم وان كان فاسقا بما فعله من الكبائر والآثام.وانظر أيضا شرح الأصول الخمسة لقاضي القضاة ص٧١٤ ومنه يظهر أن الناصر من الزيدية وبعض الخوارج - دون تحديد لهم - يسمون مرتكب الكبيرة كافر نعمة ويتفق الشيخ محمد أبو زهرة في تأريخ المذاهب الإسلامية دار الفكر العربي ص٤٦ مع البغدادي في أن الزيدية يرون خلود مرتكب الكبيرة في النار لكنه يختلف عنه في أن أبا زهرة يرى أن الزيدية ينهجون في ذلك منهج المعتزلة بينما يشبههم البغدادي في أمر مرتكب الكبيرة بالخوارج كما رأينا.

(٥) سبق الحديث عن رأي الحسن في هذا الموضوع.

٢٨

أن تكون الفرق المخالفة الأخرى من الأمة ؟ لماذا إذن لا يسع المعتزلة ما وسع غيرهم في هذا الموضوع ؟!

إن رأي الأمة، كما عرضنا، ليس واحداً، بل هناك آراء للأمة تبدأ بالتكفير وتنتهي بتصحيح الإيمان بشكل مطلق فأي جديد أو بدعة في أن يكون للمعتزلة رأي يضاف إلى ما سبق من آراء في موضوع انقسمت فيه الأمة أصلاً وتباينت مواقفها منه ؟! وماذا في قولهم أن الفاسق من المسلمين - وهو ما يشترك فيه المعتزلة مع السنة والشيعة الإمامية، و الذي اختاره البغدادي نفسه لصحاب الكبيرة - هو في منزلة بين الإيمان والكفر ؟! لماذا يتسامح البغدادي مع أقوال الآخرين، على بعد ما بينها، ويستكثر على المعتزلة رأيا جديدا يرونه، بصرف النظر عن قوة هذا الرأي أو ضعفه ؟!

لقد اعتزل الخوارج أقوال الفرق الأخرى بتكفير مرتكب الكبيرة واعتزل المرجئة بتصحيح إيمانه، واعتزل الزيدية أو طائفة منهم بتكفيره كفر نعمة، واعتزل الحسن البصري وأصحابه بجعله منافقاً اعتزلت كل فرقة أقوال الفرق الأخرى في هذه المسألة وفي غيرها من المسائل، فلم يسم أولئك معتزلة لقولهم ولا هؤلاء معتزلة لرأيهم، فلماذا لزم هذا الاسم المعتزلة وحدهم وأصبح علماً دون غيرهم من الفرق والمذاهب ؟!

ثم إننا لو أخذنا بما يذهب إليه البغدادي، ألا يمكن أن يسري هذا على المسلمين عموما بالنسبة للأديان الأخرى، فيسمون معتزلة لاعتزالهم ما جاءت به اليهودية والنصرانية من أحكام وعقائد ؟

٢٩

ولو جاز أن يطلق على أية فرقة أو مذهب أو حزب اسمه من مخالفته واعتزاله آراء الآخرين، وهو ما يفترض بالضرورة، لأصبحت هذه التسمية علماً على ما لا يعلمه إلا الله من الفرق والمذاهب والأحزاب.

على أن البغدادي يخطئ من جهة أخرى حين يربط بين فتنة الأزارقة وبين رأي واصل في شأن مرتكب الكبيرة، وقد يكون من المفضل لإيضاح هذه النقطة أن أنقل نص ما ذكره البغدادي ( على الوجه ) لا كما يفعل هو مع خصومه.

يقول البغدادي في صفحة ٧١ من ( الفرق بين الفرق ) ( فلما ظهرت فتنة الأزارقة بالبصرة والأهواز واختلف الناس عند ذلك في أصحاب الذنوب على الوجوه الخمسة التي ذكرناها(١) خرج واصل بن عطاء عن قول جميع الفرق المتقدمة وزعم أن الفاسق من هذه الأمة لا مؤمن ولا كافر وجعل الفسق منزلة بين منزلتي الكفر والإيمان.الخ ).

فإلى ما سبقت الإشارة إليه من عدم اتفاق الأمة على رأي واحد في أمر مرتكب الكبيرة خلافاً لما يذهب إليه البغدادي، يلاحظ أن الأزارقة كانوا قد ضعف أمرهم وتشتت كلمتهم وقتل زعمائهم قبل ولادة واصل بسنين(٢) .

فأين فتنة الأزارقة من واصل وجواب واصل أو بدعته كما يسميها البغدادي.

بل إن ربط مسألة الكبيرة أساساً بفتنة الأزارقة كما يوحي النص هو أمر لا يستند إلى حقيقة تاريخية، فحين جرد الأزارقة سيوفهم ثائرين يقتلون من يقتلون، لم يقصدوا مرتكب الكبيرة فقط ولم يريدوا إليه وحده

____________________

(١) الفرق بين الفرق ص٧٠ ويلاحظ ان الوجوه التي ذكرها البغدادي في حكم مرتكب الكبيرة هي ستة لا خمسة إلا اذا اعتبرنا رأي الازارقة والصفرية من الخوارج واحدا بعد ترك اختلافهم في الأطفال.

(٢) قتل نافع بن الازرق رأس الازارقة عام ٦٥ وعبيدة بن هلال من كبار زعمائهم عام ٧٧ وقطري بن الفجاءة ( أو نعامة ) أكبر زعمائهم بعد نافع عام ٧٨ وعبد ربه الصغير قبل عبيدة وقطري وكانت الخلافات قد فرقتهم ومزقت شملهم خلال ذاك وهذا يعني أن خطرهم قد انحسر أو ضعف ولم يعودوا يمثلون خطرا جادا بعد كل الذي حصل لهم وقبل ولادة واصل بسنين كما ذكرنا.

٣٠

ولم يميزوا بينه وبين سواه، وإنما كانوا يعتبرون جميع المسلمين غيرهم مشركين، من ارتكب أو من لم يرتكب كبيرة منهم وهذا ما أكده البغدادي نفسه بقوله عنهم ( والذي جمعهم - يعني الأزارقة - من الدين أشياء منها قولهم بان مخالفيهم من هذه الأمة مشركون )(١) .

فحروب الأزارقة كانت أكبر من ( الكبيرة ) التي لم يعرفوها كاصطلاح ديني ولم ترد في خطاباتهم ولا في كتبهم لبعضهم أو للمخالفين لهم.

لقد خاض الأزارقة حروبا طويلة سالت فيها دماؤهم ودماء خصومهم، وما كان أهونها وأيسر شأنها لو اقتصرت على مرتكبي الكبائر وحدهم.

ليس بإمكاني إذن أن آخذ بالرأي يسوقه البغدادي كسبب للتسمية لا لأنه صادر عن عدو للمعتزلة، وهذا ما يجعلني أشك فيه، بل لأنه يتعارض مع حقائق التاريخ وهذا ما يدفعني إلى رفضه.

٥ - رأي نللينو:

في بحث طويل عن المعتزلة(٢) حشرت فيه الوقائع والأسماء والمعلومات، واختلطت الأقوال بشكل لا يسمح لك في غير عنت شديد ان تبلغ ما قصده صاحبه منه، يتوصل كارلو نللينو إلى بعض النتائج التي يمكن إجمالها فيما يأتي:

١- أن تسمية المعتزلة لم تطلق للدلالة على إنهم انفصلوا عن أهل السنة، ولكنها ترتبط بموقفهم الوسط بين أهل السنة والخوارج في مسألة مرتكب الكبيرة.

____________________

(١) لا يكتفي الازارقة باعتبار مخالفيهم من الأمة مشركين بل انهم يعتبرون حتى القعدة منهم كذلك وهو ما يذكره البغدادي حين يشير الى ما اجمع عليه الازارقة في ص٥٠ من كتابه ( الفرق بين الفرق ) وما يؤكده الشهرستاني في ص١٢١ من ج١ من الملل والنحل حين يذكر عنهم انهم يكفرون مخالفيهم من المسلمين وحتى القعدة من نحلتهم وهو أيضا ما تجده لدى الاشعري في مقالات الإسلاميين ج١ ص١٥٨ - ١٥٩ وكذلك ما يظهر من رغبة الامل من كتاب الكامل ص٢٣٢ ج٧.

