وسائل الشيعة الجزء ١٦

وسائل الشيعة15%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 397

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 397 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 170931 / تحميل: 7654
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

مع رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لكانوا من أهل النار.

[ ٢١١٨٧ ] ١١ - محمّد بن الحسين الرضي في( نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إنّه قال في خطبة له يذكر فيها أصحاب الجمل: فوالله لو لم يصيبوا من المسلمين إلّا رجلاً وأحداً معتمدين لقتله بلا جرم لحل لي قتل ذلك الجيش كلّه إذ حضروه، ولم ينكروا ولم يدفعوا عنه بلسان ولا يد، دع ما أنّهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدّة التي دخلوا بها عليهم.

[ ٢١١٨٨ ] ١٢ - وقال( عليه‌السلام ) : الراضي بفعل قوم كالداخل معهم فيه، وعلى كلّ داخل في باطل إثمان: إثمّ العمل به، وإثمّ الرضا به.

[ ٢١١٨٩ ] ١٣ - محمّد بن مسعود العياشي في( تفسيره) عن محمّد بن هاشم، عمّن حدّثه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لـمّا نزلت هذه الآية( قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) (١) وقد علم أن قد قالوا: والله ما قتلنا ولا شهدنا، وإنّما قيل لهم: ابرأوا من قتلتهم فأبوا.

[ ٢١١٩٠ ] ١٤ - وعن محمّد بن الأرقط، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال، قال لي: تنزل الكوفة؟ فقلت: نعم، فقال: ترون قتلة الحسين( عليه‌السلام ) بين أظهركم؟ قال: قلت: جعلت فداك ما بقي منهم أحد. قال: فأنت إذاً لا ترى القاتل إلّا من قتل، أو من ولي القتل؟! ألم تسمع إلى قول الله:( قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ

____________________

١١ - نهج البلاغة ٢: ١٠٤ / ١٦٧.

١٢ - نهج البلاغة ٣: ١٩١ / ١٥٤.

١٣ - تفسير العياشي ١: ٢٠٩ / ١٦٤، واورده في الحديث ٤ من الباب ٣٩ من هذه الأبواب.

(١) آل عمران ٣: ١٨٣.

١٤ - تفسير العياشي ١: ٢٠٩ / ١٦٥.

١٤١

قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) (١) فأيّ رسول قتل الَّذين كان محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) بين أظهرهم، ولم يكن بينه وبين عيسى رسول، وإنّما رضوا قتل أُولئك فسمّوا قاتلين.

[ ٢١١٩١ ] ١٥ - وعن الحسن بيّاع الهروى يرفعه عن أحدهما( عليهما‌السلام ) في قوله:( فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلى الظَّالِمِينَ ) (٢) قال: إلّا على ذرية قتلة الحسين( عليه‌السلام ) .

[ ٢١١٩٢ ] ١٦ - وعن إبراهيم، عمّن رواه، عن أحدهما( عليهما‌السلام ) قال: قلت:( فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلى الظَّالِمِينَ ) (٣) قال: لا يعتدي الله على أحد إلّا على نسل ولد قتلة الحسين( عليه‌السلام ) .

أقول: تقدم وجهه وعلته(٤) ، والاعتداء مجاز.

[ ٢١١٩٣ ] ١٧ - وعن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجلّ:( أَوْ كَالَّذِى مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ) (٥) قال(٦) : إنّ الله بعث إلى بني إسرائيل نبيّاً يقال له: ارميا - إلى أن قال: - فأوحى الله إليه أن قل لهم إنّ البيت بيت المقدس، والغرس بنو إسرائيل، عملوا بالمعاصي فلأُسلّطنّ عليهم في بلدهم من يسفك دماءهم ويأخذ أموالهم، فإن بكوا إليّ لم أرحم بكاءهم وإن دعوني لم أستجب دعاءهم ثمّ

____________________

(١) آل عمران ٣: ١٨٣.

١٥ - تفسير العياشي ١: ٨٦ / ٢١٤.

(٢) البقرة ٢: ١٩٣.

١٦ - تفسير العياشي ١: ٨٧ / ٢١٦.

(٣) البقرة ٢: ١٩٣.

(٤) تقدم وجهه في الاحاديث ٤، ٥، ١١، ١٢، ١٣، ١٤ من هذا الباب.

١٧ - تفسير العياشي ١: ١٤٠ / ٤٦٦.

(٥) البقرة ٢: ٢٥٩.

(٦) في المصدر زياد: أنىّ يحيى الله بعد موتها فقال

١٤٢

لأخربنّها مائة عام، ثمّ لأعمرنّها، فلـمّا حدّثهم اجتمع العلماء فقالوا: يا رسول الله ما ذنبنا نحن ولم نكن نعمل بعملهم؟ فعاود لنا ربّك - إلى أن قال: - ثمّ أوحى الله قل لهم: لأنّكم رأيتم المنكر فلم تنكروه، فسلّط الله عليهم بخت نصر فصنع بهم ما قد بلغك الحديث.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٦ - باب وجوب اظهار الكراهة للمُنكَر، والإِعراض عن فاعله

[ ٢١١٩٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( صلوات الله عليه) : أمرنا رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، إلّا إنّه قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : أدنى الإنكار أن تلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة(٣) .

[ ٢١١٩٥ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن الحسين، عن عليّ بن مهزيار، عن النضر بن سويد، عن درست، عن بعض أصحابه، عن أبي

____________________

(١) تقدم في الاحاديث ١، ٤، ٨، ٩، ١٠، ١٢ من الباب ٣ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ١٢ من الباب ٣٨، وفي الحديثين ٥، ٦ من الباب ٣٩، وفي الحديث ٦ من الباب ٤١.

وما يناسب المقصود في البابين ١٧، ١٨ من هذه الأبواب.

الباب ٦

فيه حديثان

١ - الكافي ٥: ٥٨ / ١٠.

(٣) التهذيب ٦: ١٧٦ / ٣٥٦.

٢ - الكافي ٥: ٥٨ / ٨.

١٤٣

عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ الله بعث ملكين إلى أهل مدينة ليقلباها على أهلها فلـمّا انتهيا إلى المدينة فوجدا فيها رجلاً يدعو ويتضرّع - إلى أن قال: - فعاد أحدهما إلى الله، فقال: يا ربّ إنّي انتهيت إلى المدينة فوجدت عبدك فلاناً يدعوك ويتضرّع إليك فقال: امض لـمّا أمرتك به، فإنّ ذا رجل لم يتمعر(١) وجهه غيظاً لي قطّ.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

٧ - باب وجوب هجر فاعل المنكر والتوصّل إلى ازالته ب كلّ وجه ممكن

[ ٢١١٩٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن عبد الاعلى قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: والله ما الناصب لنا حرباً بأشدّ علينا مؤونة من الناطق علينا بما نكره، فاذا عرفتم من عبد اذاعة فامشوا إليه فردوه عنها، فإن قبل(٣) منكم وإلّا فتحملوا عليه بمن يثقل عليه ويسمع منه، فإنّ الرجل منكم يطلب الحاجة فيلطف فيها حتّى تقضى فالطفوا في حاجتي كما تلطفون في حوائجكم، فإن هو قبل منكم وإلّا فادفنوا كلامه تحت أقدامكم الحديث.

[ ٢١١٩٧ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن صفوان بن

____________________

(١) تمعر لونه: تغير غضباً ( الصحاح - معر - ٢: ٨١٨ ).

(٢) يأتي في الباب ٧، وفي الحديث ٥: من الباب ٣٧ من هذه الأبواب.

الباب ٧

فيه ٥ احاديث

١ - الكافي ٢: ١٧٦ / ٥، واورد صدره في الحديث ٥ من الباب ٣٢ من هذه الأبواب.

(٣) في الأصل: قبلوا.

٢ - الكافي ٨: ١٥٨ / ١٥٠.

١٤٤

يحيى، عن الحارث بن المغيرة قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) لآخذنّ البريء منكم بذنب السقيم، ولم لا أفعل ويبلغكم عن الرجل ما يشينكم ويشينني فتجالسونهم وتحدّثونهم فيمرّ بكم المارّ فيقول: هؤلاء شر من هذا، فلو أنّكم إذا بلغكم عنه ما تكرهون زبرتموهم ونهيتموهم كان أبرّ بكم وبي.

[ ٢١١٩٨ ] ٣ - وعنهم، عن سهل، عن ابن محبوب، عن خطّاب بن محمّد، عن الحارث بن المغيرة، أن أبا عبدالله( عليه‌السلام ) قال له: لأحملنّ ذنوب سفهائكم إلى علمائكم - إلى أن قال: - ما يمنعكم إذا بلغكم عن الرجل منكم ما تكرهون وما يدخل علينا به الاذى أن تأتوه فتؤنّبوه وتعذلوه وتقولوا له قولاً بليغاً، قلت: جعلت فداك إذاً لا يقبلون منا؟ قال: اهجروهم واجتنبوا مجالسهم.

ورواه ابن إدريس في آخر( السرائر) نقلا من كتاب( المشيخة) للحسن بن محبوب، عن أبي محمّد، عن الحارث بن المغيرة مثله (١) .

[ ٢١١٩٩ ] ٤ - محمّد بن الحسن قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) لقوم من أصحابه: إنّه قد حقّ لي أن آخذ البريء منكم بالسقيم، وكيف لا يحقّ لي ذلك وأنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكرون عليه، ولا تهجرونه ولا تؤذونه حتّى يترك.

ورواه المفيد في( المقنعة) أيضاً مرسلاً (٢) .

[ ٢١٢٠٠ ] ٥ - وفي( المجالس والأخبار) بالإِسناد الآتي (٣) عن

____________________

٣ - الكافي ٨: ١٦٢ / ١٦٩.

(١) مستطرفات السرائر: ٨٨ / ٣٩.

٤ - التهذيب ٦: ١٨١ / ٣٧٥.

(٢) المقنعة: ١٢٩.

٥ - امالي الطوسي ٢: ٢٧٥.

