العقائد الإسلامية الجزء ٤

العقائد الإسلامية11%

العقائد الإسلامية مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 523

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 523 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 196483 / تحميل: 7993
الحجم الحجم الحجم
العقائد الإسلامية

العقائد الإسلامية الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ورواه كذلك في الإصابة: ١/٢٢١:

وقد تقدمت روايته عند الحاكم عن أبي مكين.

ورواه أبو نعيم أيضاً بذلك في ص ٢٢٢، ثم قال:

ومن طريق الأصبغ بن نباتة قال: شهدت علياً يوم صفين يقول من يبايعني على الموت، فبايعه تسعة وتسعون رجلاً فقال: أين التمام؟

فجاءه رجل عليه أطمار صوف، محلوق الرأس فبايعه على القتل، فقيل: هذا أويس القرني، فما زال يحارب حتى قتل.

ورواه الحاكم في: ٣/٤٠٢، فقال:

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا أبو نعيم، ثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لما كان يوم صفين نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي: أفيكم أويس القرني؟

قالوا: نعم.

فضرب دابته حتى دخل معهم، ثم قال سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: خير التابعين أويس القرني. انتهى.

ورواه الذهبي في تاريخ الإسلام: ٣/٥٥٦، بنحو رواية أحمد، قال:

عن ابن أبي ليلى قال: إن أويساً شهد صفين مع علي، ثم روى عن رجل أنه سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: أويس خير التابعين بإحسان.

ورواه في سير أعلام النبلاء: ٤/٣١، بنحو رواية الحاكم، قال:

شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: نادى رجل من أهل الشام يوم صفين: أفيكم أويس القرني؟ قلنا نعم وما تريد منه؟

قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أويس القرني خير التابعين بإحسان، وعطف دابته فدخل مع أصحاب عليرضي‌الله‌عنه . رواه عبد الله بن

٢١

أحمد، عن علي بن حكيم الأودي، أنبأنا شريك. وزاد بعض الثقات فيه عن يزيد، عن ابن أبي ليلى، قال: فوجد في قتلى صفين.

وكذا رواه في اُسد الغابة: ٥/٣٨٠ وروته مصادرنا بنحوه في اختيار معرفة الرجال: ٣١٤١، وشرح الأخبار: ٢/٣، ومعجم رجال الحديث: ٤/١٥٤، وجامع الرواة: ١/١١٠، وغيرها.

صاحب البصيرة الزاهد، شجاعٌ مجاهد

في ميزان الاعتدال: ١/٢٨١:

وقال فضيل بن عياض: أخبرنا أبوقرة السدوسي، عن سعيد بن المسيب قال: نادى عمر بمنى على المنبر: يا أهل قرن، فقام مشايخ، فقال: أفيكم من اسمه أويس؟

فقال شيخ: يا أمير المؤمنين ذاك مجنون يسكن القفار والرمال.

قال: ذاك الذي أعنيه، إذا عدتم فاطلبوه وبلغوه سلامي.

فعادوا الى قرن، فوجدوه في الرمال، فأبلغوه سلام عمر وسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: عرفني أمير المؤمنين، وشهر اسمي، ثم هام على وجهه، فلم يوقف له بعد ذلك على أثر دهرا، ثم عاد في أيام علي فقاتل بين يديه فاستشهد بصفين، فنظروا فإذا عليه نيف وأربعون جراحة. انتهى.

راجع أيضاً: لسان الميزان: ١/٤٧٤، وتاريخ الإسلام للذهبي: ٣/٥٥٨، وسير أعلام النبلاء: ٤/٣٢

وفي مستدرك الحاكم: ٢/٣٦٥:

قال ثم قال أويس: إن هذا المجلس يغشاه ثلاثة نفر: مؤمن فقيه، ومؤمن لم يتفقه، ومنافق... لم يجالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان، فقضاء الله الذي قضى شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا.

٢٢

اللهم ارزقني شهادة تسبق كسرتها أذاها، وأمنها فزعها، تؤوب الحياة والرزق. ثم سكت.

قال أسير فقال لي صاحبي: كيف رأيت الرجل؟

قلت ما ازددت فيه إلا رغبة، وما أنا بالذي أفارقه، فلزمناه فلم نلبث إلا يسيرا حتى ضرب على الناس بعث أمير المؤمنين عليرضي‌الله‌عنه ، فخرج صاحب القطيفة أويس فيه، وخرجنا معه فيه، وكنا نسير معه وننزل معه، حتى نزلنا بحضرة العدو.

قال ابن المبارك: فأخبرني حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أسير بن جابر قال: فنادى عليرضي‌الله‌عنه : يا خيل الله اركبي وأبشري.

قال فصف الثلثين لهم، فانتضى صاحب القطيفة أويس سيفه حتى كسر جفنه فألقاه، ثم جعل يقول:

يا أيها الناس: تموا تموا، ليتمن وجوه ثم لا تنصرف حتى ترى الجنة.

يا أيها الناس تموا تموا، جعل يقول ذلك ويمشي وهو يقول ذلك ويمشي إذ جاءته رمية فأصابت فؤاده فبرد مكانه، كأنما مات منذ دهر.

قال حماد في حديثه فواريناه في التراب. هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة.

نسب أويس القرني ونسبته

قال الطبري في تاريخه: ١٠/١٤٥:

وأويس القرني من مراد، وهو يحابر بن مالك بن مذحج، وهو أويس بن عامر بن جزء بن مالك بن عمرو بن سعد بن عصوان بن قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد، وهو يحابر بن مالك.

وقال الجوهري: ٦/٢١٨١:

والقرن: موضع، وهو ميقات أهل نجد، ومنه أويس القرني.

٢٣

وقال في هامشه: القرن هنا بتسكين الراء، وأما أويس القرني فليس منسوباً الى ميقات أهل نجد، وإنما نسبته الى بني قرن، بطن من مراد من اليمن.

وقال الخليل في كتاب العين: ٥/١٤٢:

وقرن: حي من اليمن، منهم أويس القرني.

وقال السمعاني في الأنساب: ٤/٤٨١:

القرني: بفتح القاف والراء وكسر النون.. هذه النسبة الى قرن، وهو بطن من مراد، يقال له قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد، نزل اليمن، والمشهور بهذه النسبة المعروف في الأقطار: أويس بن عامر القرني، وقصته في الزهد معروفة، وقال الدار قطني: قرن، بفتحتين، فهو فيما ذكر ابن حبيب، قال: في مراد، قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد، قوم أويس بن عامر القرني الزاهد.

والموضع الذي يحرم منه أهل نجد يقال له: قرن المنازل، بسكون الراء. وأويس سكن الكوفة، وكان عبداً زاهداً.

وفي اُسد الغابة: ١/١٥١:

أويس بن عامر بن جزء بن مالك بن عمرو بن مسعدة بن عمرو بن سعد بن عصوان بن قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد المرادي ثم القرني، الزاهد المشهور، هكذا نسبه ابن الكلبي، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يره، وسكن الكوفة وهو من كبار تابعيها.

وفي إكمال الكمال: ٧/١١٣:

أما قرن بفتح القاف والراء ففي مراد، قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد. منهم أويس بن عمرو القرني الزاهد وغيره.

وفي ص ١٤٢: أويس بن عمرو القرني، ويقال ابن عامر.

وفي تهذيب التهذيب: ١/٣٣٧:

( مسلم ) أويس بن عامر القرني المرادي سيد التابعين.

٢٤

وفي هامشه: قال في التقريب المغني: القرني بفتح القاف والراء بعدها نون، نسبة الى قرن بن رومان، والمرادي بمضمومة وخفة راء ودال مهملة، نسبة الى مراد. اسمه يحابر بن مالك. اهـ.

وفي سير أعلام النبلاء: ٤/١٩:

أويس القرني، هو القدوة الزاهد، سيد التابعين في زمانه، أبوعمرو، أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني المرادي اليماني. وقرن بطن من مراد. انتهى.

وبذلك يتضح أن نسبته ( القرني ) بفتح الراء الى قبيلة يمانية، وليس الى قرن المنازل بسكون الراء، وقد اشتبه ذلك على الجوهري وغيره، كما نص عليه ابن الأثير وغيره.

راجع أيضاً: اختيار معرفة الرجال/٣١٤، والتحرير الطاووسي/٧٤، وطرائف المقال: ٢/١٩٢، ومجمع البحرين: ١/١٣١، والأعلام: ١/٣٧٥، والبداية والنهاية: ٦/٢٢٥

وبهذا يتضح أن أويساً عربي يماني، ومن الطبيعي أن يكون أسمر اللون، ولكن بعض الروايات تذكر أنه كان آدم شديد الأدمة، وكأنها تريد القول إنه كان أفريقيا أسود! في محاولة لذم أويس في ذلك المجتمع الأموي المتعصب ضد الأفارقة.

عشيرة الأويسات أو اللويسات السورية

في معجم قبائل العرب: ٣/١٠١٩:

اللويسات: من عشائر سهل الغاب بجسر الشغور، أحد أقضية محافظة حلب. ينتسبون الى أويس القرني، وقد قطنوا الغاب في القرن الحادي عشر، وقريتهم الحويجة، ويعدون ٣٢ بيتاً.

روايات لقائه بعمر واستغفاره له

قال مسلم في صحيحه: ٧/١٨٨:

عن عمر بن الخطاب قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن

٢٥

خير التابعين رجل يقال له أويس، وله والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، وكان به بياض فبريء، فمروه فليستغفر لكم...

كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟  حتى أتى على أويس فقال: أنت أويس بن عامر؟

قال نعم.

قال: من مراد، ثم من قرن؟

قال نعم.

قال: فكان بك برص فبرئت منه، إلا موضع درهم؟

قال نعم.

قال: لك والدة؟

قال نعم.

قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم. له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل، فاستغفر لي، فاستغفر له...

عن أسير بن جابر أن أهل الكوفة وفدوا الى عمر وفيهم رجل ممن كان يسخر بأويس، فقال عمر: هل ها هنا أحد من القرنيين؟

فجاء ذلك الرجل فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: إن رجلاً يأتيكم من اليمن يقال له أويس، لا يدع باليمن غير أم له، قد كان به بياض فدعا الله فأذهبه عنه إلا موضع الدينار أو الدرهم، فمن لقيه منكم فليستغفر لكم.

وروى أحمد: ١/٣٨، رواية مسلم المطولة، وفيها:

قال له عمررضي‌الله‌عنه : استغفر لي.

قال: أنت أحق أن تستغفر لي، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال عمررضي‌الله‌عنه : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن خير

٢٦

التابعين رجل يقال له أويس وله والدة وكان به بياض فدعا الله عز وجل فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم في سرته، فاستغفر له ثم دخل في غمار الناس، فلم يدر أين وقع! قال: فقدم الكوفة قال وكنا نجتمع في حلقة فنذكر الله، وكان يجلس معنا، فكان إذا ذكر هو وقع حديثه من قلوبنا موقعاً لا يقع حديث غيره. انتهى.

ورواه الحاكم في: ٣/٤٠٤، والبيهقي في الدلائل: ٦/٣٧٦ والذهبي في سير أعلام النبلاء: ٤/٢٠

وقال الحاكم في: ٣/٤٠٣:

وقد صحت الرواية بذلك عن أمير المؤمنين عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . أخبرناه أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني... فلما كان في العام المقبل حج رجل من أشرافهم فسأل عمر عن أويس كيف تركته؟ فقال: تركته رث البيت قليل المتاع، قال سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لابره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل.

