وسائل الشيعة الجزء ١٧

وسائل الشيعة12%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 483

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 483 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 307816 / تحميل: 183391
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

الله عزّوجلّ:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَري لَهوَ الحَدِيث لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) (١) .

[ ٢٢١٤٥ ] ٢ - وعنهم، عن أحمد(٢) ، عن حكم الخياط(٣) ، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: المغنية التي تزف العرائس لا بأس بكسبها.

[ ٢٢١٤٦ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد، عن الحسين، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أيوب بن الحر، عن أبي بصير قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : أجر المغنية الّتي تزفّ العرائس ليس به بأس، وليست بالتي يدخل عليها الرجال.

ورواه الصدوق بإسناده عن أيوب بن الحرّ(٤) .

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد(٥) ، وكذا الحديثان قبله.

[ ٢٢١٤٧ ] ٤ - وعن أبي عليّ الاشعري، عن الحسن بن علي، عن إسحاق بن إبراهيم، عن نضر بن قابوس قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: المغنية ملعونة، ملعون من أكل كسبها.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٦) .

____________________

(١) لقمان ٣١: ٦.

٢ - الكافي ٥: ٦ ١٢٠ / ٢، والتهذيب ٦: ٣٥٧ / ١٠٢٣ والاستبصار ٣: ٦٢ / ٢٠٦.

(٢) في نسخة زيادة: عن الحسين ( هامش المخطوط ).

(٣) في المصدر: حكم الحنّاط.

٣ - الكافي ٥: ١٢٠ / ٣.

(٤) الفقيه ٣: ٩٨ / ٣٧٦.

(٥) التهذيب ٦: ٣٥٧ / ١٠٢٢ والاستبصار ٣: ٦٢ / ٢٠٥.

٤ - الكافي ٥: ١٢٠ / ٦.

(٦) التهذيب ٦: ٣٥٧ / ١٠٢٠ والاستبصار ٣: ٦١ / ٢٠٣.

١٢١

[ ٢٢١٤٨ ] ٥ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه قال: سألته عن الغناء هل يصلح في الفطر والأضحى والفرح؟ قال: لا بأس به ما لم يعص به.

ورواه عليّ بن جعفر في( كتابه) إلّا أنّه قال: ما لم يؤمر (١) به(٢) .

أقول: هذا مخصوص بزف العرائس وبالفطر والاضحى إذاً اتفق معه العرس، ويمكن حمله على التقية، ويحتمل غير ذلك، ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) .

١٦ باب تحريم بيع المغنية وشرائها وسماعها وتعليمها، وجواز بيعها وشرائها لمن لا يأمرها بالغناء بل يمنعها منه

[ ٢٢١٤٩ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن عبدالله بن الحسن الدينوري قال: قلت لابي الحسن( عليه‌السلام ) : جعلت فداك ما تقول في النصرانية أشتريها وأبيعها من النصراني؟ فقال: اشتر وبع، قلت: فأنكح؟ فسكت عن ذلك قليلاً، ثمّ نظر إلي وقال شبه الإِخفاء: هي لك حلال.

قال: قلت: جعلت فداك فأشتري المغنّية أو الجارية تحسن إنّ تغني أريد بها الرزق لا سوى ذلك؟ قال: اشتر وبع.

[ ٢٢١٥٠ ] ٢ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: سأل رجل عليّ بن

____________________

٥ - قرب الإسناد: ١٢١.

(١) في المصدر: يرمز.

(٢) مسائل عليّ بن جعفر: ١٥٦ / ٢١٩.

(٣) يأتي في الحديث ٨ من الباب ١٧، وفي الحديث ١٧ من الباب ٩٩ من هذه الأبواب

الباب ١٦

فيه ٧ أحاديث

١ - التهذيب ٦: ٣٨٧ / ١١٥١.

٢ - الفقيه ٤: ٤٢ / ١٣٩.

١٢٢

الحسين( عليه‌السلام ) عن شراء جارية لها صوت؟ فقال: ما عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنة، - يعني بقراءة القرآن - والزهد والفضائل التي ليست بغناء، فأمّا الغناء فمحظور.

أقول: ظاهر أنّ المراد لا بأس بحسن الصوت الّذي لا يصل إلى حد الغناء فإنّه أعم منه.

[ ٢٢١٥١ ] ٣ - وفي كتاب( إكمال الدين) عن محمّد بن عصام الكليني، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن إسحاق بن يعقوب في التوقيعات التي وردت عليه من محمّد بن عثمان العمري بخط صاحب الزمإنّ( عليه‌السلام ) : أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك من أمر المنكرين لي - إلى إنّ قال: - وأما ما وصلتنا به فلا قبول عندنا إلّا لما طاب وطهر، وثمن المغنية حرام.

[ ٢٢١٥٢ ] ٤ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإسناد) عن محمّد بن الحسين، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: قلت لابي الحسن الأول( عليه‌السلام ) : جعلت فداك إنّ رجلاً من مواليك عنده جوار مغنّيات قيمتهن أربعة عشر ألف دينار، وقد جعل لك ثلثها، فقال: لا حاجة لي فيها، إنّ ثمن الكلب والمغنية سحت.

[ ٢٢١٥٣ ] ٥ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن محمّد بن إسماعيل، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: أوصى إسحاق بن عمر بجوارٍ له مغنيّات أن تبيعهن(١) ويحمل ثمنهن إلى أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال إبراهيم: فبعت الجواري بثلاثمائة ألف درهم، وحملت الثمن إليه، فقلت له: إنّ مولى لك يقال له: إسحاق بن عمر أوصى عند

____________________

٣ - اكمال الدين: ٤٨٣ / ٤ وأورد قطعة منه في الحديث ١٦ من الباب ٤ من أبواب الأنفال، وذيله في الحديث ٩ من الباب ١١ من أبواب صفات القاضي.

٤ - قرب الإسناد: ١٢٥.

٥ - الكافي ٥: ١٢٠ / ٧.

(١) في التهذيب: يبعن ( هامش المخطوط ).

١٢٣

وفاته ببيع جوار له مغنيات وحمل الثمن إليك وقد بعتهنّ وهذا الثمن ثلاثمائة ألف درهم فقال: لا حاجة لي فيه، إنّ هذا سحت وتعليمهنّ كفر، والاستماع منهنّ نفاق، وثمنهنّ سحت.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(١) .

[ ٢٢١٥٤ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ الوشاء قال: سُئل أبوالحسن الرضا( عليه‌السلام ) عن شراء المغنية؟ قال: قد تكون للرجل الجارية تلهيه، وما ثمنها إلّا ثمن كلب، وثمن الكلب سحت، والسحت في النار.

ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد مثله(٢) .

[ ٢٢١٥٥ ] ٧ - وعنهم، عن سهل، وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن فضّال، عن سعيد بن محمّد الطاطري(٣) ، عن أبيه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سأله رجل عن بيع الجواري المغنيات؟ فقال: شراؤهن وبيعهنّ حرام وتعليمهن كفر، واستماعهن نفاق.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٤) ، وكذا الّذي قبله.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٥) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٦: ٣٥٧ / ١٠٢١ والاستبصار ٣: ٦١ / ٢٠٤.

٦ - الكافي ٥: ١٢٠ / ٤.

(٢) التهذيب ٦: ٣٥٧ / ١٠١٩ والاستبصار ٣: ٦١ / ٢٠٢.

٧ - الكافي ٥: ١٢٠ / ٥.

(٣) في المصدر: سعيد بن محمّد الطاهري.

(٤) التهذيب ٦: ٣٥٦ / ١٠١٨ والاستبصار ٣: ٦١ / ٢٠١.

(٥) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢ من هذه الأبواب

(٦) يأتي في الباب ٩٩ من هذه الأبواب

١٢٤

١٧ - باب جواز كسب النائحة بالحقّ لا بالباطل واستحباب تركها للمشارطة وإنّها تستحلّه بضرب احدى يديها على الاخرى ويكره النوح ليلا ً

[ ٢٢١٥٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال لي أبي: يا جعفر اوقف لي من مالي كذا وكذا لنوادب تندبني عشر سنين بمنى أيّام منى.

[ ٢٢١٥٧ ] ٢ - وبالإِسناد عن عليّ بن الحكم، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: مات الوليد بن المغيرة، فقالت أمّ سلمة للنبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إنّ آل المغيرة قد أقاموا مناحة فأذهب إليهم؟ فأذن(١) لها فلبست ثيابها وتهيأت وكانت من حسنها كأنها جان، وكانت إذاً قامت فأرخت شعرها جلل جسدها وعقدت بطرفيه خلخالها، فندبت ابن عمّها بين يدي رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقالت:

أنعى الوليد بن الوليد

أبا الوليد فتى العشيره

حامي الحقيقة ماجد

يسمو إلى طلب الوتيره

____________________

الباب ١٧

فيه ١٤ حديثاً

١ - الكافي ٥: ١١٧ / ١، التهذيب ٦: ٣٥٨ / ١٠٢٥ وأورد نحوه عن الفقيه في الحديث ٢ من الباب ٦٩ من أبواب الدفن.

٢ - الكافي ٥: ١١٧ / ٢.

(١) فيه الإِذن للمرأة في الذهاب إلى النائحات وقد تقدم النهي عنه في آداب الحمام، وتقدّم وجه الجمع ( منه. قده ).

١٢٥

قد كان غيثاً في السنينِ

وجعفراً(١) غدِقاً وميره

فما عاب رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ذلك ولا قال شيئاً.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(٢) ، وكذا الّذي قبله.

