مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 319035 / تحميل: 5285
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

٣٢ -( باب تحريم إجارة المساكن والسفن للمحرمات)

[١٤٩٥١] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من اكترى دابة أو سفينة، فحمل عليها المكتري خمرا أو خنازيرا أو ما يحرم(١) ، لم يكن على صاحب الدابة شئ، وان تعاقدا على حمل ذلك، فالعقد فاسد والكراء على ذلك حرام ».

٣٣ -( باب حكم بيع عذرة الانسان وغيره، وحكم الأبوال)

[١٤٩٥١] ١ - توحيد المفضل: برواية محمد بن سنان، عنه، عن الصادقعليه‌السلام قال: « فاعتبر بما ترى من ضروب المآرب في صغير الخلق وكبيره، وبما له قيمة وما لا قيمة له، وأخس من هذا وأحقره، الزبل والعذرة التي اجتمعت فيها الخساسة والنجاسة معا، وموقعها من الزرع(١) والبقول والخضر اجمع، الموقع الذي لا يعدله شئ، حتى أن كل شئ من الخضر لا يصلح ولا يزكو الا بالزبل والسماد، الذي يستقذره الناس ويكرهون الدنو منه، واعلم أنه ليس منزلة الشئ على حسب قيمته، بل هما قيمتان مختلفتان بسوقين، وربما كان الخسيس في سوق المكتسب نفيسا في سوق العلم، فلا تستصغر العبرة في الشئ لصغر قيمته، فلو فطنوا طالبوا الكيميا لما في العذرة، لاشتروها بأنفس الأثمان وغالوا بها ».

__________________

الباب ٣٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٧٨ ح ٢٢٩.

(١) في المصدر: حرم الله.

الباب ٣٣

١ - توحيد المفضل ص ١٦٤.

(١) في المصدر: الزروع.

١٢١

قلت: ويظهر من هذا الخبر، جواز الانتفاع بالعذرة النجسة بما لا محظور فيه، وهو غير مستلزم لجواز المعاوضة عليها، فلا يعارض ما دل على حرمتها وان ثمنها سحت.

٣٤ -( باب تحريم بيع الخشب ليعمل صليبا، وكذا التوت)

[١٤٩٥٣] ١ - الصدوق في المقنع: ولا بأس ببيع الخشب ممن يتخذه برابط(١) ، ولا يجوز بيعه لمن يتخذه صلبانا.

٣٥ -( باب تحريم معونة الظالمين ولو بمدة قلم، وطلب ما في أيديهم من الظلم)

[١٤٩٥٤] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن عثمان بن عيسى، عن رجل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام :( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) (١) قال: « اما انه لم يجعلها خلودا، ولكن تمسكم النار فلا تركنوا إليهم ».

[١٤٩٥٥] ٢ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: باسناده الصحيح عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما قرب عبد من سلطان الا تباعد من الله، ولا(١) كثر ماله الا اشتد حسابه، ولا

__________________

الباب ٣٤

١ - المقنع ص ١٣٠.

(١) البربط: من الملاهي وآلات الغناء يشبه العوود. ( لسان العرب - بربط - ج ٧ ص ٢٥٨ ).

الباب ٣٥

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٦١ ح ٧٢.

(١) هود ١١ الآية ١١٣.

٢ - نوادر الراوندي ص ٤.

(١) في المصدر: وما.

١٢٢

كثر تبعه الا وكثر شياطينه» .

[١٤٩٥٦] ٣ - وبهذا الاسناد قال: قال عليعليه‌السلام : ثلاث من حفظهن كان معصوما من الشيطان الرجيم، ومن كل بلية: من لم يخل بامرأة ليس يملك منها شيئا، ولم يدخل على سلطان، ولم يعن صاحب بدعة ببدعة» .

ورواه في الجعفريات: عنه، مثله(١) .

[١٤٩٥٧] ٤ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من نكث بيعة، أو رفع لواء ضلالة، أو كتم علما، أو اعتقل مالا ظلما، أو أعان ظالما على ظلمه وهو يعلم أنه ظالم، فقد برئ من الاسلام ».

[١٤٩٥٨] ٥ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إياكم وأبواب السلطان وحواشيها، وأبعدكم من الله من آثر سلطانا على الله، جعل الميتة في قلبه ظاهرة وباطنة، واذهب عنه الورع، وجعله حيران ».

[١٤٩٥٩] ٦ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أرضى سلطانا بما أسخط الله، خرج من دين الاسلام ».

[١٤٩٦٠] ٧ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظلمة وأعوان الظلمة؟ من لاق(١) لهم دواة، أو ربط لهم كيسا أو مد لهم مدة، احشروه معهم ».

__________________

٣ - نوادر الراوندي ص ١٤.

(١) الجعفريات ص ٩٦.

٤ - نوادر الراوندي ص ١٧.

٥ - المصدر السابق ص ١٩.

٦ - المصدر السابق ص ٢٧.

٧ - نوادر الراوندي ص ٢٧.

(١) لاق الدواة: أصلح مدادها ( لسان العرب ج ١٠ ص ٣٣٤ ).

١٢٣

[١٤٩٦١] ٨ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الفقهاء امناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: يا رسول الله فما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على أديانكم ».

[١٤٩٦٢] ٩ - عوالي اللآلي: وروي في حديث: انه دخل على الصادقعليه‌السلام رجل، فمت(١) له بالايمان انه من أوليائه، فولى عنه وجهه، فدار الرجل إليه وعاود اليمين، فولى عنه، فأعاد اليمين ثالثة، فقالعليه‌السلام له: « يا هذا من أين معاشك؟ » فقال: اني أخدم السلطان، واني والله لك محب فقالعليه‌السلام : « روي أبي، عن أبيه، عن جده، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من السماء من قبل الله عز وجل: أين الظلمة؟ أين أعوان الظلمة، أين من برى لهم قلما؟ أين من لاق لهم دواة؟ أين من جلس معهم ساعة؟ فيؤتى بهم جميعا، فيؤمر بهم ان يضرب عليهم بسور من نار، فهم فيه حتى يفرغ الناس من الحساب، ثم يؤمر بهم إلى النار ».

[١٤٩٦٣] ١٠ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « شر الناس من يعين على المظلوم» .

[١٤٩٦٤] ١١ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال لكميل: « يا كميل، لا تطرق أبواب الظالمين للاختلاط بهم والاكتساب معهم، وإياك ان تعظمهم، وتشهد في مجالسهم بما يسخط الله عليك »، الخبر.

__________________

٨ - نوادر الراوندي ص ٢٧.

٩ - عوالي اللآلي ج ٤ ص ٦٩ ح ٣١.

(١) مت إليه بقرابة أو غيرها: توسل وتوصل وتقرب ( لسان العرب ج ٢ ص ٨٨ ).

١٠ - غرر الحكم ودرر الكلم ج ١ ص ٤٤٧ ح ٦٤.

١١ - تحف العقول ص ١١٦.

١٢٤

ورواه عماد الدين الطبري في البشارة(١) : مسندا عنهعليه‌السلام ، مثله.

[١٤٩٦٥] ١٢ - أبو الفتح الكراجكي في كنزه: عن محمد بن أحمد بن شاذان، عن أبيه، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن زياد، عن المفضل بن عمر، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « ملعون ملعون، عالم يؤم سلطانا جائرا، معينا على جوره ».

[١٤٩٦٦] ١٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من ترك معصية الله مخافة من الله، أرضاه الله يوم القيامة، ومن مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم، فقد خرج من الايمان ».

جامع الأخبار: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(١) .

[١٤٩٦٧] ١٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « شر(١) الناس المثلث(٢) » قيل: ( يا رسول الله )(٣) وما المثلث؟ قال: « الذي يسعى بأخيه إلى السلطان، فيهلك نفسه، ويهلك أخاه، ويهلك السلطان ».

[١٤٩٦٨] ١٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من مشى مع ظالم فقد أجرم ».

[١٤٩٦٩] ١٦ - وعن الباقرعليه‌السلام ، أنه قال: « العامل بالظلم، والمعين له،

__________________

(١) بشارة المصطفى ص ٢٦.

١٢ - كنز الكراجكي ص ٦٣.

١٣ - المصدر السابق ص ١٦٤.

(١) جامع الأخبار ص ١٨١.

١٤ - جامع الأخبار ص ١٨١.

(١) في المصدر: شرار.

(٢) في المصدر: الثلاث.

(٣) ليس في المصدر.

١٥، ١٦ - المصدر السابق ص ١٨١.

١٢٥

والراضي به، شركاء ثلاث» .

[١٤٩٧٠] ١٧ - الشيخ المفيد في الروضة: عن ابن أبي عمير، عن الوليد بن صبيح الكابلي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من سود اسمه في ديوان بني شيصبان(١) ، حشره الله يوم القيامة مسودا وجهه »، الخبر.

[١٤٩٧١] ١٨ - الصدوق في معاني الأخبار: عن علي بن عبد الله الوراق، عن سعد ابن عبد الله، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي عن الحسن بن سعيد، عن الحارث بن محمد بن النعمان، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال(١) : « قال عيسى بن مريمعليه‌السلام لبني إسرائيل: لا تعينوا الظالم على ظلمه، فيبطل فضلكم »، الخبر.

[١٤٩٧٢] ١٩ - شاذان بن جبرئيل القمي في الروضة والفضائل: بإسناده عن عبد الله بن مسعود، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث الاسراء، وما رآه مكتوبا على أبواب الجنة والنار - قال: « ورأيت على أبواب النار مكتوبا على الباب الأول - إلى أن قال - وعلى الباب الرابع مكتوب ثلاث كلمات: أذل الله من أهان الاسلام، أذل الله من أهان أهل البيت أذل الله من أعان الظالمين على ظلمهم للمخلوقين، وعلى الباب الخامس مكتوب ثلاث كلمات: لا تتبعوا الهوى فالهوى يخالف الايمان، ولا تكثر منطقك فيما لا يعنيك فتسقط من رحمة الله، ولا تكن عونا للظالمين ».

__________________

١٧ - روضة المفيد:

(١) الشيصبان: اسم للشيطان، وقيل: أبو قبيلة من الجن ( لسان العرب - شصب - ج ١ ص ٤٩٥ )، وهو كتاب عن ولاة الجور والطواغيت في تلك الأيام.

١٨ - معاني الأخبار ص ١٩٦ ح ٢، وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٣٧٠ ح ٦.

