مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 318800 / تحميل: 5276
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

[١٥٠٣٨] ١٧ - مجموعة الشهيد الأول: نقلا من كتاب الاستدراك لبعض أصحابنا المعاصرين للمفيد، وفيه دعوات الصادقعليه‌السلام عند دخلاته على المنصور، قال: دعاؤهعليه‌السلام في دخول آخر عليه، وكان قد امر بقتله فلقيه، وأمر له بثلاثين بدرة، بعد أن قام له وجلس بين يديه، الخبر.

[١٥٠٣٩] ١٨ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، انه سئل عن جوائز المتغلبين، فقال: « قد كان الحسن والحسينعليهما‌السلام يقبلان جوائز معاوية، لأنهما كانا أهل ما(١) يصل من ذلك إليهما، وما في أيدي المتغلبين عليهم حرام، وهو للناس واسع إذا وصل إليهم في خير، واخذوه من حقه ».

٤٥ -( باب جواز شراء ما يأخذه الظالم من الغلات باسم المقاسمة، ومن الأموال باسم الخراج، ومن الانعام باسم الزكاة)

[١٥٠٤٠] ١ - الصدوق في المقنع: ولا بأس بشراء الطعام والثياب من السلطان.

٤٦ -( باب جواز النزول على أهل الذمة وأهل الخراج ثلاثة أيام، ولا ينزل على المسلم إلا بإذنه)

[١٥٠٤١] ١ - الشيخ الطوسي في النهاية: روي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، انه سئل عن النزول على أهل الخراج، فقال: « ثلاثة أيام »، وروي ذلك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

١٧ - مجموعة الشهيد ص ١٥٠.

١٨ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٢٣ ح ١٢٢٣.

(١) في المصدر: لما.

الباب ٤٥

١ - المقنع ص ١٢٢.

الباب ٤٦

١ - النهاية ص ٤٢١ ح ٦.

١٨١

٤٧ -( باب تحريم بيع الخمر وشرائها وحملها والمساعدة على شرائها، فان فعل تصدق بالثمن)

[١٥٠٤٢] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لعن الله الخمر، وعاصرها ومعتصرها، وبائعها ومشتريها، وشاربها وساقيها ومسقيها(١) ، وآكل ثمنها، وحاملها والمحمولة إليه(٢) ».

[١٥٠٤٣] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الخمر، وغارسها، وعاصرها، وحاملها، والمحمولة إليه(١) ، وبائعها، ومبتاعها(٢) ، وشاربها، وآكل ثمنها، وساقيها، ( والمتحرك المتحول فيها )(٣) » .

[١٥٠٤٤] ٣ - القطب الراوندي في لب اللباب: اهدى تميم الداري راوية من خمر إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « هي حرام » قال: أفلا أبيعها وانتفع بثمنها؟ فقال: « لعن الله اليهود، انطلقوا إلى ما حرم الله عليهم من شحوم البقر والغنم، فأذابوها وجعلوها أهالة(١) ، فباعوها واشتروا به ما يأكلون، وإن الخمر حرام وثمنها حرام ».

__________________

الباب ٤٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩ ح ٢٤.

(١) ليس في المصدر.

(٢) في الطبعة: « عليه » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٨.

(١) في الحجرية: « إليها » وما أثبتناه هو الصواب.

(٢) في المصدر: ومتبايعها.

(٣) في المصدر: والمتحول منها، والظاهر أنها مصحفة « والمتجر المتمول فيها ».

٣ - لب اللباب: مخطوط.

(١) الأهالة: الودك، الشحم المذاب ( لسان العرب ( أهل ) ج ١١ ص ٣٢ ).

١٨٢

[١٥٠٤٥] ٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لعن الله الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وساقيها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه» .

[١٥٠٤٦] ٥ - الصدوق في المقنع: اعلم أن الله تعالى حرم الخمر بعينها، وحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كل شراب مسكر، ولعن بائعها، ومشتريها، وآكل ثمنها، وساقيها، وشاربها.

[١٥٠٤٧] ٦ - جامع الأخبار: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من شرب الخمر في الدنيا، سقاه الله تعالى يوم القيامة من سم الأساود ومن سم العقارب شربة يتساقط لحم وجهه في الاناء قبل أن يشربها، فإذا شربها تفسخ لحمه وجلده كالجيفة، يتأذى به أهل الجمع، ثم يؤمر به إلى النار، ألا وشاربها، وساقيها، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، سواء في عارها واثمها، ولا يقبل الله تعالى منهم صلاة ولا صوما ولا حجا ولا عمرة حتى يتوب، وكان حقا على الله أن يسقيه بكل جرعة في الدنيا، شربة من صديد جهنم - إلى أن قال - الا ومن باعها و [ من ](١) اشتراها لغيره أو(٢) اعتصرها، لم يقبل الله تعالى منه صلاة ولا حجا ولا اعتمارا ولا صوما، حتى يتوب منها »، الخبر.

٤٨ -( باب تحريم بيع الفقاع(*) )

[١٥٠٤٨] ١ - الشيخ الطوسي في رسالة تحريم الفقاع: أخبرني جماعة، عن أحمد بن

__________________

٤ - لب اللباب: مخطوط.

٥ - المقنع ص ١٥٢.

٦ - جامع الأخبار ص ١٧٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في الحجرية: « و » وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٤٨

* الفقاع: شراب يتخذ من ماء الشعير ( مجمع البحرين ( فقع ) ج ٤ ص ٣٧٦ ).

١ - الرسائل العشر ص ٢٦٢.

١٨٣

محمد بن يحيى، عن أبيه وأحمد بن إدريس جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الوشاء قال: كتبت إليه - يعني الرضاعليه‌السلام - أسأله عن الفقاع، فكتب: « حرام، وهو خمر، ومن شربه كان بمنزلة شارب الخمر » قال: وقال لي أبو الحسنعليه‌السلام : « لو أن الدار لي، لقتلت بائعه، ولجلدت شاربه ».

[١٥٠٤٩] ٢ - وأخبرني جماعة، عن أحمد بن محمد بن يحيى عن [ أحمد بن الحسين ](١) عن محمد بن إسماعيل، عن سليمان بن جعفر، قال: قلت لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام : ما تقول في شرب الفقاع؟ قال: « هو خمر مجهول، يا سليمان فلا تشربه، اما يا سليمان ولو كان الحكم لي والدار لي، لجلدت شاربه، ولقتلت بائعه ».

٤٩ -( باب تحريم بيع الخنزير، وحكم من أسلم وله خمر وخنزير، فمات وعليه دين)

[١٥٠٥٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، انه سئل عن رجل كان له على رجل دراهم، فباع خمرا أو خنازير، فدفع ( ثمن ذلك )(١) إليه قضاء من دينه، قال: « لا بأس، اما للمقضي(٢) فحلال، واما للبائع فحرام » قلت: يحمل على ما لو كان المديون ذميا.

__________________

٢ - الرسائل العشر ص ٢٦٢.

(١) في الطبعة الحجرية: بياض، وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٤٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩ ح ٢٥.

(١) في المصدر: ثمنها.

(٢) في المصدر: للمقتضي.

١٨٤

٥٠ -( باب جواز بيع العصير والعنب والتمر ممن يعمل خمرا، وكراهة بيع العصير نسيئة، وتحريم بيعه بعد أن يغلي قبل ذهاب ثلثيه)

[١٥٠٥١] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، انه سئل عن بيع العنب والتمر والزبيب والعصير ممن يصنعه خمرا، قال: « لا بأس بذلك، إذا باعه حلالا، فليس عليه ان يجعله المشتري حراما ».

٥١ -( باب جواز استخراج الفضة من النحاس)

[١٥٠٥١] ١ - توحيد المفضل قال: قال الصادقعليه‌السلام : « فكر يا مفضل في هذه المعادن، وما يخرج(١) من الجواهر المختلفة، مثل الجص، والكلس، والجبين(٢) والمرتك، والتوتيا(٣) ، والزئبق، والنحاس، والرصاص، والفضة، والذهب، والزبرجد، والياقوت، والزمرد، وضروب(٤) الحجارة، وكذلك ما يخرج منها من القار، والموميا، والكبريت، والنفط، وغير ذلك مما يستعمله الناس في مأربهم، فهل يخفى على ذي عقل ان هذه كلها ذخائر ذخرت للانسان في هذه الأرض، ليستخرجها فيستعملها عند الحاجة إليها، ثم قصرت

__________________

الباب ٥٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩ ح ٢٦.

الباب ٥١

١ - توحيد المفضل ص ١٥١.

(١) في المصدر زيادة: منها.

(٢) في المصدر: الجبسين، وبعدها زيادة: والزرنيخ.

(٣) في الطبعة الحجرية: « والقونيا » وما أثبتناه من المصدر، والتوتيا: حجر يكتحل بمسحوقه ( المعجم الوسيط ج ١ ص ٩٠ ).

(٤) في الطبعة الحجرية: « وضرب » وما أثبتناه من المصدر.

١٨٥

حيلة الناس عما حاولوا من صنعتها، على حرصهم واجتهادهم في ذلك، فإنهم لو ظفروا بما حاولوا من هذا العلم، ثم كان لا محالة سيظهر ويستفيض في العالم، حتى يكثر الذهب والفضة، ويسقطا عند الناس، فلا يكون لها قيمة، ويبطل الانتفاع بهما في الشراء والبيع والمعاملات، ولا كان يجبي السلطان الأموال ولا يدخرهما أحد للأعقاب، وقد أعطى الناس مع هذا صنعة الشبه من النحاس، والزجاج من الرمل، والفضة من الرصاص، والذهب من الفضة، وأشباه ذلك مما لا مضرة فيه، فانظر كيف أعطوا ارادتهم فيما لا مضرة فيه، ومنعوا ذلك فيما كان ضارا لهم لو نالوه» ، الخبر.

