وسائل الشيعة الجزء ١٥

وسائل الشيعة15%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 391

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 391 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 172212 / تحميل: 6188
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

موسى الرضا عليه السلام أنه قال له رجل من أهل خراسان: يا بن رسول الله، رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في المنام كأنه يقول لي: كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي، واستحفظتم وديعتي، وغيب في ثراكم نجمي؟ فقال له الرضا عليه السلام: أنا المدفون في أرضكم، وأنا بضعة من نبيكم، وأنا الوديعة والنجم، ألا فمن زارني وهو يعرف ما أوجب الله تبارك وتعالى من حقي وطاعتي، فأنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة، ومن كنا شفعاؤه نجا ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجن والانس.

ولقد حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه عليهم السلام أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: من رآني في منامه فقد رآني، لان الشيطان لا يتمثل في صورتي، ولا في صورة أحد من أوصيائي، ولا في صورة أحد من شيعتهم، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوة(١) .

١١٢/١١ - حدّثنا محمّد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني أبوعبدالله محمّد بن أحمد بن ثابت بن كنانة، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن العباس أبوجعفر الخزاعي، قال: حدّثنا حسن بن الحسين العرني، قال: حدّثنا عمرو بن ثابت، عن عطاء بن السائب، عن أبي يحيى، عن ابن عباس، قال: صعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم المنبر فخطب، واجتمع الناس إليه، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا معشر المؤمنين، إن الله عزّوجلّ أوحى إلي أني مقبوض، وأن ابن عمي عليا مقتول، وإني - أيها الناس - أخبركم خبرا، إن عملتم به سلمتم، وإن تركموه هلكتم، إن ابن عمي عليا هو أخي ووزيري، وهو خليفتي، وهو المبلغ عني، وهو إمام المتقين، قائد الغر المحجلين، إن استرشدتموه أرشدكم، وإن تبعتموه نجوتم، وإن خالفتموه ضللتم، وإن أطعتموه فالله أطعتم، وإن عصيتموه فالله عصيتم، وإن بايعتموه فالله بايعتم، وإن نكثتم بيعته فبيعة الله نكثتم. إن الله عزّوجلّ أنزل علي القرآن، وهو الذي من خالفه ضل، ومن ابتغى

______________

(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ٢٥٧/١١، من لا يحضره الفقيه ٢: ٣٥٠/١٦٠٨، بحار الانوار ٤٩: ٢٨٣/١.

١٢١

علمه عند غير علي هلك.

أيها الناس، اسمعوا قولي، واعرفوا حق نصيحتي، ولا تخلفوني في أهل بيتي إلا بالذي أمرتم به من حفظهم، فإنهم حامتي(١) وقرابتي وإخوتي وأولادي، وإنكم مجموعون ومساءلون عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. إنهم أهل بيتي، فمن آذاهم آذاني، ومن ظلمهم ظلمني، ومن أذلهم أذلني، ومن أعزهم أعزني، ومن أكرمهم أكرمني، ومن نصرهم نصرني، ومن خذلهم خذلني، ومن طلب الهدى في غيرهم فقد كذبني.

أيها الناس، اتقوا الله، وانظروا ما أنتم قائلون إذا لقيتموه، فإني خصم لمن آذاهم، ومن كنت خصمه خصمته، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم(٢) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله

______________

(١) الحامة: الخاصة من الاهل والولد.

(٢) بشارة المصطفى: ١٦، بحار الانوار ٣٨: ٩٤/١٠.

١٢٢

[ ١٦ ]

المجلس السادس عشر

وهو يوم الثلاثاء

الثاني عشر من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة

١١٣/١ - حدّثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل، قال: حدّثنا عبدالله بن وهب البصري، قال: حدثني ثوابة بن مسعود، عن أنس بن مالك، قال: توفي ابن لعثمان بن مظعون رضي الله عنه، فاشتد حزنه عليه حتى اتخذ من داره مسجدا يتعبد فيه، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال له: يا عثمان، إن الله تبارك وتعالى لم يكتب علينا الرهبانية، إنما رهبانية امتي الجهاد في سبيل الله. يا عثمان بن مظعون، للجنة ثمانية أبواب، وللنار سبعة أبواب، أفما يسرك أن لا تأتي باب منها إلا وجدت ابنك إلى جنبك آخذا بحجزتك(١) ، يشفع لك إلى ربك؟ قال: بلى. فقال المسلمون: ولنا - يا رسول الله - في فرطنا(٢) ما لعثمان؟ قال: نعم، لمن صبر منكم واحتسب.

ثم قال: يا عثمان، من صلى صلاة الفجر في جماعة ثم جلس يذكر

______________

(١) الحجزة: موضع التكة من السراويل، ويقال: أخذ بحجزته، أي التجأ إليه واستعان به.

(٢) الفرط: السابق المتقدم، والمراد هنا موتانا الذين سبقونا.

١٢٣

الله عزّوجلّ حتى تطلع الشمس، كان له في الفردوس سبعون درجة، بعد ما بين كل درجتين كحضر(١) الفرس الجواد المضمر(٢) سبعين سنة، ومن صلى الظهر في جماعة كان له في جنات عدن خمسون درجة بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين سنة، ومن صلى العصر في جماعة كان له كأجر ثمانية من ولد إسماعيل كل منهم رب بيت يعتقهم، ومن صلى المغرب في جماعة كان له كحجة مبرورة وعمرة مقبولة، ومن صلى العشاء في جماعة كان له كقيام ليلة القدر(٣) .

١١٤/٢ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن صالح بن سعد التميمي، عن أبيه، قال: حدّثنا أحمد بن هشام، قال: حدّثنا منصور بن مجاهد، عن الربيع بن بدر، عن سوار بن منيب، عن وهب، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن لله تبارك وتعالى ملكا يسمى سخائيل يأخذ البروات(٤) للمصلين عند كل صلاة من رب العالمين جل جلاله، فإذا أصبح المؤمنون وقاموا وتوضؤوا وصلوا صلاة الفجر، أخذ من الله عزّوجلّ براءة لهم، مكتوب فيها: أنا الله الباقي، عبادي وإمائي في حرزي جعلتكم، وفي حفظي، وتحت كنفي صيرتكم، وعزتي لا خذلتكم، وأنتم مغفور لكم ذنوبكم إلى الظهر.

فإذا كان وقت الظهر فقاموا وتوضؤوا وصلوا، أخذ لهم من الله عزّوجلّ البراءة الثانية، مكتوب فيها: أنا الله القادر، عبادي وإمائي بدلت سيئاتكم حسنات، وغفرت لكم السيئات، وأحللتكم برضاي عنكم دار الجلال.

فإذا كان وقت العصر فقاموا وتوضؤوا وصلوا أخذ لهم من الله عزّوجلّ البراءة الثالثة، مكتوب فيها أنا الله الجليل، جل ذكري وعظم سلطاني، عبيدي وإمائي حرمت

______________

(١) الحضر: ارتفاع الفرس في عدوه.

(٢) ضمر الفرس للسباق: ربطه وعلفه وسقاه كثيرا مدة، ثم يركضه في الميدان حتى يخف ويدق ويقل لحمه.

(٣) بحار الانوار ٧٠: ١١٤/١، و ٨٢: ١١٤/١.

(٤) كذا، ولعلها: البراءات.

١٢٤

أبدانكم على النار، وأسكنتكم مساكن الابرار، ودفعت عنكم برحمتي شر الاشرار. فإذا كان وقت المغرب فقاموا وتوضؤوا وصلوا، أخذ لهم من الله عزّوجلّ البراءة الرابعة، مكتوب فيها: أنا الله الجبار الكبير المتعال، عبيدي وإمائي صعد ملائكتي من عندكم با لرضا، وحق علي أن أرضيكم وأعطيكم يوم القيامة منيتكم.

فإذا كان وقت العشاء فقاموا وتوضؤوا وصلوا، أخذ لهم من الله عزّوجلّ البراءة الخامسة، مكتوب فيها: إني أنا الله لا إله غيري، ولا رب سواي، عبادي وإمائي في بيوتكم تطهرتم، وإلى بيوتي مشيتم، وفي ذكري خضتم، وحقي عرفتم، وفرائضي أديتم، أشهدك يا سخائيل وسائر ملائكتي أني قد رضيت عنهم.

قال: فينادي سخائيل بثلاث أصوات كل ليلة بعد صلاة العشاة: يا ملائكة الله، إن الله تبارك وتعالى قد غفر للمصلين الموحدين. فلا يبقى ملك في السماوات السبع إلا استغفر للمصلين، ودعا لهم بالمداومة على ذلك، فمن رزق صلاة الليل من عبد أو أمة، قام لله عزّوجلّ مخلصا، فتوضأ وضوءا سابغا، وصلى لله عزّوجلّ بنية صادقة وقلب سليم وبدن خاشع وعين دامعة، جعل الله تبارك وتعالى خلفه تسعة صفوف من الملائكة، في كل صف ما لا يحصي عددهم إلا الله تبارك وتعالى، أحد طرفي كل صف بالمشرق والآخر بالمغرب. قال: فإذا فرغ كتب له بعددهم درجات.

