مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 319129 / تحميل: 5289
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

المقصد الثاني

وهو يشتمل على وقائع الطريق حتى ورود الرَّكْب الحسيني أرض الشام

ويكون على فصلين:

الفصل الأول

الركب الحسينيّ في الكوفة

٨١

٨٢

الفصل الأول

« الرَّكْب الحسينيّ في الكوفة »

الرأس المقدّس يسبق الركْب إلى الكوفة:

مرّ بنا أنّ الطبري من المؤرّخين الذين رووا أنّ عمر بن سعد أرسل برأس الإمامعليه‌السلام - بعد قتله مباشرة - مع خولّي بن يزيد، وحميد بن مسلم الأزدي إلى عبيد الله ابن زياد، لكنّه حينما يواصل روايته(١) . يقول: (فأقبل به خولّي، فأراد القصر فوجد باب القصر مُغلقاً، فأتى منزله(٢) ، فوضعه تحت أُجانه في منزله، وله امرأتان، امرأة من بني أسد، والأُخرى من الحضرميين، يُقال لها: النوّار ابنة مالك بن عقرب، وكانت تلك الليلة ليلة الحضرميّة.

قال هشام: فحدّثني أبي، عن النوّار بنت مالك قالت: أقبل خوّلي برأس الحسين فوضعه تحت أُجانة في الدار، ثمّ دخل البيت فأوى إلى فراشه، فقلت له: ما الخبر عندك؟ قال: جئتك بغنى الدهر! هذا رأس الحسين معك في الدار! قالت:

____________________

(١) تُلاحَظ هنا ثغرة تأريخية؛ إذ لا نعلم كيف انفرد خولّي بالرأس، وكيف اختفى حميد بن مسلم الأزدي عن مسرح قصّة حمْل الرأس إلى ابن زياد!

(٢) وكان منزله على فرسخ من الكوفة. (راجع مقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٣٠٤، ورياض الأحزان: ١٦).

٨٣

فقلت: ويلَك! جاء الناس بالذهب والفضّة، وجئت برأس ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ! لا والله، لا يجمع رأسي ورأسك بيتٌ أبداً!

قالت: فقمت من فراشي فخرجت إلى الدار، فدعا الأسدية فأدخلها إليه، وجلست انظر، فوالله، ما زلت أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من السماء إلى الأُجانة! ورأيت طيراً بيضاً تُرفرف حولها!

قال: فلما أصبح غدا بالرأس إلى عبيد الله بن زياد ...)(١).

أمّا السيّد هاشم البحراني فيقول: (إنّ عبيد الله بن زياد لعنه الله، بعدما عُرِض عليه رأس الحسينعليه‌السلام ، دعا بخولّي بن يزيد الأصبحي وقال له: خُذْ هذا الرأس حتّى أسألك عنه.

فقال: سمعاً وطاعة.

فأخذ الرأس وانطلق به إلى منزله، وكان له امرأتان، إحداهما ثعلبية، والأُخرى مُضَرية، فدخل على المضريّة، فقالت: ما هذا؟!

فقال: هذا رأس الحسين بن عليّ وفيه مُلك الدنيا!

فقالت له: أبشِر! فإنّ خصمك غداً جدّه محمّد المصطفى!

ثم قالت: والله، لا كنت لي ببعْل، ولا أنا لك بأهل! ثمّ أخذت عموداً من حديد وأوجعت به دماغه!

فانصرف من عندها وأتى به إلى الثعلبية، فقالت: ما هذا الرأس الذي معك؟

قال: هذا رأس خارجيّ، خرج على عبيد الله بن زياد.

فقالت: وما اسمه؟

فأبى أن يُخبرها ما اسمه، ثمّ تركه على التراب وجعل عليه أُجانة.

قال: فخرجت امرأته في الليل، فرأت نوراً ساطعاً من الرأس إلى عنان السماء! فجاءت إلى الأجانة، فسمعت أنيناً وهو يقرأ! إلى طلوع الفجر! وكان آخر ما قرأ:

____________________

(١) تأريخ الطبري: ٣: ٣٣٥.

٨٤

( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) ، وسمعت حول الرأس دويّاً كدويّ الرعد! فعلمت أنّه تسبيح الملائكة!

فجاءت إلى بعْلها وقالت: رأيت كذا وكذا، فأيّ شيء تحت الأجانة؟!

فقال: رأس خارجي، فقتله الأمير عبيد الله بن زياد، وأُريد أن أذهب به إلى يزيد بن معاوية؛ ليُعطيني عليه مالاً كثيراً!

قالت: ومَن هو؟!

قال: الحسين بن عليّ!

فصاحت وخرّت مغشيّة عليها! فلما أفاقت قالت: يا ويلك! يا شرّ المجوس! لقد آذيت محمّداً في عترته! أما خفت من إله الأرض والسماء؛ حيث تطلب الجائزة على رأس ابن سيّدة نساء العالمين؟!

ثمّ خرجت من عنده باكية، فلما قامت رفعت الرأس وقبّلته ووضعته في حِجْرها وجعلت تُقبّله وتقول: لعن الله قاتلك! وخصمه جدّك المصطفى!

فلما جَنّ الليل غلب عليها النوم، فرأت كأنّ البيت قد انشقّ بنصفين وغشيَه نور! فجاءت سحابة بيضاء، فخرج منها امرأتان، فأخذتا الرأس من حِجْرها وبكَتا!

قالت: فقلت لهما: بالله، مَن أنتما؟

قالت إحداهما: أنا خديجة بنت خويلد! وهذه ابنتي فاطمة الزهراء! ولقد شكرناك، وشكر الله لك عملك، وأنت رفيقتنا في درجة القدس في الجنّة!

قال: فانتبهت من النوم والرأس في حِجرها، فلما أصبح الصبح جاء بعْلُها لأخذ الرأس، فلم تدفعه إليه وقالت: ويلك! طلّقني! فوالله، لا جمعني وإيّاك بيت!

فقال: ادفعي لي الرأس وافعلي ما شئت!

فقالت: لا والله، لا أدفعه إليك!

٨٥

فقتلها وأخذ الرأس، فعجّل الله بروحها إلى الجنّة في جوار سيّدة النساء)(١).

منازل الطريق من كربلاء إلى الكوفة (٢) :

لم نجد في المصادر التأريخيّة - في ضوء مُتابعتنا - ذكراً وتفصيلاً لما جرى على الركب الحسيني في الطريق بين كربلاء والكوفة، غير أنّ هناك خبراً كاشفاً، عن أنّ (الحنّانة) كانت أحد هذه المنازل، يقول الشهيد الأوّل (ره): (فإذا نزلتَ الثويّة، وهي الآن تلّ بقُرب الحنّانة، عن يسار الطريق لمن يقصد من الكوفة إلى المشهد، فصلّ عندها ركعتين، كما روي أنّ جماعة من خواصّ أمير المؤمنينعليه‌السلام دُفنوا هناك، وقُلْ ما تقوله عند رؤية القبّة الشريفة، فإذا بلغت العَلَمَ وهي الحنّانة، فصلّ ركعتين، فقد روى محمّد بن أبي عمير، عن المفضّل قال: جاز الصادقعليه‌السلام بالقائم المائل في طريق الغريّ فصلّى ركعتين، فقيل له: ما هذه الصلاة؟

____________________

(١) مدينة المعاجز: ٤: ١٢٤ رقم ١٨٥، وانظر: ص١١٤، وهذه الرواية بهذا النحو رواها المرحوم السيّد البحراني مُرسلة، ولعلّه قد انفرد بها.

(٢) قال البراقي: كانت الكوفة واسعة كبيرة تتّصل قُراها وجباباتها إلى الفرات الأصلي وقُرى العذار، فهي تبلغ ستّة عشر ميلاً وثُلُثي ميل.

وقال البراقي أيضاً: أحد حدودها خندق الكوفة المعروف (بكري سعد)، والحدّ الآخر القاضي الذي هو بقرب القائم إلى أن يصل قريباً من القرية المعروفة اليوم بـ (الشنافيّة)، والحدّ الآخر الفرات، الذي هو مُمتدّ من الديوانية إلى الحسكة إلى القرية المعروفة اليوم بـ (أبو قوارير) وهي منزل الرماحيّة، والحدّ الرابع قرى العذار التي هي من نواحي الحلّة السيفيّة. (راجع: تاريخ الكوفة: ١٣٤).

وقال ياقوت الحموي: ذكر أنّ فيها من الدور خمسين ألف دار للعرب من ربيعة ومضر، وأربعة وعشرين ألف دار لسائر العرب، وستّة آلاف دار لليمن. (مُعجم البلدان: ٤: ٤٩٢).

٨٦

فقال:(هذا موضع رأس جدّي الحسين بن عليّ عليهما‌السلام ، وضعوه هاهنا لما توجّهوا من كربلاء، ثمّ حملوه إلى عبيد الله بن زياد لعنة الله عليه ...) (١) .

