وسائل الشيعة الجزء ١٩

وسائل الشيعة8%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 452

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 452 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 302061 / تحميل: 6435
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

فكان العالم المجرّب الحكيم والناقد الخبير، وكان لطيف الحسّ، نقيّ الجوهر، وضّاء النفس، سليم الذوق، مستقيم الرأي، حسن الطريقة، سريع البديهة، حاضر الخاطر، عارفاً بمهمّات الأُمور(١) .

عبادته وتقواهعليه‌السلام :

اشتهر عليّ بن أبي طالب بتقواه التي كانت علّة الكثير من تصرّفاته مع نفسه وذويه والناس... وفيما ترى العبادة لدى المعظم رجع أصداء الضعف في نفوسهم أحياناً، ومعنىً من معاني التهرّب من مواجهة الحياة والأحياء أحياناً أُخرى، وهوساً موروثاً ثمّ مدعوماً بهوس جديد مصدره تقديس الناس والمجتمع لكلّ موروث في أكثر الأحيان... تراها تشتهر عند الإمام أخْذاً من كلّ قوّة ووصلاً لأطراف الحلقة الخلقية التي تشتدّ وتمتدّ حتى تجمع الأرض والسماء، ومعنىً من معاني الجهاد في سبيل ما يربط الأحياء بكلّ خير، وهي على كلّ حال شيء من روح التمرّد على الفساد يريد محاربته من كلّ صوب، ثمّ على النفاق وروح الاستغلال والاقتتال من أجل المنافع الخاصّة.. وعلى المذلّة والفقر والمسكنة والضعف، ثمّ على سائر الصفات التي تميّز بها عصره المضطرب القلق.

إنّ من تبصّر في عبادة الإمام، تبيّن له أنّ عليّاً متمرّد في عبادته وتقواه، كما هو متمرّد في أُسلوبه في السياسة والحكم، ففي عبادته افتتان الشاعر يقف في هيكل الوجود الرحب صافي النفس ممتلئ القلب، حتى إذا انكشفت له جمالات هذا الكون; تجاوبت وما في كيانه من أصداء وأظلال وموازين، فأطلق هذه الكلمة الرائعة التي نرى فيها دستوراً كاملاً لتقوى الأحرار وعبادة عظماء النفوس: (وإنّ قوماً عبدوا الله رغبةً فتلك عبادة التجّار، وإنّ قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادة العبيد، وإنّ

ــــــــــــ

(١) راجع: مقدمة شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم.

٢١

قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار)(١) .

إنّ عبادة الإمام ليست شيئاً من سلبيّة الخائف الهارب أو التاجر الراغب كما هي الحال عند الكثيرين من المتعبّدين، بل هي شيء من إيجابية الإنسان العظيم الواعي نفسه والكون على أساس من خبرة المجرّب وعقل الحكيم وقلب الشاعر.

وبهذا المفهوم للتقوى والعبادة كان عليّ يوجّه الناس إلى أن يتّقوا الله في سبيل الخير الإنساني العام، أو قل: في سبيل أمر أجلّ من رغبة تجّار العبادات في نعيم الآخرة، كان يوجّههم إلى التقوى لعلّ فيها ما يحملهم على أن يعدلوا وينصفوا المظلوم من الظالم فيقول:) عليكم بتقوى الله وبالعدل على الصديق والعدوّ ( (٢) . ولا خير في التقوى في نظر الإمام; إلاّ إذا دفعتك إلى أن تعترف بالحقّ قبل أن تشهد عليه، وألاّ تحيف على من تبغض ولا تأثم، والحياة ـ بهذا المعنى للعبادة ـ لا تبتغى لمتاع ولا تُرجى للذّة عابرة.

زُهدهعليه‌السلام :

لقد زهد عليّ في الدنيا وتقشّف، وكان صادقاً في زهده كما كان صادقاً في كلّ ما نتج عن يمينه أو بَدَر من قلبه ولسانه، زهد في لذّة الدنيا وسبب الدولة وعلّة السلطان وكلّ ما يطمح لبلوغه الآخرون، ويَرَوْن أنّه مرتكز وجودهم، فإذا هو يسكن مع أولاده في بيت متواضع تأوي إليه الخلافة لا المُلك، وإذا هو يأكل الشعير تطحنه امرأته بيديها فيما كان عمّاله يعيشون على أطايب الشام وخيرات مصر ونعيم العراق، وكثيراً ما كان يأبى على زوجته أن تطحن له، فيطحن لنفسه وهو أمير المؤمنين، ويأكل من الخبز اليابس الذي يكسره على ركبته، وكان إذا أرعده البرد واشتدّ عليه الصقيع لا يتّخذ له عدّة من دثار يقيه أذى البرد، بل يكتفي بما رقّ من لباس الصيف إغراقاً منه في صوفيّة الروح.

ــــــــــــ

(١) نهج البلاغة طبعة صبحي الصالح : ٥١٠ الحكمة ٢٣٧ ط دار الهجرة قم.

(٢) بحار الأنوار: ٧٧/٢٣٦ باب وصيّة أمير المؤمنين عليه‌السلام ط الوفاء .

٢٢

روى هارون بن عنترة عن أبيه، قال: دخلتُ على عليّ بالخورنق، وكان فصل شتاء، وعليه خلق قطيفة هو يرعد فيه، فقلت: يا أمير المؤمنين! إن الله قد جعل لك ولأهلك في هذا المال نصيباً وأنت تفعل ذلك بنفسك؟ فقال: (والله ما أرزؤكم شيئاً، وما هي إلاّ قطيفتي التي أخرجتها من المدينة) (١) .

وأتى أحدهم عليّاً بطعام نفيس حلو يقال له: الفالوذج، فلم يأكله عليّ ونظر إليه يقول:(والله إنّك لطيّب الريح حسن اللون طيّب الطعم، ولكن أكره أن أُعوِّد نفسي ما لم تعتد) (٢) .

ولعمري إنّ زهد عليّ هذا ليس إلاّ معنىً ومزاجاً من معاني فروسيّته ومزاجها وإن بدا للبعض أنّهما مختلفان.

وقد حملت هذه السيرة الطيّبة عمر بن عبد العزيز ـ أحد خلفاء الأسرة الأموية التي تكره عليّاً وتختلق له السيّئات وتسبّه على المنابر ـ على أن يقول: أزهد الناس في الدنيا عليّ بن أبي طالب(٣) .

والمشهور أنّ عليّاً أبى أن يسكن قصر الإمارة الذي كان معدّاً له بالكوفة، لئلاّ يرفع سكنه عن سكن أولئك الفقراء الكثيرين الذين يقيمون في خِصاصهم البائسة، ومن كلامه هذا القول الذي انبثق عن أُسلوبه في العيش انبثاقاً:) أأقنع من نفسي بأن يقال هذا أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر؟ !( (٤) .

إباؤه وشهامتهعليه‌السلام :

مثّل عليّ بن أبي طالب الفروسيّة بأروع معانيها وبكلّ ما تنطوي عليه

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار : ٤٠/٣٣٤ ط الوفاء.

(٢) المصدر السابق : ٤٠/٣٢٧.

(٣) المصدر السابق : ٤٠/٣٣١ باب ٩٨ ذ ح ١٣ ط الوفاء.

(٤) نهج البلاغة طبعة صبحي الصالح: ٤١٨ الكتاب ٤٥ .

٢٣

من ألوان الشهامة. والإباء والترفّع أصلان من أصول روح الفروسيّة، فهما إذن من طبائع الإمام، لذلك كان بغيضاً لديه أن ينال أحداً من الناس بالأذى وإن آذاه، وأن يبادر مخلوقاً بالاعتداء ولو على ثقة بأنّ هذا المخلوق يقصد قتله.

وروح الإباء والترفّع هذه هي التي ارتفعت به عن مقابلة الأمويين بالسباب يوم كانوا يرشقونه به.. بل إنّه منع على أصحابه أن ينالوا الأمويين بالشتيمة المقذعة حتى قال لهم: (إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين، ولكنّكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم; كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبّكم إيّاهم: اللهمّ احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم حتّى يعرف الحقّ مَن جهله، ويرعوي عن الغيّ والعدوان مَن لهج به ) (١) .

مروءتهعليه‌السلام :

إنّ مروءة الإمام أندر من أن يكون لها مثيل في التأريخ، وحوادث المروءة في سيرته أكثر من أن تعدّ، منها أنّه أبى على جنده ـ وهم في حال من النقمة والسخط ـ أن يقتلوا عدوّاً تراجع، كما أبى عليهم أن يكشفوا ستراً أو يأخذوا مالاً، ومنها: أنّه حين ظفر بألدّ أعدائه الذين يتحيّنون الفرص للتخلّص منه; عفا عنهم وأحسن إليهم وأبى على أنصاره أن يتعقّبوهم بسوء وهم على ذلك قادرون(٢) .

صدقه وإخلاصهعليه‌السلام :

وتتماسك هذه الصفات الكريمة في سلسلة لا تنتهي; وبعضها على بعض دليل، ومن أروع حلقاتها: الصدق والإخلاص، وقد بلغ به الصدق مبلغاً أضاع به الخلافة، وهو لو رضي عن الصدق بديلاً في بعض أحواله; لما نال منه عدوّ ولا انقلب عليه صديق.. لقد رفض أن يقرّ معاوية على عمله وقال:( لا أداهن في ديني

ــــــــــــ

(١) نهج البلاغة طبعة صبحي الصالح: ٣٢٣ ، الخطبة ٢٠٦.

(٢) البداية والنهاية: ٧ / ٢٧٦.

٢٤

ولا أعطي الدنيّة في أمري ) ولمّا ظهرت حيلة معاوية; أطلق عبارته التي صحّت أن تكون صيغة للخلق العظيم:( والله ما معاوية بأدهى منّي، ولكنّه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر; لكنت من أدهى الناس ) (١) . وقال مشدّداً على ضرورة الصدق مهما اختلفت الظروف:( الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرّك ، على الكذب حيث ينفعك ) (٢) .