(٣) يأتي في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم (٥٠).

١٤٥

هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لو أنّكم إذا بلغكم عن الرجل شيء تمشيتم إليه فقلتم: يا هذا إمّا أن تعتزلنا وتجتنبنا، وإمّا أن تكفّ عن هذا، فإن فعل وإلّا فاجتنبوه.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٨ - باب وجوب الغضب لله بما غضب به لنفسه

[ ٢١٢٠١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن بشر بن عبدالله، عن أبي عصمة قاضي مرو، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: اوحى الله إلى شعيب النبيّ( عليه‌السلام ) : إنّي معذب من قومك مأئة ألف: أربعين ألفاً من شرارهم، وستيّن ألفاً من خيارهم، فقال( عليه‌السلام ) : يا رب هؤلاء الاشرار، فما بالاخيار؟ فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي.

[ ٢١٢٠٢ ] ٢ - وعنهم، عن أحمد، عن يعقوب بن يزيد رفعه قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله، فمن نصرهما نصره الله، ومن خذلهما خذله الله.

ورواه الشيخ بإسناده، عن أحمد بن أبي عبدالله(٣) ، وكذا الذي قبله.

____________________

(١) تقدم ما يدلّ على بعض المقصود في البابين ١، ٤ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الأبواب ٨، ١٥، ١٧، ٣٧، ٣٨ من هذه الأبواب.

الباب ٨

فيه ٤ احاديث

١ - الكافي ٥: ٥٥ / ١، والتهذيب ٦: ١٨٠ / ٣٧٢، واورده في الحديث ٦ من الباب ٢، واورد صدره في الحديث ٦ من الباب ١، وقطعة منه في الحديث ١ من الباب ٣ من هذه الأبواب.

٢ - الكافي ٥: ٥٩ / ١١، واورده في الحديث ٢٠ من الباب ١ من هذه الأبواب.

(٣) التهذيب ٦: ١٧٧ / ٣٥٧.

١٤٦

[ ٢١٢٠٣ ] ٣ - أحمد بن محمّد بن خالد البرقي في( المحاسن) عن جعفر بن محمّد، عن عبدالله بن ميمون القداح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين (عليهم‌السلام ) قال: قال موسى بن عمران( عليه‌السلام ) : يا رب من أهلك الذين تظلهم في ظلّ عرشكّ يوم لا ظلّ إلّا ظلك؟ فأوحى الله إليه: الطاهرة قلوبهم، والبريئة أيديهم، الذين يذكرون جلالي ذكر آبائهم - إلى أن قال: - والذين يغضبون لمحارمي إذا استُحلّت مثل النمر إذا جُرح.

[ ٢١٢٠٤ ] ٤ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( المجالس) عن محمّد بن موسى بن المتوكلّ عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني، عن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه ( عليهم‌السلام ) قال: دخل موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) على هارون الرشيد وقد استخفه الغضب على رجل فأمر أن يضرب ثلاثة حدود، فقال: إنّما تغضب لله، فلا تغضب له بأكثر ممّا غضب لنفسه.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٩ - باب وجوب أمر الاهلين بالمعروف ونهيهم عن المنكر

[ ٢١٢٠٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن

____________________

٣ - المحاسن: ١٦ / ٤٥.

٤ - امالي الصدوق: ٢٧ / ٢.

(١) تقدم في الحديثين ٧، ١٢ من الباب ٣، وفي البابين ٦، ٧ من هذه الأبواب، وفي الاحاديث ١، ١٤، ٢٠ من الباب ٥٣ من ابواب جهاد النفس.

(٢) يأتي ما يدلّ على بعض المقصود في الأبواب ١٥، ١٧، ١٨ من هذه الأبواب.

الباب ٩

فيه ٣ احاديث

١ - الكافي ٥: ٦٢ / ١، والتهذيب ٦: ١٧٨ / ٣٦٤.

١٤٧

محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن عذافر، عن إسحاق بن عمّار، عن عبد الاعلى مولى آل سام، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لـمّا نزلت هذة الاية:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ) (١) جلس رجل من المسلمين يبكي، وقال: أنا عجزت عن نفسي، كلّفت أهلي، فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك، وتنهاهم عمّا تنهى عنه نفسك.

[ ٢١٢٠٦ ] ٢ - وعنهم عن أحمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، في قول الله عزّ وجلّ:( قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ) (٢) قلت: كيف أقيهم؟ قال: تأمرهم بما أمر الله، وتنهاهم عما نهاهم الله، فان أطاعوك كنت قد وقيتهم، وإن عصوك كنت قد قضيت ما عليك.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(٣) وكذا الذي قبله.

[ ٢١٢٠٧ ] ٣ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن عثمان، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجلّ( قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ) (٤) كيف نقي أهلنا؟ قال: تأمرونهم وتنهونهم.

الحسين بن سعيد في كتاب( الزهد) عن النضر بن سويد، عن زرعة، عن أبي بصير، وذكر الحديث (٥) والّذي قبله.

____________________

(١) التحريم ٦٦: ٦.

٢ - الكافي ٥: ٦٢ / ٢، والزهد: ١٧ / ٣٦، وتفسير القمي ٢: ٣٧٧.

(٢) التحريم ٦٦: ٦.

(٣) التهذيب ٦: ١٧٩ / ٣٦٥.

٣ - الكافي ٥: ٦٢ / ٣.

(٤) التحريم ٦٦: ٦.

(٥) الزهد: ١٧ / ٣٦.

١٤٨

ورواه عليّ بن إبراهيم في( تفسيره) عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد (١) ، وكذا الذي قبله.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك عموما(٢) ، ويأتي ما يدلّ على عليه(٣) .

١٠ - باب وجوب الإِتيان بما يأمر به من الواجبات، وترك ما ينهى عنه من المحرّمات

[ ٢١٢٠٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن عبدالله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قوله تعالى:( فَلَـمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ ) (٤) قال: كانوا ثلاثة أصناف: صنف ائتمروا وأمروا فنجوا، وصنف ائتمروا ولم يأمروا فمسخوا ذرّاً، وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا.

ورواه الصدوق في( الخصال) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن سهل بن زياد نحوه (٥) .

[ ٢١٢٠٩ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: - في وصيّته لولده محمّد بن الحنفية: - يا بني، اقبل من

____________________

(١) تفسير القمي ٢: ٢٧٧.

(٢) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في البابين ١٩، ٢٠ من هذه الأبواب.

الباب ١٠

فيه ١٢ حديثاً

١ - الكافي ٨: ١٥٨ / ١٥١.

(٤) الأعراف ٧: ١٦٥.

(٥) الخصال: ١٠٠ / ٥٤.

٢ - الفقيه ٤: ٢٧٧.

١٤٩

الحكماء مواعظهم، وتدبّر أحكامهم، وكن آخذ الناس بما تأمر به، وأكف الناس عمّا تنهى عنه، وأمر بالمعروف تكن من أهله، فإنّ استتمام الأُمور عند الله تبارك وتعالى الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

[ ٢١٢١٠ ] ٣ - وفي( الخصال) عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير رفعه إلى أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال: عامل(١) بما يأمر به، تارك لـما ينهى عنه، عادل فيما يأمر، عادل فيما ينهى، رفيق فيما يأمر، رفيق فيما ينهى.

[ ٢١٢١١ ] ٤ - وفي( المجالس) عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: قلت لابي عبدالله الصادق( عليه‌السلام ) : بم يُعرف الناجي؟ فقال: من كان فعله لقوله موافقاً فهو ناجٍ، ومن لم يكن فعله لقوله موافقاً، فإنّما ذلك مستودع.

[ ٢١٢١٢ ] ٥ - وعن جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن عبدالله بن عامر، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) - في حديث وصف المؤمن والمنافق - قال: والمنافق ينهى ولا ينتهي، ويأمر بما لا يأتي.

[ ٢١٢١٣ ] ٦ - محمّد بن الحسين الرضي في( نهج البلاغة) عن أمير

____________________

٣ - الخصال: ١٠٩ / ٧٩، واورده عن الكافي في الحديث ١٠ من الباب ٢ من هذه الأبواب.

(١) في نسخة: عالم ( هامش المخطوط ).

٤ - امالي الصدوق: ٢٩٣ / ٧.

٥ - امالي الصدوق: ٣٩٩ / ١٢، واورده عن الكافي في الحديث ١١ من الباب ٤٩ وصدره عن كتب اخرى في الحديث ١٢ من الباب ٤ من ابواب جهاد النفس.

٦ - نهج البلاغة ٣: ١٦٦ / ٧٣.

١٥٠

المؤمنين( عليه‌السلام ) إنّه قال: من نصب نفسه للناس إماماً فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدّبها أحقّ بالإِجلال من معلّم الناس ومؤدبهم.

[ ٢١٢١٤ ] ٧ - قال: وقال( عليه‌السلام ) لرجل سأله أن يعظه: لا تكن ممّن يرجو الآخرة بغير العمل - إلى أن قال - ينهى ولا ينتهي ويأمر بما لا يأتي الحديث.

[ ٢١٢١٥ ] ٨ - قال: وقال( عليه‌السلام ) :( وأمروا بالمعروف وائتمروا به) (١) ، وانهوا عن المنكر وتناهوا عنه، وإنّما أمرنا(٢) بالنهي بعد التناهي.

[ ٢١٢١٦ ] ٩ - قال: وقال( عليه‌السلام ) - في خطبة له: - فانا لله وإنا اليه راجعون، ظهر الفساد فلا منكر مغير، ولا زاجر مزدجر، لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر العاملين به.

[ ٢١٢١٧ ] ١٠ - الحسن بن محمّد الديلمي في( الإِرشاد) عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: قيل له: لا نأمر بالمعروف حتّى نعمل به كلّه ولا ننهى عن المنكر حتّى ننتهي عنه كلّه؟ فقال: لا بل مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به كله، وانهوا عن المنكر وان لم تنتهوا عنه كلّه.