٥٢ -( باب انه يكره ان ينزى حمار على عتيقة ولا يحرم ذلك، ويكره ان تضرب الناقة وولدها طفل، الا ان يتصدق به أو يذبح)

[١٥٠٥٣] ١ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : انا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة، وأمرنا باسباغ الوضوء، وان لا ننزي حمارا على عتيقة(١) »، الخبر.

٥٣ -( باب استحباب الغزل للمرأة)

[١٥٠٥٤] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم شغل المرأة المؤمنة الغزل(١) ».

__________________

الباب ٥٢

١ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٣٨ ح ٢٦.

(١) فرس عتيق: رائع كريم من خيار الخيل ( لسان العرب ( عتق ) ج ١٠ ص ٢٣٦ ).

الباب ٥٣

١ - الجعفريات ص ٩٨.

(١) في نسخة: المغزل.

١٨٦

وبهذا الاسناد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث: « وعلموهن الغزل ».

[١٥٠٥٥] ٢ - السيد علي بن طاووس في اللهوف: مرسلا قال: قال يزيد لعلي بن الحسينعليهما‌السلام : اذكر حاجاتك الثلاث اللاتي، وعدتك بقضائهن - إلى أن قال -عليه‌السلام : « والثانية ان ترد علينا ما اخذ منا - إلى أن قالعليه‌السلام - وإنما طلبت ما اخذ منا، لان فيه مغزل فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله »، الخبر.

[١٥٠٥٦] ٣ - فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره: معنعنا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام ، قال: « مرض الحسن والحسينعليهما‌السلام - إلى أن قال - فلما عافى الله الغلامين مما بهما، انطلق عليعليه‌السلام إلى جار له يهودي يقال له: شمعون بن حارا، فقال له: يا شمعون أعطني ثلاثة أصوع(١) من شعير، وجزة من صوف تغزله لك ابنة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأعطاه اليهودي الشعير والصوف، فانطلق إلى منزل فاطمةعليهما‌السلام ، فقال لها: يا ابنة رسول الله، كلي هذا، واغزلي هذا »، الخبر.

ورواه الصدوق في الأمالي: عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق، عن أبي احمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي، عن الحسن بن مهران، عن سلمة بن خالد، عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٥٠٥٧] ٤ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « نعم شغل المرأة المؤمنة المغزل ».

__________________

٣ - اللهوف ص ٨١.

٣ - تفسير فرات ص ١٩٦.

(١) الصاع: مكيال قديم سعته أربعة امداد ( لسان العرب « صوع » ج ٨ ص ٢١٥ ) وفى الطبعة الحجرية: « أصيع » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) أمالي الصدوق ص ٢١٢ ح ١١.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢١٤ ح ٧٩٠.

١٨٧

٥٤ -( باب في كراهة إجارة الانسان نفسه وعدم تحريمها، وان للأجير أن يعمل لغير من استأجره باذنه)

[١٥٠٥٨] ١ - أحمد بن محمد السياري في كتاب القراءات: عن ( حماد بن عيسى )(١) ، عن الحسين بن المختار، عن أبي الجارود، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن قول الله جل اسمه:( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ ) (٢) قال: « ذهب أمير المؤمنينعليه‌السلام فآجر نفسه، على أن يستقي كل دلو بتمرة يختارها فجمع مدا، فأتى به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعبد الرحمان بن عوف على الباب، فلمزه ووقع فيه ». الخبر.

٥٥ -( باب في كراهة ركوب البحر للتجارة)

[١٥٠٥٩] ١ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام أنه قال: « ما أجمل في الطلب من ركب البحر ».

٥٦ -( باب كراهة التجارة في أرض لا يصلى فيها الا على الثلج)

[١٥٠٦٠] ١ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلا من المحاسن، عن أبي عبد الله

__________________

الباب ٥٤

١ - كتاب القراءات ص ٢٧.

(١) في الحجرية: « حماد بن عثمان » وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ٦ ص ٨٨ ).

(٢) التوبة ٩ الآية ٧٩.

الباب ٥٥

١ - الهداية: ص ٨٠.

الباب ٥٦

١ - مشكاة الأنوار ص ١٣١.

١٨٨

عليه‌السلام [ قال ](١) : « ان رجلا أتى أبا جعفرعليه‌السلام ، فقال له: أصلحك الله انا نتجر إلى هذه الجبال، فنأتي أمكنة لا نستطيع ان نصلي الا على الثلج، قال: الا تكون مثل فلان - يعني رجلا عنده - يرضى بالدون، ولا يطلب التجارة في ارض لا يستطيع ان يصلي الا على الثلج ».

٥٧ -( باب استحباب اختيار الانسان التجارة وطلب المعيشة في بلده، إن أمكن)

[١٥٠٦١] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من سعادة المرء الخلطاء الصالحون، والولد البار، والزوجة المواتية، وان يرزق معيشته في بلدته ».

[١٥٠٦٢] ٢ - دعائم الاسلام: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « خمسة من السعادة - إلى أن قال - ورزق المرء في بلده ».

[١٥٠٦٣] ٣ - القطب الراوندي في دعواته: عن ربيعة بن كعب، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: سمعته يقول: « من أعطي خمسا لم يكن له عذر في ترك عمل الآخرة - إلى أن قال - ومعيشته(١) في بلده ».

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٥٧

١ - الجعفريات ص ١٩٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩٥ ح ٧٠٦.

٣ - دعوات الراوندي ص ١٠.

(١) في المصدر: « ومعيشة ».

١٨٩

٥٨ -( باب تحريم اكل مال اليتيم ظلما)

[١٥٠٦٤] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام (١) قال: سألته عن رجل اكل مال اليتيم، هل له توبة؟ فقال: « ( يؤدى إلى )(٢) أهله، فان(٣) الله يقول:( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) (٤) وقال:( إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ) (٥) ».

[١٥٠٦٥] ٢ - وعن سماعة، عن أبي عبد الله و(١) أبي الحسنعليهما‌السلام : « ان الله أوعد في مال اليتيم عقوبتين اثنتين: اما إحداهما فعقوبة الآخرة(٢) ، واما الأخرى فعقوبة الدنيا، قوله:( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّـهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ) (٣) قال: يعني بذلك ليخش ان اخلفه في ذريته كما صنع هو بهؤلاء اليتامى ».

[١٥٠٦٦] ٣ - وعن الحلبي: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : « ان في كتاب علي بن

__________________

الباب ٥٨

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٢٤ ح ٤١.

(١) في المصدر زيادة: « أو أبي الحسنعليه‌السلام ».

(٢) في المصدر: « يرد به ».

(٣) في المصدر: « قال: ذلك بأن ».

(٤) النساء ٤ الآية ١٠.

(٥) النساء ٤ الآية ٢.

٢ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٢٣ ح ٣٨.

(١) في المصدر: « أو ».

(٢) في المصدر زيادة: النار.

(٣) النساء ٤ الآية ٩.

٣ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٢٣ ح ٣٩.

١٩٠

أبي طالبعليه‌السلام : ان آكل مال اليتيم ظلما سيدركه وبال ذلك في عقبه من بعده ويلحقه، وقالعليه‌السلام : ذلك، اما في الدنيا، فان الله قال:( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ ) (١) واما في الآخرة، فان الله يقول:( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) (٢) » .

[١٥٠٦٧] ٤ - وعن عبد الأعلى مولى آل سام قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام مبتدئا: « من ظلم سلط الله عليه من يظلمه، أو على عقبه، أو على عقب عقبه » قال: فذكرت في نفسي، فقلت: يظلم هو فسلط على عقبه أو عقب عقبه، فقال لي قبل أن أتكلم: « إن الله يقول:( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا ) (١) ».

[١٥٠٦٨] ٥ - وعن عبيد(١) بن زرارة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الكبائر، فقال: « منها اكل مال اليتيم ظلما » وليس في هذا اختلاف بين أصحابنا، والحمد لله.

[١٥٠٦٩] ٦ - وعن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يبعث ناس(١) من قبورهم يوم القيامة تأجج أفواههم نارا، فقيل(٢) : يا رسول الله، من هؤلاء؟ قال:( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ

__________________

(١) النساء ٤ الآية ٩.

(٢) النساء ٤ الآية ١٠.

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٢٣ ح ٣٧.

(١) النساء ٤ الآية ٩.

٥ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٢٥ ح ٤٦.

(١) في الحجرية: عمر، وما أثبتناه من المصدر وهو الصواب، راجع « معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٤٧ ».

٦ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٢٥ ح ٤٧.

(١) في المصدر: « أناس ».

(٢) في المصدر زيادة: له.

١٩١

الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) (٣) » .

[١٥٠٧٠] ٧ - وعن عجلان: قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : من اكل مال اليتيم؟ فقال: « هو كما قال الله:( إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) (١) - قال هو من غير أن أسأله - من عال يتيما حتى ينقضي يتمه أو يستغني بنفسه، أوجب الله له الجنة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار ».

[١٥٠٧١] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أروي عن العالمعليه‌السلام ، أنه قال: من اكل مال اليتيم درهما واحدا ظلما من غير حق، يخلده(١) الله في النار، وروي: ان اكل مال اليتيم من الكبائر التي وعد الله عليها النار، فان الله عز من قائل يقول:( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) (٢) ».

