العقائد الإسلامية الجزء ٤

العقائد الإسلامية11%

العقائد الإسلامية مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 523

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 523 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 196427 / تحميل: 7991
الحجم الحجم الحجم
العقائد الإسلامية

العقائد الإسلامية الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

قال: فما فارقته حتى بايعته على الإسلام!!

رواه الطبراني في الأوسط، وفيه جماعة لم أعرفهم، وحسين الأشقر ضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان.

وعن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد، كل واحد منهما وحده، وجمعهما فقال: إذا اجتمعتما فعليكم علي، قال فخذا يميناً ويساراً، فدخل علي وأبعد، وأصاب سبياً، وأخذ جارية من السبي.

قال بريدة: وكنت من أشد الناس بغضاً لعلي، قال: فأتى رجلٌ خالد بن الوليد فذكر أنه أخذ جارية من الخمس، فقال: ما هذا؟!

ثم جاء آخر ثم جاء آخر، ثم تتابعت الأخبار على ذلك، فدعاني خالدٌ فقال:

يا بريدة، قد عرفت الذي صنع، فانطلق بكتابي هذا الى رسول الله!

فكتب اليه فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ الكتاب بشماله، وكان كما قال الله عز وجل لا يقرأ ولا يكتب، وكنت إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت رأسي فتكلمت فوقعت في علي حتى فرغت، ثم رفعت رأسي فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب غضباً لم أره غضب مثله إلا يوم قريظة والنضير!!

فنظر إليّ فقال: يا بريدة أحب علياً، فإنما يفعل ما أمر به!!!

فقمت وما من الناس أحد أحب إليّ منه.

رواه الطبراني في الأوسط، وفيه ضعفاء وثقهم ابن حبان.

وعن أبي سعيد الخدري قال: اشتكى علياً الناس، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيباً، فسمعته يقول:

أيها الناس لا تشكوا علياً، فو الله إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله.

رواه أحمد.

١٠١

وعن عمرو بن شاس الأسلمي، وكان من أصحاب الحديبية قال: خرجت مع عليعليه‌السلام الى اليمن فجفاني في سفري ذلك، حتى وجدت في نفسي عليه، فلما قدمت المدينة أظهرت شكايته في المسجد، حتى سمع بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت المسجد ذات غداة ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ في ناس من أصحابه، فلما رآني أبدى لي عينيه - يقول حدد إليّ النظر - حتى إذا جلست قال: يا عمرو والله لقد آذيتني!!!

قلت: أعوذ بالله من أذاك يا رسول الله.

قال: بلى، من آذى علياً فقد آذاني.

رواه أحمد والطبراني باختصار، والبزار أخصر منه، ورجال أحمد ثقات.

وعن أبي رافع قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً أميراً على اليمن، وخرج معه رجلٌ من أسلم يقال له عمرو بن شاس، فرجع وهو يذم علياً ويشكوه، فبعث اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

إخسأ يا عمرو!!! هل رأيت من علي جوراً في حكم، أو أثرة في قسمة؟!

قال: اللهم لا.

قال: فعلام تقول الذي بلغني؟ !!

قال: بغضه، لا أملك.

قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف ذلك في وجهه، ثم قال:

من أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله!! ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله تعالى.

رواه البزار، وفيه رجال وثقوا على ضعفهم.

وعن سعد بن أبي وقاص قال: كنت جالساً في المسجد أنا ورجلين معي، فنلنا من علي، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان يعرف في وجهه الغضب، فتعوذت بالله من غضبه فقال:

١٠٢

ما لكم وما لي؟ !!

من آذى علياً فقد آذاني!!!

رواه أبو يعلى والبزار باختصار، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح، غير محمود بن خداش وقنان، وهما ثقتان.

وعن أبي بكر بن خالد بن عرفطة، أنه أتى سعد بن مالك فقال: بلغني أنكم تعرضون على سب علي بالكوفة، فهل سببته؟!

قال: معاذ الله، والذي نفس سعد بيده لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في علي شيئاً، لو وضع المنشار على مفرقي ما سببته أبداً.

رواه أبو يعلى وإسناده حسن.

وعن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت على أم سلمة فقالت لي:

أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم؟!

قلت: معاذ الله، أو سبحان الله، أو كلمة نحوها.

قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سب علياً فقد سبني!!!

رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، غير أبي عبد الله الجدلي وهو ثقة.

وعن أبي عبد الله الجدلي قال: قالت لي أم سلمة:

يا أبا عبدالله، أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم؟!

قلت: أنى يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

قالت: أليس يسب علي ومن يحبه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه!!

رواه الطبراني في الثلاثة، وأبو يعلى، ورجال الطبراني رجال الصحيح، غير أبي عبد الله، وهو ثقة.

وروى الطبراني بعده باسناد رجاله ثقات الى أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثله.

وعن كعب بن عجرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

١٠٣

لا تسبوا علياً فإنه ممسوسٌ في ذات الله.

رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه سفيان بن بشر أو بشير، متأخرٌ ليس هو الذي روي عن أبي عبد الرحمن الجيلي، ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا، وفي بعضهم ضعف.

وعن أبي كثيرة قال: كنت جالساً عند الحسن بن علي فجاءه رجل فقال لقد سب عند معاوية علياً سبا قبيحا رجل يقال له معاوية بن خديج... الخ. انتهى.

وقد تقدم ذلك من حديث الإمام الحسنعليه‌السلام . ورواه الهيثمي هنا بروايتين، وقال:

رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما علي بن أبي طلحة مولى بني أمية، ولم أعرفه. وبقية رجاله ثقات، والآخر ضعيف... الخ.

وفي مجمع الزوائد: ٩/١٠٨:

عن بريدة قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فاستعمل علينا علياً، فلما جئنا قال: كيف رأيتم صاحبكم؟

فإما شكوته، وإما شكاه غيري، قال فرفع رأسه وكنت رجلاً مكباباً فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد احمر وجهه يقول: من كنت وليه فعلي وليه.

فقلت لا أسوؤك فيه أبداً.

رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.

وعن عمار بن ياسر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب.

من تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله عز وجل.

ومن أحبه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله تعالى.

ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد وغض الله عز وجل.

رواه الطبراني بإسنادين أحسب فيهما جماعة ضعفاء، وقد وثقوا.

وعن وهب بن حمزة قال: صحبت علياً الى مكة فرأيت منه بعض ما أكره، فقلت

١٠٤

لئن رجعت لأشكونك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدمت لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: رأيت من علي كذا وكذا.

فقال: لا تقل هذا، فهو أولى الناس بكم بعدي.

رواه الطبراني، وفيه دكين ذكره ابن أبي حاتم، ولم يضعفه أحد، وبقية رجاله وثقوا. انتهى.

وفي الصراط المستقيم للبياضي: ٢/٥٩:

وروى ابن حنبل أيضاً أن علياً أخذ في اليمن جارية فكتب خالد مع بريدة الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأعلمه فغضب وقال: يا بريدة لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه.

وأورده ابن مردويه من طرق عدة وفي بعضها أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لبريدة: إيهاً عنك، فقد أكثرت الوقوع في علي، فوالله إنك لتقع في رجل أولى الناس بكم بعدي.

وفي بعضها إنه طلب من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الاستغفار، فقال له: حتى يأتي علي، فلما أتى علي قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي: إن تستغفر له فاستغفر.

وفي بعضها أن بريدة امتنع من بيعة أبي بكر لأجل النص الذي سمعه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالولاية بعده.

وفي بعضها أن بريدة بايع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على الإسلام جديداً، ولولا أن الانكار على علي يوجب تكفيراً لم يكن لبيعة بريدة ثانياً معنى.

وهذا شيء لم يوجد لغيره من أصحابه قطعاً.

فهذه كتب القوم التي هي عندهم صادقة، بولاية عليعليه‌السلام ناطقة، إذ في جعله من بدنه مثل الرأس، دليل تقديمه على سائر الناس. انتهى.

من دلالات قصّة بريدة

أولاً: أن الفائدة العملية لهذا الميزان في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كانت اختباراً للمسلمين في قبولهم تحدي الإسلام لقريش والمشركين الذي مثله عليعليه‌السلام بصفته سيف الله تعالى، وعضد رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٠٥

كما كانت اختباراً لقبول المسلمين الحقيقي للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بقبول عترته الذين نص على أنهم امتداده في الأمة..

