العقائد الإسلامية الجزء ٤

العقائد الإسلامية11%

العقائد الإسلامية مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 523

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 523 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 196462 / تحميل: 7992
الحجم الحجم الحجم
العقائد الإسلامية

العقائد الإسلامية الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا

ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

وبعد، فهذا هو المجلد الرابع من ( العقائد الإسلامية ) وقد اشتمل على قسمين:

الأول، في إثبات شفاعة أهل بيت النبي صلى الله عليه وعليهم..

وقد مهدنا له بفصل عن شفاعة أحد كبار شيعتهم ( أويس القرني ) رضوان الله عليه، الذي اتفقت مصادر الجميع على أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بشر به أنه يكون بعده، وأنه من كبار أولياء الله، وأنه يشفع يوم القيامة لعدد كبير من الناس!!

ثم عرضنا الأحاديث الشريفة التي تدل على أن شفاعة النبي العظمى يوم القيامة تكون بيد أهل بيته الطاهرينصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وختمنا باب الشفاعة ببعض أحكامها وما ينبغي للمسلم أن يكون اعتقاده وموقفه منها.

٣

أما القسم الثاني، فقد بحثنا فيه مسألة التوسل والاستشفاع والاستغاثة بالنبي وآلهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحثاً مستوفياً لآياتها وأحاديثها، ورأي علماء المذاهب الأربعة فيها، وشبهات ابن تيمية وأتباعه عليها، خاصةً في عصرنا الحاضر.

وقد أجبنا على هذه الشبهات، وأوردنا خلاصة إجابات علماء المذاهب الأربعة عليها، ومقتطفات من أهم الكتب التي ألفوها في الرد عليهم.

نسأل الله أن يوفقنا لاكمال هذه الدورة العقائدية المقارنة.

وسيكون المجلد الخامس منها في مسائل العصمة، إن شاء الله تعالى، وهو ولي التوفيق.

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

علي الكوراني العاملي      

٤

الفصل الرابع عشر

شفاعة أحد شيعة أهل البيتعليهم‌السلام

أويس القرني أحد كبار الشفعاء

ثبت في مصادر الطرفين أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نص على عدد من الصحابة بأسمائهم، أن لهم مقاماً كبيراً عند الله تعالى، وأن الجنة تشتاق اليهم!

والملاحظ أنهم كلهم من شيعة أهل البيتعليهم‌السلام ..

أما من التابعين فمن المتفق عليه أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر عن أويس القرني وبشر بأنه يأتي بعده، وأنه من كبار أولياء الله تعالى، وأنه مستجاب الدعوة، وأنه يشفع عند الله تعالى لمئات الألوف، أو ملايين الناس!

ولما رأى المسلمون أويساً بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله استبشروا به وتبركوا به، وكانوا يحرصون على الفوز بدعاء منه، ولو بكلمة ( غفر الله لك )!

وقد حاول الخلفاء أن يتقربوا اليه، ولكنه هرب منهم، وفضل أن يعيش مغموراً مع الفقراء من شيعة عليعليه‌السلام ، حتى إذا وصلت الخلافة لعليعليه‌السلام نهض معه، وشارك

٥

في حروبه، واستشهد تحت رايته في صفين.. وقبره هناك الى جانب قبر عمار بن ياسر، في مدينة الرقة السورية، وقد وفقنا الله لزيارته.

والمتأمل في النصوص الواردة في مصادر السنيين في أويس، يلاحظ فيها تناقضاً كثيراً، نشأ من أنهم أرادوا أن يغطوا على فراره من عمر، وامتناعه من الدعاء له والإقامة عنده، فوضعوا أحاديث عن لقائه به، يناقض بعضها بعضاً!

كما أن سهادة أويس في صفين مع عليعليه‌السلام ، كانت حجة لعلي والمسلمين على أن معاوية وحزبه هم أهل الباطل، والفئة الباغية التي أخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنها تقتل عمار بن ياسررحمه‌الله .

لذلك حاول الأمويون وأتباعهم أن ينفوا أصل بشارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأويس، ومكانته المميزة عند الله تعالى!

ثم عندما عجزوا عن ذلك حاولوا أن ينفوا أنه قتل في صفين، وادعوا أنه توفي في طريقه الى الشام، وجعلوا له في الشام قبراً ومزارا!!

أويس خير التابعين

روى مسلم في صحيحه: ٧/١٨٨:

عن عمر بن الخطاب قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن خير التابعين رجل يقال له أويس، وله والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، وكان به بياض فبريء... وستأتي بقية الحديث.

ورواه أحمد في مسنده: ١/٣٨

وروى ابن سعد الطبقات: ٦/١٦١:

قال أخبرنا مسلم بن ابراهيم قال: حدثنا سلام بن مسكين قال: حدثني رجل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خليلي من هذه الأمة أويس القرني.

قال أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري، عن

٦

أبي نضرة، عن أسير بن جابر بن عمر، أنه قال لأويس: استغفر لي.

قال: كيف أستغفر لك وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن خير التابعين رجل يقال له أويس.

ورواه الحاكم في المستدرك: ٣/٤٠٢ ورواه الخطيب في الجمع والتفريق: ١/٤٨٠ ورواه ابن معين في تاريخه ( رواية الدوري ): ١/٣٢٤ ونحوه في الجامع الصغير: ٣ حديث رقم ٤٠٠١

وروى أبو نعيم في حلية الأولياء: ٢/٨٦:

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا علي بن حكيم، أخبرنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نادى رجل من أهل الشام يوم صفين: أفيكم أويس القرني؟

قال: قلنا نعم، وما تريده منه؟

قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أويس القرني خير التابعين بإحسان. وعطف دابته فدخل مع أصحاب علي رضى الله تعالى عنهم.

وقال أبو نعيم في الحلية: ٢/٨٢، بعد حديث عن أويس: فهذا ما أتانا عن أويس خير التابعين... انتهى.

وقال في كنز العمال: ١٢/٧٣:

إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، وكان به بياض فبريء، فمروه فليستغفر لكم ( م. عن عمر )...

خير التابعين أويس ( ك. عن علي ).

خير التابعين أويس القرني ( ك عن علي، ق، كر عن رجل ). انتهى.

وقد وردت صفة ( خير التابعين ) في أحاديث أخرى، كما سيأتي.

٧

خير التابعين صارت: من خير التابعين!!

قال الهيثمي في مجمع الزوائد: ١٠/٢٢:

عن ابن أبي ليلي قال: نادى رجل من أهل الشام يوم صفين: أفيكم أويس القرني؟

قالوا: نعم.

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من خير التابعين أويس. رواه أحمد، وإسناده جيد. انتهى.