(١) في المصدر زيادة: عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٩ - الروضة ص ١٤٨ ح ٢٣، والفضائل ص ١٦٢ باختلاف يسير

١٢٦

[١٤٩٧٣] ٢٠ - القطب الراوندي في لب اللباب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال لكعب بن عجرة: « أعاذك الله من امارة السفهاء، فمن دخل عليهم فصدقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منهم، ولن يرد علي الحوض يوم القيامة ».

[١٤٩٧٤] ٢١ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « ينادى يوم القيامة: أين الظلمة وأعوانهم؟ حتى من لاق لهم دواة، أو برى لهم قلما، تجمعون في تابوت، فتلقون في النار ».

[١٤٩٧٥] ٢٢ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « ما من عالم أتى باب سلطان طوعا، الا كان شريكه في كل لون يعذب في نار جهنم ».

[١٤٩٧٦] ٢٣ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من تعلم القرآن ثم تفقه في الدين، ثم أتى صاحب سلطان تملقا إليه وطمعا لما في يديه خاض، بقدر خطاه في نار جهنم ».

٣٦ -( باب تحريم مدح الظالم، دون رواية الشعر في غير ذلك)

[١٤٩٧٧] ١ - أبو عمرو الكشي في رجاله: عن نصر بن الصباح، عن إسحاق بن محمد البصري، عن جعفر بن محمد بن الفضيل، عن محمد بن علي الهمداني، عن درست بن أبي منصور قال: كنت عند أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، وعنده الكميت بن زيد، فقال للكميت: « أنت الذي تقول:

فالآن صرت إلى أمية

والأمور إلى مصائر »

__________________

٢٠ - ٢٣ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٣٦

١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٦٥ ح ٣٦٤.

١٢٧

قال: قد قلت ذلك(١) ، فوالله ما رجعت عن ايماني، واني لكم لموال، ولعدوكم لقال، ولكني قلته على التقية، قال: « اما لئن قلت ذلك، ان التقية تجوز في شرب الخمر ».

٣٧ -( باب تحريم صحبة الظالمين، ومحبة بقائهم)

[١٤٩٧٨] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن فضيل بن عياض، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ومن أحب بقاء الظالمين، فقد أحب ان يعصى الله، ان الله تبارك وتعالى حمد نفسه على هلاك الظالمين، فقال:( فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (١) ».

[١٤٩٧٩] ٢ - علي بن عيسى في كشف الغمة: قال: قال ابن حمدون: كتب المنصور إلى جعفر بن محمدعليهما‌السلام : لم لا تغشانا كما يغشانا سائر الناس؟ فأجابه: « ليس لنا ما نخافك من اجله، ولا عندك من امر الآخرة ما نرجوك [ له ](١) ، ولا أنت في نعمة فنهنيك، ولا تراها نقمة فنعزيك بها، فما نصنع عندك؟ » قال: فكتب إليه: تصحبنا لتنصحنا، فأجابه: « من أراد الدنيا لا ينصحك، ومن أراد الآخرة لا يصحبك »، فقال المنصور: والله لقد ميز عندي منازل الناس، من يريد الدنيا ممن يريد الآخرة، وانه ممن يريد الآخرة لا الدنيا.

__________________

(١) في المصدر: « ذاك ».

الباب ٣٧

١ - تفسير القمي ج ١ ص ٢٠٠.

(١) الانعام ٦ الآية ٤٥.

٢ - كشف الغمة ج ٢ ص ٢٠٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢٨

[١٤٩٨٠] ٣ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن النضر، عن محمد بن هاشم، عن رجل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ان قوما ممن آمن بموسى قالوا: لو اتينا عسكر فرعون وكنا فيه ونلنا منه، فإذا كان الذي نرجوه من ظهور موسى صرنا إليه، ففعلوا، فلما توجه موسى ومن معه هاربين، ركبوا دوابهم وأسرعوا في السير، ليوافوا موسى ومن معه فيكونوا معهم، فبعث الله ملائكة فضربت وجوه دوابهم فردتهم إلى عسكر فرعون، فكانوا فيمن غرق مع فرعون ».

٣٨ -( باب تحريم الولاية من قبل الجائر، الا ما استثني)

[١٤٩٨١] ١ - الشيخ المفيد في الروضة: عن صفوان قال: دخل على مولاي رجل فقالعليه‌السلام له: « أتتقلد لهم عملهم؟ » فقال: بلى يا مولاي، قال: « ولم ذلك؟ » قال: اني رجل علي عيلة، وليس لي مال، فالتفت إلى أصحابه ثم قال: « من أحب ان ينظر إلى رجل يقدر انه إذا عصى الله، رزقه وإذا أطاعه حرمه، فلينظر إلى هذا ».

[١٤٩٨٢] ٢ - السيد هبة الله في المجموع الرائق: عن الأربعين لمحمد بن سعيد، عن صفوان، عن الكاظمعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ان الله وعد من يتقلد لهم عملا، ان يضرب عليه سرادقا من نار، حتى يفرغ الله من حساب الخلائق ».

[١٤٩٨٣] ٣ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « والعمل لائمة الجور ومن أقاموه، والكسب معهم، حرام محرم، ومعصية لله

__________________

٣ - بل الحسين بن سعيد في الزهد ص ٦٥ ح ١٧٢، وعنه في البحار ج ١٣ ص ١٢٧ ح ٢٦ و ج ٧٥ ص ٣٧٨ ح ٣٨.

الباب ٣٨

١ - الروضة للمفيد:

٢ - المجموع الرائق ص ١٧٦.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٦٨.

١٢٩

عز وجل» .

[١٤٩٨٤] ٤ - ( وعنه، عن آبائه، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) أنه قال في حديث: « وولاة [ أهل ](٢) الجور واتباعهم والعاملون لهم في معصية الله عز وجل، غير جائز(٣) لمن دعوه إلى خدمتهم [ و ](٤) العمل لهم وعونهم ولا القبول منهم» .

٣٩ -( باب جواز الولاية من قبل الجائر، لنفع المؤمنين، والدفع عنهم، والعمل بالحق بقدر الامكان)

[١٤٩٨٥] ١ - الشيخ المفيد في الروضة: عن أحمد بن محمد السياري، عن علي بن جعفرعليه‌السلام ، قال: كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام : ان قوما من مواليك يدخلون في عمل السلطان، ولا يؤثرون على إخوانهم، وان نابت أحدا من مواليك نائبة قاموا، فكتب: « أولئك هم المؤمنون حقا، عليهم مغفرة من ربهم ورحمة، وأولئك هم المهتدون ».

[١٤٩٨٦] ٢ - وعن ابن مسكان، عن الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : يكون الرجل من إخواننا مع هؤلاء في ديوانهم، فيخرجون إلى بعض النواحي فيصيبون غنيمة، فقال: « يقضي منه حقوق إخوانه ».

[١٤٩٨٧] ٣ - وعن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن عيسى بن يقطين قال: كتب

__________________

٤ - المصدر السابق ج ٢ ص ٥٢٧ ح ١٨٧٦.

(١) في المصدر: « عن جعفر بن محمدعليه‌السلام ».

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: « جائزة ».

(٤) أثبتناه من المصدر.

الباب ٣٩

١ - الروضة للمفيد.

٢ - الروضة للمفيد.

٣ - الروضة للمفيد.

١٣٠

علي بن يقطين إلى أبي الحسنعليه‌السلام ، في الخروج عمل السلطان، فأجابه: « اني لا أرى لك الخروج من عمل السلطان، فان لله عز وجل بأبواب الجبابرة من يدفع بهم عن أوليائه، وهم عتقاؤه من النار، فاتق الله في إخوانك » أو كما قال.

[١٤٩٨٨] ٤ - وعن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته من عمل السلطان والدخول معهم، قال: « لا بأس، إذا وصلت إخوانك، وعضدت أهل ولايتك ».

[١٤٩٨٩] ٥ - وعن حماد بن عثمان، عن معاوية بن عمار قال: كان عند أبي عبد اللهعليه‌السلام جماعة فسألهم: « هل فيكم من يدخل في عمل السلطان لإخوانه وادخال المنافع عليهم؟» قال: لا نعرف ذلك قال: « إذا كانوا كذلك فابرؤوا منهم» .

[١٤٩٩٠] ٦ - وعن الوليد بن صبيح الكابلي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من سود اسمه في ديوان بني شيصبان، حشره الله يوم القيامة مسودا وجهه، الا من دخل في امرهم على معرفة وبصيرة، وينوي الاحسان إلى أهل ولايته» .

[١٤٩٩١] ٧ - وعن محمد بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن عمل السلطان، والدخول معهم، وما عليهم فيما هم فيه، قال: « لا بأس به إذا واسى إخوانه، وأنصف المظلوم، وأغاث الملهوف من أهل ولايته ».

[١٤٩٩٢] ٨ - وعن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب قال: استأذن رجل أبا الحسن موسىعليه‌السلام في اعمال السلطان، فقال: « لا، ولا قطة قلم، الا لاعزاز مؤمن أو فك اسره، ثم قال له: كفارة أعمالكم الاحسان إلى إخوانكم ».

[١٤٩٩٣] ٩ - وعن محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين قال: قال أبو الحسن موسى

__________________

٤ - ٩ - الروضة للمفيد:

١٣١

عليه‌السلام : « ان الله خلق قوما من أوليائه مع أعوان الظلمة وولاة الجور، يدفع بهم عن الضعيف ويحقن بهم الدماء ».

[١٤٩٩٤] ١٠ - وعن الفضل بن عبد الرحمن الهاشمي قال: كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام ، استأذنه في أعمال السلطان، فقال: « لا بأس به ما لم يغير حكما، ولم يبطل حدا وكفارته قضاء حوائج إخوانكم ».

[١٤٩٩٥] ١١ - وعن صفوان قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « من كان ذا صلة لأخيه المؤمن عند سلطانه، أو تيسير عسير له، أعين على إجازة الصراط يوم تدحض الاقدام ».

[١٤٩٩٦] ١٢ - وفي كتاب الاختصاص: عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن سدير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال: « الا أبشرك »، قال: قلت: بلى، جعلت(١) فداك، قال: « اما انه ما كان من سلطان جور فيما مضى ولا يأتي [ بعد ](٢) الا ومعه ظهير من الله يدفع عن أوليائه شرهم به ».

