العقائد الإسلامية الجزء ٤

العقائد الإسلامية11%

العقائد الإسلامية مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 523

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 523 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 196725 / تحميل: 7998
الحجم الحجم الحجم
العقائد الإسلامية

العقائد الإسلامية الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

من أهم عنصر كانت تعتمد عليه وترجع إليه في قضاياها ومشكلاتها الفردية والاجتماعية، فقد كان الإمام حصناً منيعاً يذود عن أصحابه ويقوم بتلبية حاجاتهم الفكرية والروحية والمادية في كثير من الأحيان.

فهنا صدمة نفسية وإيمانية بالرغم من أن الإيمان بالغيب يشكّل عنصراً من عناصر الإيمان المصطلح، لأنّ المؤمنين كانوا قد اعتادوا على الارتباط المباشر بالإمامعليه‌السلام ولو في السجن أو من وراء حجاب وكانوا يشعرون بحضوره وتواجده بين ظهرانيهم ويحسّون بتفاعله معهم، والآن يُراد لهم أن يبقى هذا الإيمان بالإمام حيّاً وفاعلاً وقويّاً بينما لا يجدون الإمام في متناول أيديهم وقريباً منهم بحيث يستطيعون الارتباط به متى شاءوا.

إنّ هذه لصدمة يحتاج رأبها إلى بذل جهد مضاعف لتخفيف آثارها وتذليل عقباتها. وقد مارس الإمام العسكري تبعاً للإمام الهاديعليهما‌السلام نوعين من الإعداد لتذليل هذه العقبة ولكن بجهد مضاعف وفي وقت قصير جدّاً.

الأوّل: الإعداد الفكري والذهني.

الثاني: الإعداد النفسي والروحي.

أما الإعداد الفكري فقد قام الإمام تبعاً لآبائهعليهم‌السلام باستعراض فكرة الغيبة على مدى التاريخ وطبّقها على ولده الإمام المهديعليه‌السلام وطالبهم بالثبات على الإيمان باعتباره يتضمن عنصر الإيمان بالغيب وشجّع شيعته على الثبات والصبر وانتظار الفرج وبيّن لهم طبيعة هذه المرحلة ومستلزماتها وما سوف يتحقق فيها من امتحانات عسيرة يتمخّض عنها تبلور الإيمان والصبر والتقوى التي هي قوام الإنسان المؤمن برّبه وبدينه وبإمامه الذي يريد أن يحمل معه السلاح ليجاهد بين يديه.
فقد حدّث أبو علي بن همّام قائلاً: سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول: سمعت أبي يقول: سئل أبو محمد الحسن بن عليعليهما‌السلام

١٤١

وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائهعليهم‌السلام :إنّ الأرض لا تخلو من حجة لله على خلقه إلى يوم القيامة وأن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ، فقالعليه‌السلام :«إنّ هذا حقّ كما أنّ النهار حق» ، فقيل له: ياابن رسول الله فمن الحجة والإمام بعدك؟ فقال:ابني محمّد هو الإمام والحجة بعدي. من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية، أما إنّ له غيبة يحار فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون ويكذب فيها الوقّاتون، ثم يخرج فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة »(١) .

وحدّث موسى بن جعفر بن وهب البغدادي فقال: سمعت أبا محمد الحسنعليه‌السلام يقول:«كأني بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف منّي، أما إن المقرّ بالأئمة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنكر لولدي كمن أقرّ بجميع أنبياء الله ورسله ثم أنكر نبوّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والمنكر لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كمن أنكر جميع الأنبياء، لأن طاعة آخرنا كطاعة أوّلنا والمنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا، أما إنّ لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلاّ من عصمه الله عَزَّ وجَلَّ» (٢) .

وحدّث الحسن بن محمد بن صالح البزّاز قائلاً: سمعت الحسن بن علي العسكريعليهما‌السلام يقول:«إنّ ابني هو القائم من بعدي وهو الذي يُجري فيه سنن الأنبياء بالتعمير والغيبة حتى تقسو القلوب لطول الأمد فلا يثبت على القول به إلاّ من كتب الله عزّ وجلّ في قلبه الإيمان وأيّده بروح منه» (٣) .

إلى غيرها من الأحاديث والأدعية التي تضمّنت بيان فكرة الغيبة وضرورة تحققها وضرورة الإيمان بها والصبر فيها والثبات على الطريق الحق مهما كانت الظروف صعبة وعسيرة.

وأما الإعداد النفسي والروحي فقد مارسه الإمامعليه‌السلام منذ زمن أبيه

ــــــــــــ

(١) كمال الدين: ٢/٤٠٩.

(٢) كمال الدين: ٢/٤٠٩.

(٣) كمال الدين: ٢/٥٢٤.

١٤٢

الهاديعليه‌السلام فقد مارس الإمام الهاديعليه‌السلام سياسة الاحتجاب وتقليل الارتباط بشيعته إعداداً للوضع المستقبلي الذي كانوا يستشرفونه وكان يُهيئهم له، كما انّه قد مارس عملية حجب الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام عن شيعته فلم يعرفه كثير من الناس وحتى شيعته إلاّ بعد وفاة أخيه محمد حيث أخذ يهتمّ بإتمام الحجة على شيعته بالنسبة لإمامة الحسن من بعده واستمر الإمام الحسنعليه‌السلام في سياسة الاحتجاب وتقليل الارتباط لضرورة تعويد الشيعة على عدم الارتباط المباشر بالإمام ليألفوا الوضع الجديد ولا يشكّل صدمة نفسية لهم، فضلاً عن ان الظروف الخاصة بالإمام العسكريعليه‌السلام كانت تفرض عليه تقليل الارتباط حفظاً له ولشيعته من الانكشاف أمام أعين الرقباء الذين زرعتهم السلطة هنا وهناك ليراقبوا نشاط الإمام وارتباطاته مع شيعته.

وقد عوّض الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام الأضرار الحاصلة من تقليل الارتباط المباشر بأمرين:

أحدهما: بإصدار البيانات والتوقيعات بشكل مكتوب إلى حدٍّ يغطي الحاجات والمراجعات التي كانت تصل إلى الإمامعليه‌السلام بشكل مكتوب. وأكثر الروايات عن الإمام العسكريعليه‌السلام هي مكاتباته مع الرواة والشيعة الذين كانوا يرتبطون به من خلال هذه المكاتبات.

ثانيهما: بالأمر بالارتباط بالإمامعليه‌السلام من خلال وكلائه الذين كان قد عيّنهم لشيعته في مختلف مناطق تواجد شيعته. فكانوا حلقة وصل قوية ومناسبة ويشكّلون عاملاً نفسيّاً ليشعر اتباع أهل البيت باستمرار الارتباط بالإمام وإمكان طرح الأسئلة عليه وتلقي الأجوبة منه. فكان هذا الارتباط غير المباشر كافياً لتقليل أثر الصدمة النفسية التي تحدثها الغيبة لشيعة الإمامعليه‌السلام .

وهكذا تمّ الإعداد الخاص من قبل الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام لشيعته ليستقبلوا عصر الغيبة بصدر رحب واستعداد يتلائم مع مقتضيات الإيمان بالله

١٤٣

وبرسوله وبالأئمة وبقضية الإمام المهديعليه‌السلام العالمية والتي تشكّل الطريق الوحيد لإنقاذ المجتمع الإنساني من أوحال الجاهلية في هذه الحياة.

البحث الثالث: نظام الوكلاء في عصر الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام

إنّ نظام الوكلاء قد أسّسه الأئمة من أهل البيتعليهم‌السلام حين اتّسعت الرقعة الجغرافية للقاعدة الموالية لأهل البيتعليهم‌السلام . وقد اختار الأئمة من بين أصحابهم وثقاتهم من أوكلوا إليه جملة من المهام التي لها علاقة بالإمامعليه‌السلام مثل قبض الأموال وتلقي الأسئلة والاستفتاءات وتوزيع الأموال على مستحقّيها بأمر الإمامعليه‌السلام . وبالإضافة إلى مهمة الإرشاد وبيان الأحكام كان الوكيل يقوم بتخفيف العبء عن الإمام وشيعته في ظروف تشديد الرقابة على الإمامعليه‌السلام من قبل السلطة، كما كان يتولّى مهمة بيان مواقف الإمام السياسية حين لا يكون من المصلحة أن يتولّى الإمام بنفسه بيان مواقفه بشكل صريح ومباشر.

إنّ نظام الوكلاء يعتبر حلقة الوصل والمؤسسة الوسيطة بين الإمام وأتباعه في حال حضور الإمامعليه‌السلام ولا سيّما عند صعوبة الارتباط به.

كما أنه أصبح البديل الوحيد للارتباط بالإمامعليه‌السلام في دور الغيبة الصغرى. وحيث إنّ الأئمةعليهم‌السلام كانوا يعلمون ويتوقّعون الوضع المستقبلي للإمام المهديعليه‌السلام كما أخبرت بذلك نصوص النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته الأطهارعليهم‌السلام ، كان الخيار الوحيد للإمام المعصوم في عصر الغيبة الصغرى أن يعتمد على مثل هذه المؤسسة الواسعة الأطراف والمهامّ، ومن هنا كان الاعتماد على الثقات من جهة وتعويد الأتباع للارتباط بالإمامعليه‌السلام من خلال وكلائه أمرا لابد منه، وهذا الأمر يحتاج إلى سياسة تعتمد السنن الاجتماعية وتأخذها بنظر الاعتبار، ولا يمكن لمثل هذه المؤسسة البديلة أن تستحدث

١٤٤

في أيام الغيبة الصغرى بل لابد من التمهيد لذلك بإنشائها وإثبات جدارتها تاريخياً من خلال مراجعة الوكلاء والتثبت من جدارتهم وتجذّر هذه المؤسسة في الوسط الشيعي ليكون هذا البديل قادراً على تلبية الحاجات الواقعية لأبناء الطائفة، ولئلا تكون صدمة الغيبة فاعلة وقوية. ومن هنا كان يتسع نشاط هذه المؤسسة ويصبح دورها مهماً كلّما اشتدت الظروف المحيطة بالإمام المعصومعليه‌السلام وكلّما اقترب الأئمة من عصر الغيبة.