ولكن فائدة هذا الميزان الالَهي كانت في مرحلة ما بعد النبي أكثر منها في حياته! ولهذا ركز عليهاصلى‌الله‌عليه‌وآله في أحاديث ومناسبات عديدة!

ثانياً: هذه النصوص النبوية القوية، تجعل المسلم يتيقن بأن الله تعالى جعل حب علي بن أبي طالب ميزاناً للاسلام والكفر، ومقياساً للايمان والنفاق، وجعل ولايته فريضة مع حب الرسول وولايتهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وهو مقامٌ لم يجعله الله تعالى لأي واحد من الصحابة!!

وبذلك يتضح ضعف محاولة السنيين أن يجعلوا ولاية بعض الصحابة غير علي جزءا من الوحي الذي نزل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله في الوقت الذي ما زالوا متحيرين في العثور على صيغة فقهية تثبت شرعية خلافتهم للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله !

بل ما زالوا يبحثون عن نص صحيح يسمح لهم بإدخالهم في صيغة الصلاة على النبي ليجوز لهم القول (صلى‌الله‌عليه‌وآله وصحبه ) فيضيفون صحبه الى آله الذين أوجب الله الصلاة عليهم معه!!

ثالثاً: إن هذا المقام الرباني لعليعليه‌السلام ، وأمره المسلمين بحبه وتحريمه بغضه.. تكليفٌ موجه الى الصحابة أنفسهم، ومن بعدهم الى أجيال الأمة.. فحب علي فريضةٌ على الصحابة قبل غيرهم، وميزانٌ لإيمان الصحابي أو نفاقه قبل غيره!

وبهذه الأحاديث الصحيحة ينحسم الأمر، ولا يبقي معنى لمقايسة أحد من الصحابة بعليعليه‌السلام .

وهل يقاس الميزان بالموزون؟!

والدليل الالَهي بالمدلول عليه؟!

والمنار الرباني بمن يحتاج الى شهادة علي بأن فيه شيئاً من نور الايمان؟!

وهل يقاس الانسان الكامل بمن لا تعرف درجة إنسانيته وكماله إلا به؟!

١٠٦

فعليعليه‌السلام بنص هذه الصحاح هو: المسلم الرباني الكامل، الذي جعل الله حبه وبغضه، ورضاه وغضبه، مختبراً للامة، وجعل شخصيته قدوة للعالمين، بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

رابعاً: بعد أن أذعن جميع المسلمين بصحة هذه الأحاديث القاطعة في عليعليه‌السلام فإن قولهم بتفضيل غيره عليه، ونسبتهم ذلك الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يكون اتهاماً للنبي بالتناقض، وأنه أمر بحب علي وجعله ميزاناً، ثم ناقض نفسه وفضل التابع على المتبوع، وجعل غير علي أفضل منه، وأوصى الأمة بحبه واتباعه بدل علي!!

وهو أمر لا يرتكبه رئيس عادي، ولا أمير قبيلة حكيم، ولا رب أسرة عاقل في أولاده!!

وبعد صحة هذه الأحاديث وصراحتها في مصادر السنيين، وعلو حجتها، لا نحتاج الى روايتها من مصادرنا، إلا لتكميل صورة الموضوع، أو لبيان جوانب أخرى لم تتعرض لها النصوص السنية، من قصة هذا الصحابي المؤمن، ورواياته الأخرى لفريضة حب علي واتباعه على الأمة، وتحريم كرهه ومخالفته!

لمحة عن بريدة وأحاديثه في مصادرنا

بريدة الأسلمي صحابيٌ مميز، بشخصيته وأحاديثه.. لم يعط حقه في مصادر السنيين، لأنه أطاع النبي في علي وأهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وبريدة واحدٌ من مجموعة فرسان الصحابة، كان لهم دورٌ رياديٌ قيادي هام في حروب الردة، ثم في الفتوحات الاسلامية، ولكن جزاءهم كان طمس أدوارهم وإعطاء منجزاتهم الى أشخاص آخرين، تبنتهم السلطة القرشية ثم الأموية، لأنهم أطاعواالخلافة، ووقفوا في وجه علي وأهل البيت النبوي!!

ومن هؤلاء الأبطال الشيعة: عمار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان، والمقداد بن عمر وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وخالد بن سعيد بن العاص، وأخوه أبان،

١٠٧

وسعد بن عبادة، وابنه قيس بن سعد، وأبو أيوب الأنصاري... وآخرون يصلون الى نحو مئة صحابي، كان لهم أدوارٌ هامة في حروب الردة والفتوحات، وقد وقفوا من أول الأمر مع عليعليه‌السلام أو انضموا اليه فيما بعد، أو قاتلوا معه في حروبه، واستشهدوا بين يديه، أو ثبتوا بعد شهادته على ولائه..

وكل واحد من هؤلاء يستحق دراسة جادة، لشخصيته وأحاديثه.. فهم ظاهرةٌ يقل مثيلها في الأديان الأخرى، تمثل الوجه الآخر لما قالته الحكومات القرشية ودونته عن إجراءات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأقواله عن مستقبل الإسلام ومسيرته من بعده.. الى أن يبعث الله الإمام المهدي الموعود على لسانه بعده.

ونكتفي هنا بإيراد مقتطفات عن بريدة من مصادرنا:

قال أبو جعفر الطوسي في أماليه: ١/٢٤٩:

أبو العباس قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال: حدثنا الحسن - يعني ابن عطية قال: حدثنا سعاد، عن عبد الله بن عطاء، عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه، قال: بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علي بن أبي طالبعليه‌السلام وخالد بن الوليد كل واحد منهما وحده، وجمعهما فقال: إذا اجتمعتما فعليكم علي.

قال: فأخذنا يميناً أو يساراً.

قال: وأخذ علي فأبعد، فأصاب سبياً فأخذ جارية من الخمس.

قال بريدة: وكنت أشد الناس بغضاً لعلي وقد علم ذلك خالد بن الوليد، فأتى رجل خالداً فأخبره أنه أخذ جارية من الخمس فقال: ما هذا؟ ثم جاء آخر، ثم أتى آخر، ثم تتابعت الأخبار على ذلك، فدعاني خالد فقال: يا بريدة، قد عرفت الذي صنع، فانطلق بكتابي هذا الى رسول الله فأخبره، وكتب اليه.

فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله وأخذ الكتاب فأمسكه بشماله، وكان كما قال الله لا يكتب ولا يقرأ، وكنت رجلاً إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت وتكلمت، فوقعت في علي حتى فرغت، ثم رفعت رأسي

١٠٨

فرأيت رسول الله قد غضب غضباً شديداً لم أره غضب مثله قط إلا يوم قريظة والنضير، فنظر إليّ فقال:

يا بريدة إن علياً وليكم بعدي، فأحب علياً فإنما يفعل ما يؤمر.

قال: فقمت وما أحد من الناس أحب إليّ منه.

وقال عبد الله بن عطاء: حدثت بذلك أبا حرب بن سويد بن غفلة، فقال: كتمك عبد الله بن بريدة بعض الحديث أن رسول الله قال له: أنافقت بعدي يا بريدة؟ !!

وقال السيد شرف الدين في المراجعات/٢٢١:

وكذلك حديث بريدة ولفظه في ص ٣٥٦ من الجزء الخامس من مسند أحمد قال: بعث رسول الله بعثين الى اليمن... الخ.

ولفظه عند النسائي في/١٧ من خصائصه العلوية: لا تبغضن يا بريدة علياً، فإن علياً مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي.

ولفظه عند ابن جرير: قال بريدة: وإذا النبي قد أحمر وجهه، فقال: من كنت وليه فإن علياً وليه، قال: فذهب الذي في نفسي عليه، فقلت لا أذكره بسوء.

والطبراني قد أخرج هذا الحديث على وجه التفصيل، وقد جاء فيما رواه: أن بريدة لما قدم من اليمن، ودخل المسجد، وجد جماعة على باب حجرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقاموا اليه يسلمون عليه ويسألونه فقالوا: ما وراءك؟

قال: خير فتح الله على المسلمين.

قالوا: ما أقدمك؟

قال: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لأخبر النبي بذلك.

فقالوا: أخبره أخبره، يسقط علياً من عينه، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يسمع كلامهم من وراء الباب، فخرج مغضباً فقال:

ما بال أقوام ينتقصون علياً؟ من أبغض علياً فقد أبغضني، ومن فارق علياً فقد فارقني، إن علياً مني وأنا منه، خلق من طينتي، وأنا خلقت من طينة ابراهيم، وأنا أفضل من ابراهيم. ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم.

