وسائل الشيعة الجزء ١٤

وسائل الشيعة6%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 620

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 620 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 339538 / تحميل: 6606
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

فينتفي ما يبتني عليها ويتسّبب عنها »(١) .

وقال ابن حجر: « ثم نفاذ أمر هارون بعد وفاة موسى لو فرض، إنما هو للنبوّة لا للخلافة عنه، وقد نفيت النبوّة هنا، لاستحالة كون علي نبيّاً، فيلزم نفي مسبّبها الذي هو افتراض الطاعة ونفاذ الأمر »(٢) .

أقول:

لكنه توهّم باطل لوجوه:

الأول : إن لازم ما ذكوره أن لا يكون أمير المؤمنينعليه‌السلام خليفةً في المرتبة الرابعة أيضاً، لأنّ النبوّة منتفية عنه في هذه المرتبة كذلك، فلا يكون مفترض الطاعة فيها.

الثاني : إنه لو كان انتفاء النبوّة مستلزماً لانتفاء وجوب الطاعة ونفاذ الأمر، لما أوجب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الأحاديث الكثيرة - المعتبرة عند الفريقين - طاعة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لكنّ طاعته واجبة بنصّ الأحاديث، وسنذكر بعضها.

الثالث : إذا كان إفتراض الطاعة ونفاذ الأمر مسبباً عن النبوّة لا الخلافة، بطلت خلافة الثلاثة، لانتفاء النبوّة عنهم أيضاً.

الرابع : إنّه لا ريب في أن العصمة من منازل هارونعليه‌السلام ، فعليعليه‌السلام المشبّه به معصوم، لعموم التنزيل، والعصمة مستلزمة للإمامة والخلافة، لقبح تقديم غير المعصوم على المعصوم. ولا يلزم انتفاؤها من انتفاء النبوّة، وإلّا لزم انتفاء العصمة عن الملائكة.

___________________

(١). شرح التجريد: ٣٧٠.

(٢). الصواعق المحرقة: ٧٤.

١٢١

الخامس : لو جعلت النبوة السبب الوحيد في إفتراض الطاعة، فلا يبقى خصوصيّة لافتراض الطاعة، بل لهم أن ينفوا سائر الفضائل عن أمير المؤمنين، بزعم أن جميع فضائل هارون مسببة عن نبوّته لا خلافته.

السادس : إنه ليس إفتراض الطاعة مسبباً عن النبوة فحسب، بل قد تجب الطاعة ولا نبوّة، كوجوب طاعة الله وطاعة الخلفاء. فإذا كان لشيءٍ سببان أو أكثر لم ينتف المسبب بانتفاء أحد الأسباب، وتعدّد الأسباب للشيء الواحد شائع؛ قال ابن هشام في معاني « لو »:

« الثالث: إنها تفيد الإمتناع خاصة، ولا دلالة لها على امتناع الجواب ولا على ثبوته، ولكنه إن كان مساوياً للشرط في العموم - كما في قولك: لو كانت الشمس طالعةً كان النهار موجوداً - لزم إنتفاؤه، لأنه يلزم من انتفاء السبب المساوي إنتفاء مسبّبه، وإنْ كان أعم - كما في قولك: لو كانت الشمس طالعةً كان الضوء موجوداً - فلا يلزم انتفاؤه، وإنما يلزم إنتفاء القدر المساوي منه للشرط. وهذا قول المحققين »(١) .

والعجب من التفتازاني، يتشبّث بالشبهة المذكورة، مع أنّه يحكي عن ابن الحاجب نفس القول المتقدم في معنى « لو » ويرتضيه في شرحيه ( المطوّل ) و ( المختصر ) على ( التلخيص ) حيث يقول:

« ولو للشرط. أي لتعليق حصول مضمون الجزاء لحصول مضمون الشرط فرضاً في الماضي، مع القطع بانتفاء الشرط، فيلزم انتفاء الجزاء، كما تقول: لو جئتني لأكرمتك. معلّقاً للإكرام بالمجيء مع القطع بانتفائه، فيلزم إنتفاء الإكرام، فهي لامتناع الثاني - أعني الجزاء - لامتناع الأول - أعني الشرط. يعني: إن الجزاء منتف بسبب انتفاء الشرط. هذا هو المشهور بين الجمهور.

___________________

(١). مغني اللبيب ١/ ٣٤٠.

١٢٢

واعترض عليه ابن الحاجب: بأن الأول سبب والثاني مسبّب، وانتفاء السبب لا يدل على انتفاء المسبب، لجواز أن يكون للشيء أسباب متعددة، بل الأمر بالعكس، لأن انتفاء المسبب يدل على انتفاء جميع أسبابه، فهي لامتناع الأول لامتناع الثاني. ألا ترى أنّ قوله تعالى( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا ) إنما سيق ليستدل بامتناع الفساد على امتناع تعدّد آلهة، دون العكس.

واستحسن المتأخرون رأي ابن الحاجب، حتى كادوا يجمعون على أنها لامتناع الأول لا متناع الثاني، إمّا لما ذكروه، وإمّا لأن الأول ملزوم والثاني لازم، وانتفاء اللازم يوجب انتفاء الملزوم من غير عكس، لجواز أن يكون اللازم أعم.

وأنا أقول: منشأ هذا الإعتراض قلّة التأمّل، لأنه ليس معنى قولهم: لو لا متناع الثاني لامتناع الأول، أنه يستدل بامتناع الأول على امتناع الثاني، حتى يرد عليه أن انتفاء السبب أو الملزوم يوجب انتفاء المسبب أو اللازم، بل معناه إنها للدلالة على أن انتفاء الثاني في الخارج إنما هو بسبب إنتفاء الأول، فمعنى:( لَوْ شاءَ لَهَداكُمْ ) أن انتفاء الهداية إنما هو بسبب انتفاء المشيّة، يعني إنها تستعمل للدلالة على أن علة إنتفاء مضمون الجزاء في الخارج هي إنتفاء مضمون الشرط، من غير إلتفات إلى أن علّة العلم بانتفاء الجزاء ما هي »(١) .

كلام المرتضى في جواب الشبهة

ثم إنّ القوم لقصر باعهم في علم الكلام، لم يقفوا على كلام السيد المرتضى علم الهدىرضي‌الله‌عنه في جواب هذه الشبهة فإنهرحمه‌الله قال

___________________

(١). المختصر في شرح التلخيص: ٩٤. وانظر المطوّل: ١٦٦ - ١٦٧.

١٢٣

بعد إثبات عموم المنزلة:

« وقد يمكن مع ثبوت هذه الجملة أنْ ترتّب الدليل في الأصل على وجهٍ يجب معه كون هارون مفترض الطاعة على اُمّة موسى لو بقي إلى بعد وفاته، وثبوت مثل هذه المنزلة لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإنْ لم يرجع إلى كونه خليفة له في حال حياته، ووجوب إستمرار ذلك إلى بعد الوفاة، فإنّ في المخالفين من يحمل نفسه على دفع خلافة هارون لموسىعليهما‌السلام في حياته، وإنكار كونه منزلة تنفصل عن نبوّته، وإن كان فيما حمل عليه نفسه ظاهره المكابرة.

ونقول: قد ثبت أنّ هارونعليه‌السلام كان مفترض الطاعة على اُمّة موسىعليه‌السلام ، لمكان شركته له في النبوّة التي لا يتمكن من دفعها، وثبت أنه لو بقي بعده لكان ما يجب من طاعته على جميع اُمّة موسىعليه‌السلام يجب له، لأنه لا يجوز خروجه عن النبوّة وهو حي، وإذا وجب ما ذكرناه - وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أوجب بالخبر لأمير المؤمنين جميع منازل هارون من موسى ونفى أن يكون نبيّاً، وكان من جملة منازله أنه لو بقي بعده لكان طاعته المفترضة على اُمّته، وإن كانت تجب لمكان نبوّته - وجب أن يكون أمير المؤمنينعليه‌السلام المفترض الطاعة على سائر الامّة بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنْ لم يكن نبياً، لأن نفي النبوّة لا يقتضي نفي ما يجب لمكانها، على ما بيّناه.

وإنما كان يجب لنفي النبوّة نفي فرض الطاعة، لو لم يصح حصول فرض الطاعة إلّا للنبي، وإذا جاز أنْ يحصل لغير النبي كالإمام والأمير، علم انفصاله من النبوّة، وأنّه ليس من شرائطها وحقائقها التي تثبت بثبوتها وتنتفي بانتفائها.

والمثال الذي تقدم يكشف عن صحة قولنا، وأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١٢٤

لو صرّح أيضاً بما ذكرناه، حتى يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى في فرض الطاعة على اُمتي وإنْ لم تكن شريكي في النبوة وتبليغ الرسالة، لكان كلامه مستقيماً بعيداً عن التنافي »(١) .

إيراد الرازي الشبهة على وجه الترديد

نعم، قد وقف الفخر الرازي على ما ذكره السيد المرتضى، ولعلّه لذلك ذكر تلك الشبهة بطريق التشكيك لا على وجه الجزم. قال:

« قوله: إن هارون لو عاش بعد موسىعليهما‌السلام ، لقام مقامه في كونه مفترض الطاعة.

قلنا: يجب على الناس طاعته فيما يؤدّيه من الله، أو فيما يؤدّيه عن موسى، أو في تصرّفه في إقامة الحدود؟

الأول مسلّم، ولكن ذلك نفس كونه نبيّاً، فلا يمكن ثبوته في حق عليرضي‌الله‌عنه .

أما الثاني والثالث فممنوع. وتقريره: إن من الجائر أنْ يكون النبيّ مؤدّياً للأحكام عن الله تعالى، ويكون المتولّي لتنفيذ تلك الأحكام غيره.