(٢) نشر هذا البحث مترجما الى العربية بقلم الدكتور عبد الرحمن بدوي في ( التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية ) ط رابعة نشر وكالة المطبوعات بالكويت ودار القلم ببيروت ١٩٨٠ ص١٧٣ وما بعدها تحت عنوان ( بحوث في المعتزلة ).

وكارلو الفونسو نللينو إيطالي من كبار المستشرقين ولد في تورينو بإيطاليا ١٨٧٢ وتوفي في روما ١٩٣٨ عضو الأكاديمية الإيطالية تولى الإشراف على مجلة الدراسة الشرقية منذ عام ١٩١٥ واشغل كرسي تاريخ الإسلام ونظمه منذ ١٩١٥ في جامعة روما درس في الجامعة المصرية تاريخ الفلك عند العرب ١٩٠٩ - ١٩١٠ ثم تاريخ الأدب العربي بعد ذاك له بحوث ومقالات كثيرة منها هذا البحث المتعلق بأصل تسمية المعتزلة باختصار عن التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية المشار إليه أعلاه بقلم الدكتور عبد الرحمن بدوي وج٦ من الأعلام للزركلي.

٣١

٢- وإنهم هم الذين سموا أنفسهم معتزلة.

٣- وإنهم - يقصد الفرقة الكلامية الإسلامية - امتداد للمعتزلة السابقين أي الذين اعتزلوا الصراع بين علي وبين خصومه فلم يشاركوا فيه ولم ينضموا لأحد طرفيه.

هذه هي النتائج التي انتهى إليها نللينو في بحثه المذكور عن المعتزلة فكيف توصل إليها وما هي القيمة العلمية لها ؟

يمهد نللينو لذلك بالحديث عن اختلاف المسلمين في مسألة مرتكب الكبيرة والآثار التي ترتبت عليه، ثم يشير إلى خروج واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد برأي وسط بين أهل السنة وبين الخوارج فيها.

وهذا ما سبق إليه المؤرخون المسلمون وتناوله غالبية الذين كتبوا في العقائد والفرق منهم، فليس لنللينو فيه رأي جديد إلا ما نلاحظه من عدم الدقة في النقل عن هؤلاء حين يقول (.أن المؤلفين العرب على اختلاف آرائهم في أصل تسمية المعتزلة ومعناها الأول يكاد يتفقون على ان الخلاف بين أهل السنة وبين مؤسسي مذهب المعتزلة ( واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد ) إنما نشأ حين احتدم النزاع واشتدت الخصومة بين متكلمي الخوارج ومتكلمي أهل السنة حول مسألة مرتكب الكبيرة.).

وهذا الكلام لا يبدو دقيقا، فإذا كان المؤلفون العرب يكاد يتفقون - كما يقول - على ان الخلاف نشأ بسبب الموقف من مرتكب الكبيرة، فإنهم لم يقولوا أبداً أن هذا الخلاف نشأ حين احتدم النزاع بين ( متكلمي الخوارج ومتكلمي أهل السنة ) حول هذه المسألة، وإنما كانوا يقولون أن المسلمين

٣٢

كانوا فيها على أقوال فخرج واصل برأي خالف فيه - وليس وسطا - جميع الأقوال السابقة حين قرر أن مرتكب الكبيرة لا هو مؤمن ولا هو كافر، لكنه في منزلة بين منزلتيهما.

هذا أو في معناه ما يقوله المؤلفون العرب عند تناولهم لهذه المسألة(١) وفرق كبير بين القولين، فهؤلاء المؤلفون لم يصفوا موقف واصل بالوسط ولم يشيروا إلى الكلام والمتكلمين والخلاف بينهم، لسبب بسيط هو ان الكلام، بمعناه الاصطلاحي، لم يكن قد نشأ بعد في ذلك الوقت - قبل واصل أو قبل اعتزاله - وبالتالي فان الحديث عن الخلاف بين متكلمي الخوارج ومتكلمي أهل السنة حديث لا يستند إلى أساس مقبول، فضلاً عن إننا لا نعرف شيئا عمن أسماهم نللينو بمتكلمي الخوارج، وأظنه لا يعرف، فالخوارج لم يكن لديهم متكلمون، لأنهم لم يكونوا في حاجة إليهم وقد جعلوا ( الكلام ) للسيف في نزاعهم مع مخالفيهم خلال المرحلة التي يتناولها البحث.

ثم يستمر نللينو بعد ذاك فيقول أن واصلاً وعمراً قد اعتزلا أهل السنة في مسألة مرتكب الكبيرة حين ( وقفا موقفا وسطا شبه حياد بين الرأيين المتعارضين: رأي الخوارج ورأي أهل السنة، وقالا أن الفاسق أو صاحب الكبيرة ليس بمؤمن ولا كافر وإنما هو في منزلة بين المنزلتين، وكانت نتيجة هذا الموقف الوسط في هذه المسألة الدينية، الحياد في النزاع السياسي الذي كان على أشده بين الفريقين المتنازعين ).

____________________

(١)هذا ما يقوله المرتضى في أماليه ج١ ص١٦٥ وما نجده في الفرق بين الفرق ص٧٠ وأوائل المقالات للمفيد ص٣٦ واللمع للاشعري ص٧٦ ومعجم البلدان لياقوت الرومي ج١٩ ص٢٤٦.

٣٣

وأظن نللينو يقصد بالفريقين المتنازعين، أهل السنة والخوارج، وهنا ألاحظ أيضا أن النزاع لم يكن في يوم ما بين الخوارج كفريق، وبين أهل السنة وحدهم كفريق آخر، وإنما بين الخوارج وبين عموم المسلمين المخالفين لهم في العقيدة، لا فرق بين أن يكونوا من أهل السنة أو من غيرهم كما أن المعتزلة لم يكونوا أصحاب ثقل سياسي حينذاك يمكن أن يحسب أو يؤثر في هذا النزاع، فيقال إنهم كانوا محايدين فيه، وأغلب الظن إنهم لم يكونوا قد وجدوا بعد.

ثم ألاحظ ثانياً أن الموقف الوسط للمعتزلة في مسألة مرتكب الكبيرة الدينية، لم يمنع عددا كبيرا من زعمائهم من اتخاذ موقف آخر ( غير وسط ) من الصراع السياسي بين علي وبين خصومه(١) .

ويمضي نللينو في بحثه فينتقد غالبية المؤلفين العرب لاتخاذهم لفظ ( معتزل ) بمعنى منشق واعتبار المعتزلة فرقة منشقة على أهل السنة.

ولكي يعزز رأيه في كل ما بلغه من نتائج وما تبناه من أفكار، فاته يلجأ إلى فقرتين للمسعودي يحملهما كل ما أراده هو من ذلك، وكأن أحدا لم يعرفهما قبله وسأسوق نص الفقرتين تمهيدا لمناقشة نللينو فيهما.

تقول الأولى ( ومات واصل بن عطاء ويكنى بأبي حذيفة في سنة إحدى وثلاثين ومائة وهو شيخ المعتزلة وقديمها وأول من أظهر القول بالمنزلة بين المنزلتين وهو أن الفاسق من أهل الملة ليس بمؤمن ولا كافر وبه سميت المعتزلة وهو الاعتدال ).

____________________

(١) فمن المعتزلة من كان منحرفا عن علي الى حد تفسيقه وتخليده في النار كما مر بنا ومنهم من كان يفضل عليا على جميع الناس بعد محمد كمعتزلة بغداد بصفة عامة.

٣٤

وتقول الثانية ( وأما القول بالمنزلة بين المنزلتين - وهو الأصل الرابع - فهو ان الفاسق المرتكب للكبائر ليس بمؤمن ولا كافر بل يسمى فاسقا على حسب ما ورد التوقيف بتسميته واجمع أهل الصلاة على فسوقه قال المسعودي وبهذا الباب سميت المعتزلة وهو الاعتزال.الخ )(١) .

وقبل أن أناقش نللينو في فهمه للفقرتين، وفي النتائج التي رتبها عليها، أجد من المناسب أن أثبت أيضا نص ما قاله نللينو كما أثبت نص ما قاله المسعودي في فقرتيه لتكون المناقشة، في ضوء النص ومع وجوده أقرب إلى الحق والعدل، برغم ما أثقل به على القارئ من تطويل، عذري فيه هو ما أشرت إليه الآن من توخي الحق والعدل فيما كتبت.