وقال الشيخ محمّد مهدي الحائري: (وقال المرحوم - وحيد عصره - شيخنا النوري نوّر الله مضجعه: إنّه كان قريباً من النجف الأشرف ميل من الجص والآجر، ويقال له: القائم. ويسمّونه: بالعَلَمْ. فلما قُبض أمير المؤمنينعليه‌السلام وجاءوا إلى النجف الأشرف، فلما وصلوا إلى العَلَم والقائم انحنى تعظيماً لأمير المؤمنين كالراكع فسمّوه بالحنّانة، وزيد في شرفه أنّه لما جيء برأس الحسينعليه‌السلام إلى الكوفة ووصل هناك وقد مضى من الليل شطره، فوضع اللعين الحامل الرأس المبارك في ذلك المقام، وهذا أوّل منزل نزل به رأس الحسينعليه‌السلام في طريق الكوفة، بقي غريباً وحيداً في ذلك المقام، ثمّ بنوا مسجداً في ذلك المكان وسُمِّي بمسجد الحنّانة، ويُستحب فيه الدعاء والزيارة وقيل: سُمّي بالحنانة؛ لأنّه لما وضِع رأس الحسينعليه‌السلام في ذلك الموضع سُمِع من الرأس الشريف حنين وأنين إلى الصباح، والله العالم)(٢) .

بقيّة الركب الحسينيّ:

تفاوتت المصادر التأريخية في عدد الباقين من الركب الحسينيّ، وفي أسماء الأسرى منهم، حينما أُخذوا من كربلاء إلى الكوفة، فقد قال ابن سعد في طبقاته: (ولم يفلت من أهل بيت الحسين بن عليّ الذين معه إلاّ خمسة نفر: عليّ بن

____________________

(١) المزار: ٦٩، وانظر: جواهر الكلام: ٢٠: ٩٣.

(٢) معالى السبطين: ٢: ٩٦.

٨٧

الحسين الأصغر، وهو أبو بقيّة وِلْد الحسين بن عليّ اليوم، وكان مريضاً فكان مع النساء، وحسن بن حسن بن عليّ،(١) وله بقيّة، وعمرو بن حسن بن عليّ ولا بقيّة له، والقاسم بن عبد الله بن جعفر، ومحمّد بن عقيل الأصغر، فإنّ هؤلاء استُضعفوا، فقدم بهم وبنساء الحسين بن عليّ وهنّ: زينب، وفاطمة ابنتا عليّ بن أبي طالب، وفاطمة، وسكينة ابنتا الحسين بن علي، والرباب بنت أنيف(٢) الكلبية امرأة الحسين بن علي، وهي أمّ سكينة وعبد الله المقتول ابنَي الحسين بن علي، وأمّ محمّد بنت حسن بن عليّ امرأة عليّ بن حسين، وموالي لهم ومماليك عبيد وإماء، قدم بهم على عبيد الله بن زياد مع رأس الحسين بن علي ورؤوس مَن قُتِل معه رضي الله عنه وعنهم)(٣) .

وقال الطبري: (وأقام عمر بن سعد يومه ذلك والغد، ثمّ أمر حميد بن بكير الأحمري، فأذّن في الناس بالرحيل إلى الكوفة، وحمل معه بنات الحسين وأخواته

____________________

(١) قال السيّد ابن طاووس (ره): (وروى مُصنِّف كتاب المصابيح: أنّ الحسن بن الحسن المثنّى قَتل بين يدي عمّه الحسينعليه‌السلام في ذلك اليوم سبعة عشر نفساً، وأصابته ثماني عشرة جراحة، فوقع فأخذه خاله أسماء بن خارجة، فحمله إلى الكوفة وداواه حتّى برئ وحملَه إلى المدينة) (راجع: اللهوف: ١٩١).

ومفاد ظاهر هذا الخبر، أنّ الحسن المثنّى لم يكن مع الأسرى في الركب الحسينيّ، الذين أُخذوا من كربلاء إلى الكوفة.

(٢) المشهور أنّ الربابّ بنت امرئ القيس.

(٣) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام ومقتله / من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد / تحقيق السيّد عبد العزيز الطباطبائي (ره): ص٧٨، وانظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: ٣: ٣٠٣ في نقله عن طبقات ابن سعد. وانظر: تسمية مَن قُتِل مع الحسينعليه‌السلام : ١٥٧.

٨٨

ومَن كان معه من الصبيان وعليّ بن الحسين مريض)(١) .

وفي مقاتل الطالبيين: (وحمل أهله أسرى، وفيهم عمرو، وزيد، والحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، وكان الحسن بن الحسن بن عليّ قد ارتثّ جريحاً، فحُمل معهم، وعليّ بن الحسين الذي أمّه أمّ ولد، وزينب العقيلة، وأمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب، وسكينة بنت الحسين ...)(٢) .

وقال الشيخ عماد الدين الطبري في كامل البهائي: (وكنّ جميعهنّ عشرين نسوة، وكان لزين العابدين في ذلك اليوم اثنان وعشرون سنة، ولمحمّد الباقر أربع، وكانا كلاهما في كربلاء وحفظهما الله تعالى)(٣) .

ويُستفاد من (الفائدة الثالثة) التي ذكرها المحقِّق السماوي في كتابه إبصار العين: أنّ زوجة الشهيد جنادة بن الحرث السلمانيرضي‌الله‌عنه كانت في الركب الحسيني أيضاً، وهي أمّ الشهيد عمرو بن جنادةرضي‌الله‌عنه الغلام ذي الإحدى عشرة سنة من العمر، وكذلك كانت عائلة الشهيد مسلم بن عوسجةرضي‌الله‌عنه (٤) في هذا الركب، وأمّ الشهيد وهب الذي كان نصرانيّاًرضي‌الله‌عنه (٥) ، وآخرون قد يكشف عنهم التحقيق الدقيق.

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٣: ٣٣٥، وانظر: الكامل في التاريخ: ٣: ٢٩٦، ومقتل الحسينعليه‌السلام / للخوارزمي: ٢: ٤٤، ومُثير الأحزان: ٨٣ وفيه أيضاً في ص ٩٨: (قال علي بن الحسينعليه‌السلام :(أُدخلنا على يزيد ونحن اثنا عشر رجلاً مغلَّلون ...) .

(٢) مقاتل الطالبيين: ١١٩، وانظر: اللهوف: ١٩١، وانظر: تاريخ أبي الفداء: ١: ٢٦٦ وفيه: (ثمّ بعث ابن زياد بالرؤوس وبالنساء والأطفال إلى يزيد بن معاوية وفيهنّ ابنة عقيل بن أبي طالب ...).

(٣) الكامل البهائي لعماد الدين الطبري: ٢٩٠.

(٤) راجع: إبصار العين: ٢٢٠.

(٥) راجع: أمالي الصدوق: ١٣٧ المجلس ٣٠، حديث رقم ١.

٨٩

متى دخل الركب الحسينيّ الكوفة؟

أكثر المصادر التأريخيّة، تذكر أنّ عمر بن سعد كان قد ارتحل من كربلاء إلى الكوفة في اليوم الحادي عشر بعد الزوال، حاملاً معه بقايا الركب الحسينيّ، وفي ضوء حساب المسافة وسرعة الدوابّ في ذلك العصر، فإنّ الأرجح أنّ عمر بن سعد ومَن معه يُمسون عند مشارف الكوفة أوّل الليل - أيّ ليلة الثاني عشر - هذا إذا كان قد جدّوا السير إلى الكوفة.

من هنا؛ فإنَّ الأرجح أنَّ الركب الحسينيّ قد بات ليلة الثاني عشر في صحبة عسكر ابن سعد، في منزل من منازل الطريق القريبة جدّاً من الكوفة أو على مشارفها، والظاهر أنّ عمر بن سعد كان قد دخل الكوفة نهار اليوم الثاني عشر مع عسكره وبقيّة الركب الحسيني أسرى وسبايا، ودخوله الكوفة نهاراً لا ليلاً أمرٌ يقتضيه العامل الإعلامي، وزهو الانتصار، والمباهاة بالظفر، في صدر كلٍّ من ابن زياد وابن سعد وأعوانهما.

وهناك أيضاً إشارات تأريخية، تؤكِّد أنّ دخول عمر بن سعد الكوفة كان في النهار، منها: ما رواه سهل بن حبيب الشهرزوري قال: فدخلتُ الكوفة فوجدت الأسواق مُعطّلة، والدكاكين مُغلّقة، والناس مجتمعون خلقاً كثيراً، حلقاً حلقاً، منهم مَن يبكي سرّاً، ومنهم مَن يضحك جهراً، فتقدّمت إلى شيخ منهم وقلت له: يا شيخ، ما نزل بكم؟! أراكم مُجتمعين كتائب! ألكم عيد لستُ أعرفه للمسلمين؟!

فأخذ بيدي وعدل بي ناحية عن الناس، وقال: يا سيّدي، ما لنا عيد! ثمّ بكى بحرقة ونحيب!

فقلت: أخبرني يرحمك الله؟!

قال: بسبب عسكرين أحدهما منصور، والآخر مهزوم مقهور!

فقلت: لمن هذان العسكران؟!

٩٠

فقال: عسكر ابن زياد، وهو ظافر منصور! وعسكر الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، وهو مهزوم مكسور!

ثمّ قال: وا حرقتاه! أن يدخل علينا رأس الحسين!

فما استتمّ إذ سمعت البوقات تُضرب، والرايات تخفق قد أقبلت، فمددت طرْفي وإذا بالعسكر قد أقبل ودخل الكوفة)(١) .

