وسائل الشيعة الجزء ١٦

وسائل الشيعة15%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 397

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 397 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 171579 / تحميل: 7729
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

تعالى ، وإنّ العلوّ بالمسافة لا يجوز على القديم تعالى ، الذي ليس بجسم ولا جوهر ولا حال فيهما.

ولأنّ الخبر والآية التي تضمّنت أيضاً ذكر السماء خرجت مخرج المدح ، ولا مدح في العلوّ بالمسافة ، وإنّما التمدّح بالعلوّ في الشأن والسلطان ونفاذ الأمر ، ولهذا لا تجد أحداً من العرب مدح غيره في شعر أو نثر بمثل هذه اللفظة ، وأراد بها علوّ المسافة ، بل لا يريد إلاّ ما ذكرناه من معنى العلوّ في الشأن )(١) .

____________

١ ـ الأمالي للسيّد المرتضى ٤ / ٧٥.

٨١
٨٢

تحريف القرآن :

( علي ـ الدانمارك ـ )

الشيخ الطوسيّ ينفيه :

س : هل يذهب شيخ الطائفة إلى القول بنسخ الحكم والتلاوة؟

والذي شدّ انتباهي هو أنّه يدعم رأيه بروايات من البخاريّ ، وهو كما لا يخفى فيه من الروايات لا يقبل بها أيّ عقل ، ناهيك عن رجال البخاريّ من ناصبيّ إلى خارجيّ.

ج : إنّ الشيخ الطوسيّقدس‌سره من المصرّحين بنفي التحريف.

قال في التبيان : ( وأمّا الكلام في زيادته ونقصانه ، فممّا لا يليق به أيضاً ، لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها ، وأمّا النقصان منه ، فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره المرتضى ، وهو الظاهر في الروايات.

غير أنّه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آيات القرآن ، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع ، طريقها الآحاد التي لا تُوجِد علماً ولا عملاً ، فالأولى الإعراض عنها ، وترك التشاغل بها )(١) .

وأمّا ما أورده من تقسيم للنسخ ، وذكر المصاديق ، فإنّه مجرّد نقل الأقوال في المسألة ، ولا يوجد تصريح ، بل ولا تلميح بتبنّيه لمسألة نسخ الحكم والتلاوة ، أو مسألة نسخ التلاوة دون الحكم.

____________

١ ـ التبيان ١ / ٣.

٨٣

وما أورده في كتابه الخلاف من استدلاله بخبر ، فهو من باب الإلزام ، لأنّه بعد أن حكم بوجوب الرجم على الثيّب الزانية ، حكى عن الخوارج أنّهم قالوا : لا رجم في شرعنا ، فأجاب بقوله : ( دليلنا إجماع الفرقة ، وروي عن عمر أنّه قال : لولا أنّني أخشى أن يقال زاد عمر في القرآن لكتبت آية الرجم في حاشية المصحف )(١) .

( غانم النصّا ـ الكويت ـ )

المسلمون متّفقون على عدمه :

س : يقول الكثير من علماء الشيعة بتحريف ونقصان القرآن ، فما هو ردّكم على هذا الكلام؟

ج : إنّ مسألة تحريف القرآن من المسائل التي اتخذها أعداء التشيّع ذريعة في الطعن به ، مع أنّ الموجود في مصادر غير الشيعة ، ممّا هو صريح في التحريف ، أضعاف مضاعفة ممّا هو موجود في كتب الشيعة ؛ فهذه صحاح أهل السنّة مليئة بالأحاديث التي تثبت التحريف ، وبعض هذه الصحاح التزم مؤلّفوها بأن لا يرووا فيها إلاّ ما صحّ عندهم ، واعتقدوا به ، وكذلك تجد عدداً كبيراً من الصحابة ممّن كان يعتقد بالتحريف ، كما أنّ كتاب المصاحف للسجستانيّ ، وكتاب الفرقان لابن الخطيب من كتب أهل السنّة ، الذين أثبتوا التحريف فيها.

وعلى كلّ حال ، فالبحث في هذه المسألة ليس في نفع المسلمين ، لأنّ المسلمين في عصرنا الحاضر متّفقون على عدم التحريف ، والمنتفع الأوّل والأخير من طرح هذه المسألة هم أعداء الإسلام والقرآن ، بالأخصّ أعداء الدين المحمّديّ ، المتلبّسين باسم الإسلام ، الذين يسمّون بالوهابيّة.

____________

١ ـ الخلاف ٥ / ٣٦٦.

٨٤

( ـ السعودية ـ )

رواياته في كتب أهل السنّة :

س : هل من الممكن أن يزوّد الموقع بالروايات التي في كتب السنّة عن تحريف القرآن عندهم؟ جزاكم الله خير الجزاء ، مع ألف سلامة.

ج : نذكر لكم نماذج من روايات التحريف في كتب أهل السنّة ، وهي على طوائف :

الطائفة الأُولى : الروايات التي ذكرت سوراً أو آيات ، زُعِم أنّها كانت من القرآن وحُذِفت منه ، أو زعم البعض نسخ تلاوتها ، أو أكلها الداجن ، نذكر منها :

الأُولى : أنّ سورة الأحزاب تعدل سورة البقرة :

١ ـ روي عن عائشة : ( كانت سورة الأحزاب تعدل على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مائتي آية ، فلمّا كُتِب المصحف لم يُقدَر منها إلاّ على ما هي الآن )(١) .

٢ ـ روي عن عمر ، وأُبيّ بن كعب ، وعكرمة مولى ابن عباس : ( كانت سورة الأحزاب مثل سورة البقرة ، أو أطول ، وكان فيها آية الرجم )(٢) .

٣ ـ عن حذيفة : ( قرأت سورة الأحزاب على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنسيتُ منها سبعين آية ما وجدتها )(٣) .

الثانية : لو كان لابن آدم واديان …

روي عن أبي موسى الأشعريّ ، أنّه قال لقرّاء البصرة : ( وإنّا كنّا نقرأ سورة كنّا نشبّهها في الطول والشدّة ببراءة فأنسيتها ، غير أنّي حفظت منها :

____________

١ ـ الجامع لأحكام القرآن ١٤ / ١١٣ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٨٠ ، فتح القدير ٤ / ٢٥٩.

٢ ـ الدرّ المنثور ٥ / ١٨٠ ، نيل الأوطار ٧ / ٢٥٤ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٤١٥ ، صحيح ابن حبّان ١٠ / ٢٧٣ ، الجامع لأحكام القرآن ١٤ / ١١٣ ، مسند أحمد ٥ / ١٣٢ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٨ / ٢١١.

٣ ـ الدرّ المنثور ٥ / ١٨٠ ، فتح القدير ٤ / ٢٥٩ ، التاريخ الكبير ٤ / ٢٤١.

٨٥

لو كان لابن آدم واديان من مال ، لابتغى وادياً ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب )(١) .

الثالثة : سورتا الخلع والحفد.

روي أنّ سورتي الخلع والحفد كانتا في مصحف ابن عباس ، وأُبيّ بن كعب ، وابن مسعود ، وأنّ عمر بن الخطّاب قنت بهما في الصلاة ، وأنّ أبا موسى الأشعريّ كان يقرأهما ، وهما :

١ ـ اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك.

٢ ـ اللهم إيّاك نعبد ، ولك نصلّي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إنّ عذابك بالكافرين ملحق(٢) .

الرابعة : آية الرجم.

روي بطرق متعدّدة أنّ عمر بن الخطّاب قال : ( إيّاكم أن تهلكوا عن آية الرجم ، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس : زاد عمر في كتاب الله لكتبتها : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة ، نكالاً من الله ، والله عزيز حكيم ، فإنّا قد قرأناها )(٣) .

الخامسة : آية الجهاد :

روي أنّ عمر قال لعبد الرحمن بن عوف : ( ألم تجد فيما أُنزل علينا : أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة ، فإنّا لم نجدها؟ قال : أُسقط فيما أسقط من القرآن )(٤) .

____________

١ ـ صحيح مسلم ٣ / ١٠٠ ، تهذيب الكمال ٣٣ / ٢٣٤.

٢ ـ المصنّف للصنعانيّ ٣ / ١١١ ، كنز العمّال ٨ / ٨٠ ، الدرّ المنثور ٦ / ٤٢٠.

٣ ـ السنن الكبرى للبيهقيّ ٨ / ٢١٣ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٦ / ٥٥٣ ، أحكام القرآن للجصّاص ٣ / ٣٣٦ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٨٠ ، الطبقات الكبرى ٣ / ٣٣٤ ، الثقات ٢ / ٢٣٩.

٤ ـ كنز العمّال ٢ / ٥٦٧ ، الدرّ المنثور ١ / ١٠٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٧ / ٢٦٦.

٨٦

السادسة : آية الرضاع :

روي عن عائشة أنّها قالت : ( كان فيما أُنزل من القرآن : عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثمّ نسخن بخمس معلومات ، فتوفّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهنّ ممّا يقرأ من القرآن )(١) .

السابعة : آية رضاع الكبير عشراً :

روي عن عائشة أنَّها قالت : ( نزلت آية الرجم ، ورضاع الكبير عشراً ، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري ، فلمّا مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتشاغلنا بموته ، دخل داجن فأكلها )(٢) .

الثامنة : آية الصلاة على الذين يصلّون في الصفوف الأُول!

عن حميدة بنت أبي يونس قالت : ( قرأ عليّ أبي ، وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة : إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً ، وعلى الذين يصلّون في الصفوف الأُول.

قالت : قبل أن يغيّر عثمان المصاحف )(٣) .

التاسعة : عدد حروف القرآن.

أخرج الطبرانيّ عن عمر بن الخطّاب قال : ( القرآن ألف ألف ، وسبعة وعشرون ألف حرف )(٤) ، بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار.

