وسائل الشيعة الجزء ١٧

وسائل الشيعة12%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 483

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 483 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 307814 / تحميل: 183391
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الذكور!! فإذن أنتم أسباطه وأبناء بنته ، لا أولاده وذرّيّته!!

قلت : ما كنت أحسبك معاندا أو لجوجا ، وإلاّ لما قمت مقام المجيب على سؤالكم ، ولما قبلت الحوار معكم!

الحافظ : لا يا صاحبي! لا يلتبس الأمر عليك ، فإنّا لا نريد المراء واللّجاج وإنّما نريد أن نعرف الحقيقة ، فإنّي وكثير من العلماء نظرنا في الموضوع ما بيّنته لكم ، فإنّا نرى أنّ عقب الإنسان ونسله إنّما هو من الأولاد الذكور لا البنات ، وذلك كما يقول الشاعر في هذا المجال :

بنونا بنو أبنائنا ، وبناتنا

بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد

فإن كان عندكم دليل على خلافه يدلّ على أنّ أولاد بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أولاده وذرّيّته فبيّنوه لنا حتّى نعرفه ، وربّما نقتنع به فنكون لكم من الشاكرين.

قلت : إنّ الدلائل من كتاب الله (عزّ وجلّ) والروايات المعتبرة لدى الفريقين على ذلك قويّة جدّا.

الحافظ : أرجو منكم أن تبيّنوها حتّى نستفيد بذلك.

قلت : إنّي وفي أثناء كلامكم تذكرت مناظرة حول الموضوع ، جرت بين الخليفة العبّاسي هارون ، وبين : الإمام أبي إبراهيم موسى بن جعفر الكاظمعليه‌السلام ، فقد أجابهعليه‌السلام بجواب كاف وشاف اقتنع به هارون وصدّقه.

الحافظ : كيف كانت تلك المناظرة أرجو أن تبيّنوها لنا؟

قلت : قد نقل هذه المناظرة علماؤنا الأعلام في كتبهم المعتبرة ، منهم : ثقة عصره ، ووحيد دهره ، الشيخ الصدوق في كتابه القيّم : «عيون أخبار الرضا»(١) .

__________________

(١) عيون أخبار الرضا : ج ١ ص ٨٤ ح ٩.

٢١

ومنهم : علاّمة زمانه ، وبحّاثة قرنه ، الشيخ الطبرسي في كتابه الثمين : «الاحتجاج» وأنا أنقلها لكم من كتاب «الاحتجاج»(١) وهو كتاب علمي قيّم ، يضم بين دفّتيه أضخم تراث علمي وأدبي لا بدّ لأمثالك أيّها الحافظ من مطالعته ، حتّى ينكشف لكم الكثير من الحقائق العلمية والوقائع التاريخية الخافية عليكم.

أولاد البتولعليها‌السلام ذرية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

روى العلاّمة الطبرسي أبو منصور أحمد بن علي في الجزء الثاني من كتابه : «الاحتجاج» رواية مفصّلة وطويلة تحت عنوان : «أجوبة الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام لأسئلة هارون» وآخر سؤال وجواب ، كان حول الموضوع الذي يدور الآن بيننا ، وإليكم الحديث بتصرّف :

هارون : لقد جوّزتم للعامّة والخاصة أن ينسبوكم إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويقولوا لكم : يا أولاد رسول الله ، وأنتم بنو عليّ ، وإنّما ينسب المرء إلى أبيه ، وفاطمة إنّما هي وعاء ، والنبيّ جدّكم من قبل أمّكم؟؟!

الإمامعليه‌السلام : لو أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نشر فخطب إليك كريمتك ، هل كنت تجيبه؟!

هارون : سبحان الله! ولم لا أجيبه ، وأفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك.

الإمامعليه‌السلام : لكنّه لا يخطب إليّ ، ولا أزوّجه.

هارون : ولم؟! الإمامعليه‌السلام : لأنّه ولدني ولم يلدك.

__________________

(١) الاحتجاج : ج ٢ المناظرة رقم ٢٧١ ص ٣٣٥.

٢٢

هارون : أحسنت!!

ولكن كيف قلتم : إنّا ذرّيّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والنبيّ لم يعقّب؟! وإنّما العقب للذّكر لا للأنثى ، وأنتم ولد بنت النبي ، ولا يكون ولدها عقبا لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !!

الإمامعليه‌السلام : أسألك بحقّ القرابة والقبر ومن فيه إلاّ أعفيتني عن هذه المسألة.

هارون : لا أو تخبرني بحجّتكم فيه يا ولد علي! وأنت يا موسى يعسوبهم وإمام زمانهم ، كذا أنهي لي ، ولست أعفيك في كلّ ما أسألك عنه ، حتّى تأتيني فيه بحجّة من كتاب الله ، وأنتم معشر ولد عليّ تدّعون : أنّه لا يسقط عنكم منه شيء ، ألف ولا واو ، إلاّ تأويله عندكم واحتججتم بقوله (عزّ وجلّ) :( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ) (١) وقد استغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم!!

الإمامعليه‌السلام : تأذن لي في الجواب؟

هارون : هات.

الإمامعليه‌السلام : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٢) فمن أبو عيسىعليه‌السلام ؟!

هارون : ليس لعيسى أب!

الإمامعليه‌السلام : فالله (عزّ وجلّ) ألحقه بذراري الأنبياء عن طريق أمّه مريمعليها‌السلام وكذلك ألحقنا بذراري النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قبل أمّنا فاطمةعليها‌السلام

__________________

(١) سورة الأنعام ، الآية ٣٨.

(٢) سورة الأنعام ، الآية ٨٤ و ٨٥.

٢٣

هل أزيدك؟

هارون : هات.

الإمامعليه‌السلام : قال الله تعالى :( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (١) ولم يدّع أحد أنّه أدخله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت الكساء [و] عند مباهلة النصارى ، إلاّ عليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسينعليه‌السلام ، واتّفق المسلمون : أنّ مصداق :( أَبْناءَنا ) في الآية الكريمة : الحسن والحسين عليهما السّلام ، و( نِساءَنا ) : فاطمة الزهراءعليها‌السلام ( وَأَنْفُسَنا ) : عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

هارون : أحسنت يا موسى! ارفع إلينا حوائجك.

الإمامعليه‌السلام : ائذن لي أن أرجع إلى حرم جدّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأكون عند عيالي.

هارون : ننظر إن شاء الله(٢) .

الاستدلال بكتب العامة ورواياتهم

هناك دلائل كثيرة جاءت في نفس الموضوع تدلّ على ما ذكرناه ،

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية ٦١.

(٢) لكن ما زال الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام بعيدا عن حرم جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مفارقا لأهله وعياله ، ينقل من سجن الى سجن ، مكبّلا بالقيد والحديد وفي ظلم المطامير حتّى قضى بدسّ هارون السمّ إليه مسموما شهيدا صلوات الله وسلامه عليه. «المترجم».

٢٤

وقد سجّلها علماؤكم ونقلها حفّاظكم ورواتكم.

منهم : الإمام الرازي في الجزء الرابع من «تفسيره الكبير»(١) وفي الصفحة [١٢٤] من المسألة الخامسة قال في تفسير هذه الآية من سورة الأنعام : إنّ الآية تدلّ على أنّ الحسن والحسين [عليهما السّلام] ذرّيّة رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) لأنّ الله جعل في هذه الآية عيسى من ذرّيّة إبراهيم ولم يكن لعيسى أب ، وإنّما انتسابه إليه من جهة الامّ ، وكذلك الحسن والحسين [عليهما السّلام] فإنّهما من جهة الامّ ذرّيّة رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).

كما إنّ [الإمام] الباقر [عليه‌السلام ] استدل للحجّاج الثقفي بهذه الآية لإثبات أنّهم ذرّيّة رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) أيضا(٢) :

ومنهم : ابن أبي الحديد في : «شرح نهج البلاغة» ، وأبو بكر الرازي في تفسيره استدلّ على أنّ الحسن والحسين عليهما السّلام أولاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جهة أمّهم فاطمةعليها‌السلام بآية المباهلة وبكلمة :( أَبْناءَنا ) كما نسب الله تعالى في كتابه الكريم عيسى إلى إبراهيم من جهة أمّه مريمعليها‌السلام .

ومنهم : الخطيب الخوارزمي ، فقد روى في «المناقب» والمير السيّد علي الهمداني الشافعي في كتابه «مودّة القربى» والإمام أحمد بن حنبل

__________________

(١) التفسير الكبير للإمام الفخر الرازي : المجلد السابع ج ١٣ ، ص ٦٦.

(٢) المروي في كتاب الاحتجاج : ج ٢ ص ١٧٥ المناظرة ٢٠٤ أن الإمام الباقرعليه‌السلام استدل بهذه الآية في حديثه مع أبي الجارود ، فراجع.