شجاعتهعليه‌السلام :

إن شجاعة الإمام هي من الإمام بمنزلة التعبير من الفكرة وبمثابة العمل من الإرادة، لأنّ محورها الدفاع عن طبع في الحق وإيمان بالخير، والمشهور أنّ أحداً من الأبطال لم ينهض له في ميدان.. فقد كان لجرأته على الموت لا يهاب صنديداً، بل إنّ فكرة الموت لم تجل مرة في خاطر الإمام وهو في موقف نزال، وأنّه لم يقارع بطلاً إلاّ بعد أن يحاوره لينصحه ويهديه.

وكان عليّ مع قوته البالغة يتورّع عن البغي أيّاً كان الظرف، وأجمع المؤرّخون على أنّه كان يأنف القتال إلاّ إذا حُمِل عليه حملاً، فكان يسعى أن يسوّي الأُمور مع خصومه على وجوه سلميّة تحقن الدم وتحول دون النزال.

وطبيعة التورّع عن البغي أصل من أصول نفسيّة عليّ وخلق من أخلاقه، وهي متّصلة اتّصالاً وثيقاً بمبدئه العام الذي يقوم بمعرفة العهد وصيانة الذمّة والرحمة بالناس حتى يخونوا كلّ عهد ويقسوا دون كلّ رحمة.

وما كان لعليّ أن يستنجد الصداقة على العداوة; لولا ذلك الفيض العظيم من الوفاء والحنان الذي تزخر به نفسه ويطغى على جنانه.

ولكنّ صاحب المودّات لم يرعَ أصدقاؤه له مودّة، لأنّهم لم يكونوا ليطمعوا

ــــــــــــ

(١) نهج البلاغة، الخطبة : ٢٠٠.

(٢) نهج البلاغة، قصار الحكم: ٤٥٨.

٢٥

بأن يحولوا بينه وبين نفسه، فيطلق أيديهم في خيرات الأرض دون سائر الخلق، يقول عليّعليه‌السلام :( والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلُبها جَلبَ شعيرة ما فعلتُ، وإنّ دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة ) (١) وليس عليّ في هذا المجال قائلاً ثمّ عاملاً، بل هو القول يجري من طبيعة العمل الذي يُعمل والشعور الذي يُحَسّ... فعليّ أكرم الناس مع الناس، وأبعد الخلق عن أن ينال الخلق بالأذى، وأقربهم إلى بذل نفسه في سبيلهم على أن يقتنع ضميره بضرورة هذا البذل، أوَليست حياته كلّها سلسلة معارك في سبيل المظلومين والمستضعفين، وانتصاراً دائماً للاُمّة دون من يريدونه آلة إنتاج لهم من السادة ورثة الأمجاد العائلية، أولم يكن سيفاً صارماً فوق أعناق القرشيّين الذين أرادوا استغلال الخلافة والإمارة للسلطان والجاه وتكديس الأموال ؟! أَلمْ يَضع الخلافةَ والحياةَ على الأرض لأنّه أبى مسايرة أهل الدنيا في استعباد إخوانهم الضعفاء والفقراء والمظلومين ؟

عدلهعليه‌السلام :

ليس غريباً أن يكون عليٌّ أعدل الناس، بل الغريب أن لا يكونَهُ، وأخبار عليّ في عدله تراثٌ يشرّف المكانة الإنسانية والروح الإنساني.

وكان الإمام يأبى الترفّع عن رعاياه في المخاصمة والمقاضاة، بل إنّه كان يسعى إلى المقاضاة إذا وجبت لتشبّعه بروح العدالة.

وتجري في روحه العدالة حتى أمام أبسط الأُمور، ووصايا الإمام ورسائله إلى الولاة تكاد تدور حول محور واحد هو العدل، وقد انتصر العدل في قلب عليّ وقلوب أتباعه وإن ظلموا وظلم.

ــــــــــــ

(١) نهج البلاغة، الخطبة: ٢٢٤.

٢٦

تواضعهعليه‌السلام :

إنّ من أصول أخلاق الإمام أنّه كان يعتمد البساطة ويمقت التكلّف. وكان يقول:( شر الإخوان من تكلّف له ) (١) . ويقول:( إذا احتشم المؤمن أخاه فقد فارقه ) (٢) ويقصد بالاحتشام مراعاته حتى التكلّف.

وكان لا يتصنّع في رأي يراه أو نصيحة يسديها أو رزق يهبه أو مال يمنعه. وكانت هذه الطبيعة تلازمه حتى يسأم أصحاب الأغراض من استرضائه بالحيلة. وإذا هم ينسبون إليه القسوة والجفوة والزهو على الناس، وليس صدق الشعور وإظهاره زهواً وليس جفوة، بل إنّه كان يمقت الزهو والعجب.. ولطالما نهى ولدَه وأعوانه وعمّاله عن الكبر والعجب قائلاً:( إيّاك والإعجاب بنفسك، واعلم أنّ الإعجاب ضد الصواب وآفة الألباب ) (٣) . وكره التكلّف في محبّيه الغالين كما كره التكلّف في مبغضيه المفرطين فقال:( هلك فيّ اثنان: محبٌ غال ومبغضٌ قال ) (٤) .

لقد كان يخرج إلى مبارزيه حاسر الرأس ومبارزوه مقنعون بالحديد، أفعجيب أن يخرج إليهم حاسر النفس وهم مقنعون بالحيلة والرياء؟.

نقاؤهعليه‌السلام :

وتميّز عليّ بسلامة القلب، فهو لا يحمل ضغينة على مخلوق ولا يعرف حقداً على ألدّ أعدائه ومناوئيه ومن يحقدون عليه حسداً وكرهاً.

كرمهعليه‌السلام :

وكان من خلقه أنّه كان كريماً ولا حدود لكرمه، ولكنّه الكرم السليم

ــــــــــــ

(١) نهج البلاغة، قصار الحكم: ٤٧٩.

(٢) المصدر السابق: ٤٨٠.

(٣) المصدر السابق من كتاب ٣١ رقم ٥٧.

(٤) نهج البلاغة : ١١٧.

٢٧

بأصوله وغاياته لا كرم الولاة الذين (يكرمون) بأموال الناس وجهودهم. وهذا الكرم لم يعرفه عليٌّ مرّة في حياته، وإنّما كرمه هو الذي يعبّر عن جملة المروءات، ففيما كان يزجر ابنته زجراً شديداً إذ هي استعارت من بيت المال قلادة تتزيّن بها في عيد من الأعياد. كان يسقي بيده النخل لقوم من يهود المدينة حتى تمْجلَ يده فيتناول أجرته فيهبها لأهل الفاقة والعوز ويشتري بها الأرقاء ويحرّرهم في الحال.

وقد شهد معاوية على كرم عليّ قائلاً: لو ملك عليّ بيتاً من تبر وبيتاً من تبن لأنفد تبره قبل تبنه(١) .

علمه ومعارفهعليه‌السلام :

قال ابن أبي الحديد: (وما أقول في رجل تُعزى إليه كلّ فضيلة، وتنتمي إليه كلّ فرقة، وتتجاذبه كلّ طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها، وأبو عُذْرِها، وسابق مضمارها، ومجلّي حَلْبتها، كلّ من بزغ فيها بعده فمنه أخذ، وله اقتفى، وعلى مثاله احتذى. وإنّ أشرف العلوم ـ وهو العلم الإلهي ـ من كلامهعليه‌السلام اقتبس وعنه نقل وإليه انتهى ومنه ابتدأ... وعلم الفقه هو أصله وأساسه وكلّ فقيه في الإسلام فهو عيال عليه ومستفيد من فقهه... وعلم تفسير القرآن عنه أُخذ ومنه فُرّع وعلم الطريقة والحقيقة وأحوال التصوّف(؟!) إنّ أرباب هذا الفنّ في جميع بلاد الإسلام إليه ينتهون، وعنده يقفون.. وعلم النحو والعربية قد علم الناس كافة أنّه هو الذي ابتدعه وأنشأه، وأملى على أبي الأسود الدؤلي جوامعَه وأصوله...)

ثم قال: (وأمّا الفصاحة، فهوعليه‌السلام إمام الفصحاء وسيّد البلغاء، وفي كلامه قيل: (دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوقين)، ومنه تعلّم الناس الخطابة والكتابة ..

ــــــــــــ

(١) تاريخ دمشق لابن عساكر : ٤٣/٤١٤ ترجمة علي بن أبي طالب عليه‌السلام .

٢٨

فوالله ما سنّ الفصاحة لقريش غيره، ويكفي هذا الكتاب الذي نحن شارحوه دلالةً على أنّه لا يجارى في الفصاحة ولا يُبارى في البلاغة...)

ثم قال: (وأمّا الزهد في الدنيا، فهو سيّد الزهاد، وبدل الأبدال، وإليه تشدّ الرحال، وعنده تُنْفَضُ الأحلاس، ما شبع من طعام قطّ، وكان أخشنَ الناس مأكلاً وملبساً(.

وأمّا العبادة فكان أعبد الناس وأكثرهم صلاةً وصوماً، ومنه تعلّم الناس صلاة الليل وملازمة الأوراد وقيام النافلة، وما ظنّك برجل يبلغ من محافظته على وِرده أن يُبسَط له نِطَعٌ بين الصفّين ليلةَ الهرير(١) فيصلّي عليه ورده والسهام تقع بين يديه وتمرّ على صِماخيه يميناً وشمالاً، فلا يرتاع لذلك، ولا يقوم حتى يفرغ من وظيفته... وأنت إذا تأمّلت دعواته ومناجاته ووقفت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه وإجلاله وما يتضمّنه من الخضوع لهيبتهِ والخشوع لعزّته والاستخذاء له; عرفت ما ينطوي عليه من الإخلاص، وفهمت من أيّ قلب خرجت، وعلى أيّ لسان جَرَت. وقال عليّ بن الحسين وكان الغاية في العبادة:عبادتي عند عبادة جدّي كعبادة جدّي عند عبادة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأمّا قراءته القرآن واشتغاله به فهو المنظور إليه في هذا الباب; اتّفق الكلّ على أنّه كان يحفظ القرآن على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم يكن غيره يحفظه، ثمّ هو أوّل من جمعه. وإذا رجعت إلى كتب القراءات وجدت أئمّة القرّاء كلّهم يرجعون إليه.