ورواه في تاريخ ابن معين رواية الدوري: ١/٣٢٤

وفي طبقات ابن سعد: ٦/١٦١:

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نادى رجل من أهل الشام يوم صفين فقال: أفيكم أويس القرني؟ قالوا نعم، قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن من خير التابعين أويساً القرني، ثم ضرب دابته فدخل فيهم.

ورواه اللالكائي في كرامات الأولياء/١٠٩، بطريقين.

وفي كنز العمال: ١٢/٧٣:

إن من خير التابعين أويس القرني ( حم، وابن سعد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من الصحابة، حم، كر، عن رجل ). انتهى.

راجع للتدقيق: طبقات ابن سعد: ٦/١١٣، وميزان الاعتدال: ١/٢٧٩ و٢٨٢، ولسان الميزان: ١/٤٧٢، وسير أعلام النبلاء: ٤/٢١، وتاريخ الإسلام للذهبي: ٣/٥٥٦، والبداية والنهاية: ٦/٢٢٥

راجع أيضاً: اُسد الغابة: ١/١٥١، وأعلام النبلاء: ٤/٢٠، وكنز العمال: ١٢/٧٤

هل أن كلمة ( من ) إضافة أموية؟!

من الطبيعي أن تكون قصة الرجل الذي سأل عن أويس في صفين، وشهادة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله التي رواها في حقه وحق عليعليه‌السلام ، واحدة من الحجج التي استعملها

٨

المسلمون لإثبات أن معاوية وأهل الشام على الباطل.

ويبدو أن الأحاديث في عمار بن ياسر وأنه تقتله الفئة الباغية، والأحاديث في أويس، لم يكن لها جواب عند مؤيدي معاوية، ولكن بعد سيطرته على بلاد المسلمين عمل على تضعيف هذه الأحاديث وإبطال مفعولها.

ويظهر أن البصريين كانوا أكثر استجابة له من الكوفيين، فقد قال ابن أبي الوفاء في الجواهر المضية في طبقات الحنفية/٤١٩:

أهل المدينة يقولون أفضل التابعين سعيد بن المسيب، وأهل الكوفة أويس القرني، وأهل البصرة الحسن البصري. انتهى.

وقد حاول النووي أن يوفق بين رواية مسلم وبين قول لأحمد بن حنبل! فقال في شرح مسلم - بهامش الساري: ٩/٤٢٩:

قوله ( ص ) خير التابعين رجل يقال له أويس... وقد يقال: قد قال أحمد بن حنبل وغيره: أفضل التابعين سعيد بن المسيب؟!

والجواب: أن مرادهم أن سعيد أفضل في العلوم الشرعية.. لا في الخير. انتهى.

وهذا النوع من العمل كثير عند الفقهاء السنيين، فتراهم يتركون الرواية التي صحت عندهم عن نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله - وهي تقول هنا إن أويساً خير التابعين مطلقاً، ولا تقيد ذلك بناحية دون ناحية - لكي يصححوا قول شخص في مقابل حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ !!

كان أويس أسمر اللون جسيماً مهيباً

في حلية الأولياء: ٢/٨٢، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

يا أبا هريرة إن الله تعالى يحب من خلقه الأصفياء الأخفياء الأبرياء، الشعثة رؤوسهم، المغبرة وجوههم، الخمصة بطونهم إلا من كسب الحلال، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم، وإن خطبوا المتنعمات لم ينكحوا، وإن غابوا لم

٩

يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا، وإن طلعوا لم يفرح بطلعتهم، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن ماتوا لم يشهدوا.

قالوا: يا رسول الله كيف لنا برجل منهم؟

قال: ذاك أويس القرني.

قالوا: وما أويس القرني؟

قال: أشهل، ذو صهوبة، بعيد ما بين المنكبين، معتدل القامة، آدم شديد الأدمة ضارب بذقنه الى صدره، رام بذقنه الى موضع سجوده، واضع يمينه على شماله يتلو القرآن، يبكي عليّ نفسه، ذو طمرين لا يؤبه له، متزر بإزار صوف ورداء صوف، مجهول في أهل الأرض معروف في أهل السماء، لو أقسم على الله لأبر قسمه.

ألا وإن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد ادخلوا الجنة، ويقال لأويس قف فاشفع، فيشفع لله عز وجل في مثل عدد ربيعة ومضر.

وفي حلية الأولياء: ٢/٨٤:

عن هرم بن حيان العبدي قال: قدمت الكوفة فلم يكن لي هم إلا أويس، أسأل عنه فدفعت اليه بشاطيء الفرات يتوضأ ويغسل ثوبه، فعرفته بالنعت فإذا رجل آدم محلوق الرأس كث اللحية مهيب المنظر، فسلمت عليه ومددت اليه يدي لأصافحه، فأبى أن يصافحني! فخنقتني العبرة لما رأيت من حاله، فقلت: السلام عليك يا أويس، كيف أنت يا أخي؟

قال: وأنت فحياك الله يا هرم بن حيان، من دلك عليّ؟

قلت: الله عز وجل.

قال: سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا.

قلت: يرحمك الله من أين عرفت اسمي واسم أبي، فوالله ما رأيتك قط، ولا رأيتني!

١٠

قال: عرفت روحي روحك، حيث كلمت نفسي، لأن الأرواح لها أنفس كأنفس الأجساد وإن المؤمنين يتعارفون بروح الله عز وجل وإن نأت بعد بهم الدار وتفرقت بهم المنازل! انتهى، ونحن نشك في شهادة هرم لنفسه عن لسان أويس!

ورواهما في سير أعلام النبلاء: ٤/٢٨

صورة من تزاحم المسلمين على أويس

روى الحاكم: ٢/٣٦٥، وصححه:

أخبرني الحسن بن حليم المروزي، ثنا أبو الموجه، أنبأ عبدان، أنبأ عبد الله بن المبارك، أنبأ جعفر بن سليمان، عن الجريري، عن أبي نضرة العبدي، عن أسير بن جابر قال: قال لي صاحب لي وأنا بالكوفة: هل لك في رجل تنظر اليه؟ قلت نعم، قال هذه مدرجته وإنه أويس القرني، وأظنه أنه سيمر الآن.

قال: فجلسنا له فمر، فإذا رجل عليه سمل قطيفة، قال والناس يطؤون عقبه، قال وهو يقبل فيغلظ لهم ويكلمهم في ذلك فلا ينتهون عنه، فمضينا مع الناس، حتى دخل مسجد الكوفة ودخلنا معه، فتنحى الى سارية فصلى ركعتين، ثم أقبل الينا بوجهه فقال: يا أيها الناس مالي ولكم، تطؤون عقبي في كل سكة، وأنا إنسان ضعيف، تكون لي الحاجة فلا أقدر عليها معكم، لا تفعلوا رحمكم الله، من كانت له إلي حاجة فليلقني هاهنا.