[١٤٩٩٧] ١٣ - البحار، عن كتاب قضاء الحقوق لأبي علي بن طاهر الصوري قال: قال رجل من أهل الري: ولي علينا بعض كتاب يحيى بن خالد، وكان علي بقايا يطالبني بها، وخفت من الزامي إياها(١) خروجا من(٢) نعمتي، وقيل لي: انه ينتحل هذا المذهب، فخفت ان أمضي إليه فلا يكون كذلك، وأقع فيما لا أحب، فاجتمع رأيي على أن(٣) هربت إلى الله تعالى، وحججت ولقيت مولاي الصابر - يعني موسى بن جعفرعليهما‌السلام - فشكوت حالي إليه - فاصحبني

__________________

١٠ - ١١ - الروضة للمفيد:

١٢ - الاختصاص ص ٢٦١.

(١) في المصدر: جعلني الله.

(٢) أثبتناه من المصدر.

١٣ - البحار ج ٤٨ ص ١٧٤ ح ١٦ عن كتاب قضاء الحقوق حديث رقم ٢٤.

(١) في الحجرية: إليها، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « عن ».

(٣) في المصدر: « اني ».

١٣٢

مكتوبا نسخته: « بسم الله الرحمن الرحيم، اعلم أن لله ظلا تحت عرشه لا يسكنه الا من أسدى إلى أخيه معروفا، أو نفس عنه كربة، أو ادخل على قلبه سرورا، وهذا أخوك، والسلام » قال: فعدت من الحج إلى بلدي، ومضيت إلى الرجل ليلا واستأذنت عليه، وقلت: رسول الصابر، فخرج إلي حافيا ماشيا، ففتح لي بابه وقبلني وضمني إليه، وجعل يقبل عيني(٤) ، ويكرر ذلك كلما سألني عن رؤيته، وكلما أخبرته بسلامته وصلاح أحواله، استبشر وشكر الله تعالى، ثم أدخلني داره وصدرني في مجلسه، وجلس بين يدي فأخرجت إليه كتابهعليه‌السلام فقبله قائما وقرأه، ثم استدعى بماله وثيابه فقاسمني دينارا دينارا، ودرهما درهما، وثوبا ثوبا، وأعطاني قيمة ما لم يمكن قسمته، وفي كل شئ من ذلك يقول: [ يا أخي ](٥) هل سررتك؟ فأقول: أي والله، وزدت على السرور، ثم استدعى العمل فأسقط ما كان باسمي، وأعطاني براءة مما يتوجبه علي منه، وودعته وانصرفت عنه، فقلت: لا أقدر على مكافأة هذا الرجل الا بان أحج في قابل وأدعو له، والقى الصابرعليه‌السلام واعرفه فعله، ففعلت ولقيت مولاي الصابرعليه‌السلام وجعلت أحدثه ووجهه يتهلل فرحا، فقلت: يا مولاي هل سرك ذلك؟ فقال: « اي والله لقد سرني وسر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والله لقد سر جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والله لقد سر الله تعالى ».

[١٤٩٩٨] ١٤ - ورواه السيد هبة الله المعاصر للعلامة في المجموع الرائق: عن الأربعين لمحمد بن سعيد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن جده، باختلاف دعانا إلى تكراره، قال: ولي علينا رجل بالأهواز، من كتاب يحيى بن خالد، وكان علي بقايا من خراج، كان فيه زوال نعمتي وخروجي من ملكي، فقيل لي: انه ينتحل هذا الامر، فخشيت ان ألقاه، مخافة أن لا يكون على ما بلغني، فاقع

__________________

(٤) في المصدر: « بين عيني ».

(٥) أثبتناه من المصدر.

١٤ - المجموع الرائق ص ١٧٦.

١٣٣

فيما لا يتهيأ لي الخلاص منه، وخرجت منه هاربا إلى مكة، فلما قضيت حجي جعلت طريقي(١) المدينة، فدخلت على الصادقعليه‌السلام فقلت له: يا سيدي، انه ولي بلدي فلان بن فلان، وبلغني انه يومئ إليكم، ويتولاكم أهل البيت، وقد بلغني امره، فخشيت ان ألقاه، مخافة أن لا يكون ما بلغني حقا، ويكون فيه خروج ملكي وزوال نعمتي، فخرجت(٢) منه إلى الله تعالى واليكم، فقال: « لا بأس عليك » وكتب رقعة صغيرة: « بسم الله الرحمن الرحيم، ان لله في ظل عرشه ظلالا لا يملكها(٣) الا من نفس عن أخيه المؤمن كربة، أو أعانه بنفسه،(٤) أو صنع إليه معروفا ولو بشق تمرة، وهذا أخوك، والسلام »، ثم ختمها(٥) ودفعها إلي، وأمرني ان أوصلها إليه، فلما رجعت إلى بلدي صرت ليلا إلى منزله، فاستأذنت عليه وقلت: رسول الصادقعليه‌السلام بالباب، فإذا أنا به قد خرج إلي حافيا فلما ( بصر بي )(٦) سلم علي(٧) وقبل ما بين عيني، ثم قال: يا سيدي، أنت رسول مولاي، قلت: نعم، قال: فداك عيني ان كنت صادقا، فأخذ بيدي فقال لي: [ يا ](٨) سيدي، كيف خلفت مولاي؟ قلت: بخير، قال: الله، قلت: والله، حتى أعادها إلي ثلاثا، ثم ناولته الرقعة فقرأها وقبلها ووضعها على عينيه، ثم قال: يا أخي، مر بأمرك، قلت: علي في جريدتك كذا وكذا ألف درهم، وفيه عطبي وهلاكي، فدعا بالجريدة فمحا عني كل(٩) ما كان فيها، وأعطاني براءة منها، ثم دعا بصناديق ماله فناصفني عليها،

__________________

(١) في المصدر زيادة: إلى.

(٢) في المصدر: فهربت.

(٣) في نسخة: لا يسلكها.

(٤) في المصدر زيادة: أو ماله.

(٥) في المصدر زيادة: بخاتمه.

(٦) في المصدر: أبصرني.

(٧) في الطبعة الحجرية: إلي، وما أثبتناه من المصدر.

(٨) أثبتناه من المصدر.

(٩) في المصدر: جميع.

١٣٤

ثم دعا بدوابه فجعل يأخذ دابة ويعطيني دابة، ودعا ثيابه [ فجعل ](١٠) يأخذ ثوبا ويعطيني ثوبا، حتى شاطرني جميع ملكه، وجعل يقول: يا أخي، هل سررت؟ فأقول: اي والله، وزدت على السرور، فلما كان أيام الموسم قلت: لا كافأت هذا الأخ بشئ أحب إلى الله ورسوله من الخروج إلى الحج والدعاء له، والمصير إلى مولاي وسيدي وشكره عنده، ومسألة الدعاء له، فخرجت إلى مكة وجعلت طريقي على مولاي، فلما دخلت عليه رأيت السرور في وجهه، وقال: « يا فلان ما خبرك مع الرجل؟ » فجعلت أورد عليه خبري معه، وجعل يتهلل وجهه ويبين السرور فيه، فقلت: يا سيدي، سرك فيما أتاه إلي سره الله في جميع أموره، فقال: « اي والله، لقد سرني، والله لقد سر آبائي، والله لقد سر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والله لقد سر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والله لقد سر الله تعالى في عرشه ».

« ورواه أحمد بن محمد بن فهد في عدة الداعي(١١) : عن الحسن بن علي بن يقطين، مثله باختلاف يسير، وحيث إن الظاهر اتحاد الخبرين، فالظاهر أن الاشتباه فيما في الأربعين والعدة، وان الامام الموجود فيه هو الكاظم لا الصادقعليهما‌السلام ، وسبب الاشتباه لعله من كلمة الصابر في الخط القديم، أو توهم انه لقب الصادقعليه‌السلام ، ووجه الظهور كون يحيى بن خالد في أيام الرشيد لا المنصور، كما لا يخفى ».

[١٤٩٩٩] ١٥ - السيد هبة الله في الكتاب المذكور: عن الأربعين لأبي الفضل محمد ابن سعيد، عن صفوان بن مهران الجمال قال: دخل زياد بن مروان العبدي على مولاي موسى بن جعفرعليهما‌السلام فقال: لزياد: « أتقلد لهم عملا؟ » فقال بلى يا مولاي، فقال: « ولم ذاك؟ » قال فقلت: يا مولاي، اني رجل لي مروءة،

__________________

(١٠) أثبتناه من المصدر.

(١١) عدة الداعي ص ١٧٩.

١٥ - المجموع الرائق ص ١٧٦.

١٣٥

[ و ](١) علي عيلة، وليس لي مال، فقالعليه‌السلام : « يا زياد، والله لئن أقع من السماء إلى الأرض فانقطع قطعا، ويفصلني الطير بمناقيرها مفصلا مفصلا، لأحب إلي من أن أتقلدهم عملا » فقلت: إلا لماذا؟ فقال: « الا لاعزاز مؤمن، أو فك اسره، ان الله وعد من يتقلد لهم عملا، ان يضرب عليه سرادقا من نار حتى يفرغ الله من حساب الخلائق، فامض واعزز من إخوانك واحدا، والله من وراء ذلك يفعل ما يشاء ».

[١٥٠٠٠] ١٦ - وعن هشام بن سالم قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ان الله عز وجل مع ولاة الجور أولياء يدفع بهم عن أوليائه، أولئك هم المؤمنون حقا ».

[١٥٠٠١] ١٧ - وعن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ما من سلطان الا ومعه من يدفع الله به عن المؤمنين، أولئك أوفر حظا في الآخرة ».

[١٥٠٠٢] ١٨ - وفيه: قال شكا رجل إلى أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: شيعة ولد الحسين أخيك أكثر مالا منكم، وأنتم تشكون الحاجة، قال: « أولئك يتعرضون للسلطان وعمله، ونحن لا نتعرض له، قال: إذا دخلتم في عمل السلطان، فتصلون إخوانكم وتدفعون عنهم » قال: منا من يفعل ذلك، قال: « إذا دفعتم عن إخوانكم ووصلتموهم وعضدتموهم وواسيتموهم فلا بأس، وإن لم تفعلوا ذلك فلا ولا كرامة ».