فلما قدم الرجل أتى أويساً فقال استغفر لي فقال: أنت أحدث الناس بسفر صالح فاستغفر لي.

فقال: لقيت عمر بن الخطاب؟

فقال: نعم.

قال: فاستغفر له، قال ففطن له الناس، فانطلق على وجهه.

قال أسير: فكسوته برداً، فكان إذا رآه عليه إنسان قال من أين لأويس هذا؟!

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة.

وروى نحوه في: ٣/٤٠٤، والذهبي في سير أعلام النبلاء: ٤/٢٠

وفي طبقات ابن سعد: ٦/١١٣:

عن أسير بن جابر قال: كان عمر بن الخطاب إذا أتت عليه أمداد اليمن سألهم

٢٧

أفيكم أويس بن عامر؟ فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم فوافق عمر فسأله عن أويس القرني، قال: سمعت رسول الله يقول يأتي عليك أويس بن عامر من أمداد أهل اليمن من مراد.. بر لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل.. ورواه في سير أعلام النبلاء: ٤/٢٠ والبيهقي في شعب الايمان: ٥/٣١٩، وابن كثير في البداية والنهاية: ٦/٢٢٥

وفي المجروحين لابن حبان: ٣/١٥١:

وكان عمر بن الخطاب يسأل الوفود إذا قدموا من الكوفة: هل تعرفون أويس بن عامر القرني؟ فيقولون: لا، فقدم وفد من أهل الكوفة فيهم ابن عمه فقال عمر: هل تعرفون أويس بن عامر القرني؟

فقال ابن عمه: يا أمير المؤمنين هو ابن عمي وهو رجل فاسد، لم يبلغ ما أن تعرفه أنت يا أمير المؤمنين!!

فقال له عمر: ويلك هلكت ويلك هلكت، إذا أتيته فاقرئه مني السلام، ومره فليقدم إلي، فقدم الكوفة فلم يضع ثياب سفره عنه حتى أتى المسجد قال: فرأى أويساً فسلم به وقال: استغفر لي يا ابن عمي!

قال: غفر الله لك يا ابن عمي!

قال: وأنت يا أويس يغفر الله لك، أمير المؤمنين يقرئك السلام.

قال: ومن ذكرني لأمير المؤمنين؟

قال: هو ذكرك وأمرني أن أبلغك أن تفد اليه.

فقال: سمعاً وطاعةً لأمير المؤمنين! فوفد اليه حتى دخل على عمر.

فقال: أنت أويس بن عامر؟

قال: نعم.

قال: أنت الذي خرج بك وضح فدعوت الله أن يذهب عنك فأذهبه فقلت: اللهم دع لي من جسدي ما أذكر به نعمتك؟

٢٨

قال: نعم.

قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل من قرن يقال له أويس بن عامر، يخرج به وضح فيدعو الله أن يذهبه عنه فيذهبه، فيقول: اللهم دع لي من جسدي ما أذكر به نعمتك عليّ، فيدع الله له ما يذكره نعمته عليه، فمن أدركه منكم فاستطاع أن يستغفر له فليستغفر له. استغفر لي يا أويس بن عامر، فقال: غفر الله لك يا أمير المؤمنين.

قال آخر: استغفر لي يا أويس، وقال آخر: استغفر لي يا أويس، فلما أكثروا عليه انساب فذهب! فما رؤي حتى الساعة.

راجع أيضاً: الطبقات الكبرى ١١١/٦، الميزان ٤٩٢/٤، سير أعلام النبلاء: ٤/٢٥، كنز العمال: ١٤/١٠، الموضوعات لابن الجوزي ٤٣/٢. انتهى.

فهذه الروايات تدل على أن أويساً جاء من اليمن الى الكوفة وسكن بها، قبل أن يعرفه عمر، مع أن طريقه تمر على الحجاز.

وتدل على أن ايذاء السلطة له في الكوفة كان قبل مجيئه الى المدينة، الى عمر.

ومن البعيد أن حاكم الكوفة كان يجرؤ على مضايقة شخصية مثل أويس بدون رأي عمر، وإذا صحت رواية استدعائه له، فقد يكون الغرض محاولة كسبه، وأنها فشلت، لأنه انسل من المدينة وهرب راجعاً الى الكوفة بدون رضا عمر!

ولابد أن مشكلته مع حاكم الكوفة ورجاله قد زادت أو بقيت على حالها!

وفي كنز العمال: ١٢/١٠:

عن صعصعة بن معاوية قال: كان عمر بن الخطاب يسأل وفد أهل الكوفة إذا قدموا عليه: تعرفون أويس بن عامر القرني؟ فيقولون: لا.

وكان أويس رجلاً يلزم المسجد بالكوفة فلا يكاد يفارقه، وله ابن عم يغشى السلطان ويؤذي أويساً، فوفد ابن عمه الى عمر فيمن وفد من أهل الكوفة، فقال عمر: أتعرفون أويس بن عامر القرني؟

٢٩

فقال ابن عمه: يا أمير المؤمنين إن أويساً لم يبلغ أن تعرفه أنت، إنما هو إنسان دون، وهو ابن عمي!

فقال له عمر: ويلك هلكت! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أنه سيكون في التابعين رجل يقال له أويس بن عامر القرني، فمن أدركه منكم فاستطاع أن يستغفر له فليفعل، فإذا رأيته فأقرئه مني السلام، ومره أن يفد إلي، فوفد اليه، فلما دخل عليه قال:

أنت أويس بن عامر القرني؟ أنت الذي خرج بك وضح من برص فدعوت الله أن يذهبه عنك فأذهبه، فقلت اللهم أبق لي منه في جسدي ما أذكر به نعمتك؟ قال: وأنى دريت يا أمير المؤمنين)شراً!

قال: أخبرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل يقال له أويس بن عامر القرني، يخرج به وضح من برص فيدعو الله أن يذهبه عنه فيفعل، فيقول: اللهم اترك في جسدي ما أذكر به نعمتك، فيفعل، فيقول اللهم أترك في جسدي ما أذكر به نعمتك، فيفعل، فمن أدركه فاستطاع أن يستغفر له فليفعل، فاستغفر لي يا أويس. قال: غفر الله لك يا أمير المؤمنين! قال: ولك يغفر الله يا أويس. قال: غفر الله لك يا أمير المؤمنين! قال: ولك يغفر الله يا أويس بن عامر. فقال الناس: استغفر لنا يا أويس، فراغ، فما رئي حتى الساعة ( ع، وابن منده، كر ). وفي هامشه: راغ الى كذا: مال اليه سرا وحاد. انتهى.

وقد روى قوله ( فراغ فما رئي حتى الساعة ) ابن حبان في المجروحين: ٣/١٥١، وفي لسان الميزان: ١/٤٧١

روايات توجب الشك في استغفاره لعمر

الأمر الثابت في الروايات، والمنطقي أيضاً، أن عمر كان يبحث عن أويس لكي يستغفر له، كما تقدم.

بل في بعضها أنه كان يبحث عنه الى آخر سنة من خلافته..

٣٠

ففي طبقات ابن سعد: ٦/١١٣:

قال ابن عون عن محمد قال: أمر عمر أن نرى رجلا من التابعين أن يستغفر له، قال محمد: فأنبئت أن عمر كان ينشده في الموسم، يعني أويساً.. انتهى.

وتدل الرواية التالية على أن أويساً لم ير عمر أبداً، وأنه بقي في اليمن الى خلافة عليعليه‌السلام ، ولم يقبل دعوة عمر للمجيء الى المدينة!! وعندما وجدوه في اليمن وبلغوه سلام عمر وسلام الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رد على السلام الرسول وآله، ولم يرد سلام عمر!!

وفي كنز العمال: ١٤/١٠:

عن سعيد بن المسيب قال: نادى عمر بن الخطاب وهو على المنبر بمنى:

يا أهل قرن! فقام مشايخ فقالوا: نحن يا أمير المؤمنين!

قال: أفي قرن من اسمه أويس؟

فقال شيخ: يا أمير المؤمنين ليس فينا من اسمه أويس إلا مجنون يسكن القفار والرمال ولا يألف ولا يؤلف!

فقال: ذاك الذي أعنيه، إذا عدتم الى قرن فاطلبوه وبلغوه سلامي وقولوا له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرني بك، وأمرني أن أقرأ عليك سلامه.

فعادوا الى قرن فطلبوه فوجدوه في الرمال، فأبلغوه سلام عمر وسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أعرفني أمير المؤمنين وشهر بإسمي؟! السلام على رسول الله، اللهم صل عليه وعلى آله، وهام على وجهه فلم يوقف له بعد ذلك على أثر دهراً، ثم عاد في أيام علي فقاتل بين يديه، فاستشهد في صفين ( كر ).

وكذا في سير أعلام النبلاء: ٤/٣٢

فهذه الروايات تدل على أنه بقي في اليمن، ولم ير عمر أصلاً!!

بينما تقول رواية أخرى إنه قدم من اليمن على عمر في المدينة، ولكنه لم يستغفر له، وهرب منه!

٣١

ففي سير أعلام النبلاء: ٤/٢٤:

قال عمر: فقدم علينا ها هنا فقلت: ما أنت؟ قال: أنا أويس.

قلت: من تركت باليمن؟

قال: أما لي.

قلت: هل كان بك بياض فدعوت الله فأذهبه عنك؟

قال: نعم.

قلت: استغفر لي.

قال: يا أمير المؤمنين يستغفر مثلي لمثلك؟!

قلت: أنت أخي لا تفارقني. فانملس مني، فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة. انتهى.

وقال في ص ٢٧: وفي لفظ: أو يستغفر لمثلك؟!

وروى نحواً من ذلك عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه!! انتهى.

وفي دلائل النبوة للبيهقي: ٦/٣٧٦:

لما أقبل أهل اليمن جعل عمر ( رض ) يستقرئ فيقول هل فيكم أحد من قرن؟ فوقع زمام عمر أو زمام أويس... فناوله عمر فقال له: ما اسمك؟

قال: أويس.

فقال له عمر: استغفر لي.

قال: أنت أحق أن تستغفر لي.

ونحوه في مسند أحمد: ١/٣٨، وسير أعلام النبلاء: ٤/٢٠

وفي مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٤:

عن أسير بن جابر قال لما أقبل أهل اليمن جعل عمررضي‌الله‌عنه يستقري الرفاق فيقول: هل فيكم أحد من قرن؟ حتى أتى عليه قرن فقال: من أنتم؟

قالوا: قرن.

فرفع عمر بزمامه أو زمام أويس فناوله عمر فعرفه بالنعت، فقال له عمر:

٣٢

ما اسمك؟

قال أنا أويس.

قال: هل كان لك والدة؟

قال: نعم.

قال: هل بك من البياض؟

قال: نعم، دعوت الله تعالى فأذهبه عني إلا موضع الدرهم من سرتي لأذكر به ربي.

فقال له عمر: إستغفر لي.

قال: أنت أحق أن تستغفر لي، أنت صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . انتهى.