٢٥

وهو من فحول علمائكم في مسنده ، وسليمان الحنفي البلخي في «ينابيع المودّة»(١) بتفاوت يسير : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ـ وهو يشير إلى الحسن والحسين عليهما السّلام ـ : «ابناي هذان ريحانتاي من الدنيا ، ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا».

ومنهم : محمد بن يوسف الشافعي ، المعروف بالعلاّمة الكنجي ، ذكر في كتابه «كفاية الطالب» فصلا بعد الأبواب المائة بعنوان : «فصل : في بيان أنّ ذرّيّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من صلب عليّ [عليه‌السلام ]» جاء فيه بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الله (عزّ وجلّ) جعل ذرّيّة كلّ نبي في صلبه ، وإنّ الله (عزّ وجلّ) جعل ذرّيّتي في صلب عليّ بن أبي طالب»(٢) .

ورواه ابن حجر المكي في صواعقه المحرقة : ص ٧٤ و ٩٤ عن الطبراني ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ؛ كما ورواه أيضا الخطيب الخوارزمي في «المناقب» عن ابن عبّاس.

قلت(٣) : ورواه الطبراني في معجمه الكبير في ترجمة الحسن ، ثمّ قال :

فإن قيل : لا اتّصال لذرّيّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعليّ [عليه‌السلام ] إلاّ من جهة فاطمة [عليها‌السلام ] وأولاد البنات لا تكون ذرّيّة ، لقول الشاعر :

__________________

(١) ينابيع المودة : الباب ٥٤ ص ١٩٣ وفيه : عن الترمذي عن ابن عمر قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «ان الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا»

(٢) كفاية الطالب : ص ٣٧٩.

(٣) والقائل هو الكنجي الشافعي تعقيبا لما رواه.

٢٦

بنونا بنو أبنائنا ، وبناتنا

بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد

قلت : في التنزيل حجّة واضحة تشهد بصحّة هذه الدعوى وهو قوله (عزّ وجلّ)(١) :( وَوَهَبْنا لَهُ ) [أي : إبراهيم]( إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ ) ـ إلى أن قال : ـ( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى ) فعدّ عيسى [عليه‌السلام ] من جملة الذرّيّة الّذين نسبهم إلى نوح [عليه‌السلام ] وهو ابن بنت لا اتّصال له إلاّ من جهة أمّه مريم.

وفي هذا دليل مؤكّد على أنّ أولاد فاطمة [عليها‌السلام ] هم ذرّيّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا عقب له إلاّ من جهتها ، وانتسابهم إلى شرف النبوّة ـ وإن كان من جهة الامّ ـ ليس بممنوع ، كانتساب عيسى إلى نوح ، إذ لا فرق.

وروى الحافظ الكنجي الشافعي في آخر هذا الفصل ، بسنده عن عمر بن الخطّاب ، قال : سمعت رسول الله يقول : كلّ بني انثى فإنّ عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة ، فإنّي أنا عصبتهم وأنا أبوهم(٢) .

قال العلاّمة الكنجي : رواه الطبري في ترجمة الحسن.

هذا ، وقد نقله أيضا بتفاوت يسير وزيادة في أوّله ، بأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : كلّ حسب ونسب منقطع يوم القيامة ما خلا حسبي ونسبي(٣) .

أقول : ونقله كثير من علمائكم وحفّاظكم ، منهم الحافظ سليمان الحنفي في كتابه : «ينابيع المودّة»(٤) وقد أفرد بابا في الموضوع فرواه عن

__________________

(١) في سورة الأنعام : الآيتين ٨٤ و ٨٥.

(٢) كفاية الطالب : ص ٣٨١.

(٣) كفاية الطالب : ص ٣٨٠.

(٤) ينابيع المودة ، الباب ٥٧ ص ٣١٨.

٢٧

أبي صالح ، والحافظ عبد العزيز بن الأخضر ، وأبي نعيم في معرفة الصحابة ، والدارقطني والطبراني في الأوسط.

ومنهم : الشيخ عبد الله بن محمد الشبراوي في : «الإتحاف بحبّ الأشراف».

ومنهم : جلال الدين السيوطي في : «إحياء الميت بفضائل أهل البيت»(١) .

ومنهم : أبو بكر ابن شهاب الدين في : «رشفة الصادي في بحر فضائل بني النبيّ الهادي» ط. مصر ، الباب الثالث.

ومنهم : ابن حجر الهيثمي في «الصواعق المحرقة» الباب التاسع ، الفصل الثامن ، الحديث السابع والعشرون» قال : أخرج الطبراني عن جابر ، والخطيب عن ابن عبّاس ونقل الحديث.

وروى ابن حجر أيضا في «الصواعق الباب الحادي عشر ، الفصل الأول ، الآية التاسعة ...» : وأخرج أبو الخير الحاكمي ، وصاحب «كنوز المطالب في بني أبي طالب» إنّ عليّا دخل على النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) وعنده العبّاس ، فسلّم فردّ عليه (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) السلام وقام فعانقه وقبّل ما بين عينيه وأجلسه عن يمينه.

فقال له العبّاس : أتحبّه؟

قال (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : يا عمّ! والله الله أشدّ حبّا له منّي ، إنّ الله (عزّ وجلّ) جعل ذرّيّة كلّ نبيّ في صلبه ، وجعل ذرّيّتي في صلب هذا.

__________________

(١) من الحديث ٢٩ ص ٢٨ الى الحديث ٣٤ ص ٣٢.

٢٨

ورواه العلاّمة الكنجي الشافعي في كتابه : «كفاية الطالب الباب السابع»(١) بسنده عن ابن عبّاس.

وهناك مجموعة كبيرة من الأحاديث الشريفة المعتبرة ، المرويّة في كتبكم ، المقبولة عند علمائكم ، تقول : إنّ النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) كان يعبّر عن الحسن والحسين عليهما السّلام ، بأنّهما ابناه ، ويعرّفهما لأصحابه ويقول : هذان ابناي

وجاء في تفسير : «الكشّاف» وهو من أهمّ تفاسيركم ، في تفسير آية المباهلة : لا دليل أقوى من هذا على فضل أصحاب الكساء ، وهم : عليّ وفاطمة والحسنان ، لأنّها لمّا نزلت ، دعاهم النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) فاحتضن الحسين وأخذ بيد الحسن ومشت فاطمة خلفه وعليّ خلفهما ، فعلم : إنّهم المراد من الآية ، وإنّ أولاد فاطمة وذرّيّتهم يسمّون أبناءه وينسبون إليه (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) نسبة صحيحة نافعة في الدنيا والآخرة(٢) .

وكذلك الشيخ أبو بكر الرازي في «التفسير الكبير» في ذيل آية المباهلة ، وفي تفسير كلمة :( أَبْناءَنا ) له كلام طويل وتحقيق جليل ، أثبت فيه أنّ الحسن والحسين هم ابنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذرّيّته ، فراجع(٣) .

__________________

(١) كفاية الطالب : الباب السابع ، ص ٧٩.

(٢) الكشاف : ج ١ ص ٣٦٨.

(٣) حول آية المباهلة والحسنينعليهما‌السلام :لقد أجمع المفسّرون على أنّ( أَبْناءَنا ) في آية المباهلة إشارة إلى الحسن

٢٩

__________________

والحسين عليهما السّلام ، وأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخرجهما معه يوم المباهلة مجيبا أمر الله (عزّ وجلّ) ، وقد أجمع عليه المحدّثون والمؤرّخون من المسلمين.

وإليك بعض المدارك والمصادر في هذا الباب :

١ ـ الحافظ مسلم بن الحجّاج ، في صحيحه ، ج ٧ ص ١٢٠ ، ط. محمد علي صبيح ـ مصر.

٢ ـ الإمام أحمد بن حنبل ، في مسنده ، ج ١ ص ١٨٥ ، ط. مصر.

٣ ـ العلاّمة الطبري ، في تفسيره ، ج ٣ ص ١٩٢ ، ط. الميمنية ـ مصر.

٤ ـ العلاّمة أبو بكر الجصّاص ـ المتوفّى سنة ٢٧٠ ه‍ ـ في كتاب «أحكام القرآن» ج ٢ ص ١٦ ، قال فيه : إنّ رواة السير ونقلة الاثر لم يختلفوا في أنّ النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) أخذ بيد الحسن والحسين وعليّ وفاطمة رضي الله عنهم ودعا النصارى الّذين حاجّوه إلى المباهلة إلى آخره.

٥ ـ الحاكم ، في «المستدرك» ج ٣ ص ١٥٠ ، ط حيدرآباد الدكن.

٦ ـ العلاّمة الثعلبي ، في تفسيره في ذيل آية المباهلة.

٧ ـ الحافظ أبو نعيم ، في كتاب «دلائل النبوّة» ص ٢٩٧ ، ط. حيدرآباد.

٨ ـ العلاّمة الواحدي النيسابوري ، في كتاب : «أسباب النزول» ص ٧٤ ، ط. مصر.

٩ ـ العلاّمة ابن المغازلي في كتابه مناقب علي بن أبي طالب (ع).