[ ٢١٢١٨ ] ١١ - قال: وقال( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : رأيت ليلة أسري بي إلى السماء قوماً تقرض شفاههم بمقاريض من نار، ثمّ ترمى،

____________________

٧ - نهج البلاغة ٣: ١٨٩ / ١٥٠.

٨ - نهج البلاغة ١: ٢٠٢ / ذيل خطبة ١٠١.

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: أُمرتم.

٩ - نهج البلاغة ٢: ١٧ / ١٢٥.

١٠ - إرشاد القلوب: ١٤.

١١ - إرشاد القلوب: ١٦.

١٥١

فقلت، يا جبرئيل من هؤلاء؟ فقال: خطباء أُمتك، يأمرون الناس بالبرّ وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون.

[ ٢١٢١٩ ] ١٢ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) بإسناده الآتي (١) ، عن أبي ذر، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) - في وصيته له - قال: يا أبا ذر يطلع قوم من أهل الجنّة إلى قوم من أهل النار فيقولون: ما أدخلكم النار وإنّما دخلنا الجنّة بفضل تعليمكم وتأديبكم؟ فيقولون: إنّا كنّا نأمركم بالخير ولا نفعله.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

١١ - باب تحريم اسخاط الخالق في مرضاة المخلوق حتّى الوالدين ووجوب العكس

[ ٢١٢٢٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، قال: قال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : لا دين لمن دان بطاعة من عصى الله، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله، ولا دين لمن دان بجحود شيء من آيات الله.

[ ٢١٢٢١ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن

____________________

١٢ - امالي الطوسي ٢: ١٤٠.

(١) يأتي في الفائدة الثانية من الخاتمة رقم (٤٩).

(٢) تقدم في الحديث ١٩ من الباب ٢١، وفي الحديث ١ من الباب ٣٧، وفي الباب ٣٨ من ابواب جهاد النفس، وفي الحديث ٧ من الباب ١ من ابواب احكام العشرة.

ويأتي ما يدلّ عليه في الحديث ٦ من الباب ٤١ من هذه الأبواب.

الباب ١١

فيه ١٢ حديثاً

١ - الكافي ٢: ٢٧٦ / ٤.

٢ - الكافي ٢: ٢٧٦ / ٢ و ٥: ٦٢ / ١.

١٥٢

إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) (١) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من طلب مرضاة الناس بما يسخط الله عزّ وجلّ كان حامده من الناس ذامّاَ، ومن آثر طاعة الله عزّ وجلّ بما بغضب الناس كفاه الله عزّ وجلّ عداوة كلّ عدوّ، وحسد كلّ حاسد، وبغي كلّ باغ، وكان الله له ناصراً وظهيراً.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد بن خالد مثله(٢) .

[ ٢١٢٢٢ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرّة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كتب رجل إلى الحسين( عليه‌السلام ) : عظني بحرفين، فكتب إليه: من حاول أمراً بمعصية الله كان أفوت لـمّا يرجو، وأسرع لمجيء ما يحذر.

[ ٢١٢٢٣ ] ٤ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله، عن أبيه، عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من أرضى سلطاناً جائراً بسخط الله خرج من دين الله.

[ ٢١٢٢٤ ] ٥ - وبهذا الإِسناد قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من طلب مرضاة الناس بما يسخط الله عزّ وجلّ كان حامده من الناس ذامّاً.

ورواه الصدوق في( الخصال) عن أحمد بن محمّد بن يحيى، عن

____________________

(١) في نسخة من التهذيب: عن ابي عبدالله (عليه‌السلام )

(٢) التهذيب ٦: ١٧٩ / ٣٦٦.

٣ - الكافي ٢: ٢٧٦ / ٣.

٤ - الكافي ٢: ٢٧٧ / ٥.

٥ - الكافي ٢: ٢٧٦ / ٢ و ٥: ٦٣ / ٣.

١٥٣

أبيه، عن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عن السكوني مثله(١) .

[ ٢١٢٢٥ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن صفوان بن يحيى(٢) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا تسخطوا الله برضى أحد من خلقه، ولا تتقرّبوا إلى الناس بتباعد من الله.

[ ٢١٢٢٦ ] ٧ - قال: ومن ألفاظ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

ورواه الرضي في( نهج البلاغة) مرسلاً عن عليّ( عليه‌السلام ) (٣) .

[ ٢١٢٢٧ ] ٨ - وفي( عيون الأخبار) بأسانيده السابقة في اسباغ الوضوء (٤) عن الرضا، عن آبائه، عن عليّ (عليهم‌السلام ) قال: لا دين لم دان بطاعة مخلوق في معصية الخالق.

[ ٢١٢٢٨ ] ٩ - وبإسناده يأتي في فعل المعروف إلى غير اهله(٥) ، عن الرضا عن آبائه (عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من أرضى سلطاناً بما أسخط الله خرج من دين الله.

____________________

(١) الخصال: ٣ / ٦.

٦ - الفقيه ٤: ٢٨٨ / ٨٦٤.

(٢) في المصدر زيادة: عن ابي الصباح الكناني.

٧ - الفقيه ٤: ٢٧٣، واورده عن المعتبر في الحديث ٧ من الباب ٥٩ من ابواب وجوب الحج.

(٣) نهج البلاغة: ١٩٣ / حكمه ١٦٥. الكافي: ١٧٥ / ١٧.

٨ - عيون اخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٤٣ / ١٤٩.

(٤) تقدم في الحديث ٤ من الباب ٥٤ من ابواب الوضوء.

٩ - عيون اخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٦٩ / ٣١٨.

(٥) يأتي في الحديث ٦ من الباب ٣ من ابواب فعل المعروف.

١٥٤

[ ٢١٢٢٩ ] ١٠ - وبإسناده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا( عليه‌السلام ) - في كتابه إلى المأمون - قال: وبرّ الوالدين واجب وإن كانا مشركين، ولا طاعة لهما في معصية الخالق ولا لغيرهما فإنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وفي( الخصال) بإسناده عن الاعمش، عن جعفر بن محمّد( عليهما‌السلام ) - في حديث شرايع الدين - مثله(١) .

[ ٢١٢٣٠ ] ١١ - وفي( كتاب التوحيد) عن علي بن أحمد الدقاق، عن محمّد بن أبي عبدالله، عن محمّد بن إسماعيل البرمكيّ، عن الحسين بن الحسن بن بردة، عن العبّاس بن عمرو الفقيميّ، عن إبراهيم بن محمّد العلويّ، عن الفتح بن يزيد الجرجانيّ قال: سمعته( عليه‌السلام ) يقول: ما(٢) اتّقى الله يُتّقى، ومن أطاع الله يُطاع، وقال: من أرضى الخالق لم يبال بسخط المخلوقين ومن أسخط الخالق فقمن أن يسلط الله عليه سخط المخلوق الحديث.

ورواه الكلينيّ عن علي بن إبراهيم، عن المختار بن محمّد بن المختار، وعن محمّد بن الحسن، عن عبدالله بن الحسن العلويّ جميعاً، عن الفتح بن يزيد مثله(٣) .

[ ٢١٢٣١ ] ١٢ - عليّ بن إبراهيم في( تفسيره) عن جعفر بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن الحسين بن عليّ بن أبي حمزة (٤) ، عن أبيه، عن

____________________

١٠ - عيون اخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٢٤.

(١) الخصال: ٦٠٨ / ٢.

١١ - التوحيد: ٦٠ / ١٨.

(٢) كذا صوبه المصنف بعد ان كتبها ( من ) وفي المصدر: من.

(٣) الكافي ١: ١٠٧ / ٣.

١٢ - تفسير القمي ٢: ٥٥.

(٤) في المصدر: الحسن بن علي بن ابي حمزة.

١٥٥

أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قوله عزّ وجلّ:( وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً ) (١) قال: ليس العبادة هي السجود والركوع إنّما هي طاعة الرجال، من أطال المخلوق في معصية الخالق فقد عبده.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

١٢ - باب كراهة التعرّض للذل ّ

[ ٢١٢٣٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن الحسين(٣) ، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر، عن عبدالله بن حمّاد الانصاري، عن عبدالله بن سنان، عن أبي الحسن الاحمسي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إن الله فوّض إلى المؤمن أُموره كلها، ولم يفوض إليه أن يكون ذليلا، أما تسمع الله عزّ وجلّ يقول:( وَللهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) (٤) فالمؤمن يكون عزيزا ولا يكون ذليلاً، ثمّ قال: إنّ المؤمن أعزّ من الجبل إنّ الجبل يستقلّ

____________________

(١) مريم ١٩: ٨١، ٨٢.

(٢) تقدم في الباب ٥٩ من ابواب وجوب الحج، وفي الحديث ٨ من الباب ١ من ابواب جهاد العدو، وفي الباب ٣، وفي الحديث ٥ من الباب ٧، وفي الحديث ١ من الباب ٣٦ من ابواب جهاد النفس.

ويأتي ما يدلّ عليه في الحديث ١ من الباب ٤٩ من ابواب ما يكتسب به، وفي الحديث ١٧ من الباب ١٠ من ابواب صفات القاضي.

الباب ١٢

فيه ٤ احاديث

١ - الكافي ٥: ٦٣ / ١.

(٣) في التهذيب: محمّد بن الحسن ( هامش المخطوط ).

(٤) المنافقون ٦٣: ٨.

١٥٦

منه بالمعاول، والمؤمن لا يستقلّ من دينه شيء.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن الحسن مثله(١) .

[ ٢١٢٣٣ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّ الله عزّ وجلّ فوّض إلى المؤمن أُموره كلّها، ولم يفوّض إليه أن يذلّ نفسه، أما تسمع لقول الله عزّ وجلّ:( وَللهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) (٢) فالمؤمن ينبغي أن يكون عزيزاً، ولا يكون ذليلاً يعزّه الله بالإِيمان والإِسلام.

وعن محمّد بن أحمد، عن(٣) عبدالله بن الصلت، عن يونس، عن سعدان، عن سماعة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) مثله، إلى قوله: ولا يكون ذليلاً(٤) .