شعاره الصدق والجد في أمر الله تعالى

في مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٥:

أخبرنا أبو العباس السياري، ثنا عبدالله بن علي، ثنا علي بن الحسن، ثنا عبد الله بن المبارك، أنا يزيد بن يزيد البكري قال: قال أويس القرني: كن في أمر الله كأنك قتلت الناس كلهم. انتهى.

ومعنى كلامهرحمه‌الله : أن خوف الله تعالى يجب أن يكون في نفس المؤمن بدرجة

١١

عالية، كأن في رقبته قتل الناس كلهم، ليكون في تصرفاته مثل القاتل الملاحق دقيقاً حذراً متقياً، وشعوره بالمسؤولية أمام الله تعالى عميقاً.

وروى نحوه البيهقي في شعب الايمان: ١/٥٢٤

وهو صاحب مدرسة في شكر نعم الله تعالى

في كتاب المجروحين لابن حبان: ٣/١٥١:

أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل من قرن يقال له أويس بن عامر، يخرج به وضح فيدعو الله أن يذهبه عنه فيذهبه فيقول: اللهم دع لي من جسدي ما أذكر به نعمتك عليّ، فيدع الله له ما يذكره نعمته عليه، فمن أدركه منكم فاستطاع أن يستغفر له، فليستغفر له. انتهى.

وقد وردت هذه القصة في أحاديثه، كما سترى.

زاهد يضرب بزهده المثل

في حلية الأولياء: ٢/٨٧:

عن علقمة مرثد قال: انتهى الزهد الى ثمانية: عامر بن عبد الله بن عبد قيس، وأويس القرني، وهرم بن حيان، والربيع بن خيثم، ومسروق بن الأجدع، والأسود بن يزيد، وأبو مسلم الخولاني، والحسن بن أبي الحسن. انتهى. وهو يقصد بالأخير الحسن البصري.

وفي سير أعلام النبلاء: ٤/١٩:

هو القدوة الزاهد، سيد التابعين في زمانه، أبو عمرو، أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني المرادي اليماني.

وقال في هامش سير أعلام النبلاء: ١٨/٥٥٨:

ذكر ابن خلكان في الوفيات: ٢/٢٦٣: أن الذي ضرب به الحريري المثل في المقامات هو دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي

١٢

المتوفى سنة ٥٢٩، من أحفاد المترجم، وقد وهم المؤلف في ذلك، وأورد ذكره الحريري في المقامة التاسعة والثلاثين وهي المقامة العمانية، وفيها يصف كيف أحاطت الجماعة بأبي زيد تثني عليه، وتقبل يديه، حتى خيل إلي أنه القرني أويس، أو الأسدي دبيس. انظر مقامات الحريري/٣٤٢ ( ط: صادر ).

وفي لسان الميزان: ١/٤٧١:

قال ابن عدي ثنا الحسن بن سفيان، ثنا عبد العزيز بن سلام، سمعت اسحاق بن ابراهيم يقول: ما شبهت عدي بن سلمة الجزري إلا بأويس القرني تواضعاً. وذكره في ميزان الاعتدال: ١/٢٧٩

زاهد يحمل هم الفقراء ويتصدق عليهم حتى بطعامه وثيابه

في مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٦:

أخبرني أبو العباس قاسم بن القاسم السياري بمرو، ثنا عبد الله بن علي، ثنا علي بن الحسن، ثنا عبد الله بن المبارك، أنا سفيان الثوري قال: كان لأويس القرني رداء إذا جلس مس الأرض، وكان يقول: اللهم إني أعتذر اليك من كل كبد جائعة وجسد عار، وليس لي إلا ما على ظهري وفي بطني.

ورواه البيهقي في شعب الايمان: ١/٥٢٤

وفي حلية الأولياء: ٢/٨٧:

عبيد الله بن عبد الكريم ثنا سعيد بن أسد بن موسى ضمرة بن ربيعة عن أصبغ بن زيد قال: كان أويس القرني إذا أمسى يقول هذه ليلة الركوع، فيركع حتى يصبح.

وكان يقول إذا أمسى: هذه ليلة السجود، فيسجد حتى يصبح.

وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والثياب، ثم يقول: اللهم من مات جوعاً فلا تؤاخذني به، ومن مات عرياناً فلا تؤاخذني به.

١٣

وفي سير أعلام النبلاء: ٤/٢٩:

عبد الله بن أحمد: حدثني عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبوبكر بن عياش، عن مغيرة، قال: إن كان أويس القرني ليتصدق بثيابه، حتى يجلس عرياناً لا يجد ما يروح فيه الى الجمعة.

عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا عبد الله بن الأشعث بن سوار، عن محارب بن دثار قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أمتي من لا يستطيع أن يأتي مسجده أو مصلاه من العري يحجزه إيمانه أن يسأل الناس، منهم أويس القرني، وفرات بن حيان.

( ورواه في كنز العمال: ١٢/٧٤: وقال: حم، في الزهد، حل عن محارب بن دثار وعن سالم بن أبي الجعد ).

أبو نعيم: حدثنا مخلد بن جعفر، حدثنا ابن جرير، حدثنا محمد بن حميد، حدثنا زافر بن سليمان، عن شريك عن جابر، عن الشعبي قال: مر رجل من مراد على أويس القرني فقال: كيف أصبحت؟

قال: أصبحت أحمد الله عز وجل.

قال: كيف الزمان عليك؟

قال: كيف الزمان على رجل إن أصبح ظن أنه لا يمسي، وإن أمسى ظن أنه لا يصبح، فمبشر بالجنة أو مبشر بالنار.

يا أخا مراد إن الموت وذكره لم يترك لمؤمن فرحاً... الخ.

عبد العزيز بن صهيب عن أنس أن رسول الله حق لم يترك له صديقاً...

وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والشراب، ثم قال: اللهم من مات جوعاً فلا تؤاخذني به، ومن مات عرياً فلا تؤاخذني به. ( الحلية ٢/٨٣ )

وفي حلية الأولياء: ٢/٨٤:

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي وعبيد الله بن عمر قالا: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا عبد الله بن الأشعث بن سوار، عن محارب بن

١٤

دثار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أمتي من لا يستطيع أن يأتي مسجده أو مصلاه من العري، يحجزه إيمانه أن يسأل الناس! منهم أويس القرني وفرات بن حيان.

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبو بكر بن عياش، عن مغيرة قال: وكان أويس القرني ليتصدق بثيابه حتي يجلس عرياناً لا يجد ما يروح فيه. أي الى الجمعة.

