وسائل الشيعة الجزء ١٦

وسائل الشيعة15%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 397

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 397 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 171614 / تحميل: 7731
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

القطان، عن محمّد بن عبدالله الحضرمي، عن أحمد بن بكر، عن محمّد بن مصعب، عن حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : طاعة السلطان واجبة، ومن ترك طاعة السلطان فقد ترك طاعة الله عزّ وجلّ، ودخل في نهيه، إنّ الله عزّ وجلّ يقول:( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُم إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (١) .

[ ٢١٤٠٨ ] ٣ - وفي( عيون الأخبار) عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن الحسن المدني، عن عبدالله بن الفضل، عن أبيه، عن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث طويل - قال: لولا أنّي سمعت في خبر عن جدّي رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أنّ طاعة السلطان للتقية واجبة إذا ما أجبت.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٢٨ - باب وجوب الاعتناء والاهتمام بالتقيّة وقضاء حقوق الإِخوان المؤمنين

[ ٢١٤٠٩ ] ١ - الحسن بن علي العسكري( عليهما‌السلام ) في( تفسيره) في قوله تعالى: ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) (٤) قال: قضوا الفرائض كلّها بعد

____________________

(١) البقرة ٢: ١٩٥.

٣ - عيون اخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٧٦ / ٥.

(٢) تقدم ما يدلّ عليه عموما في الباب ٢٤، وخصوصا في الباب ٥٧ من ابواب ما يمسك عنه الصائم.

(٣) يأتي في الحديث ١٠ من الباب ٤٥ من ابواب ما يكتسب به، وفي الحديث ٢ من الباب ١١ من ابواب آداب القاضي.

الباب ٢٨

فيه ١٣ حديثاً

١ - تفسير الامام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٠ / ١٦١.

(٤) البقرة ٢: ٢٥.

٢٢١

التوحيد واعتقاد النبوة والامامة، قال: وأعظمها فرضان: قضاء حقوق الإِخوان في الله، واستعمال التقية من أعداء الله عزّ وجلّ.

[ ٢١٤١٠ ] ٢ - قال: وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : مثل مؤمن لا تقية له كمثل جسد لا رأس له - إلى أن قال: - وكذلك المؤمن إذا جهل حقوق إخوانه فإنّه يفوت ثواب حقوقهم فكان كالعطشان يحضره الماء البارد فلم يشرب حتّى طغا(١) ، وبمنزلة ذي الحواس الصحيحة لم يستعمل شيئاً منها لدفع مكروه، ولا لانتفاع محبوب، فاذا هو سليب كلّ نعمة، مبتلى بكلّ آفة.

[ ٢١٤١١ ] ٣ - قال: وقال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : التقية من أفضل أعمال المؤمن، يصون بها نفسه وإخوانه عن الفاجرين، وقضاء حقوق الاخوان أشرف أعمال المتقين، يستجلب مودّة الملائكة المقربين، وشوق الحور العين.

[ ٢١٤١٢ ] ٤ - قال: وقال الحسن بن علي( عليه‌السلام ) : إن التقية يصلح الله بها أمة لصاحبها مثل ثواب أعمالهم، فإن تركها أهلك أُمّة تاركها شريك من أهلكهم، وإنّ معرفة حقوق الإِخوان يحبب إلى الرحمن، ويعظّم الزلفى لدى الملك الديان، وإنّ ترك قضائها يمقت إلى الرحمن ويصغر الرتبة عند الكريم المنان.

[ ٢١٤١٣ ] ٥ - قال: وقال الحسين بن علي( عليه‌السلام ) : لولا التقية ما عرف وليّنا من عدونا ولولا معرفة حقوق الإِخوان ما عرف من السيئات شيء إلّا عوقب على جميعها.

____________________

٢ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٠ / ١٦٢.

(١) طغا الرجل: مات ( القاموس - طغو - ٤: ٣٥٧ ).

٣ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٠ / ١٦٣.

٤ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢١ / ١٦٤.

٥ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢١ / ١٦٥.

٢٢٢

[ ٢١٤١٤ ] ٦ - قال: وقال علي بن الحسين( عليه‌السلام ) : يغفر الله للمؤمن كلّ ذنب، ويطهره منه في الدنيا والآخرة ما خلا ذنبين: ترك التقية، وتضييع حقوق الإِخوان.

[ ٢١٤١٥ ] ٧ - قال: وقال محمّد بن علي( عليه‌السلام ) : أشرف أخلاق الأئمة(١) والفاضلين من شيعتنا استعمال التقية، وأخذ النفس بحقوق الإِخوان.

[ ٢١٤١٦ ] ٨ - قال: وقال جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) : استعمال التقية بصيانة الإِخوان، فإن كان هو يحمي الخائف فهو من أشرف خصال الكرم، والمعرفة بحقوق الإِخوان من أفضل الصدقات والزكاة والحج والمجاهدات.

[ ٢١٤١٧ ] ٩ - قال: وقال موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) لرجل: لو جعل اليك التمني في الدنيا ما كنت تتمنّى؟ قال: كنت أتمنّى أن أرزق التقية في ديني، وقضاء حقوق إخواني(٢) ، فقال: أحسنت اعطوه ألفي درهم.

[ ٢١٤١٨ ] ١٠ - قال: وقال رجل للرضا( عليه‌السلام ) : سل لي ربّك التقية الحسنة، والمعرفة بحقوق الإِخوان، والعمل بما أعرف من ذلك، فقال: الرضا( عليه‌السلام ) : قد أعطاك الله ذلك لقد سألت أفضل شعار الصالحين ودثارهم.

____________________

٦ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢١ / ١٦٦.

٧ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢١ / ١٦٧.

(١) في نسخة: الامة ( هامش المخطوط ).

٨ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٢ / ١٦٨.

٩ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٢ / ١٦٩.

(٢) في المصدر زيادة: قال: فما بالك لم تسأل الولاية لنا اهل البيت؟ قال: ذاك اعطيته وهذا لم اعطه فانا اشكر الله على ما اعطيت، واسأل ربي عزّ وجلّ ما منعت.

١٠ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٣ / ١٧٠.

٢٢٣

[ ٢١٤١٩ ] ١١ - قال: وقيل لمحمّد بن علي( عليه‌السلام ) : إن فلاناً اخذ بتهمة فضربوه مائة سوط، فقال محمّد بن علي( عليه‌السلام ) : إنّه ضيع حق أخ مؤمن، وترك التقية، فوجه اليه فتاب.

[ ٢١٤٢٠ ] ١٢ - قال: وقيل لعلي بن محمّد( عليه‌السلام ) : من أكمل النّاس؟ قال: أعلمهم بالتقية وأقضاهم لحقوق إخوانه - إلى ان قال: - في قوله تعالى:( وَإِلَهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) (١) قال: الرحيم بعباده المؤمنين من شيعة آل محمّد، وسع لهم في التقيّة، يجاهرون باظهار موالاة اولياء الله، ومعاداة اعدائه إذا قدروا، ويسرون بها إذا عجزوا.

[ ٢١٤٢١ ] ١٣ - ثمّ قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ولو شاء لحرم عليكم التقية، وامركم بالصبر على ما ينالكم من أعدائكم عند اظهاركم الحق، إلّا فأعظم فرائض الله عليكم بعد فرض موالاتنا ومعاداة أعدائكم استعمال التقية على انفسكم وأموالكم(٢) ومعارفكم وقضاءُ حقوق اخوانكم، وان الله يغفر كلّ ذنب بعد ذلك ولا يستقصي، وأمّا هذان فقلّ من ينجو منهما إلّا بعد مسّ عذاب شديد، إلّا أن يكون لهم مظالم على النواصب والكفّار فيكون عقاب هذين على أُولئك الكفّار والنواصب قصاصاً بمالكم عليه من الحقوق، وما لهم إليكم من الظلم، فاتقوا الله ولا تتعرضوا لمقت الله بترك التقيّة، والتقصير، في حقوق إخوانكم المؤمنين.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

____________________

١١ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٤ / ١٧١.

١٢ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٣٢٤ / ١٧٢ و ٥٧٤ / ٣٣٦.

(١) البقرة ٢: ١٦٣.

١٣ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٥٧٤ / ٣٣٧.

(٢) في المصدر: واخوانكم.

(٣) تقدم في الباب ٢٤، وفي الحديث ٩ من الباب ٢٥ من هذه الأبواب، وفي الباب ١٢٢ من ابواب احكام العشرة.

(٤) يأتي ما يدلّ على بعض المقصود في الباب ٢٩ من هذه الأبواب.

٢٢٤

٢٩ - باب جواز التقيّة في اظهار كلمة الكفر كسبّ الانبياء والأئمّة ( عليهم‌السلام ) والبراءة منهم وعدم وجوب التقية في ذلك وان تيقن القتل

[ ٢١٤٢٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسرّوا الإِيمان وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرّتين.

ورواه الصدوق في( المجالس) عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، عن المنذر بن محمّد، عن جعفر بن سليمان، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) مثله(١) .

[ ٢١٤٢٣ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن صدقة قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إن الناس يروون أن علياً( عليه‌السلام ) قال على منبر الكوفة: أيّها الناس انّكم ستدعون إلى سبي فسبّوني، ثمّ تدعون إلى البراءة منّي فلا تبروؤا مني، فقال: ما أكثر ما يكذب(٢) الناس على علي( عليه‌السلام ) ، ثمّ قال: إنّما قال: إنّكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثمّ تدعون إلى البراءة مني وإنّي لعلى دين محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، ولم يقل: ولا تبرؤوا منّي، فقال له السائل:

____________

الباب ٢٩

فيه ٢١ حديثاً

١ - الكافي ١: ٣٧٣ / ٢٨.

(١) امالي الصدوق: ٤٩٢ / ١٢.

٢ - الكافي ٢: ١٧٣ / ١٠.

(٢) يأتي وجه التكذيب ( منه. قده ).