[١٥٠٧٢] ٩ - « وروي: إياكم وأموال اليتامى،، لا تعرضوا لها، ولا تلبسوا بها، فمن تعرض لمال اليتيم(١) فأكل منه شيئا، كأنما(٢) اكل جذوة من النار ».

[١٥٠٧٣] ١٠ - « وروي: اتقوا الله ولا يعرض أحدكم لمال اليتيم، فان الله جل ثناؤه يلي حسابه بنفسه، مغفورا له أو معذبا ».

[١٥٠٧٤] ١١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا

__________________

(٣) النساء ٤ الآية ١٠.

٧ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٢٤ ح ٤٤.

(١) النساء ٤ الآية ١٠.

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٤.

(١) في المصدر: « خلده ».

(٢) النساء ٤ الآية ١٠.

٩ - المصدر السابق ص ٤٤.

(١) في المصدر: « يتيم ».

(٢) في المصدر: « فكأنما ».

١٠ - المصدر السابق ص ٤٤.

١١ - الجعفريات ص ١٤٦.

١٩٢

أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، في حديث شكواه من وجع العين، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي، ان ملك الموت إذا نزل لقبض روح الفاجر، نزل معه بسفود(١) من نار فنزع روحه، فتصيح جهنم، فاستوى علي جالسا، فقال: يا رسول الله، فهل يصيب(٢) ذلك أحدا من أمتك؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم، حاكم جائر، وآكل مال اليتيم، وشاهد الزور ».

[١٥٠٧٥] ١٢ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « من ظلم يتيما عق أولاده ».

٥٩ -( باب جواز الأكل من مال اليتيم إذا كان في مقابله نفع له بقدره، أو يطعمه عوضه كذلك)

[١٥٠٧٦] ١ - العياشي في تفسيره: عن الكاهلي قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فسأله رجل ضرير البصر، فقال: انا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام معهم خادم لهم، فنقعد على بساطهم، ونشرب من مائهم، ويخدمنا خادمهم، وربما أطعمنا فيه الطعام من عند صاحبنا(١) ، وفيه من طعامهم، فما ترى أصلحك الله؟ فقال: « قد قال الله:( بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) (٢) فأنتم لا

__________________

(١) السفود: حديدة ذات شعب معقفة، يشوى بها اللحم ( لسان العرب ج ٣ ص ٢١٨ ).

(٢) في الطبعة الحجرية: « تصيب » وما أثبتناه من المصدر.

١٢ - غرر الحكم ج ٢ ص ٦١٨.

الباب ٥٩

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٠٧ ح ٣٢٠.

(١) في الطبعة الحجرية: « صاحبته » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) القيامة ٧٥ الآية ١٤.

١٩٣

يخفى عليكم، وقد قال الله:( وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ - إلى -لَأَعْنَتَكُمْ ) (٣) ، ثم قال: إن يكن دخولكم عليهم فيه منفعة لهم فلا بأس، وإن كان فيه ضرر فلا» .

[١٥٠٧٧] ٢ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا رسول الله، إن أخي هلك، وترك أيتاما ولهم ماشية، فما يحل لي منها؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن كنت تليط(١) حوضها، وترد ناديتها(٢) ، وتقوم على رعيتها، فاشرب من ألبانها غير مجتهد للحلب(٣) ، ولا ضار بالولد، والله يعلم المفسد من المصلح ».

[١٥٠٧٨] ٣ - عوالي اللآلي: وفي الحديث، أن رجلا قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن في حجري يتيما، أفآكل من ماله؟ فقال: « بالمعروف، لا مستأثرا مالا، ولا واق مالك بماله ».

[١٥٠٧٩] ٤ - وعن ابن عباس: أن ولي يتيم قال لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أفأشرب من لبن إبله؟ قال: « إن كنت تبغي ضالها(١) ، وتلوط حوضها، وتسقيها وردها، فاشرب غير مضر بنسل، ولا ناهك في الحلب ».

__________________

(٣) البقرة ٢ الآية ٢٢٠.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٠٧ ح ٣٢١.

(١) لاط الحوض: طينه وأصلحه. ( لسان العرب ج ٧ ص ٣٩٤ ).

(٢) الظاهر: « نادتها » ندت الإبل: نفرت وذهبت شرودا فمضت على وجوهها.

( لسان العرب ج ٣ ص ٤٢٠ ).

(٣) ليس في المصدر.

٣ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ١١٩ ح ٣٣٠.

٤ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ١٢٠ ح ٣٣١.

(١) في المصدر: « ضالتها ».

١٩٤

٦٠ -( باب أنه يجوز لقيم مال اليتيم والوصي، أن يتناول منه أجره مثله)

[١٥٠٨٠] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي أسامة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ) (١) ، فقال: « ذاك رجل يحبس نفسه على أموال اليتامى، فيقوم لهم(٢) عليها، فقد شغل نفسه عن طلب المعيشة، فلا بأس أن يأكل بالمعروف إذا كان يصلح أموالهم، وإن كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئا ».

[١٥٠٨١] ٢ - وعن سماعة، عن أبي عبد الله و(١) أبي الحسنعليهما‌السلام ، قال: سألته عن قوله:( وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ) (٢) ، قال: « بلى من كان يلي شيئا لليتامى، وهو محتاج وليس له شئ، وهو يتقاضى أموالهم ويقوم في ضيعتهم، فليأكل بقدر الحاجة ولا يسرف، وإن كان ضيعتهم لا تشغله عما يعالج لنفسه، فلا يرزأن(٣) من أموالهم شيئا ».

[١٥٠٨١] ٣ - وعن محمد بن مسلم قال: سألته عن رجل بيده ماشية لابن أخ يتيم(١) في حجره، أيخلط أمرها بأمر ماشيته؟ فقال: « إن كان يليط حياضها، ويقوم على هناتها، ويرد بادرها(٢) ، فليشرب من ألبانها، غير

__________________

الباب ٦٠

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٢١ ح ٢٩.

(١) النساء ٤: ٦.

(٢) في المصدر زيادة: فيها ويقوم لهم.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٢١ ح ٣٠.

(١) في المصدر: « أو ».

(٢) النساء ٤: ٦.

(٣) رزأ من ماله: أخذ منه ونقص ( لسان العرب ج ١ ص ٨٥ ).

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٢١ ح ٢٨.

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: « شاردها ».

١٩٥

مجتهد للحلاب، ولا مضر بالولد، ثم قال:( وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ) (٣) » .

٦١ -( باب جواز التجارة بمال اليتيم، مع كون التاجر وليا مليا ووجود المصلحة، وحكم الربح والزكاة)

[١٥٠٨٣] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ليس للوصي أن يتجر بمال اليتيم، فإن فعل كان ضامنا، وكان الربح لليتيم ».

ورواه في موضع آخر وزاد: « كان ضامنا لما نقص »(١) .

[١٥٠٨٤] ٢ - وعن ( أبي جعفر )(١) عليه‌السلام ، أنه قال: « إذا اتجر الوصي بمال اليتيم ولم يجعل ذلك له في الوصية، فهو ضامن لما نقص من المال، والربح لليتيم ».

قلت: والخبر الأول محمول على ما يظهر من الثاني من عدم الولاية، التي هي شرط لجواز التجارة.

٦٢ -( باب حكم الاخذ من مال الولد والأب)

[١٥٠٨٥] ١ - كتاب العلاء بن رزين: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لرجل: أنت ومالك لأبيك ».

__________________

(٣) النساء ٤: ٦.

الباب ٦١

١ - دعائم الاسلام:

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ٥٨ ح ١٥٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٦٤ ح ١٣٢٧.

(١) في المصدر: « جعفر بن محمد ».

الباب ٦٢

١ - كتاب العلاء بن رزين ص ١٥٣.

١٩٦

[١٥٠٨٦] ٢ - وبهذا الاسناد: قالعليه‌السلام : « في كتاب عليعليه‌السلام : إن(١) الولد لا يأخذ من مال والده شيئا إلا بإذنه، وللوالد أن يأخذ من مال ابنه ما(٢) شاء » الخبر.

[١٥٠٨٧] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « اعلم أنه جائز للوالد أن يأخذ من مال ولده بغير إذنه، وليس للولد أن يأخذ من مال والده إلا بإذنه(١) ، وإذا أرادت الأم أن تأخذ من ولدها فليس لها إلا أن تقوم على نفسها لترده عليه، ( ولو كان على رجل دين ولم يكن له مال وكان لابنه مال، جاز أن يأخذ من مال ابنه فيقضي به دينه )(٢) ».

[١٥٠٨٨] ٤ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « لا يحل للرجل(١) من مال ولده شئ إلا بطيب نفسه، إلا أن يضطر إليه، فيأكل بالمعروف قوته ولا يتلذذ فيه ».

[١٥٠٨٩] ٥ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « يد الوالدين مبسوطتان في مال ولدهما، إذا احتاجا إليه بالمعروف ».

[١٥٠٩٠] ٦ - وقال رجل لرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أبي ليأخذ من مالي ليأكله، فقال: « أنت ومالك لأبيك ».

[١٥٠٩١] ٧ - وقال رجل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : كان لي عبد فأعتقه

__________________

٢ - كتاب العلاء بن رزين ص ١٥٣.

(١) في المصدر: « أما ».

(٢) في الطبعة الحجرية: « لما » وما أثبتناه من المصدر.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

(١) في المصدر زيادة: « وللمرأة أن تنفق من مال زوجها بغير إذنه المأدوم دون غيره ».

(٢) نفس المصدر ص ٣٦.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٤٦ ح ٩٣١.