وفي كتاب الزهد للشيباني/٣٤٦:

حدثنا عبدالله، حدثني عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن مغيرة قال: إن أويس القرني ليتصدق بثيابه حتى يجلس عرياناً لا يجدها يروح فيه الى الجمعة.

وفي لسان الميزان: ١/٤٧٤:

سفيان الثوري: حدثني قيس بن يسير بن عمرو، عن أبيه أن أويساً القرني عري غير مرة فكساه أبي، قال وكان أويس يقول: اللهم لا تؤاخذني بكبد جائعة، أو جسد عار.

وفي ص ٢٨٠: وقال ضمرة بن ربيعة، عن عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه، قال: كان أويس يجالس رجلاً من فقهاء الكوفة يقال له يسير ففقدته، فإذا هو في خص له قد انقطع من العري... وذكره في ميزان الاعتدال: ١/٢٨٢، وفي سير أعلام النبلاء: ٢٩٤ - ٣٣٠ انتهى.

**

وهذه النصوص تكشف عن الفقر الشديد الذي كانت تعيشه طبقة واسعة من المجتمع الإسلامي، وأن أموال الفتوحات صرفت في الطريق قبل أن تصل اليها، فكان بعضها لا يملك حتى ثوبين مناسبين يتستر بهما، بل كان فيهم من يموت من الجوع!!

١٥

ولذلك كان أويس يدعو الله تعالى أن لا يؤاخذه بعري العارين، وجوع الجائعين، لأنه لا يملك إلا ثوبيه اللذين يلبسهما، ولا يملك إلا ما في بطنه من طعام، وكل ما يحصل عليه من عمله ومن هدايا الناس، كان يعطيه لهؤلاء للفقراء!!

وهي تدل أيضاً على أن زهد أويس كان زهداً واعياً يحمل هم الفقراء، وكان يحمل مسؤولية فقرهم وبؤسهم للخليفة والدولة، والطبقة المترفة التي كونت ثروتها من الفتوحات، وكانت تنقم من أويس أنه يهتم بهم، ويأمر من أجلهم بالمعروف وينهى عن المنكر، وسيأتي رأيه في الخلفاء غير عليعليه‌السلام وما لاقاه منهم!

وقد ربى أويس تلاميذ على سيرته

في مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٨:

حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن معين، حدثني أبو عبيدة الحداد، ثنا أبو مكين قال: رأيت امرأة في مسجد أويس القرني قالت: كان يجتمع هو وأصحاب له في مسجدهم هذا، يصلون ويقرؤون في مصاحفهم فآتي غداءهم وعشاءهم هاهنا، حتى يصلوا الصلوات، قالت: وكان ذلك دأبهم ما شهدوا حتى غزوا، فاستشهد أويس وجماعة من أصحابه في الرجالة بين يدي علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنهم أجمعين.

رأيه في الحكّام غير عليعليه‌السلام

قال الشاطبي في الاعتصام: ١/٣٠:

نقل عن سيد العابدين بعد الصحابة أويس القرني أنه قال: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقاً، نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا!! ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين!!

وفي مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٥:

حدثنا أحمد بن زياد الفقيه الدامغاني، ثنا محمد بن أيوب، أنا أحمد بن يونس،

١٦

ثنا أبو الأحوص، حدثني صاحب لنا قال: جاء رجل من مراد الى أويس القرني فقال السلام عليكم، قال وعليكم.

قال: كيف أنتم يا أويس؟

قال: الحمد لله.

قال: كيف الزمان عليكم؟

قال: لا تسأل! الرجل إذا أمسى لم ير أنه يصبح، وإذا أصبح لم ير أنه يمسي!

يا أخا مراد، إن الموت لم يبق لمؤمن فرحاً.

يا أخا مراد، إن عرفان المؤمن بحقوق الله لم تبق له فضة ولا ذهباً.

يا أخا مراد، إن قيام المؤمن بأمر الله لم يبق له صديقاً! والله إنا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيتخذوننا أعداء، ويجدون على ذلك من الفاسقين أعواناً، حتى والله لقد يقذفوننا بالعظائم، ووالله لا يمنعني ذلك أن أقول بالحق!! انتهى.

وفي بحار الأنوار: ٦٨/٣٦٧:

أعلام الدين: روي عن أويس القرنيرحمه‌الله قال لرجل سأله كيف حالك؟

فقال: كيف يكون حال من يصبح يقول: لا أمسي، ويمسي يقول: لا أصبح، يبشر بالجنة ولا يعمل عملها، ويحذر النار ولا يترك ما يوجبها.

والله إن الموت وغصصه وكرباته وذكر هول المطلع وأهوال يوم القيامة، لم تدع للمؤمن في الدنيا فرحاً، وإن حقوق الله لم تبق لنا ذهباً ولا فضة، وإن قيام المؤمن بالحق في الناس لم يدع له صديقاً، نأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيشتمون أعراضنا، ويرموننا بالجرائم والمعايب والعظائم، ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين!! إنه والله لا يمنعنا ذلك أن نقوم فيهم بحق الله!

اضطهاد مخابرات الخلافة لأويس

يفهم من نصوص أويس أن سلطة الخلافة لم تتحمل منه ابتعاده عن الحكام وامتناعه أن يستغفر لهم، ثم أمره إياهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وتعريضه

١٧

وإعلانه بسيرته ودعائه كل يوم أنهم مسؤولون عن جوع الجائعين وعري العارين.. وكأنه بذلك يقول للناس إنهم لا يصلحون للحكم بإسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله !!

لقد عبر هذا الولي الذي هو آية من آيات الله تعالى، ومعجزة من معجزات رسوله بكلماته القليلة عن محنته ومعاناته من مخابرات السلطة في زمن عمر وأبي بكر وعثمان، ولم يكن ذنبه أنه نافس أحداً في سلطان، ولا جمع حوله قبيلته قرن وكون منهم قوة سياسية تطالب بحصة من أموال الفتوحات.. بل كان يعيش عيشة الفقراء مع الفقراء، ويعبد ربه عز وجل، ويأمر بالمعروف وينهى المنكر..

ولكن السلطة مع ذلك لم تتركه، فاتخذته عدواً! وسلطت عليه الفساق واتهمته بالعظائم والجرائم والمعايب، على حد تعبيره!!

ولهذا ينبغي أن نبحث عن السلطة وراء كل ما نشك فيه من روايات أويس، ومن أولها الروايات التي تقول أن القرنيين سئلوا عنه فلم يعرفوه، والتي احتج بها البخاري على تضعيف أويس، وعدم قبول روايته!!