٢٢٥

أرايت ان اختار القتل دون البراءة، فقال: والله ما ذلك عليه، وماله إلّا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكّة وقلبه مطمئن بالإِيمان، فأنزل الله عزّ وجلّ فيه:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ ) (١) فقال له النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عندها: يا عمار إن عادوا فعد، فقد انزل الله عذرك، وامرك ان تعود إن عادوا.

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد) عن هارون بن مسلم مثله (٢) .

[ ٢١٤٢٤ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمّد بن مروان قال: قال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : ما منع ميثمّ (رحمه‌الله ) من التقية؟ فوالله لقد علم إنّ هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ ) (٣) .

[ ٢١٤٢٥ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن زكريا المؤمن، عن عبدالله بن أسد، عن عبدالله بن عطا قال: قلت لابي جعفر( عليه‌السلام ) : رجلان من أهل الكوفة اخذا فقيل لهما: ابرءا من أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) فبرىء واحد منهما، وأبى الآخر فخلّي سبيل الذي برىء وقتل الآخر، فقال: أمّا الذي برىء فرجل فقيه في دينه، وأمّا الذى لم يبرأ فرجل تعجل إلى الجنّة.

[ ٢١٤٢٦ ] ٥ - وعنه، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن خالد بن نافع، عن محمّد بن مروان عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنّ رجلاً أتى النبي

____________________

(١) النحل ١٦: ١٠٦.

(٢) قرب الإِسناد: ٨.

٣ - الكافي ٢: ١٧٤ / ١٥.

(٣) النحل ١٦: ١٠٦.

٤ - الكافي ٢: ١٧٥ / ٢١.

٥ - الكافي ٢: ١٢٦ / ٢، واورده في الحديث ٤ من الباب ٩٢ من ابواب احكام الاولاد.

٢٢٦

( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: أوصني فقال: لا تشرك بالله شيئاً وإن أُحرقت بالنار وعذبت إلّا وقلبك مطمئن بالإِيمان، ووالديك فأطعهما الحديث.

[ ٢١٤٢٧ ] ٦ - عبدالله بن جعفر الحميري في( قرب الإِسناد) عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إن التقية ترس المؤمن، ولا إيمان لمن لا تقية له، فقلت له: جعلت فداك قول الله تبارك وتعالى:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ ) (١) قال: وهل التقية إلّا هذا.

[ ٢١٤٢٨ ] ٧ - محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب( الرجال) عن جبرئيل بن أحمد، عن محمّد بن عبدالله بن مهران، عن محمّد بن علي الصيرفي، عن علي بن محمّد، عن يوسف بن عمران الميثمي قال: سمعت ميثمّ النهرواني يقول: دعاني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) وقال: كيف أنت يا ميثمّ اذا دعاك دعي بني أُميّة - عبيد الله بن زياد - إلى البراءة منّي؟ فقلت: يا أمير المؤمنين أنا والله لا أبرأ منك؟ قال: إذاً والله يقتلك ويصلبك، قلت: أصبر، فداك في الله قليل فقال: يا ميثمّ إذاً تكون معي في درجتي الحديث.

ورواه الراوندي في( الخرائج والجرائح) عن عمران، عن أبيه ميثم، مثله (٢) .

[ ٢١٤٢٩ ] ٨ - الحسن محمّد الطوسي في( مجالسه) عن أبيه، عن

____________________

٦ - قرب الإِسناد: ١٧.

(١) النحل ١٦: ١٠٦.

٧ - رجال الكشي ١: ٢٩٥ / ١٣٩.

(٢) الخرائج والجرائح: ٦١.

٨ - امالي الطوسي ١: ٢١٣.

٢٢٧

محمّد بن محمّد، عن محمّد بن عمر الجعابي، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن يحيى بن زكريا يابن شيبان، عن بكر بن مسلم(١) ، عن محمّد بن ميمون، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : ستدعون إلى سبّي فسبّوني، وتدعون إلى البراءة مني فمدوا الرقاب فاني على الفطرة.

[ ٢١٤٣٠ ] ٩ - وعن أبيه، عن هلال بن محمّد الحفار، عن إسماعيل بن علي الدعبلي، عن علي بن علي أخي دعبل بن علي الخزاعي، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم‌السلام ) إنّه قال: انكم ستعرضون على سبي، فإن خفتم على أنفسكم فسبّوني، إلّا وإنّكم ستعرضون على البراءة مني فلا تفعلوا فإنّي على الفطرة.

[ ٢١٤٣١ ] ١٠ - محمّد بن الحسين الرضي في( نهج البلاغة) عن امير المؤمنين( عليه‌السلام ) إنّه قال: أما إنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحبّ البلعوم، مندحق البطن(٢) ، يأكلّ ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه ولن تقتلوه، ألا وإنّه سيأمركم بسبي، والبراءة مني، فأما السب فسبوني فإنّه لي زكاة، ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تتبرأوا مني، فإني ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الإِيمان والهجرة.

[ ٢١٤٣٢ ] ١١ - أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في( الاحتجاج)

____________________

(١) في المصدر: بكير بن سلم.

٩ - أمالي الطوسي ١: ٣٧٤.

١٠ - نهج البلاغة ١: ١٠١ / ٥٦.

(٢) مندحق البطن: واسعها. ( لسان العرب - دحق - ١٠: ٩٥ ).

١١ - الاحتجاج: ٢٣٨.

٢٢٨

عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في احتجاجه على بعض اليونان قال: وآمرك أن تصون دينك، وعلمنا الذي أودعناك، فلا تبد علومنا لمن يقابلها بالعناد(١) ، ولا تفش سرنا إلى من يشنّع علينا، وآمرك أن تستعمل التقية في دينك فإنّ الله يقول:( لَّا يَتَّخِذِ الـمُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ) (٢) وقد اذنت لكم في تفضيل أعدائنا إن ألجأك الخوف إليه وفي إظهار البراءة إن حملك الوجل عليه وفي ترك الصلوات(٣) المكتوبات ان خشيت على حشاشة(٤) نفسك الآفات والعاهات، فإنّ تفضيلك أعداءنا عند خوفك لا ينفعهم ولا يضرنا، وإن اظهارك براءتك منا عند تقيتك لا يقدح، فينا ولا ينقصنا، ولئن تبرأ منا ساعة بلسانك وانت موال لنا بجنانك، لتبقي على نفسك روحها التي بها قوامها، ومالها الذي به قيامها، وجاهها الذي به تمسكها، وتصون من عرف بذلك أولياءنا واخواننا، فإن ذلك أفضل من ان تتعرض للهلاك، وتنقطع به عن عمل في الدين، وصلاح اخوانك المؤمنين، وإياك ثمّ إياك أن تترك التقية التي أمرتك بها، فانك شائط بدمك ودماء إخوانك معرض لنعمتك ونعمتهم للزوال، ومذل لهم في أيدي اعداء دين الله، وقد أمرك الله باعزازهم، فانك ان خالفت وصيتي كان ضررك على إخوانك ونفسك أشدّ من ضرر الناصب لنا، الكافر بنا.

ورواه العسكري في( تفسيره) عن آبائه، عن علي ( عليهم‌السلام ) مثله(٥) .

____________________

(١) في المصدر زيادة: ويقابلك من اهلها بالشتم واللعن، والتناول من العرض والبدن.

(٢) آل عمران ٣: ٢٨.

(٣) المراد ترك ما زاد على الايماء، لـمّا تقدم في صلاة الخوف وغيره ( منه. قده ).

(٤) الحشاشة: بقية الروح ( الصحاح - حشش - ٣: ١٠٠٢ ).

(٥) تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ١٧٥ / ٨٤.

٢٢٩

[ ٢١٤٣٣ ] ١٢ - محمّد بن مسعود العياشي في( تفسيره) عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - أنه قيل له: مدّ الرقاب أحبّ اليك ام البراءة من علي( عليه‌السلام ) ؟ فقال: الرخصة أحبّ إليّ، أما سمعت قول الله عزّ وجلّ في عمار:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ ) (١) .

[ ٢١٤٣٤ ] ١٣ - وعن عبدالله بن عجلان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته فقلت له: إنّ الضحاك قد ظهر بالكوفة ويوشكّ ان ندعى إلى البراءة من علي( عليه‌السلام ) ، فكيف نصنع؟ قال: فابرأ منه، قلت: أيهما أحبّ اليك؟ قال: ان تمضوا على ما مضى عليه عمار بن ياسر، أٌخذ بمكّة فقالوا له: ابرأ من رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فبرأ منه فأنزل الله عزّ وجلّ عذره:( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ ) (٢) .

[ ٢١٤٣٥ ] ١٤ - وعن عبدالله بن يحيى(٣) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) إنّه ذكر أصحاب الكهف فقال: لو كلّفكم قومكم ما كلفّهم قومهم، فقيل له: وما كلّفهم قومهم؟ فقال: كلّفوهم الشرك بالله العظيم، فأظهروا لهم الشرك، وأسرّوا الإِيمان حتّى جاءهم الفرج.

[ ٢١٤٣٦ ] ١٥ - وعن درست، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ما

____________________

١٢ - تفسير العياشي ٢: ٢٧٢ / ٧٤.

(١) النحل ١٦: ١٠٦.

١٣ - تفسير العياشي ٢: ٢٧٢ / ٧٦.

(٢) النحل ١٦: ١٠٦.

١٤ - تفسير العياشي ٢: ٣٢٣ / ٨.

(٣) في المصدر: عبيدالله بن يحيى.

١٥ - تفسير العياشي ٢: ٣٢٣ / ٩، واورده عن الكافي في الحديث ١ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب.

٢٣٠

بلغت تقيّة أحد ما بلغت تقيّة أصحاب الكهف، إنّهم كانوا يشدّون الزنانير، ويشهدون الاعياد فآتاهم الله أجرهم مرّتين.

[ ٢١٤٣٧ ] ١٦ - وعن الكاهلي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ أصحاب الكهف أسرّوا الإِيمان وأظهروا الكفر، وكانوا على إجهار الكفر اعظم أجرا منهم على إسرار الإِيمان.

