العقائد الإسلامية الجزء ٤

العقائد الإسلامية7%

العقائد الإسلامية مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 523

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 523 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 196166 / تحميل: 7979
الحجم الحجم الحجم
العقائد الإسلامية

العقائد الإسلامية الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

وفي الإحتجاج للطبرسي: ١/١٦:

وعنهعليه‌السلام قال: يأتي علماء شيعتنا القوامون بضعفاء محبينا وأهل ولايتنا يوم القيامة والأنوار تسطع من تيجانهم، على رأس كل واحد منهم تاج بهاء، قد انبثت تلك الأنوار في عرصات القيامة ودورها مسيرة ثلاثمائة ألف سنة، فشعاع تيجانهم ينبث فيها كلها، فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه ومن ظلمة الجهل علموه ومن حيرة التيه أخرجوه، إلا تعلق بشعبة من أنوارهم، فرفعتهم الى العلو حتى تحاذى بهم فوق الجنان، ثم ينزلهم على منازلهم المعدة في جوار أساتيذهم ومعلميهم، وبحضرة أئمتهم الذين كانوا اليهم يدعون.

ولا يبقى ناصبٌ من النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان إلا عميت عينه وأصمت أذنه وأخرس لسانه، وتحول عليه أشد من لهب النيران، فيحملهم حتى يدفعهم الى الزبانية فيدعونهم الى سواء الجحيم.

١٤١

١٤٢

الفصل السادس عشر

شفاعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة

بيد أهل بيتهعليهم‌السلام

تقدم في الفصول السابقة من السنيين عن أويس القرني أنه يشفع لمثل ربيعة ومضر وتميم.

وعرفت أن أويساً ما كان إلا شيعياً مخلصاً لأهل البيتعليهم‌السلام ، وأنه بايع أمير المؤمنينعليه‌السلام على بذل مهجته دونه، واستشهد تحت رايته في صفين.

وإذا كان أويس صاحب هذه الشفاعة الكبيرة، فكيف تكون شفاعة علي الذي فداه بنفسه؟!

ثم كيف لا تكون لأهل البيتعليهم‌السلام شفاعةٌ مميزة، وقد نصت الأحاديث الصحيحة على أن الجنة والشفاعة محرمةٌ على مبغضيهم وظالميهم، كما عرفت!

إن الذين يستكثرون الشفاعة على أهل البيتعليهم‌السلام ، إنما يقفلون أعينهم عمداً عن المقام المميز الذي ثبت لهم بالأحاديث الصحيحة في مصادر الجميع.. أو يحسدون أهل بيت نبيهم على ما فضلهم به ربهم، صلى الله عليه وعليهم.

١٤٣

ثم اعجب لهؤلاء المستكثرين للشفاعة على أهل بيت نبيهم، وهم يعلمون أن جدهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو رئيس المحشر يوم القيامة، وصاحب الشفاعة الكبرى فيه وصاحب حوض الكوثر.. وذلك ملكٌ عظيم يحتاج الى من يديره، وينفذ فيه أوامر النبي وتوجيهاته..

فمن يكون هؤلاء المنفذون غير أهل بيته الأطهار، ومعهم ملائكة الله تعالى؟!

وفيما يلي نورد أحاديث تدل على مقامهم وشفاعتهم من مصادر الطرفين:

عليعليه‌السلام صاحب لواء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة

روت بعض صحاح إخواننا أحاديث لواء الحمد، وهو لواء رئاسة المحشر، الذي يعطيه الله لرسوله يوم القيامة.

ولكن هذا اللواء بقي في الصحاح بلا أحد يحمله!

والسبب في ذلك أن حامله عليعليه‌السلام ، وأحاديثه تضمنت فضائل له، وتعريضاً بالصحابة، وهي أمورٌ لا يتحملها الخلفاء، فتركها رواة الخلافة!!

ماذا روت الصحاح عن رئاسة المحشر ولواء الحمد؟

أما البخاري فلم يرو أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سيد ولد آدم يوم المحشر، ولا أنه يعطى لواء الحمد، ولا أنه يكون أول شافع!

فالبخاري قلد كعب الأحبار الذي زعم أن الشافع الأول هو ابراهيم أو اسحاق، كما بينا ذلك في المجلد الثالث!

ولذا أعطى مقام الشفاعة الأول لأنبياء اليهود، وأبقي المحشر بلا رئيس ولا لواء!

ولعل أمر المحشر عنده يحتاج الى سقيفة قرشية لاختيار رئيس له!!

وأما مسلم فقد روى في صحيحه: ٧/٥٩:

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع.

ونحوه في ابن ماجة: ٢ /١٤٤٠، وأبي داود: ٢/٤٠٧

١٤٤

وأما الترمذي فروى حديث لواء الحمد في: ٤/٢٩٤:

عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، ولا فخر.

ورواه بصيغ أخرى في: ٤/٣٧٠، وفي: ٥/٢٤٥ و٢٤٧ و٢٤٨

**

أما أحاديث أن علياً حامل لواء المحشر، وأنه الساقي على حوض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد صارت من نصيب المصادر البعيدة عن رقابة الخلافة!

ولا بأس بذلك، لأن بعض هذه المصادر أقدم من الصحاح الستة، وكل مصنفيها محترمون موثقون عند السنيين، وبعضهم شيوخ أصحاب الصحاح!

وقد أورد الأميني في الغدير : ٢/٣٢١، عدداً من هذه الأحاديث، وذكر فيها لواء الحمد والسقاية على الحوض معاً.. ونحن نورد ما فيه ذكر اللواء، مما ذكره في الغدير، وغيره:

ففي مناقب الصحابة لأحمد بن حنبل/٦٦١:

حدثنا محمد بن هشام بن البختري، ثنا الحسين بن عبيد الله العجلي، ثنا الفضيل بن الاستثناء، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله ( ص ): أعطيت في علي خمساً هن أحب إلي من الدنيا وما فيها:

أما واحدة: فهو تكأتي الى بين يدي، حتى يفرغ من الحساب.

وأما الثانية: فلواء الحمد بيده، آدمعليه‌السلام ومن ولد تحته.

وأما الثالثة: فواقفٌ على عقر حوضي يسقي من عرف من أمتي.

وأما الرابعة: فساتر عورتي ومسلمي الى ربي.

وأما الخامسة: فلست أخشى عليه أن يرجع زانياً بعد إحصان أو كافراً بعد إيمان.

١٤٥

ورواه أبو نعيم في الحلية: ١٠/٢١١ والطبري المؤرخ في الرياض النضرة ٢/٢٠٣ ورواه في كنز العمال ٦/٤٠٣

وفي مناقب الخوارزمي/٢٠٣:

عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

يا علي؟ سألت ربي عز وجل فيك خمس خصال فأعطاني:

أما الأولى: فإني سألت ربي: أن تنشق عني الأرض وانفض التراب عن رأسي وأنت معي، فأعطاني.

وأما الثانية: فسألته أن يوقفني عند كفة الميزان وأنت معي، فأعطاني.

وأما الثالثة: فسألته أن يجعلك حامل لوائي وهو لواء الله الأكبر، عليه المفلحون والفائزون بالجنة، فأعطاني.

وأما الرابعة: فسألت ربي أن تسقي أمتي من حوضي فأعطاني.

وأما الخامسة: فسألت ربي أن يجعلك قائد أمتي الى الجنة فأعطاني. فالحمد لله الذي من به علي. انتهى.

ورواه في فرائد السمطين في الباب الثامن عشر، وفي كنز العمال ٦/٤٠٢

وفي الدر المنثور: ٦/٣٧٩:

أخرج ابن مردويه عن علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تسمع قول الله: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية، أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأمم للحساب، تدعون غراً محجلين.

وفي الطبراني الصغير: ٢/٨٨:

عن عبد الله بن عكيم الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل أوحى إلي في علي بن أبي طالب ثلاثة أشياء ليلة أسرى بي: إنه سيد المؤمنين وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين. انتهى.

وروى نحوه الحاكم: ٣/١٣٨، عن أسعد بن زرارة، وقال: إسناده صحيح.

١٤٦

ومعنى قائد الغر المحجلين: أن علياًعليه‌السلام صاحب لواء أهل الجنة.

وفي الطبراني الكبير: ٢/٢٤٧:

عن جابر: قالوا يا رسول الله، من يحمل رايتك يوم القيامة؟

قال: من يحسن أن يحملها إلا من حملها في الدنيا، علي بن أبي طالب.

وفي فردوس الأخبار: ٥/٨٣٤٦:

عن اُبي بن كعب أن النبي ( ص ) قال لعلي: يا علي أنت تغسل جثتي، وتؤدي ذمتي، وتواريني في حفرتي، وتفي بذمتي، وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة.