[ ٢٢١٥٨ ] ٣ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل جميعاً، عن حنان بن سدير قال: كانت امرأة معنا في الحي ولها جارية نائحة فجاءت إلى أبي فقالت: يا عمّ أنت تعلم إنّ معيشتي من الله ثمّ من هذه الجارية، فأحبّ أن تسأل ابا عبدالله عن ذلك فإن كان حلالاً وإلّا بعتها وأكلت من ثمنها حتّى يأتي الله بالفرج، فقال لها أبي: والله إنّي لأعظّم أبا عبدالله( عليه‌السلام ) إنّ أسأله عن هذه المسألة، قال: فلما قدمنا عليه أخبرته أنا بذلك، فقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : أتشارط؟ فقلت: والله ما أدري تشارط أم لا، فقال: قل لها لا تشارط وتقبل ما أعطيت.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(٣) .

ورواه الحميري( في قرب الإِسناد) عن محمّد بن عبد الحميد وعبد الصمد بن محمّد، عن حنان بن سدير نحوه (٤) .

[ ٢٢١٥٩ ] ٤ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن عذافر قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) وسُئل عن كسب النائحة؟ فقال: تستحلّه بضرب إحدى يديها على الأخرى.

____________________

(١) الجعفر: النهر الصغير ( الصحاح - جعفر - ٢: ٦١٥ ).

(٢) التهذيب ٦: ٣٥٨ / ١٠٢٨.

٣ - الكافي ٥: ١١٧ / ٣.

(٣) التهذيب ٦: ٣٥٨ / ١٠٢٦ والاستبصار ٣: ٦٠ / ٢٠٠.

(٤) قرب الإسناد: ٥٨.

٤ - الكافي ١١٨ / ٤.

١٢٦

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

[ ٢٢١٦٠ ] ٥ - وعن محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن إبراهيم بن محمّد، عن عمر الزعفرإنّي(٢) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من أنعم الله عليه بنعمة فجاء عند تلك النعمة بمزمار فقد كفرها، ومن أصيب بمصيبة فجاء عند تلك المصيبة بنائحة فقد كفرها.

أقول: يأتي وجهه(٣) .

[ ٢٢١٦١ ] ٦ - وعن بعض أصحابنا، عن محمّد بن حسان، عن محمّد بن زنجويه(٤) ، عن عبدالله بن الحكم، عن عبدالله بن إبراهيم الجعفري، عن خديجة بنت عمر بن عليّ بن الحسين - في حديث - قالت: سمعت عمي محمّد بن عليّ( عليه‌السلام ) يقول: إنما تحتاج المرأة إلى النوح لتسيل دمعتها ولا ينبغي لها إنّ تقول هجرا، فإذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة بالنوح.

[ ٢٢١٦٢ ] ٧ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن الحلبي، عن أيوب بن الحر، عن أبي بصير قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : لا بأس بأجر النائحة التي تنوح على الميت.

ورواه الصدوق بإسناده عن أيوب بن الحرّ مثله(٥) .

____________________

(١) الفقيه ٣: ٩٨ / ٣٧٩.

٥ - الكافي ٦: ٤٣٢ / ١١ وأورده في الحديث ٧ من الباب ١٠٠ من هذه الأبواب

(٢) في نسخة: عمرو الزعفراني ( هامش المخطوط ) وفي المصدر: عمرإنّ الزعفراني.

(٣) يأتي في الحديث ١٤ من هذا الباب.

٦ - الكافي ١: ٢٩١ / ١٧ وأورده في الحديث ١ من الباب ٧١ من أبواب الدفن.

(٤) في المصدر: محمّد بن رنجويه

٧ - التهذيب ٦: ٣٥٩ / ١٠٢٨ والاستبصار ٣: ٦٠ / ١٩٩.

(٥) الفقيه ٣: ٩٨ / ٣٧٦.

١٢٧

[ ٢٢١٦٣ ] ٨ - وعنه، عن عثمان بن عيسى(١) ، عن سماعة قال: سألته عن كسب المغنية والنائحة، فكرهه.

أقول: الكراهة في كسب المغنيّة بمعنى التحريم لما تقدّم(٢) .

[ ٢٢١٦٤ ] ٩ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: قال( عليه‌السلام ) قال: لا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقاً.

[ ٢٢١٦٥ ] ١٠ - قال: وسُئل الصادق( عليه‌السلام ) عن أجر النائحة؟ فقال: لا بأس به قد نيح على رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) .

[ ٢٢١٦٦ ] ١١ - وبإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - في حديث المناهي - نهى عن الرنة عند المصيبة، ونهى عن النياحة والاستماع إليها، ونهى عن تصفيق الوجه.

[ ٢٢١٦٧ ] ١٢ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن أبي الحسين الفارسي، عن سليمان بن جعفر البصري، عن عبدالله بن الحسين بن زيد بن علي، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) ، عن عليّ( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أربعة لا تزال في أمتي إلى يوم القيامة: الفخر بالاحساب،

____________________

٨ - التهذيب ٦: ٣٥٩ / ١٠٢٩ والاستبصار ٣: ٦٠ / ١٩٨.

(١) في نسخة: عثمان بن سعيد ( هامش المخطوط ) وكذلك التهذيب.

(٢) تقدم في الباب ١٥ من هذه الأبواب

٩ - الفقيه ٣: ٩٨ / ٣٧٨.

١٠ - الفقيه ١: ١١٦ / ٥٥١ وأورده في الحديث ٢ من الباب ٧١ من أبواب الدفن.

١١ - الفقيه ٤: ٣ و ٤ / ١.

١٢ - الخصال: ٢٢٦ / ٦٠ وأورد نحوه عن المعاني في الحديث ١ من الباب ١٠ من أبواب صلاة الاستسقاء، وفي الحديث ٧ من الباب ٧٥ من أبواب جهاد النفس.

١٢٨

والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة، وإنّ النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقوم يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من حرب(١) .

[ ٢٢١٦٨ ] ١٣ - عليّ بن جعفر في( كتابه) عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن النوح على الميّت أيصلح؟ قال: يكره.

[ ٢٢١٦٩ ] ١٤ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن جده عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن النوح فكرهه.

أقول: هذا محمول على النوح بالباطل، أو ما تضمنّ الغناء، أو استماع الاجانب، والكراهة بمعنى التحريم، وكذا ما مرّ بمعناه(٢) ، ويمكن التخصيص بالليل لما مرّ(٣) .

١٨ - باب أنّه لا بأس بخفض (*) الجواري وآدابه

[ ٢٢١٧٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لـمّا هاجرت النساء إلى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) هاجرت فيهن امرأة يقال

____________________

(١) في المصدر: جرب.

١٣ - مسائل علي بن جعفر: ١٥٦ / ٢٢١.

١٤ - قرب الإِسناد: ١٢١.

(٢) مرَّ في الحديث ٥ من هذا الباب.

(٣) مرّ في الحديث ٦ من هذا الباب.

الباب ١٨

فيه ٣ أحاديث

* - الخفض للبنات: كالختان للغلمان. ( الصحاح - خفض - ٣: ١٠٧٤ ).

١ - الكافي ٥: ١١٨ / ١ وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ١٩ من هذه الأبواب

١٢٩

لها: أمّ حبيب، وكانت خافضة تخفض الجواري، فلما رآها رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال لها: يا أم حبيب العمل الّذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟ قالت: نعم يا رسول الله إلّا إنّ يكون حراماً فتنهاني عنه قال: بل(١) حلال، فادني منّي حتّى أعلّمك، قالت: فدنوت(٢) منه، فقال: يا أم حبيب إذا أنت فعلت فلا تنهكي ولا تستأصلي وأشمي(٣) فإنه أشرق للوجه وأحظى عند الزوج الحديث.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٤) .

[ ٢٢١٧١ ] ٢ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن خلف بن حماد، عن عمرو بن ثابت، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كانت امرأة يقال لها: أمّ طيبة(٥) تخفض الجواري، فدعاها النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال لها: يا أمّ طيبة إذا خفضّت فأشمي ولا تجحفي فإنّه أصفى للون الوجه، وأحظى عند البعل.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٦) .

[ ٢٢١٧٢ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن وهب، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ( عليه‌السلام ) قال: لا تخفض الجارية حتّى تبلغ سبع سنين.

____________________

(١) في نسخة: لا ( هامش المخطوط ).

(٢) في نسخة: قال: فدنت ( هامش المخطوط ).

(٣) أشمي ولا تنهكي: شبه القطع اليسير باشمام الرائحة، والنهك: المبالغة، أيّ اقطعي بعض النواة ولا تستأصلها ( النهاية ٢: ٥٠٣ ).

(٤) التهذيب ٦: ٣٦٠ / ١٠٣٥.

٢ - الكافي ٥: ١١٩ / ٤.

(٥) في نسخة: ام ظبية ( هامش المخطوط ).

(٦) التهذيب ٦: ٣٦٠ / ١٠٣٤.

٣ - التهذيب ٦: ٣٦٠ / ١٠٣٣.

١٣٠

أقول: ويأتي ما يدل على ذلك في النكاح(١) .

١٩ - باب أنه لا بأس بكسب الماشطة وحكم اعمالها وتحريم تدليسها

[ ٢٢١٧٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث أمّ حبيب الخافضة - قال: وكانت لأمّ حبيب أخت يقال لها: أمّ عطية، وكانت مقينة(٢) - يعني ماشطة - فلما انصرفت أمّ حبيب إلى اختها فأخبرتها بما قال لها رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فأقبلت اُمّ عطية إلى النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فأخبرته بما قالت لها اُختها، فقال لها: ادني منّي يا اُمّ عطية إذا أنت قيّنت الجارية فلا تغسلي وجهها بالخرقة، فإنّ الخرقة تشرب ماء الوجه.