وعلى هذا يتّضح أن عصر الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام الذي كان يشكّل نقطة الانتقال المهمّة والجوهرية من عصر الحضور إلى عصر الغيبة كان يستدعي الاعتماد الكبير على الوكلاء ويستدعي إحكام نظامهم وكثرة مهامّهم واتّساع دائرة نشاطهم وتواجدهم اتّساعاً يمهّد للانتقال بأتباع أهل البيتعليهم‌السلام إلى دور الغيبة التي ينقطعون فيها عن إمامهم وقيادتهم المعصومة.

إنّ مقارنة عدد وكلاء الإمام العسكريعليه‌السلام بوكلاء الإمام الهاديعليه‌السلام ومناطق تواجد هؤلاء الوكلاء والمسؤوليات الملقاة عليهم وكيفية الارتباط فيما بينهم تشهد على تميّز الدور الكبير للوكلاء في هذه الفترة القصيرة جدّاً وهي ستّ سنوات، كما أن استقرار الوكلاء في مناصبهم واعتماد الإمامعليه‌السلام عليهم وبيان ذلك لأتباعه قد حقق الهدف المرتقب من نظام الوكلاء في مجال تسهيل الانتقال إلى عصر الغيبة بأقلّ ما يمكن من الأخطار والتبعات.

على أن انحراف بعض الوكلاء ـ طمعاً أو حسداً ـ وكشف انحرافهم من قبل الإمامعليه‌السلام وحذفهم وإخبار الأتباع بانحرافهم في أول فرصة ممكنة دليل على مدى حرص الإمامعليه‌السلام على سلامة عناصر هذا الجهاز الخطير في دوره ومهامّه الرسالية، وهو دليل على المراقبة المستمرة من الإمامعليه‌السلام لهم ومدى متابعته لأوضاعهم ونشاطاتهم.

١٤٥

وإليك قائمة بأسماء بعض وكلاء الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام :

١ ـ إبراهيم بن عبدة النيسابوري من أصحاب العسكريينعليهما‌السلام ، كان وكيلاً له في نيسابور..

٢ ـ أيوب بن نوح بن درّاج النخعي كان وكيلاً للعسكريينعليهما‌السلام .

٣ ـ أيوب بن الباب، أنفذه من العراق وكيلاً إلى نيسابور.

٤ ـ أحمد بن إسحاق الرازي.

٥ ـ أحمد بن إسحاق القمي الأشعري كان وكيلاً له بقم.

٦ ـ جعفر بن سهيل الصيقل.

٧ ـ حفص بن عمرو العمري الجمّال.

٨ ـ عثمان بن سعيد العمري السمّان(الزيّات) وهو أوّل السفراء الأربعة.

٩ ـ علي بن جعفر الهمّاني من وكلاء أبي الحسن وأبي محمدعليهما‌السلام .

١٠ ـ القاسم بن العلاء الهمداني من وكلائه ووكلاء ابنه الإمام المهديعليه‌السلام .

١١ ـ محمّد بن أحمد بن جعفر(الجعفري) القمي العطّار.

١٢ ـ محمّد بن صالح بن محمد الهمداني.

١٣ ـ محمد بن عثمان بن سعيد العمري.

١٤ ـ عروة بن يحيى البغدادي النخّاس المعروف بالدهقان كان من وكلائه في بغداد ثم انحرف وضلّ وأخذ يكذب على الإمام ويقتطع الأموال لنفسه وأحرق بيت المال الذي سُلّم إليه من بعد ابن راشد وتبرّأ منه الإمام ولعنه وأمر شيعته بلعنه ودعا عليه حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر(١) .

ــــــــــــ

(١) راجع للتفصيل حياة الإمام العسكري: ٣٢٩ ـ ٣٤٢.

١٤٦

البحث الرابع: مدرسة الفقهاء والتمهيد لعصر الغيبة:

أكمل الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام الخط الذي أسّسه آباؤه الطاهرون وهو إنشاء جماعة صالحة تمثل خط أهل البيت الفكري والعقائدي والأخلاقي والسلوكي وقد اهتمّ الإمامان محمّد الباقر وجعفر الصادقعليهما‌السلام بشكل خاص بإعداد وتربية مجموعة من الرواة والفقهاء فتمثّلت فيهم مدرسة علمية استوفت في عهد الإمام العسكريعليه‌السلام كل متطلبات المدرسة العلمية من حيث المنهج والمصدر والمادة ممهدة به لعصر الغيبة الصغرى(١) .

وقد أيّد الإمام العسكريعليه‌السلام جملة من الكتب الفقهية والأصول الروائية التي جمعت في عصره أو قبل عصره وأيّد أصحابها وشكر لهم مساعيهم وبذلك يكون قد أعطى للمدرسة الفقهية تركيزاً واهتماماً يشير إلى أنّ الخط الفقهائي هو الخط المستقبلي الذي يجب على القاعدة الشيعية أن تسير عليه(٢) .

وكان من منتسبي هذه المدرسة أساتذة وطلاباً في عهد أبناء الرضاعليه‌السلام مجموعة قد أورد الشيخ المجلسيرضي‌الله‌عنه في موسوعته أسماءهم(٣) .

وقد أحصيت أسماء أصحاب الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام ورواة حديثه فبلغت ٢١٣ محدثاً وراوياً(٤) .

وإليك بعض ثقاة الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام وأصحابه:

ـ علي بن جعفر الهماني.

ـ أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري.

ــــــــــــ

(١) تاريخ التشريع الإسلامي، د. عبد الهادي الفضلي: ١٩٤ ـ ٢٠٢.

(٢) حياة الإمام العسكري للشيخ محمد جواد الطبسي: ٣٢٥.

(٣) بحار الأنوار: ج٥٠، المشتمل على حياة الأئمة الجواد: ١٠٦ والهادي: ٢١٦ والعسكري عليهم‌السلام : ٣١٠.

(٤) حياة الإمام العسكري عليه‌السلام : محمد جواد الطبسي: الفصل العاشر.

١٤٧

ـ داود بن أبي يزيد النيسابوري.

ـ محمد بن علي بن بلال.

ـ عبد بن جعفر الحميري القمي.

ـ أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري الزيّات والسمّان.

ـ إسحاق بن الربيع الكوفي.

ـ أبو القاسم جابر بن يزيد الفارسي.

ـ إبراهيم بن عبيد الله بن إبراهيم النيسابوري.

ـ محمد بن الحسن الصفار.

ـ عبدوس العطار.

ـ سري بن سلامة النيسابوري.

ـ أبو طالب الحسن بن جعفر.

ـ أبو البختري.

ـ الحسين بن روح النوبختي.

ومع ملاحظة حراجة الظروف المحيطة بالإمام العسكري وقصر الفترة التي عاشها إماماً ومرجعاً للأمة والشيعة فإنَّ هذه النسبة من الرواة تشكل رقماً قياسيّاً طبعاً.

وكان لمحمد بن الحسن بن فروّخ الصفّار المتوفى سنة(٢٩٠هـ) مجموعة من المؤلفات تقارب الأربعين مؤلفاً، وقد عدّه الشيخ الطوسي في رجاله في أصحاب أبي محمد الحسن العسكريعليه‌السلام وقال: «له كتب مثل كتب الحسين بن سعيد وزيادة كتاب بصائر الدرجات وغيره، وله مسائل كتب بها إلى أبي محمد الحسن بن علي العسكري»(١) .

ــــــــــــ

(١) الفهرست، الشيخ الطوسي: ١٧٤.

١٤٨

وقد تضمنت كتبه مختلف أبواب الأحكام كالصلاة والوضوء والعتق والدعاء والزهد والخمس والزكاة والشهادات، والتجارات، والجهاد وكتاب حول فضل القرآن الكريم وبلغت كتبه ـ على ما أحصاه الأستاذ الفضلي ـ خمسة وثلاثين كتاباً(١) .

وقد اتّسم عهد الأئمة من أبناء الرضاعليه‌السلام وهم ـ الجواد والهادي والعسكريعليهم‌السلام ـ باتّساع رقعة انتشار التشيّع، وكثرة العلماء والدعاة إلى مذهب أهل البيت، واكتمال معالم وأبعاد مدرستهم الفقهية في المنهج والمادة معاً.

ويتلخّص المنهج الذي سارت عليه مدرسة الفقهاء الرواة عن أهل البيتعليهم‌السلام في نقاط جوهرية وأساسية تميّزها عمّا سواها من المدارس الفقهية وهي:

١ ـ اعتماد الكتاب والسنّة فقط مصدراً أساسياً للتشريع الإسلامي.

٢ ـ ضرورة الرجوع في تعلّم العلوم الشرعية وأخذ الفتوى إلى الإمام المعصوم إن أمكن.

٣ ـ لزوم الرجوع إلى الفقهاء الثقاة حيث يتعسّر الرجوع إلى الإمام المعصوم.

٤ ـ الإفتاء بنصّ الرواية أو بتطبيق القاعدة المستخلصة من الرواية(٢) .

وبهذا وفّرت مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام ـ خلال قرنين ونصف قرن على الرغم من قساوة الظروف وبالرغم من افتتاح عدة جبهات للمعارضة مع الحكم القائم ـ كل متطلبات إحياء الشريعة الإسلامية وديمومتها واستمرارها حتى في عصر الغيبة. وهيّأت للمسلمين عامة ولشيعة أهل البيت خاصّة كل مقدّمات الاستقلال الفكري والسياسي والاقتصادي والثقافي وأعطتهم الزخم اللازم لاستمرار المواجهة مع الباطل الذي يترصّد الحق في كل زمان ومكان.

ــــــــــــ

(١) تاريخ التشريع الإسلامي، عبد الهادي الفضلي: ٢٠٠ ـ ٢٠٢.

(٢) تاريخ التشريع الإسلامي، عبد الهادي الفضلي: ٢٠٢ ـ ٢١١.

١٤٩

البحث الخامس: قيادة العلماء الأمناء على حلاله وحرامه

إن مرجعية العلماء وقيادتهم للشيعة بعد الغيبة الكبرى التي ابتدأت عام(٣٢٩ هـ ) بوفاة الوكيل الرابع(١) للإمام المهديعليه‌السلام كانت تأسيساً حيويّاً من قبل الأئمة المعصومينعليهم‌السلام وبأمر من الله ورسوله، فهم الذين أمروا الشيعة بالرجوع إلى العلماء الفقهاء الذين تربّوا في مدرستهم الرسالية لأخذ معالم دينهم عنهم، وهذا المفهوم قد أعطاه الإمام الصادقعليه‌السلام صبغته التشريعية بقولهعليه‌السلام :

«ينظر من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً فإني قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه، فإنما استخفّ بحكم الله وعلينا ردّ، والرادّ علينا رادّ على الله وهو على حدّ الشرك بالله» (٢) .