١٠ ـ العلاّمة البغوي ، في كتابه «معالم التنزيل» ج ١ ص ٣٠٢.

وفي كتابه «مصابيح السنّة» ج ٢ ص ٢٠٤ ، ط المطبعة الخيرية.

١١ ـ العلاّمة الزمخشري ، في تفسير : «الكشّاف» ج ١ ص ١٩٣ ، ط. مصطفى محمد.

١٢ ـ العلاّمة أبو بكر ابن العربي ، في كتاب «أحكام القرآن» ج ١ ص ١١٥ ، ط.

مطبعة السعادة بمصر.

٣٠

__________________

١٣ ـ العلاّمة الفخر الرازي ، في «التفسير الكبير» ج ٨ ص ٨٥ ، ط. البهية بمصر.

١٤ ـ العلاّمة المبارك ابن الأثير ، في «جامع الاصول» ج ٩ ص ٤٧٠ ، ط. المطبعة المحمدية بمصر.

١٥ ـ الحافظ شمس الدين الذهبي ، في تلخيصه المطبوع في ذيل مستدرك الحاكم ، ج ٣ ص ١٥٠ ، ط. حيدرآباد.

١٦ ـ الشيخ محمد بن طلحة الشافعي ، في «مطالب السئول».

١٧ ـ العلاّمة الجزري ، في كتاب «أسد الغابة» ج ٤ ص ٢٥ ، ط. الاول بمصر.

١٨ ـ العلاّمة سبط ابن الجوزي ، في «التذكرة» ص ١٧ ، ط. النجف.

١٩ ـ العلاّمة القرطبي ، في كتاب «الجامع لاحكام القرآن» ج ٣ ص ١٠٤ ، ط.

مصر ، سنة ١٩٣٦.

٢٠ ـ العلاّمة البيضاوي ، في تفسيره ، ج ٢ ص ٢٢ ، ط. مصطفى محمد بمصر.

٢١ ـ العلاّمة محبّ الدين الطبري ، في «ذخائر العقبى» ص ٢٥ ، ط. مصر سنة ١٣٥٦.

وفي كتابه الآخر «الرياض النضرة» ص ١٨٨ ، ط. الخانجي بمصر.

٢٢ ـ العلاّمة النسفي ، في تفسيره ، ج ١ ، ص ١٣٦ ، ط. عيسى الحلبي بمصر.

٢٣ ـ العلاّمة المهايمي ، في : «تبصير الرحمن وتيسير المنان» ج ١ ص ١١٤ ، ط.

مطبعة بولاق بمصر.

٢٤ ـ الخطيب الشربيني ، في تفسيره «السراج المنير» ج ١ ص ١٨٢ ، ط. مصر.

٢٥ ـ العلاّمة النيسابوري ، في تفسيره ، ج ٣ ص ٢٠٦ ، بهامش تفسير الطبري ، ط.

الميمنية بمصر.

٢٦ ـ العلاّمة الخازن ، في تفسيره ، ج ١ ص ٣٠٢ ، ط. مصر.

٣١

__________________

٢٧ ـ العلاّمة أبو حيّان الأندلسي ، في كتابه «البحر المحيط» ج ٢ ص ٤٧٩ ، ط ، مطبعة السعادة بمصر.

٢٨ ـ الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي ، في تفسيره ، ج ١ ص ٣٧٠ ، ط. مصطفى محمد بمصر.

وفي كتابه «البداية والنهاية» ج ٥ ص ٥٢ ، ط. مصر.

٢٩ ـ أحمد بن حجر العسقلاني ، في «الإصابة» ج ٢ ص ٥٠٣ ، ط. مصطفى محمد بمصر.

٣٠ ـ العلاّمة معين الدين الكاشفي ، في كتاب «معارج النبوّة» ج ١ ص ٣١٥ ، ط. لكنهو.

٣١ ـ ابن الصبّاغ المالكي ، في «الفصول المهمّة» ص ١٠٨ ، ط النجف.

٣٢ ـ جلال الدين السيوطي ، في «الدر المنثور» ج ٤ ص ٣٨ ، ط. مصر.

وفي كتابه «تاريخ الخلفاء» ص ١١٥ ، ط. لاهور.

٣٣ ـ ابن حجر الهيتمي ، في كتابه «الصواعق المحرقة» ص ١٩٩ ، ط. المحمدية بمصر.

٣٤ ـ أبو السعود أفندي ، شيخ الإسلام في الدولة العثمانية ، في تفسيره ، ج ٢ ص ١٤٣ ، ط. مصر ، المطبوع بهامش تفسير الرازي.

٣٥ ـ العلاّمة الحلبي ، في كتابه «السيرة المحمدية» ج ٣ ص ٣٥ ، ط. مصر.

٣٦ ـ العلاّمة الشاه عبد الحقّ الدهلوي ، في كتاب «مدارج النبوّة» ص ٥٠٠ ط. بومبي.

٣٧ ـ العلاّمة الشبراوي ، في كتاب «الإتحاف بحبّ الاشراف» ص ٥ ، ط. مصطفى الحلبي.

٣٨ ـ العلاّمة الشوكاني ، في كتاب «فتح القدير» ج ١ ص ٣١٦ ، طبع مصطفى الحلبي بمصر.

٣٩ ـ العلاّمة الآلوسي ، في تفسيره «روح المعاني» ج ٣ ص ١٦٧ ، ط. المنيرية بمصر.

٣٢

ثمّ قلت بعد ذلك : فهل يبقى ـ يا أيّها الحافظ! ـ بعد هذا كلّه ، محلّ للشعر الذي استشهدت به؟! بنونا بنو أبنائنا إلى آخره.

وهل يقوم هذا البيت من الشعر ، مقابل هذه النصوص الصريحة والبراهين الواضحة؟!

فلو اعتقد أحد بعد هذا كلّه ، بمفاد ذلك الشعر الجاهلي ـ الذي قيل في وصفه : إنه كفر من شعر الجاهلية ـ ، لردّه كتاب الله العزيز وحديث رسوله الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثمّ اعلم ـ أيّها الحافظ ـ أنّ هذا بعض دلائلنا في صحّة انتسابنا

__________________

٤٠ ـ العلاّمة الطنطاوي ، في تفسيره «الجواهر» ج ٢ ص ١٢٠ ، ط. مصطفى الحلبي بمصر.

٤١ ـ السيّد أبو بكر الحضرمي ، في كتاب «رشفة الصادي» ص ٣٥ ، ط. الإعلامية بمصر.

٤٢ ـ الشيخ محمود الحجازي ، في تفسير «الواضح» ج ٣ ص ٥٨ ، ط مصر.

٤٣ ـ العلاّمة صدّيق حسن خان ، في كتاب : «حسن الاسوة» ص ٣٢ ، ط. الجوائب بالقسطنطنية.

٤٤ ـ العلاّمة أحمد زيني دحلان ، في «السيرة النبوية» المطبوعة بهامش «السيرة الحلبية» ج ٣ ص ٤ ، ط. مصر.

٤٥ ـ السيّد محمد رشيد رضا ، في تفسير «المنار» ج ٣ ص ٣٢١ ، ط. مصر.

٤٦ ـ العلاّمة محمد بن يوسف الكنجي ، في كتابه «كفاية الطالب» الباب الثاني والثلاثين.

٤٧ ـ الحافظ سليمان الحنفي ، في كتابه : «ينابيع المودّة» ج ١ باب الآيات الواردة في فضائل أهل البيت ، الآية التاسعة.

«المترجم»

٣٣

إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبعض براهيننا على أنّنا ذرّيّته ونسله ، ولذا يحقّ لنا أن نفتخر بذلك ونقول :

أولئك آبائي فجئني بمثلهم

إذا جمعتنا يا جرير المجامع

الحافظ : إنّي اقرّ وأعترف بأنّ دلائلكم كانت قاطعة ، وبراهينكم ساطعة ، ولا ينكرها إلاّ الجاهل العنود ؛ كما وأشكركم كثيرا على هذه التوضيحات ، فلقد كشفتم لنا الحقيقة وأزحتم الشبهة عن أذهاننا.

صلاة العشاء

وهنا علا صوت المؤذّن في المسجد وهو يعلن وقت صلاة النساء ، والإخوة من العامّة ـ بخلافنا نحن الشيعة ـ يوجبون التفريق بين صلاتي الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، وقد يجمعون أحيانا ، وذلك لسبب كالمطر والسفر.

لذا فقد تهيّئوا جميعا للذهاب إلى المسجد ، فقال بعضهم : وبما أنّا نريد الرجوع بعد الصلاة إلى هذا المكان لمتابعة الحديث ، فالأحسن أن تقام جماعة في المسجد وجماعة في هذا المكان بالحاضرين ، حتّى لا يفترق جمعنا ولا يفوت وقتنا ، فهذه فرصة ثمينة يجب أن نغتنمها.

فوافق الجميع على هذا الاقتراح ، وذهب السيّد عبد الحيّ ـ إمام المسجد ـ ليقيم الجماعة فيه بالناس.