[ ٢١٢٣٤ ] ٣ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إن الله تبارك وتعالى فوّض إلى المؤمن كلّ شيء إلّا إذلال نفسه.

[ ٢١٢٣٥ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين في( الخصال) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن خلاد، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين( عليه‌السلام )

____________________

(١) التهذيب ٦: ١٧٩ / ٣٦٧.

٢ - الكافي ٥: ٦٣ / ٢.

(٢) المنافقون ٦٣: ٨.

(٣) في نسخة: بن ( هامش المخطوط ).

(٤) الكافي ٥: ٦٤ / ٦.

٣ - الكافي ٥: ٦٣ / ٣.

٤ - الخصال: ٢٣ / ٨١.

١٥٧

قال: ما أُحبّ أنّ لي بذلّ نفسي حمر النعم، وما تجرّعت جرعة أحبّ إليّ من جرعة غيظ لا أُكافئ بها صاحبها.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

١٣ - باب كراهة التعرّض لـمّا لا يطيق، والدخول فيما يوجب الاعتذار

[ ٢١٢٣٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن داود الرقي قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه، قيل له وكيف يذّل نفسه؟ قال: يتعرّض لـما لا يطيق.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله(٢) .

[ ٢١٢٣٧ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن مفضّل بن عمر قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قلت: بما يذّل نفسه؟ قال(٣) : يدخل فيما يعتذر منه.

____________________

(١) يأتي في الباب ١٣ من هذه الأبواب، وفي الباب ١ من ابواب الدين، وفي الباب ٥٣ من ابواب الشهادات.

وتقدّم ما يدلّ عليه في الأبواب ١، ٢، ٣ من ابواب الملابس، وفي الباب ٣٢ من ابواب الصدقة.

الباب ١٣

فيه ٤ احاديث

١ - الكافي ٥: ٦٣ / ٤.

(٢) التهذيب ٦: ١٨٠ / ٣٦٨.

٢ - الكافي ٥: ٦٤ / ٥.

(٣) في التهذيب زيادة: لا ( هامش المخطوط ).

١٥٨

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد بن خالد مثله(١) .

[ ٢١٢٣٨ ] ٣ - الحسين بن سعيد في كتاب( الزهد) عن محمّد بن سنان، عن عمار بن مروان والحسين بن المختار، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إيّاك وما تعتذر منه فإنّ المؤمن لا يسيء ولا يعتذر، والمنافق يسيء كلّ يوم ويعتذر.

[ ٢١٢٣٩ ] ٤ - محمّد بن الحسين الرضي في( نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إنّه قال: الاستغناء عن العذر أعزّ من الصدق به.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

١٤ - باب استحباب الرفق بالمؤمنين في أمرهم بالمندوبات، والاقتصار على ما لا يثقل على المأمور ويزهد في الدين، وكذا النهي عن المكروهات

[ ٢١٢٤٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: يا عمر لا تحملوا على شيعتنا، وارفقوا بهم، فإنّ الناس لا يحتملون ما تحملون.

[ ٢١٢٤١ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن

____________________

(١) التهذيب ٦: ١٨٠ / ٣٦٩.

٣ - الزهد: ٥ / ٧.

٤ - نهج البلاغة ٣: ٢٣١ / ٣٢٩.

(٢) تقدم في الباب ١٢ من هذه الأبواب.

الباب ١٤

فيه ٩ احاديث

١ - الكافي ٨: ٣٣٤ / ٥٢٢.

٢ - الكافي ٢: ٣٥ / ١.

١٥٩

الحسن بن محبوب، عن عمار بن أبي الاحوص، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ الله وضع الإِيمان على سبعة أسهم: على البرّ، والصدق، واليقين، والرضا، والوفاء، والعلم، والحلم، ثمّ قسم ذلك بين الناس، فمن جعل فيه السبعة الاسهم فهو كامل محتمل، وقسم لبعض الناس السهم، ولبعضهم السهمين، ولبعضهم الثلاثة حتّى انتهوا إلى سبعة ثمّ قال: لا تحملوا على صاحبّ السهم سهمين، ولا على صاحبّ السهمين ثلاثة فتبهظوهم، ثمّ قال كذلك حتّى انتهى إلى سبعة.

[ ٢١٢٤٢ ] ٣ - وعن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعاً، عن ابن فضّال، عن حسن بن الجهم، عن أبي اليقظان عن يعقوب بن الضحّاك، عن رجل(١) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - إنّه جرى ذكر قوم، قال: فقلت له: إنّا لنبرأ منهم إنّهم لا يقولون ما نقول، قال: فقال: يتولّونا ولا يقولون ما تقولون تبرأون منهم؟ قلت: نعم، قال: فهو ذا عندنا ما ليس عندكم فينبغي لنا أن نبرأ منكم - إلى أن قال: - فتولوهم ولا تبرأوا منهم إنّ من المسلمين من له سهم، ومنهم من له سهمان، ومنهم من له ثلاثة أسهم، ومنهم من له أربعة أسهم، ومنهم من له خمسة أسهم، ومنهم من له ستّة أسهم، ومنهم من له سبعة أسهم، فليس ينبغي أن يحمل صاحبّ السهم على ما عليه صاحبّ السهمين، ولا صاحبّ السهمين على ما عليه صاحبّ الثلاثة، ولا صاحبّ الثلاثة على ما عليه صاحبّ الاربعة، ولا صاحبّ الاربعة، على ما عليه صاحبّ الخمسة، ولا صاحبّ الخمسة على ما عليه صاحب الستّة، ولا صاحبّ الستة على ما عليه صاحبّ السبعة، وسأضرب لك مثلاً، إنّ رجلاً

____________________

٣ - الكافي ٢: ٣٥ / ٢.

(١) في المصدر: عن رجل من اصحابنا سرّاج وكان خادماً لأبي عبدالله (عليه‌السلام )

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الجهاد أُسلوب تربوي حاسم

قال تعالى:

( الّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدَوا فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ) ، (التوبة: 20).

( إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ الّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُولئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ ) ، (الحجرات: 15).

( وَالّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) ، (العنكبوت: 69).

( لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى‏ وَفَضّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى‏ الْقَاعِدِينَ أَجْرَاً عَظِيماً ) ، (النساء: 95).

( الّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشّيْطَانِ إِنّ كَيْدَ الشّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ) ، (النساء: 76).

طُرح الجهاد في سبيل الله في الآيات المذكورة، بأشكال متنوّعة، ففي الآية الأولى: وُصف المجاهدون بأنّهم الفائزون.

وفي الآية الثانية: وُصفوا بأنّهم المؤمنون الصادقون.

وفي الثالثة: يقول الله تعالى بأنّه هو الذي يهدي المجاهدين إلى سبيل الحق.

وفي الرابعة: عدَّ الامتناع عن الجهاد بدون عذر مشروع أمراً غير مقبول، وصُرّح فيها بأنّ منزلة المجاهدين أعلى من منزلة الآخرين.

وفي الخامسة: قُورن بين سبيل الله وسبيل الشرك والكفر، وطُرح الجهاد في الآية التّالية بأنّه: عمل يُقصد منه مساعدة المستضعفين وتحريرهم من شرّ الظالمين:

( وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرّجَالِ وَالنّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِن لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِن لَدُنكَ نَصِيراً ) ، (النساء: 75).

١٨١

فالجهاد في سبيل الله - وهو سبيل الكمال الإنساني، وسبيل الحكمة، وسبيل العدالة، وسبيل الإيثار ونكران الذات - هو أحدُ الأركان الأصليةِ للإسلام.

والجهاد ضدّ الظلم والفساد من الواجبات المهمّة الملقاة على عاتق المسلمين أيضاً، فهو أمر دائم متواصلٌ بالنسبة إليهم. وهو نفسه يحافظ على حرارة البُعد الثوري والحركي للرسالة الإسلامية. وجهاد النفس أيضاً يكفل تكامل شخصيّة الإنسان وتطوّرها، لذلك فللجهاد معطيات فرديّة، وفي الآن ذاته، يجعل الحياة الجماعية تصبّ في صالح الإنسان.

والجهاد بمثابة عامل قوي يضع المجتمع الإسلامي في المسار التوحيدي، ذلك المسار الذي تُشكِّل فيه التقوى، والحكمة، والعدالة، والإيثار، الأهداف الأساسية، كما يجتثّ جذور الظلم والفساد، يقول الإمام عليعليه‌السلام بشأن الجهاد:

«أمّا بعد، فإنَّ الجهاد بابٌ من أبواب الجنّة، فتحه الله لخاصّة أوليائه، وهو لباس التقوى ودرعُ الله الحصينة، وجُنّتُه الوثيقة. فمَن تركه رغبةً عنه، ألبسَه الله ثوبَ الذُّلِ، وشَمْلَة البلاء، ودُيّثَ بالصّغار والقَماءة، وضُرِب على قلبهِ بالإسهاب، وأُديلَ الحقُّ منه بتضييع الجهاد، وسِيم الخَسْف، ومُنع النصَف».

جهاد النفس

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم». وأُثر عنه قوله بأنّ جهاد النفس أكبر من جهاد الأعداء، ولا يخفى فإنّ جنوح الإنسان إلى إشباع نزواته، وتقديمها على رغبات المجتمع يُفضي إلى مشاكل كثيرة.

إِنّ للإنسان رغبات فردية، ورغبات اجتماعية أيضاً، وفي الوقت ذاته، هو كائن يطمح إلى الكمال، أو يبحث عن الكمال. والبيئة الجماعية، وطريقة التربية، وأُسلوب تفكير المرء وحالته الطبقية، عوامل مؤثّرة في تحديد منهجيّة الحياة.