ألاترى أن من مذهب الإمامية أن موسىعليه‌السلام إستخلف هارونعليه‌السلام على قومه، ولو كان هارون متمكّناً من تنفيذ الأحكام قبل ذلك الإستخلاف لم يكن للإستخلاف فائدة. فثبت أن هارونعليه‌السلام قبل الإستخلاف كان مؤدّياً للأحكام عن الله تعالى، وإنْ لم يكن منفّذاً لها »(٢) .

___________________

(١). الشافي في الامامة ٣ / ١٠ - ١١.

(٢). نهاية العقول - مخطوط.

١٢٥

أقول:

لم يُجب الرازي عن الإحتمال الثاني، وإنْ أوهم بقوله « وتقريره » أن ما ذكره تقرير لمنع كلا الإحتمالين، لكن هذا التقرير لمنع الثالث. ومن الواضح أنْ لا إشكال في افتراض طاعة هارون فيما يؤدّيه عن موسى، وهو الإحتمال الثاني، لأن هارون - وإن كان شريكاً لموسى في النبوّة - فقد كان تابعاً لموسى، وكان موسى هو الأصل في النبوة، كما صرّح به الرازي نفسه(١) والنيسابوري(٢) فأيّ مانعٍ عن بقائه مؤدّياً للأحكام عن موسى لو بقي حيّاً بعده؟

وأما ما ذكره في تقرير منع الإحتمال الثالث، ففي غاية الركة والسخافة، لأنه مع كون هارون أفضل الناس بعد موسىعليهما‌السلام ، فمع فرض وجوده من بعده لا يجوز تولّي غيره تنفيذ الأحكام، لعدم جواز رئاسة المفضول مع وجود الأفضل، بخلاف حال حياة موسى، فإنّ موسى كان أفضل من هارون، فلا قبح في عدم استقلال هارون وانفراده في تنفيذ الأحكام.

فبطل احتمال عدم افتراض طاعة هارون في تنفيذ الأحكام لو بقي حيّاً بعد موسىعليه‌السلام ، وأمّا في حياة موسى، فإنّ وجود الأفضل منه - وهو موسى - منع من انفراده في تنفيذ الأحكام.

وأمّا أمير المؤمنينعليه‌السلام المفترض الطاعة بعد النبي، فلم يكن أفضل منه في الاُمّة، فلا مانع من انفراده في تنفيذ الأحكام، فكان حاله بعد النبي حال هارون بعد موسى عليهم الصلاة والسلام.

___________________

(١). تفسير الرازي ٢٢ / ١٠٧.

(٢). تفسير النيسابوري ٤ / ٥٦٧.

١٢٦

حال هارون في حياة موسى حال النبي قبل البعثة

وتحقيق المقام على وجه يزيل جميع الأوهام هو: أنّه لا تنافي بين وجوب الإنقياد والإطاعة لهارون، وعدم حصول مرتبة تنفيذ الأحكام على سبيل الإنفراد والإستقلال لأن حال هارونعليه‌السلام في تلك الصورة حال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل البعثة، فإنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان موصوفاً بالنبوة ووجوب الطاعة قبل البعثة بل قبل الخلقة، لكن حصول وصف تنفيذ الأحكام له كان موقوفاً على خلقه في هذا العالم وحصول بعثته:

قال الحافظ السيوطي: « قال الشيخ تقي الدين السبكي في كتابه ( التعظيم والمنّة في( لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ) ) في هذه الآية من التنويه بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وتعظيم قدره العلي ما لا يخفى، وفيه مع ذلك أنه على تقدير مجيئه في زمانهم يكون مرسلاً إليهم، فتكون نبوّته ورسالته عامّةً لجميع الخلق، من زمن آدم إلى يوم القيامة، وتكون الأنبياء واُممهم كلّهم من اُمّته، ويكون قوله: بعثت إلى الناس كافّة، لا يختص به الناس من زمانه إلى يوم القيامة، بل يتناول مَن قبلهم أيضاً. ويتبيَّن بذلك معنى قوله صلّى الله عليه وسلّم: كنت نبيّاً وآدم بين الروح والجسد

فحقيقته موجودة من ذلك الوقت، وإنْ تأخّر جسده الشريف المتّصف بها، واتّصاف حقيقته بالأوصاف الشريفة المفاضة عليه من الحضرة الإلهيّة، وإنما يتأخّر البعث والتبليغ وكلّ ما له جهة الله، ومن تأهل ذاته الشريفة وحقيقته معجل لا تأخير فيه، وكذلك استنباؤه وإيتاؤه الكتاب والحكم والنبوة، وإنّما المتأخر تكوّنه وتنقّله، إلى أنْ ظهر صلّى الله عليه وسلّم وغيره من أهل الكرامة

١٢٧

فعرفنا بالخبر الصحيح، حصول ذلك الكمال من قبل خلق آدم لنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم من ربّه سبحانه، وأنه أعطاه النبوة من ذلك الوقت فالنبي هو نبي الأنبياء. ولهذا أظهر ذلك في الآخرة جميع الأنبياء تحت لوائه، وفي الدنيا كذلك ليلة الإسراء صلّى بهم فلو وجد في عصرهم لزمهم اتّباعه بلا شك

فنبوّته ورسالته أعم وأشمل وأعظم، ومتفقه مع شرائعهم في الاُصول، لأنها لا تختلف، وتقدّم شريعته فيما يقع الإختلاف فيه من الفروع، إمّا على سبيل التخصيص وإمّا على سبيل النسخ

وإنما يختلف الحال بين ما بعد وجود جده صلّى الله عليه وسلم وبلوغه الأربعين، وما قبل ذلك، بالنسبة إلى المبعوث إليهم وتأهّلهم لسماع كلامه، لا بالنسبة إليه ولا إليهم لو تأهّلوا قبل ذلك »(١) .

وقال الشيخ عبد القادر العيدروس: « إعلم أنّ الله سبحانه لمـّا أراد إيجاد خلقه أبرز الحقيقة المحمدية من أنواره الصمدية في حضرته في المصدر الأحمدية، ثم سلخ منها العوالم كلها، علوها وسفلها، على ما اقتضاه كمال حكمته وسبق في إرادته وعلمه، ثم أعلمه تعالى بكماله ونبوّته، وبشّره بعموم دعوته ورسالته، وبأنه نبي الأنبياء وواسطة جميع الأصفياء وأبوه آدم بين الروح والجسد.

ثم انبجست منه عيون الأرواح، فظهر ممدّاً لها في عالمها المتقدم على عالم الأشباح، وكان هو الجنس العالي على جميع الأجناس، والأب الأكبر لجميع الموجودات والناس. فهو - وإنْ تأخّر وجود جسمه - متميّز على العوالم كلّها برفعته وتقدمه، إذ هو خزانة السر الصمداني ومحتد تفرّد الإمداد الرحماني.

وصحّ في مسلم أنه صلّى الله عليه وسلّم قال: إن الله تعالى كتب مقادير الخلق قبل أنْ يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء،

___________________

(١). الخصائص الكبرى ١ / ٤.

١٢٨

ومن جملة ما كتب في الذكر - وهو اُمّ الكتاب - أن محمّداً خاتم النبيين.

وصحّ أيضاً: إني عند الله لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته أي: لطريح ملقى قبل نفخ الروح فيه.

وصحّ أيضاً [ إنه قيل له ]: يا رسول الله متى كنت نبيّاً؟ قال: وآدم بين الروح والجسد. ويروى: كتبت. من الكتابة.

وخبر: كنت نبياً وآدم بين الماء والطين. قال بعض الحفاظ: لم نقف عليه بهذا اللفظ. وحسَّن الترمذي خبر: يا رسول الله متى وجبت لك النبوّة؟ قال: وآدم بين الروح والجسد.

ومعنى وجوب النبوّة وكتابتها: ثبوتها وظهورها في الخارج، نحو:( كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَ ) ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ) والمراد ظهورها للملائكة وروحه صلّى الله عليه وسلّم في عالم الأرواح، إعلاماً بعظيم شرفه وتميّزه على بقيّة الأنبياء. وخصَّ الإظهار بحالة كون آدم بين الروح والجسد، لأنه أو ان دخول الأرواح إلى عالم الأجساد، والتمايز حينئذٍ أتم وأظهر. فاختص صلّى الله عليه وسلّم بزيادة إطهار شرفه حينئذٍ، ليتميَّز على غيره تميّزاً أعظم وأتم.

وأجاب الغزالي عن وصفه نفسه بالنبوة قبل وجود ذاته، وعن خبر:

أنا أوّل الأنبياء خلقاً وآخرهم بعثاً: بأنّ المراد بالخلق هنا التقدير لا الإيجاد، فإنه قبل أنْ تحمل به اُمّه لم يكن مخلوقاً موجوداً، ولكن الغايات والكمالات سابقة في التقدير لاحقة في الوجود، فقوله: كنت نبياً، أي في التقدير قبل تمام خلقة آدم، إذ لم ينشأ إلّا لينتزع من ذريّته محمد، وتحقيقه أن للدار في ذهن المهندس وجوداً ذهنيّاً سبباً للوجود الخارجي وسابقاً عليه، فالله تعالى يقدّر ثم يوجد على وفق تقدير بانيها. انتهى ملخصاً.

وذهب السبكي إلى ما هو أحسن وأبين، وهو: إنه جاء: أن الأرواح

١٢٩

خلقت قبل الأجساد، فالإشارة بكنت نبيّاً إلى روحه الشريفة أو حقيقة من حقائقها، ولا يعلمها إلّا الله ومن حباه بالإطلاع عليها »(١) .