١٠٩

يا بريدة أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ. وأنه وليكم بعدي.

وهذا الحديث مما لا ريب في صدوره، وطرقه الى بريدة كثيرة، وهي معتبرة بأسرها، ومثله ما أخرجه الحاكم عن ابن عباس، من حديث جليل، ذكر فيه عشر خصائص لعلي فقال: وقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت ولي كل مؤمن بعدي.

ومثله ما أخرجه ابن السكن، عن وهب بن حمزة قال، كما في ترجمة وهب من الإصابة: سافرت مع علي فرأيت منه جفاء، فقلت لئن رجعت لأشكونه، فرجعت فذكرت علياً لرسول الله فنلت منه، فقال: لا تقولن هذا لعلي، فإنه وليكم بعدي...

وقال المفيد في الارشاد: ١/١٤٨:

وكان أميرالمؤمنينعليه‌السلام قد اصطفى من السبي جارية، فبعث خالد بن الوليد بريدة الأسلمي الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال له:

تقدم الجيش اليه فأعلمه بما فعل عليعليه‌السلام من اصطفائه الجارية من الخمس لنفسه، وقع فيه.

فسار بريدة حتى انتهى الى باب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلقيه عمر بن الخطاب فسأله عن حال غزوتهم وعن الذي أقدمه؟ فأخبره أنما جاء ليقع في عليعليه‌السلام ، وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس لنفسه، فقال له عمر:

إمض لما جئت له، فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي!

فدخل بريدة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه كتاب من خالد بما أرسل به بريدة، فجعل يقرأه ووجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتغير، فقال بريدة: يا رسول الله إنك إن رخصت للناس في مثل هذا ذهب فيؤهم!

فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ويحك يا بريدة أحدثت نفاقاً!!

إن علي بن أبي طالب يحل له من الفيء ما يحل لي، إن علي بن أبي طالب خير الناس لك ولقومك، وخير من أخلف بعدي لكافة أمتي.

يا بريدة! إحذر أن تبغض علياً فيبغضك الله!

١١٠

قال بريدة: فتمنيت أن الأرض انشقت لي فسخت فيها، وقلت: أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسول الله، يا رسول الله استغفر لي فلن أبغضن علياًعليه‌السلام أبداً، ولا أقول فيه إلا خيراً، فاستغفر له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي الشافي للشريف المرتضى: ٣/٢٤٣:

وروى الثقفي قال: حدثني محمد بن علي، عن عاصم بن عامر البجلي، عن نوح بن دراج، عن محمد بن اسحق، عن سفيان بن فروة، عن أبيه قال: جاء بريدة حتى ركز رايته في وسط أسلم، ثم قال: لا أبايع حتى يبايع علي، فقال عليعليه‌السلام : يا بريدة أدخل فيما دخل فيه الناس، فإن اجتماعهم أحب إليّ من اختلافهم اليوم.

وروى ابراهيم، عن يحيى بن الحسن بن الفرات، عن ميسر بن حماد، عن موسى بن عبد الله بن الحسن قال: أبت أسلم أن تبايع وقالوا: ما كنا نبايع حتى يبايع بريدة، لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لبريدة: علي وليكم من بعدي.

فقال عليعليه‌السلام : يا هؤلاء إن هؤلاء خيروني أن يظلموني حقي وأبايعهم، أو ارتدت الناس، حتى بلغت الردة أحداً، فاخترت أن أظلم حقي، وإن فعلوا ما فعلوا.

وقال في هامشه: بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث الأسلمي، صحابي أسلم هو وقومه - وكانوا ثمانين بيتاً - عند مرور رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بهم في طريقه إلى المدينة، وبقي في أرض قومه، ثم قدم المدينة بعد أحد، فشهد بقية المشاهد، وسكن البصرة أخيراً، ثم خرج غازياً الى خراسان فأقام بمرو، وأقام بها حتى مات، ودفن بها ( اُسد الغابة ١/١٧٥ ) .

وفي الاحتجاج للطبرسي: ١/٩٧:

وعن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبدالله جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام : جعلت فداك هل كان أحدٌ في أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنكر على أبي بكر فعله وجلوسه مجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

١١١

قال: نعم، كان الذي أنكر على أبي بكر اثنا عشر رجلاً. من المهاجرين: خالد بن سعيد بن العاص، وكان من بني أمية، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود، وعمار بن ياسر، وبريدة الأسلمي.

ومن الأنصار أبو الهيثم بن التيهان، وسهل، وعثمان ابنا حنيف، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، واُبيّ بن كعب، وأبو أيوب الأنصاري.

قال: فلما صعد أبو بكر المنبر تشاوروا بينهم، فقال بعضهم لبعض: والله لنأتينه ولننزلنه عن منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقال آخرون منهم: والله لئن فعلتم ذلك إذاً أعنتم على أنفسكم، فقد قال الله عزوجل: ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة، فانطلقوا بنا الى أمير المؤمنينعليه‌السلام لنستشيره ونستطلع رأيه.

فانطلق القوم الى أمير المؤمنين بأجمعهم، فقالوا يا أمير المؤمنين تركت حقاً أنت أحق به وأولى به من غيرك، لأنا سمعنا رسول الله يقول: علي مع الحق والحق مع علي يميل مع الحق كيف ما مال.

ولقد هممنا أن نصير اليه فننزله عن منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجئناك لنستشيرك ونستطلع رأيك فما تأمرنا؟

فقال أمير المؤمنين: وأيم الله لو فعلتم ذلك لما كنتم لهم إلا حرباً، ولكنكم كالملح في الزاد وكالكحل في العين، وأيم الله لو فعلتم ذلك لأتيتموني شاهرين بأسيافكم مستعدين للحرب والقتال، وإذا لأتوني فقالوا لي بايع وإلا قتلناك، فلابد لي من أدفع القوم عن نفسي، وذلك أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوعز إليّ قبل وفاته وقال لي: يا أبا الحسن إن الأمة ستغدر بك من بعدي وتنقض فيك عهدي، وإنك مني بمنزلة هارون من موسى، وإن الأمة من بعدي كهارون ومن اتبعه، والسامري ومن اتبعه!

فقلت: يا رسول الله، فما تعهد إليّ إذا كان ذلك؟

١١٢

فقال: إذا وجدت أعواناً فبادر اليهم وجاهدهم، وإن لم تجد أعواناً كف يدك واحقن دمك، حتى تلحق بي مظلوماً... الخ.

فانطلقوا بأجمعكم الى الرجل فعرفوه ما سمعتم من قول نبيكم، ليكون ذلك أوكد للحجة وأبلغ للعذر، وأبعد لهم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا وردوا عليه.

فسار القوم حتى أحدقوا بمنبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان يوم الجمعة، فلما صعد أبو بكر المنبر، فأول من تكلم به خالد بن سعيد بن العاص... قال: إتق الله يا أبا بكر فقد علمت أن رسول الله قال ونحن محتوشوه يوم بني قريظة حين فتح الله له...الخ.

ثم قام اليه بريدة الأسلمي فقال:

إنا لله وإنا اليه راجعون، ماذا لقي الحق من الباطل! يا أبا بكر أنسيت أم تناسيت وخدعت أم خدعتك نفسك أم سولت لك الأباطيل، أو لم تذكر ما أمرنا به رسول الله من تسمية علي بإمرة المؤمنين والنبي بين أظهرنا، وقوله له في عدة أوقات: هذا علي أمير المؤمنين وقاتل القاسطين؟!

إتق الله وتدارك نفسك قبل أن لا تدركها، وأنقذها مما يهلكها، واردد الأمر الى من هو أحق به منك، ولا تتماد في اغتصابه، وراجع وأنت تستطيع أن تراجع، فقد محضتك النصح، ودللتك على طريق النجاة، فلا تكونن ظهيراً للمجرمين...الخ.

وفي تأويل الآيات/٤٦٥:

ويؤيده ما ذكره في تفسير الإمام أبي محمد الحسن العسكريعليه‌السلام قال: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث جيشاً وأمر عليهم علياًعليه‌السلام ، وما بعث جيشاً قط وفيهم عليعليه‌السلام إلا جعله أميرهم، فلما غنموا رغب عليعليه‌السلام أن يشتري من جملة الغنائم جارية وجعل ثمنها من جملة الغنائم، فكايده فيها حاطب بن أبي بلتعة وبريدة الأسلمي وزايداه، فلما نظر إليهما يكايدانه ويزايدانه انتظر الى أن بلغت قيمتها قيمة عدل في يومها فأخذها بذلك.