١٨٢

إنّ النزوات والرغبات الشخصية تجرّ الإنسان نحو الوصولية والنفعية، وحبّ التسلّط، والتعرّض إلى الآخرين. وهذه الدوافع هي منشأ الإختلافات والنزاعات والحروب بين الناس، وقد تكهرب الرغبات الشخصية الإنسان لتحكم قبضتها عليه، ومن انجرف وراءها، فسيصبح أسيراً لمصالحه ومباهجه ورفاهه كالعبد الذليل.

تصنع النوازع الذاتية من الإنسان عنصراً مضادّاً للجماعة غالباً، فهو يقدّم مصالحه على مصالحها، فيفضي ذلك إلى الاصطدام بها، وينبع التناقض الطبقي من نفس المصدر أيضاً. فعندما يتهافت ربّ العمل وراء ربح أكثر، فإنّه يستغلّ العامل، وبما أنّه - شخصياً - لا يستطيع أن يحول دون احتجاج العمّال، وكذلك ديدن سائر أرباب العمل حيث يتأثّرون بنفس الدافع، لذلك فإنّ النفعيّين أو أرباب العمل يُكوّنون طبقة أو شريحة قويّة لا ترعوي عن ارتكاب أيّ جريمة لتأمين مصالحها.

إنّ الإنسان الذي تأسره رغباته الذاتية، يفقد حريّته. وكما ذكرنا - فيما مضى - فإنّه يستسلم لرغباته ونزواته.

وتستعمل الأخلاق، والقانون، والعلم، والفن، وبقيّة مظاهر الحياة الجماعية، بوصفها وسائل لتأمين المصالح الطبقية. وفي المجتمعات التي لا تخضع لسيادة المال، فإنّ حبّ التسلّط على الآخرين، بوصفه محفّزاً قويّاً، يدفع الأشخاص إلى العمل من أجل التحكّم في رقاب الناس. وفي مثل هذه المجتمعات يقوم الفرد أو الجماعة بأيّ عمل من شأنه بقاء ذلك التحكّم. وما التصفيات الدموية، والمؤامرات، والصراعات الداخلية في الأحزاب إلاّ إفرازات طبيعية لغريزة حبّ التسلّط عند الأفراد أو الجماعات.

إنّ جهود الإنسان من أجل أن تكون الرغبات الذاتية في ظلّ الرغبات الاجتماعية مؤثّرة في انبثاق الأخلاق، ولابدّ أن يضحّي الإنسان بدوافعه ومحفّزاته الذاتية من أجل الدوافع والمحفّزات الاجتماعية، على أساس المعايير الأخلاقية. بيد أنّ قوّة الرغبات الذاتية تحول دون تحقيق هذا الأمر في حالات متنوّعة.

وكما مرّبنا سلفاً، فإنّ النفعية في المجتمعات التي يحتلّ فيها المال موقعاً أساسياً، تجذب

١٨٣

الأشخاص نحوها.

على نفس النسق، فإنّ حبّ التسلّط أو حبّ الجاه في المجتمعات الشيوعية يُفضي إلى أن يُضحّي الفرد بالمصالح الاجتماعية من أجل حب الجاه والمنصب. وفي حالات متنوّعة، فإنّ طرح الدوافع الأخلاقية أو الاجتماعية، وتشجيع الأشخاص على اختيار هذه الدوافع، يُمنى بالفشل.

من هذا المنطلق، ينبغي أن يكون هناك رصيد أقوى لسلوك الإنسان. وهنا تُطرح التقوى المنبثقة عن النظام التوحيدي. فترسيخ التقوى في نفوس الناس يحول دون النفعيّة وحب الجاه والمنصب. وبما أنّها تربط الإنسان بمصدر الكمال، والعدل، والحكمة، فهي تمنعه من الانحراف. في هذا المجال، يأخذ الجهاد في سبيل الله طابع الإيثار ونكران الذات وخدمة الناس.

في قسم من الآية التاسعة من سورة الحشر، يقول القرآن الكريم بشأن الانصار:

( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى‏ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ.. ) .

وجاء في آية أُخرى:

( وَأَمّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ وَنَهَى النّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فإنّ الْجَنّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) ، (النازعات: 41، 42).

المكافأة والعقوبة

إنّ أُسلوب المكافأة والعقوبة هو أحد الأساليب السائدة في التربية والتعليم. يشعر الإنسان باللّذة والسرور ذاتياً بسبب المكافأة، وتعزف نفسه عن العقوبة. هذا الاتّجاه هو الّذي يرغّب الإنسان بإنجاز الأعمال الصالحة، ويحجزه عن إنجاز الأعمال الرديئة. وما تجارب الإنسان على مرّ التاريخ إلاّ مؤشر على دعم التأثير الذي يتركه مبدأ المكافأة والعقوبة.

فالجائزة، والتشجيع، والمدح، والاحترام، والحب من الأمور التي تحظى بها

١٨٤

العناصر الصالحة المفيدة في المجتمع. ووجود مثل هذه المفردات في المجتمعات البشرية يكشف لنا عن عدد من الملاحظات:

الأُولى: الأعمال الصالحة المقبولة تنال رضا الناس وتأييدهم.

الثانية: ينبغي أن تكون هناك مكافأة لتشجيع أفراد المجتمع على القيام بالأعمال الصالحة.

الثالثة: إنّ بعض العناصر الصالحة تقوم بالأعمال المقبولة المحمودة من أجل نيل المكافأة. علماً بأنّنا عندما نقول: بعض العناصر الصالحة، لا جميعها، فإنّما نقصد أنّ جميع هذه العناصر لا تفعل الإحسان من أجل المكافأة.

بكلمة بديلة: إنّ بعض الناس يبلغ مرحلة من الناحية الأخلاقية والدينية، يرى فيها أنّ عمل الخير واجب أو هو ممّا بنبغي فعله.

إنّ التغريم، والزجر، والتقريع والتأنيب، وهتك الحرمة، وتشويه السمعة من الأمور التي يجب أن تطيقها العناصر الرديئة بسبب ما تمارسه من أعمال. ووجود مثل هذه المفردات يفصح لنا عن عدد من الحقائق:

الأولى: إنّ الإنسان - ذاتياً - لا يستحسن الأعمال غير الصالحة.

الثانية: بما أنّ الإنسان يخضع لتأثير النزوات الشخصية، فهو يجنح لمهاجمة الآخرين، أو يفعل ما فيه ضرر الآخرين من أجل مصلحته الشخصية، عند ذلك يجب تحذيره من القيام بالأعمال السيّئة الرديئة من خلال فرض العقوبات.

الثالثة: إنّ فرض العقوبات ضروري ومؤثّر في آن واحد.

بكلمة بديلة: لقد ثبت عملياً أنّ العقوبات مفيدة للحيلولة دون بروز المخالفات. هذا وإنّ بعض الأشخاص يرتدعون عن القيام بالأعمال السيّئة المشينة خشيةَ العقوبة.

أساس علم النفس

يؤمن علماء النفس، ولا سيّما أنصار مدرسة السلوك بدور المكافأة والعقوبة. وكما وضّحنا في مقارنة التدريب مع الدراسة، فإنّ الناس يتعلّمون كثيراً من الأمور عن الطريق الشَّرطي. ووفقاً للنظرية الشَّرطية الكلاسيكية، وعلى أساس تجارب (بافلوف)، فإنّ الكائن الحي ينقل ردّ فعله الطبيعي حيال المحفّز الطبيعي إلى أمر

١٨٥

مجاور للمحفّز الطبيعي، ويظهر معه في ظروف خاصّة. وفي ضوء رأي أنصار مدرسة السلوك، فإنّ معظم ضروب التعلّم - سواء في المجال الفكري أو المجال الأخلاقي والقانوني - يتحقّق عن هذا الطريق.

وطبقاً للنظرية الشرطية - العلمية، التي وضعَ عالمُ النفس الأميركي المعروف (سكينر) حجرها الأساس، فإنّ المكافأة تفضي إلى ترسيخ سلوك خاص في الفرد، والعقوبة تردعه عن القيام بعمل معيّن، وكما مرّبنا - فيما مضى -، فإنّ الإنسان يتأثّر بالمكافأة والعقوبة عمليّاً. ويبرهن على هذا الأمر سَنّ القوانين، وفرض العقوبات في المجتمعات المتنوّعة ذات الأنظمة السياسية المختلفة.

يؤمن الإسلام أيضاً بمبدأ المكافأة والعقوبة بأشكال متنوّعة، حيث تحدّث القرآن وسائر المصادر الإسلامية الموثوقة حول الجنّة والنار، والربح والخسارة، والخير والصلاح، والشر والانتكاسة، وحسن العاقبة، وسوء العاقبة، والفوز، وأمثال ذلك.

فحيناً يرى أنّ المخالفين ظالمون:

( ..وَمَن يَتَعَدّ حُدُودَ اللّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُون ) ، (البقرة: 229).

وحيناً آخر يهدد العاصين بالنار:

( وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خَالِداً فِيهَا.. ) ، (النساء: 14).

وذُكرت آثار العقوبات في بعض الآيات:

( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ.. ) ، (البقرة: 170).

وطوراً يرى أنّ قتل النفس بدون حق، هو قتل للمجتمع كلّه، وإحياءها إحياءٌ للمجتمع كلّه، قال تعالى:

( ..أَنّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنّمَا قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً.. ) ، (المائدة: 32).

وترى الآية الكريمة التالية أنّ الإمتناع عن القيام ببعض الأعمال يُفضي إلى

١٨٦

الفوز، وعلى نفس النسق، منعوا الناس من القيام بمثلها، قال تعالى:

( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِنّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ، (المائدة: 90).

وجاء في كثير من الآيات القرآنية الكريمة أنّ الإيمان والعمل الصالح يفضيان إلى الفوز أو الثواب العظيم، فقد قال تعالى:

( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ لَهُمْ جَنّاتُ النّعِيمِ ) ، (لقمان: 8).

وجاء في قسم من (الآية 62) من سورة البقرة:

( ..مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) .