إعلان حالة الطوارئ القصوى في الكوفة!

لما وصل إلى ابن زياد خبر عودة جيشه، بقيادة عمر بن سعد إلى الكوفة، أمر أن لا يحمل أحدٌ من الناس السلاح في الكوفة، كما أمر عشرة آلاف فارس أن يأخذوا السكك والأسواق، والطرُق والشوارع؛ خوفاً من النّاس أن يتحرّكوا حميّة وغيرة على أهل البيتعليهم‌السلام ، إذا رأوا بقيّتهم بتلك الحالة من الأسر والسبي، وأمر أن تُجعل الرؤوس في أوساط المحامل أمام النساء، وأن يُطاف بهم في الشوارع والأسواق؛ حتّى يغلب على الناس الخوف والخشية.(٢)

كما أمر عبيد الله بن زياد أن يضعوا الرأس المقدّس على الرمح، ويُطاف به في سكك الكوفة وقبائلها، واجتمع مئة ألف إنسان للنظر إليه، منهم مَن كان يُهنِّئ، ومنهم مَن كان يُعزّي!(٣).

____________________

(١) مدينة المعاجز: ٤: ١٢١.

(٢) راجع: معالي السبطين: ٢: ٥٧، وروضة الشهداء: ٢٨٨.

(٣) راجع: كامل البهائي: ٢٩٠ / ولا يخفى على المتتبّع العارف أنّ عدد نفوس أهل الكوفة آنذاك (سنة ٦١ هـ ق) قد يربو على ثلاثمئة ألف نسمة؛ ذلك لأنّ الكوفيين الذين كاتبوا الإمام الحسينعليه‌السلام في سنة ٦٠ هـ بعد موت معاوية، ذكروا له عن وجود مئة ألف مقاتل! فلو أنّ كلّ =

٩١

كيف استقبلت الكوفة بقيّة الركب الحسينيّ؟!

كانت الكوفة قد خرجت عن بكرة أبيها؛ لتشهد احتفال ابن زياد بمقدم جيشه الظافر في الظاهر! ولتشهد بقايا العسكر الذي قاتله جيش عمر بن سعد، ولتتصفّح وجوه السبايا!

ومن أهل الكوفة مَن كان يعلم بحقيقة مجرى الأحداث، ويُدرك عُظم المصاب وفظاعة الجناية التي ارتكبتها الكوفة بالأساس، ويدري أنّ السبايا المحمولين مع عمر بن سعد هم بقيّة آل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّ الرؤوس المشالات على أطراف الأسنّة هي رؤوس ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته وأصحابه، وهم خير أهل الأرض يومذاك، فكان يبكي لعُظم الرزيّة!

ومنهم مَن كان أُمويّ الميل والهوى، أو جاهلاً لم يعلم بحقائق الأحداث، مُتوهّماً أنّ والي الكوفة وأميرها قد فتح فتحاً جديداً على ثغْر من ثغور المسلمين! وجيء إليه بسبايا من غير المسلمين، فكان يضحك جهراً ويُهنِّئ مَن يلقاه بهذه المناسبة!!

قال صاحب رياض الأحزان: (وقد مُلئت شوارعها - أي الكوفة - وسككها وأزقَّتها من الرجال والنسوان، والشيوخ والشبّان، والصبايا والصبيان، من الموالف

____________________

= واحد من هؤلاء ينتمي إلى عائلة من ثلاثة أفراد (في ضوء حساب المعدّل)، لكان مجموع نفوس الكوفة آنذاك حوالي ثلاثمئة ألف نسمة، ويُساعد على ما ذهبنا إليه، أنّ عمر بن الخطّاب في سنة ٢٢ هـ. ق كان قد صرّح بصدد أهل الكوفة قائلاً: وأيّ شيء أعظم من مئة ألف لا يرضون عن أمير ولا يرضى عنهم أمير؟! وأُحيطت الكوفة على مئة ألف مقاتل. (راجع: الكامل في التاريخ: ٣: ٣٢)، وهذا في سنة ٢٢ هـ؛ فلا شكّ أن نفوسهم بعد ٣٨ سنة قد بلغ حوالي ثلاثة أمثال عددهم سنة ٢٢ هـ.

٩٢

والمخالف، وحزب الرحمان، وأولياء الشيطان، منهم باكٍ ومُنتحب، ومنهم ضاحك وطرِب، منهم عارف بالواقعة العظمى، وأنّها جرت على آل النبيّ محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومنهم جاهل غافل عن البلوى)(١) .

وروى الشيخ الطوسي بسنده، عن حذلم بن ستير(٢) ، قال: (قدمت الكوفة في المحرّم سنة إحدى وستّين، مُنصرف عليّ بن الحسينعليهما‌السلام بالنسوة من كربلاء، ومعهم الأجناد يُحيطون بهم، وقد خرج الناس للنظر إليهم، فلما أقبل على الجِمال بغير وطاء جعل نساء الكوفة يبكين ويلتدمْن!(٣) ، فسمعت عليّ بن الحسينعليهما‌السلام وهو يقول بصوت ضئيل - وقد نهكته العلّة! وفي عنُقه الجامعة! ويده مغلولة إلى عنقه! -:(إنّ هؤلاء النسوة يبكين! فمَن قتلنا؟!) (٤) .

ويقول اليعقوبي في تاريخه: (وحملوهنّ إلى الكوفة، فلما دخلن إليها خرجت نساء الكوفة يصرخن ويبكين! فقال عليّ بن الحسين:(هؤلاء يبكين! فمَن

____________________

(١) رياض الأحزان: ٤٨ /، ونقل أيضاً عن تذكرة الأئمّة للعلاّمة المجلسي أنهّ (قال بعض النظّار والمتفرّجين لبعض شماتةً بهم: إنّ الله تعالى نِعْمَ ما كافى هؤلاء به عمّا أحدثوه وأبدعوه وفعلوه!

وكان هو في ذلك، إذ طارت من السماء حجارة وأصابت فمه وسقط ميّتاً لعنه الله).

(٢) في رجال الشيخ الطوسي: ١١٣ ورد اسمه (حذيم بن شريك الأسدي)، وروى الطبرسي في كتابه الاحتجاج عنه حديث ورد الإمام السجّادعليه‌السلام الكوفة مع أهل البيت، وخطبة زينب الكبرى في الكوفة. (راجع: الاحتجاج: ٢: ٣٢٠ رقم ٣٢٢)، وفي البحار: ٤٥: ١٠٨ (بشير بن خزيم الأسدي)، وفي مُستدركات علم رجال الحديث: ٢: ٣٧: (بشير بن جزيم الأسدي: لم يذكروه، وهو راوي خطبة مولاتنا زينبعليها‌السلام بالكوفة.).

(٣) التدمتْ المرأة: ضربت صدرها في النياحة، وقيل: ضربت وجهها في المآتم.

(٤) أمالي الطوسي: ٩١، واللهوف: ١٩٢، وأمالي المفيد: ٣٢٠، والفصول المهمّة: ١٩٢، والمنتخب للطريحي: ٣٥٠.

٩٣

قتلَنا؟!) (١) .

ويقول ابن أعثم الكوفي: (وساق القوم حُرَم رسول الله من كربلاء، كما تُساق الأُسارى! حتّى إذا بلغوا بهم إلى الكوفة خرج الناس إليهم فجعلوا يبكون وينوحون ...)(٢) .

وقال السيد ابن طاووس (ره): (قال الراوي: فأشرفت امرأة من الكوفيّات فقالت: من أيّ الأُسارى أنتنّ؟ فقلن: نحن أُسارى آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله !!

فنزلت المرأة من سطحها، فجمعت لهنّ مُلاء وأُزُراً ومقانع، وأعطتهنّ فتغطّين)(٣) .

ويصف حاجب عبَيد الله بن زياد حال الناس ذلك اليوم فيقول: (.. ثمّ أمر بعليّ بن الحسينعليه‌السلام فغُلّ، وحُمل مع النسوة والسبايا إلى السجن، وكنت معهم، فما مررنا بزقاق إلاّ وجدناه ملاء رجالاً ونساء يضربون وجوههم ويبكون ...!!)(٤) .

مسلم الجصّاص يصف حال الكوفة يومذاك!

قال العلاّمة المجلسي (ره): (رأيت في بعض الكُتب المعتبرة(٥) ، روى مُرسلاً عن مسلم الجصاص، قال: دعاني ابن زياد لإصلاح دار الإمارة بالكوفة، فبينما أنا

____________________

(١) تاريخ اليعقوبي: ٢: ١٧٧.

(٢) الفتوح: ٥: ١٣٩.

(٣) اللهوف: ١٩١.

(٤) أمالي الشيخ الصدوق: ١٤٠ المجلس ٣١ حديث رقم ٣.

(٥) لا يُعرَف السرّ في عدم ذكر العلاّمة المجلسي (ره) اسم هذا الكتاب الذي وصفه من الكُتب المعتبرة.

٩٤

أُجصّص الأبواب، وإذا أنا بالزعقات(١) قد ارتفعت من جنبات الكوفة! فأقبلت على خادم كان معنا، فقلت: ما لي أرى الكوفة تضجّ؟!