فلما رجعا الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تواطآ على أن يقولا ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فوقف

١١٣

بريدة قدام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: يارسول الله ألم تر الى علي بن أبي طالب أخذ جارية من المغنم دون المسلمين؟ فأعرض عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجاء عن يمينه فقالها، فأعرض عنه، فجاء عن يساره فقالها، فأعرض عنه.

قال فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غضباً لم ير قبله ولا بعده غضباً مثله، وتغير لونه وتربد وانتفخت أوداجه، وارتعدت أعضاؤه، وقال:

مالك يا بريدة آذيت رسول الله منذ اليوم؟!

أما سمعت قول الله عز وجل: إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً. والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينا.

فقال بريدة: ما علمت أني قصدتك بأذى.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أو تظن يا بريدة أنه لا يؤذيني إلا من قصد ذات نفسي؟ أما علمت أن علياً مني وأنا منه، وأن من آذى علياً فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم!

وفي اختيار معرفة الرجال: ١/٣٠٨:

وبهذا الاسناد: عن أبان، عن فضيل الرسان، عن أبي داود قال: حضرته عند الموت، وجابر الجعفي عند رأسه، قال فهم أن يحدث فلم يقدر، قال ومحمد بن جابر أرسله، قال فقلت: يا أبا داود حدثنا الحديث الذي أردت.

قال: حدثني عمران بن حصين الخزاعي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر فلاناً وفلاناً أن يسلما على عليعليه‌السلام بإمره المؤمنين، فقالا: من الله ومن رسوله؟! ثم أمر حذيفة وسلمان فسلما، ثم أمر المقداد فسلم، وأمر بريدة أخي وكان أخاه لأمه.

فقال: إنكم قد سألتموني من وليكم بعدي، وقد أخبرتكم به، وقد أخذت عليكم الميثاق!!

١١٤

والزهراء والحسنانعليهما‌السلام جزءٌ من المقياس النبوي أيضاً

روى الترمذي في: ٤/٣٣١:

عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين وقال: من أحبني وأحب هذين، وأباهما، وأمهما، كان معي في درجتي يوم القيامة. هذا حديث حسن.

وروى الحاكم في المستدرك: ٣/١٦٦:

عن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله ومعه الحسن والحسين، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه، وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة، حتى انتهى إلينا، فقال له رجل: يا رسول الله إنك تحبهما؟ فقال: نعم، من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني. ورواه أحمد في مسنده: ٢/٥٣١، وأبو يعلى في مسنده: ٥/٤٤٩ وقد صححه الحاكم والذهبي.

وفي الطبراني في الكبير: ٣/٤٧:

عن أبي هريرة عن النبي ( ص ) قال: من أحب الحسن والحسين، فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني. انتهى.

ورواه ابن ماجة: ١/٥١ في باب: فضل الحسن والحسين.

وفي الطبراني الكبير: ٣/٥٠:

عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين: من أحبهما أحببته، ومن أحببته أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله جنات النعيم، ومن أبغضهما أو بغى عليهما أبغضته، ومن أبغضته أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله عذاب جهنم، وله عذاب مقيم!

ونحوه في: ٦/٢٤١، وفي مستدرك الحاكم في: ٣/١٦٦، وفردوس الأخبار: ٤/٣٣٦، وتاريخ بغداد: ١٣/٣٢

١١٥

وفي سنن ابن ماجة: ٢/١٣٦٦:

عن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتيةٌ من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلما رأهم النبي صلى الله عليه وسلم اغرورقت عيناه وتغير لونه! قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟!

فقال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريداً وتطريداً! حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود، فيسألون الخير، فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه، حتى يدفعوها الى رجل من أهل بيتي فيلمؤها قسطاً كما ملؤوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبواً على الثلج.

ورواه ابن أبي شيبة: ١٥/٢٣٥

والبيهقي في الدلائل: ٦/٥١٥

والحاكم في المستدرك: ٤/٤٦٤

والطبراني في الكبير: ١٠/١٠٤ و١٠٨

ونحوه في فردوس الأخبار: ٥/٤٩٩

والدولابي في الكنى: ٢/٢٦

وابن أبي عاصم في السنة: ٢/٦١٩

وفي الطبراني في الكبير: ٤/١٩٢، ومجمع الزوائد: ٩/١٩٤:

عن عمارة بن يحيى قال: كنا عند أبي ( خالد بن عرفطة ) يوم قتل الحسين بن علي فقال لنا خالد: هذا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنكم ستبتلون في أهل بيتي من بعدي.

وفي الطبراني الكبير: ٢٥/٢٣:

في حديث أم الفضل قالت: بينا أنا قاعدة عند رأس رسول الله ( ص ) وهو مريض، فبكيت فقال: ما يبكيك؟

١١٦

فقلت: أخشى عليك، فلا ندري ما نلقى بعدك من الناس؟

قال: أنتم المستضعفون بعدي!!

ورواه أحمد: ٦/٣٣٩، ومجمع الزوائد: ٩/٣٤

وقال الفخر الرازي في تفسيره : ٢٥/٣٥:

وثبت بالنقل المتواتر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب علياً والحسن والحسين، وإذا كان ذلك، وجب علينا محبتهم، لقوله فاتبعوه.

وكفى شرفاً لآل رسول الله ( ص ) فخراً ختم التشهد بذكرهم والصلاة عليهم في كل صلاة. انتهى.

**

وكل ( أهل البيت ) جزء من المقياس النبوي

في سنن الترمذي: ٤/٣٤٤:

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بيتي بحبي.

وقال العزيزي في السراج المنير: ١/٥٧: هذا حديثٌ صحيح من طريق ابن عباس، وأخرجه الحاكم والترمذي. انتهى.

ورواه الطبراني في الكبير: ٣/٤٦ و١٠ /٢٨١

والحاكم في المستدرك: ٣/١٥٠

والخطيب في تاريخ بغداد: ٤ /١٦٠

وأحمد في فضائل الصحابة: ٢/٩٨٦

وفي الطبراني الأوسط: ٣/٢٠٣:

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه قال قال رسول الله ( ص ): لا يؤمن عبدٌ حتى أكون أحب اليه من نفسه، وأهلي أحب اليه من أهله، وعترتي أحب اليه من عترته، وذاتي أحب اليه من ذاته. انتهى.

١١٧

فقال رجلٌ من القوم: يا أبا عبد الرحمن: ما تزال تجيء بالحديث يحيي الله به القلوب! انتهى.

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد: ١/٢٦٤

وفي الطبراني الكبير: ٣/٣٩:

عن سلمان الفارسي قال: أنزلوا آل محمد صلى الله عليه وسلم بمنزلة الرأس من الجسد، وبمنزلة العين من الرأس، فإن الجسد لا يهتدي إلا بالرأس، وإن الرأس لا يهتدي إلا بالعينين.

ورواه الهيثمي: ٩/١٧٢

وفي سنن الترمذي: ٤/٣٣٧:

أن العباس بن عبد المطلب دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضباً وأنا عنده فقال: ما أغضبك؟

قال: يارسول الله ما لنا ولقريش! إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة، وإذا لقونا بغير ذلك!!

قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه ثم قال: والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الايمان حتى يحبكم لله ولرسوله. هذا حديث حسن صحيح.

ورواه الطبراني في الكبير: ١١/٤٣٣ والخطيب: ٥/٣١٧ ورواه أحمد في مسنده: ١/٢٠٧

وروى نحوه في: ٤/١٦٥، بعدة روايات، منها:

عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب قال: أتى ناسٌ من الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا لنسمع من قومك حتى يقول القائل منهم: إنما مثل محمد مثل نخلة نبتت في كباء! قال حسين الكباء الكناسة!

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس من أنا؟

قالوا: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

١١٨

قال أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب - قال فما سمعناه قط ينتمي قبلها - ألا إن الله عز وجل خلق خلقه فجعلني من خير خلقه، ثم فرقهم فرقتين فجعلني من خير الفرقتين، ثم جعلهم قبائل فجعلني من خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتاً فجعلني من خيرهم بيتاً، وأنا خيركم بيتاً وخيركم نفساً!!

وروى نحوه ابن ماجة: ١/٥٠، وقال بعده: في الزوائد: رجال إسناده ثقات. إلا أنه قيل: رواية محمد بن كعب عن العباس مرسلة.