[١٥٠٠٣] ١٩ - وعن علي بن جعفرعليهما‌السلام قال: كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام : ان قوما من مواليك يدخلون في عمل السلطان، فلا يؤثرون على إخوانهم أحدا، وان نابت أحدا مواليك نائبة قاموا بها، فكتب: « أولئك هم المؤمنون حقا، عليهم صلوات من ربهم ورحمة، وأولئك هم المهتدون ».

[١٥٠٠٥] ٢٠ - وعن الجبلي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : يكون الرجل من أصحابنا مع هؤلاء في ديوانهم، فيخرجون إلى بعض النواحي فيصيبون غنيمة،

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

١٦ - ٢٠ - المجموع الرائق ص ١٧٦، ١٧٧.

١٣٦

قال: « يقضي منها إخوانه ».

[١٥٠٠٥] ٢١ - وعن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن عمل السلطان، والدخول معهم فيما هم فيه، فقال: « لا بأس، إذا وصلت إخوانك، وعدت أهل ولايتك ».

[١٥٠٠٦] ٢٢ - وعن عمار قال: كان عند أبي عبد اللهعليه‌السلام جماعة، فسألهم: « هل فيكم من يدخل في عمل السلطان؟ » قالوا: ربما دخل الرجل منا فيه، قال: « كيف مواساة من دخل في عمل السلطان لإخوانهم؟ وادخالهم المنافع عليهم؟ » قالوا: لا نعرف ذلك منهم، قال: « إذا كانوا كذلك فابرؤوا منهم ».

[١٥٠٠٧] ٢٣ - وعن علي بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : « اضمن لي واحدة اضمن لك ثلاثا: اضمن لي انه لا يأتي أحد من موالينا في دار الخلافة، الا قمت له بقضاء حاجته، اضمن لك: أن لا يصيبك حر السيف أبدا، ولا يظلك سقف سجن ابدا، ولا يدخل الفقر بيتك أبدا» قال الحسن: فذكرت لمولاي كثرة تولي أصحابنا اعمال السلطان، واختلاطهم بهم، قال: « ما يكون أحوال إخوانهم معهم؟» قلت: مجتهد ومقصر، قال: « من أعز أخاه في الله، وأهان أعداءه في الله، وتولى ما استطاع نصيحته، أولئك يتقلبون في رحمة الله، ومثلهم مثل طير يأتي بأرض الحبشة في كل صيفة يقال له: القدم، فيبيض ويفرخ بها، فإذا كان وقت الشتاء، صاح بفراخه فاجتمعوا إليه وخرجوا معه من أرض الحبشة، فإذا قام قائمناعليه‌السلام ، اجتمع(١) أولياؤنا من كل

__________________

٢١ - المجموع الرائق ص ١٧٧.

٢٢ - المصدر السابق ص ١٧٧.

٢٣ - المصدر السابق ص ١٧٧.

(١) في المصدر زيادة: إليه.

١٣٧

أوب، ثم تمثل بقول عبد المطلب:

فإذا ما بلغ الدور إلى

منتهى الوقت أتى طير القدم

بكتاب فصلت آياته

وبتبيان أحاديث الأمم ».

 [١٥٠٠٨] ٢٤ - وعن حمران بن أعين، عن الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: « ما من دولة يتداول من الدول، الا ولنا ولأوليائنا فيها ناصر، يتقربون إليه بحوائجهم، فإن كان فيها مسرعا كان لنا وليا من السلطان بريئا، وإن كان فيها متوانيا كان منا بريئا، وللسلطان وليا ».

[١٥٠٠٩] ٢٥ - وعن صفوان بن مهران قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، إذ دخل عليه رجل من الشيعة، فشكا إليه الحاجة، فقال له: « ما يمنعك من التعرض للسلطان فتدخل في بعض اعماله؟ » فقال: انكم حرمتموه علينا، فقال: « خبرني عن(١) السلطان لنا أو لهم؟ » قال: بل لكم، قال: « أهم الداخلون علينا، أم نحن الداخلون عليهم؟ » قال: بل هم الداخلون عليكم، قال: « فإنما هم قوم اضطروكم فدخلتم في بعض حقكم » فقال: ان لهم سيرة واحكاما، قالعليه‌السلام : « أليس قد اجرى لهم الناس على ذلك؟ » قال: بلى، قال: « اجروهم عليهم في ديوانهم، وإياكم وظلم مؤمن ».

[١٥٠١٠] ٢٦ - الكشي في رجاله: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابنا، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « من أحللنا له شيئا [ أصابه ](١) من اعمال الظالمين فهو له حلال، لان الأئمة منا مفوض إليهم، فما أحلوا فهو

__________________

٢٤ - المجموع الرائق ص ١٧٧.

٢٥ - المصدر السابق ص ١٧٦.

(١) في المصدر زيادة: حق.

٢٦ - بل الصفار في بصائر الدرجات ص ٤٠٤ ح ٣ وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٣٨٣ ح ٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٣٨

حلال، وما حرموا فهم حرام ».

ورواه الشيخ المفيد في الإختصاص(٢) : عن محمد بن خالد الطيالسي، عن ابن عميرة، مثله.

٤٠ -( باب وجوب رد المظالم إلى أهلها ان عرفهم، والا تصدق بها)

[١٥٠١١] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في حديث: « فمن نال من رجل شيئا من عرض أو مال، وجب عليه الاستحلال من ذلك، والانفصال(١) من كل ما كان منه إليه، وإن كان قد مات فليتنصل [ من ](٢) المال إلى ورثته - إلى أن قالعليه‌السلام - وإن لم يعرف أهلها، تصدق بها عنهم على الفقراء والمساكين ».

[١٥٠١٢] ٢ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا عدل أفضل(١) من رد المظالم ».

وباقي اخبار الباب تقدم في أبواب جهاد النفس.

٤١ -( باب جواز قبول الولاية من قبل الجائر مع الضرورة والخوف، وجواز إنفاذ امره بحسب التقية، الا في القتل المحرم)

[١٥٠١٣] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن الحسن بن موسى قال:

__________________

(٢) الاختصاص ص ٣٣٠.

الباب ٤٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٥.

(١) في المصدر: « والتنصل ».

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - الغرر ج ٢ ص ٨٥١ ح ٤٠٤.

(١) في المصدر: « أنفع ».

الباب ٤١

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٨٠ ح ٣٨.

١٣٩

روى أصحابنا عن الرضاعليه‌السلام ، قال: قال له رجل: أصلحك الله، كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون؟ وكأنه أنكر ذلك عليه، فقال له أبو الحسن: « يا هذا، أيهما أفضل النبي أو الوصي؟ فقال: لا، بل النبي، قال: فأيهما أفضل مسلم أو مشرك؟ قال: لا، بل مسلم، قال: فان العزيز - عزيز مصر - كان مشركا، وكان يوسفعليه‌السلام نبيا، وان المأمون مسلم وأنا وصي، ويوسف سأل العزيز ان يوليه حتى قال:( اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) (١) والمأمون اجبرني على ما أنا فيه ».

[١٥٠١٤] ٢ - الشيخ المفيد في الارشاد: أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن محمد قال: حدثنا جدي قال: حدثني موسى بن سلمة قال: كنت بخراسان مع محمد ابن جعفر، فسمعت ان ذا الرئاستين خرج ذات يوم وهو يقول: واعجباه! وقد رأيت عجبا، سلوني ما رأيت، فقالوا: وما رأيت، أصلحك الله؟ قال: رأيت المأمون أمير المؤمنين يقول لعلي بن موسىعليهما‌السلام : قد رأيت أن أقلدك أمور المسلمين وافسخ ما في رقبتي واجعله في رقبتك، ورأيت علي بن موسىعليهما‌السلام يقول: « يا أمير المؤمنين، لا طاقة لي بذلك ولا قوة » فما رأيت خلافة قط كانت أضيع منها، ان أمير المؤمنين يتفصى منها(١) ويعرضها على علي بن موسىعليهما‌السلام وعلي بن موسى يرفضها، ويأباها.

[١٥٠١٥] ٣ - وفيه مرسلا: وكان المأمون قد انفذ إلى جماعة من آل أبي طالب، فحملهم إليه من المدينة: وفيهم الرضا علي بن موسىعليهما‌السلام فاخذ بهم على طريق البصرة حتى جاء بهم، وكان المتولي لأشخاصهم المعروف بالجلودي، فقدم بهم على المأمون، فأنزلهم دارا، وانزل الرضا علي بن موسىعليهما‌السلام دارا، وأكرمه وعظم أمره، ثم انفذ إليه: اني أريد ان اخلع نفسي من الخلافة

__________________

(١) يوسف ١٢ الآية ٥٥.

٢ - ارشاد المفيد ص ٣١٠.

(١) تفصى من الشئ: تخلص ( لسان العرب ج ١٥ ص ١٥٦ ).

٣ - المصدر السابق ص ٣٠٩.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

والسنّة أو نقلوه باعتباره تفسير لها(1) .

وكلمتا «ركّع» وهي جمع للراكع ، و «السجود» وهي جمع ساجد ، لم يرد بينهما واو العطف ، بل ذكرتا وصفا لتقارب هاتان العبادتان.

وبعد إعداد البيت للعبادة ، أمر الله تعالى إبراهيمعليه‌السلام :( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) .

كلمة «أذّن» مشتقة من «الأذان» أي «الإعلان». و «رجال» جمع «راجل» أي «ماشي». و «الضامر» تعني الحيوان الضعيف. و «الفجّ» في الأصل تعني المسافة بين جبلين ، ثمّ أطلقت على الطرق الواسعة و «العميق» تعني هنا «البعيد».

جاء في حديث رواه علي بن إبراهيم في تفسيره : عند ما تسلّم إبراهيمعليه‌السلام هذا الأمر الربّاني قال : إنّ أذاني لا يصل إلى أسماع الناس ، فأجابه سبحانه وتعالى (عليك الأذان وعليّ البلاغ)! فصعد إبراهيمعليه‌السلام موضع المقام ووضع إصبعيه في أذنيه وقال : يا أيّها الناس كتب عليكم الحجّ إلى البيت العتيق فأجيبوا ربّكم. وأبلغ اللهعزوجل نداءه أسماع جميع الناس حتّى الذين في أصلاب آبائهم وأرحام أمّهاتهم ، فردّوا : لبيّك اللهمّ لبّيك! وإنّ جميع الذين يشاركون في مراسم الحجّ منذ ذلك اليوم وحتّى يوم القيامة ، هم من الذين لبّوا دعوة إبراهيمعليه‌السلام (2) .