إنّ الهدف من الناحية التربوية هو تربية وإعداد الأفراد بشكل هم يراقبون أعمالهم، فيفعلون ما هو صالح، وينتهون عمّا هو غير صالح. طبيعيّاً، إنّ تحقيق هذا الهدف - على هذا النمط المثالي - عسير على الصعيد العملي، لذلك شُرّعت القوانين الجنائية في جميع المجتمعات لمعاقبة المخالفين.

يتمّ التأكيد أحياناً على البعد التربوي في الآية القرآنية. قال تعالى:( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكّاهَا ) ، (الشمس: 9).

( وَقَدْ خَابَ مَن دَسّاهَا ) ، (الشمس: 10).

وكما قلنا سلفاً، فإنّ الهدف من بعثة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ورسالته هو: تربية الناس، وتعليم الكتاب والحكمة، قال تعالى:

( هُوَ الّذِي بَعَثَ فِي الْأُمّيّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكّيهِمْ وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ.. ) ، (الجمعة: 2).

إنّ تربية الإنسان، وتعليم الحكمة والكلام المنطقي أو العلم المُبرهَن، كل ذلك لا يردع الإنسان عن ارتكاب المخالفة فحسب، بل ويجعله في مسار معرفة الله، وتحصيل الفضائل الأخلاقية.

والتقوى - بمعنى السيطرة على الذات ومراقبة الرغبات

١٨٧

والنزوات الذاتية - هي من أقوى العوامل المرشدة والموجّهة للإنسان. ويتجسّد المثل الأعلى للتربية الإسلامية في كلام الإمام عليعليه‌السلام وعمله، حيث يقول:

«إنّ قوماً عبدوا الله رغبة، فتلك عبادة التّجار، وإنّ قوماً عبدوا الله رهبة، فتلكَ عبادة العبيد، وإنّ قوماً عبدوا الله شكراً، فتلك عبادة الأحرار».

ويقول في كلام آخر:

«إِلهي ما عبدتك خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنّتك، بل وجدتُك أهلاً للعبادةِ فعبدتُك».

وهوعليه‌السلام المثال الأكمل للإنسان المدرّب على مفاهيم القرآن، والتجسيد الحقيقي للإسلام الأصيل. وفي مستوى شخصيّته، لا وجود لمسألة الجنّة والنار أو الترغيب والترهيب في قاموسه، بل إنّ ما يجب فعله، يفعلهعليه‌السلام .

جاء في (الآية 257) من سورة البقرة:

( اللّهُ وَلِيّ الّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِنَ الظّلُمَاتِ إلى النّورِ وَالّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِنَ النّورِ إلى الظّلُمَاتِ أُولئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .

التوبة أُسلوب تربوي

قال تعالى:( إِنّمَا التّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلّذِينَ يَعْمَلُونَ السّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) ، (النساء: 17).

( فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فإنّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ، (المائدة: 39).

( وَالّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذّنُوبَ إِلّا اللّهُ وَلَمْ يُصِرّوا عَلَى‏ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) ، (آل عمران: 135).

كما يُلحظ في الآيات المذكورة، فإنّ الذين يرتكبون الأعمال القبيحة بجهالة، ويُبادرون إلى إصلاح سلوكهم، ولا يصرّون على ما فعلوا، يمكنهم إظهار التوبة، والله

١٨٨

- تعالى - يقبل منهم توبتهم.

وهنا ينبغي ملاحظة عدد من النقاط في مسألة التوبة:

الأُولى: إنّ الإنسان - في أيّ مستوىً من التقوى والإيمان كان - فهو معرّض للانحراف، وكحد أدنى، يمكن أن يرتكب الصغائر.

الثانية: إنّ التوبة تستلزم علم الإنسان بأعماله، وتقويم ما فعله.

الثالثة: إنّ المسألة القائلة بأنّ مخالفة الإنسان تغتفر، والطريق مفتوح لإصلاحه، محفّز قويّ لإصلاح سلوكه.

بإيجاز: تُضاعف التوبة من اطّلاع الإنسان على نفسه، وترغّبه لإصلاح سلوكه، وتمهّد له الطريق من أجل تكامله وتطوّره.

النصيحة والموعظة

لقد مرّبنا - فيما مضى - أَنَّ الموعظة طريقٌ من طرق دعوة الناس إلى معرفة الله، جاء في سورة لقمان، نموذج من نصيحة الأب لابنه، حيث يدعو لقمان ابنه إلى التوحيد واجتناب الشرك، ويطلب منه أن يحترم والديه، بيد أنّه يوصيه هنا أن لا يتّبعهما فيما إذا رغّباه في أمرٍ لا علم له به، أو هو غير مطّلع عليه.

إِنّ الناس معادن شتّى، فلا يمكن تربية الجميع على وتيرة واحدة. إنّ البعض يتربّى بالإرشاد، والبعض الآخر يُبادر إلى تربية نفسه وفقاً للظروف السائدة. والنصيحة والموعظة مؤثّرتان أيضاً في تربية كثير من الناس.

حيناً، توقظ الإنسان كلمةٌ أو جملةٌ قصيرة، أو تذكيرٌ أو نصيحة، فتجعله على علم بأعماله.

وحيناً آخر، تفعل النصيحة فعلها في الشخص، فتدفعه إلى التفكّر، وترغّبه في تربية نفسه.

وآياتُ القرآن الكريم، وأقوال أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام حافلة بالمواعظ والنصائح.

ذُكرتْ في الآية التّالية أساليب الدعوة:

( ادْعُ إِلَى‏ سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ.. ) ، (النحل: 125).

فُطرحت الحكمة أو الأُسلوب المنطقي، بمعيّة الموعظة والجدال بالتي هي أحسن، في

١٨٩

هذه الآية.

التربية عن طريق ذكر المثل

قال تعالى:( مَثَلُ الّذِينَ اتّخَذُوا مِن دُونِ اللّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) ، (العنكبوت: 41).

يتّفق أحياناً أن تكون للمَثل جاذبيّة خاصّة، فيلفت نظَر الإنسان نحوه. ويحثّ المَثَل - أحياناً - المفكّرين والعلماء فينبروا إلى التحقيق، ليوسّعوا بذلك من علمهم ووعيهم، جاء في آخر الآية المار ذكرها:

( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلّا الْعَالِمُونَ ) ، (العنكبوت: 43).

التربية عن طريق قصص الأُمم والشعوب

يلفت القرآن الكريم نظر الناس إلى المبادئ والحقائق الأخلاقية من خلال ذكر القصص، حيث يمكن أحياناً تربيتهم بِسَرْد القصص عليهم، وهذا اللون من التربية مفيد في مراحل النمو المتنوّعة. على سبيل المثال، من الأفضل أن تستعمل القصص والحكايات أحياناً، لكي يألف الناشئة والأحداث، المفاهيم والمبادئ الدينية والأخلاقية.

طبيعيّاً، إنّ قصّة حياة المسلمين الحقيقيّين، قيّمة ومفيدة للجميع، لذا يمكن تربية الكبار بشكل أفضل عن طريق سَرْد القصص. علماً بأنّ التربية عن طريق سَرْد القصص تكون عملية بصورة غير مباشرة. على أيّ حال، ينبغي توضيح النقاط الأساسية في القصص لدى سَرْدها، وذلك بالاستعانة بالشباب والكبار، والقصد - هنا - هو أن يؤخذ الهدف - وهو التربية الحقيقية - بعين الاعتبار، ضمن الاستفادة من جاذبيّة القصّة.

جاء في الآية الكريمة التالية:( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لاُِولِي الْأَلْبَابِ.. ) ، (يوسف: 111).

تُطرح نقاط تربوية أساسية في دراسة حياة الأُمم

١٩٠

والشعوب. فيتحدّد - هنا - سبب الرُقيّ والسموّ. وعلى نفس النسق، يتحدّد سبب ضمور الأُمم والشعوب وانقراضها.

جاء في القرآن الكريم أنّ سبب فوز الأُمم والشعوب وفلاحها هو الإيمان بالله، والجهاد في سبيله، وهو سبيل الكمال المعنوي، والحكمة، والعدالة، والإيثار ونكران الذات، قال تعالى:

( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ، (المائدة: 35).

وكما مرّبنا سلفاً، فإنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس أُسلوباً تربوياً فحسب، بل هو وسيلة لفوز الأُمم والشعوب وفلاحها. قال تعالى:

( وَلِتَكُن مِنكُمْ أُمّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ، (آل عمران: 104).

إنّ الظلم والفساد يسبّبان دمار الأمم والشعوب وهلاكها، قال تعالى:

( وَمَا كُنّا مُهْلِكِي الْقُرَى‏ إِلّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ) ، (القصص: 59).

( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمّرْنَاهَا تَدْمِيراً ) ، (الإسراء: 16).

بعامّة، فإنّ في البِين نقاطاً بشأن الموعظة والنصيحة، والأمثال، وتبيان قصص الأُمم والشعوب، وهي كمايلي:

1 - تنبيه الناس على المحمود من الأفعال، والمذموم منها.

2 - توضيح دَوْر الأشخاص ومسؤوليتهم في إنجاز الأعمال.

3 - تجسيد آثار كل عمل ونتائجه.

4 - طرح المعايير الأساسية.

5 - ترغيب الناس في التعقل والتفكّر حول القصص، والعمل على تربية أنفسهم من خلالها.

الدعاء والتضرّع

إنّ الدعاء والتضرّع إلى الله هو أحد الأساليب التربوية الأساسية في الإسلام

١٩١

وقد وردت أهميّة الدعاء في كسب العناية الإلهية في (الآية 77) من سورة الفرقان:

( قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامَاً ) .

الدعاء للهداية

( اهْدِنَا الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) ، (الفاتحة: 6).

( رَبّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ ) ، (آل عمران: 8).

( قُلْ إِنّنِي هَدَانِي رَبّي إِلَى‏ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ، (الأنعام: 161).

الدعاء للاستغفار والتوبة

جاء في قسم من (الآية 286) من سورة البقرة:

( ...وَاعْفُ عَنّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) .

وقال تعالى:( الّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا إِنّنَا آمَنّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النّارِ * الصّابِرِينَ وَالصّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ) ، (آل عمران: 16 - 17).