[ ٢١٤٣٨ ] ١٧ - فخار بن معد الموسوي في كتاب( الحجة على الذاهب إلى تكفير أبى طالب) بإسناده إلى ابن بابويه، عن أبيه، عن الحسين بن أحمد المالكي، عن أحمد بن هلال، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - ان جبرئيل( عليه‌السلام ) نزل على رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: يا محمّد إنّ ربّك يقرؤك السلام، ويقول لك: ان أصحاب الكهف أسرّوا الإِيمان وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرّتين، وإنّ أبا طالب أسرّ الإِيمان وأظهر الشرك فآتاه الله أجره مرتين، وما خرج من الدنيا حتّى أتته البشارة من الله بالجنة.

[ ٢١٤٣٩ ] ١٨ - وعن عبد الحميد بن التقي الحسيني، عن الشريف أبي علي الموضح، عن محمّد بن الحسن العلوي، عن عبد العزيز بن يحيى الجلودي(١) ، عن عبدالله بن أبي الصقر، عن الشعبي يرفعه عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: كان والله أبو طالب عبد مناف بن عبد المطلب مؤمنا مسلماً، يكتم إيمانه مخافة على بني هاشم أن تنابذها قريش، ثمّ ذكر

____________________

١٦ - تفسير العياشي ٢: ٣٢٣ / ١٠.

١٧ - الحجّة على الذاهب: ١٧.

١٨ - الحجّة على الذاهب: ٢٤.

(١) السند في المصدر هكذا: عبد العزيز بن يحيى الجلودي، عن احمد بن محمّد العطار، عن ابو عمر حفص بن عمر بن الحرث النمري، عن عمر بن ابي زائدة إلى آخره.

٢٣١

لعلي( عليه‌السلام ) أبياتاً في رثاء أبيه والدعاء له.

[ ٢١٤٤٠ ] ١٩ - وبإسناده عن ابن بابويه، عن محمّد بن القاسم المفسر، عن يوسف بن محمّد بن زياد، عن العسكري( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: إنّ أبا طالب كمؤمن آل فرعون يكتم إيمانه.

[ ٢١٤٤١ ] ٢٠ - علي بن الحسين المرتضى في رسالة( المحكم والمتشابه) نقلاً من تفسير النعماني بإسناده الآتي (١) عن علي( عليه‌السلام ) قال: وأمّا الرخصة التي( صاحبها فيها بالخيار) (٢) ، فإن الله نهى المؤمن أن يتّخذ الكافر وليّاً، ثمّ منّ عليه بإطلاق الرخصة له عند التقيّة في الظاهر - إلى أن قال: - قال الله تعالى:( لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الـمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ ) (٣) فهذه رحمة تفضل الله بها على المؤمنين، رحمة لهم ليستعملوها عند التقيّة في الظاهر، وقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إن الله يحبّ أن يؤخذ برخصه كما يحبّ أن يؤخذ بعزائمه.

[ ٢١٤٤٢ ] ٢١ - محمّد بن محمّد المفيد في( الإِرشاد) قال: استفاض عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إنّه قال: ستعرضون من بعدي على سبّي فسبّوني، فمن عرض عليه البراءة منّي فليمدد عنقه، فإن برىء منّي فلا دنيا له ولا آخرة.

____________________

١٩ - الحجة على الذاهب: ١١٤.

٢٠ - المحكم والمتشابه: ٣٦.

(١) يأتي في الفائدة الثانية / من الخاتمة برقم ( ٥٢ ).

(٢) في المصدر: يعمل بظاهرها عند التقيّة ولا يعمل بباطنها.

(٣) آل عمران ٣: ٢٨.

٢١ - إرشاد المفيد: ١٦٩.

٢٣٢

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) ، وما تقدم في حديث مسعدة من تكذيب رواية النهي عن البراءة راويه عاميّ، ويحتمل الحمل على إنكار النهي التحريمي خاصة، وعلى التقيّة في الرواية، ولا يخفى على اللبيب ما فيه من الحكمة(٣) .

٣٠ - باب وجوب التقيّة في الفتوى مع الضرورة

[ ٢١٤٤٣ ] ١ - محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب( الرجال) عن حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن علي بن إسماعيل بن عمار، عن ابن مسكان، عن أبان بن تغلب قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّي أقعد في المسجد، فيجيء الناس فيسألوني، فإن لم اجبهم لم يقبلوا منّي، وأكره أن أُجيبهم بقولكم وما جاء عنكم، فقال لي: أُنظر ما علمت أنّه من قولهم فأخبرهم بذلك.

[ ٢١٤٤٤ ] ٢ - وعن حمدويه وإبراهيم ابني نصير، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن معاذ(٤) ، عن أبيه معاذ بن مسلم النحوي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: بلغني أنّك تقعد في الجامع

____________________

(١) تقدم في الحديث ١٠ من الباب ٢٥ من هذه الأبواب، وفي الباب ٥٦ من ابواب جهاد النفس.

وتقدم ما يدلّ على التقيّة مطلقاً في الأبواب ٢٤، ٢٥، ٢٧، ٢٨ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٣١ من هذه الأبواب.

(٣) تقدم في الحديث ٢ من هذا الباب.

الباب ٣٠

فيه حديثان

١ - رجال الكشي ٢: ٦٢٢ / ٦٠٢.

٢ - رجال الكشي ٢: ٥٢٤ / ٤٧٠.

(٤) في نسخة: حسن بن معاذ ( هامش المخطوط ).

٢٣٣

فتفتي الناس؟ قلت: نعم، وأردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج، إنّي أقعد في المسجد فيجيء الرجل فيسألني عن الشيء، فاذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يفعلون، ويجيء الرجل أعرفه بمودّتكم فأُخبره بما جاء عنكم، ويجيء الرجل لا أعرفه ولا أدري من هو، فأقول: جاء عن فلان كذا، وجاء عن فلان كذا، فادخل قولكم فيما بين ذلك، قال: فقال لي: اصنع كذا، فإنّي كذا أصنع.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٣١ - باب عدم جواز التقيّة في الدم

[ ٢١٤٤٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن شعيب الحداد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدم، فاذا بلغ الدم فليس تقية.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه ومحمّد بن عيسى اليقطيني، عن صفوان بن يحيى، نحوه (٣) .

[ ٢١٤٤٦ ] ٢ - محمّد بن الحسن الطوسي بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب - يعني ابن يزيد - عن الحسن بن علي بن فضال، عن

____________________

(١) تقدم في الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٣١ من هذه الأبواب، وفي الاحاديث ٢، ٣، ٧، ١٧، ٤٦ من الباب ٩ من ابواب صفات القاضي، وفي الباب ١١ من ابواب آداب القاضي.

الباب ٣١

فيه حديثان

١ - الكافي ٢: ١٧٤ / ١٦.

(٣) المحاسن: ٢٥٩ / ٣١٠.

٢ - التهذيب ٦: ١٧٢ / ٣٣٥.

٢٣٤

شعيب العقرقوفي، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : لم(١) تبق الارض إلّا وفيها منّا عالم، يعرف الحقّ من الباطل، قال: إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدم، فاذا بلغت التقيّة الدم فلا تقية، وأيم الله لو دعيتم لتنصرونا لقلتم: لا نفعل إنّما نتقي، ولكانت التقيّة أحبّ إليكم من آبائكم وأمّهاتكم، ولو قد قام القائم ما احتاج إلى مساءلتكم عن ذلك، ولاقام في كثير منكم من أهل النفاق حدّ الله.

٣٢ - باب وجوب كتم الدين عن غيرأهله مع التقية

[ ٢١٤٤٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن عمار، عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يا سليمان إنّكم على دين من كتمه أعزّه الله، ومن أذاعه أذله الله.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن ابن أبي عمير مثله (٢) .

[ ٢١٤٤٨ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) قال: وددت والله اني افتديت خصلتين في الشيعة لنا ببعض لحم ساعدي: النزق(٣) ، وقلّة الكتمان.

ورواه الصدوق في( الخصال) عن أبيه، عن الحميري، عن

____________________

(١) في المصدر: لن.

الباب ٣٢

فيه ٦ احاديث

١ - الكافي ٢: ١٧٦ / ٣.

(٢) المحاسن: ٢٥٧ / ٢٩٥.

٢ - الكافي ٢: ١٧٥ / ١.

(٣) النزق: الخفة والطيش ( الصحاح - نزق - ٤: ١٥٥٨ ).

٢٣٥

محمّد بن الحسين، عن ابن محبوب مثله(١) .

[ ٢١٤٤٩ ] ٣ - وعنه، عن أحمد، عن محمّد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن أبي أُسامة زيد الشحام قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : أمر الناس بخصلتين فضيعوهما فصاروا منهما على غير شيء: الصبر والكتمان.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن حسين بن المختار، عن أبي أُسامة مثله إلّا أنه قال: كثرة الصبر (٢) .

[ ٢١٤٥٠ ] ٤ - وعنه، عن أحمد، عن علي بن الحكم، عن ابن بكير، عن رجل، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث - إنّه اوصى جماعة فقال: ليقو شديدكم ضعيفكم، وليعد غنيكم على فقيركم، ولا تبثوا سرنا، ولا تذيعوا أمرنا.

[ ٢١٤٥١ ] ٥ - وعنه، عن أحمد، عن محمّد بن سنان، عن عبد الاعلى قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إنّه ليس احتمال امرنا التصديق له والقبول فقط، من احتمال امرنا ستره وصيانته عن غير أهله، فاقرئهم السلام، وقل لهم: رحم الله عبداً اجتر مودة الناس إلينا، حدّثوهم بما يعرفون، واستروا عنهم ما ينكرون الحديث.

[ ٢١٤٥٢ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن

____________________

(١) الخصال: ٤٤ / ٤٠.

٣ - الكافي ٢: ١٧٦ / ٢.

(٢) المحاسن: ٢٥٥ / ٢٨٥.

٤ - الكافي ٢: ١٧٦ / ٤، واورد قطعة منه في الحديث ١٨ من الباب ٩ من ابواب صفات القاضي.