وقد ذكرت الآية هنا الحجّاج المشاة أوّلا ، ثمّ الراكبين ، لأنّهم أفضل منزلة عند الله ، بسبب ما يتحمّلون من صعاب السفر أكثر من غيرهم ، ولهذا السبب قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «للحاج الراكب بكلّ خطوة تخطوها راحلته سبعون حسنة ، وللحاج الماشي بكلّ خطوة يخطوها سبعمائة حسنة»(3) .

__________________

(1) يراجع تفسير الآية موضع البحث في تفاسير الميزان ، وفي ظلال القرآن ، والتبيان ، ومجمع البيان ، والتّفسير الكبير للفخر الرازي.

(2) بتلخيص ، عن تفسير علي بن إبراهيم حسبما نقله تفسير نور الثقلين ، المجلّد الثّالث ، 488. والآلوسي في روح المعاني ، والفخر الرازي ، في التّفسير الكبير في تفسير الآية موضع البحث مع بعض الفارق.

(3) تفسير «روح المعاني» ، و «مجمع البيان» ، و «الفخر الرازي».

٣٢١

أو أنّ هذه المنزلة جاءت لتحديد أهميّة حجّ بيت الله الحرام ، الذي يجب أن يتمّ بأي أسلوب وبأيّة إمكانات. وأن لا ينتظر الحاج مركبا له.

أمّا عبارة «ضامر» فتعني الحيوان الضعيف ، إشارة إلى أنّ هذا الطريق يجعل الحيوان هزيلا ، لأنّه يجتاز صحاري جافة محرقة لا زرع فيها ولا ماء ، واستعدادا لتحمل الصعاب في هذا الطريق.

أو يكون المراد أنّ على الحاج إختيار جواد قوي سريع صابر ، رشيق ضامر ، متدرّب على السير في مثل هذه الطرق ، ولا فائدة ترجى من الحيوان المنعم في هذا الطريق. (مثلما لا يمكن للرجال المترفين اجتياز هذا الطريق).

أمّا عبارة( مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) فهي إشارة إلى توجّه الحجاج إلى الكعبة ، ليس فقط من الأماكن القريبة ، بل يشمل ذلك الحجّاج من الأماكن البعيدة أيضا. كلمة «كلّ» لا تعني هنا الاستغراق والشمول ، بل الكثرة.

ويذكر المفسّر المشهور أبو الفتوح الرازي في تفسيره لهذه الآية حياة مثيرة لرجل يدعى «أبو القاسم بشر بن محمّد» فيقول : رأيت حين الطواف شيخا هزيلا بدت عليه آثار السفر ، ورسم التعب علائمه على جبينه. تقدّمت إليه وسألته من أين أنت؟ أجاب : من فجّ عميق طال قطعه خمسة أعوام! فأصبحت شيخا هزيلا من شدّة تعب السفر وآلامه ، فقلت : والله لهي مشقّة ، إلّا أنّها طاعة خالصة وحبّ عميق لله تعالى.

فسّره ذلك ثمّ أنشد :

زر من هويت وإن شطّت بك الدار

وحال من دونه حجب وأستار!

لا يمنعنّك بعد من زيارته

إنّ المحبّ لمن يهواه زوّار!

حقّا إنّ جاذبية بيت الله هي بدرجة تجعل القلوب الطافحة بالإيمان تهوى

٣٢٢

إليه من جميع الأنحاء ، قربت أم بعدت ، تجذب الشاب والشيخ والصغير والكبير ، من كلّ أمّة ومكان ، بعيدا أم قريبا ، الكل يلبّون الله يأتونه عشّاقا ليروا مظاهر ذات الله الطاهرة في تلك الأرض المقدّسة بأعينهم ، ويشعروا برحمته التي لا حدود لها من أعماق وجودهم(1) .

وتناولت الآية التالية فلسفة الحجّ في عبارة موجزة ذات دلالات عديدة فقالت :( لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ ) . أي أنّ على الناس الحجّ إلى هذه الأرض المقدّسة ، ليروا منافع لهم بأم أعينهم.

وقد ذكر المفسّرون لكلمة المنافع الواردة في الآية عدّة معان ، إلّا أنّه لا تحديد لمعناها كما يبدو من ظاهر الآية ، فهي تشمل جميع المنافع والبركات المعنوية والمكاسب المادية ، وكلّ عائد فردي واجتماعي وفلسفة سياسيّة واقتصادية وأخلاقية. فما أحرى المسلمين أن يتوجّهوا من أنحاء العالم إلى مكّة ليشهدوا هذه المنافع! إنّها لعبارة جميلة! ما أولاهم أن يجعلهم الله شهودا على منافعهم! ليروا بأعينهم ما سمعوه بآذانهم!

وعلى هذا ذكر في كتاب الكافي حديثا عن الإمام الصادقعليه‌السلام في الردّ على استفسار ربيع بن خيثم عن كلمة المنافع ، منافع الدنيا أو منافع الآخرة؟ فقال : «الكل»(2) .

وسنتناول بإسهاب شرح هذه المنافع في ملاحظاتنا على هذه الآية إن شاء الله.

ثمّ تضيف الآية :( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ

__________________

(1) يقول العالم الفاضل العلامة الشعراني رضى الله عنه : إن ذلك ليس عجيبا بالنسبة للذين يأتون إلى مكة من الأندلس أو المغرب أو من أنحاء نائية في الصين أو من استرالية. حيث يستغرق سفرهم زمنا طويلا يصل إلى عدة أشهر نظرا لوسائط النقل التي كانت تستعمل آنذاك وافتقاد الطرق للأمن (إضافة إلى ذلك كان البعض من المتولهين ببيت الله يتعرضون إلى السرقة في الطريق فيضطرون إلى العمل من أجل إعداد مؤنة باقي الطريق إلى بيت الله الحرام).

(2) تفسير نور الثقلين ، المجلد الثالث ، الصفحة 488 نقلا عن كتاب الكافي.

٣٢٣

الْأَنْعامِ ) أي أنّه على المسلمين أن يحجّوا إلى البيت ويقدّموا القرابين من المواشي التي رزقهم الله ، وأن يذكروا اسم الله عليها حين الذبح في أيّام محدّدة معروفة. وبما أنّ الاهتمام الأساس في مراسم الحجّ ، ينصب على الحالات التي يرتبط فيها الإنسان بربّه ليعكس جوهر هذه العبادة العظيمة ، تقيّد الآية المذكورة تقديم القربان بذكر اسم الله على الاضحية فقط ، وهو أحد الشروط لقبولها من لدن العلي القدير. وهذا الذكر إشارة إلى توجّه الحاج إلى الله كلّ التوجّه عند تقديم الأضحية ، وهمّه كسب رضى الله وقبوله القربان ، كما أنّ الاستفادة من لحم الضحية تقع ضمن هذا التوجّه.

وفي الحقيقة يعتبر تقديم الأضاحي رمزا لإعلان الحاج استعداده للتضحية بنفسه في سبيل الله ، على نحو ما ذكر من قصّة إبراهيمعليه‌السلام ومحاولة التضحية بابنه إسماعيلعليه‌السلام . إنّ الحجّاج بعملهم هذا يعلنون استعدادهم للإيثار والتضحية في سبيل الله حتّى بأنفسهم.

وعلى كلّ حال فإنّ القرآن بهذا الكلام ينفي أسلوب المشركين الذين كانوا يذكرون أسماء الأصنام التي يعبدونها على أضاحيهم ، ليحيلوا هذه المراسم التوحيديّة إلى شرك بالله. وجاء في ختام الآية :( فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ ) .

كما يمكن أنّ تفسّر هذه الآية بأنّ القصد من ذكر اسم الله في( أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ ) هو التكبير والحمد لله ربّ العالمين لما أنعم علينا من نعم لا تعدّ ولا تحصى.

خاصة بما رزقنا من بهيمة الأنعام التي نستفيد في حياتنا من جميع أجزاء أبدانها(1) .

* * *

__________________

(1) في التّفسير الأوّل (أي ذكر اسم الله على الأضحية) تكون «على» هنا للاستعلاء ، أمّا في التّفسير الثّاني (أي الذكر المطلق لاسم الله تعالى في هذه الأيّام) فإنّ «على» تعني «من أجل» فالفرق بين هذين التّفسيرين كبير ، سنشير إليه في الملاحظات.

٣٢٤

بحوث

1 ـ ما هي الأيّام المعلومات؟

يأمرنا الله سبحانه وتعالى ـ في الآيات السابقة ـ أن نذكره في( أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ ) . وجاء ذلك أيضا في سورة البقرة الآية (203) بشكل آخر( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ ) . فما هي الأيّام المعلومات؟ وهل تطابق في معناها الأيّام المعدودات ، أمّ لا؟

اختلف المفسّرون في هذه الأيّام ، كما اختلفت الرّوايات التي ذكرت بهذا الصدد : حيث يرى بعض المفسّرين ـ ويستندون إلى بعض الأحاديث الإسلامية ـ أنّه يقصد بـ «الأيّام المعلومات» الأيّام العشرة الأولى من ذي الحجّة ، وأمّا «الأيّام المعدودات» فهي «أيّام التشريق» أي اليوم الحادي عشر والثّاني عشر والثّالث عشر من ذي الحجّة. الأيّام التي تشرق فيها القلوب.

أمّا المجموعة الثّانية من المفسّرين فقد استندوا إلى أحاديث أخرى فقالوا : إنّ العبارتين تشيران إلى أيّام التشريق التي تعتبر هي الأيّام الثلاثة ذاتها ، وأحيانا يضاف إليها اليوم العاشر أي عيد الأضحى.

وعبارة( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) التي جاءت في سورة البقرة ، تدلّ على أنّ أيّام التشريق ليست أكثر من ثلاثة أيّام ، لأنّ التعجيل فيها يحدث نقصا في أيّامها فتصبح يومين.

ومع ملاحظة أنّ التضحية جاءت في الآيات ـ موضع البحث ـ بعد ذكر الأيّام المعلومات. ونعلم أنّ تقديم الأضاحي يتمّ في اليوم العاشر من ذي الحجّة ، فإنّ ذلك يؤكّد أنّ الأيّام المعلومات هي الأيّام العشرة الأولى من ذي الحجّة التي تنتهي بيوم الأضحى. وعلى هذا يقوى دليل التّفسير الأوّل القائل باختلاف معنى الأيّام المعلومات والأيّام المعدودات.