وما أقول في رجل تحبّه أهل الذمّة على تكذيبهم بالنبوّة، وتعظّمه الفلاسفة على معاندتهم لأهل الملّة، وتصوِّر ملوك الإفرنج والروم صورته في بِيَعها وبيوت عباداتها، حاملاً سيفه؟ وما أقول في رجل أحبّ كلُّ واحد أن يتكثّر به، وودّ كلُّ أحد أن يتجمّل ويتحسّن بالانتساب إليه؟

ــــــــــــ

(١) هي أشد ليلة مرّت على الجيشين في معركة صفّين، راجع مروج الذهب : ٢ / ٣٨٩ .

٢٩

وما أقول في رجل سبق الناس إلى الهدى.. لم يسبقه أحد إلى التوحيد إلاّ السابق لكلّ خير محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) ؟

ــــــــــــ

(١) من مقدمة ابن أبي الحديد لشرح نهج البلاغة ١ / ١٦ ـ ٣٠ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.

٣٠

الباب الثاني: فيه فصول:

الفصل الأول: نشأة الإمام عليعليه‌السلام .

الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام عليعليه‌السلام .

الفصل الثالث: من الولادة إلى الإمامة.

الفصل الأول: نشأة الإمام عليعليه‌السلام

نسبه الوضّاء :

هو الإمام أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إياس بن مضر بن نزار ابن معد بن عدنان.

جدّه الكريم :

عبد المطلب شيبة الحمد، وكنيته أبو الحرث، وعنده يجتمع نسبه بنسب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان مؤمناً بالله تعالى، ويعلم بأنّ محمداً سيكون نبيّاً(١) .

ولمّا حضرت عبد المطلب الوفاة دعا ابنه أبا طالب، فقال له: يا بني! قد علمت شدّة حبّي لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووجدي به أنظر كيف تحفظني فيه قال أبو طالب: يا أبه! لا توصني بمحمّد فإنّه ابني وابن أخي(٢) .

ــــــــــــ

(١) الطبقات لمحمد بن سعد: ١ / ٧٤ ط. ليدن.

(٢) كمال الدين للصدوق : ١٧٠ ط النجف الأشرف و ١٧٢ ط طهران عن ابن عباس. وفي موسوعة التاريخ الإسلامي: ١/٢٨٥.

٣١

والده :

عبد مناف، وقيل: عمران، وقيل: شيبة، وكنيته أبو طالب، وهو أخو عبد الله والد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأُمه وأبيه. ولد أبو طالب بمكّة قبل ولادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخمس وثلاثين سنة، وانتهت إليه بعد أبيه عبد المطلب الزعامة المطلقة لقريش، وكان يروي الماء لوفود مكّة كافّة لأنّ السقاية كانت له، ورفض عبادة الأصنام فوحّد الله سبحانه، ومنع نكاح المحارم وقتل الموؤدة والزنا وشرب الخمر وطواف العراة في بيت الله الحرام(١) . ولمّا توفّي عبد المطلب; تكفّل أبو طالب رعاية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكان أبو طالب يحبّه حبّاً شديداً لا يحبّه ولده، وكان لا ينام إلاّ إلى جنبه، ويخرج فيخرج معه، وكان يخصّه بالطعام دون أولاده.

وروي أنّ أبا طالب دعا بني عبد المطلب فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما اتّبعتم أمره، فاتّبعوه وأعينوه ترشدوا. وما زالت قريش كافّة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى مات أبو طالب(٢) .

توفّي أبو طالب قبل الهجرة بثلاث سنين وبعد خروج بني هاشم مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الشِعب وعمره بضع وثمانون سنة(٣) ، وكان للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تعلّق شديد بأبي طالب، فقد عاش في كنفه (٤٣) عاماً منذ الثامنة من عمره الشريف حينما توفّي جدّه عبد المطلب.. وقد ثبت أنّ أبا طالب كان موحّداً مؤمناً بالله ومعتقداً بالإسلام أرسخ الاعتقاد، وبقي على حاله هذه حتى وافاه الأجل، وإنّما أخفى إيمانه ليتمكّن أن يكون له شأن واتّصال مع كفّار مكّة، وليطّلع على

ــــــــــــ

(١) روضة الواعظين للفتال: ١٢١ ـ ١٢٢ وصية أبي طالب لبني هاشم.

(٢) الطبقات لابن سعد: ١ / ٧٥.

(٣) الكامل في التأريخ لأبن الأثير: ٢ / ٩٠، راجع : موسوعة التاريخ الإسلامي : ١/٤٣٦.

٣٢

مكائدهم ومؤامراتهم، فكان يعيش حالة التقيّة، وكان مثله كأصحاب الكهف في قومهم، وهو ممّن آتاهم الله أجرهم مرّتين لإيمانه وتقيّته(١) .

أُمّه :

فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، تجتمع هي وأبو طالب في هاشم، أسلمت وهاجرت مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكانت من السابقات إلى الإيمان وبمنزلة الأُم للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) ربّته في حجرها، ولمّا ماتت فاطمة بنت أسد; دخل إليها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجلس عند رأسها وقال:( رحمك الله يا أُمي، كنت أُمي بعد أُمي، تجوعين وتشبعيني، وتعرين وتكسيني، وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني، تريدين بذلك وجه الله والآخرة ) .

وغمّضها، ثمّ أمر أن تغسل بالماء ثلاثاً، فلمّا بلغ الماء الّذي فيه الكافور سكبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده، ثمّ خلع قميصه فألبسه إيّاها وكفّنت فوقه ودعا لها أسامة بن زيد مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطّاب وغلاماً أسود فحفروا لها قبرها، فلمّا بلغوا اللّحد حفره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده، وأخرج ترابه ودخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبرها فاضطجع فيه، ثمّ قال:( الله الّذي يحيي ويميت، وهو حيّ لا يموت، اللّهمّ اغفر لأُمّي فاطمة بنت أسد بن هاشم، ولقّنها حجتها، ووسّع عليها مدخلها بحقّ نبيّك والأنبياء من قبلي، فإنّك أرحم الراحمين ) وأدخلها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اللحد والعباسُ وأبو بكر(٣) .

فقيل: يا رسول الله رأيناك وضعت شيئاً لم تكن وضعته بأحد من قبل:

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٣٥ / ٧٢. وانظر: منية الطالب في إيمان أبي طالب للشيخ الطبسي، وأبو طالب مؤمن قريش للشيخ عبد الله الخُنيزي وموسوعة التاريخ الإسلامي: ١/٥١٤ ـ ٥١٧ و ٥٩٦ ـ ٦٠١.

(٢) الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: ٣١.

(٣) بصائر الدرجات : ٧١ عن الصادق عليه‌السلام ، وراجع: موسوعة التاريخ الإسلامي: ٢/٤٣٣ ـ ٤٣٧ .

٣٣

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنّة، واضطجعت في قبرها ليخفّف عنها من ضغطة القبر، إنّها كانت من أحسن خلق الله صُنعاً إليّ بعد أبي طالب رضي اللّه عنهما ورحمهما ( (١) .

الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام عليّعليه‌السلام

ولد الإمام عليعليه‌السلام قبل البعثة النبوية بعقد واحد، وعاصر إرهاصات البعثة وكل حركة الرسالة خلال العهد المكّي ـ وهو عهد بناء الأمة المسلمة وتكوين القاعدة الرسالية الصلبة ـ كما عاصر كل أحداث العهد المدني، حيث تم فيه بناء الدولة الإسلامية بقيادة سيّد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وساهم بكل وجوده في بناء هذا الكيان الشامخ حتى تجلّى للجميع عمق وجوده في هذا البناء الرسالي الفريد.

وحمل الإمامعليه‌السلام بأمر من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مشعل الهداهية الربّانية والقيادة الإسلامية بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رغم تراجع جمع من الصحابة وتمرّدهم على نصوص الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخذلانهم للإمامعليه‌السلام والحيولة دون استلامه للقيادة السياسية ولكنه استمر في انجاز مهمامّه الرسالية في تلك الظروف العصيبة وعايس الخلفاء رغم انه كان يرى محلّه من القيادة محل القطب من الرحى فصبر وفي العين قذى مدة عقدين وصنف عقد حتّى انكشفت للأمة جملة من نتائج انحرافها الخطير عن تخطيط الرسول الأمين.

من هنا التجأت الأمة إلى الإمام لتسلم له زمام أمرها بعد تلك الخطوب وذلك التصدع الذي طال كيانه فحمل عبء القيادة بكل جدارة خلال نصف عقد فقط حتّى قدّم دمه الطاهر في سبيل الله رخيصا يبتغي به رضوان الله تعالى تثبيتا للقيم الرسالية التي جاهد من أجل إرسائها في وجدان المجتمع الإسلامي وضمير المجتمع الإنساني.

وعلى هذا تنقسم حياة الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام إلى شطرين رئيسين:

الشطر الأول: حياته منذ ولادته وحتّى وفاة سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الشطر الثاني: حياته من حين وفاة الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتولّيه لمهامّ الإمامة الشرعية وحتّى استشهادهعليه‌السلام في محراب العبادة.

