وسائل الشيعة الجزء ١٧

وسائل الشيعة12%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 483

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 483 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 306769 / تحميل: 183386
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

٢٤ - باب عدم جواز تعلّم النجوم والعمل بها وحكم النظر فيها (*)

[ ٢٢١٩٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن أسباط، عن عبد الرحمن بن سيابة قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّ الناس يقولون: إنّ النجوم لا يحلّ النظر فيها وهي تعجبني فإنّ كانت تضر بديني فلا حاجة لي في شيء يضرّ بديني، وإنّ كانت لا تضر بديني فوالله إنّي لأشتهيها وأشتهي النظر فيها، فقال: ليس كما يقولون لا تضرّ بدينك.

ثمّ قال: إنكم تنظرون في شيء منها كثيره لا يدرك وقليله لا ينتفع به الحديث.

أقول: يأتي وجهه(١) .

[ ٢٢١٩٦ ] ٢ - وعن أحمد بن محمّد، وعن عليّ بن محمّد جميعاً، عن عليّ بن الحسن التيّمي، عن محمّد بن الخطاب الواسطي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن حمّاد الأزدي، عن هشام

____________________

الباب ٢٤

فيه ١٢ حديثاً

* - قد صرح علمائنا بتحريم تعلم علم النجوم والعمل به، وصرحوا بكفر من اعتقد تأثير النجوم، أو مدخليتها في التأثير، وذكروا إنّ بطلان ذلك من ضروريات الدين، ونقلوا الإِجماع على ذلك، فممّن صرّح بما ذكرناه الشيخ المفيد، والمرتضى في الدرر والغرر، والشيخ الشهيد في قواعده وفي الدروس، والعلّامة في التذكرة والمنتهى والقواعد والتحرير، والشيخ عليّ في شرح القواعد، والشهيد الثإنّي في شرح الشرائع، والمحقّق في المعتبر، والكراجكي في كنز الفوائد وغيرهم، ولا يظهر منهم مخالف في ذلك على ما يحضرني ( منه. قده ).

١ - الكافي ٨: ١٩٥ / ٢٣٣.

(١) يأتي في الحديث ١٢ من هذا الباب.

٢ - الكافي ٨: ٣٥١ / ٥٤٩.

١٤١

الخفاف قال: قال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : كيف بصرك بالنجوم؟ قال: قلت: ما خلفت بالعراق أبصر بالنجوم مني، قال: كيف دورإنّ الفلك عندكم؟ - إلى إنّ قال: - ما بال العسكرين يلتقيان في هذا حاسب وفي هذا حاسب فيحسب هذا لصاحبه بالظفر، ويحسب هذا لصاحبه بالظفر ثمّ يلتقيان فيهزم أحدهما الآخر فأين كانت النجوم؟ قال: قلت: لا والله لا اعلم ذلك، قال: فقال: صدقت إنّ أصل الحساب حق، ولكن لا يعلم ذلك إلّا من علم مواليد الخلق كلّهم.

[ ٢٢١٩٧ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً، عن عليّ بن حسان، عن عليّ بن عطية الزيات، عن معلّى بن خنيس قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن النجوم أحقّ هي؟ فقال: نعم إنّ الله بعث المشتري إلى الارض في صورة رجل فأخذ رجلاً من العجم فعلمه - إلى إنّ قال: - ثمّ اخذ رجلاً من الهند فعلّمه الحديث.

أقول: يأتي وجهه(١) .

[ ٢٢١٩٨ ] ٤ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عمّن أخبره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سُئل عن النجوم؟ قال: ما يعلمها إلّا أهل بيت من العرب وأهل بيت من الهند.

[ ٢٢١٩٩ ] ٥ - وقد تقدّم في حديث القاسم بن عبد الرحمن أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) نهى عن خصال، منها: مهر البغي، ومنها النظر في النجوم.

____________________

٣ - الكافي ٨: ٣٣٠ / ٥٠٧.

(١) يأتي في الحديث ١٢ من هذا الباب.

٤ - الكافي ٨: ٣٣٠ / ٥٠٨.

٥ - تقدم في الحديث ١٤ من الباب ٥ من هذه الأبواب

١٤٢

[ ٢٢٢٠٠ ] ٦ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( الخصال) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن العباس بن معروف، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن ظريف بن ناصح، عن أبي الحصين قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: سُئل رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عن الساعة؟ فقال: عند إيمان بالنجوم وتكذيب بالقدر.

[ ٢٢٢٠١ ] ٧ - وعنه، عن الصفار، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن إسحاق بن إبراهيم، عن نصر بن قابوس قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) : يقول: المنجم ملعون، والكاهن ملعون، والساحر ملعون والمغنية ملعونة، ومن آواها ملعون، وآكل كسبها ملعون.

[ ٢٢٢٠٢ ] ٨ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : المنجم كالكاهن والكاهن كالساحر، والساحر كالكافر، والكافر في النار.

[ ٢٢٢٠٣ ] ٩ - وبإسناده عن أبي جعفر، عن آبائه، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أنه نهى عن عدّة خصال منها النظر في النجوم.

[ ٢٢٢٠٤ ] ١٠ - أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسي في( الاحتجاج) عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - إنّ زنديقاً قال له: ما تقول في علم النجوم؟ قال: هو علم قلّت منافعه، وكثرت مضاره، لا يدفع به المقدور، ولا يتقي به المحذور، إنّ خبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء، وإنّ خبر هو بخير لم يستطع تعجيله، وإنّ حدث به سوء لم يمكنه صرفه، والمنجم يضاد الله في علمه بزعمه أنّه يردّ

____________________

٦ - الخصال: ٦٢ / ٨٧.

٧ - الخصال: ٢٩٧ / ٦٧.

٨ - الخصال: ٢٩٧ / ذيل الحديث ٦٧.

٩ - الخصال: ٤١٨ / ذيل الحديث ١٠.

١٠ - الاحتجاج: ٣٤٨.

١٤٣

قضاء الله عن خلقه.

[ ٢٢٢٠٥ ] ١١ - جعفر بن الحسن المحقق في( المعتبر) والعلامة في( التذكرة) والشهيدان قالوا: قال النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من صدق كاهناً أو منجّماً فهو كافر بما اُنزل على محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) .

[ ٢٢٢٠٦ ] ١٢ - عليّ بن موسى بن طاووس في كتاب( الاستخارات) نقلاً من كتاب الشيخ الفاضل محمّد بن عليّ بن محمّد في دعاء الاستخارة الّذي كان يدعو به الصادق( عليه‌السلام ) - إلى إنّ قال: - اللّهم إنّك خلقت أقواما يلجأون إلى مطالع النجوم لاوقات حركاتهم وسكونهم، وخلقتني أبرء إليك من اللجاء إليهم، ومن طلب الاختيارات بها، وأيقن إنّك لم تطلع أحداً على غيبك في مواقعها، ولم تسهل له السبيل إلى تحصيل أفاعيلها، وإنّك قادر على نقلها في مداراتها، عن السعود العامة والخاصة إلى النحوس، وعن النحوس الشاملة المضرّة إلى السعود، لإنّك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك اُم الكتاب، ما أسعدت من اعتمد على مخلوق مثله، واستبد الاختيار لنفسه، ولا اشقيت من اعتمد على الخالق الّذي أنت هو لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك الدعاء.

أقول: وتقدّم في آداب السفر ما يدلّ على عدم جواز العمل بالنجوم والامر بإحراق كتبها، وعدم جواز تعلمها إلّا ما يهتدى به في بر أو بحر(١) ، ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) ، ولا معارض له صريح فيحمل حديث المعلّى على تعلّم ما يهتدى به في برّ أو بحر أو على التقية، على أنّه قد روي في

____________________

١١ - المعتبر: ٣١١، وتذكرة الفقهاء: ٢٧١.

١٢ - فتح الأبواب : ١٩٨.

(١) تقدم في الباب ١٤ من أبواب السفر، وفي الحديث ١ من الباب ١٠ من أبواب صلاة الاستسقاء، وفي الباب ١٥ من أبواب أحكام شهر رمضان، وفي الحديث ١٢ من الباب ١٧ من هذه الأبواب

(٢) يأتي في الحديث ٣ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب

١٤٤

عدّة أحاديث في( طبّ الأئمة) وغيره إنّ السحر حق، ولا شك في تحريمه، وكذا في الكهانة والقيافة وغيرهما، وأمّا النظر فيها لا للعمل ولا للحكم بل لمعرفة حكمة الله وقدرته وعجائب مخلوقاته فلا بأس به لما مرّ (١) في الحديث الاول والله أعلم، ولو كان المراد به ما زاد على ذلك تعين حمله على التقيّة.

٢٥ - باب تحريم تعلّم السحر وأجره (*) ، واستعماله في العقد وحكم الحل

[ ٢٢٢٠٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن

____________________

(١) مرّ في الحديث ١ من هذا الباب.