٣٢٥

ومع الأخذ بوحدة المعاني التي تضمنّتها الآيتان ، يبدو أنّ الأرجح في هذه القضيّة القول بأنّ الآيتين تشيران إلى موضوع واحد ، وهدفهما الاهتمام بذكر الله في أيّام معيّنة تبدأ من العاشر من ذي الحجّة وتنتهي بالثّالث عشر منه. ومن الطبيعي أن تكون إحدى الحالات التي يجب ذكر اسم الله فيها ، هي حين تقديم الأضاحي(1) .

2 ـ ذكر الله في أرض «منى»

جاء في روايات عديدة أنّ ذكر الله في هذه الأيّام تكبير خاص يذكر بعد إتمام صلاة ظهر يوم عيد الأضحى ، ويستمر ذكر هذا التكبير في خمس عشرة صلاة (أي ينتهي بعد صلاة صبح اليوم الثّالث عشر) وهو كما يلي :

«الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام»(2) .

كما نصّت بعض الأحاديث على أنّ التكبير في المرّات الخمسة عشر خاص بالذين هم بأرض «منى» في أيّام الحجّ ، أمّا من كانوا في المناطق الاخرى فعليهم ذكر هذا التكبير عقب عشر صلوات (يبدأ من بعد صلاة الظهر من يوم العيد ، وينتهي بصلاة صبح اليوم الثّاني عشر)(3) والأحاديث الخاصّة بالتكبير دليل آخر على أنّ الذكر في الآيات السابقة عامّ وليس محدّدا بتقديم الأضاحي. رغم أنّ هذا المفهوم الكلّي يشمل هذا المصداق أيضا.

__________________

(1) وعليه يزول الخلاف بين هاتين المجموعتين من المفسّرين في تفسير عبارة «ويذكر اسم الله» حيث خصّصت أولاها ذكر اسم الله بتقديم الأضاحي ، والأخرى جعلت مفهومه عامّا ، وبهذا يكون التّفسير الأوّل مصداقا للتفسير الثّاني ، ويكون التّفسير الثّاني ذا مفهوم واسع وعام.

(2) ورد الحديث السابق عن الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام وقد ذكر في بحار الأنوار ، المجلّد 99 ، صفحة 306.

(3) بحار الأنوار ، المجلّد 99 ، صفحة 307.

٣٢٦

3 ـ فلسفة الحجّ وأسراره العميقة!

إنّ لشعائر الحجّ ـ كما هو الحال بالنسبة للعبادات الاخرى ـ بركات كثيرة جدّا في نفسيّة الفرد والمجتمع الإسلامي. ويمكنها ـ إن أجريت وفق أسلوب صحيح ـ أن تحدث في المجتمعات الإسلامية تبدّلا جديدا كلّ عام.

وتمتاز هذه المناسك بأربعة أبعاد مهمّة :

1 ـ البعد الأخلاقي للحج :

أهمّ جانب في فلسفة الحجّ التغيّر الأخلاقي نحو الأحسن الذي يحصل عند الناس ، فمراسم الإحرام تبعد الإنسان بشكل تامّ عن الأمور المادية والامتيازات الظاهرية والألبسة الفاخرة ، ومع تحريم الملذّات ، وبناء الذات الذي يعتبر من واجبات المحرم يبتعد الفرد عن عالم المادّة ، ويدخل إلى عالم النور والصفاء والتسامي الروحي. وترى الإنسان قد ارتاح فجأة من عبء الامتيازات الموهومة ، والدرجات والرتب والنياشين.

ثمّ تلي عمليّة الإحرام مراسم الحجّ الاخرى تباعا ، وفيها تتوطّد علاقة الإنسان الروحيّة مع خالقه ـ لحظة بعد أخرى ـ وتتوثّق. فينقطع عن ماضيه الأسود المملوء آثاما وذنوبا ، ويتّصل بمستقبل واضح كلّه نور وصفاء. خاصّة أنّ مراسم الحجّ تثير في الإنسان اهتماما كبيرا ـ في كلّ خطوة يخطوها ـ بإبراهيمعليه‌السلام محطّم الأصنام ، وإسماعيلعليه‌السلام ذبيح الله. وأمّه هاجرعليها‌السلام . ويتجلّى للحجّاج جهادهم وتضحياتهم ، إضافة إلى كون أرض مكّة عامّة ، والمسجد الحرام وبيت الكعبة ومحلّ الطواف حولها خاصّة ، تذكر الحاجّ بالرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقادة الإسلام العظام وجهاد المسلمين في صدر الإسلام ، فيتعمّق أثر هذه الثورة الأخلاقية بدرجة يشاهد فيها الحاج في كلّ زاوية من زوايا المسجد الحرام وأرض مكّة المقدّسة وجه النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعليعليه‌السلام ، وسائر قادة المسلمين ، ويسمع قعقعة سيوفهم وصهيل خيولهم.

أجل ، إنّ هذه الأمور كلّها تتّحد وتتضامن لتمهّد لثورة أخلاقية في القلوب

٣٢٧

المستعدّة. وبشكل لا يمكن وصفه تفتح في حياة الفرد صفحة جديدة. ولهذا نصّت الأحاديث الإسلامية على أنّ الذي يؤدّي الحجّ تامّا صحيحا «يخرج من ذنوبه كهيئته يوم ولدته أمّه»(1) !

فالحجّ ولادة ثانية للمسلم. يستهلّ بها حياة إنسانية جديدة ، ولا حاجة هناك لإعادة القول بأنّ هذه البركات وتأثيرها وما نشير إليه بعد هذا ليست نصيب من اقتنع من مكاسب الحجّ بقشرته ورمي اللب جانبا. كما أنّها ليست نصيب من يعتبر الحجّ سياحة للتنفيس عن الخاطر ، أو للتظاهر والرياء ، أو طريقا للحصول على متاع شخصي دنيوي ، وهو في الحقيقة لم يتوصّل إلى معنى الحج الحقيقي ، فكان نصيبه ما يستحقّه!

2 ـ البعد السياسي للحجّ

ذكر أحد كبار فقهاء المسلمين أنّ مراسم الحجّ في الوقت الذي تستبطن أخلص وأعمق العبادات ، هي أكثر الوسائل أثرا في التقدّم نحو الأهداف السياسيّة الإسلامية. فجوهر العبادة التوجّه إلى الله ، وجوهر السياسة التوجّه إلى خلق الله ، وهذان الأمران امتزجا في الحجّ بدرجة أصبحا كنسيج واحد.

إنّ الحجّ عامل مؤثّر في وحدة صفوف المسلمين.

الحجّ عامل مهمّ في مكافحة التعصّب القومي والعنصري والتقوقع في حدود جغرافية.

والحجّ وسيلة لتحطيم الرقابة التي تفرضها الأنظمة الظالمة ، وتدمير هذه الأنظمة المتسلّطة على رقاب الشعوب الإسلامية.

والحجّ وسيلة لنقل الأنباء السياسية للبلدان الإسلامية من نقطة إلى أخرى.

__________________

(1) بحار الأنوار ، المجلّد 99 ، الصفحة 26.

٣٢٨

وأخيرا الحجّ عامل مؤثّر في تحطيم قيود العبودية والاستعمار وتحرير المسلمين.

ولهذا السبب كان موسم الحجّ زمن الجبابرة كبني أميّة وبني العبّاس الذين كانوا يسيطرون على الأراضي الإسلامية المقدّسة ، ويراقبون كلّ تحرّك تحرّري إسلامي ليقمعوه بقوّة ، كان الموسم متنفّسا للحرية ولاتّصال فئات المجتمع الإسلامي الكبير بعضها مع بعض ، لطرح القضايا السياسيّة المختلفة التي تهمّ كلّ مسلم.

وعلى هذا الأساس قال أمير المؤمنين عليعليه‌السلام في معرض حديثه عن فلسفة الفرائض والعبادات «الحجّ تقوية للدّين»(1) .

كما أنّ أحد السياسيين الأجانب المشهورين قال : «الويل للمسلمين إن لم يعرفوا معنى الحجّ ، والويل لأعدائهم إذا أدرك المسلمون معنى الحجّ»!

واعتبرت الأحاديث الإسلامية الحجّ جهاد الضعفاء ، إذ يمكن للشيوخ والنساء الضعيفات المشاركة في الحجّ ليظهروا عظمة الامّة الإسلامية. وليدخلوا الرعب في قلوب أعداء الإسلام بمشاركتهم في صفوف المصلّين المتراصّة في دوائر تحيط ببيت الله الحرام. وهي توحّد الله وتكبّره.

3 ـ البعد الثقافي للحجّ

يمكن أن يؤدّي التقاء المسلمين أيّام الحجّ دورا فعّالا في التبادل الثقافي في المجتمع الإسلامي ، خاصّة إذا لا حظنا أنّ اجتماع الحجّ العظيم يمثّل بشكل حقيقي فئات المسلمين من أنحاء العالم ، حيث لا تصنّع في المشاركة في حجّ بيت الله الحرام ، فالحجّاج جاؤوا من شتّى المجموعات والعناصر والقوميات ، وقد اجتمعوا رغم اختلاف ألسنتهم.

__________________

(1) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، رقم 252.

٣٢٩

لهذا ذكرت الأحاديث الإسلامية أنّ من فوائد الحجّ نشر أخبار آثار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أنحاء العالم الإسلامي ، يقول «هشام بن الحكم» أحد أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام المخلصين نقلا عن هذا الإمام العظيمعليه‌السلام أنّه قال حول فلسفة الحجّ والطواف حول الكعبة : «إنّ الله خلق الخلق وأمرهم بما يكون من أمر الطاعة في الدين ، ومصلحتهم من أمر دنياهم ، فجعل فيه الاجتماع من الشرق والغرب ، وليتعارفوا ولينزع كلّ قوم من التجارات من بلد إلى بلد ، ولتعرف آثار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتعرف أخباره ويذكر لا ينسى»(1) .

ولهذا السبب كان المسلمون يجدون في الحجّ متنفّسا من جور الخلفاء والسلاطين الظلمة الذين منعوا المسلمين من نشر هذه الأحكام ، لحلّ مشاكلهم بالاجتماع بأئمّة الهدىعليهم‌السلام في المدينة المنوّرة ومكّة المكرّمة ، وبكبار علماء المسلمين ، لينهلوا من مناهل القرآن النقيّة والسنّة النبويّة الشريفة.