وفي كنز العمال: ١٣/١٤٥:

عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: أنت أمامي يوم القيامة فيدفع إلي لواء الحمد فأدفعه اليك، وأنت تذود الناس عن حوضي ( ابن عساكر، وقال: فيه أبو حذيفة إسحاق بن بشر، ضعيف ) انتهى.

ورواه في إحقاق الحق: ٦/١٧٩، عن أرجح المطالب/٦٦٢، ط. لاهور.

وفي إحقاق الحق: ٢٧/١٩٩:

عن كتاب التبر المذاب لأحمد الحافي الشافعي/٨١:

قال الواقدي وهشام بن محمد: لما رآهم الحسين مصرين على قتله، أخذ المصحف ونشره، ونادى: بيني وبينكم كتاب الله وسنة جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بم تستحلون دمي؟

ألست ابن بنت نبيكم؟

ألم يبلغكم قول جدي في وفي أخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟! ...

فبم تستحلون دمي وجدي الذائد على الحوض يذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الشارد عن الماء، ولواء الحمد بيد أبي يوم القيامة... الخ.

١٤٧

وفي كنز العمال: ١١/٦٢٥ وج ١٣/١٢٩:

عن الخطيب والرافعي عن علي قال قال رسول الله ( ص ):

سألت الله يا علي فيك خمساً، فمنعني واحدة وأعطاني أربعاً: سألت الله أن يجمع عليك أمتي فأبى علي، وأعطاني فيك أنك أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا وأنت معي، ومعك لواء الحمد أنت تحمله بين يدي تسبق به الأولين والآخرين، وأعطاني فيك أنك ولي المؤمنين بعدي.

وروى في كنز العمال: ١٣/١٥٢، حديثين في الموضوع جاء في أولهما:

أن تسقي أمتي من حوضي، وأن يجعلك قائد أمتي الى الجنة، فأعطاني.

وذكر أن ابن الجوزي والذهبي ضعفا هذا الحديث بعبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه، وقال: ولم أقف لهذا الرجل على ترجمة، وللحديث الأخير شاهدٌ من حديث ابن عباس، إلا أن ابن الجوزي أورده في الموضوعات، وللحديث الأول شاهد. انتهى.

فقد مال الى تصحيح الحديثين بشواهدهما، وهو أمر متفق عليه في علم الحديث، وكم من حديث ضعيف عندهم صححوه بشواهده.

ولكنه لم يذكر شواهدهما! ومن عادة المعتدلين السنيين أنهم لا يحبون أن يفتحوا نقاشاً صريحاً مع المتعصبين.

والأحاديث التي أوردناها من مصادرهم كافية للشهادة لهما، وفيها صحيحٌ سالم بشهادتهم!!

ويفهم من كلام صاحب كنز العما أيضاً أنه لا يأخذ بتضعيفات ابن الجوزي والذهبي لأحاديث فضائل أهل البيتعليهم‌السلام .

١٤٨

أما مصادرنا فقد تواترت فيها أحاديث أن لواء الحمد يكون بيد عليعليه‌السلام :

ففي أمالي الصدوق/٦١:

عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

يا علي أنت أخي ووزيري، وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة، وأنت صاحب حوضي، من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني.

وفي بشارة المصطفى للطبري الشيعي /١٢٥:

بسنده عن الحسين بن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي أنت المظلوم بعدي، فويل لمن قاتلك وطوبى لمن قاتل معك...

يا علي أنت أول من تنشق عنه الأرض معي، وأنت أول من يبعث معي، وأنت أول من يجوز الصراط معي...

وأنت أول من يرد حوضي، تسقي منه أولياءك وتذود عنه أعداءك.

وأنت صاحبي إذا قمت المقام المحمود تشفع لمحبنا فيهم.

وأنت أول من يدخل الجنة وبيدك لوائي لواء الحمد، وهو سبعون شقة، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر.

وأنت صاحب شجرة طوبى في الجنة، أصلها في دارك وأغصانها في دور شيعتك ومحبيك. انتهى. وروى نحوه في ٢٢٠

١٤٩

عليعليه‌السلام آمر السقاية على حوض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة

حوض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أو حوض الكوثر، قضيةٌ كبيرة يوم القيامة.. فهو عين الحياة في أرض المحشر، يصب ماؤها من نهرين من أنهار الجنة، وكل الخلائق يحتاجون الى الشرب منه، لأنه لا يمكن لأحد أن يدخل الجنة إلا بأن يشرب منه!

ففي كنز العمال: ١٤ /٤٢٠ : ما أنتم بجزء من مائة ألف جزء ممن يرد على الحوض - حم، د، ك، عن زيد بن أرقم. انتهى.

والشربة منه تروي الانسان رياً أبدياً، فلا يظمأ بعدها أبداً.. ويبدو أنها تؤثر على التركيب الفيزيائي لبدن الانسان، فتجعله صالحاً للحياة في الجنة.

وقد خص الله به سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجعل أمره بيده ويد أهل بيته الطاهرين، فلا يشرب أحد منه إلا ببطاقة منهم!!

كما أن أحاديث حوض الكوثر قضيةٌ كبيرة أيضاً في مصادر المسلمين!

ونشكر الله أنها بقيت في الصحاح ولم تحذف منها! لأنها كانت مهددة بالنسيان والحذف!! بسبب أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في آخر سنة من عمره الشريف ركز على العقيدة بالحوض، خاصة في خطب حجة الوداع، وربطه بوصيته بالقرآن وأهل بيته الطاهرين، وأكد على أن من لا يطيع وصيته فيهم يمنعه الله تعالى من ورود الحوض والشرب منه، وبالتالي من دخول الجنة.

وأخبرصلى‌الله‌عليه‌وآله أن أكثر أصحابه سوف يطردون عن الحوض، ولا يسمح لهم بالشرب منه!!!

فأحاديث الحوض تتضمن إذن: بيان مقام أهل البيت الطاهرين، والأمر باتباعهم، وأنهم ومحبيهم الواردون على الحوض، والساقون عليه..

كما تتضمن ذم مبغضيهم ومخالفيهم، وأنهم مطرودون عن الحوض، ممنوعون من الورود عليه والشرب منه، حتى لو كانوا صحابة!!

١٥٠

محاولات الأمويين التكذيب بأحاديث الحوض

من الطبيعي أن ينزعج المنافقون والحاسدون لبني هاشم من هذا التأكيد النبوي، ولا بد أنهم كانوا يسخرون من عقيدة ( حوض محمد وأهل بيته ).

ولا نحتاج الى تتبع سخريتهم في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكنا نراها ظاهرة عند ورثتهم من الحكام الكبار في العهد الأموي، مثل عبيد الله بن زياد، الذي كان الحاكم المطلق للعراق وايران وما وراءها!!

ويبدو أنه كان يعمل لحذف عقيدة الحوض من الإسلام.. ولكن المؤمنين وقفوا في وجهه!

فقد ذكر الحاكم في المستدرك: ١/٧٥:

أن أبا سبرة بن سلمة الهذلي سمع ابن زياد يسأل عن الحوض حوض محمد! فقال: ما أراه حقاً! بعد ما سأل أبا برزة الأسلمي، والبراء بن عازب، وعائذ بن عمرو، قال: ما أصدق هؤلاء!! الخ.

وقال في: ١/٧٨:

عن أنس قال دخلت على عبيد الله بن زياد وهم يتراجعون في ذكر الحوض، قال فقال جاءكم أنس، قال يا أنس ما تقول في الحوض؟

قال قلت: ما حسبت أني أعيش حتى أرى مثلكم يمترون في الحوض!

لقد تركت بعدي عجائز ما تصلي واحدة منهن صلاة إلا سألت ربها أن يوردها حوض محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله !! هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وله عن حميد شاهد صحيح على شرطهما... انتهى.

وروى نحوه أبو يعلى في مسنده: ٦/٩٦

وروى البيهقي في الاعتقاد والهداية/٨٤:

عن أبي حمزة قال: دخل أبو برزة على عبيد الله بن زياد فقال: إن محمدكم هذا لدحداح!!!

١٥١

فقال: ما كنت أراني أن أعيش في قوم يعدون صحبة محمد صلى الله عليه وسلم عاراً!

قالوا: إن الأمير إنما دعاك ليسألك عن الحوض!

فقال: عن أي باله:

قال: أحقٌ هو:

قال: نعم، فمن كذب به فلا سقاه الله منه!! انتهى.

وقد يدافع النواصب عن هذه الروايات بأنها تتحدث عن حالة شخصية في ابن زياد، وليس عن اتجاه عند الخلافة الأموية وأنصارها.

ولكنه يجد أنها اتجاه وليست حالة شخصية!