(١) في المصدر: « لرجل ».

٥ - ٧ - الأخلاق: مخطوط.

١٩٧

والدي علي، من غير أمري ولا رضاي، فقال: « والدك أملك بك وبمالك منك، فإنك ومالك من هبة الله لوالدك ».

٦٣ -( باب جواز تقويم جارية البنت والابن الصغيرين، ووطئها بالملك إذا لم يكن وطأها الابن)

[١٥٠٩٢] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن رجل له ولد طفل، وللولد جارية مملوكة، هل للأب أن يطأها؟ قال: « ليس له ذلك إلا أن يقومها على نفسه قيمة عدل، ثم يأخذها ويكون لولده عليه ثمنها » الخبر.

[١٥٠٩٣] ٢ - كتاب العلاء: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام (١) ، أنه قال في حديث: « وله أن يقع على جارية ابنه، إذا لم يكن ابنه وقع عليها ».

٦٤ -( باب جواز إنفاق الزوج من مال زوجته، بإذنها وطيبة نفسها)

[١٥٠٩٤] ١ - العياشي في تفسيره: عن سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك، امرأة دفعت إلى زوجها مالا ليعمل به، وقالت له حين دفعته إليه: أنفق منه، فإن حدث بي حدث فما أنفقت منه فلك حلال طيب، وإن حدث بك حدث فما أنفقت منه فلك حلال طيب، قال: « أعد يا سعيد المسألة، فلما ذهبت أعرض عليه المسألة » عرض فيها صاحبها وكان معي، فأعاد عليه مثل ذلك، فلما فرغ أشار بإصبعه إلى

__________________

الباب ٦٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٤٦ ح ٩٣١.

٢ - كتاب العلاء بن رزين ص ١٥٣.

(١) في المصدر زيادة: « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

الباب ٦٤

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢١٩ ح ١٧.

١٩٨

صاحب المسألة، فقال: « يا هذا إن كنت تعلم أنها قد أفضت بذلك إليك فيما بينك [ وبينها ](١) وبين الله، فحلال طيب، ثلاث مرات، ثم قال: يقول الله:( فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا ) (٢) ».

[١٥٠٩٥] ٢ - وعن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله أو أبي الحسنعليهما‌السلام ، قال: سألته عن قول الله:( فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا ) (١) قال: « يعني بذلك أموالهن التي في أيديهن مما ملكن ».

٦٥ -( باب أن المرأة إذا أذنت لزوجها في الانفاق من مالها، لم يجز له أن يشتري منه جارية يطؤها)

[١٥٠٩٦] ١ - كتاب عبد الله بن يحيى الكاهلي: برواية أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عنه، قال: حدثني عامر بن عمير، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلني الله فداك، إن امرأتي أعطتني مالها كله، وجعلتني منه في حل، أصنع به ما شئت، أيكون لي أن أشتري منه جارية أطؤها، قال: « ليس ذاك لك، إنما أرادت ما سرك، فليس لك ما ساءها ».

٦٦ -( باب عدم جواز صدقة المرأة من بيت زوجها إلا بإذن زوجها، وكذا المملوك من مال سيده)

[١٥٠٩٧] ١ - وجدت في مجموعة عتيقة فيها بعض الخطب، والظاهر أن كلها

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) النساء ٤: ٤.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢١٩ ح ١٦.

(١) النساء ٤: ٤.

الباب ٦٥

١ - كتاب عبد الله بن يحيى الكاهلي ص ١١٥.

الباب ٦٦

١ - قصة الحولاء ( مخطوطة ) ص ١٤١.

١٩٩

مأخوذة من كتاب أحمد بن عبد العزيز الجلودي، وفيها: حدثنا يحيى بن عمر، قال حدثنا عيسى بن مسلم، قال: حدثنا عمر بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمد بن مسلم، عن مهران الثقفي، عن عبد الله بن محبوب، عن رجل، عن الحولاء العطارة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث طويل، يأتي في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى - قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا حولاء، والذي بعثني بالحق نبيا ورسولا، لا ينبغي للمرأة أن تتصدق بشئ من بيت زوجها إلا بإذنه، فإن فعلت ذلك كان له الاجر وعليها الوزر » الخبر.

[١٥٠٩٨] ٢ - الصدوق في المقنع: وللمرأة أن تنفق من بيت زوجها بغير إذنه المأدوم دون غيره.

٦٧ -( باب جواز استيفاء الدين من مال الغريم الممتنع من الأداء بغير إذنه، ولو من الوديعة، إذا لم يستحلفه)

[١٥٠٩٩] ١ - الصدوق في المقنع: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له فليرض، ومن لم يرض فليس من الله، وليس لك أن تأخذ ممن حلفته شيئا، وإن جحد رجل حقك، ثم وقع له عندك مال، فلا تأخذ منه إلا حقك ومقدار ما حبسه عنك، وتقول: اللهم إني لم آخذ ما أخذت منه خيانة ولا ظلما، ولكني أخذته مكان حقي، فإن استحلفك على ما أخذت فجائز لك أن تحلف، إذا قلت هذه الكلمة ».

__________________

٢ - المقنع ص ١٢٥.

الباب ٦٧

١ - المقنع ص ١٢٤.

٢٠٠

إنَّما اللَّوْمُ لَوْمُ الجاهليَّةِ

كان لعبد الملك بن مروان عين بالمدينة يكتب إليه ما يَحدث فيها، فكتب له يوماً أنَّ علي بن الحسين (عليه السلام) أعتق جارية له ثمَّ تزوَّجها.

فكتب عبد الملك إلى علي بن الحسين (عليه السلام):

أمَّا بعد: فقد بلغني تزويجك مولاتك، وقد علمت أنَّه كان في أكفائك مِن قريش مَن تُمجَّد به في الصهر، وتستنجبه في الوُلد، فلا لنفسك نظرت ولا على وُلدك أبقيت والسَّلام.

فكتب إليه الإمام عليُّ بن الحسين زين العابدين (عليه السلام):

(أمّا بعد: فقد بلغني كتابك تعنفني بتزويجي مولاتي، وتزعم أنَّه قد كان في نساء قريش مَن أتمجَّد به في الصهر، وأستنجبه في الوُلد، وإنَّه ليس فوق رسول الله (صلى الله عليه وآله) مُرتقى في مَجد ولا مُستزاد في كرم، وإنَّما كانت مِلك يميني ثمَّ خرجت مِن مِلكي، فأراد الله عَزَّ وجَلَّ أمراً ألتمس به ثوابه فارتجعتها على سُنَّته، ومَن كان زكيَّاً في دين الله فليس يُخلُّ به شيء مِن أمره، وقد رفع الله بالإسلام الخسيسة، وتمَّم به النقيصة، وأذهب اللوم، فلا لَوْمَ على امرِئٍ مُسْلِمٍ، إنَّما اللَّوْمُ لَوْمُ الجاهليَّةِ والسَّلام).

فلمَّا قرأ الكتاب رمى به إلى ابنه سليمان فقرأه، فقال: يا أمير المؤمنين، لشدَّ ما فخر عليك عليُّ بن الحسين!! فقال: يا بُنيَّ، لا تقل ذلك، فإنَّها ألسُن بني هاشم التي تفلق الصخر، وتغرف مِن بحر، إنَّ عليَّ بن الحسين (عليه السلام) - يا بني - يرتفع مِن حيث يتَّضع الناس (1) .

____________________

(1) الشابُّ، ج1.

٢٠١

العَدل أساس المُلك

لّمَا صارَ محمد (صلى الله عليه وآله) ابْنَ سَبْعِ سِنينَ قالَ لأُمَّهِ حَليمَةَ: (يا أُمِّي، أَيْنَ إخْوَتي؟).

قالتْ: يا بُنيّ إنَّهُمْ يَرْعَوْنَ الغَنَمَ التي رَزَقَنا الله إيَّاها بِبَرَكَتِكَ.

قالَ: (يا أُمّاهُ، ما أَنْصَفْتِني!).

قالَتْ: كَيْفَ ذلِكَ يا وَلَدي؟!

قالَ: (أكُونُ أَنا في الظِّلِّ وإخْوَتي في الشَّمْسِ والْحَرِّ الشّديدِ وأنا أَشْرِبُ مِنها اللَّبَنَ!).

الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان وهو في سِنِّ السابعة يتحدَّث مع مُرضعته عن الإنصاف داخل مُحيط الأُسرة الصغير، ويُنمِّي في عقله الفتيِّ مفهوم العدل والإنصاف، وعندما بلغ (صلى الله عليه وآله) وشَبَّ ترسَّخ هذا المفهوم في ذهنه أكثر، وعمد إلى نقل هذا المفهوم مِن مُحيط الأُسرة المحدود وتطبيقه على مُحيط مدينة مَكَّة الواسع، فاجتمع (صلى الله عليه وآله) مع مجموعة مِن كِبار رجال العرب في حِلف سُمِّيَ بـ: (حلف الفضول) وذلك بهدف تحقيق العدالة وتطبيق العدل الاجتماعي، فتحالف معهم دفاعاً عن حقوق الناس، وكان ما كان كما نقله لنا التاريخ.