وأمّا الآخرون فقد أقاموا صلاة العشاء جماعة في نفس المكان ، واستمرّوا على ذلك في بقية الليالي التالية أيضا.

٣٤

مسألة الجمع أو التفريق بين الصلاتين

ولمّا استقرّ بنا المجلس بعد الصلاة ، خاطبني أحد الحاضرين ، ويدعى النوّاب عبد القيّوم خان ، وكان يعدّ من أعيان العامة وأشرافهم ، وهو رجل مثقّف يحبّ العلم والمعرفة ، فقال لي : في هذه الفرصة المناسبة التي يتناول العلماء فيها الشاي أستأذنكم لأطرح سؤالا خارجا عن الموضوع الّذي كنّا فيه ، ولكنّه كثيرا ما يتردّد على فكري ويختلج في صدري.

قلت : تفضّل واسأل ، فإنّي مستعدّ للاستماع إليك.

النوّاب : كنت أحبّ كثيرا أن ألتقي بأحد علماء الشيعة حتّى أسأله : أنّه لما ذا تسير الشيعة على خلاف السنّة النبوية حين يجمعون بين صلاتي الظهر والعصر ، وكذلك المغرب والعشاء؟!

قلت :

أولا : السادة العلماء ـ وأشرت إلى الحاضرين في المجلس ـ يعلمون أنّ آراء العلماء تختلف في كثير من المسائل الفرعية ، كما أنّ أئمّتكم ـ الأئمّة الأربعة ـ يختلفون في آرائهم الفقهيّة فيما بينهم كثيرا ، فلم يكن إذن الاختلاف بيننا وبينكم في مثل هذه المسألة الفرعية شيئا مستغربا.

ثانيا : إنّ قولك : الشيعة على خلاف السنّة النبوية ، ادّعاء وقول لا دليل عليه ، وذلك لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يجمع حينا ويفرّق اخرى.

النوّاب ـ وهو يتوجّه إلى علماء المجلس ويسألهم ـ : أهكذا كان يصنع رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يفرّق حينا ويجمع اخرى؟

٣٥

الحافظ : يلتفت إلى النوّاب ويقول في جوابه ـ : كان النبيّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) يجمع بين الصلاتين في موردين فقط : مورد السفر ، ومورد العذر من مطر وما أشبه ذلك ، لكي لا يشقّ على أمّته.

وأمّا إذا كان في الحضر ، ولم يكن هناك عذر للجمع ، فكان يفرّق ، وأظنّ أنّ السيّد قد التبس عليه حكم السفر والحضر!!

قلت : كلاّ ، ما التبس عليّ ذلك ، بل أنا على يقين من الأمر ، وحتّى أنّه جاء في الروايات الصحيحة عندكم : بأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يجمع بين الصلاتين في الحضر من غير عذر.

الحافظ : ربّما وجدتم ذلك في رواياتكم وتوهّمتم أنّها من رواياتنا!!

قلت : لا ، ليس كذلك ، فإنّ رواة الشيعة قد أجمعوا على جواز الجمع بين الصلاتين ، لأنّ الروايات في كتبنا صريحة في ذلك ، وإنّما الكلام والنقاش يدور فيما بين رواتكم حول الجمع وعدمه ، فقد نقلت صحاحكم وذكرت مسانيدكم ، أحاديث كثيرة وأخبارا صريحة في هذا الباب.

الحافظ : هل يمكنكم ذكر هذه الروايات والأحاديث وذكر مصادرها لنا؟

قلت : نعم ، هذا مسلم بن الحجّاج ، روى في صحيحه في باب «الجمع بين الصلاتين في الحضر» بسنده عن ابن عبّاس ، أنّه قال : صلّى رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) الظهر والعصر جمعا ، والمغرب والعشاء جمعا ، في غير خوف ولا سفر.

٣٦

وروى أيضا ، بسنده عن ابن عبّاس ، أنّه قال : صلّيت مع النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) ثمانيا جمعا ، وسبعا جمعا(١) .

وروى هذا الخبر بعينه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج ٢ ص ٢٢١ ، وأضاف إليه حديثا آخر عن ابن عبّاس أيضا ، أنّه قال : صلى رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) في المدينة مقيما غير مسافر ، سبعا وثمانيا.

وروى مسلم في صحيحه أخبارا عديدة في هذا المجال ، إلى أن روى في الحديث رقم ٥٧ ، بسنده عن عبد الله بن شقيق ، قال : خطبنا ابن عبّاس يوما بعد العصر حتّى غربت الشمس وبدت النجوم ، فجعل الناس يقولون : الصلاة ـ الصلاة! فلم يعتن ابن عبّاس بهم ، فصاح في هذه الأثناء رجل من بني تميم ، لا يفتر ولا ينثني : الصلاة الصلاة!

فقال ابن عبّاس : أتعلّمني بالسنّة؟ لا أمّ لك!

ثمّ قال : رأيت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) جمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء.

قال عبد الله بن شقيق : فحاك في صدري من ذلك شيء ، فأتيت أبا هريرة ، فسألته ، فصدّق مقالته.

وروى مسلم في صحيحه الحديث رقم ٥٨ ذلك أيضا بطريق آخر عن عبد الله بن شقيق العقيلي ، قال : قال رجل لابن عبّاس ـ لمّا طالت خطبته ـ : الصلاة! فسكت ، ثمّ قال : الصلاة! فسكت. ثمّ قال :

__________________

(١) يقصد بالثمان : ركعات الظهر والعصر ، وبالسبع : ركعات المغرب والعشاء ، في الحضر. «المترجم».

٣٧

الصلاة! فسكت ، ثمّ قال : لا أمّ لك! أتعلّمنا بالصلاة ، وكنّا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم)؟!

وروى الزرقاني وهو من كبار علمائكم ، في كتابه «شرح موطّأ مالك ج ١ ص ٢٦٣ ، باب الجمع بين الصلاتين» عن النسائي ، عن طريق عمرو بن هرم ، عن ابن الشعثاء ، أنّه قال : إنّ ابن عبّاس كان يجمع بين صلاتي الظهر والعصر ، وصلاتي المغرب والعشاء في البصرة ، وكان يقول : هكذا صلّى رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).

وروى مسلم في صحيحه ، ومالك في : «الموطّأ» وأحمد بن حنبل في «المسند» والترمذي في صحيحه في «باب الجمع بين الصلاتين» بإسنادهم عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، قال : جمع رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء بالمدينة ، من غير خوف ولا مطر ، فقيل لابن عبّاس : ما أراد بذلك؟

قال : أراد أن لا يحرج أحدا من أمّته.

هذه بعض رواياتكم في هذا الموضوع ، وهي أكثر من ذلك بكثير ، ولكن ربّما يقال : إنّ أوضح دليل على جواز الجمع بين الصلاتين من غير عذر ولا سفر ، هو : أنّ علماءكم فتحوا بابا في صحاحهم ومسانيدهم بعنوان : «الجمع بين الصلاتين» وذكروا فيه الروايات التي ترخّص الجمع مطلقا ، فيكون دليلا على جواز الجمع مطلقا ، في السفر والحضر ، مع العذر وبلا عذر.

ولو كان غير ذلك ، لفتحوا بابا مخصوصا للجمع في الحضر ، وبابا مخصوصا للجمع في السفر ، وبما أنّهم لم يفعلوا ذلك ، وإنّما

٣٨

سردوا الروايات في باب واحد ، كان ذلك دليلا على جواز الجمع مطلقا!

الحافظ : ولكنّي لم أجد في صحيح البخاري روايات ولا بابا بهذا العنوان.

قلت :

أوّلا : إنّه إذا روى سائر أصحاب الصحاح ـ غير البخاري ـ من مثل مسلم والترمذي والنسائي وأحمد بن حنبل ، وشرّاح صحيحي مسلم والبخاري ، وغيرهم من كبار علمائكم ، أخبارا وأحاديث في مطلب ما وأقرّوا بصحّتها ، ألا تكون رواية أولئك كافية في إثبات ذلك المطلب ، فيثبت إذن هدفنا ومقصودنا؟!

وثانيا : إنّ البخاري أيضا ذكر هذه الروايات في صحيحه ، ولكن بعنوان آخر ، وذلك في باب «تأخير الظهر إلى العصر» من كتاب مواقيت الصلاة ، وفي باب «ذكر العشاء والعتمة» وباب «وقت المغرب».

أرجو أن تطالعوا هذه الأبواب بدقّة وإمعان حتّى تجدوا أنّ كلّ هذه الأخبار والروايات الدالّة على جواز الجمع بين الصلاتين منقولة هناك أيضا.

الجمع بين الصلاتين عند علماء الفريقين

والحاصل : إنّ نقل هذه الاحاديث من قبل جمهور علماء الفريقين ـ مع الإقرار بصحّتها في صحاحهم ـ دليل على أنّهم أجازوا الجمع ورخّصوه ، وإلاّ لما نقلوا هذه الروايات في صحاحهم.