الباب ٢٥

فيه ٨ أحاديث

* - ذكر بعض المتأخرين أنّ تعلّم السحر ليدفع به المتنبّىء بالسحر جائز، وأنّه ربمّا يجب كفاية، ولا نصّ فيه، وتخصيص ذلك النص المتواتر المشتمل على نهاية التأكيد والتهديد والوعيد بغير مخصص غير جائز، وأصل هذا الحكم من العامة وهو موجود في كتبهم، ووجهه ظاهر على طريقتهم، لأنّهم لا يقولون بوجوب الإمامة، فتحتاجون إلى حفظ ظواهر الشريعة، وأمّا على قواعد الإمامية، فإنّ ذلك من وظائف الإمام لا من وظائف الرعية، وأفراد السحر ظاهرة لا تشتبه بالمعجزات، وقد ورد النص بإنّ كل من ادعى نبوة بعد محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) وجب قتلهعلى كل من سمعه، وبأنّ الساحر حده القتل، فإذا كان الشارع أمر الرعية بقتل المتنبّىء بالسحر، ولم يأمرهم بتعلم السحر لإبطال دعواه، ولم يرخص لهم في تعلمه، بل حكم بإنّ تعلمه كفر، والنص في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام قابل للتخصيص بغير الحرام كالسحر، فكيف يجعل مخصصا وهو غير صريح في إباحة شيء من المحرمات لأجل النهي عن المنكر، وبالجملة لا يظهر للتخصيص وجه ولا ريب عند المحققين إنّ احتمال التحريم أقوى من احتمال الوجوب، فضلا عن الجواز، وإنّ الحكم هنا بالجواز فضلا عن الوجوب بعيد عن الاحتياط موافق للعامة، ولا دليل عليه، ونظير هذا التخصيص إنّ تكون إمرأة ذات بعل تقول للرجل: « إنّ لم تزن بي مرة زنيت بغيرك عشر مرات » فينبغي إنّ يصير الزنا هنا حلالاً لأجل النهي عن المنكر، أو واجباً كفائياً من باب الحسبة، فإنّ نص تحريم الزنا ونص وجوب النهي عن المنكر تعارضاً، وهما عامّان كلّ واحد منهما قابل للتخصيص، وأمثال ذلك كثيرة ( منهقدّه ).

١ - الكافي ٥: ١١٥ / ٧.

١٤٥

شيخ من أصحابنا الكوفيّين قال: دخل عيسى بن شفقي(١) ، على أبي عبدالله( عليه‌السلام ) وكان ساحراً يأتيه الناس ويأخذ على ذلك الاجر، فقال له: جعلت فداك أنا رجل كانت صناعتي السحر وكنت آخذ عليه الاجر، وكان معاشي، وقد حججت منه ومنّ الله عليّ بلقائك، وقد تبت إلى الله عزّ وجلّ، فهل لي في شيء من ذلك مخرج؟ فقال له أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : حل ولا تعقد.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) .

ورواه الصدوق بإسناده عن عيسى بن السقفي نحوه(٣) .

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد) عن الهيثمّ بن أبي مسروق النهدي، عن أبيه، عن عيسى بن السقفي نحوه (٤) .

أقول: خصه بعض علمائنا بالحل بغير السحر كالقرآن والذكر والتعويذ ونحوها، وهو حسن إذ لا تصريح بجواز الحل بالسحر(٥) .

[ ٢٢٢٠٨ ] ٢ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ساحر المسلمين يقتل وساحر الكفار لا يقتل، قيل: يا رسول الله لم لا يقتل ساحر الكفار؟ قال: لأنّ الشرك أعظم من السحر، لأنّ السحر والشرك مقرونان.

وفي( العلل) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن أحمد بن أبي

____________________

(١) في التهذيب والفقيه: عيسى بن شقفي

(٢) التهذيب ٦: ٣٦٤ / ١٠٤٣.

(٣) الفقيه ٣: ١١٠ / ٤٦٣.

(٤) قرب الإسناد: ٢٥.

(٥) راجع المسالك ١: ١٢٩، ومفتاح الكرامة ٤: ٧٣.

٢ - الفقيه ٣: ٣٧١ / ١٧٥٢ وأورده في الحديث ١ من الباب ١ من أبواب بقيه الحدود.

١٤٦

عبدالله، عن النوفلي، عن السكوني مثله(١) .

[ ٢٢٢٠٩ ] ٣ - قال: وروي: أنّ توبة الساحر إنّ يحل ولا يعقد.

[ ٢٢٢١٠ ] ٤ - وفي( عيون الأخبار) عن محمّد بن القاسم المفسر، عن يوسف بن محمّد بن زياد وعليّ بن محمّد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن عليّ العسكري، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث - قال في قوله عزّوجلّ:( وَمَا اُنْزِلَ على الـمَلَكَينِ ببابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ) (٢) قال: كان بعد نوح( عليه‌السلام ) قد كثرت السحرة المموهون، فبعث الله عزّ وجلّ ملكين إلى نبي ذلك الزمإنّ بذكر ما يسحر به السحرة وذكر ما يبطل به سحرهم ويرد به كيدهم فتلقاه النبي عن الملكين وأداه إلى عباد الله بأمر الله عزّوجلّ، وأمرهم إنّ يقفوا به على السحر وإنّ يبطلوه، ونهاهم إنّ يسحروا به الناس، وهذا كما يدلّ على السم ما هو وعلى ما يدفع به غائلة السم - إلى إنّ قال: - وما يعلمإنّ من أحد ذلك السحر وإبطاله حتّى يقولا للمتعلم إنما نحن فتنة وإمتحإنّ للعباد ليطيعوا الله فيما يتعلمون من هذا ويبطلوا به كيد السحرة ولا يسحروهم، فلا تكفر بإستعمال هذا السحر وطلب الاضرار به، ودعاء الناس إلى إنّ يعتقدوا أنّك به تحيي وتميت وتفعل ما لا يقدر عليه إلّا الله عزّ وجلّ، فإنّ ذلك كفر - إلى إنّ قال: - ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم لانهم إذا تعلموا ذلك السحر ليسحروا به ويضروا به فقد تعلّموا ما يضرّهم في دينهم ولا ينفعهم فيه الحديث.

[ ٢٢٢١١ ] ٥ - وعن تميم بن عبدالله القرشي، عن أبيه، عن أحمد بن عليّ الأنصاري، عن عليّ بن الجهم، عن الرضا( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: وأما هاروت وماروت فكانا ملكين علماً الناس السحر ليحترزوا

____________________

(١) علل الشرائع: ٥٤٦ / ١.

٣ - علل الشرائع: ٥٤٦ / ذيل الحديث ١، وأورده في الحديث ٢ من الباب ١ من أبواب بقية الحدود.

٤ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٢٦٦ / ١.

(٢) البقرّة ٢: ١٠٢.

٥ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٢٧١ / ٢.

١٤٧

به سحر السحرة، ويبطلوا به كيدهم، وما علماً أحداً من ذلك شيئاً حتّى(١) قالا: إنما نحن فتنة فلا تكفر، فكفر قوم باستعمالهم لما اُمروا بالاحتراز منه وجعلوا يفرّقون بما تعلّموه بين المرء وزوجه، قال الله تعالى:( وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِه مِنْ أَحَدٍ إِلّا بِإذنِ اللهِ ) (٢) - يعني بعلّمه -.

[ ٢٢٢١٢ ] ٦ - وفي( الخصال) عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن يحيى بن محمّد بن صاعد، عن إبراهيم بن جميل، عن المعتمر بن سليمان، عن فضيل بن ميسرة، عن أبي جرير، عن أبي بردة، عن أبي موسى الاشعري قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، ومدمن سحر، وقاطع رحم الحديث.

[ ٢٢٢١٣ ] ٧ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإسناد) عن السندي بن محمّد، عن أبي البختري، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه أنّ علياً( عليه‌السلام ) قال: من تعلّم شيئاً من السحر قليلاً أو كثيراً فقد كفر، وكان آخر عهده بربه وحده إنّ يقتل إلّا أن يتوب.

[ ٢٢٢١٤ ] ٨ - فرات بن إبراهيم الكوفي في( تفسيره) عن عبد الرحمن بن الحسن التميمي معنعناً عن أبي عبدالله، عن آبائه، عن عليّ( عليهم‌السلام ) في حديث قال: نحن أهل بيت عصمنا الله من إنّ نكون فتّانين أو كذّابين أو ساحرين أو زنّائين(٣) ، فمن كان فيه شيء من هذه الخصال فليس

____________________

(١) في نسخة: إلّا ( هامش المخطوط ) وكذلك المصدر.

(٢) البقرّة ٢: ١٠٢.

٦ - الخصال: ١٧٩ / ٢٤٣ وأورده في الحديث ٢١ من الباب ٩ من أبواب الأشربة المحرمة، وفي الحديث ١٩ من الباب ٤٩ من أبواب جهاد النفس.

٧ - قرب الإسناد: ٧١.

٨ - تفسير فرات الكوفي: ٦٢.

(٣) في المصدر: الزيافين. والزياف: المختال المتكبر ( الصحاح - زيف - ٤: ١٣٧١ ).