قال: الساعة أتَوا برأس خارجيّ خرج على يزيد.

فقلت: مَن هذا الخارجي؟!

فقال: الحسين بن علي!

قال: فتركت الخادم حتّى خرج، ولطمت وجهي حتّى خشيت على عيني أن تذهب!(٢) ، وغسلت يدي من الجصّ، وخرجت من ظَهر القصر وأتيت إلى الكُناس، فبينما أنا واقف والناس يتوقَّعون وصول السبايا والرؤوس، إذ أقبلت نحو أربعين شِقّة(٣) تُحمل على أربعين جَملاً، فيها الحرم والنساء وأولاد فاطمةعليها‌السلام ، وإذا بعليّ بن الحسينعليه‌السلام على بعير بغير وطاء! وأوداجه تشخب دماً! وهو مع ذلك يبكي ويقول:

يا أُمّة السوء لا سَقياً لربعكم

يا أُمّة لم تراعِ جدّنا فينا

لو أنّنا ورسول الله يجمعنا

يوم القيامة ما كنتم تقولونا

تُسيّرونا على الأقتاب عارية

كأنّنا لم نُشيِّد فيكم دينا

بني أُميّة ما هذا الوقوف على

تلك المصائب لا تُلبُّون داعينا(٤)

تُصفِّقون علينا كفَّكم فرحاً

وأنتم في فجاج الأرض تسْبونا

أليس جدّي رسول الله ويلكم

أهدى البريّة من سُبل المضلِّينا

____________________

(١) قال ابن منظور: والزعق: الصياح. (لسان العرب: ٦: ٤٦).

(٢) وفي هذا إشارة إلى أنّ مسلماً الجصّاص كان من مُحبيّ أهل البيتعليهم‌السلام .

(٣) والشِّقّة: الشظيّة أو القطعة المشقوقة من لوح أو خشب أو غيره. (لسان العرب: ١٠: ١٨٢).

(٤) يُلاحَظ في هذا البيت وما بعده ضعف وركاكة ظاهرة، ولعلّ هذه الأبيات من نظم آخرين ثمّ ألحقت بالأبيات الثلاثة الأُولى، والله العالم.

٩٥

يا وقعة الطفّ قد أورثتني حزناً

والله يهتك أستار المسيئينا

قال: وصار أهل الكوفة يُناولون الأطفال الذين على المحامل بعض التمر والخبز والجوز، فصاحت بهم أمّ كلثوم، وقالت: يا أهل الكوفة، إنّ الصدقة علينا حرام!

وصارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال وأفواهم وترمي به إلى الأرض.

قال: كلّ ذلك والنّاس يبكون على ما أصابهم!

ثمّ إنّ أمّ كلثوم أطلعت رأسها من المحمل، وقالت لهم:

صهٍ يا أهل الكوفة! تقتلنا رجالكم وتبكينا نساؤكم؟! فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء!

فبينما هي تُخاطبهنّ إذا بضجّة قد ارتفعت، فإذا هم أتوا بالرؤوس يقدمهم رأس الحسينعليه‌السلام (١) ، وهو رأسٌ زهريٌّ قمرىٌّ، أشبه الخلْق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولحيته كسواد السّبج(٢) قد انتصل منها الخضاب، ووجهه دارة قمر طالع! والرمح تلعب بها (كذا) يميناً وشمالاً، فالتفتت زينب، فرأت رأس أخيها، فنطحت جبينها بمُقدّم المحمِل، حتّى رأينا الدّم يخرج من تحت قناعها، وأومأت إليه بحرقة وجعلت تقول:

يا هلالاً لما استتمّ كمالا

غاله خسفه فأبدى غروبا

ما توهّمت يا شقيق فؤادي

كان هذا مُقدَّراً مكتوبا

يا أخي فاطم الصغيرة كلِّمها

فقد كاد قلبها أن يذوبا

____________________

(١) ظاهر هذا الخبر يُخالف الأخبار التي مضت قبل هذا، والمصرِّحة بأنّ رأس الإمامعليه‌السلام أُخذ من ساعته إلى ابن زياد بيد خولّي وحميد بن مسلم، إلاّ أنّ الرؤوس المقدّسة جيء من القصر بها إلى حيث يمرّ الركب تلك الساعة داخل الكوفة. والله العالم.

(٢) السَّبَج: حجر أسود شديد السواد برّاق.

٩٦

يـا أخـي قـلبك الشفيق علينا

مـا لـه قد قسا وصار صليبا

يا أخي لو ترى عليّاً لدى الأسر

مـع الـيُتْم لا يُـطيق وجوبا

كـلّما أوجـعوه بالضرب نادا

ك بـذلٍّ يـغيض دمعاً سكوبا

يـا أخـي ضُـمَّه إليك وقرِّبه

وسـكِّـن فؤاده الـمرعوبا

مـا أذلّ الـيتيم حـين يُنادي

بـأبيه ولا يراه مُجيبا) (١) .

إشارة:

لا شكّ بأنّ الصدقة الواجبة حرام على أهل البيتعليهم‌السلام وعلى ذراريهم، وهي - كما ورد في الأثر(٢) - أوساخ الناس، وأنّها لا تحلّ على محمّد ولا آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ إنّه لا خلاف في عدم تحريم الصدقة المندوبة، فلماذا منعَتْ السيّدة أمّ كلثوم أو زينبعليها‌السلام الأطفال من أخذ ما كان يُقدِّمه لهم أهل الكوفة من تمر وخبز وجوز؟ ألأنّ ذلك كان صدقة واجبة وهي محرّمة عليهم؟ أمْ كان ذلك احتياطاً، فلرّبما كان بعض ذلك من الصدقة الواجبة؟ أمْ كان ذلك محمولاً على الكراهة أو الحُرمة بتعليل خاص؟

يقول الشيخ الأنصاري (ره) في كتاب الزكاة(٣) ما نصّه: (ثمّ إنّه لا خلاف في عدم تحريم الصدقة المندوبة، وبه وردت أخبار كثيرة، إلاّ أنّ في بعض الأخبار ما يدلّ

____________________

(١) بحار الأنوار: ٤٥: ١١٤ - ١١٥.

(٢) قال ابن عبّاس: (وكان (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كثيراً ما يقول عن الصدقة: هي أوساخ النّاس، وأنّها لا تحلّ لمحمّد ولا آل محمّد. (كشف الغمّة عن هذه الأمّة للشعراني: ١٥٤). وانظر: وسائل الشيعة: ٦: ١٨٥ باب ٢٩ من أبواب المستحقّين للزكاة.

(٣) كتاب الزكاة: ٣٥٢.

٩٧

على نهي الإمامعليه‌السلام عن ماء المسجد؛ مُعلّلاً بأنّها صدقة، وقد اشتُهر حكاية منع سيدتنا زينب أو أمّ كلثومعليها‌السلام للسبايا عن أخذ صدقات أهل الكوفة؛ مُعلِّلتين بكونها صدقة، ويمكن حملها على الكراهة أو الحرمة، إذا كان الدفع على وجه المهانة كما احتمله في شرح المفاتيح).

وفي طول ذلك، يمكن أن نقول: بأنّ من المحتمل أيضاً، أنّ سيدتناعليها‌السلام أرادت من وراء ردّ عطايا أهل الكوفة ومنع السبايا منها - مع فرض الكراهة - أن تُعرِّف النّاس بأنّ سبايا هذا الركب ليسوا من أيّ الناس، بل هم آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين فرض الله مودّتهم واتِّباعهم، وأنّ يزيد بن معاوية وعامله ابن زياد قد عصيا الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بارتكاب ما ارتكبا من آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتّى ينكشف للنّاس من أهل الكوفة عُظم الجريمة والرزيّة، وفظاعة ما اجترحوه من ذنب الانقياد ليزيد وابن زياد وأتباعهما.

خُطبة بطلة كربلاءعليها‌السلام :

ولما رأت العقيلة زينبعليها‌السلام الحشود الكثيرة من أهالي الكوفة، قد ملأت الشوارع والطرق والسكك، اندفعت إلى الخطابة وإلى التبليغ وإلى تبيان ما جرى على أهل بيت النبوّة، وأخذت تُحمِّل أهل الكوفة مسؤولية نقض العهد والبيعة وقتل ريحانة رسول الله، وتُوخِز ضمائرهم وتُحرق قلوبهم، بتعريفهم عُظم ما اجترحوا من جُرم، وقبح ما ألبسوا أنفسهم من عارٍ لا يُغسَل أبد الدهر!

قال السيّد ابن طاووس (ره): (قال بشير بن خزيم الأسدي: ونظرت إلى زينب بنت عليّ يومئذٍ، ولم أرَ خَفرةً - والله - أنطق منها! كأنّها تُفرغ من لسان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ! وقد أومأت إلى النّاس أن اسكتوا فارتدّت الأنفاس

٩٨

وسكنت الأجراس!! ثمّ قالت:

الحمد لله، والصلاة على أبي محمّد وآله الطيّبين الأخيار! أمّا بعد، يا أهل الكوفة! يا أهل الختل والغدر! أتبكون؟! فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنّة! إنّما مَثَلكم كمَثل الذي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً، تتّخذون أيمانكم دخَلاً بينكم! ألا وهل فيكم إلاّ الصَّلف النَّطف، والصدر الشّنف، وملق الإماء، وغمز الأعداء، أو كمرعى على دِمنة، أو كفضّة (كقصّة خ ل) على ملحودة!؟! ألا ساء ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون!