قال منصور: كان الربيع بن بدر إذا حدث بهذا الحديث يقول: أين أنت - يا غافل - عن هذا الكرم؟ وأين أنت عن قيام هذا الليل؟ وعن جزيل هذا الثواب، وعن هذه الكرامة(١) ؟

١١٥/٣ - حدّثنا الحسين بن إبراهيم رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي الصلت الهروي، قال: إن المأمون قال للرضا عليه السلام: يابن رسول الله، قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك، وأراك أحق بالخلافة مني. فقال الرضا عليه السلام: بالعبودية لله عزّوجلّ افتخر، وبالزهد في الدنيا

______________

(١) فلاح السائل: ١٨٩، بحار الانوار ٨٢: ٢٠٣/٣.

١٢٥

أرجو النجاة من شر الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عزّوجلّ.

فقال له المأمون: إني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك. فقال له الرضا عليه السلام: إن كانت الخلافة لك وجعلها الله لك، فلا يجوز أن تخلع لباسا ألبسك الله وتجعله لغيرك، وإن كانت الخلافة ليست لك، فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك.

فقال له المأمون: يا بن رسول الله، لا بد لك من قبول هذا الامر، فقال: لست أفعل ذلك طائعا أبدا، فما زال يجهد به أياما حتى يئس من قبوله. فقال له: فإن لم تقبل الخلافة ولم تحب مبايعتي لك، فكن ولي عهدي لتكون لك الخلافة بعدي.

فقال الرضا عليه السلام: والله لقد حدثني أبي، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إني أخرج من الدنيا قبلك مقتولا بالسم مظلوما، تبكي علي ملائكة السماء وملائكة الارض، وأدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد. فبكى المأمون، ثم قال له: يا بن رسول الله، ومن الذي يقتلك، أو يقدر على الاساءة إليك وأنا حي؟ فقال الرضا عليه السلام: أما إني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت. فقال المأمون: يا بن رسول الله، إنما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك، ودفع هذا الامر عنك، ليقول الناس: إنك زاهد في الدنيا. فقال الرضا عليه السلام: والله ما كذبت منذ خلقني ربي عزّوجلّ، وما زهدت في الدنيا للدنيا، وإني لاعلم ما تريد. فقال المأمون: وما أريد؟ قال: لي الامان على الصدق؟ قال: لك الامان. قال: تريد بذلك أن يقول الناس: إن عليّ بن موسى لم يزهد في الدنيا، بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة. فغضب المأمون، ثم قال: إنك تتلقاني أبدا بما أكرهه، وقد أمنت سطواتي، فبالله أقسم لان قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك، فإن فعلت وإلا ضربت عنقك.

فقال الرضا عليه السلام: قد نهاني الله عزّوجلّ أن ألقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الامر على هذا فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك، على أني لا اولي أحدا، ولا أعزل

١٢٦

أحداً، ولا أنقض رسما ولا سنة، وأكون في الامر من بعيد مشيرا. فرضي منه بذلك، وجعله ولي عهده على كراهة منه عليه السلام لذلك(١) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله الطيبين الطاهرين وسلم كثيرا

______________

(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ١٣٩/٣، علل الشرائع: ٢٣٧/١، بحار الانوار ٤٩: ١٢٨/٣.

١٢٧

[ ١٧ ]

المجلس السابع عشر

وهو يوم الجمعة

النصف من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة

١١٦/١ - حدّثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رحمه الله، قال: حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبدالله، قال: حدّثنا أبي، عن محمّد بن أبي عمير، عن مالك بن أنس، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، عن علي عليه السلام، قال: جاء الفقراء إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقالوا: يا رسول الله، إن للاغنياء ما يعتقون به وليس لنا، ولهم ما يحجون به وليس لنا، ولهم ما يتصدقون به وليس لنا، ولهم ما يجاهدون به وليس لنا.

فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: من كبر الله تبارك وتعالى مائة مرة كان أفضل من عتق مائة رقبة، ومن سبح الله مائة مرة كان أفضل من سياق مائة بدنة، ومن حمد الله مائة مرة كان أفضل من حملان مائة فرس في سبيل الله بسرجها ولجمها وركبها، ومن قال: لا إله إلا الله مائة مرة كان أفضل الناس عملا ذلك اليوم إلا من زاد.

قال: فبلغ ذلك الاغنياء فصنعوه، قال: فعادوا إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقالوا: يا رسول الله، قد بلغ الاغنياء ما قلت فصنعوه. فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: ذلك فضل الله يؤتيه

١٢٨

من يشاء(١) .

١١٧/٢ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، قال: حدّثنا أبوطالب عبدالله بن الصلت القمي، قال حدّثنا يونس بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام، قال: إن اسم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في صحف إبراهيم: الماحي، وفي توراة موسى: الحاد، وفي إنحيل عيسى: أحمد، وفي الفرقان: محمّد.

قيل: فما تأويل الماحي؟ فقال: الماحي صورة الاصنام، وماحي الاوثان والازلام وكل معبود دون الرحمن.

قيل: فما تأويل الحاد قال: يحاد من حاد الله ودينه، قريبا كان أو بعيدا.

قيل: فما تأويل أحمد؟ قال: حسن ثناء الله عزّوجلّ عليه في الكتب بما حمد من أفعاله.

قيل: فما تأويل محمّد؟ قال: إن الله وملائكته وجميع أنبيائه ورسله وجميع أممهم يحمدونه ويصلون عليه، وإن اسمه لمكتوب على العرش: محمّد رسول الله.

وكان صلّى الله عليه وآله وسلّم يلبس من القلانس اليمنية والبيضاء والمضربة(٢) ذات الاذنين في الحرب، وكانت له عنزة(٣) يتكئ عليها ويخرجها في العيدين، فيخطب بها، وكان له قضيب يقال له الممشوق، وكان له فسطاط يسمى الكن، وكانت له قصعة تسمى المنبعة(٤) ، وكان له قعب(٥) يسمى الري، وكان له فرسان، يقال لاحدهما: المرتجز، وللآخر: السكب، وكانت له بغلتان، يقال لاحدهما: دلدل، وللاخرى:

______________

(١) ثواب الاعمال: ١٠، تنبيه الخواطر ٢: ١٥٥، بحار الانوار ٩٣: ١٧٠/١١.

(٢) في نسخة: المضرية.

(٣) العنزة: أطول من العصا، وأقصر من الرمح، في أسفلها زج كزج الرمح، يتوكأ عليها.

(٤) في نسخة: السعة، وفي اخرى: المنيعة.

(٥) القعب: قدح من خشب مقعر.

١٢٩

الشهباء، وكانت له ناقتان، يقال لاحدهما: العضباء، وللاخرى: الجدعاء، وكان له سيفان، يقال لاحدهما: ذو الفقار، وللآخر: العون، وكان له سيفان آخران، يقال لاحدهما: المخذم، وللآخر: الرسوم(١) ، وكان له حمار يسمى يعفور، وكانت له عمامة تسمى السحاب، وكانت له درع تسمى ذات الفضول، لها ثلاث حلقات فضة: حلقة بين يديها، وحلقتان خلفها، وكانت له راية تسمى العقاب، وكان له بعير يحمل عليه يقال له: الديباج، وكان له لواء يسمى المعلوم، وكان له مغفر يقال له: الاسعد.

فسلم ذلك كله إلى علي عليه السلام عند موته، وأخرج خاتمه وجعله في إصبعه، فذكر علي عليه السلام أنه وجد في قائمة سيف من سيوفه صلّى الله عليه وآله وسلّم صحيفة فيها ثلاثة أحرف: صل من قطعك، وقل الحق ولو على نفسك، وأحسن إلى من أساء إليك(٢) .

قال: وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: خمس لا أدعهن حتى الممات: الاكل على الحضيض مع العبيد، وركوبي الحمار مؤكفا(٣) ، وحلبي العنز بيدي، ولبس الصوف، والتسليم على الصبيان لتكون سنة من بعدي(٤) .

١١٨/٣ - حدّثنا أحمد بن زياد الهمداني، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: دخلت على عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، فقلت له: يا بن رسول الله، إن الناس يقولون: إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا! فقال عليه السلام: قد علم الله كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل، ويحهم أما علموا أن يوسف عليه السلام كان نبيا رسولا، فلما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز قال له:

______________

(١) كذا في النسخ: وفي النهاية ٢: ٢٢٠ كان لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سيف يقال له: الرسوب، أي يمضي في الضريبة ويغيب فيها.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٤: ١٣٠/٤٥٤.