وقد ذكر ابن حجر المكي في ( الفتاوي الحديثية ) كلام السبكي في أدلّة بعثة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الملائكة كذلك.

وقال محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي: « ويستدل بخبر الشعبي وغيره مما تقدم في الباب السابق: على أنه صلّى الله عليه وسلّم ولد نبيّاً، فإنّ نبوّته وجبت له حين أخذ منه الميثاق، حيث استخرج من صلب آدم، فكان نبيّاً من حينئذٍ، لكن كانت مدة خروجه إلى الدنيا متأخرةً عن ذلك، وذلك لا يمنع كونه نبياً، كمن يولّي ولايةً ويؤمر بالتصرّف فيها في زمن مستقبل، فحكم الولاية ثابت له من حين ولايته، وإن كان تصرفه يتأخر إلى حين مجيء الوقت، والأحاديث السابقة في باب تقدّم نبوّته صريحة في ذلك »(٢) .

أقول:

حديث الشعبي هو: ما أخرجه ابن سعد عنه مرسلاً: قال رجل: يا رسول الله متى استنبئت؟ قال صلّى الله عليه وسلّم: وآدم بين الروح والجسد حين أخذ منّي الميثاق »(٣) .

وقال نور الدين الحلبي: « وفي الوفاء عن ميسرة قلت: يا رسول الله متى كنت نبياً؟ قال: لمـّا خلق الله الأرض واستوى إلى السماء فسوّاهنَّ سبع سماوات وخلق العرش، كتب على ساق العرش محمد رسول الله خاتم الأنبياء، وخلق

___________________

(١). النور السافر عن أخبار القرن العاشر ٦ - ٧.

(٢). سبل الهدى والرشاد ١ / ٨٣.

(٣). طبقات ابن سعد١/ ١٤٨.

١٣٠

الله الجنة التي أسكنها آدم وحواء، وكتب اسمي، أي موصوفاً بالنبوّة أو بما خصَّ منها وهو الرسالة على ما هو المشهور على الأبواب والأرواق والقباب والخيام، وآدم بين الروح والجسد، أي قبل أن تدخل الروح جسده، فلما أحياه الله نظر إلى العرش، فرأي اسمي، فأخبره الله تعالى أنه سيد ولدك، فلمـّا غرّهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه.

أي: فقد وصف صلّى الله عليه وسلّم بالنبوة قبل وجود آدم »(١) .

والحاصل: إن نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان متّصفاً بالنبوة قبل مجيئه إلى هذا العالم، فحال هارون قبل وفاة موسى -عليهما‌السلام - كذلك، وكذا حال أمير المؤمنين في حياة رسول الله، صلّى الله عليهما وآلهما وسلّم.

والمراد من الإمامة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المختصة بأمير المؤمنينعليه‌السلام هو تنفيذ الأحكام الشرعيّة، والتصرّف في شئون المسلمين وغيرهم، ومن الواضح أنْ لا وجه لثبوتها له بهذا المعنى في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أمّا إمامته في حياته فهو وجوب انقياد الناس له واتّباعه في أوامره ونواهيه، ونفوذ تصرّفه نيابةً عن النبي، وهذه الإمامة بهذا المعنى ثابتة له في حياته، بل في الزمان السابق عليها، كما يدل عليه ( حديث النّور ) وغيره من الأحاديث الدالّة على كونه إماماً منذ كون محمدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نبيّاً.

وبالجملة، لا إشكال في كونهعليه‌السلام إماماً في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنْ تأخّر تصرّفه الكلّي المستقل عن حياته الكريمة، كما ذكر محمد بن يوسف الصالحي في نفس نبوة نبيّنا

وعلى ما ذكرنا في معنى الإمامة الثابتة لهعليه‌السلام في حياة النبي، لا

___________________

(١). السيرةالحلبية ١ / ٢٩٨.

١٣١

يرد إشكال امتناع اجتماع النبوة لنبي والإمامة للإمامعليه‌السلام في زمنٍ واحد.

فمن الغرائب قول ( الدهلوي ) في الباب الحادي عشر من كتابه: « النوع التاسع أخذ القوّة مكان الفعل، كقولهم: إنّ الأمير كان إماماً في حضور النبي، لقوله: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، فلو لم يكن بعده إماماً لزم عزله، وعزل الإمام غير جائز. والحال أنه في حضور النبيّ لم يكن إماماً بالفعل بل بالقوّة، وعزل الإمام بالقوة، بمعنى عدم نصب جائز، لوجود الأرجح منه»(١) .

وهو كلام واضح البطلان جدّاً، لأن ثبوت الإمامة بالقوّة من حديث المنزلة لأمير المؤمنينعليه‌السلام يكفي لثبوت مرام الإمامية، لأنه حينئذٍ يكون نصّاً على إمامته، فيتعيّنعليه‌السلام لها، وتكون الخلافة حقّه، ولا حقّ لمن لا نصَّ عليه أصلاً.

وهذه الإمامة نظير نبوّة نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل وجوده الظاهري وبعثته إلى الناس وكما لا يجوز تقدّم أحد عليه في النبوة بعد وجوده في هذا العالم، كذلك لا يجوز تقدم أحد على الإمامعليه‌السلام في الإمامة

ثمّ إن في كلامه المذكور تجويز « عزل » الوصي بالحق، وهو يناقض ما نصَّ عليه - في بحث حديث المنزلة وقد تقدم كلامه - من أن العزل يوجب الإهانة حيث قال: « وانقطاع هذا الإستخلاف ليس بعزل حتى يكون إهانةً ». وأيضاً، يردّه قول ابن القيم - المذكور سابقاً - بأنَّ العزل يدل على النقص.

وما زعمه من وجود « الأرجح » من أمير المؤمنينعليه‌السلام ، مندفع بالأدلّة الكثيرة، وباعتراف ( الدهلوي ) نفسه وغيره بعدم النص على الخلفاء الثلاثة والمفروض دلالة حديث المنزلة على النص عليه باعترافه كذلك.

___________________

(١). التحفة الإثنا عشرية: ٣٥٠.

١٣٢

من تناقضات الرازي

وما ذكره الرازي: « أن من مذهب الإمامية أن موسىعليه‌السلام استخلف هارونعليه‌السلام على قومه، ولو كان هارون متمكّناً من تنفيذ الأحكام قبل ذلك الإستخلاف لم يكن للإستخلاف فائدة، فثبت أن هارونعليه‌السلام قبل الإستخلاف كان مؤدّياً للأحكام عن الله تعالى وإنْ لم يكن منفّذاً لها» فيردّه:

أوّلاً : إنّ إستخلاف هارون لم يكن من مذهب الإمامية فحسب، بل هو مذهب أساطين أهل السنّة كما عرفت، وبه قال الرازي نفسه في تفسيره، فنسبة ذلك إلى الإمامية هنا تناقض ظاهر.

وثانياً : إن هذا الكلام مبطل لكلامه السّابق حيث قال « إنْ سلّمنا دلالة الحديث على العموم، ولكنْ لا نسلّم أن من منازل هارون كونه قائماً مقام موسىعليه‌السلام لو عاش بعد وفاته. قوله: إنه كان خليفةً له حال حياته فوجب بقاء تلك الحالة بعد موته. قلنا: لا نسلّم كونه خليفةً له. أما قوله تعالى:( اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) قلنا: لم لا يجوز أنْ يقال إن ذلك كان على طريق الإستظهار كما قال( وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) لأن هارون كان شريك موسى في النبوّة، فلو لم يستخلفه موسى كان هو لا محالة يقوم بأمر الاُمّة، وهذا لا يكون استخلافاً على التحقيق، لأن قيامه بذلك إنما كان لكونه نبيّاً » لأنّه صريحٌ في عدم ترتّب فائدة على الإستخلاف، وكلامه هنا يفيد لزوم ترتب فائدةٍ عليه، وأنه لا يكفي النبوة لنفوذ الأحكام والأوامر، بل لا بدّ من الإستخلاف.

لكنّك عرفت أن إنكار الإستخلاف - مع الإعتراف بحصول افتراض الطاعة لهارون بغير الإستخلاف - لا يضرّ باستدلال الإماميّة، فإنّ مقصودهم

١٣٣

حاصل في هذه الصورة أيضاً.

وأيضاً، قال الرازي بعد عبارته السّابقة:

« وأيضاً: من مذهبهم أن يوشع بن نون كان نبيّاً بعد موسىعليه‌السلام ، مؤدّياً عن الله تعالى، ولم يكن خليفةً لموسىعليه‌السلام في معنى الإمامة، لأن الخلافة في ولد هارونعليه‌السلام .

وأيضاً: فداود كان مبيّناً للأحكام والمتولّي لتنفيذها طالوت.

فإذا جاز ذلك لم يلزم من تقدير بقاء هراونعليه‌السلام بعد موسىعليه‌السلام كونه متولّياً لتنفيذ الأحكام، وإذا لم يجب ذلك لم يجب كون علي -رضي‌الله‌عنه - أيضاً كذلك ».

ولا يخفى ما فيه فإنّ نفي الإمامية خلافة يوشع عن موسى غير ثابت، بل الأحاديث الواردة من طرق الشيعة والسنّة تدل على وصايته. نعم ظاهر كلام الشهرستاني أن وصايته كانت مستودعةً حتى يبلّغها إلى شبّر وشبير - ولدي هارونعليه‌السلام - وهذا لا ينفي الخلافة عنه، بل يثبتها لكن بطريق الإستيداع، ولا شابة فيه

وأمّا أنّ داود كان مبيّناً للأحكام والمتولّي لتنفيذها طالوت فالجواب عنه: أنّ تولّي طالوت ذلك كان باستخلافٍ من شموئيلعليه‌السلام ، ولا ضير في استخلاف النبيّ غير النبي في تنفيذ الأحكام، قال وليّ الله الدهلوي في ( إزالة الخفا ): « لو أقام معصوم مفترض الطاعة ملكاً بأمر السلطنة صحّت سلطنته، وكان هو الإمام والملك خليفة له، كما فعل شموئيل حيث استخلف طالوت، فكان النبيّ وطالوت الملك ».