فهذا عمر بن عبد العزيز، وهو في مطلع القرن الثاني، أراد أن يتثبت من صحة أحاديث الحوض! أو يقنع بها بني أمية وأجواءهم في العاصمة! أو يواصل ما عمله الأمويون.. فأرسل الى المدينة في إحضار صحابي كبير السن، لكي يسمع منه مباشرة حديث الحوض!!

فقد روى البيهقي في شعب الايمان: ٨/٢٤٣:

عن شعبة، أخبرنا أبو بكر بن فورك، أنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود، ثنا أبو عتبة، عن محمد بن المهاجر، عن عباس بن سالم اللخمي، أن ابن عبد العزيز بعث الى أبي سلام الحبشي، وحمل على البريد حتى قدم عليه، فقال: إني بعثت اليك أشافهك حديث ثوبان في الحوض!

فقال أبو سلام: سمعت ثوبان يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حوضي من عدن أبين الى عمان البلقاء، أكوازه مثل عدد نجوم السماء، ماؤه أحلى من العسل، أشد بياضاً من اللبن، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً، أول من يرد علي فقراء أمتي.

فقال عمر: يا رسول الله من هم؟

١٥٢

قال: هم الشعث الرؤوس، الدنس الثياب الذين لا ينكحون المتنعمات، ولا تفتح لهم أبواب السدد.

وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: ٤/٣٥٥:

أبو سلام ممطور الحبشي، ثم الدمشقي، الأسود الأعرج... استقدمه عمر بن عبد العزيز في خلافته اليه على البريد، ليشافهه بما سمع من ثوبان في حوض النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: شققت علي. فاعتذر اليه عمر وأكرمه. توفي سنة نيف ومئة .

ندم أئمة المذاهب على تدوين أحاديث الحوض!!

بل يدل النص التالي على أن حساسية الدولة من أحاديث الحوض امتدت الى زمن العباسيين، بسبب أن هذه الأحاديث تتضمن ذم الصحابة!!

فقد أعلن الإمام مالك ندمه على تدوين حديث الحوض في كتابه الموطأ! الذي دونه بأمر المنصور العباسي ليكون الكتاب الرسمي الالزامي للمسلمين!

وكان الإمام الشافعي يظهر تأسفه أيضاً لتدوين مالك لهذه الأحاديث، ولو كانت صحيحة!!

قال الصديق المغربي في فتح الملك العلي/١٥١:

حكي عن مالك أنه قال: ما ندمت على حديث أدخلته في الموطأ إلا هذا الحديث!! وعن الشافعي أنه قال: ما علمنا في كتاب مالك حديثاً فيه إزراء على الصحابة إلا حديث الحوض، ووددنا أنه لم يذكره!! انتهى.

ويناسب هنا أن نتوسع قليلاً في سبب ندم الإمام مالك والشافعي:

فقد طلب العباسيون عندما كانوا يخططون لثورتهم من الأئمة من أهل البيتعليهم‌السلام أن يتحالفوا معهم للاطاحة ببني أمية، فلم يستجب لهم الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام ، بينما استجاب لهم الحسنييون وتحالفوا معهم، وعينوا لحركتهم إماماً حسنياً،

١٥٣

وبدؤوا فعاليتهم ضد الأمويين في الحجاز والعراق وخراسان، بشعار: يالثارات الحسين، والدعوة الى الخليفة المرضي من آل محمد، والبراءة من غاصبي حقهم من الشيخين والأمويين بعدهم!!

وما أن حققت ثورتهم انتصارت حاسمة على يد أبي مسلم الخراساني، حتى اختلفوا مع حلفائهم الحسنيين، ونشبت بينهم معارك ضارية في الحجاز والعراق، انتصر فيها العباسييون وتفردوا بالحكم..

وهنا بدأ العباسيون بتغيير استراتيجيتهم الفكرية التي أخذوا البيعة عليها من الناس، فاستثنوا الشيخين أبا بكر وعمر من البراءة واللعن، وحصروه ببني أمية بمن فيهم عثمان!

ويدل ندم مالك على وجود ذم الصحابة في كتابه، على أنه ألفه قبل أن يتبلور التحول في خط الخلافة العباسية، ويعدلوا عن البراءة من الشيخين الى تبني ولايتهما والتأكيد عليها..

ذلك أن العباسيين كانوا سياسيين ولم يكونوا علماء، وكانت المرجعية الدينية للمعارضة في الأئمة من أولاد عليعليه‌السلام .. فأراد العباسيون أن يتبنوا مرجعية دينية، غير أموية وغير علوية، فاختار أبو جعفر المنصور الإمام مالك، وطلب منه أن يؤلف كتاباً سهلاً ممهداً موطأً، لينشره في بلاد المسلمين ويلزمهم به، فألف له الموطأ ووضع فيه حديث الحوض الذي يذم الصحابة ّ لأنه ينسجم مع خطهم الفكري، ونشرت الخلافة الكتاب، وأصدر المنصور قراره الذي ذهب مثلاً ( لا يفتين أحد ومالك في المدينة ).

ولكن ندم مالك، والشافعي، والخلافة العباسية لم ينفع، لأن حديث الحوض دخل في كتاب الخلافة الرسمي، وصار شاهداً لأحاديث الحوض الأخرى التي سمعها الناس ورووها ودونوها!

بل صار ندمهم شاهداً تاريخياً قوياً على صحة صدور هذه الأحاديث النبوية

١٥٤

الخطيرة، وتأكيد خط أهل البيتعليهم‌السلام ومكانتهم في الإسلام!

وإذا لاحظنا أن البخاري ومسلماً قد ألفا صحيحيهما في عصر المتوكل العباسي وبعده، وأن بغض المتوكل لعلي وأهل البيت النبوي كان مشهوراً.. فينبغي أن نشكرهما لأنهما رويا شيئاً من حديث الحوض الذي فيه إزراء على الصحابة حسب تعبير الشافعي، ولا نكلفهما أن يرويا أن علياًعليه‌السلام هو الساقي على حوض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنه يذود عنه الكفار والصحابة المطرودين!

والنتيجة للمتأمل في أحاديث حوض الكوثر

أن موقف السلطة الأموية والعباسية لم يمنع من روايتها، ولكنه سبب أن يقلل الرواة منها ويتحاشوا ما كان شديداً على الصحابة!!

وقد رأيت أن البخاري ومسلماً لم يرويا حديث أنس مع ابن زياد، وغيره مما هو صحيح على شرطهما!!

وبذلك يصح أن تقدر أن ما روته مصادرهم من أحاديث طرد الصحابة الخائنين عن الحوض، ليس إلا جزءا قليلاً منها!

على أن عدداً من المصادر بدلت كلمة أصحابي بكلمة: أمتي، أو بكلمة: الناس! وتحاشت صحاحهم رواية الأحاديث التي تربط حوض الكوثر بأهل البيت النبوي ومحبيهم، وتجعلهم المؤمنين المقبولين، والغر المحجلين، الذين يوافون النبي على حوضه، ويردون منه ويدخلون الجنة!!

نماذج من أحاديث الحوض والصحابة لمطرودين

في البخاري: ٧/٢٠٧:

عن عبد الله بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم: حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منها فلا يظمأ أبداً.

١٥٥

وفي البخاري: ٨/٨٦:

عن أسماء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا على حوضي أنتظر من يرد علي، فيؤخذ بناس من دوني فأقول أمتي! فيقول: لا تدري مشوا على القهقرى. انتهى.

وفي البخاري: ٢/٩٧٥:

عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يرد على الحوض رجالٌ من أصحابي فيحلؤون عنه! فأقول: يا رب أصحابي؟! فيقول: فإنه لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى.

وفي مسلم: ١/١٥٠:

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ( ص ): ترد على أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه.

قالوا يا نبي الله أتعرفنا؟

قال: نعم تردون علي غراً محجلين من آثار الوضوء. وليصد عني طائفةٌ منكم فلا يصلون، فأقول يا رب هؤلاء من أصحابي؟! فيجيبني ملكٌ فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟ !!

وفي مسلم: ٧/٧٠:

عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال: لأذودن عن حوضي رجالاً كما تذاد الغريبة من الابل.

ورواه أحمد في: ٢/٢٩٨

ورواه في المسند الجامع - تحقيق د. عواد: ٣/٣٤٣ و٥/١٣٥ و١٨ /٤٧١

والبيهقي في البعث والنشور/١٢٥

ومجمع الزوائد: ١٠/٦٦٥

١٥٦

وروى مسلم: ٢/٣٦٩، وأحمد: ٥/٣٩٠:

عن عمار بن ياسر قال: أخبرني حذيفة عن النبي ( ص ) قال: في أصحابي اثنا عشر منافقاً، منهم ثمانيةٌ لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط! انتهى.