وقد استمرّ الأئمةعليهم‌السلام على هذا النهج وقاموا لتحقيق هذه المهمّة بتربية الفقهاء الأمناء على المنهج العلمي السليم الذي رسموا معالمه وتفاصيله بالتدريج، وتواصلت جهودهم رغم كل الظروف العصيبة بعد عصر الإمام الصادقعليه‌السلام .

ثم كان للخطوات التي اتخذها الإمام الهاديعليه‌السلام الدور البارز في إعطاء الصيغة الاجتماعية الكاملة لمرجعية العلماء، فقد قالعليه‌السلام :لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليه‌السلام من العلماء الداعين إليه والدالّين عليه، والذابّين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته، ومن

ــــــــــــ

(١) علي بن محمد السمري، يراجع كشف الغمة: ٣ / ٢٠٧.

(٢) الكافي: ١/٥٤ ح ١٠ و ٧/٤١٢ ح ٥ والتهذيب: ٦/٢١٨ ح ٥١٤ و ٣٠١ ح ٨٤٥ و عنهما في وسائل الشيعة: ٢٧/١٣٦ ح ١ ب ١١.

١٥٠

فخاخ النواصب، لما بقي أحد إلاّ ارتدّ عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء شيعتنا كما يمسك صاحب السفينة سكّانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عَزَّ وجَلَّ (١) .

إن الأساس والمرتكز الذي تقوم عليه فكرة إرجاع الأمة إلى الفقهاء العدول هو: «أن الأجيال المسلمة تحتاج باستمرار إلى المرشد والموجه والمفكّر المُدَّبر كي يعطيهم تعاليم دينهم ويرتفع بمستوى إيمانهم وعقيدتهم ويشرح لهم إسلامهم ويوجههم في سلوكهم إلى العدل والصلاح ورضا الله عَزَّ وجَلَّ»(٢) .

ووفقاً لذلك كان ما اتخذه الإمام العسكريعليه‌السلام من مواقف ايجابية بالنسبة للعلماء ورواة الحديث الثقاة المأمونين على حلال الله وحرامه وإرجاع شيعته إليهم يعتبر تمهيداً أساسيّاً لعصر الغيبة، وتأكيداً لفكرة المرجعية الشاملة إلى جانب نظام الوكلاء الثقاة المأمونين من شيعته والذي كان من مهامّه إرجاع عامة الطائفة إلى العلماء منهم.

كما كان احتجابه عن الشيعة واتخاذ المراسلات والتواقيع الخارجة عنه سبيلاً آخر للتمهيد أيضاً ـ كما عرفت ـ فقد جاء عنهعليه‌السلام في العمري وابنه محمد:العمري وابنه ثقتان فما أدّيا إليك فعني يؤديان وما قالا فعني يقولان فاسمع لهما وأطعهما فإنهما الثقتان المأمونان (٣) .

وممّا يدل على أن الإمام العسكريعليه‌السلام كان يوجّه القواعد الشعبية للرجوع إلى الفقهاء وتقليدهم وأخذ معالم دينهم عنهم ما جاء عنهعليه‌السلام :

«فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه

ــــــــــــ

(١) الاحتجاج: ٢ / ٢٦٠.

(٢) الغيبة الصغرى للصدر: ٢١٩.

(٣) الغيبة الصغرى: ٢١٩.

١٥١

فللعوام أن يقلّدوه» (١) .

وبهذه الخطوات أكمل الإمام العسكريعليه‌السلام الدور الموكل إليه والمناط به في هذه المرحلة المهمة من تأريخ الرسالة الإسلامية، فقد أنشأ مدرسة علمية لها الدور الأكبر في حفظ تراث أهل البيت الرسالي ومبادئ الإسلام أوّلاً، ومن ثم كان لها الأثر الكبير في نشر فكرة الغيبة وتهيئته الذهنية العامة لتقبّلها ثانياً، كما كان لها مساهمة فعّالة في توجيه شيعة الإمامعليه‌السلام بالرجوع إلى الفقهاء الذين هم حصن الإسلام الواقي للمسلمين من الأعداء ثالثاً.

وبعد الغيبة الكبرى ظهرت الآثار الايجابية لمدرسة الإمام العسكريعليه‌السلام وتعاليمه ووصاياه في التزام الشيعة وأتباع أهل البيتعليهم‌السلام بخط المرجعية الرشيدة.

ويعدّ مبدأ الاجتهاد والتقليد عند الإمامية مظهراً لواقعية هذا المذهب في قدرته على الحفاظ على روح التشريع وحيويّة الرسالة الإسلامية بعد غيبة الإمام المعصومعليه‌السلام والى اليوم الذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً بعدما تملأ جوراً وظلماً.

البحث السادس: الإمام العسكريعليه‌السلام والفرق الضالّة

إن للانحراف عن جادّة الصواب أسباباً يعود بعضها إلى طبيعة الظروف التي تطرأ على الإنسان فتتعاضد مع ما يحمله من ضعف فكري عقائدي أو هبوط أخلاقي ولا سيّما إذا لم يتلقّ تربية صحيحة من ذويه ومن يحيط به أو يصاحبه.

ــــــــــــ

(١) تفسير الإمام العسكري: ١٤١ وعنه في الاحتجاج: ٢/٢٦٣.

١٥٢

وأهل البيتعليهم‌السلام قد أعدّهم الله ورسوله لتربية أبناء الأمة وانتشالهم من الانحراف عبر التوجيه والإرشاد، وتبقى الاستجابة لهدايتهم هي السبب الأعمق لتأثيرها وفاعليتها في كل فرد.

وحين يصبح الانحراف خطّاً منظماً وفاعلاً في المجتمع الإسلامي ينبغي مواجهته بالإدانة وبتفتيت عناصره وقواه الفاعلة ومحاولة إرجاع العناصر المضلَّلة التي تبغي الحق في عمق وجودها وإن حادت عنه.

ونجد للإمام العسكريعليه‌السلام مواقف إرشادية وتوجيهية لبعض أتباع الفرق الضالّة بينما نجده صارماً مع رموز بعض هذه الفرق. وجادّاً في التحذير منهم لعزلهم والحيلولة دون تأثيرهم في القاعدة الشعبية التي تدين بالولاء لأهل البيتعليهم‌السلام .

ونقف فيما سيأتي على موقف الإمامعليه‌السلام من الواقفة أولاً ثم موقفه من المفوّضة وممّن كان متأثّراً بهم.

١ ـ الإمام العسكريعليه‌السلام والواقفة

والواقفة جماعة، وقفت على إمامة الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام ، ولم تقل بإمامة الإمام الرضاعليه‌السلام ، وكان المؤسس لمذهب هذه الجماعة زياد بن مروان القندي الأنباري وعلي بن أبي حمزة، وعثمان بن عيسى وكان سبب توقّفهم هو أن زياد بن مروان القندي الأنباري كانت عنده سبعون ألف دينار من الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام فأظهر هو وصاحباه القول بالوقف طمعاً بالمال الذي كان عندهم(١) .

ــــــــــــ

(١) يراجع رجال الكشي: ٤٦٧ ح ٨٨٨ و ٤٩٣ ح ٩٤٦ وعنه في بحار الأنوار: ٤٨/٢٥١ وعنه في سفينة البحار: ٣/٥٨١.

١٥٣

روى شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسيرضي‌الله‌عنه عن ابن يزيد عن بعض أصحابه قال: مضى أبو إبراهيم ـ الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام ـ وعند زياد القندي سبعون ألف دينار وعند عثمان بن عيسى الرواسي ثلاثون ألف دينار، وخمس جواري ومسكنه بمصر، فبعث إليهم أبو الحسن الرضاعليه‌السلام :«أن احملوا ما قبلكم من المال، وما كان اجتمع لأبي عندكم، فإني وارثه وقائم مقامه، وقد اقتسمنا ميراثه ـ وبهذا أشار الرضاعليه‌السلام إلى موت الإمام الكاظمعليه‌السلام ـولا عذر لكم في حبس ما قد اجتمع لي ولورّاثه قبلكم» .

فأما أبو حمزة فإنّه أنكره ولم يعترف بما عنده، وكذلك زياد القندي، وأمّا عثمان بن عيسى فإنّه كتب إلى الإمام الرضاعليه‌السلام : إنّ أباك صلوات الله عليه لم يمت وهو حيّ قائم، ومن ذكر أنّه مات فهو مبطل، واعمل على أنه مضى كما تقول، فلم يأمرني بدفع شيء إليك، وأما الجواري، فقد أعتقتهن وتزوّجت بهنّ(١) .

وقد سأل أحد أصحاب الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام عمن وقف على أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام قائلاً: أتولاّهم أم أتبرّأ منهم ؟ فكتبعليه‌السلام :«لا تترحّم على عمك لا رحم الله عمك وتبرأ منه، أنا إلى الله منهم بريء فلا تتولاهم، ولا تعد مرضاهم، ولا تشهد جنائزهم، ولا تصلِ على أحد منهم مات أبداً سواء من جحد إماماً من الله أو زاد إماماً ليست إمامته من الله أو جحد أو قال: قالت ثلاثة، إنّ جاحد أمر آخرنا جاحد أمر أولنا والزائد فينا كالناقص الجاحد أمرنا» (٢) .

وبهذا علم السائل أنّ عمّه منهم، كما علم موقف الإمام الصارم من هذه الجماعة التي سُميت بالكلاب الممطورة، فقد روى الشيخ الكشيرضي‌الله‌عنه عن

ــــــــــــ

(١) الغيبة: ٦٤ ح ٦٧ ونحوه أخصر منه في رجال الكشي: ٥٩٨ ح ١١٢٠ وليس فيه: تزوّجت بهن، وفي ح١١١٧: ثم تاب وبعث إليه بالمال وفي ح ١١١٨: أنه سكن الكوفة ثم الحيرة ومات بها.

(٢) الخرائج والجرائح: ١/٤٥٢ ح٣٨ وعنه في كشف الغمة: ٣ / ٣١٩.

١٥٤

أبي علي الفارسي عن إبراهيم بن عقبة، أنه قال: كتبت إلى العسكريعليه‌السلام : جعلت فداك قد عرفت هؤلاء الممطورة، فأقنت عليهم في صلواتي ؟ قال:نعم، اُقنت عليهم في صلواتك (١) .