وفي الختام : نوجّه لكم نصيحة ، وذلك تقديساً للقرآن الكريم ، بأنّ البحث عن هذا الموضوع لا يخدم الشيعة ولا السنّة ، بل يخدم أعداء الإسلام ، فعليكم أوّلاً أن تنصحوا من يفتح باب البحث حول هذا الموضوع ، وتُذكِّروه

____________

١ ـ سنن الدارمي ٢ / ١٥٧ ، صحيح مسلم ٤ / ١٦٧ ، سنن النسائيّ ٦ / ١٠٠ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٧ / ٤٥٤ السنن الكبرى للنسائيّ ٣ / ٢٩٨ ، صحيح ابن حبّان ١٠ / ٣٦.

٢ ـ مسند أبي يعلى ٨ / ٦٤ ، سنن الدارقطنيّ ٤ / ١٠٥ ، المعجم الأوسط ٨ / ١٢.

٣ ـ الإتقان في علوم القرآن ٢ / ٦٧.

٤ ـ المعجم الأوسط ٦ / ٣٦١ ، الجامع الصغير ٢ / ٢٦٤ ، كنز العمّال ١ / ٥١٧ و ٥٤١ ، فيض القدير ٤ / ٧٠٠ ، الدرّ المنثور ٦ / ٤٢٢.

٨٧

بهذه المسألة ، فإن ارتدع فهو المقصود ، وإلاّ فاذكروا له هذه الروايات عندهم ليلقم حجراً.

( عباس أحمد عبد الله ـ الكويت ـ )

مردود عند الشيعة :

س : يدّعي الكثير من المنتسبين للمذهب السنّي : أنّ الشيعة يعتقدون بتحريف القرآن الكريم ، وأنّ هناك آيات ناقصة أيضاً ، ويؤكّدون مزاعمهم هذه ، من أنّ الكثير من الكتب المشهورة ، والتي يعتقد بها الشيعة كمراجع ، قد أيّدت ذلك ، منها على سبيل المثال : الكافي ، وبحار الأنوار ، وفصل الخطاب ، وغيرها.

وقد كان ردّي على هذه الأسئلة الاستنكارية : بأنّه قد تمّ الدسّ والتلفيق في مثل هذه الكتب الجليلة ، وأصحابها من هذا الكذب براء ، فكانت إجابتهم : أن لو كان ما أقوله صحيحاً فأين الأصل من هذه الكتب؟ التي لم تذكر التحريف.

ثمّ أين ردّ علمائكم على مثل هذا؟ واقبلوا خالص الشكر والدعاء.

ج : إعلم أنّ ردّك بأنّه قد تمّ الدسّ والتلفيق لمثل هذه الكتب ليس جواباً صحيحاً ، والجواب الصحيح هو :

أنّ الشيعة لا تعتقد بوجود كتاب صحيح من أوّله إلى آخره غير القرآن المجيد ـ وهذا من مختصّات الشيعة ـ حيث كلّ كتاب سوى القرآن تُجرِي الشيعة عليه قواعد الجرح والتعديل ، والمباني الرجالية ، فما كان سنده صحيحاً عَمِلَت به ، وما كان سنده ضعيفاً لم تعمل به.

وأمّا بالنسبة إلى مسألة التحريف ، فإنّ البحث عن هذه المسألة ليس بنفع الشيعة ، ولا بنفع السنّة ، لأنّ النتيجة تؤدّي إلى تضعيف القرآن ، والمستفيد الوحيد من هذا البحث هو اليهود والنصارى وأعداء الإسلام.

إنّ مسألة تحريف القرآن موجودة في كتب السنّة أضعاف مضاعفة من

٨٨

الأحاديث الصحيحة والصريحة بالقياس إلى كتب الشيعة ، فلا نعلم لماذا التصقت هذه التهمة بالشيعة فقط؟

وأمّا ما ورد في كتب الشيعة من أحاديث فهو على أقسام :

١ ـ أكثره محمول على التأويل.

٢ ـ الذي لا يمكن حمله على التأويل أكثره ضعيف السند غير قابل للاعتماد عليه.

٣ ـ والصحيح المرويّ في كتب الشيعة غير القابل للحمل على التأويل ، فهو قليل جدّاً ، أعرض عنه علماء الشيعة ، لمعارضته مع القرآن الكريم ، وما خالف القرآن الكريم فالشيعة لا تعمل به ، وكذلك لمعارضته للأحاديث الصحيحة الكثيرة الصريحة بعدم التحريف.

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

رواياته في نظر الفريقين :

س : أُريد أن أعرف مسألة تحريف القرآن عند المسلمين ، ودمتم في رعاية الله.

ج : إنّ مسألة التحريف تبحث من زاويتين :

الأُولى : التحريف بالزيادة ، والحمد لله لا يوجد قائل من المسلمين بالزيادة ، إلاّ ما روي في مصادر أهل السنّة عن ابن عباس القول بزيادة المعوّذتين.

الثانية : التحريف بالنقيصة ، والروايات الواردة في مصادر الشيعة ، وأهل السنّة ، ممّا يحتمل من معناها النقيصة كثيرة جدّاً ، وأؤكد القول بأنّ ما روي في مصادر أهل السنّة أكثر بكثير ممّا روي في مصادر الشيعة ، ولو شئت وافيتك بكلّ ما روي في مصادر أهل السنّة من روايات التحريف بالنقيصة ، ويكفيك مطالعة كتاب المصاحف لابن أبي داود السجستانيّ من كبار أعلام أهل السنّة ، وحتّى كتاب فصل الخطاب للمحدّث النوريّ ، الذي جمع فيه

٨٩

روايات التحريف بالنقيصة ، ترى أكثر من ثلثي الكتاب أخذه ورواه من مصادر أهل السنّة.

والبحث العلميّ يستدعينا لأن نضع النقاط على الحروف ، والبحث في هذه المسألة بحثاً موضوعيّاً ، مع ابتعادنا عن كلّ تعصّب ، فنقول :

أوّلاً : ما روي في مصادر الشيعة ، وهنا نذكر عدّة نقاط :

أ ـ أنّ الشيعة لا تعتقد بصحّة كتاب من أوّله إلى آخره غير القرآن الكريم ، وكلّ كتاب فهو خاضع للبحث في السند والدلالة ، إلاّ قسم ضئيل منهم ـ كالإخباريّين ـ كانوا يعتقدون بصحّة بعض الكتب ، وهم بالطبع لا يمثّلون الفكر الشيعيّ في جميع جوانبه.

ب ـ ممّا امتازت به الشيعة هو القول بمسألة عرض الأحاديث على الكتاب العزيز ، فما وافقه يأخذون به ، وما خالفه يضربون به عرض الجدار.

ت ـ الروايات المروية في التحريف بالنقيصة عند الشيعة أكثرها ضعيفة السند.

ث ـ الروايات صحيحة السند المروية في التحريف بالنقيصة عند الشيعة ، أكثرها قابلة للحمل على التأويل والتفسير.

ج ـ الروايات الصحيحة السند المروية في التحريف بالنقيصة عند الشيعة ، والتي هي غير قابلة للحمل على التأويل والتفسير قليلة جدّاً ، وحملها علماء الشيعة على محامل ، منها : أنّ جبرائيلعليه‌السلام لمّا كان ينزل القرآن على النبيّ الأمينصلى‌الله‌عليه‌وآله كان ينزلها في بعض الأحيان مع التأويل والتفسير ، فكان ينزل بالقرآن ، ثمّ يذكر التفسير ابتداءً ، أو بطلب من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فحمل الشيعة هذه الروايات على التفسير من قبل جبرائيلعليه‌السلام .

وإذا لم نقل بهذا المحمل وسائر المحامل ، فإنّ هذه الروايات ساقطة بأصل العرض الذي يقبله الشيعة ، وهو الحديث المروي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : (إنّ على كلّ حقّ حقيقة ، وعلى كلّ صواب نوراً ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف

٩٠

كتاب الله فدعوه )(١) ، حيث تعرض الشيعة أحاديث التحريف على قوله تعالى :( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (٢) ، فلا تعمل بهذه الأحاديث.

ح ـ إنّ الأحاديث المروية في كتب الشيعة لم يلتزم مؤلّفوها على الأغلب ، بأن لا يرووا إلاّ ما اعتقدوا به ، لذا لا يمكن نسبة القول بالتحريف إلى من روى هذه الأحاديث.

خ ـ وأخيراً : لا ننكر وجود بعض الأقوال الشاذّة عند علماء الشيعة ممّن ذهبوا إلى التحريف ، وليس من الإنصاف حمل الأقوال الشاذّة على المذهب.

ثانياً : ما روي في مصادر أهل السنّة ، وهنا نذكر عدّة نقاط أيضاً :

أ ـ أنّ أهل السنّة تعتقد بصحّة بعض الكتب من أوّلها إلى آخرها ، وإن اختلفوا في تحديدها.

ب ـ أكثر أهل السنّة لم يقبلوا مسألة عرض الأحاديث على الكتاب ، إلاّ الظاهريّة ، وقسم نادر منهم.

ت ـ الروايات المروية في التحريف بالنقيصة عند أهل السنّة ، كثير منها مروي في الصحاح التي اعترفوا بصحّتها.

ث ـ الروايات المروية بالنقيصة عند أهل السنّة ، كثير منها قابلة للحمل على التأويل والتفسير.

ج ـ الروايات المروية في التحريف عند أهل السنّة ، غير القابلة للحمل على التأويل والتفسير ، حملها علماء أهل السنّة على نسخ التلاوة ، ومعنى نسخ التلاوة : هو نسخ تلاوة الآية مع بقاء حكمها.