فاندفعت شبهات الرازي.

وتلّخص: إنه لو بقي هارون بعد موسى كان هو المنفّذ للأحكام، وأنّه لم

١٣٤

يقم بذلك غيره إلّا على وجه النيابة عنه، ولا ضير فيه. فكذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام النازل منزلة هارون

وليتأمّل العاقل اليلمعي في تهافتات الرازي وتناقضاته كيف ينكر تارةً ترتّب الفائدة على استخلاف هارون، وأخرى يوجب ترتّبها وإلّا فلا استخلاف؟

لكنّ مقصود الإمامية هو دلالة استخلاف هارونعليه‌السلام على ثبوت ثمرة الخلافة له، وسواء كانت هذه الثمرة حاصلةً له قبل الإستخلاف، وكان الإستخلاف مؤكّداً، أو كانت حاصلةً من حين الإستخلاف فإنّ استدلال الإمامية تام بلا كلام بل إنّ ثبوتها له من قبل أنفع وأبلغ للإستدلال، فلا ترد شبهة انقطاع الخلافة أبداً.

وأيضاً، قد عرفت المشابهة بين حال هارون قبل استخلاف موسى إيّاه، وبين حال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل بعثته بالرسالة، فالفائدة المترتّبة على بعثته بعد الأربعين - مع ثبوت نبوّته قبل خلقه - مترتّبة على استخلاف هارون، مع ثبوت افتراض طاعته قبله.

وأيضاً، فإنّ نفس الإستخلاف شرف عظيم وفضل جليل كما عرفت سابقاً

ثم قال الرازي:

« ثم إنْ سلّمنا أن هارون لو عاش بعد موسىعليهما‌السلام ، لكان منفّذاً للأحكام. ولكنْ لا شك في أنه ما باشر تنفيذ الأحكام » إلى آخر ما سبق.

وحاصل هذا الكلام: دلالة وفاة هارون قبل موسى على سلب الخلافة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وقد عرفت جوابه بوجوه عديدةٍ وطرقٍ سديدة.

فدعوى الرازي التعارض والتساقط ساقطة عن الإعتبار.

١٣٥

وأما قوله:

« وعندهم عن ذلك أن هارونعليه‌السلام إنما لم يباشر عمل الإمامة لأنه مات قبل موسىعليه‌السلام ، وأمّا علي -رضي‌الله‌عنه - فإنه لم يمت قبل النبيعليه‌السلام ، فظهر الفرق. فجوابنا عنه: أنْ نقول » إلى آخر ما سبق.

فالغرض منه الردّ على كلام السيد المرتضى علم الهدى في ( الشافي )، والحال أنّ كلامه في غاية القوّة والمتانة، وإيراده بالإختصار والإجمال ليتيسّر نقضه، بعيد عن دأب أهل العلم والفضل

هذا مضافاً إلى الوجه الآخر الذي ذكره السيد بقوله: « لأن هارون وإنْ لم يكن خليفةً » فإنّ السيّدرحمه‌الله عارض القاضي عبد الجبار بقوله: « ولو كان ما ذكره صحيحاً لوجب » وكان على الرازي أن يجيب عن هذا الوجه الجواب الشاف لو أمكنه لا أن يورده ملخّصاً على وجهٍ غير مرضي، فيجيب عنه بزعمه جواباً لا يغني

ونقول للرازي: إنه إنما يلزم انتفاء المسبَّب من انتفاء السّبب، لو كان السبب واحداً لا متعدّداً، ومع تعدّده فإنّه غير لازم كما بيّنا آنفاً ومن هنا لم يدّع الرازي - جازماً - انتفاء المسبب بانتفاء السبب، وإنما قال مردّداً: « إما أن يلزم من انتفاء السبب انتفاء المسبب أو لا يلزم » فعبارته تدل بوضوح على عدم جزمه بالإنتفاء، لكنّ المقلّدين له تجاسروا على الدعو، وزعموا أن انتفاء النبوة يستلزم انتفاء فرض الطاعة.

وأمّا قوله في فرض عدم لزوم انتفاء المسبّب من انتفاء السبب: « عدم إمامة هارونعليه‌السلام إنما كان لموته قبل موسىعليه‌السلام ، فوجب أنْ لا يلزم من عدم موت علي -رضي‌الله‌عنه - قبل رسول اللهعليه‌السلام أنْ لا يحصل له المسبب وهو نفي الخلافة » فغريب جداً.

١٣٦

وذلك للبون الشّاسع بين تمسّك الإماميّة بقضيّة عدم انتفاء المسبب بانتفاء السبب، وبين تمسّك الرازي بها، ولا أظنّ خفاء ذلك الفرق على أدنى المحصّلين، فضلاً عن إمام المناظرين في العلوم العقلية والنقليّة؟! لكنّ التعصّب واللّجاج يغلب على الفهم ويعمي العين

وبالجملة، إنّ تمسّك الإمامية بتلك القضيّة هو في مقام ردّ إستدلال أهل السنّة، ومن الواضح كفاية الإحتمال لإبطال الإستدلال، وتمسّك الرازي بها هو مقام الإستدلال، ولا يكفي للمستدل مجرّد الإحتمال.

وبيان كيفية إستدلال الإماميّة هو: أنهم يستدلّون بحديث المنزلة - بعد إثبات عموم المنزلة - قائلين بأنّ من منازل هارون كونه مفترض الطّاعة، فيجب أن يكون أمير المؤمنينعليه‌السلام مفترض الطّاعة كذلك فهذا منهم إستدلال وهم في مقام الإدّعاء.

من قواعد فن المناظرة

فإن قال قائل من أهل السنّة في الجواب: بأن افتراض الطاعة كان مسبّباً عن النبوّة، وحيث هي منتفية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فافتراض الطّاعة منتفٍ كذلك، لانتفاء المسبَّب بانتفاء سببه فقد خالف الأدلّة المتفق عليها، ثمّ إنّه يكون المدّعي وعليه إثبات أنّه إذا انتفت النبوّة انتفى وجوب الطّاعة، وهذا أوّل الكلام، وللإماميّة منعه مع قولهم بافتراض الطّاعة، وحينئذٍ يكفي للمنع مجرد إبداء احتمال عدم الإنتفاء، وعلى أهل السنّة إثبات الملازمة، حتى تقع المعارضة ويكون التساقط.

هذا واقع المطلب، وهو ما يقتضيه قواعد المناظرة وإنْ كنت في شكٍ ممّا ذكرناه، فلنورد كلام بعض المحققين في فن المناظرة:

١٣٧

قال الشيخ عبد الرشيد الجونفوري في ( شرح الرسالة الرشيدية ): « فإذا أقام المدّعي الدليل ويسمّى حينئذٍ معللاً تمنع مقدمة معينة منه مع السند، كما إذا منع الحكيم كبرى دليل المتكلّم بأنْ يقول لا نسلّم أن كل متغيّر حادث، مستنداً بأنه لِمَ لا يجوز أنْ يكون بعض المتغيّر قديماً، أو مجرداً عنه، أي عارياً عن السند، فيجاب بإبطال السند إذا مع مع السند بعد إثبات التساوي، أي بعد بيان كون السند مساوياً لعدم المقدمة الممنوعة، بأنْ يكون كلّما صدق السند صدق عدم المقدمة الممنوعة وبالعكس، ليفيد إبطاله بطلان المنع، كأن يثبت المتكلّم كون قوله يجوز أنْ يكون بعض المتغيّر قديماً مساوياً لعدم كون كل متغيّر حادثاً، ثم يبطل بالدليل ذلك الجواز أو يجاب بإثبات المقدمة الممنوعة، أعم من أن لم يكن المانع مستنداً بشيء، أو يكون مستنداً بالسند المساوي أو غيره، مع التعرّض بما تمسّك به، إنْ كان متمسّكاً بشيء، والتعرض مستحسن وليس بواجب

وينقض الدليل إذا كان قابلاً للنقض بأحد الوجهين المذكورين من التخلف ولزوم المحال ويعارض إنْ كان قابلاً للمعارضة بأحد الوجوه الثلاثة المذكورة، من المعارضة بالقلب أو المعارضة بالمثل أو المعارضة بالغير كما مر.

فيجاب في صورتي النقض والمعارضة بالمنع إذا كان قابلاً له، أو النقض إن كان صالحاً له، أو المعارضة إن كان قابلاً لها، لأن المعلّل الأول بعد النقض والمعارضة يصير سائلاً، فيكون له ثلاث مناصب كما كانت للسائل الأول، وقد يورد الأسؤلة الثلاثة على كلّ واحدٍ منهما، فكلمة أو لمنع الخلوّد دون الجمع ».

قال: « والمعارضة إقامة الدليل على خلاف ما أقام الدليل عليه الخصم، والمراد بالخلاف ما ينافي مدّعي الخصم، سواء كان نقيضه أو مساوي نقيضه أو أخصّ منه، لا ما يغايره مطلقاً، كما يشعر به لفظ الخصم، لأنه إنما يتحقق

١٣٨

المخاصمة لو كان مدلول دليل أحدهما ينافي مدلول دليل الآخر، فإنْ اتّحد دليلاهما بأنْ اتّحدا في المادة والصروة جميعاً، كما في المغالطات العامة الورود أو صورتهما فقط، بأنْ اتّحدا في الصورة فقط، بأن يكونا على الضرب الأول من الشكل الأول ومثلاً مع اختلافهما في المادة، فمعارضة بالقلب، إنْ اتحد دليلاهما، ومعارضة بالمثل إن اتّحد صورتهما، وإلّا أي وإنْ لم يتّحدا لا صورةً ولا مادّةً فمعارضة بالغير ».