الدعاء لذكر الله دائماً

قال تعالى:( وَاذْكُر رَبّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوّ والآصَالِ وَلاَ تَكُن مِنَ الْغَافِلِينَ ) ، (الأعراف: 205).

الدعاء في مجال الإخلاص

قال تعالى:( فَادْعُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) ، (غافر: 14).

١٩٢

أمّا الآيات التي نُقل فيها الدعاء على لسان الأنبياء فكثيرة، فقد جاء على لسان إبراهيم واسماعيلعليهما‌السلام :

( رَبّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرّيّتِنَا أُمّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنّكَ أَنْتَ التّوّابُ الرّحِيمُ * رَبّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكّيهِمْ إِنّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ، (البقرة: 128 - 129).

وجاء على لسان آدم وحوّاء:

( قَالاَ رَبّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِن لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) ، (الأعراف: 23).

فالدعاء وسيلة لتربية الإنسان، وهو طريق التقرّب إلى الله، وطريق التحلّي بالفضائل، وبه يمكن أن نُطهّر أنفسنا من الرذائل، ونُعلن الجهاد ضدّ الطاغوت.

والدعاء لون من ألوان الشكر، وهو أُسلوب لتحميد الله وتقديسه، ووسيلة لمعرفة عظمة الله، وطريق للمناجاة مع المحبوب، ونوع من محاسبة النفس، والإقرار بالذنب، واستصغار النفس بجميع ملوّثاتها أمامَ الله - تعالى - مَظْهر الفضائل. وهو الأمل والرجاء، والخوف، والخضوع أمام الله، والخشوع قبال قدرته وعظمته، والتعوّذ به والالتجاء إليه، ورفض القيم التافهة الكاذبة الرخيصة، وهو التوبة، والندم، وتزكية النفس، والهداية، والكمال، والتذلّل، وطلب العفو والرحمة.

وبإيجاز: هو التأهّب للقاء الله، فكلّ ما أُثر من أدعيةٍ عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام قبل الصلوات وبعدها، وفي أوقات متنوّعة، وعند التعامل مع مختلف الأحداث يدلّل على أهميّة الدعاء ومعطياتة الباهرة.

ومن أجل توضيح الأبعاد المتنوّعة للدعاء، ننقل فقرات قصيرة من الدرر الثمينة للإمام زين العابدين وسيّد الساجدين عليّ بن الحسينعليه‌السلام مستقّاة من

١٩٣

الصحيفة السجّادية الكاملة(*) ، علماً بأنّ مطالعة الصحيفة مطالعة كاملة، وكذلك مطالعة الأدعية المأثورة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام الموجودة في كتاب (مفاتيح الجنان) مفيدة للغاية، لِمَن يرومون إدراك عمق التربية الإسلامية.

يقول الإمامعليه‌السلام في التّحميد لله والثناء عليه: «... حمداً يكونُ وُصلةً إلى طاعته وعفوه، وسبباً إلى رضوانه، وذريعةً إلى مغفرته، وطريقاً إلى جنّته، وخفيراً من نقمته، وأمناً من غضبه، وظهيراً على طاعته، وحاجزاً عن معصيته، وعوناً على تأدية حقِّه ووظائفه، حمداً نَسعَدُ به في السعداءِ من أوليائه، ونصيرُ به في نظْم الشهداءِ بسيوف أعدائه، إنّه وليّ حميد».

ومن دعائهعليه‌السلام لنفسه وأهل ولايته: «اللهمّ إنّك مَن واليتَ لم يضرْره خِذلانُ الخاذلين، ومَن أعطيتَ لم يَنقُصْه منعُ المانعين، ومن هديتَ لم يُغْوِه إضلالُ المُضِلّين، فصلّ على محمّد وآله، وامنْعنا بعزِّك من عبادِك، وأَغنِنا عن غيرك بإرفادك، واسلُكْ بنا سبيلَ الحقِّ بأرشادك..».

ومن دعائهعليه‌السلام عند الصباح والمساء: «... واجعلْه أيمنَ يومٍ عهِدناه، وأفضلَ صاحبٍ صحِبناه، وخيرَ وقتٍ ظلِلْنَا فيه. واجعلنا مِن أرضى مَنْ مرَّ عليه الليلُ والنهار من جُملة خلْقِك، أشكرهم لِما أوليتَ مِن نِعمك، وأقومَهم بما شرّعتَ من شرائعك، وأوقفَهم عمّا حذّرتَ من نهيك». ومن دعائهعليه‌السلام إذا عرضت له مهمّة أو نزلت ملمّة به، وعند الكرب: «يا من تُحَلّ به عُقَدُ المكاره، ويا مَنْ يُفثأُ بهِ حدُّ الشدائد، ويا من يُلتَمسُ منه المخرج إلى رَوحِ الفرج. ذلّت لقدرتك الصِعاب، وتسبّبتْ بلطفك الأسباب، وجرى بقُدرتك القضاء.. وهب لي من لدنك رحمةً وفرجاً هنيئاً..».

____________________

(*) نؤكِّد على الطلبة الجامعيين وروّاد التربية الإسلامية، مطالعة الصحيفة السجّاديّة، لما فيها من فوائد عظيمة.

١٩٤

ومن دعائهعليه‌السلام في الاستعاذة من المكاره وسيّء الأخلاق ومذامّ الأفعال: «اللهمّ إنّي أعوذُ بك من هَيجانِ الحرص، وسَوْرَة الغضب، وغلبة الحسد، وضَعف الصبر، وقلّة القناعة، وشكاسة الخُلق، وإلحاحِ الشهوة، وملكَة الحميّة، ومتابعةِ الهوى، ومخالفة الهدى، وسِنةِ الغفلة، وتعاطي الكلفة، وإيثار الباطلِ على الحق، والإصرار على المأثم، واستصغارِ المعصية، واستكبار الطاعة، ومُباهات المكثرين، والإزْراءِ بالمُقلّين، وسوءِ الولاية لمن تحت أيدينا، وتركِ الشكر لمنِ اصطنع العارفة عندنا..».

ومن دعائهعليه‌السلام في مكارم الأخلاق ومرضيّ الأفعال: «اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وآلهِ وبلّغْ بأيماني أكملَ الإيمان، واجعلْ يقيني أفضلَ اليقين، وانْتهِ بنيّتي إلى أحسن النيّات، وبعملي إلى أحسنِ الأعمال. اللهمّ وفّرْ بلطفِك نيّتي، وصحّح بما عندك يقيني، واستصلح بقدرتك ما فسَد منّي...».

ومن دعائهعليه‌السلام لجيرانه وأوليائه: «اللهمّ صلّ على محمّد وآله، وتولّني في جيراني ومَوالِيَّ العارفينَ بحقّنا، والمنابذين لأعدائِنا بأفضل ولايتك ووفّقْهم لإقامة سُنّتِك، والأخذِ بمحاسن أدبك، في إرفاق ضعيفهم، وسدِّ خَلّتِهم، وعيادةِ مريضهم، وهداية مسترشدِهم..».

ومن دعائهعليه‌السلام في الرضا إذا نظر إلى أصحاب الدنيا: «... واجعل شكري لك على ما زويتَ عني اوفر من شكري اياك على ما خولتني، واعصمْني منْ أن أظُنَّ بذي عدَمٍ خساسة، أو اظنَّ بصاحبِ ثروة فضلا. فأنَّ الشريف مَن شرّفتْه طاعتُكَ، والعزيزَ مَنْ أعزّتُه عبادتُك، فصلّ على محمدٍ وآله، ومتّعنا بثروةٍ لا تنفَد، وأيّدْنا بعزٍّ لا يُفقد، وأسرِحْنا في مُلْك الأَبَد...».

ومن دعائهعليه‌السلام في طلب العفو والرحمة: «...اللهمّ وأَيُّما عبدٍ نالَ

١٩٥

منّي ما حظرتَ عليه، وانتهك منّي ما حجرتَ عليه، فمضى بظُلامتي ميّتاً، أو حصلتْ لي قِبلَهُ حيّا، فاغفرْ له ما ألمَّ به منّي، واعفْ له عمّا أدبَر به عنّي...».

ومن دعائهعليه‌السلام في استكشاف الهموم: «اللهمّ صلّ على محمّد وآله، واقبضْ على الصّدق نفسي، واقطع من الدنيا حاجتي، واجعل فيما عندك رغبتي شوقاً إلى لقائك، وهب لي صدقَ التوكّل عليك. أسألك من خير كتابٍ قد خلا، وأعوذ بك من شرِّ كتاب قد خلا. أسألك خوف العابدين لك، وعبادةَ الخاشعين لك، ويقين المتوكّلين عليك، وتوكّل المؤمنين عليك...».

محتوى النظام التربوي في الإسلام

يمكن أن نستخرج محتوى النظام التربوي في الإسلام من القرآن الكريم، وسيرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ، ومن نهج البلاغة. علماً بأنّ كتابنا هذا لا يسع الحديث حول محتوى الرسالة الإسلامية، وكما نعلم، فإنّ الإسلام تطرّق الى:

التوحيد ومعرفة الله، رسالة الأنبياء وإمامة الأمّة، المعاد، العدل الإلهي، العبادات وفروع الأحكام، الطبيعة والكائنات الطبيعية، الإنسان، الأُمم والشعوب، النُظُم السياسية، الزراعة والتجارة، المعايير الأخلاقية، علاقات المسلمين فيما بينهم، علاقات المسلمين مع غير المسلمين.

وعشرات المواضيع الأُخرى.

ولقد تحدّثنا حول بعض هذه المواضيع ضمن دراستنا للأبعاد التربوية، ولكلِّ واحد من هذه المواضيع بُعد تربوي في حدوده المقرّرة، ويمكن أن يكون كل منها كتاباً كاملاً. على سبيل المثال: يمكن أن يشكّل موضوع المعاد كتاباً كبيراً من حيث الهدف، والدافع، ومبدأ الكمال ودوره المستمر في تنمية الأشخاص وتطوّرهم.

