العقائد الإسلامية الجزء ٤

العقائد الإسلامية11%

العقائد الإسلامية مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 523

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 523 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 196369 / تحميل: 7991
الحجم الحجم الحجم
العقائد الإسلامية

العقائد الإسلامية الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

وقال الإمام الصادق ـ في جواب السائل عن الكيفية له ـ: لا لأنّ الكيفيّة جهة والاحاطة، ولكن من الخروج من جهة التعطيل والتشبيه(١) .

وهذه الأحاديث تحدّد موقف المعرفة وأنّها بين التعطيل والتشبيه.

فاتضح انّ رائدنا في مجال المعارف الإلهية أمران :

١ ـ الأقيسة العقليّة.

٢ ـ التأمّل في آثار الرب في العوالم المختلفة.

ولأجل ايضاح الحال وانّه يمكن الحصول على المعارف وصفات الواجب عزّ وجلّ عن طريق ترتيب الأقيسة المنطقيّة أوّلاً، والتدبّر في صنعه وخلقه ثانياً، نأتي بالبيان التالي :

١ ـ الاستدلال بالأقيسة العقليّة المنطقيّة

وله صور نشير إليها :

إذا ثبت كونه سبحانه غنيّاً غير محتاج إلى شيء بل الكلّ محتاج إليه فالعقل يتّخذه مبدأً لكثير من أحكامه على الواجب عزّ اسمه، فيصفه بما يناسب غناه وينزّهه عمّا لا يجتمع معه، وقد سلك الفيلسوف الإسلامي الكبير نصير الدين الطوسي هذا السبيل للبرهنة على جملة من الصفات الجلالية قال :

« ووجوب الوجود ( الغني ) يدل على سرمديته، ونفي الزائد، والشريك والمثل، والتركيب بمعانيه، والضد، والتحيّز والحلول، والاتحاد، والجهة، وحلول الحوادث فيه، والألم واللذّة والمعاني والأحوال والصفات الزائدة عيناً والرؤية. ».

__________________

(١) الكافي: ج ١ باب « اطلاق القول بأنّه شيء » الحديث ٢، ٥.

٢١

بل انطلق المحقّق من نفس هذه القاعدة لاثبات سلسلة من الصفات الثبوتيّة حيث قال: « ووجوب الوجود يدل على ثبوت الوجود، والملك والتمام والحقّية والخيرية والحكمة والتجّبر والقهر والقيوميّة »(١) .

فقد سبقه إلى ذلك صاحب كتاب « الياقوت » في علم الكلام إذ قال وهو بصدد تنزيهه سبحانه عن الصفات غير اللائقة بساحة قدسه: « وليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا حالاًّ في شيء ولا تقوم الحوادث به وإلّا لكان عرضاً »(٢) .

وإن شئت قلت: إنّ ذاته سبحانه نفس الكمال، وفوق ما يتصوّر من الكمال، وليس للنقص إليه سبيل، فإذا كان كذلك فيجب أن يوصف بكلّ ما يُعدّ كمالاً فينزّه عمّا يعدّ نقصاً، فالصفات الذاتية صفات كمال لا محيص عن الاتّصاف بها، كما أنّ الصفات السلبيّة صفات تنزيهيّة طاردة للنقص عن ساحة ذاته فيجب التنزيه عنها، فإذا كان العلم والقدرة والحياة أوصاف كمال وكانت الجسميّة والتركّب والحالّيّه والمحلّيّة صفات نقص فيجب التوصيف بالاُولى والتنزيه عن الثانية ولأجل ذلك قلنا: إنّ الصفات الثبوتية والسلبية ترجع إلى اثبات أمر واحد وهو الكمال، وسلب أمر واحد وهو النقص.

وبتعبير آخر لاثبات صفاته وهو أنّ الوجودات الامكانية وجودات متدلّية قائمة بوجود الواجب وما لها من صفات كمال كالعلم والقدرة والحياة، فالمالك الحقيقيّ لها هو الله سبحانه، والمعطي لها هو الله سبحانه. قال تعالى:( للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ) فالعلم والقدرة والحياة كلّها تجلّيات لعلمه وقدرته وحياته، فإذا كان كذلك فالعلم الأصيل والقدرة الأصيلة والحياة الحقيقيّة لله سبحانه.

__________________

(١) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: ص ١٧٨ ـ ١٨٥ ( ط صيدا ).

(٢) أنوار الملكوت في شرح الياقوت: ص ٧٦ ـ ٨٠ ـ ٨١ ـ ٩٢.

٢٢

يقول العلّامة الطباطبائي: نحن أوّل ما نفتح أعيننا، يقع ادراكنا على أنفسنا، وعلى أقرب الاُمور منا، وهي صلتنا بالكون الخارج، لكنّا لا نرى أنفسنا إلّا مرتبطة بغيرها ولا قوانا ولا أفعالنا إلّا كذلك، فالحاجة من أقدم ما يشاهده الإنسان، يشاهدها من نفسه ومن كلّ ما يرتبط به من قواه وأعماله والدنيا الخارجة. وعند ذلك يقضي بذات ما يقوم بحاجته ويصد خلّته، وإليه ينتهي كلّ شيء وهو الله سبحانه ويصدقنا في هذا النظر والقضاء قوله سبحانه:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الحَمِيدُ ) ( فاطر / ١٥ ).

ثمّ إنّ أقدم ما نواجهه في البحث عن المعارف الالهيّه إنّا نذعن بانتهاء كلّ شيء إليه، وكينونته ووجوده منه، فهو يملك كلّ شيء لعلمنا أنّه لو لم يملكها لم يمكن أن يفيضها ويفيدها لغيره، على أنّ بعض هذه الأشياء مما ليست حقيقته إلّا مبنيّة على الحاجة وهو تعالى منزّه عن كلّ حاجة ونقيصة لأنّه الذي يرجع إليه كلّ شيء في رفع حاجته ونقيصته.

فله الملك ـ بكسر الميم وضمها ـ على الاطلاق فهو سبحانه يملك ما وجدنا في الوجود من صفة كمال كالحياة والقدرة والعلم والسمع والبصر والرزق والرحمة والعزّة.

فهو سبحانه حيّ، قادر، بصير، حليم، لأنّ في نفيها اثبات النقص ولا سبيل للنقص إليه، ورازق ورحيم وعزيز ومحيي ومميت ومبدع ومعيد وباعث إلى غير ذلك لأنّ الرزق والرحمة والعزّة والاحياء والاماتة والابداع والاعادة والبعث له سبحانه وهو السبّوح، القدّوس، العلي، الكبير، المتعال، إلى غير ذلك، فنعني بها نفي كلّ نعت عدمي، ونفي كلّ صفة نقص عنه(١) .

ترى أنّه ـ قدس الله سره ـ استدل على الصفات الثبوتية بمبدأ واحد وهو أنّ

__________________

(١) الميزان: ج ٨ ص ٣٦٦ ـ ٣٦٧.

٢٣

الملك له لا لغيره، فكلّ ما يملكه الإنسان فهو يملكه، فصار هذا منشأً لاثبات كثير من الصفات الثبوتية.

٢ ـ مطالعة الكون وآيات وجوده

الطريق الثاني التي يمكن التعرّف بها على ما في ذاته سبحانه من الجمال والكمال طريق التدبّر في النفس والكون أي في آياته الأنفسية والافاقية امتثالاً لقوله سبحانه :

( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ( فصّلت / ٥٣ )(١) .

فمطالعة الكون المحيط بنا وما فيه من بديع النظام وغريب الموجودات يكشف لنا عن علمه الوسيع وقدرته المطلقة فمن خِلال هذه القاعدة وعبر هذا الطريق، يمكن للإنسان أن يهتدي إلى قسم كبير من الصفات الإلهية الجماليّة ( الثبوتية ) والجلالية ( السلبية ) وقد سلك هذا الطريق المحقّق نصير الدين وقال: « والأحكام والتجرّد واستناد كلّ شيء إليه دلائل علمه »(٢) .

وقول شيخنا المحقّق الطوسي ليس فريداً في ذلك الباب بل سبقه شيخنا أبو جعفر الطوسي في بعض كتبه وقال عند البحث عن علمه سبحانه :

« وأمّا الذي يدل على أنّه عالم هو أنّ الإحكام ظاهر في أفعاله كخلق الإنسان وغيره من الحيوان لأنّ فيه من بديع الصنعة ومنافع الأعضاء وتعديل الامزجة وتركيبها على وجه يصحّ معه أن يكون حيّاً لا يقدر عليه إلّا من هو عالم بما يريد فعله ،

__________________

(١) والاستدلال مبني على عود الضمير المنصوب في « انّه الحق » الى الله سبحانه.

(٢) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: ص ١٧٤ ( ط صيدا ) والاستدلال بالتجرّد، استدلال عقلي والاستدلال بالأحكام واستناد كل شيء اليه، استدلال بآيات وجوده على كماله.

٢٤

لأنّه لو لم يكن عالماً لما وقع على هذا الوجه من الإحكام والنظام، والاختلاف في بعض الأحوال ولـمـّا كان ذلك واقعاً على حد واحد، ونظام واحد، واتساق واحد دل على أنّ صانعه عالم »(١) .

وهناك ـ وراء الإستدلال العقلي والنظر في آثار الرب ـ طريقان آخران نشير إليهما.