٥ - الكافي ٢: ١٧٦ / ٥، واورد قطعة منه في الحديث ١ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

٦ - الكافي ٢: ١٧٧ / ٨، واورده عن البصائر في الحديث ٢٤ من الباب ٢٤ من هذه الأبواب.

٢٣٦

أبيه، عن عبدالله بن يحيى، عن حريز، عن معلّى بن خنيس قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يا معلّى، أكتم أمرنا ولا تذعه، فإنّه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله به في الدنيا، وجعله نوراً بين عينيه في الآخرة يقوده إلى الجنّة، يا معلّى، من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذّله الله به في الدنيا، ونزع النور من بين عينيه في الآخرة، وجعله ظلمة تقوده إلى النار، يا معلّى، إنّ التقية من ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقيّة له، يا معلّى، إنّ الله يحبّ أن يعبد في السر كما يحبّ أن يعبد في العلانية، يا معلى إنّ المذيع لامرنا كالجاحد له.

ورواه في( المحاسن) عن أبيه، ومثله إلّا إنّه ترك ذكر العبادة في السر والعلانية (١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٣٣ - باب تحريم تسمية المهدي ( عليه‌السلام ) ، وسائر الأئمة ( عليهم‌السلام ) وذكرهم وقت التقية، وجواز ذلك مع عدم الخوف

[ ٢١٤٥٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن القاسم - شريك المفضل - وكان رجل صدق قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: خلق في

____________________

(١) المحاسن: ٢٥٥ / ٢٨٦.

(٢) تقدم في الحديثين ١، ٩ من الباب ٢٤، وفي الاحاديث ١، ١١، ١٤، ١٦، ١٧، ١٨، ١٩ من الباب ٢٩ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الحديث ١ من الباب ٣٣، وفي الباب ٣٤ من هذه الأبواب.

الباب ٣٣

فيه ٢٣ حديثاً

١ - الكافي ٨: ٣٧٤ / ٥٦٢.

٢٣٧

المسجد يشهرونا ويشهرون أنفسهم، اولئك ليسوا منا، ولا نحن منهم، أنطلق فأُداري وأستر فيهتكون ستري، هتك الله ستورهم يقولون: امام، والله ما أنا بإمام إلّا من أطاعني، فأمّا من عصاني فلست له بامام، لِمَ يتعلّقون باسمى إلّا يكفون اسمي من أفواههم! فو الله لا يجمعني الله وإيّاهم في دار.

[ ٢١٤٥٤ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عنبسة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إيّاكم وذكر علي وفاطمة (عليهما‌السلام ) ، فإنّ الناس ليس شيء أبغض إليهم من ذكر علي وفاطمة (عليهما‌السلام )

[ ٢١٤٥٥ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفريّ، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث الخضر( عليه‌السلام ) - أنّه قال: واشهد على رجل من ولد الحسن لا يسمى ولا يكنى حتّى يظهر أمره فيملؤها عدلاً كما ملئت جوراً، إنّه القائم بأمر الحسن بن علي( عليه‌السلام ) .

ورواه الصدوق في كتاب( إكمال الدين) وفي( عيون الأخبار) عن أبيه، ومحمّد بن الحسن، عن سعد والحميري ومحمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس كلّهم عن أحمد بن محمّد البرقي مثله (١) .

[ ٢١٤٥٦ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: صاحبّ هذا الأمر لا يسميه باسمه إلّا كافر.

____________________

٢ - الكافي ٨: ١٥٩ / ١٥٦.

٣ - الكافي ١: ٤٤١ / ١.

(١) إكمال الدين: ٣١٥، عيون اخبار الرضا (عليه‌السلام )١: ٦٧.

٤ - الكافي ١: ٢٦٨ / ٤.

٢٣٨

ورواه الصدوق في( اكمال الدين) عن أبيه، عن سعد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن محبوب، عن علي بن الريان - وفي نسخة: علي بن زياد (١) عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) نحوه(٢) .

[ ٢١٤٥٧ ] ٥ - وعن عدّة من أصحابنا، عن جعفر بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الريان بن الصلت قال: سمعت أبا الحسن الرضا( عليه‌السلام ) وسُئل عن القائم( عليه‌السلام ) ؟ فقال: لا يرى جسمه ولا يسمى اسمه.

ورواه الصدوق في( إكمال الدين) عن أبيه ومحمّد بن الحسن، عن سعد، عن جعفر بن محمّد بن مالك مثله (٣) .

[ ٢١٤٥٨ ] ٦ - وعن علي بن محمّد، عمّن ذكره، عن محمّد بن أحمد العلوي، عن داود بن القاسم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن العسكري( عليه‌السلام ) يقول: الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ قلت: ولِمَ جعلني الله فداك؟ قال: لأنّكم لا ترون شخصه، ولا يحلّ لكم ذكره باسمه، قلت: كيف نذكره؟ قال: قولوا الحجة من آل محمّد.

ورواه الصدوق في( اكمال الدين) عن أبيه، عن سعد، عن محمّد بن أحمد العلوي، مثله (٤) .

____________________

(١) في الإِكمال: علي بن رئاب.

(٢) إكمال الدين: ٦٤٨ / ١.

٥ - الكافي ١: ٢٦٨ / ٣.

(٣) إكمال الدين: ٦٤٨ / ٢.

٦ - الكافي ١: ٢٦٨ / ١.

(٤) إكمال الدين: ٦٤٨ / ٤.

٢٣٩

[ ٢١٤٥٩ ] ٧ - وعن علي بن محمّد، عن أبي عبدالله الصالحي قال: سألني أصحابنا بعد مضي أبي محمّد( عليه‌السلام ) أن أسال عن الاسم والمكان، فخرج الجواب: إن دللتم على الاسم أذاعوه، وإن عرفوا المكان دلّوا عليه.

أقول: هذا دالّ على اختصاص النهي بالخوف، وترتب المفسدة.

[ ٢١٤٦٠ ] ٨ - وعن محمّد بن عبدالله ومحمّد بن يحيى جميعاً، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عثمان العمري - في حديث - إنّه قال له: أنت رأيت الخلف؟ قال: اي والله - إلى أن قال: - قلت: فالاسم، قال: محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، فليس لي أن أُحلّل ولا أُحرّم، ولكن عنه( عليه‌السلام ) فإن الامر عند السلطان، أنّ أبا محمّد مضى ولم يخلف ولداً - الى أن قال: - وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتّقوا الله وأمسكوا عن ذلك.

أقول: هذا أوضح دلالة في أنّ وجه النهي التقيّة والخوف.

[ ٢١٤٦١ ] ٩ - محمّد بن علي بن الحسين في كتاب( اكمال الدين) وفي كتاب( التوحيد) عن علي بن أحمد الدقاق وعلي بن عبدالله الوراق، عن محمّد بن هارون (١) ، عن عبد العظيم الحسني، عن سيدنا علي بن محمّد( عليه‌السلام ) إنّه عرض عليه اعتقاده واقراره بالأئمةعليهم‌السلام - إلى أن قال: - ثمّ أنت يا مولاي، فقال له( عليه‌السلام ) : ومن بعدي ابني

____________________

٧ - الكافي ١: ٢٦٨ / ٢.

٨ - الكافي ١: ٢٦٥ / ١، واورد صدره في الحديث ٤ من الباب ١١ من ابواب صفات القاضي.

٩ - إكمال الدين: ٣٧٩ / ١، والتوحيد: ٨١ / ٣٧.

(١) في الإِكمال زيادة: عن ابي تراب عبدالله بن موسى الروياني وفي التوحيد: ابو تراب عبيدالله بن موسى الروياني.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

وقال أبو الحسن أيضاً في شابٍ معروف بالخير قال لرجلٍ شيئاً، فقال له الرجل: اُسكت فإنّك اُمّي، فقال الشاب: أليس كان النبيّ اُميّاً؟! فشنّع عليه مقالته وكفّره الناس، وأشفق الشاب ممّا قال، وأظهر الندم عليه. فقال أبو الحسن: أمّا إطلاق الكفر عليه فخطأ، لكنّه مخطئ في استشهاده بصفة النبيّ، وكون النبيّ اميّاً آية له، وكون هذا أمياً نقيصة فيه وجهالة، ومن جهالته احتجاجه بصفة النبيّ، لكنّه إذا استغفر وتاب واعترف ولجأ إلى الله، يترك، لأنّ قوله لا ينتهي إلى حدّ القتل، وما طريقة الأدب فطوع فاعله بالندم عليه يوجب الكف عنه »(١) .

فلو لم يكن أمير المؤمنينعليه‌السلام معصوماً، ولم يكن أفضل الخلق بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل كان مثل سائر الصحابة، ومتأخراً عن الثلاثة في الرتبة - ومعاذ الله من جميع ذلك - لما جاز تشبيهه بآدم وغيره من الأنبياء، بل كان ذلك منكراً، واللازم باطل، فالملزوم مثله فظهر من كلمات القاضي عياض وغيره من الأعلام الذين نقل هو كلماتهم دلالة هذا التشبيه على أفضليّة أمير المؤمنينعليه‌السلام وعصمته دلالة صريحة واضحة.

فكان كلام القاضي عياض هادماً لبنيان كلّ شبهةٍ واعتراض، والحمد لله ربّ العالمين.

١١ - التّشبيه يوجب العموم

لقد ذكر علماء الاُصول أنّ التشبيه محمول على العموم في كلّ محلٍ يحتمله، ففي كتاب ( اُصول الفقه ) للبزدوي:

« والأصل في الكلام هو الصريح، وأمّا الكناية ففيها ضرب قصور، من

____________________

(١). الشّفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ / ٥٢١ - ٥٢٩.