وروى الذهبي في سير أعلام النبلاء: ٤/٢٧، نصاً طريفاً عن أبي هريرة، ورده، وقد جاء فيه:

فلما كان في آخر السنة التي هلك فيها عمر، قام على أبي قبيس فنادى بأعلى صوته:

يا أهل الحجيج من أهل اليمن، أفيكم أويس من مراد؟

فقام شيخ كبير فقال: إنا لا ندري من أويس، ولكن ابن أخ لي يقال له أويس وهو أخمل ذكراً وأقل مالاً وأهون أمراً من أن نرفعه اليك، وإنه ليرعى إبلنا بأراك عرفات فذكر اجتماع عمر به وهو يرعى فسأله الاستغفار، وعرض عليه مالاً، فأبى. انتهى.

ثم قال الذهبي: وهذا سياق منكر لعله موضوع. انتهى.

وسبب حكمه عليه بالوضع أنه ينص على امتناع أويس من الاستغفار لعمر، وأنه لم يلقه إلا في آخر سنة من عمره!

ولكن لو صح إشكال الذهبي على هذا النص، فإن تعارض الروايات الصحيحة عندهم في القول بأنه استغفر لعمر أو لم يستغفر له، ورفضه أن يأخذ منه شيئاً مادياً أو معنوياً، وهروبه منه.. كل ذلك يؤيد مانص منها على أنه رفض الإستغفار له!

٣٣

ويؤيد ذلك: أن التاريخ لم يذكر أن أويساً بايع أبا بكر ولا عمر ولا عثمان، ولا شارك في حروب الفتح تحت إمرة أمرائهم، بل لم تذكر عنه شيئاً طيلة خلافتهم التي امتدت ربع قرن، حتى ظهر مع عليعليه‌السلام ، وبايعه، وشارك في حروبه.

ويؤيده: أن روايات ذكرت أن عمر طلب منه أن يبقى عنده وقال له ( أنت أخي لا تفارقني ) فلم يقبل أويس وهرب منه، ولا تفسير لهروبه إلا أنه خاف أن يحرجه عمر في كلام، أو يصر عليه أن يوليه عملاً في دولته!

ويؤيده: أن عمر كان مركزياً شديد المركزية في إدارته، وكان أويس معروفاً في الكوفة، فلا يمكن القول بأن اضطهاد حاكم الكوفة لأويس كان بدون أمر من عمر! وبذلك يكون إحضاره الى المدينة إن صح، محاولة من عمر لاستمالته، وقد فشلت!

ويؤيد أيضاً: تعارض الروايات في وقت لقائه بعمر!

فبعضها يقول إنه كان يبحث عنه في موسم الحج، كما في كنز العمال: ١٤/٧، عن محمد بن سيرين قال: أمر عمر بن الخطاب إن لقي رجلاً من التابعين أن يستغفر له قال محمد: قال فأنبئت أن عمر كان ينشده في الموسم يعني أويساً ( ابن سعد، كر ).

وبعضها: يقول إنه وفد عليه من اليمن، كما في اُسد الغابة: ١/١٥١:

قال فقال عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال إن رجلاً يأتيكم من اليمن يقال له أويس، لا يدع باليمن غير أم... فقال له عمر أين تريد؟ قال: الكوفة، قال ألا أكتب لك الى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي... ونحوه في كنز العمال: ١٤/٥، وتاريخ الإسلام: ٣/٥٥٦

وبعضها: ينص على أنه كان في آخر سنة من خلافته يبحث عنه! كالتي تقدمت من كنز العمال، وسير أعلام النبلاء: ٤/٢٧، عن أبي هريرة...

ويؤيد ذلك أيضاً: تناقضات أسير بن جابر راوي لقاء أويس بعمر، ففي رواية الحاكم المتقدمة عنه ( ٢/٣٦٥ ) أن أسيراً لم يعرف أويساً إلا في الكوفة في خلافة عليعليه‌السلام ، وأن أويساً لم يلبث بعد معرفته به إلا قليلاً حتى ذهب الى صفين!

٣٤

ورواياته الأخرى تقول إنه عرفه من عهد عمر، أي قبل بضع عشرة سنة من خلافة عليعليه‌السلام .

هذا، مضافاً الى تناقض الأحداث والمضامين التي رواها أسير، والصورة الساذجة التي أعطاها لهذا الولي الواعي، والدور الذي أعطاه لنفسه في حياة أويس، كأنه ولي نعمته!

والمتأمل في روايات أسير يلاحظ أن همه أن يبرز دوره ودور عمر في حياة أويس!

وقد قال عنه الحاكم في المستدرك: ٢/٣٦٥ ( وأسير بن جابر من المخضرمين، ولد في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وهو من كبار أصحاب عمررضي‌الله‌عنه ). انتهى.

وقد جرح صعصعة بن معاوية في أسير هذا، وصعصعة هو عم الأحنف بن قيس وقد وثقه النسائي وابن حبان، وشهد صعصعة بأن أسيراً كان من شرطة دار الامارة بالكوفة وكان عمله إيذاء أويس ( يغشى السلطان ويؤذي أويساً )!

وقد اعترف أسير بذلك ولكنه ادعى أنه تاب، وأن أويساً استغفر له!!

وإقراره على نفسه حجة، وادعاؤه التوبة دعوى تحتاج الى دليل.

أما رواية صعصعة بن معاوية عن لقائه بعمر، التي رواها كنز العمال: ١٢/١٠، ورواها أبو يعلي في مسنده: ١/١٨٧ ح ٢١٢، فهي مقطوعة، لأن صعصعة لم يدرك عمر، ولم يذكر ممن سمعها، وقد ذكروا أن صعصعة أدرك أبا ذر ورآه، وأنه كان حياً في زمن الحجاج، ولا يعلم متى قال هذا الكلام، ولعله بعد زمن عليعليه‌السلام .

من هم الذين خاطبهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في البشارة بأويس؟

تتعارض الروايات في تعيين المخاطبين في البشارة بأويس.. فبعضها تقول إن المخاطب بذلك هم المسلمون، بدون تحديد شخص أو أشخاص.

وروايات أسير بن جابر تقول إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خاطب بذلك عمر بن الخطاب، فهو

٣٥

يزعم أن ذلك إخبار غيبي بخلافة عمر، أو نوع من الوصية له، مع أن خلافة أبي بكر وعمر قامتا على أساس أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يوص لأحد، وأن عشائر قريش الثلاث والعشرين كلها ترث ملكهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأنه ابن قريش!

وبعض الرويات، كما في سير الذهبي: ٤/٢٤، تقول إن المخاطب هما عمر وعلي ( يا عمر ويا علي إذا رأيتماه، فاطلبا اليه يستغفر لكما، يغفر الله لكما. فمكثا يطلبانه عشر سنين لا يقدران عليه ). انتهى.

ومن الطبيعي أن هذه الرواية تريد تلطيف رواية أن المخاطب بذلك عمر وحده، لأن أويساً كان من شيعة علي ولم يكن من شيعة عمر، فجعلت الخطاب لهما معاً!

أما ابن سلام الأباضي فقد ذكر في كتابه بدء الإسلام/٧٩، أن المخاطب بذلك هما أبو بكر وعمر...

ولعل بعضهم روى أن المخاطب بذلك عثمان بن عفان، مع أن اسم عثمان غائب عن أحاديث أويس كلياً، رغم أن خلافته امتدت بضع عشرة سنة!

فهذا الاضطراب في تسمية الذين خاطبهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في أمر أويس، يقوي ما ورد في مصادرنا من أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خاطب المسلمين عامة، وخاطب علياًعليه‌السلام خاصة، بأن أويساً سيبايعه ويقتل معه، فجعل الرواة هذه الفضيلة للخلفاء قبله، كما هو دأبهم في مصادرة فضائل عليعليه‌السلام وتلبيسها لغيره!

ولا يتسع البحث للافاضة في هذا الموضوع.

قال المفيد في الارشاد: ١/٣١٥:

في حديث عن عليعليه‌السلام أنه قال: الله أكبر أخبرني حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أني أدرك رجلاً من أمته يقال له أويس القرني يكون من حزب الله ورسوله، يموت على الشهادة، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر. انتهى.

ونحوه في الخرائج والجرائح: ١/٢٠٠، وإعلام الورى/١٧٠، والثاقب في المناقب/٢٦٦، وبحار الأنوار: ٣٧/٢٩٩ و٣٨/١٤٧

٣٦

آراء شاذّة وأخرى مشبوهة الهدف في أويس:

١ - حاولوا إعطاء شخصية أويس لعدوي وأموي

مع كثرة الأحاديث والروايات الصحيحة في مصادر الشيعة والسنة حول أويس، ومع أن اسمه مميز لا يختلط بغيره.. إلا أن بعضهم حاول أن يجعل الشخص الذي بشر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بشفاعته شخصاً آخر غير أويس!!

قال ابن الأثير في اُسد الغابة: ٣/٢٩:

صلة بن أشيم العدوي من عدي بن الرباب وهو عدي بن عبد مناة بن أد بن طابخة، أورده سعيد القرشي... صلة هذا قتل بسجستان سنة خمس وثلاثين، وكان عمره ثلاثين ومائة سنة، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صلة فقال فيما روى يزيد بن جابر قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يكون في أمتي رجل يقال له صلة، يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا. أخرجه أبو موسى.

روى يزيد عن جابر قال: بلغنا أن النبي قال: يكون في أمتي رجل يقال له صلة ( ابن أشيم ) يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا. انتهى. ورواه الذهبي في تاريخ الإسلام: ٥/١٢٧

وترجم الذهبي في سير أعلام النبلاء: ٣/٤٩٧، لصلة هذا باحترام كبير فقال:

صلة بن أشيم الزاهد العابد القدوة، أبو الصهباء العدوي البصري زوج العالمة معاذة العدوية، ما علمته روى سوى حديث واحد عن ابن عباس.

حدث عنه أهله معاذة، والحسن، وحميد بن هلال، وثابت البناني، وغيرهم.

ابن المبارك في الزهد: عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يكون في أمتي رجل يقال له صلة، يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا. هذا حديث معضل. انتهى. ثم ذكر الذهبي أنه استشهد في سجستان سنة اثنين وستين.

٣٧

وقال فى هامشه عن معاذة زوجة صلة: من رجال التهذيب، وحديثها في الكتب الستة. وقال عن الحديث: إسناده ضعيف لاعضاله كما قال المؤلف، والحديث المعضل هو الذي سقط من إسناده اثنان على التوالي.

والخبر في حلية الأولياء ٢/٢٤١ من طريق ابن المبارك. انتهى.

وكفى الله المؤمنين هذا الحديث حيث ضعفه ناقلوه.. لكن تبقى دلالته على أن وجود أويس كان ثقيلاً على السلطة وخاصة الأموية، لأنه شهادة نبوية حية على أن الحق مع عليعليه‌السلام ولذلك حاولوا التخلص منه تارة بإنكار وجود أويس من الأساس! أو بتضعيفه، أو بإعطاء شخصيته لشخص عدوي قريب من الخليفة عمر.

وبعضهم سلم بوجود أويس لكن ادعى أنه قتل في سجستان أو آذربيجان، ولم يقتل مع علي في صفين!!

وأخيراً.. حاول بعضهم أن يعطي شفاعة أويس لعثمان بن عفان! فقال في تذكرة الموضوعات/٩٤: في المختصر ( يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر ) قيل هو أويس، والمشهور أنه عثمان بن عفان. انتهى.