ــــــــــــ

(١) الفصول المهمة لابن الصباغ: ٣٢، وفي فرائد السمطين: ١ / ٣٧٩: (صنعت شيئاً لم تصنعه بأحد) وروى إسلام فاطمة بنت أسد وهجرتها وحنانها ورعايتها للرسول ووفاتها وما قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في فضلها كثير من الحفّاظ والمؤلّفين في كتبهم كابن عساكر وابن الأثير وابن عبد البرّ ومحب الدين الطبري ومحمد بن طلحة والشبلنجي وابن الصبّاغ البلاذري وغيرهم.

٣٤

ونظرا لتنوّع الأدوار والظروف التي عاشهاعليه‌السلام يمكننا أن نصنّف حياته إلى عدّة مراحل:

المرحلة الأولى: من الولادة إلى البعثة النبويّة المباركة.

المرحلة الثانية: من البعثة إلى الهجرة.

المرحلة الثالثة: من الهجرة إلى وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وهذه المراحل الثلاث تدخل في الشطر الأول من حياته وقد تجلّى فيها انقياده المطلق للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والدفاع المستميت عن الرسالة والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

المرحلة الرابعة: حياة الإمام في عهد (أبي بكر وعمر وعثمان(.

المرحلة الخامسة: حياته في عهد دولته.

وسوف ندرس المراحل الثلاث الأولى في الفصل الثالث من الباب الثاني.

كما نبحث عن المرحلة الرابعة من حياته في الباب الثالث بفصوله الأربعة، ونخصص الباب الرابع بالمرحلة الخامسة من حياتهعليه‌السلام .

الفصل الثالث: المرحلة الأولى : من الولادة إلى البعثة النبوية المباركة

ولادته :

قال عليّعليه‌السلام :(فإنّي ولدتُ على الفطرة وسَبقتُ إلى الإيمان والهجرة ( (١) .

ولِد الإمام عليّعليه‌السلام بمكّة المشرّفة داخل البيت الحرام وفي جوف الكعبة في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب سنة ثلاثين من عام الفيل قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة، ولم يولد في بيت الله الحرام قبله أحد سواه، وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً له وإعلاءً لمرتبته وإظهاراً لتكرمته(٢) .

ــــــــــــ

(١) نهج البلاغة (صبحي الصالح): الخطبة ٥٧ ص٩٢، وأمالي الطوسي: ص٣٦٤ الرقم ٧٦٥، ومناقب آل أبي طالب: ٢ / ١٠٧، وشرح النهج لابن أبي الحديد: ٤ / ١١٤، وبحار الأنوار: ٤١ / ٢١٧.

(٢) خصائص أمير المؤمنين للشريف الرضي: ٣٩، والغدير للأميني: ٦ / ٢٢، والمستدرك للحاكم النيشابوري: ٣/٤٨٣، والكفاية للحافظ الكنجي الشافعي والخريدة الغيبيّة في شرح القصيدة العينيّة للآلوسي صاحب التفسير، ومروج الذهب للمسعودي، والسيرة النبوية، وموسوعة التاريخ الإسلامي: ١/٣٠٦ ـ ٣١٠.

٣٥

روي عن يزيد بن قعنب أنّه قال: كنت جالساً مع العباس بن عبد المطلب وفريق من بني عبد العزّى بإزاء بيت الله الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكانت حاملاً به لتسعة أشهر وقد أخذها الطلق، فقالت: يا ربّ إنّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب، وإنّي مصدّقة بكلام جديّ إبراهيم الخليلعليه‌السلام وإنّه بنى البيت العتيق، فبحقّ الّذي بنى هذا البيت، وبحقّ المولود الّذي في بطني إلاّ ما يسّرت عليَّ ولادتي.

قال يزيد: فرأيت البيت قد انشق عن ظهره، ودخلت فاطمة فيه، وغابت عن أبصارنا وعاد إلى حاله والتزق الحائط، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح، فعلمنا أنّ ذلك أمر من أمر الله عَزَّ وجَلَّ، ثمّ خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام (١) .

وأسرع البشير إلى أبي طالب وأهل بيته فأقبلوا مسرعين والبِشر يعلو وجوههم، وتقدّم من بينهم محمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضمّه إلى صدره، وحمله إلى بيت أبي طالب ـ حيث كان الرسول في تلك الفترة يعيش مع خديجة في دار عمه منذ زواجه ـ وانقدح في ذهن أبي طالب أن يسمّي وليده (عليّاً) وهكذا سمّاه، وأقام أبو طالب وليمةً على شرف الوليد المبارك، ونحر الكثير من الأنعام(٢) .

كناه وألقابه :

إن لأمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ألقاباً وكنىً ونعوتاً يصعب حصرها والإلمام بها، وكلّها صادرة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شتى المواقف والمناسبات العديدة التي وقفهاعليه‌السلام لنشر الإسلام والدفاع عنه وعن الرسول.

فمن ألقابهعليه‌السلام : أمير المؤمنين، ويعسوب الدين والمسلمين، ومبير(٣)  الشرك والمشركين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، ومولى المؤمنين، وشبيه هارون، والمرتضى، ونفس الرسول، وأخوه، وزوج البتول، وسيف الله المسلول، وأمير البررة، وقاتل الفجرة، وقسيم الجنّة والنار، وصاحب اللواء، وسيّد

ــــــــــــ

(١) علل الشرائع للصدوق: ص٥٦، وروضة الواعظين للفتال النيسابوري: ص٦٧، وبحار الأنوار: ٣٥ / ٨ ، وكشف الغمة للأربلي: ١ / ٨٢ .

(٢) بحار الأنوار: ٣٥ / ١٨.

(٣) اليعسوب: يقصد به هنا سيّد قومه. المبير: المهلك.

٣٦

العرب، وخاصف النعل، وكشّاف الكرب، والصدّيق الأكبر، وذو القرنين، والهادي، والفاروق، والداعي، والشاهد، وباب المدينة، والوالي، والوصيّ، وقاضي دين رسول الله، ومنجز وعده، والنبأ العظيم، والصراط المستقيم، والأنزع البطين(١) .

وأمّا كناه فمنها: أبو الحسن، أبو الحسين، أبو السبطين، أبو الريحانتين، أبو تراب.

الإعداد النبويّ للإمام عليّعليه‌السلام :

كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتردّد كثيراً على دار عمّه أبي طالب بالرغم من زواجه من خديجة وعيشه معها في دار منفردة، وكان يشمل عليّاًعليه‌السلام بعواطفه، ويحوطه بعنايته، ويحمله على صدره، ويحرّك مهده عند نومه إلى غير ذلك من مظاهر العناية والرعاية(٢) .

وكان من نِعَم الله عزّ وجلّ على عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وما صنع الله له وأراده به من الخير أنّ قريشاً أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للعبّاس ـ وكان من أيسر بني هاشم ـ : يا عبّاس، إنّ أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد ترى ما أصاب الناس من هذه الأزمة، فانطلق بنا، فلنخفّف عنه من عياله، آخذُ من بيته واحداً، وتأخذ واحداً، فنكفيهما عنه ، قال العباس: نعم.

فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له:إنّا نريد أن نخفّف عنك من عيالك حتّى ينكشف عن الناس ما هم فيه ، فقال لهما أبو طالب: إذا تركتما لي عقيلاً فاصنعا

ــــــــــــ

(١) كشف الغمة للأربلي: ١ / ٩٣. وقد وردت ألقاب أُخرى عديدة لأمير المؤمنين في مصادر الرواة والمحدّثين منها: صحيح الترمذي والخصائص للنسائي والمستدرك للحاكم النيسابوري وحلية الأولياء للأصفهاني وأُسد الغابة لابن الأثير وتأريخ الإسلام للذهبي وغيرهم.

(٢) بحار الأنوار: ٣٥ / ٤٣.

٣٧

ما شئتما، فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاًعليه‌السلام فضمّه إليه وكان عمره يومئذ ستة أعوام، وأخذ العبّاس جعفراً، فلم يزل عليّ بن أبي طالب مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى بعثه الله نبيّاً، فاتّبعه عليّعليه‌السلام فآمن به وصدّقه، ولم يزل جعفر عند العبّاس حتّى أسلم واستغنى عنه(١) .

وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد أن اختار عليّاًعليه‌السلام : (قد اخترت من اختاره الله لي عليكم عليّاً ( (٢) .

وهكذا آن لعليّعليه‌السلام أن يعيش منذ نعومة أظفاره في كنف محمّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث نشأ وترعرع في ظل أخلاقه السماويّة السامية، ونهل من ينابيع مودّته وحنانه، وربّاهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفقاً لما علّمه ربّه تعالى، ولم يفارقه منذ ذلك التأريخ.

وقد أشار الإمام عليّعليه‌السلام إلى أبعاد التربية التي حظي بها من لدن أستاذه ومربّيه النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومداها وعمق أثرها، وذلك في خطبته المعروفة بالقاصعة: (وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة (٣) ، وضعني في حجره وأنا ولد، يضمّني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسّني جَسده، ويشمّني عَرْفه (٤) ، وكان يمضع الشيء ثمّ يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة (٥) في فعل) .

إلى أن قال:(ولقد كنت أتّبعه اتباع الفصيل (٦) أثر أمه، يرفع لي في كلّ يوم من

ــــــــــــ

(١) تأريخ الطبري: ٢ / ٥٨ ط مؤسسة الأعلمي بيروت، وشرح ابن أبي الحديد: ١٣ / ١٩٨، وينابيع المودة: ٢٠٢، وكشف الغمة: ١ / ١٠٤، وموسوعة التاريخ الإسلامي : ١ / ٣٥١  ـ ٣٥٦.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ١ / ١٥ ، نقلاً عن البلاذري والأصفهاني.

(٣) الخصيصة: الخاصة.

(٤) عرفه (بالفتح): رائحته، وأكثر استعماله في الطيب.

(٥) الخطلة: الخطأ ينشأ من عدم الرؤية.