٣٢١

حيث أنها تقصر عن البيان إلاّبالنية، والبيان بالكلام هو المراد، فظهر هنا التفاوت فيما يدرأ بالشبهات، وصار جنس الكنايات بمنزلة الضرورات، ولهذا قلنا: إنّ حدّ القذف لا يجب إلّابتصريح الزنا، حتّى أنّ من قذف رجلاً بالزنا، فقال له آخر: صدقت، لم يحدّ المصدق، وكذلك إذا قال: لست بزانٍ، يريد التعريض بالمخاطب، لم يحدّ، وكذلك في كلّ تعريض، لما قلنا، بخلاف من قذف رجلاً بالزنا، فقال الآخر: هو كما قلت، حدّ هذا الرجل، وكان بمنزلة الصريح، لما عرف في كتاب الحدود »(١) .

فقال شارحه عبدالعزيز بن أحمد البخاري:

« قوله: وكان بمنزلة الصريح لما عرف. قال شمس الأئمّة في قوله: « هو كما قلت » إنّ كاف التشبيه توجب العموم عندنا في المحلّ الّذي يحتمله، ولهذا قلنا في قول عليرضي‌الله‌عنه : - إنّما أعطيناهم الذمّة وبذلوا الجزية، ليكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا - إنّه مجريّ على العموم فيما يندرء بالشبهات كالحدود، وما ثبت بالشبهات كالأموال، فهذه الكاف أيضاً موجبة العموم، لأنّه حصل في محلٍّ يحتمله، فيكون نسبةً له إلى الزنا قطعاً، بمنزلة الكلام الأوّل على ما هو موجب العام عندنا »(٢) .

وعلى هذا الأساس، يكون تشبيه الإمامعليه‌السلام بهؤلاء الأنبياء في صفاتهم، محمولاً على العموم، وذلك يثبت المساواة بالضرورة.

١٢ - ترتّب أحكام المنزَّل عليه على المنزَّل

وإذا نُزّل شيء منزلة شيء ترتَّبت أحكام المنزَّل عليه على المنزَّل، ولزمت المساواة بينهما، ولهذا الذي ذكرنا موارد كثيرة في الكتب العلميّة، قال

____________________

(١). أصول الفقه.

(٢). كشف الأسرار في شرح اُصول الفقه ٢ / ٣٨٩ - ٣٩١.

٣٢٢

الشيح جمال الدين ابن هشام في بيان وجوه ( إلّا ):

« الثاني: - أنْ تكون صفةً بمنزلة غير، فيوصف بها وبتاليها جمع منكَّر أو شبهه، فمثال الجمع المنكر( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا ) فلا يجوز في إلّا هذه أن تكون للإستثناء من جهة المعنى، إذ التقدير حينئذٍ: لو كان فيهما آلهة ليس فيهما الله لفسدتا، وذلك يقتضي بمفهومه: إنّه لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم تفسدا، وليس ذلك المراد، ولا من جهة اللفظ، لأنّ آلهة جمع منكَّر في الإثبات، فلا عموم له، فلا يصحُّ الاستثناء منه، ولو قلت: قام رجال إلّا زيد، لم يصح إتّفاقاً.

وزعم المبرد: إنّ إلّا في هذه الآية للاستثناء، وإنّ ما بعدها بدل، محتجّاً بأنّ لو تدل على الإمتناع، وامتناع الشيء انتفاؤه، وزعم أنّ التفريغ ما بعدها جائز، وأن نحو لو كان معنا إلّا زيد، أجود كلام.

ويردّه: إنّهم لا يقولون: لو جاءني ديّار أكرمته، ولا: لو جاءني من أحدٍ أكرمته، ولو كان بمنزلة النافي لجاز ذلك، كما يجوز: ما فيها ديار وما جاءني من أحد، ولـمّا لم يجز ذلك دلّ على أنّ الصواب قول سيبويه: إن إلّا وما بعدها صفة »(١) .

أقول:

فظهر أنّ كون الشيء بمنزلة الشيء يستلزم المساواة بينهما، ومن المعلوم أنّ قول القائل: « هذا بمنزلة هذا » هو من باب التّشبيه، كما صرّح به أئمّة أهل السنّة في حديث « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى »، و ( الدهلوي ) نفسه معترف بذلك.

____________________

(١). مغني اللبيب ١ / ٧٠.

٣٢٣

فثبت أنّ التشبيه يثبت المساواة، وأنّه تترتب أحكام المشبَّه به للمشبّه بلا كلام، فثبت مساواة أمير المؤمنين مع آدمعليهما‌السلام في العلم، وترتّب أحكام علم آدم لعلم أمير المؤمنين، وكذا في باقي الصّفات المذكورة في الحديث الشريف، وهذا هو المطلوب.

١٣ - مجيء التشبيه للمساواة في القرآن

وفي القرآن الكريم في سورة الأحقاف:( فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) (١) .

ومن البيّن أنّ المراد من هذا التشبيه هو المساواة بين صبر نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وصبر أولي العزم من الرّسل، لا أن يكون صبره أقلّ من صبرهم، والعياذ بالله.

فالقول بأنّ فهم المساواة من التشبيه من غاية السّفاهة، يكشف عن كيفيّة اعتقاد قائله بالنّسبة إلى كلام الله المجيد.

وإنّ دليل المفسّرين في فهم المساواة من الآية، هو دليلنا على إثبات المساواة من حديث التّشبيه

قال أبو السّعود:( فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) جواب شرط محذوف، أي إذا كان عاقبة أمر الكفرة ما ذكر، فاصبر على ما يصيبك من جهتهم، كما صبر اُولوا الثبات والحزم من الرسل، فإنّك من جملتهم، بل من عليّتهم، ومن للتبيين، وقيل: للتبعيض، والمراد باُولي العزم أصحاب الشرائع الذين اجتهدوا في تأسيسها وتقريرها، وصبروا على تحمّل مشاقّهم، ومعاداة الطاعنين فيها، ومشاهيرهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة

____________________

(١). سورة الأحقاف، الآية ٣٥.

٣٢٤

والسلام. وقيل: هم الصابرون على بلاد الله تعالى، كنوح صبر على أذيّة قومه، كانوا يضربونه حتّى يغشى عليه، وإبراهيم صبر على النار، وعلى ذبح ولده، والذبيح على الذبح، ويعقوب على فقد الولد والبصر، ويوسف على الجبّ والسجن، وأيوب على الضرّ، وموسى قال له قومه( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) قال:( كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ ) وداود بكى على خطيئته أربعين سنة، وعيسى لم يضع لبنة على لبنةً، صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين »(١) .

الإحتجاج بكلمات ( الدّهلوي ) في مواضع اُخرى

إنّ في الوجوه المذكورة الدالّة على دلالة حديث التّشبيه على المطلوب كفايةً لكلّ منصف جرَّد نفسه للتحقيق عن الحق، والعثور على مقتضى الأدلّة النقليّة والعقليّة ولو أنَّ أولياءَ ( الدّهلوي ) وأتباعه تعصّبوا له وأبوا عن قبول الحق والتّسليم له، فإنّا نحتجّ - في الوجوه الآتية - بكلمات ( الدهلوي ) نفسه، تنبيهاً للغافلين، وإتماماً للحجّة على المعاندين:

١ - قال ( الدهلوي ) في جواب حديث: « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى": « وأيضاً، فإنّ تشبيه الأمير بهارون - وهارون خليفة موسى في غيبته في زمان حياته، أمّا بعد حياته فقد كان خليفة موسى يوشع بن نون كما هو المعلوم - يستلزم أنْ يكون الأمير كذلك خليفة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا غاب في حياته لا بعد وفاته، بل يكون الآخرون خلفائه، كي يتمُّ التشبيه. وحمل كلام الرسول على التشبيه الناقص خلاف الديانة ».

وهذا الوجه أخذ ( الدهلوي ) من ( تفسير الرازي ) لنفي خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلا فصل، وقد

____________________

(١). إرشاد العقل السليم = تفسير أبي السعود ٨ / ٩٠.

٣٢٥

جعل ما ذكره مصداق التشبيه الكامل بين أمير المؤمنينعليه‌السلام وهارون.

وعلى ضوء ما ذكره: لنا أن نحمل حديث التشبيه على التشبيه الكامل بين أمير المؤمنينعليه‌السلام والأنبياء، ومن المعلوم أنّ التشبيه الكامل يفيد المساواة بين المشبّه والمشبّه به في جميع الجهات، فهوعليه‌السلام يساوي الأنبياء المذكورين في صفاتهم. وهو المطلوب، وحينئذٍ نقول: حمل ( الدهلوي ) وبعض أسلافه حديث التشبيه على التشبيه الناقص يخالف الدّيانة، وكيف يأمر ( الدهلوي ) بالتشبيه الكامل هناك، وينسى ذلك في هذا المقام؟!

٢ - وقال ( الدهلوي ) في حاشية ما ذكره في جواب حديث: « إنّي تارك فيكم الثقلين »: « قال الملّا يعقوب الملتاني - وهو من علماء أهل السنّة - إنّ في تشبيه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أهل بيته بالسّفينة، وصحابته بالنجوم، إشارة إلى أن الشريعة يجب أن تؤخذ من الصحابة، وأنّ الطريقة يجب أن تؤخذ من أهل البيت، لأنّ الوصول إلى الحقيقة وتحصيل المعرفة يستحيل إلّا باتّباع الطريقة والمحافظة على الشريعة، كما لا يمكن قطع البحار إلّا بركوب السفينة مع الاهتداء بالنجوم، لأنّ ركوب السفينة وإن كان ينجي من الغرق، لكنها لا تصل إلى المقصد إلّا بالإهتداء بالنجوم، كما أن مراعاة النجوم فقط من غير ركوبٍ لا يفيد. وهذه نكتة دقيقة. فليتأمّل فيها ».

أقول:

ولو لم يكن التشبيه دالّاً على المساواة، ما كان في هذه النكتة شيء من الدقّة، بل لم تكن شيئاً يذكر.

إلّا أنّ الشّيعة يفسّرون حديث « أصحابي كالنجوم » بأنّ المراد من « الأصحاب » هم « أهل البيت » كما لا يخفى على من راجع كتاب ( بصائر

٣٢٦

الدرجات ) وكتاب ( معاني الأخبار )، فأهل البيت هم المتَّبعون في الشّريعة قطعاً هذا من جهة.