وبحث نسخ التلاوة بحث مفصّل ، ويرد عليه إشكالات كثيرة ، خلاصتها : أنّ القول بنسخ التلاوة هو عين القول بالتحريف ، إذ أنّ نسخ الحكم وبقاء التلاوة واضح ومعلوم ، أمّا نسخ التلاوة وبقاء الحكم ما فائدته؟ وما هي

____________

١ ـ بحار الأنوار ٩٦ / ٢٦٢.

٢ ـ الحجر : ٩.

٩١

حكمته؟ أضف إلى ذلك ، فإنّ بعض الأحاديث غير قابلة للحمل على نسخ التلاوة قطعاً.

ح ـ إنّ الأحاديث المروية في كتب أهل السنّة ، التزم بعض مؤلّفيها بأن لا يرووا إلاّ ما اعتقدوا به ، لذا يمكن نسبة القول بالتحريف إلى من روى هذه الأحاديث.

خ ـ وأخيراً : لا يمكن أيضاً إنكار وجود بعض الأقوال عند علماء أهل السنّة ممّن ذهب إلى القول بالتحريف ، كابن أبي داود السجستانيّ ، وابن الخطيب ، بالأخص إذا أضفنا من روى أحاديث التحريف ، والتزم بأن لا يروي إلاّ ما صحّ عنده سنده ، واعتقد به.

وعلى كلّ حال ، فإنّ الدفاع عن القرآن الكريم واجب حتمي على الكلّ ، لا يفرّق فيه بين الشيعيّ والسنّي ، لذا نرى أنّ علماء الشيعة ألّفوا الكثير من المصنّفات في الدفاع عن القرآن ، ونفي التحريف عنه ، حتّى ردّوا ما ورد في مصادر أهل السنّة من التحريف ، وحاولوا أن يوجدوا لها المخارج.

وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر : تفسير البيان للسيّد الخوئيّ ، وتفسير آلاء الرحمن للشيخ البلاغيّ ، وكتاب التحقيق في نفي التحريف للسيّد الميلانيّ ، وكتاب أكذوبة تحريف القرآن للشيخ رسول جعفريان ، وبحث في التحريف لمركز الرسالة.

( عبد الله ـ قطر ـ ١٨ سنة. طالب ثانوية )

ردّ على من يتّهمنا به :

س : لقد قرأت كتاب ( لله ثمّ للتاريخ ) للسيّد حسين الموسويّ ، ولم اقتنع به ، لكن هناك نقطة لم استطع تفسيرها ، أو الردّ عليها ، وإليكم هذه النقطة نقلاً عن الكتاب :

٩ ـ القرآن :

٩٢

والقرآن لا يحتاج لإثباته نصّ ، ولكن كتب فقهائنا وأقوال جميع مجتهدينا تنصّ على أنّه محرّف ، وهو الوحيد الذي أصابه التحريف من بين كلّ تلك الكتب.

وقد جمع المحدّث النوريّ الطبرسيّ في إثبات تحريفه كتاباً ضخم الحجم ، سمّاه : ( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربّ الأرباب ) ، جمع فيه أكثر من ألفي رواية تنصّ على التحريف ، وجمع فيه أقوال جميع الفقهاء ، وعلماء الشيعة في التصريح بتحريف القرآن ـ الموجود بين أيدي المسلمين ـ حيث أثبت أنّ جميع علماء الشيعة وفقهائهم المتقدّمين منهم والمتأخّرين يقولون : إنّ هذا القرآن الموجود اليوم بين أيدي المسلمين محرّف.

قال السيّد هاشم البحرانيّ : وعندي في وضوح صحّة هذا القول ـ أي القول بتحريف القرآن ـ بعد تتبع الأخبار ، وتفحّص الآثار ، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيّع ، وأنّه من أكبر مقاصد غصب الخلافة ، فتدبّر.

وقال السيّد نعمة الله الجزائريّ رداً على من يقول بعدم التحريف : إنّ تسليم تواتره عن الوحي الإلهيّ ، وكون الكلّ قد نزل به الروح الأمين ، يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة ، مع أنّ أصحابنا قد أطبقوا على صحّتها ، والتصديق بها ، ولهذا قال أبو جعفر ـ كما نقل عنه جابر ـ : ( ما أدّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كلّه إلاّ كذّاب ، وما جمعه وحفظه كما نزل إلاّ علي بن أبي طالب ، والأئمّة من بعده ).

ولاشكّ أنّ هذا النصّ صريح في إثبات تحريف القرآن الموجود اليوم عند المسلمين ، والقرآن الحقيقيّ هو الذي كان عند علي ، والأئمّة من بعده ، حتّى صار عند القائمعليه‌السلام .

فأرجو منكم تفسير هذه النقطة ، أو إرشادي إلى كتاب يحتوي الردّ على هذا الكلام ، وجزاكم الله خيراً.

ج : لابدّ لنا من الإشارة إلى أنّ الكتاب المذكور ( لله ثمّ للتاريخ ) تأليف موضوع ومختلق ، اصطنعته أيدي خبيثة للنيل من سمعة الشيعة ، وهو من

٩٣

مكائد الوهابيّة في الكويت ، ولا علاقة للمؤلِّف والمؤلَّف بالشيعة وتراثهم ، بل هو كرّ على فرّ ، من تهمٍ وشبهات قد أُثيرت من قبل ، والمايز أنّ المؤلّف قد أوردها بشكل قصصيّ وروائيّ ، حتّى يتمكّن من تأثير أكبر في نفوس السذّج ، وإلاّ فليس فيه من جديد يعبأ به.

وأمّا ما ذكرتموه من مسألة التحريف ، فلا نرى مصلحة في الخوض فيها ، بعدما نكون على قطع ويقين ، بأن لا يستفيد منها إلاّ أعداء الدين ، فالذين يثيرون هذا الموضوع بين حينٍ وآخر ، إمّا أنّهم جهلة ، وإمّا لهم أغراض ودوافع سيّئة.

وعلى أيّ حال ، فنحن نكتفي بذكر إشارات في هذا المجال ، ريثما يتنبّه الغافلون ، ولا ينسبون إلى الشيعة شيئاً هم أنسب به.

أوّلاً : إنّ القول بالتحريف كان موجوداً عند أعلام أهل السنّة ، بل وإنّ أكثر الروايات في هذا الموضوع عامّية السند ، ولمعرفة الحال لابأس بمراجعة كتاب ( المصاحف ) لابن أبي داود السجستانيّ ، وكتاب ( الفرقان ) لابن الخطيب.

ثانياً : إنّ كتاب ( فصل الخطاب ) للشيخ النوريّ الطبرسيّقدس‌سره أكثر أحاديثه من مصادر أهل السنّة! فلا يكون له دلالة على الشيعة.

ثالثاً : نحن وإن لم ننكر وجود آراء شاذّة في هذه المسألة لبعض علماء الطائفة ـ كالنوريّ ـ ولكن هذا لا يعني أن ننسب رأي هذا البعض إلى كلّ الشيعة ؛ أفهل يعقل أن نعتمد على آراء وأحاديث كتاب المصاحف في تبيين وجهة نظر أهل السنّة في التحريف؟

رابعاً : الأحاديث الواردة في مجامعنا الروائية حول هذا الموضوع ، منها ما هو صحيح ومعتبر ، ومنها غير ذلك.

ومجمل الكلام : أنّه لا توجد حتّى رواية واحدة معتبرة سنداً لها دلالة واضحة على التحريف ، نعم هناك ما يوهم هذا الأمر ، ولكن مع الإمعان في معناه

٩٤

ومقابلته مع باقي روايات المقام ، يعطينا الاطمئنان واليقين بعدم حدوث التحريف.

خامساً : إنّ آراء أمثال السيّد نعمة الله الجزائريّ ، والسيّد هاشم البحرانيّ ، والمحدّث النوريّ ، لا تعتبر حاكية عن وجهة نظر الشيعة ، بل كان رأيهم الخاصّ في المسألة ، خصوصاً أنّهم جميعاً من الإخباريّين لا الأُصوليّين ، فلا يُؤخذ برأيهم في المقام ، إذ كانوا يرون كافّة الأحاديث الواردة صحيحة السند ، فلا يعتنون بموضوع اعتبارها.

( عبدو الترحيني ـ سلوفاكيا ـ )

نصيحتنا لأهل السنّة أن لا يبحثوا فيه :

س : ما مدى ذكر الاختلاف في القرآن بمصادر الشيعة ـ مع العلم أنّه غير مختلف والعياذ بالله ـ إلاّ أنّي لاحظت تكرار المدّعين والمفترين الناصبين لهذا ، ويذكرونه عن أعلام كبار كالمجلسيّ والكاشانيّ.

ج : قد ورد في مصادر أهل السنّة والشيعة قديماً روايات تدلّ على التحريف ، بل ما ورد في مصادر أهل السنّة من روايات أكثر بكثير ممّا ورد في مصادر الشيعة ، ولكن علماء الفرق الإسلاميّة ناقشوا في هذه الروايات سنداً ودلالة ، والتزموا بالقول بعدم تحريف القرآن الكريم.

إن قيل : إنّ بعض علماء الشيعة ألّف كتاباً في التحريف.

قلنا : إنّ بعض أعلام الأزهر بل غيره ألّف في التحريف ، أمثال كتاب المصاحف للسجستانيّ ، وكتاب الفرقان لابن الخطيب.

وفي صحاح أهل السنّة توجد روايات كثيرة صريحة بالتحريف ، وبعض هذه الصحاح التزم مؤلّفوها بأن لا يرووا إلاّ الصحيح ، أو لا يرووا إلاّ بما يعتقدون به.

وعلى كلّ حال ، فنصيحتنا لأهل السنّة أن لا يبحثوا في هذا المسألة ، ولا يتّهموا الشيعة ، لأنّ ما ورد في مصادرهم في التحريف كثير جدّاً.