٣ ـ المعرفة عن طريق الوحي

إنّ الوحي ادراك مصون عن الخطأ والزلل كما أنّ السنّة الصحيحة فرع من فروعه فكلّ ما ورد في الكتاب والسنّة من الإلهيات والمعارف، يصلح الاستدلال به غير أنّ الآيات القرآنية في ذلك المجال على قسمين: فتارة تتخد لنفسها موقف المعلم والمفكّر الذي يريد تعليم اتباعه فيكون موقف المخاطَب عندئذ موقف الاستلهام والاستعلام كما هو الحال في البراهين التي أقامها القرآن في مجال اثبات الصانع ونفي الشريك عنه وكثير من صفاته الثبوتية، فتكون تلك الآيات حجّة عقليّة من دون استلزام الدور، واُخرى يتخذ لنفسه موقف الرسول المتكلّم باسم الوحي المنبئ عن الله سبحانه فعندئذ يكون قوله حجّة تعبديّة ولا يمكن الاعتماد على مثله إلّا بعد ثبوت وجود الصانع وبعض صفاته وثبوت النبوّة العامّة والخاصة، ولكن الغالب على الآيات القرآنيه والسنّة الصحيحة المرويّة عن أئمّة أهل البيت هو الأوّل. يقف على ذلك من خالط القرآن روحه وقلبه وقرأ القرآن متدبّراً متعمّقاً.

٤ ـ المعرفة عن طريق الكشف والشهود

هناك طريق رابع وهو التعرّف على الحقائق من خلال الكشف والشهود، والقائلون به يرون أنّ سبيل الحصول على حقائق المعارف هو السعي إلى صفاء القلب

__________________

(١) الاقتصاد، الهادي الى سبيل الرشاد: ص ٢٨، ولاحظ إرشاد الطالبين للفاضل المقداد: ص ١٩٤.

٢٥

حتى ينعكس ما في ذلك العالم على قلب العارف وضميره، ويدرك ما في ماوراء الطبيعة من الجمال والكمال ادراكاً يقينيّاً لا يخالطه الشك، ولا يمازجه الريب، ولكنه طريق ( قلّ سالكيه ) يختصّ بطائفة خاصّة ولايكون حجّة إلّا لصاحب الكشف.

وعلى كلّ تقدير فليس المدّعى لمن يسلك هذه الطرق الأربعة هو معرفة كنه الذات الإلهية وكنه صفاته وأسمائه، بل المراد التعرّف على ما هناك من الجمال والكمال ونفي النقص والعجز حسب المقدرة الإنسانية.

إلى هنا تبيّن إنّ التفكير الصحيح ممّا دعى إليه الكتاب العزيز والفطرة السليمة، وهناك كلام للعلاّمة الطباطبائي حول التفكّر الذي يدعو إليه القرآن وهو بحث مسهب نقتبس منه ما يلي، قال :

« إنّك لو تتبّعت الكلام الإلهي ثم تدبّرت آياته، وجدت ما لعلّه يزيد على ثلاثمائة آية تتضمّن دعوة الناس إلى التفكّر أو التذكّر أو التعقّل أو تلقّن النبي الحجّة لاثبات حقّ أو ابطال باطل كقوله:( قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ) ( المائدة / ١٧ ).

أو ينقل الحجّة الجارية على لسان أنبيائه وأوليائه كنوح وإبراهيم وموسى وغيرهم من الأنبياء العظام ولقمان ومؤمن آل فرعون كقوله :

( قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) ( إبراهيم / ١٠ ).

وقوله:( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) ( لقمان / ١٣ ).

وقوله:( وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ ) ( غافر / ٢٨ ).

وقوله حكاية عن سحرة فرعون( قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ

٢٦

وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الحَيَاةَ الدُّنْيَا ) ( طه / ٧٢ ). إلى آخر ما احتجّوا به.

ولم يأمر تعالى عباده في كتابه ولا في آية واحدة أن يؤمنوا به أو بشيء ممّا هو عنده أو يسلكوا سبيلاً على العمياء وهم لا يشعرون حتّى أنّه علّل الشرائع والأحكام التي جعلها لهم ممّا لا سبيل للعقل إلى تفاصيل ملاكاته، - علّل - باُمور تجري مجرى الاحتجاجات كقوله:( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ) ( العنكبوت / ٤٥ ).

وقوله:( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( البقرة / ١٨٣ ).

وقوله ( في آية الوضوء ):( مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ( المائدة / ٦ ).

إلى غير ذلك من الآيات الواردة حول تحريم الخمر والميسر.

وهذا الادراك العقلي الذي يدعو إليه القرآن ويبني على تصديقه، ما يدعو إليه من حقّ أو خير أو نفع، ويزجر عنه من باطل أو شرّ أو ضرّ، هو الذي نعرّفه بالخلقة والفطرة ممّا لا يتغيّر ولا يتبّدل ولا يتنازع فيه إنسان وإنسان، والعجب انّ المخالفين للتفكّر المنطقي يعتمدون في اثبات دعاويهم ومقاصدهم على الاُسس المنطقيّة بحيث لو حلّلت مقالهم ودليلهم لعاد على صورة أقيسة منطقية يستدل بها المخالف على بطلان الاستدلال المنطقي(١) .

ونذكر من باب المثال قولهم: « لو كان المنطق طريقاً موصلاً لم يقع الاختلاف بين أهل المنطق، لكنّا نجدهم مختلفين في آرائهم » ترى أنّه استعمل القياس الاستثنائي من حيث لا يشعر وأمّا الجواب: فإنّ المنطق آلة تصون الفكر عن

__________________

(١) الميزان: ج ٥ ص ٢٧٤ ـ ٢٧٥.

٢٧

الخطأ في كيفية الاستدلال ولكن صحّة الاستدلال مبنيّة على دعامتين :

١ ـ صحّة المادّة.

٢ ـ صحّة الهيئة.

والمنطق يصون الإنسان عن الخطأ في الجانب الثاني دون الأوّل وأجاب عنه العلّامة الطباطبائي بوجه آخر وقال :

« إنّ معنى كون المنطق آلة الاعتصام انّ استعماله كما هو حقّه يعصم الإنسان عن الخطأ وأمّا انّ كلّ مستعمل له فإنّما يستعمله صحيحاً فلا يدعيه أحد وهذا كما انّ السيف آلة القطع لكن لايقطع إلّا عن استعمال صحيح »(١) .

القرآن الكريم يهدي العقول إلى استعمال ما فطروا على استعماله بحسب طبعهم وهو ترتيب المعلومات لاستنتاج المجهولات والذي فطرت عليه العقول هو ترتيب مقدمات حقيقيّة يقينيّة لاستنتاج المعلومات التصديقيّة الواقعيّة، وهو البرهان أو استعمال المقدّمات المشهورة أو المسلّمة وهو الجدل، أو استعمال مقدّمات ظنيّة لغاية الارشاد والهداية إلى خير مظنون وشر مثله وهو العظة، قال تعالى:( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ( النحل / ١٢٥ ).

والظاهر أنّ المراد بالحكمة هو البرهان كما ترشد إلى ذلك مقابلته بالعظة والجدل.

ثمّ إنّ آخر ما في كنانة القوم هو ادّعاء انّ جميع ما تحتاج إليه النفوس الإنسانيّة مخزونة في الكتاب العزيز، مودعة في الأحاديث فما الحاجة إلى أساليب الكفّار والملاحدة ؟

يلاحظ عليه: إنّ اشتمال الكتاب والسنّة على جميع ما يحتاج إليه لا يلازم

__________________

(١) الميزان: ج ٥ ص ٢٨٨.

٢٨

استغناء البشر عن التفكّر الصحيح الموصل إلى ما في الكتاب والسنّة، فليس فهم الكتاب والسنّة غنيَّا عن التدبّر والامعان، وليس أصحاب الفلسفة والمنطق من الكفّار والملاحدة، والواجب على المسلم الواعي هو استماع القول ـ من أيّ ابن اُنثى صدر ـ ثم اتّباع أحسنه.

وعلى كلّ تقدير فابطال الاستدلال العقلي عن طريق الاستدلال العقلي غريب وعجيب جداً ومن قابَلَ التفكّر والتعقّل واقامة البرهنة فقد عارض إنسانيّته وفطرته التي تدعوه إلى الاعتناء بالتفكر الصحيح والتعقّل الرصين عن طريق اعمال الأقيسة الصحيحة من حيث المادة والهيئة.

وبذلك تقف على قيمة عمل أهل الحديث واسلوب دعوتهم إلى المعارف والحقايق حتى إنّ الأشعري لـمّا تاب عن الإعتزال ولحق بأصحاب أحمد بن حنبل، واستدل على عقيدة أهل الحديث مثل الرؤية وكون أفعال العباد مخلوقة لله سبحانه، رفضته الحنابلة قائلة: بأنّ الاستدلال ليس طريقاً دينياً، وإنّما الطريق البرهنة بالآية والحديث مكان التعقل.

قال ابن أبي يعلي في طبقات الحنابلة عن طريق الأهوازي قال: قرأت على عليّ القومسي، عن الحسن الاهوازي قال سمعت أبا عبد الله الحمراني يقول :

لـمّا دخل الأشعري بغداد جاء إلى « البربهاري » فجعل يقول رددت على الجبائي وعلى أبي هاشم ونقضت عليهم وعلى اليهود والنصارى والمجوس وقلت وقالوا وأكثر الكلام فلمّا سكت قال البربهاري: وما أدري ممّا قلت لا قليلاً ولا كثيراً، ولا نعرف إلّا ما قاله أبو عبد الله أحمد بن حنبل، فخرج من عنده وصنف كتاب « الابانة » فلم يقبله منه(١) .