[ ٢٢١٧٤ ] ٢ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن أحمد بن أشيم، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: دخلت ماشطة على رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال لها: هل تركت عملك أو أقمت عليه؟ فقالت: يا رسول الله أنا أعمله إلّا إنّ تنهاني عنه فأنتهي عنه، فقال: افعليّ فإذا مشطت فلا تجلى(٣) الوجه بالخرق فإنّه

____________________

(١) يأتي في الحديث ٣ من الباب ٥٦، وفي الباب ٥٨ من أبواب أحكام الأولاد.

الباب ١٩

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١١٨ / ١، التهذيب ٦: ٣٦٠ / ١٠٣٥ وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ١٨ من هذه الأبواب

(٢) المقينة: المزينة، والتقيين: التزيين ( النهاية ٤: ١٣٥ ).

٢ - الكافي ٥: ١١٩ / ٢.

(٣) في التهذيب: فلا تحكي ( هامش المخطوط ).

١٣١

يذهب بماء الوجه ولا تصلي الشعر بالشعر.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد محمّد(١) ، وكذا الّذي قبله.

[ ٢٢١٧٥ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن سالم بن مكرم، عن سعد الاسكاف قال: سُئل أبو جعفر( عليه‌السلام ) عن القرامل(٢) الّتي تضعها النساء في رؤوسهن يصلنه بشعورهن، فقال: لا بأس على المرأة بما تزينت به لزوجها.

قال: فقلت بلغنا إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعن الواصلة والموصولة، فقال: ليس هنالك إنما لعن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) الواصلة التي تزني في شبابها، فلمّا كبرت قادت النساء إلى الرجال فتلك الواصلة والموصولة.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٣) .

[ ٢٢١٧٦ ] ٤ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ قال: سألته عن امرأة مسلمة تمشط العرائس ليس لها معيشة غير ذلك وقد دخلها ضيق؟ قال: لا بأس ولكن لا تصل الشعر بالشعر.

[ ٢٢١٧٧ ] ٥ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن يحيى بن مهران، عن عبدالله بن الحسن قال: سألته عن القرامل، قال: وما القرامل؟ قلت: صوف تجعله النساء في رؤوسهن، قال: إذا كان صوفاً فلا بأس، وإنّ كان شعرا فلا خير فيه من الواصلة والموصولة.

____________________

(١) التهذيب ٦: ٣٥٩ / ١٠٣١.

٣ - الكافي ٥: ١١٩ / ٣، وأورده في الحديث ٢ من الباب ١٠١ من أبواب مقدّمات النكاح.

(٢) القرامل: ما تشده المرأة في شعرها من خيوط ( مجمع البحرين - قرمل - ٥: ٤٥٣ ).

(٣) التهذيب ٦: ٣٦٠ / ١٠٣٢.

٤ - التهذيب ٦: ٣٥٩ / ١٠٣٠.

٥ - التهذيب ٦: ٣٦١ / ١٠٣٦.

١٣٢

[ ٢٢١٧٨ ] ٦ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: قال( عليه‌السلام ) : لا بأس بكسب الماشطة ما لم تشارط وقبلت ما تعطى، ولا تصل شعر المرأة بشعر إمرأة غيرها، وأمّا شعر المعز فلا بأس بإنّ توصله بشعر المرأة.

[ ٢٢١٧٩ ] ٧ - وفي( معاني الأخبار) عن أحمد بن محمّد بن الهيثم، عن أحمد بن يحيى، عن زكريا، عن بكر بن عبدالله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبيه، عن عليّ بن غراب، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه قال: لعن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) النامصة والمنتمصة والواشرة والموتشرة، والواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة.

قال الصدوق: قال عليّ بن غراب: النامصة التي تنتف الشعر، والمنتمصة التي يفعل ذلك بها، والواشرة الّتى تشر أسنان المرأة وتفلجها وتحددها، والموتشرة التي يفعل ذلك بها، والواصلة التي تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها، والمستوصلة التي يفعل ذلك بها والواشمة التي تشم وشما في يد المرأة وفي شيء من بدنها، وهو إنّ تغرز يديها أو ظهر كفّها أو شيئاً من بدنها بإبرة حتّى تؤثر فيه ثمّ تحشوه بالكحل أو بالنورة فتخضر، والمستوشمة الّتي يفعل ذلك بها.

[ ٢٢١٨٠ ] ٨ - عبدالله بن جعفر( في قرب الإسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن عليّ بن جعفر أنه سأل أخاه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) عن المرأة تحف الشعر من وجهها؟ قال: لا بأس.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في النكاح(١) .

____________________

٦ - الفقيه ٣: ٩٨ / ٣٧٨.

٧ - معاني الأخبار: ٢٤٩ / ١.

٨ - قرب الإسناد: ١٠١ وأورده في الحديث ٦ من الباب ١٠١ من أبواب مقدّمات النكاح.

(١) يأتي في الباب ١٠١ من أبواب مقدّمات النكاح.

وتقدّم في الحديث ١ من الباب ٢ من هذه الأبواب

١٣٣

٢٠ - باب إباحة الصناعات والحرف وأسباب الرزق إلّا ما استثني مع التزام الامانة والتقوى

[ ٢٢١٨١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن سعد بن سعد، عن محمّد بن فضيل، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: كلّ ما افتتح الرجل به رزقه فهو تجارة.

[ ٢٢١٨٢ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إن الله يحبّ المحترف الأمين.

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

[ ٢٢١٨٣ ] ٣ - قال الكليني: وفي رواية أُخرى، إنّ الله يحبّ المؤمن المحترف.

[ ٢٢١٨٤ ] ٤ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشاء، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: حيلة الرجل في باب مكسبه.

____________________

الباب ٢٠

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٣٠٥ / ٧ وأورده في الحديث ٥ من الباب ٣٥ من أبواب آداب التجارة.

٢ - الكافي ٥: ١١٣ / ١ أورده في الحديث ١٤ من الباب ٤ من أبواب مقدّمات التجارة.

(١) الفقيه ٣: ٩٥ / ٣٦٧.

٣ - الكافي ٥: ١١٣ / ذيل الحديث ١.

٤ - الكافي ٥: ٣٠٧ / ١٢ وأورده في الحديث ٧ من الباب ٣٥ من أبواب آداب التجارة.

١٣٤

[ ٢٢١٨٥ ] ٥ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال قال: سمعت رجلاً يسأل أبا الحسن الرضا( عليه‌السلام ) فقال: إنّي أعالج الرقيق فأبيعه والناس يقولون لا ينبغي؟ فقال الرضا( عليه‌السلام ) : وما بأسه؟ كلّ شيء ممّا يباع إذا اتّقى الله فيه العبد فلا بأس.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٢١ - باب كراهة الصرف، وبيع الاكفان والطعام والرقيق والصياغة وكثرة الذبح

[ ٢٢١٨٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن جعفر بن يحيى الخزاعي، عن أبيه يحيى بن أبي العلاء، عن إسحاق بن عمار قال: دخلت على أبي عبدالله( عليه‌السلام ) فخبرته أنه ولد لي غلام، قال: إلّا سميته محمّداً؟ قلت: قد فعلت، قال: فلا تضرب محمّدا ولا تشتمه جعله الله قرّة عين لك في حياتك وخلف صدق بعدك، قلت: جعلت فداك في أيّ الأعمال أضعه؟ قال إذا عدلته(٤) عن خمسة أشياء فضعه حيث شئت: لا تسلمه صيرفيا فإنّ الصيرفي لا يسلم من

____________________

٥ - الكافي ٥: ١١٤ / ٣.

(١) التهذيب ٦: ٣٦٢ / ١٠٣٩ والاستبصار ٣: ٦٣ / ٢١٠.

(٢) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢ من هذه الأبواب

(٣) يأتي في الاحاديث ١، ٢، ٤ من الباب ٢١ من هذه الأبواب ، وفي الحديثين ٤، ٦ من الباب ٣٥ من أبواب آداب التجارة.

الباب ٢١

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١١٤ / ٤ والتهذيب ٦: ٣٦١ / ١٠٣٧ والاستبصار ٣: ٦٢ / ٢٠٨.

(٤) في العلل: عزلته ( هامش المخطوط ).

١٣٥

الربا، ولا تسلّمه بياع أكفان فإنّ صاحب الاكفان يسره الوباء إذا كان، ولا تسلمه بيّاع طعام فإنه لا يسلم من الاحتكار، ولا تسلّمه جزاراً، فإنّ الجزار تسلب منه الرحمة، ولا تسلّمه نخاساً فإنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: شر الناس من باع الناس.

ورواه الصدوق في( العلل) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن أحمد بن محمّد مثله (١) .

[ ٢٢١٨٧ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) قال: إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: إنّي أعطيت خالتي غلاماً ونهيتها إنّ تجعله قصّاباً أو حجاماً أو صائغاً.

ورواه الصدوق في( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد (٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(٣) ، وكذا الّذي قبله.

[ ٢٢١٨٨ ] ٣ - وعنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث بيّاع الزيت - أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) سأل عنه فقالوا: مات ولقد كان عندنا أميناً صدوقاً إلّا أنه كان فيه خصلة، قال: وما هي؟ قالوا: كان يرهق - يعنون: يتبع النساء - فقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لقد كان يحبني حبّاَ، لو كان نخاساً لغفر الله له.