٩٥

فإنّ البحث في مسألة التحريف اتخذه بعض الجهلة المغرضين من أهل السنّة ذريعة للطعن بالشيعة.

ولكن الشيعة تقديساً منهم للقرآن العظيم لم يجيبوا بالمثل ، وإلاّ فبإمكانهم استخراج كلّ ما ورد في مصادر أهل السنّة ، وتنظيمه في كتاب تحت عنوان ( أهل السنّة وتحريف القرآن ) ، ولكن لم يقدم الشيعة على تأليف مثل هكذا كتاب ، وتحمّلوا أنواع الطعن من قبل أهل السنّة ، كلّ ذلك تقديساً للقرآن ، لأنّ البحث في هذا الموضوع لا يستفيد منه إلاّ أعداء الإسلام للطعن في القرآن.

ومع كلّ هذا ، بادر أعلام الشيعة إلى تأليف عدّة كتب لنفي التحريف عند الشيعة والسنّة ، فتناولوا كلّ ما دلّ على التحريف في مصادر الشيعة والسنّة ، وناقشوه وردّوه بالأدلّة العلميّة.

( ـ ـ )

المفيد والصدوق والعامليّ والمجلسيّ لا يقولون به :

س : هل صحيح قول الشيخ المفيد ، وأبي الحسن العامليّ ، والسيّد نعمة الله الجزائريّ ، والمجلسيّ وغيرهم ـ مع ما لهم من الفضل ، والدرجة العلميّة الرفيعة ـ بتحريف القرآن؟

ج : إنّ نسبة التحريف إلى الشيخ المفيدقدس‌سره وغيره ، هي نسبة لابدّ من التحقيق عنها ، فلربما يروي المحدّث العالم حديثاً ، ولكن لا يعتقد بمضمونه ، مثلا الشيخ الصدوققدس‌سره ـ الذي يلقّب برئيس المحدّثين ـ له كتاب ( من لا يحضره الفقيه ) ، وكتب أُخرى في الحديث ، قد ذكر في تلك الكتب بعض الروايات الدالّة في ظاهرها على نقصان القرآن ، لكنّه في كتابه ( الاعتقادات ) ـ الذي هو كتاب مطبوع موجود ـ يصرّح : بأنّ القرآن الموجود الآن لا زيادة فيه ولا نقصان ، ممّا يدلّ على أنّ الرواية أعمّ من الاعتقاد.

٩٦

أمّا الشيخ المفيد فيصرّح بعدم نقصان القرآن في كتابه ( الاعتقادات ) ، وكذلك العلماء الآخرون ، الذين ذكرتم أسمائهم ، إلاّ السيّد نعمة الله الجزائريّ ، فالظاهر أنّه من القائلين بنقصان القرآن ، ولكن قوله لا يمثّل قول الطائفة.

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

الزيادة في آية الكرسيّ زيادة توضيحية :

س : وجدت في كتاب مفاتيح الجنان : أنّ آية الكرسيّ على التنزيل ـ الآية مكتوبة في الهامش : ٦٦ ـ كالآتي : قال العلاّمة المجلسيّ : آية الكرسيّ على التنزيل على رواية علي ابن إبراهيم ، والكلينيّ ، هي كما يلي : الله لا اله إلاّ هو الحيّ القيّوم ، لا تأخذه سنّة ولا نوم ، له في ما في السماوات والأرض وما بينهما ، وما تحت الثرى ، عالم الغيب والشهادة ، الرحمن الرحيم ، من ذا الذي إلى هم فيها خالدون.

بحثت عن الرواية في السي دي الذي عندي عن الكتب الأربعة لم يظهر لي إلاّ حديث واحد لعلي بن إبراهيم ، فيه هذه الآية المزعومة ، فما هو القول في ضعف الحديث من ناحية السند والمتن؟

وما هي أقوال العلماء الآخرين فيه؟ علماً بأنّ أحد النواصب أتى بهذا للتشهير علينا ، وإثارة الفتنة ، ولكم منّا جزيل الشكر والامتنان.

ج : إنّ الحديث المشتمل على هذه الزيادة قد ورد في تفسير القمّيّ ، وروضة الكافي ، وكتاب العروس ؛ ولكن لا سبيل لإثبات سنده في كافّة هذه المصادر ؛ فأمّا سند التفسير فقد ورد فيه الحسين بن خالد ، الذي لم تثبت وثاقته ، بل ثبت أنّه قد خالف قول الإمام الرضاعليه‌السلام في مورد(١) .

وأمّا سند الكافي ، فيحتوي على محمّد بن سنان ، وهو غير موثوق ، بل

____________

١ ـ معجم رجال الحديث ٦ / ٢٥٠.

٩٧

ضعيف عند الرجاليّين ؛ وأمّا كتاب العروس فلم نعثر على سنده ، وأغلب الظنّ إنّه من المراسيل ، وعلى أيّ حال فلا حجّية لسنده ، ثمّ على تقدير التنزّل وفرض صحّة السند ، فهذه العبارة الموهمة هي فقرة توضيحية جاءت لتوضيح المزيد من معاني مفردات الآية بصورة مزجية ، كما نرى في بعض الشروح المتداولة ، إذ يأتي البيان والتوضيح متعاقباً للنصّ من دون فصل ظاهري ، ثمّ يستمرّ سرد النصّ كما هو عليه.

ويؤيّد ما قلنا : أنّ الرواية المذكورة في تفسير علي بن إبراهيمقدس‌سره في المقام ، قد اشتملت على موارد من هذا القبيل ـ أي الشرح المزجيّ ـ فلا يبعد أن يكون موردنا أيضاً قد كان هكذا ، ولكن حذفت أدوات الفصل والتوضيح بتناقل الحديث عند الرواة.

وبالجملة : فلابدّ إمّا من طرحها سنداً ، وإمّا تأويلها على الوجه المذكور نظراً للنصوص الصريحة ، والصحيحة ، والمستفيضة ، والأدلّة الواضحة على عدم نقص أو زيادة حتّى كلمة واحدة في القرآن الموجود بين أيدينا.

وهذا ما يتّفق عليه جميع علماء الطائفة فعلاً ، فكلّ الأقاويل التي ترد بخلاف هذا الإجماع مردودة ، وتفسير بما لا يرضى صاحبه.

( سلمان ـ ـ )

موضوع يثيره أعداء الدين :

س : هل صحيح بأنّ القرآن محرّف؟ وما الدليل على أنّه محرّف؟ مع العلم أنّني على استعداد لاتّباع الحقّ.

ج : إنّ القرآن والسنّة ـ الصحيحة عند الفريقين ـ والعقل وإجماع الأُمّة والطائفة كلّها تدلّ على عدم التحريف ، وهذا الموضوع ممّا يثيره أعداء الدين بلسان بعض المتلبّسين بالإسلام لكسر شوكة العقيدة ، بإثارة الشبهات حول كتابهم المعصوم.

٩٨

وأمّا ما ورد في هذا المجال من أقوال وروايات تخالف هذا المبنى ، فأمّا مطروحة سنداً ، أو مؤوّلة مدلولاً بما لا يخالفه.

( يعقوب يوسف حمّود ـ الكويت ـ ١٧ سنة ـ طالب )

عدم ثبوت اعتقاد الكلينيّ به :

س : ما حقيقة ما يقال عن اعتقاد الشيخ الكلينيّ قدس‌سره بالتحريف؟

ج : إنّ الشيخ الكلينيّقدس‌سره روى في كتابه ( الكافي ) ما يستظهر منه تحريف القرآن ، لكنّ الرواية شيء ، والاعتقاد بها شيء آخر.

ونحن لا دليل عندنا على اعتقاده بكلّ ما رواه فيه ، كما هو الحال بالنسبة إلى كتاب البخاريّ ومسلم عند أهل السنّة ، وإن شئتم التفصيل فارجعوا إلى كتاب ( التحقيق في نفي التحريف ).

( عبد الرحمن ـ الأردن ـ أشعريّ ـ ٢٤ سنة ـ طالب ثانوية )

معانيه :

س : ما هو معنى تحريف القرآن؟ وما يراد منه؟

ج : إنّ للتحريف معنيين :

١ ـ تحريف بالزيادة ، ولا أحد يقول به ، وإن وردت بعض الروايات في مصادر أهل السنّة تنسب القول بالتحريف بالزيادة إلى بعض الصحابة.

٢ ـ التحريف بالنقصان ، وهذا القسم هو محلّ البحث ، فالروايات الواردة في معنى التحريف بالنقصان رويت في صحاح ومسانيد أهل السنّة أضعاف مضاعفة ممّا هي في كتب حديث الشيعة ، وهذه الروايات أكثرها قابلة للحمل على التأويل ، وبعضها ضعيفة السند ، والقليل من الروايات الصحيح الصريح في التحريف لا يعمل به ، وذلك بناءً على مبنى الشيعة في عرض الأخبار على القرآن ، فما وافقه يأخذون به ، وما خالفه يضربون به عرض الجدار.

٩٩

فإن قيل : في مصادر الشيعة توجد هناك روايات في التحريف.

قلنا : بعض كبار الصحابة ، وعلماء أهل السنّة أيضاً قالوا بالتحريف ، بالأخصّ أصحاب الصحاح والمسانيد ، الذين ذكروا أنّهم لا يروون إلاّ ما صحّ عندهم ، وما يعتقدونه ، وهم قد رووا عشرات الأحاديث في التحريف.

إن قيل : بعض علماء الشيعة ألّف في التحريف.

قلنا : بعض علماء السنّة أيضاً ألّف في التحريف ، كابن أبي داود السجستانيّ في كتابه ( المصاحف ) المطبوع في بيروت ، وابن الخطيب في كتابه ( الفرقان ) المطبوع في القاهرة.