ومن جهة ثانية يمكن أن يكون الحجّ مؤتمرا ثقافيا إسلاميا يحضره مفكّرو العالم الإسلامي في أيّام الحجّ في مكّة المكرّمة ، ليتحاوروا فيما بينهم ويعرضوا نظرياتهم وأفكارهم على الآخرين.

وقد أصبحت الحدود بين البلدان الإسلامية ـ الآن ـ سببا لتشتّت ثقافتهم الأصيلة ، واقتصار تفكير مسلمي كلّ بلد بأنفسهم فقط ، حتّى تقطّعت أواصر المجتمع الإسلامي الموحّد. بينما يستطيع الحجّ أن يغيّر هذا الوضع.

وما أجمل ما قاله الإمام الصادقعليه‌السلام في ختام الحديث السابق الذي رواه هشام بن الحكم : «ولو كان كلّ قوم إنّما يتكلّمون على بلادهم وما فيها هلكوا ، وخربت البلاد ، وسقطت الجلب والأرباح ، وعميت الأخبار»(2) .

__________________

(1) وسائل الشيعة ، المجلّد الثامن ، الصفحة 9.

(2) المصدر السابق.

٣٣٠

4 ـ البعد الاقتصادي للحجّ

خلافا لما يراه البعض ، فإنّ مؤتمر الحجّ العظيم يمكن أن يستفاد منه في تقوية أسس الإقتصاد في البلدان الإسلامية. بل إنّه وفق أحاديث إسلامية معتبرة يشكّل البعد الاقتصادي جزءا مهمّا من فلسفة الحجّ.

فما المانع من وضع أسس سوق مشتركة إسلامية خلال اجتماع الحجّ العظيم ، ليوسّع المسلمون مجال التبادل التجاري فيما بينهم بشكل تعود منافعهم إليهم لا إلى أعدائهم. ومن أجل تحرير اقتصادهم من التبعية الأجنبية ، وهذا العمل عبادة وجهاد في سبيل الله ، ولا يمكن أن يكون حبّا للدنيا وطمعا فيها.

ولذا أشار الإمام الصادقعليه‌السلام في الحديث السابق خلال شرحه فلسفة الحجّ ، إلى هذا الموضوع بصراحة باعتبار أنّ أحد أهداف الحجّ ، تقوية العلاقات التجارية بين المسلمين.

وجاء في حديث آخر للإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير الآية (198) من سورة البقرة( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) . قالعليه‌السلام : «فإذا أحلّ الرجل من إحرامه وقضى فليشتر وليبيع في الموسم»(1) .

وكما يبدو فإنّ هذا العمل لا إشكال فيه ، بل فيه ثواب وأجر.

وبهذا المعنى جاء في نهاية حديث عن الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام لبيان فلسفة الحجّ بشكل مسهب : (ليشهدوا منافع لهم)(2) إشارة إلى المنافع المعنوية والماديّة. والأخيرة على رأي بعضهم معنوية أيضا.

فالحجّ باختصار عبادة عظيمة لو أستفيد منها بشكل صحيح في تشكيل مؤتمرات متعدّدة سياسيّة وثقافية واقتصادية ، لحلّ مشاكل العالم الإسلامي ، ومفتاحا لحلّ معضلات المسلمين ، وقد يكون هو المراد من حديث الإمام الصادق

__________________

(1) تفسير العياشي ، حسبما جاء في تفسير الميزان ، المجلّد الثّاني ، ص 86.

(2) بحار الأنوار ، ج 99 ، ص 32.

٣٣١

عليه‌السلام حيث قال : «لا يزال الدين قائما ما قامت الكعبة»(1) .

كما قال الإمام عليعليه‌السلام «الله الله في بيت ربّكم ، لا تخلوه ما بقيتم فإنّه إن ترك لم تناظروا»(2) أي لا يمهلكم الله إن تركتم بيت ربّكم خاليا.

ولأهميّة هذا الموضوع الذي خصّص له باب في الأحاديث الإسلامية تحت عنوان «وجوب إجبار الوالي الناس على الحجّ» فإذا أراد المسلمون تعطيل الحجّ في عام من الأعوام ، فعلى الحكومات الإسلامية أن ترسلهم بالقوّة إلى مكّة(3) .

4 ـ ما هو مصير لحوم الأضاحي في عصرنا؟

يستفاد من الآية السالفة الذكر أنّ الهدف من تقديم الأضحية ، إضافة إلى الجوانب المعنوية والروحية والتقرّب إلى الله تعالى ، يشمل الاستفادة من لحومها ومنح قسم منها إلى الفقراء والمحتاجين.

وتحريم الإسراف في الإسلام ليس خافيا على أحد ، فقد أكدّه القرآن والحديث والدليل العقلي. ومن هذا كلّه نستنتج عدم جواز ترك اللحوم على الأرض في «منى» ولا يجوز دفنها ، إذ أنّ وجوب تقديم الأضاحي لا يقصد به هذه الأعمال فيجب نقل لحومها إلى مناطق أخرى بحاجة إليها إن لم نجد محتاجين في «منى» ليستفاد منها على أفضل وجه ، وهذا هو مقتضى الجمع بين الأدلّة والبراهين.

ولكنّنا نجد ـ ومع الأسف ـ أنّ الكثير من المسلمين عملوا بالحكم الأوّل ، ونسوا العمل بالحكم الثّاني ، ولذا نشهد في كلّ عام تلف الآلاف المؤلّفة من لحوم الأضاحي التي بإمكانها أن تكون منبع غذائي مهمّ لشرائح المحرومين في

__________________

(1) وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 14.

(2) نهج البلاغة ، الوصيّة ، 47.

(3) وسائل الشيعة ، ج 8 ، ص 15.

٣٣٢

المجتمعات الإسلامية ، ولكنّها تترك في تلك الأرض المقدّسة بحالة سلبية ومزعجة جدّا. وقد تحدّث لحدّ الآن الكثير من المفكّرين وعلماء المسلمين حول هذا الموضوع مع المسؤولين في المملكة العربية السعودية ، وحتّى أنّهم تبرّعوا بتكاليف حفظها ونقلها إلى المؤسّسات المختصّة ، ولكن جمود وتحجّر رجال الدين الوهّابيين من جهة ، وعدم اهتمام المسؤولين في الحكومة السعودية من جهة أخرى كانت مانعا لتنفيذ هذا المشروع.

ومع غضّ النظر عن مسألة حرمة الإسراف التي هي من الثوابت في التفكير الإسلامي ، فإنّ منظر المذابح يوم عيد الأضحى في الحجّ حاليا بشع وغير منطقي إلى درجة يثير علامات الاستفهام لدى كلّ ضعيف الإيمان حول شعيرة الحجّ بالكامل ، ويعطي للأعداء مبرّرا قويّا للطعن والتقبيح غافلين عن أنّ هذه المسألة هي نتيجة جهل وإهمال رجال الدين الوهّابيين والسلطات السعودية ، فعلى هذا ، فإنّ عظمة الإسلام وأصالة مناسك الحجّ توجب على المسلمين من جميع مناطق العالم أن يمارسوا الضغط على المسؤولين في تلك الدولة لإنهاء هذه الحالة الموحشة ، وتنفيذ الحكم الإسلامي في هذه المسألة.

وإذا وردت أحاديث إسلامية في حرمة إخراج لحوم الأضاحي من أرض «منى» أو من «حرم مكّة» فإنّ ذلك يعود إلى زمن كان فيه في مكّة المكرّمة عدد كاف من المستهلكين والمستحقّين.

ولهذا ورد في حديث صحيح الإسناد عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّ أحد أصحابه سأله عن هذا الموضوع ، فأجاب : «كنّا نقول لا يخرج منها بشيء لحاجة الناس إليه ، فأمّا اليوم فقد كثر الناس فلا بأس بإخراجه»(1) .

* * *

__________________

(1) وسائل الشيعة ، المجلّد العاشر ، الصفحة 150 (أبواب الذبح الباب 42 الحديث 5).

٣٣٣

الآيتان

( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) )

التّفسير

تتابع هذه الآيات البحث السابق عن مناسك الحجّ مشيرة إلى جانب آخر من هذه المناسك ، فتقول أوّلا :( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ) أي ليطّهروا أجسامهم من الأوساخ والتلوّث ، ثمّ ليوفوا ما عليهم من نذور. و( لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) أي يطوفوا بذلك البيت الذي صانه الله عن المصائب والكوارث وحرّره.

وكلمة «تفث» تعني ـ كما قال كبار اللغويين والمفسّرين ـ القذارة وما يلتصق بالجسم وزوائده كالأظافر والشعر. ويقول البعض : إنّ أصلها يعني القذارة التي تحت الأظافر وأمثالها(1) . ورغم إنكار بعض اللغويين لوجود مثل هذا الاشتقاق

__________________

(1) عن قاموس اللغة ، ومفردات الراغب الاصفهاني ، وكنز العرفان ، وتفسير مجمع البيان ، وتفاسير أخرى.

٣٣٤

في اللغة العربية ، إلّا أنّ الراغب الاصفهاني نقل كلام بدويّ قاله بحقّ أحد الأشخاص القذرين : «ما أتفثك وأدرنك» دليلا على عربية هذه الكلمة ووجود اشتقاق لها في اللغة العربية.

وقد فسّرت( لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) في الأحاديث الإسلامية بتقليم الأظافر وتطهير البدن ونزع الإحرام. وبتعبير آخر : تشير هذه العبارة إلى برنامج «التقصير» الذي يعدّ من مناسك الحجّ. وجاء في أحاديث إسلامية أخرى بمعنى حلاقة الرأس التي تعتبر أحد أساليب «التقصير».

كما جاء في «كنز العرفان» حديث رواه ابن عبّاس في تفسير هذه الآية : «القصد إنجاز مشاعر الحجّ كلّها»(1) إلّا أنّه لا سند لدينا لحديث ابن عبّاس هذا.

والذي يلفت النظر في حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه فسّر عبارة( لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) بلقاء الإمام ، وعند ما سأله الراوي عبد الله بن سنان عن توضيح لهذه المسألة قال: «إنّ للقرآن ظاهرا وباطنا»(2) .