وبالجملة، فإنّ المعارضة إقامة الدليل، فالمعارض مستدل على خلاف ما أقام الخصم الدليل عليه، فيكفي لدفع المعارضة مجرّد إبداء الإحتمال، لأنه إذا جاز الإحتمال بطل الإستدلال.

لكنّ الرازي - بتمسّكه بعدم مباشرة هارونعليه‌السلام تنفيذ الأحكام، بسبب موته قبل موسىعليه‌السلام - يستدل على عدم إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والإستدلال دليل الدعوى، فالرازي مدّع، ومن هنا يجعل دليله معارضاً لدليل الإمامية ويقول « إذا تعارضا تساقطا ».

فهذه دعواه، وذاك دليله.

فإنْ قال الإماميّة بأنّه لا يلزم من عدم إمامة هارون - بسبب موته قبل موسى - عدم إمامة أمير المؤمنين، لعدم حصول سبب النفي وهو موته في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كان الإمامية في مقام المنع لا الإستدلال، وللمانع يكفي مجرّد الإحتمال.

أمّا أهل السنّة، فلكونهم في مقام الإستدلال، فلا يكفي لهم احتمال أنْ يقوم سبب آخر - لنفي إمامة الأمير - مقام الموت في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وعلى أساس ما ذكرناه نقول بأنَّ مجرّد عدم موت أمير المؤمنين عليه‌

١٣٩

السلام كاف لعدم انتفاء الخلافة عنه، ومن الواضح عدم تحقّق سببٍ آخر موجب لانتفائها، فالخلافة ثابتة لسيّدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فالتقرير المذكور من الرازي لا يفي بغرضه، حتى لو لم يكن في مقام الإستدلال، لأن تقرير إثبات افتراض الطاعة هو بَعد إثبات عموم المنازل الثابت بحديث المنزلة، فيكون افتراض طاعته في حياة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثابتاً، كافتراض طاعة هارون في حياة موسىعليهما‌السلام ، أمّا عدم حصول افتراض الطاعة لهارون بعد موسى فهو لأجل موته قبله، وهذا السبب في حق الأمير منتف، واحتمال سنوح سبب آخر يمنع افتراض طاعته بعد النبي باطل، لأنه بعد ثبوت فرض طاعته في حياة النبي يثبت فرضها بعده بالإجماع المركّب، وهذا الإجماع دليل قاطع على عدم حصول سببٍ آخر يوجب نفي خلافته ويقوم مقام الموت في السببيّة لنفيها.

وأيضاً، إفتراض طاعة هارون كان على جميع اُمّة موسى على العموم والشمول، فكذلك افتراض طاعة أمير المؤمنين، فهو على جميع اُمّة نبيّنا على العموم والشمول، فيكون أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم ممّن تجب عليهم طاعته في حياة النبي، ولا يجوّز عقل عاقلٍ زوال هذا الفرض بعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضلاً عن انقلابه، بأنْ تكون طاعة كلّ واحدٍ منهم على الترتيب واجبةً على أمير المؤمنينعليه‌السلام وهذا وجه آخر لعدم حصول سببٍ آخر - غير الموت - لنفي خلافة الأميرعليه‌السلام .

وأيضاً، لمـّا ثبت فرض طاعته، كان هذا الحكم متسصحباً حتى مجيء الرافع اليقيني، وليس في البين رافع يقيني بل ولا ظنّي، ومن ادّعاه فهو مكابر.

وفي ( عماد الإسلام ) في جواب هذا القول:

« ويرد عليه: أنا لا نمنع هذا التجويز في نفسه، نظراً إلى إمكان أن يكون

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

أربع أو ركعتان، وأفضلهما ثمان، ثمّ تستقبل القبلة نحو قبر أبي عبدالله( عليه‌السلام ) وتقول: « أنا مودّعك يا سيدي وابن سيدي علي بن الحسين(١) ، ومودّعكم يا سادتي(٢) يا معاشر الشهداء، فعليكم سلام الله ورحمته ورضوانه وبركاته ».

أقول: وتقدم ما يدل على ذلك(٣) .

٩٧ - باب استحباب زيارة المؤمنين خصوصاً الصلحاء

[ ١٩٨٥٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن يعقوب بن شعيب قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) يقول: من زار أخاً(٤) في جانب المصر ابتغاء وجه الله فهو زوره(٥) ، وحقّ على الله أنّ يكرم زوره.

[ ١٩٨٦٠ ] ٢ - وعن الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر ابن محمّد، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: ما زار مسلّم أخاه المسلّم في الله ولله إلّا ناداه عزّ وجلّ: أيّها الزائر طبت وطابت لك الجنة.

ورواه الصدوق في ( ثواب الأَعمال) وفي( كتاب الإِخوان) عن محمّد بن

____________________

(١) في المصدر: يامولاي وابن مولاي وياسيدي وابن سيدي، ومودعك ياسيدي وابن سيدي ياعلي بن الحسين.

(٢) في المصدر: ياساداتي.

(٣) تقدم في الحديث ٤ من الباب ٩٥ من هذه الأبواب.

الباب ٩٧

فيه ١٢ حديثاً

١ - الكافي ٢: ١٤١ / ٥.

(٤) في المصدر: أخاه.

(٥) الزور: الزائر. ( الصحاح - زور - ٢: ٦٧٣ ).

٢ - الكافي ٢: ١٤٢ / ١٠.

٥٨١

الحسن، عن الصفار، عن أحمد بن إسحاق(١) .

ورواه الحميري في ( قرب الإِسناد ) عن أحمد بن إسحاق مثله(٢) .

[ ١٩٨٦١ ] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبي حمزة، عن العبد الصالح (عليه‌السلام ) قال: من زار أخاه المؤمن لله لا لغيره يطلب به ثواب الله وتنجّز ما وعده الله عزّ وجلّ وكل الله به سبعين ألف ملك من حين يخرج من منزله حتّى يعود إليه ينادونه إلّا طبت وطابت لك الجنة تبوّأت من الجنّة منزلاً.

وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي حمزة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) نحوه(٣) .

وعنه، عن أحمد، عن محمّد بن خالد، والحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن بشير، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) نحوه(٤) .

[ ١٩٨٦٢ ] ٤ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: إنّ لله عزّ وجلّ جنة لا يدخلها إلّا ثلاثة: رجل حكم على نفسه بالحق، ورجل زار أخاه المؤمن في الله، ورجل آثر أخاه المؤمن في الله.

____________________

(١) ثواب الأعمال: ٢٢١ / ١، ومصادقة الإِخوان: ٥٦ / ١.

(٢) قرب الإِسناد: ١٨.

٣ - الكافي ٢: ١٤٣ / ١٥.

(٣) الكافي ٢: ١٤٠ / ١.

(٤) الكافي ٢: ١٤٢ / ٩.

٤ - الكافي ٢: ١٤٢ / ١١.

٥٨٢

ورواه الصدوق في ( الخصال ) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد مثله(١) .

[ ١٩٨٦٣ ] ٥ - وعنه، عن محمّد بن أحمد، عن بعض أصحابنا، عن محمّد ابن عبدالله، عن محمّد بن زيد، عن أبي الحسن الأوّل (عليه‌السلام ) قال: من لم يستطع أن يصلنا فليصل فقراء شيعتنا، ومن لم يستطع أن يزور قبورنا فليزر صلحاء إخواننا.

ورواه الصدوق مرسلاً(٢) .

[ ١٩٨٦٤ ] ٦ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمرّ اليماني، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : حدثني جبرئيل أنّ الله أهبط إلى الأَرض ملكاً، فأقبل ذلك الملك يمشي حتّى وقع إلى باب عليه رجل يستأذن على ربّ الدار، فقال له الملك: ما حاجتك إلى ربّ هذه الدار؟ قال: أخ لي مسلّم زرته في الله تعالى، فقال له الملك: ما جاء بك إلّا ذاك؟ فقال: ما جاء بي إلّا ذاك، فقال: فإنّي رسول الله إليك وهو يقرئك السلام ويقول: وجبت لك الجنّة.

وقال الملك: إنّ الله عزّ وجلّ يقول: أيّما مسلم زار مسلماً فليس إيّاه زار، إيّاي زار وثوابه عليّ الجنّة.

ورواه الصدوق في ( المجالس ) وفي ( ثواب الأَعمال ) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي جميلة، عن جابر،

____________________

(١) الخصال: ١٣١ / ١٣٦.

٥ - الكافي ٤: ٥٩ / ٧، وأورده في الحديث ١ من الباب ٥٠ من أبواب الصدقة.

(٢) الفقيه ٢: ٤٣ / ١٩١.

٦ - الكافي ٢: ١٤١ / ٣.

٥٨٣

عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) نحوه، إلّا أنّه قال: ربّك يقرئك السلام ويقول: إياي زرت(١) ولي تعاهدت، وقد أوجبت لك الجنة، وأعتقتك من غضبي(٢) وأجرتك من النار(٣) .

[ ١٩٨٦٥ ] ٧ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن النهدي، عن الحصين عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: من زار أخاه في الله، قال الله عزّ وجلّ: إيّاي زرت، وثوابك علي ولست أرضى لك ثواباً بدون الجنة.