(٣) يقال: أكف الحمار: شد عليه الاكاف، والاكاف أو الوكاف: البرذعة والكساء يلقى على ظهر الحمار وغيره.

(٤) بحار الانوار ١٦: ٩٨/٣٧.

١٣٠

اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم، ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الاشراف على الهلاك، على أني ما دخلت في هذا الامر إلا دخول خارج منه، فإلى الله المشتكى وهو المستعان(١) .

١١٩/٤ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني، عن عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضال، عن أبيه، قال: قال الرضا عليه السلام: من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذكر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب(٢) .

١٢٠/٥ - قال: وقال الرضا عليه السلام في قول الله عزّوجلّ:( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ) (٣) رب يغفر لها(٤) .

١٢١/٦ - قال وقال الرضا عليه السلام في قول الله عزّوجلّ:( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) (٥) ، قال: العفو من غير عتاب(٦) .

١٢٢/٧ - قال: وقال الرضا عليه السلام في قول الله عزّوجلّ:( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا ) (٧) ، قال: خوفا للمسافر، وطمعا للمقيم(٨) .

١٢٣/٨ - قال: وقال الرضا عليه السلام: من لم يقدر على ما يكفر به ذنوبه فليكثر من الصلاة على محمّد وآله، فإنها تهدم الذنوب هدما(٩) .

______________

(١) علل الشرائع: ٢٣٩/٣، عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ١٣٩/٢، بحار الانوار ٤٩: ١٣٠/٤.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩٤/٤٨، بحار الانوار ٤٤: ٢٧٨/١، ٢.

(٣) الاسراء ١٧: ٧.

(٤) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩٤/٤٩، بحار الانوار ٧١: ٢٤٤/٨.

(٥) الحجر ١٥: ٨٥.

(٦) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩٤/٥٠.

(٧) الرعد ١٣: ١٢.

(٨) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩٤/٥١.

(٩) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ١: ٢٩٤/٥٢.

١٣١

١٢٤/٩ - وقال عليه السلام: الصلاة على محمّد وآله تعدل عند الله عزّوجلّ التسبيح والتهليل والتكبير(١) .

١٢٥/١٠ - حدّثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدّثنا بكر بن عبدالله بن حبيب، قال: حدّثنا عليّ بن زياد، قال: حدّثنا الهيثم بن عدي، عن الاعمش، عن يونس بن أبي إسحاق، قال: حدّثنا أبوالصقر، عن عدي بن أرطاة، قال: قال معاوية يوما لعمرو بن العاص: يا أبا عبدالله، أينا أدهى؟ قال عمرو: أنا للبديهة، وأنت للروية. قال معاوية: قضيت لي على نفسك، وأنا أدهى منك في البديهة. قال عمرو: فأين كان دهاؤك يوم رفعت المصاحف؟ قال: بها غلبتني يا أبا عبدالله، أفلا أسألك عن شئ تصدقني فيه؟ قال: والله إن الكذب لقبيح، فسل عما بدا لك أصدقك.

فقال: هل غششتني منذ نصحتني؟ قال: لا. قال: بلى والله، لقد غششتني، أما إني لا أقول في كل المواطن، ولكن في موطن واحد، قال: وأي موطن هذا؟ قال: يوم دعاني عليّ بن أبي طالب للمبارزة فاستشرتك، فقلت: ما ترى يا أبا عبدالله؟ فقلت: كفؤ كريم، فأشرت علي بمبارزته وأنت تعلم من هو، فعلمت أنك غششتني.

قال: يا أمير المومنين، دعاك رجل إلى مبارزته عظيم الشرف جليل الخطر، فكنت من مبارزته على إحدى الحسنيين، إما أن تقتله فتكون قد قتلت قتال الاقران، وتزداد به شرفا إلى شرفك وتخلو بملكك، وإما أن تعجل إلى مرافقة الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

قال معاوية: هذه شر من الاول، والله إني لاعلم أني لو قتلته دخلت النار، ولو قتلني دخلت النار.

قال له عمرو: فما حملك على قتاله؟! قال: الملك عقيم، ولن يسمعها مني

______________

(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩٤/٥٢.

١٣٢

أحد بعدك(١) .

١٢٦/١١ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمه عبدالله بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من دان بديني وسلك منهاجي واتبع سنتي، فليدن بتفضيل الائمة من أهل بيتي على جميع امتي، فإن مثلهم في هذه الامة مثل باب حطة في بني إسرائيل(٢) .

١٢٧/١٢ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن عليّ بن الصلت، عن عمه عبدالله بن الصلت، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام، قال: أوحى الله عزّوجلّ إلى رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أني شكرت لجعفر بن أبي طالب أربع خصال، فدعاه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فأخبره، فقال: لو لا أن الله أخبرك ما أخبرتك، ما شربت خمرا قط، لاني علمت أن لو شربتها زال عقلي، وما كذبت قط، لان الكذب ينقص(٣) المروءة، وما زنيت قط، لاني خفت أني إذا عملت عمل بي، وما عبدت صنما قط لاني علمت أنه لا يضر ولا ينفع.

قال: فضرب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يده على عاتقه، فقال: حق لله عزّوجلّ أن يجعل لك جناحين تطير بهما مع الملائكة في الجنة(٤) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله وسلم

______________

(١) بحار الانوار ٣٣: ٤٩/٣٩٣.

(٢) بحار الانوار ٢٣: ١١٩/٣٩.

(٣) في نسخة: ينقض.

(٤) علل الشرائع: ٥٥٨/١، بحار الانوار ٢٢: ٢٧٢/١٦.

١٣٣

[ ١٨ ]

المجلس الثامن عشر

مجلس يوم الثلاثاء

التاسع عشر من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة

١٢٨/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن الفضل بن العباس البغدادي شيخ لاصحاب الحديث، قال: أخبرنا أبوالحسن عليّ بن إبراهيم، قال: حدّثنا أبوجعفر محمّد بن غالب بن حرب الضبي التمتامي وأبوجعفر محمّد بن عثمان بن أبي شيبة. قالا: حدّثنا يحيى بن سالم، ابن عم الحسن بن صالح، وكان يفضل على الحسن بن صالح، قال: حدّثنا مسعر، عن عطية، عن جابر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: مكتوب على باب الجنة لا إله إلا الله، محمّد رسول الله، علي أخو رسول الله، قبل أن يخلق الله السماوات والارض بألفي عام(١) .

١٢٩/٢ - حدّثنا عليّ بن الفضل بن العباس البغدادي، قال: قرأت على أحمد ابن محمّد بن سليمان بن الحارث، قلت: حدثكم محمّد بن عليّ بن خلف العطار، قال: حدّثنا حسين الاشقر، قال: حدّثنا عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: سألت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عن الكلمات التي تلقى آدم من

______________

(١) الخصال: ٦٣٨/١١، بحار الانوار ٨: ١٣١/٣٤، و ٢٧: ٢/٢.

١٣٤

ربه فتاب عليه، قال: سأله بحق محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي، فتاب عليه(١) .

١٣٠/٣ - حدّثنا يعقوب بن يوسف بن يعقوب الفقيه شيخ لاهل الري، قال: حدّثنا إسماعيل بن محمّد الصفار البغدادي، قال: حدّثنا محمّد بن عبيد بن عتبة الكندي، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن شريك، قال: حدّثنا أبي، عن الاعمش، عن عطاء، قال: سألت عائشة عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقالت: ذاك خير البشر، ولا يشك فيه إلا كافر(٢) .

١٣١/٤ - حدّثنا يعقوب بن يوسف بن يعقوب، قال: أخبرنا عبد الرحمن الخيطي، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى الاودي، قال: حدّثنا حسن بن حسين العرني، قال: حدّثنا إبراهيم بن يوسف، عن شريك، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة، أنه سئل عن علي عليه السلام، فقال: ذاك خير البشر، ولا يشك فيه إلا منافق(٣) .

١٣٢/٥ - حدّثنا محمّد بن أحمد الصيرفي وكان من أصحاب الحديث، قال: حدّثنا أبوجعفر محمّد بن العباس بن بسام مولى بني هاشم، قال: حدّثنا أبوالخير، قال: وحدثنا محمّد بن يونس البصري، قال: حدّثنا عبدالله بن يونس وأبو الخير قالا: حدّثنا أحمد بن موسى، قال: حدّثنا أبوبكير(٤) النخعي، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي وائل، عن حذيفة بن اليمان، عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، أنه قال: علي ابن أبي طالب خير البشر، ومن أبى فقد كفر(٥) .