١٤٨

منّا ولا نحن منه.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في الحدود(١) ، وغيرها(٢) ، ولا يخفى أنّه يحتمل كون ما مرّ من جواز الحلّ بالسحر مخصوصاً بتلك الشريعة المنسوخة.

٢٦ - باب تحريم إتيان العرّاف، وتصديقه والكهانة والقيافة

[ ٢٢٢١٥ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) نهى عن إتيان العرّاف، وقال: من أتاه وصدقه فقد برىء مما أنزل الله عزّوجلّ على محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) .

أقول: فسّر بعض اهل اللغة العرّاف بالكاهن، وبعضهم بالمنجّم(٣) .

[ ٢٢٢١٦ ] ٢ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد ابن أبي عمير، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من تكهّن أو تكهّن له فقد

____________________

(١) يأتي في الحديث ٣ من الباب ١، وفي الباب ٣ من أبواب بقية الحدود.

(٢) يأتي في الحديث ٣ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب

وتقدّم ما يدلّ عليه في الحديث ١ من الباب ٢، وفي الحديثين ٧ و ٨ من الباب ٢٤ من هذه الأبواب ، وفي الحديثين ٦، ٨ من الباب ١٤ من أبواب السفر، وفي الحديثين ٢، ٣٧ من الباب ٤٦ من أبواب جهاد النفس.

الباب ٢٦

فيه ٣ أحاديث

١ - الفقيه ٤: ٣ و ٤ / ١ وأورده في الحديث ١٠ من الباب ٤٢ من هذه الأبواب ، وفي الحديث ٣ من الباب ١٤ من أبواب السفر.

(٣) لسان العرب - عرف - ٩: ٢٣٧.

٢ - الخصال ١٩: ٦٨.

١٤٩

برىء من دين محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) .

قال: قلت فالقيافة(١) ، قال: ما اُحب إنّ تأتيهم، وقيل: ما يقولون شيئاً إلّا كان قريباً مما يقولون فقال: القيافة فضلة من النبوة ذهبت في الناس حين بعث النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) .

[ ٢٢٢١٧ ] ٣ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب، عن الهيثمّ قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّ عندنا بالجزيرة رجلاً ربما أخبر من يأتيه يسأله عن الشيء يسرق أو شبه ذلك فنسأله، فقال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من مشى إلى ساحر أو كاهن أو كذاب يصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله من كتاب.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(٢) .

٢٧ - باب حكم الرقى

[ ٢٢٢١٨ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين، في( الخصال) عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: لا رقى إلّا في ثلاثة: في حمة(٣) أو عين أو دم لا يرقأ.

____________________

(١) في نسخة: فالقافة ( هامش المخطوط ).

٣ - متسطرفات السرائر: ٨٣ / ٢٢.

(٢) تقدم في الحديث ١١ من الباب ٢٤ من هذه الأبواب ، وفي الباب ١٤ من أبواب السفر.

الباب ٢٧

فيه ٣ أحاديث

١ - الخصال: ١٥٨ / ٢٠١.

(٣) الحمة: سم العقرب ( الصحاح - حمم - ٥: ١٩٠٦ ).

١٥٠

[ ٢٢٢١٩ ] ٢ - وعن أحمد بن محمّد بن ابراهيم(١) ، عن أحمد بن يحيى القطان، عن بكر بن عبدالله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبيه، عن الحسين بن مصعب قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يكره النفخ في الرقى والطعام وموضع السجود.

[ ٢٢٢٢٠ ] ٣ - محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في كتاب( الرجال) قال: وجدت بخط جبرئيل بن أحمد، عن محمّد بن عبدالله بن مهران، عن محمّد بن علي، عن عليّ بن محمّد، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي الصباح، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: خدم أبو خالد الكابلي علي بن الحسين( عليه‌السلام ) دهراً من عمره، ثمّ أنّه أراد أن ينصرف إلى أهله فأتى عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) فشكى اليه شدّة شوقه إلى والدته.

فقال: يا أبا خالد يقدم غداً رجل من أهل الشام له قدر ومال كثير، وقد أصاب بنتا له عارض من أهل الارض، ويريدون إنّ يطلبوا معالجا يعالجها فإذا انت سمعت قدومه فائته وقلّ له: أنا اُعالجها لك على إنّي أشترط عليك إنّي اُعالجها على ديتها عشرة(٢) آلاف درهم، فلا تطمئن إليهم، وسيعطونك ما تطلبه منهم، فلما أصبح وقدم الرجل ومن معه وكان رجلاً من عظماء أهل الشام في المال والمقدرة فقال: أما من معالج يعالج بنت هذا الرجل؟ فقال له أبو خالد الكابلي أنا اُعالجها على عشرة آلاف، فإن أنتم وفيتم وفيت لكم على إنّ لا يعود إليها أبداً، فشرطوا إنّ يعطوه عشرة آلاف درهم.

____________________

٢ - الخصال: ١٥٨ / ٢٠٣ وأورد نحوه في الحديث ٤٣ من الباب ١٠ من أبواب الأطعمة المباحة.

(١) في المصدر: أحمد بن محمّد بن الهيثمّ العجلي.

٣ - رجال الكشي ١: ٣٣٧ / ١٩٣.

(٢) في نسخة: خمسة ( هامش المخطوط ).

١٥١

ثمّ أقبل إلى علي بن الحسين( عليه‌السلام ) فأخبره بالخبر، فقال: إنّي لأعلم أنّهم سيغدرون بك، ولا يفون لك، فانطلق يا أبا خالد فخذ باُذن الجارية اليسرى ثمّ قل: يا خبيث يقول لك عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) : اخرج من هذه الجارية ولا تعد.

ففعل أبو خالد ما أمره، وخرج منها، فأفاقت الجارية، وطلب أبو خالد الّذي اشترطوا له فلم يعطوه.

فرجع أبو خالد مغتمّاً كئيباً، فقال له عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) : مالي أراك كئيباً يا أبا خالد ألم أقل لك إنّهم يغدرون بك؟ دعهم فإنهم سيعودون إليك فإذا لقوك فقل: لست اُعالجها حتّى تضعوا المال على يدي عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) فعادوا إلى أبي خالد يلتمسون مداواتها، فقال لهم: إنّي لا اُعالجها حتّى تضعوا المال على يدي عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) ، فإنه لي ولكم ثقة، فرضوا ووضعوا المال على يدي عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) فرجع إلى الجارية فأخذ باُذنها اليسرى فقال: يا خبيث يقول لك عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) : اُخرج من هذه الجارية ولا تعرض لها إلّا بسبيل خير فإنّك إنّ عدت أحرقتك بنار الله الموقدة التي تطلع على الافئدة، فخرج منها ولم يعد إليها، ودفع المال إلى أبي خالد فخرج إلى بلاده(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الاحتضار(٢) ، وفي قراءة القرآن في غير الصلاة(٣) ، وغير ذلك(٤) .

____________________

(١) إعجاز عظيم لعليّ بن الحسين (عليه‌السلام ) ( هامش المخطوط ).

(٢) تقدم في الباب ١٤ من أبواب الاحتضار.

(٣) تقدم في الباب ٤١ من أبواب قراءة القرآن.

(٤) تقدم في الباب ٣٧ من أبواب الحيض.

١٥٢

٢٨ - باب حكم القصّاص

[ ٢٢٢٢١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) رأى قاصّاً في المسجد فضربه وطرده.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليّ بن إبراهيم مثله(١) .

[ ٢٢٢٢٢ ] ٢ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( الاعتقادات) قال: ذُكر القصاصون عند الصادق( عليه‌السلام ) فقال: لعنهم الله إنّهم يشنعون علينا.

[ ٢٢٢٢٣ ] ٣ - قال: وسُئل الصادق( عليه‌السلام ) عن القُصّاص يحلّ الاستماع لهم، فقال: لا.

[ ٢٢٢٢٤ ] ٤ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : من أصغى إلى ناطق فقد عبده فإنّ كان الناطق عن الله فقد عبدالله، وإنّ كان الناطق عن ابليس فقد عبد إبليس.

ويأتي مسنداً في القضاء(٢) .

____________________

الباب ٢٨

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٧: ٢٦٣ / ٢٠ وأورده في الحديث ١ من الباب ٣٨ من أبواب أحكام المساجد، وفي الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب بقيّة الحدود.

(١) التهذيب ١٠: ١٤٩ / ٥٩٥.

٢ - اعتقادات الصدوق: ١٠٥.

٣ - اعتقادات الصدوق: ١٠٥.

٤ - اعتقادات الصدوق: ١٠٥.

(٢) يأتي في الحديثين ٩، ١٣ من الباب ١٠ من أبواب صفات القاضي.

١٥٣

[ ٢٢٢٢٥ ] ٥ - قال: وسئل الصادق( عليه‌السلام ) عن قول الله( وَالشُّعَراء يَتَّبِعُهُم الغَاوُنَ ) (١) فقال( عليه‌السلام ) : هم القُصّاص.

أقول: وأحاديث مذمّة القُصّاص كثيرة.