ومعنى قوله ( والمشهور ) أنه يريد أن يجعله مشهوراً، وإن لم يكن كذلك حتى بين السنيين المحبين لعثمان!!

٢ - والبخاري ضعف أويساً ولم يقبل روايته!

في ميزان الاعتدال: ١/٢٧٨ ولسان الميزان: ١/٤٧١:

أويس بن عامر، ويقال ابن عمرو القرني اليمني العابد نزيل الكوفة، قال البخاري يماني مرادي، في إسناده نظر فيما يرويه! وقال البخاري أيضاً في الضعفاء: في إسناده نظر: يروي عن أويس في إسناد ذلك.

قلت هذه عبارته! يريد أن الحديث الذي روى عن أويس في الاسناد الى أويس نظر، ولولا أن البخاري ذكر أويساً في الضعفاء لما ذكرته أصلاً، فإنه من أولياء الله الصادقين، وما روى الرجل شيئاً فيضعف أو يوثق من أجله!

٣٨

وقال أبو داود: حدثنا شعبة قال: قلت لعمرو بن مرة: أخبرني عن أويس، هل تعرفونه فيكم؟ قال: لا.

قلت: إنما سألت عمراً عنه لأنه مرادي، هل تعرف نسبه فيكم؟ فلم يعرف. ولولا الحديث الذي رواه مسلم في فضل أويس لما عرف، لأنه عبد لله تقي خفي، وما روى شيئاً، فكيف يعرفه عمرو، وليس من لم يعرف حجة على من عرفه! انتهى.

وشبيه به في سير أعلام النبلاء: ٤/١٩، قال:

أويس القرني. هو القدوة الزاهد، سيد التابعين في زمانه، أبو عمرو، أويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني المرادي اليماني. وقرن بطن من مراد.

وفد على عمر وروى قليلاً عنه، وعن علي.

روى عنه يسير بن عمرو، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو عبد رب الدمشقي وغيرهم، حكايات يسيرة، ما روى شيئاً مسنداً ولا تهيأ أن يحكم عليه بلين، وقد كان من أولياء الله المتقين ومن عباده المخلصين. انتهى.

وقال الجرجاني في الكامل: ١/١٢، بعد أن أورد عدداً من أحاديث أويس: قال الشيخ: وهذا الحديث معروف لأويس يرويه معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة، وليس لأويس من الرواية شيء، وانما له حكايات ونتف وأخبار في زهده، وقد شك قوم فيه، إلا أنه من شهرته في نفسه وشهرة أخباره لا يجوز أن يشك فيه، وليس له من الأحاديث إلا القليل، فلا يتهيأ أن يحكم عليه بالضعف، بل هو صدوق ثقة مقدار ما يروى عنه. انتهى.

والذي يقرأ البخاري في صحيحه وتاريخه وبقية مؤلفاته، يراه حريصاً على الخط المتشدد لمذهب عمر وآرائه، ولذا فإن موقفه السلبي من أويس يمثل ما كان في عصره من التهوين من شخصيته.. وهو دليل كاف على أن صلة أويس بعمر لم تكن كما يحبون.

٣٩

٣ - ومتشددة الحنابلة قللوا من مقام أويس!

فقد صرح متعصبوا الحنابلة بتفضيل بعض أصحابهم على أويس القرني!

قال أبو يعلى في طبقات الحنابلة: ٢/٦٣:

فقال البربهاري إذا كان أويس القرني يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر، فكم يدخل في شفاعة أبي الحسن بن بشار؟!

قال أحمد البرمكي: صدق البربهاري لأن أويساً كان من الأبدال، وأبا الحسن كان من المستخلفين، والمستخلف أجل من البدل وأفضل عند الله، لأن المستخلف في الأرض مقامه مقام النبيينعليهم‌السلام !! لأنه يدعو الخلق الى الله، فبركته عائدة عليه وعلى كافة الخلق، وبركة البدل عائدة على نفسه!! انتهى.

لكنا نسأل البرمكي والبربهاري وأبا يعلى الذي ارتضى كلامهما: إن درجات الناس ومقامهم عند الله وتفاضلهم غيب لا سبيل الى العلم به الا من الذي له نافذة على الغيب! وقد عرفنا مقام أويس من شهادة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمن أين عرفتم مقام صاحبكم!! وأن الله تعالى جعله خليفته في أرضه! وجعله في رتبة الأنبياء صلوات الله عليهم؟!

إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً؟!

أما الذهبي فقد قيد قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله المطلق في أويس! وقال إنه أفضل التابعين في عصره فقط.. ويقصد أنه بعد عصره يوجد كثيرون أفضل منه!!

قال في سير أعلام النبلاء: ٤/١٩:

أويس القرني، هو القدوة الزاهد، سيد التابعين في زمانه، أبو عمرو، أويس... انتهى.

وأما ابن تيمية، فقد تناول أويساً من جهة أخرى قد تكون هي السبب في حساسية بعضهم منه، فقد أكد على أن أمر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لعمر أن يطلب من أويس أن يستغفر له، لا يدل على أن أويساً أفضل من عمر!

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

وفي سنن النسائي ومستدرك الصحيحين ومسند احمد واللفظ للأول عن سعيد بن المسيب قال :

«حج علي وعثمان فلما كنا ببعض الطريق نهى عثمان عن التمتع فقال علي إذا رأيته (وفي نسخة السندي إذا رأيتموه) ارتحل فارتحلوا فلبى علي وأصحابه بالعمرة».(1)

قال الإمام السندي بهامشه :

«قال (إذا رأيتموه قد ارتحل فارتحلوا) أي ارتحلوا معه ملبين بالعمرة ليعلم أنكم قدمتم السنة على قوله ، وانه لا طاعة له في مقابل السنة».(2)

موقف عبد الله بن مسعود من عثمان :

قالوا في ترجمة عبد الله بن مسعود حليف بني زهرة(3) : أسلم قديما وهاجر الهجرتين وشهد بدرا والمشاهد بعدها ، وأخرج البغوي من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال عبد الله لقد رأيتني سادس ستة وما على الأرض مسلم غيرنا وكان يقول أخذت من في رسول الله سبعين سورة أخرجه البخاري شهد فتوح الشام سيَّره عمر إلى الكوفة ليعلمهم أمور دينهم وبعث عمارا أميرا وقال إنهما من النجباء من أصحاب محمد فاقتدوا بهما. وعن زيد بن وهب قال أقبل عبد الله ذات يوم وعمر جالس فلما رآه مقبلا قال كنيف مليء فقها.(4)

__________________

و (بكرات) جمع بكرة ولد الناقة أو الفتى منها ، و (الخَبْط) ضرب من ورق الشجر حتى ينحات عنه ثم يستخلف من غير ان يضر ذلك باصل الشجر واغصانها قال الليث (الخَبَط) خَبَط ورق العِظاء من الطلح ونحوه يخبط يضرب بالعصا فيتناثر ثم يعلف الإبل.

(1) النسائي ، سنن النسائي ج 2 ص 15 كتاب الحج باب حج التمتع ، واحمد بن حنبل ،مسند احمد ج 1 ص 57 الحديث 402 بمسند عثمان. والحاكم ،المستدرك على الصحيحين ج 1 ص 472. ابن كثيرالبداية والنهاية ، ج 5 ص 126 و 127.

(2) يتضح من الرواية وتعليق السندي ان علياعليه‌السلام وأصحابه كانوا في الحج على السنة وكان عمر وعثمان ومن اقتدى بهما على خلاف السنة.

(3) في طبقات ابن سعد أن أم عبد الله بن مسعود اسمها أم عبد وأمها هند بنت عبد الحارث بن زهرة ، وفي الاصابة عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة.

(4) انظر ترجمته فيالاصابة ابن حجر والاستيعاب لابن عبد البروالطبقات الكبرى لابن سعد وغيرها.

٣٠١

كان عبد الله بن مسعود من الأوفياء لسياسة عمر وفتاواه(1) منسجما كل الانسجام مع السلطة الحاكمة وقد روى البلاذري ان ابن مسعود وكان أول الناس جاء ببيعة عثمان إلى الكوفة وأخذها على الناس(2) غير انه اصطدم فيما بعد مع عثمان في قصة تغيير المصاحف بسبب عدم إشراكه في اللجنة الخاصة وتفضيل زيد بن ثابت عليه فدعا الكوفيين إلى عدم تسليم مصاحفهم وامتنع هو من تسليم مصحفه لمبعوث عثمان مع ملاحظات سابقة له على سيرة الوليد بن عقبة فأمر عثمان بإشخاصه إلى المدينة وضُرب هناك وكسرت أضلاعه ومنع من العطاء سنتين.

روى ابن شبة قال حدثنا عبد الله بن رجاء قال ، أنبأنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حمير بن مالك قال : لما أمر بالمصاحف أن تُغّيَّر ساء ذلك عبد الله بن مسعودرضي‌الله‌عنه فقال : من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليفعل ، فإن من غل شيئا جاء بما غل يوم القيامة ، ثم قال : لقد قرأت القرآن من في (أي فم) رسول الله سبعين سورة ، وزيد صبي ، أفأترك ما أخذت من في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم .(3)

وفي رواية أخرى عن محمد بن عبد الله بن المثنى الانصاري قال ، حدثنا إسرائيل بن يونس ، عن ثوبر بن أبي فاختة ، عن أبيه قال : بعث عثمانرضي‌الله‌عنه إلى عبد الله أن يدفع المصحف إليه. قال : ولم؟ قال : لأنه كتب القرآن على حرف زيد. قال : أما أن أعطيه المصحف فلن أعطيكموه ، ومن استطاع أن يغل شيئا فليفعل ، والله لقد قرأت من في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم سبعين سورة ، وإن زيدا لذو ذؤابتين يلعب بالمدينة.(4)

وروى ابن عبد البر عن الأعمش عن شقيق أبى وائل قال لما أمر عثمان في المصاحف بما أمر قام عبد الله بن مسعود خطيبا فقال : أيأمروني أن أقرأ القرآن على

__________________

(1) اذ تجاوب معه في قضية نشر الحديث وإتلاف صحفه وقد مرت أخباره فيها كما تجاوب معه في فتواه في عدم الصلاة للمجنب عند فقدانه الماء.

(2) البلاذريانساب الاشراف ج 11 ص 227.

(3) النميري عمر بن شبة ،تاريخ المدينة المنورة ، دار الفكر 1410 هـ ، ص 1006 ، ورواه أيضا السجستاني ، ابن أبي داود في كتابالمصاحف ، دار الكتب العلمية بيروت 1995 م ص 17.

(4) المصدر السابق.