ونحوه في الترمذي: ٥/٣١٧، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

ورواه الحاكم في مستدرك: ٣/٣٣٣ وص ٥٦٨ و٤/٧٥، بعدة روايات.

والهيثمي في مجمع الزوائد: ١/٨٨، بعدة روايات.

والخطيب في تاريخ بغداد: ٥/٣١٧

وكنز العمال: ١١/٧٠٠ ( حم، ت، ك - عن عبدالمطلب بن ربيعة، ك - عن العباس ) وفي: ١٢/٤١ ( طس، ك عن عبدالله بن جعفر ) ( ط، ص عن عبدالله بن جعفر ) ( خط، كر، عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة، وقال الخطيب: غريب والمحفوظ عن أبي الضحى عن ابن عباس، وقال: ورواه جماعة عن أبي الضحى مرسلاً ).

وفي ص ٩٧: ( هـ عن العباس بن عبد المطلب ) ( حم، ت عن علي ). انتهى.

وفي الترمذي: ٤/٢٩٢:

عن المطلب بن أبي وداعة، قال: جاء العباس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنه سمع شيئاً فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال: من أنا؟

فقالوا: أنت رسول الله عليك السلام.

قال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب: إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً وخيرهم نفساً. هذا حديث حسن.

وقال العزيزي في السراج المنير: ١/٣٦٤: هذا حديث صحيح.

١١٩

وروى الحاكم: ٣/٣١١، وصححه على شرط مسلم قال:

عن أبي هريرة: خيركم خيركم لأهلي من بعدي.

ورواه الديلمي: ٢/١٧٠، والهيثمي: ٩/١٧٤، عن أبي يعلى، وقال: رجاله ثقات.

وفي الصواعق المحرقة/١٧٦:

أخرج الديلمي...: من أراد التوسل إليّ، وأن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة، فليصل أهل بيتي.

وويلٌ لمبغضيهم

في فردوس الأخبار: ٣/٥٠٨:

عن النبي ( ص ) أنه قال: من مات وفي قلبه بغض علي بن أبي طالب، فليمت يهودياً أو نصرانياً!!

وفي فردوس الأخبار: ٢/٨٥:

عن جابر بن عبد الله عن النبي ( ص ): ثلاثٌ من كن فيه فليس مني ولا أنا منه: بغض علي، ونصب أهل بيتي، ومن قال الايمان كلام.

وفي الطبراني الكبير: ١١/١٤٦:

عن ابن عباس قوله: أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله. قال ابن عباس: نحن الناس دون الناس.

عن عطاء بن أبي رباح، عن عبدالله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بغض بني هاشم والأنصار كفر، وبغض العرب نفاق.

ورواه في مجمع الزوائد: ٩/١٧٢

وفي تاريخ بغداد: ٣/٢٩٠:

عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رجل من أمتي يبغض عترتي، لا تناله شفاعتي.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

في الآيات القرآنية والأحكام الشرعية.

1 - آفات أهل الحديث:

قال ابن الجوزي: «إنّ اشتغالهم بشواذّ الحديث شغلهم عن القرآن إن عبدالله بن عمر بن أبان مشكدانة قرأ عليهم في التفسير: (ويعوق وبشراً) فقيل له: (ونسراً) فقال: هي منقوطة من فوق فقيل له: النقط غلط. قال: فارجع إلى الأصل.

قال الدار قطني: سمعت أحمد بن عبيدالله المنادي يقول: كنّا في دهليز عثمان ابن أبي شبية فخرج إلينا فقال:( ن والقلم ) في أيّ سورة هو؟

قال: وأمّا بيان إعراضهم عن الفقه شغلاً بشواذّ الأحاديث، فقد رويت عنهم عجائب وقفت امرأة على مجلس في يحيى بن معين وأبو خيثمة وخلف ابن سالم في جماعة يتذاكرون الحديث، فسمعتهم يقولون: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورواه فلان، وما حدّث به غير فلان، فسألتهم المرأة عن الحائض تغسل الموتى - وكانت غاسلة -؟ فلم يجبها أحد منهم، وجعل بعضهم ينظر إلى بعض، فأقبل أبو ثور فقالوا لها: عليك بالمقبل، فالتفتت إليه فسألته فقال: نعم تغسل الميت بحديث عائشة: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لها: حيضك ليست في يدك، ولقولها: كنت أفرق رأس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالماء وأنا خائض، قال أبو ثور: فإذا فرقت رأس الحيّ فالميّت أولى به، فقالوا: نعم، رواه فلان وحدّثنا فلان؛ وخاضوا في الطرق، فقالت المرأة: فأين

٣٢١

كنتم إلى الآن؟!»(1) .

قال: «وقد كان فيهم مع كثرة سماه وجمعه للحديث من يرويه ولا يدري ما معناه، وفيهم من يصحّفه ويغيره أخبرنا الدرا قطني: أنّ أبا موسى محمد بن المثنّى العنزي قال لهم يوماً: نحن قوم لنا شرف، نحن من عنزة قد صلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلينا، لما روي أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صلى الى عنزة، توهّم أنّه صلى إلى قبلتهم، وإنّما العنزة التي صلى إليها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هي حربة»(2) .

قال: «وقد كان أكثر المحدّثين يعرفون صحيح الحديث من سقيمه وثقات النقلة من مجروحيهم ثم يعابون لقلّة الفقه، فكان الفقهاء يقولون للمحدّثين: نحن الأطبّاء وأنتم الصيادلة ...»(3) .

قال: «والآن فالغالب على المحدّثين السماع فحسب، لا يعرفون صحابياً من تابعي، ولا حديثاً مقطوعاً من موصول، ولا صحّة إسناد من بطلانه، وفرض مثل هؤلاء القبول ممّن يعلم ما جهلوه ...»(4) .

وبالجملة فإنّ هذا حال أهل الحديث إلاّ القليل منهم الّذين نظروا في الأحاديث وبحثوا عن أحوالها على أساس النظر في المفاد والمدلول، فجاء عنهم الطعن والقدح في أحاديث كثيرة حتى من الصحيحين لأنّ الحديث إذا عارض الكتاب أو خالف الضرورة من الدين أو العقل أو التاريخ يكذّب وإن صحّ سنده وقد أشرنا إلى هذه

__________________

(1) آفة أصحاب الحديث - بتحقيق وتقديم وتعليق علي الحسيني الميلاني -: 44.

(2) المصدر نفسه: 46.

(3) المصدر نفسه: 49.

(4) المصدر نفسه: 49.

٣٢٢

القاعدة المقرّرة من قبل ..

2 - إنّه قد اختلف القوم في أسباب الجرح والتعديل

إنّه قد اختلف القوم في أسباب الجرح والتعديل اختلافاً فاحشاً، فرُبّ راو هو موثوق به عند البخاري ومجروح عند مسلم كعكرمة مولى ابن عبّاس، أو موثوق عندهما ومجروح عند غيرهما كما ذكرنا

ويتلخّص أنّ في أحاديث الصحيحين ما هو مطعون من جهة السند، وما هو مطعون فيه من جهة دلالته على معنى تخالفه الضرورة من النقل أو العقل: وما هو مطعون فيه من الجهتين وإليك نماذج من هذه الأنواع:

من الأحاديث الموضوعة والباطلة في الصحيحين

1 - أخرج البخاري في كتاب الطبّ بسنده عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في كسب المعلّمين: «إن أحق ما اخذ عليه الأجر كتاب الله»(1) .

وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، حيث رواه بسنده عن ابن أبي مليكة عن عائشة، وطعن في سنده ثم قال: «والحديث منكر»(2) .

2 - أخرج البخاري في كتاب التفسير عن ابن عباس قال: «قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكّة: والنجم فلمّا بلغ:( أفرأيتم

__________________

(1) صحيح البخاري 7: 170.

(2) الموضوعات 1: 229.

٣٢٣

اللات والعزّى ومناة الثالثة الاخرى ) ألقى الشيطان في امنيّته ...»(1) .

قال الرازي: «أمّا أهل التحقيق فقد قالوا: هذا الرواية باطلة موضوعة وبيّن بطلانها.

وحكي عن محمد بن إسحاق بن خزيمة أنّه سئل عن هذه القصّة فقال: إنّها من وضع الزنادقة.

وقال الإمام أبوبكر البيهقي: هذه القصّة غير ثابتة من جهة النقل»(2) .

وقال القاضي عياض المالكي: «قد قامت الحجّة وأجمعت الامّة على عصمتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونزاهته عن مثل هذه الرذيلة النقيصة ...»(3) .