أتبكون وتنتحبون؟! إي والله، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً! وأنّى ترحضون قتل سليل خاتم النبوّة، ومعدن الرسالة، وسيّد شباب أهل الجنّة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، ومنار حجّتكم، ومدره ألسنتكم؟! ألا ساء ما تزرون، وبُعداً لكم وسحقاً، فلقد خاب السعي، وتبّت الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضُربت عليكم الذّلة والمسكنة!

ويلكم يا أهل الكوفة! أتدرون أيّ كبد لرسول الله فريتم؟! وأيّ كريمة له أبرزتم؟! وأيّ دم له سفكتم؟! وأيّ حُرمة له انتهكتم؟! ولقد جئتم بها صلعاء عنقاء سوداء فقماء - وفي بعضها - خرقاء شوهاء، كطلاع الأرض أو ملاء السماء!

أفعجبتم أن مطرت السماء دماً؟! ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تُنصرون! فلا يستخفّنكم المهل، فإنّه لا يَحفزه البدار، ولا يخاف فوت الثار، وإنّ ربّكم لبالمرصاد!

٩٩

قال الراوي: فوالله، لقد رأيت النّاس يومئذٍ حيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم! ورأيت شيخاً واقفاً إلى جنبي حتّى اخضلّت لحيته! وهو يقول: بأبي أنتم وأمّي! كهولكم خير الكهول! وشبابكم خير الشباب! ونساؤكم خير النساء! ونسلكم خير نسل، لا يخزى ولا يُبزى!)(١) .

____________________

(١) اللهوف: ١٩٢، وانظر: أمالي المفيد: ٣٢١، والفتوح: ٥: ١٣٩، وأمالي الطوسي: ١: ٩٠، ومُثير الأحزان: ٨٦، ومناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٤: ١١٥، والبحار: ٤٥: ١٦٢.

وروى المرحوم الطبرسي هذه الخطبة الغرّاء، بتفاوت وفيه زيادة: ثمّ أنشأت تقول:

مـاذا تـقولون إنّ قال النبيّ لكم

مـاذا صـنعتم وأنـتم آخر الأُمم

بـأهل بـيتي وأولادي تـكرمتي

مـنهم أُسارى ومنهم ضُرِّجوا بدم

ما كان ذاك جزائي إذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوءٍ في ذوي رحمي

إنّـي لأخشى عليكم أن يحلّ بكم

مثل العذاب الذي أودى على إرَم

ثمّ ولّت عنهم.

وفيه أيضاً: فقال علي بن الحسينعليه‌السلام :

(يا عمّة اسكتي! ففي الباقي عن الماضي اعتبار، وأنت بحمد الله عالمة غير مُعلّمة، فهمةٌ غير مُفهَّمة، إنّ البكاء والحنين لا يردّان مَن قد أباده الدهر!) .

فسكتت، ثمّ نزلعليه‌السلام وضرب فسطاطه، وأنزل نساءه، ودخل الفسطاط.

الاحتجاج: ٢: ١٠٩ / ويُلاحظ في إضافة الطبرسي (ره) أنّ قوله: (ثمّ نزل وضرب فسطاطه وأنزل نساءه ودخل الفسطاط) كاشف عن أنّ ما نقله من قول الإمام السجادعليه‌السلام ، كان قد صدر منه إلى عمّتهعليها‌السلام عند مشارف المدينة المنوّرة حين العودة إليها - على احتمال أقوى - أو في كربلاء، عند عودتهم إليها من الشام.

ذلك؛ لأنّهعليه‌السلام لم يكن له فسطاط في مسير السبي والأسر، ولم يكن له أن يُنزل النساء باختياره حيث يشاء! فتأمّل!

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

[١٥٤٢١] ٤ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه(١) قال: « من يشرط ما يكره فالبيع جائز والشرط باطل، وكل شرط لا يحرم حلالا ولا يحلل حراما فهو جائز ».

[١٥٤٢٢] ٥ - وعنهعليه‌السلام أنه قال: « من باع جارية فشرط الا تباع ولا توهب ولا تورث، فإنه يجوز كله غير(١) الميراث، وكل شرط خالف كتاب الله فهو رد إلى كتاب الله، ومن اشترى جارية على أن تعتق أو تتخذ أم ولد، فذاك جائز والشرط فيه لازم ».

[١٥٤٢٣] ٦ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن رجل باع عبدا فوجد المشتري مع العبد مالا، قال: « المال رد على البائع، إلا أن يكون قد اشترطه المشتري » الخبر.

[١٥٤٢٤] ٧ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « المؤمنون عند شروطهم ».

٦ -( باب أنه يجوز أن يشترط البائع مدة معينة يرد فيها الثمن ويرتجع المبيع، فله الخيار فيها، ويلزم البيع بعدها)

[١٥٤٢٥] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن رجل باع داره على شرط أنه إن جاء بثمنها إلى سنة أن ترد عليه، قال: « لا بأس بهذا، وهو على شرطه » الخبر.

__________________

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٤ ح ١٤٤.

(١) في المصدر: عن أبيه، عن آبائه أن علياعليه‌السلام .

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٤ ح ١٤٥.

(١) في المصدر: إلا.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٤ ح ١٤٦.

٧ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢١٧ ح ٧٧.

الباب ٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤ ح ١٠٧.

٣٠١

٧ -( باب أن المبيع إذا حصل له نماء في مدة الخيار فللمشتري، وإن تلف فيها فمن ماله إن كان الخيار للبائع، ومن مال البائع إن كان الخيار للمشتري)

[١٥٤٢٦] ١ - دعائم الاسلام: في الخبر المتقدم، بعد قوله: وهو على شرطه، قيل: فغلتها لمن تكون؟ قال: « للمشتري، لأنها لو احترقت لكانت من ماله ».

[١٥٤٢٧] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في رجلين يتبايعان السلعة فيشترط البائع الخيار أو المبتاع، فتهلك السلعة، قبل أن يختار من كان له الخيار، ما حالها؟ قال: « هي من مال البائع » يعني ما لم يجب البيع، أو كان المشتري قد قبضها لينظر إليها ويختبرها، ولم يوجب البيع، قيل لهعليه‌السلام : فإذا وجب(١) للمبتاع، وكان لأحدهما الخيار بعد وجوب البيع، ثم هلكت، ما حالها؟ قال: « هي من [ مال ](٢) المبتاع، إذا لم يختر الذي له فيها الخيار » ومعلوم أن السلعة إذ كانت هكذا فهي ملك للمشتري، فإذا هلكت فهي من ماله.

[١٥٤٢٨] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قضى بأن الخراج بالضمان.

__________________

الباب ٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤ ح ١٠٧.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤ ح ١٠٨.

(١) في المصدر: وجبت.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢١٩ ح ٨٩.

٣٠٢

٨ -( باب ان من باع ولم يقبض الثمن ولا أقبض المبيع ولا اشترط التأخير فالبيع لازم ثلاثة أيام، وللبائع الخيار بعدها، وأنه لا خيار للمشتري، وإن لم يدفع الثمن فحكم خيار التأخير في الجارية)

[١٥٤٢٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: في من اشترى صفقة وذهب ليجئ بالثمن، فمضت ثلاثة أيام ولم يأت به، فلا بيع له إذا جاء يطلب، إلا أن يشاء البائع، وإن جاء قبل(١) ثلاثة أيام بالثمن، فله قبض ما اشتراه إذا دفع الثمن.

٩ -( باب أن المبيع إذا تلف قبل القبض، تلف من مال البائع)

[١٥٤٣٠] ١ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « كل مبيع تلف قبل قبضه، فهو من مال بائعه ».

١٠ -( باب أن صاحب الخيار إذا أوجب البيع على نفسه ورضي به سقط خياره، وأنه ينبغي أن يوجب المشتري البيع قبل أن يبيع)

[١٥٤٣١] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يشتري السلعة فيشترط الخيار، ثم يعرضها للبيع، ثم يريد ردها في مدة الخيار، قال: « إذا حلف بالله أنه ما عرضها وهو يضمر(١) أخذها،

__________________

الباب ٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦ ح ١١٣.

(١) في المصدر زيادة: مضي.

الباب ٩

١ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢١٢ ح ٥٩.

الباب ١٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٥ ح ١١١.

(١) في الحجرية: « يضمن »وما أثبتناه من المصدر.

٣٠٣

ردها ».

[١٥٤٣٢] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال في الرجل يبتاع الثوب أو السلعة بالخيار، فيعطى به الربح، قال: « إن رغب في ذلك فليوجب البيع على نفسه، فإن باع فربح طاب له الربح، فإن لم يبع لم يجز(١) له الرد، هذا إذا أوجب البيع، فإن طالبه البائع بالربح حلف له لقد أوجب البيع على نفسه قبل أن يبيع، فإن لم يحلف كان الربح للبائع ».