فكيف يتعقل إنسان أن شخصية بمستوى أويس، كان يبحث عنه الخليفة عمر، وكل أمله أن ينطق له بكلمة ( غفر الله لك ) لأن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال له إن استطعت أن يستغفر لك فهنيئاً لك!! ثم لا يكون معروفاً عند القرنيين وكل اليمانيين وموضع افتخارهم؟!

إن نفي القرنيين لمعرفتهم بأويس وتشكيكهم بنسبه، إما أن يكون مكذوباً، وإما أن تكون السلطة قد شوهت سمعة أويس وعزلته، حتى اضطر بعض القرنيين من قبيلته الصغيرة أن ينكروا أنه منهم!!

وتدل الروايات على أن سلطة الخلافة لم تستطع الانتقام من أويس مباشرة، بسبب مكانته في قلوب المسلمين.. ولذلك اتبعت أسلوب إيذائه وتحقيره، ووكلت به رجلاً حكومياً من عشيرته، يؤذيه ويشيع التهم حول شخصيته ونواياه، وأنه رجل مراءٍ ومجنون!!

١٨

فابن عمه الذي ورد أنه كان من رجال حاكم الكوفة، وكان مولعاً بأويس يشتمه ويؤذيه.. كان واحداً من عملاء السلطة المكلفين بتحقير أويس وأذيته، لاسقاط شخصيته ومنع تأثيره على المسلمين!!

فقد روى الحاكم في المستدرك: ٣/٤٠٤ عن أسير بن جابر، قال:

فكنا نجتمع في حلقة فنذكر الله، وكان يجلس معنا، فكان إذا ذكرهم وقع حديثه من قلوبنا موقعاً لا يقع حديث غيره، ففقدته يوماً فقلت لجليس لنا: ما فعل الرجل الذي كان يقعد الينا، لعله اشتكى؟

فقال: الرجل من هو؟

فقلت: من هو؟

قال: ذاك أويس القرني.

فدللت على منزله فأتيته فقلت يرحمك الله أين كنت، ولم تركتنا؟

فقال: لم يكن لي رداء، فهو الذي منعني من إتيانكم!

قال: فألقيت اليه ردائي، فقذفه إلي!

قال فتخاليته ساعة، ثم قال:

لو أني أخذت رداءك هذا فلبسته فرآه علّي قومي قالوا انظروا الى هذا المرائي لم يزل في الرجل حتى خدعه وأخذ رداءه!!

فلم أزل به حتى أخذه، فقلت: انطلق حتى أسمع ما يقولون!

فلبسه فخرجنا، فمر بمجلس قومه فقالوا: أنظروا الى هذا المرائي لم يزل بالرجل حتى خدعه وأخذ رداءه!!

فأقبلت عليهم فقلت: ألا تستحيون؟! لم تؤذونه؟! والله لقد عرضته عليه فأبى أن يقبله.

وروى ابن حبان في المجروحين: ٣/١٥١:

عن صعصعة بن معاوية قال: كان أويس بن عامر رجلاً من قرن، وكان من أهل

١٩

الكوفة وكان من التابعين، فخرج وبه وضح، فدعا الله أن يذهبه عنه فأذهبه فقال: اللهم دع في جسدي ما أتذكر به نعمتك. فترك الله منها ما يذكر به نعمته عليه، وكان رجلاً يلازم المسجد في ناس من أصحابه، وكان ابن عم له يلزم السلطان تولع به، فإن رآه مع قوم أغنياء قال ما هو إلا يشاكلهم! وإن رآه مع قوم فقراء، قال ما هو إلا يخدعهم!

وأويس لا يقول في ابن عمه إلا خيراً!! غير أنه إذا مر به استتر منه مخافة أن يأثم في سبه! انتهى.

وستأتي بقيته في روايات لقائه بعمر بن الخطاب.

أويس من شيعة عليعليه‌السلام

في مسند أحمد: ٣/٤٨٠:

حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا أبو نعيم قال: ثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نادى رجل من أهل الشام يوم صفين:

أفيكم أويس القرني؟

قالوا: نعم.

قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من خير التابعين أويساً القرني. انتهى. وقد رواه أبونعيم في الحلية: ٢/٨٦ وقال في مجمع الزوائد: ١٠/٢٢: رواه أحمد وإسناده جيد ورواه ابن سعد في الطبقات: ٦/١٦٣ واللالكائي في كرامات الأولياء/١٠٩ وابن معين في تاريخه ( رواية الدوري ): ١/٣٢٤ واللواتي في تحفة النظار: ٢/١٩٠

وورواه أبو نعيم في الحلية: ٢/٢٢١، وقال بعده:

ورواه جماعة عن شريك، وقال ابن عمار الموصلي: ذكر عند المعافي بن عمران أن أويساً قتل في الرجالة مع علي بصفين، فقال معافي: ما حدث بهذا إلا الأعرج! فقال له عبد ربه الواسطي: حدثني به شريك، عن يزيد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى! قال: فسكت!! انتهى.

٢٠

  

المطلب الثالث :

في أنّ بغض عليعليه‌السلام نفاق

أخرج مسلم في صحيحه عن عليعليه‌السلام قال : « والذي فَلَقَ  الحَبَّةَ وبرأ النَسَمة ، إنّه لعهد النبي الاُمّي إليّ [ وهل يكون التأكيد  بأكثر من هذا ؟ ] أنْ لا يحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق ».

تجدون هذا الحديث بهذا اللفظ أو بمعناه عند : النسائي ،  والترمذي ، وابن ماجة ، وفي مسند أحمد ، وفي المستدرك ، وفي  كنز العمال عن عدة من كبار الأئمّة(1) .

وفي مسند أحمد وصحيح الترمذي عن أُم سلمة : كان رسول  الله يقول [ هذه الصيغة تدل علىٰ الاستمرار ] كان رسول الله يقول : 

__________________

(1) مسند أحمد 1 / 84 ، 128 ، صحيح مسلم كتاب الايمان ، كنز العمال 13 / 120  رقم 36385.

٢١

« لا يحب عليّاً منافق ولا يبغضه مؤمن »(1) .

نستفيد من هذه الأحاديث في هذا المطلب : إنّ حبّ علي  وحبّ المنافقين لا يجتمعان ، لو أنّ أحداً يعتقد حتّى بإمامة علي  وولايته بعد رسول الله ، إلاّ أنّه لا يبغض المنافقين ، هذا الشخص هو  أيضاً منافق ، وهو مطرود من الطرفين ، أي من المؤمنين ومن  المنافقين ، لأنّالمنافقين لا يعتقدون بولاية علي وهذا يعتقد ، ولأنّ  المؤمنين لا يحبّون المنافقين وهذا يحب.

ولا يمكن الجمع بينهما بأيّ حال من الأحوال ، وبأيّ شكلٍ من الأشكال.