١٣٣/٦ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمّد

______________

(١) الخصال: ٢٧٠/٨، معاني الاخبار: ١٢٥/١، بحار الانوار ١١: ١٧٦/٢٢، و ٢٦: ٣٢٤/٤.

(٢) بحار الانوار ٣٨: ٥/٧.

(٣) بحار الانوار ٣٨: ٥/٨.

(٤) في نسخة: أبوبكر.

(٥) بحار الانوار ٣٨: ٦/٩.

١٣٥

ابن السندي، عن عليّ بن الحكم، عن فضيل بن عثمان، عن أبي الزبير المكي، قال: رأيت جابرا متوكئا على عصاه وهو يدور في سكك الانصار ومجالسهم، وهو يقول: علي خير البشر، فمن أبى فقد كفر. يا معشر الانصار، أدبوا أولادكم على حب علي، فمن أبى فانظروا في شأن أمه(١) .

١٣٤/٧ - حدّثنا محمّد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني أبومحمّد الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عليّ بن العباس الرازي، قال: حدثني أبي عبدالله بن محمّد بن عليّ بن العباس بن هارون التميمي، قال: حدثني سيدي عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي، قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أخي الحسن بن علي، قال: حدثني أبي عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال لي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: أنت خير البشر، ولا يشك فيك إلا كافر(٢) .

١٣٥/٨ - حدّثنا الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله ابن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: حدثني جدي يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله، قال: حدثني إبراهيم بن عليّ والحسن بن يحيى، قالا: حدّثنا نصر بن مزاحم، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، قال: كان لي عشر من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يعطهن أحد قبلي ولا يعطاهن أحد بعدي، قال لي: يا علي، أنت أخي في الدنيا وفي الآخرة، وأنت أقرب الناس مني موقفا يوم القيامة، ومنزلي ومنزلك في الجنة متواجهان كمنزل الاخوين، وأنت الوصي، وأنت الولي، وأنت الوزير، عدوك عدوي وعدوي عدو الله، ووليك

______________

(١) علل الشرائع: ١٤٢/٤، بحار الانوار ٣٩: ٣٠٠/١٠٨.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ٥٩/٢٢٥، بحار الانوار ٣٨: ٤/٣.

١٣٦

وليّي ووليّي وليّ الله عزّوجلّ(١) .

١٣٦/٩ - حدّثنا عبدالله بن النضر بن سمعان التميمي الخرقاني رحمه الله، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد المكي، قال: أخبرنا أبومحمّد عبدالله بن إسحاق المدائني، عن محمّد بن زياد، عن المغيرة، عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير، قال: كنا جلوسا في مجلس في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فتذاكرنا أعمال أهل بدر وبيعة الرضوان، فقال أبوالدرداء: يا قوم، ألا أخبركم بأقل القوم مالا، وأكثرهم ورعا، وأشدهم اجتهادا في العبادة؟ قالوا: من؟ قال: عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

قال: فو الله إن كان في جماعة أهل المجلس إلا معرض عنه بوجهه، ثم انتدب له رجل من الانصار، فقال له: يا عويمر، لقد تكلمت بكلمة ما وافقك عليها أحد منذ أتيت بها.

فقال أبوالدرداء: يا قوم، إني قائل ما رأيت، وليقل كل قوم منكم ما رأوا، شهدت عليّ بن أبي طالب عليه السلام: بشويحطات(٢) النجار، وقد اعتزل عن مواليه، واختفى ممن يليه، واستتر بمغيلات(٣) النخل، فافتقدته وبعد علي مكانه، فقلت: لحق بمنزله، فإذا أنا بصوت حزين ونغمة شجي وهو يقول: إلهي، كم من موبقة حملت عني فقابلتها(٤) بنعمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري، وعظم في الصحف ذنبي، فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا براج غير رضوانك.

فشغلني الصوت واقتفيت الاثر، فإذا هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام بعينه،

______________

(١) الخصال: ٤٢٩/٧، أمالي الطوسي: ١٣٧/٢٢٢، بحار الانوار ٣٩: ٣٣٧/٧.

(٢) الشوحط: شجر يتخذ منه القسي.

(٣) المغيل: النابت في الغيل والداخل فيه، والغيل: الشجر الكثير الملتف. وفي نسخة: ببعيلات النخل، قال المجلسي رحمه الله: هي جمع بعيل، مصغر بعل: وهو كل نخل وشجر لا يسقى، والذكر من النخل. « بحار الانوار ٤١: ١٣ ».

(٤) في نسخة: حلمت عن مقابلتها، وهما بمعنى واحد، يقال حمل عنه: أي حلم وصفح وستر.

١٣٧

فاستترت له، وأخملت(١) الحركة، فركع ركعات في جوف الليل الغابر، ثم فزع إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى، فكان مما ناجى به الله أن قال: إلهي، أفكر في عفوك، فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي. ثم قال: آه إن أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها وأنت محصيها، فتقول: خذوه، فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشريته، ولا تنفعه قبيلته، يرحمه الملا إذا أذن فيه بالنداء. ثم قال: آه من نار تنضج الاكباد والكلى، آه من نار نزاعة للشوى(٢) ، آه من غمرة من ملهبات(٣) لظى.

قال: ثم أنعم(٤) في البكاء، فلم أسمع له حسا ولا حركة، فقلت: غلب عليه النوم لطول السهر، أو قظه لصلاة الفجر. قال أبوالدرداء فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة، فحركته فلم يتحرك وزويته(٥) فلم ينزو، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، مات والله علي ابن أبي طالب. قال: فأتيت منزله مبادرا أنعاه إليهم، فقالت فاطمة عليها السلام: يا أبا الدرداء، ما كان من شأنه ومن قصته؟ فأخبرتها الخبر، فقالت: هي والله - يا أبا الدرداء - الغشية التي تأخذه من خشية الله، ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه، فأفاق ونظر إلي وأنا أبكي، فقال: مم بكاؤك، يا أبا الدرداء؟ فقلت: مما أراه تنزله بنفسك. فقال: يا أبا الدرداء، فكيف لو رأيتني ودعي بي إلى الحساب، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب، واحتوشتني(٦) ملائكة غلاظ وزبانية فظاظ(٧) ! فوقفت بين يدي الملك الجبار، قد أسلمني الاحباء، ورحمني أهل الدنيا، لكنت أشد رحمة لي بين يدي من لا تخفى عليه خافية.

______________

(١) أي أخفيت.

(٢) الشوى: جمع شواة، وهي جلدة الرأس، والشوى أيضا: الاطراف.

(٣) في نسخة: لهبات.

(٤) أي أطال وزاد، وفي نسخة: انغمر.

(٥) زوى الشئ: جمعة وقبضه.

(٦) احتوش القوم القاسي.

١٣٨

فقال أبوالدرداء: فو الله ما رأيت ذلك لاحد من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم(١) .

١٣٧/١٠ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن عليّ بن مهزيار، عن الحسين ابن سعيد، عن عليّ بن النعمان، عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبي يسأل أبا عبدالله الصادق عليه السلام: متى يدخل وقت المغرب؟ فقال: إذا غاب كرسيها. قال: وما كرسيها؟ قال: قرصها. قال: متى يغيب قرصها؟ قال: أذا نظرت فلم تره(٢) .

١٣٨/١١ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدّثنا أبوجعفر أحمد بن محمّد بن عيسى وموسى بن جعفر بن أبي جعفر البغدادي، عن أبي طالب عبدالله بن الصلت القمي، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن داود بن أبي يزيد، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام: إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب(٣) .

١٣٩/١٢ - حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن الحسن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبدالله، عن أبي أسامة زيد الشحام أو غيره، قال: صعدت مرة جبل أبي قبيس والناس يصلون المغرب، فرأيت الشمس لم تغب، وإنما توارت خلف الجبل عن الناس، فلقيت أبا عبدالله الصادق عليه السلام فأخبرته بذلك، فقال لي: ولم فعلت ذلك؟ بئس ما صنعت، إنما تصليها إذا لم ترها خلف جبل غابت أو غارت، ما لم يتجللها سحاب أو ظلمة تظلها، فإنما عليك مشرقك ومغربك، وليس على الناس أن يبحثوا(٤) .

١٤٠/١٣ - حدّثنا أبي ومحمّد بن الحسن رحمه الله، قالا: حدّثنا سعد بن

______________

(١) تنبيه الخواطر ٢: ١٥٦، بحار الانوار ٤١: ١١/١، و ٨٧: ١٩٤/٢.

(٢) علل الشرائع: ٣٥٠/٤، بحار الانوار ٨٣: ٥٦/١٣، و: ٦٥/٣٠.

(٣) بحار الانوار ٨٣: ٥٦/١٢.

(٤) التهذيب ٢: ٢٦٤/١٠٥٣، بحار الانوار ٨٣: ٥٧/١٤، وفي نسخة: يتجسسوا.