3 - قال ابن حزم في (المحلى): «ومن طريق البخاري، قال: هشام بن عمار، نا صدقة بن خالد، نا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، نا عطيّة بن قيس الكابلي، نا عبدالرحمن بن غنم الأشعري، حدّثني أبو عامر وأبو مالك الأشعري - والله ما كذبني - أنّه سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: ليكوننّ من أمّتي قوم يستحلّون الخزّ والخنزير والخمر والمعازف.

وهذا منقطع لم يتّصل ما بين البخاري وصدقة بن خالد، ولا يصحّ في هذا الباب شيء أبداً، وكلّ ما في موضوع».

4 - أخرج البخاري بسنده عن عروة: «إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خطب عائشة بنت أبي بكر، فقال له أبو بكر: إنّما أنا أخوك،

__________________

(1) لاحظ: إرشاد الساري 7: 242 - 243، الدر المنثور 4: 366.

(2) تفسير الرازي 23: 50.

(3) الشفاء 2: 118.

٣٢٤

فقال: أنت أخي في دين الله وكتابه، وهي لي حلال»(1) .

قال ابن حجر: «قال مغطاي: في صحّة هذا الحديث نظر، لأنّ الخلّة لأبي بكر إنّما كانت بالمدينة، وخطبة عائشة كانت بمكّة، فكيف يلتئم قول: إنّما أنا أخوك؟! أيضاً فالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما باشر الخطبة بنفسه ...»(2) .

5 - أخرج البخاري في كتاب التفسير بسنده عن أبي هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: «يلقى إبراهيم أباه فيقول: يا ربّ إنّك وعدتني ألاّ تخزني يوم يبعثون: فيقول الله: إنّي حرّمت الجنّة على الكافرين»(3) .

قال ابن حجر: «وقد استشكل الإسماعيلي هذا الحديث من أصله وطعن في صحّته، فقال بعد أن أخرجه: هذا خبر في صحّته نظر من جهة أنّ إبراهيم عالم أنّ الله لا يخلف الميعاد، فكيف يجعل ما صار لأبيه خزياً له مع علمه بذلك؟! وقال غيره: هذا الحديث مخالف لظاهر قوله تعالى:( وما كان استغفار .. ) »(4) .

6 - أخرج البخاري في كتاب الصلح بسنده عن أنس، قال: «قيل للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لو أتيت عبدالله بن اُبيّ، فانطلق إليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وركب حماراً، فانطلق المسلمون يمشون وهي أرض سبخة، فلمّا أتاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إليك عنّي، والله لقد آذاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار منهم: والله

__________________

(1) صحيح البخاري 7: 6.

(2) فتح الباري 11: 26.

(3) صحيح البخاري 6: 139.

(4) فتح الباري 8: 46.

٣٢٥

لحمار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أطيب ريحاً منك، فغضب لعبدالله رجل من قومه فشتمه فغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكا بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال، فبلغنا أنّها نزلت:( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ) قال أبو عبدالله: هذا ممّا انتخبت من مسدّد قبل أن يجلس ويحدّث»(1) .

قال الزركشي: «فبلغنا أنّها نزلت:( وإن طائفتان ) قال ابن بطّال: يستحيل نزولها في قصّة عبدالله بن أبيّ والصحابة، لأنّ أصحاب عبدالله ليسوا بمؤمنين وقد تعصّبوا بعد الإسلام في قصّة فدك، وقد رواه البخاري فدلّ على أنّ الآية لم تنزل فيه، وإنّما نزلت في قوم من الأوس والخزرج اختلفوا في حقّ فاقتتلوا بالعصي والنعال»(2) .

7 - أخرج البخاري في كتاب التفسير بسنده عن ابن عمر قال: «لمّا توفّي عبدالله بن اُبيّ، جاء ابنه عبدالله بن عبدالله إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله أن يعطيه قميصه يكفّن فيه أباه فأعطاه، ثم سأله أن يصلّي عليه، فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليصلّي عليه، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله فقال: يا رسول الله، تصلّي عليه وقد نهاك ربّك أن تصلّي عليه؟! فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّما أخبرني الله فقال:( إستغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرّة ) وسأزيده على السبعين. قال: إنّه منافق! قال: فصلّى عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأنزل الله:( ولا تصلّ على أحد منهم مات

__________________

(1) صحيح البخاري 3: 239.

(2) التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح، عنه في خلاصة عبقات الأنوار 6 / 208.

٣٢٦

أبداً ولا تقم على قبره ) »(1) .

طعن فيه:

أبو بكر الباقلاني.

أبو حامد الغزّالي.

الإمام الداودي.

قال ابن حجر: «استشكل فهم التخيير من الآية، حتى أقدم جماعة من الأكابر على الطعن في صحّة الحديث، مع كثرة طرقه واتّفاق الشيخين وسائر الّذين خرّجوا الصحيح على تصحيحه ...» ثم ذكر كلمات القوم ثم قال: «والسبب في إنكارهم صحّته ما تقرّر عندهم ممّا قدّمناه، وهو الذي فهمه عمر من حمل (أو) على التسوية لما يقتضيه سياق القصّة، وحمل السبعين على المبالغة ...»(2) .

8 - أخرج البخاري بسنده عن مسروق، قال: «أتيت ابن مسعود فقال: إنّ قريشاً أبطؤا عن الإسلام، فدعا عليهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيما وأكلوا الميتة والعظام، فجاءه أبو سفيان فقال: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحمن إنّ قومك هلكوا

زاد أسباط عن منصور: دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسقوا الغيث ...»(3) .

وطعن فيه:

__________________

(1) صحيح البخاري 6: 85 و 2: 121.

(2) فتح الباري 8 / 271.

(3) صحيح البخاري 2 / 37.

٣٢٧

إبن حجر العسقلاني.

العيني، صاحب (عمدة القاري).

الإمام الداودي.

أبو عبدالملك.

الحافظ الدمياطي.

الكرماني، صاحب (الكواكب الدراري).

قال العيني: «واعترض على البخاري زيادة أسباط هذا، فقال الداودي: أدخل قصّة المدينة في قصّة قريش وهو غلط. وقال أبو عبدالملك: الذي زاده أسباط وهم واختلاط وكذا قال الحافظ شرف الدين الدمياطي.

والعجب من البخاري كيف أورد هذا ومكان مخالفاً لما رواه الثقات!!

__________________

(1) فتح الباري 8: 271.

(2) صحيح البخاري 2: 37.

٣٢٨

وهذا من المواضع التي اعترف فيها ابن حجر بنكارة الحديث ولم يتمكّن من الدفاع عنه

9 - أخرج البخاري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: «تكثير لكم الأحاديث من بعدي فإذا روي لكم حديث فأعرضوه على كتاب الله تعالى ...».

قال يحيى بن معين: «إنّه حديث وضعته الزنادقة».

وقال التفتازاني: «طعن فيه المحدّثون».

قال: «وقد طعن فيه المحدّثون بأنّ في رواته يزيد بن ربيعة وهو مجهول، وترك في إسناده واسطة بين الأشعت وثوبان فيكون منقطعاً. وذكر يحيى بن معين أنّه حديث وضعته الزنادقة، وإيراد البخاري إيّاه في صحيحه لا ينافي الإنقطاع أو كون أحد رواته غير معروف بالرواية»(1) .

10 - أخرج البخاري بسنده عن ابن عمر: «كنّا في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا نفاضل بينهم»(2) .

قال ابن عبدالبّر: «هو الذي أنكر ابن معين وتكلّم فيه بكلام غليظ، لأنّ القائل بذلك قد قال بخلاف ما أجمع عليه أهل السنّة من السلف والخلف من أهل الفقه والآثر: أنّ عليّاً أفضل الناس بعد عثمان، وهذا ممّا لم يختلفوا فيه، وإنّما اختلفوا في تفضيل علي وعثمان. واختلف السلف أيضاً في تفضيل علي وأبي بكر.

وفي إجماع الجميع الذي وصفنا دليل على أنّ حديث ابن عمر

__________________

(1) التلويح في اصول الفقه 2: 397.

(2) صحيح البخاري 5: 18.

٣٢٩

وهم وغلط وأنّه لا يصحّ معناه وإن كان إسناده صحيحاً ...»(1) .

11 - أخرج الشيخان عن شريك بن عبدالله عن أنس بن مالك قصّة إسراء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ليلة اسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من مسجد الكعبة أنّه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم ...»(2) .