إن قيل : ما ورد في مصادر أهل السنّة محمول على نسخ التلاوة.

قلنا : كثير من الأحاديث المروية عند أهل السنّة غير قابلة الحمل على نسخ التلاوة ، وثمّ ما ورد عند الشيعة أيضاً قابل للحمل على نسخ التلاوة.

وفذلكة القول : أنّ البحث في هذا الموضوع لا يخدم القرآن ، والمنتفع الأوّل والأخير هم أعداء القرآن والإسلام ، ومن هذا المنطلق وتقديساً للقرآن الكريم ألّف علماء الشيعة عشرات الكتب لردّ القول بالتحريف عند الشيعة والسنّة ، حفاظاً على القرآن الكريم ، ولم يردّ علماء الشيعة بالمثل على ما ألّفه علماء السنّة ضدّ الشيعة في مسألة التحريف ، ولو أرادوا ذلك لكتبوا عشرات الكتب في إثبات التحريف عند أهل السنّة ، ولكن تقديس القرآن يمنعهم للخوض في أمثال هذه الأبحاث.

( أحمد العنزي ـ الكويت ـ )

من قال به وحكم من يعتقد به :

س : أنا اعلم أنّكم لن تجيبوا على سؤالي ، ولن تضعوه في الأسئلة ، لذلك أردت أن اكتب السؤال لأتيقّن أكثر من الذي سمعت.

سؤالي كالتالي : من يقول أنّ القرآن ناقص ومحرّف ، هل هو مسلم أم كافر؟

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

القطان، عن محمّد بن عبدالله الحضرمي، عن أحمد بن بكر، عن محمّد بن مصعب، عن حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : طاعة السلطان واجبة، ومن ترك طاعة السلطان فقد ترك طاعة الله عزّ وجلّ، ودخل في نهيه، إنّ الله عزّ وجلّ يقول:( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُم إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (١) .

[ ٢١٤٠٨ ] ٣ - وفي( عيون الأخبار) عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن الحسن المدني، عن عبدالله بن الفضل، عن أبيه، عن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث طويل - قال: لولا أنّي سمعت في خبر عن جدّي رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أنّ طاعة السلطان للتقية واجبة إذا ما أجبت.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٢٨ - باب وجوب الاعتناء والاهتمام بالتقيّة وقضاء حقوق الإِخوان المؤمنين

[ ٢١٤٠٩ ] ١ - الحسن بن علي العسكري( عليهما‌السلام ) في( تفسيره) في قوله تعالى: ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) (٤) قال: قضوا الفرائض كلّها بعد

____________________

(١) البقرة ٢: ١٩٥.

٣ - عيون اخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٧٦ / ٥.

(٢) تقدم ما يدلّ عليه عموما في الباب ٢٤، وخصوصا في الباب ٥٧ من ابواب ما يمسك عنه الصائم.

(٣) يأتي في الحديث ١٠ من الباب ٤٥ من ابواب ما يكتسب به، وفي الحديث ٢ من الباب ١١ من ابواب آداب القاضي.

الباب ٢٨

فيه ١٣ حديثاً

١ - تفسير الامام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٠ / ١٦١.

(٤) البقرة ٢: ٢٥.

٢٢١

التوحيد واعتقاد النبوة والامامة، قال: وأعظمها فرضان: قضاء حقوق الإِخوان في الله، واستعمال التقية من أعداء الله عزّ وجلّ.

[ ٢١٤١٠ ] ٢ - قال: وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : مثل مؤمن لا تقية له كمثل جسد لا رأس له - إلى أن قال: - وكذلك المؤمن إذا جهل حقوق إخوانه فإنّه يفوت ثواب حقوقهم فكان كالعطشان يحضره الماء البارد فلم يشرب حتّى طغا(١) ، وبمنزلة ذي الحواس الصحيحة لم يستعمل شيئاً منها لدفع مكروه، ولا لانتفاع محبوب، فاذا هو سليب كلّ نعمة، مبتلى بكلّ آفة.

[ ٢١٤١١ ] ٣ - قال: وقال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : التقية من أفضل أعمال المؤمن، يصون بها نفسه وإخوانه عن الفاجرين، وقضاء حقوق الاخوان أشرف أعمال المتقين، يستجلب مودّة الملائكة المقربين، وشوق الحور العين.

[ ٢١٤١٢ ] ٤ - قال: وقال الحسن بن علي( عليه‌السلام ) : إن التقية يصلح الله بها أمة لصاحبها مثل ثواب أعمالهم، فإن تركها أهلك أُمّة تاركها شريك من أهلكهم، وإنّ معرفة حقوق الإِخوان يحبب إلى الرحمن، ويعظّم الزلفى لدى الملك الديان، وإنّ ترك قضائها يمقت إلى الرحمن ويصغر الرتبة عند الكريم المنان.

[ ٢١٤١٣ ] ٥ - قال: وقال الحسين بن علي( عليه‌السلام ) : لولا التقية ما عرف وليّنا من عدونا ولولا معرفة حقوق الإِخوان ما عرف من السيئات شيء إلّا عوقب على جميعها.

____________________

٢ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٠ / ١٦٢.

(١) طغا الرجل: مات ( القاموس - طغو - ٤: ٣٥٧ ).

٣ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٠ / ١٦٣.

٤ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢١ / ١٦٤.

٥ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢١ / ١٦٥.

٢٢٢

[ ٢١٤١٤ ] ٦ - قال: وقال علي بن الحسين( عليه‌السلام ) : يغفر الله للمؤمن كلّ ذنب، ويطهره منه في الدنيا والآخرة ما خلا ذنبين: ترك التقية، وتضييع حقوق الإِخوان.

[ ٢١٤١٥ ] ٧ - قال: وقال محمّد بن علي( عليه‌السلام ) : أشرف أخلاق الأئمة(١) والفاضلين من شيعتنا استعمال التقية، وأخذ النفس بحقوق الإِخوان.

[ ٢١٤١٦ ] ٨ - قال: وقال جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) : استعمال التقية بصيانة الإِخوان، فإن كان هو يحمي الخائف فهو من أشرف خصال الكرم، والمعرفة بحقوق الإِخوان من أفضل الصدقات والزكاة والحج والمجاهدات.

[ ٢١٤١٧ ] ٩ - قال: وقال موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) لرجل: لو جعل اليك التمني في الدنيا ما كنت تتمنّى؟ قال: كنت أتمنّى أن أرزق التقية في ديني، وقضاء حقوق إخواني(٢) ، فقال: أحسنت اعطوه ألفي درهم.

[ ٢١٤١٨ ] ١٠ - قال: وقال رجل للرضا( عليه‌السلام ) : سل لي ربّك التقية الحسنة، والمعرفة بحقوق الإِخوان، والعمل بما أعرف من ذلك، فقال: الرضا( عليه‌السلام ) : قد أعطاك الله ذلك لقد سألت أفضل شعار الصالحين ودثارهم.

____________________

٦ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢١ / ١٦٦.

٧ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢١ / ١٦٧.

(١) في نسخة: الامة ( هامش المخطوط ).

٨ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٢ / ١٦٨.

٩ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٢ / ١٦٩.

(٢) في المصدر زيادة: قال: فما بالك لم تسأل الولاية لنا اهل البيت؟ قال: ذاك اعطيته وهذا لم اعطه فانا اشكر الله على ما اعطيت، واسأل ربي عزّ وجلّ ما منعت.

١٠ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٣ / ١٧٠.

٢٢٣

[ ٢١٤١٩ ] ١١ - قال: وقيل لمحمّد بن علي( عليه‌السلام ) : إن فلاناً اخذ بتهمة فضربوه مائة سوط، فقال محمّد بن علي( عليه‌السلام ) : إنّه ضيع حق أخ مؤمن، وترك التقية، فوجه اليه فتاب.

[ ٢١٤٢٠ ] ١٢ - قال: وقيل لعلي بن محمّد( عليه‌السلام ) : من أكمل النّاس؟ قال: أعلمهم بالتقية وأقضاهم لحقوق إخوانه - إلى ان قال: - في قوله تعالى:( وَإِلَهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) (١) قال: الرحيم بعباده المؤمنين من شيعة آل محمّد، وسع لهم في التقيّة، يجاهرون باظهار موالاة اولياء الله، ومعاداة اعدائه إذا قدروا، ويسرون بها إذا عجزوا.

[ ٢١٤٢١ ] ١٣ - ثمّ قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ولو شاء لحرم عليكم التقية، وامركم بالصبر على ما ينالكم من أعدائكم عند اظهاركم الحق، إلّا فأعظم فرائض الله عليكم بعد فرض موالاتنا ومعاداة أعدائكم استعمال التقية على انفسكم وأموالكم(٢) ومعارفكم وقضاءُ حقوق اخوانكم، وان الله يغفر كلّ ذنب بعد ذلك ولا يستقصي، وأمّا هذان فقلّ من ينجو منهما إلّا بعد مسّ عذاب شديد، إلّا أن يكون لهم مظالم على النواصب والكفّار فيكون عقاب هذين على أُولئك الكفّار والنواصب قصاصاً بمالكم عليه من الحقوق، وما لهم إليكم من الظلم، فاتقوا الله ولا تتعرضوا لمقت الله بترك التقيّة، والتقصير، في حقوق إخوانكم المؤمنين.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

____________________

١١ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٤ / ١٧١.

١٢ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٤ / ١٧٢ و ٥٧٤ / ٣٣٦.

(١) البقرة ٢: ١٦٣.

١٣ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٥٧٤ / ٣٣٧.

(٢) في المصدر: واخوانكم.

(٣) تقدم في الباب ٢٤، وفي الحديث ٩ من الباب ٢٥ من هذه الأبواب، وفي الباب ١٢٢ من ابواب احكام العشرة.