١٣٩

عبدالله، عن موسى بن الحسن، والحسن بن علي، عن أحمد بن هلال، عن محمّد بن أبي عمير، عن جعفر بن عثمان، عن سماعة بن مهران، قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام في المغرب: إنا ربما صلينا ونحن نخاف أن تكون الشمس خلف الجبل، أو قد سترها منا الجبل؟ فقال: ليس عليك صعود الجبل(١) .

١٤١/١٤ - حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن الحسن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن محمّد بن يحيى الخثعمي، قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يصلي المغرب ويصلي معه حي من الانصار يقال لهم: بنو سلمة، منازلهم على نصف ميل، فيصلون معه، ثم ينصرفون إلى منازلهم وهم يرون مواضع نبلهم(٢) .

١٤٢/١٥ - حدّثنا جعفر بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن عبدالله بن المغيرة الكوفي، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: سمعته يقول: صحبني رجل كان يمسي بالمغرب ويغلس بالفجر، فكنت أنا أصلي المغرب إذا غربت(٣) الشمس، واصلي الفجر إذا أستبان لي الفجر، فقال لي الرجل: ما يمنعك أن تصنع مثل ما أصنع، فإن الشمس تطلع على قوم قبلنا وتغرب عنا وهي طالعة على آخرين بعد؟ قال: فقلت: إنما علينا أن نصلي إذا وجبت الشمس عنا، وإذا طلع الفجر عندنا، ليس علينا إلا ذلك، وعلى اولئك أن يصلوا إذا غربت عنهم(٤) .

١٤٣/١٦ - حدّثنا أبي ومحمّد بن الحسن وأحمد بن محمّد بن يحيى العطار (رضي الله عنهم)، قالوا: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي

______________

(١) من لا يحضره الفقيه ١: ١٤١/٦٥٦، التهذيب ٢: ٢٦٤/١٠٥٤، بحار الانوار ٨٣: ٥٧/١٥.

(٢) بحار الانوار ٨٣: ٥٨/١٦.

(٣) في نسخة: وجبت، وكلاهما بمعنى.

(٤) بحار الانوار ٨٣: ٥٨/١٧.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

أبواب جهاد النفس وما يناسبه

١ - باب وجوبه

[ ٢٠٢٠٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بعث سريّة فلما رجعوا قال: مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر، فقيل: يا رسول الله ما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس.

[ ٢٠٢٠٩ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابه رفعه قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : احمل نفسك لنفسك فإن لم تفعل لم يحملك غيرك.

[ ٢٠٢١٠ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد رفعه قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) لرجل إنّك قد جعلت طبيب نفسك، وبيّن لك الداء، وعرفت آية الصحة، ودللت على الدواء، فانظر كيف قيامك على نفسك.

____________________

أبواب جهاد النفس وما يناسبه

الباب ١

فيه ١٠ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٢ / ٣.

٢ - الكافي ٢: ٣٢٩ / ٥.

٣ - الكافي ٢: ٣٢٩ / ٦.

١٦١

[ ٢٠٢١١ ] ٤ - وعنه رفعه قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) لرجل: اجعل قلبك قريناً برّاً، وولداً واصلاً، واجعل علمك والداً تتبعه، واجعل نفسك عدوّاً تجاهده، واجعل مالك عارية تردّها.

محمّد بن علي بن الحسين بإسناده، عن ابن مسكان، عن عبدالله بن أبي يعفور، عن الصادق( عليه‌السلام ) نحوه(١) .

[ ٢٠٢١٢ ] ٥ - قال: ومن ألفاظ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : الشديد من غلب نفسه.

[ ٢٠٢١٣ ] ٦ - وبإسناده عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: قال الصادق جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) : من لم يكن له واعظ من قلبه وزاجر من نفسه ولم يكن له قرين مرشد استمكن عدوه من عنقه.

[ ٢٠٢١٤ ] ٧ - وبإسناده عن حماد بن عمرو وأنس بن محمّد، عن أبيه جميعاً، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم‌السلام ) في وصيّة النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لعلي، قال: يا علي أفضل الجهاد من أصبح لا يهم بظلم أحد.

[ ٢٠٢١٥ ] ٨ - وبإسناده عن ابن فضال، عن غالب بن عثمان، عن شعيب العقرقوفي، عن الصادق( عليه‌السلام ) قال: من ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا اشتهى وإذا غضب وإذا رضي حرّم الله جسده على النار.

وفي( ثواب الأعمال) عن أحمد بن محمّد، عن سعد بن عبدالله،

____________________

٤ - الكافي ٢: ٣٢٩ / ٧.

(١) الفقيه ٤: ٢٩٤ / ٨٨٩.

٥ - الفقيه ٤: ٢٧٢.

٦ - الفقيه ٤: ٢٨٧ / ٨٦٢.

٧ - الفقيه ٤: ٢٥٤ / ٨٢١، وأورده في الحديث ١١ من الباب ٧١ من هذه الأبواب.

٨ - الفقيه ٤: ٢٨٦ / ٨٥٦.

١٦٢

عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن غالب بن عثمان، عن شعيب، عن رجل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) مثله، وترك قوله وإذا رضي(١) .

[ ٢٠٢١٦ ] ٩ - وفي( المجالس) و( معاني الأخبار) عن أبيه، عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى الخزاز، عن موسى بن إسماعيل (٢) ، عن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم‌السلام ) قال: إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بعث سرية فلمّا رجعوا قال: مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر، قيل يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟ فقال: جهاد النفس.

وقال( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : إن أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه.

[ ٢٠٢١٧ ] ١٠ - محمّد بن الحسين الرضي في( المجازات النبوية) عنه( عليه‌السلام ) أنّه قال: المجاهد من جاهد نفسه.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أقسام الجهاد، وغيره(٣) ، ويأتي ما يدل عليه(٤) .

____________________

(١) ثواب الأعمال: ١٩٢ / ١.

٩ - أمالي الصدوق: ٣٧٧ / ٨ ومعاني الأخبار: ١٦٠ / ١.

(٢) في المصدرين زيادة: عن أبيه.

١٠ - المجازات النبويّة: ٢٠١ / ١٥٧.

(٣) تقدم في الحديث ١ من الباب ٥، وفي الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب جهاد العدو وفي الباب ١ من أبواب مقدّمة العبادات، وفي الباب ٢٤ من أبواب الاحتضار.

(٤) يأتي في الحديث ١١ من الباب ٤، وفي الحديث ٥ من الباب ٣٢ من هذه الأبواب، وفي الحديث ١ من الباب ٢ من أبواب الأمر والنهي.

١٦٣

٢ - باب الفروض على الجوارح ووجوب القيام بها

[ ٢٠٢١٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن يزيد(١) ، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث طويل - قال: إنّ الله فرض الإِيمان على جوارح ابن آدم وقسّمه عليها وفرّقه فيها، فليس من جوارحه جارحة إلّا وقد وكلت من الإِيمان بغير ما وكلت به أُختها - إلى أن قال: - فأمّا ما فرض على القلب من الإِيمان فالإِقرار والمعرفة والعقد والرضا والتسليم بأن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له إلٰهاً واحداً لم يتّخذ صاحبةً ولا ولداً، وأنّ محمّداً عبده ورسوله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، والإِقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب، فذلك ما فرض الله على القلب من الإِقرار والمعرفة وهو عمله، وهو قول الله عزّ وجلّ( إلّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ) (٢) وقال:( أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (٣) وقال:( الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ) (٤) وقال:( وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ) (٥) فذلك ما فرض الله على القلب من الإِقرار والمعرفة وهو عمله، وهو رأس الإِيمان، وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقر به قال الله تبارك وتعالى اسمه:

____________________

الباب ٢

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٢٨ / ١.

(١) في المصدر: القاسم بن بريد.

(٢) النحل ١٦: ١٠٦.

(٣) الرعد ١٣: ٢٨.

(٤) المائدة ٥: ٤١.

(٥) البقرة ٢: ٢٨٤.

١٦٤

( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ) (١) وقال:( قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) (٢) فهذا ما فرض الله على اللسان وهو عمله، وفرض على السمع أن يتنزّه عن الاستماع إلى ما حرّم الله، وأن يعرض عمّا لا يحلّ له ممّا نهى الله عزّ وجل عنه، والإِصغاء إلى ما أسخط الله عز وجل، فقال: عز وجل في ذلك:( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) (٣) ثمّ استثنى موضع النسيان فقال:( وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (٤) وقال:( فَبَشِّرْ عِبَادِ *الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ ) (٥) وقال تعالى:( قَدْ أَفْلَحَ الـمُؤْمِنُونَ *الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ) (٦) وقال:( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ) (٧) وقال:( وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ) (٨) فهذا ما فرض الله على السمع من الإِيمان أن لا يصغي إلى ما لا يحل له وهو عمله وهو من الإِيمان، وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرّم الله عليه، وأن يعرض عمّا نهى الله عنه ممّا لا يحلّ له وهو عمله وهو من الإِيمان، فقال تبارك وتعالى:( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) (٩) أن ينظروا إلى عوراتهم، وأن ينظر المرء

____________________

(١) البقرة ٢: ٨٣.