(٦) الفصيل: ولد الناقة.

٣٨

أخلاقه علماً (١) ، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء (٢) ، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشمّ ريح النبوّة، ولقد سمعت رنّة (٣) الشيطان حين نزل الوحي عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت: يا رسول الله، ما هذه الرنّة؟ فقال: هذا الشيطان آيس من عبادته، إنّك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلاّ أنّك لست بنبيّ، ولكنّك وزير، وأنّك لعلى خير) (٤) .

المرحلة الثانية : من البعثة إلى الهجرة

عليّعليه‌السلام أول المؤمنين برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

لقد نشأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على قيم إلهية سامية كما صرّح بذلك القرآن الكريم بقوله تعالى:( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٥) ، فكان النموذج المغاير لإنسان الجزيرة في معتقده وتفكيره وسلوكه وأخلاقه، فسلك منذ نعومة أظفاره خطّاً موازياً لقيم رسالات الأنبياء سيَّما شيخهم إبراهيم الخليلعليه‌السلام ، وكان في قناعة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ هذا الخطّ لا يلتقي بقيم المجتمع الجاهلي، من هنا بدأصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإنشاء نواة الأسرة المؤمنة المتكونة منه وخديجة وعليّعليهم‌السلام .

وقرّر أن يشقّ مجرى التأريخ، وأن يفتح طريقاً وسط التيار العام، وأن يقاوم بتلك الأسرة الانحراف السائد، وأن يُحدث موجاً هادراً يتحوّل شيئاً فشيئاً إلى تيار جارف للوثنية والجاهلية من ربوع الأرض، إنّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام والذي تربّى في حِجر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يسجد لصنم قطّ، ولم يُشرك بالله طرفة

ــــــــــــ

(١) عَلَماً: فضلاً ظاهراً.

(٢) حراء: جبل قرب مكّة.

(٣) رنّة الشيطان: صوته.

(٤) شرح نهج البلاغة للفيض: ٨٠٢ ، الخطبة ٢٣٤.

(٥) القلم (٦٨) : ٤.

٣٩

عين. وعندما نزل الوحي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان عليّعليه‌السلام إلى جانبه، وكان أوّل من آمن برسالتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما شهدت بذلك عامّة مصادر التأريخ.

وعن أنس بن مالك قال : أنزلت النبوّة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الاثنين وصلّى عليّعليه‌السلام يوم الثلاثاء(١) .

كما روي عن سلمان الفارسي أَنّه قال: أوّل هذه الأمة وروداً على نبيّهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحوض، أوّلها إسلاماً عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام (٢) .

وعن العباس بن عبد المطلب أنّه سمع عمر بن الخطاب وهو يقول: كفّوا عن ذكر عليّ بن أبي طالب إلاّ بخير، فإنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: في عليّ ثلاث خصال، وددت أنّ لي واحدةً منهنّ، كلّ واحدة منهنّ أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس، وذلك أنّي كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجرّاح ونفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ ضرب النبي على كتف عليّ بن أبي طالب وقال: يا عليّ، أنت أوّل المسلمين إسلاماً، وأنت أول المؤمنين إيماناً، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى، كذب من زعم أنّه يحبّني وهو مبغضك (٣) .

وإذ اتّفق المؤرّخون على أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام أوّل الناس إسلاماً(٤) ;  فقد

ــــــــــــ

(١) تأريخ دمشق لابن عساكر: ١ / ٤١، والكامل في التأريخ: ٢ / ٥٨، وتأريخ الطبري: ٢ / ٥٥، وسنن الترمذي: ٥ / ٦٠٠ الحديث ٣٧٣٥.

(٢) الاستيعاب لابن عبد البرّ المالكي بهامش الإصابة: ٣ / ٢٩، وتأريخ الطبري: ٢ / ٥٥ وفيه: عليّ أول من أسلم، وفي تأريخ دمشق لابن عساكر: ١ / ٣٢، ٣٦، ٦٥ ذكر أنّ عليّاً أول من أسلم، وتأريخ بغداد: ٢ / ٨١ رقم ٤٥٩.

(٣) الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: ١٢٦، وتأريخ دمشق لابن عساكر: ١ / ٣٣١ رقم الحديث ٤٠١.

(٤) من مصادر حديث أنّ علي بن أبي طالب أول من أسلم: سنن البيهقي: ٦ / ٢٠٦، ومسند أبي حنيفة: رقم ٣٦٨ ص١٧٣، وتأريخ الطبري: ٢ / ٥٥ ط مؤسسة الأعلمي، والكامل في التأريخ: ٢ / ٥٧، واُسد الغابة: ٤ / ١٦، تاريخ ابن خلدون : ج٣ / ص٧١٥ ، بدء الوحي والسيرة النبوية: ١ / ٢٦٢، والسيرة الحلبية: ١ / ٤٣٢، ومروج الذهب: ٢ / ٢٨٣، وعيون الأثر: ١ / ٩٢، والإصابة في معرفة الصحابة: ٢ / ٥٠٧، وتأريخ بغداد للخطيب البغدادي: ٢ / ١٨.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

٨٧ - باب أنّ من أوصى بمال للحج فلم يبلغ أن يحج به من مكّة وجب التصدّق به، وحكم من أوصى بالحج مبهما ً

[ ٢٤٨٧٧ ] ١ - محمد بن الحسن بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن معاوية بن حكيم ويعقوب الكاتب، عن ابن أبي عمير، عن زيد النرسي، عن علي بن مزيد صاحب السابري قال: أوصى إليّ رجل بتركته وأمرني أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فإذا هو شيء يسير لا يكون للحج - إلى أن قال - فسألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) فقال: ما صنعت بها ؟ قلت: تصدقت بها، قال: ضمنت، أولاً يكون يبلغ أن يحج به من مكة، فإن كان لا يبلغ أن يحج به من مكّة فليس عليك ضمان، وإن كان يبلغ أن تحج به من مكّة فأنت ضامن.

ورواه الكليني، والصدوق كما مرّ(١) ، وتقدّم ما يدلّ على الحكم الثاني في الحج(٢) .

٨٨ - باب حكم من مات ولم يوص من يتولّى بيع جواريه وقسمة ماله ونحو ذلك

[ ٢٤٨٧٨ ] ١ - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب،

__________________________

الباب ٨٧

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٩: ٢٢٨ / ٨٩٦.

(١) مرّ في الحديث ٢ من الباب ٣٧ من هذه الأبواب.

(٢) تقدّم في الباب ٤ من أبواب النيابة في الحجّ.

الباب ٨٨

فيه ٣ أحاديث

١ - الفقيه ٤: ١٦١ / ٥٦٤، وأورده في الحديث ١ من الباب ١٤ من أبواب عقد البيع.

٤٢١

عن علي بن رئاب قال: سألت أبا الحسن موسى( عليه‌السلام ) عن رجل بيني وبينه قرابة مات وترك أولاداً صغاراً، وترك مماليك له غلماناً وجواري ولم يوص، فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية فيتّخذها اُمّ ولد ؟ وما ترى في بيعهم ؟ فقال: إن كان لهم ولي يقوم بأمرهم باع عليهم ونظر لهم كان مأجوراً فيهم، قلت: فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية فيتّخذها اُمّ ولد ؟ قال: لا بأس بذلك إذا باع عليهم القيّم لهم الناظر فيما يصلحهم، وليس لهم أن يرجعوا عمّا صنع القيّم لهم الناظر فيما يصلحهم.

ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب(١) .

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد مثله(٢) .

[ ٢٤٨٧٩ ] ٢ - وبإسناده عن زرعة، عن سماعه قال: سألته عن رجل مات وله بنون وبنات صغار وكبار من غير وصية، وله خدم ومماليك وعقد(٣) ، كيف يصنع الورثة بقسمة ذلك الميراث ؟ قال: إن قام رجل ثقة قاسمهم ذلك كلّه فلا بأس.

محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى(٤) ، عن زرعة مثله(٥) .

[ ٢٤٨٨٠ ] ٣ - وعنه، عن إسماعيل بن سعد قال: سألت الرضا

__________________________

(١) التهذيب ٩: ٢٣٩ / ٩٢٨.

(٢) الكافي ٧: ٦٧ / ٢.

٢ - الفقيه ٤: ١٦١ / ٥٦٣، والكافي ٧: ٦٧ / ٣.

(٣) العقد: جمع عقدة، وهي الضيعة والمكان الكثير الشجر. ( الصحاح ٢: ٥١٠ ).

(٤) في التهذيب زيادة: عن عثمان بن عيسى.

(٥) التهذيب ٩: ٢٤٠ / ٩٢٩.

٣ - التهذيب ٩: ٢٣٩ / ٩٢٧، وأورد قطعة منه في الحديث ١ من الباب ١٦ من أبواب عقد البيع وشروطه.

٤٢٢

( عليه‌السلام ) عن رجل مات بغير وصية وترك أولاداً ذكراناً وغلماناً صغاراً، وترك جواري ومماليك، هل يستقيم أن تباع الجواري ؟ قال: نعم.

وعن الرجل يصحب الرجل في سفر فيحدث به حدث الموت، ولا يدرك الوصية كيف يصنع بمتاعه وله أولاد صغار وكبار، أيجوز أن يدفع متاعه ودوابه إلى ولده الأكابر أو إلى القاضي، وإن كان في بلدة ليس فيها قاض كيف يصنع ؟ وإن كان دفع المتاع إلى الأكابر ولم يعلم فذهب فلم يقدر على رده كيف يصنع ؟ قال: إذا أدرك الصغار وطلبوا لم يجد بدّاً من إخراجه إلّا أن يكون بأمر السلطان الحديث.

ورواه الكليني، عن محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى(١) ، والذي قبله عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن زرعة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في عقد البيع وشروطه(٢) .