٣٠٢

قراءة زيد بن ثابت نفسى بيده لقد أخذت من في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم سبعين سورة وإن زيد بن ثابت لذو ذؤابة يلعب به الغلمان والله ما نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل وما أحد أعلم بكتاب الله مني ولو أعلم أحداً تبلغنيه الإبل أعلم بكتاب الله منى لأتيته ثم استحيي مما قال فقال وما أنا بخيركم قال شقيق فقعدت في الحق فيها أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فما سمعت أحدا أنكر ذلك عليه ولا رد ما قال.(1)

قال اليعقوبي كتب عثمان في جمع المصاحف من الآفاق حتى جمعت ، ثم سلقها بالماء الحار والخل ، وقيل أحرقها ، فلم يبق مصحف إلا فعل به ذلك خلا مصحف ابن مسعود.(2) وكان ابن مسعود بالكوفة ، فامتنع أن يدفع مصحفه إلى عبد الله بن عامر ، وكتب إليه عثمان : أن أشخصه ، إنه لم يكن هذا الدين خبالا وهذه الأمة فسادا(3) . فدخل المسجد وعثمان يخطب ، فقال عثمان : إنه قد قدمت عليكم دابة سوء ، فكلمه ابن مسعود بكلام غليظ فأمر به عثمان ، فجُرَّ برجله حتى كسر له ضلعان ، فتكلمت عائشة ، وقالت قولا كثيرا.

وفي رواية البلاذري : احتمله يحموم غلام عثمان ورجلاه تختلفان على عنقه حتى

__________________

(1) ابن عبد البرالاستيعاب ص 993.

(2) اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 170 وفي تاريخ المدينة المنورة لابن شبة / 1003 ـ 1004 قال حدثنا حفص بن عمر الدوري قال ، حدثنا إسماعيل ابن جعفر ، عن عمارو بن غزبة ، عن ابن شهاب ، عن خارجة ابن زيد بن ثابترضي‌الله‌عنه قال : لما ماتت حفصة أرسل مروان إلى عبد الله بن عمررضي‌الله‌عنهما بعزيمة ، فأعطاه إياها ، فغسلها غسلا. وقال حدثنا عثمان بن عمر قال ، أنبأنا يونس ، عن ابن شهاب قال ، حدثني أنسرضي‌الله‌عنه قال ، لما كان مروان أمير المدينة أرسل إلى حفصة يسألها عن المصاحف ليمزقها وخشي أن يخالف الكتاب بعضه بعضا فمنعتها إياه. قال الزهري : فحدثني سالم قال ، لما توفيت حفصة أرسل مروان إلى ابن عمررضي‌الله‌عنهما بعزيمة ليرسلن بها ، فساعة رجعوا من جنازة حفصة أرسل بها ابن عمررضي‌الله‌عنهما ، فشققها ومزقها مخافة أن يكون في شيء من ذلك خلاف لما نسخ عثمانرضي‌الله‌عنه .أقول : وبقي مصحف عليعليه‌السلام لم يتلفوه لان عليا لم يظهره لهم.

(3) روى ابن عبد البر وابن حجر في الاصابة عن الأعمش قال قال زيد بن وهب لما بعث عثمان إلى بن مسعود يأمره بالقدوم إلى المدينة اجتمع الناس فقالوا أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه فقال إن له على حق الطاعة ولا أحب أن أكون أول من فتح باب الفتن.

٣٠٣

ضرب به الأرض فدق ضلعه وقام علي بأمر ابن مسعود حتى أتى به منزله فأقام ابن مسعود بالمدينة لا يأذن له عثمان في الخروج منها إلى ناحية من النواحي وأرااد حين برئ الغزو فمنعه من ذلك وقال له مروان : إن ابن مسعود أفسد عليك العراق افتريد أن يفسد عليك الشام؟ فلم يبرح من المدينة حتى توفي(1) بعد ثلاث سنوات من إقامته الجبرية وكان قد استُقدِم من الكوفة سنة 29 هـ.

وروى البلاذري قال : أشخص عثمانُ ابنَ مسعود إلى ما قِبَله واسمعه ، ولم يأذن له في الخروج من المدينة فأقام بها ثلاث سنين حتى مات ، وكان موته قبل مقتل عثمان. ولما مرض مرضه الذي مات فيه مرَّضه أزواح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه ، وأتاه عثمان يعوده فقال له : كيف تجدك يا أبا عبد الرحمن؟ قال : بخير. قال : ما تشتكي؟ قال : ذنوبي. قال : أفلا آمر لك بعطائك ، وكان قد قطعه عنه لموجدته عليه (وفي رواية هشام بن عروة عن أبيه قال : وكان قد حرمه عطاءه سنتين)(2) وفي رواية حرمه عطاءه ثلاث سنين(3) ، فقال : منعتنيه وانا محتاج إليه وتعطينيه وانا مستغن عنه(4) . وأوصى ان لا يصلي عليه عثمان(5) . قال أبو نعيم وغيره مات (عبد الله بن مسعود) بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وقيل مات سنة ثلاث والأول اثبت.(6)

__________________

(1) قال ابن عبد البر فيالاستيعاب ص 994 توفي عبد الله بن مسعود سنة اثنتين وثلاثين ودفن بالبقيع صلى عليه عثمان وقيل بل صلى عليه الزبير ودفنه ليلا بإيصائه بذلك إليه ولم يعلم عثمان بدفنه فعاتب الزبير على ذلك وكان يوم توفى ابن بضع وستين سنة. وحدثنا قاسم بن محمد حدثنا أحمد بن عمرو حدثنا محمد بن سنجر حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا عباد عن سفيان بن حسين عن يعلى بن مسلم عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بين الزبير وبين ابن مسعودرضي‌الله‌عنهما .

(2) البلاذري ،انساب الاشراف ج 11 ص 227 وتكملة الرواية ان الزبير أتى عثمان فقال له ان عيال عبد الله أحوج إلى عطائه من بيت المال فأعطاه عشرين ألف درهم أو خمسة وعشرين ألف درهم. ومن الجدير ذكره ان ابن كثير في البداية والنهاية 7 / 138 بدل عبارة (حرمه عطاءه سنتين) إلى عبارة (تركه سنتين) فجعل ابن مسعود هو الممتنع عن أخذ عطائه!

(3) الطبراني ،كتاب الأوائل ، مؤسسة الرسالة 1408 هـ ـ 1987 م ، ج 1 ص 272.

(4) البلاذري ،أنساب الاشراف ، ج 11 ص 227.

(5) البلاذري ،أنساب الاشراف ، ج 1 ص 525 ، ج 11 ص 226.

(6) ابن حجر ،الاصابة في تمييز الصحابة .

٣٠٤

وروى البخاري قال حدّثنا عمر بن حفص قال حدّثنا أبي قال حدّثنا الأعمش قال سمعت شقيق بن سلمة قال كنت عند عبد الله وأبي موسى فقال له أبو مىوسى أرأيت يا أبا عبد الرّحمن إذا أجنب فلم يجد ماء كيف يصنع فقال عبد الله لا يصلّي حتّى يجد الماء فقال أبو موسى فكيف تصنع بقول عمّار حين قال له النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يكفيك قال ألم تر عمر لم يقنع بذلك فقال أبو موسى فدعنا من قول عمّار كيف تصنع بهذه الآية فما درى عبد الله ما يقول فقال إنّا لو رخّصنا لهم في هذا لأوشك إذا برد على أحدهم الماء أن يدعه ويتيمّم فقلت لشقيق فإنّما كره عبد الله لهذا قال نعم.(1)

صحيح البخاري ـ (ج 2 / ص 76) حدّثنا محمّد بن سلام قال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق قال كنت جالسا مع عبد الله وأبي موسى الأشعريّ فقال له أبو موسى لو أنّ رجلا أجنب فلم يجد الماء شهرا أما كان يتميمّم ويصلّي فكيف تصنعون بهذه الآية في سورة المائدة فقال عبد الله لو رخّص لهم في هذا لأوشكوا إذا برد عليهم الماء أن يتيمّموا الصّعيد قلت وإنّما كرهتم هذا لذا قال نعم فقال أبو موسى ألم تسمع قول عمّار لعمر بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرّغت في الصّعيد كما تمرّغ الدّابّة فذكرت ذلك للنّبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال إنّما كان يكفيك أن تصنع هكذا فضرب بكفّه ضربة على الأرض ثمّ نفضها ثمّ مسح بهما ظهر كفّه بشماله أو ظهر شماله بكفّه ثمّ مسح بهما وجهه فقال عبد الله أفلم تر عمر لم يقنع بقول عمّار وزاد يعلى عن الأعمش عن شقيق كنت مع عبد الله وأبي موسى فقال أبو موسى ألم تسمع قول عمّار لعمر إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بعثني أنا وأنت فأجنبت فتمعّكت بالصّعيد فأتينا رسول الله صلّى الله عليم وسلّم فأخبرناه فقال إنّما كان يكفيك هكذا ومسح وجهه وكفّيه واحدة.

وروى الحاكم بسنده عن سعيد بن زيد قال حدثنا الحسن ان رجلا قال لعمران بن الحصين ما هذه الأحاديث التي تحدثوناها وتركتم القرآن ، قال أرأيت لو أبيتَ أنت واصحابُك إلا القرآن (وفي رواية لو وُكِلت أنتَ واصحابُك إلى القرآن) من أين كنتَ

__________________

(1) البخاري ،صحيح البخاري ج 2 ص 74.

٣٠٥

تعلم ان صلاة الظهر عدتها كذا وكذا ، وصلاة العصر عدتها كذا ، وحين وقتها كذا ، وصلاة المغرب كذا ، والموقف بعرفة ورمى الجمار كذا ، واليد أين تقع أمن ههنا أم ههنا أم من ههنا ووضع يده على مفصل الكف ووضع يده عند المرفق ووضع يده عند المنكب ، وقال : اتبعوا حديثنا ما حدثناكم ، وإلّا واللهِ ضللتم.

وَقَالَ مُسَدَّدٌ : حَدَّثَنَا حماد ، عن علي بن زيد ، عن الحسن قال : بينما عمران بن حصين وعنده أصحابه يحدثهم فقال رجل : لا تحدثنا إلَّا بالقرآن ـ أو لا نريد إلَّا القرآن ـ فقال : أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن؟ أكنت تجد صلاة الظهر أربعاً وصلاة العصر أربعاً وصلاة المغرب ثلاثا ، تقرأ في الركعتين الأولتين ، حتى عد الصلوات كلها؟! أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن ، أكنت تجد في كل مائتين خمسة ، ومن الإبل كذا وكذا ، وفي البقر كذا وكذا؟! أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك ، أكنت تجد الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة كذا وكذا؟!.(1)

الكوفة على عهد علي عليه‌السلام

انفتحت الكوفة على مشروع عليعليه‌السلام الإحيائي للسنة النبوية بقيادته وتبنت نصرته وكانت أول نصرتها له حين نكث طلحة والزبير بيعتهما معه واقتطعا البصرة عنه.

ثم نصروه في صفين وقاتلوا أهل الشام معه.

ثم نصروه في حرب النهروان حين قاتلوا أبناءهم وإخوانهم وأساتيذهم لما تحولوا إلى مفسدين.

وكان عليعليه‌السلام خلال ذلك يعلمهم ويبفقههم وصارت الكوفة في أواخر عهده كأنما بُنِيت على حُبِّه والايمان به لما رأى أهلها من عدله وعلمه وحسن سيرته فيهم إلى جانب ما عرفوا من سابقته مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأحاديث النبي فيه وما نزل من القرآن في حقه وما جرى على يده من الكرامات ،

__________________

(1) البوصيري ، للحافظ أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل ،إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة ، موافق لطبعة دار الوطن 1420 هـ. ج 1 ص 191.