كان نفر مِن جُرْهم وقطوراء يُقال لهم: الفضيل بن الحارث الجُرهمي، والفضيل بن وداعة القطوريِّ، والمفضل بن فضالة الجرهمي اجتمعوا فتحالفوا أنْ لا يُقرُّوا ببطن مَكَّة ظالماً، وقالوا: لا ينبغي إلاَّ ذلك؛ لما عَظَّم الله مِن حَقَّها، فقال عمر بن عوف الجُرهمي:

إنَّ الفُضول تحالفوا وتعاقدوا

ألا يَـقرَّ بـبطن مَكَّة ظالم

أمـرٌ عليه تعاهدوا وتواثقوا

فـالجار والمعترُّ فيهم سالم

٢٠٢

ثمَّ درس ذلك، فلم يبق إلاَّ ذِكره في قريش.

ثمَّ إنَّ قبائل مِن قريش تداعت إلى ذلك الحلف، فتلاقوا في دار عبد الله بن جدعان لشرفه وسِنِّه، وكانوا بني هاشم وبني عبد المُطَّلب وبني أسد بن عبد العِزَّى وزهرة بن كلاب وتيم بن مُرَّة، فتحالفوا وتعاقدوا أنْ لا يجدوا بمَكَّة مظلوماً مِن أهلها أو مِن غيرهم مِن سائر الناس، إلاّ قاموا معه وكانوا على ظلمه حتَّى تُردُّ عليه مظلمته، فسَّمت قريش ذلك الحِلف حِلف الفُضول.

كان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) يتجنَّب في فترة شبابه الاختلاط في ذلك العصر الجاهلي قدر الإمكان، ويمتنع عن مُجالستهم، لكنَّه (صلى الله عليه وآله) شارك في هذا الحِلف بكلِّ سرور ورَحابة صدرٍ، وتعاون مع الأشخاص الذين تعاهدوا وتواثقوا على بَسط العدل؛ لأنَّ هذا الحِلف جاء مُطابقاً لمرامه وطباعه (صلى الله عليه وآله) ونفسِهِ التَّوَّاقةِ للعدل.

فالذي يُفكِّر بالعدل مُنذ طفولته، ويتحدَّث عن الإنصاف مع مُرضعته وهو ابن سبع سنين، لا بُدَّ أنْ يترسَّخ هذا المفهوم في نفسه أكثر عندما يُصبح شابَّاً. وكان لا بُدَّ للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنْ يستفيد مِن كلِّ فُرصة تُسنح له، ويلجأ إلى اتِّباع شتَّى الأساليب لتطبيق العدل الاجتماعي، الذي يُشكِّل هدفاً مُقدَّساً بالنسبة له (صلى الله عليه وآله). وفعلاً حانت الفُرصة المُنتظرة، عندما قرَّر عدد مِن كبار رجال مَكَّة بذل ما بوسعهم لتطبيق العدل ووضع حَدٍّ للظلم والجور، فاغتنمها رسول الله (صلى الله عليه وآله) مُعلناً استعداده للتعاون معهم والانضمام للحٍلف، فكان ما كان.

وقد دعا الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) الناس قاطبة إلى العدل مُنذ بُعِث نَبيَّاً. وقد تخطَّت دعوته حدود مَكَّة وبلاد الحِجاز، وكان لها صدى واسع في جميع أنحاء المعمورة. ولم تَغِب ذِكرى حِلف الفضول عن بال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان يتذكَّرها، فيسعد ويفخر بها.

٢٠٣

فَقَالَ حِينَ أَرْسَلَهُ الله تعالى: (لَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ عُمومَتي حِلْفاً في دارِ عَبْدِ الله بنِ جَدْعانَ، ما أُحِبُّ أنَّ لي بهِ حُمْرَ النَّعّمِ، ولّو دُعِيتُ بهِ في الإسْلام لأَجَّبْتُ).

لا أحد يعلم - على وجه التحديد - كمْ مَرَّة نجح حِلف الفضول مُنذ قيامه في إحقاق الحَقِّ وبسط العدل بين الناس، ولكنْ هناك حالتان نوردهما بإيجاز حسبما وردت في التواريخ.

السبب في هذا الحِلف والحامل عليه أنَّ رجلاً مِن زبيد قدم مَكَّة ببِضاعة، فاشتراها منه العاص بن وائل، وكان مِن أهل الشرف والقَدر بمَكَّة، فحبس عنه حقَّه فاستعدى عليه الزبيدي الأحلاف: عبد الدار، ومخزوماً وجمح، وسهماً، وعدي بن كعب فأبوا أنْ يُعينوا على العاص وانتهروه - أيْ الزبيدي - فلمَّا رأى الزبيدي الشرَّ رقي على أبي قبيس عند طلوع الشمس وقريش في أنديتهم حول الكعبة، فقال بأعلى صوته:

يـا آل فِـهرٍ لمَظلوم بضاعته

بـبطن مَكَّة نائي الدهر والقَفر

ومُحرم أشعث لم يقض عمرته

يا للرجال وبين الحِجر والحِجر

إنَّ الـحرام لمَن تمَّت مكارمه

ولا حـرام لثواب الفاجِر الغَدر

والحرام بمعنى الاحترام؛ فقام في ذلك الزبير بن عبد المُطَّلب مع عبد الله بن جدعان، واجتمع إليه مَن تقدَّم وتعاقدوا وتعاهدوا ليكونُنَّ يداً واحدة مع المظلوم على الظالم، حتَّى يؤدَّى إليه حَقَّه شريفاً أو وضيعاً، ثمَّ مشوا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه سلعة الزبيدي فدفعوها إليه.

وفي رواية أُخرى أنَّ رجلاً مِن خثعم قَدِم مَكَّة مُعتمراً أو حاجَّاً، ومعه بنت له جميلة فاغتصبها منه نبيه بن الحَجَّاج فقيل له: عليك بحِلف الفضول، فوقف عند الكعبة ونادى يا لحلف الفضول، فإذا هُمْ يعنقون إليه مِن كلِّ جانب، وقد انتضوا أسيافهم - أيْ جرَّدوها - يقولون: جاءك الغوث فما لك؟

فقال: إنَّ نَبيهاً ظلمني في بُنيَّتي فانتزعها مِنِّي قَسراً.

٢٠٤

فساروا إليه حتَّى وقفوا على باب داره فخرج إليهم، فقالوا له: أخرج الجارية فقد علمت مَن نحن، وما تعاهدنا عليه.

فقال: أفعل، ولكنْ متِّعوني بها الليلة.

فقالوا: لا والله، ولا شَخْب لقحة - أيْ مُقدار زمن - فأخرجها إليهم (1) .

____________________

(1) الشابُّ، ج1.

٢٠٥

الأحداث أسرع إلى الخير

عندما خرج الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) شاهراً دعوته بين الناس في مَكَّة، دبَّت فورة عظيمة بين جيل الشابِّ، فتجمعَّوا بدافعٍ مِن ميولهم الفطريَّة حول الرسول (صلى الله عليه وآله) ينهلون مِن مَعين أحاديثه الشريفة، وقد أثار هذا الأمر خلافات بين الشباب وأُسرهم، ودفع بالمُشركين إلى الاحتجاج على ذلك عند الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله).

... فاجتمعت قريش على أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب، إنَّ ابن أخيك قد سبَّ آلهتنا، وأفسد شبابنا، وفرَّق جماعتنا.

لقد بلغت دعوة النبيِّ محمّد (صلى الله عليه وآله) أسماع كلِّ الناس مِن رجال ونساء، وشيوخٍ وشبابٍ، إلاّ أنَّ الشباب كانوا أكثر تأثُّراً بهذه الدعوة واندفاعاً لها؛ لأنَّ توقُّد الحِسِّ الديني لديهم خِلال مرحلة البلوغ، جعلهم مُتعطِّشين لتعلُّم فضائل الإيمان والأخلاق، ولهذا كانت كلمات الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) تنزل في نفوسهم كالماء السلسبيل، كما أنَّها كانت بالنسبة لهم بمثابة غذاء للروح، دون غيرهم مِن الشيوخ والطاعنين في السِّنِّ.

فلمَّا أوفد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) مصعب بن عمير إلى المدينة، ليُعلِّم أهلها قراءة القرآن، وينشر بينهم التعاليم والمعارف الإسلاميَّة، كان الشباب أوَّل مَن لبَّى دعوته، حيث أبدوا رغبة شديدة في تعلُّم قراءة القرآن واكتساب التعاليم الإسلاميَّة.

وكان مصب نازلاً على أسعد بن زرارة، وكان يخرج في كلِّ يوم ويطوف على مجالس الخزرج، يدعوهم إلى الإسلام فيُجيبه الأحداث (1).

____________________

(1) الشابُّ، ج1.

٢٠٦

الحِلم سيِّد الأخلاق

مَرّ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) بِقَوْمٍ فيهِمْ رَجُلٌ يَرْفَعُ حَجَراً يُقالُ لَهُ: حَجَرُ الأَشِدَّاءِ وهُمْ يُعْجَبُونَ مِنْهُ.

فَقالَ: (ما هذا؟).

قالُوا: رَجُلٌ يَرْفَعُ حَجَراً يُقالُ لَهُ: حَجَرُ الأَشِدّاءِ.

قال: (أَفَلا أُخْبِرُكُمْ بِما هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ؟

رَجُلٌ سَبَّهُ رَجُلٌ فَحَلُمَ عَنْهُ، فَغَلَبَ نَفْسَهُ وغَلَبَ شَيْطانَهُ وشَيْطانَ صاحِبهِ).

يرى أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام) أنَّ غلبة النفس الأمَّارة، التي فيها يكمن عزم الإنسان وقُدرته، لتبعث على العِزَّةِ والفَخر. والفتى الذي يبحث عن حَقٍّ وصدق عمَّا يرفع به رأسه بين الناس، عليه أنْ يبني شخصيَّته على أساسٍ مِن الحِلم والصبر والثبات والإرادة وغلبة النفس، ليؤمِّن سعادته في الدنيا والآخرة (1).