يقول نللينو ( ومن هذا - يقصد فقرتي المسعودي - ينتج أن اسم المعتزلة لم يطلق على الذين قاموا بإنشاء المدرسة الكلامية الجديدة، للدلالة على انهم انفصلوا عن أهل السنة وتركوا مشايخهم القدماء ورفقاءهم، وإنما أطلق للدلالة على موقفهم كأناس مبتعدين محايدين بين طرفي رجال الدين والسياسة في وقت ما، ممتنعين هكذا عن الخصومات والمنازعات القائمة بين المسلمين وإلى جانب ذلك يرى - يعني المسعودي - ان اسم المعتزلة لم يطلقه عليهم أهل السنة، وإنما اختاره المعتزلة أنفسهم للدلالة على موقفهم الخاص في هذه المسألة(٢) وهو موقف وصفه نللينو ب- ( الوسط ) حين كان يمهد لفقرتي المسعودي قائلا ( فقد وجد مع ذلك كتاب يربطون اسم المعتزلة بوقوفهم ذلك الموقف الذي أشرنا إليه آنفاً ( وسطا ) بين أهل السنة والخوارج )(٣) .

____________________

(١) تجد نص الفقرة الأولى في مروج الذهب للمسعودي نشر دار الأندلس ببيروت ١٩٨١ ط رابعة ج ٤ ص٢٢ والثانية ج٣ ص ٢٢٢.

(٢) سيأتي ردنا على هذا الرأي فيما بعد.

(٣) التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية ص١٨١.

٣٥

نللينو إذن يرى أن تسمية المعتزلة لا تعني انفصالهم عن أهل السنة: مشايخهم القدماء، وإنما ترتبط بموقفهم الوسط في مسألة مرتكب الكبيرة وحيادهم بين طرفي رجال الدين والسياسة فما هو الانفصال في نظر نللينو ؟ ! كيف يسمي شخصا أو جماعة تركوا مذهبهم السابق واعتزلوا مشايخهم ورفاقهم، بعد خلاف معهم في مسألة ما، ليستقلوا عنهم ويؤسسوا مذهبا جديدا يقوم على إنكار ما يدين به شيوخهم القدماء ويسفه آراءهم ويهاجمهم ويتهمهم كأعنف ما يكون الهجوم وأقسى ما يكون الاتهام ؟!

ماذا يعني الانفصال غير هذا أو ما هو دونه ؟! كيف فهم نللينو أن الاعتزال هنا لا يعني الانفصال عن أهل السنة، وهو نفسه يقول عن هؤلاء: انهم مشايخ المعتزلة ورفاقهم السابقون وان اعتزال المعتزلة لهم كان بسبب الموقف من مرتكب الكبيرة والخلاف بشأنه !

صحيح إن الاعتزال لا يعني دائما الانفصال والانشقاق، لكن هذا يصدق عندما يكون هناك استقلال فكري سابق أو مذهب قائم، ثم جاء الاعتزال في مسألة ما كنتيجة لهذا الاستقلال وأثر من آثاره ألا ترى انك لا تستطيع أن تسمي الخوارج منفصلين أو منشقين على أهل السنة في مسألة مرتكب الكبيرة، لما كانوا يؤلفون في الأصل فرقة مستقلة ومذهباً خاصاً، له رأيه في هذه المسألة وفي غيرها من المسائل.

ولكنك على العكس، تقول عن الأشعري مثلاً: أنه انفصل أو انشق على المعتزلة، إذ كان في السابق منهم ومن مذهبهم.

٣٦

هذا عن معنى الاعتزال عند نللينو وعند عدد ممن يشاركونه هذا الرأي يبقى قول نللينو عن اسم المعتزلة بأنه ( أطلق للدلالة على موقفهم كأناس مبتعدين محايدين.ممتنعين هكذا عن الخصومات والمنازعات القائمة بين المسلمين.).

فهل هناك من مذهب إسلامي أثار من الخصومات والمنازعات ما أثاره المعتزلة ؟!

أما رأي نللينو في الربط بين اسم المعتزلة وبين موقفهم الوسط في مسألة مرتكب الكبيرة وحيادهم بين طرفي رجال الدين والسياسة، فنرى أن الرجل قد فاته الصواب هنا كما فاته هناك، فالاعتزال لا يرتبط بالموقف الوسط ولا يستمد اسمه منه، بل بالموقف الخاص المستقل وسطا كان هذا الموقف أم غير وسط أترى لو أن الخوارج مثلا كانوا قد التزموا الوسط في مسألة مرتكب الكبيرة ثم جاء المعتزلة فابتعدوا عن أهل السنة وعن الخوارج في الوقت نفسه واتخذوا لهم موقفا طرفا بالنسبة للموقفين، كأن كفروا مرتكب الكبيرة بدلاً من الخوارج، أكانت تسميتهم تختلف ؟ ألا يكونون قد اعتزلوا المواقف والآراء السابقة وتبنوا رأيا مغايرا خاصا في مرتكب الكبيرة وان كان متطرفاً.

فالاعتزال إذن لا يرتبط بموضع هذا الرأي بين الآراء وإنما باستقلاله بينها، وهو ما لم يدركه نللينو.

إن مشكلة نللينو تأتي من فهمه الاعتزال على انه الوسط ( بين ) وهو ما تمسك به وثبت عنده، ونضيف إلى ذلك ان الخلاف في مرتكب الكبيرة لم

٣٧

يكن في الواقع محصورا بين رأيين فقط لتصح ( البينية ) وإنما كانت هناك آراء كثيرة مطروحة عددنا منها خمسة أو ستة كما أذكر عند ردنا على البغدادي.

ملاحظة أخرى أرى من الضروري أن أشير إليها هنا، فنللينو وهو يتكلم عن الربط بين اسم المعتزلة وبين موقفهم في مسألة مرتكب الكبيرة يقول: انه ( أطلق للدلالة على موقفهم كأناس مبتعدين محايدين بين طرفي رجال الدين والسياسة ) ولا أدري ما الذي يعنيه نللينو بطرفي رجال الدين والسياسة، وحديثه كله كان عن مرتكب الكبيرة ومكانه بين المؤمن والكافر، والخلاف في ذلك بين أهل السنة وبين الخوارج، أو كما يقول بين ( متكلمي ) أهل السنة والخوارج فما الذي نقل هذا الخلاف وجعله هذه المرة بين رجال الدين والسياسة، ومن هم رجال الدين في نظره أهم أهل السنة أم الخوارج.

وأنتقل إلى القضية الأخرى التي أثارها نللينو، وهي أن المعتزلة هم الذين سموا أنفسهم كذلك، ولأني عالجت هذه القضية بتفصيل واف في مكانها من هذا الكتاب فسأكتفي بذاك واحيل عليه(١) لأعود الآن إلى السؤال الذي بدأت به نقاشي لنللينو، وهو كيف فهم كلام المسعودي، بما رتب عليه النتائج التي وصل إليها ؟ كيف فهم فقرتيه على أنهما تعنيان أن اسم المعتزلة لم يطلق للدلالة على انفصالهم عن أهل السنة بل للدلالة على موقفهم الوسط، ثم كيف فهمهما على أنهما تعنيان ان المعتزلة هم الذين اختاروا هذا الاسم ؟!

____________________

(١) انظر هذا فيما بعد.

٣٨

هل في الأولى منهما غير ( ومات واصل وهو شيخ المعتزلة وقديمها وأول من أظهر القول بالمنزلة بين المنزلتين وهو أن الفاسق من أهل الملة ليس بمؤمن ولا كافر وبه سميت المعتزلة وهو الاعتدال ).

وهل في الثانية غير العبارات نفسها مكررة تقريبا مع بعض التقديم والتأخير.

أننا والحمد لله ما نزال نقرأ العربية فنفهمها، نقرأها في المسعودي، ونقرأها في غير المسعودي، وما أظن المسعودي كتب فقرتيه بلغة غير ما يكتب الآخرون من المؤلفين العرب الذين نقرأ لهم فنفهمهم فهل في عبارته ( وبه سميت المعتزلة وهو الاعتزال ) ما يسمح لنللينو ب- ( ومن هذا ينتج.) مرتبا كل النتائج التي لا يحتملها كلام المسعودي والتي أرادها نللينو نفسه فأخطأ الطريق إليها وماذا سيفهم نللينو لو كانت العبارة ( وبه سمى المعتزلة أنفسهم ) أو في أضعف الفروض ( وبه استحق المعتزلة اسمهم ).