[ ١٩٨٦٦ ] ٨ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من زار أخاه في الله(٤) ، قال الله عزّ وجلّ له: أنت ضيفي وزائري، عليّ قراك، وقد أوجبت لك الجنّة بحبك إياه.

[ ١٩٨٦٧ ] ٩ - وعن علي، عن أبيه(٥) ، عن علي بن النهدي، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: من زار أخاه المؤمن(٦) في الله ولله جاء يوم القيامة يخطر بين قباطي من نور، لا يمرّ بشيء إلّا أضاء له حتّى يقف بين

____________________

(١) في الامالي والثواب: إياي أردت.

(٢) في الامالي والثواب: وأعفيتك من غضبي.

(٣) أمالي الصدوق ١٦٦ / ٧، وثواب الأعمال: ٢٠٤ / ١.

٧ - الكافي ٢: ١٤١ / ٤.

٨ - الكافي ٢: ١٤١ / ٦.

(٤) في المصدر: من زار أخاه في بيته.

٩ - الكافي ٢: ١٤٢ / ٨.

(٥) في المصدر زيادة: عن ابن أبي عمير.

(٦) ليس في المصدر.

٥٨٤

يدي الله، فيقول الله عزّ وجلّ له: مرحباً، وإذا قال الله عزّ وجلّ: مرحباً أجزل له العطية.

[ ١٩٨٦٨ ] ١٠ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أبي القاسم جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن سعد، عن محمّد بن الحسين، عن ( محمّد بن مهزيار، عن علي البزاز )(١) قال: سمعت أبا الحسن الأَوّل (عليه‌السلام ) يقول: من لم يقدر على زيارتنا فليزر صالحي إخواننا(٢) يكتب له ثواب زيارتنا، ومن لم يقدر على صلتنا فليزر صالحي إخوأنّه(٣) تكتب له ثواب صلتنا.

ورواه الصدوق في ( ثواب الأَعمال ) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن أحمد بن محمّد بإسناد ذكره عن الصادق (عليه‌السلام ) مثله(٤) .

[ ١٩٨٦٩ ] ١١ - جعفر بن محمّد بن قولويه في ( المزار ) عن محمّد بن جعفر الرزاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عمرو بن عثمان قال: سمعت أبا الحسن الأَول (عليه‌السلام ) يقول وذكر نحوه.

وعن محمّد بن الحسن، عن الحسن بن متيل، عن محمّد بن عبدالله ابن مهران، عن عمرو بن عثمان نحوه(٥) .

____________________

١٠ - التهذيب ٦: ١٠٤ / ١٨١.

(١) في المصدر: محمّد بن مهران، عن علي بن عثمان الرازي.

(٢) في المصدر: صالح إخوانه.

(٣) في المصدر: ومن لم يقدر أنّ يصلنا فليصل صالح إخوانه.

(٤) ثواب الأعمال: ١٢٤ / ١.

١١ - كامل الزيارات: ٣١٩.

(٥) كامل الزيارات: ٣١٩.

٥٨٥

وروى الصدوق في ( كتاب الإِخوان ) أكثر الأَحاديث السابقة والآتية، وروى أحاديث أُخر بمعناها(١) .

[ ١٩٨٧٠ ] ١٢ - محمّد بن علي بن الحسين في ( الخصال ) عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن الحسن بن محبوب، عن عباد بن صهيب قال: سمعت جعفر بن محمّد (عليه‌السلام ) يحدّث قال: إنّ ضيف الله عزّ وجلّ رجل حج واعتمرّ فهو ضيف الله حتّى يرجع إلى منزله، ورجل كان في صلاته فهو في كنف الله عزّ وجلّ حتّى ينصرف، ورجل زار أخاه المؤمن في الله عزّ وجلّ فهو زائر الله في عاجل ثوابه وخزائن رحمته.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٩٨ - باب استحباب لقاء اخوان المؤمنين واجتماعهم على ذكر الأئمّة ( عليهم‌السلام )

[ ١٩٨٧١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : لقاء الإِخوان مغنم جسيم وإن قلّوا.

____________________

(١) مصادقة الاخوان: ٥٦ ( باب زيارة الاخوان ).

١٢ - الخصال: ١٢٧ / ١٢٧.

(٢) تقدم في الحديث ٣ من الباب ٢ من أبواب مواقيت الصلاة وفي الباب ١٠ من أبواب أحكام العشرة.

(٣) يأتي في الأبواب ٩٨ و ٩٩ و ١٠٠ من هذه الأبواب.

الباب ٩٨

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٢: ١٤٣ / ١٦، وأورده عن مصادقة الإِخوان في الحديث ٤ من الباب ١٠ من أبواب أحكام العشرة.

٥٨٦

[ ١٩٨٧٢ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن خيثمة قال: دخلت على أبي جعفر (عليه‌السلام ) أُودّعه فقال: يا خيثمة، أبلغ من ترى من موالينا السلام، وأوصهم بتقوى الله العظيم، وأنّ يعود غنيهم على فقيرهم وقويهم على ضعيفهم، وأنّ يشهد حيهم جنازة ميتهم، وأنّ يتلاقوا في بيوتهم، فإنّ لقيا بعضهم بعضاً حياة لأَمرنا، رحم الله من أحيى أمرنا الحديث.

ورواه الطوسي في ( أماليه ) عن أبيه، عن المفيد، عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) أنّه قال لخيثمة، وذكر مثله(١) .

ورواه الحميري في ( قرب الإِسناد ) عن أحمد ابن إسحاق مثله(٢) .

[ ١٩٨٧٣ ] ٣ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن صفوان الجمال، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: أيّما ثلاثة مؤمنين اجتمعوا عند أخ لهم يأمنون بوائقه ولا يخافون غوائله ويرجعون ما عنده أنّ دعوا الله أجابهم، وأنّ سألوا أعطاهم، وأنّ استزادوا زادهم، وأنّ سكتوا ابتدأهم.

[ ١٩٨٧٤ ] ٤ - الحسن بن محمّد الطوسي في ( الأَمالي ) عن أبيه، عن المفيد، عن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن الصفار، عن أحمد

____________________

٢ - الكافي ٢: ١٤٠ / ٢، وأورد نحوه عن السرائر في الحديث ٧ من الباب ١ من أبواب أحكام العشرة.

(١) أمالي الطوسي ١: ١٣٥.

(٢) قرب الإِسناد: ١٦.

٣ - الكافي ٢: ١٤٣ / ١٤.

٤ - أمالي الطوسي ١: ١٧٦، وأورده في الحديث ٢١ من الباب ٣٩ من أبواب الصلوات المندوبة، ونحوه عن مصادقة الإِخوان في الحديث ٧ من الباب ١٠ من أبواب أحكام العشرة.

٥٨٧

ابن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن أبان بن عثمان، عن بحر السقّاء قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إنّ من روح الله ثلاثة: التهجد بالليل، وإفطار الصائم، ولقاء الإِخوان.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٩٩ - باب استحباب زيارة الأخ المؤمن في الصحة والمرض، والقرب والبعد ولو من مسيرة سنّة

[ ١٩٨٧٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي، غرة قال: سمعت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) يقول: من زار أخاه في الله في مرض أو صحة لا يأتيه خداعاً ولا استبدالاً، وكل الله به سبعين ألف ملك ينادون في قفاه: أنّ طبت وطابت لك الجنّة، فأنتم زوار الله، وأنتم وفد الرحمن حتّى يأتي منزله، فقال له بشير(٣) : جعلت فداك فأنّ كان المكان بعيداً؟ قال: نعم يا بشير(٤) وأنّ كان المكان مسيرة سنّة، فإنّ الله جواد، والملائكة كثير(٥) يشيعونه حتّى يرجع إلى منزله.

____________________

(١) تقدم في الباب ١٠ وفي الحديث ١ من الباب ٥١ وفي الحديث ١ من الباب ١٢٤ من أبواب أحكام العشرة، وفي الحديثين ٢ و ٤ من الباب ٦٦ وفي الباب ٩٧ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي ما يدلّ على بعض المقصود في البابين ٩٩ و ١٠٠ من هذه الأبواب، وفي الباب ٢٣ من أبواب فعل المعروف.

الباب ٩٩

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٢: ١٤١ / ٧.

(٣ و ٤) في المصدر: يسير.

(٥) في المصدر: كثيرة.

٥٨٨

[ ١٩٨٧٦ ] ٢ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبي الجهم، عن أبي خديجة قال: قال لي أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : كم بينكم(١) وبين البصرة؟ فقلت: في الماء خمس إذا طابت الريح، وعلى الظهر ثمان أو نحو ذلك، فقال: ما أقرب هذا تزاوروا ويتعاهد بعضكم بعضاً، فإنّه لا بدّ يوم القيامة من أن يأتي كلّ إنسان بشاهد يشهد له على دينه.

قال: وإنّ المسلم(٢) إذا رأى أخاه كان حياة لدينه إذا ذكر الله عزّ وجلّ.

[ ١٩٨٧٧ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد ابن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبدالله بن محمّد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه‌السلام ) قال: إنّ المؤمن ليخرج إلى أخيه يزوره فيوكّل الله به ملكاً فيضع جناحاً في الأرض وجناحاً في السماء يظلّه، فإذا دخل إلى منزله نادى الجبّار تبارك وتعالى: أيّها العبد المعظم لحقّي المتبع لآثار نبيي، حقّ عليّ إعظامك، سلني أعطك أدعني، أجبك، اسكت أبتدئك، فإذا انصرف شيعه الملك يظلّه بجناحه حتّى يدخل إلى منزله، ثمّ يناديه تبارك وتعالى: أيّها العبد المعظّم لحقّي، حّق عليّ إكرامك، قد أوجبت لك جنّتي، وشفّعتك في عبادي.