هذا وإذا بان لك انّ الاستدلال المنطقي على المعارف العقليّة هو طريق

__________________

(١) تعليقة « تبيين كذب المفتري » ص ٣٩١.

٢٩

الفطرة التي دعا إليها القرآن، ولا يشذ عنها إلّا من احتجبت عنده الفطرة الإنسانيّة.

فيلزم علينا البحث عن أسمائه وصفاته الواردة في الذكر الحكيم وسنّة نبيه وأحاديث عترته صلوات الله عليهم أجمعين على ضوء البرهان والقياس العقلي.

٣٠

أسماؤه وصفاته

في القرآن الكريم

قد احتلّ البحث عن أسمائه وصفاته سبحانه في كتب الكلام والتفسير المكانة العليا، فالقدماء شرحوا معاني أسمائه وصفاته وأفعاله والمتأخّرون اكتفوا من مباحثهابالبحث عن أمرين :

١ ـ مغايرة الاسم للمسمّى.

٢ ـ كون أسمائه توقيفية.

ونحن في هذه الفصول نجمع بين الطريقين فنأتي بما يتعلّق بها من المباحث المفيدة ونعرض عمّا لا يهمّنا جدّاً ثم نفسّر أسماءه وصفاته الواردة في الذكر الحكيم، وبناء عليه سيقع البحث في اُمور :

١ ـ الفرق بين الاسم والصفة

دلّت الآيات الكريمة على أنّ له سبحانه الأسماء الحسنى كما ورد ذلك في الأحاديث أيضاً.

قال سبحانه:( وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ) ( الأعراف / ١٨٠ ).

وقال:( أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ ) ( الاسراء / ١١٠ ).

وقال:( اللهُ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ ) ( طه / ٨ ).

٣١

وقال:( هُوَ اللهُ الخَالِقُ الْبَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ ) ( الحشر / ٢٤ ).

وقال:( وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ) ( الأعراف / ١٨٠ ).

والاسم مشتق إمّا من « السمو » على ما ذهب إليه البصريون، أو من « السمة » على ما اختاره الكوفيون، وعلى كلّ تقدير فلو كان الملاك في تسميه اللفظ اسما هو سموّه على المعنى، وتقدمه عليه أو كونه علامة له، فالكلمه بأقسامها الثلاثه اسم لوجود كلا الملاكين فيها(١) .

ومع ذلك كلّه فالاسم في مصطلح النحويين يطلق على قسم واحد من أقسام الكلمة، وعرّفوه بأنّه ما دلّ على معنى في نفسه غير مقترن بالزمان، فالاسم بهذا المعنى يقابل الفعل والحرف، فالفعل يدل على معنى مستقل مقترن بالزمان، والحرف يدل على معنى في غيره.

وهناك اصطلاح ثالث للاسم وهو كلّ ماهيّة تعتبر من حيث هي هي فهو أسم أو من حيث انّها موصوفة بصفه معينة فهو وصف، فالأوّل كالسماء والأرض والرجل والجدار، والثاني كالخالق والرازق والطويل والقصير. ذكره الرازي وقال: هذا هو الفرق بين الاسم والصفة على قول المتكلّمين(٢) .

يلاحظ عليه: إنّ حاصل كلامه يرجع إلى أنّ الجوامد أسماء، وأسماء الفاعلين ونظائرها صفات مع أنّه لاينطبق على مصطلح المتكلّمين فإنّ الخالق والرازق من أسمائه سبحانه لا من صفاته، فكيف يعده من صفاته ومقابل أسمائه والحق أن يقال :

__________________

(١) اللّهمّ إلّا أن يقال: إنّ اطلاق الاسم على خصوص قسم من الكلمة لأجل كون معناه سامياً ومرتفعاً بين معاني سائر الكلمات أعني الفعل والحرف فعندئذ يختص بالقسم المعروف عند النحويين.

(٢) لوامع البينات للرازي ص ٢٧ ( طبع القاهره ).

٣٢

ما هو المختار في الفرق بين أسماءه وصفاته ؟

« الاسم هو اللفظ المأخوذ إما من الذات بما هي هي، أو بكونها موصوفاً بوصف أو مبدأ الفعل، فالأوّل كلفظ الجلالة له سبحانه والرجل والإنسان لغيره، والثاني كالعالم والقادر، والثالث كالرازق والخالق، وأمّا الصفة فهو الدال على المبدء مجرّداً عن الذات كالعلم والقدرة والرزق والخلقة ولأجل ذلك يصحّ أن يقال الاسم ما يصحّ حمله كما يقال الله عالم وخالق ورحمان ورحيم، والصفة لا يصحّ حملها كالعلم والخلق والرحمة، وهذا هو المشهور بين المتكلّمين بل الحكماء والعرفاء، فالصفات مندكة في الأسماء من غير عكس.

يقول العلّامة الطباطبائى: لا فرق بين الصفة والاسم، غير أنّ الصفة تدلّ على معنى من المعاني تتلبّس به الذات، أعم من العينيّة والغيريّة والاسم هو الدال على الذات مأخوذة بوصف، فالحياة والعلم صفتان، والحي والعالم اسمان(١) .

هذا كلّه على ما هو المشهور ويوافقه ظاهر الكتاب العزيز من أنّ أسماءه سبحانه من قبيل الألفاظ والمعاني فيكون لفظ الجلالة وسائر الأسماء كالرحمان والرحيم، والعالم والقادر أسماء الله الحسنى الحقيقية، ولها معان ومفاهيم فينتقل إليها الذهن عند السماع.

الأسماء والصفات عند أهل المعرفة

إنّ لأهل المعرفة اصطلاحاً خاصّاً فالأسماء والصفات عندهم ليست من قبيل الألفاظ والمفاهيم بل حقيقة الصفه ترجع إلى كمال وجودي قائم بالذات، والاسم عبارة عن تعيّن الذات بنفس ذلك الكمال والأسماء والصفات الملفوظة، أسماء وصفات لتلك الأسماء والصفات الحقيقية التي سنخها سنخ الوجود والكمال ،

__________________

(١) الميزان: ٨ / ٣٦٩.

٣٣

والتحقّق والتعيّن، فلفظ الجلالة ليس اسماً بل اسماً للاسم، ومثله العلم والقدرة والحياة فليست صفات بالحقيقة، بل مرايا لأوصافه الحقيقيّة.

فالقولان متّفقان على أنّ الذات مع التعيّن هو الاسم، والتعيّن بما هو هو، هو الوصف، ويختلفان من كونها من قبيل الألفاظ والمفاهيم أو من قبيل الحقايق والواقعيات. يقول أهل المعرفه: إنّ الذات الأحدية، بما أنّه وجود غير متناه، عار عن المجالي والمظاهر، يسمّى « غيب الغيب » وإذا لوحظ في رتبة متأخّرة، بتعيّن من التعيّنات الكماليّة كالعلم والقدرة، فهو مع هذا التعيّن اسم، ونفس التعيّن بلا ملاحظة الذات، وصف.

يقول الحكيم السبزواري: « فالذات الموجودة مع كلّ منها ( التعيّنات ) يقال لها الاسم في عرفهم، ونفس ذلك المحمول العقلي هي الصفه عندهم »(١) . ويقول في موضع آخر: « والوجود بشرط التعيّن هو الاسم، ونفس التعيّن هو الصفة »(٢) .

ويقول أيضاً: « الاسم عند العرفاء هو حقيقة الوجود مأخوذة بتعيّن من التعيّنات الصفاتية من كمالاته تعالى، أو باعتبار تجلّ خاص من التجليّات الإلهية » فالوجود الحقيقي مأخوذاً بتعين « الظاهرية بالذات » و « المظهرية للغير » اسم « النور » وبتعيّن كونه « ما به الانكشاف لذاته ولغيره » اسم « العليم » وبتعيّن « كونه خيراً محضاً » و « عشقا صرفاً » اسم « المريد » وبتعيّن « الفياضية الذاتية » للنورية عن علم ومشيئة، اسم « القدير » وبتعيّن « الدراكيّة » و « الفعاليّة » اسم « الحي » وبتعيّن « الاعراب عمّا في الضمير » المخفي والمكنون العيني اسم « المتكلّم » وهكذا »(٣) .

__________________

(١) شرح الاسماء الحسنى: ١٩.

(٢) شرح الاسماء الحسنى: ٢١٥.

(٣) شرح الاسماء الحسنى: ٢١٤.

٣٤

٢ ـ هل الاسم نفس المسمّىٰ أو غيره

من المباحث التي شغلت بال القدماء والمتأخّرين، هو مسألة اتحاد الاسم والمسمّى وهو بحث لا يحتاج إلى التفصيل، يقول الرازي: إنّ هذا البحث ممّا لا يمكن النزاع فيه بين العقلاء، فإن كان المراد من الاسم هو اللفظ الدال على الشيء بالوضع، وكان المسمّى عبارة عن نفس ذلك الشيء، فالعلم الضروري حاصل بأنّ الاسم غير المسمّى وإن كان الاسم عبارة عن ذات الشيء ( المدلول ) والمسمّى ايضاً ذات الشيء كان معنى قولنا الاسم نفس المسمّى هو أن ذات الشيء نفس ذات الشيء فثبت أن الخلاف الواقع في هذه المسألة إنّما كان بسبب أنّ التصديق ما كان مسبوقاً بالتصوّر وكان اللائق بالعقلاء أن لا يجعلوا هذا الموضع مسألة خلافية(١) .