وقد اهتم ابن حجر بحكم أحواض الابل التي في الحديث فقال في فتح الباري: ٥/٣٣:

وقوله لأذودن.. أي لأطردن، ومناسبته الترجمة من ذكره ( ص ) أن صاحب الحوض يطرد إبل غيره عن حوضه، ولم ينكر ذلك، فيدل على الجواز. انتهى.

وروى ابن أبي شيبة في المصنف: ١٥/١٠٩:

عن حذيفة قال: المنافقون الذين فيكم اليوم شرٌ من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم!

قال الراوي هو شقيق، قلت: يا أبا عبد الله وكيف ذاك؟!

قال: إن أولئك كانوا يسرون نفاقهم، وإن هؤلاء أعلنوه!!

وقال المفيد في الافصاح/٥٠:

وقالعليه‌السلام : أيها الناس، بينا أنا على الحوض إذ مُر بكم زمراً، فتفرق بكم الطرق فأناديكم: ألا هلموا الى الطريق، فيناديني مناد من ورائي: إنهم بدلوا بعدك، فأقول: ألا سحقاً، ألا سحقاً(١) .

وقالعليه‌السلام : ما بال أقوام يقولون: إن رحم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لاتنفع يوم القيامة، بلى والله إن رحمي لموصولةٌ في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرطكم على الحوض، فإذا جئتم قال الرجل منكم يارسول الله أنا فلانٌ بن فلان، وقال الآخر: أنا فلانٌ بن فلان، فأقول: أما النسب فقد عرفته، ولكنكم أحدثتم بعدي فارتددتم القهقرى(٢) .

وقالعليه‌السلام ، وقد ذكر عنده الدجال:

أنا لفتنة بعضكم أخوف مني لفتنة الدجال(٣) .

وقالعليه‌السلام : إن من أصحابي من لا يراني بعد أن يفارقني(٤) .

في أحاديث من هذا الجنس يطول شرحها، وأمرها في الكتب عند أصحاب

١٥٧

الحديث أشهر من أن يحتاج فيه الى برهان.

على أن كتاب الله عز وجل شاهد بما ذكرناه، ولو لم يأت حديث فيه لكفى في بيان ما وصفناه.

قال الله سبحانه وتعالى: وما محمدٌ إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم؟! ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين.

فأخبر تعالى عن ردتهم بعد نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله على القطع والثبات!

وقال في هامشه:

(١) مسند أحمد ٦: ٢٩٧، ومسند أبي يعلى: ١١/٣٨٧ )

(٢) مسند أحمد ٣: ١٨ و٦٢ قطعة منه

(٣) كنز العمال: ١٤/٣٢٢/٢٨٨١٢

(٤) مسند أحمد: ٦/٣٠٧

وفي فردوس الأخبار: ٣/٤٤٤:

عن أنس بن مالك عن النبي ( ص ) قال: ليرفعن أناسٌ من أصحابي وأنا على الحوض، فإذا عاينوني عرفتهم وأنا على الحوض، قد ذبلت شفاههم فاختلجوا دوني.

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله: من أحب علياً وأطاعه في دار الدنيا ورد على حوضي غداً، وكان معي في درجتي في الجنة.

ومن أبغض علياً في دار الدنيا وعصاه، لم أره ولم يرني يوم القيامة، واختلج دوني وأخذ به ذات الشمال الى النار. انتهى.

من أسس تدوين أحاديث القيامة عند علماء الخلافة

ونصل من أحاديث الحوض الى قضية أوسع تتعلق بموضوعنا، وهي أحاديث مقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة..

١٥٨

فإن المتأمل فيها في مصادر إخواننا السنيين يصل الى قناعة بأن أحاديثها كانت تتضمن أن أهل بيته معه في المحشر والجنة، بدليل بقاء ذكرهم وتسميتهم في عدد منها! وأنها كانت تتضمن بيان المصير الأسود لأكثر الصحابة!

وقد رأيت أنهم لم يستطيعوا أن يتخلصوا من الأحاديث التي تنص على أنه لا يرد منهم الحوض ولا ينجو إلا مثل همل النعم!

وهمل النعم هي النعاج المفردة الخارجة عن القطيع! وهو يعني أن أكثرية قطيع الصحابة لا ينجو!!

وبهذا نعرف الصعوبة في المهمة التي عهدت بهاالخلافة القرشية الى علماء الحديث، أو تبرعوا هم بها، بتدوين صحاح ترضى عنها وتتبنى نشرها!!

فلا بد أنهم وقفوا طويلاً أمام مشكلة تدوين أحاديث القيامة والآخرة، لأنها تعطي أهل البيت مقاماً الى جنب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .. ولأنها تذم الصحابة وتخبر عن هلاك أكثرهم!!

ولا شك أن الذين ألفوا بعد مالك بن أنس واجهوا نفس مشكلته، وخافوا أن يقعوا في نفس ( مزلق ) التشيع الذي وقع فيه!!

لذا رأوا أنهم مجبرون على أن اتباع الأسس التالية:

أولاً: أن يختاروا الأحاديث التي ليس فيها ذكر لأهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهي قليلة جداً جداً!

ثانياً: أن يجردوا الأحاديث من ذكر مقام أهل البيت النبوي مهما أمكن!

ثالثاً: أن يستبدلوا أسماء أهل البيت والكلمات التي استعملها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في التعبير عنهم بكلمات عن الأمة والصحابة.

رابعاً: أن يتحاشوا الأحاديث التي فيها ذم الصحابة، أو يحذفوا منها الذم أو يوجهوه الى آخرين.

خامساً: أن يدونوا الأحاديث الموضوعة في فضل الصحابة، خاصة الخلفاء

١٥٩

الثلاثة، لكي تقابل الأحاديث في فضائل أهل البيت النبوي!!

وتفصيل هذاالموضوع يخرجنا عن بحثنا، فنكتفي بذكر نماذج صغيرة:

فقد روى الخطيب في تاريخ بغداد ٩/٤٥٣:

عن ابن عباس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذٌ بيد علي يقول: هذا أول من يصافحني يوم القيامة.

وفي الاستيعاب: ٤/١٦٩:

عن أبي ليلى الغفاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب فإنه أول من يراني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب المنافقين.

ورواه ابن حجر في الاصابة: ٤/١٧٠، وضعفه بدون حجة، وكذا فعل ابن كثير في البداية: ٧/٣٤٨.

وفي سنن ابن ماجة: ١/٤٤:

عن عباد بن عبد الله قال: قال عليرضي‌الله‌عنه : أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كذاب! صليت قبل الناس سبع سنين. هذا حديث صحيح.

ورواه العزيزي في السراج المنير: ٢/٤٠٢، وقال البوصيري في الزوائد: صحيحٌ على شرط الشيخين، وتكلم فيه بعضهم لأجل عباد، لكن تابعته عليه معاذة العدوية.

وفي كنز العمال: ١١/٦١٦:

إن هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين - قاله لعلي. ( الطبراني عن سلمان وأبي ذر معاً، والبيهقي، وابن سعد، عن حذيفة ). انتهى.

١٦٠

وقال في هامشه : أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ( ٩/١٠٢ ) وقال رواه الطبراني والبزار، وفيه عمر بن سعيد المصري وهو ضعيف. انتهى.

وكلام هذا المهمش ليس دقيقاً، لأن رواية كنز العمال عن ثلاثة: سلمان وأبي ذر وحذيفة. ورواية الطبراني والبزار التي ضعفها الهيثمي بعمر بن سعيد المصري إنما هي عن أبي ذر وحده، وبالتالي فهو لم يضعف رواية سلمان وأبي ذر معاً، ولا رواية حذيفة التي نقلها صاحب كنز العمال عن البيهقي، وعن طبقات ابن سعد!

واليك ما قاله في مجمع الزوائد: ٩/١٠٢:

وعن أبي ذر وسلمان قالا: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي فقال: إن هذا أول من آمن بي، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين.

رواه الطبراني والبزار عن أبي ذر وحده وقال فيه: أنت أول من آمن بي، وقال فيه: والمال يعسوب الكفار. وفيه عمرو بن سعيد المصري وهو ضعيف. انتهى.

ومهما يكن، فإن بعض طرق الحديث صحيحةٌ على مبانيهم بدون حاجة الى شواهد، وبعضها صحيحةٌ بشواهدها. ولكنهم لا يبحثون أسانيده وأسانيد شواهده، ويضعفونه ويحكمون عليه بأنه منكر، لأنه يتضمن شهادة من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بصفات مهمة لعليعليه‌السلام ، وهي أمر منكر يضر بالخلافة القرشية!!