وأصل الآن القضية الأخيرة التي أثارها نللينو، وهي محاولة الربط بين المعتزلة - الفرقة الكلامية المعروفة - وبين المعتزلة السابقين الذين اعتزلوا الصراع بين علي وبين خصومه، وهو رأي سبق إليه الكثيرون ممن كتبوا في الفرق والعقائد من المسلمين قبل نللينو بقرون منهم في سبيل المثال الحسن بن موسى النوبختي المتوفي عام ٣١٠(١) والملطي الذي أشرنا إليه آنفا والمتوفى عام ٣٧٧(٢) وثانيهما وأن ربط الاعتزال بمبايعة الحسن لمعاوية والصلح معه، لا بالصراع بين علي وبين خصومه ،

____________________

(١) كتابه ( فرق الشيعة ) ص٥.

(٢) كتابه ( التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع ) ص٤١.

٣٩

إلا أن الذين اعتزلوا ولزموا منازلهم ومساجدهم بعد المبايعة والصلح كانوا أصلا من أصحاب على كما يقول الملطي فاعتزالهم مرتبط إذن بالصراع ضد خصوم علي وبالفشل في هذا الصراع، وعلى كل فهو اعتزال سياسي.

وإذا كان نللينو قد تبنى هذا الرأي، فانه لم يحسن عرضه ولا تأييده، فهو يبدأ بالكلام عن اسم المعتزلة الذي (اختاره المعتزلة أنفسهم للدلالة على موقفهم الخاص في هذه المسألة ) مسألة مرتكب الكبيرة الدينية كما يسميها، ثم يستشهد بابن منظور صاحب لسان العرب(١) ومن تبعه من اللغويين في قوله ( وقوم من القدرية يلقبون المعتزلة زعموا أنهم اعتزلوا فئتي الضلالة عندهم يعنون أهل السنة والجماعة والخوارج الذين يستعرضون الناس قتلا ) ولا ادري هل يريد نللينو بالاستشهاد بابن منظور إثبات أن المعتزلة هم الذين سموا أنفسهم كذلك أم إثبات أنهم امتداد للمعتزلة الأولين.

وعلى كل، فيلاحظ أولا أن ابن منظور لم يكن صاحب تاريخ وعقائد ليحتج بقوله هنا، وإنما هو صاحب لغة لا يتناول المادة التاريخية إلا بقدر ارتباطها بالجانب اللغوي الذي يمثل الأساس في كتابه، وإلا فان ربط اسم المعتزلة باعتزال فئتي الضلالة: أهل السنة والخوارج، لم يقل به أحد عند قيام المعتزلة وتأسيس مذهبهم، حتى المعتزلة أنفسهم، فقد انحصرت مقالتهم إبتداء من مؤسس المذهب واصل بن عطاء، بأنهم تركوا المختلف

____________________

(١) محمد بن مكرم بن علي الأنصاري اللغوي المعروف صاحب المؤلفات الكثيرة في اللغة والأدب وأشهر كتبه في اللغة ( لسان العرب ) الذي يذكره نللينو ولد عام ٦٣٠ وتوفي في مصر عام ٧١١.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

قبر أبيك بطوس؟ فقال: من زار قبر أبي غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٨٣ - باب استحباب التبرك بمشهد الرضا ومشاهد الأئمّة ( عليهم‌السلام )

[ ١٩٨٢٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود، عن الحسين بن أحمد بن إدريس(٣) ، عن أبيه، عن الحسن بن علي الدقاق، عن إبراهيم بن الزيات، عن محمّد بن سليمان زرقان، عن علي بن محمّد العسكري (عليه‌السلام ) قال: قال لي: يا زرقان إنّ تربتنا كانت واحدة، فلمّا كان أيام الطوفان افترقت التربة فصارت قبورنا شتّى، والتربة واحدة.

[ ١٩٨٢٧ ] ٢ - وعنه، عن سلامة، عن محمّد بن جعفر، عن محمّد بن أحمد، عن علي بن إبراهيم الجعفري، عن محمّد بن الفضيل بن بنت داود الرقي(٤) قال: قال الصادق (عليه‌السلام ) : أربع بقاع ضجّت إلى الله من

____________________

(١) تقدم في الأَحاديث ١٠ و ١٥ و ٢٠ و ٢٥ من الباب ٢ وفي الباب ٢٦ وفي الحديث ٣ من الباب ٢٩ وفي الحديث ٢ من الباب ٣٠ وفي الحديث ٢ من الباب ٤٤ وفي الحديثين ٩ و ١٠ من الباب ٦٩ وفي الحديث ٦ من الباب ٨٠ وفي الحديث ٢ من الباب ٨١ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الأبواب ٨٣ - ٨٨ و ٩٥ و ٩٦ وفي الأَحاديث ٥ و ١٠ و ١١ من الباب ٩٧ من هذه الأبواب.

الباب ٨٣

فيه حديثان

١ - التهذيب ٦: ١٠٩ / ١٩٤.

(٣) في المصدر: الحسن بن أحمد بن إدريس القمي

٢ - التهذيب ٦: ١١٠ / ١٩٦.

(٤) في المصدر: محمّد بن الفضل بن بنت داود الرقي.

٥٦١

الغرق أيام الطوفان: البيت المعمور فرفعه الله إليه، والغري، وكربلاء وطوس.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، وعلى شرف هذه الأَماكن(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٨٤ - باب عدم استحباب السفر إلى زيارة شيء من القبور غير قبور الأنبياء والأَئمّة ( عليهم‌السلام )

[ ١٩٨٢٨ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في ( الخصال ) وفي ( عيون الأَخبار ) عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ياسر الخادم قال: قال علي بن موسى الرضا (عليه‌السلام ) : لا تشد الرحال إلى شيء من القبور إلّا إلى قبورنا، إلّا وإنّي مقتول بالسم ظلماً ومدفون في موضع غربة، فمن شدّ رحله إلى زيارتي استجيب دعاؤه وغفر له ذنوبه.

٨٥ - باب استحباب اختيار زيارة الرضا ( عليه‌السلام ) على زيارة الحسين ( عليه‌السلام )

[ ١٩٨٢٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم(٤) ، عن علي بن

____________________

(١) تقدم في الأَحاديث ١٣ و ٢٢ و ٢٣ و ٢٤ من الباب ٨٢ من هذه الأبواب.

(٢) تقدم في الأبواب ١٦ و ٤٣ و ٦٧ و ٦٨ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الحديث ٤ من الباب ٨٧ من هذه الأبواب.

الباب ٨٤

فيه حديث واحد

١ - الخصال: ١٤٣ / ١٦٧، وعيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٥٤ / ١.

الباب ٨٥

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٤: ٥٨٤ / ١، وكامل الزيارات: ٣٠٦.

(٤) في المصدر زيادة: عن أبيه.

٥٦٢

مهزيار قال: قلت: لأَبي جعفر( عليه‌السلام ) : جعلت فداك، زيارة الرضا( عليه‌السلام ) أفضل أم زيارة أبي عبدالله الحسين( عليه‌السلام ) ؟ فقال: زيارة أبي أفضل، وذلك أنّ أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يزوره( كل الناس) (١) ، وأبي لا يزوره إلّا الخواص من الشيعة.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٢) .

محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن علي بن مهزيار مثله(٣) .

وفي ( عيون الأَخبار ) عن محمّد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار مثله(٤) .

[ ١٩٨٣٠ ] ٢ - وعن الصادق (عليه‌السلام ) قال: يقتل لهذا - وأومأ بيده إلى موسى - ولد بطوس لا يزوره من شيعتنا إلّا الاندر فالاندر.

[ ١٩٨٣١ ] ٣ - وعن محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني قال: قلت: لأَبي جعفر (عليه‌السلام ) : قد تحيّرت بين زيارة قبر أبي عبدالله (عليه‌السلام ) وبين زيارة أبيك (عليه‌السلام ) بطوس، فما ترى؟ فقال لي: مكانك، ثمّ دخل وخرج ودموعه تسيل على خدّيه، فقال: زوّار(٥) أبي عبدالله (عليه‌السلام ) كثيرون، وزوار قبر أبي بطوس قليلون.

أقول: ويأتى ما يدلّ على ذلك(٦) .

____________________

(١) في نسخة: أُناس ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٦: ٨٤ / ١٦٥.

(٣) الفقيه ٢: ٣٤٨ / ١٥٩٨.