٣٩

كما أنّ العلاّمة النووي في «شرح صحيح مسلم» والعسقلاني والقسطلاني وزكريّا الأنصاري ، في شروحهم لصحيح البخاري ، وكذلك الزرقاني في «شرح موطّأ مالك» وغير هؤلاء من كبار علمائكم ذكروا هذه الأخبار والروايات ، ثمّ وثّقوها وصحّحوها ، وصرّحوا بأنّها تدلّ على الجواز والرخصة في الجمع بين الصلاتين في الحضر من غير عذر ولا مطر ، وخاصة بعد رواية ابن عبّاس وتقرير صحّتها ، فإنّهم علّقوا عليها بأنّها صريحة في جواز الجمع مطلقا ، وذلك حتّى لا يكون أحد من الأمّة في حرج ومشقّة.

النوّاب ـ وهو يقول متعجبا ـ : كيف يمكن مع وجود هذه الأخبار والروايات المستفيضة والصريحة في جواز الجمع بين الصلاتين ، ثمّ يكون علماؤنا على خلافها حكما وعملا؟!

قلت ـ بديهي ، ومع كامل العذر على الصراحة ـ : إنّ عدم التزام علمائكم بالنصوص الصريحة والروايات الصحيحة لا تنحصر ـ مع كلّ الأسف ـ بهذا الموضوع فقط ، بل هناك حقائق كثيرة نصّ عليها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وصرّح بها في حياته ، ولكنّهم لم يلتزموا بها ، وإنّما تأوّلوها وأخفوا نصّها عن عامة الناس ، وسوف تنكشف لكم بعض هذه الحقائق خلال البحث والنقاش في موضوع الإمامة وغيره إن شاء الله تعالى.

وأمّا هذا الموضوع بالذات ، فإنّ فقهاءكم لم يلتزموا ـ أيضا ـ بالروايات التي وردت فيه مع صراحتها ، وإنّما أوّلوها بتأويلات غير مقبولة عرفا.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

[ ٢٢٤٢٨ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن صفوان، عن معلّى أبي عثمان عن معلّى بن خنيس قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يسافر فيركب البحر فقال: إنّ أبي( عليه‌السلام ) كان يقول: إنّه يضر بدينك، هوذا الناس يصيبون أرزاقهم ومعيشتهم.

وبإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن صفوان بن يحيى نحوه(١) .

ورواه الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن صفوان مثله(٢) .

[ ٢٢٤٢٩ ] ٤ - وعنه، عن عبدالله بن جبلة، عن ابن بكير، عن عبيد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان أبي يكره ركوب البحر للتجارة.

[ ٢٢٤٣٠ ] ٥ - وعنه، عن عبدالله بن جبلة، ومحمّد بن العباس، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) أنّه كره ركوب البحر للتجارة.

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن مسلم مثله(٣) .

[ ٢٢٤٣١ ] ٦ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم رفعه قال: قال عليّ( عليه‌السلام ) : ما أجمل في الطلب من ركب البحر للتجارة.

____________________

٣ - التهذيب ٦: ٣٨٨ / ١١٦٠.

(١) التهذيب ٦: ٣٨٠ / ١١١٩.

(٢) الكافي ٥: ٢٥٧ / ٥.

٤ - التهذيب ٦: ٣٨١ / ١١٢٠، وأورد مثله عن الفقيه في الحديث ١ من الباب ٦٠ من أبواب آداب السفر.

٥ - التهذيب ٦: ٣٨٠ / ١١١٨.

(٣) الفقيه ١: ٢٩٣ / ١٣٣٣.

٦ - الكافي ٥: ٢٥٦ / ٢.

٢٤١

[ ٢٢٤٣٢ ] ٧ - وعنه، عن أبيه، عن عليّ بن أسباط قال: حملت معي متاعاً إلى مكة فبار عليّ، فدخلت به المدينة على أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) وقلت له: إنّي حملت متاعاً قد بار عليّ وقد عزمت إنّ أصير إلى مصر فأركب براً أو بحراً، فقال: مصر الحتوف يقيض لها أقصر الناس أعماراً.

وقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ما أجمل في الطلب من ركب البحر الحديث.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في آداب السفر(١) .

٦٨ - باب كراهة التجارة في أرض لا يصلى فيها إلّا على الثلج

[ ٢٢٤٣٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) إنّ رجلاً أتى أبا جعفر( عليه‌السلام ) فقال: أصلحك الله إنّا نتّجر إلى هذه الجبال فنأتي منها على أمكنة لا نقدر أن نصلّي إلّا على الثلج، فقال: أفلا ترضى إنّ تكون مثل فلان؟ يرضى بالدون، ثمّ قال لا تطلب التجارة في أرض لا تستطيع أن تصلّي إلا على الثلج.

ورواه الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله،

____________________

٧ - الكافي ٥: ٢٥٦ / ٣، وأورد نحوه في الحديث ٥ من الباب ١ من أبواب صلاة الاستخارة، وقطعة منه عن قرب الإِسناد في الحديث ٨ من الباب ٢٠، واُخرى في الحديث ٧ من الباب ٦٠ من أبواب آداب السفر.

(١) تقدم في الباب ٦٠ من أبواب آداب السفر.

الباب٦٨

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٦: ٣٨١ / ١١٢١.

٢٤٢

عن محمّد بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) نحوه(١) .

٦٩ - باب استحباب اختيار الإِنسان التجارة وطلب المعيشة في بلده إنّ امكن

[ ٢٢٤٣٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد ابن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن بعض أصحابه قال: قال عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) : إنّ من سعادة المرء إنّ يكون متجره في بلاده، ويكون خلطاؤه صالحين، ويكون له ولد يستعين بهم.

ورواه الصدوق مرسلاً(٢) .

[ ٢٢٤٣٥ ] ٢ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن عثمان بن عيسى مثله، وزاد: ومن شقاء المرء إنّ يكون عنده امرأة هو معجب بها وهي تخونه.

[ ٢٢٤٣٦ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحسن

____________________

(١) الكافي ٥: ٢٥٧ / ٦.

الباب ٦٩

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٢٥٧ / ١، وأورده في الحديث ٧ من الباب ١ من أبواب أحكام الأولاد، وعن الفقيه والخصال في الحديث ١ من الباب ٥٩ من أبواب آداب التجارة.

(٢) الفقيه ٣: ٩٩ / ٣٨٥.

٢ - الكافي ٥: ٢٥٨ / ٣.

٣ - الكافي ٥: ٢٥٨ / ٢.

٢٤٣

التيمي(١) ، عن جعفر بن بكر، عن عبدالله بن أبي سهل، عن عبدالله بن عبد الكريم(٢) قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) ثلاثة من السعادة: الزوجة المواتية، والاولاد البارّون، والرجل يرزق معيشته ببلده يغدو إلى أهله ويروح.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد نحوه(٣) .

[ ٢٢٤٣٧ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن عبد الحميد بن عواض الطائي قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّي اتخذت رحى فيها مجلسي ويجلس إلي فيها أصحابي، فقال: ذلك رفق الله.

٧٠ - باب تحريم أكل مال اليتيم ظلما ً

[ ٢٢٤٣٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن عجلان أبي صالح قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن أكل مال اليتيم؟ فقال: هو كما قال الله عزّوجلّ:( إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموالَ اليَتَامى ظُلماً إِنَّمَا يَأكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصلَونَ سَعِيراً ) (٤) ثمّ قال من غير إنّ أسأله: من عال يتيماً حتّى ينقطع يتمه أو يستغني بنفسه أوجب الله عزّوجلّ له الجنة كما أوجب النار لمن أكل

____________________

(١) في المصدر: عليّ بن الحسين التيمي.

(٢) في نسخة: حمّاد، عن عبد الكريم ( هامش المخطوط ) وكذا في التهذيب.

(٣) التهذيب ٧: ٢٣٦ / ١٠٣٢.

٤ - الكافي ٥: ٣١٠ / ٢٦.

الباب ٧٠

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٢٨ / ٢.

(٤) النساء ٤: ١٠.

٢٤٤

مال اليتيم.

[ ٢٢٤٣٩ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : أوعد الله عزّوجلّ في أكل مال اليتيم بعقوبتين: احداهما عقوبة الآخرة النار، وأمّا عقوبة الدنيا فقوله عزّوجلّ:( وَليخشَ الَّذِينَ لَو تَرَكُوا مِنْ خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِم ) (١) الآية - يعني ليخش أن اخلفه في ذريّته - كما صنع بهؤلاء اليتامى.

ورواه الصدوق بإسناده عن زرعة بن محمّد الحضرمي، عن سماعة(٢) .

ورواه في( عقاب الأعمال) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن، عن زرعة (٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٤) .

[ ٢٢٤٤٠ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: من ألفاظ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : شرّ المآكل أكل مال اليتيم ظلماً.

[ ٢٢٤٤١ ] ٤ - قال: وقال الصادق( عليه‌السلام ) : إنّ أكل مال اليتيم يخلفه(٥) وبال ذلك في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فإنّ الله تعالى يقول:

____________________

٢ - الكافي ٥: ١٢٨ / ١، وأورده في الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب الغصب.