         

__________________

(1) مسند أحمد 6 / 292.

٢٢

  

المطلب الرابع :

في إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاًعليه‌السلام

بأنّ الأُمّة ستغدر به

قال عليعليه‌السلام : « إنّه ممّا عهد إليّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ الأُمّة ستغدر بي  بعده ».

قال الحاكم : صحيح الإسناد ، وقال الذهبي في تلخيصه :  صحيح(1) ، وقد قرّروا أنّ كلّ حديث وافق الذهبي فيه الحاكم  النيسابوري في التصحيح فهو بحكم الصحيحين.

ومن رواة هذا الحديث أيضاً : ابن أبي شيبة ، والبزّار ،  والدارقطني والخطيب البغدادي ، والبيهقي ، وغيرهم.

 

__________________

(1) المستدرك علىٰ الصحيحين 3 / 140 ، 142.

٢٣
٢٤

  

المطلب الخامس :

ضغائن في صدور أقوام

أخرج أبو يعلىٰ والبزّارـبسند صحّحه : الحاكم ، والذهبي ،  وابن حبّان ، وغيرهمـعن عليعليه‌السلام قال : « بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم آخذ  بيدي ونحن نمشي في بعض سكك المدينة ، إذ أتينا علىٰ حديقة ،  فقلت : يا رسول الله ما أحسنها من حديقة ! فقال : إنّ لك في الجنّة  أحسن منها ، ثمّ مررنا بأُخرىٰ فقلت : يا رسول الله ما أحسنها من  حديقة ! قال : لك في الجنّة أحسن منها ، حتّى مررنا بسبع حدائق ،  كلّ ذلك أقول ما أحسنها ويقول : لك في الجنّة أحسن منها ، فلمّا  خلا لي الطريق اعتنقني ثمّ أجهش باكياً ، قلت : يا رسول الله ما  يبكيك ؟ قال : ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلاّ من بعدي ،  قال : قلت يا رسول الله في سلامة من ديني ؟ قال : في سلامة من  دينك ».

٢٥

هذا اللفظ في : مجمع الزوائد عن : أبي يعلىٰ والبزّار(1) ، ونفس  السند موجود في المستدرك وقد صحّحه الحاكم ) والذهبي(2) ،  فيكون سنده صحيحاً يقيناً ، لكن اللفظ في المستدرك مختصر  وذيله غير مذكور ، والله أعلم ممّن هذا التصرف ، هل من الحاكم أو  من الناسخين أو من الناشرين ؟ فراجعوا ، السند نفس السند عند  أبي يعلىٰ وعند البزّار وعند الحاكم ، والحاكم يصحّحه والذهبي  يوافقه ، إلاّ أنّ الحديث في المستدرك أبتر مقطوع الذيل ، لأنّه إلىٰ  حدّ « إنّ لك في الجنّة أحسن منها » لا أكثر.

وهناك أحاديث أيضاً صريحة في أنّ « الأقوام » المراد منهم  في هذا الحديث « هم قريش » ، وفي المطلب السادس أيضاً بعض  الأحاديث تدلّ علىٰ ذلك ، فلاحظوا.

      

__________________

(1) مجمع الزوائد 9 / 118.

(2) المستدرك علىٰ الصحيحين 3 / 139.

٢٦

  

المطلب السادس :

في أنّ قريشاً هم سبب هلاك الناس بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

عن أبي هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : « يهلك أُمّتي هذا الحي من  قريش » ، قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : « لو أنّ الناس اعتزلوهم ».

وعن أبي هريرة أيضاً قال : سمعت الصادق المصدوق يقول :  « هلاك أُمّتي علىٰ يدي غلمة من قريش » ، فقالوا : مروان غلمة ؟  قال أبو هريرة : إن شئت أنْ أُسمّيه ، بني فلان ، بني فلان.

والحديثان في الصحيحين(1) .

   

__________________

(1) وأخرجه أحمد 2 / 324 ، 288 ، 299 ، 520.

٢٧
٢٨

  

المطلب السابع :

لم يروَ من الضغائن والغدر إلاّ القليل

وهذا المطلب مهم جدّاً ، فالغدر الذي كان ، والضغائن التي  بدتـالتي سبق وأنْ أخبر عنها رسول اللهـلم يروَ منها في الكتب  إلاّ القليل ، والسبب واضح ، لأنّهم منعوا من تدوين الحديث ،  وعندما دُوّن ، فقد دوّن علىٰ يد بني أُميّة وفي عهدهم ، وهذا حال  السنّة ، أي السنّة عند أهل السنّة.

ثمّ إنّ من كان عنده شيء من تلك الأمور التي أشار إليها رسول  اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يروه ، وإذا رواه لم ينقلوه ولم يكتبوه ومنعوا من نشره ،  ومن نقله إلىٰ الآخرين ، حتّى أنّ من كان عنده كتاب فيه شيء من  تلك القضايا ، أخذوه منه ، أو أخفاه ولم يظهره لأحد ، أذكر لكم  موارد من هذا القبيل :

قال ابن عدي في آخر ترجمة عبد الرزاق بن همّام الصنعاني

٢٩

في كتاب الكامل : ولعبد الرزاق بن همّام [ هذا شيخ البخاري ]  أصناف حديث كثير ، وقد رحل إليه ثقات المسلمين وأئمّتهم  وكتبوا عنه ، ولم يروا بحديثه بأساً ، إلاّ أنّهم نسبوه إلىٰ التشيّع ، وقد  روىٰ أحاديث في الفضائل ممّا لا يوافقه عليها أحد من الثقات ،  فهذا أعظم ما رموه به من روايته لهذه الأحاديث ، ولما رواه في  مثالب غيرهم ممّا لم أذكره في كتابي هذا ، وأمّا في باب الصدق  فأرجو أنّه لا بأس به ، إلاّ أنّه قد سبق عنه أحاديث في فضائل أهل  البيت ومثالب آخرين مناكير(1) .

وبترجمة عبد الرحمن بن يوسف بن خراشـالحافظ الكبيرـ يقول ابن عدي : سمعت عبدان يقول : وحمل ابن خراش إلى بندار  جزئين صنّفهما في مثالب الشيخين فأجازه بألفي درهم.

فأين هذا الكتاب الذي هو في جزئين ؟

قال ابن عدي : فأمّا الحديث فأرجو أنّه لا يتعمّد الكذب(2) .

فالرجل ليس بكاذب ، ولو راجعتم سير أعلام النبلاء للذهبي  أو راجعتم تذكرة الحفّاظ للذهبي ، لرأيتم الذهبي ينقل هذا  المطلب ، ويتهجّم علىٰ ابن خراش ويشتمه ويسبّه سبّ الذين

__________________

(1) الكامل في الضعفاء 6 / 545.