طعن فيه النووي فقال: «وذلك قبل أن يوحى إيه، وهو غلط لم يوافق عليه، فإن الإسراء أقلّ ما قيل فيه: أنّه كان بعد مبعثه بخمسة عشر شهراً ...»(3) .

والكرماني فقال: «قال النووي: جاء في رواية شريك أوهام أنكرها العلماء، من جملتها أنّه قال: ذلك قبل أن يوحى إليه. وهو غلط لم يوافق عليه، وأيضاً: العلماء أجمعوا على أنّ فرض الصلاة كان ليلة الإسراء فكيف يكون قبل الوحي؟!

أقول: وقول جبرئيل جواب بوّاب السماء إذ قال: أبعث؟ نعم، صريح في أنّه كان بعده»(4) .

وابن القيّم وعبارته: «قد غلّط الحفّاظ شريكاً في ألفاظ من حديث الإسراء، ومسلم أورد المسند منه ثم قال: فقدّم وأخّر وزاد ونقص، ولم يسرد الحديث وأجاد»(5) .

12 - أخرج البخاري بسنده: «عن عمرو بن ميمون، قال: رأيت

__________________

(1) الاستيعاب 2: 1115.

(2) صحيح البخاري 9: 182، صحيح مسلم 1: 102.

(3) المنهاج في شرح مسلم 2: 65.

(4) الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري 25: 204.

(5) زاد المعاد في هدي خير العباد 2: 49.

٣٣٠

في الجاهلية قردة اجتمع عليه قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم»(1) .

طعن فيه:

الحافظ الحميدي.

وابن عبدالبّر.

قال ابن حجر: «استنكر ابن عبد البرّ قصّة عمرو بن ميمون هذه وقال: فيها إضافة الزنا إلى غير مكلّف، وإقامة الحدّ على البهائم، وهذا منكر عنه أهل العلم وأغرب الحميدي في الجمع بين الصحيحين فزعم أنّ هذا الحديث وقع في بعض نسخ البخاري، وأنّ أبا مسعود وحده ذكره في الأطراف، قال: وليس في نسخ البخاري أصلاً، فلعلّه من الأحاديث المقحمة في كتاب البخاري ...»(2) .

13 و14 و15 - أخرج البخاري ثلاثة أحاديث عن عطاء عن ابن عبّاس، اثنان منها في كتاب الطلاق، والآخر في كتاب التفسير(3) .

وقد طعن الأئمّة في هذه الأحاديث. وأذعن أبن حجر بخطأ البخاري في إخراجها، وهذا نصّ كلامه: «تعقّبه أبو مسعود الدمشقي فقال: ثبت هذا الحديث والذي قبله - يعني بهذا الإسناد سوى الحديث المتقدّم في التفسير - في تفسير ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عبّاس، وابن جريج لم يسمع التفسير من عطاء الخراساني، وإنّما أخذ الكتاب من ابنه عثمان ونظر فيه. قال أبو علي: وهذا تنبيه بليغ من أبي مسعود ...».

__________________

(1) صحيح البخاري 5: 56.

(2) فتح الباري 7: 127.

(3) صحيح البخاري 7: 62 - 63 و 6: 199.

٣٣١

قال ابن حجر: «وهذا عندي من المواضع العقيمة عن الجواب السديد، ولابدّ للجواد من كبوة، والله المستعان. وما ذكره أبو مسعود من التعقّب قد سبقه إليه الإسماعيلي، ذكر ذلك الحميدي في الجمع عن البرقاني عنه، قال: وحكاه عن علي بن المديني، يشير إلى القصّة التي ساقها الغسّاني، والله الموفق»(1) .

16 - أخرج البخاري في كتاب المغازي بسنده عن مسروق بن الأجدع قال: «حدّثتني أمّ رومان - وهي امّ عائشة - ...»(2) .

وقد غلّط كبار الأئمّة هذا الحديث من جهة أنّ مسروقاً لم يدرك أمّ رومان ومنهم:

الخطيب البغدادي(3) .

ابن عبدالبرّ القرطبي(4) .

القاضي عياض في مشارق الأنوار(5) .

إبراهيم بن يوسف، صاحب مطالع الأنوار(6) .

أبو القاسم السهيلي شارح السيرة(7) .

ابن سيّد الناس صاحب السيرة(8) .

____________

(1) هدى الساري - مقدمة فتح الباري 2: 135.

(2) صحيح البخاري 5: 154.

(3) انظر: فتح الباري 7: 353.

(4) الاستيعاب 4: 1937.

(5) انظر: فتح الباري 7: 353.

(6) انظر: فتح الباري 7: 353.

(7) الروض الآنف 6: 440.

(8) عيون الأثر 2: 101.

٣٣٢

الحافظ المزّي(1) .

الحافظ شمس الدين الذهبي(2) .

الحافظ صلاح الدين العلائي(3) .

17 - أخرج البخاري في كتاب المغازي بسنده عن علي: «إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية»(4) .

وأخرجه مسلم بأسانيد متعدّدة(5) .

وقد غلّط هذا الحديث جماعة منهم:

الحافظ أبو بكر البيهقي.

الحافظ إبن عبدالبّر.

الحافظ أبو القاسم السهيلي.

الحافظ إبن قيّم الجوزية.

العلاّمة العيني.

شهاب الدين القسطلاني

قال السهيلي: «هذا شيء لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر أنّ المتعة حرّمت يوم خيبر ...»(6) .

وقال ابن القيّم: «لم تحّرم المتعة يوم خيبر وإنّما كان تحريمها عام

__________________

(1) تهذيب الكمال - مخطوط -.

(2) اُنظر: فتح الباري 7: 353.

(3) اُنظر: فتح الباري 7: 353.

(4) صحيح البخاري 5: 172، وانظر 123 و 9: 31.

(5) صحيح مسلم: 4: 134 - 135.

(6) الروض الانف 6: 557.

٣٣٣

الفتح، هذا هو الصواب. وقد ظنّ طائفة من أهل العلم أنّه حرّمها يوم خيبر، واحتجّوا بما في الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ...»(1) .

وقال العيني: «قال ابن عبد البرّ: وذكر النهي عن المتععة يوم خيبر غلط. وقال السهيلي ...»(2) .

وقال القسطلاني: «قال ابن عبدالبرّ: إنّ ذكر النهي يوم خيبر غلط، وقال البيهقي: لا يعرفه أحد من أهل السير»(3) .

18 - أخرج البخاري:» عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله: لم يكذب إبراهيم إلاّ ثلاثاً

عن أبي هريرة: لم يكذب إبراهيم إلاّ ثلاث كذبات، ثنتين منهنّ في ذات الله عزّو جلّ: إنّي سقيم. وقوله: بل فعله كبيرهم هذا.

وقال: بينا هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبّار من الجبابرة فقيل له: إنّ هاهنا رجلاً معه امرأة م أحسن الناس، فأرسل إيه فسأله عنها، فقال: من هذه؟ قال: اختي ...»(4) .

وأخرجه مسلم(5) .

وهذا الحديث كذّبه الفخر الرازي في تفسيره وقال: بأنّ نسبة الكذب إلى الراوي أولى من نسبته إلى الخليلعليه‌السلام (6) .

__________________

(1) زاد المعاد 2: 142 و 183 و 4: 6.

(2) عمدة القاري 17: 246 - 247.

(3) إرشاد الساري 6: 536 و 8: 41.

(4) صحيح البخاري 4: 171.

(5) صحيح مسلم 7: 98.

(6) تفسير الرازي 22: 185 و 26: 148.

٣٣٤

19 - أخرج مسلم عن عكرمة بن عمّار، عن أبي زميل، عن ابن عبّاس، قال: «كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه، فقال: يا نبي الله ثلاث أعطنيهنّ، قال: نعم، قال: أحسن العرب وأجملهم أمّ حبيبة ازوّجكها، قال: نعم، قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك، قال: نعم، قال: وتؤمّرني أن اقاتل الكفّار كما كنت اقاتل المسلمين، قال: نعم ...»(1) .

وقد طعن فيه جماعة سنداً ومتناً منهم:

الذهبي في ترجمة عكرمة بن عمّار(2) .

الحافظ إبن حزم.

الحافظ النووي.

الحافظ إبن القيّم.

الحافظ إبن الجوزي.

قال إبن القيّم في (زاد المعاد): «إنّ حديث عكرمة في الثلاث التي طلبها أبو سفيان من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله غلط ظاهر لا خفاء به. قال أبو محمد ابن حزم: هو موضوع بلا شك، كذبه عكرمة بن عمّار. قال ابن الجوزي: هذا الحديث وهم من بعض الرواة لا شكّ فيه ولا تردّد.