١١ -( باب حكم نماء الحيوان، كالشاة المصراة أو الناقة والبقرة في مدة الخيار، إذا فسخ المشتري)

[١٥٤٣٣] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن التصرية وقال: « من اشترى مصراة(١) فهي خلابة(٢) فليردها إن شاء إذا علم، ويرد معها صاعا من تمر » والتصرية ترك ذات الدر أن لا تحلب أياما ليجتمع اللبن في ضرعها، فيرى غزيرا(٣) .

[١٥٤٣٤] ٢ - أبو علي الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن أبي بكر الجعابي، عن المفضل بن حباب الجمحي(١) ، عن الحسين بن عبيد الله(٢) عن

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٥ ح ١١٢.

(١) في الحجرية: « يخير »وما أثبتناه من المصدر.

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٠ ح ٦١.

(١) في المصدر: شاة مصراة.

(٢) الخلابة: المخادعة ( لسان العرب ج ١ ص ٣٦٣ ).

(٣) في الطبعة الحجرية: « عزيره »، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - أمالي الطوسي ج ١ ص ١٧٩.

(١) في الحجرية: « الجحمي »وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع تنقيح المقال ج ٣ ص ٤٩ باب الألقاب ).

(٢) في المصدر: عبد الله، وفي مخطوطته: عبيد الله.

٣٠٤

أبي خالد(٣) الأسدي، عن أبي بكر بن عياش(٤) ، عن صدقة بن سعيد الحنفي(٥) ، عن جميع بن عمير، عن ابن عمر - في حديث - قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من اشترى مصراة(٦) فهو بالخيار ».

[١٥٤٣٥] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاعا من التمر ».

[١٥٤٣٦] ٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من ابتاع محفلة(١) فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن ردها رد معها لبنها، أو مثل لبنها قمحا ».

[١٥٤٣٧] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من اشترى مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء ردها ورد معها صاعا من طعام ».

__________________

(٣) في الطبعة الحجرية: « أبي حنا »وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ظاهرا « راجع تقريب التهذيب ج ٢ ص ٤١٦ ح ٤ ».

(٤) في الطبعة الحجرية: « أبي بكر بن أبي عياش »والصواب أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال « راجع تهذيب التهذيب ج ١٢ ص ٣٤ ».

(٥) في الطبعة الحجرية: « الخيفي »وما أثبتناه من المصدر، هو الصواب ظاهرا « راجع تقريب التهذيب ج ١ ص ٣٦٦ ح ٨٢ ».

(٦) في المصدر: شاة مصراة.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢١٩ ح ٨٧.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢١٩ ح ٨٨.

(١) المحفلة بضم الميم وفتح الحاء وتشديد الفاء وفتحها وفتح اللام: الناقة أو البقرة أو الشاة لا يحلبها صاحبها أياما حتى يجتمع لبنها في ضرعها، فإذا حلبها المشتري وجدها غزيرة فزاد في ثمنها. والمحفلة والمصراة واحدة ( لسان العرب - حفل - ج ١١ ص ١٥٧ ).

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٥٧ ح ٧٤.

٣٠٥

١٢ -( باب ثبوت الخيار للمشتري بظهور العيب السابق مع جهالته به، وعدم براءة البائع، وسقوط الرد بالتصرف دون الأرش)

[١٥٤٣٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من استوجب صفقة بعد افتراق المتبايعين، فوجد فيها عيبا لم يبرأ منه البائع، فله الرد ».

[١٥٤٣٩] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا اشترى اليوم متاعا فقوموه واقتسموه، ثم أصاب بعضهم فيما صار إليه عيبا فله قيمة العيب، وإن اشترى رجل سلعة فأصاب بها عيبا وقد أحدث ( فيها حدث )(١) أو حدث عنده، قيل له: رد ما نقص عندك، وخذ الثمن إن شئت، أو فخذ قيمة العيب ».

[١٥٤٤٠] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وروي في الرجل يشتري المتاع فيجد به عيبا يوجب الرد، فإن كان المتاع قائما بعينه رد على صاحبه، وإن كان قد قطع أو خيط أو حدث(١) فيه حادثة، رجع فيه بنقصان العيب على سبيل الأرش ».

وقال في موضع آخر(٢) : « فإن خرج في السلعة عيب وعلم المشتري، فالخيار إليه إن شاء رد، وإن شاء أخذه، أورد عليه بالقيمة أرش العيب » إلى آخره.

__________________

الباب ١٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧ ح ١١٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧ ح ١١٨.

(١) في المصدر: « بها حدثا ».

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

(١) في المصدر: « حدثت ».

(٢) في المصدر ص ٣٤.

٣٠٦

١٣ -( باب ثبوت خيار الغبن للمغبون - غبنا فاحشا - مع جهالته)

[١٥٤٤١] ١ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: عن أحمد بن علي، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : غبن المسترسل ربا ».

[١٥٤٤٢] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا باع رجل من رجل سلعة، ثم ادعى أنه غلط في ثمنها وقال: نظرت في بارنامجاتي(١) فرأيت فوتا من الثمن وغبنا بينا، قال: ينظر في حال السلعة، فإن كان مثلها يباع(٢) بمثل ذلك الثمن، أو بقريب منه، مثل ما يتغابن الناس بمثله، فالبيع جائز، وإن كان أمرا فاحشا وغبنا بينا، حلف البائع بالله الذي لا إله إلا هو، على ما ادعاه من الغلط، إن لم يكن(٣) له بينة، ثم قيل للمشتري: إن شئت خذها(٤) بمبلغ القيمة، وإن شئت فدع ».

[١٥٤٤٣] ٣ - ( وعن أبي عبد الله )(١) ، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين

__________________

الباب ١٣

١ - البحار ج ١٠٣ ص ١٠٤ ح ٥٧، بل عن جامع الأحاديث ص ١٩.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٦ ح ١٥٠.

(١) البرنامج: الورقة الجامعة للحساب، معرب برنامه ( القاموس المحيط ج ١ ص ١٨٥ ).

(٢) في المصدر: « تباع ».

(٣) في المصدر: « تكن ».

(٤) في المصدر: « فخذها ».

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩٩ ح ١٧٨١.

(١) في المصدر: « روينا عن أبي جعفر محمد ».

٣٠٧

عليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: لا ضرر ولا ضرار ».

[١٥٤٤٤] ٤ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « وذلك أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: لا ضرر ولا ضرار ».

١٤ -( باب أنه لا يجوز بيع الأعيان المرئية، بغير رؤية ولا وصف)

[١٥٤٤٥] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في الدار تكون بين القوم غائبة [ عنهم ](١) قد عرفوها فاقتسموها على الصفة، فعرف كل واحد منهم حظه، قال: « يجوز ذلك عليهم، وهو مثل بيع الدار الغائبة إذا عرفها المتبايعان، فإن لم يعرفوها أو عرفها بعضهم ولم يعرف بعض(٢) ، لم يجز ذلك حتى يحضروا القسمة، أو من يقوم مقامهم، وكذلك الأرض والشجر ».

١٥ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الخيار)

[١٥٤٤٦] ١ - الشيخ الطوسي في أماليه: عن أبي الحسن محمد بن محمد [ بن محمد ](١) بن مخلد، عن جعفر بن محمد بن نصير(٢) ، عن عبد الله بن

__________________

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠٤ ح ١٨٠٥.

الباب ١٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠٢ ح ١٧٩٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « بعضهم ».

الباب ١٥

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٤، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ١٣٥ ح ١.

(١) أثبتناه من المصدر، وهو الصواب ظاهرا « راجع تاريخ بغداد ج ٣ ص ٢٣١ ».

(٢) في الطبعة الحجرية: « بطة »، وما أثبتناه من المصدر والبحار وهو الصواب ظاهرا « راجع تاريخ بغداد ج ٧ ص ٢٢٦ ».

٣٠٨

يوسف(٣) ، عن محمد بن سليمان، عن عبد الوارث بن سعيد قال: قدمت مكة فوجدت فيها أبا حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة، فسألت أبا حنيفة فقلت: ما تقول في رجل باع بيعا وشرط شرطا؟ قال: البيع باطل والشرط باطل، ثم أتيت ابن أبي ليلى فسألته، فقال: البيع جائز والشرط باطل، ثم أتيت ابن شبرمة فسألته، فقال: البيع جائز والشرط جائز، فقلت: سبحان الله ثلاثة من فقهاء أهل العراق، اختلفتم علي في مسألة واحدة، فأتيت أبا حنيفة فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن بيع وشرط، البيع باطل، والشرط باطل، ثم أتيت ابن أبي ليلى فأخبرته فقال: ما أدري ما قالا، حدثني هشام عن عروة [ عن أبيه ](٤) ، عن عائشة قالت: أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن أشتري بريرة فأعتقها، البيع جائز والشرط باطل. ثم أتيت ابن شبرمة فأخبرته فقال: ما أدري ما قالا، حدثني مسعر بن كدام(٥) ، عن محارب بن دثار(٦) ، عن جابر بن عبد الله، قال: بعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ناقة، فشرط لي حلابها إلى المدينة، البيع جائز والشرط جائز.

ورواه العلامة في التذكرة، باختلاف في الألفاظ الأخيرة في نقله(٧) .

[١٥٤٤٧] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن

__________________

(٣) في المصدر: أيوب.