٣٠٦

انهم شاهدوا في سيرة عليعليه‌السلام انه من رسول الله كالضوء من الضوء أو كالصنو من الصنو ، وكالذراع من العضد.(1)

رأوا فيه ما اخبر عنه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (انه منه بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعده) حين قارنوا ذلك بما قصه القرآن من نصرة هارون لموسى وتصديقه ومعاونته ونصرته وكون الإمامة بعد موسى في ذريته وكذلك عليعليه‌السلام .

لقد بايع علياعليه‌السلام بعد معركة النهروان أربعون ألف على الموت ليقاتلوا معاوية ولكنه الأجل الذي قدره الله تعالى له.

لقد صارت الكوفة على عهد عليعليه‌السلام بلد الأنصار وأهل الحل والعقد في المشروع الإحيائي للسنة نظير المدينة كانت على عهد النبي بلد الأنصار وأهل الحل والعقد في مشروع الرسالة.

قاتلت المدينة قريشا المشركة التي استهدفت محاصرة الرسالة بل قتل النبي وأصحابه. وقاتلت الكوفةُ قريشا المسلمة في البصرة والشام التي استهدفت محاصرة علي بل قتله وقتل أصحابه.

وكما كان يوجد في المدينة على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من يكره علياعليه‌السلام ويبغضه وكانوا يسرونه لما يعلمون من غضب النبي عليهم إذا اظهروه وقد عرفوا بالمنافقين وقد ورد في

__________________

(1)نهج البلاغة تحقيق صالح ص 23 ،أقول : ومرادهعليه‌السلام بقوله (انا من رسول الله كالصنو من الصنو او كالضوء من الضوء) ان سيرته وعلمه هي سيرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلمه ، وصنوا النخلة هما الفرعان الذين يخرجان من جذع واحد اما من الجذر او فيما بعد من الجذع الاول. ونموذج ذلك صلاتهعليه‌السلام فقد روى الترمذي 1 / 272 ، 1 / 284 ، ومسلم 1 / 295 ، وابو داود 1 / 222 ، والنسائي 2 / 204 ، واحمد 4 / 429 ، 432 ، 444 ، والبيهقي 4 / 134 ، والطبراني في المعجم الكبير 18 / 125 ، 117 ، والطيالسي / 111.

عن مطرف بن عبد الله قال صليت خلف علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنا وعمران بن حصين فكان إذا سجد كبر وإذا رفع رأسه كبر وإذا نهض من الركعتين كبر فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين فقال قد ذكرني هذا صلاة محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم أو قال لقد صلى بنا صلاة محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

وفي سنن البيهقي : 2 / 79 قال الشيخ ورواه محمد بن جابر عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال صليت خلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر وعمر فلم يرفعوا أيديهم إلا عند افتتاح الصلاة.

٣٠٧

الرواية : (كنا لا نعرف المنافقين على عهد النبي الا ببغضهم عليا)(1) ، وقد تآمروا على النبي ليقتلوا في عقبة هرشى بعد عودته من تبوك أو بعد عودته من حجة الوداع ، كذلك كان الأمر في الكوفة حيث وجد فيها من يبغض عليا ولكنه لا يخفيه بل يظهره وقد عرفوا بالخوارج الذين مردوا على بغض علي وقاتلوه وقاتلهم ونال الشهادة على يد شر افرادهم عبد الرحمن بن ملجم.

الكوفة في سنوات الصلح سنوات الفتح المبين لعلي عليه‌السلام

بايعت الكوفة الحسن بن علي بصفته وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووارث علومه وعلوم أبيه واحد أفراد آية المباهلة وآية التطهير وحديث الكساء ووارث ، وامتاز أهل الكوفة عن أهل المدينة بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حين تخلف الأنصار عن نصرة أهل بيت رسول الله وبايعوا غيرهم وتخلفوا عن سنة النبي وعملوا بسنه غيره ووفى أنضار علي في الكوفة مع بيت رسول الله فبايعوا الحسن وعملوا بسنة رسول الله التي احياها علي ، وبايعته تبعا لبيعتهم البصرة والبحرين ومكة والمدينة واليمن وايران وما وراءها.

ونصرت الكوفة الحسنَ في مشروعه الاصلاحي العظيم حين استجابت لخطوته الاصلاحية الرائدة التي لم تخطر ببال معاوية وأهل الشام فانهم كانوا يتوقعون احد أمرين لطلبهم الصلح مع الحسن اما الرفض والقتال ، أو الاستجابة للصلح بان يبقى الحسن على دولته في الشرق ومعاوية على دولته في الغرب وتنشأ علاقات سلمية بينهم كدولتين مستقلتين ، وإذا بالحسن يفاجئهم بمشروعه التوحيدي للامة الإسلامية وتقديمه معاوية بشروط يضعها الحسن وهو أمر مهما كانت الشروط فيه فانه لا يستوعبه الا من كان يفهم مشروع علي الإحيائي للسنة ، ولذلك رأينا رد فعل الخوارج هو تسفيه هذه الخطوة ومحاولة اغتيال الحسن ، بخلاف حَمَلَةِ مشروع عليعليه‌السلام فانهم قد فهموا المغزى العميق للخطوة الرائدة التي تحقق أمرين في وقت واحد :

الأول : فضح معاوية عند أهل الشام بانه طالب ملك لا غير ، فانه تنازل عن الأساس الذي بويع عليه عثمان وهو العمل بسيرة الشيخين وقبل ان يتقيد بالكتاب والسنة

__________________

(1) انظر البحث عن اسانيده فيشرح إحقاق الحق للمرعشي ج 7 ص 237 فما بعد.

٣٠٨

وخلى عن مطلبه الأخذ بثأر عثمان ، بمجرد انه اعطي حكم العراق ، وفي قبال ذلك تبرز مبدائية عليعليه‌السلام حين عرض عليه الحكم بشرط العمل بسيرة الشيخين فلم يقبل ورفض الملك.

الثاني : اصلاح الأمة برأب الصدع الكبير وعودتها إلى سابق عهدها موحدة وكسر الطوق عن مشروع علي واخبار سيرته المشرقة في الشام.

وليس من شك فان رجال هذين المكسبين هم شيعة علي الذين حملوا حديث النبي فيه واخبار سيرته المشرقة وكلهم شوق ان ينشروا ذلك كما كان المسلمون زمن النبي قبل صلح الحديبية كلهم شوق لان ينشروا اخبار سيرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله المشرقة.

وطار معاوية فرحا بالأطروحة الحسنية للصلح وانفتحت قلوب أهل الشام لشيعة علي وتحول الكوفيون خلال عشر سنوات إلى دعاة لعلي ينشرون اخبار سيرته المشرقة داخل الشام وخارجها.

وتأكَّد لأهل الشام حقانية علي في نهضته وأولويته بكتاب الله وسنة نبيه وحقانية أهل العراق في نصرة مشروع علي في إحياء سنة النبي وان بيعتهم للحسن كانت موفقة.

الكوفة على عهد الغدر المبين لمعاوية 50 ـ 60 هـ عشر سنوات

لم تطب نفس معاوية بما حققه الحسن وشيعة أبيه من خدمة حقيقية للامة ، فدفعه حقدُه الأعمى إلى الانتقام من الحسن ومن العراقيين فتخلص من الحسنعليه‌السلام بالسم بعد عشر سنوات ، وأعاد سياسته في لعن علي والبراءة منه ، وأعاد تداول الأحاديث الكاذبة التي وضعها اعلامه أيام صفين في تسويغ ذلك ، واستطاع ان يربي جيلا جديدا من الأمة لا يعرف عليا الا إمام ضلالة مفسدا في الدين يجب لعنه والبراءة منه ، (روى ابن أبي الحديد عن علي بن محمد بن أبي سيف المدائني (ت 225 هـ)(1) في كتابه

__________________

(1) قال الخطيب البغدادي فيتاريخ بغداد ج 12 ص 54 ـ 55 في ترجمة المدائني (كان عالماً بأيام الناس وأخبار العرب وأنسابهم عالماً بالفتوح والمغازي ورواية الشعر ، صدوقاً في ذلك ، وقال يحيى بن معين ثقة ثقة ثقة. وقال ابن النديم فيالفهرست ص 113 ولد سنة 135 هـ وتوفي سنة 225 هـ وله ثلاث وتسعون ثم ذكر أسماء كتبه في أربع صفحات.

٣٠٩

(الأحداث) قال : [كتب معاوية نسخة واحدة إلى عُمَّاله بعد عام الجماعة. (أن برئت الذمَّة ممَّن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته). فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليَّاًعليه‌السلام ويبرؤون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته. وكان أشدَّ النسا بلاءً حينئذ أهلُ الكوفة لكثرة من بها من شيعة عليعليه‌السلام فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضمَّ إليه البصرة فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف ، لأنه كان منهم أيام عليعليه‌السلام فقتلهم تحت كل حجر ومدر ، وأخافهم وقَطَّع الأيدي والأرجل وسَمَّلَ العيون وصلَّبهم على جذوع النخل وطردهم وشرَّدهم عن العراق فلم يبق بها معروف منهم.

وكتب معاوية إلى عُمَّاله في جميع الآفاق :

(ألَّا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة).

وبعد قتل حجر وأصحابه سنة 53 هـ أمر الحسين أصحابه في الكوفة ان يكونوا أحلاس بيوتهم بعد ان قضوا ما عليهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ادخارا لهم ليوم خروجهعليه‌السلام بعد موت معاوية.

الكوفة هـ على عهد نهضة الحسين عليه‌السلام وشهادته وحركة سليمان بن صرد

ودولة المختار 60 ـ 67

نهضت الكوفة مع الحسين وهم عدته في التغيير المطلوب في الأمة من الاطاحة ببني أمية الطغمة الضالة الظالمة اليت أحلت نقض العهد وسفكت الدم الحرام ، نهضت الكوفة مع الحسين وهي متلهفة لإعادة تجربة على في الأمة بالحكم بكتاب الله وسنة نبيه ، وترك الناس واختيارهم في الاقتداء بمن شاؤوا في عبادتهم بعلي أو بعمر ، ولكنه القدر الإلهي للحسين ان يستشهد لتكون شهادته وظلامته الباب الاوسع لتحقيق الاهداف الآنفة الذكر ، وقد استطاع الكوفيون من خلال نهضة سليمان بن صرد والمختار بن عبيد بعد شهادة الحسينعليه‌السلام ان يعيدا تجربة علي في الكوفة وهي على قصرها (65 هـ ـ 67 هـ استطاعت ان تعيد ثقافة الولاء لعلي إلى الجيل الذي حرم منها وقد فصلنا ذلك في كتابنا (الامام الحسين في مواجهة الضلال الأموي).

٣١٠

الكوفة على عهد ابن الزبير 67 ـ 72 هـ

حاول مصعب بن الزبير والي اخيه عبد الله بن الزبير ان ينتقم من الكوفة العلوية التي نهضت مع المختار ونصرت مشروع علي وولديه الحسن والحسين وقتل يوم قتل المختار سبعة آلاف صبرا ممن لم يكن قد قاتل المختار بل لأنهم شيعة.(1)

موقف عبد الملك بن مروان من الكوفة

بعد مرور ثلاث سنوات من انهيار دولة عبد الله بن الزبير على يد الحجاج بن يوسف الثقفي ولاه عبد الملك سنة 75 هجرية العراق ، وكتب إليه كتابا بخطه : أما بعد ، يا حجاج ، فقد وليتك العراقيين صدقة ، فإذا قدمت الكوفة فطأها وطأة يتضاءل منها أهل البصرة ، وإياك وهوينا الحجاز ، وقد رميت العرض الاقصى ، فارمه بنفسك ، وأرد ما أردته بك ، والسلام.