٢٩ - باب كراهة الاجرة على تعليم القرآن مع الشرط دون تعليم غيره، واستحباب التسوية بين الصبي ان وحكم أُجرة القراءة

[ ٢٢٢٢٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن الفضل بن كثير، عن حسان المعلّم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن التعليم؟ فقال: لا تأخذ على التعليم أجراً، قلت: فالشعر والرسائل وما أشبه ذلك اُشارط عليه؟ قال: نعم بعد إنّ يكون الصبيان عندك سواء في التعليم لا تفضّل بعضهم على بعض.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٢) .

[ ٢٢٢٢٧ ] ٢ - وعن عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرّة قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : هؤلاء يقولون: إنّ كسب المعلّم سحت، فقال: كذبوا(٣) أعداء

____________________

٥ - اعتقادات الصدوق: ١٠٥.

(١) الشعراء ٢٦: ٢٢٤.

الباب ٢٩

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٢١ / ١.

(٢) التهذيب ٦: ٣٦٤ / ١٠٤٥ والاستبصار ٣: ٦٥ / ٢١٤.

٢ - الكافي ٥: ١٢١ / ٢.

(٣) في نسخة من الفقيه: كذب ( هامش المخطوط ).

١٥٤

الله، إنّما أرادوا أن لا يعلّموا(١) القرآن، لو أنّ المعلم أعطاه رجل دية ولده لكان(٢) للمعلّم مباحاً.

ورواه الصدوق بإسناده عن الفضل بن أبي قرة مثله(٣) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن أبي عبدالله مثله(٤) .

[ ٢٢٢٢٨ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أبي عبدالله الرازي، عن الحسن بن علي، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار، عن العبد الصالح( عليه‌السلام ) قال: قلت له: إنّ لنا جاراً يكتّب، وقد سألني إنّ أسألك عن عمله؟ قال: مره إذا دفع اليه الغلام إنّ يقول لاهله: إنّي إنّما أُعلمه الكتاب والحساب واتّجر عليه بتعليم القرآن حتّى يطيب له كسبه.

[ ٢٢٢٢٩ ] ٤ - وعنه، عن يعقوب بن يزيد، عن إبن أبي عمير، عن الحكم بن مسكين، عن قتيبة الأعشى قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّي اُقرىء القرآن فتهدى إلي الهدية فأقبلها؟ قال: لا، قلت: إنّي لم أُشارطه قال: أرأيت لو لم تُقرىء كان يُهدى لك؟ قال: قلت: لا، قال: فلا تقبله.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحكم بن مسكين(٥) .

____________________

(١) في الفقيه زيادة: أولادهم ( هامش المخطوط ).

(٢) في نسخة: كان ( هامش المخطوط ).

(٣) الفقيه ٣: ٩٩ / ٣٨٤.

(٤) التهذيب ٦: ٣٦٤ / ١٠٤٦ والاستبصار ٣: ٦٥ / ٢١٦.

٣ - التهذيب ٦: ٣٦٤ / ١٠٤٤ والاستبصار ٣: ٦٥ / ٢١٧.

٤ - التهذيب ٦: ٣٦٥ / ١٠٤٨ والاستبصار ٣: ٦٦ / ٢١٩.

(٥) الفقيه ٣: ١١٠ / ٤٦٢.

١٥٥

أقول: حمله الشيخ على أولوية التنزه لما مضى(١) ، ويأتي(٢) .

[ ٢٢٢٣٠ ] ٥ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: المعلّم لا يعلّم بالأجر، ويقبل الهدية إذا اُهدي إليه.

[ ٢٢٢٣١ ] ٦ - وعنه، عن النضر، عن القاسم، عن جراح المدائني قال: نهى أبو عبدالله( عليه‌السلام ) عن أجر القارىء الّذي لا يقرىء إلّا بأجر مشروط.

[ ٢٢٢٣٢ ] ٧ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: نهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عن أُجرة القارىء الّذي لا يقرىء إلّا على أُجر مشروط.

[ ٢٢٢٣٣ ] ٨ - قال: وقال عليّ( عليه‌السلام ) : من أخذ على تعليم القرآن أجراً كان حظه يوم القيامة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الأذان(٣) ، وفي القراءة(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٥) .

____________________

(١) مضى في الحديثين ٢، ٣ من هذا الباب.

(٢) يأتي في الحديث ٥ من هذا الباب.

٥ - التهذيب ٦: ٣٦٥ / ١٠٤٧ والاستبصار ٣: ٦٦ / ٢١٨.

٦ - التهذيب ٦: ٣٧٦ / ١٠٩٧.

٧ - الفقيه ٣: ١٠٥ / ٤٣٧.

٨ - الفقيه ٣: ١٠٩ / ٤٦١.

(٣) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٣٨ من أبواب الأذان.

(٤) تقدم في الأحاديث ٢، ٣، ٧، ٨ من الباب ٨ من أبواب قراءة القرآن.

(٥) يأتي في الحديث ١ من الباب ٣٠ من هذه الأبواب ، وفي الباب ٢، وفي الحديث ٢ من الباب ٧، وفي الباب ١٧ من أبواب المهور.

١٥٦

٣٠ - باب عدم جواز أخذ الأجرة على الأذان والصلاة بالناس والقضاء وساير الواجبات كتغسيل الاموات وتكفينهم ودفنهم

[ ٢٢٢٣٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن عبدالله بن المنبه، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ( عليهم‌السلام ) أنّه أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين والله إنّي اُحبّك لله، فقال له: لكنّي أبغضك لله، قال: ولم؟ قال: لإنّك تبغي في الاذان، وتأخذ على تعليم القرآن أجراً، وسمعت رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يقول: من أخذ على تعليم القرآن أجراً كان حظّه يوم القيامة.

ورواه الصدوق مرسلاً إلّا أنه قال: تبتغي في الأذان كسباً، ولم يزد على ذلك(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الأذان(٢) ، وفي احاديث التظاهر بالمنكرات(٣) ، وفي اختتال الدنيا بالدين في جهاد النفس(٤) ، وغير ذلك(٥) ، ويأتي ما يدلّ على حكم القضاء(٦) .

____________________

الباب ٣٠

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٦: ٣٧٦ / ١٠٩٩ والاستبصار ٣: ٦٥ / ٢١٥.

(١) الفقيه ٣: ١٠٩ / ٤٦١.

(٢) تقدم في الباب ٣٨ من أبواب الأذان.

(٣) تقدم في الحديث ٦ من الباب ٤١ من أبواب الأمر والنهي.

(٤) تقدم في الباب ٥٢ من أبواب جهاد النفس.

(٥) تقدم في الباب ٨ من أبواب مقدّمة العبادات.

(٦) يأتي في الحديثين ١، ٩ من الباب ٨ من أبواب آداب القاضي.

١٥٧

٣١ - باب عدم جواز بيع المصحف وجواز بيع الورق والجلد ونحوهما، وأخذ الاجرة على كتابته

[ ٢٢٢٣٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن عبدالله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان، عن عبد الرحمن بن سيابة(١) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: إنّ المصاحف لن تشترى، فإذا اشتريت فقل: إنّما أشتري منك الورق، وما فيه من الأديم(٢) ، وحليته وما فيه من عمل يدك بكذا وكذا.

[ ٢٢٢٣٦ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن بيع المصاحف وشرائها؟ فقال: لا تشتر كتاب الله، ولكن اشتر الحديد والورق والدفّتين، وقل: أشتري منك هذا بكذا وكذا.

[ ٢٢٢٣٧ ] ٣ - ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى(٣) قال: سألته عن بيع المصاحف وشرائها؟ فقال: لا تشتر كلام الله، ولكن اشتر الحديد والجلود والدفتر، وقل: أشتري هذا منك بكذا وكذا.

[ ٢٢٢٣٨ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن غالب

____________________

الباب ٢١

فيه ١٣ حديثاً

١ - الكافي ٥: ١٢١ / ١.

(١) في المصدر: عبد الرحمن بن سليمان.

(٢) في نسخة: الأدم ( هامش المخطوط ).

٢ - الكافي ٥: ١٢١ / ٢.

٣ - التهذيب ٦: ٣٦٥ / ١٠٤٩.

(٣) في المصدر زيادة: عمّن سمعه.

٤ - الكافي ٥: ١٢١ / ٣.

١٥٨

ابن عثمان، عن روح بن عبد الرحيم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن شراء المصاحف وبيعها؟ فقال: إنما كان يوضع الورق عند المنبر، وكان ما بين المنبر والحائط قدر ما تمر الشاة أو رجل منحرف، قال: فكان الرجل يأتي فيكتب من ذلك، ثمّ إنهم اشتروا بعد، قلت: فما ترى في ذلك؟ فقال لي: أشتري أحبّ إليّ من إنّ أبيعه، قلت: فما ترى أن أعطي على كتابته أجراً؟ قال: لا بأس، ولكن هكذا كانوا يصنعون.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد نحوه(١) .