(٤) أثبتناه من المصدر والظاهر أنه هو الصواب ( راجع تهذيب التهذيب ج ٧ ص ١٨٠ ).

(٥) في الحجرية: « كرام » وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع تقريب التهذيب ج ٢ ص ٢٣٠ ).

(٧) تذكرة الفقهاء ص ٤٩٠.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦ ح ١١٤.

٣٠٩

رجل اشترى سلعة على أن الخيار فيها لغيره، لرجل غائب، قد سماه فأقام الرجل غائبا مدة طويلة ثم قدم فرد البيع، قال: « يستحلف المشتري(١) على الذي اغتل من السلعة إن كانت لها غلة، وله النفقة التي أنفق، فإن أبى أن يحلف قيل للذي طلب اليمين(٢) : إحلف أنت على ما وصل إليه وخذ منه وأعط ما أنفق، فإن أبى عن اليمين ترك الشئ بحاله، لأنه قد أطال ذلك ودرس، فإن كانت السلعة تغيرت بزيادة أو نقصان، فعلى المشتري قيمتها يوم قبضها، فإن كان في الأيام اليسيرة فليس شئ، والمشتري على شرطه ».

[١٥٤٤٨] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، [ عن جده علي بن الحسين، عن أبيه ](١) عن عليعليهم‌السلام قال: « كل شرط في نكاح فالنكاح يبطله إلا الطلاق، وكل شرط في بيع [ فإنه ](٢) فاسد، البيع ليس بمنزلة النكاح ».

__________________

(١) في المصدر زيادة: بالله.

(٢) في الحجرية: « الثمن » وما أثبتناه من المصدر.

٣ - الجعفريات ص ١٠١.

(١، ٢) أثبتناه من المصدر.

٣١٠

أبواب احكام العقود

١ -( باب جواز بيع النسيئة، بأن يؤجل الثمن أجلا معينا، وانه إذا لم يعين أجلا فالثمن حال، وحكم كون الاجل ثلاث سنين فصاعدا)

[١٥٤٤٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه باع بعيرا بالربذة(١) بأربعة أبعرة مضمونة، وباع جملا له يدعى عصيفر بعشرين بعيرا إلى أجل.

[١٥٤٥٠] ٢ - وعن أبي عبد الله عن آبائهعليهم‌السلام ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من باع بيعا إلى أجل لا يعرف، أو بشئ لا يعرف، فليس بيعه ببيع ».

[١٥٤٥١] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تتبايعوا إلى الحصاد، ولا إلى الدياس(١) ، ولكن إلى شهر معلوم ».

__________________

أبواب أحكام العقود

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤ ح ٧٢.

(١) الربذة: قرية من قرى المدينة على مسافة ثلاثة أيام منها، وهي من منازل الحاج في طريق مكة، وبها قبر أبي ذر الغفاري ( رض ) « معجم البلدان ج ٣ ص ٢٤ ».

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠ ح ١٣١.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٢١ ح ٩٤.

(١) الدياس: هو استعمال الدواب في دوس أكداس سنابل الحنطة وغيرها لتفصل الحب عن التبن ( لسان العرب - دوس - ج ٦ ص ٩٠ ) وهنا استعير اللفظ للزمان: أي إلى زمان دياس الغلات.

٣١١

[١٥٤٥٢] ٤ - الصدوق في الأمالي: عن أحمد بن زياد الهمداني، عن عمر بن(١) إسماعيل الدينوري، عن زيد بن إسماعيل الصائغ، عن معاوية بن هشام، [ عن سفيان ](٢) ، عن عبد الملك بن عمير، عن خالد بن ربعي، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام - في حديث طويل - قال: فمضى عليعليه‌السلام بباب رجل يستقرض منه شيئا، فلقيه اعرابي ومعه ناقة، فقال: يا علي اشتر مني هذه الناقة، قال: « ليس معي ثمنها » قال: فاني أنظرك به إلى القبض، قال: « بكم يا اعرابي؟ » قال: بمائة درهم، قال عليعليه‌السلام : « خذها يا حسن فأخذها » الخبر.

[١٥٤٥٣] ٥ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه خرج ذات يوم معه خمسة دراهم، فأقسم عليه فقير فدفعها إليه، فلما مضى فإذا باعرابي على جمل فقال له: اشتر هذا الجمل، قال: « ليس معي ثمنه » قال: اشتر نسيئة، فاشتراه بمائة درهم، ثم أتاه انسان فاشتراه منه بمائة وخمسين درهما نقدا، فدفع إلى البائع مائة وجاء بالخمسين إلى داره، فسألته فاطمةعليها‌السلام ، فقال: « اتجرت مع الله، فأعطيته واحدا، وأعطاني مكانه عشرة ».

٢ -( باب حكم من باع سلعة بثمن حالا، وبأزيد منه مؤجلا)

[١٥٤٥٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد الله، عن آبائهعليهم‌السلام : « أن

__________________

٤ - أمالي الصدوق ص ٣٨٠.

(١) في المصدر زيادة: سهل بن.

(٢) أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال، أنظر: « تهذيب التهذيب ج ٤ ص ١١١ و ج ١٠ ص ٢١٨ ».

٥ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٢.

٣١٢

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن شرطين في بيع [ واحد ](١) » وقد اختلف في تأويل ذلك، فقال قوم: أن يقول البائع: أبيعك بالنقد ( كذا والنسيئة )(٢) بكذا، ويعقد البيع على هذا - إلى أن قال - وهذه الوجوه كلها البيع فيها فاسد لا يجوز، إلا أن يفترق المتبايعان على شرط [ واحد ](٣) فأما ( ما عقدت على الشرطين )(٤) فذلك المنهي(٥) عنه، وهو أيضا من باب بيعتين في بيعة، وقد نهي عن ذلك.

[١٥٤٥٥] ٢ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تحل صفقتان في واحدة ».

٣ -( باب أنه يجوز تعجيل الحق بنقص منه، ولا يجوز تأجيله بزيادة عليه)

[١٥٤٥٦] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يكون له على الرجل الدين إلى أجل [ مسمى ](١) ، فيأتيه(٢) غريمه فيقول: عجل لي كذا وكذا وأضع عنك بقيته، أو أمد لك في الاجل، قال: « لا بأس به إن هو لم يزد(٣) على رأس ماله، ولا بأس أن يحط الرجل دينا له إلى أجل ويأخذ(٤) مكانه ».

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « بكذا وبالنسيئة ».

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر: « فأما أن عقد البيع على شرطين ».

(٥) في الطبعة الحجرية: « النهي » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - درر اللآلي ج ١ ص ٣٤١.

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦٢ ح ١٧٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « فيأتي ».

(٣) في المصدر: « يزدد ».

(٤) في الطبعة الحجرية: « ويأخذه » وما أثبتناه من المصدر.

٣١٣

٤ -( باب أنه يجوز لمن عليه الدين أن يتعين من صاحبه ويقضيه على كراهية، وأن يشتري منه ويبيعه، وأن يضمن عنه غريمه ويقضيه)

[١٥٤٥٧] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهم‌السلام ، أنه سئل عن القوم يتبايعون العينة(١) ، ( حتى إذا )(٢) اتفقوا أدخلوا بينهم بيعا، قال: « ولم ذاك؟ » قال: يكرهون الحرام، قال: « من أراد الحرام فلا بأس به ولو أن رجلا واطأ امرأة على فجور حتى اتفقا، ثم بدا لهما فتناكحا نكاحا صحيحا، كان ذلك جائزا ».

٥ -( باب أنه يجوز أن يساوم على ما ليس عنده ويشتريه، فيبيعه إياه بربح وغيره، نقدا أو نسيئة)

[١٥٤٥٨] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يقول للرجل: ابتع لي متاعا حتى أشتريه منك بنسيئة، فابتاع له من أجل ذلك، قال: « لا بأس، إنما يشتري منه بعد ما يملكه » قيل: فإن أتاه يريد طعاما أو بيعا بنسيئة، أيصلح أن يقطع سعره معه ثم يشتريه من مكان آخر؟ قال: « لا بأس بذلك ».

٦ -( باب أنه يجوز أن يبيع الشئ بأضعاف قيمته، ويشترط قرضا، أو تعجيل دين)

[١٥٤٥٩] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « روي أنه سئل عن رجل له دين قد

__________________

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦٢ ح ١٧٣.

(١) في المصدر: « بالعينة ».

(٢) في المصدر: « فإذا ».

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦٢ ح ١٧٤.

الباب ٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

٣١٤

وجب، ويقول: أسألك دينا آخر(١) به وأنا أربحك، فيبيعه حبة لؤلؤ تقوم(٢) بألف درهم، بعشرة آلاف درهم، أو بعشرين ألف درهم(٣) فقال: لا بأس. وروي في خبر آخر: بمثله لا بأس، وقد أمرني أبي ففعلت مثل هذا، قال في موضع آخر: ولو باع ثوبا يسوى عشرة دراهم بعشرين درهما، أو خاتما يسوى درهما بعشر ما دام عليه فص لا يكون شيئا، فليس بربا» .

٧ -( باب أنه إذا قوم على الدلال متاعا وجعل له ما زاد جاز، ولم يجز للدلال بيعه مرابحة)

[١٥٤٦٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يدفع إليه المتاع، فيقال له: بعه فما زدت على كذا وكذا فهو لك، قال: « لا بأس به ».