(٤) عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٦١ / ٢٦.

٢ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٥٩ / ذيل الحديث ١٨.

٣ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٥٦ / ٨.

(٥) في المصدر زيادة: قبر.

(٦) يأتي في الباب ٨٦ الآتي من هذه الأبواب.

٥٦٣

٨٦ - باب استحباب اختيار زيارة الرضا ( عليه‌السلام ) على زيارة كل واحد من الأَئمة ( عليهم‌السلام )

[ ١٩٨٣٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن علي بن الحسين النيسابوري، عن إبراهيم بن أحمد، عن عبد الرحمن بن سعيد المكي، عن يحيى بن سليمان المازنى، عن أبي الحسن موسى (عليه‌السلام ) - في حديث - قال: من زار قبر ولدي علي وبات عنده ليلة كان كمن زار الله في عرشه، قلت: كمن زار الله في عرشه؟ فقال: نعم، إذا كان يوم القيامة كان على عرش الرحمن أربعة من الاولين، وأربعة من الآخرين، فأما الاربعة الذين هم من الاولين: فنوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى (عليهم‌السلام ) وأمّا الأَربعة من الآخرين: محمّد وعلي والحسن والحسين (عليهم‌السلام ) ثمّ يمد الطعام(١) فيقعد معنا زوار قبور الأَئمة، إلّا أنّ أعلاهم درجة وأقربهم حبوة زوار قبر ولدي علي (عليه‌السلام )

رواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) .

ورواه الصدوق في ( عيون الأَخبار ) و ( المجالس ) عن جعفر بن محمّد ابن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبدالله بن عامر، عن

____________________

الباب ٨٦

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٤: ٥٨٥ / ٤، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ٨٧ من هذه الأبواب.

(١) في المنتهى: القمطار، وفي العيون المطمار، وفي التهذيب: المضمار ( هامش المخطوط ) وفي المصدر: المضمار أيضاً، والمضمار: الموضع الذي تضمر فيه الخيل، ولعل المراد: ميدأنّ السباق. انظر ( مجمع البحرين - ضمرّ - ٣: ٣٧٥ ).

(٢) التهذيب ٦: ٨٤ / ١٦٧.

٥٦٤

سليمان بن حفص المروزي، عن أبي الحسن موسى بن جعفر( عليهما‌السلام ) مثله(١) .

٨٧ - باب استحباب إختيار زيارة الرضا ( عليه‌السلام ) وخصوصاً في رجب على الحجّ والعمرة المندوبين

[ ١٩٨٣٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب بالإِسناد السابق(٢) عن أبي الحسن موسى (عليه‌السلام ) قال: من زار قبر ولدي علي كان عند الله كسبعين حجّة مبرورة، قال: قلت: سبعين حجة؟ قال: نعم وسبعين ألف حجة؟ قال: قلت سبعين ألف حجة؟ قال: رب حجّة لا تقبل، من زاره وبات عنده ليلة كان كمن زار الله في عرشه الحديث.

ورواه الشيخ والصدوق كما مرّ(٣) .

[ ١٩٨٣٤ ] ٢ - وعن أبي علي الأَشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن الحسن بن سيف(٤) ، عن محمّد بن أسلم، عن محمّد بن سليمان قال: سألت أبا جعفر (عليه‌السلام ) عن رجل حجّ حجة الإِسلام فدخل متمتعاً بالعمرة إلى الحجّ فأعأنّه الله على عمرته وحجه، ثمّ أتى المدينة فسلّم على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، ثمّ أتاك عارفاً بحقّك يعلم أنّك حجّة الله على

____________________

(١) عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٥٩ / ٢٠، وأمالي الصدوق: ١٠٥ / ٦.

الباب ٨٧

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٤: ٥٨٥ / ٤.

(٢) سبق في الحديث ١ من الباب ٨٦ من هذه الأبواب.

(٣) مرّ في الحديث ١ من الباب ٨٦ من هذه الأبواب.

٢ - الكافي ٤: ٥٨٤ / ٢، وكامل الزيارات: ٣٠٥.

(٤) في التهذيب: الحسين بن سيف ( هامش المخطوط ) وكذلك الكافي.

٥٦٥

خلقه وبابه الذي يؤتى منه، فسلّم عليك، ثمّ أتى أبا عبدالله الحسين( عليه‌السلام ) فسلّم عليه، ثمّ أتى بغداد فسلّم على أبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) ، ثمّ انصرف إلى بلاده، فلمّا كان في وقت الحجّ رزقه الله الحج، فأيّهما أفضل: هذا الذي قد حجّ حجّة الإِسلام يرجع أيضاً فيحج، أو يخرج إلى خراسان إلى أبيك علي بن موسى( عليه‌السلام ) فيسلّم عليه؟ قال: بل يأتي خراسان فيسلّم على أبي الحسن( عليه‌السلام ) أفضل، وليكن ذلك في رجب ولا ينبغي أن تفعلوا هذا اليوم، فإنّ علينا وعليكم من السلطان شنعة.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) .

ورواه الصدوق في ( عيون الأَخبار ) عن جعفر بن علي بن الحسين بن علي بن عبدالله بن المغيرة، عن جدّه(٢) ، عن علي بن الحسين بن سيف(٣) ، عن محمّد بن أسلّم نحوه(٤) .

[ ١٩٨٣٥ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي قال: قرأت في كتاب أبي الحسن الرضا (عليه‌السلام ) : أبلغ شيعتي أنّ زيارتي تبلغ(٥) عند الله عزّ وجلّ ألف حجّة، قال: فقلت لأَبي جعفر (عليه‌السلام ) : ألف حجّة؟ قال: أي والله وألف ألف حجّة لمن زاره عارفاً بحقّه.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود، عن الحسين بن

____________________

(١) التهذيب ٦: ٨٤ / ١٦٦.

(٢) في العيون: عن جده الحسين بن علي.

(٣) في العيون: الحسين بن يوسف.

(٤) عيون أخبار الرضا( عليه‌السلام ) ٢: ٢٥٨ / ١٥.

٣ - الفقيه ٢: ٣٤٩ / ١٥٩٩.

(٥) في المصدر: تعدل.

٥٦٦

أحمد بن إدريس(١) ، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن عبدالله بن موسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر مثله، إلّا أنّه قال: ألف حجّة وألف عمرة متقبلات(٢) كلها(٣) .

ورواه الصدوق في ( ثواب الأعمال ) و ( المجالس ) وفي ( عيون الأَخبار ) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن أحمد بن محمّد، عن البزنطي(٤) .

ورواه الطبري في ( بشارة المصطفى ) بإسناده عن الصدوق بهذا السند مثله(٥) .

[ ١٩٨٣٦ ] ٤ - وبإسناده عن الحسن بن علي بن فضّال(٦) ، عن أبي الحسن الرضا (عليه‌السلام ) قال: أنّ بخراسان لبقعة يأتي عليها زمان تصير مختلف الملائكة، فلا يزال فوج ينزل من السماء وفوج يصعد إلى أنّ ينفخ في الصور، فقيل له: وأيّة بقعة هذه؟ فقال: هي بأرض طوس، وهي والله روضة من رياض الجنّة، من زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، وكتب الله تعالى له ثواب ألف حجّة مبرورة، وألف عمرة مقبولة، وكنت أنا وآبائي شفعاءه يوم القيامة.

ورواه في ( المجالس ) عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن أحمد بن محمّد بن سعيد(٧) .

____________________

(١) في التهذيب: الحسن بن أحمد بن إدريس.

(٢) في التهذيب: متقبلة.

(٣) التهذيب ٦: ٨٥ / ١٦٨.

(٤) ثواب الأعمال: ١٢٣ / ٣، وأمالي الصدوق: ٦١ / ٩، وعيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٥٧ / ١٠.

(٥) بشارة المصطفى: ٢٢.

٤ - الفقيه: ٢: ٣٥١ / ١٦١٠.

(٦) في الامالي: علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه

(٧) أمالي الصدوق: ٦١ / ٧.

٥٦٧

ورواه في ( عيون الأَخبار ) عن أحمد بن الحسن القطان ومحمّد بن أحمد ابن إبراهيم الليثي ومحمّد بن إبراهيم بن إسحاق المكتب ومحمّد بن بكران النقاش كلّهم، عن أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد بن سعيد مثله(٢) .