بل الأحوط عند بعض علماء الخلافة أن يعارضوه بأحاديث تشهد بأن الصفات التي وردت فيه قد ثبتت لخلفاء قريش، وليس لعلي!!

ونترك لقب الصديق والفاروق فعلاً، ونذكر ما رووه حول: أول من تنشق عنه الأرض مع النبي في يوم المحشر، وأول من يصافح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لإنهما من صلب موضوعنا.

١٦١

أما الأول:

فقد روى الحاكم في المستدرك: ٢/٤٦٥، وصححه:

عن ابن عمررضي‌الله‌عنهما قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا أول من تنشق الأرض عنه، ثم أبو بكر، ثم عمر، ثم آتي أهل البقيع فيحشرون معي، ثم أنتظر أهل مكة!!

وتلا عبد الله بن عمر: يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً ذلك حشر علينا يسير!

ورواه أيضاً في: ٣/٦٨، وصححه.

ورواه في كنز العمال: ١١/٤٠٣

وروى نحوه في/٤٢٦ و٤٣٣ ( عن الترمذي، وحسنه، وأبي عروبة في الأوائل، والطبراني الكبير، وابن عساكر، وأبي نعيم في فضائل الصحابة، عن ابن عمر.

وبآخر عن ابن عساكر، عن أبي هريرة. انتهى.

وتلاحظ في هذه الأحاديث أنها تعطي الأولية في الحشر ودخول الجنة لأبي بكر وعمر، ثم لأهل البقيع، ثم للقرشيين في مكة!

كما يوجد عندهم حديث آخر يميلون الى قبوله، رواه في كنز العمال: ١٣/٢٣٣ عن علي! قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أنا أول من تنشق الأرض عنه ولا فخر، فيعطيني الله من الكرامة ما لم يعطني من قبل. ثم ينادي مناد: يا محمد قرب الخلفاء، فأقول: ومن الخلفاء؟!

فيقول جل جلاله: عبد الله أبو بكر الصديق، فأول من تنشق الأرض عنه بعدي أبو بكر، ويقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً، ويكسى حلتين خضراوين، ثم يوقف أمام العرش.

ثم ينادي مناد: أين عمر بن الخطاب؟ فيجيء وأوداجه تشخب دماً فأقول: عمر! من فعل هذا بك! ؟

فيقول: مولى المغيرة بن شعبة، فيوقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً، ثم يكسى حلتين خضراوين، ثم يوقف أمام العرش.

١٦٢

ثم يؤتى بعثمان بن عفان وأوداجه تشخب دماً، فأقول: عثمان! من فعل بك هذا! ؟

فيقول: فلانٌ وفلان، فيوقف بين يدي الله فيحاسب حساباً يسيراً، ثم يكسى حلتين خضراوين، ثم يوقف أمام العرش.

ثم يؤتى بعلي وأوداجه تشخب دماً فأقول: علي! من فعل بك هذا؟!

فيقول: عبد الرحمن بن ملجم، فيوقف بين يدي لله فيحاسب حساباً يسيراً، ثم يكسى حلتين خضراوين، ثم يوقف أمام العرش مع أصحابه.

الزوزني، وفيه علي بن صالح، قال الذهبي: لا يعرف، وله خبرٌ باطل، وقال في اللسان ذكره ابن حبان في الثقات وقال: روى عنه أهل العراق، مستقيم الحديث. انتهى.

وهكذا عالج رواة الخلافة أولية علي التي رواها عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ! فوضعوا حديثاً على لسان علي نفسه! يجعل الأولية لخلفاء قريش بالترتيب، ويجعل علياً الرابع!!

وإذا كلمتهم في السند تراهم يعرضون عن بحث أسانيد الأحاديث التي فيها فضائل علي، ويعملون المستحيل لتصحيح الأحاديث التي فيها فضائل غيره، ويمدح ابن حبان واضع الحديث بأنه مستقيم الحديث، أي أحاديثه في مدح الخلفاء والأمراء وعمالهم!

**

وأما حديث أن أول من يصافحه النبي يوم القيامة علي.. فقد وجدوا له معالجة أخرى، فإذا كان علي أول شخص يستقبله الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ويصافحه يوم القيامة، فإن عمر أول شخص يستقبله الله تعالى يوم القيامة ويصافحه!! ويرحب به، ويدخله الجنة!!

فقد روى ابن ماجة في صحيحه: ١/٣٩:

حدثنا إسماعيل بن محمد الطلحي، أنبأنا داود بن عطاء المديني، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي بن كعب، قال:

١٦٣

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول من يصافحه الحق عمر، وأول من يسلم عليه، وأول من يأخذ بيده فيدخله الجنة.

ورواه في كنز العمال: ١/٥٧٨ - هـ، ك - عن أبي. انتهى.

وقد جاءت روايتهم فاقعةً الى حد أن الذهبي الذي يحب التجسيم ويحب عمر، لم يستطع الدفاع عنها!

وكذلك الألباني، حيث ضعفها على مضض في ضعيفته برقم ٢٢٤٨٥.

**

نتيجة كلية

والنتيجة الأكيدة عند المتأمل في هذه الأحاديث من مصادر الفريقين:

أن علياً وأهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لهم دورٌ كبير في الشفاعة مع النبي يوم القيامة.. بل إن كل مؤمن مقبول له شفاعة يوم القيامة بحسبه، ولما كان أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سادة المؤمنين، فشفاعتهم أكبر وأعظم.

أما الصحابة فتدل أحاديث القيامة على أن أكثرهم يكونون مشغولين الى آخر نفس في معالجة مشكلتهم وتخليص أنفسهم!!

عليعليه‌السلام هو ذائد المنافقين عن حوض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة!

تقدم في الفصل الخامس عشر تحت عنوان: علي ميزان الإسلام والكفر، حديث الإمام الحسن السبطعليه‌السلام ، وقد صححه الحاكم وغيره، وفيه:

( فقال له الحسن: أما والله لئن وردت عليه الحوض، وما أراك ترده، لتجدنه مشمر الازار على ساق، يذود عنه رايات المنافقين ذود غريبة الابل! قول الصادق المصدوق، وقد خاب من افترى ).

كما تقدمت بعض أحاديثه في حمل لواء المحشر عن أحمد وغيره.

١٦٤

وفي مناقب الصحابة لأحمد/٦٦٧:

وفيما كتب إلينا ( عبد الله بن غنام ) يذكر أن عباد بن يعقوب حدثهم، نا علي بن عابس، عن عبد الله عن أبي حرب بن أبي الأسود الدئلي، قال اشتكى أبو الأسود الفالج فنعت له ثعلب فطلبناها في خرب البصرة، فبينا أنا أطوف إذا أنا برجل يصلي فأشار إلي فأتيته فقال: من أنت؟ فقلت أبو حرب بن أبي الأسود، فقال: أقرئ أباك السلام وقل له عبد الله بن فلان يقرأ عليك السلام ويقول لك: أشهد أني سمعت علياً يقول: لأذودن بيدي هاتين القصيرتين عن حوض رسول الله رايات الكفار والمنافقين، كما تذاد غريبة الإبل عن حياضها. انتهى.

وفي تاريخ المدينة لابن شبة: ١/٣٧:

حدثنا محمد بن بكار قال، حدثنا أبو معشر، عن حرام بن عثمان ( عن أبي ) عتيق، عن جابر بن عبداللهرضي‌الله‌عنهما قال: أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم أناساً من المسجد وقال: لا ترقدوا في مسجدي هذا. قال: فخرج الناس، وخرج عليرضي‌الله‌عنه ، فقال: لعليرضي‌الله‌عنه إرجع فقد أحل لك فيه ما أحل لي، كأني بك تذودهم على الحوض، وفي يدك عصا عوسج.

وفي مجمع الزوائد: ٩/١٧٣:

وعن أبي هريرة أن علي بن أبى طالبرضي‌الله‌عنه قال: يا رسول الله، أيما أحب اليك أنا أم فاطمة؟

قال: فاطمة أحب إلي منك، وأنت أعز عليّ منها. وكأنى بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس، وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء، وإني وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة، إخواناً على سرر متقابلين، أنت معي وشيعتك في الجنة. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: إخواناً على سرر متقابلين، لا ينظر أحد في قفا صاحبه.

رواه الطبراني في الأوسط، وفيه سلمى بن عقبة ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

١٦٥

ورواه في تفسير الميزان: ١٢/١٧٦ ، عن تفسير البرهان عن الحافظ أبي نعيم عن رجاله عن أبي هريرة..

وفي مجمع الزوائد: ٩/١٣٥:

عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي معك يوم القيامة عصا من عصى الجنة تذود بها المنافقين عن حوضي. رواه الطبراني في الأوسط وفيه سلام بن سليمان المدايني وزيد العمي، وهما ضعيفان وقد وثقا، وبقية رجالهما ثقات.