(٤) يأتي ما يدلّ على بعض المقصود في الباب ٢٩ من هذه الأبواب.

٢٢٤

٢٩ - باب جواز التقيّة في اظهار كلمة الكفر كسبّ الانبياء والأئمّة ( عليهم‌السلام ) والبراءة منهم وعدم وجوب التقية في ذلك وان تيقن القتل

[ ٢١٤٢٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسرّوا الإِيمان وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرّتين.

ورواه الصدوق في( المجالس) عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، عن المنذر بن محمّد، عن جعفر بن سليمان، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) مثله(١) .

[ ٢١٤٢٣ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن صدقة قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إن الناس يروون أن علياً( عليه‌السلام ) قال على منبر الكوفة: أيّها الناس انّكم ستدعون إلى سبي فسبّوني، ثمّ تدعون إلى البراءة منّي فلا تبروؤا مني، فقال: ما أكثر ما يكذب(٢) الناس على علي( عليه‌السلام ) ، ثمّ قال: إنّما قال: إنّكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثمّ تدعون إلى البراءة مني وإنّي لعلى دين محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، ولم يقل: ولا تبرؤوا منّي، فقال له السائل:

____________

الباب ٢٩

فيه ٢١ حديثاً

١ - الكافي ١: ٣٧٣ / ٢٨.

(١) امالي الصدوق: ٤٩٢ / ١٢.

٢ - الكافي ٢: ١٧٣ / ١٠.

(٢) يأتي وجه التكذيب ( منه. قده ).

٢٢٥

أرايت ان اختار القتل دون البراءة، فقال: والله ما ذلك عليه، وماله إلّا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكّة وقلبه مطمئن بالإِيمان، فأنزل الله عزّ وجلّ فيه:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ ) (١) فقال له النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عندها: يا عمار إن عادوا فعد، فقد انزل الله عذرك، وامرك ان تعود إن عادوا.

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد) عن هارون بن مسلم مثله (٢) .

[ ٢١٤٢٤ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمّد بن مروان قال: قال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : ما منع ميثمّ (رحمه‌الله ) من التقية؟ فوالله لقد علم إنّ هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ ) (٣) .

[ ٢١٤٢٥ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن زكريا المؤمن، عن عبدالله بن أسد، عن عبدالله بن عطا قال: قلت لابي جعفر( عليه‌السلام ) : رجلان من أهل الكوفة اخذا فقيل لهما: ابرءا من أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) فبرىء واحد منهما، وأبى الآخر فخلّي سبيل الذي برىء وقتل الآخر، فقال: أمّا الذي برىء فرجل فقيه في دينه، وأمّا الذى لم يبرأ فرجل تعجل إلى الجنّة.

[ ٢١٤٢٦ ] ٥ - وعنه، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن خالد بن نافع، عن محمّد بن مروان عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنّ رجلاً أتى النبي

____________________

(١) النحل ١٦: ١٠٦.

(٢) قرب الإِسناد: ٨.

٣ - الكافي ٢: ١٧٤ / ١٥.

(٣) النحل ١٦: ١٠٦.

٤ - الكافي ٢: ١٧٥ / ٢١.

٥ - الكافي ٢: ١٢٦ / ٢، واورده في الحديث ٤ من الباب ٩٢ من ابواب احكام الاولاد.

٢٢٦

( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: أوصني فقال: لا تشرك بالله شيئاً وإن أُحرقت بالنار وعذبت إلّا وقلبك مطمئن بالإِيمان، ووالديك فأطعهما الحديث.

[ ٢١٤٢٧ ] ٦ - عبدالله بن جعفر الحميري في( قرب الإِسناد) عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إن التقية ترس المؤمن، ولا إيمان لمن لا تقية له، فقلت له: جعلت فداك قول الله تبارك وتعالى:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ ) (١) قال: وهل التقية إلّا هذا.

[ ٢١٤٢٨ ] ٧ - محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب( الرجال) عن جبرئيل بن أحمد، عن محمّد بن عبدالله بن مهران، عن محمّد بن علي الصيرفي، عن علي بن محمّد، عن يوسف بن عمران الميثمي قال: سمعت ميثمّ النهرواني يقول: دعاني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) وقال: كيف أنت يا ميثمّ اذا دعاك دعي بني أُميّة - عبيد الله بن زياد - إلى البراءة منّي؟ فقلت: يا أمير المؤمنين أنا والله لا أبرأ منك؟ قال: إذاً والله يقتلك ويصلبك، قلت: أصبر، فداك في الله قليل فقال: يا ميثمّ إذاً تكون معي في درجتي الحديث.

ورواه الراوندي في( الخرائج والجرائح) عن عمران، عن أبيه ميثم، مثله (٢) .

[ ٢١٤٢٩ ] ٨ - الحسن محمّد الطوسي في( مجالسه) عن أبيه، عن

____________________

٦ - قرب الإِسناد: ١٧.

(١) النحل ١٦: ١٠٦.

٧ - رجال الكشي ١: ٢٩٥ / ١٣٩.

(٢) الخرائج والجرائح: ٦١.

٨ - امالي الطوسي ١: ٢١٣.

٢٢٧

محمّد بن محمّد، عن محمّد بن عمر الجعابي، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن يحيى بن زكريا يابن شيبان، عن بكر بن مسلم(١) ، عن محمّد بن ميمون، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : ستدعون إلى سبّي فسبّوني، وتدعون إلى البراءة مني فمدوا الرقاب فاني على الفطرة.

[ ٢١٤٣٠ ] ٩ - وعن أبيه، عن هلال بن محمّد الحفار، عن إسماعيل بن علي الدعبلي، عن علي بن علي أخي دعبل بن علي الخزاعي، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم‌السلام ) إنّه قال: انكم ستعرضون على سبي، فإن خفتم على أنفسكم فسبّوني، إلّا وإنّكم ستعرضون على البراءة مني فلا تفعلوا فإنّي على الفطرة.

[ ٢١٤٣١ ] ١٠ - محمّد بن الحسين الرضي في( نهج البلاغة) عن امير المؤمنين( عليه‌السلام ) إنّه قال: أما إنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحبّ البلعوم، مندحق البطن(٢) ، يأكلّ ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه ولن تقتلوه، ألا وإنّه سيأمركم بسبي، والبراءة مني، فأما السب فسبوني فإنّه لي زكاة، ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تتبرأوا مني، فإني ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الإِيمان والهجرة.

[ ٢١٤٣٢ ] ١١ - أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في( الاحتجاج)

____________________

(١) في المصدر: بكير بن سلم.

٩ - أمالي الطوسي ١: ٣٧٤.

١٠ - نهج البلاغة ١: ١٠١ / ٥٦.

(٢) مندحق البطن: واسعها. ( لسان العرب - دحق - ١٠: ٩٥ ).

١١ - الاحتجاج: ٢٣٨.

٢٢٨

عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في احتجاجه على بعض اليونان قال: وآمرك أن تصون دينك، وعلمنا الذي أودعناك، فلا تبد علومنا لمن يقابلها بالعناد(١) ، ولا تفش سرنا إلى من يشنّع علينا، وآمرك أن تستعمل التقية في دينك فإنّ الله يقول:( لَّا يَتَّخِذِ الـمُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ) (٢) وقد اذنت لكم في تفضيل أعدائنا إن ألجأك الخوف إليه وفي إظهار البراءة إن حملك الوجل عليه وفي ترك الصلوات(٣) المكتوبات ان خشيت على حشاشة(٤) نفسك الآفات والعاهات، فإنّ تفضيلك أعداءنا عند خوفك لا ينفعهم ولا يضرنا، وإن اظهارك براءتك منا عند تقيتك لا يقدح، فينا ولا ينقصنا، ولئن تبرأ منا ساعة بلسانك وانت موال لنا بجنانك، لتبقي على نفسك روحها التي بها قوامها، ومالها الذي به قيامها، وجاهها الذي به تمسكها، وتصون من عرف بذلك أولياءنا واخواننا، فإن ذلك أفضل من ان تتعرض للهلاك، وتنقطع به عن عمل في الدين، وصلاح اخوانك المؤمنين، وإياك ثمّ إياك أن تترك التقية التي أمرتك بها، فانك شائط بدمك ودماء إخوانك معرض لنعمتك ونعمتهم للزوال، ومذل لهم في أيدي اعداء دين الله، وقد أمرك الله باعزازهم، فانك ان خالفت وصيتي كان ضررك على إخوانك ونفسك أشدّ من ضرر الناصب لنا، الكافر بنا.

ورواه العسكري في( تفسيره) عن آبائه، عن علي ( عليهم‌السلام ) مثله(٥) .

____________________

(١) في المصدر زيادة: ويقابلك من اهلها بالشتم واللعن، والتناول من العرض والبدن.

(٢) آل عمران ٣: ٢٨.

(٣) المراد ترك ما زاد على الايماء، لـمّا تقدم في صلاة الخوف وغيره ( منه. قده ).

(٤) الحشاشة: بقية الروح ( الصحاح - حشش - ٣: ١٠٠٢ ).

(٥) تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ١٧٥ / ٨٤.

٢٢٩

[ ٢١٤٣٣ ] ١٢ - محمّد بن مسعود العياشي في( تفسيره) عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - أنه قيل له: مدّ الرقاب أحبّ اليك ام البراءة من علي( عليه‌السلام ) ؟ فقال: الرخصة أحبّ إليّ، أما سمعت قول الله عزّ وجلّ في عمار:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ ) (١) .