ومن جهةٍ أخرى: فإنّ حديث « أصحابي كالنّجوم » حديث باطل موضوع، لدى جماعةٍ كبيرة من أئمّة أهل السنّة ومحقّقيهم، كما لا يخفى على من راجع قسم ( حديث الثقلين ) من كتابنا.

٣ - وقال ( الدهلوي ) في حديث قول النبي لأمير المؤمنينعليهما‌السلام « حربك حربي »: بأنّ من حارب أمير المؤمنين عن بغض له وعداء فهو كافر، وأنّ هذا الحديث محمول على المجاز، فكأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: حربك كأنّه حربي، فهو تشبيه، ويكون حربه بمنزلة حرب النبي، ولا يجوز حمل التشبيه في كلامهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على المبالغة والإغراق، أو على التشبيه المحض من قبيل تشبيه التراب والحصى بالمسك والياقوت ».

وعلى هذا، فإنّ تشبيه النبيّ عليّاً بآدمعليهما‌السلام في العلم، معناه إحاطته بجميع ما كان لآدم من علم، وكذا في باقي الأنبياء والصفات، وهذا يدلّ على الأفضلية.

٤ - وبالرغم من أنّ ( الدهلوي ) يسعى ويبالغ في إنكار دلالة هذا الحديث على المساواة مع الأنبياء، فإنّه يحمل ما رووه في شبه أبي بكر وعمر ببعض الأنبياء في بعض الصفات على المساواة، إذ سيأتي قوله: « رابعاً: إنّ تفضيل الأمير على الخلفاء الثلاثة، إنّما يثبت من هذا الحديث فيما إذا لم يكونوا مساوين للأنبياء المذكورين في تلك الصفات أو ما يماثلها، ودون هذا النفي خرط القتاد، بل إذا فحصت كتب أهل السنّة لوجدت أحاديث كثيرة تدلّ على تشبيه الشيخين بالأنبياء، بحيث لم ترد في حقّ أحدٍ من معاصريهما ».

٥ - ثمّ إنّه قال بعد كلامه المذكور: « ولهذا فقد قام الشيخان بوظائف

٣٢٧

الأنبياء، من الجهاد مع الكفّار، وترويج أحكام الشريعة، وإصلاح أمور الرعيّة، على أحسن حال ».

وهذا متفرّع على كون الشيخين حاملين لكمالات الأنبياء، المتفرّع على كون التشبيه بينهما وبينهم تشبيهاً تامّاً.

فتشبيه سيّدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام بهم يدلّ على وجود صفاتهم فيه بقدر ما فيهم.

قوله:

والتشبيه كما يكون بأدواته المتعارفة، كالكاف وكأن ومثل، ونحوها، كذلك يكون بهذا الاُسلوب كما تقرّر في علم البيان أنّ من أراد أن ينظر إلى القمر ليلة البدر، فلينظر إلى وجه فلان. فهذا القسم داخل أيضاً في التشبيه.

الحديث يحمل على المساواة لتعذّر العينيّة

أقول:

أين التّصريح بكون هذه الجملة ونحوها من التشبيه؟ إنّا لم نجد ما يؤيّد هذا الدعوى في كتب علم البلاغة، كالمفتاح وشروحه، وتلخيص المفتاح وشروحه، فهي دعوى بلا دليل

بل لقد تقدّم أنّ المتبادر من هذا الكلام وشبهه هو العينيّة، غير أنّها لمـّا كانت متعذّرة في الحديث الشريف، فلا بدّ من حمل الحديث على أقرب المعاني إليها، وهي المساواة والمماثلة التامّة القريبة من العينيّة، فكأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، فلينظر إلى علي، فإنّه مساوٍ له في العلم، أو: فإنّه مثله في العلم. فمع تقدير كلمة: « مثل » ونحوها

٣٢٨

يظهر المعنى الكامل للحديث ويتّضح المراد منه جيّداً قال التفتازاني:

« [ وَ أداته ] أي أداة التّشبيه [ الكاف وكأنّ ] وقد يستعمل عند الظنّ بثبوت الخبر من غير قصدٍ إلى التشبيه، سواء كان الخبر جامداً أو مشتقاً، نحو كأنّ زيداً أخوك، وكأنّه قدم [ ومثل وما في معناه ] ممّا يشتق من المماثلة والمشابهة، وما يؤدّي هذا المعنى [ والأصل في نحو الكاف ] أي في الكاف ونحوها، كلفظة نحو ومثل وشبه، بخلاف كأنّ ويماثل ويشابه [ أنْ يليه المشبَّه به ] لفظاً نحو: زيد كالأسد، أو تقديراً نحو قوله تعالى( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ ) على تقدير: أو كمثل ذوي صيّب [ وقد يليه ] أي نحو الكاف [ غيره ] أي غير المشبّه به [ نحو( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ ) ] الآية، إذ ليس المراد تشبيه حال الدنيا بالماء، ولا بمفردٍ آخر يتمحّل تقديره، بل المراد تشبيه حالها في بهجتها ونضارتها، وما يتعقّبها من الهلاك والفناء بحالة النبات الحاصل من الماء، يكون أخضر ناضراً، ثمّ ييبس فيطيره الرياح كأن لم يكن، ولا حاجة إلى تقدير كمثل ماء، لأنّ المعتبر هو الكيفيّة الحاصلة من مضمون الكلام المذكور بعد الكاف، واعتبارها مستغن عن هذا التقدير، ومن زعم أنّ التقدير كمثل ماءٍ، وأنّ هنا ممّا يلي الكاف غير المشبّه به، بناءً على أنّه محذوف، فقد سها سهواً بيّناً، لأنّ المشبّه به الذي يلي الكاف قد يكون ملفوظاً، وقد يكون محذوفاً على ما صرّح به في الإيضاح [ وقد يذكر فعل ينبىء عنه ] أي عن التشبيه [ كما علمت زيداً أسداً إن قرب التشبيه ] وادّعى كمال المشابهة، لما في علمت من معنى التحقيق، وحسبت زيداً أسداً [ أن بعد ] التشبيه بأدنى تبعيد، لما في الحسبان من الإشعار بعدم التحقّق والتيقّن، وفي كون مثل هذه الأفعال منبئاً عن التشبيه نوع خفاء، والأظهر أن الفعل ينبئ عن

٣٢٩

حال التشبيه في القرب والبعد »(١) .

وقال التفتازاني أيضاً:

« وقد يذكر فعل ينبئ عنه. أي عن التشبيه، كما في علمت زيداً أسداً، إنّ قرب التشبيه، وأريد أنّه مشابه الأسد مشابهةً قويّةً، لما في علمت من الدلالة على تحقّق التشبيه وتيقّنه، وكما في حسبت وخلت زيداً أسداً إنّ بعد التشبيه أدنى تبعيد، لما في الحسبان من الدلالة على الظن دون التحقيق، ففيه إشعار بأنّ شبهه بالأسد ليس بحيث يتيقّن أنّه هو هو، بل يظنُّ ذلك ويتخيّل. وفي كون هذا الفعل منبئاً عن التشبيه نظر، للقطع بأنّه لا دلالة للعلم والحسبان على ذلك، وإنّما يدلُّ عليه علمنا بأنّ أسداً لا يمكن حمله على زيد تحقيقاً، وأنّه إنّما يكون على تقدير أداة التشبيه، سواء ذكر الفعل أو لم يذكر، كما في قولنا: زيد أسد. ولو قيل: إنّه ينبئ عن حال التشبيه من القرب والبعد لكان أصوب »(٢) .

قلت: فليكن الدلالة على التشبيه أو المساواة في الحديث الشريف بالجملة المقدَّرة كذلك.

وقال التفتازاني:

« [ والغرض منه ] أي من التشبيه [ في الأغلب يعود إلى المشبّه. وهو ] أي الغرض العائد إلى المشبّه [ بيان إمكانه ] يعني بيان أنّ المشبه أمر ممكن الوجود، وذلك في كلّ أمر غريب يمكن أن يخالف فيه ويّدعى امتناعه [ كما في قوله ] أي قول أبي الطيّب:

[ فإنّ تفق الأنام وأنت منهم

فإنّ المسك بعض دم الغزال ]

____________________

(١). المختصر في شرح تلخيص المفتاح: ١٤٣.

(٢). المطول في شرح تلخيص المفتاح: ٣٣٠.

٣٣٠

فإنّه أراد أن يقول: إنّ الممدوح قد فاق الناس، بحيث لم يبق بينه وبينهم مشابهة، بل صار أصلاً برأسه وجنساً بنفسه، وهذا في الظاهر كالممتنع، لاستبعاد أنْ يتناهى بعض آحاد النوع في الفضائل الخاصة بذلك النوع، إلى أن يصير كأنّه ليس منها، فاحتجّ لهذه الدعوى وبَيّن إمكانها، بأنْ شبه حاله بحالة المسك الذي هو من الدماء، ثمّ إنّه لا يعدّ من الدماء، لما فيه من الأوصاف الشريفة التي لايوجد في الدم.

فإن قلت: أين التشبيه في هذا البيت؟

قلت: يدلّ البيت عليه ضمناً، وإن لم يدل عليه صريحاً، لأنّ المعنى:

إن تفق الأنام مع أنّك واحد منهم، فلا استبعاد في ذلك، لأنّ المسك بعض دم الغزال وقد فاقها حتّى لا يعدّ منها، فحالك شبيهة بحال المسك، ويسمّى مثل هذا تشبيهاً ضمنياً، أو تشبيهاً مكنّياً عنه »(١) .

أقول:

فليكن التشبيه في الحديث مقدَّراً كذلك، فيكون معنى الحديث: من أراد أنْ ينظر إلى آدم في علمه، فلينظر إلى علي، فإنّه مساوٍ لآدم في العلم، أو مثله في العلم. وهكذا في باقي الصفات.

قوله:

ومن هنا، أدخلوا في التشبيه الشعر المشهور:

لا تعجبوا من بلى غلالته

قد زرّ أزراره على القمر

____________________

(١). المطول في شرح التلخيص: ٣٣٠ - ٣٣١.