وعن عبد الله بن إجارة بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو على المنبر يقول: أنا أذود عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين القصيرتين، الكفار والمنافقين كما تذود السقاة غريبة الابل عن حياضهم.

رواه الطبراني في الاوسط، وفيه محمد بن قدامة الجوهري، وهو ضعيف.

وعن علي بن أبي طالب قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ترضى يا علي إذا جمع الله النبيين في صعيد واحد، حفاة عراة مشاة قد قطع أعناقهم العطش فكان أول من يدعي ابراهيم فيكسى ثوبين أبيضين، ثم يقوم عن يمين العرش، ثم يفجر مثعب من الجنة الى حوضي، وحوضي أبعد مما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد نجوم السماء قدحان من فضة، فأشرب وأتوضأ وأكسى ثوبين أبيضين، ثم أقوم عن يمين العرش، ثم تدعى فتشرب وتتوضأ وتكسى ثوبين أبيضين، فتقوم معي، ولا أدعى الى خير إلا دعيت له.

رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عمران بن ميثم، وهو كذاب.

وفي مجمع الزوائد: ١٠/٣٦٦:

وعن أبي هريرة وجابر بن عبد الله قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي بن أبي طالب صاحب حوضي يوم القيامة، فيه أكوابٌ كعدد نجوم السماء، وسعة حوضي مابين الجابية الى صنعاء. رواه الطبراني في الأوسط، وفيه ضعفاء وثقوا.

١٦٦

وفي الغدير: ١/٣٢١:

أخرج الطبراني بإسناد رجاله ثقات عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي معك يوم القيامة عصا من عصي الجنة، تذود بها المنافقين عن الحوض.

الذخاير/٩١، الرياض: ٢/٢١١، مجمع الزوائد: ٩/١٣٥، الصواعق/١٠٤. انتهى.

وهو في الطبراني الصغير: ٢/٨٩، ورواه الديلمي أيضاً في فردوس الأخبار: ٥/٣١٧ و ٤٠٨، وفي طبعة أخرى من الصواعق/١٧٤

وفي تاريخ دمشق لابن عساكر: ١/٢٦٥:

أخبرنا أبو الحسن السلمي، أنبأنا عبد العزيز التميمي، أنبأنا علي بن موسى بن الحسين، أنبأنا أبو سليمان بن زير، أنبأنا محمد بن يوسف الهروي، أنبأنا محمد بن النعمان بن بشير، أنبأنا أحمد بن الحسين بن جعفر الهاشمي اللهبي، حدثني عبد العزيز بن محمد، عن حرام بن عثمان، عن عبد الرحمن ومحمد ابني جابر بن عبد الله عن أبيهما جابر بن عبد الله الأنصاري قال:

جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مضطجعون في المسجد، وفي يده عسيب رطب فضربنا، وقال: أترقدون في المسجد، إنه لا يرقد فيه أحد.

فأجفلنا وأجفل معنا علي بن أبي طالب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

يا علي إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي، ياعلي ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة.

والذي نفسي بيده إنك لتذودن عن حوضي يوم القيامة رجالاً كما يذاد البعير الضال عن الماء بعصى من عوسج، كأني أنظر مقامك من حوضي.

قال ( و ) أخبرناه عاليا أبو المظفر بن القشيري وأبو القاسم الشحامي قالا: أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو سعيد محمد بن بشر، أنبأنا محمد بن ادريس، أنبأنا سويد بن سعد، أنبأنا حفص بن ميسرة، عن حزام بن عثمان، عن ابن جابر - أراه عن جابر - قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مضطجعون في

١٦٧

المسجد، فضربنا بعصف في يده فقال: أترقدون في المسجد إنه لا يرقد فيه.

فأجفلنا فأجفل علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعال يا علي إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة، والذي نفسي بيده إنك لذواد عن حوضي يوم القيامة، تذود كما يذاد البعير الضال عن المأ بعصى لك من عوسج، كأني أنظر الى مقامك من حوضي. انتهى.

ونقله عنه في إحقاق الحق: ١٧/٣٧٤، ورواه الخوارزمي في مناقبه/٦٥

وفي الروض الأنف: ٢/١٤٦:

من طريق جابر بن عبد الله أن رسول الله ( ص ) قال لعلي: والذي نفسي بيده إنك لذائد عن حوضي يوم القيامة، تذود عنه كفار الأمم كما تذاد الابل الضالة عن الماء.

وقال السهيلي: إلا أن هذا الحديث يرويه حرام بن عثمان عن جابر عن النبي. وقد سئل مالك عنه فقال: ليس بثقة، وأغلظ فيه الشافعي. انتهى.

وكذلك ضعفه في تهذيب التهذيب: ٤/٢٨٣

ولا بد أن مالكاً سئل عنه، بعد أن ندم على تدوين حديث الحوض في موطئه!

وسواء صح ما نقلوه عن الشافعي في راوي الحديث حرام بن عثمان أم لا، فإن الذين ضعفوا هذا الحديث قد تعصبوا ضد أهل البيت، ودلسوا أيضاً!

ذلك أن القاعدة عند العلماء: أنهم إذا ضعفوا طريقاً لحديث مروي من طرق أخرى صحيحة، أن ينبهوا الى ذلك، ويذكروا أن له طرقاً أخرى ليس فيها حرام!! خاصة أنه حديثٌ مشهورٌ من رواية أهل البيت واحتجاجاتهم من زمن علي والحسنينعليهم‌السلام ، وكذلك في احتجاج شيعتهم ومحاوراتهم من القرن الأول نثراً وشعراً .

وقد نقلته مصادر السنيين بأسانيد صحيحة عن علي، وعن الحسن السبطعليهما‌السلام ، وقد تقدم في الفصل الخامس عشر تحت عنوان: عليعليه‌السلام ميزان الإسلام والكفر والايمان والنفاق، فراجع.

١٦٨

وكذا روته مصادرهم فيما روت من خطب الإمام الحسينعليه‌السلام ومحاوراته لجيش يزيد في كربلاء..

ولذلك يعتبر علماء الجرح والتعديل مثل هذا العمل تدليساً، يقصد منه إيهام القارىء بضعف متن هذا الحديث وأسانيده الأخرى!!

**

وأخيراً، فقد روت مصادر السنيين حديثاً غير مفهوم، ورد فيه أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يذود عن الحوض لأهل اليمن!

ففي المسند الجامع - تحقيق الدكتور عواد: ٣/٣٤٣ - ح ٢٠٦٢ - ٤٨:

عن ثوبان، أن نبي الله ( ص ) قال: إني لبعقر حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم. فسئل عن عرضه؟ فقال: من مقامي الى عمان.

وسئل عن شرابه؟ فقال: أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، يغث فيه ميزابان يحدانه من الجنة، أحدهما من ذهب، والآخر من ورق. انتهى.

وقد وجدنا حديثاً صححه في مجمع الزوائد، وهو يعطي ضوءاً على هذا الحديث المبهم، ويدل على أنه نصه كان يرتبط بأهل البيتعليهم‌السلام ، فصار لأهل اليمن!!

قال في مجمع الزوائد: ١٠/٣٦٦:

وعن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حوضي أذود عنه الناس لأهل بيتى إني لأضربهم بعصاي هذه حتى ترفض.

قلت: فذكر الحديث وهو في الصحيح غير قوله ( لأهل بيتي ).

رواه البزار بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح. انتهى.

ومعنى ذلك أن إحدى روايتي البزاز التي فيها ( لأهل بيتي ) صحيحة، ولعل أصل الحديث أذود عنه أنا وأهل بيتي، أو أذود من خالف أهل بيتي..

١٦٩

من أحاديث الحوض في مصادرنا

أما مصادرنا فلا مشكلة لها مع أحاديث حوض الكوثر ولا مع غيرها، لذك تجد أحاديثه صحيحة ومتواترة في مصادرنا، وهي من حججنا على إمامة أهل البيت النبوي الطاهرينعليهم‌السلام ..

قال الصدوق في كتاب الاعتقادات/٤٣:

إعتقادنا في الحوض: أنه حق، وأن عرضه مابين أيلة وصنعاء، وهو للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله . الساقي عليه يوم القيامة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالبعليهما‌السلام ، يسقي منه أولياءه ويذود عنه أعداءه، ومن شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليختلجن قوم من أصحابي دوني وأنا على الحوض، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأنادي ياربي أصحابي أصحابي، فيقال لي: إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك! .