[ ٢٢٢٣٩ ] ٥ - وعن عليّ بن محمّد، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن محمّد بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن سابق السندي، عن عنبسة الوراق قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) فقلت: أنا رجل أبيع المصاحف، فإنّ نهيتني لم أبعها، فقال: ألست تشتري ورقاً وتكتب فيه؟ قلت: بلى واُعالجها، قال: لا بأس بها.

[ ٢٢٢٤٠ ] ٦ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضّالة، عن أبان، عن عبدالله بن سليمان قال: سألته عن شراء المصاحف؟ فقال: إذا أردت إنّ تشتري فقل: أشتري منك ورقه وأديمه وعمل يدك بكذا وكذا.

[ ٢٢٢٤١ ] ٧ - وعنه، عن النضر، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في بيع المصاحف، قال: لا تبع الكتاب ولا تشتره وبع الورق والاديم والحديد.

____________________

(١) التهذيب ٦: ٣٦٦ / ١٠٥٣.

٥ - الكافي ٥: ١٢٢ / ٤.

٦ - التهذيب ٦: ٣٦٥ / ١٠٥٠.

٧ - التهذيب ٦: ٣٦٦ / ١٠٥١.

١٥٩

[ ٢٢٢٤٢ ] ٨ - وعنه، عن النضر، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن بيع المصاحف وشرائها، فقال: إنّما كان يوضع عند القامة(١) والمنبر، قال: كان بين الحائط والمنبر قيد(٢) ممرّ شاة ورجل وهو منحرف فكان الرجل يأتي فيكتب البقرّة ويجىء آخر فيكتب السورة كذلك كانوا، ثمّ أنهم اشتروا بعد ذلك، فقلت فما ترى في ذلك؟ فقال: أشتريه أحب إليّ من أن أبيعه.

[ ٢٢٢٤٣ ] ٩ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد(٣) ، عن غالب بن عثمان، عن روح بن عبد الرحيم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) مثله، وزاد فيه قال: قلت: ما ترى أنّ اعطي على كتابته أجراً؟ قال: لا بأس، ولكن هكذا كانوا يصنعون.

[ ٢٢٢٤٤ ] ١٠ - وعنه، عن القاسم بن محمّد، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبدالله، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ اُمّ عبدالله بن الحارث أرادت إنّ تكتب مصحفاً، واشترت ورقاً من عندها، ودعت رجلاً فكتب لها على غير شرط، فأعطته حين فرغ خمسين ديناراً وأنه لم تبع المصاحف إلّا حديثاً.

[ ٢٢٢٤٥ ] ١١ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أبي عبدالله

____________________

٨ - التهذيب ٦: ٣٦٦ / ١٠٥٢.

(١) أيّ حائط المسجد أنّه كان قامة كما مر - ( منه. قده ).

(٢) قيد: أيّ قدر ( الصحاح - قيد - ٢: ٥٢٩ ).

٩ - التهذيب ٦: ٣٦٦ / ١٠٥٣.

(٣) في المصدر زيادة: عن عليّ بن فضال.

١٠ - التهذيب ٦: ٣٦٦ / ١٠٥٤.

١١ - التهذيب ٧: ٢٣١ / ١٠٠٧.

١٦٠

الاشعري. ثم انصرف فقال: ردوا على! ردوا على! فجاء فقال: يا أبا موسى! ما ردّك؟ كنّا في شغل، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: الاستيذان ثلاثاً فان اذن والا فارجع، قال: لتأتينى على هذا ببينة والا فعلت وفعلت!، فذهب أبو موسى. قال عمر: ان وجد بيّنة تجدوه عند المنبر عشية وان لم يجد بيّنة فلم تجدوه، فلما ان جاء بالعشي وجدوه قال: يا أبا موسى ما تقول؟ أقد وجدت؟ قال: نعم! أبي بن كعب، قال: عدل، قال: يا ابا الطفيل! ما يقول هذا؟ قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك يا ابن الخطاب، فلا تكونن عذاباً على أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال سبحان الله! انما سمعت شيئاً. فأحببت أن أتثبت! ».

و قال أبوجعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي في كتاب ( مشكل الآثار ): « حدثنا يونس بن عبد الاعلى. ثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو ابن الحارث عن بكير بن الاشجّ أن بسر بن سعيد حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: كنا في مجلس عند أبي بن كعب فجاء ابو موسى الاشعري مغضباً حتى وقف فقال: أنشدكم الله! هل سمع منكم أحد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: الاستيذان ثلاث فان أذن لك فادخل وإلا فارجع؟ فقال أبي: وما ذاك؟ فقال: استأذنت على عمر بن الخطاب أمس ثلاث مرات فلم يؤذن لي فرجعت ثم جئته اليوم فدخلت عليه فأخبرته أني جئته أمس فسلمت ثلاثاً ثم انصرفت، فقال: قد سمعنا ونحن حينئذ على شغل فلو ما استأذنت حتى يؤذن لك؟ قال: استأذنت كما سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: فقال: والله لأضربن بطنك وظهرك أو لتأتينّي بمن يشهد لك على هذا! فقال أبيّ بن كعب: فو الله لا يقوم معك أحد الا أحدثنا سنّا الذي بجنبك، قم يا أبا سعيد! فقمت حتى أتيت عمر فقلت: قد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول هذا ».

وقال: « حدثنا ابراهيم بن مرزوق حدثنا أبو عاصم عن ابن جريح عن عطاء عن عبيد بن عمير أن أبا موسى استأذن على عمرو كان مشغولا في

١٦١

بعض الامر فلما فرغ قال: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس، قالوا: رجع، قال: ردوه! فجاء فقال: كنا نؤمر بمثل هذا في الاستيذان ثلاثاً، قال: لتأتينى على هذا ببينة أو لافعلن، فجاء الى مجلس الأنصار فأخبرهم فقالوا: لا يقوم معك الا أصغرنا فقام أبو سعيد الخدري، فجاء فقال: نعم! فقال عمر: خفى على هذا من أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشغلني التسويف بالأسواق، قال ابراهيم: وجدت على ظهر كتابي: وشغلني شغلي بالأسواق ».

و قال: « حدثنا فهد بن سليمان ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل ثنا عبد السلام ابن حرب عن طلحة بن يحيى القرشي عن ابى بردة عن أبي موسى قال: جئت باب عمررضي‌الله‌عنه فقلت: السلام عليكم، يدخل عبد الله بن قيس؟ فلم يؤذن، فرجعت فأنتبه عمر فقال: علي بأبي موسى فأتيت قال: أنى ذهبت؟ فقلت استأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي فرجعت، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ليستأذن الرجل المسلم على أخيه ثلاثاً، فان أذن له، والا رجع فقال: لتجيئني على ما قلت بشاهد أو لينالنك مني عقوبة، قال: فخرجت فلقيت أبي ابن كعب فأخبرته فقال: نعم! فجاء فأخبره، فقال له عمر: يا أبا الطفيل! سمعت ما قال أبو موسى من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقال: نعم! وأعوذ بالله عز وجل أن تكون عذاباً على أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال: وأعوذ بالله من ذلك».

و قال البغوي في ( معالم التنزيل ): « أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا: أبو الحسن على بن محمد بن عبد الله بن بشران، أن اسمعيل بن محمد الصفار، أنا أحمد بن منصور الرمادي، أنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن سعيد الحريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري: قال: سلم عبد الله بن قيس على عمر بن الخطاب ثلاث مرات فلم يأذن له فرجع، فأرسل عمر في أثره فقال: لم رجعت؟ قال: اني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إذا سلم أحدكم ثلاثاً فلم يجب فليرجع، قال: لتأتين على ما تقول ببينة والا لأفعلن بك كذا وكذا، غير أنه قد أوعده، قال: فجاء أبو موسى ممتقعاً لونه

١٦٢

وأنا في حلقة جالس فقلنا: ما شأنك؟ فقال: سلمت على عمر، فأخبرنا خبره، فهل سمع منكم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قالوا كلنا قد سمعه. قال: فأرسلوا معه رجلا منهم حتى أتى عمر فأخبره بذلك ».

وقال برهان الدين عبيد الله بن محمد الفرغاني العبري في ( شرح منهاج البيضاوي ):

« قال أبوعلي في بيان اشتراط العدد: ان الصحابة طلبوا العدد فان أبابكر (رض) لم يقبل خبر مغيرة بن شعبة في الجدة حتى رواه محمد بن مسلمة الانصاري، ولم يعمل عمر (رض) بخبر أبي موسى الاشعري في الاستيذان حتى رواه أبوسعيد الخدري، ورد أبوبكر وعمر خبر عثمان في رد الحكم بن العاص. وأمثال ( ذلك. صح. ظ ) كثيرة، وطلب العدد منهم في الروايات الكثيرة دليل اشتراطه. قلنا في الجواب عنه انهم انما طلبوا العدد عند التهمة لا مطلقاً، ونحن انما ندعى أن خبر العدل الواحد حيث لا تهمة في روايته مقبول، فلا يرد ما ذكرتم من الصور نقضاً ».