وقد اتّهموا به عكرمة بن عمّار، لأنّ أهل التواريخ أجمعوا على أنّ أمّ حبيبة كانت تحت عبيدالله بن جحش، ولدت له وهاجر بها إلى أرض الحبشة، ثم تنصّر وثبتت أمّ حبيبة على إسلامها، فبعث رسول الله

__________________

(1) صحيح مسلم 7: 171.

(2) ميزان الإعتدال 3: 90.

٣٣٥

صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى النجاشي يخطبها فزوّجه إيّاها وأصدقها عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى النجاشي يخطبها فزوّجه إيّاها وأصدقها عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صداقاً، وذلك في سنة سبع من الهجرة. وجاء أبو سفيان في زمن الهدنة ودخل عليها فثنت فراش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى لا يجلس عليه. ولا خلاف في أنّ أبا سفيان ومعاوية أسلما في فتح مكّة سنة ثمان.

وأيضاً: في الحديث أنّه قال: وتؤمّرني حتى أقتل الكفّار كما كانت اقاتل المسلمين فقال: نعم، ولا يعرف أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمّر أبا سفيان ألبتّة».

وقال النووي: «إعلم أنّ هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بالإشكال ...»(1) .

20 - أخرج مسلم حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد ضعّفه الطحاوي وغيره كما قد تقدّم في عبارة عبدالقادر القرشي.

خلاصة البحث

هذا بعض الكلام حول الصحيحين وأخبارهما على ضوء كلمات الأعلام وقد رأيت في الكتابين رجالاً كاذبين وأحاديث موضوعة وباطلة

وأحاديث نقصان القرآن من القبيل فلا يهولنّك الطعن فيها بعد ثبوت مخالفتها للإجماع والضرورة ومحكم التنزيل والله هو الهادي إلى سواء السبيل

__________________

(1) شرح صحيح مسلم - هامش إرشاد الساري 11: 360.

٣٣٦

الكلام حول الصحابة

إنّ المشهور بين أهل السنّة «عدالة الصحابة» أجمعين قال أبو إبراهيم المزني في معنى حديث أصحابي كالنجوم: «إن صحّ هذا الخبر فمعناه فيما نقلوا عنه وشهدوا به عليه، فكلّهم ثقة مؤتمن على ما جاء به، لا يجوز عندي غير هذا»(1) .

وقال ابن حزم: «الصحابة كلّهم من أهل الجنّة قطعاً»(2) وقال الخطيب: «عدالة الصحابة ثابتة معلومة»(3) وقال النووي في التقريب: «الصحابة كلّهم عدول من لابس الفتنة وغيرهم».

بل ادّعى بعضهم الإجماع على هذا المعنى صريحاً كابن حجر العسقلاني(4) وابن عبد البرّ القرطبي(5) .

1 - الصحابة عدالةً:

لكنّ دعوى الإجماع باطلة والمشهور لا أصل له

أمّا دعوى الإجماع فيكذّبها نسبة هذا القول إلى الأكقر في كلام جماعة من الأئمة قال ابن الحاجب: «الأكثر على عدالة الصحابة، وقيل: كغيرهم، وقيل: إلى حين الفتن فلا يقبل الداخلون، لأنّ الفاسق

__________________

(1) انظر: جامع بيان العلم 2: 8 - 90.

(2) انظر: الإصابة 1: 19.

(3) انظر: الإصابة 1: 17 - 18.

(4) الإصابة 1: 17 - 18.

(5) الاستيعاب 1: 8.

٣٣٧

غير معيّن، وقالت المعتزلة: عدول إلاّ من قاتل عليّاً ...»(1) .

وقال الغزّالي: «الذي عليه سلف الامّة وجماهير الخلف أنّ عدالتهم معلومة بتعديل الله عزّو جلّ أيّاهم وثنائه عليهم في كتابه، فهو معتقدنا فيه إلاّ أن يثبت بطريق قاطع ارتكاب واحد لفسق مع علمه به، وذلك ممّا لا يثبت، فلا حاجة لهم إلى التعديل وقد زعم قوم أنّ حالهم كحال غيرهم في لزوم البحث، وقال قوم: حالهم العدالة في بدائة الأمر إلى ظهور الحرب والخصومات، ثم تغيّر الحال وسفكت الدماء فلابدّ من البحث، وقال جماهير المعتزلة: عائشة وطلحة والزبير وجميع أهل العراق والشام فسّاق بقتال الإمام الحقّ ...»(2) .

وكذا في (جمع الجوامع) وشرحه حيث قال: «والأكثر على عدالة الصحابة لا يبحث عنها في رواية ولا شهادة ...» ثم نقل الأقوال الاخرى(3) .

وفي (مسلم الثبوت) وشرحه: «الأكثر قالوا: الأصل في الصحابة العدالة، وقيل ...»(4) .

بل صرّح جماعة من أكابر القوم من المتقدّمين والمتأخرين كالسعد التفتازاني(5) ، والمازري - شارح البرهان -(6) ، وابن العماد

__________________

(1) المختصر في الأصول 2: 67.

(2) المستصفى 1: 164.

(3) انظر: النصائح الكافية: 160.

(4) فواتح الرحموت بشرح مسلّم الثبوت 2: 155.

(5) إحقاق الحقّ - للتستري - 2: 391 - 392 عن شرح القاصد.

(6) الإصابة 1: 19، النصائح الكافية: 161.

٣٣٨

أحمد بن حنبل(1) .

أبو إبراهيم المزني(2) .

أبو بكر البزّار(3) .

ابن القطّان(4) .

الحافظ الدار قطني(5) .

الحافظ ابن حزم(6) .

الحافظ البيهقي(7) .

الحافظ إبن عبدالبرّ(8) .

الحافظ إبن عساكر(9) .

الحافظ إبن الجوزي(10) .

الحافظ إبن دحية(11) .

__________________

(1) نقل ذلك عنه في: التقرير والتحبير - لابن أمير الحاج -، المنتخب - لابن قدامة - التيسير في شرح التحرير 3: 243، مسلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1: 79.

(2) جامع بيان العلم - لابن عبدالبرّ - 2: 89 - 90.

(3) جامع بيان العلم 2: 90، أعلام المؤقّعين 2: 223، البحر المحيط 5: 528.

(4) الكامل | ترجمة جعفر بن عبد الواحد الهاشمي القاضي وحمزة النصيبي.

(5) غرائب مالك، تخريج أحاديث الكشّاف 2: 628.

(6) البحر المحيط 5: 528، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1: 78.

(7) المدخل، وعنه في الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشّاف - المطبوع على هامش الكشّاف - 2: 628.

(8) جامع بيان العلم 2: 90 - 91.

(9) التاريخ، وعنه في فيض القدير في شرح الجامع الصغير 4: 76.

(10) العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، وانظر: فيض القدير 4: 76.

(11) تعليق تخريج أحاديث منهاج البيضاوي.

٣٣٩

الحافظ أبو حيّان الأندلسي(1) .

الحافظ الذهبي(2) .

الحافظ إبن القيّم(3) .

الحافظ إبن حجر العسقلاني(4) .

الحافظ السخاوي(5) .

الحافظ السيوطي(6) .

الحافظ الشوكاني(7) .

2 - الصحابة علماً:

وأمّا جهل الأصحاب بالقرآن الكريم والأحكام الشرعية فالشواهد عليه كثيرة جدّاً، بل يمتنع أن تحصي له عدداً وتبلغ به حدّاً ونحن نكتفي هنا بكلام لإبن حزم وللتفصيل فيه مجال آخر.

قال الحافظ ابن حزم: «ووجدنا الصحاب من الصحابة - رضي الله عنهم - يبلغه الحديث فيتأوّل فيه تأويلاً يخرجه به عن

__________________

(1) البحر المحيط 5: 527 - 528.

(2) ميزان الاعتدال 1: 413 و 2: 102.

(3) أعلام الموقّعين 2: 223.

(4) الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشّاف.

(5) المقاصد الحسنة 26: 27.

(6) الجامع الصغير - بشرح المناوي - 4: 76.

(7) إرشاد الفحول: 83.

وراجع أصحابي كالنجوم: 21 - 60 للاطّلاع على كلمات العلماء الّذين سبق ذكرهم وعلى كلمات علماء آخرين غيرهم بهذا الخصوص.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523