____________________

(1) الشابُّ، ج1.

٢٠٧

في حلالها حساب وفي حرامها عِقاب

كان ليزيد بن مُعاوية وَلد يُدعى: مُعاوية، كان يُحبُّه حُبَّاً جَمَّاً، ويودُّ تربيته تربية تعينه على بلوغ مُنيته، فاختار له مؤدِّباً ومُعلِّماً فاضلاً يُدعى (عمو المقصوص)، وقد عُرف هذا المؤدِّب بإيمانه وورعه، وحُبِّه ومولاته لأمير المؤمنين عليٍّ (عليه السلام)، وبغضه الدفين لظلم وبغي مُعاوية بن أبي سفيان ووَلده يزيد.

وقد حرص هذا المُعلِّم الكفوء على تعليم وتربية مُعاوية بن يزيد على التعاليم الإسلاميَّة، وتحريم وتنمية حِسِّ الإيمان والعقل والرغبة في المعرفة الدينيَّة في كيانه، وقد أفلح فعلاً في أنْ يصنع مِن مُعاوية بن يزيد فرداً مؤمناً عاقلاً، ومُحبِّاً لعليٍّ وآله (عليهم السلام أجمعين).

وقد بُويع لمُعاوية بن يزيد بالخلافة يوم موت أبيه وهو في عنفوان شبابه، حيث لم يكن يتجاوز العشرين مِن عُمره.

إنَّ سِنّ العشرين هو مِن سِنيِّ الدورة الواقعة بين سِنِّ الـ 18 والـ 23، وهي مرحلة تبرز فيها الرغبات بقوَّة في أعماق الفتيان والشباب، ففيها تصل الشهوة الجنسيَّة إلى ذروتها، وتنفتح أحاسيس التفوُّق والشُّهرة، وحُبُّ المال والجاه في ذات الشابِّ بعُنفٍ.

وخلال هذه الدورة يُصبح الشابُّ مُتعطِّشاً لتحصيل اللذائذ وإشباع الشهوات، وقد يلجأ إلى سلوك الطريق الملتوية وغير المشروعة؛ لتحقيق أمانيه ورغباته الدفينة.

إنَّ خلافة يزيد وحكومة بلاد واسعة كانت بالنسبة لمُعاوية الشابِّ أفضل وسيلة لإشباع ميوله ورغباته؛ إذ كان بإمكانه إشباع نزواته الجنسيَّة، وأحاسيس التفوُّق، وحُبِّ المال والجاه وغيرها مِن الرغبات الجامعة التي تكمن في أعماق كلِّ شابٍّ

٢٠٨

بصورة فطريَّة، فمُعاوية بن يزيد كان قادراً على استغلال وجوده على عرش الخلافة شَرَّ استغلال، في إرضاء غرائزه لو كان عبداً لهواه، ذليلاً لشهواته، لو لم يكن قد نشأ في ظِلِّ تربية إسلاميَّة صحيحة، وترعرع في كِنف مؤدِّبٍ كفوءٍ رسَّخ في نفسه روح الإيمان بالله والتعاليم الإسلاميَّة الحَقَّة؛ ليجعل منه إنساناً ذا إرادة قويَّة، مُتحرِّراً مِن قيود النفس الأمَّارة مُستقلَّاً لن يؤثِّر فيه منصب الخلافة بكلِّ عظمتها.

لقد أقام مُعاوية بن يزيد في الخلافة أربعين يوماً، نظر فيها في كلِّ ما ارتكبته حكومة أبيه وجَدِّه، مِن بغي وسوء فِعالٍ وجُرأة على الله سبحانه وتعالى، فأدرك عُظم الجرائم التي ارتكبها أبوه يزيد بن مُعاوية طيلة فَترة خلافته، الذي تجرَّأ على الله وبغى على مَن استحلَّ حُرمته مِن أولاد رسول الله (صلى الله عليه وآله).

فوجد مُعاوية بن يزيد أمام مُفترق طريقين، عليه أنْ يختار سلوك أحدهما، فإمَّا أنْ يستمرَّ في الخلافة ويسير على خُطى أبيه وجَدِّه في البغي والرذيلة، ومُمارسة الظلم بحَقِّ العباد، وإشباع جميع رغباته وغرائزه، وإمَّا أنْ يُطيع أوامر الله ويسلك طريق الحَقِّ والفضيلة، ويخلع نفسه عن الخلافة التي لن تعود عليه إلاّ بالذِّلِّ والعار.

وقد اتَّخذ مُعاوية بن يزيد قراره، واستطاع بقوَّة إيمانه والتربية السليمة، التي عاش في ظلِّها أيَّام طفولته وصباه، أنْ يتغلَّب على هواه ويُصمِّم على إقالة نفسه مِن الخلافة، فصعد المِنبر ثمَّ حمد الله وأثنى عليه وذكر النبي (صلى الله عليه وآله) بأحسن ما يذكر به، ثمَّ قال:

أيُّها الناس، إنَّ جَدِّي مُعاوية بن أبي سفيان قد نازع في أمر الخلافة مَن كان أولى بها منه ومِن غيره؛ لقَرابته مِن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعظم فضله وسابقته، أعظم المُهاجرين قدراً وأشجعهم قلباً، وأكثرهم علماً، وأوَّلهم إيماناً، وأشرفهم منزلة، وأقدمهم صُحبة، ابن عَمِّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصِهره وأخوه، زوَّجه (صلى الله عليه وآله) ابنته فاطمة وجعله لها بَعلاً وجعلها له زوجة، أبو سِبطيه سيِّدي شباب أهل الجَنَّة، وأفضل هذه الأُمَّة، فركب جَدِّي منه ما تعلمون وركبتم معه ما لا

٢٠٩

تجهلون حتَّى انتظمت لجَدِّي الأُمور، فلمَّا جاءه القدر المحتوم واخترمته أيدي المَنون، بقي مُرتهناً بعلمه فريداً في قبره، ووجد ما قدَّمت يداه ورأى ما ارتكبه واعتداه.

ثمَّ انتقلت الخلافة إلى أبي يزيد - والكلام ما زال لمُعاوية - ولقد كان أبي يزيد بسوء فعله وإسرافه على نفسه، غير خليق بالخلافة على أُمَّة محمّد (صلى الله عليه وآله)، فركب هواه واستحسن خُطاه، وأقدم على ما أقدم مِن جُرأته على الله، وبغيه على مَن استحلَّ حُرمته مِن أولاد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقلَّت مُدَّته وانقطع أثره وضاجع عمله، وصار حليف حُفرته رهين خطيئته، وبقيت أوزاره وتبعاته.

ثمَّ اختنقته العبرة، فبكى طويلاً وعلا نحيبه، ثمَّ قال:

وما كنت لأتحمَّل آثامكم، ولا يراني الله جلَّت قدرته مُتقلِّداً أوزاركم وألقاه بتبعاتكم، فشأنكم أمركم فخذوه ومَن رضيتم به عليكم فولُّوه، فلقد خلعت بيعتي مِن أعناقكم والسَّلام.

فاضطرب المجلس، وقام مروان بن الحكم - وكان تحت المنبر - فقال له: أسنَّة عُمريَّة يا أبا ليلى؟!

فقال مُعاوية: اغدُ عنِّي، أعن ديني تخدعني؟! فو الله، ما ذقت حلاوة خلافتكم فأتجرَّع مرارتها. والله، لئن كانت الخلافة مَغنماً لقد نال أبي منها مَغرماً ومأثماً، ولئن كانت سوءاً فحسبه منها ما أصابها.

ثمَّ نزل عن المنبر وعيناه مُغرورقتان بالدموع.

ولمَّا رأى بنو أُميَّة ما حصل قالوا لمؤدِّبه عمر المقصوص:

أنت علَّمته هذا ولقَّنته إيَّاه، وصددته عن الخلافة، وزيَّنت له حُبَّ عليٍّ وأولاده، وحملته على ما وسمنا به مِن الظلم وحسَّنت له البِدع، حتَّى نطق وقال ما قال.

٢١٠

فقال: والله، ما فعلته ولكنَّه مجبول ومطبوع على حُبِّ عليٍّ، فلم يقبلوا منه ذلك وأخذوه ودفنوه حيَّاً حتَّى مات (1) .

____________________

(1) الشابُّ، ج1.

٢١١

جزاء مَن يتعدَّ حُرمات الله

كان الخليفة العباسي المُتوكِّل يبرز عِداءه الشديد وبُغضه للإمام عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وعندما يذكره كان لا يُسمِّيه إلاِّ بـ: (أبو تراب)، ولا يتورَّع في المجالس العامَّة عن توجيه الإهانة له (عليه السلام)، لكنَّ وَلَده الشابَّ وولي عهده المُنتصر كان مُتألِّماً جِدَّاً مِن سُلوك أبيه إزاء الإمام علي (عليه السلام)، ولكنْ لم يكن يملك أمام هذا السلوك إلاَّ التزام الصمت، وقد جاء في كُتب التاريخ أنَّ المُتوكِّل كان يُبغض عليَّاً (عليه السلام) وينتقصه، فذكره وغَضَّ منه، فتمعَّر وجه ابنه المُنتصر لذلك، فشتمه المُتوكِّل وأنشأ يقول:

غَضِبَ الفَتى لابنِ عَمِّه

رَأسُ الفَتى في حَرِّ أُمِّهِ

لم يُطِق المنتصر هذه الإهانة التي سمعها مِن أبيه، وهو وليُّ العهد الذي كان آنذاك في الخامسة والعشرين مِن العمر، وتأثَّر كثيراً لانتقاص أبيه منه أمام المَلأ، فأضمر له أمراً يُعوِّض له عمَّا حَقَّره به وحَقد عليه، وقَرَّر الأخذ بالثأر الذي يمحو عنه إهانة أبيه، وأغراه ذلك على قتله، فخطَّط مع بعض الغُلمان على قتله في أوَّل فُرصة ووعدهم بالمال والمنصب.