____________________

(١) علل الشرائع: ٥٣٠ / ١.

٢ - الكافي ٥: ١١٤ / ٥ وأورده في الحديث ٨ من الباب ٩ من هذه الأبواب

(٢) علل الشرائع: ٥٣٠ / ٣.

(٣) التهذيب ٦: ٣٦٣ / ١٠٤١ والاستبصار ٣: ٦٤ / ٢١٢.

٣ - الكافي ٨: ٧٧ / ٣١.

١٣٦

[ ٢٢١٨٩ ] ٤ - محمّد بن الحسن الطوسي بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسى، عن عبدالله الدهقان، عن درست بن أبي منصور الواسطي، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: جاء رجل إلى النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: يا رسول الله قد علّمت ابني هذا الكتابة ففي أيّ شيء أسلمه؟ فقال: أسلمه لله أبوك ولا تسلمه في خمس: لا تسلمه سبّاءً ولا صائغا ولا قصابا ولا حناطا ولا نخّاساً.

قال: فقال: يا رسول الله ما السباء؟ قال: الّذي يبيع الاكفان، ويتمنى موت اُمّتي، وللمولود من اُمّتي أحبّ إلي مما طلعت عليه الشمس.

وأمّا الصائغ: فإنّه يعالج زين(١) اُمّتي.

وأمّا القصّاب: فإنّه يذبح حتّى تذهب الرحمة من قلبه.

وأمّا الحناط: فإنّه يحتكر الطعام على اُمّتي، ولئن يلقى الله العبد سارقاً أحب إليّ من إنّ يلقاه قد احتكر الطعام أربعين يوماً.

وأما النخاس: فإنه أتإنّي جبرئيل فقال: يا محمّد إنّ شرار اُمّتك الّذين يبيعون الناس.

ورواه الصدوق بإسناده عن إبراهيم بن عبد الحميد(٢) .

ورواه في( معاني الأخبار) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد ابن أبي عبدالله، عن محمّد بن عليّ الكوفي، عن عبيدالله الدهقإنّ (٣) .

ورواه في( العلل) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن أحمد

____________________

٤ - التهذيب ٦: ٣٦٢ / ١٠٣٨ والاستبصار ٣: ٦٣ / ٢٠٩.

(١) في الفقيه: غنى ( هامش المخطوط )، وفي المصدر: رين، وفي نسخة من الفقيه: غبن.

(٢) الفقيه ٣: ٩٦ / ٣٦٩.

(٣) معاني الأخبار: ١٥٠ / ١.

١٣٧

ابن عبدالله(١) .

ورواه في( الخصال) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن أحمد ابن أبي عبدالله، عن محمّد بن عيسى، عن عبيدالله الدهقإنّ مثله (٢) .

[ ٢٢١٩٠ ] ٥ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا بأس إنّ يبيع الرجل الرقيق من السند والسودان والتليد(٣) والجليب والمولود من الاعراب الحديث.

أقول: هذا محمول على نفي التحريم، وقد تقدّم في حديث ابن فضّال(٤) وغيره(٥) ما يدلّ على عدم تحريم الاشياء المذكورة، ويأتي ما يدلّ عليه(٦) .

[ ٢٢١٩١ ] ٦ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أبي بصير، عن الحسن الصباح(٧) عن حمّاد بن خالد، عن عبد الكريم، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليّ( عليه‌السلام ) قال: من باع الطعام نزعت منه الرحمة.

ورواه الصدوق بإسناده عن أبي إسحاق(٨) .

____________________

(١) علل الشرائع: ٥٣٠ / ٢.

(٢) الخصال: ٢٨٧ / ٤٤.

٥ - التهذيب ٧: ٦٧ / ٢٩٠ أورد ذيله في الحديث ١ من الباب ١٣ من أبواب بيع الحيوان.

(٣) التليد: من ولد ببلاد الكفار ثمّ حمل صغير فشب ببلاد الإسلام ( مجمع البحرين - تلد ٣: ١٩ ).

(٤) تقدم في الحديث ٥ من الباب ٢٠ من هذه الأبواب

(٥) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢، وفي الأحاديث ١، ٢، ٤ من الباب ٢٠ من هذه الأبواب

(٦) يأتي ما يدلّ على المقصود في أبواب الصرف، وبيع الحيوان.

٦ - التهذيب ٧: ١٦٢ / ٧١٦.

(٧) في المصدر: عن ابي الحسن الصباح الزعفراني.

(٨) الفقيه ٣: ١٧٠ / ٧٥٤.

١٣٨

٢٢ - باب عدم تحريم الصرف إذا سلم من الربا

[ ٢٢١٩٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن على بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن خالد بن عمارة، عن سدير الصيرفي قال: قلت لابي جعفر( عليه‌السلام ) : حديث بلغني عن الحسن البصري فإنّ كان حقّاً فإنا لله وإنا إليه راجعون، قال: وما هو؟ قلت: بلغني إنّ الحسن كان يقول: لو غلى دماغه من حر الشمس ما استظلّ بحائط صيرفي، ولو تفرثت كبده عطشاً لم يستق(١) من دار صيرفي ماء وهو عملي وتجارتي وفيه نبت لحمي ودمي، ومنه حجّي وعمرتي.

قال: فجلس ثمّ قال: كذب الحسن خذ سواء واعط سواء فإذا حضرت الصلاة فدع ما بيدك وانهض إلى الصلاة أما علمت أنّ أصحاب الكهف كانوا صيارفة.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) .

ورواه الصدوق بإسناده عن سدير الصيرفي مثله، وزاد: - يعني صيارفة الكلام - ولم يعن صيارفة الدراهم(٣) .

أقول: وجهه كما ذكره بعض علمائنا أن يُعنى بصيغة البناء للمفعول وكذا لم يُعن، والمعنى أنّ ما رواه الحسن من التهديد للصيارفة يراد به صيارفة الكلام أيّ من يصرفه عن الحقّ إلى الباطل، وعن الصدق إلى الكذب، ولا يراد به صيارفة الدراهم.

____________________

الباب ٢٢

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ١١٣ / ٢.

(١) في الفقيه: يستسق ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٦: ٣٦٣ / ١٠٤٠ الاستبصار ٣: ٦٤ / ٢١١.

(٣) الفقيه ٣: ٩٦ / ٣٧٠.

١٣٩

وتقدّم ما يدلّ على ذلك عموماً(١) .

٢٣ - باب أنه يكره كون الإِنسان حائكاً ويستحب كونه صيقلا ً

[ ٢٢١٩٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن القاسم بن إسحاق بن إبراهيم، عن موسى بن زنجويه التفليسي، عن أبي عمر الحناط، عن أبي إسماعيل الصيقل الرازي قال: دخلت على أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ومعي ثوبان، فقال لي: يا أبا إسماعيل يجيئني من قبلكم أثواب كثيرة، وليس يجيئني مثل هذين الثوبين فقلت: جعلت فداك تغزلهما اُم إسماعيل وأنسجهما أنا فقال لي: حائك؟ قلت: نعم، فقال: لا تكن حائكا، فقلت: فما أكون؟ قال: كن صيقلاً، وكانت معي مائتا درهم فاشتريت بها سيوفا ومرايا عتقاً وقدمت بها الريّ فبعتها بربح كثير.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن أبي عبدالله مثله(٢) .

[ ٢٢١٩٤ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ذكر الحائك عند أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أنّه ملعون، فقال: إنّما ذلك الّذي يحوك الكذب على الله وعلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )

____________________

(١) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢، وفي البابين ٢٠، ٢١ من هذه الأبواب

الباب ٢٣

فيه حديثان

١ - الكافي ٥: ١١٥ / ٦.

(٢) التهذيب ٦: ٣٦٣ / ١٠٤٢ والاستبصار ٣: ٦٤ / ٢١٣.

٢ - الكافي ٢: ٢٥٤ / ١٠، وأورده في الحديث ٢ من الباب ١٣٩ من أبواب العشرة.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

باطلة ؛ لأنّ مَنْ بالبصرة لا يلزمه الحضور ببغداد في الخصومات ، والكفيل فرع المكفول ببدنه ، فإذا لم يجب عليه الحضور ، لا يمكن إيجاب الإحضار على الكفيل(١) .

وهو حسن.

مسألة ٥٧٠ : كلّ مَنْ يستحقّ عليه الحضور إلى مجلس الشرع تجوز كفالته‌ ، فتصحّ كفالة مَن ادّعى عليه وإن لم تقم البيّنة عليه بالدَّيْن وإن جحد ؛ لاستحقاق الحضور عليه.

والأصل فيه : أنّ المنكر يجب عليه فصل الخصومة ، فإذا رضي بتأخيرها ، صحّت الكفالة عليه وإن كانت الكفالة في نفسها ليست لازمةً إذا طلب الفصل في الحال.

وأمّا كفالة الحقّ فالحقّ الذي يُدّعى على المكفول ببدنه إن ثبت بإقراره أو بالبيّنة ، فلا خلاف في صحّة الكفالة ببدنه.

وإن(٢) لم يثبت لكن ادّعى المدّعي عليه ، فإن لم ينكر ولم يصدِّق بل سكت ، صحّت الكفالة أيضاً.

وإن أنكر ، صحّت الكفالة أيضاً ؛ لأنّ الحضور مستحقّ(٣) عليه ، فجاز [ التزام ](٤) إحضاره ، ومعظم الكفالات إنّما تتّفق قبل ثبوت الحقوق ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

والثاني : البطلان ؛ لأنّ الأصل براءة ذمّة المكفول ، وقد تأيّد ذلك بصريح الإنكار ، والكفالة ببدن مَنْ لا حقّ عليه باطلة(٥)

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧.