وروى في كتاب الخصال/٦٢٤، عن عليعليه‌السلام :

أنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومعي عترتي وسبطي على الحوض، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا وليعمل عملنا، فإن لكل أهل بيت نجيب ولنا شفاعة، ولأهل مودتنا شفاعة، فتنافسوا في لقائنا على الحوض، فإنا نذود عنه أعداءنا ونسقي منه أحباءنا وأولياءنا، ومن شرب منه شربةً لم يظمأ بعدها أبداً.

حوضنا مترعٌ فيه مثعبان ينصبان من الجنة أحدهما من تسنيم، والآخر من معين، على حافتيه الزعفران، وحصاه اللؤلؤ والياقوت، وهو الكوثر.

ورواه في تفسير فرات الكوفي/٣٦٦، وتفسير نور الثقلين: ٥/٥١١

وفي تفسير فرات/١٧٢، من رواية يخبر بها النبي ابنته الصديقة فاطمة الزهراءعليها‌السلام بما سيحدث لها ولأولادها من بعده، ويعلمها الصبر على أمر الله تعالى، قال:

يا فاطمة بنت محمد...

١٧٠

أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه يسألونه الشفاعة.

أما ترضين أن يكون بعلك يذود الخلق يوم العطش عن الحوض فيسقي منه أولياءه، ويذود عنه أعداءه.

أما ترضين أن يكون بعلك قسيم النار، يأمر النار فتطيعه يخرج منها من يشاء ويترك من يشاء.

أما ترضين أن تنظرين الى الملائكة على أرجاء السماء ينظرون اليك والى ما تأمرين به، وينظرون الى بعلك قد حضر الخلائق وهو يخاصمهم عند الله!

فما ترين الله صانع بقاتل ولدك وقاتليك؟ !!

وقد أوردنا في معجم أحاديث الإمام المهدي: ٣ /١٥٣:

عن تفسير العياشي: ١/١٤، والكافي: ١ /٦٢:

عن علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ابراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال قلت لأمير المؤمنينعليه‌السلام : إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمدين؟ ويفسرون القرآن بآرائهم؟

قال: فأقبل علي فقال: قد سألت فافهم الجواب.

إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد كذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على عهده حتى قام خطيباً فقال: أيها الناس قد كثرت عليّ الكذابة، فمن كذب عليّ متعمداً فليتبوء مقعده من النار! ثم كذب عليه من بعده!

وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس:

١٧١

رجلٌ منافقٌ يظهر الايمان، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمداً، فلو علم الناس أنه منافقٌ كذاب، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ورآه وسمع منه، وأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل: وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم، وإن يقولوا تسمع لقولهم.

ثم بقوا بعده فتقربوا الى أئمة الضلالة والدعاة الى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال، وحملوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا!

وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة.

ورجلٌ سمع من رسول الله شيئاً لم يحمله على وجهه ووهم فيه، ولم يتعمد كذباً فهو في يده، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول: أنا سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه.

ورجلٌ ثالثٌ سمع من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه، ولم علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.

وآخرُ رابعٌ لم يكذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم ينسه، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد في ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ فإن أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ [ وخاص وعام ] ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الكلام له وجهان: كلامٌ عام وكلامٌ خاص، مثل القرآن، وقال الله عز وجل في كتابه: ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا.

فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وليس كل أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يسأله عن الشيء فيفهم! وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتى أن

١٧٢

كانوا ليحبون أن يجييء الأعرابي والطارئ فيسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يسمعوا.

وقد كنت أدخل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كل يوم دخلةً وكل ليلة دخلةً فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري، فربما كان في بيتي يأتيني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر ذلك في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نسائه، فلا يبقى عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة، ولا أحدٌ من بنيَّ، وكنت إذا سألته أجابني، وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي، وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها، فما نسيت آيةً من كتاب الله ولا علماً أملاه عليّ وكتبته، منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك شيئاً علمه الله من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته، فلم أنس حرفاً واحداً، ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً، فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفتني شيء لم أكتبه، أفتتخوف علي النسيان فيما بعد؟

فقال: لا، لست أتخوف عليك النسيان والجهل. وقد أخبرني ربي أنه قد استجاب لي فيك، وفي شركائك الذين يكونون من بعدك.

فقلت: يا رسول الله ومن شركائي من بعدي؟

قال: الذين قرنهم الله بنفسه وبي.

فقال: الأوصياء مني الى أن يردوا علي الحوض، كلهم هاد مهتد لا يضرهم من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقهم ولا يفارقونه، بهم تنصر أمتي وبهم يمطرون، وبهم يدفع عنهم، وبهم استجاب دعاءهم.

١٧٣

فقلت: يارسول الله سمهم لي فقال: ابني هذا، ووضع يده على رأس الحسن، ثم ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين، ثم ابنٌ له يقال له علي، وسيولد في حياتك فاقرأه مني السلام، ثم تكملة اثني عشر من ولد محمد.

فقلت له: بأبي أنت وأمي فسمهم لي، فسماهم رجلاً رجلاً فيهم والله يا أخا بني هلال مهدي أمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي يملؤ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، والله إني لأعرف من يبايعه بين الركن والمقام، وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم!! انتهى.

ويوجد قسم منه في نهج البلاغة - شرح صبحي الصالح، خطبة ٢١٠، وشرح محمد عبده ص ٢١٤. وروى ابن الجوزي قسماً منه في تذكرة الخواص /١٤٣، مرسلاً عن كميل بن زياد. ورواه النعماني/٧٥، والطبري الشيعي في المسترشد /٢٩، والصدوق في كمال الدين: ١/٢٨٤، والخصال: ١ /٢٥٥، والحراني في تحف العقول/١٩٣، والطبرسي في الاحتجاج: ١/٢٦٤، وابن ميثم البحراني في شرح النهج: ٤ /١٩، والعاملي في إثبات الهداة: ١/٦٦٤، والمجلسي في البحار: ٢ /٢٢٨، و: ٣٦/٢٧٣ و٢٧٦، و: ٩/٩٨

١٧٤

أهل البيتعليهم‌السلام وشيعتهم على الحوض

في مقاتل الطالبين/٤٣:

حدثني محمد بن الحسين الأشناني وعلي بن العباس المقانعي قالا: حدثنا عباد بن يعقوب قال: أخبرنا عمرو بن ثابت، عن الحسن بن حكم، عن عدي بن ثابت، عن سفيان بن أبي ليلى، وحدثني محمد بن أحمد أبو عبيد قال: حدثنا الفضل بن الحسن المصري قال: حدثنا محمد بن عمرويه قال: حدثنا مكي بن ابراهيم، قال حدثنا السري بن إسماعيل، عن الشعبي، عن سفيان بن أبي ليلى دخل حديث بعضهم في حديث بعض، وأكثر اللفظ لأبي عبيدة قال: أتيت الحسن بن علي حين بايع معاوية فوجدته بفناء داره وعنده رهط فقلت:

السلام عليك يا مذل المؤمنين!

فقال عليك السلام يا سفيان، إنزل.

فنزلت فعقلت راحلتي ثم أتيته فجلست اليه، فقال: كيف قلت ياسفيان؟

فقلت: السلام عليك يا مذل رقاب المؤمنين.

فقال: ما جر هذا منك إلينا؟

فقلت: أنت والله - بأبي أنت وأمي - أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة وسلمت الأمر الى اللعين بن اللعين بن آكلة الاكباد، ومعك مائة ألف كلهم يموت دونك، وقد جمع الله لك أمر الناس.

فقال: يا سفيان، إنا أهل بيت إذا علمنا الحق تمسكنا به، وإني سمعت علياً يقول سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: لا تذهب الليالي والأيام حتى يجتمع أمر هذه الأمة على رجل واسع السرم ضخم البلعوم يأكل ولا يشبع، لا ينظر الله اليه ولا يموت حتى لا يكون له في السماء عاذرٌ ولا في الأرض ناصر، وإنه لمعاوية، وإني عرفت أن الله بالغ أمره.

١٧٥

ثم أذن المؤذن فقمنا على حالب يحلب ناقة، فتناول الاناء فشرب قائماً ثم سقاني، فخرجنا نمشي الى المسجد، فقال لي: ما جاءنا بك يا سفيان؟

قلت: حبكم والذي بعث محمداً بالهدى ودين الحق.

قال: فأبشر يا سفيان فإني سمعت علياً يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

يقول: يرد علي الحوض أهل بيتي ومن أحبهم من أمتي كهاتين، يعني السبابتين، ولو شئت لقلت هاتين يعني السبابة والوسطى، إحداهما تفضل على الأخرى.

أبشر يا سفيان فإن الدنيا تسع البر والفاجر، حتى يبعث الله إمام الحق من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

هذا لفظ أبي عبيد وقال ( وفي حديث محمد بن الحسين وعلي بن العباس بعض هذا الكلام موقوفاً، عن الحسن غير مرفوع الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلا في ذكر معاوية فقط ).