هذا وان شيخ مذهبه « أبا الحسن الأشعري » قد زاد في الطين بلّة فعاد يفصّل فيها ويقول: إنّ الاسم ( يريد مدلوله ) عين المسمّى أي ذاته من حيث هي هي نحو الله فإنّه اسم للذات من غير اعتبار معنى فيه، وقد يكون غيره نحو الخالق والرازق ممّا يدل على نسبته إلى غيره، ولا شك انّ تلك النسبة غيره وقد يكون لا هو ولا غيره كالعليم والقدير مما يدل على صفة حقيقية قائمة بذاته(٢) .

ولا يخفى إنّ صحّة كلامه يتوقف على تسليم اصطلاح خاص له.

ففي الشق الأوّل الذي يدعى فيه انّ الاسم عين المسمّى يريد من الاسم المدلول لا اللفظ المتكلّم به وهو اصطلاح جديد لم نسمعه إلّا منه ومن أمثاله.

كما أنّ حكمه بأنّ الخالق والرازق غيره، مبني على كون المشتق بمعنى المبدء أي الخلق والرزق، وانّ معنى المشتق هو نسبة المبدء إلى الذات على نحو خروج الذات عن مدلول المشتق.

__________________

(١) لوامع البينات للرازي: ص ١٨.

(٢) شرح المواقف: ج ٨ ص ٢٠٧.

٣٥

وأمّا الثالث فهو نظرية أخرى بين القول بإتحاد صفاته الذاتية مع الذات ومغايرته، فالمعتزله على الأوّل وأهل الحديث على الثاني، ولـمـّا لم ينجح الشيخ في القضاء الحاسم بين النظريتين إختار قولاً ثالثاً وهو أنّه لا هو ولا غيره، وهو بحسب ظاهره أشبه بارتفاع النقيضين إلّا أن يفسّر بوجه يرفع ذلك الاشكال.

والشيخ الأشعري يصّر في كتاب « الابانة » على أنّ الاسم نفس المسمّى ولا يذكر وجهه(١) .

وما ذكرنا من المبني ( مراده من الاسم المدلول ) لتوجيه كلامه فإنّما ذكره اتباع مذهبه ك‍ « الايجي » في المواقف و « التفتازاني » في المقاصد وشرحه، والسيد الشريف في شرحه على المواقف.

يؤاخذ على الشيخ بأنّه أي حاجة في جعل هذا الاصطلاح أي اطلاق الاسم وارادة المدلول منه حتى نحتاج إلى هذه التوجيهات.

ثمّ إنّ القائلين بالاتحاد استدلّوا بوجوه :

١ ـ قالوا: إنّ الله تعالى أمر بتسبيح اسمه وقال:( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ) ( الاعلى / ١ ). ودلّ العقل على أنّ المسبّح هو الله تعالى لا غيره وهذا يقتضي انّ اسم الله تعالى هو هو لا غيره.

٢ ـ وقالو: إنّه سبحانه أخبر انّ المشركين عبدوا الأسماء وقال:( مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إلّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم ) ( يوسف / ٤٠ ).

والقوم ما عبدوا إلّا تلك الذوات فهذا يدل على أنّ الاسم هو المسمّى.

__________________

(١) وراجع مقالات الاسلاميين: ص ٢٩٠ ـ الطبعة الثالثة الفصل الخاص لبيان عقيدة أهل الحديث والسنّة.

٣٦

٣ ـ قالوا: اسم الشيء لو كان عبارة عن اللفظ الدال عليه لوجب ان لا يكون لله تعالى في الأزل شيء من الأسماء إذ لم يكن هناك لفظ ولا لافظ وذلك باطل.

٤ ـ قالوا: إذا قال القائل: محمد رسول الله فلو كان اسم محمد غير محمد لكان الموصوف بالرسالة غير محمد.

٥ ـ قالوا: إنّ لبيد يقول: « اسم السلام » ويريد نفس السلام حيث قال :

« إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبكِ عاماً كاملاً فقد اعتذر »(١) .

وهذه الحجج التي نقلها الرازي تعرب من أنّ للمستدل كالشيخ الأشعري إصطلاح خاص في الاسم، فهو كلّما يطلق الاسم إنّما يريد المدلول لا اللفظ الدال.

وعلى ضوء ذلك فنقول :

أمّا الدليل الأوّل: فلأنّ الظاهر أنّ الآية تحثّ على تسبيح الإسم وتقديسه وتنزيهه لا على تنزيه المسمّى وذلك لأنّه كما يجب تنزيه المدلول يجب تنزيه الدال، وذلك بأن لا يسمّى به غيره، فيكون ذلك نهياً عن دعاء غير الله تعالى باسم من أسماء الله فإنّ المشركين كانوا يسمّون الصنم باللات وكانوا يسمّون أوثانهم آلهة.

ويمكن أن يكون المراد تفسيره بما لا يليق بساحته ولا يصحّ ثبوته في حقه سبحانه.

وهناك وجه ثالث وهو أن تصان أسماء الله عن الإبتذال والذكر لا على وجه التعظيم.

ووجه رابع وهو أنّه يمكن أن يكون تسبيح الاسم كناية عن تسبيح الذات كما في قولهم سلام على المجلس الشريف والجناب المنيف إلى غير ذلك من الوجوه التي يمكن أن تكون باعثة لتسبيح الاسم نفسه.

__________________

(١) لوامع البينات للرازي: ص ٢١ ـ ٢٢.

٣٧

أمّا الدليل الثاني: فلأنّ المراد من قوله سبحانه:( مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إلّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا ) إنّه ليس لها من الاُلوهية إلّا التسمية وهي أسماء بلامسميات، وهذا كما يقال لمن سمّى نفسه باسم السلطان انّه ليس له من السلطنة إلّا الاسم وكذا هنا وعلى ذلك فالمراد من قوله:( مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إلّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا ) اي إلّا أشخاصاً أنتم سمّيتموها آلهة وليسوا بآلهة.

وأمّا الدليل الثالث: فلا محذور أن لا يكون له اسم ملفوظ في الأزل غير أنّ فقدان هذه الأسماء لا يلازم فقدان المدلولات، فالله سبحانه كان جامعاً لكمالات هذه الأسماء ومداليلها، وإن لم يكن هناك اسم على النحو اللفظي.

وأمّا الدليل الرابع: فساقط جداً لأنّ المبتدأ أعني قولنا: محمد يمثّل طريقاً إلى المدلول، والحكم على ذي الطريق لا على نفس الطريق، وهذا حكم كلّ لفظ موضوع اسما كان أو فعلاً أو حرفاً.

وأمّا الدليل الخامس: فهو تمسّك بشعر شاعر علم بطلانه ببديهة العقل ومن المحتمل جدّا أنّ اقحام لفظة اسم في البيت لأجل الضرورة وإلّا فلا وجه للعدول من « السلام عليكما » إلى « اسم السلام عليكما »(١) .

والرازي مع أنّه جعل المسألة بديهية، أخذ في الاستدلال على أنّ الاسم غير المسمّى لاقناع غيره الذي وقع في الشبهة مقابل البديهية، فقال: الذي يدل على أنّ الاسم غير المسمّى وجوه :

منها: إنّ أسماء الله كثيرة والمسمّى ليس بكثير.

منها قوله تعالى:( وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ) حيث أمرنا أن ندعو الله تعالى بأسمائه، والشيء الذي يدعي مغاير للشيء الذي يدعى به ذلك المدعو.

إلى غير ذلك من الوجوه التي لا تحتاج إلى الذكر والبيان.

__________________

(١) لاحظ لوامع البينات للرازي: ص ٢١ ـ ٢٢، وشرح المواقف: ج ٨ ص ٢٠٧ ـ ٢٠٨، وشرح المقاصد للتفتازاني: ج ٢ ص ٦٩ ـ ٧٠.

٣٨

بيان آخر لوحدة الاسم والمسمّى

نعم هناك بيان آخر لتوحيد الاسم مع المسمّى غير معتمد على اصطلاح الأشعري من تفسير الاسم بالمدلول الذي هو متّحد مع المسمّى، وهذا الوجه هو ما أشار إليه علماء العرفان من أنّ كلاًّ من العالم والقادر والخالق ليس اسماً للذات المقدسة بل اسم للاسم، والاسم للذات المقدسة هو الذات المنكشفة بحقيقة العلم أو القدرة.

توضيح ذلك: إنّه قد يطلق الأسم على اللفظ الدال على الذات المتّصفة بوصف الكمال، دلالة بالجعل والمواضعة وعندئذ يكون الاسم من قبيل الألفاظ والمسمّى من قبيل الأمر الخارجي، وعلى ذلك فلا مسوّغ للبحث عن الاتحاد.