٢ ـ الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام والمفوّضة

والمفوّضة جماعة، قالت: إنّ الله خلق محمّداً وفوّض إليه خلق الدُّنيا، فهو الخلاّق لما فيها، وقيل: فوّض ذلك إلى الإمام عليعليه‌السلام (٢) والأئمةعليهم‌السلام من بعده. وعن إدريس بن زياد الكفرتوثائي قال: كنت أقول فيهم قولاً عظيماً فخرجتُ إلى العسكر للقاء أبي محمّدعليه‌السلام ، فقدمت وعليَّ أثر السفر وعناؤه، فألقيتُ نفسي على دكّان حمّام، فذهب بي النوم، فما انتبهت إلاّ بمقرعة أبي محمّدعليه‌السلام ، قد قرعني بها حتّى استيقظت، فعرفته سلام الله عليه فقمتُ قائماً أقبّل قدمه وفخذه، وهو راكب، والغلمان من حوله فكان أوّل ما تلقّاني به أن قال:ياإدريس ( بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) (٣) .

فقلت: حسبي يامولاي وإنّما جئت أسألك عن هذا، قال:تركني ومضى(٤) .

وإنّ قوماً من المفوّضة قد وجّهوا كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمدعليه‌السلام قال كامل: قلت في نفسي أسأله: لا يدخل الجنّة إلاّ من عرف معرفتي؟ وكنت جلستُ إلى باب عليه ستر مرخىً، فجاءت الريح فكشفت طرفه فإذا أنا

ــــــــــــ

(١) رجال الكشي: ٤٦٠ ح ٨٧٥ و ٤٦١ ح ٨٧٩ وعنه في بحار الأنوار.

(٢) يُراجع معجم الفرق الإسلامية: ٢٣٥.

(٣) الأنبياء(٢١): ٢٦ ـ ٢٧.

(٤) المناقب: ٤ /٤٦١.

١٥٥

بفتى كأنّه فِلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها، فقال لي:ياكامل بن إبراهيم ; فاقشعررت من ذلك وألهمت أن قلت: لبّيك ياسيّدي.

فقال:جئت إلى وليّ الله تسأله: «لا يدخل الجنة إلاّ من عرف معرفتك وقال بمقالتك» ؟

قلت: إي والله.

قال:إذن والله يقلّ داخلها والله إنه ليدخلها قوم يقال لهم الحقيّة .

قلت: ومن هم ؟

قال:«قوم من حبهم لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام يحلفون بحقّه وما يدرون ما حقه وفضله» .(أي قوم يعرفون ما يجب عليهم معرفته جملة لا تفصيلاً من معرفة الله ورسوله والأئمةعليهم‌السلام ).

ثم قال:جئت تسأله عن مقالة المفوّضة ؟ كذبوا، بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله، فإذا شاء شئنا، والله يقول: ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) (١) . فقال لي أبو محمّدعليه‌السلام :ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك الحجة من بعدي فقمت وخرجت ولم أعاينه بعد ذلك(٢) .

وقد كان الإمام العسكريعليه‌السلام حريصاً على هداية أتباع أهل البيتعليهم‌السلام وإرشادهم إلى الحق بإزالة الشكوك التي كانت تعترضهم في الطريق.

فعن محمّد بن عياش أنه قال: تذاكرنا آيات الإمام فقال ناصبيّ: إن أجاب عن كتاب بلا مداد علمت إنّه حقّ، فكتبنا مسائل وكتب الرّجل بلا مداد على ورق وجعل في الكتب، وبعثنا إليه فأجاب عن مسائلنا وكتب على ورقة اسمه واسم أبويه، فدهش الرّجل، فلمّا أفاق اعتقد الحق(٣) .

وروي عن عمر بن أبي مسلم أنه قال: كان سميع المسمعيّ يؤذيني كثيراً

ــــــــــــ

(١) الإنسان(٧٦): ٣٠.

(٢) الغيبة: ٢٤٧، بحار الأنوار: ٢٥ / ٣٣٦ و ٣٣٧.

(٣) المناقب: ٢/٤٧٠.

١٥٦

ويبلغني عنه ما أكره، وكان ملاصقاً لداري، فكتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام أسأله الدّعاء بالفرج منه، فرجع الجواب: أبشر بالفرج سريعاً، ويقدم عليك مال من ناحية فارس. وكان لي بفارس ابن عمّ تاجر لم يكن له وارث غيري فجاءني ماله بعدما مات بأيّام يسيرة.

ووقّع في الكتاب:استغفر الله وتب إليه ممّا تكلّمت به، وذلك أنّي كنت يوماً مع جماعة من النّصاب فذكروا أبا طالب حتّى ذكروا مولاي، فخضت معهم لتضعيفهم أمره، فتركت الجلوس مع القوم، وعلمت أنه أراد ذلك (١) .

قال محمّد بن هارون بن موسى التلعكبريّ: حدثنا محمد بن هارون فقال: أنفذني والدي مع أصحاب أبي القلا صاعد النصراني لأسمع منه ما روى عن أبيه من حديث مولانا أبي محمد الحسن بن عليّ العسكريعليه‌السلام فأوصلني إليه فرأيت رجلاً معظماً وأعلمته السبب في قصدي فأدناني وقال:

حدّثني أبي أنه خرج وإخوته وجماعة من أهله من البصرة إلى سرّ من رأى للظلامة من العامل، فإذا [كنّا] بسرّ من رأى في بعض الأيام إذا بمولانا أبي محمدعليه‌السلام على بغلة، وعلى رأسه شاشة، وعلى كتفه طيلسان، فقلت في نفسي: هذا الرجل يدّعي بعض المسلمين أنه يعلم الغيب، وقلت: إن كان الأمر على هذا فيحوّل مقدّم الشاشة إلى مؤخرها، ففعل ذلك.

فقلت: هذا اتّفاق ولكنه سيحوّل طيلسانه الأيمن إلى الأيسر والأيسر إلى الأيمن ففعل ذلك وهو يسير، وقد وصل إليّ فقال:يا صاعد لم لا تشغل بأكل حيدانك عمّا لا أنت منه ولا إليه ، وكنّا نأكل سمكاً.

وهكذا أسلم صاعد بن مخلّد وكان وزيراً للمعتمد(٢) .

وعن محمد بن عبيدالله قال: كنت يوماً كتبت إليه أخبره باختلاف

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٥٠/٢٧٣.

(٢) بحار الأنوار: ٥٠/٢٨١.

١٥٧

الموالي واسأله إظهار دليل، فكتب: إنّما خاطب الله تعالى ذوي الألباب وليس أحد يأتي بآية أو يظهر دليلاً أكثر ممّا جاء به خاتم النبيين وسيّد المرسلين فقالوا: كاهن وساحر كذاب، فهدى الله من اهتدى غير أن الأدلة يسكن إليها كثير من الناس. وذلك أن الله جلّ جلاله يأذن لنا فنتكلم ويمنع فنصمت، ولو أحب الله ألا يظهر حقاً لنا بعث النبيين مبشرين ومنذرين يصدعون بالحق في حال الضعف والقوة في أوقات وينطقون في أوقات ليقضي الله أمره وينفذ الناس حكمه في طبقات شتى، فالمستبصر على سبيل نجاة متمسك بالحق، متعلق بفرع أصيل، غير شاك ولا مرتاب لا يجد عنه ملجأ.

وطبقة لم تأخذ الحق من أهله، فهم كراكب البحر يموج عند موجه ويسكن عند سكونه. وطبقة استحوذ عليهم الشيطان شأنهم الرد على أهل الحق ودفعه بالباطل والهوى كفّاراً حسداً من عند أنفسهم فدع من ذهب يميناً وشمالاً فإن الراعي إذا أراد أن يجمع غنمه جمعها في أهون سعي. ذكرت اختلاف والينا، فإذا كانت الوصيّة والكتب فلا ريب من جلس مجلس الحكم فهو أولى بالحكم، أحسن رعاية من استرعيت. وإيّاك والإذاعة وطلب الرياسة فإنّهما يدعوان إلى الهلكة.

ثم قال:

ذكرت شخوصك إلى فارس فاشخص خار الله لك وتدخل مصر إن شاء الله آمناً واقرأ من تثق به من موالينا السلام ومرهم بتقوى الله العظيم وأداء الأمانة وأعلمهم أن المذيع علينا حرب لنا .

قال: فلما قرأت خار الله لك في دخولك مصر إن شاء الله آمناً لم أعرف المعنى فيه فقدمت بغداد عازماً على الخروج إلى فارس فلم يقيض لي وخرجت إلى مصر.

قال: ولما همّ المستعين في أمر أبي محمد بما همّ وأمر سعيد الحاجب بحمله إلى الكوفة وأن يحدث في الطريق حادثة انتشر الخبر بذلك في الشيعة فأقلقهم وكان بعد مضي أبي الحسن بأقلّ من خمس سنين.

فكتب إليه محمد بن عبد الله والهيثم بن سبابة: قد بلغنا جعلنا الله فداك خبر أقلقنا وغمّنا وبلغ منا، فوقّععليه‌السلام :بعد ثلاثة أيام يأتيكم الفرج . قال: فخلع

١٥٨

المستعين في اليوم الثالث وقعد المعتز وكان كما قال(١) .

وعن علي بن محمد بن الحسن قال: خرج السلطان يريد البصرة وخرج أبو محمد بشيعته فنظرنا إليه ماضياً وكنّا جماعة من شيعته فجلسنا ما بين الحائطين ننتظر رجوعه فلمّا رجع وحاذانا وقف علينا، ثم مدّ يده إلى قلنسوته فأخذها من رأسه وأمسكها بيده.

ثم مرّ يده الأخرى على رأسه وضحك فيوجه رجل منا، فقال الرجل مبادراً: أشهد أنك حجة الله وخيرته. فسألناه ما شأنك؟ فقال: كنت شاكاً فيه فقلت في نفسي: إنْ رجع وأخذ قلنسوته من رأسه قلت بإمامته(٢) .

وروى جماعة من الصيمريين من ولد إسماعيل بن صالح: أنّ الحسن ابن إسماعيل بن صالح كان في أوّل خروجه إلى سرّ من رأى للقاء أبي محمد ومعه رجلان من الشيعة وافق قدومه ركوب أبي محمد، قال الحسن بن إسماعيل: فتفرقنا في ثلاث طرق وقلنا: إن رجع في أحدهما رآه رجل منا فانتظرناه، فعادعليه‌السلام في الطريق الذي فيه الحسن بن إسماعيل.