٨ -( باب جواز بيع الأمة مرابحة، وإن وطأها)

[١٥٤٦١] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يشتري الجارية فيقع عليها، هل له أن يبيعها مرابحة؟ قال: « لا بأس بذلك ».

__________________

(١) في الحجرية: « أخرى » وفي المصدر: « اجرو » والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب.

(٢) في الحجرية: « يقومه » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) ليس في المصدر.

الباب ٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٧٥ ح ٢١٢.

الباب ٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥ ح ١٢٩.

٣١٥

٩ -( باب استحباب اختيار بيع المساومة على غيره، وكراهة نسبة الربح إلى المال، وجواز نسبته إلى السلعة، وجواز نسبة الأجرة في حمل المال إليه)

[١٥٤٦٣] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « قدم لأبي متاع من مصر، فصنع طعاما وجمع التجار فقالوا: نأخذه منك بده دوازده، فقال لهم، أبيعكم هذا المتاع باثني عشر ألفا، وكان شراؤه عشرة آلاف ». بده داوزده: لفظ فارسي معناه العشرة باثني عشر، وكذلك ده يازده وهو عشرة بأحد عشر، وهو لفظ فارسي يستعمله التجار في المشرق، يجعلون لكل عشرة دنانير ربح دينار أو دينارين، فكره أبو جعفرعليه‌السلام أن يكون الربح محمولا على المال، ورأي أن يكون محمولا على المتاع، كما يبيع الرجل ثوبا بربح الدرهم والدرهمين، ولا ينبغي أن يجعل في كل عشرة دراهم من ثمنه ربحا معلوما.

[١٥٤٦٣] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه رخص أن يجعل(١) أجر القصار والكراء وما يلحق المتاع من مؤونة في ثمنه، ويبيعه(٢) مرابحة، يعني إذا بين ذلك.

١٠ -( باب أنه يجوز للمشتري أن يبيع المتاع، قبل أن يؤدي ثمنه ويربح فيه)

[١٥٤٦٤] ١ - الصدوق في الأمالي: في حديث الناقة، وقد تقدم سنده في أول

__________________

الباب ٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩ ح ١٢٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩ ح ١٢٥.

(١) في المصدر: « يحمل ».

(٢) في المصدر: « وبيعه ».

الباب ١٠

١ - أمالي الصدوق ص ٣٨٠.

٣١٦

الباب، قال: قال عليعليه‌السلام : « بكم يا أعرابي؟ » قال: بمائة درهم، قال عليعليه‌السلام : « خذها يا حسن » فأخذها، فمضى عليعليه‌السلام ، فلقيه أعرابي آخر، المثال واحد والثياب مختلفة، فقال: يا علي تبيع الناقة، قال عليعليه‌السلام : « وما تصنع بها؟ » قال: أغزو عليها أول غزوة يغزوها ابن عمك، قال: « إن قبلتها فهي لك بلا ثمن » قال: معي ثمنها وبالثمن أشتريها، فكم(١) اشتريتها؟ قال: « بمائة » قال الاعرابي: ولك سبعون ومائة درهم، قال عليعليه‌السلام : « خذ السبعين والمائة، وسلم الناقة، والمائة للأعرابي الذي باعنا الناقة، والسبعون لنا نبتاع بها شيئا » فأخذ الحسن الدراهم وسلم الناقة، قال عليعليه‌السلام : « فمضيت أطلب الاعرابي الذي ابتعت منه الناقة لأعطيه ثمنها » الخبر.

١١ -( باب جواز بيع المبيع قبل قبضه، على كراهة إن كان مما يكال أو يوزن إلا أن يوليه، وجواز الحوالة به)

[١٥٤٦٥] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من اشترى طعاما فأراد بيعه، فلا يبيعه حتى يكيله أو يزنه إن كان مما يوزن أو يكال، فإن ولاه فلا بأس بالتولية قبل الكيل والوزن، ولا بأس ببيع سائر لسلع قبل أن تقبض وقبل أن ينقد ثمنها، وإن اشترى الرجل طعاما فذكر البائع أنه قد اكتاله فصدقه المشتري فأخذه بكيله فلا بأس بذلك ».

[١٥٤٦٦] ٢ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن ربح ما لم يضمن، وقد اختلف في تأويل هذا النهي أيضا، فقال قوم: لا يكون ذلك إلا

__________________

(١) في المصدر: « فبكم ».

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٤ ح ٧٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٢ ح ٦٨.

٣١٧

في الطعام خاصة يبيعه المشتري قبل أن يقبضه(١) ، وقال آخرون: [ هو ](٢) في كل ما يكال أو يوزن. إلى آخره.

[١٥٤٦٧] ٣ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بأس على مشتري الثمرة أن يبيعها قبل أن يقبضها، وليس هذا مثل الطعام الذي يكتال(١) ، ولا هو من باب النهي عن بيع ما لم يقبض ».

[١٥٤٦٨] ٤ - الصدوق في المقنع: ولا يجوز أن تشتري الطعام ثم تبيعه قبل أن تكتاله، وما لم يكن فيه كيل ولا وزن فلا بأس أن تبيعه قبل أن تقبضه، وروي: ولا بأس أن يشتري الرجل الطعام ثم يبيعه قبل أن يقبضه، ويوكل المشتري بقبضه.

[١٥٤٦٩] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من اشترى طعاما، فلا يبيعه حتى يقبضه ».

قلت: الأقوى حرمة بيع المكيل والموزون قبل القبض إلا تولية، وتمام الكلام في الفقه.

١٢ -( باب جواز أخذ السمسار والدلال الأجرة على البيع والشراء)

[١٥٤٧٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أن رجلا سأله

__________________

(١) في المصدر: « يقبض ».

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥ ح ٤٨.

(١) في المصدر: « يكال ».

٤ - المقنع ص ١٢٣.

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤١ ح ٥٤.

الباب ١٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٧٥ ح ٢١١.

٣١٨

عن الرجل يأتيه فيسأله أن يشتري له الأرض أو الدار أو الغلام أو الدابة أو ما أشبه ذلك، ويجعل له جعلا، قال: « لا بأس بذلك ».

[١٥٤٧١] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه سئل عن السمسار(١) يشتري للرجل بأجر، فيقول له: خذ ما شئت واترك ما شئت، قال: لا بأس ».

١٣ -( باب أن من اشترى أمتعة صفقة، لم يجز له بيع بعضها مرابحة، وإن قومها أو باع خيارها، إلا أن يخبر بالصورة)

[١٥٤٧٢] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يشتري المتاع الكثير، ثم يقوم كل ثوب منه بقيمه ما اشترى، هل له أن يبيعه مرابحة بتلك القيمة؟ قال: « لا، إلا أن يبين للمشتري أنه قومه ».

١٤ -( باب وجوب ذكر الاجل في بيع المرابحة إن كان، فإن لم يذكره كان للمشتري مثله)

[١٥٤٧٣] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من اشترى ( طعاما أو )(١) متاعا بنظرة، فليس له أن يبيعه مرابحة إلا أن يبين، فإن كتم بطل البيع، إلا أن يرضى المشتري، أو يكون له من النظرة(٢) مثل

__________________

(٢) فقه الرضاعليه‌السلام ص ٧٨.

(١) السمسار: المتوسط بين البائع والمشتري ( القاموس المحيط ج ٢ ص ٥٣ ).

الباب ١٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩ ح ١٢٦.

الباب ١٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩ ح ١٢٧.

(١) ليس في المصدر.

(٢) النظرة: التأخير ( القاموس المحيط ج ٢ ص ١٥٠ ).

٣١٩

ما للبائع» .

١٥ -( باب حكم من اشترى طعاما فتغير سعره قبل أن يقبضه، أو دفع طعاما ونحوه عن أجرة أو دين فتغير سعره)

[١٥٤٧٤] ١ - الصدوق في المقنع: سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل ابتاع من رجل طعاما [ بدراهم ](١) فأخذ نصفها وترك نصفها، ثم جاءه بعد ذلك وقد ارتفع الطعام أو نقص، فقال: « إن كان يوم ابتاعه ساعره أن له كذا وكذا، فإنما له سعره، وإن كان أخذ نصفه وترك نصفه ولم يسعر(٢) سعرا، فإنما له سعر يومه، وإن اشترى رجل طعاما فتغير سعره قبل أن يقبضه، فإن له السعر الذي اشتراه به ».

[١٥٤٧٥] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : وكل ما يباع(١) بالنسيئة، سعر يومه ما لم ينقص» .

١٦ -( باب حكم فضول المكاييل والموازين)

[١٥٤٧٦] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين(١) عليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يشتري الطعام مما يكال أو يوزن، فيجد فيه زيادة على كيله أو وزنه الذي أخذه به، قال: « إن كانت تلك الزيادة مما يتغابن الناس بمثله فلا بأس بها، وإن تفاحشت عن ذلك فلا خير فيها ويردها، لأنها قد تكون

__________________

الباب ١٥

١ - المقنع ص ١٢٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « يسعرا ».

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

(١) في المصدر: « بيع ».

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣١ ح ٦٥.

(١) في المصدر: « جعفر بن محمد ».

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496