فلما قدم الكوفة صعد المنبر متلثما بعمامته متنكبا قوسه وكنانته ، فجلس على المنبر مليا لا يتكلم ، حتى هموا أن يحصبوه ، ثم قال : يا أهل العراق ، ويا أهل الشقاق والنفاق والمراق ، ومساوئ الأخلاق ، إن أمير المؤمنين نثل كنانته ، فعجمها عودا عودا ، فوجدني أمرها عودا وأصعبها كسرا ، فرماكم بي ، وإنه قلدني عليكم سوطا وسيفا ، فسقط السوط وبقي السيف وتكلم بكلام كثير فيه توعد وتهدد.

وذاقت الكوفة في عهده المر ، وثاروا عليه تحت قيادات مختلفة آخرها تحت قيادة ابن الأشعث ولم يتطع ان يخمد ثورتهم الا بعد ان استعان بجيش الشام سنة 81 هـ ، ثم بنى لهم واسط لكي لا يختلطوا بهم وتتأثر اخلاقهم بهم.(2)

__________________

(1) انظر تفصيل ذلك فيكتابنا الامام الحسين في مواجهة الضلال الأموي ، دار الفقه قم 1430 هـ ـ 2009 م.

(2) انظر تفصيل ذلك فيكتابنا الامام الحسين في مواجهة الضلال الأموي .

٣١١

الوليد بن عبد الملك يأمر بإخراج الشيعة العراقيين من الحجاز

وإرجاعهم إلى الكوفة

وكتب الوليد إلى خالد بن عبد الله القسري ، عامله على الحجاز ، يأمره بإخراج من بالحجاز من أهل العراقين ، وحملهم إلى الحجاج بن يوسف ، فبعث خالد إلى المدينة عثمان بن حيان المري لإخراج من بها من أهل العراقين ، فأخرجهم جميعا ، وجماعاتهم في الجوامع ، إلى الحجاج ، ولم يترك تاجرا ولا غير تاجر ، ونادى : ألا برئت الذمة ممن آوى عراقيا ، وكان لا يبلغه أن أحدا من أهل العراق في دار أحد من أهل المدينة إلا أخرجه.(1)

من قتلهم أو روَّعهم الحجاج من شيعة علي عليه‌السلام

كان ممن قتلهم الحجاج من شيعة علي :

كميل بن زياد النخعي المذحجي (82 هـ)رحمه‌الله :

قال الذهبي في ترجمة كميل : قدم دمشق زمن عثمان ، وشهد صفين مع علي ، وكان شريفاً مطاعاً ثقةً عابداً على تشيعه ، قليل الحديث ، قتله الحجاج. قاله ابن سعد. وقال محمد بن عبد الله بن عمار : كميل رافضي ثقة.

وقال ابن حجر : كميل بن زياد بن نهيك ويقال بن عبد الله النخعي التابعي الشهير له إدراك ، أدرك من الحياة النبوية ثماني عشرة سنة ، وروى عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم روى عنه عبد الرحمن بن عابس وأبو إسحاق السبيعي والأعمش وغيرهم قال بن سعد شهد صفين مع علي وكان شريفا مطاعا ثقة قليل الحديث من رؤساء الشيعة.

وقال هشام بن عمار : ثنا أيوب بن حسان ، ثنا محمد بن عبد الرحمن قال : منع الحجاج النخع أعطياتهم حتى يأتوه بكميل بن زياد ، فلما رأى ذلك كميل أقبل على

__________________

(1) لا نعلم في أي سنة ولكن اليعقوبي كان قد ذكر قبله حوادث سنة 92 وذكره بعده حوادث سنة 95 هجرية.

٣١٢

قومه فقال : أبلغوني الحجاج فأبلغوه ، فقال الحجاج : يا أهل الشام ، هذا كميل الذي قال لعثمان أقدني من نفسك ، فقال كميل : فعرف حقي ، فقلت : أما إذ أقدتني فهو لك هبة (وفي رواية : لطمني فطلبت القصاص فأقادني فعفوت) ، فمن كان أحسن قولاً أنا أو هو ، فذكر الحجاج علياً ، فصلى عليه كميل ، فقال الحجاج : والله لأبعثن إليك إنساناً أشد بغضاً لعلي من حبك له ، فبعث إليه ابن أدهم الحمصي فضرب عنقه. وقال المدائني : مات كميل سنة اثنتين وثمانين ، وهو ابن تسعين سنة(1) .

وقال جرير عن مغيرة طلب الحجاج كميل بن زياد فهرب منه فحرم قومه عطاءهم فلما رأى كميل ذلك قال أنا شيخ كبير قد نفذ عمري لا ينبغي ان حرم قومي عطاءهم فخرج إلى الحجاج فلما رآه قال له لقد أحببت ان أجد عليك جميلا فقال له كميل ان ما بقي من عمري الا القليل فاقض ما أنت قاض فان الموعد الله وقد أخبرني أمير المؤمنين على انك قاتلي قال بلى قد كنت فيمن قتل عثمان اضربوا عنقه فضربت عنقه(2) .

قال ابن حجر : كميل بن زياد بن نهيك بن الهيثم بن سعد بن مالك بن الحارث بن صبهان بن سعد بن مالك بن النخع وقيل كميل بن عبد الله وقيل بن عبد الرحمن روى عن عمر وعلي وعثمان وابن مسعود وأبي مسعود وأبي هريرة روى عنه أبو إسحاق السبيعي والعباس بن ذريح وعبد الله بن يزيد الصهباني وعبد الرحمن بن عابس والأعمش وغيرهم.

وذكره بن حبان في الثقات وذكره المدائني في عباد أهل الكوفة وقال خليفة قتله الحجاج سنة 82 قلت وحكى بن أبي خثيمة أنه سمع يحيى بن معين يقول مات كميل سنة ثمان وثمانين وهو بن سبعين سنة وقال بن حبان في الضعفاء لا يحتج به.

وقال محمد بن عبد الله بن عمار كميل بن زياد رافضي وهو ثقة من أصحاب علي وقال في موضع آخر كميل بن زياد من رؤساء الشيعة وكان بلاء من البلاء

وذكره بن حبان في كتاب الثقات وقال أبو الحسن المدائني وفيهم يعني أهل الكوفة من العباد أويس القرني وعمرو بن عتبة بن فرقد ويزيد بن معاوية النخعي وربيع بن

__________________

(1) الذهبي ،تاريخ الإسلام ، ج 6 ص 177.

(2) ابن حجر ،الاصابة ج 5 ص 653.

٣١٣

خثيم وهمام بن الحارث ومعضد الشيباني وجندب بن عبد الله وكميل بن زياد النخعي.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد السلام التميمي وأبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد قالا أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي قال أخبرنا تميم بن أبي سعيد الجرجاني قال أخبرنا أبو سعد الكنجروذي قال أخبرنا الحاكم أبو أحمد الحافظ قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسين الخثعمي بالكوفة قال حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال أخبرنا عاصم بن حميد الحناط أو رجل عنه قال حدثنا ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل بن زياد النخعي قال أخذ علي بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبان فلما أصحرنا جلس ثم تنفس ثم قال يا كميل بن زياد القلوب أربعة فخيرها أوعاها إحفظ ما أقول لك الناس ثلاثة فعالم رباني وعالم متعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال العلم يزكو على العمل والمال تنقصه النفقة وصحبة العالم دين يدان بها باكتساب الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته وصنيعه يفنى المال بزوال صاحبه مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة ها إن ها هنا وأشار بيده إلى صدره علما لو أصبت له حملة بلى أصبته لقنا غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين للدنيا يستظهر بحجج الله على كتابه وبنعمه على عباده أو منقاد لأهل الحق لا بصيرة له في أحنائه يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا ذا ولا ذاك أو منهوم باللذة سلس القياد للشهوات أو مغري بجمع الأموال والإدخار ليسا من دعاة الدين أقرب شبههما بهما الأنعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه اللهم بلى لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة لكي لا تبطل حجج الله وبيناته أولئك الأقلون عددا الأعظمون عند الله قدرا بهم يدفع الله من حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم فيزرعوها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر تلك أبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى أولئك خلفاء الله في بلاده والدعاة إلى دينه هاه هاه شوقا إلى رؤيتهم وأستغفر الله لي ولك إذا شئت فقم.

ورواه أبو نعيم ضرار بن صرد عن عاصم بن حميد فزاد فيه ألفاظا أخبرنا به أحمد

٣١٤

بن هبة الله بن أحمد قال أخبرنا عمي أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال أخبرنا عمي الشريف الأمير عماد الدولة أبو البركات عقيل بن العباس الحسيني قال أخبرنا الحسين بن عبد الله بن محمد بن أبي كامل الأطرابلسي قراءة عليه بدمشق قال أخبرنا خال أبي خيثمة ضرار بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي قال حدثنا نجيح بن إبراهيم الزهري قال حدثنا ضرار بن صرد قال حدثنا عاصم بن حميد الحناط بإسناده نحوه وقال ومحبة العالم دين يدان بها فتكسبه الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته العلم حاكم والمال محكوم عليه وصنيعة المال تزول بزواله وقال هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعر منه المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون(1) .

ورواه الذهبي قال قرأت على أبي الفضل بن عساكر عن عبد المعز بن محمد أنا تميم بن أبي سعيد المقرئ أنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن سنة تسع وأربعين وأربع مائة أنا محمد بن محمد الحافظ أنا أبو جعفر محمد بن الحسين الخثعمي بالكوفة أنا إسماعيل بن موسى الفزاري أنا عاصم بن حميد الحناط أو رجل عنه قال ثنا ثابت بنأبي صفية أبو حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل بن زياد النخعي قال أخذ علي رضي الله تعالى عنه بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبان فلما أصحرنا جلس ثم تنفس فقال يا كميل القلوب أوعية فخيرها أوعاها احفظ ما أقول لك الناس ثلاثة وأستغفر الله لي ولك إذا شئت فقم رواه ضرار بن صرد عن عاصم بن حميد ويروى من وجه آخر عن كميل(2) .

ورواه البغدادي قال حدثنا بن مرزوق نا أبو بكر الشافعي ثنا بشر بن موسى ثنا عبيد بن الهيثم ثنا إسحاق بن محمد بن أبو يعقوب النخعي ثنا عبد الله بن الفضل بن عبد الله بن أبي الهياج حدثنا هشام بن محمد بن السائب أبو منذر الكلبي عن أبي مخنف لوط بن يحيى عن فضيل بن خديج عن كميل بن زياد النخعي قال أخذ بيدي أمير المؤمنين

__________________

(1) ابن حجر ،تهذيب التهذيب ، وابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 50 ص 252.

(2) الذهبي ،تذكرة الحفاظ ج 1 ص 11.