(١) النساء ٤: ٩.

(٢) الفقيه ٣: ٣٧٣ / ١٧٥٩.

(٣) عقاب الأعمال: ٢٧٨ / ٢.

(٤) لم نعثر عليه في التهذيب المطبوع.

٣ - الفقيه ٤: ٢٧٢ / ٨٢٨.

٤ - الفقيه ٣: ١٠٦ / ٤٣٩.

(٥) في المصدر: سليحقه.

٢٤٥

( وَليخشَ الَّذِينَ لَو تَرَكُوا مِنْ خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِم فَليَتَّقُوا اللهَ ) (١) وأمّا في الآخرة فإنّ الله عزّوجلّ يقول:( إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموالَ اليَتَامى ظُلماً إِنَّمَا يَأكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصلَونَ سَعِيراً ) (٢) .

[ ٢٢٤٤٢ ] ٥ - وبإسناده عن محمّد بن سنان، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) فيما كتب إليه من جواب مسائله: وحرّم الله أكل مال اليتيم ظلماً لعلل كثيرة من وجوه الفساد: أول ذلك أنه إذا أكل الإنسان مال اليتيم ظلماً فقد أعإنّ على قتله، إذ اليتيم غير مستغن ولا محتمل لنفسه ولا قائم(٣) بشأنه، ولا له من يقوم عليه ويكفيه كقيام والديه فإذا أكل ماله فكأنّه قتله وصيره إلى الفقر والفاقة مع ما حرّم(٤) الله عليه وجعل له من العقوبة في قوله عزّوجلّ:( وَليخشَ الَّذِينَ لَو تَرَكُوا مِنْ خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِم فَليَتَّقُوا اللهَ ) (٥)

ولقول أبي جعفر( عليه‌السلام ) : إنّ الله أوعد في أكل مال اليتيم عقوبتين: عقوبة في الدنيا، وعقوبة في الآخرة، ففي تحريم مال اليتيم استبقاء(٦) اليتيم واستقلاله بنفسه والسلامة للعقب إنّ يصيبهم ما أصابه لما أوعد الله من العقوبة مع ما في ذلك من طلب اليتيم بثأره إذا أدرك وقوع الشحناء والعداوة والبغضاء حتّى يتفانوا.

ورواه في( العلل) و( عيون الأخبار) بأسانيد تأتي في آخر

____________________

(١) النساء ٤: ٩.

(٢) النساء ٤: ١٠.

٥ - الفقيه ٣: ٣٧٠ / ١٧٤٨.

(٣) في عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ولا عليم ( هامش المخطوط ).

(٤) في العلل: ما خوف ( هامش المخطوط ).

(٥) النساء ٤: ٩.

(٦) في العيون: استغناء ( هامش المخطوط ).

٢٤٦

الكتاب(١) .

[ ٢٢٤٤٣ ] ٦ - وفي( عقاب الأعمال) عن أبيه، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ في كتاب عليّ( عليه‌السلام ) إنّ أكل مال اليتيم سيدركه(٢) ذلك في عقبه من بعده في الدنيا ويلحقه وبال ذلك في الآخرة، أما في الدنيا فإنّ الله يقول:( وَليخشَ الَّذِينَ لَو تَرَكُوا مِنْ خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِم فَليَتَّقُوا اللهَ وَليَقُولُوا قَولاً سَدِيداً ) (٣) وأمّا في الآخرة فإن الله عزّوجلّ يقول:( إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموالَ اليَتَامى ظُلماً إِنَّمَا يَأكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصلَونَ سَعِيراً ) (٤) .

[ ٢٢٤٤٤ ] ٧ - وعن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عامر بن حكيم، عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من أكل مال اليتيم سلّط الله عليه من يظلمه أو على عقبه فإنّ الله يقول في كتابه:( وَليخشَ الَّذِينَ لَو تَرَكُوا مِنْ خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِم فَليَتَّقُوا اللهَ وَليَقُولُوا قَولاً سَدِيداً ) (٥) .

____________________

(١) علل الشرائع: ٤٨٠ / ١ وعيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٩٢وتأتي أسانيده في الفائدة الاولى / ٣٨٢ من الخاتمة.

٦ - عقاب الأعمال: ٢٧٧ / ١.

(٢) في المصدر زيادة: وبال.

(٣) النساء ٤: ٩.

(٤) النساء ٤: ١٠.

٧ - عقاب الأعمال: ٢٧٨ / ٣.

(٥) النساء ٤: ٩.

٢٤٧

[ ٢٢٤٤٥ ] ٨ - عليّ بن إبراهيم في( تفسيره) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لما أسري بي إلى السماء رأيت قوماً تقذف في أجوافهم النار، وتخرج من أدبارهم، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً.

وروى العياشي أحاديث كثيرة في هذا المعنى(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٧١ - باب جواز الاكل من طعام اليتيم إذا كان في مقابله نفع له بقدره أو يطعمه عوضه كذلك

[ ٢٢٤٤٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد ابن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي قال: قيل لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام

____________________

٨ - تفسير القمي ١: ١٣٢.

(١) راجع العياشي ١: ٢٢٣ - ٢٢٥.

(٢) تقدم في الحديثين ١ و ٣ من الباب ٥ من هذه الأبواب ، وفي الحديث ١٤ من الباب ٢ من ابواب مقدّمة العبادات، وفي الحديثين ٤، ٥ من الباب ٢ من أبواب الأنفال، وفي الباب ٤٦، وفي الحديث ٨ من الباب ٧٧ من أبواب جهاد النفس، وفي الحديثين ٦، ٨ من الباب ٤١ من أبواب الأمر والنهي.

(٣) يأتي في الحديث ١ من الباب ٧١، وفي الأحاديث ٢، ٣، ٤، ٥ من الباب ٧٦ من هذه الأبواب ، وفي الحديث ٢ من الباب ١١ من أبواب كيفّية الحكم، وفي الباب ٥ من أبواب بقية الحدود.

الباب ٧١

فيه حديثان

١ - الكافي ٥: ١٢٩ / ٤.

٢٤٨

ومعه(١) خادم لهم فنقعد على بساطهم ونشرب من مائهم ويخدمنا خادمهم، وربما طعمنا فيه الطعام من عند صاحبنا وفيه من طعامهم، فما ترى في ذلك؟ فقال: إنّ كان في دخولكم عليهم منفعة لهم فلا بأس، وإن كان فيه ضرر فلا، وقال( عليه‌السلام ) :( بَلِ الإِنسانُ على نَفسِهِ بَصِيرةً ) (٢) فأنتم لا يخفى عليكم وقد قال الله عزّوجلّ:( واللهُ يَعلَمُ الـمُفسِدَ مِنَ الـمُصلحِ ) (٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٤) .

[ ٢٢٤٤٧ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ذبيان بن حكيم الاودي، عن عليّ بن المغيرة قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّ لي ابنة أخ يتيمة فربما أُهدي لها الشيء فآكل منه ثمّ اطعمها بعد ذلك الشيء من مالي فأقول: يا رب هذا بذا فقال( عليه‌السلام ) : لا بأس.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٥) ويأتي ما يدلّ عليه(٦) .

____________________

(١) في المصدر: ومعهم.

(٢) القيامة ٧٥: ١٤.

(٣) البقرّة ٢: ٢٢٠.

(٤) التهذيب ٦: ٣٣٩ / ٩٤٧.

٢ - الكافي ٥: ١٢٩ / ٥.

(٥) تقدم ما يدلّ على تحريم أكل مال اليتيم ظلماً في الباب ٧٠ من هذه الأبواب

(٦) يأتي في الحديث ٤ من الباب ٧٣ من هذه الأبواب

٢٤٩

٧٢ - باب انه يجوز مال اليتيم والوصي إنّ يتناول منه اجرة مثله مع الحاجة

[ ٢٢٤٤٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل ابن زياد، وأحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قول الله عزّوجلّ:( فَليأكُل بِالمعرُوفِ ) (١) قال: المعروف هو القوت، وإنّما عنى الوصي أو القيم في أموالهم وما يصلحهم.

[ ٢٢٤٤٩ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد ابن إسماعيل، عن حنان بن سدير قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) سألني عيسى بن موسى عن القيّم للايتام في الإبل وما يحلّ له منها، فقلت له: إذا لاط حوضها وطلب ضالتها، وهنأ(٢) جرباها فله إنّ يصيب من لبنها في غير نهك لضرع، ولا فساد لنسل.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(٣) ، والّذي قبله بإسناده عن ابن محبوب مثله.

ورواه الحميريّ في( قرب الإسناد) عن محمّد بن عبد الحميد، وعبد الصمد بن محمّد جميعاً، عن حنان بن سدير نحوه، إلّا أنه نقل

____________________

الباب ٧٢

فيه ١١ حديثاً

١ - الكافي ٥: ١٣٠ / ٣، التهذيب ٦: ٣٤٠ / ٩٥٠.