وقد يطلق على الذات المنكشفة، بوصف من صفاته الكمالية وذلك لأنّ ذاته سبحانه مبهمة في غاية الإبهام غير معروفة لأحد من خلقه، وإنّما تعرف عن طريق صفاته الجمالية، ولولا الصفات لما عرف سبحانه بوجه، وعلى ذلك يكون المراد من الاسم هو الحقيقية الخارجية المبهمة غاية الابهام، المنكشفة لنا بواحد من صفاته وعلى هذا يكون المراد من الاسم الذات المنكشفة، والمراد من الوصف نفس الكمال الواقعي، والاسم والوصف بهذا المعنى ليسا من الأمور الملفوظة أو الذهنية بل من الاُمور الواقعيّة الحقيقيّة العينيّة وعندئذ يكون ألفاظ الحي، والقادر، والعالم أسماء للاسم، كما يكون الحياة، والقدرة، والعلم أوصافاً للوصف لا أسماء وصفاتاً لذاته سبحانه، فالاسم نفس المسمّى لكن اسم الاسم غيره، وهذا المعنى الدقيق العرفاني لا يقف عليه إلّا من له قدم راسخ في الأبحاث العرفانية وأين هو من تفسير الشيخ، الاسم بالمدلول والحكم بأنّ المدلول نفس المسمّى ؟

وعلى أيّ تقدير فالظاهر من الروايات أنّ القول بالاتحاد كان ذائعاً في عصر أئمّة أهل البيت وما ذكره الشيخ الأشعري كان توجيهاً لتلك العقيدة الباطلة وإن كان أصحابها غافلين عن ذلك التوجيه، وإليك ما روي عنهم: في

٣٩

ذلك الباب :

١ ـ روى الكليني عن عبد الاعلى، عن أبي عبد الله7 قال: « اسم الله غيره، وكلّ شيء وقع عليه اسم شيء »(١) فهو مخلوق ما خلا الله، فأمّا ما عبّرته الألسن أو ما عملت الأيدي فهو مخلوق ـ إلى أن قال ـ: والله خالق الأشياء لا من شيء كان، والله يسمى بأسمائه وهو غير أسمائه والأسماء غيره(٢) .

٢ ـ روي الكليني عن علي بن رئاب، عن أبي عبد الله7 قال :

« من عبد الله بالتوهّم فقد كفر.

ومن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر.

ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك.

ومن عبد المعنى بايقاع الأسماء عليه بصفاته التي وصف بها نفسه فعقد عليه قلبه، ونطق به لسانه في سرائره وعلانيته، فأولئك أصحاب أمير المؤمنين حقّاً »(٣) .

ترى أنّه7 يقسّم العابد حسب اختلاف المعبود إلى أقسام :

الف ـ فمن عابد لله سبحانه لكن بالتوهّم والشك فهو كافر بالله لأنّ الشك كفرٌ به.

ب ـ ومن عابد للاسم أي الحروف أو المفهوم الوضعي معرضاً عن المعنى المعبّر عنه فقد كفر أيضا لأنّه لم يعبد المعبّر عنه بالاسم لأنّ الحروف والمفهوم غير الواجب الخالق للكلّ فإنّما الاسم بلفظه ومفهومه تعبير عن المعنى المقصود.

__________________

(١) أي لفظ « الشيء ».

(٢) الكافي: ج ١ باب حدوث الأسماء ص ١١٢ الحديث ٤، وتوحيد الصدوق باب أسماء الله: ص ١٩٢ الحديث ٥.

(٣) الكافي: ج ١ باب المعبود ص ٨٧ الحديث ١.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

وفي ميزان الاعتدال: ٢/٤١٠:

عن أنسرضي‌الله‌عنه مرفوعاً: من أحبني فليحب علياً، ومن أبغض أحداً من أهل بيتي حرم شفاعتي.. الحديث. وذكره في لسان الميزان: ٣/٢٧٦

وفي مجمع الزوائد: ٧/٥٨٠:

عن النبي ( ص ) قال.. لا يبغضنا أهل البيت أحدٌ إلا أكبه الله في النار..

ورواه الدهلوي في حياة الصحابة: ٢/٣٦٩

وفي فردوس الأخبار: ٣/٦٢٦:

عن عليعليه‌السلام ( عن النبي ): من لم يعرف حق عترتي فهو لاحدى ثلاث: إما منافق وإما لزنية، وإما امرؤ حملت به أمه بغير طهر.

وفي بشارة المصطفى للطبري الشيعي/١٥٠:

قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى، أخبرنا الحسين بن موسى، أخبرنا الحسين بن ابراهيم بن بابويه، أخبرنا علي بن ابراهيم بن همام، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن زياد، عن عبيد الله بن صالح، عن زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي من أحبني وأحبك وأحب الأئمة من ولدك، فليحمد الله على طيب مولده، فإنه لا يحبنا إلا من طابت ولادته، ولا يبغضنا إلا من خبثت ولادته!!

وويلٌ للمكذبين بفضلهم

وفي كنز العمال: ١٢/١٠٣:

من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي، فليوال علياً من بعدي، وليوال وليه، وليقتد بأهل بيتي من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي، ورزقوا فهمي وعلمي، فويلٌ للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي ( الخطيب، والرافعي، عن ابن عباس ).

١٢١

ورواه الكنجي في كفاية الطالب/٢١٤، عن ابن عباس عن النبي ( ص ).

ورواه في مناقب آل أبي طالب: ١/٢٥١

واللعنة على ظالميهم وقاتليهم

في مستدرك الحاكم: ٢/٥٢٥:

عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن موهب قال سمعت علي بن الحسين يحدث عن أبيه عن جدهرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول الله ( ص ): ستة لعنتهم ولعنهم الله وكل نبى مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من أذل الله، والتارك لسنتي، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والمستحل لحرم الله. انتهى.

ثم رواه بسند آخر وصححه، وقال: قد احتج الإمام البخاري بإسحاق بن محمد الفروي وعبد الرحمن بن أبي الرجال في الجامع الصحيح. وهذا أولى بالصواب من الاسناد الأول. انتهى.

راجع أيضاً: المستدرك: ٣/١٤٩، و١/٣٦

ورواه الطبراني في الأوسط: ٢ ص ٣٩٨

ومجمع الزوائد: ٩/٢٧٢

وابن أبي عاصم في السنة: ٢/٦٢٨ والأزرقي في أخبار مكة: ١ جزء ٢/١٢٥

وفي المعجم الكبير للطبراني: ١٧/٤٣:

عن عمرو بن سعواء اليافعي قال قال رسول الله ( ص ): سبعة لعنتهم.. الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك لسنتي والمستأثر بالفيء، والمتجبر بسلطانه.

وفي تاريخ الطبري: ٥/٤٢٦:

عن كثير بن عبد الله.. قال زهير بن القين لشمر: يا بن البوال على عقبيه ما إياك أخاطب، إنما أنت بهيمة! والله ما أظنك تحكم من كتاب الله آيتين...

١٢٢

فقال له شمر: إن الله قاتلك وصاحبك عن ساعة!

قال أفبالموت تخوفني... ثم أقبل على الناس.. فقال: عباد الله لا يغرنكم من دينكم هذا الجلف الجافي... فوالله لا تنال شفاعة محمد قوماً أراقوا دماء ذريته وأهل بيته!!

ولا يقبل عمل المسلم إلاّ بحبّهم

في المعجم الكبير للطبراني: ١١/١٤٢:

عن ابن عباس قال قال رسول الله ( ص ): يا بني عبد المطلب إني سألت الله لكم ثلاثاً، سألته أن يثبت قائمكم، ويعلم جاهلكم، ويهدي ضالكم... فلو أن رجلاً صفن بين الركن والمقام وصلى وصام، ثم مات وهو مبغضٌ لأهل بيت محمدرضي‌الله‌عنهم ، دخل النار!!

ورواه الدهلوي في حياة الصحابة: ٢/٣٦٢

وفي الطبراني الاوسط: ٣/١٢٢:

عن الحسن بن عليعليه‌السلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إلزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله إلا بمعرفة حقنا.

ورواه المفيد في الأمالي ص ١٣ و٤٤، ورواه في مجمع الزوائد: ٩/١٧٢

وفي مناقب آل أبي طالب: ٣/٢:

كتاب ابن مردويه، بالاسناد عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: يا علي لو أن عبداً عبد الله مثل ما دام نوح في قومه، وكان له مثل جبل أحد ذهباً فأنفقه في سبيل الله، ومد عمره حتى حج ألف عام على قدميه، ثم قتل بين الصفا والمروة مظلوماً، ثم لم يوالك يا علي، لم يشم رائحة الجنة، ولم يدخلها.

وفي تاريخ النسائي، وشرف المصطفى واللفظ له: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

١٢٣

لو أن عبداً قام لله تعالى بين الركن والمقام ألف عام، ثم ألف عام، ولم يكن يحبنا أهل البيت، لأكبه الله على منخره في النار!! انتهى.

وفي فردوس الأخبار: ٢/١٤٢ و٢٢٦:

عن ابن مسعود عن النبي ( ص ) قال: حب آل محمد يوماً، خير من عبادة سنة. ومن مات عليه دخل الجنة.

والأمة مسؤولةٌ عنهم يوم القيامة

في صحيح مسلم: ٧/١٢٢:

عن زيد بن أرقم ( قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً، بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال:

أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تاركٌ فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال:

وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي!!

وفي مجمع الزوائد: ١/١٧٠:

عن زيد بن ثابت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني تركت فيكم خليفتين: كتاب الله، وأهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.

رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.

ورواه بنحوه: ٩/١٦٢، وقال: رواه أحمد، وإسناده جيد.