فلمّا طلع وحاذاه قال: قلت في نفسي: اللهمّ إن كانت حجتك حقّاً وإمامنا فليمسّ قلنسوته، فلم استتم ذلك حتى مسّها وحرّكها على رأسه، فقلت: يا رب إن كان حجتك فليمسّها ثانياً، فضرب بيده فأخذها عن رأسه ثم ردّها، وكثر عليه الناس بالسلام عليه والوقوف على بعضهم فتقدمه إلى درب آخر.

فلقيت صاحبَيّ وعرّفتهما ما سألت الله في نفسي وما فعل، فقالا: فتسأل ونسأل الثالثة، فطلععليه‌السلام وقربنا منه فنظر إلينا ووقف علينا ثمّ مدّه يده إلى قلنسوته فرفعها عن رأسه وأمسكها بيده وأمرّ يده الأخرى على رأسه وتبسّم في وجوهنا وقال:كم هذا الشك؟ قال الحسن: فقلت: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنك

ــــــــــــ

(١) اثبات الوصية: ٢٣٩.

(٢) اثبات الوصية: ٢٤٥.

١٥٩

حجة الله وخيرته، قال: ثم لقيناه بعد ذلك في داره وأوصلنا إليه ما معنا من الكتب وغيرها(١) .

كما أنّا نجد الإمامعليه‌السلام يستغل هذا الظرف ويُلقي الحجة على شابّ قد أتى من المدينة لاختلاف وقع بين أصحابه في إمامة الحسن العسكريعليه‌السلام ، فيبادره الإمامعليه‌السلام بالسؤال:أغفّاري أنت ؟ فقال الشاب: نعم، ثم يسأله الإمام عليه‌السلام عن والدته ويسمّيها له قائلاً: ما فعلت أمك حمدويه؟ فقال الشاب صالحة (٢) . وكان الشاب من ولد الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري. وعاد إلى أصحابه وهو مطمئن القلب بإمامة الحسن العسكري عليه‌السلام .

البحث السابع: من وصايا الإمام العسكريعليه‌السلام وإرشاداته لشيعته

وتضمّنت وصايا الإمام ورسائله، بيان الأحكام الشرعية ومسائل الحلال والحرام كما اشتملت على خطوط للتعامل مع الآخرين وكان ذلك بمثابة منهاج سلوكي ليسير عليه شيعته ويقيموا علائقهم وفقاً له فيما بينهم وبين أبناء المجتمع الذي يعيشون فيه وإن اختلفوا معهم في المذهب والمعتقد، ومن هذه الوصايا:

١ ـ قولهعليه‌السلام :«أوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من بر أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، صَلّوا في عشائركم، واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم، وأدّوا حقوقهم، فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدّى الأمانة، وحسَّن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعي فيسرّني ذلك، اتّقوا الله وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جُرّوا

ــــــــــــ

(١) إثبات الوصية: ٢٤٦.

(٢) الخرائج والجرائح: ١/٤٣٩ ح ٢٠ وعنه في بحار الأنوار: ٥٠/٢٦٩.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

ولكن ابن عطية كان أقعد بالعربية والمعاني من هؤلاء وأخبر بمذهب سيبويه والبصريين، فعرف تطفيف الزجاج مع علمهرحمه‌الله بالعربية وسبقه ومعرفته بما يعرفه من المعاني والبيان! وأولئك لهم براعة وفضيلة في أمور يبرزون فيها على ابن عطية، لكن دلالة الألفاظ من جهة العربية هو بها أخبر، وإن كانوا هم أخبر بشيء آخر من المنقولات أو غيرها!!

وقد بين سبحانه وتعالى أن المسيح وإن كان رسولاً كريماً فإنه عبد الله، فمن عبده فقد عبد ما لا ينفعه ولا يضره!

قال تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم، وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم، إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار، وما للظالمين من أنصار. انتهى.

مناقشة تفسيرهم للآيات

يلاحظ على تفسيرهم للآيات:

أولاً: أنهم ابتعدوا عن سياق الآية ومصبها، وهو المقابلة بين المشركين الذين يدعون من يزعمون، وبين المؤمنين الذين يدعون ربهم ويبتغون اليه الوسيلة!!

فقد قال سبحانه لرسوله ( قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا ).

ثم مدح الذين يقابلونهم فقال ( أولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه )...

فالسياق تحدٍ للمشركين بأن آلهتهم المزعومة لا تستطيع أن تكشف الضر عنهم وأنهم بالحقيقة لايدعون من دون الله شيئاً، بل أوهاماً..

ثم قابلهم بالذين يدعون الله تعالى ويتوسلون اليه، فهؤلاء الذين يدعون الحق بحق، وعبر عنهم بأولئك تعظيماً لهم.

٣٤١

وبذلك تتم المقابلة وتكون ( أولئك ) استئنافاً جديداً تاماً، والضمير فيها للشأن، ولا ربط له بالآية السابقة، حتى يعود على شيء منها، كما تمحلوا!!

أما هم فقد جعل التقابل بين المشركين وبين بعض من يعبدونهم من الأنبياء.. وهو تقابلٌ ضعيفٌ بعيدٌ!! لو سلم من الاشكالات لا يتبادر الى الذهن.

وقول الجبائي إن المقصود ب ( أولئك ) هم الأنبياء المذكورون في الآية السابقة، أقرب من أقوالهم الى الصحة، ولكن لفظ ( أولئك ) مطلقٌ شاملٌ لكل العابدين لله، ولا دليل على حصره بالأنبياءعليهم‌السلام ، وإن كانوا سادتهم.

ثانياً: إرجاعهم ضمير ( أولئك ) الى المعبودين المزعومين من دون الله خلاف الظاهر، لأن ضمير هؤلاء المزعومين خفي، والضمير البارز فيها ضمير العابدين المخاطبين، فلو كان يريد المزعومين لقال ( أولئك الذين تدعونهم أو تزعمونهم ) أو ذكر إشارةً تدل على قصدهم، وعدم قصد العابدين المخاطبين!

ثالثاً: أن المعبودين المزعومين فيهم الصالح والطالح والجماد، ففيهم الأنبياء مثل عزير وعيسى، وفيهم الملائكة والجن، والشمس والقمر والنجوم والأصنام، وبقية المعبودات.. وصفات المدح لـ ( أولئك ) تمنع رجوع الضمير الى المعبودين جميعاً! وكيف يصح عود الضمير على بعض العام المعهود بدون قرينة؟!

ولعمري إن هذا الضعف في إرجاع الضمائر لا وجود له في القرآن، ولا في كلام فصحاء العرب!! وهو كاف لتضعيف ما روي عن ابن مسعود وغيره!

رابعاً: ما رووه عن ابن مسعود وغيره من أن قوماً من العرب كانوا يعبدون الجن فآمن الجن وبقي عبَّادهم مشركين.. الخ.. فنزلت الآية..

هذه الوجوه ليست حديثاً بل هي أقوالٌ لو تم سندها لبقي تعارضها!

ولو سلمنا ارتفاع تعارضها، فهي سببٌ لنزول الآية لا أكثر، والسبب الخاص لا يخصص الوارد العام، وصيغة الآية عامة ( قل ادعوا الذين زعمتم من دونه.. ) وهو يشمل كل الذين زعموا، فلا مبرر لتخصيصها ببعضهم!

٣٤٢

خامساً: إن ضمير العاقل في ( أيهم أقرب ) ينقض تفسيرهم، فقد جعلوا أيهم بدل جزء من كل من الفاعل، ليبعدوه عن المتوسل بهم ويجعلوه صفةً للمتوسلين، فصار المعنى عندهم: يبتغي الوسيلة منهم من كان أقرب وسيلةً الى ربه، فكيف بالأبعد وسيلة!!

وذلك كمن يقول ( أولئك يقاتلون عدوهم حقاً أيهم أشجع من غيره! ) ويقصد القائل أن الأشجع منهم يقاتل، فكيف بالأضعف!! وهو كلام بعيدٌ عن البلاغة بل عن الفصاحة حتى في كلام المخلوقين، فكيف نسبوه الى كلام الخالق سبحانه؟ !!

ولعل هذا هو السبب في أن بعض مفسريهم كالفخر الرازي هرب من تفسير ( أيهم أقرب ) ومر عنها كأنها لا وجود لها!!

سادساً: أن ضمير ( أيهم ) يعود على ( أولئك ) وما داموا أرجعوا ضمير أولئك على المعبودين المزعومين، فيجب أن يرجعوا ضمير أيهم اليهم!

فيكون المعنى عندهم: أن المتوسل بهم الممدوحين هم من بين المعبودين المزعومين، فيكون التوسل بالإشخاص ممدوحاً، ويكون منحصراً بالأنبياء المعبودين كعيسى وعزيراً! وهذا خلاف مذهبهم!!

سابعاً: أن فعل ( يبتغون ) ينقض تفسيرهم، لأنه يدل على البحث والتحري، ويطلب مفعولاً! و( أيهم أقرب ) هو أقرب مفعول اليه، فحق ( أي ) أن تكون منصوبة على المفعولية، لا مرفوعة بدلاً عن الفاعل بدل جزء من كل كما زعموا!

ولكنهم أغمضوا عيونهم عن ( يبتغون ) وتركوها بلا مفعول، ليحصروا التوسل بالأعمال دون الذوات!!

وهكذا.. يتضح لك أن التفسير الذي قدمناه هو الوحيد الخالي عن الإشكال.. وهو نصٌّ في مشروعية التوسل بالأشخاص الأقرب وسيلة الى ربهم، وأنه من صفات المؤمنين عبر التاريخ وسيرتهم.. وهذا إقرارٌ شرعي له في الإسلام.

٣٤٣

وهو يتفق مع أحاديثنا الصحيحة التي تنص على أن الله تعالى جعل الوسيلة اليه في هذه الأمة بل قبلها، محمداً وآله صلى الله عليهم.

علي أقرب الخلق وسيلة الى الله

أقرب الخلق وسيلة الى الله تعالى هو سيد المرسلين محمدٌ، ومعه آله الذين أمرنا بالصلاة عليهم معه، صلى الله عليه وعليهم.

ولذلك لا تجد في جميع مصادر الحديث السنية والشيعية أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وصف أحداً بأنه أقرب الخلق وسيلةً الى الله تعالى بعده، إلا علياًعليه‌السلام ، وهي حقيقةٌ مهمة شاء الله تعالى أن ترويها عائشة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله !!