وهذا الحديث ربّما كان إشارة إلى ملاحظة تستحقّ الاهتمام. وهي أنّ حجّاج بيت الله الحرام يتطهّرون عقب مناسك الحجّ ليزيلوا الأوساخ عن أبدانهم ، فعليهم أن يطهّروا أرواحهم أيضا بلقاء الإمامعليه‌السلام ، خاصّة وأنّ الخلفاء الجبابرة كانوا يمنعون لقاء المسلمين لإمامهم في الظروف العادية. لهذا تكون أيّام الحجّ خير فرصة للقاء الإمام ، وبهذا المعنى نقرأ حديثا للإمام الباقرعليه‌السلام قال فيه : «تمام الحجّ لقاء الإمام»(3) .

وكلاهما ـ في الحقيقة ـ تطهير ، أحدهما تطهير لظاهر البدن من القذارة والأوساخ ، والآخر تطهير باطني من الجهل والمفاسد الأخلاقية.

__________________

(1) كنز العرفان ، المجلّد الأوّل ، ص 270.

(2) نور الثقلين ، المجلّد الثّالث ، صفحة 492.

(3) وسائل الشيعة المجلّد ، العاشر ، الصفحة 255 (أبواب المزار الباب الثّاني الحديث الثّاني عشر).

٣٣٥

أمّا «الوفاء بالنذر» فيعني أنّ كثيرا من الناس ينذرون تقديم أضاحي إضافيّة في الحجّ ، أو التصدّق بمال ، أو القيام بعمل خيري في أيّام الحجّ ، ولكنّهم ينسون ويغفلون عن كلّ ذلك عند وصولهم إلى مكّة ، لهذا أكّد القرآن عليهم الوفاء بالنذور ، وإلّا يقصّروا في ذلك(1) .

أمّا لماذا سمّيت الكعبة بالبيت العتيق؟

«العتيق» مشتقّة من «العتق» أي التحرّر من قيود العبودية ، وربّما كان ذلك لأنّ الكعبة تحرّرت من قيود ملكية عباد الله ، ولم يكن لها مالك إلّا الله ، كما حرّرت من قيد سيطرة الجبابرة كأبرهة.

ومن معاني «العتيق» أيضا الشيء الكريم الثمين ، وهذا المعنى يتجسّد في الكعبة بوضوح. ومن المعاني الاخرى للعتيق «القديم» يقول الراغب الاصفهاني : العتيق المتقدّم في الزمان أو المكان أو الرتبة. وهذا المعنى أيضا واضح بالنسبة للكعبة ، فهي أقدم مكان يوحّد فيه الله. وبحسب ما جاء في القرآن( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ) (2) وعلى كلّ حال فلا مانع من إطلاق العتيق على بيت الله بعد ملاحظة ما تتضمّنه هذه الكلمة من معان ، أشار كلّ مفسّر إلى جانب منها. أو ذكرت الأحاديث المختلفة جوانب أخرى من معانيها.

أمّا المراد من «الطواف» الوارد في آخر الآية المذكور أعلاه فهناك بحث بين المفسّرين (هناك طوفان ـ بعد مراسم عيد الأضحى في منى ـ على الحجّاج أن يقوموا بهما ، الطواف الأوّل يدعي «طواف الزيارة» ، والثّاني «طواف النساء»).

يرى بعض الفقهاء والمفسّرين أنّ مفهوم الطواف عام هنا ، لأنّ الآية لم تتضمّن

__________________

(1) احتمل بعض المفسّرين القصد من النذور القيام بمشاعر الحجّ ، إلّا أنّه بمراجعة حالات استعمال كلمة النذر في القرآن المجيد ، يتّضح لنا أنّه يقصد المعنى المتداول من كلمة النذر ، لهذا فإنّ استخدامها في مناسك الحجّ دون دليل ، خلافا لمعناها الظاهر.

(2) آل عمران ، 96.

٣٣٦

قيودا أو شرطا ما ، فهي تضمّ طواف الحجّ وطواف النساء ، حتّى أنّها تشمل طواف العمرة أيضا(1) .

في وقت يرى مفسّرون آخرون أنّ الآية تقصد طواف الزيارة فقط ، الذي يجب على الحاج بعد إحلاله من إحرام الحجّ(2) .

إلّا أنّ الأحاديث الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام تفيد أنّ القصد هنا طواف النساء ، ففي حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير( وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) قال : «طواف النساء»(3) .

كما روي عن الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام حديث بهذا المعنى(4) .

وهذا الطواف يسمّى عند أهل السنّة طواف الوداع.

ومع ملاحظة هذه الأحاديث يبدو التّفسير الأخير هو الأقوى ، خاصّة إذا عبّر بهذا المعنى أيضا في تفسير( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ) . حيث يجب إضافة إلى تطهير البدن من القذارة والشعر الزائد ، استعمال العطر أيضا. ومن المعلوم أنّه لا يجوز استعمال العطور في الحجّ إلّا بعد إتمام الطواف والسعي ، أو عند ما لا يكون طواف بذمّة الحاج إلّا طواف النساء.

وأشارت الآية الأخيرة إلى خلاصة ما بحثته الآيات السالفة الذكر ، حيث تبدأ بكلمة «ذلك» التي لها جملة محذوفة تقديرها «كذلك أمر الحجّ والمناسك» ثمّ تضيف تأكيدا لأهميّة الواجبات التي شرحت( وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) .

والمقصود هنا بـ «الحرمات» ـ طبعا ـ أعمال ومناسك الحجّ ، ويمكن أن

__________________

(1) كنز العرفان ، المجلّد الأوّل ، الصفحة 271.

(2) مجمع البيان نقلها في تفسير الآية ـ موضع البحث ـ عن بعض المفسّرين لم يذكر أسماءهم.

(3) وسائل الشيعة المجلّد التاسع الصفحة 390 أبواب الطواف الباب الثّاني.

(4) المصدر السابق.

٣٣٧

يضاف إليها احترام الكعبة خاصة والحرم المكّي عامّة. وعلى هذا فإنّ تفسير هذه الآية باختصاصها بالمحرّمات ـ أي كلّ ما نهى الله عنه ـ أو جميع الواجبات ، مخالف لظاهر الآية. كما يجب الانتباه إلى أنّ «حرمات» جمع «حرمة» وهي في الأصل الشيء الذي يجب أن تحفظ حرمته ، وألّا تنتهك هذه الحرمة أبدا.

ثمّ تشير هذه الآية وتناسبا مع أحكام الإحرام إلى حليّة المواشي ، حيث تقول :( وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ ) .

عبارة( إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ ) يمكن أن تكون إشارة إلى تحريم الصيد على المحرم الذي شرع في سورة المائدة الآية (95) حيث تقول :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) .

كما قد تكون إشارة إلى عبارة جاءت في نهاية الآية ـ موضع البحث ـ تخصّ تحريم الأضحية التي تذبح للأصنام التي كانت متداولة زمن الجاهلية. لأنّ تذكية الحيوان يشترط فيها ذكر اسم الله عليه عند الذبح ، ولا يجوز ذكر اسم الصنم أو أي اسم آخر عليه.

وفي ختام هذه الآية ورد أمران يخصّان مراسم الحجّ ومكافحة العادات الجاهلية :

الأوّل يقول :( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ) و «الأوثان» جمع «وثن» على وكن «كفن» وتعني الأحجار التي كانت تعبد زمن الجاهلية ، وهنا جاءت كلمة الأوثان إيضاحا لكلمة «رجس» التي ذكرت في الآية ، حيث تقول :( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ ) . ثمّ تليها عبارة( مِنَ الْأَوْثانِ ) أي الرجس هو ذاته الأوثان.

كما تجب ملاحظة أنّ عبدة الأوثان زمن الجاهلية كانوا يلطّخونها بدماء الأضاحي ، فيحصل مشهد تقشّعر الأبدان من بشاعته ، وقد يكون التعبير السابق إشارة إلى هذا المعنى أيضا.

٣٣٨

والأمر الثّاني هو( وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ) أي الكلام الباطل الذي لا أساس له من الصحّة.

مسألة : ما معنى( قَوْلَ الزُّورِ ) ؟

يرى بعض المفسّرين أنّه إشارة إلى كيفيّة تلبية المشركين في مراسم الحجّ في زمن الجاهلية ، لأنّهم يلبّون بشكل يتضمّن الشرك بعينه ، ويبعدونه من صورته التوحيديّة ، فقد كانوا يردّدون : «لبّيك لا شريك لك ، إلّا شريكا هو لك! تملكه وما ملك!».

حقّا إنّه كلام باطل ودليل على( قَوْلَ الزُّورِ ) الذي يعني في الأصل : الكلام الكاذب ، والباطل ، والبعيد عن حدود الاعتدال.

ومع هذا فإنّ اهتمام الآية المذكورة بأعمال المشركين في مراسم الحجّ على زمن الجاهلية ، لا يمنع من تعميمها على بطلان أيّة عبادة للأصنام بأيّة صورة كانت ، واجتناب أي قول باطل مهما كانت صورته.

ولهذا فسّرت بعض الأحاديث الأوثان بلعبة الشطرنج ، وقول الزور بالغناء ، والشهادة بالباطل. وفي الحقيقة فإنّ ذلك بيان لبعض أفراد ذلك الكلّي ، وليس القصد منه حصر معنى الآية بهذه المصاديق فقط. وجاء في حديث للرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في خطبة ألقاها على المسلمين «أيّها الناس ، عدلت شهادة الزور بالشرك بالله ، ثمّ قرأ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ) .

إنّ هذا الحديث أيضا إشارة إلى سعة مفهوم هذه الآية.

* * *

٣٣٩

الآيات

( حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (31) ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33) )

التّفسير

تعظيم شعائر الله دليل على تقوى القلوب :

عقّبت الآيات هنا المسألة التي أكدّها آخر الآيات السابقة ، وهي مسألة التوحيد ، واجتناب أي صنم وعبادة الأوثان. حيث تقول( حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ) (1) أي أقيموا مراسم الحجّ والتلبية في حالة تخلصون فيها النيّة لله وحده لا يخالطها أي شرك أبدا.

«حنفاء» جمع «حنيف» أي الذي استقام وابتعد عن الضلال والانحراف ، أو

__________________

(1) «حنفاء» و «غير مشركين». كلاهما حال لضمير «فاجتنبوا» ، و «اجتنبوا» في الآية السابقة.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496