فبينما المُتوكِّل جالس في قصره يشرب مع ندمائه وقد سَكر، إذ دخل بغاء الصغير وأمر النُّدماء بالانصراف، فانصرفوا ولم يَبقَ عنده إلاَّ الفتح بن خاقان، فإذا الغُلمان الذين عيَّنهم المُنتصر لقتل المُتوكِّل قد دخلوا وبأيديهم السيوف مُصلتة، فهجموا عليه، فقال الفتح بن خاقان: ويلكم! أتقتلون أمير المؤمنين؟! ثمَّ رمى بنفسه عليه، فقتلوهما جميعاً، ثمَّ خرجوا إلى المُنتصر فسلَّموا عليه بالخلافة (1) .

____________________

(1) الشابُّ، ج1.

٢١٢

المؤمن مُبتلى

كان أحد صحابة الإمام الصادق (عليه السلام) يُدعى يونس بن عمّار، وذات يوم أُصيب يونس بمرض البَّرص أو الجُذام، وغطَّت بُقعٌ بيضاء كامل وجهه، فأثَّرت في نفسه، وأخذت شخصيَّته تضمحلُّ شيئاً فشيئاَ فاقدة مكانتها الاجتماعيَّة، وقد قيل في حَقِّه: لو كان للإسلام به حاجة، أو كان لوجوده أدنى أثر أو قيمة لما ابتُلي بهذا البَلاء، فجاء يونس بن عمَّار إلى الإمام الصادق (عليه السلام) شاكياً لسان الناس، فقال له (عليه السلام): (لَقَدْ كانَ مُؤْمِنُ آلِ فِرعَوْنَ مُكَنَّعَ الأصابعِ فَكانَ يَقُولُ هكَذا ويَمُدُّ يَدَيْهِ ويَقُولُ: ( . .. يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) ).

لقد رَدَّ الإمام الصادق (عليه السلام) بهذه العبارة القصيرة على أقاويل الناس الجَوفاء، حيث حاول (عليه السلام) أنْ يُثبت لنا إمكانيَّة ابتلاء المؤمن بالله وسُنَّة نبيِّه ببليَّة أو عاهة ما، مِثلما ابتُلي مؤمن آل فرعون بتلك العاهة. كما أنَّه (عليه السلام) قد ساعد في رفع معنويَّات يونس بن عمّار؛ حيث دعاه إلى عدم الابتعاد عن الناس بسبب البُقع البيضاء التي انتشرت في وجهه، وطلب منه الاستمرار بواجباته في التبليغ، كما كان يفعل مؤمن آل فرعون، حيث كان يمدُّ يده التي كانت تنقصها الأصابع ويقول: ( ... يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) ، فتلك العاهة لم تَثنِ عزيمة مؤمن آل فرعون، ولم تُحبط معنويَّاته وشخصيَّته (1) .

____________________

(1) الشابُّ، ج2.

٢١٣

لسانك حصانك إنْ صِنته صانك

كان ابن المقفع رجلاً ذكيَّاً ذا شأنٍ عظيمٍ في عصره، وكان يمتاز عن غيره بقوَّة عقله وحِدَّة ذكائه. وقد نجح في بداية شبابه في تلقِّي العلوم، وترجمة بعض الكُتب العلميَّة إلى اللغة العربيَّة لفطنته وكفاءته الفطريَّة، إلاّ أنَّ تفوّقه العقلي والفكري جعل منه إنساناً مَغروراً، وترك في سلوكه وأخلاقه آثاراً سيِّئة، مِمَّا جعله يواجه مَشاكل جَمَّة في عَلاقاته الاجتماعيَّة.

وكان ابن المُقفع يستهزئ بالناس ويُحقِّرهم بكلمات وألفاظ بذيئة؛ ليُثير في نفوسهم روح الحِقد والعِداء.

وكان سفيان بن مُعاوية - الذي نصَّبه المنصور الدوانيقي والياً على البصرة - مِن جُملة الأشخاص الذين لم يأمنوا لسان ابن المقفع، إذ كان هذا الأخير يستهزئ بسفيان بن مُعاوية أمام الناس.

وكان سفيان بن مُعاوية ذا أنف كبير قبيح الشَّكل، وكلَّما دخل عليه ابن المقفع في دار الولاية قال بأعلى صوته أمام الملأ: السَّلام عليكم، ويعني به: السَّلام عليك وعلى أنفك الكبير، وذات يوم رَدَّ عليه سفيان بالقول: إنَّني لستُ نادماً على التزامي الصمت حيالك، فقال له ابن المقفع: إنَّ مَن خِصلته التلعثُم في الكلام يجب أنْ لا يندم أبداً على التزام الصَّمت.

وأحياناً كان ابن المقفع يُعيِّر سفيان بن مُعاوية بأُمِّه، حيث كان يُناديه بأعلى الصوت وأمام الجميع (يابن المُغتلمة) أيْ: يا ابن المُنقادة للشهوة. وذات يوم أراد ابن المقفع أنْ يظهر جهل وسذاجة سفيان، فسأله في محفل عامٍّ عن رجل يموت ويُخلِّف زوجة وزوج، كيف يتمُّ تقسيم الميراث بينهما؟

آثار ابن المقفع ذلك الرجل الذكي الفطن بكلامه المُهين، النابع مِن غُروره وتكبُّره، حِقد سفيان عليه وعداءه له، وبات سفيان يتحيَّن الفُرص للانتقام مِن ابن المقفع شرَّ انتقام.

٢١٤

وصادف أنْ ادَّعى عبد الله بن علي الخلافة على ابن أخيه المنصور الدوانيقي، وخرج لقتاله. فطلب الخليفة المنصور مِن أبي مُسلم الخراساني الخروج إلى البصرة بجيش جرَّار لقتال عَمِّه، وأخيراً انتصر جيش أبي مسلم على جيش عبد الله بن علي، الذي لجأ إلى أخويه سليمان وعيسى مُتخفِّياً عندهم. وبعد فترة توجَّه الأخوان إلى المنصور، وطلبا منه الصَّفح عن أخيهما عبد الله، فقبل المنصور شفاعتهما، وقرَّر أنْ يَكتُبا عهد أمان ليوقِّعه المنصور الدوانيقي.

وبعد عودتهما إلى البصرة أوكلا إلى ابن المقفع، الذي كان يعمل حينها كاتباً لدى عيسى، كتابة عهد الأمان، وطلبا منه أنْ يكون الكتاب مِن القوَّة بمكان، بحيث يسلب الدوانيقي كلَّ قُدرة على إلحاق الأذى بأخيهما عبد الله، فكتب ابن المقفع عهد الأمان وغالى في تنظيمه، حيث ذكر فيه أنَّ المنصور الدوانيقي إذا ما مكر بعَمِّه عبد الله بن علي وألحق به الأذى، فإنَّ أمواله ستوزع على الرعيَّة، وسيعتق عبيده وجواريه ويُصبِح المسلمون في حِلٍّ مِن بيعته. وعندما دخلا على المنصور وهما يحملان كتاب الأمان ليوقِّعه، ثارت ثائرته فسأل عن الكاتب، فقيل له: إنَّه ابن المقفع، فأمر المنصور بعد أنْ امتنع عن التوقيع، أمر والي البصرة سِرَّاً بقتل ابن المقفع.

ولمَّا كان سُفيان والي البصرة يحمل ما يحمل في جوفه مِن عِداءٍ لابن المقفع، الذي طالما مَسَّ كرامته وجرح شعوره، ويتحيَّن الفرصة للانتقام، جاءت أوامر الخليفة المنصور بقتل ابن المقفع لتَثْلُج صدر سفيان الذي استغلَّ هذه الفُرصة المُناسبة للانتقام مِن غريمه.

فأمر سفيان بحبس ابن المقفع في حُجرة، فدخل عليه وقال له: أتذكر ما قتله في شأني وشأن أُمِّي؟ والله، إنَّ أُمِّي لمُغتلمة إنْ لم أقتلك قتلة لم ترَ الرعيَّة مِثلها مِن قبل، فأمر سفيان بإشعال التنُّور، وجيء بابن المقفع وكان حينها في السادسة والثلاثين مِن العُمر، فأخذ يقتطَّع مِن جسمه قطعة قطعة ويرميها أمام ناظريه داخل التنُّور، ومازال كذلك حتَّى قضى بهذه الطريقة المُفجعة (1) .

____________________

(1) الشابُّ، ج2.

٢١٥

لا طاعة لمَخلوق

حتَّى لو كان أُمَّاً في مَعصية الخالق

لقد أحدثت كلمات الرسول (صلى الله عليه وآله) وخُطبه المؤثِّرة في بدايات الدعوة تحوُّلاً روحيَّاً عظيماً في جيل الشباب، ولمَّا كان الشباب بفطرتهم ثوريِّين ويرغبون في التجدُّد والحداثة، التفُّوا حول الرسول (صلى الله عليه وآله) مُعلنين انضواءهم تحت راية الإسلام، فبدأوا في ظِلِّ قيادته الرشيدة وتوجيهاته الحكيمة حملة ضِدَّ السُّنَن الفاسدة، والعادات والتقاليد المذمومة التي كانت سائدة آنذاك، مُعلنين عن مُخالفتهم للمُعتقدات والأفكار الباطلة أينما حلُّوا في أُسرتهم ومُجتمعهم، أو في حِلِّهم وترحالهم.