[ ١٩٨٣٧ ] ٥ - وبإسناده عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت الرضا (عليه‌السلام ) يقول: والله ما منا إلّا مقتول شهيد، قلت: ومن يقتلك يا بن رسول الله؟ قال: شر خلق الله في زماني، يقتلني بالسم ثمّ يدفنني في دار مضيعة وبلاد غربة، إلّا فمن زارني في غربتي كتب الله عزّ وجلّ له أجر مائة ألف شهيد، ومائة ألف صدّيق، ومائة ألف حاج ومعتمر، ومائة ألف مجاهد، وحشر في زمرتنا، وجعل في الدرجات العلى من الجنّة رفيقنا.

ورواه في ( عيون الأَخبار ) و ( المجالس ) عن محمّد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي الصلت مثله(٣) .

[ ١٩٨٣٨ ] ٦ - وفي ( ثواب الأعمال ) قال: قال الصادق (عليه‌السلام ) : من زار واحداً منّا كمن(٤) زار الحسين (عليه‌السلام )

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٥) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٦) .

____________________

(١) عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٥٥ / ٥.

(٢) التهذيب ٦: ١٠٨ / ١٩٠.

٥ - الفقيه ٢: ٣٥١ / ١٦٠٩.

(٣) عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٥٦ / ٩، وأمالي الصدوق: ٦١ / ٨.

٦ - ثواب الأعمال: ١٢٣ / ذيل الحديث ٣.

(٤) في المصدر: كان كمن.

(٥) تقدم في الحديثين ٢٠ و ٢٥ من الباب ٢ وفي الحديثين ٩ و ١٠ من الباب ٦٩ من هذه الأبواب.

(٦) يأتي ما يدلّ عليه في الباب ٨٨ من هذه الأبواب.

٥٦٨

٨٨ - باب استحباب الاغتسال لزيارة الرضا ( عليه‌السلام ) وصلاة ركعتي الزيارة عند رأسه، وكثرة الدعاء وطلب الحوائج عنده

[ ١٩٨٣٩ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في ( عيون الأَخبار ) عن تميم بن عبدالله بن تميم القرشي، عن أبيه، عن أحمد بن علي الأَنصاري، عن أبي الصلت الهروي قال: كنت عند الرضا (عليه‌السلام ) فدخل عليه قوم من أهل قم فسلّموا عليه فرد عليهم وقربهم، ثمّ قال لهم(١) : مرحباً بكم وأهلاً، فأنتم شيعتنا حقّاً، يأتي(٢) عليكم زمأنّ تزورون فيه تربتي بطوس، ألا فمن زارني وهو على غسل خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمه.

[ ١٩٨٤٠ ] ٢ - وعن الحسين بن إبراهيم بن هشام المكتب ومحمّد بن علي ماجيلويه وأحمد بن علي بن إبراهيم والحسين بن إبراهيم بن تاتأنّه وعلي بن عبدالله الوراق كلّهم، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الصقر بن دلف قال: سمعت سيدي علي بن محمّد بن علي الرضا (عليه‌السلام ) يقول: من كانت له إلى الله حاجة فليزر قبر جدي الرضا (عليه‌السلام ) بطوس وهو على غسل وليصلّ عند رأسه ركعتين، وليسأل الله تعالى حاجته في قنوته، فإنّه يستجيب له، ما لم يسأل مأثماً(٣) أو قطّيعة رحم، إنّ موضع قبره لبقعة من بقاع الجنّة لا يزورها مؤمن إلّا أعتقه الله تعالى من النار، وأدخله(٤) دار القرار.

____________________

الباب ٨٨

فيه حديثان

١ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٦٠ / ٢١.

(١) في المصدر زيادة: الرضا (عليه‌السلام )

(٢) في المصدر: وسيأتي.

٢ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٦٢ / ٣٢.

(٣) في المصدر: ما لم يسأل في مآثم.

(٤) في المصدر: وأحله.

٥٦٩

وفي ( الأَمالي ) عن أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن جده مثله(١) .

أقول: وتقدم ما يدلّ على ذلك(٢) .

٨٩ - باب استحباب زيارة أبي جعفر الثاني ( عليه‌السلام ) والدعاء عنده، واستحباب اختيار زيارة الكاظم والجواد ( عليهما‌السلام ) معاً على زيارة الحسين ( عليه‌السلام )

[ ١٩٨٤١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن حمدان القلانسي(٣) ، عن علي بن محمّد الحضيني(٤) ، عن علي بن عبدالله بن مروأنّ(٥) ، عن إبراهيم بن عقبة قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عليه‌السلام ) أسأله عن زيارة أبي عبدالله الحسين (عليه‌السلام ) وعن زيارة أبي الحسن وأبي جعفر (عليهم‌السلام )(٦) ؟ فكتب إليّ أبو عبدالله (عليه‌السلام ) المقدّم، وهذا أجمع وأعظم أجراً.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٧) .

____________________

(١) أمالي الصدوق: ٤٧١ / ١٢.

(٢) تقدم في الحديثين ٢ و ٣ من الباب ٢٩ وفي الحديث ٢٣ من الباب ٨٢ من هذه الأبواب.

ويأتي ما يدل على استحباب الغسل في الحديث ١ من الباب ٩٦ من هذه الأبواب.

الباب ٨٩

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٤: ٥٨٣ / ٣، وكامل الزيارات: ٣٠٠.

(٣) في العيون: حمدان بن سليمان النيسابوري

(٤) في العيون: علي بن محمّد الحصيني

(٥) في العيون: علي بن محمّد بن مروأنّ ( هامش المخطوط )

(٦) في نسخة زيادة: وعن الائمة (عليهم‌السلام ) ( هامش المخطوط ).

(٧) التهذيب ٦: ٩١ / ١٧٢.

٥٧٠

ورواه المفيد في ( المقنعة ) عن إبراهيم بن عقبة(١) .

ورواه الصدوق في ( عيون الأَخبار ) عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيى(٢) .

أقول: وتقدم ما يدل على بعض المقصود(٣) .

٩٠ - باب استحباب زيارة الهادي والعسكري والمهدي ( عليهم‌السلام ) من داخل أو خارج

[ ١٩٨٤٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن زيد الشحام قال: قلت لأَبي عبدالله (عليه‌السلام ) : ما لمن زار واحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ )

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٤) .

[ ١٩٨٤٣ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن همام، عن الحسن بن محمّد بن جمهور، عن الحسين بن روح، عن محمّد بن زياد، عن أبي هاشم الجعفري

____________________

(١) المقنعة: ٧٤.

(٢) عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٦١ / ٢٥.

(٣) تقدم في البابين ٢ و ٢٦ وفي الحديث ٣ من الباب ٢٩ وفي الحديث ٢ من الباب ٣٠ وفي الحديث ٢ من الباب ٤٤ وفي الحديثين ٩ و ١٠ من الباب ٦٩ وفي الحديث ٦ من الباب ٨٠ وفي الباب ٨١ من هذه الأبواب.

الباب ٩٠

فيه حديثان

١ - الكافي ٤: ٥٧٩ / ١، وأورده في الحديث ١٥ من الباب ٢، وفي الحديث ١ من الباب ٧٩ من هذه الأبواب.

(٤) التهذيب ٦: ٧٩ / ١٥٧، ٩٣ / ١٧٤.

٢ - التهذيب ٦: ٩٣ / ١٧٦.

٥٧١

قال: قال(١) أبومحمّد الحسن بن علي العسكري (عليهما‌السلام ) : قبري بسر من رأى أمان لأَهل الجانبين.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

وقد قال الشيخ: المنع من دخول الدار هو الأَحوط والأَولى، لأَنّ الدار قد ثبت أنّها ملك الغير، ولا يجوز لنا أنّ نتصرف فيها بالدخول فيها ولا غيره إلّا باذن صاحبها، قال: ولو أنّ أحداً يدخلها لم يكن مأثوماً، خاصة إذا تأوّل في ذلك ما روي عنهم (عليهم‌السلام ) من أنّهم جعلوا شيعتهم في حل من مالهم وذلك على عمومه، وقد روي في ذلك أكثر من أنّ يحصى، وقد أوردنا طرفاً منه في باب الأَخماس، انتهى(٣) .