(أرجو أن يحالفني الحظ لاؤلّف كتاباً مفصّلاً يتناول الأبعاد التربوية لهذه المواضيع).

١٩٦

ما هو النظام التربوي؟

إنّ كلمة النظام من الكلمات التي لها اعتبارها العلمي، لذلك يحاول بعض الكتّاب أو أصحاب الأفكار والعقائد المتنوّعة أن يصبّوا نظرياتهم على شكل نظام.

وقد تطرّقَت الكتابات الفلسفية والاجتماعية والاقتصادية غالباً إلى النظام الفكري، والنظام المثالي، والنظام الاجتماعي، والنظام الاقتصادي. وقبل أن نتناول النظام التربوي بالبحث والدراسة، نرى من الضروري أن نوضّح معنى النظام.

عندما يدور الحديث حول النظام، فإنّنا نتعامل - عادةً - مع أجزائه، وهيكله العام، والعلاقة والتأثير المتبادلين بين الأجزاء والهيكل العام، ووحدتهما وتناسقهما ودورهما.

وعندما نخوض في الحديث حول النظام الفكري، فإنّ المفاهيم، والنظريات، والمبادئ والقواعد في هذا النظام مترابطة فيما بينها ارتباطاً منطقياً في نمط معيّن. والارتباط المنطقي بين هذه الأشياء يكشف عن وحدتها وتنظيمها.

بكلمة بسيطة: يجب أن تكون المفاهيم، والنظريات، والمبادئ والقوانين متناسقة فيما بينها، ومترابطة في خطّة منطقيّة.

في النظام التربوي، مضافاً إلى المفاهيم والنظريات، والمبادئ والقواعد، فإنّ أُموراً من نحو: الهدف، والأُسلوب، والنشاطات تشكّل الأجزاء الأصلية للنظام، مضافاً إلى ذلك، فإنّ النظام التربوي ينبغي أن يكون جزءاً من النظام الفكري والنظام المثالي للمجتمع. وعندما نقول هذا، لا يتبادر إلى الذهن أنّ النظام التربوي يفقد استقلاله في ظلِّ النظام الفكري للمجتمع إلى حدٍ لا يستطيع معه أداء رسالته.

وكما ذكرنا - فيما مضى - فإنّ أجزاء النظام تعيش علاقةً وتأثيراً متبادلين، سواء في علاقات بعضها مع البعض الآخر، أو في علاقاتها مجتمعة مع النظام كلّه، لذلك كلّما كان النظام ذا اتّجاه عقلي ومنطقي، فإنّ التأثير المتبادل يتضاعف.

وبناء على

١٩٧

ما مرّ من كلامٍ، فإنّ مجموعة المعلومات المبعثرة، والنظريات المفكّكة لا تشكّل نظاماً.

وفيما يخصّ النظام التربوي، يجب الأخذ بعين الإعتبار العلاقة الثنائية والمنطقية معاً للأجزاء، وكما قلنا، في النظام التربوي يجب أن يكون هناك ترابط بين الأهداف، والأساليب، والنشاطات، والنظريات، والقواعد في خطّة منطقية. وفي الوقت ذاته، يكون النظام التربوي جزءاً فاعلاً بالنسبة إلى النظام الفكري للمجتمع، ليؤدّي رسالته.

النظام التربوي في إيران

ينبغي أن نلاحظ: هل إنّ جهاز التعليم الرسمي في بلادنا، منذ تأسيس التربية والتعليم في المجتمع، تَبَلْور على شكل نظام أم لا؟

فكما يُلحظ، أنّنا نتحدث حول التعليم الرسمي في بلادنا، ونريد أن نرى هل إنّ هذا التعليم الذي يجري في المدارس الابتدائية، والثانويات، والجامعات تبلور على شكل نظام أم لا؟

ندرس وضع المدارس القديمة، والحوزات العلمية، بمعزل عن التعليم الرسمي في البلاد.

المؤسّسات التعليمية الجديدة

لقد تم تأسيس (دار الفنون) لسدّ الحاجة إلى الاختصاصيّين في الفروع: الطبيّة، والمعمارية، والعسكرية إلى حدٍّ ما. ونظراً إلى أنّ أساتذةً أجانب كانوا يُزاولون التدريس فيها، لذلك لا مندوحة من تأثّر البرامج التعليمية هدفاً وأُسلوباً ومحتوىً بالنُظُم التربوية الغربية منذ البداية، وفي عقيدتي، فإنّ النُظُم التربوية في الغرب كانت فاقدةً للتماسك الحقيقي آنذاك.

بكلمة بديلة: كان الغموض يكتنف الأهداف، والأساليب، والنشاطات، والنظريات التربوية في النُظُم التربوية الغربية، وليس هناك ترابط منطقي فيما بينها.

أمّا التعليم العالي في بلادنا فقد بدأ

١٩٨

بشكل رسمي بعد تأسيس (دار الفنون) متأثراً بالثقافة الغربية.

وكانت مدارسنا الابتدائية والثانوية أيضاً تحاكي المؤسّسات التربوية الغربية من حيث تنظيم الدروس، ومنهجّيتها، ومحتواها، إلى حدٍّ بعيد. وقد نُقل أنّ أوّلَ وزيرٍ للتربية في إيران زار فرنسا، ولمّا عاد، طبّق النظام السائد في المدارس هناك على المدارس الإيرانية. ونظرة قصيرة على نظام المدارس تبيّن لنا فقدان الهدف، والأُسلوب، والبرامج المحدّدة.

نحن نعلم بأنّ المرحلة الابتدائية ذات السنوات الست، بدأت في إيران على غِرار المنظّمات التربوية القائمة في فرنسا، فانقسمت الدراسة الإعدادية إلى مرحلتين:

الأولى: وأمدها ثلاث سنوات، وكانت ذات بُعد عام إلى حدّ ما.

والثانية: وانقسمت إلى فروعين: الفرع العلمي، والفرع الأدبي.

وبعد ردح من الزمن، قاموا بإجراء تغيير في جهاز التعليم الثانوي. فتمدّدت المرحلة الأُولى أو المرحلة العامّة من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، وفي السنة السادسة من المرحلة الثانوية، تأسّست الفروع الطبيعيّة، والرياضية، والأدبية.

وبعد بضع سنين، تغيّر نظام التعليم الثانوي مرّةً أُخرى، وعاد إلى ما كان عليه في السابق، حيث إنّ المرحلة الأُولى من التعليم الثانوي كانت ثلاث سنوات. والمرحلة الثانية كذلك، وشملت الفروع الطبيعية والرياضية والأدبية، ثم أُضيف فرع التجارة إلى برامج التعليم الثانوي.

وتقارَن تأسيس المدارس المهنية مع المدارس الثانوية. وبالرغم من أنّه يمكن تكييف برنامج المدارس المهنية لِيُلبّي الحاجات الاجتماعية بسهولة، بيد أنّه أيضاً، تمّ تأسيس المدارس المهنية لتحاكي المؤسسات المهنية في الدول الغربية إلى حدٍّ كبير.

وكان خريجو المدارس المهنية أيّام رضا خان إمّا يعملون حرّاساً، وإمّا موظّفين عاديين في الدوائر الحكومية بسبب عدم توفر فرص عمل مناسبة لهم، فمن تخرّج من فرع التجارة مثلاً، كان يعمل في دائرة الأحوال المدنية.

وفي تلك الفترة أيضاً زاول

١٩٩

خرّيجو كليّة الهندسة التدريس في الثانويات، بسبب عدم إتاحة فُرَص عمل مناسبة لهم في المؤسّسات المهنية. ومن الواضح أنّ هذه الحالة لا تسري على جميع المهندسين أو خرّيجي المدارس المهنية. مع هذا كلّه، كان جليّاً بأنّ تأسيس الفروع المهنية على المستوى الثانوي والجامعي لم يتحقّق وفقاً لحاجات البلاد.

النظام المصطلح عليه حديثاً: التربية والتعليم

نظراً لوجود بعض المسائل التعليمية، لاسيّما تضاعُف عدد خريجي المدارس الثانوية، ورغبتهم في اجتياز امتحانات القبول ليحصلوا على مقاعد جامعية، قرّر مسؤولوا التربية والتعليم - بتصوّرهم - تغيير النظام التعليمي.

وبما أنّ ما يُسمّون بالمسؤولين، تنقصهم المعلومات التربوية (تعاون عدد يسير من أساتذة الجامعات المختصّين في علم النفس، وعلم الاجتماع، مع المسؤولين عن التربية والتعليم، علماً أنّه ليس لهم إلمام بالتربية والتعليم والتخطيط التعليمي) ولم يشعروا بالمسؤولية أمام المجتمع، وفقط تظاهروا بأنّهم قاموا بعمل ما، وشغلوا أوقات الناس بضجيج دعاياتهم المزيّفة، لذلك انتخبوا - مرة أُخرى - نظاماً تعليميّاً سائداً في إحدى الدول، وقدّموه بوصفه نظاماً جديداً.

إنّ استعراض الأهداف الستّة لهذا النظام، والمبادئ العشرين، التي تتكفّل بتبيان تلك الأهداف بحذافيرها، يدلُّ على أنّ واضعي ما يُسمّى بالنظام التربوي، لم يفهموا معنى النظام التربوي، ولم يكن لهم علم بأُسس التعليم الابتدائي والثانوي.

لقد قلّصوا المرحلة الابتدائية من ست سنوات إلى خمس سنوات، بدون سبب، ووضعوا منهج الدراسة في المرحلة المتوسطة بشكل كان إدراكه عسيراً على المعلّم والطالب. ولم يكن تأسيس دورة المشاورة وإعداد المشاور مُجدياً أيضاً، لأنّ الجمود على المعايير السابقة، واعتبار الدرجات مهمّة في انتخاب الفروع الفنيّة، حالا دون تحقيق الهدف الذي كانت تتوخاه المرحلة المتوسّطة.

ويدلّ وضع التعليم الثانوي

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397