وروى الطبراني في الأوسط: ٢/٢٢٦:

عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه، وعن حبنا أهل البيت.

١٢٤

وفي مجمع الزوائد: ١٠/٦٢٦:

عن ابن عباس قال قال رسول الله ( ص ): لا تزول قدما يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسد فيما أبلاه... وعن حبنا أهل البيت. قيل: يارسول الله فما علامة حبكم؟ فضرب بيده على منكب علي!

ورواه الكنجي في كفاية الطالب/٣٢٤، عن أبي ذر.

وروى الحسكاني في شواهد التنزيل: ٢/١٠٦:

وفي حديث أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم: وقفوهم إنهم مسؤولون. عن ولاية علي بن أبي طالب.

وهذه الأحكام مختصةٌ بهم ولا يقاس بهم أحد

في فردوس الأخبار: ٥/٣٤ ح ٧٠٩٤:

عن أنس بن مالك عن النبي ( ص ) قال: نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد. انتهى.

وفي فردوس الأخبار: ٤/٢٨٣:

وفي كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً، هم أساس الدين، وعماد اليقين، اليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة. انتهى.

ولا نطيل في استعراض أحاديث المكانة الشرعية المختصة بأهل البيتعليهم‌السلام ، فهي في مصادر السنيين كثيرة وصريحة، تدل على أن حبهم وولايتهم وإطاعتهم بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من أركان الدين.. والافاضة في ذلك تخرجنا عن غرضنا.

ومحبو أهل البيت وشيعتهم جزءٌ من المقياس النبوي

فتح الباري: ١/٤٣١:

روى حديث ( تقتل عماراً الفئة الباغية ) جماعة من الصحابة، منهم قتادة بن

١٢٥

النعمان كما تقدم، وأم سلمة عند مسلم، وأبو هريرة عند الترمذي، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي، وعثمان بن عفان، وحذيفة، وأبو أيوب، وأبو رافع، وخزيمة بن ثابت، ومعاوية، وعمرو بن العاص، وأبو اليسر، وعمار نفسه، وكلها عند الطبراني وغيره، وغالب طرقها صحيحة أو حسنة، وفيه عن جماعة آخرين يطول عدهم.

وفي هذا الحديث علمٌ من أعلام النبوة، وفضيلةٌ ظاهرةٌ لعلي ولعمار، ورد على النواصب الزاعمين أن علياً لم يكن مصيباً في حروبه.

وفي رواية ابن مسعود سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق.

وقال الحافظ ابن كثير: ومعلوم أن عماراً كان في جيش علي يوم صفين، وقتله أصحاب معاوية من أهل الشام، وكان الذي تولى قتله رجلٌ يقال له أبو الغادية، وقيل إنه صحابي! وفي رواية وقاتله في النار، لا أناله الله شفاعتي يوم القيامة!

وفي تاريخ بغداد: ٢/١٤٦:

عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: شفاعتي لأمتي، من أحب أهل بيتي، وهم شيعتي.

وحسنه العزيزي في السراج المنير: ٢/٣٧٠

ورواه في كنز العمال: ١٤/٣٩٨

وروى ابن أبي عاصم في السنة: ١/٣٣٤:

عن علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أول من يرد علي الحوض أهل بيتي، ومن أحبني ( أحبهم؟ ) من أمتي.

١٢٦

كيف طبقت الخلافة القرشية سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيهم!

جعلت الخلافة لعنهم على المنابر فريضة!

في صحيح مسلم: ٧/١٢٠:

عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب؟!

فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه! لأن تكون لي واحدة منهن أحب اليّ من حمر النعم!

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له ( وقد ) خلفه في بعض مغازيه فقال له علي يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي... الخ... وذكره فتح الباري: ٧/٦٠، عن مسلم والترمذي وأبي يعلى.

وفي مستدرك الحاكم: ٣/١٢١:

عن ابن أبي مليكة عن أبيه قال: جاء رجل من أهل الشام فسب علياً عند ابن عباس فحصبه ابن عباس فقال: يا عدو الله آذيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهينا. لو كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حياً لآذيته. هذا حديث صحيح الاسناد، ولم يخرجاه.

ورواه الحاكم في: ١/٣٦ ورواه الطبراني في الاوسط: ٢/٣٩٨، والصغير: ٣٩٨٢ والديلمي في فردوس الأخبار: ٢/٣٣٣ والهيثمي في مجمع الزوائد: ١/٤٢٥ و٧/٤١٨ و٥٨٠ - وابن حجر في الصواعق المحرقة/١٧٤

وابن العربي في شرح الترمذي: ٤ جزء ٨/٣١٨، وقال: رواه غير واحد عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، عن علي بن حسين، عن النبي مرسلاً، وهذا أصح.

ورواه في بحار الأنوار: ٢٧/٢٢٥

١٢٧

وأجبرت المسلمين على أن يكونوا نواصب

الخطط السياسية للمحامي أحمد حسين يعقوب/١٠٧:

خليفة المسلمين معاوية يرعى الرواية والرواة:

قال ابن أبي الحديد في شرح النهج: ٣/٥٩٥:

روى أبو الحسن على بن محمد بن أبي سيف المدائني في كتاب الاحداث قال: كتب معاوية نسخةً واحدة الى عماله بعد عام الجماعة:

أن برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل أبي تراب ( يعني الإمام علي ) وأهل بيته. ( يعني أهل بيت النبوة الكرام ) فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون علياً، ويبرؤون منه، ويقعون فيه، وفي أهل بيته، وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة، لكثرة من بها من شيعة عليعليه‌السلام ، فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم اليه البصرة، فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي، فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم، وقطع الأيدى والأرجل، وسمل العيون، وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشردهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم.

مرسوم آخر لخليفة المسلمين معاوية

ويضيف المدائني بالحرف:

وكتب معاوية الى عماله في جميع الآفاق أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة!

وكتب اليهم: أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان، ومحبيه وأهل ولايته، والذين يروون فضائله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم، واكتبوا لي بكل ما يروى كل رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته.

ففعلوا ذلك حتى أكثروا من فضائل عثمان ومناقبه، لما كان يبعثه اليهم معاوية من الصلات والكسا والحبا والقطائع، ويفيضه في العرب منهم والموالي، فكثر ذلك

١٢٨

في كل مصر، وتنافسوا في المنازل والدنيا، فليس يجيء أحد من الناس عاملاً من عمال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلا كتب اسمه وقربه وشفعه!

فلبثوا بذلك حيناً.

مرسوم ثالث لخليفة المسلمين معاوية

كتب معاوية الى عماله: إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر، وفي كل وجه وناحية، فإذا جاكم كتابي هذا فادعوا الناس الى الرواية في فضائل الصحابة، والخلفاء الأوليين، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب الا وتأتوني بمناقض له في الصحابة، فإن هذا أحب الى وأقر لعيني، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته، وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله!

فقرئت كتبه على الناس، فرويت أخبار كثيرةٌ في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها، وجد الناس في رواية ما يجرى هذا المجرى، حتى أشاروا بذكر ذلك على المنابر، وألقي الى معلمي الكتاتيب، فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع، حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن، وحتى علموا بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم، فلبثوا بذلك ماشاء الله.

مرسوم رابع لخليفة المسلمين معاوية

ثم كتب معاوية نسخةً واحدةً الى جميع البلدان: انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان، وأسقطوا عطاءه ورزقه!

وشفع ذلك بنسخة أخرى: من اتهمتموه بموالاة هولاء القوم فنكلوا به واهدموا داره!

فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق، ولا سيما الكوفة، حتى أن الرجل من شيعة على ليأتيه من يثق به فيدخل بيته، فيلقى اليه سره، ويخاف من خادمه ومملوكه ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمن عليه، فظهر حديث

١٢٩

كثير موضوع وبهتان منتشر.. ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة!!

وكان أعظم الناس في ذلك بلية القراء المراؤون والمستضعفون، الذين يظهرون الخشوع والنسك، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم، ويقربوا مجالسهم، ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل، حتى انتقلت تلك الأخبار، والأحاديث الى أيدى الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان، فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق! ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها. فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي، فازداد البلاء والفتنة، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا وهو خائفٌ على دمه، أو طريدٌ في الأرض.

تفاقم الأمر

ويضيف ابن أبي الحديد نقلاً عن المدائني: ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين وولي عبد الملك بن مروان، فاشتد البلاء على الشيعة، وولى عليهم الحجاج بن يوسف، فتقرب اليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه! وموالاة من يدعى من الناس أنهم أيضاً من أعدائه، فأكثروا من الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم، وأكثروا من الغض من علي وعيبه والطعن فيه والشنآن له، حتى أن انساناً وقف للحجاج ويقال إنه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب، فصاح به: أيها الأمير إن أهلي عقوني فسموني علياً، وإني فقير بائس، وأنا الى صلة الأمير محتاج، فتضاحك له الحجاج، وقال: للطف ما توسلت به، قد وليتك كذا!

وتابع ابن أبي الحديد قائلاً: وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه، وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم، في تاريخه ما يناسب هذا الخبر، وقال: إن اكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية، تقرباً اليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم!! انتهى.