[ ٢١٤٣٤ ] ١٣ - وعن عبدالله بن عجلان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته فقلت له: إنّ الضحاك قد ظهر بالكوفة ويوشكّ ان ندعى إلى البراءة من علي( عليه‌السلام ) ، فكيف نصنع؟ قال: فابرأ منه، قلت: أيهما أحبّ اليك؟ قال: ان تمضوا على ما مضى عليه عمار بن ياسر، أٌخذ بمكّة فقالوا له: ابرأ من رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فبرأ منه فأنزل الله عزّ وجلّ عذره:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ ) (٢) .

[ ٢١٤٣٥ ] ١٤ - وعن عبدالله بن يحيى(٣) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) إنّه ذكر أصحاب الكهف فقال: لو كلّفكم قومكم ما كلفّهم قومهم، فقيل له: وما كلّفهم قومهم؟ فقال: كلّفوهم الشرك بالله العظيم، فأظهروا لهم الشرك، وأسرّوا الإِيمان حتّى جاءهم الفرج.

[ ٢١٤٣٦ ] ١٥ - وعن درست، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ما

____________________

١٢ - تفسير العياشي ٢: ٢٧٢ / ٧٤.

(١) النحل ١٦: ١٠٦.

١٣ - تفسير العياشي ٢: ٢٧٢ / ٧٦.

(٢) النحل ١٦: ١٠٦.

١٤ - تفسير العياشي ٢: ٣٢٣ / ٨.

(٣) في المصدر: عبيدالله بن يحيى.

١٥ - تفسير العياشي ٢: ٣٢٣ / ٩، واورده عن الكافي في الحديث ١ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب.

٢٣٠

بلغت تقيّة أحد ما بلغت تقيّة أصحاب الكهف، إنّهم كانوا يشدّون الزنانير، ويشهدون الاعياد فآتاهم الله أجرهم مرّتين.

[ ٢١٤٣٧ ] ١٦ - وعن الكاهلي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ أصحاب الكهف أسرّوا الإِيمان وأظهروا الكفر، وكانوا على إجهار الكفر اعظم أجرا منهم على إسرار الإِيمان.

[ ٢١٤٣٨ ] ١٧ - فخار بن معد الموسوي في كتاب( الحجة على الذاهب إلى تكفير أبى طالب) بإسناده إلى ابن بابويه، عن أبيه، عن الحسين بن أحمد المالكي، عن أحمد بن هلال، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - ان جبرئيل( عليه‌السلام ) نزل على رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: يا محمّد إنّ ربّك يقرؤك السلام، ويقول لك: ان أصحاب الكهف أسرّوا الإِيمان وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرّتين، وإنّ أبا طالب أسرّ الإِيمان وأظهر الشرك فآتاه الله أجره مرتين، وما خرج من الدنيا حتّى أتته البشارة من الله بالجنة.

[ ٢١٤٣٩ ] ١٨ - وعن عبد الحميد بن التقي الحسيني، عن الشريف أبي علي الموضح، عن محمّد بن الحسن العلوي، عن عبد العزيز بن يحيى الجلودي(١) ، عن عبدالله بن أبي الصقر، عن الشعبي يرفعه عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: كان والله أبو طالب عبد مناف بن عبد المطلب مؤمنا مسلماً، يكتم إيمانه مخافة على بني هاشم أن تنابذها قريش، ثمّ ذكر

____________________

١٦ - تفسير العياشي ٢: ٣٢٣ / ١٠.

١٧ - الحجّة على الذاهب: ١٧.

١٨ - الحجّة على الذاهب: ٢٤.

(١) السند في المصدر هكذا: عبد العزيز بن يحيى الجلودي، عن احمد بن محمّد العطار، عن ابو عمر حفص بن عمر بن الحرث النمري، عن عمر بن ابي زائدة إلى آخره.

٢٣١

لعلي( عليه‌السلام ) أبياتاً في رثاء أبيه والدعاء له.

[ ٢١٤٤٠ ] ١٩ - وبإسناده عن ابن بابويه، عن محمّد بن القاسم المفسر، عن يوسف بن محمّد بن زياد، عن العسكري( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: إنّ أبا طالب كمؤمن آل فرعون يكتم إيمانه.

[ ٢١٤٤١ ] ٢٠ - علي بن الحسين المرتضى في رسالة( المحكم والمتشابه) نقلاً من تفسير النعماني بإسناده الآتي (١) عن علي( عليه‌السلام ) قال: وأمّا الرخصة التي( صاحبها فيها بالخيار) (٢) ، فإن الله نهى المؤمن أن يتّخذ الكافر وليّاً، ثمّ منّ عليه بإطلاق الرخصة له عند التقيّة في الظاهر - إلى أن قال: - قال الله تعالى:( لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الـمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ ) (٣) فهذه رحمة تفضل الله بها على المؤمنين، رحمة لهم ليستعملوها عند التقيّة في الظاهر، وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إن الله يحبّ أن يؤخذ برخصه كما يحبّ أن يؤخذ بعزائمه.

[ ٢١٤٤٢ ] ٢١ - محمّد بن محمّد المفيد في( الإِرشاد) قال: استفاض عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إنّه قال: ستعرضون من بعدي على سبّي فسبّوني، فمن عرض عليه البراءة منّي فليمدد عنقه، فإن برىء منّي فلا دنيا له ولا آخرة.

____________________

١٩ - الحجة على الذاهب: ١١٤.

٢٠ - المحكم والمتشابه: ٣٦.

(١) يأتي في الفائدة الثانية / من الخاتمة برقم ( ٥٢ ).

(٢) في المصدر: يعمل بظاهرها عند التقيّة ولا يعمل بباطنها.

(٣) آل عمران ٣: ٢٨.

٢١ - إرشاد المفيد: ١٦٩.

٢٣٢

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) ، وما تقدم في حديث مسعدة من تكذيب رواية النهي عن البراءة راويه عاميّ، ويحتمل الحمل على إنكار النهي التحريمي خاصة، وعلى التقيّة في الرواية، ولا يخفى على اللبيب ما فيه من الحكمة(٣) .

٣٠ - باب وجوب التقيّة في الفتوى مع الضرورة

[ ٢١٤٤٣ ] ١ - محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب( الرجال) عن حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن علي بن إسماعيل بن عمار، عن ابن مسكان، عن أبان بن تغلب قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّي أقعد في المسجد، فيجيء الناس فيسألوني، فإن لم اجبهم لم يقبلوا منّي، وأكره أن أُجيبهم بقولكم وما جاء عنكم، فقال لي: أُنظر ما علمت أنّه من قولهم فأخبرهم بذلك.

[ ٢١٤٤٤ ] ٢ - وعن حمدويه وإبراهيم ابني نصير، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن معاذ(٤) ، عن أبيه معاذ بن مسلم النحوي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: بلغني أنّك تقعد في الجامع

____________________

(١) تقدم في الحديث ١٠ من الباب ٢٥ من هذه الأبواب، وفي الباب ٥٦ من ابواب جهاد النفس.

وتقدم ما يدلّ على التقيّة مطلقاً في الأبواب ٢٤، ٢٥، ٢٧، ٢٨ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٣١ من هذه الأبواب.

(٣) تقدم في الحديث ٢ من هذا الباب.

الباب ٣٠

فيه حديثان

١ - رجال الكشي ٢: ٦٢٢ / ٦٠٢.

٢ - رجال الكشي ٢: ٥٢٤ / ٤٧٠.

(٤) في نسخة: حسن بن معاذ ( هامش المخطوط ).

٢٣٣

فتفتي الناس؟ قلت: نعم، وأردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج، إنّي أقعد في المسجد فيجيء الرجل فيسألني عن الشيء، فاذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يفعلون، ويجيء الرجل أعرفه بمودّتكم فأُخبره بما جاء عنكم، ويجيء الرجل لا أعرفه ولا أدري من هو، فأقول: جاء عن فلان كذا، وجاء عن فلان كذا، فادخل قولكم فيما بين ذلك، قال: فقال لي: اصنع كذا، فإنّي كذا أصنع.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٣١ - باب عدم جواز التقيّة في الدم

[ ٢١٤٤٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن شعيب الحداد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدم، فاذا بلغ الدم فليس تقية.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه ومحمّد بن عيسى اليقطيني، عن صفوان بن يحيى، نحوه (٣) .

[ ٢١٤٤٦ ] ٢ - محمّد بن الحسن الطوسي بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب - يعني ابن يزيد - عن الحسن بن علي بن فضال، عن

____________________

(١) تقدم في الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٣١ من هذه الأبواب، وفي الاحاديث ٢، ٣، ٧، ١٧، ٤٦ من الباب ٩ من ابواب صفات القاضي، وفي الباب ١١ من ابواب آداب القاضي.

الباب ٣١

فيه حديثان

١ - الكافي ٢: ١٧٤ / ١٦.

(٣) المحاسن: ٢٥٩ / ٣١٠.

٢ - التهذيب ٦: ١٧٢ / ٣٣٥.

٢٣٤

شعيب العقرقوفي، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : لم(١) تبق الارض إلّا وفيها منّا عالم، يعرف الحقّ من الباطل، قال: إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدم، فاذا بلغت التقيّة الدم فلا تقية، وأيم الله لو دعيتم لتنصرونا لقلتم: لا نفعل إنّما نتقي، ولكانت التقيّة أحبّ إليكم من آبائكم وأمّهاتكم، ولو قد قام القائم ما احتاج إلى مساءلتكم عن ذلك، ولاقام في كثير منكم من أهل النفاق حدّ الله.

٣٢ - باب وجوب كتم الدين عن غيرأهله مع التقية

[ ٢١٤٤٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن عمار، عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يا سليمان إنّكم على دين من كتمه أعزّه الله، ومن أذاعه أذله الله.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن ابن أبي عمير مثله (٢) .

[ ٢١٤٤٨ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) قال: وددت والله اني افتديت خصلتين في الشيعة لنا ببعض لحم ساعدي: النزق(٣) ، وقلّة الكتمان.