٣١٥

علي بن أبي طالب بالكوفة فخرجنا حتى انتهينا إلى الجبانة فلما اصحر تنفس الصعداء ثم قال لي يا كميل بن زياد ان هذه القلوب أوعية وخيرها أوعاها للعلم احفظ عني ما أقول لك الناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق يا كميل بن زياد العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال المال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق يا كميل بن زياد محبة العالم دين يدان تكسبه الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته ومنفعة المال تزول بزواله العلم حاكم والمال محكوم عليه يا كميل مات خزان الأموال وهم إحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة ألا أن ههنا وأشار إلى صدره لعلما جما لو أصبت له حملة بلى أصبت لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدين للدنيا وذكر الحديث(1) .

قيس بن عُباد (82 هـ)رحمه‌الله :

الاصابة : قيس بن عباد بضم أوله وتخفيف الموحدة القيسي الضبعي نزيل البصرة له إدراك ذكره بن قانع في الصحابة وأورد له حديثا مرسلا وقال بن أبي حاتم وغيره قدم المدينة في خلافة عمر فروى عنه وعن أبي ذر وعلي وأبي سعد وعمار وعبد الله بن سلام وغيرهم.

روى عنه ابنه عبد الله والحسن وابن سيرين وأبو مجلز وغيرهم قال بن سعد كان ثقة قليلة الحديث وذكره العجلي في التابعين وقال ثقثة من كبار الصالحين ووثقه النسائي وغيره وذكره بن حبان في ثقات التابعين وذكر أبو مخنف انه من جملة من قتلهم الحجاج ممن خرج مع بن الأشعث.

قال المزي : قيس بن عباد : ذكره محمد بن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل البصرة قال : وكان ثقة ، قليلالحديث. زاد العجلي : من كبار الصالحين.

وقال يعقوب بن شيبة : حدثنا يونس بن محمد ، قال : حدثنا عبيد الله بن النضر ،

__________________

(1) الخطيب البغدادي ،تاريخ بغداد ج 6 ص 378. المزي ،تهذيب الكمال ج 24 ص 221.

٣١٦

عن أبيه ، عن قيس بن عباد ، قال : كان يركب الخيل ويرتبطها ، وكانت له فرس عربية ، فكلما نتجت مهرا فأدرك حمل عليه في سبيل الله.

وقال أيضا : يونس بن محمد ، قال : حدثنا عبيد الله بن النضر ، عن أبيه ، عن قيس بن عباد أنه كان إمامهم ، فإذا صلى الغداة لم يزل يذكر الله حتى يرى السقائين قد مروا بالماء مخافة أن يصير الماء أجاجا أو يصير غورا ، وحتى يرى الشمس قد طلعت من مطلعها مخافة أن تطلع من مغربها.

وقال أيضا : حدثنا يونس بن محمد المؤدب ، قال : حدثنا عبيد الله بن النضر ، قال : حدثني أبي ، عن قيس بن عباد أنه إذا كان بين الرجلين من الحي كلام فرأى أن أحدهما ظالما ، لم يمنعه شرفه ولا حسبه أن يأتيه فيكلمه ويوبخه ويأمره أن يرجع إلى الحق ويقلع عن الظلم.

وقال عبد الله بن المبارك : أخبرنا الحكم بن عطية ، قال : حدثنا النضر بن عبد الله ، عن قيس بن عباد ، قال : إن الصدفة لتطفئ الخطايا والذنوب كما يطفئ الماء النار.

وقال أحمد بن عمران الأخنسي : سألت محمد بن الفضيل بن غزوان ، فحدثني ، قال : قال لي : أخذ رجل لجام قيس بن عباد فجعل يذكره ويسبه ، فلما بلغ إلى منزله ، قال : خل عن لجام الدابة يغفر الله لي ولك.

وقال محمد بن جرير الطبري فيما حكى عن أبي مخنف ، عن شيوخه ، قال : فعاش قيس بن عباد حتى قاتل مع ابن الأشعث في مواطنه.

وقال حوشب ، يعني : ابن يزيد بنب الحارث بن يزيد ابن رويم الشيباني ، للحجاج بن يوسف : إن منا مراء صاحب فتق ووثوب على السلطان لم تكن فتنة بالعراق قط إلا وثب فيها وهو ترابي(1) يلعن عثمانرضي‌الله‌عنه ، وقد خرج مع ابن الأشعث ، فشهد معه مواطنه كلها يحرض الناس حتى إذا أهلكهم الله جلس في بيته ، فبعث إليه الحجاج فضرب عنقه. روى له الجماعة سوى الترمذي(2) .

__________________

(1) نسبة إلى أبي تراب علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وقد كان أيام بني أمية يقولون لكل من يعملون أنه يميل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه ويتولاه : فلان ترابي.

(2) المزي ،تهذيب الكمال ج 24 ص 64 ـ 68.

٣١٧

قال البخاري : حدثني محمد بن عبد الله الرقاشي حدثنا معتمر قال سمعت أبي يقول حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة ، وقال قيس بن عباد وفيهم أنزلت (هذان خصمان اختصموا في ربهم) قال هم الذين تبارزوا يوم بدر حمزة وعلي وعبيدة أو أبو عبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة(1) .

سعيد بن جبير (95 هـ)رحمه‌الله :

قال السيوطي : سعيد بن جبير بن هشام الوالبي مولاهم أبو محمد ويقال أبو عبد الله الكوفي أحد الأئمة الأعلام روى عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير ، وطائفة وعنه الأعمش وسلمة بن كهيل وخلائق وكان يختم القرآن في كل ليلتين وكان بن عباس إذ أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقول أليس فيكم سعيد بن جبير ، قتله الحجاج شهيدا في شعبان سنة خمس وتسعين وهو بن سبع وخمسين وقيل تسع وأربعين قال ميمون بن مهران ولقد مات وما على ظهر الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه(2) .

قال ابن حبان سعيد بن جبير بن هشام مولى بنى والبة بن الحارث من بني أسد بن خزيمة يروى عن بن عمر وابن عباس وجماعة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . وكان فقيها عابدا ورعا فاضلا وكان يكتب لعبد الله بن عتبة بن مسعود حيث كان على قضاء الكوفة ثم كتب لأبي بردة بن أبي موسى حيث كان على قضائها ثم خرج مع بن الأشعث في جملة القراء فلما هزم بن الأشعث بدير الجماجم هرب سعيد بن جبير إلى مكة فاخذه خالد بن عبد الله القسري بعد مدة وكان واليا لعبد الملك على مكة وبعث به إلى الحجاج فقال له الحجاج اختر لنفسك أي قتلة شئت فقال اختره أنت فان القصاص أمامك فقتله الحجاج بن يوسف سنة خمس وتسعين وهو بن تسع وأربعين سنة ثم مات الحجاج بعده بأيام وكان مولد الحجاج سنة أربعين(3) .

__________________

(1) البخاري ،صحيح البخاري ج 4 ص 1458 ، ج 4 ص 1769.

(2) جلال الدين السيوطي ،اسعاف المبطأ ، دار الهجرة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ص 12.

(3) ابن حبان ،الثقات ج 4 ص 275.

٣١٨

قال المزي : سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي مولاهم أبو محمد ويقال أبو عبد الله الكوفي ، حدثنا أبو حامد بن جبلة قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا زياد بن أيوب قال حدثنا عباد بن العوام أبو سهل قال أخبرني هلال بن خباب قال خرجنا مع سعيد بن جبير في جنازة قال فكان يحدثنا في الطريق ويذكرنا حتى بلغ فلما بلغ جلس فلم يزل يحدثنا حتى قمنا فرجعنا وكان كثير الذكر لله عز وجل وبه قال حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا عباد بن يعقوب قال حدثنا عمرو بن ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير قال وددت أن الناس أخذوا ما عندي فإنه مما يهمني(1) .

قال الطحاوي حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو عوانة قال لا أعلمه الا عن أبي بشر أن سعيد بن جبير كان يصلي في رمضان في المسجد وحده والإمام يصلي بهم فيه.(2)

أقول : أي ان سعيد بن جبير كان لا يصلي صلاة التراويح لأنها بدعة عمر وليست سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال الدارمي أخبرنا يزيد بن هارون أنا أصبغ عن القاسم بن أبي أيوب عن سعيد عن بن عباس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل الا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء قال وكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه ،

وقال أخبرنا محمد بن سعيد أنا شريك عن طارق بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير قال كنت أسمع من بن عمر وإبن عباس الحديث بالليل فاكتبه في واسطة الرحل.

__________________

(1) المزي ،تهذيب الكمال ج 10 ص 358.

(2) الطحاوي ،شرح معاني الآثار ، تحقيق محمد زهري النجار ـ محمد سيد جاد الحق ، عالم الكتب ، 1414 هـ ، 1994 م ج 1 ص 351أقول : يريد أنه كان لا يرى الجماعة في صلاة التطوع. وقد أورد الطحاوي أسماء أشخاص آخرين على رأي سعيد وكان رأي الطحاوي ذلك أيضا.

٣١٩

وقال أيضا : أخبرنا أبو النعمان ثنا عبد الواحد ثنا عثمان بن حكيم قال سمعت سعيد بن جبير يقول كنت أسير مع بن عباس في طريق مكة ليلا وكان يحدثني بالحديث فاكتبه في واسطة الرحل حتى أصبح فاكتبه.

وقال أيضا : أخبرنا إسماعيل بن أبان عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال كنت اكتب عند بن عباس في صحيفة واكتب في نعلي.

وقال أيضا أخبرنا مالك بن إسماعيل ثنا مندل بن علي العنزي حدثني جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال كنت أجلس إلى بن عباس فاكتب في الصحيفة حتى تمتلئ ثم أقلب نعلي فاكتب في ظهورهما(1) .

قال ابن سعد : قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا عمرو بن أبي المقدام عن مؤذن بني وداعة قال دخلت على عبد الله بن عباس وهو متكيء على مرفقة من حرير وسعيد بن جبير عند رجليه وهو يقول له انظر كيف تحدث عني فإنك قد حفظت عني حديثا كثيرا.

وقال أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي وقبيصة بن عقبة قالا حدثنا سفيان عن أسلم المنقري عن سعيد بن جبير قال جاء رجل إلى بن عمر فسأله عن فريضة فقال ائت سعيد بن جبير فإنه أعلم بالحساب مني وهو يفرض منها ما أفرض.

وقال أخبرنا أبو معاوية الضرير قال حدثنا الأعمش عن مسعود بن مالك قال قال لي علي بن حسينعليهما‌السلام ما فعل سعيد بن جبير قال قلت صالح قال ذاك رجل كان يمر بنا فنسائله عن الفرائض وأشياء مما ينفعنا الله بها وإنه ليس عندنا ما يرمينا به هؤلاء وأشار بيده إلى العراق(2) .

أقول : هذه الرواية مكذوبة على علي بن الحسينعليه‌السلام ، والبلاء من أبي معاوية الضرير فانه كان يضع الحديث لهارون الخليفة العباسي.

وقال أيضا أخبرنا عفان بن مسلم وموسى بن إسماعيل قالا حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا أبو شهاب قال كان سعيد بن جبير يقص لنا كل يوم مرتين بعد

__________________

(1) الدارمي ،سنن الدارمي ج 2 ص 41. ج 1 ص 138 ـ 139.

(2) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ، ج 6 ص 258.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523