١٣٠

أما الدولة العباسية فقد واصلت السياسة الأموية في اضطهاد أهل البيتعليهم‌السلام ، واضطهاد محبيهم ورواة فضائلهم، وأعطت للنواصب ووضاعي الأحاديث نفس المكانة المحترمة التي كانت لهم عند الخلافة الأموية!

وثقافة المسلمين السنيين إنما تكونت في ظل هاتين الدولتين.. ولذا صار من المألوف أن تقرأ فيها مثل هذه النص ( أسد بن وداعة شامي تابعي ناصبي كان يسب علياً، وكان عابداً، وثقه النسائي! ) الغدير: ٥/٢٩٤

وفي النصائح الكافية لمحمد بن عقيل/٢٢:

وهؤلاء هم الذين قال فيهم الإمام أحمدرحمه‌الله لما سئل عن معاوية: إن قوماً أبغضوا علياً فتطلبوا له عيباً فلم يجدوا، فعمدوا الى رجل قد ناصبه العداوة فأطروه كيداً لعلي!!

وفي كتاب الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: ٢/٢٧٧:

قال الرياشي: سمعت محمد بن عبد الحميد قال: قلت لابن أبي حفصة: ما أغراك ببني علي؟!

قال: ما أحد أحب إلي منهم، ولكن لم أجد شيئاً أنفع عند القوم منه! أي من بغضهم والتحامل عليهم! وكان ابن أبي حفصة يتحامل على آل علي، ويكثر هجاءهم طمعاً بجوائز العباسيين!! انتهى.

ولا نطيل بذكر الشواهد الكثيرة على هذه السياسة المؤذية لله تعالى ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد أفرد السيد محمد بن عقيل الحضرمي كتاباً لتعصبات علماء الجرح والتعديل ضد أهل البيتعليهم‌السلام ومحبيهم، سماه ( العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل ).

ولم يؤثر ذلك في كل الناس

في العقد الفريد لابن عبد ربه: ٥/١٥٦:

انتقص ابن حمزة بن عبد الله بن الزبير علياً فقال له أبوه... أما ترى علياً وما يظهر

١٣١

بعض الناس من بغضه ولعنه على المنابر فكأنما والله يأخذون بناصيته رفعاً الى السماء، وما ترى بني مروان وما يندبون به موتاهم من المدح... فكأنما يكشفون عن الجيف!!

**

بعض ما ورد عن المقياس النبوي في مصادرنا

روى الكليني في الكافي: ٨/٩٣:

عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال: لله عز وجل في بلاده خمس حرم: حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرمة آل رسول اللهعليهم‌السلام ، وحرمة كتاب الله عز وجل، وحرمة كعبة الله، وحرمة المؤمن. انتهى.

وروى نحوه في مجمع الزوائد: ١/٢٦٦، عن أبي سعيد الخدري، قال قال رسول الله ( ص ): إن لله عز وجل حرمات ثلاث، من حفظهن حفظ الله له أمر دينه ودنياه، ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله له شيئاً: حرمة الإسلام، وحرمتي، وحرمة رحمي.

وفي معاني الأخبار للصدوق/٥٨:

حدثنا أبو العباس محمد بن ابراهيم بن إسحاق الطالقانيرحمه‌الله قال: حدثنا عبدالعزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة قال: حدثني المغيرة بن محمد، قال: حدثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام قال:

خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بالكوفة بعد منصرفه من النهروان، وبلغه أن معاوية يسبه ويلعنه ويقتل أصحابه، فقام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر ما أنعم الله على نبيه وعليه، ثم قال:

لولا آية في كتاب الله ما ذكرت ما أنا ذاكره في مقامي هذا، يقول الله عز وجل: وأما بنعمة ربك فحدث. اللهم لك الحمد على نعمتك التي لا تحصى، وفضلك الذي لا ينسى.

١٣٢

يا أيها الناس: إنه بلغني ما بلغني، وإني أراني قد اقترب أجلي، وكأني بكم وقد جهلتم أمري، وإني تارك فيكم ماتركه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كتاب الله وعترتي، وهي عترة الهادي الى النجاة خاتم الأنبياء، وسيد النجباء، والنبي المصطفى.

يا أيها الناس:

لعلكم لا تسمعون قائلاً يقول مثل قولي بعدي إلا مفتر، أنا أخو رسول الله، وابن عمه، وسيف نقمته، وعماد نصرته وبأسه وشدته.

أنا رحى جهنم الدائرة، وأضراسها الطاحنة، أنا موتم البنين والبنات، أنا قابض الأرواح، وبأس الله الذي لا يرده عن القوم المجرمين.

أنا مجدل الأبطال، وقاتل الفرسان، ومبير من كفر بالرحمن، وصهر خير الأنام.

أنا سيد الأوصياء، ووصي خير الأنبياء، أنا باب مدينة العلم، وخازن علم رسول الله ووارثه، وأنا زوج البتول سيده نساء العالمين فاطمة التقية، ومن ولدي مهدي هذه الأمة.

ألا وقد جعلت محنتكم.. ببغضي يعرف المنافقون، وبمحبتي امتحن الله المؤمنين، هذا عهد النبي الأمي الي أنه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق.

وأنا صاحب لواء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الدنيا والآخرة، ورسول الله فرطي، وأنا فرط شيعتي، والله لا عطش محبي، ولا خاف وليي. وأنا ولي المؤمنين، والله وليي.

حسب محبي أن يحبوا ما أحب الله، وحسب مبغضي أن يبغضوا ما أحب الله.

ألا وإنه بلغني أن معاوية سبني ولعنني. اللهم اشدد وطأتك عليه، وأنزل اللعنة على المستحق، آمين رب العالمين، رب إسماعيل وباعث ابراهيم.إنك حميد مجيد.

وفي أمالي الصدوق/٢٦٩:

عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا سيد الأنبياء والمرسلين، وأفضل من الملائكة المقربين، وأوصيائي سادة أوصياء النبيين والمرسلين، وذريتي أفضل

١٣٣

ذريات النبيين والمرسلين، وأصحابي الذين سلكوا منهاجي أفضل أصحاب النبيين والمرسلين، وابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين، والطاهرات من أزواجي أمهات المؤمنين، وأمتي خير أمة أخرجت للناس، وأنا أكثر النبيين تبعاً يوم القيامة، ولي حوضٌ عرضه ما بين بصرى وصنعاء، فيه من الأباريق عدد نجوم السماء، وخليفتي على الحوض يومئذ خليفتي في الدنيا.

فقيل: ومن ذاك يا رسول الله؟

قال: إمام المسلمين وأمير المؤمنين ومولاهم بعدي علي بن أبي طالب، يسقي منه أولياءه، ويذود عنه أعداءه كما يذود أحدكم الغريبة من الابل عن الماء.

ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحب علياً وأطاعه في دار الدنيا ورد على حوضي غداً، وكان معي في درجتي في الجنة، ومن أبغض علياً في دار الدنيا وعصاه، لم أره ولم يرني يوم القيامة، واختلج دوني، وأخذ به ذات الشمال الى النار.

وفي رواية قال: جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أكل من قال: لا إلَه إلا الله مؤمن؟

قال: إن عداوتنا تلحق باليهود والنصارى! إنكم لا تدخلون الجنة حتى تحبوني، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا، يعني علياً.

وفي أمالي الصدوق/١٣٤:

وفي حديث علي بن أبي طالب قال: بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ التفت إلينا فبكى فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟

فقال: أبكي مما يصنع بكم بعدي!

فقلت: وما ذاك يارسول الله؟

قال: أبكي من ضربتك على القرن، ولطم فاطمة خدها، وطعنة الحسن في الفخذ والسم الذي يسقى، وقتل الحسين!

قال: فبكى أهل البيت جميعاً، فقلت يا رسول الله، ما خلقنا ربنا إلا للبلاء.

١٣٤

قال: أبشر يا علي، فإن الله عز وجل قد عهد إلي أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.

وفي أمالي الصدوق/٨٩:

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حرب علي حرب الله، وسلم علي سلم الله.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولي علي ولي الله، وعدو علي عدو الله.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : علي حجة الله، وخليفته على عباده.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حب علي إيمان، وبغضه كفر.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حزب علي حزب الله، وحزب أعدائه حزب الشيطان.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : علي مع الحق والحق معه لا يفترقان حتى يردا علي الحوض.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي: قسيم النار والجنة.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من فارق علياً فقد فارقني، ومن فارقني فقد فارق الله عز وجل.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة.

وفي أمالي المفيد/١٦٩:

في حديث أبي ذر الغفاري قال: رأيت رسول الله وقد ضرب كتف علي بن أبي طالبعليه‌السلام بيده، وقال:

يا علي: من أحبنا فهو العربي، ومن أبغضنا فهو العلج.

شيعتنا أهل البيوتات والمعادن والشرف، ومن كان مولده صحيحاً، وما على ملة ابراهيمعليه‌السلام إلا نحن وشيعتنا، وسائر الناس منها براء!

وإن لله ملائكة يهدمون سيئات شيعتنا كما يهدم القدوم البنيان.

وفي أمالي المفيد/٢١٣:

عن الإمام الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي: يا علي أنت مني وأنا منك، وليك ولي وولي ولي الله، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله.

١٣٥

يا علي: أنا حرب لمن حاربك، وسلم لمن سالمك، يا علي لك كنز في الجنة إلا من عرفك وعرفته، ولا يدخل النار إلا من أنكرك وأنكرته.