(١) النساء ٤: ٦.

٢ - الكافي ٥: ١٣٠ / ٤.

(٢) هَنَأْت البعير: إذا طليته بالقطران والقطران دواء للجرب. ( الصحاح - هنأ - ١: ٨٤ ).

(٣) التهذيب ٦: ٣٤٠ / ٩٥١.

٢٥٠

الجواب عن ابن عبّاس(١) .

[ ٢٢٤٥٠ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجلّ:( وَمَن كانَ فقيراً فَليأكُل بِالمـَعروف ) (٢) فقال: ذلك رجل يحبس نفسه عن المعيشة فلا بأس أن يأكل بالمعروف إذا كان يصلح لهم أموالهم، فإنّ كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئاً الحديث.

[ ٢٢٤٥١ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قول الله عزّوجلّ:( وَمَن كانَ فقيراً فَليأكُل بِالمـَعروف ) (٣) قال: ومن كان يلي شيئاً لليتامى وهو محتاج ليس له ما يقيمه فهو يتقاضى أموالهم ويقوم في ضيعتهم فليأكل بقدر ولا يسرف فإنّ كانت ضيعتهم لا تشغله عمّا يعالج بنفسه فلا يرزإنّ من أموالهم شيئاً.

محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٤) ، وكذا الّذي قبله.

[ ٢٢٤٥٢ ] ٥ - وبإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن عليّ بن السندي، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عمّن تولّى مال اليتيم ماله إنّ يأكل منه؟ فقال: ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الاجر لهم فليأكل بقدر ذلك.

____________________

(١) قرب الإسناد: ٤٧.

٣ - الكافي ٥: ١٣٠ / ٥، والتهذيب ٦: ٣٤١ / ٩٥٢، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ٧٣ من هذه الأبواب

(٢) النساء ٤: ٦.

٤ - الكافي ٥: ١٢٩ / ١.

(٣) النساء ٤: ٦.

(٤) التهذيب ٦: ٣٤٠ / ٩٤٨.

٥ - التهذيب ٦: ٣٤٣ / ٩٦٠.

٢٥١

[ ٢٢٤٥٣ ] ٦ - الفضل بن الحسن الطبرسي في( مجمع البيان) عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما ( عليهما‌السلام ) قال: سألته عن رجل بيده ماشية لابن أخ له يتيم في حجره، أيخلط أمرها بأمر ماشيته؟ قال: إنّ كان يليط حوضها ويقوم على مهنتها ويردّ نادتها(١) فيشرب من ألبانها غير منهك للحلاب، ولا مضر بالولد.

[ ٢٢٤٥٤ ] ٧ - قال الطبرسي:( وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَليَأكُل بِالْمَعْرُوفِ ) (٢) معناه من كان فقيراً فليأخذ من مال اليتيم قدر الحاجة من الكفاية على جهة القرض، ثمّ يردّ عليه ما أخذ إذا وجد، وهو المروي عن الباقر( عليه‌السلام ) .

[ ٢٢٤٥٥ ] ٨ - والظاهر من روايات أصحابنا: إنّ له اجرة المثل سواء كان قدر الكفاية أو لم يكن.

محمّد بن مسعود العياشي في( تفسيره) عن محمّد بن مسلم نحوه (٣) .

وعن أبي حمزة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) نحوه(٤) .

[ ٢٢٤٥٦ ] ٩ - وعن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قول الله:( وَمَنْ كَانَ غَنِيَاً فَليستَعفف وَمَن كَانَ فَقِيراً

____________________

٦ - مجمع البيان ٢: ٩.

(١) النادّة: الشاردة. ( الصحاح - ندد - ٢: ٥٤٣ ).

٧ - مجمع البيان ٢: ٩.

(٢) النساء ٤: ٦.

٨ - مجمع البيان ٢: ١٠.

(٣) تفسير العياشي ١: ٢٢١ / ٢٨.

(٤) لم نعثر عليه في تفسير العياشي المطبوع.

٩ - تفسير العياشي ١: ٢٢٢ / ٣١.

٢٥٢

فَليَأكُل بِالـمَعرُوفِ ) (١) فقال: هذا رجل يحبس نفسه لليتيم على حرث أو ماشية ويشغل فيها نفسه فليأكل منه بالمعروف وليس له ذلك في الدنانير والدراهم التي عنده موضوعة.

[ ٢٢٤٥٧ ] ١٠ - وعن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن قول الله:( وَمَن كَانَ فَقِيراً فَليَأكُل بِالـمَعرُوفِ ) (٢) قال: ذلك إذا حبس نفسه في أموالهم فلا يحترف لنفسه فليأكل بالمعروف من مالهم.

[ ٢٢٤٥٨ ] ١١ - وعن رفاعة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قوله:( فَليَأكُل بِالـمَعرُوفِ ) (٣) قال: كان أبي يقول: إنّها منسوخة.

أقول: النسخ هنا بمعنى التخصيص، وله نظائر كثيرة في الاحاديث(٤) يعني: أنّها مخصوصة بما إذا عمل لهم عملاً فيأخذ اجرته لما مر(٥) أو الاباحة منسوخة بما دلّ على الكراهة دون التحريم، وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٦) .

____________________

(١) النساء ٤: ٦.

١٠ - تفسير العياشي ١: ٢٢٢ / ٣٢.

(٢) النساء ٤: ٦.

١١ - تفسير العياشي ١: ٢٢٢ / ٣٣.

(٣) النساء ٤: ٦.

(٤) له نظائر في الحديث من الباب ٩، وفي الحديث ٢٣ من الباب ١٣، وفي الحديثين ١، ٣ من الباب ١٤ من أبواب صفات القاضي.

(٥) مر في أحاديث نفس الباب.

(٦) تقدم في الباب ٧١ من هذه الأبواب

ويأتي ما يدلّ عليه في الحديث ٥ من الباب ٧٥ من هذه الأبواب

٢٥٣

٧٣ - باب جواز مخالطة اليتيم ومؤاكلته إذا لم تستلزم أكل ماله بغير عوض

[ ٢٢٤٥٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: قلت: أرأيت قول الله عزّوجلّ:( وَإِن تُخَالِطُوهُم فَإخوانُكُم ) (١) قال: تخرج من أموالهم قدر ما يكفيهم، وتخرج من مالك قدر ما يكفيك، ثمّ تنفقه.

قلت: أرأيت إنّ كانوا يتامى صغاراً وكباراً وبعضهم أعلى كسوة من بعض وبعضهم آكل من بعض ومالهم جميعاً، فقال: أما الكسوة فعلى كل إنسان منهم ثمن كسوته وأمّا الطعام فاجعلوه جميعاً، فإنّ الصغير يوشك إنّ يأكل مثل الكبير.

ورواه العياشي في( تفسيره) عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) مثله(٢) .

وعن محمّد الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) وعن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) مثلهُ إلى قوله( عليه‌السلام ) : ثمّ تنفقه(٣) .

[ ٢٢٤٦٠ ] ٢ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن

____________________

الباب ٧٣

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٣٠ / ٥، التهذيب ٦: ٣٤١ / ٩٥٢، وأورد صدره في الحديث ٣ من الباب ٧٢ من هذه الأبواب

(١) البقرّة ٢: ٢٢٠.

(٢) تفسير العياشي ١: ١٠٧ / ٣١٨.

(٣) تفسير العياشي ١: ١٠٨ / ٣٢٢ و ٣٢٣.

٢ - الكافي ٥: ١٢٩ / ٢.

٢٥٤

سماعة قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن قول الله عزّوجلّ( وَإِن تُخَالِطُوهُم فَإخوانُكُم ) (١) فقال: يعني: اليتامى إذا كان الرّجل يلي لأيتام في حجره فليخرج من ماله على قدر ما يحتاج إليه، على قدر ما يخرجه لكلّ إنسان منهم فيخالطهم ويأكلون جميعاً، ولا يرزان من أموالهم شيئاً، إنما هي النار.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد نحوه(٢) ، وكذا الّذي قبله.

[ ٢٢٤٦١ ] ٣ - محمّد بن مسعود العياشي في( تفسيره) عن علي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن قول الله في اليتامى:( وَإِن تُخَالِطُوهُم فَإخوانُكُم ) (٣) قال: يكون لهم التمر واللبن، ويكون لك مثله على قدر ما يكفيك ويكفيهم، ولا يخفى على الله المفسد من المصلح.

[ ٢٢٤٦٢ ] ٤ - وعن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) قال: قلت له: يكون لليتيم عندي الشيء وهو في حجري أنفق عليه منه، وربمّا أصيب ممّا يكون له من الطعام، وما يكون مني إليه أكثر، قال: لا بأس بذلك(٤) .

[ ٢٢٤٦٣ ] ٥ - عليّ بن إبراهيم في( التفسير) عن أبيه، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لما نزلت( إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموالَ اليَتَامى ظُلماً إِنَّمَا يَأكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصلَونَ سَعِيراً ) (٥)

____________________

(١) البقرّة ٢: ٢٢٠.