٣٣١

وكذا البيتين من شعر المتنبّي:

نشرت ثلاث ذوائب من خلفها

في ليلةٍ فأرت ليالي أربعا

واستقبلت قمر السماء بوجهها

فأرتني القمرين في وقتٍ معاً

أقول:

أوّلاً: إنّ أسلوب هذه الأبيات يختلف عن أسلوب الحديث، كما هو واضح، ونحن نتكلّم في دلالة هذا الأسلوب أعني: « من أراد أن ينظر إلى كذا، فلينظر إلى فلان » على التشبيه، فلا وجه لاستشهاده بالأبيات المذكورة.

وثانياً: قوله: لا تعجبوا من بلى غلالته إستعارة بحسب الاصطلاح، وليس تشبيهاً، وإن كانت الإستعارة مبنيّةً على التشبيه، لكن كلام ( الدهلوي ) هنا مبنيّ على الفرق بينهما كما يدلّ على ذلك قوله فيما بعد: وإنْ لم يكن تشبيهاً فاستعارة وأصلها التشبيه.

ويدلّ على أنّ الشعر المذكور من الإستعارة لا التشبيه، كلام التفتازاني، وهذا نصّه بطوله:

« واعلم أنّهم اختلفوا في أنّ الإستعارة مجاز لغوي أو عقلي، فالجمهور على أنّه مجاز لغوي، بمعنى أنّها لفظ استعمل في غير ما وضع له، لعلاقة المشابهة، [ ودليل أنّها ] أي الإستعارة [ مجاز لغوي: كونها موضوعة لا للمشبّه ولا للمشبّه به ولا للأعم منهما ] أي من المشبّه والمشبه به، فأسد في قولنا: رأيت أسداً يرمي، موضوع للسبع المخصوص، لا للرجل الشجاع، ولا لمعنى أعم من الرجل والسبع كالحيوان الجري مثلاً، ليكون إطلاقه عليهما حقيقة، كإطلاق الحيوان على الأسد والرجل الشجاع، وهذا معلوم بالنقل عن أئمّة اللغة قطعاً، فإطلاقه على الرجل الشجاع إطلاق على غير ما وضع له، مع قرينة

٣٣٢

مانعة عن إرادة ما وضع له، فيكون مجازاً لغويّاً، وفي هذا الكلام دلالة على أنّ لفظ العامّ إذا أطلق على الخاص لا باعتبار خصوصه، بل باعتبار عمومه، فهو ليس من المجاز في شيء، كما إذا لقيت زيداً فقلت: لقيت رجلاً أو إنساناً أو حيواناً، بل هو حقيقة، إذ لم يستعمل اللفظ إلّا في المعنى الموضوع له.

[ وقيل: إنّها ] أي الإستعارة [ مجاز عقلي، بمعنى أنّ التصرّف في أمر عقلي لا لغوي، لأنّها لما لم تطلق على المشبّه إلّابعد ادّعاء دخوله ] أي دخول المشبّه [ في جنس المشبّه به ] بأنْ جعل الرجل الشجاع فرداً من أفراد الأسد [ كان استعمالها ] أي الإستعارة في المشبّه إستعمالاً [ فيما وضعت له ] وإنّما قلنا إنّها لم تطلق على المشبّه إلّا بعد ادّعاء دخوله في جنس المشبّه به، لأنّها لو لم تكن كذلك لما كانت الإستعارة أبلغ من الحقيقة، إذ لا مبالغة في إطلاق الإسم المجرَّد عارياً عن معناه، ولما صحَّ أنْ يقال لمن قال: رأيت أسداً، وأراد زيداً أنّه جعله أسداً، كما لا يقال لمن سمّى ولده أسداً أنّه جعله أسداً، لأنّ « جعل » إذا كان متعدّياً إلى مفعولين، كان بمعنى « صيّر »، ويفيد إثبات صفة لشيء، حتّى لا يقال: جعله أميراً، إلّا وقد أثبت فيه صفة الإمارة، وإذا كان نقل اسم المشبّه به تابعاً لنقل معناه إليه، بمعنى أنّه أثبت له معنى الأسد الحقيقي ادّعاء، ثمّ أطلق عليه إسم الأسد، كان الأسد مستعملاً فيما وضع له، فلا يكون مجازاً لغوياً بل عقلياً، بمعنى أنّ العقل جعل الرجل الشجاع من جنس الأسد، وجعل ما ليس واقعاً في الواقع واقعاً مجاز عقلي.

[ ولهذا ] أي، ولأنّ إطلاق اسم المشبّه به على المشبّه إنّما يكون بعد ادّعاء دخوله في جنس المشبّه صحّ التعجّب في قوله ( شعر ): قامت تظلّلني أي توقع الظلّ عليّ [ من الشمس نفس أعزّ عليَّ من نفسي ] ومنْ عجب شمس - أي غلام - كالشمس في الحسن والبهاء تظلّلني من الشمس. فلولا أنّه ادّعى

٣٣٣

لذلك الغلام معنى الشمس الحقيقي جعله شمساً على الحقيقة، لما كان لهذا التعجّب معنىً، إذ لا تعجّب في أنْ يظلِّل إنسان حسن الوجه إنساناً آخر ].

[ والنهي عنه ] أي، ولهذا صحَّ النهي عن التعجّب في قوله ( شعر ): [ لا تعجبوا من بلى غلالته ] هي شعار تلبس تحت الثوب وتحت الدّرع أيضاً [ قد زرَّ أزراره على القمر ] تقول: زررت القميص عليه أزرره، إذا شددت أزراره عليه، فلولا أنّه جعله قمراً حقيقياً لما كان للنهي عن التعجّب معنىً، لأنّ الكتّان إنّما يسرع إليه البلى بسبب القمر الحقيقي، لا بملابسة إنسان كالقمر في الحسن.

لا يقال: القمر في البيت ليس بإستعارة، لأنّ المشبه مذكور، وهو الضمير في « غلالته » و « أزراره ».

لأنّا نقول: لا نسلِّم أنّ الذكر على هذا الوجه ينافي الاستعارة، كما في قولنا: سيف زيد في يد أسد، فإنَّ تعريف الإستعارة صادق على ذلك.

[ ورُدّ ] هذا الدليل [ بأنَّ الإدّعاء ] أي ادّعاء دخول المشبّه في جنس المشبّه به [ لا يقتضي كونها ] أي الإستعارة مستعملةً [ فيما وضعت له ]، للعلم الضروري بأنّ أسداً في قولنا: رأيت أسداً يرمي، مستعمل في الرجل الشجاع، والموضوع له هو السبع المخصوص.

وتحقيق ذلك: أنّ ادّعاء دخول المشبّه في جنس المشبّه به، مبني على أنّه جعل أفراد الأسد بطريق التأويل قسمين، أحدهما: المتعارف، وهو الذي له غاية الجرأة في مثل تلك الجثة المخصوصة، والهيكل المخصوص، والثاني: غير المتعارف، وهو الّذي له تلك الجرأة، لكنْ لا في تلك الجثة والهيكل المخصوص، ولفظ الأسد إنّما هو موضوع للمتعارف، فاستعماله في غير المتعارف استعمال له في غير ما وضع له، والقرينة مانعة عن إرادة المعنى

٣٣٤

المتعارف، فيتعيَّن المعنى غير المتعارف. وبهذا يندفع ما يقال: إنّ الإصرار على دعوى الأسديّة للرجل الشجاع، ينافي نصب القرينة المانعة عن إرادة السبع المخصوص.

وأمّا التعجب والنهي عنه كما في البيتين المذكورين، فللبناء على تناسي التشبيه، قضاءً لحق المبالغة، ودلالةً على أنّ المشبّه، بحيث لا يتميّز عن المشبّه أصلاً، حتآى أنّ كلّ ما يترتّب على المشبّة به، من التعجّب والنهي عن التعجّب، يترتّب على المشبه أيضاً، وفي الحاشية المنهيّة على قوله: ينافي الإستعارة الخ وإنّما يكون منافياً إذا كان ذكره على وجهٍ ينبئ عن التشبيه »(١) .

وثالثاً: إنّ إطلاق « القمر » في قوله: « لا تعجبوا الخ » إنّما هو على سبيل الاستعارة، وكذا إطلاق « الليالي » على « الذوائب » واطلاق « القمر » على « وجه المحبوبة » في البيتين، استعارة لا تشبيه. ومن المعلوم: أنّ كون هذه الإطلاقات من قبيل الإستعارة، وعدم كونها من قبيل التشبيه، ليس فيه ضرر بالنسبة إلى غرض ( الدهلوي ) وهو كون الحديث الشريف من قبيل التشبيه، فلا وجه لدعوى ( الدهلوي ) إدخال هذه الإطلاقات في التشبيه، إلّا تخديع العوام كي يتوهّموا ضعف دلالة التشبيه على المساواة، وتنظير الحديث بتلك الأشعار الفارغة عن المعنى الحقيقي.

قوله:

ولو تجاوزنا عن ذلك لكان استعارةً مبناها على التشبيه.

____________________

(١). المطوّل في شرح التلخيص: ٣٦٠ - ٣٦٢.

٣٣٥

إن كان الحديث من الإستعارة فدلالته أبلغ

أقول:

وعلى فرض كون الحديث الشريف من باب الإستعارة، فإنّ دلالته على المساواة تكون آكد وأبلغ، قال التفتازاني:

« فصل - أطبق البلغاء على أنّ المجاز والكناية أبلغ من الحقيقة والتصريح، لأنّ الإنتقال فيهما [ من الملزوم إلى اللازم، فهو كدعوى الشيء ببينة ] فإنّ وجود الملزوم يقتضي وجود اللازم، لامتناع انفكاك الملزوم عن لازمه [ و ] أطبقوا أيضاً على [ أنّ الإستعارة ] التحقيقيّة والتمثيليّة [ أبلغ من التشبيه، لأنّها نوع من المجاز ] وقد علم أنّ المجاز أبلغ من الحقيقة، وليس معنى كون كلٍ من المجاز والكناية أبلغ، أنّ شيئاً منهما يوجب أنْ يحصل في الواقع زيادة في المعنى لا توجد في الحقيقة والتصريح، بل المراد أنّه يفيد زيادة تأكيد للإثبات، ويفهم من الإستعارة أنّ الوصف في المشبّه بالغ حدّ الكمال كما في المشبّه به، وليس بقاصر فيه كما يفهم من التشبيه، والمعنى لا يتغيّر حاله في نفسه، بأنْ يعبّر عنه بعبارةً أبلغ.