أقول: وقد تقدم - في الصلاة - عنهم: « لا يحلّ مال امرئ مسلّم إلّا بطيبة نفس منه » وقد علم طيبة نفس المالك (عليه‌السلام ) لدخول الدار وعدم الضرر عليه، وحصول زيارة التعظيم له ولأَبيه وجدّه (عليهم‌السلام ) مع عموم أحاديث الزيارات وإطلاقها الدال على الإِذن، وعدم وصول النهي عن الدخول، إلى غير ذلك من الوجوه، والله أعلم(٤) .

____________________

(١) في المصدر: قال لي.

(٢) تقدم في البابين ٢ و ٢٦ وفي الحديث ٣ من الباب ٢٩، وفي الحديث ٢ من الباب ٣٠ وفي الحديث ٢ من الباب ٤٤ وفي الحديثين ٩ و ١٠ من الباب ٦٩ وفي الحديث ٦ من الباب ٨٠ وفي الأبواب ٨١ و ٨٤ و ٨٦ وفي الحديث ٦ من الباب ٨٧ وفي الباب ٨٩ من هذه الأبواب.

ويأتي ما يدلّ عليه في الحديثين ١ و ٢ من الباب ٩٥ وفي الحديث ١ من الباب ٩٦ من هذه الأبواب.

(٣) راجع التهذيب ٦: ٩٤ الباب ٤٤.

(٤) تقدم في الحديث ١ من الباب ٣ من أبواب مكان المصلي.

٥٧٢

٩١ - باب استحباب اختيار الاقامة في شهر رمضان والصوم على السفر للزيارة والافطار

[ ١٩٨٤٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود، عن محمّد بن الحسين بن أحمد، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن محمّد بن الفضل البغدادي قال: كتبت إلى أبي الحسن العسكري (عليه‌السلام ) : جعلت فداك، يدخل شهر رمضان على الرجل فيقع بقلبه زيارة الحسين وزيارة أبيك (عليهما‌السلام ) ببغداد، فيقيم بمنزله(١) حتّى يخرج عنه شهر رمضان ثمّ يزورهم، أو يخرج في شهر رمضان ويفطر؟ فكتب(٢) : لشهر رمضان من الفضل والاجر ما ليس لغيره من الشهور، فإذا دخل فهو المأثور.

[ ١٩٨٤٥ ] ٢ - محمّد بن إدريس في آخر ( السرائر ) نقلاً من كتاب ( مسائل الرجال ومكاتباتهم إلى مولانا أبى الحسن علي بن محمّد (عليهما‌السلام ) من مسائل داود الصرمي ) قال: وسالته عن زيارة الحسين (عليه‌السلام ) وزيارة آبائه (عليهم‌السلام ) في شهر رمضان نزورهم(٣) ؟ فقال: لرمضان من الفضل وعظيم الاجر ما ليس لغيره، فاذا دخل فهو الماثور، والصيام فيه أفضل من قضائه، وإذا حضر فهو مأثور، ينبغي أنّ يكون مأثورا.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الصوم(٤) ، وتقدّم ما ينافيه وهو

____________________

الباب ٩١

فيه حديثان

١ - التهذيب ٦: ١١٠ / ١٩٨.

(١) في المصدر: فيقيم في منزله.

(٢) في المصدر: فكتب (عليه‌السلام )

٢ - مستطوفات السرائر: ٦٧ / ٧.

(٣) في المصدر: نسافرهم ونزورهم.

(٤) تقدّم في الباب ٣ من أبواب من يصح منه النوم.

٥٧٣

محمول على الجواز، أو مضيّ ليلة القدر(١) .

٩٢ - باب عدم جواز الطواف بالقبور

[ ١٩٨٤٦ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين ( في العلل ) عن أبيه، عن سعد ابن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: لا تشرب وأنت قائم، ولا تطف بقبر، ولا تبل في ماء نقيع، فإنّ من فعل ذلك فأصابه شيء فلا يلومن إلّا نفسه الحديث.

[ ١٩٨٤٧ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد ابن مسلم، عن أحدهما (عليهما‌السلام ) أنّه قال: لا تشرب وأنت قائم، ولا تبل في ماء نقيع، ولا تطف(٢) بقبر الحديث.

[ ١٩٨٤٨ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن أحمد بن الحسين، عن محمّد بن الطيب، عن عبد الوهاب بن منصور، عن محمّد بن أبي العلاء، عن يحيى بن أكثمّ - في حديث - قال:

____________________

(١) تقدم في الحديثين ٢ و ٥ من الباب ٣ من أبواب من يصح منه الصوم.

الباب ٩٢

فيه ٣ أحاديث

١ - علل الشرائع: ٢٨٣ / ١، وأورده بتمامه في الحديث ٦ من الباب ٢٤ من أبواب أحكام الخلوة.

٢ - الكافي ٦: ٥٣٤ / ٨، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ٢٤ من أبواب أحكام الخلوة، وقطعة منه في الحديث ٤ من الباب ٤٤ من أبواب أحكام الملابس وأُخرى في الحديث ٢ من الباب ٢١ من أبواب المساكن، وأُخرى في الحديث ٤ من الباب ٧ من أبواب الاشربة المباحة.

(٢) في نسخة: ولا تطيف ( هامش المخطوط ).

٣ - الكافي ١: ٢٨٧ / ٩.

٥٧٤

بينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، فرأيت محمّد بن علي الرضا( عليه‌السلام ) يطوف به، فناظرته في مسائل عندي الحديث.

أقول: هذا غير صريح في أكثر من دورة واحدة لاجل إتمام الزيارة والدعاء من جميع الجهات، كما ورد في بعض الزيارات لا بقصد الطواف على أنّه مخصوص بقبر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، ولا يدلّ على غيره من الائمة( عليهم‌السلام ) ولا غيرهم، والقياس باطل، وراويه عاميّ ضعيف قد تفرد بروايته، ويحتمل كون الطواف فيه بمعنى الإِلمام والنزول كما ذكره علماء اللّغة وهو قريب من معنى الزيارة، ويحتمل الحمل على التقية بقرينة راويه، لأَن العامة يجوّزونه، والصوفية من العامة يطوفون بقبور مشايخهم، والله أعلم.

٩٣ - باب استحباب زيارة قبر عبد العظيم بن عبدالله الحسني بالري

[ ١٩٨٤٩ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في ( ثواب الأعمال ) عن علي بن أحمد، عن حمزة بن القاسم العلوي، عن محمّد بن يحيى، عمّن دخل على أبي الحسن علي بن محمّد الهادي (عليهما‌السلام ) من أهل الري قال: دخلت على أبي الحسن العسكري (عليه‌السلام ) فقال لي: أين كنت؟ فقلت: زرت الحسين (عليه‌السلام ) ، فقال: أما إنّك لو زرت قبر عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين بن عليّ (عليهما‌السلام )

ورواه ابن قولويه في ( المزار ) عن علي بن الحسين بن موسى بن

____________________

الباب ٩٣

فيه حديث واحد

١ - ثواب الأعمال: ١٢٤ / ١.

٥٧٥

بابويه، عن محمّد بن يحيى، عن بعض أهل الري(١) .

٩٤ - باب استحباب زيارة قبر فاطمة بنت موسى بن جعفر ( عليه‌السلام ) بقم

[ ١٩٨٥٠ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في ( ثواب الأعمال ) و ( عيون الأَخبار ) عن أبيه ومحمّد بن موسى بن المتوكل(٢) ، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن سعد بن سعد قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه‌السلام ) عن زيارة فاطمة بنت موسى بن جعفر (عليهما‌السلام ) بقم؟ فقال: من زارها فله الجنّة.

جعفر بن محمّد بن قولويه في ( المزار ) عن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه، عن علي بن إبراهيم مثله(٣) .

[ ١٩٨٥١ ] ٢ - وعن أبيه وأخيه علي ومشايخه عن أحمد بن إدريس وغيره، عن العمركي، عن رجل(٤) ، عن ابن الرضا( عليه‌السلام ) قال: من زار قبر عمتي بقم فله الجنّة.

____________________

(١) كامل الزيارات: ٣٢٤.

الباب ٩٤

فيه حديثان

١ - ثواب الأعمال: ١٢٤ / ١، وعيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٦٧ / ١.

(٢) ليس في الثواب.

(٣) كامل الزيارات: ٣٢٤.

٢ - كامل الزيارات: ٣٢.

(٤) في المصدر: عمن ذكره.