ورواه الصدوق في( الخصال) عن أبيه، عن الحميري، عن

____________________

(١) في المصدر: لن.

الباب ٣٢

فيه ٦ احاديث

١ - الكافي ٢: ١٧٦ / ٣.

(٢) المحاسن: ٢٥٧ / ٢٩٥.

٢ - الكافي ٢: ١٧٥ / ١.

(٣) النزق: الخفة والطيش ( الصحاح - نزق - ٤: ١٥٥٨ ).

٢٣٥

محمّد بن الحسين، عن ابن محبوب مثله(١) .

[ ٢١٤٤٩ ] ٣ - وعنه، عن أحمد، عن محمّد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن أبي أُسامة زيد الشحام قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : أمر الناس بخصلتين فضيعوهما فصاروا منهما على غير شيء: الصبر والكتمان.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن حسين بن المختار، عن أبي أُسامة مثله إلّا أنه قال: كثرة الصبر (٢) .

[ ٢١٤٥٠ ] ٤ - وعنه، عن أحمد، عن علي بن الحكم، عن ابن بكير، عن رجل، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث - إنّه اوصى جماعة فقال: ليقو شديدكم ضعيفكم، وليعد غنيكم على فقيركم، ولا تبثوا سرنا، ولا تذيعوا أمرنا.

[ ٢١٤٥١ ] ٥ - وعنه، عن أحمد، عن محمّد بن سنان، عن عبد الاعلى قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إنّه ليس احتمال امرنا التصديق له والقبول فقط، من احتمال امرنا ستره وصيانته عن غير أهله، فاقرئهم السلام، وقل لهم: رحم الله عبداً اجتر مودة الناس إلينا، حدّثوهم بما يعرفون، واستروا عنهم ما ينكرون الحديث.

[ ٢١٤٥٢ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن

____________________

(١) الخصال: ٤٤ / ٤٠.

٣ - الكافي ٢: ١٧٦ / ٢.

(٢) المحاسن: ٢٥٥ / ٢٨٥.

٤ - الكافي ٢: ١٧٦ / ٤، واورد قطعة منه في الحديث ١٨ من الباب ٩ من ابواب صفات القاضي.

٥ - الكافي ٢: ١٧٦ / ٥، واورد قطعة منه في الحديث ١ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

٦ - الكافي ٢: ١٧٧ / ٨، واورده عن البصائر في الحديث ٢٤ من الباب ٢٤ من هذه الأبواب.

٢٣٦

أبيه، عن عبدالله بن يحيى، عن حريز، عن معلّى بن خنيس قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يا معلّى، أكتم أمرنا ولا تذعه، فإنّه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله به في الدنيا، وجعله نوراً بين عينيه في الآخرة يقوده إلى الجنّة، يا معلّى، من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذّله الله به في الدنيا، ونزع النور من بين عينيه في الآخرة، وجعله ظلمة تقوده إلى النار، يا معلّى، إنّ التقية من ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقيّة له، يا معلّى، إنّ الله يحبّ أن يعبد في السر كما يحبّ أن يعبد في العلانية، يا معلى إنّ المذيع لامرنا كالجاحد له.

ورواه في( المحاسن) عن أبيه، ومثله إلّا إنّه ترك ذكر العبادة في السر والعلانية (١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٣٣ - باب تحريم تسمية المهدي ( عليه‌السلام ) ، وسائر الأئمة ( عليهم‌السلام ) وذكرهم وقت التقية، وجواز ذلك مع عدم الخوف

[ ٢١٤٥٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن القاسم - شريك المفضل - وكان رجل صدق قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: خلق في

____________________

(١) المحاسن: ٢٥٥ / ٢٨٦.

(٢) تقدم في الحديثين ١، ٩ من الباب ٢٤، وفي الاحاديث ١، ١١، ١٤، ١٦، ١٧، ١٨، ١٩ من الباب ٢٩ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الحديث ١ من الباب ٣٣، وفي الباب ٣٤ من هذه الأبواب.

الباب ٣٣

فيه ٢٣ حديثاً

١ - الكافي ٨: ٣٧٤ / ٥٦٢.

٢٣٧

المسجد يشهرونا ويشهرون أنفسهم، اولئك ليسوا منا، ولا نحن منهم، أنطلق فأُداري وأستر فيهتكون ستري، هتك الله ستورهم يقولون: امام، والله ما أنا بإمام إلّا من أطاعني، فأمّا من عصاني فلست له بامام، لِمَ يتعلّقون باسمى إلّا يكفون اسمي من أفواههم! فو الله لا يجمعني الله وإيّاهم في دار.

[ ٢١٤٥٤ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عنبسة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إيّاكم وذكر علي وفاطمة (عليهما‌السلام ) ، فإنّ الناس ليس شيء أبغض إليهم من ذكر علي وفاطمة (عليهما‌السلام )

[ ٢١٤٥٥ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفريّ، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث الخضر( عليه‌السلام ) - أنّه قال: واشهد على رجل من ولد الحسن لا يسمى ولا يكنى حتّى يظهر أمره فيملؤها عدلاً كما ملئت جوراً، إنّه القائم بأمر الحسن بن علي( عليه‌السلام ) .

ورواه الصدوق في كتاب( إكمال الدين) وفي( عيون الأخبار) عن أبيه، ومحمّد بن الحسن، عن سعد والحميري ومحمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس كلّهم عن أحمد بن محمّد البرقي مثله (١) .

[ ٢١٤٥٦ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: صاحبّ هذا الأمر لا يسميه باسمه إلّا كافر.

____________________

٢ - الكافي ٨: ١٥٩ / ١٥٦.

٣ - الكافي ١: ٤٤١ / ١.

(١) إكمال الدين: ٣١٥، عيون اخبار الرضا (عليه‌السلام )١: ٦٧.

٤ - الكافي ١: ٢٦٨ / ٤.

٢٣٨

ورواه الصدوق في( اكمال الدين) عن أبيه، عن سعد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن محبوب، عن علي بن الريان - وفي نسخة: علي بن زياد (١) عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) نحوه(٢) .

[ ٢١٤٥٧ ] ٥ - وعن عدّة من أصحابنا، عن جعفر بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الريان بن الصلت قال: سمعت أبا الحسن الرضا( عليه‌السلام ) وسُئل عن القائم( عليه‌السلام ) ؟ فقال: لا يرى جسمه ولا يسمى اسمه.

ورواه الصدوق في( إكمال الدين) عن أبيه ومحمّد بن الحسن، عن سعد، عن جعفر بن محمّد بن مالك مثله (٣) .

[ ٢١٤٥٨ ] ٦ - وعن علي بن محمّد، عمّن ذكره، عن محمّد بن أحمد العلوي، عن داود بن القاسم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن العسكري( عليه‌السلام ) يقول: الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ قلت: ولِمَ جعلني الله فداك؟ قال: لأنّكم لا ترون شخصه، ولا يحلّ لكم ذكره باسمه، قلت: كيف نذكره؟ قال: قولوا الحجة من آل محمّد.

ورواه الصدوق في( اكمال الدين) عن أبيه، عن سعد، عن محمّد بن أحمد العلوي، مثله (٤) .

____________________

(١) في الإِكمال: علي بن رئاب.

(٢) إكمال الدين: ٦٤٨ / ١.

٥ - الكافي ١: ٢٦٨ / ٣.

(٣) إكمال الدين: ٦٤٨ / ٢.

٦ - الكافي ١: ٢٦٨ / ١.

(٤) إكمال الدين: ٦٤٨ / ٤.

٢٣٩

[ ٢١٤٥٩ ] ٧ - وعن علي بن محمّد، عن أبي عبدالله الصالحي قال: سألني أصحابنا بعد مضي أبي محمّد( عليه‌السلام ) أن أسال عن الاسم والمكان، فخرج الجواب: إن دللتم على الاسم أذاعوه، وإن عرفوا المكان دلّوا عليه.

أقول: هذا دالّ على اختصاص النهي بالخوف، وترتب المفسدة.

[ ٢١٤٦٠ ] ٨ - وعن محمّد بن عبدالله ومحمّد بن يحيى جميعاً، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عثمان العمري - في حديث - إنّه قال له: أنت رأيت الخلف؟ قال: اي والله - إلى أن قال: - قلت: فالاسم، قال: محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، فليس لي أن أُحلّل ولا أُحرّم، ولكن عنه( عليه‌السلام ) فإن الامر عند السلطان، أنّ أبا محمّد مضى ولم يخلف ولداً - الى أن قال: - وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتّقوا الله وأمسكوا عن ذلك.

أقول: هذا أوضح دلالة في أنّ وجه النهي التقيّة والخوف.

[ ٢١٤٦١ ] ٩ - محمّد بن علي بن الحسين في كتاب( اكمال الدين) وفي كتاب( التوحيد) عن علي بن أحمد الدقاق وعلي بن عبدالله الوراق، عن محمّد بن هارون (١) ، عن عبد العظيم الحسني، عن سيدنا علي بن محمّد( عليه‌السلام ) إنّه عرض عليه اعتقاده واقراره بالأئمةعليهم‌السلام - إلى أن قال: - ثمّ أنت يا مولاي، فقال له( عليه‌السلام ) : ومن بعدي ابني

____________________

٧ - الكافي ١: ٢٦٨ / ٢.

٨ - الكافي ١: ٢٦٥ / ١، واورد صدره في الحديث ٤ من الباب ١١ من ابواب صفات القاضي.

٩ - إكمال الدين: ٣٧٩ / ١، والتوحيد: ٨١ / ٣٧.

(١) في الإِكمال زيادة: عن ابي تراب عبدالله بن موسى الروياني وفي التوحيد: ابو تراب عبيدالله بن موسى الروياني.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397