وقال ابن حجر العسقلاني في ( فتح الباري ): « واحتج من رد الخبر الواحد: بتوقفهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قبول خبر ذي اليدين، ولا حجة فيه لأنه عارض علمه وكل خبر واحد إذا عارض العلم لم يقبل، وبتوقف أبي بكر وعمر في حديثي المغيرة في الجدة وفي ميراث الجنين حتى شهد بهما محمد ابن مسلمة، وبوقف عمر في خبر أبي موسى في الاستيذان حتى شهد له أبو سعيد، وبتوقف عائشة في خبر ابن عمر في تعذيب الميت ببكاء الحي، وأجيب بأن ذلك انما وقع منهم اما عند الارتياب كما في قصة أبي موسى فانه أورد الخبر عند انكار عمر عليه رجوعه بعد الثلاث وتوعده، فأراد عمر الاستثبات خشية أن يكون دفع بذلك عن نفسه، وقد أو ضحت ذلك بدلائله في كتاب الاستيذان، واما عند معارضة الدليل القطعي كما في انكار عائشة حيث استدلت بقوله تعالى:( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) .

١٦٣

نهى عمر أباموسى وأباهريرة عن الحديث

بل ان أبا موسى كان متهماً في حديثه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مطلقاً، لا في حديث الاستيذان فحسب، ولذا نهاه وابا هريرة عمر بن الخطاب عن الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما نص عليه الغزالي حيث قال:

« ثم اعلم أن المخالف في المسأله له شبهتان: الشبهة الاولى قولهم: لا مستند في اثبات خبر الواحد الا الاجماع، فكيف يدعى ذلك؟ وما من أحد من الصحابة الا وقد رد الخبر الواحد، فمن ذلك توقف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قبول خبر ذي اليدين حيث سلم عن اثنتين حتى سأل أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وشهدا بذلك وصدقاه، ثم قبل وسجد للسهو، ومن ذلك رد أبي بكررضي‌الله‌عنه خبر المغيرة بن شعبة من ميراث الجد [ ة ] حتى أخبره معه محمد بن مسلمة، ومن ذلك: رد أبي بكر وعمر خبر عثمان رضي الله عنهم فيما رواه من استئذانه الرسول في الحكم بن أبي العاص وطالباه بمن يشهد معه بذلك. ومن ذلك: ما اشتهر من رد عمررضي‌الله‌عنه خبر أبي موسى الاشعري في الاستيذان حتى شهد له أبو سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه ومن ذلك: رد عليرضي‌الله‌عنه خبر أبي سنان الأشجعي في قصة بروع بنت واشق وقد ظهر منه أنه كان يحلف على الحديث، ومن ذلك: رد عائشة رضي الله عنها خبر ابن عمر في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه، وظهر من عمر نهيه لابي موسى وأبي هريرة عن الحديث عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ! وأمثال ذلك مما يكثر، وأكثر هذه الاخبار تدل على مذهب من يشترط عدداً في الراوي، لا على مذهب من يشترط التواتر فإنهم لم يجتمعوا فينتظروا التواتر »(١) .

__________________

(١). المستصفى في علم الاصول ٢ / ١٣٥.

١٦٤

٢ - في سنده ابوبردة وهو فاسق

وفي رجال حديث مسلم « أبوبردة بن أبي موسى » وهو ممن عرف واشتهر بالجرائم الموبقة، فقد كان له يد في قتل الصحابي العظيم « حجر بن عدي » وأصحابه إذ شهد عليهم زوراً.

قال الطبري: « ثم بعث زياد الى أصحاب حجر، حتى جمع منهم اثنى عشر رجلا في السجن، ثم انه دعا رءوس الارباع فقال: اشهدوا على حجر بما رأيتم منه، وكان رؤوس الارباع يومئذ عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة، وخالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان، وقيس بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة على ربع ربيعة وكندة، وأبو بردة بن أبي موسى على مذحج وأسد، فشهد هؤلاء الأربعة أن حجرا جمع اليه الجموع وأظهر شتم الخليفة ودعا الى حرب أمير المؤمنين، وزعم أن هذا الأمر لا يصلح الا في آل أبي طالب ووثب بالمصر، وأخرج عامل أمير المؤمنين وأظهر عذر أبي تراب والترحم عليه والبراءة من عدوه وأهل حربه، وان هؤلاء النفر الذين معه هم رؤوس أصحابه وعلى مثل رأيه وأمره »(١) .

وهذا نص شهادة أبي بردة: « بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما شهد عليه أبوبردة بن أبي موسى لله رب العالمين: شهد أن حجر بن عدي خلع الطاعة وفارق الجماعة ولعن الخليفة ودعا الى الحرب الفتنة، وجمع اليه الجموع يدعوهم الى نكث البيعة وخلع أمير المؤمنين معاوية وكفر بالله عز وجل كفرة صلعاء.

فقال زياد: على مثل هذه الشهادة فاشهدوا، أنا [ أما ] والله لأجهدن على قطع خيط عنق الخائن الأحمق، فشهد رؤوس الارباع على مثل شهادته وكانوا أربعة، ثم ان زياداً دعا الناس فقال: اشهدوا على مثل شهادة رؤوس الارباع »(٢) .

__________________

(١). تاريخ الطبري ٤ / ١٩٩.

(٢). تاريخ الطبري ٤ / ٢٠٠.

١٦٥

ابو بردة من المنحرفين عن امير المؤمنين

وذكره ابن أبي الحديد في المنحرفين عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال: « ومن المبغضين القالين: أبوبردة بن أبي موسى الاشعري، يرث البغض [ البغضة ] له لا عن كلالة، [ و ] روى عبد الرحمن بن جندب قال: قال أبو بردة لزياد: اشهد ان حجر بن عدي قد كفر بالله كفرة صلعاء [ أصلع ]. قال عبد الرحمن: انما عنى بذلك نسبة الكفر الى علي بن أبي طالبعليه‌السلام لأنه كان أصلع.

قال: وقد روى عبد الرحمن المسعودي عن ابن عياش المنتوف قال: رأيت ابا بردة قال لابي الغادية الجهني قاتل عمار بن ياسر: أأنت قتلت عمار ابن ياسر؟ قال: نعم، قال: فناولني يدك، فقبلها وقال: لا تمسك النار أبداً!!

وروى أبو نعيم عن هشام بن المغيرة عن الغضبان بن يزيد قال: رأيت ابا بردة قال لابي الغادية قاتل عمار: مرحباً بأخي ههنا ههنا، فأجلسه الى جانبه »(١) .

دلالة حديث مسلم

وأما دلالة فان حديث مسلم هذا لا يفيد مطلوبهم - وهو جواز الاقتداء بالصحابة - لان معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون » هو: ان الاصحاب لا يبقون بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ما كانوا عليه في عهده، فتقع بينهم الفتن والحروب، وتختلف آراؤهم وأهواؤهم وقلوبهم، ويتشاجرون فيما بينهم، مما يؤدي الى ارتداد بعض العرب فهذا معنى الحديث وهو يفيد الذم:

قال النووي بشرحه: « و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا أمنة لاصحابي فاذا

__________________

(١). شرح نهج البلاغة ٤ / ٩٩.

١٦٦

ذهبت اتى اصحابي ما يوعدون، أي: من الفتن والحروب وارتداد من ارتد من الاعراب واختلاف القلوب، ونحو ذلك مما انذر به صريحاً، وقد وقع كل ذلك »(١) .

وقال الطيبي: « والاشارة في الجملة الى مجيء الشر عند ذهاب اهل الخير فانه لما كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أظهرهم كان يبين ما يختلفون فيه، فلما توفيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حالت الآراء واختلفت الأهواء»(٢) .

وقال القاري: « فاذا ذهبت أنا اتى أصحابي ما يوعدون. أي من الفتن والمخالفات والمحن»(٣) .

هذا واذا دل هذا الحديث على ما سمعت فلا مجال لان يذكر بصدد تأييد حديث النجوم، وأن يعد من فضائل الصحابة.

التحريف في حديث النجوم

وبعد، فقد ظهر لدى التحقيق أن لأصحاب الخدع والضلال وأولى الأيدي الاثيمة تحريفاً عظيماً في هذا الحديث، وذلك لان أصله هكذا: « وأهل بيتي أمان لامتي، فإذا ذهب أهل بيتي أتى أمتي ما يوعدون » فجعل « أصحابي » في مكان « أهل بيتي » وهذا نص الحديث: « حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن ابن الحسن القاضي بهمدان من أصل كتابه، ثنا محمد ابن المغيرة اليشكري، ثنا القاسم بن الحكيم [ الحكم ] العرني ثنا عبد الله بن عمرو بن مرة، حدثني محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن أبيه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه خرج ذات ليلة وقد أخر صلاة العشاء حتى ذهب من الليل هنيهة أو ساعة والناس ينتظرون في المسجد فقال: ما تنظرون؟ فقالوا: ننتظر الصلاة، فقال: انكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها. ثم قال: أما

__________________

(١). المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج ٩ / ٤٢٤.

(٢). الكاشف - مخطوط.

(٣). المرقاة ٥ / ٥١٩.