(٢) العنكبوت ٢٩: ٤٦.

(٣) النساء ٤: ١٤٠.

(٤) الأنعام ٦: ٦٨.

(٥) الزمر ٣٩: ١٧، ١٨.

(٦) المؤمنون ٢٣: ١ - ٤.

(٧) القصص ٢٨: ٥٥.

(٨) الفرقان ٢٥: ٧٢.

(٩) النور ٢٤: ٣٠.

١٦٥

إلى فرج أخيه ويحفظ فرجه أن ينظر إليه وقال:( قُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) (١) من أن تنظر إحداهن إلى فرج أُختها وتحفظ فرجها من أن ينظر إليها وقال: كل شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلّا هذه الآية فإنّها من النظر، ثمّ نظم ما فرض على القلب والبصر واللسان في آية أُخرى فقال:( وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ ) (٢) يعني بالجلود: الفروج والأفخاذ وقال:( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ) (٣) فهذا ما فرض الله على العينين من غض البصر وهو عملهما، وهو من الإِيمان، وفرض على اليدين أن لا يبطش بهما إلى ما حرّم الله، وأن يبطش بهما إلى ما أمر الله عز وجل، وفرض عليهما من الصدقة وصلة الرحم والجهاد في سبيل الله والطهور للصلوات، فقال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الـمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) (٤) وقال:( فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الحَرْبُ أَوْزَارَهَا ) (٥) فهذا ما فرض الله على اليدين لأن الضرب من علاجهما، وفرض على الرجلين أن لا يمشي بهما إلى شيء من معاصي الله، وفرض عليهما المشي إلى ما يرضي الله عز وجل فقال:( وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الجِبَالَ طُولاً ) (٦) وقال:( وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ

____________________

(١) النور ٢٤: ٣١.

(٢) فصلت ٤١: ٢٢.

(٣) الإِسراء ١٧: ٣٦.

(٤) المائدة ٥: ٦.

(٥) محمّد ٤٧: ٤.

(٦) الإِسراء ٢٧: ٣٧.

١٦٦

الحَمِيرِ ) (١) وقال: فيما شهدت به الأيدي والأرجل على أنفسهما وعلى أربابها من تضييعها لما أمر الله به وفرضه عليها:( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (٢) فهذا أيضاً ممّا فرض الله على اليدين وعلى الرجلين وهو عملها وهو من الإِيمان، وفرض على الوجه السجود له بالليل والنهار في مواقيت الصلاة فقال:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (٣) فهذه فريضة جامعة على الوجه واليدين والرجلين، وقال في موضع آخر( وَأَنَّ المـَسَاجِدَ للهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا ) (٤) - إلى أن قال: - فمن لقي الله حافظاً لجوارحه موفّياً كلّ جارحة من جوارحه ما فرض الله عليها لقي الله عز وجل مستكملاً لإِيمانه وهو من أهل الجنّة، ومن خان في شيء منها أو تعدّىٰ ممّا أمر الله عز وجل فيها لقي الله ناقص الإِيمان - إلى أن قال: - وبتمام الإِيمان دخل المؤمنون الجنّة وبالنقصان دخل المفرطون النار.

[ ٢٠٢١٩ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعاً، عن البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن عبيدالله بن الحسن، عن الحسن بن هارون قال: قال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) :( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ) (٥) قال: يسأل السمع عما سمع، والبصر عمّا نظر إليه، والفؤاد عما عقد عليه.

____________________

(١) لقمان ٣١: ١٩.

(٢) يس ٣٦: ٦٥.

(٣) الحج ٢٢: ٧٧.

(٤) الجن ٧٢: ١٨.

٢ - الكافي ٢: ٣١ / ٢.

(٥) الإِسراء ١٧: ٣٦.

١٦٧

[ ٢٠٢٢٠ ] ٣ - وعن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبدالجبار، عن صفوان أو غيره، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: الإِيمان لا يكون إلّا بعمل، والعمل منه، ولا يثبت الإِيمان إلّا بعمل.

[ ٢٠٢٢١ ] ٤ - وعنهم، عن ابن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عبدالله بن مسكان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: من أقرّ بدين الله فهو مسلم ومن عمل بما أمر الله به فهو مؤمن.

[ ٢٠٢٢٢ ] ٥ - وعنهم، عن ابن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أيوب بن الحر، عن أبي بصير، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه قال له إنّ خيثمة أخبرنا أنّه سألك عن الإِيمان؟ فقلت: الإِيمان بالله، والتصديق بكتاب الله، وان لا يعصىٰ الله، فقال: صدق خيثمة.

[ ٢٠٢٢٣ ] ٦ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الإِيمان؟ فقال: شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، قال: قلت: أليس هذا عمل؟ قال: بلى، قلت: فالعمل من الإِيمان؟ قال: لا يثبت له الإِيمان إلّا بالعمل والعمل منه.

[ ٢٠٢٢٤ ] ٧ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده إلى وصية أمير المؤمنين

____________________

٣ - الكافي ٢: ٣٢ / ٣.

٤ - الكافي ٢: ٣٢ / ٤.

٥ - الكافي ٢: ٣٢ / ٥.

٦ - الكافي ٢: ٣٢ / ٦.

٧ - الفقيه ٢: ٣٨١ / ١٦٢٧.

١٦٨

( عليه‌السلام ) لولده محمّد بن الحنيفة أنّه قال: يا بني لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم، فإنّ الله قد فرض على جوارحك كلّها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة، ويسألك عنها وذكرها ووعظها وحذرها وأدبها ولم يتركها سدى، فقال الله عز وجل:( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ) (١) وقال عزّ وجلّ:( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ ) (٢) ثمّ استعبدها بطاعته فقال: عزّ وجلّ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (٣) فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح، وقال:( وَأَنَّ الـمَسَاجِدَ للهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا ) (٤) يعني: بالمساجد الوجه واليدين والركبتين والإِبهامين، وقال عزّ وجلّ:( وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ ) (٥) يعني بالجلود: الفروج ثمّ خص كل جارحة من جوارحك بفرض ونصّ عليها، ففرض على السمع أن لا يصغي إلى المعاصي فقال عزّ وجلّ:( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ) (٦) وقال عزّ وجلّ:( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) (٧) ثمّ استثنى عزّ وجل موضع النسيان فقال:( وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ

____________________

(١) الإِسراء ١٧: ٣٦.

(٢) النور ٢٤: ١٥.

(٣) الحج ٢٢: ٧٧.

(٤) الجن ٧٢: ١٨.

(٥) فصّلت ٤١: ٢٢.

(٦) النساء ٤: ١٤٠.

(٧) الأنعام ٦: ٦٨.

١٦٩

الظَّالِمِينَ ) (١) وقال عزّ وجل( فَبَشِّرْ عِبَادِ *الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ ) (٢) وقال عزّ وجلّ:( وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ) (٣) وقال عز وجل:( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ) (٤) فهذا ما فرض الله عز وجل على السمع وهو عمله، وفرض على البصر أن لا ينظر به إلى ما حرم الله عليه، فقال عز وجل:( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) (٥) فحرّم أن ينظر أحد إلى فرج غيره، وفرض على اللسان الإِقرار والتعبير عن القلب ما عقد عليه، فقال عز وجل:( قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا ) (٦) الآية، وقال عز وجل:( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ) (٧) وفرض على القلب وهو أمير الجوارح الذي به يعقل ويفهم ويصدر عن أمره ورأيه فقال عز وجل:( إلّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ) (٨) الآية، وقال عز وجل حين أخبر عن قوم أعطوا الإِيمان بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم فقال:( الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ) (٩) وقال عز وجل:( أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (١٠) وقال عزّ وجلّ( وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ) (١١) وفرض على اليدين أن لا تمدهما إلى ما

____________________

(١) الانعام ٦: ٦٨.

(٢) الزمر ٣٩: ١٧، ١٨.

(٣) الفرقان ٢٥: ٧٢.

(٤) القصص ٢٨: ٥٥.

(٥) النور ٢٤: ٣٠.

(٦) العنكبوت ٢٩: ٤٦.

(٧) البقرة ٢: ٨٣.

(٨) النحل ١٦: ١٠٦.

(٩) المائدة ٥: ٤١.

(١٠) الرعد ١٣: ٢٨.

(١١) البقرة ٢: ٢٨٤.