٨٩ - باب جواز شراء الوصي من مال الميت إذا بيع فيمن زاد

[ ٢٤٨٨١ ] ١ - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسين بن إبراهيم الهمداني(٣) قال: كتبت مع محمد بن يحيى: هل للوصي أن يشتري من مال الميّت إذا بيع فيمن زاد، يزيد ويأخذ لنفسه ؟ فقال: يجوز إذا اشترى صحيحاً.

__________________________

(١) الكافي ٧: ٦٦ / ١.

(٢) تقدم في الحديث ٢ من الباب ١٦ من أبواب عقد البيع وشروطه.

الباب ٨٩

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٤: ١٦٢ / ٥٦٦.

(٣) في التهذيب: الحسن بن إبراهيم الهمداني ( هامش المخطوط ).

٤٢٣

ورواه الكليني، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد(١) ، عن الحسن بن إبراهيم بن محمد الهمداني قال: كتب محمد بن يحيى ثمّ ذكر مثله(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد(٣) .

٩٠ - باب حكم الوصيّة بإخراج الولد من الميراث لإتيانه اُم ّ ولد أبيه أو غير ذلك

[ ٢٤٨٨٢ ] ١ - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد العزيز بن المهتدي، عن سعد بن سعد قال: سألته - يعني أبا الحسن الرضا( عليه‌السلام ) - عن رجل كان له ابن يدعيه، فنفاه وأخرجه من الميراث وأنا وصيه، فكيف أصنع ؟ فقال( عليه‌السلام ) : لزمه الولد لإقراره بالمشهد لا يدفعه الوصي عن شيء قد علمه.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى مثله(٤) .

[ ٢٤٨٨٣ ] ٢ - وبإسناده عن الحسن بن علي الوشاء، عن محمد بن يحيى، عن وصي علي بن السري قال: قلت لأبي الحسن( عليه‌السلام ) : إنّ علي ابن السري توفي وأوصى إليّ، فقال: رحمه الله، فقلت: وإنّ ابنه جعفراً وقع على اُمّ ولد له، فأمرني أن اُخرجه من الميراث، فقال لي: أخرجه إن

__________________________

(١) في الكافي: أحمد بن محمد.

(٢) الكافي ٧: ٦٦ / ١٠.

(٣) التهذيب ٩: ٢٤٥ / ٩٥٠.

الباب ٩٠

فيه حديثان

١ - الفقيه ٤: ١٦٣ / ٥٦٨، والكافي ٧: ٦٤ / ٢٦.

(٤) التهذيب ٩: ٢٣٥ / ٩١٨، والاستبصار ٤: ١٣٩ / ٥٢٠.

٢ - الفقيه ٤: ١٦٢ / ٥٦٧.

٤٢٤

كنت صادقاً فسيصيبه خبل، قال: فرجعت فقدّمني إلى أبي يوسف القاضي، فقال له: أصلحك الله أنا جعفر بن علي بن السري وهذا وصي أبي فمره فليدفع إليّ ميراثي من أبي، فقال لي: ما تقول ؟ فقلت: نعم هذا جعفر بن علي بن السري وأنا وصي علي بن السري، قال: فادفع إليه ماله، قلت: أصلحك الله اُريد أن اُكلمك، قال: فادن، فدنوت حيث لا يسمع أحد كلامي، فقلت: هذا وقع على اُمّ ولد لأبيه فأمرني أبوه وأوصى إليّ أن اُخرجه من الميراث ولا اُورّثه شيئاً، فأتيت موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) بالمدينة فأخبرته وسألته فأمرني أن اُخرجه من الميراث ولا اُورّثه شيئاً، فقال: الله ! إنّ أبا الحسن أمرك ؟ قلت: نعم، فاستحلفني ثلاثاً، ثمّ قال: أنفذ ما أمرك، فالقول قوله.

قال الوصى فأصابه الخبل بعد ذلك.

قال أبو محمد الحسن بن علي الوشاء: رأيته بعد ذلك.

ورواه الكليني عن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء(١) ، والذي قبله عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العزيز بن المهتدي، عن محمد بن الحسين، عن سعد بن سعد.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب(٢) .

ورواه علي بن عيسى في( كشف الغمّة) نقلاً من كتاب الدلائل لعبد الله بن جعفر الحميري، عن الحسن بن علي الوشاء (٣) .

قال الصدوق: ومتى أوصى الرجل بإخراج ابنه من الميراث ولم يكن

__________________________

(١) الكافي ٧: ٦١ / ١٥.

(٢) التهذيب ٩: ٢٣٥ / ٩١٧، والاستبصار ٤: ١٣٩ / ٥٢١.

(٣) كشف الغمة ٢: ٢٤٠.

٤٢٥

أحدث هذا الحدث لم يجز للوصي إنفاذ وصيّته في ذلك، ثمّ استدل بالحديث الأول.

وقال الشيخ: هذا الحكم مقصور على هذه القضيّة لا يتعدى إلى غيرها، لأنّه لا يجوز أن يخرج الرجل من الميراث المستحق بنسب شائع بقول الموصي وأمره أن يخرج من الميراث إذا كان نسبه ثابتاً، واستدلّ بالحديث الأول(١) .

٩١ - باب براءة ذمّة الميّت من الدين بضمان من يضمنه للغُرماء برضاهم

[ ٢٤٨٨٤ ] ١ - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في الرجل يموت وعليه دين فيضمنه ضامن للغُرماء، قال: إذا رضي الغرماء فقد برئت ذمة الميت.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الضمان(٢) ، وغيره(٣) .

__________________________

(١) لا يخفى أن كلام الشيخ أخص من كلام الصدوق، ويحتمل اتحاد مرادهما. ( منه. قده ).

الباب ٩١

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٤: ١٦٧ / ٥٨٢، وأورده في الحديث ١ من الباب ١٤ من أبواب الدين، وفي الحديث ١ من الباب ٢ من أبواب الضمان.

(٢) تقدم في الحديثين ٢ و ٣ من الباب ٣ من أبواب الضمان.

(٣) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢ وفي الباب ١٤ من أبواب الدين.

٤٢٦

٩٢ - باب أنّ من أذن لوصيّه في المضاربة بمال ولده الصغار من غير ضمان جاز له ذلك ولم يضمن

[ ٢٤٨٨٥ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحسن، عن الحسن بن علي بن يونس(١) ، عن مثنى بن الوليد، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّه سُئل عن رجل أوصى إلى رجل بولده وبمال لهم وأذن له عند الوصية أن يعمل بالمال، وأن يكون الربح بينه وبينهم، فقال: لا بأس به من أجل أن أباه قد أذن له في ذلك وهو حي.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد مثله(٢) .

محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله(٣) .

[ ٢٤٨٨٦ ] ٢ - وبإسناده عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن خالد(٤) الطويل قال: دعاني أبي حين حضرته الوفاة فقال: يا بُني اقبض مال اخوتك الصغار واعمل به، وخذ نصف الربح وأعطهم النصف، وليس عليك ضمان، فقدمتني اُمّ ولد أبي بعد وفاة أبي إلى ابن أبي

__________________________

الباب ٩٢

فيه حديثان

١ - الكافي ٧: ٦٢ / ١٩.

(١) في الفقيه: الحسن بن علي بن يوسف ( هامش المخطوط )، وكذلك الكافي والتهذيب.

(٢) التهذيب ٩: ٢٣٦ / ٩٢١.

(٣) الفقيه ٤: ١٦٩ / ٥٩٠.

٢ - الفقيه ٤: ١٦٩ / ٥٩١.

(٤) في نسخة: اضافة بن بكير ( هامش المخطوط ).

٤٢٧

ليلى، فقالت: إنّ هذا يأكل أموال ولدي، قال: فاقتصصت عليه ما أمرني به أبي، فقال لي ابن أبي ليلى: إن كان أبوك أمرك بالباطل لم أجزه، ثمّ أشهد عليّ ابن أبي ليلى إن أنا حركته فأنا له ضامن، فدخلت على أبي عبد الله( عليه‌السلام ) فقصصت عليه قصّتي، ثمّ قلت له: ما ترى ؟ فقال: أمّا قول ابن أبي ليلى فلا أستطيع ردّه، وأمّا فيما بينك وبين الله عزّ وجلّ فليس عليك ضمان.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن خالد بن بكير الطويل(١) .

ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم(٢) .

٩٣ - باب الوصي إذا ادّعى على الميّت ديناً بلا بيّنة هل له أن يأخذ ممّا في يده أم لا ؟

[ ٢٤٨٨٧ ] ١ - محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن بزيد بن معاوية، عن أبى عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قلت له: إنّ رجلاً أوصى إليّ فسألته أن يشرك معي ذا قرابة له ففعل، وذكر الذي أوصى إليّ أنّ له قبل الذي أشركه في الوصية

__________________________

(١) التهذيب ٩: ٢٣٦ / ٩١٩.

(٢) الكافي ٧: ٦١ / ١٦.

وتقدّم ما يدل على حكم التجارة بمال الصغير للوصي وغيره بالمضاربة وغيرها في الباب ٢ من أبواب من تجب عليه الزكاة، وفي الباب ٧٥ من أبواب ما يكتسب به، وفي الباب ١٠ من أبواب المضاربة، وفي الحديث ٥ من الباب ٣٥ من هذه الأبواب.

الباب ٩٣

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٩: ٢٣٢ / ٩١٠.

٤٢٨

خمسين ومائة(١) درهم عنده ورهنا بها جاما(٢) من فضّة، فلما هلك الرجل أنشأ الوصي يدّعي أنّ له قبله أكرار(٣) حنطة، قال: إن أقام البيّنة وإلّا فلا شيء له، قال: قلت له: أيحلّ له أن يأخذ مما في يديه شيئاً ؟ قال: لا يحلّ له، قلت: أرأيت لو أنّ رجلاً عدا عليه فأخذ ماله فقدر على أن يأخذ من ماله ما أخذ أكان ذلك له ؟ قال: إنّ هذا ليس مثل هذا.