[ ١٩٨٧٨ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين في كتاب ( المقنع ) قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) إذا زار المسلم المسلم قيل له: أيّها الزائر طبت وطابت لك الجنّة.

____________________

٢ - الكافي ٨: ٣١٥ / ٤٩٦.

(١) في المصدر: بينك.

(٢) في المصدر: وقال: إن المسلم.

٣ - الكافي ٢: ١٤٢ / ١٢.

٤ - المقنع: ٩٧.

٥٨٩

[ ١٩٨٧٩ ] ٥ - وفي ( عقاب الأعمال ) بإسناد تقدّم في عيادة المريض(١) عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: ومن مشى زائراً لأَخيه فله بكلّ خطوة حتّى يرجع إلى أهله عتق مأة ألف رقبة، وترفع له مائة ألف درجة، ويمحا عنه مائة ألف سيّئة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

١٠٠ - باب استحباب اختيار زيارة الأخ المؤمن على العتق المندوب

[ ١٩٨٨٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عقبة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: لزيارة مؤمن في الله خير من عتق عشر رقاب مؤمنات، ومن أعتق رقبة مؤمنة وقى كلّ عضوٍ عضواً منه من النار حتّى أنّ الفرج يقي الفرج.

أقول: وتقدم ما يدلّ على ذلك(٤) .

____________________

٥ - عقاب الأعمال: ٣٤٥.

(١) تقدم في الحديث ٩ من الباب ١٠ من أبواب الاحتضار.

(٢) تقدم في الحديث ٣ من الباب ١ من أبواب آداب السفر، وفي البابين ٩٧ و ٩٨ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الباب ١٠٠ الآتي من هذه الأبواب.

الباب ١٠٠

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٢: ١٤٣ / ١٣.

(٤) تقدم في الأبواب ٩٧ و ٩٨ و ٩٩ من هذه الأبواب.

٥٩٠

١٠١ - باب استحباب زيارة قبور المؤمنين، والدعاء لهم، وتلاوة القدر سبعاً عند ذلك

[ ١٩٨٨١ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن صفوان بن يحيى أنّه قال لأَبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما‌السلام ) : بلغني أنّ المؤمن إذا أتاه الزائر أنس به فإذا انصرف عنه استوحش، فقال لا يستوحش.

[ ١٩٨٨٢ ] ٢ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عمرو ابن أبي المقدام، عن أبيه قال: مررت على(١) أبي جعفر (عليه‌السلام ) بالبقيع فمررنا بقبر رجل من أهل الكوفة من الشيعة(٢) ، قال: فوقف(٣) عليه، ثمّ قال: « اللّهم ارحم غربته، وصل وحدته، وآنس وحشته، وأسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك، وألحقه بمن كان يتولّاه » ثمّ قرأ: إنا أنزلناه في ليلة القدر، سبع مرّات.

أقول: وتقدم ما يدلّ على ذلك في الدفن(٤) ، وفي أحاديث أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيّام وغير ذلك(٥) .

____________________

الباب ١٠١

فيه حديثان

١ - الفقيه ١: ١١٦ / ٥٤٤، وأورده في الحديث ١ من الباب ٥٤ من أبواب الدفن.

٢ - التهذيب ٦: ١٠٥ / ١٨٣، وأورده في الحديثين ٢ و ٣ من الباب ٣٤ من أبواب الدفن.

(١) في المصدر: مع.

(٢) في المصدر زيادة: فقلت لأَبي جعفر (عليه‌السلام ) : جعلت فداك هذا قبر رجل من الشيعة.

(٣) في المصدر زيادة: (عليه‌السلام )

(٤) تقدم في البابين ٣٤ و ٥٤ من أبواب الدفن.

(٥) تقدم في الحديث ٧ من الباب ٤١ من أبواب الذبح.

٥٩١

١٠٢ - باب استحباب إتيان المساجد، وأنّ من سبق إلى مسجد أو مشهد كان أحق به يومه وليلته، وإن خرج يتوضأ

[ ١٩٨٨٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: قلت له: نكون بمكة أو بالمدينة أو بالحائر أو في الموضع الذي جاء فيه الخير(١) ، فربمّا خرج الرجل يتوضّأ فيجيء آخر فيصير مكانه، فقال: من سبق إلى موضع فهو أحق به في يومه وليلته.

ورواه ابن قولويه في ( المزار ) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى وسعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام )(٢) .

أقول: وتقدم ما يدلّ على ذلك في المساجد(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه في آداب التجارة(٤) .

____________________

الباب ١٠٢

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٦: ١١٠ / ١٩٥، وأورده عن الكافي في الحديث ١ من الباب ٥٦ من أبواب أحكام المساجد.

(١) في نسخة: الذي يرجا فيه الخير ( هامش المخطوط ).

(٢) كامل الزيارات: ٣٣١.

(٣) تقدم في الباب ٥٦ من أبواب أحكام المساجد.

(٤) يأتي في الباب ١٧ من أبواب آداب التجارة.

٥٩٢

١٠٣ - باب استحباب الزيارة عن المؤمنين وعن المعصومين ( عليهم‌السلام )

[ ١٩٨٨٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود، عن محمّد بن الحسن، عن عبدالله بن جعفر، عن أحمد بن محمّد، عن داود الصرمي قال: قلت له - يعني أبا الحسن العسكري (عليه‌السلام ) -: إنّي زرت أباءك وجعلت ذلك لك(١) ، فقال: لك بذلك من الله ثواب وأجر عظيم، ومنّا المحمدة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في النيابة في الحجّ(٢) .

١٠٤ - باب استحباب إنشاد الشعر في رثاء الحسين ( عليه‌السلام ) وأهل البيت ( عليهم‌السلام ) وبكاء المنشد والسامع

[ ١٩٨٨٥ ] ١ - محمّد بن عمرّ بن عبد العزيز الكشّي في كتاب ( الرجال ) عن نصر بن الصباح، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن يحيى بن عمران، عن محمّد بن سنان، عن زيد الشحام - في حديث -: أنّ أبا عبدالله (عليه‌السلام ) قال لجعفر بن عفان الطائي: بلغني أنّك تقول الشعر في الحسين

____________________

الباب ١٠٣

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٦: ١١٠ / ١٩٩.

(١) في نسخة: لهم. ( هامش المخطوط ) وفي المصدر: لكم.

(٢) تقدّم في الباب ٣٠ من أبواب النيابة في الحج.

الباب ١٠٤

فيه ٦ أحاديث

١ - رجال الكشي ٢: ٥٧٤ / ٥٠٨.

٥٩٣

( عليه‌السلام ) وتجيد؟ قال: نعم(١) ، فأنشده فبكى ومن حوله حتّى سالت الدموع على وجهه ولحيته، ثمّ قال: ياجعفر، والله لقد شهدك ملائكة الله المقربون ههنا يسمعون قولك في الحسين( عليه‌السلام ) ولقد بكوا كما بكينا وأكثر، ولقد أوجب الله - لك يا جعفر - في ساعتك(٢) الجنّة بأسرها وغفر لك، فقال(٣) : إلّا أزيدك؟ قال: نعم يا سيدي، قال: ما من أحد قال في الحسين( عليه‌السلام ) شعراً فبكى وأبكى به، إلّا أوجب الله له الجنّة وغفر له.

[ ١٩٨٨٦ ] ٢ - وعن محمّد بن مسعود، عن علي بن الحسن، عن العباس ابن عامر، وجعفر بن محمّد بن حكيم جميعاً، عن أبان بن عثمان، عن عقبة ابن بشير، عن الكميت بن زيد قال: دخلت على أبي جعفر (عليه‌السلام ) فقال: والله يا كميت لو كان عندنا مال لأَعطيناك منه، ولكن لك ما قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لحسان: لا يزال معك روح القدس ما ذببت عنّا.

ورواه الكليني، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشاء، عن أبان مثله(٤) .

[ ١٩٨٨٧ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين في ( ثواب الأَعمال ) عن أبيه، عن سعد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن

____________________

(١) في المصدر: فقال له: نعم، جعلني الله فداك، فقال: قل.

(٢) في نسخة: في ساعته ( هامش المخطوط ).

(٣) في المصدر: فقال: يا جعفر.

٢ - رجال الكشي ٢: ٤٦٦ / ٣٦٥.

(٤) الكافي ٨: ١٠٢ / ٧٥.

٣ - ثواب الأعمال: ١٠٨ / ١، وكامل الزيارات: ١٠٤، وأورد قطّعة منه في الحديث ١٤ من الباب ٦٦ من هذه الأبواب.

٥٩٤

عقبة، عن أبي هارون المكفوف قال: قال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يا أبا هارون، أنشدني في الحسين( عليه‌السلام ) فأنشدته، فقال: أنشدني كما تنشدون - يعني بالرقة - قال: فأنشدته:

أمرر على جدث(١) الحسين

فقل لأَعظمه الزكيه

قال: فبكى ثمّ قال: زدني فأنشدته القصيدة الأُخرى قال: فبكى فسمعت بكاء من خلف الستر فلمّا فرغت، قال: يا أبا هارون، من أنشد في الحسين شعرا فبكى وأبكى عشرة كتبت لهم الجنّة، ومن أنشد في الحسين شعرا فبكى وأبكى خمسة كتبت لهم الجنّة، ومن أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى واحداً كتبت لهما الجنّة، ومن ذكر الحسين عنده فخرج من عينه من الدمع مقدار جناح ذباب(٢) كان ثوابه على الله ولم يرض له بدون الجنّة.