١٦٧

انها صلاة لم يصلها احد ممن قبلكم من الأمم، ثم رفع رأسه الى السماء فقال: النجوم أمان لأهل السماء فان طمست النجوم أتى السماء ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي فإذا قبضت أتى أصحابي ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لامتي فإذا ذهب أهل بيتي أتى أمتي ما يوعدون »(١) .

فليلاحظ ممن هذا التحريف؟ أمن أبي موسى؟ من ولده أبي بردة؟ من غيرهما من المحرفين المنحرفين؟

سيأتي إن شاء الله تعالى ان اهل البيتعليهم‌السلام هم كالنجوم في هداية الامة، وهم الذين يمتنع الاختلاف والهلاك باتباعهم كل ذلك من أحاديث عديدة بطرق وسياقات متكاثرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي كل ذلك ما يرغم آناف أولي البغي والعناد، ويوضح للسالكين محجة الصواب والرشاد.

حديث النجوم باطل

وحديث النجوم باطل من جهة متنه ودلالته كذلك ولنوضح ذلك في وجوه:

١ - مخالفته للاجماع والضرورة

ان حديث النجوم يدل على صلاح جميع اصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وهذا باطل بالإجماع.

ويدل على أنهم جميعاً هادون للامة. وهذا باطل أيضاً، لان طائفة كبيرة منهم أضلت كثيراً من الناس.

ويدل على أهلية جميع الصحابة لاقتداء الامة بهم، وهذا ايضاً ظاهر البطلان إذ لا يصلح كثير منهم - بل أكثرهم - لذلك.

__________________

(١). المستدرك ٣ / ٤٥٧.

١٦٨

واذا ثبت بطلان ذلك كله ثبت بطلان الحديث من أصله.

٢ - اقتراف بعض الصحابة للكبائر

لقد اقترف جماعة كبيرة من الصحابة كبائر الذنوب، مثل الزنا وقتل النفس المحترمة وشهادة الزور ونحو ذلك مما هو مشهور ومعروف لمن نظر في أحوالهم، فهل يعقل أن يجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل واحد منهم قائداً للامة وهادياً للملة؟

٣ - مخالفته للكتاب

لقد وردت آيات في كتاب الله عز وجل صريحة في سوء حال جم غفير من الصحابة، ولا سيما الايات في سورة الانفال، وسورة البراءة، وسورة الأحزاب، وسورة الجمعة، وسورة المنافقين.

أفيصح ان ينصب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جميع الصحابة قادة للامة والحال هذه؟

٤ - مخالفته للاحاديث الاخرى

لقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحاديث كثيرة تفيد ذم الصحابة والحط من شأنهم تجدها في الصحاح والمسانيد المعتبرة، ومنها:

حديث الحوض.

وحديث الارتداد.

و حديث: لا ترجعوا بعدي كفاراً.

و حديث: الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل.

و حديث: لا ادري ما تحدثون بعدي.

و حديث: اتباع سنن اليهود والنصارى.

وحديث: التنافس.

١٦٩

و حديث: ان من اصحابي من لا يراني بعدي ولا أراه.

و حديث: ان في اصحابي منافقين.

و حديث: قد كثرت علي الكذابة.

الى غير ذلك من الاحاديث التي وردت في ذم الصحابة مجتمعين وفرادى. وقد جاوزت حد الحصر، ويكفيك منها ما ذكر في كتاب ( تشييد المطاعن ).

وهذه الاحاديث تعارض حديث النجوم - ان صح - فلا يجوز العمل به.

٥ - نهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الاقتداء بهم

لقد جاء في كتب القوم أحاديث تدل بصراحة على منع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الاقتداء بالصحابة، وفيها « ان من اقتداهم في النار ».

قال العاصمي: « وقالعليه‌السلام إذا ذكر أصحابي فأمسكوا، يعني عن الوقيعة فيهم، عن ذكر زلاتهم وما كان منهم في مقاماتهم، وأي عبد من عباد الله لم يزل ولو بطرفة!!. فليحذر العاقل في هذا الموضوع عن الوقيعة فيهم وذكر زلاتهم ومساويهم.

و أخبرني جدي احمد بن المهاجررحمه‌الله قال اخبر أبوعلى الهروي قال أخبرنا المأمون قال أخبرنا عطية عن ابن المبارك عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب قال قال رسول الله صلّى الله عليه: يكون من أصحابي احداث بعدي، يعني الفتنة التي كانت بينهم، فيغفرها الله لهم لسابقتهم، ان اقتدى بهم قوم من بعدهم كبهم الله في نار جهنم.

قال ابن لهيعة: هذا رأيي منذ سمعت هذا الحديث »(١) .

و قال المتقي: « تكون بين أصحابي فتنة يغفر الله لهم لسابقتهم، ان

__________________

(١). زين الفتى في تفسير سورة هل أتى - مخطوط.

١٧٠

اقتدى بهم قوم من بعدهم كبهم الله تعالى في نار جهنم. نعيم عن [ ابن ] يزيد ابن أبي حبيب، مرسلا »(١) .

٦ - اعترافهم بعدم أهليتهم للاقتداء بهم

ان في كتب أهل السنة أحاديث كثيرة فيها اعتراف الصحابة أنفسهم بعدم أهليتهم للاقتداء بهم، ويكفي من أقوال أبي بكر بن أبي قحافة:

قوله: ان لي شيطاناً يعتريني.

- لست بخير من أحدكم فراعوني، فإذا رأيتموني استقمت فاتبعوني، وإذا رأيتموني زغت فقوموني.

- أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم.

- أفتظنون أنى أعمل بسنة رسول الله، اذاً لا أقوم بها؟.

ومن أقوال عمر بن الخطاب:

قوله: يا حذيفة بالله أنا من المنافقين.

- لولا علي لهلك عمر ( في قضايا كثيرة ).

- لولاك لافتضحنا ( قاله لعليعليه‌السلام ).

- امرأة خاصمت عمر فخصمته ( في مسألة المهر ).

- امرأة أصابت ورجل أخطأ.

- ألا تعجبون من امام أخطأ ومن امرأة أصابت؟ ناضلت امامكم فنضلته.

- تسمعوننى أقول مثل هذا فلا تنكرونه، حتى تردّ علي امرأة ليست من أعلم النساء؟

- كل أحد أفقه مني.

- كل أحد أفقه من عمر.

__________________

(١). كنز العمال ٢٢ / ١٧٤.

١٧١

- كل أحد أعلم من عمر.

- كل أحد أعلم وأفقه من عمر.

- كل أحد أعلم منك حتى النساء.

- كل أحد افقه من عمر حتى النساء.

- كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في الحجال.

- كل الناس أعلم من عمر حتى العجائز.

وهذه كلها موجودة في كتب أهل السنة كما لا يخفى على من راجع ( تشييد المطاعن ) وغيره.

فهل يصح تشبيه هكذا أناس بالنجوم؟!

١٧٢

تفنيد كلام الدّهلوى

في حاشية التّحفة

١٧٣

١٧٤

ومن الغريب قول ( الدهلوي ) في حاشية ( التحفة ) في هذا المقام:

فان قلت: اجتهاد بعض الصحابة خطأ بيقين، فكيف وعد الهداية في اتباعهم جميعاً؟.

قلنا: محل اتباعهم ما كان غير منصوص في الكتاب والسنة، ولا شبهة ان تيقن الخطأ انما يكون في المنصوصات، وهي ليست محلا لاتباعهم.

والحاصل: ان اتباعهم دليل الهداية ما لم يظهر خطؤهم بمقتضى الكتاب والسنة، فلا إشكال. شرح الارشاد.

أقول: وهذا الكلام مردود بوجوه:

١ - المخطىء لا يكون هاديا ً

من كان اجتهاده خاطئاً بيقين لا يجوز ان يكون هادياً.

٢ - الخطأ في غير المنصوصات أكثر

اذا كان بعضهم يخطأ في اجتهاده فيخالف منصوصات الكتاب، فانه

١٧٥

يكون خطؤه في غير المنصوصات أكبر وأكثر.

٣ - لا يجوز متابعة المخطىء مع وجود المعصوم

انه لا ريب في عصمة أئمة اهل البيتعليهم‌السلام عن الخطأ، لدلالة آية التطهير وحديث الثقلين وغيرهما من الآيات والروايات على ذلك - ومع وجود هؤلاء لا يعقل ان يجعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الخاطئين بمنزلة النجوم

على ان في اصحابهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تتلو مرتبتهم مرتبة الأئمةعليهم‌السلام . امثال أبي ذر وسلمان والمقداد وعمار رضي الله عنهم أجمعين فترك هؤلاء واتباع الخاطئين ظلم عظيم. تعالى الله عن ذلك ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤ - الاختلاف بين الاصحاب في الاحكام

انه لا شك في وقوع الاختلاف بين الصحابة في الاحكام الشرعية - المنصوصة منها وغيرها - وهو موضوع كتاب ( الانصاف في بيان سبب الاختلاف لشاه ولى الله والد الدهلوي ) وجعل هؤلاء قادة للامة وتشبيههم بالنجوم من حيث الهداية قبيح في الغاية، يجل عنه كل عاقل فضلا عن خاتم النبيين واشرف الخلائق أجمعينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٥ - تخطئة الاصحاب بعضهم لبعض

لقد كان باب التخطئة مفتوحاً لدى أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل قد تجاوزت تخطئة بعضهم البعض حد الاعتدال وبلغت التكذيب والتجهيل التكفير، وتلك قضاياهم مدونة في كتب أهل السنة وأسفارهم، فكيف يصدق عاقل ان يكونوا جميعاً - والحالة هذه - أئمة في الدين وقادة المسلمين؟!