١٧٠

حرّم الله عز وجل عليك، وأن تستعملهما بطاعته، فقال عز وجل:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الـمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) (١) وقال عزّ وجل:( فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ) (٢) وفرض على الرجلين أن تنقلهما في طاعته وأن لا تمشي بهما مشية عاص، فقال عزّ وجل:( وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الجِبَالَ طُولاً كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ) (٣) وقال عزّ وجل:( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (٤) فأخبر الله عنها أنّها تشهد على صاحبها يوم القيامة، فهذا ما فرض الله على جوارحك فاتق الله يا بني واستعملها بطاعته ورضوانه، وإياك أن يراك الله تعالى ذكره عند معصيته، أو يفقدك عند طاعته فتكون من الخاسرين، وعليك بقراءة القرآن والعمل بما فيه ولزوم فرائضه وشرائعه وحلاله وحرامه وأمره ونهيه والتهجّد به وتلاوته في ليلك ونهارك، فإنّه عهد من الله تبارك وتعالى إلى خلقه فهو واجب على كلّ مسلم أن ينظر كل يوم في عهده ولو خمسين آية، واعلم أنّ درجات الجنة على عدد آيات القرآن، فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن: إقرأ وارق، فلا يكون في الجنة بعد النبيين والصديقين ارفع درجة منه.

والوصية طويلة أخذنا منها موضع الحاجة.

[ ٢٠٢٢٥ ] ٨ - وفي( العلل) عن محمّد بن موسى بن المتوكل، عن السعدآبادي، عن البرقي، عن عبدالعظيم الحسني، عن علي بن جعفر،

____________________

(١) المائدة ٥: ٦.

(٢) محمّد ٤٧: ٤.

(٣) الإِسراء ١٧: ٣٧ و ٣٨.

(٤) يس ٣٦: ٦٥.

٨ - علل الشرائع: ٦٠٥ / ٨٠، وأورد قطعة منه في الحديث ١٧ من الباب ٣٨ من أبواب الأمر بالمعروف.

١٧١

عن أخيه، عن أبيه، عن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) قال: ليس لك أن تتكلّم بما شئت لأنّ الله يقول:( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (١) . وليس لك أن تسمع ما شئت، لأنّ الله عزّ وجل يقول:( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ) (٢) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) .

٣ - باب جملة مما ينبغي القيام به من الحقوق الواجبة والمندوبة

[ ٢٠٢٢٦ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن إسماعيل بن الفضل، عن ثابت بن دينار، عن سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) قال:

حق الله الأكبر عليك أن تعبده ولا تشرك به شيئاً، فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة(٤) ،

وحقّ نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عزّ وجل.

وحق اللسان إكرامه عن الخنا وتعويده الخير وترك الفضول التي لا فائدة لها، والبر بالناس، وحسن القول فيهم.

وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحلّ سماعه.

____________________

(١ و ٢) الإِسراء ١٧: ٣٦.

(٣) يأتي في الباب ٣ من هذه الأبواب.

الباب ٣

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٢: ٣٧٦ / ١٦٢٦.

(٤) من قوله: حق الله الأكبر إلى قوله: والآخرة، ليس في المجالس، وهو موجود في الخصال ( هامش المخطوط ).

١٧٢

وحق البصر أن تغضّه عمّا لا يحلّ لك، وتعتبر بالنظر به.

وحقّ يديك(١) أن لا تبسطهما إلى ما لا يحل لك.

وحقّ رجليك أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحلّ لك، فبهما تقف على الصراط، فانظر ان لا تزل(٢) بك فتردىٰ في النار.

وحقّ بطنك ان لا تجعله وعاء للحرام، ولا تزيد على الشبع.

وحقّ فرجك عليك أن تحصنه من الزنا، وتحفظه من أن ينظر إليه.

وحقّ الصلاة أن تعلم أنّها وفادة إلى الله عزّ وجل وأنت فيها قائم بين يدي الله، فإذا علمت ذلك قمت مقام العبد الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرّع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار، وتقبل عليها بقلبك وتقيمها بحدودها وحقوقها.

وحقّ الحج أن تعلم أنّه وفادة إلى ربك وفرار إليه من ذنوبك، وفيه قبول توبتك، وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك.

وحقّ الصوم ان تعلم أنّه حجاب ضربه الله عزّ وجل على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك يسترك به من النار، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك.

وحقّ الصدقة أن تعلم أنّها ذخرك عند ربك ووديعتك التي لا تحتاج إلى الإِشهاد عليها وكنت بما(٣) تستودعه سرّاً أوثق منك بما تستودعه، علانية، وتعلم أنّها تدفع عنك البلايا والأسقام في الدنيا، وتدفع عنك النار في الآخرة.

وحقّ الهدي أن تريد به الله عز وجل، ولا تريد خلقه ولا تريد به إلّا

____________________

(١) في نسخة: يدك ( هامش المخطوط ).

(٢) في المصدر: إلّا تزلا.

(٣) في نسخة: لما ( هامش المخطوط ).

١٧٣

التعرض لرحمته ونجاة روحك يوم تلقاه.

وحقّ السلطان أن تعلم أنّك جعلت له فتنة، وأنّه مبتلى فيك بما جعل الله له عليك من السلطان، وأنّ عليك أن لا تتعرض لسخطه فتلقي بيدك إلى التهلكة وتكون شريكاً له فيما يأتي إليك من سوء.

وحقّ سائسك بالعلم التعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه، والإِقبال عليه، وأن لا ترفع عليه صوتك، ولا تجيب أحداً يسأله عن شيء حتّى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدّث في مجلسه أحداً، ولا تغتاب عنده أحداً، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ولا تجالس له عدوّاً ولا تعادي له وليّاً فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنّك قصدته، وتعلّمت علمه لله جلّ اسمه لا للناس.

وأمّا حقّ سائسك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه إلّا فيما يسخط الله عزّ وجلّ فإنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وأمّا حقّ رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنّهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوّتك فيجب أن تعدل فيهم، وتكون لهم كالوالد الرحيم، وتغفر لهم جهلهم، ولا تعاجلهم بالعقوبة، وتشكر الله عزّ وجل على ما أتاك من القوّة عليهم.

وأمّا حقّ رعيتك بالعلم فأن تعلم أنّ الله عزّ وجلّ إنّما جعلك قيّماً عليهم(١) فيما أتاك من العلم، وفتح لك من خزانته(٢) فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقّاً على الله عزّ وجل أن يسلبك العلم وبهائه، ويسقط من القلوب محلّك.

وأمّا حقّ الزوجة فأن تعلم أنّ الله عزّ وجلّ جعلها لك سكناً وأُنساً،

____________________

(١) في نسخة: لهم ( هامش المخطوط ).

(٢) في نسخة: خزانة الحكمة ( هامش المخطوط ).

١٧٤

فتعلم أنّ ذلك نعمة من الله عزّ وجلّ عليك فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقّك عليها أوجب فإنّ لها عليك أن ترحمها، لأنّها أسيرك، وتطعمها وتكسوها، وإذا جهلت عفوت عنها.

وأمّا حقّ مملوكك فأن تعلم أنّه خلق ربّك وابن ابيك وأُمّك ولحمك ودمك لم تملكه لأنك صنعته دون الله، ولا خلقت شيئاً من جوارحه، ولا أخرجت له رزقاً، ولكن الله عزّ وجلّ كفاك ذلك ثمّ سخّره لك وائتمنك عليه واستودعك إيّاه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه، فأحسن إليه كما أحسن الله إليك، وإن كرهته استبدلت به ولم تعذب خلق الله عزّ وجلّ ولا قوّة إلّا بالله.

وأمّا حقّ أُمّك أن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحمل أحد أحداً، وأعطتك(١) من ثمرة قلبها ما لا يعطي(٢) أحدٌ أحداً، ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبال أن تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك وتضحى وتظلّك، وتهجر النوم لأجلك، ووقتك الحرّ والبرد لتكون لها، وأنّك لا تطيق شكرها إلّا بعون الله وتوفيقه.

وأمّا حق أبيك فأن تعلم أنّه أصلك فإنّه لولاه لم تكن، فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم إنّ أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوّة إلّا بالله.

وأمّا حقّ ولدك فأن تعلم أنّه منك ومضاف إليك في عاجل الدّنيا بخيره وشره وإنك مسؤول عمّا وليته من حسن الأدب والدلالة على ربّه عز وجل، والمعونة على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإِحسان إليه، معاقب على الإِساءة إليه.

وأمّا حقّ أخيك فأن تعلم أنّه يدك وعزّك وقوّتك فلا تتخذه سلاحاً على

____________________

(١) في تحف العقول: أطعمتك ( هامش المخطوط ).

(٢) في تحف العقول: لا يطعم ( هامش المخطوط ).