قال القاضي النعمان في شرح الأخبار: ١/ ١٤١:

عن مسروق، قال: دخلت على عائشة فقالت لي: يا مسروق: إنك من أبرِّ ولدي بي، وإني أسألك عن شيء فأخبرني به.

فقلت: سلي يا أماه عما شئت.

قالت: المخدج من قتله؟

قلت: علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

قالت: وأين قتله؟

قلت على نهر يقال لأعلاه تامرا، ولأسفله النهروان بين أحافيف ( أخافيق ) وطرق .

فقالت: لعن الله فلاناً، تعني عمرو بن العاص فإنه أخبرني أنه قتله على نيل مصر!

قال مسروق: يا أماه فإني أسألك بحق الله وبحق رسوله وبحقي فإني ابنك، لما أخبرتني بما سمعت من رسول الله فيهم.

قالت: سمعته يقول فيهم ( أهل النهروان ): هم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة، وأقربهم الى الله وسيلة.

٣٤٤

قال مسروق: وكان الناس يومئذ أخماساً، فأتيتها بخمسين رجلاً عشرة من كل خمس، فشهدوا لها أن علياً قتله!!

وقال في هامشه:

وفي المناقب لابن شهر آشوب ٣/٦٧: عن الدارمي بإسناده عن الأصبغ بن نباتة وعن جميع التميمي كليهما عن عائشة: أنها لما روت هذا الخبر، قيل لها: فلم حاربتيه؟ قالت: ما حاربته من ذات نفسي إلا حملني طلحة والزبير. وفي رواية: أمرٌ قدر وقضاءٌ غلب.

وذكر فضل بن شاذان المتوفي ٢٦٠ هـ في الإيضاح/٨٦: عن أبي خالد الأحمر عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: لعن الله عمرو بن العاص ما أكذبه! لقوله: أنه قتل ذا الثدية بمصر.

وروى البحراني في غاية المرام/٤٥١ الباب الأول الحديث ٢١ نقلاً من كتاب صفين للمدائني عن مسروق: أن عائشة قالت له - لما عرفت -: من قتل ذي الثدية؟ لعن الله عمرو بن العاص، فإنه كتب إليَّ يخبرني أنه قتله بالاسكندرية، إلا أنه ليس يمنعني ما في نفسي أن أقول ما سمعته من رسول الله، سمعته يقول: يقتله خير أمتي من بعدي.

ورواه في شرح الأخبار: ١/٤٣٠، وفي هامشه:

رواه ابن المغازلي في المناقب/٥٥ عن أحمد بن محمد بن عبدالوهاب بن طاوان، عن الحسين بن محمد العلوي، عن أحمد بن محمد الجواربي، عن أحمد بن حازم، عن سهل بن عامر البجلي، عن أبي خالد الأحمر، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق قال: قالت عائشة: يا مسروق إنك من ولدي، وإنك من أحبهم إليّ، فهل عندك علم من المخدج؟

قال قلت: نعم، قتله علي بن أبي طالب على نهر يقال لأعلاه تامرا ولأسفله النهروان، بين أحفاق وطرفاء.

٣٤٥

قالت: إبغني على ذلك بينة، فأتيتها بخمسين رجلاً من كل خمسين بعشرة - وكان الناس إذ ذاك أخماساً - يشهدون أن علياًعليه‌السلام قتله على نهر يقال لأعلاه تأمرا ولأسفله النهروان بين أخفاق وطرقاء.

فقلت: يا أمه، أسألك بالله وبحق رسول الله وبحقي فإني من ولدك، أي شيء سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيه؟

قالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: هم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة، وأقربهم الى الله وسيلة. انتهى.

ورواه في شرح الأخبار: ٢/٥٩، وفيه:

قال: ثم ذكرت لها أن علياًعليه‌السلام استخرج ذا الثدية من قتلى أهل النهروان الذين قتلهم، فقالت: أذا أتيت الكوفة فاكتب إليّ بأسماء من شهد ذلك ممن يعرف من أهل البلد.

قال: فلما قدمت الكوفة، وجدت الناس أسباعاً، فكتبت من كل سبع عشرة ممن شهد ذلك ممن نعرفه، فأتيتها بشهادتهم.

فقالت: لعن الله عمرو بن العاص، فإنه زعم هو قتله على نيل مصر. انتهى.

وقال المفيد في الارشاد: ١/٣١٧:

وقالعليه‌السلام وهو متوجه الى قتال الخوارج: لولا أني أخاف أن تتكلوا وتتركوا العمل لأخبرتكم بما قضاه الله على لسان نبيه فيمن قاتل هؤلاء القوم مستبصراً بضلالتهم. وإن فيهم لرجلاً مودون اليد له ثدي كثدي المرأة، وهم شر الخلق والخليقة وقاتلهم أقرب خلق الله الى الله وسيلة.

ولم يكن المخدج معروفاً في القوم، فلما قتلوا جعلعليه‌السلام يطلبه في القتلى ويقول: والله ما كذبت ولا كذبت! حتى وجد في القوم وشق قميصه، وكان على كتفه سلعة كثدي المرأة عليها شعرات، إذا جذبت انجذبت كتفه معها، وإذا تركت رجع كتفه الى موضعه، فلما وجده كبَّر وقال: إن في هذا لعبرةً لمن استبصر.

٣٤٦

وفي بحار الأنوار: ٣٨/٩:

تاريخ الخطيب: روى الأعمش، عن عدي، عن زر، عن عبيدالله، عن عليعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يقل علي خير البشر فقد كفر.

وعنه في التاريخ بالاسناد عن علقمة عن عبدالله قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خير رجالكم علي بن أبي طالب، وخير شبابكم الحسن والحسين، وخير نسائكم فاطمة بنت محمد. الطبريان في الولاية والمناقب بإسنادهما الى مسروق عن عائشة: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: هم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة وأقربهم الى الله وسيلة. أي المخدج وأصحابه.

وفي هامش اختيار معرفة الرجال: ١/ ٢٣٩:

ومن المتفق عليه لدى الجميع أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في المخدج ذي الثدية: يقتله خير الخلق والخليفة.

وفي رواية يقتله خير هذه الأمة، وفي روايات جمة عن عائشة قالت: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: هم - أي المخدج وأصحابه - شر الخلق والخليقة، يقتله خير الخلق والخليقة، وأقربهم الى الله وسيلة.

رواه الحافظ نور الدين في مجمع الزوائد ٦/٢٣٩، راجع في ذلك:

إحقاق الحق: ٨/٤٧٥ - ٥٢٢، ومسلم في صحيحه ٣/١١٢ طبعة محمد علي، وأحمد بن حنبل في مسنده ٣ /٥٦، والبخاري في صحيحه ٤/٢٠٠ الطبعة الأميرية، والنسائي في الخصائص: ٤٣ طبعة مصر.

ومن طرق عديدة عنها عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هم شر الخلق والخليقة يقتلهم سيد الخلق والخليقة، وفي أخبار كثيرة أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليعليه‌السلام : وإنك أنت قاتله يا علي.

ثم قد أطبقت الأمة على أن علياًعليه‌السلام قد قتله يوم النهروان، وأخبر الناس بذلك، وقد كانعليه‌السلام يخبر به وبصفته من قبل، ثم استخرجه من تحت القتلى فوجدوه على ما كان يذكر فيه من صفته، فكبر الله وقال: صدق الله ورسوله وبلغ رسوله.

٣٤٧

وفي صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من صحاحهم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال فيه: إن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون الكتاب لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، يخرجون على خير فرقة من الناس.

وكان أبو سعيد الخدري يقول: أشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وقتلهم وأنا معه، ثم من بعد القتال استخرجوا من بين القتلى من هذه صفته فجاؤوا به اليه، فشاهدت فيه تلك الصفات. انتهى.

الترابط بين الوسيلة والوصية

في بصائر الدرجات/٢١٦:

حدثنا أبو الفضل العلوي قال: حدثني سعيد بن عيسى الكربزي البصري، عن ابراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه، عن شريك بن عبد الله، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي تمام، عن سلمان الفارسيرحمه‌الله ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى: قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب، فقال: أنا هو الذي عنده علم الكتاب، وقد صدقه الله وأعطاه. والوسيلة في الوصية ولا تخلو أمةٌ من وسيلة الى الله، فقال: يا أيها الذين آمنو اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة.

الشيعة وسيلة الى الله يوم القيامة

في علل الشرائع: ٢/٥٦٤:

باب العلة التي من أجلها يكره تكليف المخالفين للحوائج:

حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن ادريس، عن حنان، قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: لا تسألوهم فتكلفونا قضاء حوائجهم يوم القيامة.

وبهذا الاسناد قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : لا تسألوهم الحوائج، فتكونوا لهم الوسيلة الى رسول الله يوم القيامة. انتهى. ورواه في بحار الأنوار: ٨/٥٥

٣٤٨

ما ورد في مصادرهم من تشويش على الأحاديث المتقدمة

وفي مقابل رواية عائشة عن شهادة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حق عليعليه‌السلام نلاحظ وجود رواية أكثرت من نقلها المصادر السنية، تصف عبد الله بن مسعود بأنه أقرب الناس أو من أقربهم وسيلة الى الله!

ولكنها والحمد لله ليست رواية عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل عن حذيفة!!

وحتى لو صحت عن حذيفة وفسرناها بأي تفسير، فهي لا ترقى الى معارضة حديث عائشة وغيرها في عليعليه‌السلام .

وإذا أحسنا الظن بهذه الرواية فهي تدل على أن مصطلح ( الأقرب وسيلة الى الله تعالى ) كان معروفاً بين المسلمين من عصر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأن حذيفة أو واضع الحديث على لسانه، أراد أن يمدح به عبد الله بن مسعود.

وإن أسأنا الظن بها قلنا إنها محاولةٌ للتعتيم على الحديث النبوي البليغ في عليعليه‌السلام ، وإعطاء هذه الصفة لعبد الله بن مسعود! وطالما فعلوا ذلك!

روى أحمد في مسنده: ٥/٣٩٤:

عن شقيق قال كنت قاعداً مع حذيفة فأقبل عبدالله بن مسعود، فقال حذيفة: إن أشبه الناس هدياً ودلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم من حين يخرج من بيته حتى يرجع، فلا أدري ما يصنع في أهله كعبد الله بن مسعود. والله لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله من أقربهم عند الله وسيلةً يوم القيامة.

وروى نحوه الحاكم في: ٢/٣١٢، ورواه في: ٣/٣١٥، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. انتهى.