[ ١٩٨٨٨ ] ٤ - وعن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن الحسين اللؤلؤي، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن الحلبي(٣) ، عن علي بن المغيرة(٤) ، عن أبي عمّارة المنشد، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: قال لي: يا أبا عمّارة، أنشدني للعبدي(٥) في الحسين بن علي (عليهما‌السلام ) قال: فأنشدته فبكى، قال: ثمّ أنشدته فبكى، قال: فو الله ما زلت أُنشده ويبكي، حتّى سمعت البكاء من الدار، فقال لي: يا أبا عمّارة، من أنشد في الحسين شعراً فأبكى خمسين فله

____________________

(١) في نسخة: جسد ( هامش المخطوط ).

(٢) في المصدر: فخرج من عينيه من الدمع مقدار جناح ذبابة.

٤ - ثواب الأعمال: ١٠٩ / ٢، وكامل الزيارات: ١٠٤.

(٣) « عن الحلبي » ليس في الامالي ( هامش المخطوط ) وكذلك الثواب والمزار.

(٤) في المصدرين: الحسن بن علي بن أبي المغيرة.

(٥) « للعبدي » ليس في الامالي ( هامش المخطوط ).

٥٩٥

الجنّة، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى أربعين فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكى ثلاثين فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى عشرين فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى عشرة فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى واحدا فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين شعراً فبكى فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين شعراً فتباكى فله الجنة.

ورواه في ( المجالس ): عن أحمد بن محمّد بن يحيى، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد بن يحيى نحوه، وترك قوله: « عن الحلبي »، وقوله: « للعبدي »(١) .

[ ١٩٨٨٩ ] ٥ - وعن محمّد بن موسى بن المتوكل، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: من أنشد في الحسين بيتا من الشعر فبكى وأبكى عشرة فله ولهم الجنّة، ومن أنشد في الحسين بيتاً فبكى وأبكى تسعة فله ولهم الجنّة، فلم يزل حتّى قال: من أنشد في الحسين بيتاً(٢) فبكى - وأظنّه قال: أو تباكى - فله الجنّة.

جعفر بن محمّد بن قولويه في ( المزار ) عن محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين مثله(٣) . وعن أبي العباس، عن محمّد بن الحسين، وذكر الحديثين اللذين قبله.

وعن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن محمّد بن الحسين وذكر حديث أبي هارون أيضاً مثله(٤) .

____________________

(١) أمالي الصدوق: ١٢١ / ٦.

٥ - ثواب الأعمال: ١١٠ / ٣.

(٢) في المصدر: من أنشد في الحسين (عليه‌السلام ) شعراً.

(٣) كامل الزيارات: ١٠٥.

(٤) كامل الزيارات ١٠٥.

٥٩٦

[ ١٩٨٩٠ ] ٦ - ثمّ قال: وروي عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) أنّه قال: لكل شيء ثواب إلّا الدمعة فينا.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

١٠٥ - باب استحباب مدح الائمة ( عليهم‌السلام ) بالشعر ورثائهم به وإنشائه فيهم، ولو في شهر رمضان ويوم الجمعة وفي الليل

[ ١٩٨٩١ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في ( عيون الأَخبار ) عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : من قال فينا بيت شعر بنى الله تعالى له بيتاً في الجنة(٣) .

[ ١٩٨٩٢ ] ٢ - وعن علي بن عبدالله الوراق، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: ما قال فينا قائل بيت شعر(٤) حتّى يؤيد بروح القدس.

____________________

٦ - كامل الزيارات: ١٠٦.

(١) تقدم في الباب ٦٦ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ١٠٥ الآتي من هذه الأبواب.

الباب ١٠٥

فيه ٨ أحاديث

١ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٧ / ١.

(٣) هذا أول حديث رواه في عيون الأَخبار وبعده الحديثان اللذأنّ بعده هنا، وقد نظمت في مدحهم (عليهم‌السلام ) ما يزيد على عشرة آلاف بيت. « منه قده ».

٢ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٧ / ٢.

(٤) في المصدر: بيتاً من الشعر.

٥٩٧

[ ١٩٨٩٣ ] ٣ - وعن تميم بن عبدالله بن تميم القرشي، عن أبيه، عن أحمد ابن علي الأَنصاري، عن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا (عليه‌السلام ) يقول: ما قال فينا مؤمن شعراً يمدحنا به، إلّا بنى الله له مدينة في الجنّة أوسع من الدنيا سبع مرات، يزوره فيها كل ملك مقرب وكل نبي مرسل.

[ ١٩٨٩٤ ] ٤ - محمّد بن عمرّ بن عبد العزيز الكشي في ( كتاب الرجال ) عن حمدويه بن نصير، عن محمّد بن عيسى، عن حنان، عن عبيد بن زرارة، عن أبيه قال: دخل الكميت بن زيد على أبي جعفر (عليه‌السلام ) وأنا عنده فأنشده:

من لقلب متيّم مستهام

فلمّا فرغ منها قال للكميت: لا تزال مؤيداً بروح القدس ما دمت تقول فينا.

[ ١٩٨٩٥ ] ٥ - وعن محمّد بن مسعود، عن حمدان بن أحمد، عن أبي طالب - يعني عبدالله بن الصلت - قال: كتبت إلىّ أبي جعفر ابن الرضا (عليه‌السلام ) فأذن لي أنّ أرثي أبا الحسن (عليه‌السلام ) - أعنى أباه - قال: وكتب إليّ: اندبني واندب أبي.

[ ١٩٨٩٦ ] ٦ - وعن علي بن محمّد، عن محمّد بن عبد الجبار، عن أبي طالب القمي قال: كتبت إلى أبي جعفر (عليه‌السلام ) بأبيات شعر وذكرت فيها أباه وسألته أنّ يأذن لي في أنّ أقول فيه، فقطّع الشعر وحبسه، وكتب في صدر ما بقي من القرطاس: قد أحسنت جزاك الله خيراً.

____________________

٣ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٧ / ٣.

٤ - رجال الكشي: ٢: ٤٦٧ / ٣٦٦.

٥ - رجال الكشي ٢: ٨٣٨ / ١٠٧٤.

٦ - رجال الكشي ٢: ٨٣٨ / ١٠٧٥.

٥٩٨

[ ١٩٨٩٧ ] ٧ - جعفر بن محمّد بن قولويه في ( المزار ) عن محمّد بن عبدالله ابن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمّد بن سليمان، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حماد، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) - وذكر حديثاً طويلاً في ثواب زيارة الحسين (عليه‌السلام ) إلى أنّ قال - بلغني أنّ قوماً يأتونه من نواحي الكوفة وناساً غيرهم ونساء يندبنه، وذلك في النصف من شعبان، فمن بين قارئ يقرأ، وقاص يقص، ونادب يندب، وقائل يقول المراثي، فقلت له: نعم قد شهدت بعض ما تصفه، فقال: الحمد لله الذي جعل في الناس من يفد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا، وجعل عدونا من يطعن عليهم من قرابتنا وغيرهم يهددونهم ويقبحون ما يصنعون.

[ ١٩٨٩٨ ] ٨ - الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب ( الآداب الدينية ) عن خلف بن حماد قال: قلت للرضا (عليه‌السلام ) : إنّ أصحابنا يروون عن آبائك (عليهم‌السلام ) إنّ الشعر ليلة الجمعة ويوم الجمعة وفي شهر رمضان وفي الليل مكروه، وقد هممت أنّ أرثي أبا الحسن (عليه‌السلام ) وهذا شهر رمضان، فقال لي: ارث أبا الحسن في ليلة الجمعة وفي شهر رمضان وفي الليل، وفي سائر الأيام، فإن الله يكافئك على ذلك.

أقول: وتقدم ما يدلّ على ذلك(١) ، ولعلّ هذا مخصوص بإنشاء الرثاء دون إنشاده، أو على الجواز، وما مرّ على الكراهة(٢) .

____________________

٧ - كامل الزيارات: ٣٢٤.

٨ - الآداب الدينية: ٥٩.

(١) تقدم في الباب ١٠٤ من هذه الأبواب.

(٢) مرّ في الباب ٥١ من أبواب صلاة الجمعة.

٥٩٩

١٠٦ - باب أنّه لا يجوز أن يخاطب أحد بإمرة المؤمنين إلّا علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام )

[ ١٩٨٩٩ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في ( تفسيره ) عن محمّد بن إسماعيل الرازي، عن رجل سماه، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: دخل رجل على أبي عبدالله (عليه‌السلام ) فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقام على قدميه فقال: مه، هذا اسم لا يصلح إلّا لأَمير المؤمنين (عليه‌السلام ) سماه الله به، ولم يُسم به أحد غيره فرضي به إلّا كان منكوحاً، وإن لم يكن(١) ابتلي به ( ابتُلي به )(٢) وهو قول الله في كتابه:( إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إلَّا إناثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَاناً مَرِيداً ) (٣) قال: قلت: فماذا يدعى به قائمكم؟ قال(٤) : السلام عليك يابقية الله، السلام عليك يا بن رسول الله.

[ ١٩٩٠٠ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن جعفر بن محمّد، عن إبراهيم بن إسحاق الدينوري(٥) ، عن عمرّ بن أبي زاهر(٦) ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام ) قال: سأله رجل عن القائم يسلّم عليه بإمرة

____________________

الباب ١٠٦

فيه حديثان

١ - تفسير العياشي ١: ٢٧٦ / ٢٧٤.

(١) في المصدر: وإن لم يكن به.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) النساء ٤: ١١٧.

(٤) في المصدر: قال: يقال له.

٢ - الكافي ١: ٣٤٠ / ٢.

(٥) في المصدر: إسحاق بن إبراهيم الدينوري.

(٦) في المصدر: عمرّ بن زاهر.

٦٠٠

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620