(2) الكامل في الضعفاء 5 / 519.

٣٠

كفروا(1) .

ولا يتوهمنّ أحد أنّ هذا الرجلـابن خراشـمن الشيعة ،  وذلك ، لأنّهذا الرجل من كبار علماء القوم ومن أعلامهم في  الجرح والتعديل ، ويعتمدون علىٰ آرائه في ردّ الراوي أو قبوله ،  أذكر لكم مورداً واحداً ، يقول ابن خراش بترجمة عبدالله بن شقيق ،  وعند ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب يقول : قال ابن  خراش : كانـعبدالله بن شقيق ـ ثقة وكان عثمانياً يبغض عليّاً(2) .

فابن خراش ليس بشيعي ، لأنّه يوثق هذا الرجل مع تصريحه  بأنّه كان عثمانيّاً يبغض عليّاً.

فلا يتوهّم أنّ هذا الرجلـابن خراشـمن الشيعة ، بل هو من  أعلام أهل السنّة ومن كبار حفّاظهم ، إلاّ أنّه ألّف جزئين في مثالب  الشيخين.

مورد آخر في كتاب العلل لأحمد بن حنبل ، قال أحمد : كان  أبو عوانة [ الذي هو من كبار محدّثيهم وحفّاظهم ، وله كتاب في  الصحيح اسمه : صحيح أبي عوانة ] وضع كتاباً فيه معايب أصحاب 

__________________

(1) سير أعلام النبلاء 13 / 509 ، تذكرة الحفاظ 2 / 684 ، ميزان الإعتدال 2 / 600.

(2) تهذيب التهذيب 5 / 223.

٣١

رسول الله ، وفيه بلايا ، فجاء سلاّم بن أبي مطيع(1) فقال : يا أبا  عوانة ، أعطني ذاك الكتاب فأعطاه ، فأخذه سلاّم فأحرقه(2) .

ويروي أحمد بن حنبل في نفس الكتاب عن عبدالرحمن بن  مهدي(3) قال : فنظرت في كتاب أبي عوانة وأنا أستغفر الله(4) .

فهذا يستغفر الله من أنّه نظر في هذا الكتاب ، والشخص الآخر  جاء إليه وأخذ الكتاب منه وأحرقه بلا إذن منه ولا رضا.

مورد آخر : ذكروا بترجمة الحسين بن الحسن الأشقر : أنّ  أحمد بن حنبل حدّث عنه وقال : لم يكن عندي ممّن يكذب [ فهو  حدّث عنه وقال : لم يكن عندي ممّن يكذب ] فقيل له : إنّه يحدّث  في أبي بكر وعمر ، وإنّه صنّف باباً في معايبهما ، فقال : ليس هذا  بأهلٍ أنْ يحدَّث عنه(5) !

أوّلاً : أين ذاك الباب الذي اشتمل علىٰ هذه القضايا ؟ ولماذا لم  يصل إلينا؟

وثانياً : إنّه بمجرَّد أنْ علم أحمد بن حنبل بأنّ الرجل يحدّث

__________________

(1) الإمام الثقة القدوة ، من رجال الصحيحين. سير أعلام النبلاء 7 / 428.

(2) كتاب العلل والرجال 1 / 60.

(3) الإمام الناقد المجوّد سيد الحفاظ. سير أعلام النبلاء 9 / 192.

(4) كتاب العلل والرجال 3 / 92 الطبعة الحديثة.

(5) تهذيب التهذيب 2 / 291.

٣٢

في الشيخين ، وبأنّه صنّف مثل هذه الأحاديث في كتاب ، سقط من  عين أحمد وأصبح كذّاباً لا يعتمد عليه ولا يروىٰ عنه !

مورد آخر : في ميزان الإعتدال بترجمة إبراهيم بن الحكم بن  زهير الكوفي : قال أبو حاتم : روى في مثالب معاوية فمزّقنا ما  كتبنا عنه(1) .

روى في مثالب معاوية فمزّقنا ما كتبنا عنه ، فراحت تلك  الروايات.

وهذا بعض ما ذكروا في هذا الباب.

ثمّ إنّهم ذكروا في تراجم رجال كثيرين من أعلام الحديث  والرواة الذين هم من رجال الصحاح ، ذكروا أنّه كان يشتم أبا بكر  وعمر ، لاحظوا هذه العبارة بترجمة إسماعيل بن عبدالرحمن  السُدّي(2) ، وبترجمة تليد بن سليمان(3) ، وبترجمة جعفر بن  سليمان الضبعي(4) ، وغير هؤلاء.

ولماذا كان هؤلاء يشتمون ؟ هل بلغهم شيء أو أشياء ، ممّا

__________________

(1) ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1 / 27.

(2) تهذيب التهذيب 1 / 274.

(3) تهذيب الكمال 4 / 322.

(4) تهذيب التهذيب 2 / 82 ـ 83.

٣٣

أدّىٰ وسبّب في أنْ يجوّزوا لانفسهم أن يشتموا ويسبّوا ؟ وأين تلك  القضايا وماهي ؟

وأمّا ما ذكروه بترجمة الرجال وكبار علمائهم وحفّاظهم من  شتم عثمان وشتم معاوية ، فكثير جدّاً ، وأعتقد أنّه لا يحصىٰ لكثرته.

ولقد فشىٰ وكثر اللعن أو الطعن في الشيخين في النصف الثاني  من القرن الثالث ، يقول زائدة بن قدامةـووفاته في النصف الثاني  من القرن الثالث ـ : متى كان الناس يشتمون أبا بكر وعمر ؟!(1) .

وكثر وكثر حتى القرن السادس من الهجرة ، جاء أحدهمـوهو  الحافظ المحدّث عبد المغيث بن زهير بن حرب الحنبلي البغدادي ـفألّف كتاباً في فضل يزيد بن معاوية وفي الدفاع عنه والمنع عن  لعنه ، فلمّا سئل عن ذلك ، قال بلفظ العبارة : إنّما قصدت كفّ  الألسنة عن لعن الخلفاء(2) .

حتى جاء التفتازاني في أواخر القرن الثامن من الهجرة وقال  في شرح المقاصد ما نصّه : فإن قيل : فمن علماء المذهب من لم  يجوّز اللعن علىٰ يزيد مع علمهم بأنّه يستحقّ ما يربو علىٰ ذلك

__________________

(1) تهذيب التهذيب 3 / 264.

(2) سير أعلام النبلاء 21 / 161.

٣٤

ويزيد ؟ قلنا : تحامياً عن أن يرتقىٰ إلىٰ الأعلىٰ فالأعلىٰ(1) .