ورواه الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد(٤) .

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن فضال(٥) .

أقول: يمكن أن يراد بقوله: ليس هذا مثل هذا، أنّ حكم الوصي هو الحكم المذكور في ظاهر الشرع، وحكم الشخص الآخر هو الحكم فيما بينه وبين الله، ويمكن أن يراد أنّ هذا الوصي لأنّ له شريكاً في الوصية لا يجوز له أن يمكنه من أخذ شيء على أنّه بإقراره بأنّه مشغول الذمة بدين الميت قد أقرّ بأنّه لا يستحق في ذمته شيئاً والله أعلم.

٩٤ - باب حكم من أوصى بمال لآل محمّد أو بمال قليل لولد فاطمة عليها‌السلام

[ ٢٤٨٨٨ ] ١ - محمد بن الحسن بأسناده عن أبي علي الأشعري، عن

__________________________

(١) في الفقيه: خمسمائة ( هامش المخطوط ).

(٢) الجام: إناء من فضّة. ( القاموس المحيط - جوم - ٤: ٩٢ ).

(٣) الأكرار: جمع كر: وهو وزن كان مستعملاً عندهم. انظر ( مجمع البحرين - كرر - ٣: ٤٧٢ ).

(٤) الكافي ٧: ٥٧ / ١.

(٥) الفقيه ٤: ١٧٤ / ٦١٣.

الباب ٩٤

فيه حديثان

١ - التهذيب ٩: ٢٣٣ / ٩١١.

٤٢٩

محمد بن عبد الجبّار، عن علي بن مهزيار، عن أحمد بن حمزة قال: قلت له: إنّ في بلدنا ربما أوصى بالمال لآل محمد( عليهم‌السلام ) فيأتوني به فأكره أن أحمله إليك حتّى أستأمرك، فقال: لا تأتني به ولا تعرض له.

ورواه الكليني، عن أبي علي الأشعري(١) .

ورواه الصدوق بإسناده عن علي بن مهزيار(٢) .

أقول: هذا محمول على التقية أو على عدم انحصار المصرف فيه( عليه‌السلام ) .

[ ٢٤٨٨٩ ] ٢ - وبإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: أوصى رجل بثلاثين ديناراً لولد فاطمة (عليها‌السلام ) ، قال: فأتى الرجل بها أبا عبد الله( عليه‌السلام ) ، فقال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : ادفعها إلى فلان - شيخ من ولد فاطمة وكان معيلاً مقلاً -، فقال له الرجل: إنّما أوصى بها الرجل لولد فاطمة، فقال له أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : إنّها لا تقع من ولد فاطمة، وهي تقع من هذا الرجل وله عيال.

ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم(٣) .

ورواه الصدوق بإسناده عن محمد بن أبي عمير(٤) .

__________________________

(١) الكافي ٧: ٥٨ / ٣.

(٢) الفقيه ٤: ١٧٤ / ٦١١.

٢ - التهذيب ٩: ٢٣٣ / ٩١٢.

(٣) الكافي ٧: ٥٨ / ٢.

(٤) الفقيه ٤: ١٧٤ / ٦١٢.

٤٣٠

٩٥ - باب أنّه يجوز للموصي أن يفوّض أمر مصرف الوصية إلى رأي الوصي وله أن يغيّر ما يرى إلّا أن يكتب كتابا ً

[ ٢٤٨٩٠ ] ١ - محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد، عن محمد ابن عيسى بن عبيد، عن جعفر بن عيسى قال: كتبت إلى أبي الحسن( عليه‌السلام ) في رجل أوصى ببعض ثلثه من بعد موته من غلّة ضيعة له إلى وصيّه يضعه في مواضع سمّاها له معلومة في كلّ سنة، والباقي من الثلث يعمل فيه بما شاء ورأي الوصي فأنفذ الوصي ما اُوصي إليه من المسمى المعلوم، وقال في الباقي: قد صيرت لفلان كذا ولفلان كذا في كل سنة، وفي الحج كذا، وفي الصدقة كذا في كل سنة، ثمّ بدا له في ذلك، فقال: قد شئت الأول، رأيت خلاف مشيئتي الاُولى ورأيي، أله أن يرجع فيه يصير ما صير لغيرهم أو ينقصهم أو يدخل معهم غيرهم إن أراد ذلك ؟ فكتب( عليه‌السلام ) : له أن يفعل ما شاء(١) ، إلّا أن يكون كتب كتاباً على نفسه.

ورواه الكليني عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد ابن عيسى مثله(٢) .

[ ٢٤٨٩١ ] ٢ - وبإسناده عن علي، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن مروان(٣) . قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إنّ أبي حضره الموت فقيل له: أوص فقال: هذا ابني - يعني عمر - فما صنع فهو جائز، فقال أبو

__________________________

الباب ٥٩

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٩: ٢٣٣ / ٩١٤.

(١) في نسخة: ما يشاء ( هامش المخطوط ).

(٢) الكافي ٧: ٥٩ / ٩.

٢ - التهذيب ٩: ٢٣٦ / ٩٢٠.

(٣) في نسخة: عمار بن مروان ( هامش المخطوط ) وكذلك المصدر.

٤٣١

عبدالله( عليه‌السلام ) : فقد أوصى أبوك وأوجز، قال: قلت: فإنّه أمر لك بكذا وكذا، قال: أجزه، قلت: وأوصى بنسمة مؤمنة عارفة، فلمّا أعتقناه بان لنا أنّه لغير رشده، فقال: قد أجزأت عنه.

[ ٢٤٨٩٢ ] ٣ - ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم مثله، وزاد: إنّما مثل ذلك مثل رجل اشترى أضحية على أنّها سمينة فوجدها مهزولة فقد أجزأت عنه.

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن أبي عمير مثله مع الزيادة(١) .

٩٦ - باب حكم من أوصى لقرابته بمال من غلّة ضيعة كل ّ سنة فمضت مدّة لم يكن للضيعة غلّة ثم صار لها غلّة، وحكم عزل الوصي أرضاً لإِخراج الوصيّة

[ ٢٤٨٩٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد، عن سعد ابن سعد بن الأحوص، قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن رجل أوصى إلى رجل أن يعطي قرابته من ضيعته كذا وكذا جريباً من طعام، فمرّت عليه سنون لم يكن في ضيعته فضل بل احتاج إلى السلف والعينة أيجري على من أوصى له من السلف والعينة أم لا ؟ فإن أصابهم بعد ذلك يجري عليهم لما فإنهم من السنين الماضية أم لا ؟ فقال: كأنّي لا اُبالي إن أعطاهم أو أخّر، ثمّ يقضي.

__________________________

٣ - الكافي ٧: ٦٢ / ١٧.

(١) الفقيه ٤: ١٧٢ / ٦٠٤.

الباب ٩٦

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٩: ٢٣٧ / ٩٢٢.

٤٣٢

وعن رجل أوصى بوصايا لقرابته وأدرك الوارث للوصي أن يعزل أرضاً بقدر ما يخرج منه وصاياه إذا قسم الورثة ولا يدخل هذه الأرض في قسمتهم أم كيف يصنع ؟ فقال: كذا ينبغي.

ورواه الكليني عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن سعد بن إسماعيل الأحوص(١) ، عن أبيه قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) وذكر مثله، إلّا أنّه أسقط لفظ: كأنّي(٢) .

٩٧ - باب ثبوت الوصيّة بخبر الثقة

[ ٢٤٨٩٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يحيى، عن محمّد ابن الحسين، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل كانت له عندي دنانير وكان مريضاً، فقال لي: إن حدث بى حدث فأعط فلاناً عشرين ديناراً وأعط أخي بقية الدنانير فمات ولم أشهد موته، فأتاني رجل مسلم صادق فقال لي: إنّه أمرني أن أقول لك انظر الدنانير التي أمرتك أن تدفعها إلى أخي فتصدّق منها بعشرة دنانير أقسمها في المسلمين ولم يعلم أخوه أنّ عندي شيئاً، فقال: أرى أن تصدّق منها بعشرة دنانير(٣) .

ورواه الكليني عن محمّد بن يحيى(٤) .

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن

__________________________

(١) في الكافي: سعد بن إسماعيل بن الأحوص.

(٢) الكافي ٧: ٦٤ / ٢٤، إلّا أنّه أثبت لفظ: كأنّي.

الباب ٩٧

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٩: ٢٣٧ / ٩٢٣.

(٣) في المصدر زيادة: كما قال، وكذلك الكافي والفقيه.

(٤) الكافي ٧: ٦٤ / ٢٧.

٤٣٣

عبد الله بن حبيب، عن إسحاق بن عمّار(١) .

٩٨ - باب استحباب تنجيز الإِنسان ما يريد أن يوصي به واختيار توليته بنفسه على الإِيصاء به

[ ٢٤٨٩٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن إبراهيم ابن مهزم، عن عنبسة العابد قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : أوصني، فقال: أعد جهازك، قدّم زادك وكن وصيّ نفسك، ولا تقل لغيرك يبعث إليك بما يصلحك.

ورواه الكليني عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد(٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) .

٩٩ - باب أنّ من ترك لزوجته نفقة ثم مات رجع الباقي في الميراث

[ ٢٤٨٩٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن رجل سافر وترك عند امرأته نفقة ستّة أشهر أو نحواً من ذلك، ثمّ مات بعد شهر أو

__________________________

(١) الفقيه ٤: ١٧٥ / ٦١٤.

الباب ٩٨

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٩: ٢٣٧ / ٩٢٤، وأورده عن السرائر في الحديث ٢ من الباب ١٦ من أبواب الصدقة.

(٢) الكافي ٧: ٦٥ / ٢٩.

(٣) تقدم في الباب ٣٠ من أبواب الاحتضار، وفي الباب ٩١ من أبواب جهاد النفس.