ومن الملفت في الموضوع أن الراوي نفى العبارة التي فيها الوسيلة من النص وقال إنه لم يسمعها من عبد الرحمن بن يزيد!

وأن عبد الله بن مسعود كان قصيراً صغير الجثة جداً!! فكيف يكون شبيهاً سمتاً ودلاً بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣٤٩

قال أحمد في مسنده: ٥/٣٩٥:

ولم نسمع هذا من عبد الرحمن بن يزيد لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن أم عبد من أقربهم الى الله عز وجل وسيلة!!

وفي الغدير: ٩/٩:

أخرج الترمذي بإسناد رجاله ثقات، من طريق حذيفة بن اليمان: أن أشبه الناس هدياً ودلاً وسمتاً بمحمد صلى الله عليه وسلم عبد الله.

وفي لفظ البخاري: ما أعرف أحداً أقرب سمتاً وهدياً ودلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد.

وزاد الترمذي: ولقد علم المحفوظون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابن ام عبد أقربهم الى الله زلفى.

وفي لفظ أبي نعيم: أنه من أقربهم وسيلة يوم القيامة.

وفي لفظ أبي عمر: سمع حذيفة يحلف بالله ما أعلم أحداً أشبه دلاً وهدياً برسول الله من حين يخرج من بيته الى أن يرجع اليه من عبدالله بن مسعود، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنه من أقربهم وسيلة الى الله يوم القيامة.

وفي لفظ علقمة: كان يشبه بالنبي في هديه ودله وسمته.

راجع صحيح البخاري كتاب المناقب. مسند أحمد ٥: ٣٨٩، المستدرك ٣: ٣١٥، ٣٢٠

حلية الأولياء ١: ١٢٦، ١٢٧،

الإستيعاب ١: ٣٧٢،

مصابيح السنة ٢: ٢٨٣،

صفة الصفوة ١: ١٥٦، ١٥٨،

تاريخ ابن كثير ٢: ١٦٢،

تيسير الوصول ٣: ٢٩٧

٣٥٠

الإصابة ٢: ٣٦٩،

كنز العمال ٧: ٥٥. انتهى.

وقد ذكرنا أن هذا النص حتى لو صح عن حذيفة، فهو لا يصلح معارضاً ولا مقللاً من قيمة الحديث الشريف الذي روته عائشة وغيرها في أن علياًعليه‌السلام أقرب الخلق وسيلةً الى الله بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

**

آيات مؤيدة لآيات التوسل:

وردت آيات متعددة في طلب المؤمنين من الأنبياءعليهم‌السلام أن يتوسطوا لهم عند الله تعالى، ويدعوه لهم بالمغفرة وبالخير.. وهذا نوعٌ من التوسيط يدل على أن باب الطلب من الله تعالى بواسطة الغير أمرٌ طبيعي في دين الله تعالى وشرائعه!

وأنه لو كان التوسيط منافياً للتوحيد كما يزعم ابن تيمية، لوجب أن يطلب كل إنسان لنفسه بنفسه مباشرة، ووجب تحريم كل طلب من الله تعالى بواسطة!! إذ لا فرق في أصل الواسطة بين التوسط والتوسل بدعاء الغير، وبين أنواع التوسيط الأخرى!

منها، قوله تعالى:

( قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ، قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) . يوسف ٩٧ - ٩٨

وروى الصدوق في علل الشرائع: ١/ ٥٤:

حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقانيرضي‌الله‌عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم قال: أخبرنا المنذر بن محمد قال: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم الخزاز، عن اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: قلت لجعفر بن محمدعليه‌السلام : أخبرني عن يعقوب لما قال له بنوه: يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين، قال سوف أستغفر لكم ربي، فأخر الاستغفار لهم.

٣٥١

ويوسفعليه‌السلام لما قالوا له: تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين؟ قال: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين.

قال: لأن قلب الشاب أرق من قلب الشيخ، وكانت جناية ولد يعقوب على يوسف، وجنايتهم على يعقوب إنما كانت بجنايتهم على يوسف، فبادر يوسف الى العفو عن حقه، وأخر يعقوب العفو، لأن عفوه إنما كان عن حق غيره، فأخرهم الى السحر ليلة الجمعة.ورواه وغيره في تفسير نور الثقلين: ٢/٤٦٥

وفي تفسير التبيان: ٦/١٩٥:

وروي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال: أخرهم الى ليلة الجمعة. وقال ابن مسعود وابراهيم التيمي، وابن جريج وعمر وبن قيس: إنه أخرهم الى السحر، لأنه أقرب الى إجابة الدعاء. انتهى.

وروى نحوه الترمذي في سننه: ٥ /٢٢٣، عن ابن عباس، والحاكم: ١/٣١٦، والدر المنثور: ٤/٣٦، وكنز العمال: ٢/٥٩، وغيرها.

ومنها، قوله تعالى:

( وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) . الأعراف - ١٣٤

وقد قبل موسىعليه‌السلام طلبهم، ودعا الله لهم، فدل ذلك قبوله على أنه طلبهم بواسطته أمرٌ مشروع، الى آخر الآيات والأحاديث التي تدل على توسيط الغير الى الله تعالى.

٣٥٢

الفصل الخامس

شذوذ الوهابيين عن إجماع المسلمين في التوسل والاستشفاع

من المسائل التي شذ فيها ابن تيمية وتبعه ابن عبد الوهاب، تحريم السفر لزيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل تحريم الزيارة التي نوي لها السفر!

وكذلك تحريم التوسل والإستشفاع بهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بحجة أنه ميتٌ ولا يجوز التوسل بالميت.

وكذا تحريم الاستغاثة بهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأن المستغيث بزعمه يعبد المستغاث به.. الخ.!!

قال الشيخ محمود سعيد ممدوح في كتابه ( رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة ) المطبوع في دار الإمام النووي بعمان - سنة ١٤١٦:

وهو - التوسل - السؤال بالنبي أو بالولي أو بالحق أو بالجاه أو بالحرمة أو بالذات وما في معنى ذلك.

وهذا النوع لم ير المتبصر في أقوال السلف من قال بحرمته أو أنه بدعةٌ ضلالة، أو شدد فيه وجعله من موضوعات العقائد، كما نرى الآن.

٣٥٣

لم يقع هذا إلا في القرن السابع وما بعده! وقد نقل عن السلف توسلٌ من هذا القبيل.

قال ابن تيمية فيالتوسل والوسيلة ص ٩٨: هذا الدعاء ( أي الذي فيه توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ) ونحوه قد روي أنه دعا به السلف، ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروزي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء. اهـ، ونحوه في ص ١٥٥ من الكتاب المذكور.

وقال في ص ٦٥ : ( والسؤال به ( أي بالمخلوق ) فهذا يجوزه طائفة من الناس ونقل في ذلك آثار عن بعض السلف، وهو موجود في دعاء كثير من الناس. ) اهـ.

وذكر أثراً فيه التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لفظه: ( اللهم إني أتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم تسليما. يا محمد إني أتوجه بك الى ربك وربي يرحمني مما بي ).

قال ابن تيمية: فهذا الدعاء ونحوه روى أنه دعا به السلف، ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروزي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء. اهـ.

وهذا هو نص عبارة أحمد بن حنبل، فقال في منسك المروزي بعد كلام مانصه: وسل الله حاجتك متوسلاً اليه بنبيه صلى الله عليه وسلم، تقض من الله عز وجل. اهـ. هكذا ذكره ابن تيمية في الرد على الأخنائي ص ١٦٨!!

والتوسل به صلى الله عليه وسلم معتمدٌ في المذاهب ومرغبٌ فيه، نص على ذلك الأئمة الأعلام، وكتب التفسير والحديث والخصائص ودلائل النبوة والفقه طافحةٌ بأدلة ذلك بدون تحريم وهي بكثرة...

كان ابن تيمية يرى منع التوسل بالأنبياء والملائكة والصالحين، وقال: التوسل حقيقته هو التوسل بالدعاء - دعاء الحي فقط - وذكر ذلك في مواضع من كتابهالتوسل والوسيلة ص ١٦٩ . انتهى كلام الممدوح.

٣٥٤

وقال ابن تيمية في كتابه زوار المقابر/٤٣٣:

قال عامة المفسرين كابن عباس ومجاهد وعطاء والفراء: الوسيلة القربة، قال قتادة: تقربوا الى الله بما يرضيه.

قال أبو عبيدة: توسلت اليه أي تقربت.

وقال عبد الرحمن بن زيد: تحببوا الى الله.

والتحبب والتقرب اليه إنما هو بطاعة رسوله، فالايمان بالرسول وطاعته هو وسيلة الخلق الى الله، ليس لهم وسيلة يتوسلون بها البتة إلا الايمان برسوله وطاعته.

وليس لأحد من الخلق وسيلة الى الله تبارك وتعالى إلا بوسيلة الايمان بهذا الرسول الكريم وطاعته.

وهذه يؤمر بها الانسان حيث كان من الأمكنة وفي كل وقت. وما خص من العبادات بمكان كالحج، أو زمان كالصوم والجمعة، فكل في مكانه وزمانه.

وليس لنفس الحجرة من داخل فضلاً عن جدارها من خارج اختصاص بشيء في شرع العبادات ولا فعل شيء منها، فالقرب من الله أفضل منه بالبعد عنه باتفاق المسلمين! والمسجد خص بالفضيلة في حياته صلى الله عليه وسلم، قبل وجود القبر. فلم تكن فضيلة مسجده لذلك، ولا استحب هو صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه، ولا علماء أمته أن يجاور أحد عند قبر ولا يعكف عليه، لا قبره المكرم ولا قبر غيره، ولا أن يقصد السكنى قريباً من قبر أي قبر كان.

وسكنى المدينة النبوية هو أفضل في حق من تتكرر طاعته لله ورسوله فيها أكثر كما كان الأمر لمَّا كان الناس مأمورين بالهجرة إليها فكانت الهجرة إليها والمقام بها أفضل من جميع البقاع مكة وغيرها.

بل كان ذلك واجباً من أعظم الواجبات، فلما فتحت مكة قال النبي صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وكان من أتى من أهل مكة وغيرهم ليهاجر ويسكن المدينة يأمره أن يرجع! انتهى.

٣٥٥

وخلاصة كلامه: أن التوسل محصورٌ بالايمان بالرسول وطاعته، وبدعائه في حال حياته.

أما التوسل به في حياته وبعد موته، ومجاورة قبره الشريف والعكوف عنده، فليس من الطاعة، لأن الصحابة لم يفعلوه، والأصل في كل ما لم يفعلوه عدم المشروعية، حتى يقوم عليه دليل!!