(٢) في « ث ، ر » : « فإن ».

(٣) في الطبعة الحجريّة : « يستحقّ ».

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « إلزام ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧.

٤٠١

والأوّل أقوى.

إذا عرفت هذا ، فإنّ الكفالة وإن صحّت لكن ليس للمدّعي قبل ثبوت دعواه إلزام الغريم بكفيلٍ على الحضور ، كما ليس له إلزامه بكفيلٍ على المال ، لكن لو كفله شخص على الحضور قبل ثبوت الدعوى ، صحّ.

إذا ثبت هذا ، فإنّ الكفالة تصحّ ببدن الغائب والمحبوس وإن تعذّر تحصيل الغرض في الحال ، كما يجوز من المعسر ضمان المال ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : لا تجوز(٢) .

وتصحّ كفالة مَنْ يُدّعى(٣) عليه الكفالة ، وكذا مَنْ يُدّعى عليه القصاص والحدّ ؛ لأنّ الحدّ وإن لم تصحّ الكفالة عليه فإنّه تصحّ الكفالة ببدن مَنْ يُدّعى عليه الحدّ ؛ لوجوب حضوره عند الحاكم ليثبت المدّعي عليه حقّه بالبيّنة أو الإقرار.

مسألة ٥٧١ : إذا عيّن الكفيل في كفالته مكانَ التسليم ، تعيّن ، ولم يجب عليه تسليمه في غير ذلك المكان‌ ، سواء كان أرفق له أو لا.

ولو طلب ذلك المكفولُ له ، لم تجب له إجابته.

وإن أطلق ، فالأقرب : وجوب تسليمه في موضع العقد ؛ لأنّه المفهوم عند الإطلاق.

وقال بعض الشافعيّة : إنّ فيه قولين ، كما لو أطلق السَّلَم ولم يعيّن‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٩.

(٣) في النسخ الخطّيّة : « ادّعي » بدل « يدّعى ».

٤٠٢

مكان التسليم(١) .

وقال الجويني : يُحمل على مكان الكفالة ، ولا يجي‌ء فيه ذلك الخلاف(٢) .

وعلى كلّ تقدير فالأقوى جواز الإطلاق ، وحمله على مكان العقد ، وقد بيّنّا أنّه إذا عيّن المكان أو أطلق وحملنا الإطلاق على موضع العقد فأحضره في غيره ، لم يلزمه تسلّمه ، سواء كان عليه مئونة أو مشقّة في حمله إلى المعيّن أو لا.

وقال الشافعي : إن كان عليه مؤونة أو مشقّة في حمله إلى الموضع الذي عيّنه ، لم يلزمه تسلّمه ، وإن لم يكن عليه في ذلك ضرر ، لزمه قبوله(٣) .

وحكى أبو العباس ابن سريج فيه وجهين(٤) .

والحقّ ما قلناه من أنّه لا يبرأ بالتسليم في غير المعيّن ، وبه قال أبو يوسف ومحمّد(٥) .

وقال بعض العامّة : إن أحضره بمكانٍ آخَر من البلد وسلّمه ، برئ من الكفالة(٦) .

وقال بعضهم : متى أحضره في أيّ مكانٍ كان وفي ذلك الموضع‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٣.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٨٠.

(٤) حلية العلماء ٥ : ٨١.

(٥) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٤٥ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٢ ، المبسوط - للسرخسي - ١٩ : ١٦٦ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٧٢ ، فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٥٧ ، المغني ٥ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٣.

(٦) المغني ٥ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٣.

٤٠٣

سلطان ، برئ من الكفالة ؛ لكونه لا يمكنه الامتناع من مجلس الحكم ، ويمكن إثبات الحجّة فيه(١) .

وهو غلط ؛ لأنّه سلّم ما شرط تسليمه في مكانٍ في غير ذلك المكان ، فلم يبرأ بهذا التسليم ، كما لو أحضر المُسْلَم فيه في غير المكان المشترط. ولأنّه قد سلّمه في موضعٍ لا يقدر على إثبات الحجّة فيه إمّا لغيبة شهوده ، أو لعدم(٢) معرفة الحاكم وأهل بلده بحالهم(٣) أو غير ذلك ، وقد يهرب منه ولا يقدر على إمساكه.

إذا عرفت هذا ، فإنّ الكفيل إذا أتى بالمكفول [ به ] في غير الموضع ، لم يلزم المكفول له قبوله ، لكن يجوز له قبوله ، وله أن يمتنع وإن لم يكن له غرض ، خلافاً للشافعي(٤) ، كما تقدّم ، أو كان(٥) بأن كان قد عيّن مجلس الحكم أو بقعة يجد فيها مَنْ يعينه على خصمه.

مسألة ٥٧٢ : إذا دفع الكفيلُ المكفولَ ببدنه إلى المكفول له من غير حائلٍ من يد سلطان أو شبهه ، بل تسليماً تامّاً ، لزمه قبوله‌ ، أو إبراء ذمّة الكفيل من الكفالة ، فإن امتنع ، دَفَعه إلى الحاكم وسلّمه إليه ليبرأ. وإن لم يجد حاكماً ، أشهد عَدْلين بإحضاره إلى المكفول له وامتناع المكفول له.

والأقوى : أنّه يكفي الإشهاد على الامتناع ، وأنّه سلّمه إليه فلم يتسلّمه ، ولا يجب دفعه إلى الحاكم ؛ لأنّ مع وجود صاحب الحقّ لا يلزمه دَفْعه إلى مَنْ ينوب عنه من حاكمٍ أو غيره.

____________________

(١) المغني ٥ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٣.

(٢) في « ث ، ج » : « عدم ».

(٣) أي : حال الشهود.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٩.

(٥) أي : كان له غرض.

٤٠٤

وللشافعيّة القولان(١) .

ويبرأ الكفيل بتسليم المكفول [ به ] في المكان الذي وجب التسليم فيه ، سواء طلبه المستحقّ أو لم يطلبه بل أتاه به ، بشرط أن لا يكون هناك حائل من يد سلطانٍ ومتغلّبٍ وحبسٍ بغير حقٍّ لينتفع بتسليمه ويطالب الخصم.

ولو كان المكفول [ به ] محبوساً في حبس ظالمٍ ، لم يكن له أن يسلّمه إليه محبوساً ، ولا يبرأ بذلك ، ولا يلزمه أن يتسلّمه محبوساً ؛ لأنّ ذلك الحبس يمنعه من استيفاء حقّه(٢) .

وإن كان محبوساً عند الحاكم فسلّمه إليه محبوساً ، لزمه تسلّمه ، وبرئ الكفيل من الكفالة ؛ لأنّ حبس الحاكم لا يمنعه من استيفاء حقّه ، لإمكان إحضاره ومطالبته بالحقّ ، فإذا طالَب الحاكم بإحضاره ، أحضره بمجلسه ، وحَكَم بينهما ، فإذا فرغت الحكومة ، ردّه إلى الحبس بالحقّ الأوّل.

وإن توجّه عليه حقّ المكفول له ، حَبَسه بالحقّ الأوّل وحقّ المكفول له ، ومن أيّهما خلص بقي محبوساً على الآخَر.

فروع :

أ - لو ارتدّ المكفول به ولحق بدار الحرب ، لزم الكفيل إحضاره إن تمكّن منه ، وإلّا فلا‌. وكذا المحبوس عند غير الحاكم.

ب - لا يُشترط تسليم المكفول به من الكفيل في براءة ذمّة الكفيل‌ ،

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٧٩.

(٢) في « ث ، خ ، ر » والطبعة الحجريّة : « من الاستيفاء بحقّه ».

٤٠٥

بل لو جاء المكفول به وسلّم نفسه إلى المكفول له تسليماً تامّاً ، برئ الكفيل من الكفالة ؛ لأنّ القصد ردّه إلى المكفول له ، فلا فرق بين حصوله في يده بالكفيل أو بغيره نائباً عنه.

ج - لو أخذ المكفولُ له المكفولَ به إمّا طوعاً أو كرهاً وأحضره مجلس الحكم‌ ، برئ الكفيل من الكفالة ؛ لما تقدّم.

د - لو حضر المكفول به وقال : سلّمت نفسي إليك عن جهة الكفيل ، برئ الكفيل‌ ، كما يبرأ الضامنُ بأداء الأصيل الدَّيْنَ.

ولو لم يُسلّمه نَفْسَه عن جهة الكفيل ، لم(١) يبرأ الكفيل ؛ لأنّه لم يسلّمه إليه ولا أحد من جهته ، حتى قال بعض الشافعيّة : لو ظفر به المكفول له في مجلس الحكم وادّعى عليه ، لم يبرأ الكفيل(٢) .

وليس بجيّد ، والوجه : ما قلناه أوّلاً.

ه- لو سلّمه أجنبيّ لا عن جهة الكفيل ، لم يبرأ الكفيل.

ولو(٣) سلّمه عن جهة الكفيل ، فإن كان بإذنه ، فهو كما لو سلّمه بنفسه ؛ إذ لا تُشترط المباشرة. وإن كان بغير إذنه ، لم يجب على المكفول له القبولُ ؛ إذ لا يجب عليه قبض الحقّ إلاّ ممّن عليه. لكن لو قَبِل ، برئ الكفيل.

مسألة ٥٧٣ : لو تكفّل واحد ببدن رجلٍ لاثنين فسلّمه(٤) إلى أحدهما ، لم يبرأ من كفالة الآخَر‌ ، فإنّ العقد مع اثنين بمنزلة العقدين ، فهو كما لو‌

____________________

(١) في « ج ، ر » والطبعة الحجريّة : « لا » بدل « لم ».