٥٧٦

٩٥ - باب استحباب زيارة قبور النبي ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) والأئمّة ( عليهم‌السلام ) من بعد وكيفيتها في التقية وغيرها

[ ١٩٨٥٢ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده، عن ابن أبي عمير، عن هشام قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إذا بعدت بأحدكم الشقة ونأت به الدار فليصعد أعلى منزله فليصل ركعتين، وليؤم بالسلام إلى قبورنا فإن ذلك يصل إلينا.

[ ١٩٨٥٣ ] ٢ - وبإسناده عن يونس بن ظبيان، عن الصادق( عليه‌السلام ) قال: إذا أتيت الفرات فاغتسل والبس ثوبيك الطاهرين ثمّ أئت القبر وقل: « صلّى الله عليه يا أبا عبدالله صلّى الله عليك يا أبا عبدالله صلّى الله عليك يا أبا عبدالله » وقد تمت زيارتك هذه في حال التقية.

[ ١٩٨٥٤ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبى عمير، عمّن رواه قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إذا بعدت بأحدكم الشقة ونأت به الدار فليعل على منزله وليصلّ ركعتين وليؤم بالسلام إلى قبورنا فأنّ ذلك يصلّ إلينا، ولتسلّم(١) على الائمة( عليهم‌السلام ) من بعيد كما تسلّم عليهم من قريب، غير أنك لا يصح أنّ تقول: « أتيتك زائراً »، بل تقول موضعه: « قصدتك(٢) بقلبي زائراً إذ عجزت عن

____________________

الباب ٩٥

فيه ٥ أحاديث

١ - الفقيه ٢: ٣٦١ / ١٦١٧

٢ - الفقيه ٢: ٣٦١ / ١٦١٦.

٣ - التهذيب ٦: ١٠٣ / ١٧٩.

(١) في المصدر: وتسلم.

(٢) في المصدر: قصدت.

٥٧٧

حضور مشهدك، ووجهت إليك سلامي لعلمي بأنّه يبلغك، صلّى الله عليك، فاشفع لي عند ربك عزّ وجلّ » وتدعو بما أحببت.

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد مثله، إلى قوله: يصلّ إلينا(١) .

[ ١٩٨٥٥ ] ٤ - جعفر بن محمّد بن قولويه في ( المزار ) عن محمّد بن جعفر الرزار، عن محمّد بن الحسين، عن عبدالله بن محمّد الدهان، عن منيع بن الحجاج، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: قال لي أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : يا سدير، تكثر زيارة قبر الحسين بن علي (عليه‌السلام ) ؟ قلت: إنّه منّي بعيد(٢) ، فقال: إلّا أُعلّمك شيئاً إذا أنت فعلته كتبت لك بذلك الزيارة(٣) ؟ قلت: بلى، قال: اغتسل في منزلك، وانزل إلى سطح دارك(٤) ، وأشر إليه بالسلام تكتب لك بذلك الزيارة.

[ ١٩٨٥٦ ] ٥ - قال: وروى سليمان بن عيسى، عن أبيه قال: قلت لأَبى عبدالله (عليه‌السلام ) : كيف أزورك إذا لم أقدر(٥) على ذلك؟ قال: قال لي: يا عيسى، إذا لم تقدر على المجيء، فإذا كان في(٦) يوم الجمعة فاغتسل أو توضأ، واصعد إلى سطحك، وصلّ ركعتين وتوجه نحوي، فإنّه من زارني في حياتي فقد زارني في مماتي ومن زارني في مماتي فقد زارني في حياتي.

____________________

(١) الكافي ٤: ٥٨٧ / ١.

٤ - كامل الزيارات: ٢٨٨.

(٢) في المصدر: إنه من الشغل.

(٣) في المصدر: كتب الله لك بذلك الزيارة.

(٤) في المصدر: واصعد إلى سطح دارك.

٥ - كامل الزيارات: ٢٨٧.

(٥) في المصدر: ولم أقدر.

(٦) ليس في المصدر.

٥٧٨

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٩٦ - باب استحباب زيارة النبي والأَئمّة وفاطمة ( عليهم‌السلام ) في كل يوم جمعة من بُعد على غسل وكيفيتها

[ ١٩٨٥٧ ] ١ - محمّد بن الحسن في ( المصباح ) قال: روي عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما‌السلام ) أنّه قال: من أراد أنّ يزور قبر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وقبر أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وقبور الحجج (عليهم‌السلام ) وهو في بلده، فليغتسل في يوم الجمعة وليلبس ثوبين نظيفين وليخرج إلى فلاة من الأَرض، ثمّ يصلّي أربع ركعات يقرأ فيهنّ ما تيسر من القرآن، فإذا تشهد وسلّم فليقم مستقبل القبلة وليقل: « السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام عليك أيّها النبي المرسل، والوصي المرتضى، والسيدة الكبرى، والسيدة الزهراء والسبطان المنتجبان والأَولاد والأَعلام والأُمناء المستخزنون(٣) ، جئت انقطاعاً إليكم وإلى آبائكم وولدكم الخلف على بركة الحق(٤) فقلبي لكم سلّم(٥) ونصرتي لكم معدّة حتّى يحكم الله بدينه، فمعكم معكم لا مع عدوكم، إنّي لمن القائلين بفضلكم، مقرّ برجعتكم(٦) ، لا أُنكر الله قدرة، ولا أزعم إلّا ما شاء الله،

____________________

(١) تقدم في الحديث ٦ من الباب ٢ وفي البابين ٤ و ٥ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٩٦ من هذه الأبواب.

الباب ٩٦

فيه حديثان

١ - مصباح المتهجد: ٢٥٣.

(٣) في نسخة: المنتجبون ( هامش المخطوط ).

(٤) في المصدر: على بركة حق.

(٥) في المصدر: فقلبي لكم مسلم.

(٦) فيه دلالة على رجعة النبي والأَئمة (عليهم‌السلام ) ، وفي الزيارة الجامعة ما هو أوضح من ذلك، والأَحاديث في صحة الرجعة كثيرة قد جمعت منها ستمائة وعشرين حديثاً في =

٥٧٩

سبحان الله ذي الملك والملكوت، يسبح الله بأسمائه جميع خلقه، والسلام على أرواحكم وأجسادكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ».

قال: وفى رواية أُخرى: افعل ذلك على سطح دارك(١) .

[ ١٩٨٥٨ ] ٢ - جعفر بن محمّد بن قولويه في ( المزار ) عن محمّد بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، رفعه(٢) قال: دخل حنان بن سدير الصيرفي على أبي عبدالله (عليه‌السلام ) فقال: يا حنان، تزور أبا عبدالله (عليه‌السلام ) في كل شهر مرة؟ قال: لا، قال: ففى كل شهرين مرة؟ قال: لا، قال: ففي كل سنّة مرة؟ قال: لا، قال: فما أجفاكم لسيدكم؟! قال يا بن رسول الله قلة الزاد وبعد النأي المسافة فقال: إلّا أدلكم على زيارة مقبولة وأنّ بعد الناي؟ قال: بلى، فكيف أزوره يابن رسول الله؟ قال: اغتسل يوم الجمعة أو أي يوم شئت، والبس أطهر ثيابك، واصعد إلى أعلى دارك(٣) أو إلى الصحراء، واستقبل القبلة بوجهك بعد ما تبين أنّ القبر هناك يقول الله:( فَأَيْنَمَا تُولُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) (٤) ثمّ قل: « السلام عليك يا مولاى وابن مولاي وسيدي وابن سيدي، السلام عليك يا مولاي الشهيد ابن الشهيد والقتيل ابن القتيل » وذكر الزيارة.

ثم قال: ثمّ تتحوّل إلى يسارك قليلاً، وتحوّل وجهك إلى قبر علي بن الحسين وهو عند رجل والده وتسلّم عليه بمثل ذلك، ثمّ ادع الله ما أحببت من أمرّ دينك ودنياك، ثمّ تصلّ أربع ركعات، فإنّ صلاة الزيارة ثمان أو ستّ أو

____________________

= رسالة مفردة تسهل على تحقيق هذه المسألة بما لا مزيد عليه. « منه قده ».

(١) مصباح المتهجد: ٢٥٣.

٢ - كامل الزيارات: ٢٨٨.

(٢) في المصدر: رفع الحديث إلى أبي عبدالله (عليه‌السلام )

(٣) في المصدر: واصعد إلى أعلى موضع في دارك.

(٤) البقرة ٢: ١١٥.

٥٨٠

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620