حتّى جاء كتّاب عصرنا ، فألّفوا في مناقب يزيد ، وألّفوا في  مناقب الحجّاج ، وألّفوا في مناقب هند !!

وإنّي أعتقد أنّهم يعلمون بأنّ هذه المناقب والفضائل ، والذي  يذكرونه في الدفاع عن هؤلاء وأمثالهم ، كلّه كذب ، وإنّ هؤلاء  يستحقّون اللعن ، إلاّ أنّ الغرض هو إشغال الكتّاب والباحثين  والمفكّرين وسائر الناس بمثل هذه الأُمور ، ولكي لا يبقىٰ هناك  مجال لأن يرتقىٰ إلىٰ الأعلىٰ فالأعلىٰ.

ومن هنا نفهم : إنّ محاربتهم لقضايا الحسينعليه‌السلام ومحاربتم  لمآتم الحسينعليه‌السلام ولقضايا عاشوراء ، كلّ ذلك ، لئلاّ يلعن يزيد ،  ولئلاّ ينتهىٰ إلىٰ الأعلىٰ فالأعلىٰ.

      

__________________

(1) شرح المقاصد 5 / 311.

٣٥
٣٦

 

المطلب الثامن :

أحقاد قريش وبني أُميّة علىٰ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وأهل بيتهعليهم‌السلام

وهنا ننقل بعض الشواهد علىٰ أحقاد قريش وبني أُميّة  بالخصوص ، وضغائنهم علىٰ النبي وأهل البيت ، حتّى أنّهم كانت  تصدر منهم أشياء في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولمّا لم يتمكّنوا من الإنتقام  من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالذات ، انتقموا من أهل بيته لينتقموا منه.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « اللهمّ إنّي أستعديك على قريش ،  فإنّهم أضمروا لرسولكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ضروباً من الشر والغدر ، فعجزوا  عنها ، وحُلت بينهم وبينها ، فكانت الوجبة بي والدائرة عليّ ، اللهمّ  احفظ حسناً وحسيناً ، ولا تمكّن فجرة قريش منهما ما دمت حيّاً ،  فإذا توفّيتني فأنت الرقيب عليهم وأنت علىٰ كلّ شيء شهيد »(1) .

فيقول أمير المؤمنين : إنّ قريشاً أضمروا لرسول الله ضروباً من

__________________

(1) شرح نهج البلاغة 20 / 298.

٣٧

الشر والغدر وعجزوا عنها ، والله سبحانه وتعالىٰ حال بينه وبين تلك  الشرور أن تصيبه ، إلى أنْ توفّيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكانت الوجبة بأمير  المؤمنين والدائرة عليه ، كما أنّه في هذا الكلام يشير بأنّ قريشاً  ستقتل الحسن والحسين أيضاً انتقاماً من النبي.

وقالعليه‌السلام في خطبة له : « وقال قائل : إنّك يا ابن أبي طالب على  هذا الأمر لحريص ، فقلت : بل أنتمـواللهـأحرص وأبعد ، وأنا  أخص وأقرب ، وإنّما طلبت حقّاً لي وأنتم تحولون بيني وبينه ،  وتضربون وجهي دونه ، فلما قرّعته بالحجة في الملأ الحاضرين  هبّ كأنه بهت لا يدري ما يجيبني به.

اللهم إني استعديك علىٰ قريش ومن أعانهم ، فانهم قطعوا  رحمي ، وصغّروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا علىٰ منازعتي أمراً هو  لي ، ثم قالوا : ألا إنَّ في الحق أنْ تأخذه وفي الحق أن تتركه »(1) .

وفي كتاب لهعليه‌السلام إلى عقيل : « فدع عنك قريشاً وتركاضهم في  الضلال ، وتجوالهم في الشقاق ، وجماحهم في التيه ، فإنّهم قد  أجمعوا علىٰ حربي إجماعهم على حرب رسول الله قبلي ، فجزت  قريشاً عنّي الجوازي ، فقد قطعوا رحمي وسلبوني سلطان ابن 

__________________

(1) نهج البلاغة ، الخطبة : 172.

٣٨

أُمّي »(1) .

وروىٰ ابن عدي في الكامل في حديثٍ : فقال أبو سفيان : مثل  محمّد في بني هاشم مثل ريحانة وسط نتن ، فانطلق بعض الناس إلىالنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبروا النبي ، فجاءصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـيعرف في وجهه الغضبـ  حتّى قام فقال : « ما بال أقوال تبلغني عن أقوام » إلىآخر الحديث.

هذا في الكامل لابن عدي(2) بهذا النص ، والقائل أبو سفيان.

وهو بنفس السند واللفظ موجود أيضاً في بعض المصادر  الاُخرىٰ ، إلا أنّهم رفعوا كلمة : « فقال أبو سفيان » ، ووضعوا كلمة :  « فقال رجل ».

لاحظوا مجمع الزوائد(3) .

وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال :  أتىٰ ناس من الأنصار إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : إنّا نسمع من قومك ، حتّى  يقول القائل منهم إنّما مثل محمّد مثل نخلة نبتت في الكبا(4) .

والكبا الأرض غير النظيفة.

__________________

(1) شرح نهج البلاغة 16 / 151.

(2) الكامل في الضعفاء 3 / 28.

(3) مجمع الزوائد 8 / 215.

(4) مجمع الزوائد 8 / 215.

٣٩

لكن هذا الحديث أيضاً في بعض المصادر محرّف.

ثمّ إنّ السبب في هذه الضغائن ماذا ؟ ليس السبب إلاّ أقربية  أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فينتقمون منه انتقاماً من النبيّ ،  مضافاً إلى مواقف أمير المؤمنينعليه‌السلام في الحروب وقتله أبطال  قريش ، وهذا ما صرّح به عثمان لأمير المؤمنين في كلام له معه  عليه الصلاة والسلام ، أذكر لكم النص الكامل.

ذكر الآبي في كتاب نثر الدررـوهو كتاب مطبوع موجودـ وعنه أيضاً ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن ابن عباس  قال : وقع بين عثمان وعلي كلام ، فقال عثمان : ما أصنع إن كانت  قريش لا تحبّكم ، وقد قتلتم منهم يوم بدر سبعين كأنّ وجوههم  شنوف الذهب(1) .

هذه هي الأحقاد والضغائن ، ولم يتمكّنوا من الإنتقام من  رسول الله ، فانتقموا من أهل بيته كما أخبر هوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وهكذا توالت القضايا ، انتقموا من الزهراء وأمير المؤمنين ،  وانتقموا ، وانتقموا ، إلىٰ يوم الحسينعليه‌السلام وبعد يوم الحسينعليه‌السلام  وإلىٰ اليوم .

__________________

(1) شرح نهج البلاغة 9 / 22.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523