الباب ٩٩

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٩: ٢٤٣ / ٩٤٤.

٤٣٤

اثنين ؟ قال: تردّ فضل ما عندها في الميراث.

١٠٠ - باب جواز الوصيّة للصغير

[ ٢٤٨٩٧ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في( تفسيره) عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: من أوصى بوصيّة لغير الوارث من صغير أو كبير بالمعروف غير المنكر فقد جازت وصيّته.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك عموماً(١) .

[ كتب المصنف في هذا الموضوع من النسخة التي بخط يده، ما نصّه: ]

تمّ الجزء الرابع من كتاب( تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة) ويتلوه إن شاء الله تعالى في الجزء الخامس كتاب النكاح والطلاق بيد مؤلّفه محمد بن الحسن بن علي بن محمّد الحرّ العاملي( عفى عنهم) ، وفرغ من نقله من المسوّدة إلى هذه النسخة في العشر الأُول من شهر ذي القعدة الحرام سنة ١٠٨٥ ه‍ والحمد لله وحده وصلّى الله على محمّد وآله.

__________________________

الباب ١٠٠

فيه حديث واحد

١ - تفسير العياشي ١: ٧٦ / ١٦٥.

(١) تقدم في البابين ١ و ٣٢ من هذه الأبواب.

٤٣٥

٤٣٦

الفهرس

كتاب الشركة ١ - باب أنّه يتساوىٰ الشريكان في الربح والخسران إن تساوىٰ المالان وإن نقد أحدهما عن الآخر، وإلا فبالنسبة إلاّ مع الشرط ٥

٢ - باب كراهة مشاركة الذمّي وإبضاعه وإيداعه وعدم التحريم ٨

٣ - باب عدم جواز وطء الأمة المشتركة وحكم من وطأها ٩

٤ - باب أنّ الشريكين إذا شرطا - في التصرف - الاجتماع لزم ١٠

٥ - باب أنّه لا يجوز لأحد الشريكين التصرف إلاّ بإذن الآخر، وحكم ما لو خان أحدهما فأراد الآخر الاستيفاء ١١

٦ - باب عدم جواز قسمة الدين المشترك قبل قبضه ١٢

٧ - باب استحباب مشاركة من أقبل عليه الرزق ١٣

كتاب المضاربة ١ - باب أنّ المالك إذا عيّن للعامل نوعاً من التصرّف أو جهة للسفر لم يجز له مخالفته، فإن خالف ضمن، وإن ربح كان بينهما ١٥

٢ - باب أنّه يجوز للمالك أن يدفع أكثر المال قرضاً، والباقى قراضاً، ويشترط حصّة من ربح الجميع، أو يجعل الباقى بضاعة، فإن تلف ضمن القرض ١٩

٣ - باب أنّه يثبت للعامل الحصّة المشترطة من الربح، ولا يلزمه ضمان إلاّ مع تفريط ٢٠

٤ - باب أنّ صاحب المال إذا ضمن العامل فليس له إلاّ رأس ماله ٢٢

٥ - باب أنّه لا تصح المضاربة بالدين حتّى يقبض، ويجوز للمالك أمر العامل بضم الربح الذي في يده إلى رأس المال ٢٣

٦ - باب أنّ للعامل أن ينفق في السفر من رأس المال، وليس له ذلك في بلده ٢٤

٤٣٧

٧ - باب أنّه يجوز للعامل أن يزيد حصّة المالك من الربح ٨ - باب أنّ العامل اذا اشترى أباه وظهر فيه ربح عتق نصيبه من الربح وسعى العبد في باقي ثمنه ٢٥

٩ - باب أنّ من صادقته امرأة ودفعت إليه مالاً يتّجر به فربح فيه ثم تاب فله الربح ويردّ المال ٢٦

١٠ - باب حكم المضاربة بمال اليتيم والوصيّة بالمضاربة به ١١ - باب حكم وطء العامل جارية المضاربة ٢٧

١٢ - باب أنّه يجوز أن يدفع الإِنسان إلى عبده عشرة دراهم على أن يؤدّي إليه العبد كلّ شهر عشرة دراهم ٢٨

١٣ - باب أنّ من كان بيده مضاربة فمات فإن عيّنها لواحد بعينه فهي له، وإلاّ قسمت على الغرماء بالحصص ١٤ - باب أنّه لا يجوز للعامل دفع المال إلى غيره مضاربة بأقل ممّا أخذ ٢٩

كتاب المزارعة والمساقاة ١ - باب استحباب الغرس وشراء العقار وكراهة بيعه ٣١

٢ - باب استحباب صبّ الماء في اُصول الشجر عند الغرس قبل التراب ٣ - باب استحباب الزرع ٣٢

٤ - باب استحباب الحرث للزرع ٣٦

٥ - باب ما يستحب أن يقال عند الحرث والزرع والغرس ٣٧

٦ - باب استحباب تلقيح النخل وكيفيّته، وغرس البسر إذا أينع ٣٨

٧ - باب حكم قطع شجر الفواكه والسدر، واستحباب سقي الطلح والسدر ٣٩

٨ - باب أنّه يشترط في المزارعة كون النماء مشاعاً بينهما تساويا فيه أو تفاضلا، ولا يسمّي شيئاً للبذر ولا البقر ولا الأرض ٤٠

٩ - باب أنّه يشترط في المساقاة كون النماء مشاعاً بينهما ٤٣

١٠ - باب أنّ العمل على العامل والخراج على المالك إلاّ مع الشرط، وحكم البذر والبقر ٤٤

١١ - باب ذِكر الأجل في المزارعة ٤٦

٤٣٨

١٢ - باب جواز مشاركة المسلم المشرك في المزارعة على كراهيّة ٤٧

١٣ - باب جواز المشاركة في الزرع بأن يشتري من البدر ولو بعد زرعه ٤٨

١٤ - باب أنّه يجوز لصاحب الأرض والشجر أن يخرص على العامل والعامل بالخيار في القبول، فإن قبل لزمه زاد أو نقص ٤٩

١٥ - باب أنّه يجوز لمن استأجر الأرض أن يزارع غيره بحصّة ٥٢

١٦ - باب ما تجوز إجارة الأرض به وما لا تجوز، وخراج الأرض المستأجرة ٥٣

١٧ - باب جواز اشتراط خراج الأرض على المستأجر والعامل وأن يتقبّلها به ٥٧

١٨ - باب جواز قبالة الأرض وعدم جواز قبالة جزية الرؤوس ٥٩

١٩ - باب حكم إجارة الأرض التي فيها شجر وقبالتها، وحكم زكاة العامل في المزارعة والمساقاة والمستأجر ٦١

٢٠ - باب عدم جواز سخرة المسلمين إلاّ مع الشرط، واستحباب الرفق بالفلاحين وتحريم ظلمهم ٦٢

٢١ - باب جواز النزول على أهل الخراج ثلاثة أيّام ٦٤

كتاب الوديعة ١ - باب وجوب أداء الأمانة ٦٧

٢ - باب وجوب أداء الأمانة إلى البر والفاجر ٧١

٣ - باب تحريم الخيانة ٧٦

٤ - باب أنّ الوديعة لا يضمنها المستودع مع عدم التفريط وإن كانت ذهباً أو فضة ٧٩

٥ - باب ثبوت الضمان على المستودع مع التفريط ٨١

٦ - باب كراهة ائتمان شارب الخمر وإبضاعة وكذا كل سفيه ٨٢

٧ - باب أنّ المال إذا تلف فقال المالك: هو دين، وقال الآخر: هو وديعة فالقول قول المالك مع يمينه إلاّ مع البيّنة بالوديعة ٨٥

٨ - باب حكم الاقتراض من الوديعة ومن مال اليتيم ٨٦

٤٣٩

٩ - باب عدم جواز ائتمان الخائن والمضيع وإفساد المال ٨٧

١٠ - باب أن من أنكر وديعة ثم أقرّ بها ودفع المال وربحه إلى مالكه استحب له أن يطعمه نصف الربح، وحكم من أودعه بعض اللصوص مالاً ٨٩

كتاب العارية ١ - باب عدم ثبوت الضمان على المستعير في غير الذهب والفضة إذا لم يفرط إلاّ مع شرط الضمان فيلزم الشرط ٩١

٢ - باب جواز الاستعارة من الكافر وشرط الضمان، واستحباب إعارة المؤمن متاع البيت والحلي وغيرهما مع أمن الإتلاف ٩٥

٣ - باب ثبوت الضمان في عارية الذهب والفضة من غير تفريط وإن لم يشترط الضمان إذا لم يشترط عدمه ٩٦

٤ - باب أن من استعار من غير المالك بغير إذنه فهو ضامن، وأنه لا بد من كون المعير مالكاً جائز التصرف، وحكم إعارة المحرم الصيد ٩٧

٥ - باب أنّ من استعار شيئاً فرهنه بغير إذن المالك كان للمالك انتزاعه ٩٨

كتاب الإِجارة ١ - باب جملة مما تجوز الإِجارة فيه وما لا تجوز ١٠١

٢ - باب كراهة إجارة الإِنسان نفسه مدّة، وعدم تحريمها، فإن فعل فما أصاب فهو للمستأجر ١٠٣

٣ - باب كراهة استعمال الأجير قبل تعيين اُجرته، وعدم جواز منعه من الجمعة، واستحباب إحكام الأعمال وإتقانها ١٠٤

٤ - باب استحباب دفع الاُجرة إلى الأجير بعد الفراغ من العمل من غير تأخير قبل أن يجف عرقه، وجواز اشتراط التقديم والتأخير، وكذا كلّ ما يشترط في الإِجارة ١٠٦

٥ - باب تحريم منع الأجير اُجرته ١٠٧

٦ - باب أن المستأجر ضامن للاُجرة حتى يؤديها إلاّ أن يرضى الأجير بوضعها على يد أحد ويضعها المستأجر فلا ضمان ١٠٩

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452