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٨ - ١٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٣ - ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٩.

(٣) في النسخ الخطّيّة : « وإن » بدل « ولو ».

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فسلّم ». والظاهر ما أثبتناه.

٤٠٦

تكفّل لكلّ واحدٍ منهما به على الانفراد ، وكما لو ضمن دَيْنين لشخصين فأدّى دَيْن أحدهما ، لم يبرأ من دَيْن الآخَر.

ولو كفل رجلان برجلٍ لرجلٍ ، صحّت الكفالة ، كما يصحّ أن يضمن اثنان واحداً. فإن ردّه أحدهما إلى المكفول له ، فهل يبرأ الآخَر؟ الأقرب : البراءة ، كما لو أدّى الدَّيْنَ أحدُ الضمناء ، برئ الباقون ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني لهم : أنّهما إن كفلا على الترتيب ، وقع تسليمه عن المُسلِّم دون صاحبه ، سواء قال : سلّمتُ عن صاحبي ، أم لم يقل(١) .

وإن كفلا معاً ، فوجهان.

قال المزني : يبرأ المسلِّم والآخَر أيضاً ، كالضامنين إذا أدّى أحدهما.

وقال ابن سريج والأكثر : لا يبرأ ، كما لو كان بالدَّيْن رهنان فانفكّ أحدهما ، لا ينفكّ الآخَر ، بخلاف ما إذا أدّى أحد الضامنين الدَّيْنَ ، فإنّه يوجب براءة الأصيل ، وإذا برئ الأصيل برئ كلّ ضامنٍ ، وهنا سقطت الوثيقة عن أحدهما مع بقاء الحقّ(٢) .

ولو كفل اثنان بواحدٍ وكفل كلٌّ من الكفيلين ببدن صاحبه ، صحّت الكفالات كلّها ؛ لأنّ كلّ مكفولٍ هنا عليه حقٌّ. فعلى ما قلناه إذا أحضر أحدُهما المكفولَ به وسلّمه ، يبرأ كلّ واحدٍ منهما عن كفالة صاحبه وكفالة الذي كفلا به.

وعلى قول ابن سريج وجهان :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٩ - ٤٩٠.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٧٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٠.

٤٠٧

أحدهما : يبرأ الأصيل والكفيل.

والثاني : أنّ الذي أحضره تسقط كفالته بالمكفول به ، وتسقط عن الآخَر كفالته بالكفيل الذي أحضره ، وبقي عليه وجوب إحضار المكفول به(١) .

مسألة ٥٧٤ : يصحّ ترامي الكفالات‌ ، فلو تكفّل رجل ببدن مَنْ عليه الحقُّ ثمّ تكفّل آخَر ببدن الكفيل وتكفّل ثالثٌ ببدن الكفيل الثاني ، جاز ، كالضمان يصحّ أن يضمن الضامن الحقَّ ويضمن ثانٍ عن الضامن ويضمن عن ضامن الضامن ضامنٌ آخَر ، وهكذا.

فإذا أحضر الكفيلُ الأوّل مَنْ عليه الحقُّ ، برئ وبرئ الكفيلان الآخَران ؛ لأنّهما فرعاه.

وإن أحضر الكفيل الثاني الكفيلَ الأوّل ، برئ وبرئ الثالث ؛ لأنّه فرعه ، ولم يبرأ الأوّل ولا مَنْ عليه الحقُّ.

فإن مات مَنْ عليه الحقُّ ، فعندنا وعند الشافعي(٢) يبرأ الكفلاء الثلاثة ، ولا شي‌ء عليهم.

وإن مات الكفيل الأوّل ، برئ الكفيلان الآخَران.

وإن مات الثاني ، برئ الثالث ، دون الأوّل.

وإن مات الثالث ، لم يبرأ الأوّلان.

مسألة ٥٧٥ : إذا مات المكفول به ، بطلت الكفالة ، ولم يلزم الكفيل شي‌ء‌ ، عند علمائنا - وبه قال شريح والشعبي وحمّاد بن أبي سليمان وأبو حنيفة والشافعي وأحمد(٣) - لأنّه تكفّل ببدنه على أن يُحضره ، وقد‌

____________________

(١) لاحظ : العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، وروضة الطالبين ٣ : ٤٩٠.

(٢) في « ث » : « الشافعيّة ». ولاحظ الهامش التالي.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٢٧٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٥ ، المغني ٥ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٤.

٤٠٨

سقط الحضور عن المكفول [ به ] فيبرأ الكفيل ، كما لو برئ من الدَّيْن. ولأنّ ما التزم به من أجله يسقط عن الأصل(١) فيبرأ الفرع ، كالضامن إذا قضى المضمون عنه الدَّيْنَ أو أُبرئ منه عندهم(٢) . ولأنّه تكفّل ببدنه ، فلا يلزمه ما في ذمّته ، كما لو غاب غيبةً منقطعة. ولأنّه لا يلزمه بذل نفسه فما في ذمّته أولى.

وقال مالك والحكم والليث : يجب على الكفيل المال الذي كان في ذمّته - وبه قال ابن سريج من الشافعيّة - لأنّ الكفيل وثيقة على الحقّ ، فإذا تعذّر استيفاء الحقّ ممّن هو عليه ، استوفي من الوثيقة كالرهن(٣) .

والفرق ظاهر ؛ فإنّ الرهن تعلّق بالمال ، فاستوفى منه.

وقال بعض الشافعيّة : لا تبطل الكفالة ، ولا ينقطع طلب الإحضار عن الكفيل - وهو أصحّ قولَي الشافعيّة عندهم - بل عليه إحضاره ما لم يُدفن - وقلنا بتحريم النبش لأخذ المال - إذا أراد المكفول له إقامة الشهادة على صورته ، كما لو تكفّل ابتداءً ببدن الميّت(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الكفالة على الإحضار إنّما يُفهم منها إحضاره حالَ الحياة ، وهو المتعارف بين الناس والذي يخطر بالبال ، فيُحمل الإطلاق عليه.

وعلى قول ابن سريج ومالك هل يطالَب بالدَّيْن أو بالأقلّ من الدَّيْن‌

____________________

(١) فيما عدا « ج » من النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الأصيل ».

(٢) المغني ٥ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٤.

(٣) الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٩٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩١ ، المغني ٥ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩١.

٤٠٩

ودية المقتول؟ وجهان مبنيّان على القولين في أنّ السيّد يفدي العبد الجاني بالأرش أو بالأقلّ من الأرش وقيمة العبد؟(١) .

البحث الثالث : في الأحكام.

مسألة ٥٧٦ : إذا كانت الكفالة حالّةً أو مؤجَّلةً وحلّ أجلها ، فإن كان المكفول به حاضراً ، وجب على الكفيل إحضاره‌ إذا طلبه المكفول له ، فإن أحضره ، وإلّا حُبس. وإن كان غائباً فإن كان موضعه معلوماً يمكنه ردّه منه ، أُمهل الكفيل بقدر ذهابه ومجيئه ، فإذا مضى قدر ذلك ولم يأت به من غير عذرٍ ، حُبس ، ولا يُحبس في الحال ، وبه قال عامّة أهل العلم.

وقال ابن شبرمة : يُحبس في الحال ؛ لأنّ الحقّ قد توجّه عليه(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ الحقّ وإن كان قد حلّ فإنّه يُعتبر فيه إمكان التسليم ، وإنّما يجب عليه إحضار الغائب عند إمكان ذلك.

وإن كان غائباً غيبةً منقطعة - والمراد منها أن لا يُعرف موضعه وينقطع خبره - لم يكلَّف الكفيل إحضاره ؛ لعدم الإمكان ، ولا شي‌ء عليه ؛ لأنّه لم يكفل المال ، وبه قال الشافعي(٣) .

وقال أحمد : يجب عليه المال(٤) ، مع أنّه قال : إذا مات المكفول برئ الكفيل ، ولا شي‌ء عليه(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩١.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٨٠ ، المغني ٥ : ٩٨ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٠.

(٤) المغني ٥ : ٩٨ - ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٦.

(٥) المغني ٥ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٤.

٤١٠

فروع :

أ - لو عرف موضعه ، فقد بيّنّا أنّه يجب عليه إحضاره‌ ، سواء كان على أزيد من مسافة القصر أو أنقص.

وقال بعض الشافعيّة : إن كان دون مسافة القصر ، فعليه إحضاره ويُمهَل مدّة الذهاب والإياب ليتبعه. وإن كان على مسافة القصر ، فوجهان :

أظهرهما عندهم : أنّه كما لو كان دون مسافة القصر ، كما لو كان المديون غائباً إلى هذه المسافة ، يؤمر بإحضاره.

والثاني : أنّه لا يُطالَب بإحضاره ، إلحاقاً لهذه الغيبة بالغيبة المنقطعة ، كما لو غاب [ الولي ](١) أو شاهدا(٢) الأصل إلى مسافة القصر ، يكون كما لو غاب غيبةً منقطعة(٣) .

ب - لو كان غائباً حين كفل‌ ، فالحكم في إحضاره كما لو غاب بعد الكفالة.

ج - لو كانت الكفالة مؤجَّلةً ، لم يكن للمكفول له مطالبة الكفيل بالإحضار قبل الأجل‌ ، سواء كان عليه مئونة في التقديم أو لا.

ولو دَفَعه قبل الأجل ، لم يجب على المكفول له أخذه ، سواء كان عليه ضرر في أخذه ، أو انتفى الضرر.