١٧٦

٦ - استعمالهم القياس

لقد كان في الاصحاب من يستعمل القياس ويتبع في ذلك سبيل أول من قاس ومن كان مخطئاً بيقين في المنصوصات ومستعملا للقياس في غيرها لا يستحق ان يكون نجم هداية.

٧ - جهلهم بالاحكام

لقد كان في الاصحاب - ومنهم المشايخ الثلاثة - من يرجع في الحوادث الواقعة الى غيره ملتمساً الحكم الشرعي فيها، بل كان فيهم من يعترف بأن « كل الناس أفقه منه حتى المخدرات في الحجال ».

ومن المستحيل ان ينصب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هؤلاء الجهال مراجع للامة في الاحكام وغيرها

بل كان فيهم من يحكم - لفرط جهله - احكاماً مختلفة متناقضة في الواقعة الواحدة

بل كان فيهم من لم يعرف معنى « الكلالة » رغم وجودها في القرآن الكريم وتفسير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها، وقد روي عن أبي بكر انه قال: « انى قد رأيت في الكلالة رأياً، فان كان صواباً فمن الله وحده لا شريك له وان يكن خطأ فمني والشيطان، والله بريء منه »(١) .

وقد روي في هذا المقام عن عمر بن الخطاب عجائب، رواها الطبري في تفسيره، وقد ذكرت بالتفصيل في ( تشييد المطاعن ).

والأعجب أنه كان الخليفة متى قرأ قوله تعالى:( يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ) قال: « اللهم من تبينت له الكلالة فلم تتبين لي ».

ولقد كان يقول « ما اراني أعلمها أبداً، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما قال » يشير الى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحفصة: « ما أرى أباك يعلمها

__________________

(١). راجع تفسير الطبري ٤ / ٢٨٣ - ٢٨٤.

١٧٧

أبداً ».

بل روي عنه أنه كان يقول « ثلاث لان يكون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينهن لنا أحبّ الىّ من الدنيا وما فيها: الخلافة والكلالة والربا ».

٨ - اقدام بعضهم على معاملة محرمة

لقد أقدم بعض كبار الصحابة في بعض معاملاته على أمر محرّم باطل، سبب بطلان حجّه وجهاده مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، على حدّ تعبير عائشة بنت أبي بكر.

وقد روى هذا الاثر كبار المحدثين في كتب المحدثين، وأئمة الفقه في كتبهم ومشاهير العلماء في التفسير وعلم الاصول في مؤلفاتهم، وإليك نصوص عبارات طائفة من هؤلاء الاعلام:

قال عبد الرحمن بن القاسم المالكي في كتاب ( المدوّنة الكبرى ): « وأخبرني ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أم يونس أن عائشة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قالت لها أم محبة أم ولد لزيد بن أرقم الانصاري: يا أم المؤمنين! أتعرفين زيد بن أرقم؟ قالت: نعم! قالت: فاني بعته عبداً الى العطاء بثمان مائة، فاحتاج الى ثمنه فاشتريته منه قبل الأجل بستمائة. فقالت بئس ما شريت وبئس ما اشتريت، أبلغي زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان لم يتب. قالت: فقلت: أفرأيت ان تركت المائتين وأخذت الستمائة؟ قالت: فنعم! من جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف ».

وقال عبد الرزاق بن همام الصنعاني في ( المصنف ) « أخبرنا معمر والثوري عن أبي اسحق السبيعي، عن امرأة دخلت على عائشة في نسوة فسألتها امرأة فقالت: يا أم المؤمنين! كانت لي جارية فبعتها من زيد بن أرقم بثمان مائة درهم ثم ابتعتها منه بستمائة فنقدته الستمائة وكتب عليه ثمان مائة فقالت عائشة: بئس ما اشتريت وما بئس ما اشترى! أخبري زيد بن

١٧٨

أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم الا أن يتوب، فقالت المرأة لعائشة: أرأيت ان أخذت رأس مالي ورددت اليه الفضل! فقالت: فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف ».

وقال أحمد بن حنبل الشيباني في ( مسنده ) « حدّثنا محمد بن جعفر: حدّثنا شعبة، عن أبي اسحاق، عن امرأة ( امرأته. ظ ) أنها دخلت على عائشة - هي وأم ولد زيد بن أرقم - فقالت أم ولد زيد بن أرقم لعائشة: اني بعت من زيد غلاماً بثمان مائة درهم نسية واشتريت بستمائة نقداً، فقالت عائشة: أبلغي زيداً أنك قد أبطلت جهادك مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الا أن تتوب! بئس ما اشتريت وبئس ما شريت! ».

وقال أبو بكر أحمد بن محمد المعروف بالجصاص الرازي الحنفي في كتاب ( أحكام القرآن ) في شرح أحكام آية الربا: « ومن الربا المراد من الاية شرى ما يباع بأقل من ثمنه قبل نقد الثمن. والدليل على أن ذلك رباً حديث يونس ابن اسحاق ( أبى اسحق. ظ ) عن أبيه عن أبي العالية قال ( العالية، قالت. ظ ) كنت عند عائشة فقالت لها امرأة: اني بعت زيد بن أرقم جارية لي الى عطائه بثمان مائة درهم وأنه أراد أن يبيعها فاشتريتها منه بستمائة، فقالت: بئسما شريت وبئسما اشتريت أبلغى زيد بن أرقم أنه أبطل جهاده مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان لم يتب! فقالت: يا أم المؤمنين! أرأيت ان لم آخذ الا رأس مالي فقالت:( فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ ) ، فدلّت تلاوتها لاية الربا عند قولها « أرأيت ان لم آخذ الا رأس مالي » أن ذلك كان عندها من الربا، وهذه التسمية طريقها التوقيف ».

وقال أبوزيد عبيد الله بن عمر بن عيسى الدبوسي الحنفي في كتاب ( تأسيس النظر ) في مسائل مبحث تقديم قول الصحابي على القياس: « ومنها اذا اشترى ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن لا يجوز، أخذنا بحديث عائشة رضي الله عنها وحديث زيد بن أرقم فحكمنا بفساد البيع وتركنا القياس،

١٧٩

وعند الامام أبي عبد الله الشافعي: البيع جائز، وأخذ فيه بالقياس ».

وقال شمس الائمة أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي في كتاب ( المبسوط ): « واذا باع رجل شيئاً بنقد أو بنسية فلم يستوف ثمنه حتى اشتراه بمثل ذلك الثمن أو أكثر منه جاز، وان اشتراه بأقل من ذلك الثمن لم يجز ذلك في قول علمائنارحمهم‌الله استحساناً، وفي القياس يجوز ذلك وهو قول الشافعي، لان ملك المشتري قد تأكد في المبيع بالقبض فيصح بيعه بعد ذلك بأي مقدار من الثمن باعه، كما لو باعه من غير البائع، ألا ترى أنه لو وهبه من البائع جاز ذلك، فكذلك اذا باعه منه بثمن يسير، ولأنه لو باعه من انسان آخر ثم باعه ذلك الرجل من البائع الاول بأقل من الثمن الاول جاز، فكذلك اذا باعه المشتري منه.

الا أنّا استحسنا لحديث عائشة، رضي الله عنها، فان امرأة دخلت عليها وقالت: اني بعت من زيد بن أرقم جارية لي بثمان مائة درهم الى العطاء ثم اشتريتها منه بستمائة درهم قبل محل الاجل. فقالت عايشة رضي الله عنها: بئسما اشتريت، أبلغي زيد بن أرقم شريت وبئس أن الله تعالى أبطل حجه وجهاده مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان لم يتب فأتاها زيد بن أرقم معتذراً، فتلت قوله تعالى:( فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ ) .

فهذا دليل على أن فساد هذا العقد كان معروفاً بينهم، وأنها سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لان أجزية الجرائم لا تعرف بالرأي، وقد جعلت جزاءه على مباشرة هذا العقد بطلان الحج والجهاد، فعرفنا من ذلك كالمسموع من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واعتذار زيدرضي‌الله‌عنه اليها دليل على ذلك لانّ في المجتهدات كان يخالف بعضهم بعضاً، وما كان يعتذر أحدهم الى صاحبه فيها ».

وقال ملك العلماء علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاشاني الحنفي في كتاب ( بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ) في مسألة « شراء ما باع بأقل من ثمنه قبل نقد الثمن »: « ولنا ما روي أن امرأة جاءت الى سيدتنا عائشة

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483