وهو كما ترى تحكم لا دليل عليه:

فحصره التوسل المأمور به في القرآن بالايمان بالرسول وطاعته، لا دليل عليه! وميزانه فيما جعله جزءً من الايمان بالرسول أو نفى جزئيته عنه، لا دليل عليه!

وكذا ما جعله طاعة للرسول، أو نفى كونه طاعة له!

فلماذا لا يكون التوسل بزيارة قبرهصلى‌الله‌عليه‌وآله والتبرك به والسكنى عنده من الايمان به، ومن طاعتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ !!

ثانياً، دعوى أن القاعدة والأصل في الأشياء الحرمة حتى تثبت حليتها، لا دليل عليه أيضاً. بل الأصل في الأشياء الحلية حتى يثبت دليل الحرمة ويصل الى المكلف، فقد قال الله تعالى ( وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ).

ثالثاً، دعوى أن كل ما لم يفعله الصحابة فهو حرامٌ حتى يقوم عليه دليل، تحكمٌ بلا دليل أيضاً، فإن كثيراً من الأمور لم يفعلها الصحابة وهي حلال حتى بفتوى ابن تيمية، كالوسائل المعيشية المتجددة!!

وقد ألف الحافظ الصديق المغربي رسالة في عدم دلالة الترك على التحريم، كما ذكر تلميذه الممدوح.

أما عندنا فإن فعل الصحابي ليس حجة إذا لم يكن معصوماً، فضلاً عن تركه!

تلبيس ابن تيمية من أجل تحريم التوسل والاستشفاع

يفترض ابن تيمية مسبقاً أن المتوسل أو المستغيث بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( يدعوه ) أي يطلب منه، لا من الله تعالى!

٣٥٦

وهذا مصادرةٌ على المطلوب وتبطينٌ للحكم المتنازع فيه في لفافة، على أنه جزء من مقدمة مسلمة عند الطرف الآخر!

فابن تيمية يقول للمتوسل أو المستغيث: إنك اعترفت أنك دعوت الرسول أو الولي بدل الله!! فأنت إذن كافر!!

مع أن المتوسل لم يدع النبي بدل الله تعالى! بل توسل به واستغاث به واستشفع به الى الله تعالى!!

ومثال ذلك في أمور الدنيا: أن يتوسل شخص الى رئيس مكتب الملك، ليتوسط له عند الملك!

فيقول له ابن تيمية: إنك تعديت على شرعية الملك، وجعلت الملك الشرعي رئيس مكتبه! وهذا خروج على الملك ونظامه، تستحق به الاعدام!!

وقد حاول ابن تيمية أن يستدل على هذه المصادرة المفضوحة فقال إن المستغيث يطلب من الرسول أو الولي مالا يقدر عليه إلا الله تعالى، وهذا يستلزم أنه يؤلهه!!

ولكن هذا اللزوم ممنوع.

بل هو على مذهبهم ممنوعٌ حتى لو صحت الملازمة، لأنهم يزعمون أن لازم المذهب ليس بمذهب!!

قال الشيخ سليمان حفيد ابن عبد الوهاب في تيسير العزيز الحميد ص ٢٠٩:

فحديث الأعمى شيء، ودعاء غير الله تعالى والاستغاثة به شيء آخر.

فليس في حديث الأعمى شيء غير أنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له ويشفع له، فهو توسل بدعائه وشفاعته، ولهذا قال في آخره: اللهم فشفعه فيَّ، فعلم أنه شفع له. وفي رواية أنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له فدل الحديث على أنه صلى الله عليه وسلم شفع له بدعائه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره هو أن يدعو الله، ويسأله قبول شفاعته.

فهذا من أعظم الأدلة أن دعاء غير الله شرك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره

٣٥٧

أن يسأل قبول شفاعته، فدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعى، ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يقدر على شفائه إلا بدعاء الله له. فأين هذا من تلك الطوام؟!

والكلام إنما هو في سؤال الغائب أو سؤال المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله.

أما أن تأتي شخصاً يخاطبك فتسأله أن يدعو لك فلا إنكار في ذلك على ما في حديث الأعمى.

فالحديث سواء كان صحيحاً أو لا، وسواء ثبت قوله فيه يا محمد أو لا، لا يدل علي سؤال الغائب ولا على سؤال المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله، بوجه من وجوه الدلالات. ومن ادعى ذلك فهو مفتر على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم!! انتهى.

فتراه يشكك في حديث الأعمى الذي صححه علماء المذاهب، وقبله إمامه ابن تيمية، ثم تراه يفترض أن المستشفع ( يدعو ) النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويطلب من النبي نفسه ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى..!! كل ذلك ليثبت أن المسلم المستغيث الى الله برسوله قد كفر واستبدل عبادة الله بعبادة الرسول! ويستحل بذلك دمه وماله!!

وإن سألته عن دليله على أن المتوسلين والمستشفعين يدعون الرسول من دون الله.. فإنك تطلب منهم ما لايقدر عليه إلا الله تعالى، وتكون على مذهبه عبدته من دونه تعالى!!!

هدف ابن تيمية من نقل التوسل من فروع الفقه الى أصول العقائد!

ماذا يحدث لو نقلنا مادةً جزائية من القانون التجاري الى مواد القانون الجنائي، أو الى مواد مخالفات الدستور، ومحكمة أمن الدولة؟

طبعاً سيكون الفرق على مرتكبها كبيراً، لأن التهمة الجنائية أصعب من التهمة الجزائية، وأصعب منهما تهمة الاخلال بالدستور!!

إن ما فعله ابن تيمية من اتهام المتوسلين بمخالفة الشرع، شيء لا يذكر أمام نقله تهمتهم الى الاخلال بأصول الدين وارتكاب الشرك!! فبذلك حكم عليهم بالكفر واستحل دماءهم وأعراضهم وأموالهم!!!

٣٥٨

فبدل أن يقول مثلاً إنهم مخلصون ولكنهم يتخيلون أنهم يتقربون الى الله بالتوسل بالنبي الميت، فهم مخطئون يرتكبون معصية! قال إنهم يشركون بالله ويستحقون القتل!!

وهكذا.. فقد كانت مسألة التوسل والاستشفاع والاستغاثة لمدة ثمانية قرون مسألةً فقهية، وكان فقهاء المذاهب الأربعة، والخمسة والستة، يبحثونها في باب الحج والزيارة وغيرهما، فيذكرون صورها، ويفتي مفتيهم بجواز بعض فروعها وحرمة بعضها، أو التوقف فيه.. حتى جاء عالم حراني نصبه الحاكم الشركسي المصري لمدة قليلة شيخاً للاسلام في الشام، فأبدع في عمله أيما إبداع، وقدم للأجيال أكبر خدمة، فكفر مسلمي عصره والعصور المتقدمة، لأنهم يتوسلون بنبيهم الميت!!!

هل تراجع ابن تيمية أمام القاضي أو في سجنه عن تحريم التوسل؟!

المعروف عن ابن تيمية أنه تراجع عن تحريم التوسل، عندما عقدوا له مجلس علماء لمحاكمة آرائه الشاذة، ومنها تحريم التوسل بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله !!

وقد اعتمد الذين نسبوا اليه هذا القول على أمرين:

الأول، ما اعترف به في مصر، حيث شاع اعتقاده بعدم جواز التوسل والاستشفاع بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فاستنكر المسلمون ذلك، وعقد القضاة مجلساً للنظر في قوله..

قال السقاف في كتابه ( البشارة والاتحاف بما بين ابن تيمية والألباني في العقيدة من الاختلاف )

١٣ - فصل: أما مسألة التوسل فقد اختلف آراء دعاة السلفية فيه بشكل ملحوظ مع أن الموجودين في الساحة منهم اليوم يقولون بأن هذه المسألة من مسائل العقائد وليست كذلك قطعاً.

أما ابن تيمية فقد أنكر في كتابه ( قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ) التوسل - ومرادنا التوسل بالذوات - ثم رجع عن ذلك كما نقل تلميذه ابن كثير فيالبداية

٣٥٩

والنهاية ١٤/٤٥ حيث قال: قال البرزالي ( هو الحافظ ابو محمد القاسم بن البهاء محمد الدمشقي البرزالي ترجمفي طبقات الحفاظ للسيوطي ص ٢٥٦ ): وفي شوال منها شكى الصوفية بالقاهرة على الشيخ تقي الدين - وكلموه في ابن عربي وغيره - الى الدولة فردوا الأمر في ذلك الى القاضي الشافعي، فعقد له مجلس وادعى عليه ابن عطاء بأشياء فلم يثبت عليه منها شيء، لكنه قال: لا يستغاث إلا بالله، لا يستغاث بالنبي استغاثة بمعنى العبارة - ولعلها العبادة - ولكن يتوسل به ويتشفع به الى الله، فبعض الحاضرين قال ليس عليه في هذا شيء، ورأى القاضي بدر الدين بن جماعة أن هذا فيه قلة أدب ) انتهى. فتأمل!!

وأما الشوكاني فقد أجاز التوسل في كتابه ( تحفة الذاكرين ) كما يعلم ذلك القاصي والداني، ففي صحيفة ٣٧ من كتاب الشوكاني ( تحفة الذاكرين ) ( طبع دار الكتب العلمية ) عقد باباً سماه: ( وجه التوسل بالأنبياء وبالصالحين ) ثم قال: ) ( قوله ويتوسل الى الله سبحانه بأنبيائه والصالحين ) أقول: ومن التوسل بالأنبياء ما أخرجه الترمذي. انتهى.

وأصرح من هذا ما ذكرهالشوكاني ص ١٣٨ في ( باب صلاة الضر والحاجة ) حيث قال ما نصه: ( وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله الى الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى ) انتهى.

وقد نص الشوكاني أيضاً على جواز التوسل، ورد على ابن تيمية في كتابه ( الدر النضيد في اخلاص كلمة التوحيد ) فليرجع اليه من شاء.

وأما الألباني فمنع ذلك واعتبره من الضلال في كتابه ( التوسل أنواعه وأحكامه ) كما هو مشهور ومعلوم، مع أنه قال في مقدمة (شرح الطحاوية ص ٦٠ الطبعة ٨ ) إن مسألة التوسل ليست من مسائل العقيدة، وهذا خلاف ما يقوله كثير من أدعياء السلفية. فتأملوا ياذوي الأبصار!! انتهى كلام السقاف.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523