ورواه ابن طاووس في الملاحم والفتن/١٠٩، ملخصاً عن الفتن للسليلي...

ورواه ابن أبي الحديد: ١٦/٤٤، عن أبي الفرج بسنديه بتقديم وتأخير، وفي سنده محمد بن أحمد بن عبيد بدل محمد بن أحمد أبو عبيد. والبصري بدل المصري. وابن عمرو بدل محمد بن عمرويه، والاشنانداني بدل الأشناني.

ورواه في البحار: ٤٤ /٥٩، وفي العوالم: ١٦ /١٧٨، عن ابن أبي الحديد بسنديه.

١٧٦

شعر حوض الكوثر في مصادر الحديث والأدب

تعتبر مجموعة شعر الكوثر التي نقلتها مصادر الحديث والأدب، من الأدلة العلمية المهمة على صحة أحاديث أن الساقي على الحوض والذائد عنه هو عليعليه‌السلام . وأول شعر نقله الرواة من ذلك رجز أمير المؤمنين في حرب صفين:

ففي مناقب آل أبي طالب: ١/٢١٩:

أنهعليه‌السلام عندما دعي الى المبارزة في صفين قال مرتجزاً:

أنا عليٌّ صاحب الصمصامه

وصاحب الحوض لدى القيامه

أخو نبي الله ذي العلامه

قد قال إذ عمّمني العمامه

أنت أخي ومعدن الكرامه

ومن له من بعدي الإمامه

- كما روت كتب التاريخ والحديث والعقائد أبياتاً للامام الحسينعليه‌السلام ، جاءت ضمن خطبته التاريخة في كربلاء، ذكر فيها الحوض..كما في الاحتجاج: ٢ /٢٦ وتفسير نور الثقلين: ٣/٥٦٥ ، وغيرهما، منها:

أنا ابن أباة الضيم من آل هاشم

كـفـاني بـهذا مفخراً حين أفخر

وجدي رسول الله أكرم من مشى

ونحن سـراج الله في الخلق نزهر

ونحن أمان الله للناس كـلـهـم

نـطـول بـهذا في الأنام ونجهر

ونحن ولاة الحوض نسقي محبنا

بـكـأس رسول الله ما ليس ينكر

وشـيعتنا في الحشر أكرم شيعة

ومـبـغضنا يـوم القيامة يخسر

وفي بشارة المصطفى/١١٢:

أبو عبدالله الحسين بن الحسن الحسيني الجرجاني القاضي، قدم علينا من بغداد، قال: حدثني الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد المحمدي النقيب قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عباس الجوهري قال، حدثنا أحمد بن زياد الهمداني قال: رأيت صبياً صغيراً يكون سباعياً أو ثمانياً بالمدينة، على ساكنها أفضل السلام، ينشد:

١٧٧

لنحن عـلى الحوض ذواده

نـــذود وتـسـعـد وراده

ومـا فـاز من فاز إلا بنا

وما خـاب مـن حـبنا زاده

ومن سرنا نال منا السرور

ومــن سـاءنا سـاء ميلاده

ومـن كـان ظالمـنا حقنا

فـإن الـقــيامة مـيعـاده

فقلت يا فتى لمن هذه الأبيات؟

فقال: لمنشدها.

فقلت: من الفتى؟

فقال علويٌّ فاطميٌّ، إيهاً عنك. انتهى.

ونسب في رشفة الصادي/١٩٢، هذه الأبيات الى الإمام محمد الباقرعليه‌السلام .

**

وقد ترجم الأميني في من الغدير : ٢، لعدد من شعراء الغدير الذين ذكروا الحوض، نذكر بعضهم:

فمن أقدمهم سفيان بن مصعب العبدي الكوفي:

وهو من شعراء أهل البيت عيهم السلام في القرن الثاني، وقد مدحه الإمام الصادقعليه‌السلام واستنشده شعره في رثاء الإمام الحسينعليه‌السلام قال العبدي من قصيدة طويلة:

هل في سؤالك رسم المنزل الخرب

بـرءٌ لقلبك مـن داء الهوى الوصب

أم حـره يـوم وشـك البين يبرده

ما استحدثته النوى من دمعك السرب

يا رائد الحي حسب الحي ما ضمنت

لـه المدامع مـن مـاء ومن عشب

لهفي لما استودعت تلك القباب وما

حجبن من قـضـب عنا ومن كثب

لأشـرقـن بدمعي إن نـأت بـهم

دارٌ ولم أقض ما في النفس من إرب

ما هز عطفي من شوق الى وطني

ولا اعتراني من وجد ومن طـرب

١٧٨

مـثـل اشتياقي من بعد ومنتزح

الـى الـغـري وما فيه من الحسب

يـا راكباً جسرةً تطوي مناسمها

مـلاءة الـبـيـد بالتقريب والجنب

تثني الـريـاح إذا مرت بغايتها

حسـرى الطلائح بالغيطان والخرب

بلغ سـلامي قبراً بالغري حوى

أوفـى البرية مـن عجم ومن عرب

يا صاحب الكوثرالرقراق زاخره

ذود النواصب عن سـلسـاله العذب

قـارعت منهم كماة فـي هواك

بما جردت من خاطر أو مقول ذرب

حـتـى لقد وسمت كلما جباهم

خواطري بمضاء الشـعـر والخطب

-وقال أيضاً في مدح علي عليه‌السلام :

أنت عـين الالَه والجنب من

فـرط فيه يصلى لظى مذموما

أنت فلك النجاة فينا وما زلـ

ت صراطاً الى الهدى مستقيما

وعليك الورود تسقي من الحو

ض ومن شئت ينثني محروما

واليك الجواز تدخل من شئـ

ـت جناناً ومن تشـاء جحيما

وقال الأميني في الغدير: ٢/٢٩٦ :

في مقتضب الأثر عن أحمد بن زياد الهمداني قال: حدثني علي بن ابراهيم بن هاشم قال: حدثني أبي عن الحسن بن علي سجاده، عن أبان بن عمر ختن آل ميثم قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام فدخل عليه سفيان بن مصعب العبدي قال: جعلني الله فداك ما تقول في قوله تعالى ذكره:

وعلى الأعراف رجالٌ يعرفون كلاً بسيماهم؟

قال: هم الأوصياء من آل محمد الاثني عشر، لا يعرف الله إلا من عرفهم وعرفوه.

قال: فما الأعراف جعلت فداك؟

قال: كثائب من مسك، عليها رسول الله والأوصياء يعرفون كلاً بسيماهم.

فقال سفيان: أفلا أقول في ذلك شيئاً؟

١٧٩

فقال من قصيدة:

أيا ربعهم هل فيك لي اليوم مربع

وهـل لليال كـن لي فيك مرجع

ومنها:

وأنتم ولاة الحشـر والنشر والجزا

وأنتم لـيـوم المفزع الهول مفزع

وأنتم عـلى الاعراف وهي كثائب

من الـمـسـك رياها بكم يتضوع

ثـمـانـيـة بالعرش إذ يحملونه

ومن بعدهم في الأرض هادون أربع

وروى أبو الفرج في الاغاني ٧/٢٢ ، عن أبي داود المسترق سليمان بن سفيان: أن السيد والعبدي اجتمعا فأنشد السيد:

أدين بـمـا دان الوصي به

يوم الخريبة من قتل المحلينا

وبالذي دان يوم النهروان به

وشـاركت كفه كفي بصفينا

فقال له العبدي: أخطأت، لو شاركت كفك كفه كنت مثله، ولكن قل: تابعت كفه كفي، لتكون تابعاً لا شريكاً.

فكان السيد بعد ذلك يقول: أنا أشعر الناس إلا العبدي.

**

ومن شعراء الكوثر السيد الحميري، المتوفى ١٧٣:

وهو اسماعيل بن محمد بن يزيد بن وداع الحميري، الملقب بالسيد.

قال عنه المرزباني: لم يسمع أن أحداً عمل شعراً جيداً وأكثر غير السيد.

وروى عن عبد الله بن إسحاق الهاشمي قال: جمعت للسيد ألفي قصيدة وظننت أنه ما بقي عليَّ شيء، فكنت لا أ زال أرى من ينشدني ما ليس عندي، فكتبت حتى ضجرت، ثم تركت.

وقال: سئل أبو عبيدة من أشعر المولدين؟ قال: السيد وبشار.

ونقل عن الحسين بن الضحاك أنه قال: ذاكرني مروان بن أبي حفصة أمر السيد بعد موته، وأنا أحفظ الناس بشعر بشار والسيد، فأنشدته قصيدته المذهبة التي أولها:

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523