يا علي: أنت والأئمة من ولدك على الأعراف يوم القيامة تعرف المجرمين بسيماهم والمؤمنون بعلاماتهم.

يا علي: لولاك لم يعرف المؤمنون بعدي.

وفي الغدير: ١٠/١٥٩:

لما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فخطب ونال من ابن علي ومن علي!

فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

إن الله عز وجل لم يبعث بعثاً إلا جعل له عدواً من المجرمين، فأنا ابن علي وأنت ابن صخر، وأمك هند وأمي فاطمة، وجدتك قتيلة وجدتي خديجة، فلعن الله ألأمنا حسباً، وأخملنا ذكراً، وأعظمنا كفراً، وأشدنا نفاقاً!

فصاح أهل المسجد: آمين آمين. فقطع معاوية خطبته ودخل منزله!

وفي لفظ: خطب معاوية بالكوفة حين دخلها، والحسن والحسينرضي‌الله‌عنهما جالسان تحت المنبر، فذكر علياًعليه‌السلام فنال منه ثم نال من الحسن، فقام الحسين ليرد عليه، فأخذه الحسين بيده فأجلسه، ثم قام فقال:

أيها الذاكر علياً! أنا الحسن وأبي علي، وأنت معاوية وأبوك صخر، وأمي فاطمة وأمك هند، وجدي رسول الله وجدك عتبة بن ربيعة، وجدتي خديجة، وجدتك قتيلة! فلعن الله أخملنا ذكراً، وألأمنا حسباً، وشرنا قديماً وحديثاً، وأقدمنا كفراً ونفاقاً. فقال طوائف من أهل المسجد: آمين.

مقاتل الطالبين ص ٢٢، وشرح ابن أبي الحديد: ٤/١٢، وجمهرة الرسائل: ٢/٩ و٥٠

بعض ما ورد في مصادرنا في عدم شمول الشفاعة للنواصب

في بصائر الدرجات/٥٢:

حدثنا سلام بن أبي عمرة الخراساني، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن

١٣٦

أبيه أنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أراد أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويدخل جنة ربي جنة عدن غرسة ربي، فليتول علي بن أبي طالب، وليعاد عدوه، وليأتم بالأوصياء من بعده، فإنهم أئمة الهدى من بعدي، أعطاهم الله فهمي وعلمي، وهم عترتي من لحمي ودمي. الى الله أشكو من أمتي المنكرين لفضلهم، القاطعين فيهم صلتي!

وأيم الله ليقتلن ابني - يعني الحسين - لا أنالهم الله شفاعتي. ورواه في الامامة والتبصرة/٤١. وتقدم في المكذبين بفضلهم.

وفي الطبراني الكبير: ٥/١٩٤ ومجمع الزوائد: ٩/١٨٠:

عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يحيا حياتي، ويموت موتتي، ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي، فإن ربي غرس قصباتها بيده، فليتول علي بن أبي طالب، فإنه لن يخرجكم من هدى، ولن يدخلكم في ضلالة. انتهى.

ولا بد إذا صح الحديث أن يكون قوله ( فإن ربي غرس قصباتها بيده ) مجازياً لاجل بيان أهمية جنة الخلد، وأنها من خاص عطاء الله تعالى.

وفي المحاسن: ١/١٨٦:

عنه، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن علي الصائغ، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إن المؤمن ليشفع لحميمه إلا أن يكون ناصباً، ولو أن ناصباً شفع له كل نبي مرسل وملك مقرب ما شفعوا.

ورواه في ثواب الأعمال /٢٠٣، والمحاسن /١٨٤، والبحار: ٨/٤١، ونحوه في بشارة المصطفى للطبري الشيعي/٣٨

بعض ماورد في مصادرنا في أحكام التعامل مع النواصب

في الكافي: ٥/٣٤٨:

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال: لا يتزوج المؤمن الناصبة المعروفة بذلك. عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال له الفضيل: أتزوج الناصبة؟ قال: لا، ولا كرامة.

١٣٧

قلت: جعلت فداك، والله إني لأقول لك هذا، ولو جاءتني ببيت ملآن دراهم ما فعلت.

وفي الكافي: ٥/٣٤٩:

عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عن الناصب الذي قد عرف نصبه وعداوته، هل نزوجه المؤمنة، وهو قادرٌ على رده، وهو لا يعلم برده؟

قال: لا يزوج المؤمن الناصبة، ولا يتزوج الناصب المؤمنة، ولا يتزوج المستضعف مؤمنة.

وفي الكافي: ٥/٣٥١:

عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سأله أبي وأنا أسمع عن نكاح اليهودية والنصرانية، فقال: نكاحهما أحب إلي من نكاح الناصبية، وما أحب للرجل المسلم أن يتزوج اليهودية ولا النصرانية، مخافة أن يتهود ولده أو يتنصر.

وفي الكافي: ٣/١٣٣:

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور قال: كان خطاب الجهني خليطاً لنا وكان شديد النصب لآل محمدعليهم‌السلام ، وكان يصحب نجدة الحروري!

قال: فدخلت عليه أعوده للخلطة والتقية، فإذا هو مغمى عليه في حد الموت، فسمعته يقول: مالي ولك يا علي!! فأخبرت بذلك أبا عبد الله فقال أبو عبد الله: رآه ورب الكعبة، رآه ورب الكعبة!

وفي الكافي: ٤/٣٠٩:

عن وهب بن عبد ربه قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أيحج الرجل عن الناصب؟

فقال: لا.

فقلت: فإن كان أبي؟

قال: فإن كان أباك فنعم.

١٣٨

وفي وسائل الشيعة: ١/١٥٨:

عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ( في حديث ) قال: من اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام، فلا يلومن إلا نفسه.

فقلت لأبي الحسنعليه‌السلام : إن أهل المدينة يقولون: إن فيه شفاء من العين، فقال: كذبوا، يغتسل فيه الجنب من الحرام، والزاني، والناصب الذي هو شرهما و( شر ) كل من خلق الله، ثم يكون فيه شفاء من العين؟ !!

وفي وسائل الشيعة: ١/١٦٥:

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه كره سؤر ولد الزنا، وسؤر اليهودي والنصراني، والمشرك وكل من خالف الإسلام، وكان أشد ذلك عنده سؤر الناصب.

وفي الهداية للصدوق/٢٦:

إذا صليت على ناصب، فقل بين التكبيرة الخامسة: اللهم اخز عبدك في عبادك وبلادك، اللهم أصله أشد نارك، وأذقه حر عذابك، فإنه كان يوالي أعداءك ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيك. فإذا رفع فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه.

النصب يجر الى التجسيم

في تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى/١٧٧:

مسألة: فإن قيل: فما معنى الخبر المروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته. وهذا خبر مشهور لا يمكن تضعيفه ونسبته الى الشذوذ؟ .

الجواب: قلنا أما هذا الخبر فمطعون عليه مقدوح في راويه، فإن راويه قيس بن أبي حازم، وقد كان خولط في عقله في آخر عمره مع استمراره على رواية الأخبار، وهذا قدحٌ لا شبهة فيه، لأن كل خبر مروي عنه لا يعلم تاريخه يجب أن يكون مردوداً، لأنه لا يؤمن أن يكون مما سمع منه في حال الاختلال، وهذه طريقة في

١٣٩

قبول الأخبار وردها ينبغي أن تكون أصلاً ومعتبراً فيمن علم منه الخروج، ولم يعلم تاريخ ما نقل عنه.

على أن قيساً لو سلم من هذا القدح كان مطعوناً فيه من وجه آخر، وهو أن قيس بن أبي حازم كان مشهوراً بالنصب والمعاداة لأمير المؤمنين صلاة الله وسلامه عليه والانحراف عنه، وهو الذي قال: رأيت علي بن أبي طالب على منبر الكوفة يقول: انفروا الى بقية الأحزاب، فأبغضته حتى اليوم في قلبي. الى غير ذلك من تصريحه بالمناصبة والمعاداة. وهذا قادح لا شك في عدالته.

فضل العلماء الذين يدفعون شبهات النواصب

في الصراط المستقيم للبياضي: ٣/٥٦:

عن الهاديعليه‌السلام : لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء ودالين عليه، والداعين اليه، والذابين عن دينه بحجج الله.. ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل. ( وهو في الاحتجاج للطبرسي: ١/١٥ )

وقال عليعليه‌السلام : من قوى مسكيناً في دينه، ضعيفاً في معرفته، على ناصب مخالف فأفحمه، لقنه الله يوم يدلى في قبره أن يقول: الله ربي، ومحمد نبيي، وعلي وليي، والكعبة قبلتي، والقرآن عدتي، والمؤمنون إخواني.

فيقول الله أدليت بالحجة، فوجبت لك عالي درجات الجنة، فعند ذلك يتحول عليه قبره أنزه رياض الجنة.

وقال الرضاعليه‌السلام : أفضل ما يقدمه العالم من محبينا ليوم فقره ومسكنته أن يعين في الدنيا مسكيناً من يد ناصب عدو لله ورسوله، يقوم من قبره والملائكة صفوف الى محل من الجنان، فيحملونه على أجنحتهم، ويقولون: طوباك طوباك يادافع الكلاب عن الأبرار، ويا أيها المتعصب للأئمة الأخيار.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523