وقال بعض العامّة : إذا انتفى الضرر ، وجب عليه أخذه(٤) .

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « المولى ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) في « ث ، ج ، ر » : « شاهد ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٠.

(٤) المغني ٥ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٣ - ١٠٤.

٤١١

وليس بمعتمد.

د - لو فرّط الكفيل في تحصيله بأن طالَبه المكفول له بإحضاره وكان متمكّناً منه‌

فهرّبه أو ماطَل بإحضاره حتى غاب غيبةً منقطعة ولم يُعرف له خبر ، فإن أوجبنا المال ، وجب هنا ، وإلّا فإشكال.

مسألة ٥٧٧ : قال الشيخرحمه‌الله : ومَنْ ضمن لغيره نفسَ إنسان إلى أجلٍ معلوم بشرط ضمان النفس ثمّ لم يأت به عند الأجل ، كان للمضمون له حبسه حتى يُحضِر المضمونَ‌ ، أو يخرج إليه ممّا عليه(١) .

وهذا يقتضي وجوب أحد الأمرين على الكفيل : الإحضار ، أو الأداء.

فإن طلب المكفول له الإحضار لا غير ، فالأقرب عندي : إلزامه به ؛ لأنّه قد يكون له غرض لا يتعلّق بالأداء ، وقد يرغب المكفول له في القبض من غير الغريم.

وعلى ظاهر كلام الشيخ يبرأ الكفيل بأداء المال.

إذا عرفت هذا ، فإذا أدّى الكفيل المالَ فإن كان قد كفل بإذنه أو أدّى بإذنه ، كان له الرجوع عليه ، بخلاف ما قلنا في الضمان : إنّه لو ضمن متبرّعاً وأدّى بالإذن ، لم يكن له الرجوع ؛ لأنّ الكفالة ليست بالمال ، فيكون حكمه حكمَ الأجنبيّ إذا أدّى بإذن مَنْ عليه الدَّيْنُ ، كان له الرجوع - على ما تقدّم - إن شرط الرجوع ، أو مطلقاً على الخلاف.

وإنّما أوجبنا الرجوع هنا فيما إذا كفل بإذنه ؛ لأنّ الإذن في الكفالة إذنٌ في لوازمها ، ومن لوازمها الأداء مع عدم الإحضار.

إذا ثبت هذا ، فإن تمكّن من الإحضار وأدّى المال من غير حبسٍ أو‌

____________________

(١) النهاية : ٣١٥.

٤١٢

معه ، فالأقرب : أنّه لا يرجع وإن كفل بإذنه ؛ لأنّ الواجب في الكفالة الإحضار مع المكنة ، وقد أمكنه الإحضار ، فيكون في أداء المال متبرّعاً.

مسألة ٥٧٨ : قد بيّنّا أنّه لا يُعتبر رضا المكفول به عندنا ، وهو أحد قولَي الشافعي. وفي الثاني : يشترط‌(١) .

وإذا كفل بإذن المكفول به فأراد الكفيل إحضاره إمّا لطلب المكفول له أو ابتداءً ليخرج عن العهدة ، فعليه الإجابة ، ومئونة الإحضار على الكفيل.

وإن كفل بغير إذنه عندنا أو على قوله بالصحّة فطالَبه المكفول له بالإحضار ، فللكفيل مطالبته بالحضور على جهة التوكيل من المضمون له.

ولو قال : أُخرج من حقّي ، للشافعيّة وجهان :

أحدهما : قال ابن سريج : لم يكن له مطالبة المكفول به بالإحضار ، كما لو ضمن بغير إذنه مالاً وطالَب المضمون له الضامنَ ، فإنّه لا يطالب الأصيل.

والثاني : نعم ؛ لتضمّنه التوكيلَ في الإحضار(٢) .

مسألة ٥٧٩ : لو مات المكفول له ، انتقل حقّه من الكفالة إلى ورثته ، وتكون الكفالة باقيةً ، وتقوم ورثته مقامه ، كما لو ضمن له المال ، وهو أظهر وجوه الشافعيّة.

والثاني : أنّ الكفالة تنقطع ؛ لأنّها ضعيفة ، فلا يُحكم بتوريثها.

والثالث : إن كان له وصيٌّ أو عليه دَيْنٌ ، بقيت الكفالة ؛ لأنّ الوصيّ نائبه ، وتمسّ حاجته إلى قضاء الدَّيْن ، فإن لم يكن وصيٌّ ولا دَيْنٌ ، انقطعت الكفالة(٣) .

____________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ٣٩٣ ، الهامش ( ٢ و ٥ ).

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٣٩٤ ، الهامش (١)

(٣) الوسيط ٣ : ٢٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٢.

٤١٣

والصحيح عندنا : الأوّل ؛ لأنّه حقٌّ للميّت ، فانتقل عنه إلى ورثته ، كغيره من الحقوق.

ونمنع ضعفها. سلّمنا ، لكن تُنتقل إلى الوارث ضعيفةً.

والثالث لا وجه له ؛ لأنّ الكفالة إمّا أن تورث وتكون حقّاً متروكاً للميّت ، أو لا ، فإن كانت ، وُرثت على التقديرين. وإن لم تكن ، لم يُصيّرها الدَّيْن والوصيّ حقّاً موروثاً.

مسألة ٥٨٠ : إذا تكفّل برجلٍ إلى أجلٍ إن جاء به ، وإلّا لزمه ما عليه ، فإن قدّم كفالة النفس بأن قال : إن لم أُحضره كان علَيَّ كذا ، لم يلزمه إلّا الإحضار ، عند علمائنا ؛ لأنّ الضمان لا يقبل التعليق بخطر ، فإنّه لا يصحّ لو علّقه بقدوم زيدٍ ، فلهذا بطل ضمان المال ، ووجب عليه الإحضار بالكفالة ، ولا يضرّ ضميمة الضمان الباطل ؛ لأنّه قصد بالضمان تأكيد الحجّة عليه بالإحضار وتقوية حقّ الإحضار عليه.

وإن قدّم ضمانَ المال ، فقال : علَيَّ كذا إلى كذا إن لم أُحضره ، ولم يُحضره ، وجب عليه ما ذكره من المال ؛ لما رواه الخاصّة عن أبي العباس عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يكفل بنفس الرجل إلى أجل فإن لم يأت به فعليه كذا وكذا درهماً ، قال : « إن جاء به إلى أجلٍ فليس عليه مال ، وهو كفيل بنفسه أبداً إلّا أن يبدأ بالدراهم ، فإن بدأ بالدراهم فهو له ضامن إن لم يأت [ به ] إلى الأجل الذي أجّله »(١) .

وعن أبي العباس أيضاً عن الصادقعليه‌السلام : رجل كفل لرجلٍ بنفس رجلٍ ، فقال : إن جئتُ به وإلّا فعلَيَّ خمسمائة درهم ، قال : « عليه نفسه ،

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٢٠٩ - ٢١٠ / ٤٨٨ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

٤١٤

ولا شي‌ء عليه من الدراهم » فإن قال : علَيّ خمسمائة درهم إن لم أدفعه إليه ، فقال : « تلزمه الدراهم إن لم يدفعه إليه »(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ الشافعي ومحمّد بن الحسن قالا : إذا تكفّل برجلٍ إلى أجلٍ إن جاء به فيه وإلّا لزمه ما عليه ، لا تصحّ الكفالة ، ولا يلزمه ما عليه. وكذا لو قال : متى لم أُحضره كان علَيَّ كذا وكذا ؛ لأنّ هذا خطر ، ولا يجوز تعليق الضمان به ، كما لو قال : إن جاء المطر فأنا ضامن ، لم يصح(٢) .

وقال أبو يوسف وأبو حنيفة وأحمد : تصحّ الكفالة ، فإن جاء به في الوقت وإلّا لزمه ما عليه ؛ لأنّ هذا موجَب الكفالة ومقتضاها ، فصحّ اشتراطه ، كما لو قال : إن جئتُ به في وقت كذا وإلّا فلك حبسي(٣) .

ولا بأس به عندي.

أمّا لو قال : إن جئتُ به في وقت كذا وإلّا فأنا كفيل ببدن فلان ، أو : فأنا ضامن ما لك على فلان ، أو قال : إذا جاء زيد فأنا ضامن ما عليه ، أو : إذا قدم الحاج فأنا كفيل فلان ، أو قال : أنا كفيل بهذا شهراً ، على إشكالٍ في الأخير ، لم تصح الكفالة - وبه قال الشافعي ومحمّد بن الحسن(٤) - لأنّ الضمان خطر ، فلا يجوز تعليقه على شرطٍ ، كالهبة.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف : فتصحّ ؛ لأنّه أضاف الضمان إلى سبب‌

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٢١٠ / ٤٩٣.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٩ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٩ ، حلية العلماء ٥ : ٧٧ ، المغني ٥ : ١٠٠ - ١٠١ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٤) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٩ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠١.

٤١٥

الوجوب ، فتصحّ ، كضمان الدرك(١) .

وقال بعض العامّة : إذا قال : كفلتُ بفلان إن جئتُ به في وقت كذا وإلّا فأنا كفيل بفلان ، أو ضامنٌ المالَ الذي على فلان ، يصحّ(٢) .

والحقّ : البطلان ؛ لأنّ الأوّل موقوف ، والثاني معلَّق على شرط.

مسألة ٥٨١ : لو قال : كفلتُ ببدن فلان على أن يبرأ فلان الكفيل ، أو على أن تبرئه من الكفالة ، فالأقوى عندي : الصحّة‌ ؛ عملاً بقوله تعالى :

( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٣) وبقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٤) وهذا شرط تمسّ الحاجة إليه ، ولا وجه لفساده ؛ لأنّه شرط تحوّل الوثيقة التي على الكفيل إليه.