وهذا مراد عبدالقاهر بقوله: ليست مزيّة قولنا: رأيت أسداً، على قولنا: رأيت رجلاً هو والأسد سواء في الشجاعة: أنّ الأوّل أفاد زيادة في مساواته الأسد في الشجاعة لم يفدها الثاني، بل الفضيلة هي: أنّ الأوّل أفاد تأكيداً لإثبات تلك المساواة له لم يفده الثاني. والله أعلم »(١) .

فظهر أنّ « التشبيه » و « الإستعارة » كليهما يفيدان المساواة بين المشبّه والمشبّه به، إلّا أنّ في « الإستعارة » زيادة تأكيد لإثبات المساواة، فلها مزيّة

____________________

(١). المختصر في شرح تلخيص المفتاح: ١٨٦.

٣٣٦

على « التشبيه ». وعلى هذا الأساس أيضاً يكون الحديث - بناءً على كونه استعارةً - دالّاً على المساواة، بل هو في هذه الصورة أدلّ وأبلغ من أن يقال: « آدم وعليعليهما‌السلام سواء في العلم » وهكذا في باقي الصفات.

فنفي دلالة الحديث على المساواة - على تقدير كونه من باب الإستعارة - بل تسفيه من فهم المساواة منه، هو في الحقيقة تسفيه للشيخ عبدالقاهر الجرجاني وسائر أئمّة علوم البلاغة ومهرة الفنون الأدبيّة وكأنّ ( الدهلوي ) لا يبالي بما يترتّب على كلماته، وإنّه يحاول نقض استدلالات الإماميّة وإنْ لزم منه تسفيه وتكذيب كبار الأساطين من علماء مذهبه، أو غير ذلك من اللوازم الفاسدة، وليته قد استعار الفهم والعقل من بعض العقلاء فلم ينف دلالة الإستعارة على المساواة!!

وأيضاً، يشترط في الإستعارة وجود أمرٍ يختصُّ بالمشبه به فيقصد إثبات ذلك الأمر للمشبَّه، وعلى هذا الأساس نقول: إذا كان الحديث من قبيل الإستعارة، فقد أثبت فيه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العلم المختص بادمعليه‌السلام لأمير المؤمنين، وهكذا سائر الصفات، وإلاّ لم يكن استعارة، لفقد الشرط، فيبطل جعل ( الدهلوي ) الحديث من قبيل الاستعارة.

أمّا اشتراط الشرط المذكور، فهو صريح أئمّة فن البلاغة، قال التفتازاني:

« فصل - في بيان الإستعارة بالكناية، والإستعارة التخييليّة، لما كانت عند المصنّف أمرين معنويين غير داخلين في تعريف المجاز، أورد لهما فصلاً على حده، ليستوفي المعاني التي يطلق عليها لفظ الإستعارة، فقال: [ قد يضمر التشبيه في النفس ] أي في نفس معنى اللفظ، أو نفس المتكلّم [ فلا يصرّح بشيء من أركانه سوى المشبّه ]. وأمّا وجوب ذكر المشبّه به فإنّما هو في التشبيه المصطلح، وقد عرفت أنّه غير الإستعارة بالكناية، ويدلّ عليه - أي على ذلك

٣٣٧

التشبيه المضمر في النفس - بأن يثبت للمشبّه أمر مختص بالمشبّه به، من غير أن يكون هناك أمر متحقّق حسّاً أو عقلاً، يطلق عليه ذلك الأمر، فيسمّى التشبيه المضمر في النفس استعارة بالكناية، أو مكنّياً عنها، أمّا الكناية فلأنّه لم يصرّح به، بل إنّما دلّ عليه بذكر خواصّه ولوازمه، وأمّا الإستعارة فمجرّد تسمية خالية عن المناسبة، ويسمى إثبات ذلك الأمر المختصّ بالمشبّه للمشبّه استعارة تخييليّة، لأنّه قد استعير للمشبّه ذلك الأمر الذي يختصّ بالمشبّه به، وبه يكون كمال المشبّه به أو قوامه في وجه الشبه، ليخيّل أنّ المشبّه من جنس المشبّه به »(١) .

قوله:

وفهم المساواة بين المشبّه والمشبّه به من كمال السفاهة.

أقول:

هذا الكلام يدلّ على نهاية متانة هذا الرجل وكثرة ديانته!! فقد عرفت وجود استعمال التشبيه في المساواة، في القرآن والحديث واستعمالات العلماء، فكلام الرّجل ردّ في الحقيقة على الكتاب والسنّة والعلماء، وسائر أرباب الفهم وأصحاب البلاغة

إنّ كلّ من يراجع الكتب العلميّة ككتب الصرف والنحو، والمعاني والبيان، والحكمة والمنطق، والفقه وأصوله، يجدها مليئةً بذكر التمثيلات للقواعد الكليّة بأدوات التشبيه، مثل الكاف ونحو ومثل ونحوها، فيقال مثلاً: كلّ فاعل مرفوع، نحو: قام زيد، وكلّ مفعول منصوب، كأكرمت زيداً ولا شك في أنّ المراد من

____________________

(١). المختصر في شرح التلخيص: ١٧٠.

٣٣٨

هذا التشبيه والتمثيل هو المساواة والمطابقة التامّة بين المثال والقاعدة الكليّة.

فبناءً على ما ذكره ( الدهلوي ) يكون جميع أرباب العلوم، والمصنّفون في الفنون المختلفة، حمقى سفهاء، لأنّهم يفهمون من التشبيه المساواة بين المشبّه والمشبّه به!!

وأيضاً، لا ريب في أنّ جميع العقلاء يفهمون من قول القائل: « زيد كعمرو في العلم » المساواة بينهما، فعلى ما ذكره يكون جميع العلماء سفهاء حمقى!!

إعتراف الكابلي بدلالة التشبيه على المساواة

ومن هنا ترى ( الكابلي ) يعترف - على ما هو عليه من التعصّب والعناد - بكون « المساواة » من معاني « التشبيه »، لكنّ ( الدهلوي ) يجعل فهم « المساواة » من « التشبيه » من « كمال السفاهة » وهذا نصٌّ عبارة ( الكابلي ) في جواب حديث التشبيه:

« ولأنّه ورد على سبيل التشبيه، والمشبّه لا يلزم أنْ يساوي المشبّه به، وكثيراً ما يشبَّه الأضعف بالأقوى، والأدنى بالأعلى، فيقال: ترب كالمسك، وحصى كالياقوت، ومن أراد أن ينظر إلى القمر ليلة البدر فلينظر إلى وجه سعدى، ولا يلزم أن يكون لوجه سعدى نور يساوي نور القمر. قال الشاعر:

أرى بارقاً بالأبرق الفرد يومض

ويذهب جلباب الدجى ثمّ يغمض

كأنّ سليمى من أعاليه أشرفت

تمدّ لنا كفّاً خضيباً وتقبض

فإنّه شبّه الكف الخضيب لسليمى بالبارق، وأين هذا من ذاك؟ فلو قيل: من أراد أن ينظر إلى البارق فلينظر إلى الكف الخضيب لسليمى إذا مدّته من أعالي الأكمة وقبضته، فإنّه لا يدل على مساواة كفٍّ خضيبٍ للبارق، وهو من الظهور بمحل.

٣٣٩

وقد يشبّه الأقوى بالأضعف، والأعلى بالأدنى كثيراً، نحو: در كثغر الحبيب. ومنه قوله تعالى:( مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ ) وكما يقال: البارق ككف خضيب عشيقةٍ مدّته من سطح قصرها وقبضته. والشعر يحتمله.

وقد يشبّه أحد المتساويين بالآخر، نحو: زيد في حسنه كعمرو، إذا كانا متساويين في الحسن.

فلا يوجب الخبر مساواته للأنبياء »(١) .

فإنّه ذكر مجيء التشبيه دالّاً على المساواة، واعترف بذلك بصراحةٍ، وإنْ كان قد ذكر هذا المعنى بعنوان « قد » وجعله مذكوراً في نهاية البحث وآخر أقسام التشبيه، ممّا يوحي بتعصّبه ضدّ الحق، كما لا يخفى، لما عرفت من أنّ « المساواة » معنى حقيقي « للتشبيه » للتبادر، وصحّة سلب التشبيه من غير المساوي، وإنّه قد ورد « التشبيه » لـ « المساواة » في الكتاب والسنّة وغيرهما.

وعلى كلّ حال، فإنّ ( الكابلي ) يعترف - ولو في الجملة - بمجيء « التشبيه » للدلالة على « المساواة ».

أمّا ( الدهلوي ) فقد أنكر هذا المعنى ونفاه، بالرغم من أخذه كلّ ما ذكره في هذا الموضع من ( الكابلي ) كسائر المواضع، وكأنّه يعلم أنّ هذا المقدار من الإعتراف بالحق أيضاً ينفع الإماميّة في استدلالهم بالحديث الشريف على ما ذهبوا إليه، فلا يكتفي بإنكاره، بل ينسب من يدعي إفادة « التشبيه » لـ « المساواة »، ومن يفهم « المساواة » من « التشبيه » إلى « كمال السفاهة ».

بل إنّه يجعل فهم « المساواة » من « التشبيه » من « جملة الأوهام » ويقول بأنّ « هذا الوهم يكون من الصّبيان » الصّغار لا من الصبيان المميّزين » جاء ذلك

____________________

(١). الصواقع الموبقة - مخطوط.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397