كان سعد بن مالك مِن الشباب النشيطين والمُتحمِّسين في صدر الإسلام، وقد اعتنق الإسلام على يد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وهو في سِنِّ الـ 17، وكان سعد قد أظهر وفاءه للإسلام ومُخالفته للجاهليَّة في أكثر مِن مكان وزمان، لا سِيَّما في الظروف الحرجة التي مَرَّ بها المسلمون قبل الهِجرة.

وكان أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله) إذا أرادوا الإتيان بالصلاة، ينزلون إلى شعاب مَكَّة ليتَّقوا شَرَّ المُشركين، فبينا سعد بن مالك في نفر مِن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شِعبٍ مِن شعاب مَكَّة، إذ ظهر عليهم نفر مِن المُشركين، فناكروهم وعابوا عليهم دينهم حتَّى قاتلوهم فاقتتلوا، فضرب سعد رجُلاً مِن المُشركين بلِحي جَمَل، فشجَّه فكان أوَّل دَمٍ أُريق في الإسلام.

وكان المُشركون في تلك الأيَّام في ذروة قوَّتهم وجَبروتهم، بينما المسلمون في نهاية الضعف والعجز، وأيُّ صِدامٍ بين الطرفين - آنذاك - كان يَجرُّ إلى أحداث خطيرة، ولكنَّ الشباب الذين أعدُّوا أنفسهم لتحمُّل شتَّى أنواع التعذيب والأذى لم

٢١٦

يخشوا عواقب الأُمور، أو المخاطر التي قد يواجهونها نتيجة دفاعهم عن حُرمة الإسلام.

يقول سعد: كنتُ رجلاً برَّاً بأُمِّي، فلمَّا أسلمت قالت: يا سعد ما، هذا الدين الذي أحدثت؟! لَتَدَعَنَّ دينك أو لا آكل ولا أشرب حتَّى أموت، وعيَّرتني، فقال: لا تفعلي يا أُمَّاه، فإنِّي لا أدع ديني، قال: فمكثتْ يوماً وليلة لا تأكل فأصبحت وقد جهدت وتصوَّرت أنَّ ابنها لو رآها على هذا الحال مِن الضعف سيترك دينه لبرِّه بها، وقد غاب عنها. إنَّ عطف الأُمِّ وبَرَّها لا يُمكنه أنْ يقف أمام الحُبِّ الإلهي لو تغلغل إلى النفس، ولهذا قال لها سعد في اليوم التالي:

والله، لو كانت لك ألف نفس، فخرجت نفساً نفساً ما تركتُ ديني.

ولمَّا رأت الأُمُّ التصميم القاطع لولدها، ويئست مِن تغيير مُعتقده عدلت عن قرارها بالإمساك عن الطعام.

وخُلاصة القول: إنَّ السلوك الثوري للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) والخُطب الحماسيَّة كان لها الأثر الكبير في بناء شخصيَّة ثوريَّة للشباب، الذين ثاروا بالاتِّكال على الله وتوجيهات قائدهم العظيم ضِدَّ سُنَن الجاهليَّة الفاسدة، فحطَّموا الأصنام وهدُّوا بيوتها واقتلعوا جذور الظلم والعدوان، وقضوا على الآداب والتقاليد والعادات الباطلة والنُّظم الفاسدة، وأقاموا مكانها نظاماً جديداً قائماً على أساس العلم والإيمان، والعدل والحُرِّيَّة، والأخلاق والفضيلة، استطاع أنْ يُنقذ البشريَّة مِن الجهل والضلالة (1) .

____________________

(1) الشابُّ، ج2.

٢١٧

مَن يَتَّقِ الله يجعل له مَخرجاً

مِن الأشخاص الذين آمنوا بما جاء به الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في بداية البعثة، وفي ظلِّ أكثر الظروف قساوةً، عياش بن أبي ربيعة وزوجته أسماء بنت سلامة، فقد عانا الكثير مِن المشاكل والصعوبات والضغوطات في طريق إعلاء كلمة الحَقِّ.

كان لعياش شقيقان مِن أُمِّه هُما: أبو جهل، والحارث، وكان عندما اعتنق الإسلام في الثلاثين مِن عُمُره وزوجته في العشرين مِن العُمر، وما أنْ أعلن عياش إسلامه حتَّى ثارث ثائرة قومه، فحاولوا تعذيبه وإلحاق الأذى به؛ لمنعه مِن اتِّباع النبي (صلى الله عليه وآله)، إلاَّ أنَّ ذلك لم يؤثِّر به وبقي ثابتاً على إسلامه.

وهاجر عياش وزوجته بمعيَّة مجموعة مِن المسلمين إلى الحبشة، بأمر مِن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، لكنَّهما عادا إلى مَكَّة ثانية قبل الآخرين، فتعرَّضا مُجدَّداً لأذى المُشركين وتعذيبهم، حتَّى حان موعد هِجرة الرسول (صلى الله عليه وآله) والمسلمين إلى المدينة، فهاجرا وتخلَّصا مِن شَرِّ الأعداء.

وعندما علمت أسماء أُمُّ عياش بهجرة ولدها أقسمت اليمين، بأنَّها لن تدهن شَعرها ولن تجلِس في فَيء حتَّى يعود عياش، فشدَّ أبو جهل والحارث الرحال إلى المدينة، وأخبرا عياش بما أقسمت عليه أُمُّهم، وقالا له: إنَّك أكثرنا مكانة عند أُمِّنا، وإنَّك على دين يوصي ببَرِّ الوالدين، فعُدْ إلى مَكَّة واعبدْ ربَّك فيها كما تعبده هنا في المدينة.

فلمَّا سمع عياش بذلك تألَّم لحال أُمِّه وصَدَّق أخويه، فطلب منهما عهداً بعدم الخيانة إنْ هو عاد إلى مَكَّة، فغادر معهما المدينة، وما أنْ ابتعدوا عن المدينة حتَّى شرعا يُعذِّبانه ويؤذيانه، فربطاه ودخلا به مَكَّة نهاراً وهو على هذه الحال، وقالا:

٢١٨

(يا أهل مَكَّة، هكذا فافعلوا بسُفهائكم كما فعلنا بسفيهنا)، ثمَّ رميا به في حُجرة لا سقف له.

وبقي عياش سجيناً في مَكَّة لسنوات عديدة، لاقى خلالها شتَّى صنوف التعذيب، لكنَّه لم تظهر عليه علامات الضعف المعنوي والانهيار الروحي، فقد كان على اتَّصال بخالقه مُتسلِّحاً بقوَّة الإيمان في وجه المصائب والمصاعب.

وكان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في المدينة يدعو له بالخلاص، وكان الناس مُتأثِّرين لما حَلَّ بعياش، وبعد مُدَّة تمكَّن أحد المسلمين - في خُطَّةٍ بارعةٍ - مِن التسلُّل إلى مَكَّة وإنقاذ عياش مِن السِّجن والعودة به إلى المدينة (1) .

____________________

(1) الشابُّ، ج2.

٢١٩

قوَّة الإيمان أقوى مِن قوَّة الجَسد

مِن المسلمين الأوائل سعيد بن زيد وزوجته فاطمة، حيث اعتنق سعيد الإسلام وهو في العشرين مِن العُمر وزوجته تصغره بسنوات، كان سعيد وزوجته يحضران عند الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في ظروف مشحونة بالمخاطر لاكتساب تعاليم الإسلام وتعلُّم قراءة القرآن.

وكان لفاطمة شقيق حادُّ الأخلاق قويَّ الجِسم، شديد المُعارضة للإسلام. وذات يوم مِن أيَّام الصيف الحار التقى به رجل مِن قريش في أزقَّة مَكَّة، وقال له: أنت تزعم أنَّك هكذا؟ وقد دخل عليك هذا الأمر في بيتك وصبأت أُختك، فرجع غاضباً. وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجمع الرجل والرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوَّة، فيكونان معه ويُصيبان مِن طعامه. وقد كان ضُمَّ إلى زوج أُخته رجلين، فجاء وقرع الباب والقوم يقرأون القرآن في صحيفة معهم، فلمَّا سمعوا الصوت تبادروا واختفوا، وقامت المرأة وفتحت الباب، فقال لها: يا عدوَّة نفسها، قد بلغني أنَّك أسلمت، وصفعها بقوَّة فسال الدمُ مِن وجهها، فلمَّا رأت الدمَ كشفت عن السِّرِّ وقالت بكلِّ صَراحة وثَبات: ما كنتَ فاعلاً فافعل، فقد أسلمت.

لقد كانت النساء والبنات مُضطهدات في العصر الجاهليِّ ومحرومات مِن حُقوقهنَّ الإنسانيَّة والمدنيَّة، وكُنَّ يُعاملن أسوأ مِن مُعاملة العبيد والحيوانات، إلى أنْ جاء الإسلام حاملاً منهجه التربوي، الذي يضمن للمرأة شخصيَّتها ويمحنها قوَّة في الإرادة واستقلالاً في الفكر، استطاعت مِن خِلالهما فتاة شابَّة الوقوف بوجه أخيها دفاعاً عن إيمانها ومُعتقدها بكلِّ شجاعة (1).

____________________

(1) الشاب، ج2.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496