١٧٥

معصية الله، ولا عدّة للظلم لخلق الله، ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له، فإن أطاع الله وإلّا فليكن الله أكرم عليك منه، ولا قوة إلّا بالله.

وأمّا حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم أنّه أنفق فيك ماله، وأخرجك من ذلّ الرق ووحشته إلى عزّ الحرية وأُنسها فأطلقك من أسر الملكة، وفك عنك قيد العبودية، واخرجك من السجن، وملّكك نفسك، وفرّغك لعبادة ربك، وتعلم أنه اولى الخلق بك في حياتك وموتك، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك، وما احتاج إليه منك، ولا قوة إلّا بالله.

وأمّا حقّ مولاك الذي أنعمت عليه فأن تعلم ان الله عز وجل جعل عتقك له وسيلة إليه وحجاباً لك من النار، وأنّ ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة لما انفقت من مالك. وفي الآجل الجنة.

وأما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه، وتكسبه المقالة الحسنة، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عز وجل، فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرّاً وعلانية ثمّ ان قدرت على مكافأته يوماً كافأته.

وأما حقّ المؤذّن أن تعلم أنّه مذكّر لك ربك عزّ وجلّ، وداع لك إلى حظك، وعونك على قضاء فرض الله عزّ وجلّ عليك فاشكره على ذلك شكر المحسن إليك.

وأمّا حقّ إمامك في صلاتك فأن تعلم أنّه تقلّد السفارة فيما بينك وبين ربك عزّ وجلّ، وتكلّم عنك ولم تتكلّم عنه، ودعا لك ولم تدعُ له، وكفاك هول المقام بين يدي الله عزّ وجلّ، فإن كان نقص كان به دونك، وإن كان تماماً كنت شريكه، ولم يكن له عليك فضل(١) فوقىٰ نفسك بنفسه، وصلاتك بصلاته فتشكر له على قدر ذلك.

____________________

(١) هذا له معارض تقدم في أحاديث الجماعة في باب استحباب تقدم من يرضى به المأمومون وفيه أن للإِمام [ بقدر ] ثواب جميع من خلفه. فيحمل هذا على إتحاد المأموم ( منه. قدّه ).

١٧٦

وأمّا حق جليسك فأن تلين له جانبك، وتنصفه في مجاراة اللفظ، ولا تقوم من مجلسك إلّا بإذنه، ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك، وتنسىٰ زلاّته، وتحفظ خيراته، ولا تُسمعه إلّا خيراً.

وأمّا حقّ جارك فحفظه غائباً وإكرامه شاهداً، ونصرته إذا كان مظلوماً، ولا تتبع له عورة، فإن علمت عليه سوء سترته عليه وإن علمت أنّه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شديدة، وتقيل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوة إلّا بالله.

وأمّا حقّ الصاحب فأن تصحبه بالتفضل والإِنصاف، وتكرمه كما يكرمك، ولا تدعه يسبق إلى مكرمة، فإن سبق كافأته، وتوده كما يودك وتزجره عما يهم به من معصية الله، وكن عليه رحمة، ولا تكن عليه عذاباً، ولا قوّة إلّا بالله.

وأمّا حقّ الشريك فإن غاب كافيته(١) ، وان حضر رعيته، ولا تحكم دون حكمه ولا تعمل برأيك دون مناظرته، وتحفظ عليه ماله، ولا تخنه(٢) فيما عزّ او هان من أمره، فإنّ يد الله تبارك وتعالى على الشريكين ما لم يتخاونا، ولا قوة إلّا بالله.

وأمّا حق مالك فأن لا تأخذه إلّا من حلّه، ولا تنفقه إلّا في وجهه، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك فاعمل به بطاعة ربّك، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة(٣) مع التبعة ولا قوّة إلّا بالله.

وأمّا حقّ غريمك الذي يطالبك فإن كنت موسراً أعطيته وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول، ورددته عن نفسك ردّاً لطيفاً.

____________________

(١) في المصدر: كفيته.

(٢) في نسخة: تخونه ( هامش المخطوط ).

(٣) في نسخة زيادة: و ( هامش المخطوط ).

١٧٧

وحقّ الخليط أن لا تغرّه ولا تغشّه ولا تخدعه وتتّقي الله في أمره.

وأمّا حقّ الخصم المدّعي عليك فإن كان ما يدّعيه عليك حقّاً كنت شاهده على نفسك ولم تظلمه وأوفيته حقّه، وإن كان ما يدّعي باطلاً رفقت به، ولم تأت في أمره غير الرفق، ولم تسخط ربّك في أمره، ولا قوّة إلّا بالله.

وحقّ خصمك الذي تدّعي عليه إن كنت محقّاً في دعواك أجملت مقاولته ولم تجحد حقّه، وإن كنت مبطلاً في دعواك اتقيت الله عزّ وجلّ وتبت إليه، وتركت الدعوى.

وحقّ المستشير ان علمت أنّ له رأياً حسناً أشرت عليه، وإن لم تعلم له أرشدته إلى من يعلم.

وحقّ المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه، وإن وافقك حمدت الله عز وجل.

وحقّ المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق(١) .

وحقّ الناصح أن تلين له جناحك وتصغي إليه بسمعك. فإن أتىٰ بالصواب حمدت الله عزّ وجلّ، وإن لم يوافق(٢) رحمته ولم تتهمه وعلمت أنّه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلّا أن يكون مستحقّاً للتهمة فلا تعبأ بشيء من أمره على حال، ولا قوة إلّا بالله.

وحقّ الكبير توقيره لسنّه وإجلاله لتقدّمه في الإِسلام قبلك، وترك مقابلته عند الخصام، ولا تسبقه إلى طريق، ولا تتقدمه ولا تستجهله، وإن

____________________

(١) في المصدر زيادة: به.

(٢) في المصدر: يوفق.

١٧٨

جهل عليك احتملته وأكرمته لحقّ الإِسلام وحرمته.

وحقّ الصغير رحمته( من نوى) (١) تعليمه، والعفو عنه، والستر عليه، والرفق به، والمعونة له.

وحقّ السائل إعطاؤه على قدر حاجته.

وحقّ المسؤول إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله، وإن منع فاقبل عذره.

وحقّ من سرك لله تعالى(٢) أن تحمد الله عز وجل أولاً ثم تشكره.

وحقّ من أساء اليك أن تعفو عنه وإن علمت أن العفو يضر انتصرت، قال الله تعالى( وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ ) (٣) .

وحقّ أهل ملّتك إضمار السلامة والرحمة لهم، والرفق بمُسيئهم وتألفهم، واستصلاحهم، وشكر مُحسنهم، وكفّ الأذى عن مُسيئهم(٤) ، وتحب لهم ما تحبّ لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك، وأن تكون شيوخهم بمنزلة أبيك، وشبابهم بمنزلة إخوتك، وعجائزهم بمنزلة أُمّك، والصغار منهم بمنزلة أولادك.

وحقّ الذمّة أن تقبل منهم ما قبل الله عز وجل منهم ولا تظلمهم ما وفوا الله عز وجل بعهده.

ورواه في( المجالس) بالإِسناد المشار إليه (٥) .

____________________

(١) في نسخة: في ( هامش المخطوط ).

(٢) في نسخة: سرك الله به ( هامش المخطوط ).

(٣) الشورى ٤٢: ٤١.

(٤) في المصدر: عنهم.

(٥) أمالي الصدوق: ٣٠١ / ١.

١٧٩

ورواه في( الخصال) عن علي بن أحمد بن موسى، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن خيران بن داهر، عن أحمد بن علي بن سليمان، عن أبيه، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين( عليهما‌السلام ) (١) .

ورواه الحسن بن علي بن شعبة في( تحف العقول) مرسلاً (٢) ، وكذا الطبرسي في( مكارم الأخلاق) (٣) إلّا أنّ في تحف العقول زيادات عما نقلناه.

٤ - باب استحباب ملازمة الصفات الحميدة واستعمالها وذكر نبذة منها

[ ٢٠٢٢٧ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبدالله بن مسكان عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ الله خصّ رسوله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بمكارم الأخلاق فامتحنوا أنفسكم، فإن كانت فيكم فاحمدوا الله وارغبوا إليه في الزيادة منها، فذكرها عشرة: اليقين والقناعة والصبر والشكر والحلم وحسن الخلق والسخاء والغيرة والشجاعة والمروءة.

ورواه في( الخصال) عن أحمد بن محمّد بن يحيى، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن عبدالله بن مسكان (٤) .

____________________

(١) الخصال: ٥٦٤ / ١.

(٢) تحف العقول: ٢٥٦.

(٣) مكارم الأخلاق: ٤١٩.

الباب ٤

فيه ٣١ حديثاً

١ - الفقيه ٣: ٣٦١ / ١٧١٤.

(٤) الخصال: ٤٣١ / ١٢.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391