وقالت الشافعيّة : لا تصحّ الكفالة ؛ لأنّه شرط فيها شرطاً لا يلزمه الوفاء به ، فيكون فاسداً ، فتفسد به الكفالة(٥) .

ونمنع من عدم لزومه مع الشرط.

وقال ابن سريج كما قلناه ؛ لأنّه طلب تحويل الحقّ في الكفالة إليه(٦) .

فعلى هذا لا تلزمه الكفالة إلاّ أن يُبرئ المكفول له الكفيلَ الأوّل من‌

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٩ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٢) المغني ٥ : ١٠١ - ١٠٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٣) المائدة : ١.

(٤) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ - ٧٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٠ - ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٦ ، ولاحظ : المغني ٥ : ١٠٢ ، والشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٦) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٥ : ٧٤ - ٧٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٦.

٤١٦

الكفالة ؛ لأنّه إنّما كفل بهذا الشرط ، فلا تثبت كفالته بدون شرطه.

ولو قال : كفلتُ لك بهذا الغريم على أن تبرئني من الكفالة بفلان ، أو : ضمنتُ لك هذا الدَّيْن بشرط أن تُبرئني من ضمان الدَّيْن الآخَر ، أو : على أن تُبرئني من الكفالة بفلان ، خرج فيه الوجهان.

والأولى عندي : الصحّة.

وقال بعض العامّة : لا تصحّ ؛ لأنّه شرط فسخ عقدٍ في عقدٍ ، فلم تصح ، كالبيع بشرط فسخ بيعٍ آخَر(١) .

ونمنع ثبوت الحكم في الأصل.

ولو شرط في الكفالة أو الضمان أن يتكفّل المكفول له أو المكفول به بآخَر أو يضمن دَيْناً عنه أو يبيعه شيئاً أو يؤجره داره ، فالأقرب : الصحّة ، خلافاً لبعض العامّة(٢) .

مسألة ٥٨٢ : تصحّ الكفالة ببدن المحبوس والغائب‌ ؛ لأنّ كلّ وثيقة صحّت مع الحضور صحّت مع الغيبة والحبس ، كالرهن والضمان. ولأنّ الحبس لا يمنع من التسليم ؛ لكون المحبوس يمكن تسليمه بأمر الحاكم أو أمر مَنْ حَبَسه ثمّ يعيده إلى الحبس بالحقّين جميعاً ، والغائب يمضي إليه فيُحضره إن كانت الغيبة غيرَ منقطعة. وإن لم يعلم خبره ، لزمه ما عليه عند بعض العامّة(٣) .

وقال أبو حنيفة : لا تصحّ(٤) .

____________________

(١) المغني ٥ : ١٠٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠١.

(٢) المغني والشرح الكبير ٥ : ١٠٢.

(٣) المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٩.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦١ ، المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٩.

٤١٧

مسألة ٥٨٣ : إذا دفع الكفيلُ المكفولَ به إلى المكفول له في وقته ومكانه وسلّمه تسليماً تامّاً ، برئ من الكفالة عند أكثر أهل العلم‌؛ لأنّه عقد على عملٍ ، فيبرأ منه بعمل المعقود عليه ، كالإجارة(١) .

وقال ابن أبي موسى : لا يبرأ حتى يقول : قد برئت يدي منه ، أو : قد سلّمتُه إليك ، أو : قد أخرجتُ نفسي من كفالته(٢) .

وإذا أبرأ المكفول له الكفيلَ من الكفالة أو اعترف بذلك بأن يقول : أبرأتُه ، أو : برئ إليَّ ، أو : ردّ إليَّ المكفول به ، برئ من الكفالة ، وإذا أُبرئ الكفيل ، لم يبرأ المكفول به من الدَّيْن ، بخلاف الضمان.

ولو أُبرئ المكفول به من الحقّ الذي كفل الكفيل عليه ، برئ الكفيل أيضاً.

ولو ادّعى الكفيل أنّ المكفول به برئ من الحقّ وأنّ الكفالة سقطت عنه ، وأنكر ذلك المكفولُ له ، فالقول قوله مع يمينه إذا لم تكن للكفيل بيّنة ، فإذا حلف برئ من دعوى الكفيل ، فإن جاء المكفول به فادّعى الإبراء ، لم يكتف باليمين التي حلفها للكفيل ، بل كان عليه يمينٌ أُخرى.

ولو نكل في دعوى الكفيل ، حلف الكفيل ، وبرئ من الكفالة ، ولا يبرأ المكفول به من الحقّ ؛ لأنّه لا يجوز أن يبرأ بيمين غيره.

ولو نكل عن يمين المكفول به ، حلف المكفول به ، وبرئ هو والكفيل وإن كان قد حلف على عدم الإبراء له.

ولو قال : تكفّلتُ لك به ولا حقّ لك عليه ، أو ضمنتُ ما عليه ولا شي‌ء عليه ، فالقول قول المكفول له ؛ لأنّ الظاهر صحّة الكفالة والضمان.

____________________

(١ و ٢) المغني ٥ : ٩٨ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٢.

٤١٨

وهل يحلف؟ للشافعيّة وجهان :

أحدهما : لا يحلف ؛ لأنّ دعوى الكفيل تخالف ظاهر قوله.

والثاني : يحلف ؛ لأنّ ما يدّعيه ممكن(١) .

فإن حلف ، فلا كلام. وإن نكل ، رددنا اليمين على الكفيل ؛ لجواز أن يعلم أنّه لا حقّ له عليه بقول المكفول له : إنّه لا حقّ لي عليه.

فإن قال : تكفّلتُ به بشرط الخيار ، لم يُقبل منه في قوله : « بشرط الخيار » وحُكم عليه بالكفالة ، سواء قلنا : إنّه يدخلها الخيار أو لا ، وهو أحد قولَي الشافعيّة. والثاني : يسقط إقراره(٢) .

والأصل فيه أنّه إذا عقّب إقراره بما يُبطله ، هل يبطل الإقرار أو المُبطل؟

ولو قال رجل لآخَر : إنّ فلاناً يلازم فلاناً ويضايقه على حقّه فاذهب وتكفّل به ، ففَعَل ، كانت الكفالة لازمةً للمباشر دون الآمر ؛ لأنّ المباشر فَعَل باختياره ، والأمر بذلك حثّ وإرشاد.

مسألة ٥٨٤ : مَنْ خلّى غريماً من يد صاحبه قهراً وإجباراً ، ضمن إحضاره‌ أو أداء ما عليه ؛ لأنّه غصب اليد المستولية المستحقّة من صاحبها ، فكان عليه إعادتها أو أداء الحقّ الذي بسببه تثبت اليد عليه.

ولو خلّى قاتلاً من يد الوليّ ، لزمه إحضاره أو الدية وإن كان القتل عمداً ، ولا نوجب عليه عين حقّ القصاص ؛ إذ لا يجب إلّا على المباشر ، فلمّا تعذّر استيفاؤه وجبت الدية ، كما لو هرب القاتل عمداً أو مات ، فإن‌

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ - ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥ - ٤٩٦.

٤١٩

دفع الدية ثمّ حضر القاتل ، تسلّط الوارث على قتله ، ويدفع ما أخذه من المخلّص ؛ لأنّ الدية إنّما أخذها لمكان الحيلولة وقد زالت.

وإن لم يقتل وتمكّن من استيفاء القصاص ، وجب دفع المال أيضاً إلى صاحبه ، ولا يتسلّط الكفيل لو رضي هو والوارث بالمدفوع بديةٍ ولا قصاص.

ولو تعذّر عليه استيفاء الحقّ من قصاصٍ أو مالٍ وأخذنا المال أو الدية من الكفيل ، كان للكفيل الرجوعُ على الغريم الذي خلّصه قصاصاً.

مسألة ٥٨٥ : إذا كفل بدن شخصٍ ادّعي عليه مال ثمّ قال الكفيل : لا حقّ لك عليه ، قُدّم قول المكفول له‌ ؛ لاستدعاء الكفالة ثبوت المال.

فإن تعذّر إحضاره ، فهل يجب عليه أداء المال من غير بيّنةٍ؟ إشكال أقربه : عدم الوجوب.

وإن أوجبناه فدفع المال ، لم يكن له الرجوعُ على المكفول به ؛ لأنّه اعترف ببراءة ذمّته وأنّه مظلوم في أخذ المال منه ، والمظلوم إنّما يرجع على مَنْ ظَلَمه.

مسألة ٥٨٦ : لو كان لذمّيٍّ على ذمّيٍّ خمرٌ وتكفّل به ذمّيٌّ آخَر ، فأسلم المكفول له أو المكفول عنه ، برئ الكفيل والمكفول عنه.

وقال أبو حنيفة : إذا أسلم المكفول عنه ، لم يبرأ واحد منهما ، ويلزمهما قيمة الخمر ؛ لأنّه كان واجباً ، ولم يوجد إسقاط ولا استيفاء ، ولا وُجد من المكفول له ما أسقط حقّه ، فبقي بحاله(١) .

وهو غلط ؛ لأنّ المكفول به مسلم ، فلم يجب عليه الخمر ، كما لو كان مسلماً قبل الكفالة ، وإذا برئ المكفول به ، برئ كفيله ، كما لو أدّى الدَّيْن أو أُبرئ منه.

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٢٠ : ٢٤ ، اختلاف الفقهاء : ٢٦٩ ، المغني ٥ : ١٠٧.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483