(٢) التهذيب ٦: ٣٤٠ / ٩٤٩.

٣ - تفسير العياشي ١: ١٠٨ / ٣٢٤.

(٣) البقرّة ٢: ٢٢٠.

٤ - تفسير العياشي ١: ١٠٨ / ٣٢٥.

(٤) في المصدر زيادة: إن الله يعلم من المفسد من المصلح.

٥ - تفسير علي بن إبراهيم ١: ٧٢.

(٥) النساء ٤: ١٠.

٢٥٥

اخرج كل من كان عنده يتيم، وسألوا رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في إخراجهم فأنزل الله:( ويسْألُونَكَ عَن اليَتَامى قُل إِصلَاحُ لَهُم خَيرٌ وَإِنْ تُخالِطوُهُم فَإِخوَانُكُم والله يعلَمُ الـمُفسِدَ مِنَ الـمُصلِح ) (١) .

[ ٢٢٤٦٤ ] ٦ - قال: وقال الصادق( عليه‌السلام ) : لا بأس بإنّ تخلط طعامك بطعام اليتيم فإنّ الصغير يوشك إنّ يأكل كما يأكل الكبير، وأما الكسوة وغيرها فيحسب على كل رأس صغير وكبير يحتاج إليه.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٧٤ - باب أنه لا يلزم التقتير في الانفاق على اليتيم من ماله، بل تجوز التوسعة واستحباب التبرع بنفقته

[ ٢٢٤٦٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي عليّ الاشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن بعض أصحابنا، عن عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن اليتيم تكون غلّته في الشهر عشرين درهماً، كيف ينفق عليها منها؟ قال: قوته من الطعام والتمر.

وسألته أنفق عليه ثلثها؟ قال: نعم ونصفها.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود هنا(٤) ، وفي فعل المعروف(٥) .

____________________

(١) البقرة ٢: ٢٢٠.

٦ - تفسير علي بن إبراهيم ١: ٧٢.

(٢) تقدم ما يدل على بعض المقصود في البابين ٧٠، ٧١ من هذه الأبواب

(٣) يأتي ما يدل على بعض المقصود في الباب ٧٦ من هذه الأبواب

الباب ٧٤

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ١٣٠ / ٦.

(٤) تقدم في الباب ٧٣ من هذه الأبواب

(٥) يأتي في الأحاديث ١، ٢، ٤ من الباب ١٩ من أبواب فعل المعروف.

٢٥٦

٧٥ - باب جواز التجارة بمال اليتيم مع كون التاجر وليا ً مليّاً، ووجود المصلحة وحكم الربح والزكاة

[ ٢٢٤٦٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أسباط بن سالم قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : كان لي أخ هلك فأوصى(١) إلى أخ أكبر منّي وأدخلني معه في الوصيّة، وترك ابناً له صغيراً وله مال، أفيضرب به أخي؟ فما كان من فضل سلمه لليتيم، وضمّن له ماله؟ فقال: إنّ كان لاخيك مال يحيط بمال اليتيم إنّ تلف فلا بأس به، وإنّ لم يكن له مال فلا يعرض لمال اليتيم.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٢) .

[ ٢٢٤٦٧ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في مال اليتيم، قال: العامل به ضامن، ولليتيم الربح إذا لم يكن للعامل مال، وقال: إنّ عطب أدّاه.

[ ٢٢٤٦٨ ] ٣ - وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان(٣) ، عن ابن أبي عمير، عن ربعي بن عبدالله، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: في رجل عنده مال اليتيم فقال: إنّ كان محتاجا وليس له مال فلا

____________________

الباب ٧٥

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٣١ / ١.

(١) في نسخة: فوصىّ ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٦: ٣٤٢ / ٩٥٧.

٢ - الكافي ٥: ١٣١ / ٢، التهذيب ٦: ٣٤٢ / ٩٥٦.

٣ - الكافي ٥: ١٣١ / ٣، التهذيب ٦: ٣٤١ / ٩٥٥.

(٣) كان في الأصل: إسماعيل بن شاذان.

٢٥٧

يمسّ ماله، وإن هو أتجر به فالربح لليتيم وهو ضامن.

[ ٢٢٤٦٩ ] ٤ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن اسباط، عن اسباط بن سالم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) فقلت: أخي أمرني إنّ أسألك عن مال اليتيم في حجره يتجّر به؟ فقال: إنّ كان لاخيك مال يحيط بمال اليتيم إنّ تلف او أصابه شيء غرمه له، وإلّا فلا يتعرض لمال اليتيم.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) ، وكذا الحديثان قبله.

[ ٢٢٤٧٠ ] ٥ - العياشي في( تفسيره) عن زرارة ومحمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: مال اليتيم إنّ عمل به الّذي وضع على يديه ضمن ولليتيم ربحه، قالا: قلنا له: قوله:( وَمَن كَانَ فَقِيراً فَليأكُل بِالـمَعرُوفِ ) (٢) قال: إنما ذلك إذا حبس نفسه عليهم في اموالهم فلم يجد لنفسه فليأكل بالمعروف من مالهم.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الزكاة(٣) .

٧٦ - باب جواز القرض من مال اليتيم بنية الاداء مع ضرورة المقترض أو مصلحة اليتيم

[ ٢٢٤٧١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي عليّ الاشعري، عن محمّد بن

____________________

٤ - الكافي ٥: ١٣١ / ٤.

(١) التهذيب ٦: ٣٤١ / ٩٥٤.

٥ - تفسير العياشي ١: ٢٢٤ / ٤٣.

(٢) النساء ٤: ٦.

(٣) تقدم في الباب ٢ من أبواب من تجب عليه الزكاة.

ويأتي ما يدلّ على بعض المقصود في الحديث ٥ من الباب ٣٦ من أبواب الوصايا.

الباب ٧٦

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٥: ١٣١ / ٥.

٢٥٨

عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل وليّ مال يتيم أيستقرض منه؟ فقال: إن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) قد كان يستقرض من مال أيتام كانوا في حجره فلا بأس بذلك.

وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن علي، عن أبان بن عثمان، عن منصور بن حازم نحوه(١) .

وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) نحوه(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله(٣) .

[ ٢٢٤٧٢ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن الرجل يكون في يده مال لايتام فيحتاج إليه، فيمدّ يده فيأخذه وينوي أن يردّه، فقال: لا ينبغي له إنّ يأكل إلّا القصد ولا يسرف، فإنّ كان من نيّته أن لايرّده عليهم فهو بالمنزل الّذي قال الله عزّوجلّ:( إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموَالَ اليَتَامى ظُلماً ) (٤) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٥) .

____________________

(١) الكافي ٥: ١٣١ / ٦.

(٢) الكافي ٥: ١٣٢ / ٨.

(٣) التهذيب ٦: ٣٤١ / ٩٥٣.

٢ - الكافي ٥: ١٢٨ / ٣.

(٤) النساء ٤: ١٠.

(٥) التهذيب ٦: ٣٣٩ / ٩٤٦.

٢٥٩

[ ٢٢٤٧٣ ] ٣ - العياشي في( تفسيره) عن أحمد بن محمّد مثله، وزاد قال: قلت له: كم أدنى ما يكون من مال اليتيم إذا هو أكلّه وهو لا ينوي رده حتّى يكون يأكل في بطنه ناراً؟ قال: قليله وكثيره واحد إذا كان من نيّته أنس لا يرده إليهم.

[ ٢٢٤٧٤ ] ٤ - وعن بن مسلم، عن احدهما (عليهما‌السلام ) قال: قلت له: في كم يجب لاكل مال اليتيم النار؟ قال: في درهمين.

أقول: هذا كناية عن القلّة ومفهومه غير مراد لما مرّ(١) ، أو تحديد لما يوجب النار، ويكون من الكبائر، فلعل ما دونه من الصغائر.

[ ٢٢٤٧٥ ] ٥ - وعن سماعة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أو أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل أكل من مال اليتيم هل له توبة؟ قال: يردّ إلى أهله، ذلك بإنّ الله يقول:( إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموَالَ اليَتَامى ظُلماً ) (٢) الآية.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه عموماً في الوديعة(٤) .

____________________

٣ - تفسير العياشي ١: ٢٢٤ / ٤٢.

٤ - تفسير العياشي ١: ٢٢٣ / ٤٠.

(١) مر في الحديث ٣ من هذا الباب.

٥ - تفسير العياشي ١: ٢٢٤ / ٤١.

(٢) النساء ٤: ١٠.

(٣) تقدم في الباب ٧١، وفي الحديث ٧ من الباب ٧٢، وفي الحديث ٥ من الباب ٧٣، وفي الباب ٧٥ من هذه الأبواب

(٤) يأتي في الباب ٨ من أبواب الوديعة، ويأتي ما يدلّ عليه في الحديث ١ من الباب ٧٧ من هذه الأبواب ، وفي الحديث ٢ من الباب ١١ من أبواب القرض.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483